الاحداث العامة في البصرة ابان الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945

الاستاذ سامي عبد الحافظ سلمان القيسي

تعاظم أهمية البصرة خلال الحرب العالمية الثانية :

 لقد تم في عام 1930 التوقيع على المعاهدة العراقية البريطانية التي أمّنت من خلالها بريطانيا على مصالحها الحيوية في العراق ، حيث إحتفظت بقاعدتين عسكريتين إحداهما في الشعيبة في البصرة والأخرى في الحبانية.
 وخلال الحرب العالمية الثانية أصبحت البصرة والقواعد الجوية الملحقة بها ذات أهمية إستثنائية لدعم بريطانيا وتقديم الاسناد لعملياتها العسكرية ضد دول المحور ، وقد تعززت الأهمية الاستراتيجية للبصرة بشكل أكبر في خطط الحرب البريطانية بعد دخول إيطاليا الحرب في حزيران 1940 إلى جانب المانيا وبعد فقدان جزيرة كريت ، وقد أعتبرت مؤسسات القيادة العسكرية البريطانية مدينة البصرة تعويضًا إستراتيجيًا عن جزيرة كريت وبالتالي لابد من إحتلالها والسيطرة عليها.
 وكان رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل قد أشار إلى هذه الحقيقة بقوله : ( لقد تدهور الوضع في العراق وبات من واجبنا الاحتفاظ بالبصرة لتأسيس قاعدة لتجميع القوات والإمدادات والتعزيزات ، وان نراقب الميناء وحركة البواخر للمحافظة على بترول إيران ، ان مثل هذه الخطوة تعد حيوية ومهمة بسبب إتجاه الحرب شرقًا والذي لم يعد موضع شك ).
 ولأجل تأسيس مثل هذه القاعدة في مدينة البصرة ومراقبة الميناء تكاثر خلال هذه الفترة توافد البواخر الحربية البريطانية للمياه العراقية ، وأول مجموعة وصلت وبدون علم السلطات الرسمية في البصرة باخرتان حمولة كل منهما 625 طنًا ، وقد احتج متصرف البصرة على دخول هذه البواخر دون علم السلطات الرسمية في المتصرفية ، فأجابه القنصل البريطاني في البصرة بان الدوائر الرسمية في بغداد على علم بذلك عبر المراسلات الدبلوماسية.
 وفي 10 نيسان 1941 إتصل القنصل البريطاني في البصرة بوكيل المتصرف صالح حمام وأعلمه بوصول بعض القطعات العسكرية الإضافية مؤلفة من ثلاث بواخر حربية تحرسها طراداتان مع ثلاث طائرات مائية وانها ستصل المياه العراقية خلال 48 ساعة.
 وكانت مديرية ميناء البصرة التي يهيمن عليها الموظفون البريطانيون ويرأسها المستر وارد قد أوعزت إلى طاقم أحد سفنها باستقبال القافلة المذكورة وتأمين وصولها إلى شط العرب.
 لم تكتف السلطات البريطانية بذلك ، إذ أخبر القنصل البريطاني وكيل المتصرف بمجيء باخرة رابعة تدعى (أميرالدا) ، وقد وصلت يوم 13 نيسان 1941 ورست في شط العرب أمام دائرة الكمرك بالعشار.
 ومما هو جدير بالذكر أن تجمع هذه البواخر في المياه الإقليمية العراقية قد ساعد على سريان الإشاعات في البصرة والتي مفادها ان هذا التواجد العسكري البريطاني ما هو إلا مقدمة للسيطرة على البصرة لاتخاذها قاعدة لهم ومن ثم إتمام السيطرة على العراق ، ومما ساعد على تعزيز قوة هذه الاشاعات ما حصل من تسخير لمستلزمات الميناء كالأدلاء والزوارق والموظفين لخدمة متطلبات هذه البواخر.
 كذلك قدمت الشركات الأجنبية في البصرة كشركة لنج وشركة بيت الوكيل وشركة كري مكنزي وشركة نفط البصرة الخدمات والمستلزمات الضرورية لهذه البواخر ولأفرادها وطواقمها.
 ومما لا ريب فيه ان وصول هذه البواخر الحربية وتجمعها في المياه العراقية إنما ليدل دلالة واضحة على خطط بريطانيا وبما تبيته للعراق ، هذا فضلا عن أن تلك البواخر ستكون فيما بعد مكانًا لتجمع البريطانيين الذين سيتم إجلاؤهم عن العراق ومقرًا مؤقتًا لإيواء الوصي عبد الإله بعد هروبه إلى البصرة.
 أما ردود فعل الحكومة العراقية بشكل عام والمتصرفية بشكل خاص فلم تتعد الاحتجاجات الرسمية التي لم يكن لها أي تأثير ، أما الأهالي في البصرة فكانت آراؤهم ضد وجود هذه البواخر ، وكانوا على ثقة ان بقاءها لا يحمد عقباه.
 كما أن أخطارها ستظهر ان آجلا أو عاجلا.

الأزمة الوزارية في بغداد ولجوء الوصي عبد الإله إلى البصرة:

