العدوان عند الاطفال اسبابه . . . علاجه

الدكتورة بتول بناي زبيري

مشكلة البحث
بسم الله الرحمن الرحيم

  كانت ولازالت الدراسات والبحوث تؤكد على أهمية مرحلة الطفولة ودورها في تكوين شخصية الفرد فيما بعد ، لذا فأن أية مشكلة يتعرض لها الطفل في هذه المرحلة تترك بصمات واضحة على خصائص شخصيته مستقبلا ، والحال أسوأ منه اذا لم يتم تحديد هذه المشكلة ، اسبابها ، وطرق علاجها أو كيفية التعامل مع الطفل المشكل ، بأسلوب يخفف من وطأة هذه المشكلة ويجعلها أقل تأثيرا سلبيا على حياته ، والعدوان احد أهم المشكلات التي يعاني منها الاطفال بشكل ملحوظ لما لها من آثار سلبية على الطفل نفسه ووالديه وأسرته بشكل عام وحتى أقرانه .
  وقد ازدادت شكوى المربين والوالدين في الاونه الاخيرة من عدوانية اطفالهم تجاههم أو اتجاه انفسهم أو أقرانهم والحيرة تنتاب الوالدين حول اسباب هذه العدوانية بكل اشكالها وما هو الاسلوب المناسب والصحيح في التعامل مع الطفل العدواني ؟
  فالمشكلة في البحث الحالي هي انتشار السلوك العدواني لدى الاطفال بشكل ملحوظ ، وعدم المام المربين والوالدين باسباب هذه المشكلة وطرق التعامل الصحيح مع الطفل العدواني .

