التعليم عند إخوان الصفا والغزالي
دراسة مقارنة

الاستاذ علي هـادي طاهـر

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

   احتلت البصرة مكانة كبيرة من الناحية الفكرية منذ ان بناها عتبة بن غزوان بأمر الخليفة عمر بن الخطاب وحتى يومنا هذا فصارت مدينة للعلم والعلماء يقصدها القاصي والداني . ففي البصرة ظهرت القدرية والمرجئة ، وبها نشأ المعتزلة ، الذين كان لهم دور كبير في الدفاع عن العقيدة الإسلامية ضد الديانات الأخرى والتي دخل أصحابها هذه المدينة وحاولوا تشويه الإسلام وتعاليمه السمحاء كالمانويين والزراد شتيين فضلا عن البراهمة والصابئة واليهود، المسيحيين الذين تسلحوا بالفلسفة والمنطق ليخوضوا جدلا حادا ومعركة فكرية دارت رحاها على ارض البصرة .
  ومقابل هذا التحدي نهض رجالات المعتزلة لينذروا أنفسهم للرد على خصومهم معتمدين على الأدلة النقلية والأدلة العقلية بأسلوب منطقي لإفحام المعاندين وهكذا أنجبت البصرة الفيحاء نخبة من ممثلي المعتزلة كواصل بن عطاء وأبو الهذيل العلاف وإسحاق بن سيار النظام وأبو معتمر بن عباد السلمي وعمرو بن بحر الكناني ( الجاحظ ) والجبائيين والقاضي عبد الجبار وغيرهم .
  ومثلما قدمت البصرة ابرز رجالات المعتزلة قدمت ابرز رجالات المذهب إلا شعري كأبي الحسن الأشعري الذي أسس مذهب الأ شاعرة بعد تخليه عن الأعتزال وفي البصرة نشأت نخبة من كبار المفكرين كالحسن البصري الذي مثل الفقة والزهد وأبو الأسود الدؤلي الذي بدأت على يديه الدراسات اللغوية والأدبية والنحوي الكبير عمرو بن عثمان الحارثي المعروف بسيبويه وغيرهم . فالبصرة كانت ملتقى للشعراء والادباء ومربدها خير شاهد على ذلك ولم يقف تراث البصرة عند هذا الحد فحسب وانما قدمت علماء بارزين في مختلف العلوم رفعوا فيه رصيد تراث مدينتهم فمن البصرة كانت رابعة العدوية شهيدة العشق الالهي والحارث المحاسبي الصوفي البارز ومن البصرة العالم الكبير الخليل بن احمد الفراهيدي، والشاعر اللامع ابو نؤاس .
  وفي البصرة ظهرت جمعية إخوان الصفاء وخلان الوفاء ـ حيث قدمت رسائل فلسفية شملت شتى ضروب المعرفة وهكذا كانت البصرة مركزا فكريا ومعينا لا ينضب لرفد الإنسانية بالعلم والمعرفة فقدمت تراثا ضخما. واعتزازا بهذا التراث عزمنا كتابة هذا البحث الموسوم ( التعليم عند إخوان الصفاء والغزالي دراسة مقارنة ) فكانت كتابتنا عن إخوان الصفاء بدافع إحياء جزء بسيط من تراث هذه المدينة .
  أما سببب مقارنة الإخوان مع الغزالي في موضوع التعليم حصرا وتحديدا ، فنقول أن سبب الكتابة عن الغزالي هو أن أبو حامد قد وجه نقدا لإخوان الصفاء وطعن في افكارهم ومذهبهم فأردنا إن نبين المواضع التي نقدهم فيها ، أما سبب اختيار موضوع التعليم للمقارنة هو ، ان بعض القراء عندما اطلعوا على أراء الإخوان في التعليم وأراء الغزالي في الموضوع نفسه حكموا بوجود تشابه كبير بين أراء الإخوان والغزالي، وبما ان الإخوان سبقوا الغزالي في الفترة الزمنية فان بعض الباحثين اعتقد أن الغزالي تأثر باراء الإخوان التعليمية مع علمهم بالاختلاف الكبير بين فلسفة الإخوان والغزالي ومن هذا المنطلق أردنا تأكيد مسألة مهمة وهي ان أفكار إخوان الصفاء التعليمية تختلف عن أفكار الغزالي ، فهي وان تشابهت في الظاهر إلا أنها تختلف في الجواهر وعلى هذا الأساس كانت هذه الدراسة المبسطة التي بدأناها بإعطاء نبذة مختصرة عن الإخوان والغزالي، وبعدها تكلمنا عن مواضع الشبة دون التعليق عليها ثم تكلمنا عن اختلاف هذه المسائل التي بينا تشابههم فيها لنوضح مدى الاختلاف الكبير بين الإخوان والغزالي ، ولا بد ان ننوه الى مسألة مهمة وهي ان هذه الدراسة لاتعني العرض لكل أفكار إخوان الصفاء والغزالي التعليمية وانما هي عرض الأفكار التي توهم القارئ بوجود الشبه بينهم والله ولي التوفيق .

أولا : إخوان الصفاء والغزالي
  بما أن الإخوان سبقوا الغزالي في الفترة الزمنية ، فسنقدم تعريفا بهذه الجماعة أولا وبعدها نعرف بالغزالي .
  إخوان الصفاء جمعية فلسفية سرية قامت على المحبة والألفة ، كتبوا سلسلة من الرسائل سموها ، رسائل إخوان الصفاء ، بثوا فيها أفكارهم وآرائهم(1) ، وتعد رسائلهم موسوعة فلسفية صاغها أصحابها في قالب أدبي جذاب، فقدموا اثنين وخمسين رسالة تكلم أصحابها عن جميع العلوم والمعارف في زمانهم والعلوم السابقة على زمانهم فكانت رسائلهم شاملة للعلوم الرياضية والمنطقية والطبيعية والإلهية والعقلية ، ولخصوا جميع أفكارهم برسالة سموها الرسالة الجامعة(2) ، ظهرت هذه الجماعة في البصرة وصار لها فرع في بغداد، وذكر القفطي نقلا عن التوحيدي أسماءجماعة البصرة وهم . ( زيد بن رفاعة ، وأبو سليمان محمد بن معشر البستي المعروف بالمقدسي ، وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني ، وابو احمد المهرجاني ، والعوفي )(3) .
  وذكر التوحيدي في المقابسات جماعة غير هؤلاء وهم أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني وأبو زكريا الصيمري ، وابو الفتح النوشجاني، وابو محمد العروضي ، والمقدسي ، والقومسي(4) ، وهذه الأسماء على ما يبدو هي أسماء جماعة بغداد، وهذا ما أكده عمر الدسوقي(5) .وجماعة بغداد هذه كانت على علاقة مع أبى العلاء المعري وهذا ما أكده طه حسين والمستشرق بروماك دونالد(6) .
  وبعد ان بينا من هم إخوان الصفاء سنشير إلى موضوع زمن ظهورهم هذا الموضوع الذي صار مثارا" لاختلاف المهتمين بدراسة تراث إخوان الصفاء حيث انقسموا اتجاهات عدة ، قسم أكد أن هذه الجمعية نشأت في القرن الرابع الهجري على الإطلاق . وقسم قال أنها نشأت في منتصف القرن الرابع الهجري(7) ، وقسم أكد أن بذور هذه الجمعية قد نبتت أيام الأمام جعفر الصادق ( ع) وهذا ما ذهب اليه بعض الباحثين كعلي سامي النشار وعبد اللطيف محمد العبد وغيرهم(8) . ونحن نرى أن الأقرب للصحة هو ، ان بذور هذه الجمعية نشأت أيام إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) ونرجح نشوءها بعد وفاة الإمام الصادق (ع) في الفترة التي حصل الخلاف فيها بين من يرى ان الإمامة لإسماعيل بعد ابيه وبين من يرى أنها للإمام موسى الكاظم (ع) ، وسبب ترجيحنا هذا القول هو كون إخوان الصفاء شيعة إسماعيلية(9) وهذه المسألة تتضح عند مقارنة رسائل الإخوان بمؤلفات رجالات المذهب الإسماعيلي(10) وبعد ان عرفنا إخوان الصفاء سنقدم بطاقة تعريف بالغزالي .
الغزالي :ـ هو محمد بن محمد بن أحمد ، أما عن لقب الغزالي فقد قال ابن خلكان ( والغزالي بفتح العين المعجمة وتشديد الزاي المعجمة وبعد الألف لام ـ هذه النسبة الى الغزّال ، على عادة أهل خوارزم وجرجان فانهم ينسبون إلى القصار القصاري ، وإلى العطار العطاري ، وقيل ان الزاي مخففة نسبة إلى غزالة وهي قرية من قرى طوس، وهو بخلاف المشهور . . . )(11) .
  ونحن نؤيد قول ابن خلكان لان والد الغزالي كان يبيع الصوف ، فنسبة الغزالي تعود الى صنعة والده هذا من جانب ومن جانب اخر ان مؤرخا كبيرا مثل ياقوت الحموي لم يتكلم عن هذه القرية في مؤلفة الضخم معجم البلدان ولم يشر الى ان هذه القرية تقع في طوس(12) .
  إما ولادة هذا المفكر فكانت سنة 450 هـ في طوس في عائلة فقيرة اتخذ سيدها من بيع الصوف مهنة وكان رجلا يجالس المتفقهة ويحضر مجالس الوعظ ويألف الصوفية ، ويبدو انه لم يرزق بابي حامد واخوه أبي الفتوح احمد باكرا ، وكان يتمنى ان يتعلم أولاده ولكنه توفى باكرا وهما بعد طفلان حيث ترك لهما مالا وطلب من جار له أن ينفقه في تعليمهما ، وبعد أن نفذ المال نصحهما جارهما بان يدخلا مدرسة يأكلان فيها ويؤديان ويتعلمان لأنه اخبرهما بأنه لا يملك المال الكافِ لإعانتهما .