 كانت الحرب العالمية الثانية قد نشبت في أيلول 1939 على أثر هجوم المانيا لبولنده ووقوف كل من بريطانيا وفرنسا إلى جانب الأخيرة واعلانهما الحرب على ألمانيا ، ولم تكن تلك الحرب قد إنحصرت آثارها في أوربا بل إمتد لهيبها إلى قارات أخرى ، وأصبحت أجزاء من الوطن العربي ساحات حرب لعملياتها ، وقد اكتوى العراق بها عبر الصراع العسكري المسلح بين الجيش العراقي والجيش البريطاني.
 كان نوري السعيد رئيسًا للوزارة العراقية عند إندلاع الحرب وبادر فور قيامها بإعلان تأييده لبريطانيا.
 كما أرسل عبد الإله الوصي على عرش العراق برقية إلى ملك بريطانيا تمنى فيها ( النصر لبريطانيا وحليفاتها ) ، كذلك قطعت الحكومة العراقية علاقاتها الدبلوماسية مع ألمانيا وسلمت الرعايا الألمان إلى السلطات البريطانية تمهيدًا لاعتقالهم ، وأمرت بطرد السفير الألماني في بغداد فريتز غروبا ومغادرة الأراضي العراقية مع أعضاء البعثة الدبلوماسية الألمانية.
 إلا ان هذه الإجراءات الحكومية لم تلق قبولا حسنًا لدى الرأي العام العراقي الذي كان يتمنى خسارة بريطانيا وفرنسا في الحرب ، والسبب في ذلك يكمن في السياسة التي كانت تنتهجها بريطانيا في فلسطين عبر تحالفها مع الحركة الصهيونية ، أما بالنسبة لفرنسا فكانت سياستها الاستعمارية في كل من سوريا ولبنان وفي بلدان المغرب العربي سببًا مباشرًا في إستياء العراقيين وحقدهم عليها.
 في وسط هذه الظروف السياسية البالغة التعقيد أغتيل رستم حيدر وزير المالية في وزارة نوري السعيد والذي كان من أكثر أعضاء الوزارة إخلاصًا لرئيسها ، وكان الخلاف حول الأسلوب الذي عالج من خلاله نوري السعيد قضية الإغتيال قد أضعف الوزارة ، كما زاد إضعافها الاختلافات التي طفت على السطح حول السياسة الخارجية للعراق والموقف من قضية الحرب ، لذا قدم نوري إستقالة وزارته في 18 شباط 1940 ، إلا ان الوصي طلب منه تشكيل وزارة جديدة إستمرت في مسؤولياتها لمدة خمسة أسابيع إضطر في نهايتها إلى التنحي عن المسؤولية الوزارية.
 وفي أعقاب ذلك تشكلت وزارة جديدة رأسها رشيد عالي الكيلاني في 30 آذار 1940 ودخل فيها نوري السعيد وزيرًا للخارجية أملا في إقناع الوزارة المذكورة تبني خططه في مجال السياسة الخارجية.
 أرادت الحكومة البريطانية معرفة حقيقة موقف الوزارة من المعسكرين المتحاربين وطلبت منها قطع علاقات العراق الدبلوماسية مع أيطاليا أولا ، ووضع حد للكتابات المعادية للحلفاء في الصحافة العراقية ثانيًا ، وتنفيذ الالتزامات المترتبة على العراق بموجب معاهدة 1930 بين العراق وبريطانيا ثالثًا.
 إلا ان الوزارة الكيلانية لم ترفض المطاليب البريطانية فقط ، وإنما آثرت الالتزام بسياسة الحياد وابتعاد العراق عن ويلات الحرب ، وصاغت موقفها هذا عبر مجموعة من المبادئ أبلغتها في حينها إلى السفير البريطاني في بغداد.
 وقد كان للمفتي الحاج أمين الدين دورًا كبيرًا ـ الذي إتخذ من بغداد مقرًا له ـ والعقداء الأربعة وعناصر قومية أخرى عسكرية ومدنية دورًا كبيرًا في دفع الوزارة الكيلانية لاتخاذ ذلك الموقف.
 وقد أثار موقف الوزارة الكيلانية أستياء بريطانيا واستياء العناصر المحسوبة عليها وفي مقدمتهم الوصي ونوري السعيد وعناصر سياسية تقليدية أخرى ، لذا شرعت بريطانيا باعداد العدة لتنحية رشيد عالي الكيلاني من رئاسة الوزارة بعد أن تبين لها أن الوزارة المذكورة قد تبنت خطًا سياسيًا عناصره الأساسية هي :
 1 ـ الوقوف على الحياد وتجنب العراق ويلات الحرب.
 2 ـ تحقيق الاستقلال لكل من سوريا وفلسطين.
 3 ـ تسليح الجيش العراقي وتزويده بالأسلحة والمعدات الحديثة.
 رفض الكيلاني في بداية الأمر الاستقالة ، إلا ان رفضه لم يطل بسبب فرار الوصي إلى الديوانية بعد أن طلب منه الكيلاني إستصدار الإرادة الملكية بحل المجلس النيابي ، لذا تشكل وضع خطير إضطر معه الكيلاني إلى الاستقالة محملا الوصي المسؤولية الكاملة متهمًا إياه بالخضوع إلى الرغبات الأجنبية.
 وبعد إستقالة الكيلاني ألف طه الهاشمي الوزارة الجديدة في الأول من شباط 1941 ، إلا ان هذه الوزارة الجديدة ـ التي كانت بمثابة وزارة إنتقالية ـ فشلت هي الأخرى في التوفيق بين قادة الجيش والساسة المناهضين لبريطانيا من جهة وبين الوصي ونوري السعيد وجناحهم الموالي لبريطانيا من جهة أخرى.
 كما أن بعض قراراتها المتعلقة بتقليص نفوذ العقداء الأربعة قد نتج عنها أزمة إنعدام الثقة بين رئيس الوزراء وقادة الجيش الذين أصبحوا القوة المسيطرة على زمام الموقف عليه أجبروا طه الهاشمي هو الآخر على الاستقالة ، الا ان الوصي رفض قبولها واستطاع الهروب مرة ثانية إلى الحبانية ومنها إلى البصرة ليقود منها الحركة المضادة للوضع الجديد.
 كان هروب الوصي قد دفع قادة الجيش إلى إتخاذ خطوة جريئة بتشكيل حكومة عسكرية في 3 نيسان 1941 تتولى مسؤولية الحكم عرفت باسم ( حكومة الدفاع الوطني ) برئاسة رشيد عالي الكيلاني ، وفي مساء اليوم نفسه أذاع رئيس أركان الجيش أمين زكي بيانًا على الشعب العراقي أتهم فيه الوصي بارتكابه لمجموعة من المخالفات ، وأعقبه رشيد عالي الكيلاني ببيان آخر أوضح فيه الأسباب التي دعته إلى تحمل المسؤولية ، وان برنامجه في الحكم يكون إستمرارًَا لمنهاج وزارته السابقة ، كما دعا الشعب إلى مؤازرة حكومته وتأييدها.

الوصي عبد الإله في البصرة :

 لماذا اختار الوصي مدينة البصرة بعد هروبه من بغداد دون غيرها من المدن العراقية فذلك يعود لأسباب متعددة منها :
 1 ـ لانها المدينة الثانية بعد بغداد ولانها ميناء العراق الوحيد وتقع على الخليج العربي الذي هو من ضمن مناطق النفوذ البريطاني.
 2 ـ لانه كان مقتنعًا بان الوجود العسكري البريطاني في البصرة سيدعمه عندما يقوم بحركة مضادة لحكومة الدفاع الوطني.
 3 ـ لان في البصرة متصرفًا هو صالح جبر الداعم والمؤيد للوصي ولسياسته.
 على أية حال إنتقل الوصي ومرافقوه وهم كل من علي جودت الأيوبي وجميل المدفعي والنقيب عبيد الله المضايفي من الحبانية إلى القاعدة البريطانية ، في الشعيبة ومنها إلى فندق شط العرب في المعقل مساء يوم 3 نيسان 1941 وفي الفندق المذكور كان المتصرف صالح جبر أول من حضر لزيارته والالتقاء به ، كما جاء لمقابلته كل من قائد قوات شط العرب أحمد رشدي وآمر حامية البصرة العقيد رشيد جودت ، أما من البريطانيين فقد زاره كل من قائد القوة الجوية البريطانية في قاعدة الشعيبة والمستر وارد مدير الميناء والكابتن ميلنك ضابط الاستخبارات في القنصلية البريطانية في البصرة.
 وخلال المباحثات التي جرت بين الوصي وبين قادة الجيش في البصرة طلب الوصي من آمر حامية البصرة باعداد قواته للتوجه نحو بغداد من أجل القضاء على حكومة الدفاع الوطني كما أخبره بان هناك قوات بريطانية كثيرة مزودة بالأسلحة والمعدات ستنضم إليه عند التوجه نحو بغداد إلا ان العقيد رشيد جودت قد تسلم في الوقت نفسه برقية من رئاسة أركان الجيش تطلب منه ضرورة السيطرة على الموقف ، لذا إنعقد مؤتمر عسكري حضره قادة البصرة من آمري الأفواج والوحدات والتشكيلات العسكرية واتخذوا ما يلي من القرارات :
 1 ـ رفض التقدم نحو بغداد مهما كانت الأسباب.
 2 ـ عدم جعل البلاد ساحة قتال والدخول في صراعات داخلية كما حدث في أسبانيا.
 3 ـ تعتبر رئاسة أركان الجيش المصدر القيادي الأعلى لاصدار الأوامر ووجوب تنفيذ ما يصدرعنها.
 4 ـ عدم السماح للقوات البريطانية بالانزال في البصرة إلا بعد إستحصال موافقة رئاسة أركان الجيش.
 5 ـ رفض تشكيل حكومة أو إدارة مدنية أو عسكرية في البصرة مما يعد عملا ضد الحكومة الشرعية في بغداد.
 6 ـ المحافظة على سلامة الوصي طالما هو في البصرة ومنع أي اتصال معه أو تجاوز عليه.
 7 ـ الحفاظ على الأمن العام وعدم فسح المجال للفوضى والمحافظة على الهدوء والاستقرار في المدينة.
 وقد دلّ هذا الموقف على أن القادة العسكريين بالرغم من علمهم بقوة الإنكليز ودعمهم للوصي ، إلا ان إيمانهم العميق بوطنيتهم دعاهم إلى موقف تجسد في القول : (( ليس من المعقول ان نسير إلى جانب الإنكليز ونقاتل أخواننا بالدم ونجلب على أحفادنا لعنة التاريخ )) لذلك إندفعوا لاتخاذ تلك الإجراءات من أجل دعم الحكومة الشرعية في بغداد.
 وفضلا عما تقدم فان قادة الجيش قرروا في إجتماع آخر عقدوه في مقر اللواء في الجبيلة على فرض السيطرة على وسائل الاتصالات الهاتفية والبرقية ومراقبة المتصرف والمقربين منه ومنعهم من الاتصال بأي جهة كانت ، وكذلك مصادرة البيانات المعدة للنشر من قبل الوصي واخضاع جميع الدوائر والمؤسسات ومراكز الشرطة إلى سيطرة مقر الحامية.
 وهكذا فشلت جميع محاولات الوصي لشق الجيش على نفسه والتأثير على حامية البصرة ودفع ضباطها لاتخاذ موقف مناوئ لحكومة الدفاع الوطني.

