مرويات الجوهري عن يوم السقيفة

الاستاذ جواد كاظم النصرالله

    المقدمة

  شهدت الحركة الثقافية في الدولة الإسلامية منذ بواكير نشأتها نشاطاً ملحوظاً في شتى صنوف المعرفة( 1 ) وما أن جاء القرن الرابع الهجري وهو قمة الإبداع العربي الإسلامي( 2 ) في مختلف صنوف المعرفة حيث أنجب الكثير من فطاحل الفكر ومنهم أبو بكر احمد بن عبدالعزيز الجوهري( 3 ) .
  إلا أن الذي يثير الاستغراب هو صمت كتب التراجم عن ترجمة هذه الشخصية ، وأكتفي البعض بالإشارة لأسمه وأسم كتابه السقيفة ، ولا ندري هل هذا الصمت بسبب كتابه هذا .
  لم تزودنا المصادر متى ولد ؟ وأين ؟ وهل هو عربي الأصل أم لا ؟ ولماذا لقب بالجوهري ؟ وهل هو لقب له أم لأبيه أم لأحد أجداده ؟ وأين قضى حياته ؟
  من ملاحظة قائمة شيوخه نجد أن أكثرهم بصريين ، ونجد إن احد المعاصرين لقبه بالبصري ولا ندري من أين أستقى هذه التسمية ؟ ولماذا هل لأنه بصري الأصل ؟ أم بصري النشـأة ؟ أم بصري الفكر ؟ وأي فكر بصري ؟ هل يعود لمدرسة البصرة اللغوية ؟ أم الاعتزالية ؟ ولقب بالبغدادي والتساؤلات أعلاه ذاتها تطرح من جديد فهل هو بغدادي الأصل ؟ أم بغدادي النشأة والمسكن ؟ أم بغدادي الفكر؟ وأي فكر بغدادي ينسب له ؟ وكان قد وضع كتابا عن أحداث السقيفة وفدك إلا إن هذا الكتاب فقد ولم يصل إلينا إلا ما نقله منه ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة، والذي قام احد المعاصرين(4) باستخراج روايات الجوهري من شرح ابن أبي الحديد، وقد حاولنا تقديم صورة عن أحداث السقيفة طبقا لروايات الجوهري .
ذكر الجوهري انه حينما بدء المرض بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) قرر(صلى الله عليه وآله وسلم) إرسال أسامة بن زيد بن حارثة( 5 ) على رأس جيش لقتال الروم البيزنطيين انتقاما لمقتل والده في مؤته( 6 ) .
  وكان ضمن الجيش عدد من كبار الصحابة ذكر الجوهري منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير .
وتشير رواية الجوهري إلى تثاقل أسامة عن المسير مما أدى لتثاقل الجيش إلا أن الجوهري لم يشر لسبب التثاقل الحقيقي وهو رفض البعض لأمارة أسامة( 7 ) ، بل أشار إلى أن تثاقل أسامة يعود لمرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لما أكد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أسامة السير لحرب الروم دخل معه أسامة في حوار :
  أسامة : بأبي أنت وأمي اتأذن لي أن امكث أياما حتى يشفيك الله .
  النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أخرج وسر على بركة الله .
  أسامة : يا رسول الله ! إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال خرجت و في قلبي قرحة منك .
  النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : سر على النصر والعافية
  أسامة : يا رسول الله ! إني أكره أن أسأل عنك الركبان .
  النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنفذ لما أمرتك به .
  وبعد هذه المحاورة تشير الرواية إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أغمي عليه ، فعندها أخذ أسامة يتجهز للخروج ، ولما أفاق (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل عن أسامة فقيل له أنه يتجهز .
  فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) :انفذوا بعث أسامة ، لعن الله من تخلف عنه، وكرر ذلك .
 عندها خرج أسامة واللواء على رأسه ، والصحابة بين يديه ، فلما وصل الجرف( 8 ) على ثلاثة أميال من المدينة نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين ومن الأنصار أسيد بن حضير( 9 ) وبشير بن سعد( 10 ) وغيرهم من الوجوه .
 وهنا جاء رسول أم أيمن يخبر أسامة بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام أسامة من فوره ودخل المدينة واللواء بيده فجاء حتى ركزه بباب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد مات تلك الساعة( 11 ).
بعض الملاحظات على النص :

أولاً :
لماذا أختار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أسامة بن زيد على رأس هذا الجيش ؟ تبين الرواية أن السبب يعود لمقتل والده زيد في معركة مؤته ضد البيزنطيين، ولكن المعلوم أنه في معركة مؤته قتل جعفر الطيار وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة( 12 ) فلماذا الانتقام لزيد دون غيره ؟ ولماذا لم يختر النبي ولد جعفر أو ولد عبدالله بن رواحة؟ثم ماذا يعني ذلك الانتقام ؟ فزيد استشهد في سبيل الله شِأنه شأن مئات والآف المسلمين ؟ فهل ثأر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لقتلى بدر وأحد وغيرها ؟ ثم كان الأجدر الثأر لرسول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحارث بن عمير الأزدي الذي أرسله إلى ملك بصرى فأعترضه شرحبيل الغساني فقتله إرضاءاً لأسياده الرومان ( 13 ) .
ويلاحظ أن معركة مؤته كانت في مطلع سنة 8 هـ فلماذا أخر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الثأر إلى مطلع سنة 11 هـ .
ثانيا : المعلوم أن أسامة بن زيد كان في الثامنة عشرة من العمر فماذا كان يبغي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من تأميره على كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأسيد بن حضير وبشير بن سعد، خاصة إذا علمنا أن هناك روايات تشير إلى أن بعضا من هؤلاء هم من العشرة المبشرة بالجنة ، فهل يعقل أن قصد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من هذا التأمير لأغراض نفسية وهي الانتقام لوالده .
ثالثا : لم يشر الجوهري للسبب الحقيقي لتثاقل أسامة وهو تثاقل بعض الصحابة لتذمرهم من أمرته، بينما فسّر سبب التثاقل لإشفاق إسامة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
رابعا : أن تأكيد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ضرورة تحرك أسامة يلفت النظر إلى درجة أنه دخل معه في حوار حتى أقتنع أسامة ، ثم بالغ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في التأكيد لدرجة أن لعن من يتخلف عن المسير .
خامساً : يلاحظ أنه بعد تأكيد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على أسامة بضرورة المسير، نجد أسامة يتحرك حتى يصل الجرف خارج المدينة ثم ينزل ومعه وجوه المهاجرين والأنصار حتى مات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  فماذا يعني ذل ؟ هل هو تعمد من أسامة حيث أضطر للخروج بعد تأكيد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليوهم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قد سار للشام ؟ أم أن من معه من الصحابة ثبطوه ولم يقبلوا بالمسير وراوغوه الكلام حتى مات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟
سادساً : هل أن الشخص الذي جاء وأخبر أسامة بوفاة النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو فعلاً رسول أم أيمن ؟ أم أنه أرسل من قبل آخرين ؟
سابعاً : يلاحظ أن وجود أبو بكر ضمن الجيش وقد سار مع أسامة حتى نزل الجرف وبقي هناك حتى وفاة النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  إذن كيف نجمع ما بين هذا الكلام وبين رواية الجوهري التي تشير لأمر النبي أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإليك نص الرواية قال الجوهري : أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبدالملك الو اسطي عن يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، قال : لما مرض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرضه الذي مات فيه ، أتاه بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال بعد مرتين : يا بلال لقد أبلغت ، فمن شاء فليصل بالناس، ومن شاء فليدع .
قال : ورفعت الستور عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء، وعليه خميصه( 14 ) له فرجع إليه بلال فقال: مرو أبا بكر فليصل بالناس، قال :فما رأيناه بعد ذلك عليه السلام( 15 ) .
ملاحظة على هذه الرواية :

1 ـ إن مرض النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد استمر أياماً ، ففي أي يوم كان استئذان بلال للنبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليصلي بهم ؟
2 ـ هـل يعقل أن يترك النبـي الأمر هكذا بقوله لبلال : يا بلال لقد أبلغـت ، فمن شاء فليصل ، ومن شاء فليدع ؟
  أن ظاهر كلامه ( صلى الله عليه وآله وسلم) يفيد بأنه ( صلى الله عليه وآله وسلم) قد أبلغ ما عليه ، ولا يهمه من يريد أن يصلي أو من يريد ترك الصلاة .
  فهل يعقل هذا من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ أم أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقصد ( إمام الصلاة ) ؟ فهل إن وضع المسلمين قد وصل لتلك الدرجة في فهم تعاليم الإسلام ، وأن بإمكانهم اختيار إمام للمصلين ، فأين المنافقون ؟ وضعاف الإيمان ؟ إلا يخشى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) أن يستغل أولئك الفرصة ، وينصب كل واحد نفسه إماماً !!
3 ـ أي ستور هذه التي يتحدث عنها الراوي والتي كانت تفصل بين النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) وبين المسلمين وهم في المسجد ؟ وكأن الراوي يتحدث عن أحد الملوك أوعن احد خلفاء بني أمية أ وبني العباس ؟
4 ـ يلاحظ أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) كما أفادت الرواية قد غير رأيه بعد ذلك وأمر بلال أن يصلي أبا بكر بالناس ، فهل أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) تذكر شيئاً أو تشاور مع أحد أو جاءه الوحي بذلك ؟
5 ـ يؤكد الراوي أنهم بعد ذلك لم يروا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) ، أي أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) مات فهل هذا يعني أنه يريد القول أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) نصب أبا بكر للخلافة ، وأنه لم يقل شيئاً بعد ذلك ؟!
6 ـ إن النظر في سند الرواية ومعرفة توجهات رواتها ستلقي ظلاً على القصد الذي من وراءه وضعت الرواية .
كما وأفادت رواية أخرى ذات المعنى :
  قال الجوهري : حدثنا أبو زيد عن رجاله، عن جابر بن عبد الله ، قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) ، أن تولوها أبا بكر تجدوه ضعيفاً في بدنه ، قوياً في أمر الله ، وأن تولوها عمر تجدوه قوياً في بدنه ، قوياً في أمر الله ، وأن تولوها علياً ، وما أراكم فاعلين ، تجدوه هادياً مهديا ، يحملكم على المحجة البيضاء ، والصراط المستقيم( 16 ) ، ويمكن أن يسجل على الرواية :
1 ـ لم يعرف متى قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) هذا القول ؟
2 ـ إن صيغة كلام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) تفيد أنه يوجه الكلام نحو جماعة لها حق اختيار الخليفة ؟ فمن هي هذه الجماعة ؟
3 ـ إن القول المنسوب للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) أعلاه يشير إلى أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو لاختيار أحد ثلاثة للخلافة محدداً صفة كل واحد منهم .
  وهم أبو بكر لأنه ضعيفاً في بدنه ، قوياً في أمر الله ، والثاني عمر لأنه قوياً في بدنه ، وقوياً في أمر الله ، أما الثالث فهو الإمام علي ( عليه السلام ) فلأنه هادياً مهدياً ، يحملكم على المحجة البيضاء ، والصراط المستقيم ، إلاّ أنه أردف ذلك بأنهم سوف لا يختارون علياً .
  ولكن لماذا هذه الأوصاف فهل هي إقرار لحالهم من قبل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فالمعروف عن أبي بكر في الروايات الصحيحة وغير الصحيحة أنه على خلاف عمر الذي تظهره الروايات بأنه شديد البطش يصارع الشيطان فيصرعه( 17 ) .
  وكلاهما قويان في أمر الله فهما لا تأخذهما لائمة حتى في الهجوم على بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) والتهديد بإحراقه كما سنرى .
  أما وصف الإمام (عليه السلام) فهو الوصف الذي ثبت في المصادر قديمها وحديثها وعند سائر المسلمين( 18 ) ، لكن الرواية ذكرت قولا نسبته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومفاده أن تولوها عليا ، وما أراكم فاعلين ، تجدوه هاديا مهديا .
  إن ثبت هذا الكلام فهو تناقض ، إذ الإمام عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (( هاديا مهديا ، يحملكم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم )) ولكن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول لهم : وما أراكم فاعلين .
  إذن ماذا يعني ذلك ؟ أليست مخالفة صريحة لحقيقة أثبتها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومن هم أولئك الذين لا يختارون عليا ( عليه السلام ) سنطلع فيما بعد على بعض ذلك .
 هذه الكلمات التي نسبت للنبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد ذكر ما يقاربها بالمعنى للخليفة عمر( 19 ) وقد برر الخليفة أسباب عدم اختيار الأمام علي ( عليه السلام ) كما سنرى .
4 ـ ولكن الرواية أغفلت الإشارة إلى عثمان ، فهل هذا يعني أن الرواية وضعت في عهد عمر بن الخطاب الذي كان كثيرا ما يفسر سبب أبعاد الأمام علي ( عليه السلام ) عن الخلافة ولم يكن بالأفق ما يشير لوصول عثمان إلى الخلافة .
5 ـ إن النظر في سند الرواية يلقي ظلا من الشك ، فمن هم رجال أبو زيد ؟
6 ـ يمكن القول أن الرواية وضعت لبيان أحقية وأسبقية أبو بكر بالخلافة !!
ثامنا : لاحظنا وجود عمر من ضمن جيش أسامة وأنه سار معه حتى نزل الجرف ، ولكن كيف نوفق ما بين ذلك وبين رواية الجوهري التي تشير لوجود عمر بن الخطاب في يوم وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإليك نص الرواية :
  قال الجوهري : وحدثنا الحسن بن الربيع ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن علي بن عبد الله بن العباس ، عن أبيه ، قال : لما حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الوفاة ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : آتوني بدواة وصحيفة ، أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي ، فقال عمر كلمة معناها : إن الوجع قد غلب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثم قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب الله ، فأختلف من في البيت واختصموا ، فمن قائل يقول : القول ما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومن قائل يقول : القول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغط واللغو والاختلاف ، غضب رسول الله فقال : قوموا ، أنه لا ينبغي أن يختلف عنده هكذا.
  فقاموا ، فمات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ذلك اليوم ، فكان ابن عباس يقول : أن الرزية( 20 ) ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )( 21 ) .
ملاحظات قراءة النص :