  تلقى ابو حامد الغزالي الفقه في طوس على احمد بن محمد الراذكاني(13) ، ثم ذهب الى جرجان ودرس على الشيخ أبى القاسم إسماعيل بن مسندة الاسماعيلي(14) ، وذهب الغزالي بعد ذلك إلى نيسابور ودرس على إمام الحرمين الجويني علوم الفقة والمنطق والاصول وعن الجويني اخذ الغزالي المذهب الأشعري كما اخذ التصوف عن ابي علي الفضل بن محمد الفارمدي الطوسي(15) ، وبعد وفاة الجويني خرج الغزالي من نيسابور عام 478 هـ / وكان عمره انذاك ثمانية وعشرين عاما وكان متزوجا حينئذ(16) ، ذهب الى العسكر قاصدا نظام الملك، حيث كان يشجع العلم والعلماء ، واستطاع الغزالي أن يقهر خصومة في المناظرة التي حصلت في مجلس نظام الملك ، فاختاره الوزير للتدريس في نظامية بغداد وهو في الرابعة و الثلاثين من عمره ونال حضوه عند العلماء والأمراء والملوك والوزراء وضرب جاها واحتراما كبيرين إلا انه لم يستمتع في ذلك المجد طويلا فحصل ان انتابته انتفاضة عارمة أبعدته عن مجده وعندها لجأ إلى العزلة(17) .
  ووصف الغزالي حاله تلك في المنقذ حيث قال ( فلم أزل أتردد بين تجاذب شهوات الدنيا ودواعي الآخرة قريباً من ستة اشهر أولها رجب سنة ثمان وأربعمائة ، في هذا الشهر تجاوز الأمر حد الاختيار إلى الاضطرار، اذ قفل الله على لساني حتى اعتقل التدريس فكنت أجاهد نفسي ان ادرس يوما واحدا تطييبا لقلوب المختلفة الآتين لسماع الدروس ، وكان لا ينطق لساني بكلمه ولا يستطيعها ألبته ثم أورثت هذه العقله في اللسان حزنا في القلب . . . حتى قطع الأطباء طمعهم في العلاج )(18) ، ونصحه بعض الأطباء بالسياحة ، ووصف تنقلاته في المنفذ أيضا حيث عزم الذهاب إلى مكة إلا انه كان يدبر نفسه إلى الشام وسافر الى الشام واعتكف في مسجد دمشق ثـم ذهـب إلى القدس ثـم عـاد إلى دمشـق ثم توجه إلى مكة لأداء فريضة الحج وزيارة قبر الرسول (ص)(19) ، ويقال انه ذهب الى مصر قاصدا منها ركوب البحر إلى بلاد المغرب للاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين صاحب مراكش ولكنه عزف عن ذلك بعد بلوغه خبر وفاة الأخير(19) .
  ثم عاد الى بغداد حوالي سنة 498 هـ ولكنه لم يمارس التدريس ، متنقلا بين طوس وهمذان ونيسابور فيما يبدو واستطاع فخر الملك بن نظام الملك من إقناع الغزالي بالتدريس في نطامية نيسابور، وبعد شهر او نحو ذلك قتل فخر الملك على يد رجل من الباطنية في يوم عاشوراء سنة 500 هـ(21) ، فعندها عاد إلى طوس ليقضي بقية أيامه فيها وبنى قرب بيته مدرسة للمشتغلين بالعلم وخانقاها للصوفية حيث كان يرعاهم ، وتوفي الغزالي كما ذكر السبكي يوم الاثنين في 14 جمادي الأخر سنة 505هـ ودفن في مقبرة الطابران بطوس وصار قبره مزاراً(22) .
  نال الغزالي اهتماما كبيرا من قبل دارسي التراث الفكري الإسلامي لكونه فقيها شافعيا ومتكلما اشعريا ومتصوفا وناقدا للفلسفة ، ناهيك عن ارائه الأخلاقية والأفكار التربوية ، فالمهتم بدراسة مواضيع التراث الفكري الإسلامي لابد وان يمر عليه اسم الغزالي ، لانه قدم مؤلفات عدة شملت ضروب المعرفة شتى وإحصاء هذه الكتب يحتاج إلى وضع كتاب كامل وهذا ما فعله الدكتور عبد الرحمن بدوي(23) .
  ولم يقف تأثيرا لغزالي على المسلمين وحسب و إنما وصل أثره ليشمل الغرب وخير شاهد على أثره هو تأثر الفيلسوف الفرنسي رينية ديكارت رائد الفلسفة الحديثة بالمنهج الشكي الذي اعتمده الغزالي في كتابة المنقذ من الضلال .
  وحول هذا الموضوع يقول عثمان الكعال التونسي بانه عندما زار مكتبة ديكارت وجد فيها نسخة مترجمة لكتاب المنقذ وقد علق ديكارت بخطة على الأجزاء التي تتعلق بالشك كاتبا ( تنقل الى مذهبنا )(24) ، وبعد ان تكلمنا عن اخوان الصفاء والغزالي سنتكلم عن موضوع التعليم مبتدئين بدراسة نقاط الشبه بينهم .

ثانيا : الشبه بين افكار اخوان الصفاء والغزالي في مواضيع التعليم
  ان من يقرأ رسائل إخوان الصفاء ومؤلفات الغزالي يجد تشابها كبيرا في كثير من الآراء التي تتعلق بالتعليم فشابة تقسيم الإخوان للعلوم الفلسفية التقسيم الذي قدمه الغزالي في المنقذ وتشابهوا في تأكيد اقتران العلم بالعمل ، واشترطوا على ان يكون القصد من العلم طلب الآخرة لا الدنيا ومغرياتها الزائلة . فضلا عن ربطهم العلم بالأخلاق وقدموا شروطا يجب على المعلم التزامها وأخرى يجب على المتعلم التزامها . فضلا عن تأكيدهم ضرورة التوسع في العلوم والمعرفة هذا التوسع الذي يجب ان يكون بشكل تدريجي مراعاة لمستوى عقول المتعلمين . ولنبدأ بالموضوع الأول.
1 ـ العلوم الفلسفية :ـ
  قسم إخوان الصفاء العلوم الفلسفية الى خمسة اقسام وهي العلوم الرياضية والعلوم المنطقية والعلوم الطبيعية والعلوم الإلهية والعلوم السياسية فأما الرياضية تشمل علم العدد الحساب والهندسة وعلم النجوم والعلوم المنطقية وتشمل صناعة الشعر وصناعة الخطب وصناعة الجدل وصناعة البرهان وصناعة المغالطين(25) . اما العلوم الطبيعية فتشمل علم المبادئ الجسمانية أي معرفة ( الهيولى ، والصورة والزمان ، والمكان ، والحركة ، وتشمل هذه العلوم أيضا علم السماء والعالم الذي يبحث في جواهر الكواكب والأفلاك ـ وعلم الكون والفساد الذي يهتم بمعرفة الأركان الأربعة (النار والهواء والماء والأرض) وعلم حوادث الجو فضلا عن (علم المعادن وعلم النبات وعلم الحيوان )(26) .
  أما العلوم الإلهية فتتمثل في معرفة الله جل جلاله وصفاته ووحدانيته وكيف هو علة الوجود وخالق المخلوقات عالم الغيب والشهادة ، ويدخل ضمن العلوم الإلهية علم الروحانيات أي معرفة الملائكة ، وعلم النفسانيات الذي يقوم على معرفة النفوس والأرواح السارية في الأجسام الفلكية والطبيعية من لدن الفلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض ويدخل ضمن العلوم الإلهية علم المعاد المتمثل في معرفة النشأة الأخرى وكيفية انبعاث الأرواح من الأجساد وحشرها يوم القيامة على الصراط المستقيم لحساب يوم الدين ، وادخلوا ضمن العلوم الإلهية علم السياسة النبوية أي سياسة الأنبياء والسياسة الملوكية سياسة الملوك والسياسة العامية ، والسياسة الخاصية أي سياسة الخاصة والسياسة الذاتية أي سياسة الإنسان مع نفسه(27) وهذه السياسات بلا شك سياسات اخلاقية .
  اما بالنسبة للغزالي فقد قسم علوم الفلاسفة ستة أقسام وهذا التقسيم نجده في كتاب المنقذ من الضلال حصرا وتحديدا أما باقي مؤلفاته كمقاصد الفلاسفة واحياء علوم الدين وغيرها فلم يشر الى هذه الأقسام الستة التي ذكرها في المنقذ حيث عرض علوم الفلاسفة بصورة عامة دون ان يذكر التفاصيل التي قدمها اخوان الصفاء ولكنه على كل حال يعني التقسيم نفسه الذي ذكره الإخوان فأكد بان علومهم الفلسفية تتمثل بالعلوم الرياضية التي تشمل علم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم(28) والمنطقيات التي تتمثل بالنظر في طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكيفية تركيبها وشروط الحد الصحيح وكيفية ترتيبة .
  ومن علوم الفلاسفة أيضا علم الطبيعات الذي يبحث عن عالم السماوات وكواكبها وما تحتها من الأجسام المفردة كالماء والهواء والتراب والنار وعن الأجسام المركبة كالحيوان والنبات والمعادن وعن اسباب تغيرها واستحالتها وامتزاجها(29) ، أما العلوم الإلهية أو الإلهيات فأوضح انها تبحث في مواضيع المعاد والحساب في الحياة الآخرة ، وعلم الله تعالى وإيجاده للعالم فضلا عن صفات الله تبارك وتعالى ، اما السياسات فاوضح الغزالي أن كلامهم فيها ( أي الفلاسفة ) يرجع الى الحكم المصلحية المتعلقة بالأمور الدنيوية والمسائل التي تتعلق بالجوانب السلطانية وهذه المسائل أخذها الفلاسفة من كتب الانبياء ومن الحكم المأثورة عن سلف الأنبياء .