عزل متصرف البصرة صالح جبر :

 في يوم الجمعة الموافق 4 نيسان 1941 وصلت برقيتان إلى البصرة.
 الأولى من رشيد عالي الكيلاني بصفته رئيسًا لحكومة الدفاع الوطني ومعنونة إلى متصرف البصرة يعلمه فيها بقرار عزله ، أما الثانية فقد وردت من رئاسة أركان الجيش إلى آمر الحامية في البصرة تتضمن القاء القبض على المتصرف صالح جبر وإرساله مخفورًا إلى بغداد.
 وعلى أثر ذلك وضع حرس خاص حول دار المتصرف واقتيد بحراسة ضابط برتبة رئيس إلى بغداد ، وفي العاصمة بقي رهن التوقيف لمدة عشرة أيام انتهت بفصله عن الخدمة لمدة خمس سنوات والسماح له بالذهاب إلى إيران حسب رغبته.
 ثم وصلت إلى البصرة بعد ظهر يوم الجمعة 4 نيسان 1941 برقية أخرى من رئاسة أركان الجيش تقضي بمنع الوصي عبد الإله من الاتصال بأي جهة كانت ، وقد طلب آمر الحامية من مقدم لوائه الرائد عامر حسك بتنفيذ مضمون البرقية ، وقد أخذ الأخير ثلة من عشرين جنديًا وذهب بهم إلى فندق شط العرب في الوقت الذي قطعت فيه خطوط الهاتف عن الفندق ، وعند وصوله إلى الفندق لم يجد الوصي ، إذ غادره إلى جهة مجهولة بعد ان علمت دوائر الاستخبارات البريطانية بمضمون برقية رئاسة أركان الجيش.
 ويبدو واضحًا ان الوصي قد أصبح موقفه صعبًا بعد وصول برقية رئاسة أركان الجيش التي تقضي بمنعه من الاتصال بالخارج ، كما أشارت بعض تقارير مديرية شرطة البصرة بان قطع الخطوط الهاتفية مع القاء القبض على المتصرف وسوقه إلى بغداد قد أثارت استياءه واستياء مرافقيه لذا قرروا ترك فندق شط العرب وتوجهوا صحبة الكولونيل وارد مدير الميناء إلى مقر القوة الجوية في الشعيبة ، ومن هناك تم الاتفاق على نقلهم إلى السفينة البريطانية (كوك شبير) الراسية في شط العرب.
 بدأ الوصي من مقره الجديد محاولاته اليائسة باثارة أهل البصرة ضد حكومة الدفاع الوطني عبر سلسلة من الحملات الدعائية ضدها.
 فقد أذاع في 4 نيسان 1941 بيانًا على الشعب العراقي طلب فيه من الجيش والشعب القيام بحملة لإسقاط حكومة رشيد عالي الكيلاني ، إلا ان هذا البيان وغيره من البيانات الأخرى لم تؤثر في مشاعر الناس ولم يكن هناك أي تجاوب معه.
 وكانت متصرفية لواء البصرة قد أرسلت تقريرًا مفصلا إلى وزارة الداخلية أوضحت فيه هدوء الحالة العامة في البصرة وان الجماهير البصرية تؤيد وتدعم حكومة الدفاع الوطني ، كما ان إجراءات المراقبة والأمن الحازمة التي إتخذت من جانب الجيش والشرطة قد حالت بين الوصي و إتصاله وتأثيره في الأهالي.

تنحية عبد الإله من الوصاية والمناداة بالشريف شرف وصيًا جديدًا على عرش العراق :

 على أثر خلفية التطورات السياسية هذه وغياب الوصي عن موقع المسؤولية دعت حكومة الدفاع الوطني إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمة ودعت النواب لحضوره ، وكانت وزارة الداخلية قد أرسلت برقية بهذا الخصوص إلى المحافظات كافة ومنها البصرة ، وقد حضر إلى بغداد مندوبو البصرة وهم كل من الشيخ صالح باش أعيان ومحمود النعمة والسيد حامد النقيب وعبود الملاك ومصطفى الحاج طه السلمان ومحمد سعيد العبد الواحد ، وعند اجتماع المجلس تقرر بالاجماع تنحية عبد الإله من وصاية العرش وتنصيب الشريف شرف مكانه.
 وعلى ضوء هذه التغييرات أبرقت وزارة الداخلية إلى متصرفية البصرة تعليمات تتضمن إقامة معالم الزينة في الدوائر الحكومية وفي الشوارع الرئيسة وعلى شرفات المنازل والدور ، وكانت الاستجابة من جماهير البصرة كبيرة في التعبير عن تأييدهم لهذه التغيرات ، إلا ان الإنكليز من جانبهم عملوا على إثارة الناس واستفزازهم عبر بعض النشاطات والأعمال ، منها على سبيل المثال استفزازهم لقطعات الجيش العراقي المرابط في البصرة ، كما أن عرباتهم العسكرية كانت تقطع الطريق بين البصرة والعشار باستمرار وبدون الاهتمام بمشاعر الناس ومواقفهم ، كذلك قامت الطائرات البريطانية بعمليات إستطلاع جوية خلال ساعات الليل والنهار فوق قطعات الجيش العراقي المرابطة في البصرة.
 أما بالنسبة إلى الوصي فانه على الرغم من تنحيته من الوصاية لم يغادر البصرة بل بقي فيها مستمرًا على إتخاذ البارجة البريطانية مقرًا له ، ولكن يبدو من سياق الأحداث أنه فشل في إستمالة السكان والشخصيات المهمة فضلا عن القيادات العسكرية ، وكان كورنواليس السفير البريطاني الجديد في بغداد قد أشار في أحد تقاريره إلى وزارة الخارجية البريطانية إلى الوضع السيئ الذي كان عليه عبد الإله ، كما أن الأحداث في البصرة قد خيبت ، كما رأى ، كل آماله في عبد الإله وفي إمكانياته في إنشاء مركز قوي موالٍ له في البصرة ليتمكن من خلاله تحدي القوى المعارضة له في بغداد ، لذا تقرر العمل على نقله ومرافقيه يوم 15 نيسان 1941 إلى القدس.
 وهكذا يتضح مما تقدم ان عبد الإله يتحمل المسؤولية المباشرة في تأزم الأوضاع ، إذ بهروبه من بغداد واعتماده على دعم الإنكليز قد عمق من أزمة إنعدام الثقة بينه وبين العناصر القيادية في الجيش العراقي ، كما أن فشله في حل المشاكل التي حصلت نتيجة إختلاف الآراء بين القوى السياسية وقادة الجيش قد هيأ الجو المناسب لبريطانيا على إستغلال هذه الخلافات للتدخل المباشر في شؤون العراق واحتلال البصرة.