1 ـ في أي يوم كانت هذه الرزية ؟ الرواية تقول : (( لما حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الوفاة )) أي أنها كانت في يوم وفاته وكانت وفاة النبي يوم الاثنين .
  ومن خلال روايات أخرى في مصادر أخرى أشارت أنها في يوم الخميس حتى عرفت بأسم رزية يوم الخميس( 22 ) .
2 ـ إن كلام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان واضحا إذ يقول : (( آتوني بدواة وصحيفة لأكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي )) فالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مدرك تماما لما يقول ، وأن هدفه( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الكتاب لئلا تضل الأمة بعده ، وهذا هو دأبه دائما ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحاول أن ينقذ الأمة من الضلال ، فلا نلحظ مناسبة تدعو عمر لاعتبار كلام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من باب غلبة الوجع عليه ، بل هناك روايات في مصادر أخر نسبت لعمر أنه يصف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالهجر .
3 ـ إذا كان عمر يرى أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد غلبه الوجع وأخذ يهجر بسبب مرض الموت ، إذن كيف نجمع بين هذا الموقف وموقفه لما توفي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فوقف عمر خطيبا منكرا موته ومهددا من يقول بذلك( 23 ) ؟!!
4 ـ ماذا يعني عمر بقوله حسبنا كتاب الله ؟ بالتأكيد أن القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع الإسلامي ولكن هذا المصدر مفتاحه هو السنة النبوية ، فحتى نفهم القرآن يجب الرجوع للسنة النبوية كما أمرنا القرآن بذلك .
  فهل مراد عمر أن يلغ السنة النبوية ؟ أم أنها أصبحت غير ذي بال الآن ؟ ما الذي يمكن فهمه من هذا الموقف من عمر واستمراره في خلافة أبي بكر وعمر في المنع من التحديث بالسنة النبوية وكتابتها بل وإحراقها .
5 ـ إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في كتابته للكتاب كان يقصد عصمة الأمة من الضلال ، ولكن عمر رأى أن كتاب الله يكفيه ، فهل حصل هذا فعلا وهل رجوعهم للكتاب عصمهم من الخطأ والضلال والفرقة ، إن هذا يفسر الكثير من الأجتهادات التي قام بها الخلفاء في كثير من الأحكام التي لم يرد لها حكما في القرآن( 24 ) .
6 ـ الشيء الغريب أن الحاضرين قد انقسموا إلى صفين ، صف مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والصف الآخر مع عمر ، فهم يضعوا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بمنزلة سواء مع عمر ، بل الأكثر أن عمر كان وقتها بمنتهى عقله ، أما النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد غلبه الوجع .
7 ـ يلاحظ أنه وفي حضرة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أكثروا (( اللغط واللغو والاختلاف )) أليس هذا أمر يثير التعجب !! فالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مسجى على فراش الموت ، وهو بحاجة إلى الراحة وإذا به يرى أمته تختلف في أواخر ساعاته ، وكأني به حسب أن ما قام به قد ذهب سدى ، فالأمة ترفض أن ينقذها من الضلال وتتهمه بالهجر وترفض سنته اتكالا على القرآن حسب زعمها .
  إن هكذا أسلوب هل يتناسب مع ما يتوجب حمله من مودة وطاعة وأخلاق وتقديس للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟
8 ـ بعد أن رأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )هذا الاختلاف قام بطردهم قائلا : قوموا إنه لا ينبغي لنبي أن يختلف عنده هكذا .
إن مراد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الحكم والفيصل وكلامه يجب أن يؤخذ حرفيا ، ولا يجوز الرد عليه مطلقا( 25 ) ، أما أن يصل الأمر إلى الطعن في النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم الترجيح بين كلامه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكلام أحد أتباعه ( عمر ) ، فهذا ما لا يمكن قبوله أبدا .
9 ـ ولكن لماذا لم يكتب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الكتاب مع وجود جماعة وافقت وأطاعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ الظاهر أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أدرك أنه لا فائدة من كتابة الكتاب لأن الطعن فيه وجد قبل كتابته ، فبالتأكيد إن لم يرق لهم مضمون الكتاب سيطعنون فيه ويقولون أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتبه في ساعة توجعه وهجره ، ولربما تكون مناسبة للطعن في أقوال أخرى للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأقتضت حكمته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عدم كتابته .
10 ـ لماذا يا ترى منع عمر من كتابة الكتاب إلى درجة أنه وصف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالهجر في القول ؟ فهل كان عارفا بما كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينوي كتابته .
11 ـ يا ترى ما الذي كان يرغب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكتابته للأمة حتى لا تضل بعده !
12 ـ ماذا يعني ابن عباس بقوله : إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  لقد أشار عمر أيام خلافته بأنه حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين الكتاب لأنه علم أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يشير إلى علي ( عليه السلام ) .
13 ـ ولكن كيف تسنى لعمر أن يكون موجودا في بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد كان ضمن جيش أسامة الخارج لحرب الروم ، ذلك الجيش الذي أكد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على أنفاذه وتوعد من يتخلف باللعن .
  فهل خالف عمر وصايا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ أم هناك سبب آخر ؟ وبصدد هل أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى للإمام علي ( عليه السلام ) فأن روايات الجوهري جاءت لتنفي ذلك ، حيث هناك ثلاث روايات في هذا الصدد :

الرواية الأولى :

  قال الجوهري : حدثني يعقوب بن شبة، عن احمد بن أيوب ، عن إبراهيم بن سعد ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبدالله بن عباس ، قال : ( خرج علي( عليه السلام ) على الناس من عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مرضه ، فقال له الناس : كيف أصبح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يا أبا الحسن ؟ قال : أصبح بحمد الله بارئا ، قال : فاخذ العباس بيد علي ثم قال : يا علي أنت عبد العصا بعد ثلاث ، أحلف لقد رأيت الموت في وجهه ، وأني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب ، فانطلق إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فاذكر له هذا الأمر إن كان فينا أعلمنا ، وإن كان في غيرنا أوصى بنا ، فقال : لا أفعل والله إن منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده .
قال : فتوفي رسول الله ذلك اليوم( 26 ).
يلاحظ على الرواية :
1 ـ لماذا لم يسأل العباس النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) مباشرة ؟
2 ـ الظاهر أن العباس ينكر وصية النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للإمام علي ( عليه السلام ) بل ويشكك في أن الخلافة هل ستصير لعلي أم لا ؟ مع أن غالبية الصحابة كانوا يرون إنها للإمام علي ( عليه السلام )( 27 ) .
3 ـ الإمام بدوره ينفي الوصية ويخشى سؤال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنه لو منعه فسيكون الناس له أمنع .
4 ـ أكد الراوي أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) توفي ذلك اليوم حتى لا يكون مجالا للقول أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أوصى لعلي .
5 ـ نلاحظ أن العباس يرى أن النبي ( صلى الله وآله وسلم ) سيموت بعد ثلاثة أيام ولكن الرواية تؤكد أنه مات في نفس اليوم .
6 ـ إن النظر في سند الرواية يلقي ظلا على الداعي لاختلاقها !!
الرواية الثانية :

  عن أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب عن أبيه ، عن أبي صالح عن ابن عباس ، قال : كان بين العباس وعلي مباعدة ، فلقي ابن عباس عليا فقال : إن كان لك في النظر إلى عمك حاجة فأته وما أراك تلقاه بعدها ، فوجم لها ، وقال : تقدمني وأستئذن ، فتقدمته واستأذنت له ، فأذن فدخل ، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه ، وأقبل علي ( عليه السلام ) على يده ورجله يقبلهما ، ويقول يا عم أرض عني رضي الله عنك .
  قال : قد رضيت عنك ، ثم قال : يا ابن أخي قد أشرت عليك بأشياء ثلاثة ، فلم تقبل ، ورأيت في عاقبتهما ما كرهت ، وهاأنذا أشير عليك برأي رابع فإن قبلته ، وإلا نالك ما نالك مما كان قبله .
  قال: وما ذاك يا عم ؟
  قال: أشرت عليك في مرض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن تسأله فإن كان الأمر فينا أعطاناه ، وإن كان في غيرنا أوصى بنا فقلت : أخشى إن منعناه لايعطينا أحد بعده .
  فمضت تلك، فلما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى أن نبايعك ، وقلت لك : أبسط يدك أبايعك ، ويبايعك هذا الشيخ ، فإنا إن بايعناك لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف وإذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك أحد من قريش ، وإذا بايعتك قريش لم يختلف عليك احد من العرب ، فقلت : لنا بجهاز رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شغل وهذا الأمر ليس نخشى عليه ، فلم يلبث أن سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعدة.
  فقلت: يا عم ما هذا ؟ قلت وما دعوناك إليه فأبيت ، قلت : سبحان الله أو يكون هذا ؟ قلت : نعم ، قلت أفلا يرد ؟ قلت لك : وهل رد مثل قط ، ثم أشرت عليك حين طعن عمر، فقلت : لا تدخل نفسك في الشورى ، فإنك إن اعتزلتهم قدموك ، وإن ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت .
  ثم الآن أشير عليك برأي رابع فإن قبلته، وإلا نالك ما نالك مما كان قبله، إني أرى هذا الرجل ـ عثمان ـ قد أخذ في أمور، والله لكأني بالعرب قد سارت إليه حتى ينحر في بيته كما ينحر الجمل ، والله إن كان ذلك وأنت بالمدينة ألزمك الناس به ، وإذا كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلا من بعد شر لا خير معه .
  قال عبد الله بن عباس : فلما كان يوم الجمل عرضت له وقد قتل طلحة ، وقد أكثر أهل الكوفة في سبه وغمصه ، فقال: علي ( عليه السلام ) : أما والله لئن قالوا ذلك ، لقد كان كما قال اخو جعفي :
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه        إذا مـا هو استغنى وبيده iiالفقر
  ثم قال : والله لكأن عمي كان ينظر من وراء ستر رقيق ، والله ما نلت من هذا الأمر شي إلا من بعد شر لا خير معه( 28 ) .
والآن لنناقش ما جاء في النص أعلاه:
1 ـ ما هذه المباعدة بين الإمام علي ( عليه السلام ) وعمه العباس ؟ وما أسبابها ؟
2 ـ أكدت الرواية على أن العباس كان يشير بالرأي على الإمام والإمام لا يأخذ به ثم تثبت الأيام حسب زعم الرواية صحة رأي العباس .
3 ـ فالرأي الأول كما جاء في الرواية السابقة حول طلب العباس من الإمام أن يسأل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الأمر من بعده لمن ؟ فإذا صح ذلك فما الذي منع العباس أن يسأل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بنفسه ؟!
4 ـ إن الرأي الثاني حول موقف أبو سفيان ، فأولا : أن أبا سفيان قد جاء بعد أن تمت البيعة لأبي بكر ، وثانيا : إن الإمام مدرك لحقيقة أبو سفيان ونواياه المعادية للإسلام ، وأنه كان يقصد إثارة الفتنة حيث قال له الأمام ( عليه السلام ) : طالما غششت الإسلام وأهله فما ضررتهم شيئا ، لا حاجة لنا إلى خيلك ورجلك( 29 ) .
5 ـ أما الرأي الثالث وهو دخول الأمام إلى الشورى ، كان عدم دخول الإمام فيها سيكون مناسبة للطعن في الإمام فيقولوا أن الأمام لا يرى نفسه أهلا للخلافة وأن الإمام يطعن في شورى عمر ؟ والملاحظ أن الإمام دخل الشورى ولم يبايعوه فكيف إذا لم يدخلها ؟!!
6 ـ إما بالنسبة للرأي الرابع وهو الموقف من عثمان فإن العباس مات في بدايات النقمة على عثمان ، ولم يكن يتصور أحد أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه ، ثم أن الإمام قد دافع عن عثمان بكل ما يستطيع ومع ذلك أتهم به فكيف إذا ترك المدينة ، ألا يعد هذا مجالا للطعن في الإمام بأنه تآمر على عثمان خاصة وأن الثائرين سوف يذهبون إليه .
7 ـ إن الرواية لم توضح موقف الإمام من هذه الآراء فلم يرد على العباس شيئا فهل هو مقتنع بها ؟ إذن لم لا يفعلها ؟ أم أنه غير مقتنع فأين رده ؟
8 ـ رغم أن العباس قد أبان للإمام نتيجة عدم أخذه بآرائه السابقة فإنه في الرأي الرابع أيضاً تجاهل نصيحة العباس فكان إن حصل ما حصل .
9 ـ وحينما بويع أبو بكر، تشير الرواية إن الإمام طلب من العباس أن ترد بيعته ولكن العباس قال : وهل رد مثل هذا قط ؟ ! والسؤال : هل حصل ما يماثل ذلك سابقا ؟ إن بيعة أبي بكر شيء يحدث لأول مرة في الإسلام ، إن هذه الرواية هي تناغم حال المسلمين فيما بعد حينما يتم اختيار خليفة ولا يخلع .
10 ـ إن يوم الجمل كان مع أهل البصرة وليس الكوفة ، إذ أن أهل الكوفة أنصاره يوم الجمل ضد بعض من حابه من البصرة .
11 ـ تختم الرواية باختلاق اعتراف صريح من الإمام بصحة تنبؤات عمه العباس و خطأ تقديراته بقوله : والله لكأن عمي العباس كان ينظر وراء ستر رقيق ، والله ما نلت من هذا الأمر شيئا إلا بعد شر لاخير فيه .
  كأن الرواية أرادت أن تشير لحب الإمام للحكم .
12 ـ لا يخفى على المتمعن بالرواية أن الصبغة العباسية غالبة عليها، خاصة إذا نظرت في سندها .
الرواية الثالثة:

  قال الجوهري : حدثني يعقوب بن شيبة ، بٍإسناد رفعه إلى طلحة بن مصرف ، قال : قلت لهذيل بن شرحبيل ، أن الناس يقولون: إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى إلى علي ( ع ) ، فقال: أبو بكر يتأمر على وصي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ود أبو بكر أنه وجد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهدا فخرم أنفه( 30 ) .
يلاحظ على الرواية :
1 ـ من هم الناس الذين قالوا بوصية النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى الإمام علي ( عليه السلام ) ؟
2 ـ لماذا لم يسأل أبو بكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن من يتولى الأمة من بعده ؟
3 ـ إن النظر في سند الرواية كاف لإعطاء فكرة عنها و لماذا وضعت ؟
  بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة( 31 ) ، وربما جاء الاجتماع بدعوة من سعد بن عبادة زعيم الخزرج ، وأوضحت الروايات أن سعدا كان مريضا ولذا قال لأبنه قيس بن سعد : إنني لا أستطيع أن أسمع الناس كلامي لمرضي، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم ، فقال سعد بعد إن حمد الله :
  إن لكم سابقة إلى الدين ، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبث في قومه بضع عشرة سنة ، يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأوثان ، فما آمن به من قومه إلا قليل ، والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله ولا يعزوا دينه ، ولا يدفعوا عنه عداه ، حتى أراد الله بكم خير الفضيلة ، وساق إليكم الكرامة ، وخصكم بدينه ، ورزقكم الإيمان به وبرسوله ، والإعزاز لدينه ، والجهاد لأعدائه ، فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم ، وأثقله على عدوه من غيركم ، حتى استقاموا لأمر الله طوعا وكرها ، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داحضا حتى أنجز الله لنبيكم الوعد ، و دانت لأسيافكم العرب ، ثم توفاه الله تعالى ، وهو عنكم راض ، وبكم قرير العين ، فشدوا يديكم بهذا الأمر ، فإنكم أحق الناس وأولاهم به( 32 ) .
  نلاحظ أن سعدا أكد على دور الأنصار في خدمة الإسلام الذي انتشر بفضل أسيافهم على عكس المهاجرين الذين أمضوا بضع عشرة سنة إلا أنهم لم يكونوا قادرين على أن يدفعوا بشيء عن الإسلام و نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  إن رؤية سعد هذه لقيت ترحيبا من قبل الأنصار و اختاروه لمنصب الخلافة، إلا أن هناك من أثار تساؤلا : إن أبت مهاجرة قريش ، فقالوا : نحن المهاجرين، و أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأولون ، ونحن عشيرته وأولياؤه، فعلام تنازعونا هذا الأمر من بعده( 33 ) .
  ولكن لم يعرف من هذا الذي أثار التساؤل ، و أشارت رواية الجوهري أن طائفة أخرى أجابتهم قائلة : منا أمير ومنكم أمير، لن نرضى بدون هذا منهم أبدا ، أن لنا في الإيواء والنصرة ، ما لهم في الهجرة ، ولنا في كتاب الله مالهم ، فليسوا يعدون شيئا إلا ونعد مثله ، وليس من رأينا الاستئثار عليهم ، فمنا أمير ، ومنهم أمير( 34 ) .
  وقد عد سعد هذا أول الوهن ، وفيما كان الأنصار يتناقشون في أمر الخلافة ، وكيف يحاجون المهاجرين ، إنسلَّ أحد الأنصار واسمه معن بن عدي ليخبر عمر بن الخطاب بما حدث في السقيفة ، و الملاحظ أن هذا الرجل كان ذو علاقة طيبة بأبي بكر وعمر( 35 ) ، وعلاقة سلبية بسعد بن عبادة( 36 ) ، إذ نجده يقول لعمر : إن هذا الحي من الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، معهم سعد بن عبادة ، يدورون حوله ، ويقولون : أنت المرجى ، ونجلك المرجى ، وثم أناس من أشرافهم ، وقد خشيت الفتنة ، فانظر يا عمر ماترى ، واذكر لأخوتك من المهاجرين ، واختاروا لأنفسكم ، فإني أنظر إلى باب الفتنة قد فتح الساعة إلا أن يغلقه الله( 37 ) .
نلاحظ :
1 ـ أن معن يشير إلى أن الأنصار قالوا لسعد : أنت المرجي وأبنك المرجى ، وهذه إشارة إلى الخوف من استمرار الحكم في أسرة سعد بن عبادة ، لأن سعد وابنه قيسا بن سعد كلاهما شخصية متميزة عند الأنصار .
2 ـ إن معن وهو من الأنصار يعتبر وصول الأنصار للحكم هو فتنة ؟!
3 ـ يشير معن على عمر : فانظر يا عمر ماذا ترى ، وأذكر لإخوتك من المهاجرين واختاروا لأنفسكم ، فإني أنظر إلى باب فتنة قد فتح الساعة إلا أن يغلقه الله .
  فنجد معن متعاطف بشكل كبير مع المهاجرين ويحث عمر على أن يكون له موقف تجاه الأنصار .
4 ـ فهل هذا الموقف من معن يعد تنافسا من قبل الأنصار لسعد بن عبادة ؟! أم أن معن يعد الطابور الخامس لأبي بكر وأصحابه ؟ أم ماذا ؟
  على أية حال فإن عمرا أخبر أبا بكر بواقع الحال فسارا إلى السقيفة بعد إن اصطحبا أبا عبيدة عامر بن الجراح ودخلا بجدال حول الخلافة مع الأنصار( 38 ) .
  وهناك رواية تفيد أن الذي دعاهما للسقيفة هو المغيرة بن شعبة حيث جاء في إحدى روايات الجوهري حيث قال : سمعت أبا زيد عمر بن شبة ، يحدث رجلا بحديث لم أحفظ إسناده ، قال : مر المغيرة بن شعبة بأبي بكر وعمر وهما جالسان على باب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين قبض ، فقال : وما يقعدكما ؟ قالا : ننتظر هذا الرجل يخرج فنبايعه يعنيان عليا ، فقال : أتريدون أن تنظروا حبل الحيلة من أهل هذا البيت ، وسعوها في قريش تتسع ، قال : فقاما إلى سقيفة بني ساعدة، أو كلاما هذا معناه( 39 ) .
  على أية حال لما وصلوا إلى سقيفة بني ساعدة كان كل من أبي بكر وعمر قد أضمر في نفسه كلاما ليقوله ، ولكن أبا بكر غلب عمر إلى ذلك ، وكان عمر يبرر سبب رغبته بالكلام قائلا : خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام فلما أراد عمر التكلم قال أبو بكر : على رسلك فتلق الكلام ثم تكلم بعد كلامي بما بدا لك( 40 ) .
  وفي رواية أن عمر قال لأبي بكر : دعني أتكلم وخشيت جد أبي بكر ، وكان ذا جد ، فقال أبو بكر : لا بل أنا أتكلم ، فما هو والله إلا أن انتهينا إليهم ، فما كان في نفسي شيء أريد أن أٌقوله إلا أتى أبو بكر عليه( 41 ) .
  نلاحظ أن الاختلاف حول المتكلم كان وهما في طريقهما للسقيفة، وهذا الاختلاف ربما يعود لعدم إتفاقهما على من يتول الخلافة هل أبو بكر أم عمر ؟
  والظاهر أن الأنصار فوجئوا بمجيء أبو بكر وعمر وهم لم يحسموا أمرهم بعد ، فقام أبو بكر خطيبا فقال : إن الله جل ثناؤه بعث محمدا بالهدى ودين الحق ، فدعا إلى الإسلام ، فأخذ الله بقلوبنا ونواصينا إلى ما دعانا إليه ، وكنا معاشر المسلمين المهاجرين أول الناس إسلاما ، والناس لنا في ذلك تبع ، ونحن عشيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأوسط العرب أنسابا ، ليس من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة ، وأنتم أنصار الله ، وأنتم نصرتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثم أنتم وزراء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإخواننا في كتاب الله ، وشركاؤنا في الدين ، وفيما كنا فيه من خير ، فأنتم أحب الناس إلينا ، وأكرمهم علينا ، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله ، والتسليم لما ساق الله إلى إخوانكم من المهاجرين ، وأحق الناس أن لا تحسدوهم ، فأنتم المؤثرون على أنفسكم حين الخصاصة ، وأحق الناس أن لا يكون إنتقاض هذا الدين واختلاطه على أيديكم( 42 ) .
  هنا أبو بكر يقدم الأسباب التي تجعل المهاجرين هم أصحاب وراثة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحكم، وهذه الأسباب تكمن في :
1 ـ إنهم الأقدم إسلاما .
2 ـ الأقرب للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
3 ـ أوسط العرب انسابا .
  ووضع الأنصار بالمنزلة الثانية وكأنهم وزراء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأن عليهم التسليم لقضاء الله وعدم حسد المهاجرين ، إذن فهو يرى بأن الخلافة للمهاجرين من الرؤية القبلية لأنهم قرابة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  ويروى أنه قال للأنصار : يا معشر الأنصار! ما ينكر حقكم مسلم ، إنا والله ما أصبنا خيرا قط إلا شركتمونا فيه لقد أديتم ونصرتم ، وآزرتم وواسيتم ، ولكن قد علمتم أن العرب لا تقر ولا تطيع إلا لإمرئ من قريش ، هم رهط النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوسط العرب وشيجة رحم ، وأوسط الناس دارا ، وأعرب الناس ألسنا ، وأصبح الناس أوجها( 43 ) .
  إن أبا بكر بدأ كلامه بمدح الأنصار وبيان ما قدموه للإسلام ، إلا أنه لا يمكن أن تكون الخلافة إلا في قريش لأن العرب لا تقر لغيرهم والسبب لأنهم قرابة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإذن فالنظرة نظرة قبلية لا إسلامية ، فقريش لا ترث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنها أهل لحمل تراث النبوة ، وإنما لأنها قبيلته .
  هذا الموقف من أبي بكر جوبه برد من الأنصار وكان متكلم الأنصار هو الحباب بن المنذر الخزرجي الذي أوضح حجة الأنصار قائلا :
  والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم ، ولا أحد أحب إلينا ولا أرضى عندنا منكم ، و لكننا نشفق فيما بعد هذا اليوم ، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم ، فلو جعلتم اليوم رجلا منكم بايعنا ورضينا ، على أنه إذا هلك أخذنا واحدا من الأنصار ، فإذا هلك كان آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة ، كان ذلك أجدر أن يعدل في أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فيشفق الأنصاري أن يزيغ و يقبض عليه القرشي ، ويشفق القرشي أن يزيغ عليه الأنصاري( 44 ) .
  أوضح الحباب أن رؤيتهم ليست الحسد للمهاجرين كما نوه بذلك أبو بكر ، وإنما التخوف من المستقبل لئلا يتولى الحكم من قريش من كان كافرا بالأمس ، وقتل أباه أو أخاه أو ابنه على يد الأنصار ، ولذا يقترح الحباب حسما للإشكال أن تكون الخلافة مشتركة يتولاها قرشي ثم من بعده أنصاري وهكذا .
  إلا أن هذه الرؤية رفضت من قبل أبو بكر وأتباعه إذ قال أبو بكر: إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما بعث عظم على العرب أن يتركوا دينهم ، فخالفوه وشاقوه ، وخص الله المهاجرين الأولين من قومه ، ولم يستوحشوا لكثرة عددهم ، فهم أول من عبد الله في الأرض ، وهم أول من آمن برسول الله ، وهم أولياؤه وعترته ، وأحق الناس بالأمر بعده ، لا ينازعهم فيه إلا ظالم ، وليس أحد بعد المهاجرين فضلا وقدما في الإسلام مثلكم ، فنحن الأمراء وانتم الوزراء ، لا نمتاز دونكم بمشورة ، ولا تقضى دونكم الأمور( 45 ) .
  عاد أبو بكر يؤكد أحقية المهاجرين بالحكم لأسبقيتهم بالإسلام ، وعد من ينازعهم إنما هو ظالم لهم ، ثم عاد أبو بكر مخففا من لهجته موضحا مكانة الأنصار بكونهم الوزراء الذين يساندون المهاجرين في الحكم .
  وروي إن أبا بكر أضاف : نحن الأمراء وأنتم الوزراء ، والأمر بيننا نصفان كشق( 46 ) الابلمة( 47 ) ، إلا إن الحباب لم يقبل بهذه الحجج ، وسارع لمخاطبة الأنصار لئلا ينخدعوا بكلام أبو بكر قائلا : يا معشر الأنصار ، إملكو عليكم أيديكم ، إنما الناس في فيئكم وظلكم ، ولن يجترىء على فلاتكم ولا يصدر الناس إلا عن أمركم ، أنتم أهل الإيواء والنصرة، وإليكم كانت الهجرة ، وانتم أصحاب الدار والإيمان ، والله ما عبدالله علانية إلا عندكم وفي بلادكم ، ولا جمعت الصلاة في مساجدكم ، ولا عرف الإيمان إلا من أسيافكم ، فاملكوا عليكم أمركم ، فإن أبى هؤلاء فمنا أمير ومنهم أمير( 48 ) .
  نلاحظ أن الحباب يؤكد للأنصار إنهم أحق بالأمر وذلك بأن حجة المهاجرين كونهم السابقين للإسلام لا تعد شيئا أمام أعمال الأنصار الذي قام الإسلام وانتشر بأسيافهم ، وهم الذين آووا الرسول والمهاجرين ونصروا الإسلام ، ولم تقم للإسلام قائمة إلا بأسيافهم .
  والحباب هنا يحاول شحذ همم الأنصار لئلا ينخدعوا ويستسلموا لحجج أبو بكر وأصحابه ويخرج إلى نتيجة فإن أبو قبول الأنصار حكاما فلا أقل من أن تكون الخلافة شركة بين الاثنين .
  وهنا تدخل عمر بن الخطاب وأخذ بالرد على الحباب قائلا : إذا كان كذلك قمت بها إن استطعت( 49 ) ولم يتضح مراد عمر هل هو تهديد للحباب ؟ أم إشارة أن الأنصار ليس بمقدورهم القيام بالحكم .
  ثم أشار عمر إلى عدم إمكانية إقامة حكومة مشتركة مبررا ذلك : هيهات لا يجتمع سيفان في غمد ، أن العرب لا ترض أن تؤمركم ونبيها من غيرهم ، و ليس تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم ، وأولوا الأمر منهم ، لنا بذلك الحجة الظاهرة على من خالفنا ، والسلطان المبني على من نازعنا ، من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه ، ونحن أولياؤه وعشيرته ، إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة( 50 ) .
يلاحظ على رؤية عمر بن الخطاب :
1 ـ أنه ينفي إقامة حكومة مشتركة بين المهاجرين و الأنصار .
2 ـ إن حكومة تقوم بها الأنصار لا تكون مقبولة عند العرب عامة لأن العرب برأيه تريد حكومة يقوم بها رهط النبي وعشيرته .
3 ـ إنه ينظر للأمر على أنه وراثة والإرث حق للأقربين .
4 ـ ذهب عمر بعيداً في التهديد والوعيد لمن يطلب الخلافة من غير قريش ، إذ هو مدل بباطل أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة ، وهذا أقصى درجات التهديد بالقتل.
5 ـ إن عمر في تفسيره لإبعاد الإمام علي (عليه السلام) عن الخلافة ـ كما سنرى ـ يفسر ذلك بأن العرب كرهت أن تجمع النبوة والخلافة في بني هاشم( 51 ) ، إذا لماذا لم تكره العرب أن تجتمع النبوة والخلافة في قريش؟!!
  إلا أن الحباب لم يثنه ذلك واستمر في فورته رافضاً حجج أبو بكر وأتباعه ، بل طالب بطردهم من المدينة قائلاً : يا معشر الأنصار ، لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من الأمر ، فإن أبوا عليكم ما أعطيتموهم فأجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم ، فأنتم والله أولى بهذا الأمر منهم ، إنه دان لهذا الأمر بأسيافكم من لم يكن يدين له ، أنا جذ يلها المحكك( 52 ) وعذيقها المرجب( 53 ) ، إن شئتم لنعيدنها جذعه( 54 ) ، و الله لا يرد أحد علي ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف( 55 ) .
  يلاحظ هنا أن الجدال بلغ أشده وإن كفة الأنصار هي الراجحة بعد أن رفض الحباب كل حجج أبو بكر وأتباعه ، ولكن حصل ما لم يكن ـ ربما ـ بحسبان الأنصار ، وهو طعن أحد زعماء الخزرج بموقف الأنصار وميله إلى أبي بكر وأتباعه ، ذلك هو بشير بن سعد الخزرجي الذي دفعه حسده لسعد بن عبادة أن يميل لصالح أبو بكر وأتباعه قائلاً : أيها الأنصار ، إنا وإن كنا ذوي سابقة ، فإنا لم نُرد بجهادنا وإسلامنا إلا رضا ربنا وطاعة نبينا ، ولا ينبغي لنا أن نستطيل بذلك على الناس ، ولا نبتغي به عوضاً من الدنيا ، إن محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل من قريش ، وقومه أحق بميراثه ، وأيم الله لايراني الله أنازعهم هذا الأمر ، فاتقوا الله ، ولاتنازعوهم، ولا تخالفوهم( 56 ) .
  هذا الموقف من بشير بن سعد أحد زعماء الخزرج هل هو وليد الساعة ؟!! أم أنه جاء بعد مواقف مسبقة ؟ هل يلقى هذا ظلا على ما ذكرناه سابقاً حينما دعا سعد بن عبادة الأنصار للاجتماع لاختيار خليفة فوافقوا على اختياره ، ولكن طائفة اعترضت وأشارت إلى موقف المهاجرين ، فمن هي هذه الطائفة ؟ فهل هي جماعة بشير بن سعد الخزرجي ؟
  هذا الموقف من بشير أغتنمه أبو بكر فرصة ودعا لبيعة عمر بن الخطاب أو أبو عبيدة قائلاً : أنا أدعوكم إلى أبي عبيدة وعمر ، فكلاهما قد رضيتهما لهذا الأمر ، وكلاهما أراه لها أهلاً( 57 ) وفي رواية أنه قال : وقد عرفتم بلاء ابن الخطاب في الإسلام وقدمه، هلم فلنبايعه( 58 ).
  لكن عمرا وأبا عبيده امتنعا ودعيا إلى بيعة أبي بكر ، وقد أوضحت عدة روايات أوردها الجوهري أسباب اختيارهم لأبي بكر ، ففي رواية أنهما قالا : والله لا نتولى هذا الأمر عليك ، وأنت أفضل المهاجرين ، وثاني اثنين ، وخليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الصلاة ، والصلاة أفضل الدين ، ابسط يدك نبايعك( 59 ) .
  وفي رواية ثانية أن عمرا قال : من له هذه الثلاث : ثاني اثنين إذ هما في الغار ، من هما ؟ إذ يقول لصاحبه لا تحزن ، من صاحبه ، إن الله معنا ، مع من( 60 )؟
  وفي رواية ثالثة أن عمرا رد عليه قائلا : بل إياك نبايع( 61 ) ، و في رواية رابعة أن عمرا قال : أيها الناس أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الصلاة ، رضيك الله لديننا ، أفلا نرضاك لدنيانا( 62 ) .
  إذن فالميزات التي لأجلها رشح عمر وأبو عبيدة أبا بكر للخلافة تكمن في :
1 ـ أنه أفضل المهاجرين .
2 ـ أنه صاحب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الغار .
3 ـ أنه من أم المسلمين بالصلاة في مرض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  لنقف عند هذه الميزات ونناقشها :
الميزة الأولى:
أنه أفضل المهاجرين ، هذه المسألة هي مسألة خلافية ظهرت بين المتكلمين مؤخراً ، وكلٌ له رأي في ذلك ، ولم نجد حتى من فضل أبا بكر يستشهد بقول عمر هذا ، ثم من أين جاءت أفضلية أبو بكر ، وهو بالأمس والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ساعاته الأخيرة لا يقول بالأفضلية ويضعه ضمن الجيش وتحت إمرة غلام في الثامنة عشرة من العمر ، وقد شمله دعاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بلعن من تخلف عن جيش أسامة ، ثم أن أبا بكر لم يكن أول من أسلم ، ففي رواية أنه أسلم بعد خمسين رجلاً( 63 ) ، وليس له من الفضل في الجهاد فلم نقرأ بأنه بارز رجلا أو قتل رجلا ، حيث كان في العريش بجانب الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم بدر ، و في أحد لم يثبت في المعركة ، وأحجم يوم الخندق عن مبارزة عمرو بن عبد ود العامري .
  أما عن علومه فلا يعدونه من حفظة القرآن ولا من مفسريه ولا من الفقهاء، وكثير من الروايات التي قيلت في فضله هي من الموضوعات .
الميزة الثانية :
أنه صاحب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الغار .
  هذه الفضيلة من المختلقات التي اختلقت مقابل فضيلة مبيت الإمام علي ( عليه السلام ) في فراش النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليلة الهجرة( 64 ) ، وحتى إن صحت فليس لها من الفضل شيء( 65 ) .
الميزة الثالثة :
صلاته بالمسلمين في مرض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  إن إمامة الصلاة عند أصحاب هذا الرأي يمكن أن يقوم بها البر والفاجر( 66 ) ، كما روي ذلك عن أبي هريرة( 67 ) ، فقد كان الواقع فرض عليه أن يصلوا وراء معاوية وزياد والحجاج وغيرهم ، فلا فضل لأبي بكر إن صحت إمامته للصلاة .
  ثم يلاحظ كيف تسنى لأبي بكر الصلاة في المسلمين وبأمر من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد رأينا أن أبا بكر كان من ضمن الجيش الخارج لحرب الروم بقيادة أسامة بن زيد ، وأن الجيش تحرك حتى وصل الجرف ونزل بها وهنا وصل نبأ وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فدخل أسامة اللواء إلى المدينة وإذا ما قلنا بصحة وقوع إمامة أبي بكر للصلاة بالمسلمين فهذا يعني مخالفة لأوامر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي لعن من يتخلف عن جيش أسامة .
  ثم لننظر في سند هذه الروايات لنرى إلى أي مدى صحتها ؟ أم أن هذه الحجج التي نسبت لعمر وأبي عبيدة هي الحجج التي قيلت فيما بعد بين الفرق الكلامية ، و أرادوا إعطاءها بعض القدسية بنسبتها لعمر وأبي عبيدة .
  على أية حال فإن عمر وأبا عبيدة لما دعيا لبيعة أبي بكر فقد سارع كل من عمر وبشير بن سعد الخزرجي لبيعة أبي بكر حتى اختلطت أيديهما بيد أبي بكر ، وعندها نادى الحباب بشير بن سعد : يا بشير عقك عقاق ، والله ما أضطرك إلى هذا الأمر إلا الحسد لابن عمك( 68 ).
  ولما رأى أسيد بن حضير زعيم الأوس أن واحدا من زعماء الخزرج قد بايع لأبي بكر ، سارع هو الآخر لبيعة أبي بكر خوفا من أن تنال الخزرج الخلافة ، و لما بايع أسيد زعيم الأوس ، قام الأوس وبايعوا لأبي بكر( 69 ) .
  والظاهر أن بيعة أبي بكر في السقيفة جرت وسط أجواء من العنف ، حيث إن عمرا نفذ ما توعد به ، حيث تشير الرواية أن الناس وطئت سعدا ، وقد نادى عمر : قتل الله سعدا ، ثم حمل سعد إلى منزله وهو مريض( 70 ) ، ولم يعلم بالضبط هل كان سعد مريضا قبل يوم السقيفة أم أن هذا المرض لحقه بسبب أحداث السقيفة ؟
  والشيء نفسه حصل للحباب بن المنذر حيث" أخذ وطيء في بطنه و دسوا فيه التراب( 71 ) وهنا تمت البيعة لأبي بكر من قبل :
1 ـ أتباع أبي بكر والذين لا يعرف عددهم بالضبط .
2 ـ قبيلة الأوس .
3 ـ أتباع بشير بن سعد الخزرجي من الخزرج .
  وبعد أن تمت البيعة في السقيفة من قبل من ذكرنا خرجوا إلى المسجد لإكمال البيعة من قبل الآخرين ، يصف البراء بن عازب( 72 ) حركتهم تلك قائلا : وإذا أنا بأبي بكر قد اقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه ، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه ، شاء ذلك أو أبى( 73 ) .
  وفي رواية : أن عمرا كان يومئذ محتجزا يهرول بين يدي أبي بكر ويقول : ألا أن الناس قد بايعوا أبا بكر( 74 ) .
  وتشير رواية إن بني أمية اجتمعت على عثمان بن عفان ، وبنو زهره على سعد بن ابي وقاص و عبد الرحمن بن عوف ، فاقبل عمر عليهم ومعه أبوعبيدة ، فقال : مالي أراكم ملتاثين، قوموا فبايعوا أبى بكر ، فقد بايع له الناس ، وبايعه الأنصار ، فقاموا جميعا وبايعوا لأبي بكر( 75 ) .
  هنا نلاحظ الدور الواضح لعمر بن الخطاب في تثبيت خلافة أبو بكر سواء في السقيفة أو بعدها حتى أدى الأمر لاستخدام القوة .
  ثم دخل أبو بكر المسجد وألقى خطبة جاء فيها :
  أما بعد ، فإني وليتكم ولست بخيركم ، ولكنه نزل القرآن ، وسنت السنن ، وعلمنا فتعلمنا إن أكيس الكيس التقى ، وأحمق الحمق الفجور ، وأقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له الحق ، وأضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق ، أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع ، إذا أحسنت فأعينوني ، وإذا زغت فقوموني( 76 ) .
  وقد روى الجوهري رواية فيها تدعيم لبيعة أبي بكر وإعطاءها بعض المشروعية حيث روى عن أحمد بن عبدالجبار العطار دي ، عن أبي بكر بن عياش عن زيد بن عبدالله ، قال : أن الله تعالى نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد عليه الصلاة والسلام ، خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه ، وإبتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب الأمم بعد قلبه ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون عن دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأى المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ .
  قال أبو بكر بن عياش : وقد رأى المسلمون أو يولوا أبا بكر بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكانت ولايته حسنة( 77 ) .
  يلاحظ على النص التالي :
1 ـ من هو زيد بن عبدالله حتى يعطي هذه الأحكام ؟ وأي أمم هذه التي نظر الله إلى قلوبها ؟
2 ـ هل جميع أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قلوبهم خير قلوب العباد ؟ فهل هذا يشمل محاربي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، من الطلقاء والمؤلفة قلوبهم ، ومن ارتد عن الإسلام من الصحابة ، ومن تقاتل فيما بينهم ؟
3 ـ هل أن أحكام الله تتبع أحكام المسلمين أم بالعكس ؟
4 ـ هل أن المسلمين بالإجماع قد اتفقوا على بيعة أبا بكر ؟
  إن استقراء روايات الجوهري توضح أن بيعة أبي بكر واجهت رفضا من عدة شخصيات سواء من قريش أو الأنصار .
  فمن قريش : الإمام علي ( عليه السلام ) والسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) ، والعباس بن عبد المطلب وأولاده وجمهور الهاشميين ، والزبير بن العوام الذي كان يعد نفسه من بني هاشم والمقداد وعمار وسعد بن أبي وقاص وأبو سفيان وخالد بن سعيد بن العاص ، ويضاف لهؤلاء سلمان المحمدي وأبي ذر( 78 ).
  أما من الأنصار، فسعد بن عبادة، والحباب بن المنذر وعبادة بن الصامت والهيثم بن التيهان والبراء بن عازب وأبي بن كعب( 79 ).
  ولنأت الآن لمواقف الرافضين لبيعة أبي بكر حسب ما أوردته روايات الجوهري وموقف أبو بكر وأتباعه منهم .
  ولنبدأ بالأنصار الذين يأتي في مقدمتهم سعد بن عبادة الخزرجي زعيم قبيلة الخزرج الذي دعا الأنصار لينظروا في مسألة الحكم بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكان أن رشحه الأنصار لتولي الحكم ، ولما علم أبو بكر وأتباعه دخلوا مع سعد والأنصار بجدال انتهى ببيعة أبو بكر كما لاحظنا ، والظاهر أنه تعرض لمحاولة اغتيال يوم السقيفة إذ قال عمر : أقتلوا سعدا قتله الله( 80 ) .
  وربما كان لذلك أثر في وقوعه في المرض، فحمل إلى منزله، واستمر رافضا بيعة أبو بكر ومن بعده عمر، وقد أراد عمر استخدام القوة معه، فأشير عليه أن لا يفعل ، فأنه لا يبايع حتى يقتل ، وأنه لا يقتل حتى يقتل أهله ، ولا يقتل أهله حتى يقتل الخزرج ، وإن حوربت الخرج كانت الأوس معها( 81 ).
  كان سعد لا يصلي بصلاتهم ، ولا يجتمع معهم ، ولا يقضي بقضائهم ، ولو وجد أعوانا لقاتلهم ، ولم يزل كذلك حتى وفاة أبي بكر وتولي عمر ، الذي ربما أكرهه على ترك المدينة فيروى أن عمر أتى سعدا ، فقال عمر : هيهات يا سعد ، فقال سعد : هيهات يا عمر ، فقال عمر : أنت صاحب من أنت صاحبه ، قال سعد : نعم أنا ذاك ، والله ما جاورني أحد هو أبغض إلي جوارا منك ، فقال عمر : فإنه من كره جوار رجل انتقل عنه .
  فقال سعد : إني لأرجو أن أخلها لك عاجلا إلى جوار من أحب إلى جوارا فضل منك ومن أصحابك ، فلم يلبث سعد بعد ذلك إلا قليلا حتى خرج إلى الشام فمات بحوران( 82 ) ، ولم يبايع لأحد لا لأبي بكرو لا لعمر ولا لغيرهما( 83 ).
  وهنا نتساءل : هل يعقل أن يترك سعد بن عبادة بلدته وأهله وعشيرته ويرتحل إلى الشام ؟ ثم هل كان رحيله لوحده أم مع عائلته ؟ وما هو موقف عشيرته فهو ليس بشخص عادي بل هو زعيم الخزرج ؟
  وألقيت تبعة قتله على الجن، ولقد أستهزئ ابن أبي الحديد بدعوى قتل الجن لسعد قائلا : لا أعتقد أن الجن قتلت سعدا، ولا أن هذا شعر الجن( 84 ) ، ولا أرتاب أن البشر قتلوه وأن هذا الشعر شعر البشر ، ولكن لم يثبت عندي أن أبا بكر أمر خالداً ، ولا أستبعد إن يكون فعله من تلقاء نفسه ليرضي بذلك أبو بكر ـ وحاشاه ـ فيكون الإثم على خالد، وأبو بكر بريء من إثمه ، وما ذلك من أفعال خالد ببعيد( 85 ) .
  ومن الأنصار أيضا كان الحباب بن المنذر قد اتخذ موقفا متشددا من بيعة أبي بكر قبل وبعد البيعة ، حيث لاحظنا جداله مع أبي بكر وعمر وأنه دعا إلى حكومة مشاركة بين قريش والأنصار ، وقد تمكن من الوقوف وتفنيد حجج أبو بكر وأتباعه ولكن موقف بشير بن سعد الخزرجى أدى لرجحان كفة أبي بكر وأتباعه .
  والظاهر أنه جرت محاولة لاغتياله يوم السقيفة حيث أخذ و وطيء في بطنه و دس فيه التراب( 86 ).
  وذكر الجوهري استنادا إلى رواية البراء بن عازب عدد من الأنصار الذين رفضوا بيعة أبو بكر و كانوا يريدون إعادة الأمر شورى ، حيث قال البراء : " ورأيت في الليل المقداد وسلمان وأبا ذر ، وعبادة بن الصامت ، وأبا الهيثم بن التيهان ، وحذيفة بن اليمان وعمارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى ".
  فلما كان بليل خرجت إلى المسجد ، فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلى الفضاء فضاء بني قضاعة ، وأجد نفراً يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا ، فانصرفت عنهم ، فعرفوني وما أعرفهم فدعوني إليهم فأثبتهم فأجد المقداد بن الأسود ، وعبادة بن الصامت وسلمان الفارسي ، وأبا ذر وحذيفة وأبا الهيثم بن التيهان ، وإذا حذيفة يقول لهم ، والله ليكونن ما أخبرتكم به ، والله ما كذبت ولا كذبت ، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين .
  ثم قال : ائتوا أبي بن كعب فقد علم كما علمت ، قال : فانطلقنا إلى أبي بن كعب فضربنا عليه بابه حتى صار خلف الباب ، فقال : من أنتم ؟ فكلمه المقداد فقال : ما حاجتكم ؟ فقال له : افتح عليك بابك ، فإن الأمر أعظم من أن يجري من وراء حجاب ، قال : ما أنا بفاتح بابي ، وقد عرفت ما جئتم به ، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد ؟ فقلنا : نعم ، فقال : أفيكم حذيفة ؟ فقلنا : نعم ، قال : فالقول ما قال ، وبالله ما افتح عني بابي حتى تجري علي ما هي جاريه ، ولما يكون بعدها شر منها ، وإلى الله المشتكي( 87 ).
  النص أعلاه يشير لوجود أتفاق ضم مجموعة من المهاجرين والأنصار لإلغاء حكومة أبو بكر وإعادة الأمر شورى ، فمن المهاجرين عمار والمقداد و يضاف لهما سلمان وأبو ذر ، أما من الأنصار فعبادة بن الصامت ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وحذيفة بن اليمان ، وأبي بن كعب والبراء بن عازب .
  وأشار الجوهري إلى رفض إحدى نساء الأنصار لبيعة أبي بكر إذ روى قائلا : أخبرنا أحمد بن أسحق بن صالح ، قال : حدثنا عبدالله بن عمر ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد قال : لما اجتمع الناس على أبي بكر قسم قسما بين نساء المهاجرين والأنصار ، فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت ، فقالت : ما هذا ؟ قال : قسم قسمة أبو بكر للنساء ، قالت : أتراشونني عن ديني ، والله لا أقبل منه شيئاً ، فردته عليه( 88 ) .
  ومن الرافضين لبيعة أبي بكر من غير الأنصار كان سلمان الفارسي إذ رأينا أنه كان ضمن عدد من المهاجرين والأنصار الذين كانت لديهم الرغبة بإلغاء حكومة أبي بكر وإعادة الأمر شورى( 89 ) .
  ويروى أنه قال لما بويع أبا بكر : أصبتم الخبرة ، وأخطأتم المعدن( 90 ).
  وفي رواية أنه قال : أصبتم ذا السن منكم ، ولكنكم أخطأتم أهل بيت نبيكم ، أما لو جعلتموها فيكم ما أختلف منكم اثنان ، ولأكلتموها رغداً( 91 ).
  وكان أبو ذر أيضاً ممن رفض خلافة أبي بكر ، فكان ممن رغب بإلغائها وإعادة الأمر شورى( 92 ) ، وقيل أنه كان غائبا فلما جاء فوجئ ببيعة أبي بكر ، فقال : أصبتم قناعة ، وتركتم قرابة ، لو جعلتم هذا الامرفي أهل بيت نبيكم لما اختلف عليكم اثنان( 93 ).
  وكان عمارا ممن أراد إلغاء خلافة أبو بكر وإعادة الأمر شورى( 94 ).
  أما من بني أمية فقد أشارت روايات الجوهري إلى شخصين رفضا بيعة أبي بكر وهما أبو سفيان بن حرب وخالد بن سعيد بن العاص .
  فأما أبو سفيان فيروى انه كان غائبا حينما تمت بيعة أبو بكر في سعاية لجمع الصدقات فلما عاد رفض بيعة أبو بكر قائلا : أبو فصيل ، فما فعل المستضعفان علي العباس ، أما والذي نفسي بيده لافعن لهما من اعضادهما( 95 ) .
  ثم أخذ يهدد باستخدام القوة واراقة الدماء قائلا : أني لأرى عجاجة لا يطفأ ها إلا الدم( 96 ) .
  والظاهر انه اتصل بالعباس بن عبد المطلب واتفقا على مبايعة الإمام علي (عليه السلام) ، إلا أن الإمام أدرك نوايا أبو سفيان المعادية للإسلام فقال له : طالما غششت الإسلام وأهله فما ضررته شيئا لا حاجة لنا إلى خيلك ورجلك ، لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه( 97 ) .
  يلاحظ على النص أن الإمام أدرك نوايا أبو سفيان وأنه يتصيد بالماء العكر ويريد أن يخلق فتنة ، ومما يؤكد ذلك أن أبا سفيان استمر على عدائه وإلحاده ، كما أشارت لذلك روايات الجوهري ، ففي رواية أنه لما تولى عثمان الخلافة قال أبو سفيان له : بأبي أنت أنفق ولا تكن كأبي حجر ، وتداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة ، فوالله ما من جنة ولا نار( 98 ) .
  ويروى أنه قال لما بويع عثمان : كان هذا الأمر في تيم ، وأنى لتيم هذا الأمر ثم صار إلى عدي فأبعد وأبعد ، ثم رجعت إلى منازلها واستقر الأمر قراره ، فتلقفوها تلقف الكرة( 99 ) .
  ولكن هل حقا قال الإمام علي (عليه السلام) : لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه ؟!!.
  إن استقراء الحوادث التي تلت وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والتي تدلل على رفض الإمام لبيعة أبو بكر رغم استخدام العنف والقوة بحق الإمام ـ كما سنلاحظ ـ ، مضافا لذلك إن معرفة حقيقة الإمام باعتباره ولي الأمر بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) استنادا إلى الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة كلها تنفي ذلك .
  ثم إذا نظرنا في سند الرواية سيتضح لنا أنه بالإمكان الزيادة فيها والتحريف ، ولمعالجة موقف أبو سفيان فإن حكومة أبا بكر ارتأت أن لا تطالب أبا سفيان بأموال الصدقات التي جمعها فكان أن هدأ وبايع( 100 ).
  أما بالنسبة إلى خالد بن سعيد بن العاص فكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرسله إلى اليمن وبعد وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عاد إلى المدينة فرفض بيعة أبو بكر سنة كاملة ، ولم يبايع إلا بعد أن بويع بني هاشم ، إذ جاء إليهم فقال : أنتم الظهر والبطن والشعار دون الدثار ، والعصا دون اللحا ، فإذا رضيتم رضينا، وإذا سخطتم سخطنا، حدثوني إن كنتم قد بايعتم هذا الرجل ، قالوا : نعم ، قال : على برد ورضا من جماعتكم ؟ قالوا : نعم ، قال : فأنا أرضى وأبايع إذا بايعتم ، أما والله يا بني هاشم إنكم الطوال الشجر الطيب الثمر( 101 ).
  ويقال أنه مضت سنة ولم يبايع ثم مر به أبو بكر وهو جالس على باب داره فبايعه( 102 ) ، وتشير إحدى الروايات أن أبا بكر لم يتحامل على خالد بن سعيد ، وأراد توليته على جند الشام إلا أن عمر كان قد إضطغنها في نفسه على خالد ولما أراد أبو بكر توليته قال له : أتولي خالدا وقد حبس عليك بيعته ، وقال لبني هاشم ما قال ؟ وقد جاء بورق من اليمن وعبيد وحبشان ودروع ورماح ، ما أرى أن توليه ، وما آمن خلافه ، فعندها ولى أبو بكر أبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة ، ولم يول خالد بن سعيد( 103 ).
  أما بنو هاشم فكان موقفهم بالإجماع هو الرفض لبيعة أبو بكر ويأتي في مقدمتهم الإمام علي ( عليه السلام ) والسيدة الزهراء ( عليها السلام ) ، والعباس بن عبدالمطلب وأولاده ويضاف لهم الزبير بن العوام الذي يعد نفسه واحدا منهم ، وقد اتخذوا من بيت الإمام علي ( عليه السلام ) مكانا لتداول الرأي .
  فبالنسبة إلى العباس بن عبدالمطلب أشارت روايات الجوهري إلى أنه كان يطلب من الإمام علي ( عليه السلام ) أن يسأل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الأمر من بعده لمن ؟ لأنه كان يخشى ضياع الأمر من أيديهم ، وكأنه كان يتنبأ لذلك حتى حصل فعلا( 104 ).
  والظاهر أنه أيد أبو سفيان بدعوة الأخير لبيعة الإمام علي ( عليه السلام ) أو العباس( 105 ) ، إلا أن الإمام رفض اقتراح أبو سفيان ـ كما لاحظنا ـ لعدم ثقته بأبي سفيان( 106 ) .
  والملاحظ أن مكانة العباس بصفته عم النبي (صلى الله عليه وآله) وكبير بني هاشم ، ودعوة أبو سفيان لبيعته أو لبيعة الإمام ، كان لها الأثر الأكبر في رفضه بيعة أبو بكر ، لذا أجتمع كل من أبي بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة بن شعبة لتداول الرأي ، فأشار المغيرة : أن تلقوا العباس فتجعلوا له من هذا الأمر نصيبا فيكون له ولعقبه ، فتقطعوا به من ناحية علي ، ويكون لكم حجة عند الناس على علي ، إذا مال معكم العباس( 107 ) .
  وفعلا ذهبوا والتقوا به فتكلم أولا أبو بكر قائلا : إن الله إبتعث لكم محمدا (صلى الله عليه وآله) نبيا ، وللمؤمنين وليا ، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم ، حتى أختار له ما عنده ، فخلى على الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم ، متفقين غير مختلفين فاختاروني عليهم واليا ، ولأمورهم راعيا ، فتوليت ذلك ، وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا ، ولا حيرة ولا جبنا ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، وما أنفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف قول عامة المسلمين ، يتخذ لكم لجأ فتكونوا حصنه المنيع ، وخطبه البديع ، فأما دخلتم فيما دخل فيه الناس أو صرفتموهم عما مالوا إليه ، فقد جئناك ، ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ولمن بعدك من عقبك ، إذ كنت عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإن كان المسلمين قد رأوا مكانك من رسول (صلى الله عليه وآله) ، ومكان أهلك ، ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم ، وعلى رسلكم بني هاشم ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) منا ومنكم( 108 ) .
  نلاحظ أن أبا بكر قد ركز على جملة أمور :
1 ـ إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ترك مسألة نظام الحكم من بعده للأمة .
2 ـ إن المسلمين اتفقوا على اختيار أبي بكر بالاختيار .
3 ـ إنه غير خائف من أحد، ولا عاجز عن القيام بالحكم .
4 ـ أوضح أن من يرفض خلافته يتخذ من العباس حصنا له .
5 ـ دعا العباس للبيعة له، أو صرف هؤلاء الرافضين للبيعة عنه .
6 ـ إغراء العباس بأن يجعلوا له نصيبا من الأمر يكون له ولذريته من بعده، على اعتبار أنه عم النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
7 ـ أن المسلمين كانوا يعلمون بمكانة العباس ومع ذلك رفضوا بيعته و بايعوا لأبي بكر .
8 ـ ختم كلامه بأن على بني هاشم أن يعلموا بان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس حكرا عليهم ، فهو أيضا من قريش .
  ثم تكلم عمر بكل خشونة وأخذ يوعد ويهدد قائلا : أي والله ، وأخرى أنا لم نأتكم حاجة إليكم ، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما أجتمع عليه المسلمون منكم ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم فانظروا لأنفسكم وعامتهم( 109 ) .
  يوضح عمر أن مجيئهم ليس حاجة للعباس وإنما كراهية أن يكون الطعن في إجماع المسلمين على بيعة أبي بكر يكون من قبل العباس ، ثم أغرى العباس وهدده بنفس الوقت قائلا : فانظروا لأنفسكم وعامتهم .
  وهنا تكلم العباس قائلا : إن الله إبتعث محمدا نبيا كما وصفت ، ووليا للمؤمنين ، فمن الله به على أمته حتى أختار له ماعنده ، فخلى الناس على أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق مائلين عن زيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم ، وما تقدمنا في أمركم فرطا ، ولا حللنا وسطا ، ولا نزحنا شطحا ، فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنا كارهين ، وما أبعد قولك أنهم طعنوا ، من قولك أنهم مالوا إليك ، وإما ما بذلت لنا فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك ، وإن يكن حق المؤمنين ، فليس لك أن تحكم فيه ، وإن يكن حقنا لم نرض لك ببعضه دون بعض ، وما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه ، ولكن للحجة نصيبها من البيان ، وإما قولك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) منا ومنكم ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها ، وإما قولك يا عمر إنك تخاف الناس علينا ، فهذا الذي قدمتموه أول ذلك ، وبالله المستعان( 110 ) .
  يفهم من النص أعلاه :
1 ـ إن العباس يرى أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مات دون أن يوصي لأحد.
2 ـ رد على أدعاء أبو بكر بأنه إن كان أخذ حقه بالنبي (صلى الله عليه وآله) فهذا الحق لبني هاشم لأنهم الأقرب ، أما إذا أخذ بالمؤمنين (الانتخاب) ، فأكد العباس أنه من ضمن المؤمنين وهو رافض لبيعته ، إذن فبيعة أبي بكر لم تتم بالإجماع .
3 ـ رد العباس على قول أبي بكر وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومكان أهلك ، ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم بأنهم بيت النبي (صلى الله عليه وآله ) ولم يسجل عليهم أي مواقف سلبية تدعوا المسلمين لتركهم .
4 ـ أكد العباس أن بيعة أبي بكر لم تتم بالإجماع استنادا إلى اعتراف أبي بكر نفسه إذ قال العباس له : وما أبعد قولك أنهم ظنوا ، من قولك : أنهم مالوا إليك .
5 ـ أما بالنسبة للإغراء الذي قدمه أبو بكر للعباس فرد العباس إن كان هذا حق لأبي بكر فليأخذه لنفسه ، و إن كان حق للمؤمنين فليس لأبي بكر أن يحكم فيه ويعطي منه للعباس ، وإن كان حق للعباس ، فإن العباس يريده بأكمله لا بعضه .
6 ـ ثم تراخى العباس قليلا ، إن قصده من هذا الكلام ليس الرد على خلافته وصرف الأمر عنه ولكنه للجدال والحجاج وكأنه استجاب لهم .
7 ـ وعلى حجة أبي بكر بأن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منا و منكم ، قال العباس : إنهم الأقرب للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منهم .
8 ـ ورد على تخوف عمر عليهم من الناس بأن ما قام به أبو بكر وأتباعه أول ذلك .
  الملاحظ إن أبا بكر وأتباعه نجحوا في تحييد العباس إذ لا نجد له حضور في الهجوم الذي شنه عمر بن الخطاب على بيت الإمام ، و المعلوم أن تحييد العباس يعني تحييدأكثر بني هاشم .
  لقد أصبح بيت الإمام مكانا لرافضي بيعة أبو بكر ، وهنا بدأت توجهات حكومة أبي بكر لاستخدام القوة ضد الإمام علي ( عليه السلام ) ، حيث كانوا عاقدي العزم على أخذ البيعة من الإمام حتى لو استدعى الأمر قتله ( عليه السلام ) .
  ونلاحظ أن الإمام ( عليه السلام ) بعد رفضه لبيعة أبو بكر أخذ يعمل على استعادة حقه لذلك توجه نحو الأنصار ، حيث روى الإمام الباقر ( عليه السلام ) : أن الإمام علي ( عليه السلام ) حمل فاطمة على حمار ليلا وسار بها إلى بيوت الأنصار مبديا لهم وجهة نظره في أنه الأحق بخلافة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكانت فاطمة ( عليه السلام ) تؤكد للأنصار صحة ذلك وتطالبهم بنصرته ( عليه السلام ) .
  لكن رد الأنصار كان سلبيا إذ قالوا : يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به( 111 ).
  إلا أن الإمام ( عليه السلام ) كانت له وجهة نظر في عدم حضوره للسقيفة حيث قال للأنصار : أكنت أترك رسول الله ميتا في بيته لا أجهزه ، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه( 112 ) .
  فهل هذا يعني أن الإمام كان لديه علم بأحداث السقيفة ، ولكن الموقف المسؤول تجاه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حال دون ذهابه للسقيفة ؟!!.
  وقد أيدت فاطمة ( عليه السلام ) موقف الإمام قائلة : ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له ، وصنعوا هم ما الله حسيبهم عليه( 113 ) .
  إن نظرة في موقف الأنصار أعلاه من الإمام ( عليه السلام ) يفصح عن تجاهلهم لوصية النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للإمام ( عليه السلام ) ، فهل هذا يعني تزييف في الروايات أعلاه ، وأن الروايات جاءت حتى تنفي ما يشار لوصية النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للإمام ( عليه السلام ) على لسان الأنصار ؟ أم إن الأنصار لم يفهموا من الوصية هذا المعنى ؟ أم أنهم كان لهم جواب آخر لم توضحه الروايات ؟
  وأشارت إحدى روايات الجوهري للسبب الذي دعا الإمام لطلب نصرة الأنصار حيث روي الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) عن أبيه الحسين ( عليه السلام )عن أبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : كنت مع الأنصار لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على السمع والطاعة له في المحبوب والمكروه ، فلما عز الإسلام وكثر أهله ، قال: يا علي زد فيها : على أن تمنعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم ، قال : فحملها منا على ظهور القوم ، فوفى بها من وفي، وهلك من هلك( 114 ).
  إذن فطبقا للعقد و العهد الذي بين النبي (صلى الله عليه وآله) والأنصار في أن يحموا ويمنعوا النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته مما يحمون أنفسهم وبيوتهم، لذا نجد بعض الأنصار قد استجاب لذلك ووقف مع الإمام (عليه السلام) رافضا بيعة أبي بكر أما القسم الأكبر فلم يف بذلك وأنما قسم ساند سعد بن عبادة وقسم مال لأبي بكر .
  لما نجح أبو بكر وأتباعه من تحييد الأنصار والعباس عن الإمام ( عليه السلام ) لم يبق الإمام إلا في عدد قليل منهم المقداد والزبير وبعض بني هاشم وهؤلاء اتخذوا من بيت الإمام مكانا للاجتماع وتداول الرأي .
  هنا اتخذت حكومة أبو بكر قرارا بمهاجمة بيت الإمام عليه السلام ، ويتضح من روايات الجوهري انه كان هناك هجومان على بيت الإمام عليه السلام :
  الهجوم الأول : كان بقيادة عمر بن الخطاب والذي ضم جماعة من الأنصار ، منهم أسيد بن حضير زعيم الأوس ، وسلمة بن سلامة ، وثابت بن قيس بن شماس ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، وزياد بن لبيد الأنصاري ، أما من المهاجرين فكان معهم عبد الرحمن بن عوف( 115 ).
  تشير رواية الجوهري إن عمرا أحاط ببيت الإمام عليه السلام وهدد بإحراقه قائلا : والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة ، او لأحرقن البيت عليكم( 116 ).
  وفي رواية إن عمرا جاء ليحرق عليهم البيت ، فخرج له الزبير بن العوام بالسيف وحال دون ذلك( 117 ).
  والظاهر إن هذا الهجوم اجبر البعض ممن مع الإمام لبيعة أبو بكر أو على الأقل الانسحاب إلى بيوتهم( 118 ).
  الهجوم الثاني : لما لم يبق مع الإمام سوى الزبير أمر أبو بكر عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد بالهجوم مرة ثانية على بيت الإمام عليه السلام ، وهنا اقتحموا الدار ، فخرج إليهم الزبير بسيفه فاجتمعوا عليه واخذوا سيفه ، وضربوا به الحجر حتى كسروه( 119 ) .
  وقد اختلفت الروايات في من الذي اخذ سيف الزبير هل هو محمد بن مسلمة أم سلمة بن سلامة( 120 ) .
  ثم إنهم اخذوا الإمام والزبير لبيعة أبو بكر ، ولكن كيف وبأي صورة اخذوا الإمام عليه السلام ؟
  لقد أوضحت روايات الجوهري طبيعة ذلك الهجوم على بيت الإمام عليه السلام حيث استخدموا القوة والعنف والتهديد بقتله عليه السلام .
  ففي رواية أبي الأسود : فجاء عمر في عصابة ، منهم أسيد بن حضير ، وسلمة بن سلامة بن وقش ، وهما من بني عبد الأشهل ، فصاحت فاطمة وناشدتهم الله ، فأخذوا سيفي علي والزبير فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما ، ثم اخرجهما عمر يسوقهما( 121 ) .
  وفي رواية الشعبي : قال أبو بكر : يا عمر أين خالد بن الوليد ؟ قال : هو هذا ، فقال: انطلقا اليهما ـ يعني عليا والزبير ـ فأتياني بهما ، فانطلقا فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج ، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف ؟ قال : أعددته لأبايع عليا ، قال : وكان في البت ناس كثير ، منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين ، فأخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البت فكسره ، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ، ثم دفعه فأخرجه ، وقال يا خالد دونك هذا فأمسكه خالد ، وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر ردءا لهما ، ثم دخل عمر فقال لعلي : قم فبايع ، فتلكأ واحتبس ، فاخذ بيده وقال : قم فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير ، ثم امسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا ، وأجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال( 122 ).
  وفي رواية عمر بن شبه : جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار ، ونفر قليل من المهاجرين ، فقال : والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم ، فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف ، فأعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسره ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا حتى بايعوا ابابكر( 123 ).
  اما رواية سعيد بن كثير فجاء فيها : وذهب عمر ومعه عصابة الى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير ، وسلمة بن اسلم ، فقال لهم : انطلقوا فبايعوا ، فأبوا عليه ، وخرج إليهم الزبير بسيفه ، فقال عمر : عليكم الكلب ، فوثب عليه سلمه بن اسلم فاخذ السيف من يده فضرب به الجدار ، ثم انطلقوا به وبعلي ومعهما بني هاشم ، وعلي يقول : أنا عبدالله واخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى انتهوا به إلى أبي بكر ، فقيل له : بايع ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا ابايعكم ، وانتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا إليكم الأمارة ، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، فانصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم ، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ، وإلا فبوؤا بالظلم وانتم تعلمون.
  فقال عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع ، فقال له علي : احلب يا عمر حلبا لك شطره ، أشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا ، ألا والله لا اقبل قولك ولا أبايعه .
  فقال له أبو بكر : فأن لم تبايعني لم أكرهك .
  فقال له أبو عبيدة : ياابا الحسن ، إنك حديث السن ، وهؤلاء مشيخة قريش قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ، ولا أرى ابابكر إلا أقوى على هذا الأمر منك ، واشد احتمالا له ، واضطلاعا به ، فسلم له الأمر وارض به ، فانك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق ، وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك .
  فقال علي : يا معشر المهاجرين ، الله الله ، لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن ـ أهل البيت ـ أحق بهذا الأمر منكم ، أما كان منا القارىء لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بالسنة ، المضطلع بأمر الرعية ، والله انه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى ، فتزدادوا عن الحق بعدا .
  فقال بشير بن سعد : لو كان هـذا الكلام سمعته منك الأنصـار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ، ما أختلف عليك اثنان ، ولكنهم قد بايعوا .
  وأنصرف علي إلى منزله ، ولم يبايع ، ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع( 124 ).
  وقبل الوقوف عند هذا النص لنرى ماذا كان موقف الزهراء حسب روايات الجوهري .
  تشير روايات الجوهري إن الزهراء عليها السلام كشفت عن نوايا القوم وخططهم ضد البيت النبوي ، إذ جاء في رواية أبي الأسود أنهم لما اقتحموا البيت " فصاحت فاطمة وناشدتهم الله( 125 )" ، وفي رواية سلمة بن عبد الرحمن : وخرجت فاطمة عليها السلام تبكي وتصيح ، فنهنهت من الناس( 126 ) .
  أما رواية الشعبي فأفصحت أن الزهراء أبانت عن نوايا القوم ، إذ جاء في الرواية : ورأت فاطمة ماصنع بهما ـ الأمام والزبير ـ فقامت على باب الحجرة ، وقالت : يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ، والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله( 127 ).
  وفي رواية أخرى : ورأت فاطمة ماصنع عمر فصرخت وولولت ، وأجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهما ، فخرجت إلى باب حجرتها ، ونادت يا ابابكر ما أسرع ما اغرتم على أهل بيت رسول الله ، والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله( 128 ) .
  والذي يمكن أن نستخلصه من كل مامر :
1 ـ عزم أبو بكر وأتباعه على أخذ البيعة من الإمام بأي صورة .
2 ـ إن أبا بكر وحكومته قاموا بهجومين على بيت الإمام عليه السلام بقيادة عمر بن الخطاب أستهدف الأول صـرف الناس عن الإمام علي ( عليه السلام ) ، أما الثانـي فأستهدف أخذ البيعة من الإمام عليه السلام إلا أن الإمام لم يبايع .
3 ـ من ضمن الأساليب التي استخدمتها حكومة ابوبكر هو التهديد بإحراق بيت الإمام ، وفي رواية أنه أراد إحراق البيت فعلا .
4 ـ أكدت رواية الجوهري ان دخولهم لبيت الإمام عليه السلام كان بلا استئذان حيث جاء في رواية ابي الأسود : فجاء عمر في عصابة ، فيهم أسيد بن حضير ، وسلمة بن سلامة بن وقش ، وهما من بني عبد الأشهل ، فاقتحموا الدار .
  إن إمعان النظر في العديد من الآيات القرآنية والسيرة العملية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تشير إن لهذا البيت مكانة مقدسة ، ألا أنه مع الأسف انتهكت حرمة هذا البيت بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مباشرة .
5 ـ إن الهجوم على بيت الإمام ( عليه السلام ) ضم العديد من المهاجرين والأنصار .
6 ـ إن طبيعة الهجوم كانت في غاية العنف والقوة ، حيث ساقوا الإمام سوقا عنيفا ، وكان ذلك بمرأى من الناس حيث امتلأت شوارع المدينة بالرجال كما أتضح من الروايات أعلاه .
7 ـ دخل الإمام مع حكومة أبي بكر بجدال أثبت فيه أحقيته بالأمر منهم ، حيث أكد على أسبقيته للإسلام بقوله : أنا عبدالله ، وهي أشارة إلى أنه أول من عبدالله (سبحانه وتعالى) ، وقوله : وأخو رسوله ، أشارت إلى حديث المؤاخاة ، وهي الأخوة العقائدية أي أنه نظير رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إلى غيرها من الحجج ، ولكن هذه الحجج لم تلق سوى عدم الاكتراث لأن القوم اتو به للبيعة وليس للجدال ، كما جاء في قول عمر للإمام ( عليه السلام ) : إنك لست متروكا حتى تبايع .
  ونلاحظ في جدال أبو عبيدة أنه يجعل كبر السن هو المقياس في تولي الحكم مع الاعتراف بفضل الإمام وسابقته وجهاده وقرابته ، لقد رفض الإمام كل حجج حكومة ابوبكر واعتبر ما قاموا به هو بعد عن الحق .
8 ـ إن الحجج التي طرحها الإمام ( عليه السلام ) نالت استحسانا من لدن أحد زعماء الخزرج الموالين لأبي بكر وهو بشير بن سعيد ، ولكن يا ترى ما تفسير هذا الموقف من بشير هل هو محاولة للتخفيف من حدة موقف الإمام ( عليه السلام ) ؟ أم أنه كان صادقا بقوله لأن هدفه من بيعة أبو بكر هو الحسد لسعد بن عبادة ، فلو أن الإمام كان حاضرا يوم السقيفة لكانت حجته أقوى من حجة أبي بكر ولمال إليه الأنصار ، حيث نلاحظ اقتناع الجميع به ولكن عذرهم أنهم قد بايعوا لأبي بكر .
9 ـ إن الأمام لم يبايع ولزم بيته و أخد يجمع القرآن حتى ماتت فاطمة ( عليها السلام ) .
10 ـ هذا الموقف تجاه البيت النبوي لاقى استنكارا شديدا من قبل خالة أبي بكر وتسمى أم مسطح حيث لما اشتد ابوبكر وعمر على الإمام ، خرجت أم مسطح بن أثاثه فوقفت عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالت :
كـانت أمـور وأنـباء iiوهنبثة    لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
        إنـا  فقدناك فقد الأرض iiوابلها    واختل قومك فأشهدهم ولا iiتغب ( 129 )
 لقد وصف الأمام (عليه السلام) أحداث السقيفة متمثلا بالقول :
  وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا     ويـطغون  لما قال زيد iiغوائله(130)
  وأكد ( عليه السلام ) على غدر القوم به بما قاموا يوم السقيفة إذ روى حبيب بن ثعلبة أنه سمع الأمام يقول : (( أما ورب السماء والأرض ، ثلاثا أنه لعهد النبي ألأمي إلي لتغدرن بك الأمة من بعدي ))( 131 ).
  ولم يقتصر رفض خلافة ابي بكر على الأمام والزهراء ( عليهما السلام ) بل هناك أشارة إلى أن الأمام الحسن بن علي ( عليهما السلام ) قد ذهب لأبي بكر وهو يخطب على منبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال له أنزل عن منبر أبي ، فقال أبو بكر : صدقت والله أنه لمنبر أبيك لا منبر أبي( 132 ) .
  لقد أورد الجوهري عدة روايات تفسر سبب تأخر ألإمام عن بيعة أبو بكر :
  الأولى : قال الجوهري : حدثنا يعقوب عن رجاله ، قال : لما بويع أبو بكر تخلف علي ، فلم يبايع ، فقيل لأبي بكر أنه كره أمارتك فبعث إليه ، وقال : أكرهت أمارتي ؟ قال : لا ، ولكن القرآن ن خشيت أن يزاد فيه ، فحلفت ألا أرتدي رداءا حتى أجمعه كما نزل بناسخه ومنسوخه( 133 ) .
  إن ما يسجل على الرواية :
1 ـ من القائل لأبي بكر أن الأمام ( عليه السلام ) كره أمارته ؟
2 ـ أين هو ألإمام حتى يبعث إليه أبو بكر ؟ فبيت الأمام ملاصق للمسجد ، وهذا القرب لا يستدعي كل ذلك ، فالأمر لا يحتاج إلا إلى دقائق إن كان الأمام راغبا بالبيعة لأبي بكر .
3 ـ إذا كان ألإمام ( عليه السلام ) هو الذي قام بجمع القرآن ، فما فائدة ما قام به أبوبكر من جمع للقرآن( 134 ) تم توحيده على مصحف واحد في أيام عثمان إذا كان الأمام ( عليه السلام ) هو الذي جمعه .
4 ـ إن الرواية مجهولة السند .
الرواية الاولى :