  أما العلوم الخلقية فجميع كلام الفلاسفة يرجع الى صفات النفس وأخلاقها وذكر أجناسها وأنواعها وكيفية مجاهدتها وهذا الكلام أخذوه من كلام الصوفية(30) ، ومن خلال ما تقدم نعرف التشابه بين أفكار الإخوان والغزالي في نظرتهما للعلوم الفلسفية والمواضيع التي تبحثها هذه العلوم ، وبعد ان عرفنا تقسيمهم للعلوم الفلسفية سننتقل إلى موضوع تأكيد الإخوان والغزالي على اقتران العلم بالعمل وطلب الآخرة .
2 ـ العلم والعمل :ـ
  ان الاقتران بين العلم والعمل من المواضيع التي اكدها اخوان الصفاء حيث نظرو للعلم على انه قنية روحانية ينال الإنسان من خلالها السعادة في الاخرة وهذه السعادة لاتزول ابدا فبالعلم ينال الإنسان طريق الاخرة وبالدين يصل إليه وباجتماع العلم والدين تضيء النفس وتشرق(31) ، وأكدوا على أهمية الشرائع الإلهية والعلوم الإلهية حيث قالـوا عن العلـوم الشرعيـة ( وأعلم يا اخي انه ليس من علم ولاعمل ولا صناعة ولاتدبير ولاسياسة مما يتعاطاه البشر هو اعلى منزلة ولا اسنى درجة ، ولا في الآخرة اكثر ثوابا ، ولا بأفعال الملائكة اشد تشبها ولا إلى الله، اقرب قربة ، ولالرضاه ابلغ طلباً من وضع ( الشرائع الإهية )(32) .
  اما عن العلوم الإلهية فقد جعلوها غايتهم القصوى والغرض الاساس من وراء دراستهم للعلوم(33) ، اما الغزالي فأكد هذا الموضوع وسنذكر احد اقواله في احياء علوم الدين حيث قال ( إذا نظرت إلى العلم رأيته لذيذا في نفسه فيكون مطلوبا لذاته ، ووجدته وسيلة إلى دار الآخرة وسعادتها وذريعة الى التقرب من الله تعالى ولا يتوصل إليه إلا به ، واعظم الاشياء رتبة في حق الآدمي السعادة الابدية ، و أفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها ولن يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل ، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو افضل الأعمال . . . )(34) ، أما عن اهمية العلم الإلهي عند الغزالي فنجدها في حديثه عن تفاضل العلوم ـ فافضلية العلم وشرفه تتحدد عنده بثمرته او وثاقة دليله وبما ان العلوم الالهية كالعلم بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله تمتاز بقيمة ثمرتها ووثاقة دليلها فهي اشرف العلوم(35)، فإخوان الصفاء والغزالي اكدوا موضوع اقتران العلم بالعمل فهم قد تشابهوا في هذا الموضوع مثلما حصل التشابه في تقسيمهم للعلوم الفلسفية .
3 ـ ما يجب على المعلم التزامه
  قبل ذكر ما يجب على المعلم التزامه نود أن نوضح مسألة مهمة وهي ان إخوان الصفاء والغزالي قد أعطوا للمعلم مكانة كبيرة وبالغوا في تعظيم المعلم فوصفوه بأنه خليفة الله في أرضه ، وهذا الوصف نجده في حديث إخوان الصفاء عن الإنسان المطلق(36) بوصفه معلما للإنسانية وخليفة الله فـي أرضـه وهذا نص قولهم ( واعلم يا أخـي أيدك الله بروح منه بأن هذا الإنسـان الذي قلنا هـو خليفة الله وهو مطبوع على قبول جميع الأخلاق وجميع العلوم الانسانية والصنائع الحكمية ، وهو موجود في كل وقت وزمان ومع كل شخص من أشخاص البشر تظهر منه أفعالـه وعلومـه وأخلاقه . . . )(37) .
  وهكذا فكرة نجدها عند الغزالي في قوله ( والمعلم متصرف في قلوب البشر ونفوسهم واشرف موجود على الأرض جنس الإنس واشرف جزء من جواهر الإنسان قلبه ، والمعلم مشتغل بتكميلة وتجميلة وتطهيره وسياقته الى القرب من الله عز وجل ، فتعلم العلم من وجه عبادة الله تعالى ومن وجه خلافة الله تعالى وهو من اجل خلافة الله، فان الله قد فتح على قلب العالم العلم الذي أخص صفاته ، فهو كالخازن لأنفس خزائنه ثم هو مأذون له في الإنفاق منه على كل محتاج إليه فأي رتبة أجل من كون العبد واسطة بين ربة سبحانه وتعالى وبين خلقه . . . )(38) .
  فضلا عن ذلك فقد أكد الإخوان والغزالي على دور المعلم كأب روحي للمتعلم حيث فضلوه على الأب الحقيقي وحجتهم في ذلك ان الأب منح ولده صورة جسد انية فكان سببا في وجود هذا الجسد في الدنيا ودوره هو إصلاح حال هذا الجسد في هذه الدار التي هي دار فناء أما المعلم فيعطي المتعلم صورة روحانية من خلال تغذية نفس المتعلم بالعلوم والمعارف التي تهديـة إلى طريـق الآخرة(39) ، وأكدوا أيضا على ضرورة التعاون بين المتعلمين والمعلم على امور الدين والدنيا وهذا التعاون لا يحصل مالم يكن غرضهم طلب الآخرة، فقال إخوان الصفاء ( . . . لان إخوان الصدق هم الأعوان على أمور الدين والدنيا جميعا وهم اعز من الكبريت الأحمر )(40) ، وقال الغزالي في هذا الموضوع ( . . . وكما ان حق ابناء الرجل الواحد ان يتحابوا ويتعاونوا على المقاصد كلها، فكذلك حـق تلامـذة الرجـل الواحـد التحـاب والتوادد ولا يكون إلا كذلك ان كـان قصدهم الآخرة . . . )(41) فإخوان الصفاء والغزالي أكدوا على دور المعلم وبشكل بارز وتشابهوا في هذا الموضوع .
  اما عن الشروط اللازم توافرها بالمعلم عند الإخوان والغزالي فنقول ان إخوان الصفاء وخلان الوفاء وضعوا شروطا عدة أكدوا ضرورة توافرها عند المعلم وهي تشبه الشروط التي وضعها الغزالي حيث طلب الإخوان من المعلم ان لا يحسد أخا ذا مال ولا يستحقره لجهله، ولا يفتخر عليه بعلمه ولا يطلب عوضا منه فيما يعلمه وان لايمن على المتعلم والى نفس تلك الأفكار ذهب الغزالي حيث طلب من المعلم ان يقتدي بصاحب الشرع (ص) بأن لا يطلب على إفادة العلم أجرا أو شكرا بل يعلم لوجه الله وان لايمن على الذين علمهم بل يجب أن يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم للتقرب إلى الله وان يطلب الأجر من الله تعالى(42) .
  وأكد الإخوان والغزالي أن على المعلم مراعاة مستوى المتعلمين وان يعتمد التدريج في إعطاء المواد الدراسية لهم . ولنبدأ بإخوان الصفاء حيث أوضحوا بان على المعلم ان يراعي المستوى العلمي والإمكانيات المتوافرة عند المتعلم وان يعرف رغبة المتعلم و إلى أي العلوم يميل لأن العلوم تتفاضل فيجب على المعلم مراعاة هذه المسألة وان يراعي التدريج في التعليم(43) . وهكذا أفكار أكدها الغزالي أيضا حيث طلب من المعلم أن لا يدع من نصح المتعلم شيئا وان يمنعه من التصدي إلى طلب رتبة قبل استحقاقها والتشاغل بعلم خفي قبل الفراغ من الجلي(44) . وشابه إخوان الصفاء الغزالي في شرط رئيس أكدوا ضرورة توافره بالمعلم وهو أن لا يكون قصده من علمه طلب الرئاسة والمنازعة والتعصب والعداوة والبغضاء بين المتعلمين لان الغرض من العلوم هو التقرب من الله تعالى(45) .
  واشترطوا على المعلم أيضا أن لا ينفر المتعلمين من بعض العلوم ويحبب بعضها لهم بناء على رغباته هو وانما يجب عليه أن ينصاع إلى رغبة المتعلمين ويفسح المجال لهم في تعلم العلوم الأخرى حيث بين الإخوان ان من المتعلمين من تكون محبته في لقاء العلماء والاستماع إلى كلامهم وطلب العلوم والآداب ومعرفة الأخبار والروايات والآثار ، ومن المتعلمين من تكون له رغبة في دراسة النحو والشعر والخطب والفصاحة والمنطق . . . الخ من العلوم(46) ، وأكد الغزالي في هذا الموضوع ان المعلم المختص في علم ما لا يجوز له تقبيح العلوم الأخرى فلا يجوز لمعلم اللغة تقبيح علم الفقه ولا يجوز لمعلم الفقه تقبيح علم الحديث والتفسير . . . الخ من العلوم ، فهكذا عمل يمثل أخلاقا مذمومة يجب على المعلم تجنبها وان عليه ان يوسع على المتعلم طريق التعليم للعلوم الأخرى(47) .
  وشابه إخوان الصفاء الغزالي أيضا في طلبهم من المعلم ان يتبع المساسية في نصح المتعلمين كي يتجنبوا رديء الأخلاق عن طريق النصيحة دون اللجوء الى توبيخهم لغرض كسبهم(48) .