الموقف الشعبي في البصرة :

 عندما تشكلت حكومة الدفاع الوطني في بغداد عبر أهالي البصرة عن تأييدها ، وإنعكس هذا التأييد من خلال برقيات التهنئة التي أرسلت إلى مجلس الوزراء وخروج طلاب المدارس في كراديس من الكشافة باستعراضات طلابية طافت شوارع المدينة معبرين عن الفرحة والابتهاج بقيام الحكومة الجديدة ، وفي مناسبة تنحية عبد الإله من وصاية العرش وتنصيب الشريف شرف مكانه لاقت تلك المناسبة ترحيبًا حارًا من السكان وعلقت وسائل الزينة والاعلام في الدوائر والمؤسسات وفي الشوارع العامة تعبيرًا عن الابتهاج والتأييد ، كما تألف وفد من أهالي البصرة من عبد الرزاق بركات وعبد الرحمن محمود النعمة وعبد الجبار الملاك وأحمد الزهير وعبد السلام الحاج ناصر وعبد المجيد العيسى ومحمد آل عبد الواحد وعبد الكريم ياسين الطه والدكتور سعد الدين وذهبوا إلى بغداد لتقديم التهاني باسم البصرة وجماهيرها ، وذهب وفد آخر إلى بغداد يوم 13 نيسان 1941 لتقديم التهاني والتبريكات مؤلفًا من الشيخ عبد القادر باش أعيان والشيخ عبد الوهاب البكر وعطا الخضيري والحاج عبد الرحمن النعمة وسعود الصالح وعبد الرزاق السبتي واسكندر منصور والحاج حمد الذكير وحبيب الملاك وآخرون.
 ولعل أبرز دور لأهالي البصرة قد تمثل بيقظتهم وتصديهم للدعايات المغرضة التي أشاعها وروجها الجماعات التي عرفت بانتمائها وولائها للأجنبي لتعرض مصالحها وامتيازاتها للخطر ، وكانت مناسبة التزام الحكومة العراقية بتعهداتها عندما سمحت للقوات البريطانية بالنزول إلى البصرة قد استغلها أولئك المغرضون للقيام بالدس ونشر الأراجيف والدعايات المضادة إلا ان الرأي العام البصري تصدى لتلك الدعايات بكل حزم ويقظة.
 وكانت الصحافة البصرية بمستوى المسؤولية عندما ردت على تلك الدعايات المغرضة مشيرة إلى أن مجيء هذه القوات والسماح لها يستند على مبدأين أساسيين هما : الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية أولا، والاحتفاظ بالسيادة الوطنية ثانيًا ، وعليه فان مرور هذه القوات لا يؤثر في استقلال البلاد.
 أما أبرز الصحف البصرية خلال هذه الفترة فهي جريدة الثغر وجريدة الناس وجريدة السجل وجريدة الأنباء وجريدة آخر ساعة.

الأحداث في البصرة خلال نيسان 1941 واندلاع الحرب العراقية ـ البريطانية في 2 مايس 1941 :

 رفضت بريطانيا الاعتراف بحكومة الدفاع الوطني ، كما ان السفير البريطاني الجديد كنهان كورنواليس الذي وصل إلى بغداد في الأول من نيسان 1941 رفض تقديم أوراق إعتماده إلى الحكومة مخالفًا بذلك الأصول الدبلوماسية.
 وفضلا عما تقدم ، فقد أصدرت الحكومة البريطانية أوامرها إلى جزء من قواتها بالتوجه إلى البصرة ، وبدأت تلك القوات بالوصول إعتبارًا من يوم 17 نيسان واستمر انزالها لعدة أيام ، وكان المفروض ان تأخذ تلك القوات طريقها إلى الأردن وفلسطين عبر الأراضي العراقية ، إلا أنها لم تبد أي تحرك يدل على ذلك ، إذ سرعان ما عسكرت في موضعين مهمين :
 الأول في المعقل وعلى طريق البصرة ـ المعقل ـ العمارة ، والثاني في الشعيبة وعلى طريق البصرة ـ الناصرية عازلة بذلك القوات العراقية الموجودة في البصرة عن قواعدها وخطوط مواصلاتها وتموينها مع سائر أنحاء العراق ، كما أعلنت عن مناقصات لتجهيز الارزاق والمواد التموينية لمدة سنة الأمر الذي أثار سخط وحفيظة الحكومة العراقية.
 وبعد أيام قليلة من انزال القوات البريطانية الآنفة الذكر تقدمت السفارة البريطانية بطلب إلى الحكومة العراقية للسماح بانزال قوات بريطانية جديدة أخرى إلى البصرة ، وكانت هذه القوات في طريقها فع ً لا إلى المياه العراقية وهي مؤلفة من ثلاث عشرة سفينة مشحونة بالمواد والمعدات العسكرية فضلا عن الجنود والتشكيلات العسكرية المختلفة ، وبعد يومين من دخول هذه القافلة البحرية في المياه العراقية أمر المستر وارد مدير الميناء بإرسال أدلاء السفن ومعاونيهم إلى الفاو لقيادة سفن هذه القافلة في شط العرب في طريق تقدمها صعودًا نحو البصرة.
 لم تقف الحكومة العراقية مكتوفة الأيدي أمام هذه الاستفزازات فأتخذت قرارًا خلاصته الموافقة العراقية على انزال القوات البريطانية بهدف المرور على وفق الأسس التالية :
 1 ـ إتخاذ التدابير الكفيلة للإسراع بنقل هذه القوات من البصرة إلى الرطبة.
 2 ـ عدم الموافقة على مجيء قوات بريطانية جديدة إلى العراق قبل مغادرة القوات السابقة الموجودة فيه.
 3 ـ يجب أن لا يزيد مجموع أي قوة في حالة حركتها على خط المواصلات وفي داخل الحدود العراقية في أية مرة على لواء مختلط واحد.
 كما أصدرت الحكومة العراقية في الوقت نفسه بيانًا إلى الشعب العراقي أوضحت فيه رغبة العراق المستمرة في تطبيق بنود المعاهدة العراقية ـ البريطانية واصرار الإنكليز على مخالفة تلك المعاهدة وتجاهل مصالح العراق الأمر الذي دفع الحكومة العراقية إلى التمسك بحقوق البلاد وصيانتها والدفاع عنها.
 إلا ان الحكومة البريطانية تجاهلت معارضة العراق واحتجاجاته وبدأت بإرسال قوات بريطانية جديدة إلى مياه البصرة ضاربة عرض الحائط تعليمات الحكومة العراقية القاضية بعدم إرسال قطعات جديدة قبل مغادرة القطعات السابقة ، إذ إستمر تدفق القوات البريطانية دون توقف ، وإزاء تطور الأحداث بهذا الشكل قرر مجلس الدفاع الأعلى إرسال قوات إضافية لتعزيز حامية البصرة حيث أرسل فوج من المشاة من المسيب وتشكيلات أخرى من الديوانية ، إلا ان تلك التعزيزات لم تكن كافية للمواجهة كما لم تكن هناك دفاعات أو أستحكامات قادرة على صد الغزاة.
 أنسحبت القوات العراقية الموجودة في البصرة من مواضعها في الفاو وأبي الخصيب البصرة إلى الهارثة جنوب القرنة مع ترك فوج من المشاة في مدينة البصرة ، ولما كان الوقت حينئذ موسم فيضان عملت القطعات العراقية على اغراق المناطق المجاورة للبصرة ووضعت العراقيل أمام تحركات القوات البريطانية وقاموا بتدمير طرق المواصلات وخطوط البرق ، كما وضعت الترتيبات الدفاعية عن القرنة عبر تنظيم المفارز في مناطق الماجدية واخلاء السكان خشية تعرضهم للقصف ، واغراق أراضي المزيرعة بالمياه ونسف جسر الشافي لمنع القوات البريطانية من العبور.
 أما في بغداد فقد بدأت الاشتباكات المسلحة حيث هاجمت الطائرات البريطانية القطعات العراقية في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس 2 مايس 1941 ، وهكذا بدأت الحرب العراقية ـ البريطانية حيث وسع البريطانيون نطاق هجماتهم عندما هاجمت طائراتهم معسكر الرشيد كما هاجمت الطرق المؤدية إلى بغداد والمواقع المدنية الأخرى حول الحبانية.
 هب الشعب العراقي في التعبير عن تأييده لحكومته الوطنية ، وقامت المظاهرات في كل مكان وأرسلت برقيات التأييد والتطوع.
 وفي البصرة وقف السكان موقفًا مشرفًا واعلنوا إستعدادهم للدفاع وتسابقوا إلى التطوع والتبرع بالدم ، كما قاطع عمال الأرصفة في البصرة السفن البريطانية واضرب عمال الميناء والفاو عن العمل.