  قال الجوهري : حدثنا أبوسعيد عبدالرحمن بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الحكم ، قال : حدثنا عبدالله بن وهب ، عن ليث بن سعد ، قال : تخلف علي عن بيعة أبي بكر فأُخرج ملببا يمضى به ركضا ً، وهو يقول : معاشر المسلمين ، علام تضرب عنق رجل من المسلمين لم يتخلف لخلاف ، وإنما تخلف لحاجة فمامر بمجلس من المجالس إلا ويقال له : أنطلق فبايع( 135 ) .
  يسجل على الرواية :
1 ـ أنها توضح الكيفية التي أًخذ بها الأمام للبيعة حيث تقول (( أخرج ملبباً يمضي به ركضا )) ، وملببا في اللغة : لبب فلان فلانا أي أخذ بتلابيبه ، أي جمع ثيابه عند صدره ونحره ثم جره ، فهل هكذا كانت الطريقة التي أخذ بها الأمام ؟!
2 ـ إن الأمام فهم من ذلك أنه ستضرب عنقه إن لم يبايع ، لذا فهو يستعطف الذين أخذوه وناشد المسلمين بأنه لم يتأخر مخالفا لأبي بكر وإنما لحاجة أخرته عن البيعة !! إذن ما هذه الحاجة ؟ فإن كانت وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث أخذ على عاتقه تكفينه وغسله ودفنه ، فالواجب على من قام بالحكم أن يشكره على ذلك ؟
3 ـ أين هذه المجالس التي أشارت لها هذه الرواية ؟ فأين هو بيت الأمام أليس ملاصق للمسجد ؟
4 ـ إن الرواية أشارت للواقع الصحيح الذي حدث وهو أخذهم للإمام ( عليه السلام ) بالقوة للمبايعة ـ كما رأينا فينا سبق ـ ولكنها أسبغت عليها الحال التي كانت تستخدم في العصور اللاحقة ضد مناهضي الحكم ، ثم أنها أرادت أن تغض من مكانة الأمام ( عليه السلام ) إذ تظهره العبد الضعيف المستغيث وكأنه من عوادي الناس .
  رغم المكانة التي يعرفها القوم للإمام ( عليه السلام ) والتي اعترفوا بها في أكثر من مناسبة ولكن أبعدوه عن الخلافة بل حتى لم يطلبوا مشورته يوم السقيفة ، ثم استخدموا معه القوة لأخذ البيعة منه ، ولكن لم كل ذلك وما تفسيره عندهم ؟
  أشارت روايات الجوهري لبعض من هذه الأسباب على لسان عمربن الخطاب وأبو عبيدة :
الرواية الأولى :