  واشترط الإخوان على المعلم أن يوافق عمله علمه وان لا يخوض في المشكلات ويرخص الشبهات ويترك العمل بموجبات العلم(49) ، والى نفس الفكرة أشار الغزالي أيضا عندما اشترط على المعلم ضرورة عمله بعلمه وان لايكذب قوله فعله لان العلم يدرك بالبصائر والعمل يدرك بالأبصار ، وأرباب الأبصار اكثر فإذا خالف العمل العلم فان في ذلك كما يرى الغزالي منعا للرشد ، ودافع للناس إلى عمل ماتم نهيهم عنه عندما يرون ان من نهاهم عن العمل يعمل بخلاف ما علمهم حيث أشار إلى هذا الموضوع بقوله ( . . . ومثل المعلم المرشد من المسترشدين مثل النقش من الطين والظل من العود فكيف ينتقش الطين بما لانقش فيه ومتى استوى الظل والعود اعوج )(50) ، وطلب الإخوان من المعلم ان يعرف ان من العلوم ما يصلح للخاصة ومنها ما يصلح للعامة ومنها ما يصلح للمتوسطين والذي يصلح للخاصة لا يصلح للعامة والذي يصلح للعامة لا يصلح للخاصة ، أما العلم الذي يصلح لهذه الطبقات الثلاث فهو علم الدين وما يتعلق به من الأعمال(51) .   وعلى نحو مماثل لهذا الموضوع ذهب الغزالي حيث طلب من المعلم ان يلقي للمتعلم القاصر الجلي اللائق به ولا يذكر له ان وراء هذا تدقيقا وهو يدخره عنه فان ذلك يفتر رغبته في الجلي ويشوش عليه قلبه ويوهم البخل في المعلم ، وعلى المعلم إذا عرف شخصا من العامة قد تقيد بالشرع معتمدا على العقائد المأثورة عن السلف من غير تشبيه ومن غير تأويل وحسنت سريرته أن لايشوش عليه اعتقاده ويذكر له تأويلات الظاهر خصوصا إذا علم أن عقله لا يحتمل ذلك . فهكذا عمل كما يرى الغزالي سيؤدي إلى وقوع المتعلم في التهلكة لانه سيحاول الوصول إلى قيد الخواص فيرتفع السد الذي بينه وبين المعاصي وينقلب شيطانا مريدا يهلك غيره(52) .
  هذه ابرز الشروط التي وضعها إخوان الصفاء مؤكدين ضرورة التزام المعلم بها وهي بلا شك تشبه الشروط التي وضعها الغزالي ومثلما حددنا نقاط الشبه بين أفكار الإخوان والغزالي حول المعلم، سنشير الى نقاط الشبه بينهم حول موضوع المتعلم او طالب العلم .
4 ـ ما يجب على المتعلم التزامة أكد إخوان الصفاء على مجموعة مسائل وطلبوا من المتعلمين الأخذ بها وهي تشبه الى حد كبير المسائل التي أكدها الغزالي، ومنها ضرورة صفاء جوهر نفس المتعلم وتطهيرها من الأخلاق المذمومة ، فإخوان الصفاء قسموا أفراد جمعيتهم على أساس صفاء جوهر نفوسهم واعتبروا أن من الأسباب المانعة لصداقتهم هي رداءة الأخلاق وسوء الأعمال وفساد الآراء وتراكم الجهالات(53) ومسألة صفاء النفس وطهارتها من الرذائل أكدها الغزالي أيضا حيث بين ان العلم هو عبادة القلب وصلاة السر وقربة الباطن إلى الله ولكي تصح هذه العبادة فيجب التزام طهارة القلب من خبائث الأخلاق وأنجاس الأوصاف(54) .
  ونجد التشابه بين الإخوان والغزالي أيضا في تأكيدهم مسالة امتحان المتعلم في مواطن المحبوبات عنده والهدف الأساس من هذا التأكيد هو معرفة مدى اهتمام المتعلم بالعلم من جانب ومن جانب أخر حثهم المتعلم على ترك مشاغل الدنيا، حيث أوضح إخوان الصفاء بأن على المعلم ان يمتحن المتعلم في الأشياء المحبوبة عنده كأن يأمره بمفارقة الأحباب وانفاق الأموال والجهاد بالنفس وترك الزوجة والأولاد لمعرفة مدى تمسكه بالعلم(55) .
  أما الغزالي فقد أكد على ضرورة تقليل المتعلم علائقه بالدنيا وأن يبتعد عن الأهل والوطن لأن العلائق شاغلة وصارفة عن العلم ، فالمعلم كما يرى الغزالي لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك وإذا أعطيته كلك فأنت من إعطائه إياك بعضه على خطر(56) . ونجد شبها أيضا بين الإخوان والغزالي في موضوع تأكيدهم على ضرورة احترام المتعلم للعلم حيث أوضح الإخوان أن على المتعلم أن لا يتكبر على المعلم وان يخضع له ويستمع إليه فواجب على المتعلم احترام كل من يملك علما لا يملكه هو فيجب عليه ان يتعلم منه كتعلم صبيان الكتاب وان يستمع إليه استماع الخطيب يوم الجمعة او اتباع المأموم للإمام خصوصا إذا كان ما يقوله المعلم حقا، وعلى حد تعبير الغزالي يجب إذعان المتعلم لنصيحة المعلم كإذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق(57) .
  ونجد شبها أخر بين أفكار إخوان الصفاء والغزالي في حديثهم عن المتعلم وهو طلبهم من المتعلم المبتدئ ان لا يخوض في الشبهات واختلاف المذاهب لان ذلك مضلة له وحيرة لذهنه(58) ، أما إذا أصبحت له قدرة الاطلاع على الشبه بقصد توخي الحق فهذا جائز لانه قد يجد مذهبا من المذاهب صحيحا فيأخذ به، فكلاهما أكد على الدراسة الموضوعية للمذاهب لغرض معرفة الحق فهذا الغزالي يذكر ما قاله الإمام علي (ع) ( لاتعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله )(59) .
  أكد إخوان الصفاء على ضرورة اطلاع المتعلم على العلوم المتنوعة لان العلوم مترابطة مع بعضها البعض ويجب على المتعلم أن لأيعادي علما من العلوم وهكذا فكرة نجدها عند الغزالي أيضا حيث طلب من المتعلم ان لايدع فنا من العلوم المحمودة ولا نوعا من أنواعه إلا وينظر فيه كي لا يجهل العلوم لان الناس أعداء ما جهلوا(60) . وطلب إخوان الصفاء من المتعلم ان يتدرج في دراسته للعلوم فيرتقي من علم إلى أخر وصولا إلى العلم الإلهي ، وهذه المسألة أكدها ابو حامد الغزالي عندما طلب من المتعلم ان لا يخوض في فن حتى يستوفي الفن الذي قبله والترقي الى ما فوقه من العلوم وصولا إلى العلم الذي يتعلق بالآخرة(61) .
  وبعد ان بينا نقاط الشبه بين أفكار إخوان الصفاء والغزالي ، نود أن نقول حقيقة مهمة وهي ان القارئ لهذه الوريقات قد يعتقد وجود تشابه كبير بين أفكار الإخوان والغزالي وقد يعتقد أن الغزالي تأثر بإخوان الصفاء في هذا الموضوع إلى حدٍ كبيرٍ خصوصا وان الإخوان قد سبقوا الغزالي في الفترة الزمنية من جانب ومن جانب أخر أن الغزالي اطلع على أفكارهم ونص على ذلك في المنقذ من الضلال(62) ، والحقيقة هي أن التشابه بين أفكار إخوان الصفاء والغزالي في موضوع التعليم هو تشابه ظاهري سطحي يتفق في الشكل ويختلف في المضمون وهذا ما سنوضحه في الموضوع التالي .

ثالثاً : الاختلاف بين افكار اخوان الصفاء والغزالي في مواضيع التعليم
  ولنبدأ بالموضوع الأول وهو تقسيم العلوم الفلسفية فنقول حقيق أن الإخوان قد شابه تقسيمهم للعلوم الفلسفية التقسيم الذي وضعه الغزالي وخصوصا في المنقذ ، إلا أن الغزالي تكلم عن هذه العلوم من باب الناقد للفلاسفة أما الإخوان فذكروها من باب التأكيد على قيمتها ناهيك عن إضافتهم الموسيقى ضمن العلوم الرياضية وهذا ما لم يشر له الغزالي في حديثه عن العلوم الرياضية عند الفلاسفة .
  فالإخوان اختلفت نظرتهم للعلوم الفلسفية وفوائدها وسوف نراعي مسائل الاختلاف هذه مبتدئين بالعلوم الرياضية والتي اولها علم العدد ، حيث اكد الإخوان ان الاستغراق في فلسفة العدد يمهد لمعرفة النفس فمن يدرك حقيقة الاعداد على انواعها لابد ان يدرك انها قائمة في النفس على غرار ما تقوم الأعراض في الجواهر بوجه عام وان معرفة النفس تمهيد لاسمى درجات المعرفة التي لاتحصل إلا عن طريق الفلسفة ، وهي معرفة الباري تعالى، ذلك ان معرفة النفس من حيث منشأها ومصيرها هي السبيل الى معرفة الله كما يرى الاخوان(63) .
  اما عن الهندسة واهميتها فقد قسموها الى حسية وعقلية حيث أكدوا على الهندسة العقلية فذكروا موضحين ان النظر فيها وفي معرفة خواص العدد والأشكال يعين على فهم كيفية تاثيرات النفوس المفارقة في النفوس المتجسدة التي هي في عالم الكون والفساد ومن فوائدها ايضا هو ان الإنسان من خلال الهندسة العقلية سيدرك العلوم والتأدي منها إلى دراسة العقل والأرتفاع من ذلك إلى دراسة الذات الإلهية والاطلاع على أسرارها(64) ، اما علم النجوم فأشاد الإخوان بأهمية هذا العلم مؤكدين أن من ينظر في هذا العلم ويفكر في سعة الأفلاك ودورانها وعظم الكواكب وأحجامها وأقسام البروج عندها تشتاق نفس الناظر إلى الصعود إلى الفلك والنظر إلى ما هناك ومعاينته وهذا لايحصل إلا إذا تحررت النفس من الجسد وعلائقة المادية(65) ، وأكدوا على الموسيقى كعلم من العلوم الرياضية موضحين دورها على نفوس المستمعين وتكلموا عن فوائد الموسيقى من عدة جوانب سنقتصر على ذكر الجانب المتعلق بالدين حيث أكدوا على ان الأنبياء يستعملون الموسيقى لرقة القلوب كالتي تستعمل في بيوت العبادة والهياكل او عند القراءة في الصلوات وعند القرابين والتضرع والبكاء كما كان يفعل النبي داود (ع ) عند قراءة مزاميرة وكما يفعل النصارى في كنائسهم والمسلمون في مساجدهم من طيب النغمة ولحن القراءة لرقة القلوب وخشوعها والانقياد لاوامر الله تعالى ونواهيه والتوبة اليه من الذنوب(66) .