دخول القوات البريطانية منطقة العشار :

 في فجر يوم الأربعاء الموافق 7 مايس 1941 نزلت إلى العشار ثلة آلية من الجيش البريطاني مؤلفة من خمس وعشرين سيارة عسكرية تقل عددًا كبيرًا من الجنود تساندهم الطائرات المقاتلة فض ً لا عن القوات البحرية الموجودة في شط العرب حينذاك.
 لقد أحاطت تلك القوات بمقر متصرفية اللواء والدوائر الرسمية والبنوك وسيطرت على الطرق والجسور وأخذت باحتلال المواقع والمناطق المهمة.
 وشرعت باطلاق النار وبدون سابق إنذار ولمدة ساعتين.
 وكان وكيل المتصرف صالح حمام في بناية المتصرفية حينذاك ومعه ثمانية عشر شرطيًا ، وقد دخل عليه القائد العام للقوات البريطانية الجنرال (فرايزر) ومعه مدير جمعية التمور المستر (لويد) الذي كان مرتديًا للزي العسكري ومعهم مجموعة من الضباط البريطانيين.
 طلب الجنرال فرايزر من وكيل المتصرف قطع علاقته بالحكومة في بغداد ، إلا ان رد وكيل المتصرف كان الرفض وأعلن أنه لا يتلقى الأوامر إلا من بغداد ، فأصدر القائد البريطاني أوامره بقصف محلة أم البروم في العشار مع مركز الشرطة فيها ، فأضطر الناس للدفاع عن أنفسهم وانضموا إلى الشرطة لمقاومة المحتلين وحصل تبادل لإطلاق النار ، طلب وكيل المتصرف من مدير الشرطة مزاحم ماهر بوقف اطلاق النار ، كما أتصل به المستر لويد وطلب إليه الاستسلام ، فوافق مدير الشرطة على ذلك بشرط الانسحاب مع أفراد الشرطة وأسلحتهم إلى القرنة للالتحاق بالقطعات العسكرية العراقية المرابطة هناك ، إلا ان القيادة البريطانية رفضت ذلك فتجددت الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل خمسة من رجال الشرطة وجرح ستة آخرين فض ً لا عن إصابة لحقت برجل وامرأة من المواطنين ، أما الطائرات البريطانية فقد قصفت الأحياء المدنية وأسفر قصفها عن مقتل أسرة كاملة وإصابة أسرة أخرى باضرار.
 أما الجانب البريطاني فقد خسر بعض أفراده جراء الاشتباكات ، وتبالغ المصادر المعاصرة حينما تذهب إلى القول بان بريطانيا خسرت بين 50 ـ 100 قتيل ، لكنها تؤكد بأن اليهود قدموا خدمات إلى المحتل الأجنبي خلال الاشتباكات التي وقعت عبر فتح دورهم لنصب المدافع على أسطحها لقصف تجمعات الشرطة والمواطنين ، وفي خضم فوضى الاحداث هذه إنسحب مدير الشرطة إلى القرنة بعد ان استلم الموافقة الرسمية من السلطات الحكومية في بغداد ، ودعا منتسبي الشرطة الذين بقوا في البصرة للالتحاق به لأنه أسس المديرية هناك.
 اما سلطات الاحتلال فقد شددت قبضتها على المدينة واصدر القائد البريطاني العام سلسلة من البيانات نشرها في جريدة الأوقات البصرية أو عبر مكبرات الصوت وهي تتضمن دعوة البنوك والمؤسسات المالية لمزاولة أعمالها المصرفية والتجارية ، كما أعلن في بيان آخر منع التجول ليلا ، وأصدر في الوقت نفسه أمرًا بتعيين المستر لويد حاكمًا عسكريًا لمنطقة العشار.
 وقام الأخير باصدار سلسلة من البيانات حرم بموجبها حمل الأسلحة داخل المدينة ومنع الناس إلى الاستماع إلى الإذاعات المعادية للحلفاء ودعاهم إلى مزاولة أعمالهم.