قال عمر لابن عباس : أما والله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ألا إننا خفناه على اثنتين ، قال ابن عباس : ما هما ؟ قال : خشينا على حداثة سنه ، وحبه بني عبد المطلب( 136 ).
  يلاحظ على الرواية :
1 ـ إن عمر يعترف أن الإمام (عليه السلام) أولى الناس بالخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) .
2 ـ إن عمر يفسر سبب إبعاد الإمام يعود إلى : حداثة سنه ، وحبه لبني عبد المطلب .
  في الواقع أن مسألة العمر ليس لها مقياس في الإسلام لأن الذي يميز الفرد المسلم هو التفقه في الدين ، والمعروف أن الإمام ( عليه السلام ) هو الأكثر فقهاً من بين الصحابة ، ولكن القوم نظروا للأمر نظرة دنيوية وليست دينية .
  وأما حب الإمام لبني عبد المطلب فهو سبب لا أساس له من الصحة والواقع ، وليس الإمام معروف بذلك وإنما المعروف بذلك هو عثمان بن عفان .
الرواية الثانية :

  قال عمر لابن عباس ، إن أول من ريثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، إن قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة ، قال ابن عباس : لم ذاك يا أمير المؤمنين ألم ننلهم خيراً ؟ قال : بلى ولكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفاً( 137 ) .
  يمكن أن نلحظ على الرواية :
1 ـ اتهام عمر لأبي بكر بأنه أول من أبعد بني هاشم عن الحكم ؟ فمن الثاني ؟
2 ـ أي من قريش رفض أن تجتمع النبوة والخلافة في بني هاشم ، ولماذا لم ترفض العرب أن تجتمع النبوة والخلافة في قريش وبذلك احتجوا على الأنصار .
3 ـ يتصور عمر أن بني هاشم لو حصلوا على الخلافة وقبلها النبوة لاستطالوا على الناس .
4 ـ إن عمر ينظر للنبوة والخلافة نظرة دنيوية .
  ولكن لنا أن نسأل هل استطال بني هاشم على الناس لما كانت النبوة فيهم ؟ وهل هذا يعني أن قريش استطالت على العرب وغير العرب لأنها جمعت النبوة والخلافة؟ ثم أن النبوة حق إلهي وليس من اختيار المجتمع !!
الرواية الثالثة :

  قال عمر لابن عباس : ما أظن صاحبك إلاّ مظلوماً ، قال ابن عباس : فاردد عليه ظلامته ، فأنتزع يده من يد ابن عباس ومضى يهمهم ، ثم قال : يا ابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا إنهم أستصغروه ، فقلت في نفسي : هذه شر من الأولى ، فقلت : والله ما أستصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر( 138 ).
  لنقف عند الرواية ونسجل شيئاً ما عليها :
1 ـ إن عمر يعترف بمظلومية الإمام علي (عليه السلام) ؟
2 ـ يفسر عمر عدم تولية الإمام إنما يعود لصغره ، ولكن كم يا ترى كان عمر أسامة بن زيد لما ولاه الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قيادة الجيش .
3 ـ إن ابن عباس يرفض كلا الموقفين من عمر ، ويرد على أعذارهم بأنها مخالفة للشريعة التي قدمت الإمام علي ( عليه السلام ) على أبي بكر في تبليغ سورة براءة .
الرواية الرابعة :

  قال عمر لابن عباس : إن أول من راثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، إن قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة فتبجحوا على قومكم بجحاً بجحاً ، فاختارت قريش لأنفسها وأصابت ووفقت . قال ابن عباس : أما قولك اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووقفت ، فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله عز وجل لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ، وأما قولك أنهم كرهوا أن تكون لنا النبوة والخلافة فأن الله عز وجل صف قوما بالكراهية ، فقال : ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم فقال عم : هيهات الله يا ابن عباس ، فقد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرك عنها فتزيل منزلتك مني ، فقلت : ما هي يا أمير المؤمنين ؟ فأن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، وأن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه .
  فقال عمر : بلغني إنك تقول إنما صرفوها حسدا وظلما ، فقلت : أما قولك ظلما فقد تبين للجاهل والحليم ، وإما قولك حسدا فأن إبليس حسد آدم ، ونحن ولده المحسودون ، فقال عمر : هيهات أبت والله قلوبكم يابني هاشم إلا حسدا ما يحول ، وضغنا وغشا ما يزول ، فقلت : مهلا لاتصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فأن قلب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قلوب بني هاشم( 139 ).
  لنقف عند هذا النص ونتأمل فيه :
1 ـ يعترف عمر بأن أبا بكر أول من ابعد بني هاشم عن الخلافة .
2 ـ السبب في إبعاد الإمام عند عمر يعود لأن قريش اكرهت أن تجتمع النبوة والخلافة في بني هاشم .
3 ـ يرى عمر أن اختيار أبو بكر هو اختيار قريش وهو بنظره اختيار صائب .
4 ـ كان رد ابن عباس قويا ومغيظا لعمر ، لأنه وصف كره قريش بأنه كره لما أنزل الله تعالى ، وبالتالي فأن أعمالهم قد حبطت .
5 ـ عمر يكشف عن تفسير ابن عباس لصرف الخلافة عن الإمام وهو الحسد والظلم ، فلم ينكر ابن عباس ذلك ، لكن عمرا جعل بني هاشم هم الحساد وحاملي ضغائن .
6 ـ رد ابن عباس بأن وصف عمر لبني هاشم بأنهم حساد هو تناس لقوله تعالى في آية التطهير ، ثم أن قلب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المطهر من قلوب بني هاشم .
7 ـ لا يبعد أن تكون هذه الرواية عباسية حيث :
أ ـ أعطت قيمة كبيرة لأبن عباس .
ب ـ تصور الخلافة وكأنها خلافة هاشمية وليس لإمام علي وحده.
ج ـ الاستشهاد بآية التطهير وهي آية خاصة بأصحاب الكساء الخمسة ، وقد جعلتها الرواية تشمل كل بني هاشم .
الرواية الخامسة :