  وهكذا جعل إخوان الصفاء من العلوم الرياضية طريقا موصلا إلى العلوم الإلهية والتي هي أقصى غرض الحكماء والنهاية التي يرتقونها بالمعرفة الحقيقية(67)، كما يرى الإخوان .
  وبعد ان حددنا موقف الإخوان من العلوم الرياضية سنذكر موقف الغزالي منها لنبين للقارئ مدى الاختلاف حيث قال عن العلوم الرياضية أنها تتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم الهيئة وهذه العلوم لا تتعلق بالأمور الدينية نفيا وإثباتا بل هي أمور برهانية لاسبيل إلى جحدها بعد فهمها ومعرفتها ولم تقف المسألة عند هذا الحد وحسب بل ذكر ان للعلوم الرياضية آفتين وهما ان من ينظر في هذه العلوم سيتعجب من دقة براهينها فيحسن اعتقاده بالفلاسفة ويحسب ان جميع علومهم في نفس وثاقة هذه العلوم فيقدم على أفكار الفلاسفة ويترك الدين وما قاله رجالاته من اتهام الفلاسفة بالكفر والتعطيل وتهاونهم بالشرع وعندها يكفر بالتقليد المحض لانه سيعتقد ان الدين لو كان حقا لما اختفى على هؤلاء الفلاسفة(68) .
  والآفة الثانية كما يذكر الغزالي تنشأ من صديق للإسلام جاهل ظن ان الدين ينبغي ان ينصر بإنكار كل علم منسوب إليهم وادعى جهلهم فيها فانكر حتى قولهم في الكسوف والخسوف معتبرا ان قولهم في هذا الموضوع مخالف للشرع أوضح ان هكذا قول عندما يسمعه شخص صحت عنده ظاهرتا الكسوف والخسوف بالبرهان سيعتقد أن الإسلام مبني على الجهل(69) . ومن قول الغزالي نعرف أن هذه العلوم لها مضرة على الدين في كلتا الحالتين ، واعتقد أن الفرق بات واضحا بين من يرى أن العلوم الرياضية تؤدي إلى معرفة الله وبين من يعتقد ان هذه العلوم لا علاقة لها بالدين بل تشكل له ضررا .
  هذا فيما يتعلق بالعلوم الرياضية أما العلوم المنطقية فقد اختلفت نظرة إخوان الصفاء لها عن نظرة الغزالي. فالإخوان أكدوا فائدة المنطق ومنحوه الدور الرئيس من الناحية الفلسفية والدينية فبينوا أن الإنسان العاقل إذا اكثر التأمل والنظر للأمور المحسوسة ، واعتبر أحوالها بفكره ستكثر عنده المعلومات العقلية وهذه المعلومات اذا استعملها الإنسان بالاقيسة المنطقية واستخراج نتائجها فعندها ستكثر عنده المعلومات البرهانية والتي ستسهم بدورها بمنح هذا الإنسان القدرة على تصور الروحانيات والتشبه بها وهكذا إنسان عندما يموت سيكون مصيره دخول الجنة(70) لانه انشغل بما هو روحي .
  ولم تقف أهمية المنطق عند الإخوان عند هذا الحد وحسب وأنما جعلوا من المنطق ميزان الفلسفة وأداة الفيلسوف حيث قالوا ( واعلم بان المنطق ميزان الفلسفة ، وقد قيل انه أداة الفيلسوف وذلك انه لما كانت الفلسفة اشرف الضائع البشرية بعد النبوة ، صار من الواجب ان يكون ميزان الفلسفة اصح الموازين ، وأداة الفيلسوف اشرف الأدوات لانه قيل في حد الفلسفة أنها التشبه بالإله بحسب الطاقة الإنسانية . . . )(71) .
  وهذا النص الذي ذكره الإخوان يعد شاهدا واضحا على أهمية المنطق وربطه بالمسائل العقائدية ، أما موقف الغزالي من المنطقيات فمختلف تماما عن موقف إخوان الصفاء حيث قـــال ( وأما المنطقيات فلا يتعلق شيء منها بالدين نفيا وإثباتا )(72) ، فهذا القول يعبر عن الاختلاف الكبير بين موقف الإخوان والغزالي من المنطق .
  أما في مجال العلوم الطبيعية فالإخوان جعلوا دراستها شرطا رئيسا بعد دراسة المنطق للانتقال إلى العلوم الإلهية. أما الغزالي فلم يشترط ذلك ، فهو وان أكد في المنقذ على ان الدين لا يشترط إنكار علم الطبيعيات(73) ، إلا أنه قال عنها في كتابه مقاصد الفلاسفة ان الحق في الطبيعيات مشوب بالباطل والصواب فيها مشتبه بالخطأ ولا يمكن الحكم عليها بغالب ومغلوب(74) .
  وتكلم في كتاب تهافت الفلاسفة عن الأفكار التي قالها الفلاسفة في حديثهم عن الطبيعات والتي خالفت بدورها الشريعة كما يرى الغزالي كقول الفلاسفة بالأقتران الضروري بين السبب والمسبب . وقول الفلاسفة بأن النفوس الإنسانية جواهر قائمة بأنفسها ليست منطبعة في الجسم وان معنى الموت انقطاع علاقتها عن البدن بانقطاع التدبير وإلا فهو قائم بنفسه في كل حال ، وزعمهم أن ذلك قد عرف بالبرهان العقلي ، ونقد الفلاسفة أيضا في مسألة قولهم ان هذه النفوس يستحيل عليها العدم بل هي إذا وجدت أبدية سرمدية لا يتصور فناؤها . ونقد أيضا قول الفلاسفة باستحالة رد هذه النفوس إلى الأجساد(75) .
   وبعد أن بينا أهم القضايا التي قالها الفلاسفة في حديثهم عن العلوم الطبيعية والتي أكد الغزالي مخالفتها للشريعة لابد أن نقول أن هذه القضايا لا تنطبق كلها على إخوان الصفاء والتي تنطبق عليهم هي قولهم بالترابط الضروري بين السبب والمسبب وقولهم بعدم فناء النفس ، اما باقي الأفكار فلا تنطبق عليهم(76) .
  ونجد الاختلاف بين الإخوان والغزالي أيضا في ان الغزالي أدخل ضمن العلوم الطبيعية علوما كان الإخوان قد ادخلوها ضمن العلوم الرياضية ، كعلم أحكام النجوم(77) ، وبعد أن اتضح لنا الاختلاف بين الإخوان والغزالي حول موضوع العلوم الطبيعية سنوضح اختلافهم حول العلوم الإلهية . فالإخوان أكدوا هذه العلوم ودورها بالسعادة الأخروية وجعلوها الهدف الأساس من وراء دراسة العلوم الرياضية والمنطقية والطبيعية ، اما الغزالي فكان كلامه حول العلم الإلهي من باب النقد للفلاسفة لا من باب التأكيد على الأفكار التي تضمنتها هذه العلوم ، فالعلم الإلهي عند الغزالي هو علم الآخرة حيث قسمه إلى علم المكاشفة وعلم المعاملة .
  وعلم المكاشفة هو علم الباطن وهو غاية العلوم وعرف هذا العلم بأنه علم الصديقين والمقربين فهو عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره وتزكيته من صفاته المذمومة وينكشف من ذلك النور أمور كثيرة كان يسمع من قبل أسماءها فيتوهم لها معاني مجملة غير متضحة ، فتتضح إذ ذاك حتى تحصل المعرفة الحقيقية بذات الله سبحانه، وبصفاته الباقيات التامات وبأفعاله وبحكمه في خلق الدنيا والآخرة، ووجه ترتيبه للآخرة على الدنيا ، والمعرفة بمعنى النبوة وكيفية ظهور الملك للأنبياء وكيفية وصول الوحي اليهم والمعرفة بملكوت السماوات والأرض ، ومعرفة القلب وكيفية تصادم جنود الملائكة والشياطين فيه ومعرفة الفرق بين لمة الملك ولمة الشيطان ومعرفة الآخرة والجنة والنار وعذاب القبر والصراط والميزان والحساب .
  اما علم المعاملة فهو علم أحوال القلب، ويتناول هذا العلم عند الغزالي ما يحمد من الأخلاق وما يذوم(78) ، فمفهوم الغزالي للعلم الإلهي يختلف عن مفهوم إخوان الصفاء وخلان الوفاء الذين اعتبروه العلم الحقيقي المؤدي إلى معرفة الآخرة ، فعلم الآخرة عند الغزالي قائم على التصوف أما عند الإخوان فقائم على الفلسفة .
  وحقيقة لابد منها وهي أن الغزالي لم يقدم نفس التقسيم لعلوم الفلاسفة في مؤلفاته ففي المنقذ كما بينا كان تقسيمه لعلوم الفلاسفة مشابها للتقسيم الذي قدمه إخوان الصفاء بينما في مؤلفاته الأخرى نراه يتكلم عن أقسام هذه العلوم بشكل عام دون ذكر التفاصيل التي ذكرها في المنقذ ـ ففي مقاصد الفلاسفة يقسم علوم الفلاسفة إلى الرياضيات والإلهيات والمنطقيات والطبيعيات ـ وفي الرياضيات أشار إلى الحساب والهندسة دون ذكر علم الهيئة ـ وتكلم عن الإلهيات دون تفصيل مواضعيه وعن المنطقيات والطبيعيات بشكل موجز أيضا ولم يشر إلى السياسات والأخلاقيات(79) أما في إحياء علوم الدين فنجد الغزالي يؤكد أن الفلسفة ليست علما وانما هي أربعة أجزاء أحدها الهندسة والحساب والمنطق والإلهيات والطبيعيات دون الإشارة الى السياسات والأخلاقيات(80) .