أهمية البحث والحاجه اليه
  برز مفهوم الصحة النفسية في الاونه الاخيرة بشكل واضح وزاد الاهتمام في هذا الميدان كونه يمثل أحد أهم جوانب رعاية الفرد كما للجانب النفسي دور واضح وتأثير قائم على شخصية الفرد في جميع مراحل النمو بدأ من المراحل الاولى بعد الولادة بل حتى قبل ولادة الطفـل ويستمر دور الرعاية النفسية وتأثير هذا الجانب على شخصية الفرد ومدى ايجابيتها حتى مراحل النمو الاخرى ، ومما لاشك فيه ان مرحلة الطفولة هي مرحلة الاساس التي تتشكل فيها المؤثرات الرئيسية لمراحل النمو المقبلة .
  ان ارتفاع مستوى النمو الفكري والحضاري بصفة عامة قد ادى إلى ازدياد عدد ممن يدركون من الناس بأن الحياة المناسبة تلك التي يستمتع بها الفرد ويستمتع بها الأخرين بمشاركتهم له فيها , ولايتوقف على صحته الجسمية فقط بل هي رهن بصحته النفسية ايضا ، ومع التقدم الحضاري وتعقد اسباب الحياة وأساليبها فقد ازدادت المسؤولية الانسانية الملقاة على كاهل العاملين في مجال الصحة النفسية ، اذ يتجه الناس اليه باحثين عن المرشدين والموجهين كي يساعدوهم في معرفة كيفية مواجهة الاعباء لأن الصحة النفسية غاية الانسان في حياته وسبيل المجتمع إلى البنيان المتماسك ( الخطيب والزيادي ص9, 2001 ) .
  والاهتمام بصحة الطفل النفسية يأخذ مدى أوسع لما لمرحلة الطفولة أهمية ودور رئيسي في تشكيل شخصية الفرد مستقبلا فضلا عن ازدياد نسب اعداد الاطفال في المجتمعات والعالم بشكل أوسع مما يستدعي الاهتمام الجاد بالطفل .
  ان الطفولة تمتاز بخطورتها على نمو الفرد وهذا الامر يتطلب الاهتمام بتوعية الآباء وتثقيفهم تربويا ووضع برامج لمرحلة الطفولة تضمن نمو شخصية الطفل وتكاملها بحيث يصبح عضوا صالحا في مجتمعه ، فالطفولة هي الاساس بالنسبة لحياة الفرد ففيها يتم بناء الشخصية عند الطفل من الناحية الجسمية والوظيفية وهي تضع حجر الاساس لسلوكه المرتقب الذي يساعد الطفل على التكامل السوي لمراحل نموه اللاحقه .
  كما ان الاهتمام بمرحلة الطفولة هو استثمار يأتي في مقدمة الاستثمارات ذات الفائدة التي تنعكس على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا لذا فقد اهتمت الأمم والشعوب بهذه الشريحه العمرية من السكان على اعتبارها محور التنمية الاقتصادية الشاملة ولعل في هذه النقطة مالم يختلف عليه علماء الاقتصاد أو المال أو الاجتماع أو النفس ، فكلهم مقتنعون بأن هذه المرحلة هي اداة للتغيير المجتمعي المنشود ولاحداث أي تغير في المجتمع لابد من البدء بمرحلة الطفولة ومايستلزم ذلك وضع الاساليب والمناهج والانظمة والقوانين التي يمكن أن تساعد في تمكين الاسرة في القيام بالمهام والمسؤوليات اللازمه لتربية النشىء وخلق جيل قادر على احداث التغيير الايجابي المطلوب .
  كما ان الطفولة تحتل قاعدة الهرم السكاني لأي مجتمع من المجتمعات وتكاد تشكل حوالي 50% من أفراد المجتمعات النامية التي تتصف بأرتفاع نسبة الخصوبة وبأزدياد متسارع في عدد السكان ، بمعنى ان أكثر من نصف السكان هم من الصغار. لهذا فأن أي خلل في النمو السليم للطفل يشكل عائقا تترب عليه آثار بعيدة المدى في شخصيته مستقبلا وأية مشكلة يتعرض لها الطفل ، مالم يتم دراستها بشكل مستفيض ووضـع أبعادها وحلولها محط الدراسات والبحوث,قـــد تركن هذه الاعداد الكبيرة من الصغار في المجتمع وتجعل منهم عالـة عليه بمرور الزمن أو أفـراد مضطربين نفسيا يعانون مـن الامراض النفسيـه والعصبيه لذا فأن الباحثين والمربين أمام مهام صعبة وضرورية للبحث عن أبرز معاناة هذه الفئة لدراستها ووضع الحلول والمعالجات بشأنها .
  فالحاجة إلى معرفة المشكلات السلوكية والدراسية التي يعاني منها الاطفال أصبحت ضرورية وهامة أكثر من أي وقت مضى فألاطفال هم جيل المستقبل وأمل المجتمع المنتظر ، ففــي هذه المرحلة (الطفولة) من العمر ترتسم أهم ملامح شخصية الانسان المستقبلية. ولهذا فأن مايتعرض له الطفل من أمراض أو مشكلات نفسية من خلال هذه المرحلة تترك انطباعاتها على شخصيتـه فـي المستقبل ، فالكثير من المعالجين والمرشدين النفسيين والاطباء والآباء والمربين يحتارون فـي لغز الطفولة ومشكلاتها وأمراضها النفسية وكيفية التعامل معها والتي كثيرا ماتكون تجسيدا لاضطرابـات أو مشكلات تعاني منها الاسرة وانعكست أعراضها على الاطفال على شكــل أمراض ومشكلات نفسيـة أو دراسية ( الزعبي ، ص 7 ، 2001 ) .
  وان مشكلة عدوانية الطفـل تجاه نفسه أو تجاه الآخرين هي أبرز مشكلات العصر الحاضر التي يعاني منها اطفال اليوم وقد زادت شكوى المربيـن والوالديـن من عنف أطفالهم وحيرتهم ازاء هذه المشكله وهنا يبرز دور الباحثين والمربين بالوقوف أمام المعاناة لأيضـاح أبـرز معالمها ودراستها ومن ثم وضع الحلول والمعالجات المناسبة للآخرين المعنيين بهذه المشكله .
فالعدوان مشكلة جدية ، كانت وتزال مركز عناية المختصين بدراسة الفـــرد والمجتمـــع وشروط السلامة لكل منها وهي مشكلة اجتماعية زاد التركيز عليها خلال العقود القليله الماضيـة نظرا لمـا قد يترتب علـى الافعـال العدوانيـة البسيطـة مـن نتائــج تعبيرية واسعة ، والعدوان من الظواهـر الرئيسية التي تواجهها التربية الآن ، فقد أصبح يشكل عبئا ثقيلا على كاهل العاملين في مؤسساتنـا لتعاملهـم اليومي مع هذا السلوك ، فهـي مشكلة رئيسيـة للمعلمين والآبـاء والمختصين في مجال الصحة النفسية (القرعان ، ص 98 ، 2004 ) .