إنتقال السلطات الرسمية العراقية من العشار إلى منطقة البصرة القديمة :

 بعد إحتلال العشار من القوات البريطانية إنتقل وكيل المتصرف مع موظفيه إلى البصرة القديمة وإتخذها مقرًا له وجعل مركز شرطة سوق الدجاج وبلدية البصرة مقرًا لإدارته ، ومن مقره الجديد إتصل وكيل المتصرف بكبار رجالات المدينة الذين كانوا أعضاء في مجلسي النواب والأعيان أو ممن شغل مركزًا إداريًا مهمًا في بلدية البصرة لدراسة إحتمالات الموقف واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الناس وممتلكاتهم والاستمرار في تقديم الخدمات لهم ، وقد تقرر تأليف وفد من الشيخ صالح باشا أعيان والحاج أحمد الذكير ومحمد سليمان العقيل لمقابلة قائد قوات الاحتلال في بناية المتصرفية بالعشار ، وخلال اللقاء أكد لهم الميجر لويد ان القوات البريطانية ستبقى في العشار وانها لا تنوي إحتلال البصرة القديمة وانها غير مسؤولة عن المحافظة على أمنها ، وكان هذا اللقاء قد ، وقع يوم 8 مايس 1941 وفي اليوم التالي إجتمع المجلس البلدي في البصرة لتدارس الحالة العامة من أجل المحافظة على أرواح الناس وممتلكاتهم وتشكيل قوة إضافية من الحراس ، وقد بقيت الإدارة الحكومية تمارس مسؤولياتها من مقرها في مدينة البصرة القديمة من 7 مايس ولغاية 16 مايس 1941 ، عندما إنسحبت بعد ذلك بممثلها وكيل المتصرف مع قسم من موظفيه إلى بغداد بناء على الأوامر الصادرة اليهم من الحكومة في بغداد.
 وكانت بلدية البصرة قد أمنت سفرهم عن طريق الناصرية في صباح يوم 17 نيسان وفي الساعة 5.40 صباحًا ، الا ان الوضع الأمني بعد سفرهم تدهور في البصرة وتفاقم بعد ذلك ، ولمجابهة الموقف تحملت البلدية المسؤوليات الفعلية المترتبة على عاتقها آنذاك ، فعقد المجلس البلدي جلسة فوق العادة برئاسة الشيخ عبد السلام باش أعيان وكيل رئيس البلدية مع اربعة أعضاء آخرين واتخذوا على عاتقهم حماية البلدة وسكانها متعاونين في ذلك مع لجنة أخرى مكونة من وجوه البلدة يطلق عليها اسم (لجنة الأمن) شبيه بلجنة الأمن العام في بغداد وأخذت على عاتقها المسؤوليات التالية :
 1 ـ تعيين العدد الكافي من الحراس لحراسة مدينة البصرة على ان لا يتجاوز عددهم المائتي حارس وتعطى رواتبهم التي يعينها المجلس البلدي من ميزانية البلدية.
 2 ـ توزيع العدد الكافي من الحراس للمحافظة على بناية المحاكم المدنية ودائرة الطابو والأوقاف والبلدية وحراستها ليلا ونهارًا وتدفع لهم الرواتب المعينة من المجلس.
 أما أعضاء لجنة الأمن المشار إليها فكانت مؤلفة من الشيخ صالح باشا أعيان وعبد الرزاق الأمير والحاج مصطفى طه السلمان وصالح الرديني وعبد الرحمن النعمة ومحمد سعيد العبد الواحد والشيخ مصطفى المفتي ، وقد أخذت على عاتقها تحمل مسؤولية إدارة تموين المستشفى والسجن وإعادة فتح المستوصفات وكلا من دائرتي بلدية البصرة وبلدية العشار وتأمين الاتصال التلفوني بين سكان البصرة وسكان العشار.
 وفي يوم 18 مايس 1941 إتصلت اللجنة بمعاون القائد العام للقوات البريطانية المحتلة لمدينة العشار المستر لويد وشرحت له أوضاع الحالة الأمنية وحددت مهام مسؤولياتها داخل مدينة البصرة وطلبت تزويدها بالسلاح والذخيرة لتجهيز قوة الحرس ، وتمت الموافقة على تجهيزهاب ( 40 ) بندقية مع (2000) إطلاقة.
 ويذكر الشيخ عبد القادر باش أعيان في مذكراته ان اللجنة المذكورة شحنت هذه الكمية تمويهًا بسبع سيارات شحن مغلقة وعمدت إلى التظاهر بوصول كميات هائلة من السلاح وذلك لإرهاب المتربصين لأغراض النهب والسلب ، وادخلت تلك الشاحنات إلى مركز شرطة سوق الدجاج وتم تفريغ الشاحنات التي تحمل الكمية المرسلة والتي لم تف بالغرض المطلوب ولم تكن تكفي لتسليح عدد الحراس المعينين ، الا أن اللجنة لجأت إلى الاستبدال السريع لوجبات الحراسة وللسلاح حتى تتعدد الوجوه ويحصل اليقين من أن القوة كلها تملك السلاح.
 في يوم 24 مايس 1941 جاء إلى البصرة جميل المدفعي بصفته مندوبًا عن الوصي عبد الإله الذي كان يتهيأ للعودة إلى العراق لممارسة سلطات الوصاية مرة ثانية في أعقاب فشل ثورة مايس وانهيار حكومة الدفاع الوطني.
 وقد نشر جميل المدفعي تفويضًا رسميًا من الوصي ليمثله في الألوية الجنوبية (البصرة والعمارة والناصرية) وزوده بكامل الصلاحيات والسلطات ، وفي يوم 31 مايس عاد المدفعي إلى بغداد لتولي رئاسة الوزارة.
 وكان من إجراءات الوزارة الجديدة تعيين متصرف جديد إلى البصرة ، حيث تم في 3 حزيران 1941 تعيين عبد الرزاق حلمي متصرفًَا جديدًا ، فقام الأخير بجمع موظفي اللواء المشتتين في بغداد وفي غيرها من المدن وتوجه بهم إلى البصرة بعد أن خولته الحكومة صلاحيات واسعة في الحبس والأعتقال.
 أما القوات البريطانية فقد بقيت مهيمنة على البصرة وعلى العشار ومسيطرة بشكل مباشر على الميناء والمواصلات ودائرة البرق واللاسلكي والمراكز الاقتصادية المهمة.

الإجراءات البريطانية في البصرة :