  فالغزالي لم يراع الترتيب نفسه الذي اتبعه في كتابه المنقذ من الضلال اما الإخوان فثبتوا على تقسيمهم للعلوم الفلسفية مبتدئين بالعلوم الرياضية فالمنطقية فالطبيعة فالإلهية وبعدها تكلموا عن السياسات وأقسامها والتي ربطوها بالإخلاق(81) ، وهذا اختلاف واضح ، فضلا عن ذلك فان الغزالي عندما تكلم في المنقذ عن علوم الفلاسفة اعتبر العلوم السياسية منفصلة عن العلوم الأخلاقية وهذا اختلاف أخر بين الإخوان والغزالي حول هذا الموضوع والذي يميز إخوان الصفاء كفلاسفة هو انهم لا يقسمون العلوم الفلسفية إلى نظرية وعملية بل يدخلون القسم العملي كله بالإلهيات ويدخلون في علوم الفلسفة ما لم يدخله من قبلهم من السياسة النبوية والمعاد (82) .
  هذه ابرز المواضيع التي اختلف فيها الغزالي مع إخوان الصفاء حول العلوم الفلسفية وسنوضح الاختلافات الأخرى حول المواضيع التي أوضحنا تشابههم بها ـ كوصفهم للعلم على انه مصدر مهم يؤدي بصاحبه الوصول إلى نيل السعادة الاخروية التي لا تزول ، ووصفهم المعلم بأنه خليفة الله في أرضه ، وطلبهم من المعلم ان يراعي التدريج في عرض المنهج الدراسي ، فضلا عن تأكيدهم ضرورة تجنب طلب الرئاسة من وراء العلم ، وان على المعلم ان لايقبح بعض العلوم عند المتعلمين وينفرهم منها مؤكدين على ضرورة عدم معاداة العلوم كذلك تأكيدهم على ان العلوم الشرعية تصلح للخاصة والعامة وللمتوسطين بين ذلك نحن بدورنا سنناقش هذه المسائل تباعا لنبين مواطن الاختلاف في هذه المواضيع التي تشابه بها الإخوان مع الغزالي ظاهرا واختلفوا باطنا في معانيها .
  فالعلم الموصل للسعادة الأخروية عند الإخوان غيره عند الغزالي ، فعند الإخوان هو العلم الإلهي الذي يصل إليه الإنسان بعد مروره بسلسلة العلوم الرياضية فالمنطقية فالطبيعية وصولا إلى العلوم الإلهية ، أما عند الغزالي فيتم عن طريق المكاشفة المتمثلة بنور يقذفه الباري في قلب العبد ، وهذا يحصل عندما يطهر الصوفي قلبه بالكلية عما سوى الله واستغراقه بالكلية بذكره تعالى وصولا إلى مرحلة الفناء بالكلية في الله، موضحا أن المكاشفات تبتدئ من أول الطريقة فيشاهد الإنسان في يقظته الملائكة والأرواح ويستمع منهم ويقتبس منهم الفوائد ، ويترقى الصوفي من حال إلى حال مؤكدا ضرورة عدم وصف هذه المشاهدات للغير ومن حاول التعبير عنها فسوف يقع لا محالة في أخطاء لانه لا يستطيع التعبير عنها بصورة صحيحة لان هذه المكاشفات كما أكد الغزالي لا يعرفها حق معرفتها ألا الذي مارسها بشكل عملي فمتعة هذه السعادة لا يحس بها إلا صاحبها(83) .
  اما عن وصف الإخوان والغزالي للمعلم على انه خليفة الله في أرضه فنقول حقيق انهم أكدوا هذه الفكرة إلا ان مفهوم المعلم في هذا الموضوع مختلف تماما فالمعلم الخليفة عند الإخوان هو الإنسان المطلق، ويقصدون به كما بينا إمامهم أو بالأحرى مهديهم الذي يعود نسبة إلى إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق (ع) واصفين هذا المعلم بقولهم ( واعلم بأن كل الأشخاص لهذا الإنسان المطلق وهو الذي أشرنا أليه انه خليفة الله في أرضه منذ يوم خلق آدم أبو البشر إلى يوم القيامة الكبرى . . . واعلم يا أخي أيدك الله بروح منه بان هذا الإنسان المطلق الذي قلنا هو خليفة الله، مطبوع على قبول جميع الأخلاق البشرية وجميع العلوم الإنسانية والصنائع الحكمية وهو موجود في كـل وقت وزمـان ومـع كل شخص مـن أشخاص البشـر تظهـر منه أفعالـه وعلومـه واخلاقـه وصنائعه . . . )(84) .
  اما الغزالي فقصد بالمعلم أي إنسان كان بحيث يملك القدرة على تعليم المتعلمين لوجه الله تعالى اما المعلم بوصفه خليفة عند الغزالي فنجد معناه في رسالة أيها الولد حيث قصد بهذا المعلم ( الشيخ ) الذي يعلم السالكين لطريق التصوف حيث أكد على ضرورة وجود شيخ ليرشد السالك ويخرجه من الأخلاق السيئة بتربيته فيجعل مكان الأخلاق السيئة أخلاقا حسنة ويرشد السالك إلى سبيل الله تعالى لان الله أرسل للعباد رسولا إلى سبيله فإذا ارتحل (ص) من الدنيا فقد خلف الخلفاء في مكانه حتى انهم يرشدون الخلائق إلى الله تعالى ، واشترط الغزالي عدة خصائص يجب توافرها في هذا الشيخ او المعلم حيث اشترط ان يكون عالما ولكن لاكل عالم كما يرى الغزالي يصلح للخلافة ـ ولكي يصلح للخلافة يجب عليه فضلا عن كونه عالما أن يكون معرضا عن حب الدنيا وحب الجاه وان يكون تابع لشخص بصير تتسلسل متابعته إلى سيد المرسلين (ص) .
  ان يكون محسنا رياضة نفسه بقلة الأكل والقول والنوم وكثرة الصلوات والصدقة والصوم فضلا عن التزام محاسن الأخلاق كالصبر والشكر والتوكل واليقين والسخاوة والقناعة وطمأنينة النفس والحلم والتواضع والعلم والصدق والحياء والوفاء والوقار والسكون والتأني(85) ، من خلال ما تقدم نعرف الفرق بين مفهوم المعلم بوصفه خليفة الله في أرضه عند الإخوان وعند الغزالي ، أما عن موضوع مراعاة التدريج في إعطاء المنهج الدراسي عند الإخوان والغزالي فهذا أمر واضح وأثبتناه في صفحات سابقة ولكن هناك اختلافا في نوع بعض المواد عند كل من الإخوان والغزالي، الإخوان يرون أن المتعلم بعد أن يتعلم القراءة والكتابة سيستغني عن حمل اللوح والدواة والمداد لانه سيحفظ من القران والأخبار والأشعار والنحو واللغة والفقه والدين، ويتعلم الصنائع وبعدها ينظر في العلوم والمعارف طلبا لحقائق الموجودات، وينتقل من علم إلى آخر فيتعلم العلوم الرياضية والطبيعية وصولا إلى العلوم الإلهية(86) ، ذا أتقن المتعلم هذه العلوم فأن على المعلم إعطائه علوما أعلى(87) ، هم بلا شك ادخلوا العلوم الفلسفية ضمن منهجهم الدراسي .
  اما الغزالي فأكد في منهجه بعض العلوم التي أكدها الإخوان واضاف علوما لم يؤكدوها في منهجهم الدراسي كما انه لم يدخل العلوم الفلسفية ضمن منهجه فالغزالي لكونه فقيها كانت مناهجه دينية صرفة، ولكنه متصوف فانه لايرى قيمة مهمه لكل علم ليس من العلوم الدينية(88) ، وهذه الحقيقة ستتضح للقارئ عندما نعرض المنهج الذي اقترحه حيث يرى ان الانسان المتعلم بعد ان يطهر نفسه ويكون قادرا على ترك الاثم ظاهره وباطنه يبدأ بكتاب الله تعالى ثم سنة الرسول محمد (ص) ثم التفسير وسائر علوم القران كعلم الناسخ والمنسوخ والمفصول والموصول والمحكم والمتشابه وكذا الحال في السنة وبعدها يشتغل بالفروع كالفقه واصول الفقه ، وان يتعلم من شائع علم اللغة على ما يفهم منه كلام العرب وينطق به ومن غريبة على غريب القرآن ، وغريب الحديث ، ومن النحو يقتصر على مايتعلق بالكتاب والسنة واضاف علم الكلام الذي مقصوده كما يرى الغزالي حماية المعتقدات التي نقلها اهل السنة من السلف الصالح لاغير، ومقصودة حفظ السنة تحصيل رتبة الاقتصار منه بمعتقد مختصر حيث رفض الغزالي الخوض في حديثه عن هذا العلم مسألة الخوض في الجدل والخلافيات لانها مضرة لصاحبها(89) ، وهكذا كان منهج الغزالي منصبا على المواضيع التي تتعلق بالدين الإسلامي حصرا وتحديدا .
  اما منهج اخوان الصفاء فقد جمع بين العلوم الدينية والفلسفية، فضلا عن ذلك ان الاخوان لم يشيروا الى علم الكلام في منهجهم بينما ادخله الغزالي ضمن منهجه.اما عن رفض الاخوان والغزالي طلب الرئاسة من وراء العلم ، فنقول صحيح ان الاخوان والغزالي اكدوا ان المعلم يجب ان لا يطلب الرئاسة والمناصب من وراء علمه، إلا أن إخوان الصفاء ذكروا ذلك علنا بينما هم سرا يسعون الى تحقيق اهداف سياسية تتمثل بتغيير الحكم العباسي كي يتسنى لهم تسلم دفة الحكم وكان هذا سببا رئيسا لتأليف الرسائل واللجوء الى الطريقة السرية في التعليم ، حيث سعت الى جمع الناس اليهم وكسبهم(90) .