  وهي قول أبو عبيدة للإمام عليه السلام يوم أخذ بالقوة ليبايع وقد ذكرناها سابقا ، وهي تشير لسبب إبعاد الإمام لكونه صغير السن ، والظاهر أن أبا بكر أدرك أن هناك رفضا كبيرا لخلافته رغم الشدة التي أستخدمها ضد كل من رفض خلافته ، فصعد المنبر وأعتذر للناس عن توليه للخلافة واصفا خلافته بأنها كانت فلتة ، وقى الله شرها حيث جاء في خطابه أن بيعتي كانت فلتة ، وقى الله شرها ، وخشيت الفتنة ، وأيم الله ما حرصت عليها يوما قط ، ولا سألتها الله في سر ولا علانية قط ، ولقد قلدت أمرا عظيما مالي به طاقة ولا يدان ، ولقد وددت أن أقوى الناس عليه مكاني( 140 ) .
  يلاحظ على الخطبة أعلاه :
1 ـ إن أبا بكر يصف بيعته فلته ، والفلتة الشيء يقع مباغته بلا سابق تجربة ودراسة( 141 ) ، ويؤكد أن الله وقى شر هذه البيعة المباغتة .
2 ـ أنه خشي الفتنة ، ولم يعرف قصده من الفتنة ؟ هل خشي الفتنة من استمرار خلافته ؟ أم أنه خشي الفتنة لذلك قبل الخلافة .
3 ـ أن أبا بكر يؤكد أنه لم يحرص يوما على الخلافة قط ، وقد أورد الجوهري روايتين تشيران لوصية ابي بكر لأعرابي بأن لا يتأمر على احد( 142 ).
4 ـ يعترف أبا بكر أنه ليس لديه القدرة على تولي الخلافة ، وهذا يتنافى مع ما جاء في كلامه ـ آنف الذكر ـ مع العباس بن عبدالمطلب .
  ألا أنه لا يعرف بالضبط متى ألقى أبو بكر هذه الخطبة ؟ هل قبل الهجوم على بيت الأمام أم بعده ؟ وماذا كان يقصد أبو بكر من ذلك ؟ وتحت أي تأثير وقع ؟ وكيف يا ترى استمر بالخلافة ؟ وهل كان لأحد ما تأثير على بقاءه ؟
  إن ما قام به أبو بكر من الهجوم على بيت الأمام ( عليه السلام ) والتهديد بإحراقه واقتحامه بالقوة أدى إلى غضب الزهراء ( عليها السلام ) حيث قالت : يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله ، لذا سارع أبا بكر لطلب رضا الزهراء ( عليها السلام ) حيث تشير روايات الجوهري أن أبا بكر أكتفى بطلب رضاها عن عمر ، وأنها رضيت عنه ، حيث روي أن ابا بكر : مشى أليها بعد بيعة الأمام والزبير وشقع لعمر ، وطلب إليها فرضيت عنه( 143 ) .
  ولكن هل غضب الزهراء( عليها السلام ) أقتصر على عمر لوحده ؟ أن الزهراء ( عليها السلام ) غضبت على حكومة أبي بكر بأكملها وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر لما قاموا به من أحداث جسام ضد البيت النبوي بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم متى رضيت عن عمر وهذا البخاري( 144 ) يحدث بأنها ماتت وهي غاضبة على أبي بكر ، وقال عبد الله بن الحسن : كانت أمنا صديقة ابنة نبي مرسل وماتت وهي غضبى على قوم ، فنحن غضاب لغضبها( 145 ).
  وقد أظهر أبو بكر ندمه على هجومه على بيت الزهراء ( عليها السلام ) حيث قال : ليتني لم أكشف بيت فاطمة ، ولو أعلن علي الحرب( 146 ).
  وفي رواية عبدالرحمن بن عوف : أما أني لا آسي إلا على ثلاث فعلتهن ، وودت أني لم أفعلهن .... ووددت أني لم أكشف عن بيت فاطمة وتركته ولو أغلق على حرب( 147 ).
  فأبو بكر هنا يعترف بهجومه على بيت الإمام عليه السلام وندمه على ذلك .

مصادر البحث

القرآن الكريم
  ابن الأثير: 630هـ .
1 ـ أسد الغابة، انتشارات إسماعيليان ،طهران ، ب .ت .
  ابن الأثير ت606هـ
2 ـ النهاية في غريب الحديث ، تح : طاهر الزاوي ـ محمود الطناحي ، ط4 ، قم ، 1346 ش .
  الاربلي : علي بن عيسى بن أبي الفتح ت 693هـ .
3 ـ كشف الغمة في معرفة الائمة ، ط2 ، دار الأضواء ، بيروت ، 1985 .
  الاردبيلي : محمد بن علي ت 111هـ .
4 ـ جامع الرواة ، مكتبة المحمدي ، قم ، ب.ت .
البحراني : هاشم ت 1107هـ .
5 ـ مدينة المعا جز ، تح: عزة الله الهمداني ، ط1 ، 1413هـ .
  البخاري : محمد بن إسماعيل ت 256هـ .
6 ـ الصحيح ، دار الفكر ، بيروت ، 1401هـ .
  البياضي : زين الدين أبي محمد علي بن موسى ت
7 ـ الصراط المستقيم ، تح : محمد باقر البهبودي ، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، ب . ت .
  البيهقي : احمد بن الحسين بن علي ت 458هـ .
8 ـ السنن الكبرى ، دار الفكر ، بيروت ، ب . ت .
  الجوهري : أبو بكر احمد بن عبد العزيز ت .
9 ـ السقيفة وفدك ، تح : محمد هادي الاميني ، ط2 ، بيروت ، 1413هـ .
  الجوهري : إسماعيل بن حماد ت393هـ. 10 ـ الصحاح ، تح : احمد عبد الغفور عطا ، ط4 ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1407هـ .
  الحاكم : محمد بن محمد ت 405هـ .
11 ـ المستدرك على الصحيحين ، تح : يوسف المرعشلي، دار المعرفة ، بيروت ،1406 هـ .
  ابن حبان : محمد ت354هـ .
12 ـ صحيح ابن حبان ، ترتيب : علاء الدين علي ت 739هـ ، تح: شعيب الارنؤوط، ط2 ، مؤسسة الرسالة 1993.   ابن حجر : شهاب الدين احمد بن علي ت852هـ .
13 ـ الإصابة : تح : عادل احمد عبد الموجود ، ط 1، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1415هـ .
14 ـ تهذيب التهذيب ، ط ، دار الفكر ، 1984 .
15 ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ط 2، دارالمعرفة ، بيروت ، ب . ت .
  ابن أبي الحديد : عزا لدين عبد الحميد
16 ـ شرح نهج البلاغة ، تح : محمد أبوالفضل ، ط1 ، دار الجيل ، 1987 .
& nbsp; الحربي : إبراهيم بن اسحق ت 285هـ .
17 ـ غريب الحديث ،ط1 ، تح : سليمان إبراهيم محمد العابر ، جدة،1405هـ.
  الحسكاني : عبيد الله بن احمد ت .
18 ـ شواهد التنزيل ، تح : محمد باقر المحمودي ، ط1 ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، 1411هـ .
  الحموي : أبو عبد الله ياقوت ت626هـ .
19 ـ معجم البلدان ، دار أحياء التراث العربي ، بيروت ، 1979.
  الحميدي : أبو بكر عبد الله بن الزبير ت 219هـ .
20 ـ المسند ، تح : حبيب الرحمن الاعظمي ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1988 .
  ابن حنبل : احمد ت 241هـ .
21 ـ المسند ، دار صادر ، بيروت ، ب . ت .
  الرازي : محمد بن أبي بكر بن عبد القادر ت 721هـ .
22 ـ مختار الصحاح ، تح : احمد شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، ط1 ، بيروت ، 1994 .
  السرخسي : شمس الدين ت483هـ .
23 ـ المبسوط ، دار المعرفة ، بيروت ، 1406هـ .
  ابن سعد : محمد ت 230هـ .
24 ـ الطبقات الكبرى ، تح : إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ، ب . ت .
  ابن سلام : أبو عبيد القاسم الهروي ت 224هـ .
25 ـ غريب الحديث ، تح : محمد عبد المعين خان ، ط1، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1396هـ .
  السمرقندي : علاء الدين ت 539هـ .
26 ـ تحفة الفقهاء ، ط2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1414هـ .
  ابن شاذان الازدي : الفضل ت 260هـ .
27 ـ الإيضاح ، تح : جلال الدين الحسيني ، ب . مكا ، ب . ت .
  ابن شهر آشوب : ت588هـ .
28 ـ معالم العلماء ، تح : كتب مقدمة الكتاب : محمد صادق ال بحر العلوم ، ط2 ، النجف ، 1961 .
29 ـ مناقب آل أبي طالب ، ب.محق ، النجف ، 1956 .
  الصنعاني : أبو بكر عبد الرزاق ت 211هـ .
30 ـ المصنف ، تح : حبيب الله الاعظمي ، المجلس العلمي ، ب . ت .
  الطبراني : سليمان بن أحمد بن أيوب ت 360هـ .
31ـ المعجم الصغير ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ب . ت .
32 ـ المعجم الأوسط ، تح: إبراهيم الحسيني ، دار الحرمين ، ب . ت .
33 ـ المعجم الكبير ، تح : حمدي عبد المجيد السلفي ، دار إحياء التراث العربي ، القاهرة ، ب . ت.
  الطبري : أبو جعفر محمد بن جرير ت 310هـ .
34 ـ تاريخ الرسل والملوك ، تح: نخبة من العلماء ، مؤسسة الاعلمي ، بيروت ، ب . ت .
  الطريحي : فخر الدين ت 1085هـ .
35 ـ مجمع البحرين ، تح : السيد احمد الحسيني ، ط2 ، مكتبة نشر الثقافة الإسلامية ، 1408هـ .
  الطوسي ت 460هـ .
36 ـ الفهرست ، ط 1،تح : جواد القيومي،مؤسسة نشر الفقاهة ، ط 1 ، 1417 هـ .
  ابن عساكر : أبو القاسم علي بن الحسين ( 449 ـ 571هـ) .
37 ـ تاريخ دمشق تح : علي شيري ، دار الفكر ، بيروت ، 1995 .
  الفراهيدي : أبي عبد الرحمن الخليل بن احمد ت 175هـ .
38 ـ العين ، تح : د مهدي المخزومي ـ إبراهيم السامرائي، ط2 ، مؤسسة دار الهجرة ، 1409هـ .
  أبو الفرج : علي بن الحسين ت356هـ .
39 ـ مقاتل الطالبيين ، تح : كاظم المظفر، ط2 ، المكتبة الحيدرية ، النجف ، 1965هـ .
  الفيروز آبادي : ت817هـ .
40 ـ القاموس المحيط ، تح: الشيخ نصر الهوريني ، ب.مكا ،ب .ت .
  ابن قتيبة ت 276هـ .
41 ـ تأويل مختلف الحديث ، تح : إسماعيل الاسعردي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ب .ت .
  القرطبي : أبو عبد الله محمد بن احمد ت 671هـ .
42 ـ الجامع لأحكام القرآن ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ب . ت .
  القضاعي أبو عبد الله محمد بن سلامة ت 454هـ .
43 ـ دستور معالم الحكم ، شح : محمد الرافع ، مط السعادة ، مصر، 1332/ 1914 .
  الكاشاني : أبو بكر بن مسعود ت 587هـ .
44 ـ بدائع الصنائع ، ط1 ، باكستان ، 1409.   المتقي الهندي : ت975هـ .
45 ـ كنز العمال ، تح : بكري حياني ، وصفوة السقا ، مؤسسة الرسالة ، بيروت .
  المجلسي : محمد باقر ت1111هـ .
46 ـ بحار الأنوار ، دار الرضا بيروت ، ب . ت .
  المرزباني : أبي عبد الله محمد بن عمران ت 384 هـ. 47 ـ الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء ، تح : محمد حسين شمس الدين ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1995 .
  مسلم بن الحجاج النيسابوري ت261هـ .
48 ـ صحيح مسلم ، دار الفكر ، بيروت ، ب. ت .
  ابن منظور : ت711هـ .
49 ـ لسان العرب ، ط1 ، دار إحياء التراث العربي ، 1405.
  النسائي : أبو عبدالرحمن احمد بن شعيب ت 303هـ .
50 ـ سنن النسائي ، تح : عبدالغفار سليمان ـ سيد كسروي حسن، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1991.
  النووي : محي الدين ت676هـ .
51 ـ المجموع في شرح المهذب، دار الفكر ، ب . ت .
52 ـ شرح صحيح مسلم ، ط2 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1407.
  الهيثمي : نور الدين علي بن أبي بكر ت 807 هـ .
53 ـ مجمع الزوائد ، ب . محق ، بيت ، 1988 .

المراجع الثانوية

المراجع الثانوية   الأمين : محسن العاملي ت
1951 54 ـ أعيان الشيعة
  الاميني : عبدالحسين النجفي 1392هـ
55 ـ الغدير ، ط1 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1997 .
  أبو رية : محمود ت 1970.
56 ـ شيخ المضيرة أبو هريرة ، ط3 ، دار المعارف ، مصر ، ب . ت .
  شرف الدين الموسوي : عبد الحسين ت 1377هـ .
57 ـ أبو هريرة ، انتشارات أنصاريان ، قم ، ب . ت .
58 ـ النص والاجتهاد ، تح وتعليق : أبو مجتبى ، ط1 ، قم ، 1404 هـ .
  الطهراني : آغا بزرك ت 1389 هـ .
59 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ط2 ، دار الأضواء ، بيروت ، 1403هـ .
  أبو القاسم الخوئي
60 ـ معجم رجال الحديث ،ط 5 ، ب.مكا ، 1413 هـ.
  متز : آدم
61 ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة محمد عبدالهادي أبو ريدة ،القاهرة ، 1940.