لذا فـأن البحث الحالي محاولة في دراسة مشكلة العدوان عند الاطفال ولأهميـة هذه المشكلة وحدوثها في مرحلة عمريـة حرجـة كانت الحاجـة لمثل هـذا البحث للوقـوف علـى أبـرز معالـم العدوان وتحديـد مفهومـه وعـرض لأبـرز نظرياتـه وأسبابه ومن ثم قياسه عند عينه من الاطفال وطرح سبل علاجية للعدوان .

أهداف البحث
  يهدف البحث الحالي إلى :
1 ـ قياس العدوان عند عينه من الاطفــال بكلا الجنسين (الذكور والانـاث) فـي مراحـل الطفولـة من 2- 12 سنة ويأتي شكل من أشكال العدوان يختلف الذكور عن الاناث .
2 ـ اقتراح الحلول والمعالجات لتقليل عدوانية الأطفال .

الاطار النظري
أولاً : تعريف العدوان وأشكاله
  اختلف مفهـوم العـدوان فـي تعريفـه والنظر اليه تبعــا لاختـلاف المذاهـب والنظريات التي انطلق منها كل تعريف وسيتم التطرق إلى هذا الاختلاف عند التعرض إلى نظريــات العـدوان, الا انه وبشكل عام يمكن تعريف العدوان Aggression بأنـه أي سلوك أو نشاط يراد بـه احدـاث الألم أو الضرر بالنفس أو بالآخرين" وتحديدا يمكن تعريف العدوان عند الاطفال كالآتي :ـ
1 ـ تبعـا لـرأي جيمس دريفر ان العـدوان يعني الهجـوم على الآخريـن والذي يرجـع في الغالب وليس دائما الى المعارضه ( العيسوي ، ص 48 ، 1990) .
2 ـ أما كود وماركيل فيعرفا العدوان بأنه خصومة ، عـداء ، تنافـر ، قضـاء حقد ، واتجاه معاد مفرط والميـل الـى جنـون الاضطهاد او الشعـور الاضطهادي التخيلـي ، كمـا انـه سمـة شخصية يمكن التعرف عليها لدى الاطفال غير المتوافقين اجتماعيا . جابلن وجايلن ايضـا يعرفـا العدوان بأنـه هجـوم أو فعـل موجـه نحـو شخص ما ، أو شيء ما ، واظهار الرغبة في التفوق على الاشخاص الآخرين أو أية استجابه للاحباط ، وهجوم متطفل ووقح من قبل أحد الاطراف أو ايذائهم أو الاستخفاف بهم أو السخريه منهم واغاظتهم بشكل ماكر لغرض انزال العقوبة بهم ( الظاهر, ص115, 2003) .
  أما بالنسبة لأشكال العدوان فمن الواضح أنه يأخذ عدة اشكال منها المباشر وغير المباشر ومنها المادي والمعنوي ومنها الموجه نحو الذات والموجه نحو الآخرين وغيرها من الأشكال وكما يلي :-
1 ـ يرى الخطيب والزيادي بأن للعدوان ثلاثة اشكال هي :ـ
ـ العدوان على الجسم أو الجسمي الذي أشترك فيه الجسد فـــي الاعتداء على الآخر أو شيء آخر مثل الضرب والرفس والدفع والقتال بالسلاح . ـ العدوان الكلامي الذي يقف عند حدود الكلام ولاتكون مشاركة الجسد الظاهر فيه أكثر من ذلك مع مايرافق الكلام احيانا من مظاهـر الغضب والتهديد والوعيـد مثل الشتائـم أو القذف بالسوء .
ـ الاعتداء الرمزي الذي نمـارس فيـه سلوكا يرمـزإلى احتقارالآخر أو تعود إلى توجيه الانتباه إلى اهانة تلحق به مثل الامتناع عـن النظر إلى الشخص ورد السـلام عليه أو الامتناع عـن تناول مايقدمه في بيته ( الخطيب والزيادي ، ص 92 ، 2001 ) .
2 ـ أما الاشول فهو يرى شكلين للعدوان هما :ـ - العدوان العدائي الذي يتجه نحو الاشخاص الآخرين وعادة مايكون مصاحبا بأحاسيس ومشاعر الغضب نحوهم .
ـ العدوان الأبـوي الذي يـهدف إلى احراز أو استرداد بعض الموضوعـات أو الاشياء المعينـة مــن الآخرين . ( الاشول ، ص326 ، 1989 ) .
3 ـ و الظاهر يطرح عدة أنواع للعدوان منها :ـ