  أما الغزالي فكان كلامه مطابقا لفعله ، ودليلنا على ذلك هو ترك الغزالي لمغريات الدنيا واعتزاله التدريس ولجوئه إلى حياة الزهد والتقشف مضحيا بالصيت والمال وهذا ما ذكرناه في حديثنا عن حياته ، فهو ترك منصب الأستاذية ليصبح صوفيا ، تمكن من تحسين ممارسة التصوف بالشريعة وبشكل معتدل عند الطلاب والفقهاء رافضا إفراط بعض الصوفية الذين تركوا الشريعة واهتموا بالتصوف وادعاء بعضهم الإلوهية(91) .
  والمعروف عن الغزالي انه من الرافضين إلى مسألة تقرب صاحب العلم من السلاطين والحكام ومخالطتهم حيث طلب من صاحب العلم قائلا ( أن لا تخالط الأمراء والسلاطين ولا تراهم لان رؤيتهم ومجالستهم ومخالطتهم آفة عظيمة ولو ابتليت بها دع عنك مدحهم وثناءهم لان الله تعالى يغضب إذا مـدح الفاسـق والظالـم ومن دعـا لطول بقائهـم فقد احـب ان يعصـى الله في أرضه )(92) ، واعتبر قبول هدايا الأمراء من قبل صاحب العلم أمر فيه مفسدة للدين لان ذلك سيجعله يميل إلى جانبهم والموافقة على ظلمهم ويحبهم ومن احب أحدا يحب طول عمره وبقائه، وفي محبة الظالـم إرادة في الظلـم على عبادة الله تعالى وإرادة خراب العالـم وفي هذا مضرة للدين(93) ، وهكذا اتضح لنا أن إخوان الصفاء كانوا يقصدون من علمهم نيل الرئاسة أما الغزالـي فلا ، أما عن مسألة اختلاف موقف الإخوان من العلوم مع موقف الغزالي ، فالإخوان كما بينا في صفحات سابقة أكدوا على عدم معاداة العلوم وهذه فكرة أكدها الغزالي أيضا ولكن هناك اختلافا كبيـرا بينهم حـول هـذا الموضـوع فالإخوان أكدوا على عدم معاداة العلـوم بشكل عام حيـث قالوا ( واعلم أيها الأخ أنا لا نعادي علما من العلوم ولا نتعصب على مذهب من المذاهب،ولا نهجر كتابا من كتب الحكماء والفلاسفة فما وضعوه والفوه في فنون العلم ، وما استخرجوه بعقولهم . . . )(94) .
  أما الغزالي فقد قسم العلوم إلى محمودة ومذمومة، والى ما هي شرط عين وشرط كفاية وهذا ما لا يفعله الإخوان فضلا عن ذلك فان الغزالي عندما أكد على عدم معاداة العلوم فالعلوم التي يعنيها هي العلوم المحمودة ، وهي علم المعاملة وعلم المكاشفة وهما من فروض العين ، و أكد على العلوم التي هي من فروض الكفاية والتي قسمها إلى شرعية وغير شرعية فمعظمها مرتبط بمصالح أمور الدنيا كالحساب والطب وادخل ضمن هذه العلوم أصول الصناعات مثل الحياكة والسياسة والخياطة والحجامة، وتكلم عن علوم مذمومة كالسحر والطلسمات والتلبيسات والشعوذة ، وتكلم عن علوم مباحة وهي الأخبار والتواريخ والأشعار وما يجري مجرى هذه العلوم .
  أما علم الكلام والفلسفة فكان له موقف خاص حيث لم يصرح هل ان الكلام والفلسفة من العلوم المحمودة أم المذمومة وبين سبب ذلك مبتدئ بعلم الكلام حيث أوضح أن حاصل ما يشتمل عليه علم الكلام من الأدلة التي ينتفع بها ، فالقران والأخبار مشتملة عليه، وما خرج عنهما فهو أما مجادلة مذمومة وهي من البدع ، وأما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الفرق لها وتطويل بنقل المقالات ، مسائل تزدريها الطباع وتمجها الأسماع وبعضها خوض فيما لا يتعلق بالدين ولم يكن شيء منه مألوفا في العصر الأول ولكنه صار مأذونا فيه وصار من فروض الكفايات بسبب حصول البدع الصارفة عن مقتضى القرآن والسنة، أما الفلسفة كما يرى الغزالي فأنها ليست علما برأسها بل هي أربعة أقسام أو أجزاء الهندسة والحساب والمنطق والإلهيات والطبيعيات ، أما علم الحساب والهندسة فعدهما من العلوم المباحة بشرط أنا لا تتعدى الحد الذي تتحول فيه إلى علوم مذمومة او عندما يخرج بها إلى حد البدع ، أما المنطق فأدخله في علم الكلام ، وادخل الإلهيات ضمن علم الكلام أيضا لأنها تتعلق بالبحث عن الله سبحانه وصفاته .
  أما الطبيعيات فكانت نظرة الغزالي لها على أن بعضها مخالف للشرع والدين ، وهذا المخالف يعتبر جهلا ولا يجوز أدراجه في أقسام العلوم ، وأما ما يبحث في الأجسام و خواصها فهو شبيه بعمل الأطباء ، مع الاختلاف في كون عمل الطبيب يحتاج إليه أما علومهم في الطبيعيات فلا حاجة إليها(95) . وبما أن الغزالي لم يحدد موقفه من الفلسفة وهل هي محمودة ام مذمومة فحكمها الإباحة وهذا ما أكده أحد المهتمين بدراسة الفكر التربوي والتعليمي عند الغزالي(96) .
  ولكن الغزالي على كل حال لم يؤكد على أهميتها مثلما فعل إخوان الصفاء ، فالغزالي أشار إلى مضرة الفلسفة على عامة الناس ولم يمنحها المكانة التي منحها إخوان الصفاء لها لان االغزالي أكد على العلوم الشرعية أما باقي العلوم عد دراستها بمثابة تضييع للعمر فقال في رسالة أيها الولد ( أي شيء حاصل لك من تحصيل علم الكلام والخلاف والمنطق والطب والدواوين والأشعار والنجوم والعروض والنحو والتصريف غير تضييع العمر بخلاف ذي الجلال )(97) . وهكذا كان موقف الغزالي من العلوم ـ فهو لم يخالف الإخوان في موقفه من العلوم الفلسفية وحسب و إنما خالفهم في مختلف العلوم فموقف الغزالي من العلوم موقف متذائب أما موقف الإخوان من العلوم فهو ثابت .
  أما عن موقف الإخوان والغزالي من العلوم الشرعية ـ فنقول حقيق أن الإخوان والغزالي قد أكدوا أهمية العلوم الشرعية إلا أن موقف الغزالي يختلف عن موقف الإخوانـ فموقف الغزالي كان اكثر ثباتا من موقف الإخوان ، لان إخوان الصفاء قسموا العبادة إلى قسمين ـ عبادة شرعية وعبادة فلسفية وهذا مالا يفعله الغزالي الذي ظل متمسكا بالشريعة على الرغم من لجوئه الى التصوف حيث سعى الى ممارسة التصوف بالصورة التي تتفق والشريعة .
  أما الإخوان فقد خلطوا في حديثهم عن العبادة الفلسفية بين تعاليم الإسلام وأفكار الفلاسفة حيث تكلموا عن أداء الصلاة وما يسبقها من طهارة ووضوء وتفكر بالملكوت بعد أداء الصلاة وبعد ذلك يدخلون في هذه العبادة البكاء والتضرع إلى الله مؤكدين على الدعاء الأفلاطوني والتوسل الادريسي والمناجاة الارسطو طاليسية(98) دون ان يحددوا المقصود بالدعاء الأفلاطوني والتوسل الادريسي والمناجاة الارسطو طاليسية بشكل واضح والسبب في ذلك هو انهم اعتبروا أنفسهم أولى الناس بالعبادة الفلسفية وأنها وقف عليهم حيث تكلموا عن أربعة أعياد خاصة بهم تقابل أعياد المسلمين في العبادة الشرعية ـ العيد الأول يصادف يوم نزول الشمس برج الحمل لمجيء الربيع وهذا عيد فرح وسرور عندهم .
  أما العيد الثاني فيتمثل بنزول الشمس أول برج السرطان ، والعيد الثالث يوم نزول الشمس او الميزان ودخول الخريف ، أما العيد الرابع فهو يوم رجوع الشمس إلى برج الحمل بعد ذهاب الشتاء وهو يوم الكآبة والحزن والرجوع إلى كهف التقية والاستتارة ، ولهم فضلا عن هذه الأعياد ـ عبادة شهرية فلهم في كل شهر من شهور السنة اليونانية كما سموها ثلاثة أيام في كل شهر ، يوم في أوله ويوم في وسطه ويوم في أخره(99) ، وجدير بالذكر أن الإخوان لم يدعوا أولويتهم بالعبادة الفلسفية وحسب وإنما ادعوا انهم أولى الناس بالعبادة الشرعية أيضا(100) وهذا اختلاف أخر بينهم وبين الغزالي .
  ومسألة خلط الإخوان بين تعاليم الإسلام وحكم الأنبياء وحكم الصوفية والفلاسفة جعلت من الغزالي يوجه لهم سهام النقد ورفض أفكارهم بشكل صريح ونهى عن قراءة ما كتبه الإخوان وهذا نص قوله ( فان من نظر في كتبهم كاخوان الصفا ) . . . فرأى ما مزجوه بكلامهم من الحكم النبوية، والكلمات الصوفية ، وربما استحسنها وقبلها ، وحسن اعتقاده فيها ، فيسارع إلى قبول باطلهم الممزوج به لحسن ظن فيما رآه واستحسنه وذلك نوع استدراج إلى الباطل )(101) ، ولهذا السبب أكد الغزالي ضرورة الزجر عن مطالعـة كتبهم لمـا فيها ( من الغدر والخطـر ) وقال أيضا ( وكما يجب صون من لا يحسن السباحة عن مز الق الشطوط ، يجب صون الخلق عن مطالعة تلك الكتب ، وكما يجب صون الصبيان عن مس الحيات ، يجب صون الأسماع عن مختلط تلك الكلمات ، وكما يجب على المعزم أن لا يمس الحية بين يدي ولده الطفل ، إذا علم انه سيقتدي به ويظن انه مثله، بل يجب عليه أن يحذره منه، بأن يحذر هو نفسه ولا يمسها بين يديه ، فكذلك يجب على العالم الراسخ مثله )(102) .