الهوامش

1 ـ انظر عبدالخضر حمادي : الحركة الفكرية في القرن الأول الهجري رسالة ماجستير، الجامعة المستنصرة، بغداد، 1984 .
2 ـ انظر تفاصيل ذلك عند آدم متز ، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري في جزءين .
3 ـ مقاتل الطالبيين ص171 ، 188 ـ 191 ، 236 ، 269 ، الطبراني : المعجم الصغير1/59، المرزباني : الموشح ص 39 ، 52 ، 59 ، 64 ، 75 ، 80 ، 89 ، 93 ، 132 ، 138 ، 142 ، 149 ، 150 ، 153 ، 167 ، 174 ، 166 ، 222 ، 225 ، 245 ، 247 ، 253 ، 255 ، 265 ، 279 ، القضاعي : دستور معالم الحكم ص 199 ، الطوسي : الفهرست ص 83 ، ابن شهر آشوب : معالم العلماء ص 18 ، ابن الجوزي : المنتظم 7/ 177 ، ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 2/48 ، 53 ، 60 ، 17/229 ، 20 / 156 ، 159 ، الأربلي: كشف الغمة 2 /108 ـ 109، ابن حجر: تهذيب التهذيب 7/46، البياضي: الصراط المستقيم 3/7 ، الأردبيلي: جامع الرواة 1/52، الأمين: أعيان الشيعة 9/3 ، شرف الدين: النص والاجتهاد ص 41، 150 ، الطهراني : الذريعة 12/206 ، الأميني : الغدير2/264 ، 8/ 301 ، 10/176 ، أبو القاسم الخوئي: معجم رجال الحديث 2/ 142.
4 ـ هو الشيخ محمد هادي الاميني قد طبع الكتاب في بيروت سنة 1980 واعيد طبعه ثانية سنة1993 .
5 ـ أنظر ترجمتة : أبن ألأثير : أسد الغابة 1/75ـ 78 أبن حجر : الإصابة 1/31 أبن عبدالبر : الاستيعاب 1/ 57 ـ 59 .
6 ـ هي معركة وقعت بين المسلمين وبين الروم البيزنطيين ، في جمادى الأولى من سنة 8هـ ، على أثر مقتل الحارث بن عمير الأردي وهو الرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ملك بصرى يدعوه للإسلام فأعترضه شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله أرضاء للرومان ، وقد اختلف في قائد المسلمين هل هو جعفر بن أبي طالب أم زيد بن حارثة ، وقد استشهد جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة الذي قيل انه تولى القيادة بعد استشهاد هما ، عن تفاصيل هذه المعركة أنظر : ابن سعد : الطبقات 2/ 128 ـ 130 ، أبو الفرج : مقاتل الطالبيين ص 6 ـ 10 ، ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 6/ 52 ، 15 / 61 ـ 71 .
7 ـ أشار ابن سعد إلى أن السبب يكمن في استصغار أسامة ، ولم يتضح هل الاستصغار لسنه أم أصله ، الطبقات الكبرى2/ 190 .
8 ـ الجرف بالضم ثم السكون ، موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، الحموي : معجم البلدان 2 / 128 .
9 ـ هو زعيم الأوس ، أنظر ترجمتة:أسد الغابة 1/108 ـ 110 أبن عبدالبر: الاستيعاب 1/53 ـ 55.
10 ـ هو أحد زعماء الخزرج . أنظر ترجمت ة:أبن الأثير : أسد الغابة 1/224 ـ 225 ، أبن عبدالبر : الاستيعاب 1/ 149 - 150 ، أبن حجر : الأصابة 1/158 .
11 ـ الجوهري : السقيفة وفدك ص 76 ـ 77 ، وأنظر أبن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 6/52 .
12 ـ أحد الأنصار ، أنظر ترجمته : أبن عبدالبر: الاستيعاب 2/ 293 ـ 7 ، أبن حجر : الإصابة 2/306 ـ 307 ، ابن الأثير : أسد الغابة 2/593 ـ 5 .
14 ـ هي ثوب خز أو صوف اسود اللون ولا يسمى خميصة إلا إذا كان اسود ، ابن منظور : لسان العرب 7/30 .
15 ـ الجوهري : السقيفة ص 70 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6 / 44 .
16 ـ الجوهري: السقيفة ص 76 ، وانظر ابن أبي الحديد: شرح 6/51 ـ 52 ، أبو نعيم : حلية الأولياء 1/ 64 ، 94 ، الهيثمي: مجمع الزوائد 8/ 314 .
17 ـ ابن سلام : غريب الحديث 3/316 ، ابن عساكر : تاريخ دمشق 44/88 ، ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 12/139 ، القرطبي : الجامع لأحكام القرآن 3/269 ، ابن منظور : لسان العرب 8/226.
18 ـ الحسكاني: شواهد التنزيل 1/83 ، ابن شهر آشوب : مناقب آل أبي طالب 2/280 ، المتقي الهندي: كنز العمال 11/ 630 .
19 ـ اابن شاذان : الإيضاح ص 469 ، ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 6/327 ، 12/ 52 ، البياضي : الصراط المستقيم 3/23 ، البحراني : مدينة المعاجز 2/96 ، المجلسي : بحار الأنوار 31 / 387 .
20 ـ الرزية هي المصيبة وجمعها رزايا ، ابن منظور : لسان العرب 1/85 ، الرازي : مختار الصحاح ص132 .
21 ـ السقيفة للجوهري ص 75 ـ 76 وأنظر ، الصنعاني : المصنف 5/438 ، ابن حنبل : مسند 1/325 ، صحيح البخاري 5/138 ، 7/9 ، صحيح مسلم 5/76 ، النسائي : السنن 3/433 ، ابن حبان : صحيح ابن حبان 14/562 ، ابن أبي الحديد 6/51 ، النووي : شرح مسلم 11/90 ، ابن حجر: فتح الباري 1/186 ، 8/102 .
22 ـ الحميدي : مسند الحميدي 1/242، ابن حنبل : المسند 1/222، 355 ، البخاري : صحيح البخاري 4/31 ، 5/ 137 ، مسلم:صحيح مسلم 5/75 ـ 76 ، النسائي: سنن النسائي 3/434 ، البيهقي: السنن الكبرى 9/ 207 ، النووي : شرح مسلم 11/89 ، المجموع 19/ 430 .
23 ـ انظر الطبراني : المعجم الكبير 7/57 .
24 ـ انظر تفاصيل ذلك عند شرف الدين :النص والأجتهاد ص3 وما بعدها .
25 ـ قال تعالى "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " سورة الأحزاب آية36 .
26 ـ الجوهري السقيفة ص 48 ، وأنظر :ابن أبي الحديد شرح 2/51 .
27 ـ ابن أبي الحديد شرح 6/21، عن رواية الزبير بن بكار.
28 ـ الجوهري : السقيفة ص 45 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 2/48 ـ 49 .
29 ـ الجوهري : السقيفة ص 40 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 2/45 .
30 ـ الجوهري : السقيفة ص 52 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 2/54 .
31 ـ هي ضلة كان يجلس تحتها بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة وهم حي من الأنصار. الحموي : معجم البلدان 3/228 ـ 229 .
32 ـ السقيفة للجوهري ص 57 ، و انظر ابن أبي الحديد : شرح 6/5 ـ 6 .
33 ـ الجوهري : السقيفة ص 57 ، و انظر ابن أبي الحديد : شرح 6/6 .
34 ـ الجوهري : السقيفة ص 57 ، و انظر ابن أبي الحديد : شرح 6/6 .
35 ـ إنظر ابن أبي الحديد : شرح 6/19 .
36 ـ انظر موقف معن ورد فعل الأنصار عليه ، ابن أبي الحديد : شرح 6/19-29 .
37 ـ الجوهري : السقيفة ص 58 ، وانظر ابن أبي الحديد :شرح 6/6-7 .
38 ـ الجوهري : السقيفة ص 58 ، وانظر ابن أبي الحديد :شرح 6/ 7 .
39 ـ الجوهري : السقيفة ص 69 ـ 70 ، وانظر ابن أبي الحديد :شرح 6/43.
40 ـ الجوهري : السقيفة ص 58 ، وانظر ابن أبي الحديد :شرح 6/7 .
41 ـ الجوهري : السقيفة ص 65 ، وانظر ابن أبي الحديد :شرح 6/39 .
42 ـ الجوهري : السقيفة ص 58 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6/7 .
43 ـ الجوهري : السقيفة ص 65 - 66 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6/39-40.
44 ـ الجوهري : السقيفة ص 59 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6/8 .
45 ـ الجوهري : السقيفة ص 59 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6/8 .
46 ـ الأبلمة : خوص النخل وفيه إشارة إلى المساواة .
47 ـ الجوهري : السقيفة ص 51 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 2/53 .
48 ـ الجوهري: السقيفة ص 59-60 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6/7-8 . احمد صفوت : جمهرة خطب العرب 1/ 176 ، وقد وهم الحموي فنسب هذا الاقتراح لسعد بن عبادة ، معجم البلدان 3/229.
49 ـ الجوهري : السقيفة ص 51 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 2/53 .
50 ـ الجوهري : السقيفة ص 60 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 6/8 .
51 ـ الجوهري : السقيفة ص 54 ،131 ، وانظر ابن أبي الحديد : شرح 2/ 57 ، 20 / 160 .
52 ـ الجذيل : تصغير الجذل وهو أصل الشجرة وعود ينصب للإبل الجربا لتحتك به .
53 ـ العذيق تصغير عذق النخلة، والمرجب الذي جعل له رجبه أي دعامة تبنى حولها من الحجارة . ويريد من ذلك أنه رجل يستثنى برأيه وعقله .
54 ـ الشابة الفتية يريد الحروب والغارات . 55 ـ الجوهري : السقيفة ص 60 ، ابن أبي الحديد شرح 6/9 .
56 ـ الجوهري : السقيفة ص 60 ـ 61 ، ابن أبي الحديد شرح 6/ 9 ـ 10.
57 ـ الجوهري :السقيفة ص 58-59 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/7 .
58 ـ الجوهري :السقيفة ص 66، ابن أبي الحديد : شرح 6/40 .
59 ـ الجوهري :السقيفة ص 61، ابن أبي الحديد : شرح 6/10 .
60 ـ الجوهري :السقيفة ص 64، ابن أبي الحديد : شرح 6/38 .
61 ـ الجوهري :السقيفة ص 66، ابن أبي الحديد : شرح 6/40 .
62 ـ الجوهري :السقيفة ص 65، ابن أبي الحديد : شرح 6/39 .
63 ـ الطبري : تاريخ 2 /60 .
64 ـ سنناقش ذلك تفصيلا في حلقة من حلقات مشروعنا فضائل الإمام علي عليه السلام تنسب لغيره .
65 ـ يرى نجاح الطائي أنها مفتعلة و إن أبا بكر ليس هو صاحب الغار ، أنظر كتابه : صاحب الغار أبو بكر أم رجل آخر .
66 ـ ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث ص 12 ، الطبراني: المعجم الأوسط 6/ 174 . السر خسي : المبسوط 1/40 ، السمرقندي : تحفة الفقهاء 1/129 ، الكاشاني : بدائع الصنائع 1/156.
67 ـ للتفاصيل عن أبي هريرة أنظر محمود أبو ريه : شيخ المضيرة أبو هريرة ، الموسوي : أبو هريرة .
68 ـ الجوهري :السقيفة ص 61 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/10 .
69 ـ الجوهري :السقيفة ص 61 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/10 .
70 ـ الجوهري :السقيفة ص 61 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/10 .
71 ـ الجوهري :السقيفة ص 66 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/40 .
72 ـ أنظر ترجمة: بن سعد: الطبقات ، الاستيعاب 1/139ـ140 ، ابن الأثير: أسد الغابة 1/199-200 ، ابن حجر: الإصابة 1/142 ـ143 .
73 ـ الجوهري :السقيفة ص 48 ـ 49 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/219.
74 ـ الجوهري :السقيفة ص 52 ، ابن أبي الحديد : شرح 2/56 .
75 ـ الجوهري :السقيفة ص 62 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/11 .
76 ـ الجوهري :السقيفة ص 52 ، ابن أبي الحديد : شرح 2/56 .
77 ـ الجوهري :السقيفة ص 65 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/39 .
78 ـ الجوهري :السقيفة ص 39، 40 ، 45 ، 46 ، 48 ، 53 ، 55 ، 64 ، 66 ، 67 ، 69 ، 72 ، 74 .
79 ـ الجوهري :السقيفة ص 48 ـ 53 ، 56 ـ 63 ، 66 .
80 ـ الجوهري :السقيفة ص 66 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/40 .
81 ـ الجوهري :السقيفة ص 61 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/10 .
82 ـ حوران بالفتح كورة واسعة من أعمال دمشق فتحها المسلمون صلحا ، الحموي : معجم البلدان 2/317.
83 ـ الجوهري :السقيفة ص 61 ـ 62 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/10 .
84 ـ قيل انه سمع هاتف بعد مقتل سعد يقول :
نحن قتلنا سيد الخزرج        سـعـد بـن iiعـبادة
ورمـيـناه بـسهمين        فـلـم نـخط iiفـؤاده
ابن قتيبة : المعارف ص259 ، الحاكم : المستدرك 3/ 252 ، ابن أبي الحديد: شرح 17/223 .
85 ـ ابن أبي الحديد شرح 17/223 ـ 224 إلا إن ابن عبد ربه يذكر إن مقتل سعد كان في أيام عمر بن الخطاب : العقد الفريد 4/260 .
86 ـ الجوهري :السقيفة ص 66 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/40 .
87 ـ الجوهري :السقيفة ص 49 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/219 .
88 ـ السقيفة ص 51 ، ابن أبي الحديد : شرح 2/53 . 89 ـ الجوهري :السقيفة ص 49 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/219ـ 220.
90 ـ السقيفة ص 45 ، ابن أبي الحديد : شرح 2/49 .
91 ـ السقيفة ص 69 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/43.
92 ـ السقيفة ص 49 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/219 ـ 220.
93 ـ السقيفة ص 64 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/ 13 .
94 ـ السقيفة ص 49 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/219-220.
95 ـ السقيفة ص 39 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/44 .
96 ـ السقيفة ص 39 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/44 .
97 ـ السقيفة ص 40 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/45 .
98 ـ السقيفة ص 40 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/44 .
99 ـ السقيفة ص 39 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/44 .
100 ـ السقيفة ص 39 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/44 .
101 ـ السقيفة ص 55 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/58.
102 ـ السقيفة ص 67 ، ابن أبي الحديد :شرح 6/41.
103 ـ السقيفة ص 55 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/58 .
104 ـ السقيفة ص 44 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/48 .
105 ـ السقيفة ص 44 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/48 .
106 ـ السقيفة ص 40 ، ابن أبي الحديد :شرح 2/45 . 107 ـ السقيفة ص 49 ـ 50 ، ابن أبي الحديد :شرح 1/220 .
108 ـ السقيفة ص 50 ، ابن أبي الحديد :شرح 1/220 .
109 ـ السقيفة ص 50 ، ابن أبي الحديد :شرح 1/220 .
110 ـ السقيفة ص 50-51 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/221 .
111 ـ السقيفة ص 63 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/13.
112 ـ السقيفة ص 64، ابن أبي الحديد : شرح 6/13.
113 ـ السقيفة ص 64، ابن أبي الحديد : شرح 6/13
114 ـ السقيفة ص 71 ، ابن أبي الحديد : شرح 6/44.
115 ـ السقيفة ص 46 ، 62 ، 72 ـ 73 ، ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 2 / 5 ، 6 / 11 ، 47 ـ 48.
116 ـ السقيفة ص 53 ، الطبري: تاريخ 3 / 199 ، ابن أبي الحديد : شح نهج البلاغة 2 / 56 .
117 ـ السقيفة ص 53 ، ، ابن أبي الحديد : شح نهج البلاغة 2 / 56 .
118 ـ السقيفة ص 40 ، ابن أبي الحديد : شح نهج البلاغة 2 / 45 .
119 ـ السقيفة ص 53 ، ابن أبي الحديد : شح نهج البلاغة 2 / 57 .
120 ـ السقيفة ص 62 ، 73 .
121 ـ السقيفة ص 46 ، 62 ، 72 ، ابن أبي الحديد : شرح 2 /5 ، 6 / 11 ، 47 .
122 ـ السقيفة ص 53 ، 73 ـ 74 ، ابن أبي الحديد : شرح 2/ 57 ، 6/ 47 ـ 48 .
123 ـ السقيفة ص 73 ، ابن أبي الحديد : شرح 6 /48 .
124 ـ السقيفة ص 62 ـ 63 ، ابن أبي الحديد : شرح 6 / 11ـ 12 .
125 ـ السقيفة ص 46 ، ابن أبي الحديد : شرح 2 /5 .
126 ـ السقيفة ص 53 ، ابن أبي الحديد : شرح 2 / 56 .
127 ـ السقيفة ص 53 ، ابن أبي الحديد : شرح 2 / 57.
128 ـ السقيفة ص 74 ، ابن أبي الحديد : شرح 6 / 48 .
129 ـ السقيفة ص 69 ، ابن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة 6/43 .
130 ـ السقيفة ص 64 ، ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 6/24 .
131 ـ السقيفة ص 71 ، ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 6/ 45 .
132 ـ السقيفة ص 68 ـ 69 ، ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 6/42 .
133 ـ السقيفة ص 66 ، ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 6/40 .
134 ـ سوف نتناول فضيلة جمع القرآن من قبل الإمام علي عليه السلام تفصيلا في بحث مستقل.
135 ـ السقيفة ص 71 ، ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 6/45 .
136 ـ السقيفة ص 54 ، 75 ، ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 6/50 ، 2/57 .
137 ـ السقيفة ص 54 ، 131 ، ابن أبي الحديد : شرح 2/ 57 .
138 ـ السقيفة ص 72 ، ابن أبي الحديد : شرح 1/ 45 .
139 ـ السقيفة ص 131 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة 20 / 160 .
140 ـ السقيفة ص 46 ـ 47 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة 2/5 .
141 ـ الفلتة : أمر يقع فجأة وبغتة من غير أحكام ولا تدبر ، ابن منظور : لسان العرب 2/67 ، الفيروز آبادي : القاموس المحيط 1/154 ،الطريحي : مجمع البحرين 3/424.
142 ـ السقيفة ص 67 ـ 68 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة6/41 .
143 ـ السقيفة ص 74 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة6/48 .
144 ـ صحيح البخاري 4/42 ، 5/82 ، 8/3 .
145 ـ السقيفة ص 75 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة6/49.
146 ـ السقيفة ص 75 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة6/ 51 .
147 ـ السقيفة ص 43 ، أبن أبي الحديد :شرح نهج البلاغة2/45ـ 47 .



BASRAHCITY.NET