 عينت الحكومة البريطانية الجنرال كوينان قائدًا عامًا في البصرة وكلف بمسؤولية تنظيم الميناء وتوسيعه لكي يستوعب جميع القوات العسكرية التي قد تتطلب الحرب إرسالها للقتال في الشرق.
 وقد أصبح الجنرال كوينان تحت أمرة الجنرال ويفل القائد العام لقوات الشرق الأوسط الذي كان مقره في القاهرة، بعد ان كانت القيادة البريطانية في البصرة تابعة لقيادة الهند ، وكانت التعليمات التي تلقاها كوينان تقضي بان لا يعمل أكثر من حماية القواعد في البصرة وفتح خطوط المواصلات إلى بغداد.
 وفي المؤتمر العسكري الذي عقد في البصرة في يوم 23 مايس 1941 بحضور قائد القوات المسلحة في الهند الجنرال أوكنلك وقائد قوات الشرق الأوسط الجنرال ويفل ، أقر المجتمعون وضع الخطط العسكرية للإسراع في إحتلال العراق وان يكون من مسؤولية القيادة في الهند مرة ثانية.
 وعلى هذا الأساس أمرت القيادة البريطانية في الهند الجنرال كوينان أن يستعد للحركة من البصرة إلى بغداد باسرع ما يمكن بعد أن وصلت إلى البصرة تعزيرات جديدة من الهند وبعد فتح طرق المواصلات بين بغداد والبصرة.
 أما الحكومة العراقية فقد خضعت كليًا للسيطرة البريطانية وقامت وزارة جميل المدفعي بتصفية دوائر الدولة من العناصر القومية وحل المنظمات والجمعيات القومية والغاء عقود المدرسين العرب وأجراء تغييرات في السلك الدبلوماسي وقوى الأمن الداخلي وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيطاليا ، إلا ان هذه الأعمال لم ترض بريطانيا، فاستقال المدفعي وجاء بعده نوري السعيد الذي استجاب لكل المطالب البريطانية فقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة فيشي الفرنسية ومع اليابان وقدم قادة الثورة إلى المحاكم التي أصدرت بحقهم حكم الإعدام وزاد عدد المعتقلين وتعمد إبقاء الجيش ضعيفًا.
 أما في الميدان العسكري فقد أبدت الحكومة العراقية تعاونًا مع الجانب البريطاني في دراسة الإجراءات اللازم إتخاذها في منطقة الميناء وقاعدة الشعيبة ، فأدخلت التحسينات على خطوط السكك الحديد وانشئ جسر من الخشب طوله 1150 قدمًا على شط العرب لتسهيل الاتصال مع إيران ، وأصبح الاتصال مباشرة بين المحمرة ومحطة المعقل في البصرة.
 كذلك توزعت الجهود على توسيع ميناء البصرة حيث أنشئت أرصفة جديدة فضلا عن توسيع الأرصفة القديمة وادخلت المكائن في تحميل البضائع.
 وعلى العموم أصبحت البصرة مسرحًا لنزول القوات البريطانية وقوات الحلفاء ومنها إلى بغداد ، ففي 27 مايس 1941 تحركت كتيبة من الشعيبة نحو بغداد ، وفي 28 مايس تحرك الفوج الثاني الموجود في العشار ووصل بعد أسبوع إلى بغداد ، وبعد فتح طرق المواصلات بين بغداد والبصرة فرضت الجيوش البريطانية السيطرة على كل العراق.
 ولقد أزدادت الأهمية السوقية للعراق بعد التوغل الألماني في روسيا ، وقد خشي الحلفاء من هجوم ألماني على إيران عبر طريق قفقاسيا ، لذا أشارت الاستعدادات العسكرية البريطانية على الحدود العراقية الإيرانية إلى إختراق لحياد إيران ، حيث إخترقت القوات البريطانية والهندية حدود البصرة يوم 25 آب 1941 برتلين وشنت هجومًا عنيفًا على القوات الإيرانية تساندها المدفعية والدبابات ، وفي اليوم نفسه إجتازت القوات البريطانية المرابطة في خانقين الحدود العراقية ودخلت قصر شيرين.
 وعلى أثر ذلك قررت الحكومة البريطانية تقوية وجودها العسكري في العراق وتشكيل قيادة مشتركة لقواتها في العراق وإيران في أيلول 1942 وعين السر ولسن الذي كان قد وصل إلى بغداد في آب 1942 قائدًا لها ، وأعقب تشكيل القيادة المشتركة وصول أعداد كبيرة من القوات البريطانية والحليفة لها إلى البصرة لأجل إرسالها إلى إيران.
 فوصلت في شهر أيلول 1942 الفرقة العسكرية الخامسة والفرقة السادسة والخمسون البريطانية ، كما وصلت بعد ذلك الكتيبة السابعة المدرعة البريطانية من الهند والفرقة الخامسة الهندية والثالثة البولونية ، وهكذا أصبحت القوات الأجنبية الموجودة في العراق في نهاية 1942 تضم فرقتين بريطانيتين وكتيبة مدرعة بريطانية وثلاث فرق هندية وكتيبة مدرعة هندية وفرقة بولونية.
 وكان لهذا العدد الكبير من القوات الأجنبية على الأراضي العراقية تأثير كبير في الاقتصاد العراقي ولا سيما في ظروف الحرب العالمية الثانية إذ أدى هذا إلى زيادة التردي في الأوضاع الاقتصادية وإلى إزدياد التضخم النقدي ، بالرغم من المزاعم البريطانية من أن وجود هذا العدد الكبير من أفراد الجيش قد خلق رخاء عامًا لجميع فئات الشعب.
 وللتقليل من الآثار السلبية التي تركها الوجود العسكري البريطاني نشطت وسائل الدعاية والإعلام البريطانية من صحافة وسينما ونواد ومراكز ثقافية ومكاتب للإرشاد لخدمة المصالح البريطانية السياسية والعسكرية ، ومن أهم هذه الوسائل نوادي أخوان الحرية برئاسة الجاسوسة البريطانية فرياستارك ، وقد استمرت هذه النوادي في نشاطها التخريبي المدمر إلى نهاية الحرب العالمية الثانية.
 أما الوجود العسكري البريطاني فقد بقي على الأراضي العراقية إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث نقلت بريطانيا في عام 1947 أغلبية قواتها باستثناء التشكيلات العسكرية التي بقيت في قاعدتي الحبانية والشعيبة.

الأحوال الاقتصادية في البصرة خلال الفترة الواقعة بين 1939 ـ 1945 :

 بعد تصاعد الضغط العسكري الألماني على الاتحاد السوفياتي بدأت دول الحلفاء بضخ التجهيزات العسكرية إلى الاتحاد السوفياتي عبر الأراضي العراقية وعبر إيران ، وسرعان ما برزت البصرة كموقع متقدم لتجهيز فلطسين وسوريا وتركيا بما تحتاجه من مواد ، فض ً لا عن استخدامها طريقًا حيويًا لإرسال التجهيزات العسكرية والامدادات المختلفة إلى روسيا عبر إيران ، وغدت خلال سنوات الحرب نقطة إتصال حيوية في سلسلة خطوط الحلفاء سواء عن طريق البر أو البحر أو الجو.
 وعلى هذا الأساس إرتفعت تجارة الترانسيت في عام 1942 بمقدار (18) مليون دينار قياسًا إلى عام 1941 وبأكثر من (6) ملايين دينار عن عام 1940.
 ولا شك ان هذه الزيادة في واردات الترانسيت مردها إلى الظروف الحربية العامة التي جعلت من العراق طريقًا رئيسيًا لتجارة الأقطار المجاورة.
 وكانت تركيا والولايات المتحدة الأمريكية في طليعة الأقطار التي مرت تجارتها بالعراق ، أما التجهيزات المرسلة من الهند واستراليا والمعدات العسكرية البريطانية والأمريكية فكانت تفرغ في ميناء البصرة لتنقل إلى تركيا والاتحاد السوفياتي عبر خطوط السكك ، وقسم آخر كبير منها ينقل من البصرة إلى المحمرة وبالتالي إلى الاتحاد السوفياتي.
 ويوضح الجدول التالي حجم المواد العسكرية التي تم نقلها بواسطة سكك حديد الحكومة العراقية :

السنة
الكمية بالطن
1938 ـ 1939 3828
1939 ـ 1940 3042
1940 ـ 1941 3434
1941 ـ 1942 568386
1942 ـ 1943 2085107
1943 ـ 1944 2327648
1944 ـ 1945 1164748

 ويلاحظ ان هذه الزيادة في نسبة النقل قد تصاعدت منذ عام 1941 بعد ، الهجوم الألماني على الاتحاد السوفياتي ، ثم استمرت هذه الزيادة حتى عام 1944 إلا انها أخذت بالانخفاض بعد ذلك بسبب تقلص العمليات والأنشطة الحربية واقتصار دائرتها على بلدان أوربا الغربية.
 ولابد من الإشارة هنا إلى ان زيادة نسبة النقل بواسطة السكك الحديد قد أدى بدوره إلى زيادة واردات الميناء حسبما موضح في الجدول التالي :
 واردات الميناء من عام 1939 إلى 1945 بآلاف الدنانير