(أ) بين فرودي وآخرون أربعة أنواع من العدوان هي
ـ العدوان المادي والجسمي : ـ ويقصد بها الضررأوالاذى الجسمي لشخص آخر أو لممتلكاته .
ـ العدوان اللفظي: ـ وهي أستجابه تؤدي إلى ضرر اجتماعي أو نفسي مثل الضرر في سمعة شخص آخر .
ـ العدوان المباشر: ـ وهوالعدوان الذي يكون هدفه الشخص المحرض الأصلي أو المستمر للسلوك العدواني .
ـ العدوان غير المباشر : ـ فهو عدوان مع هدف بديل(ليس المحرض نفسه أو المسـتفز للسـلوك العدواني) أو مايسمى بالعدوان المنقول .

(ب) كما صنف مرسى العدوان وفق المعيارالاجتماعي إلى صنفين أساسيين هما
ـ عدوان لااجتماعي ويشمل الافعال المؤذية التي يظلم بها الانسان نفسه أو يظلم غيره .
ـ عدوان اجتماعي : وبشمل الافعال المؤذيه التي تهدف إلى ردع اعتداءات الآخرين . ( الظاهر ، ص117 ـ ص20 , 2004 ) وكل من تصنيف فرودي وآخرون ومرسي من التصنيفات الشاملة لأنواع العدوان وأشكاله وتتمتع بالحداثة فـي هذا الميدان لـذا تـم تبني هذين الصنفين كأطـارا نظريا في البحث الحالي وكذلك الاجراءات اللاحقة فيه .
  فالعدوان المباشر يمكن ملاحظته بسهولة عند تلاميذ المدارس على شكل مشاجرات وضرب بعضهم البعض وايذاء في الكلام وايذاء الحيوانات وتهديد بعضهم البعض . . . الخ والغــير مباشر يكون كامنا وغالبا مايحدث من قبل الاطفال الاذكياءحيث يتصفون بحبهم للمعارضة وايذاء الاخرين بسخريتهم منهم .

ثانياً : نظريات العدوان وأسبابه
  تعددت النظريات التي تفسر العدوان وألأسباب المؤديه له ، الا انه يمكن اجمال هذه النظريات في اربعة محاور اساسية هي :ـ

1 ـ نظرية التحليل النفسي
  تبعا لهذه النظريه فأن القوى المحركة لسلوك الانسان هي غريزة الموت وغريزة الحياة وتفسر نظرية التحليل النفسي العدوان من منطلق غريزة الموت عند الانسان حيث انها نزعة الكراهية وعندما تجد هذه النزعة الطريق إلى التعبير يسيطر العنف على الانسان . أي ان الانسان عندما يشعر بتهديد خارجي تنتبه غريزته العدوانيه فتجمع طاقتها ويغضب الفـرد ، ويختل توازنـه الداخلـي ويتهأ للعدوان لأي اثـاره خارجيه بسيطـة, وقد يعتدي بـدون آثارخارجيه حتى يفرغ طاقته العدوانية ويخفف توتره النفسي ، ويعود إلى اتزانه الداخلي، كما ان فرويد ربط بين العدوان والمراحل المبكره للطفولة ويؤكد على ان جميع صور العدوان ذات مصدر جنسي موجه نحـو السيطرة على دفعـات الجنس ، وذلك من خـلال ربطها بالمراحـل المختلفة للتطور النفسي للطفل. ثم أكد أدلر أحد تلامذة فرويد على ان العنف والعدوان عبارة عن استجابة تعويضيـة عن الاحساس بالنقص (الزعبي ، ص 203 2001 ) (الظاهر ، ص 123 ، 2004 ) .