السنة
38 ـ 39 39 ـ 40 40 ـ 41 41 ـ 42 42 ـ 43 43 ـ 44 44 ـ 45
أ ـ القسم البحري عوائد الميناء 65193 60851 53373 54524 87782 80426 82387
أجور القيادة 73941 69273 54840 62420 94871 87195 94933
أجورالرسو والإقلاع 35600 28674 33460 69408 120582 128340 16180
7
ب ـ قسم النقليات عوائد الميناء 32917 30639 25678 41695 55839 50703 43011
أجور التفريغ 56162 48483 48337 128799 193365 153913 72807
أجور التسليم 12278 9605 10083 35617 54678 41302 21526

 وطبيعي ان الزيادة في واردات الميناء دليل واضح على زيادة عدد البواخر التي دخلت ميناء البصرة ، وللتدليل على ذلك يمكن القول ان عدد البواخر التي دخلت البصرة عام 1942 بلغت 499 باخرة بحمولة 1.679.874 طن في حين إرتفع هذا الرقم ليبلغ عام 1944 (517) باخرة بحمولة 1.908.842 طن ، أما السنة الأخيرة من الحرب فأشرت إنخفاضًا طفيفًا حيث بلغ مجموع البواخر التي وصلت إلى ميناء البصرة ما مجموعه 439 باخرة بحمولة 1.602.523 طنًا.
 ومما لاشك فيه ان الارقام السابقة انما توضح مدى تعاظم أهمية البصرة في خطط عمليات حرب الحلفاء وتلبية إحتياجاتهم ومتطلباتهم.
 وعلى هذا الأساس وصلت إلى ميناء البصرة بعثة أمريكية رأسها الجنرال ويلر Wallar للإشراف على عملية إستلام التجهيزات العسكرية الأمريكية في البصرة ومن ثم إرسالها إلى الاتحاد السوفياتي ، وفضلا عن ذلك فان البصرة أصبحت مركزًا لتركيب وتجميع الطائرات الحربية الأمريكية لتأخذ دورها بعد ذلك في جبهة الحرب في مناطق الاتحاد السوفياتي.
 ولابد من الإشارة هنا إلى ان تلك المؤشرات حول تصاعد وتائر تجارة الترانسيت والصادرات وكثرة البواخر الواردة إلى ميناء البصرة وتعاظم حمولاتها خلال سنوات الحرب لا تعني ان الأحوال الاقتصادية والمعاشية للمواطنين في البصرة قد تحسنت بالمستوى نفسه ، حيث ان التأثيرات الاقتصادية لتلك الظواهر على المواطنين كانت محدودة ، فقد عانى ذوو الدخل المحدود من إرتفاع الأسعار ومن فقدان المواد الضرورية الأساسية وكذلك التضخم المالي.
 كما ان الفلاحين قد عانوا كثيرًا بسبب الغلاء وظاهرة السوق السوداء ، وان معظم جهودهم في زيادة الإنتاج الزراعي كانت تذهب في جيوب حفنة صغيرة من أصحاب الأراضي والمشاريع الزراعية ، وكان الغلاء قد شمل الحنطة والشعير والسمسم والشاي والسكر والصابون ، فأسعار الحنطة بالرغم من ان الحكومة حددتها بمبلغ 25 دينارًا للطن أصبحت تباع بالسوق السوداء بمبلغ 35 دينارًا للطن ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الرز الذي ارتفع سعره من 30 دينارًا للطن الواحد إلى 50 دينارًا.
 وكان التضخم النقدي الذي إستمر من أواسط عام 1941 قد أدى إلى هبوط في قوة النقد الشرائية وارتقاع الأسعار وتفاقم مشكلة التموين ، لهذا إتخذت الحكومة بعض الإجراءات الاقتصادية في منتصف عام 1943 بتنظيم الاستيراد والتصدير واخضاعه إلى قانون تنظيم الحياة الاقتصادية ، الذي تم بموجبه إخضاع التجارة الخارجية إلى نظام التراخيص ، كما أن الحكومة أصبحت مستوردة لبعض السلع الأساسية وتوزيعها بالبطاقات كالسكر والشاي.
 وعلى العموم يمكن القول ان إحتكار المواد الغذائية وارتفاع الأسعار وركود الأسواق وارتباك الوضع المالي وفقدان الأمن والاستقرار عوامل أساسية في زيادة تذمر السكان وكثرة تجمعات الأهالي وتوزيع النشرات والبيانات في شوارع البصرة الرئيسة وهي تندد بالسلطة القائمة ورموزها وبالأجنبي وبجنده.
 وكانت تدعو الناس كافة في مركز مدينة البصرة وفي الأقضية إلى التكاتف والتظاهر والعمل سوية من أجل تخليص العراق من التحالف مع بريطانيا وتعزيز قوة الجيش العراقي والنهوض بمستوى السكان معاشيًا وثقافيًا وصحيًا.
 وكذلك الدعوة الواضحة والصريحة لأن يأخذ العراق دوره الطليعي في التغييرات الجديدة لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

المصادر التي استخدمت في إعداد البحث :

 أولا ـ الرسائل الجامعية :
 1 ـ زينب كاظم أحمد العلي ، البصرة خلال ثورة مايس 1941 (البصرة ، 1988 ) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، قسم التاريخ ـ كلية الآداب، جامعة البصرة.
 2 ـ عبد الرحيم ذو النون زويد ، العراق في الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945 ، (القاهرة ، 1978) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، قسم التاريخ / كلية الآداب/ جامعة القاهرة.

 ثانيًا ـ كتب مطبوعة باللغة العربية :

 1 ـ عبد الرزاق الحسني ، الأسرار الخفية في حركة مايس 1941 التحررية (بيروت، 1976).
 2 ـ أحمد ياغي ، حركة رشيد عالي الكيلاني (بيروت ، 1974).
 3 ـ عامر حسك ، أحداث البصرة في ثورة 2 مايس 1941 (بغداد ، 1977).
 4 ـ رجب بركات ، بلدية البصرة 1869 ـ 1981 (البصرة ، 1984).
 5 ـ رجب بركات ، من صحافة الخليج العربي (الصحافة البصرية 1889 ـ 1973 ) (بغداد ، 1977).

 ثالثًا ـ المقالات :
 1 ـ مجلة المؤرخ ، العدد 33 ، 1987 المقال المعنون (العراق وسياسة الدفاع المشترك والاحلاف الغربية 1945 ـ 1958) بقلم الدكتور جعفر عباس حميدي.

  • تعاظم أهمية البصرة خلال الحرب العالمية الثانية :
  • الأزمة الوزارية في بغداد ولجوء الوصي عبد الإله إلى البصرة :
  • الوصي عبد الإله في البصرة :
  • عزل متصرف البصرة صالح جبر :
  • تنحية عبد الإله من الوصاية والمناداة بالشريف شرف وصيًا جديدًا على عرش العراق :
  • الموقف الشعبي في البصرة :
  • الأحداث في البصرة خلال نيسان 1941 واندلاع الحرب العراقية ـ البريطانية في 2 مايس 1941 :
  • دخول القوات البريطانية منطقة العشار :
  • إنتقال السلطات الرسمية العراقية من العشار إلى منطقة البصرة القديمة :
  • الإجراءات البريطانية في البصرة :
  • الأحوال الاقتصادية في البصرة خلال الفترة الواقعة بين 1939 ـ 1945 :
  • المصادر التي استخدمت في إعداد البحث :
    BASRAHCITY.NET