2 ـ النظريات السلوكية
  حيث يعتقد السلوكيـون بـأن السـلوك العدوانـي كغيره مـن السلوكـات الانسانية الاخرى متعلـم من خلال نتائجه حيث تزداد احتمالـة حدوث السلوك العدواني اذا كانت نتائجه مطروحــه والعكس صحيـح ، وهـو منطلـق نظريـة الاشــراط الاجرائـي لسكنر أي أن الأنمـاط السلوكيــة محكومة بتوابعها اجتماعيا .
  كما ان السلوك العدواني متعلم اجتماعيا عن طريق ملاحظة الاطفال نماـذج العدوان عند والديهـم ومدرسيهـم وأصدقائهـم وأفـلام التلفزيون وفـي القصص التي يقرأونها كما ان لاساليب التنشئة الاجتماعيـة دور كبير فـي هذا المضمار سـواء أكانت مباشرة ، مقصود أو غير مقصودة مثل توجيهات الوالدين نحو عدوانية أطفالهم أو وجود النماذج والقدوات العدوانية أمام الاطفال ، ولايخفى مالوسائل الاعلام من دور كبير في هذا الشأن ، لأن احساس وادراك الطفل يعتمد في المقام الأول على المحسوسات والحركة, والتلفزـون يحـول المجردات إلى محسوسات تساعد على سرعة وسهولة الاتصال والتأثير المباشـر على الطفل . كما ان نزعة التقليد لـدى الطفـل في هـذه المرحلة العمرية تنمي لديه العدوان المكتسب . (الديب ، ص 227 ، 2002 ) (محمود ، ص 65 ، 2004 )(البواب ، ص 267 ، 2004 ) (علاونه ، ص 285 ، 2004 ) .

3 ـ نظرية الاحباط ـ العدوان
  أكد دولارد ودرب وميلر وسيرز أكد ان الاحباط ينتج دافعا عدوانيا يستثير سلوك ايذاء الآخرين وان هذا الدافـع ينخفض تدريجيا بعد الحاق الأذى بالشخص الآخر حيث تسمى هذه العملية بالتنفيس أو التفريغ لأن الاحباط يسبب الغضب والشعور بالظلم مما يجعل الفرد مهيئا للقيام بالعدوان . كما ان معظم مشاجرات الاطفال ماقبل المدرسة تنشأ بسبب صراع على الممتلكات والالعاب فالشعور بالضيق واعاقة اشباع الرغبات البيولوجية يثير لدى الطفل الشعور بالاحباط وهذا يؤدي الى سوك عدواني مثل تحطيم الاواني واللعب . ( القرعان ، ص 100 ، 2004 ) (الظاهر ، ص 1 24 ، 2004) .

4 ـ النظرية البيولوجية
  فسر أصحاب هذه النظرية العدوان بأنه ناتج عن بعض الاسباب الجسمية والداخلية ولاسيما منطقة الفص الجبهي فـي المخ كونها المسؤولة عن ظهور السلوك العدواني عند الطفـل حيث تم التأكد من خـلال استئصال بعض التوصيلات العصبية في هذه المنطقة عن المخ أدى ذلك إلى خفض التوتر والغضب والميل للعنف وأكد علمـاء آخرين على ان بعض العوامل الجسمية مثل التعب أو الجوع أو وجود آلام جسمية لدى الاطفال تؤدي ايضا إلى السلوك العدواني .
  كما ارجع بعض الباحثين السلوك العدواني إلى الفطرة وأنه محصلة للخصائـص البيولوجيــة للفرد ، أي ان العدوان والعنف عند الانسان يتضمن نظاما غريزيا ، وأنه يعتدي لأشباع حاجاتــه لفطريـة للتملك والدفـاع عن ممتلكاته . ( القرعان ، ص 100 ، 2004 ) ( الزعبي ، ص 204 . 2001 ) ( الرمادي ، ص 317 ، 2003 ) ، وتبعا للنظريات والاسباب المؤدية للعدوان يمكن بشكل أو بآخراقتراح الحلول والعلاجات لمشكلة عدوانية طفل ما, لأن معظم هذه الحلول تأتي بعد فهم واضح لمسبب عدوانية الطفل الا ان بعض الافتراضات السابقة الذكرمن الصعوبة من خلالها وضع حلول او مقترحات علاجيـة بالرغم من معرفة الاسباب المؤدية للسلوك العدواني فيها كالافتراضات البيولوجية التي قـد يفيد فـي ضوئها وضـع بعض العلاجـات الماديـة أو الدوائيـة ، أما بالنسبة لافتراضات التحليل النفسي فقد ينفع معها مثلا نوجيه السلوك العدواني نحو أهداف أكثر انسانية وهكذا . . . أما بالنسبة للافتراضات الآخرى فأنها اكثر يسرا في فهم ومعالجة سبب العدوان بالاتجاه السلوكي والنفسي أو تحديد مسالك تربوية في علاج عدوانية طفل ما .

إجراءات البحث
أداة البحث
  استخدمت في البحث الحالي اداة لقياس العدوان عند الاطفال - عينة البحث- وهي مقياس يودوفسكي ورفاقه للعدوان وهو أحد وسائل قياس العدوان غير المباشرة والتي تصنف تحت نوع قوائم التقدير ويقوم من خلالها المعالجون بتقييم مستوى السلوك العدواني بأستخدام قوائم سلوكية محددة,( الظاهر ، 2004 ، ص 231 ) . حيث طلبت الباحثة من أم الطفل ـ الى الاغلب ـ أو معلمته أو ابيه أو أحد الاخوان ممن يعيشون مع الطفل المفحوص وضع علامة ( ) أمام الفقرة أو السلوك الذي تعتقد الأم أو الشخص الآخر بأن طفلها يسلكه بشكل واضح وان المقياس يتضمن اربع اشكال للعدوان وهي :ـ
ـ اللفظي .
ـ الجسدي .
ـ الموجه نحو الذات .
ـ الموجه نحو الاشياء .
ولكل نوع من هذه الانواع اربعة فقرات , أي ان مجموع فقرات المقياس 16 ستة عشر فقرة .
  ان هـذه الاشكال الاربعـة تتفق وألاطـار النظري في البحث الحالي مـن حيث أنـواع العـدوان ( الاول والثالث ) كما تتفق ونظريتي السلوكيه والاحباط ـ العدوان . وأعتبر الطفل عدوانيا ممن تم تأكيد أكثر من نصف فقرات المقياس عليه ـ كحد أدنى ـ أي (9) تسع نقاط فأكثر ، فيما اذا تم اعطاء لكل فقرة نقطة واحدة ، والملحق رقم(1) يوضح فقرات مقياس ( يودوفسكي ورفاقه للعدوان ) .

عينة البحث
  عينة البحث الحالي هي من الاطفال اللذين يتراوح أعمارهم بين (2-12) سنة, وتضم مراحل الطفوله الثلاث , المبكرة والتي يقصد بها مرحلة ماقبل المدرسة وتمتد بين (2-6 ) سنة والمرحلتين المتوسطة والمتأخرة اللتان تمتدان بين ( 6 ـ 12 ) سنة وهي التي تقابل مرحلة الدراسة الابتدائية بدءا من الصف الاول الابتدائي وحتى الصف السادس ابتدائي . وقد بلغت العينة (52 ) اثنان وخمسون طفلا من كلا الجنسين حيث بلغ عدد الاناث (20) اما الذكور(32 ) وأختيروا بشكل عشوائي, بعضهم كان في احدى رياض الاطفال وتم مقايلة معلماتهم وتطبيق الاداة معهم, أما البعض الآخر فأنهم كانوا من مناط متعددة في مركز محافظة البصرة والجدول (1) يوضح توزيع افراد العينة بالنسبة لمتغيري الجنس والعمر
الجنس _ العمر 4 _ 2 6 _ 4 8 _ 6 10 _ 8 12 _ 10 المجموع
ذكر 7 6 6 8 5 32
انثى 5 4 3 6 2 20
المجموع 12 10 9 14 7 52

الوسائل الإحصائية
  أستخدمت في البحث الحالي ، عدة وسائل احصائية للتوصل إلى نتائجه ، بعد تطبيق الأداة ـ مقياس العدوان ـ ومنها :ـ
ـ الوسط الحسابي
ـ الانحراف المعياري
ـ الاختبار التائي

نتائج البحث
  تم التوصل إلى نتائج البحث وتبعا لأهدافه ففي الهدف الاول , تم قياس العدوان عند الاطفال ولكلا الجنسين ، وبما ان المقياس يتضمن أريع اشكال فرعية للعدوان فقد تبين الآتي :ـ
تبعا لدرجات المقياس المستحدم فقد ظهر :ـ
ان الاطفال في جميع مراحل الطفولة ذو مستوى عدواني ، أي انهم عدوانيون ، وان الذكور أكثر عدوانية من الاناث .

والجدول (2) يوضح ان الاطفال ذو مستوى عدواني
العينة القيمة الثانية المحسوبة درجة الحرية الدلالة الاحصائية
52 2.048 50 .42

والجدول (3) يوضح ان الذكور اكثر عدوانية من الاناث
الجنس العينة الوسط الحسابي الانحراف المعياري
ذكور 20 10 . 10 2 . 22
اناث 22 8.50 1.87

  كما ظهر ان هناك اختلاف وتشابه بين الجنسين في اشكال العدوان الفرعية المتضمنه في المقياس. حيـث تبين ان كـلا الجنسين لايختلفون في شكل العدوان اذا كان عدوانـا لفظيـا أو عدوان موجه نحو الذات أو عدوان موجه نحو الاشياء ولكنهم يختلفون فيه اذا كان عدوانا جسديا فالذكور اكثر من الاناث .

والجدول (4) يوضح اختلاف وتشابة الجنسين في اشكال العدوان
شكل
العدوان
الجنس العينة الوسط الحسابي الانحراف
المعياري
عدوان لفظي ذكور
اناث
30
22
3 . 40
3 . 22
. 67
. 81
عدوان موجه نحو الذات ذكور
اناث
30
22
1 . 50
1 . 36
1 . 45
. 84
عدوان جسدي ذكور
اناث
30
22
2 . 70
1 . 68
1 . 02
1 . 04
عدوان موجه نحو الاشياء ذكور
اناث
30
22
2 . 50
2 . 22
1 . 35
. 97

  أما بالنسبة للهدف الثاني وأستنادا إلى مسببات العدوان واشكاله فانه يمكن استنتاج بعض المقترحات العلاجية للحد من مستوى العدوان عند الاطفال وهي كالآتي :ـ
* الاهتمام برعاية الطفل في جميع جوانب الرعاية الصحية والنفسيـة التربويـة ، ومحاولة تقليل العناصر المؤدية للعدوان من خـلال وضع المناهج الصحية والنفسيـة التربويـة ، الخالية مـن تلك المؤثرات التي من الممكن ان تؤدي إلى تعلم الطفل أو تشجيعه علىالسلوك العدواني بأي شكل من الاشكال .
* بما ان التلفزيـون أحد أكثـر المسببـات للسلوك العدواني عند الطفـل هنا يجب ان نلقت انتبـاه الجهات المسؤولة والمنتجة فنيا لأعمال التلفزيون في الوطن العربي إلى انتاج الاعمـال والبرامـج الموجهة والمناسبة للقيم والمباديء التربوية والدينية والانسانية قبل كل شـيء وتقليل الاعمـال العدوانية وزيادة الرقابة على الاعمال والبرامج الاجنبية المسببه للعنف وكذلك الامـر بالنسبة لألعاب الفيديو والسي دي لما لها من تأثير سلبي في أثارة الرعب بين الاطفال .
* انشاء بدائل للتسلية غير التلفزيون والعاب الدمى وتقويـة الانتماء القومـي والاجتماعـي مــن خلال النوادي والمراكز الثقافيــة والرياضيـة التي مـن شأنها توجيه الاطفـال الوجهه التربويـة الصحيحة .
* التشخيص المبكر للسلوك المـؤدي للعـدوان مثـل الـهروب مـن المدرسـة والتسكـع وتقلـب المـزاج والعناد ، وهـذا يتأتى عن طـــريق تشجيع الباحثين فـي هـذا الميـدان لدراسـة هـذه الظواهـر ومحاولة وضع حل لعلاجها قبل أن تتطور إلى سلوك عدواني يصعب علاجه هذا من جهة ، ومـن جهة أخرى محاولة تكريس الجهـود لدراسـة السلوك العدواني عن طريق اقامة المؤتمرات والندوات ومناشـدة المنظمـات العربيـة والعالمية كالجامعـة العربية ومنظمـة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم ومنظمــة اليونسيـف وانقاذ الاطفال, للتدخل بما يحد من هذه الظاهرة .
* للاسرة دور كبير في الحد من هذه الظاهرة . لذا يجب الاكثار مـن البرامج التربوية والتثقيفية الخاصة بالطفل وكيفيـة التعامـل معـه داخـــل الاســـرة ولاسيما الوالدين وعدم اتبـاع اسلوب العنف ضـد الاطفـال مثـل الضـرب والصراع بل يجب تعويد الطفل على الحب والتسامح وغرس القيم والمفاهيم الايجابية في الحياة ، ومحاولة توسيع دائـرة صداقاتـه ليشعر بأنـه محبوب واعطاءه الوقت الكافي ليعبر عن ذاته وغرس الثقة باــلذات لديه عن طريق اجراء الحوار معه ومناقشته للتوصل إلى دوافعه المؤديةللعدوان ومحاولة اشباعها .
  وتقديم التعزيز له فيما لو ظهر السلوك المرغوب عن طريـق المكافئة المعنوية والعطف وتقديم الدعم النفسـي وكذلك الوعود بزيارة الاقارب والاصدقاء المحبين له والمكافئة بالتنزه والهدايا البسيطة .

ملحـق رقـم (1)
مقياس ( يودوفسكي ورفاقه للعدوان ) ضع إشارة امام الفقرة التي تنطبق على الطفل 1 ـ يصدر أصواتا عالية ويصرخ بغضب .
2 ـ يعتدي على الآخرين لفظيا ( كقول أنت غبي ) .
3 ـ يلعن الآخرين ويشتمهم ويستخدم لغة رديئة عندما يغضب .
4 ـ يهدد الآخرين لفظيا .
5 ـ يخدش نفسه أو يشد شعره ( دونما أذى أو بأحداث أذى بسيط) .
6 ـ يضرب رأسه ، يضرب الاشياء بيده, يرمي بنفسه على الارض ( يؤذي نفسه بشكل بسيط ) .
7 ـ يجرح نفسه جرحا بسيطا أو يحرق اجزاء من جسمه بشكل طفيف .
8 ـ يؤذي نفسه بشكل ملحوظ ، يحدث جروحا بالغة , يعض نفسه الىان ينزف .
9 ـ يصدر ايماءات تهديديه ويمسك بملابس الاخرين بعنف .
10 ـ يهجم على الاخرين ويركلهم أو يدفعهم أو يشد شعرهم ( دون ان يؤذيهم ) .
11 ـ يهاجم الاخرين مسببا جروحا أو اذى بسيطا أو متوسطا .
12 ـ يهاجم الاخرين مسببا اذى جسديا شديدا (مثل الجروح العميقه أو كسر طرف ) .
13 ـ يضرب الابواب بعنف يمزق الملابس ويحدث فوضى عارمة .
14 ـ يلقي الاشياء على الارض، يخربش على الجدران ويضرب الاثاث دون ان يتلفه .
15 ـ يكسر الاشياء ويكسر النوافذ .
16 ـ يحدث حرائق ويرمي الاشياء بطريقة خطرة .

المصادر
1 ـ الاشول ، عادل عز الدين ، علم النفس النمو ، ط 2 ، القاهرة ، مكتبة الانجلو مصرية ـ 1989 .
2 ـ البواب ، خليل ، الموسوعه النفسية ، ط1 ، دار اليوسف للنشر ، لبنان 2004 .
3 ـ الخطيب ، هشام والزيادي ، أحمد محمد ، الصحة النفسية للطفل ، الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ، عمان ، ط1 ، 2001 .
4 ـ الديب ، أميرة ، اسس بناء القيم الخلقية في مرحلة الطفولة ، مكتبة الاسرة ، القاهرة ، 2002 .
5 ـ الريماوي ، محمود عودة ، علم نفس النمو ( الطفولة والمراهقة ) ، عمان ، دار المسيرة ، 2003 . 6 ـ الزعبي ، احمد محمود ، الامراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الاطفال ، عمان ، دار زهران للنشر ، 2001 .
7 ـ الظاهر ، قحطان احمد ، تعديل السلوك ، ط2 ، دار وائل ، عمان 2004 .
8 ـ العيسوي ، عبد الرحمن ، الارشاد النفسي ، الاسكندرية ، دار الفكر الجامعي ، 1990 .
9 ـ القرعان ، احمد خليل ، الطفوله المبكرة ، خصائصها ، مشاكلها ، حلولها ، دار الاسراء للنشر والتوزيع ، عمان ، ط 1، 2004 .
10 ـ علاونه ، شفيق فلاح ، سيكولوجية التطور الانساني في الطفولة ، عمان ، ط 1, دار المسيرة ، عمان ، 2004 .
11 ـ محمود ، عكاشة عبد المنان ، الخوف والارق عند الاطفال ، عمان دار الاخوة ، 2004 .

BASRAHCITY.NET