  ومسألة النقد لم تقف عند هذا الموضوع وحسب بل نجد الغزالي نقد الإخوان في مسألة رئيسة تتعلق بمعتقدهم القائم على دور الإمام في تعليمهم(103) .

الخلاصـــة
  نستخلص من هذه الدراسة مدى الاختلاف الكبير بين أفكار إخوان الصفاء والغزالي ، وما الشبه الملاحظ في بعض الأفكار المتعلقة بالتعليم إلا تشابهه لفظي يتفق في المسميات ويختلف في المعاني والمقاصد ـ فالفرق شاسع جدا بين جماعة أكدت موسوعية العلوم ووحدة الأديان فضلا عن تأكيدهم عدم معاداة المذاهب لتقدم أفكارا بمثابة مجاملات لاصحاب الأديان والمذاهب لاستمالتهم والتعاطف معهم ، وبين شخص ناقد سعى إلى تمحيص العلوم والمعارف توخيا لمعرفة الحق وطلبا لليقين دون السعي لجمع المؤيدين والأنصار مثلما فعل إخوان الصفاء لان هدفه يختلف تماما عن هدف الإخوان ـ كما تختلف نظرته للعلوم عن نظرة الإخوان فهو أكد على العلوم الشرعية بشكل كبير ولم يؤكد على العلوم الفلسفية بينما الإخوان وعلى الرغم من تأكيدهم العلوم الشرعية إلا أنهم في نهاية المطاف جعلوا جل اهتمامهم بالعلوم الفلسفية ، فالإخوان ينظروا للعلوم الشرعية بوصفها علوم تليق بالعامة بينما العلوم الفلسفية تليق بالخاصة وفضلوا الخاصة على العامة .
  فصفوة القول أذن أن الذي يفرق أفكار إخوان الصفاء عن أفكار الغزالي اكثر من الذي يجمعها فالذي يجمعها هو الظاهر والذي يفرقها هو الباطن أو الجوهر ، ونحن نعلم كم هو الفارق بين الجوهر والمظهر ، فالغزالي وان اطلع على فكر الإخوان إلا انه لم يتأثر بهم ودليلنا على ذلك هو نهية عن النظر إلى كتب الإخوان لأنها تؤدي إلى الضلالة كما يرى .

الهوامش
1 ـ ينظــــر
The Encyclo Pedia of Philosophy - Volumes 3 and 4 - Published in Macmillan London and The Free Press New Yourk 1967 P . 221 .
2 ـ وردت الرسالة الجامعة ضمن رسائل إخوان الصفاء وهي تلخيص للمواضيع التي كتبها الإخوان ، ولكن هذه الرسالة اختلف الباحثون في نسبتها هل هي للمجريطي أم للإمام المستور أحمد بن عبدالله بن إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) ، وتوجد الرسالة الجامعة المنسوبة للمجريطي بجزئين قام بتحقيقها وتقديمها ـ جميل صليبا كما توجد الرسالة الجامعة المنسوبة للإمام المستور أحمد بن عبدالله ، حققها د . مصطفى غالب . وعلى كل حال فان الرسالة الجامعة كانت عرض موجز لجميع المواضيع التي كتبها الإخوان في رسائلهم سواء كانت للمجريطي أم للإمام المستور مع ترجيحنا بأنها تعود للإمام المستور لان المجريطي لم يؤلف هذه الرسالة بل نقلها من المشرق العربي إلى المغرب العربي أولا ولان هذه الرسالة حاملة الأفكار الشيعة الإسماعيلية ثانيا .
3 ـ جمال الدين علي بن يوسف القفطي - تاريخ الحكماء ـ مؤسسة الخانجي بمصر ـ مكتبة المثنى بغداد ـ بدون تاريخ ص83 ـ يرى محمد لطفي جمعة أن أسماء الأشخاص الذين ذكرهم القفطي نقلا عن التوحيدي هم من جماعة بغداد لا البصرة ـ ينظر محمد لطفي جمعة ـ تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب ـ القاهرة ـ 1927 ص253 . 4 ـ ابو حيان التوحيدي ـ المقابسات ـ محمد توفيق حسين، مطبعة الإرشاد ـ بغداد - 1970 ص 57 .
5 ـ عمر الدسوقي ـ إخوان الصفاء ـ دار النهضة مصر للطبع والنشر ـ الفجالة ، القاهرة ـ بدون تاريخ ص 56 ـ 57 .
6 ـ ينظر طه حسين ـ من تاريخ الأدب العباسي الثاني ـ دار العلم للملايين ـ بيروت ـ لبنان بدون تاريخ ، ج 3 ، ص394 . ينظر كذلك Pramac Danald - Muslim Theology - London - 1903 - P 199 .
7 ـ من الباحثين الذين أكدوا أن زمان ظهور إخوان الصفاء كان في القرن الرابع الهجري على الإطلاق بطرس البستاني- ينظر مقدمة رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء، ج1، دار صادر بيروت 1958 ص 5 ، وعمر فروخ ـ تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون ـ دار العلم للملايين بيروت ص 377 ـ أما دي بور فيرى أن زمان ظهورهم كان في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري ـ ينظر الأستاذ ت . ج ـ دي بور ـ تاريخ الفلسفة في الإسلام ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ القاهرة ـ 1938 ص 97 .
8 ـ ينظر د . علي سامي النشار ـ نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام / دار المعارف بمصر ط 2 ، 1964 ص 306 ـ وينظر عبد اللطيف محمد العبد ـ الإنسان في فكر إخوان الصفاء ـ مكتبة الا نجلو المصرية بدون تاريخ ص 24 .
9 ـ الإسماعيلية : ـ هم القائلون بإمامة اسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق (ع) بالنص إلا أنهم أختلفوا فـي موته فـي حال حياة أبيه فمنهم من قال لم يمت إلا أنه أظهر موته تقيه من خلفاء بني العباس ، وانه عقد محضراً واشهد عليه عامل المنصور بالمدينة ومنهم من قال بموته وان الإمامة يجب أن تبقى في أولاده دون غيرهم ، وأكدوا على ان الإمام بعد إسماعيل هو ابنه محمد وهؤلاء يقال لهم المباركية وهؤلاء انقسموا قسمين قسم وقف على محمد بن إسماعيل بن جعفر وقال برجعته بعد غيبته . وقسم ساق الإمامة في المستورين منهم ، ثم في الظاهرين القائمين من بعدهم وهم الباطنية . ينظر الملل والنحل للإمام الشهر ستاني تخريج محمد بن فتح الله بدران منشورات الشريف الرضي ط / 2 ـ مكتبة الانجلوا مصـر بدون تاريخ ج 1 ، ص 149 ـ وقال الشهرستاني عن ألقابهم ( ولهم ألقاب كثيرة سوى هذه على لسان قوم فبالعراق الباطنية والقرامطة والمزدكية ، وبخراسان ، التعليمية والملحدة .. )المصدر نفسه ج 1 ص 172 .
10 ـ أن موضع إسماعيلية إخوان الصفاء شغل حيزا كبيرا واهتماما واسعا من قبل الكثير من المهتمين بدراسة تراث الإخوان من مستشرقين وعرب ، وبما أننا لا نستطيع ذكر كل أسماء المهتمين بهذا الموضوع فسنكتفي بذكر شخصيتين بارزتين في هذه الموضوع وهما عارف تامر ومصطفى غالب فقدم عارف تامر كتاب جامعة الجامعة وكتاب إخوان الصفاء وخلان الوفاء فضلا عن تحقيق خمس رسائل إسماعيلية حيث قدم مقارنات بين نصوص الإخوان وأمهات مصادر الإسماعيلية . اما مصطفى غالب فأكد إسماعيلية الإخوان معتمدا على نفس المصادر وقام بتحقيق الرسالة الجامعة للإمام المستور احمد بن عبدالله بن إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) فضلا عن تأليف كتاب مستقل عن إخوان الصفاء ليؤكد هكذا موضوع وأشار أيضا إلى إسماعيلية إخوان الصفاء في كتاب فلاسفة من الشرق والغرب ناهيك عن تحقيق كتاب عيون الأخبار وفنون الآثار للداعي المطلق إدريس عمادالدين .
11 ـ ابي العباس شمس الدين احمد بن محمد بن ابي بكر بن خلكان ت 681 ـ وفيات الأعيان وأنباء ابناء الزمان ـ تحقيق د . احسان عباس ـ دار الثقافة ـ بيروت ـ بدون تاريخ المجلد الرابع ص 216 ينظر كذلك المصدر نفسه المجلد الاول ص 98 .
12 ـ ينظر الشيخ الامام شهاب الدين ابي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي ـ معجم البلدان ـ دار صادر بيروت ط / 1/ 1993 المجلد الرابع ص 191 .
13 ـ عمر فروخ ـ تاريخ الفكر العربي الى ايام ابن خلدون ص 485 .
14 ـ ينظر تاج الدين ابي نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي ـ طبقات الشافعية الكبرى ط /2ـ دار المعرفة بيروت /بدون تاريخ / ج 4 ص 103 .
15 ـ ينظر عمر فروخ المصدر السابق ص 485 .
16 ـ د . سليمان دينا ـ الحقيقة في نظر الغزالي ـ دار المعارف القاهرة ط 4 ،1980 ص 22 .
17 ـ د . موسى الموسوي ـ من الكندي إلى ابن رشد ـ منشورات عويدات ـ بيروت ـ باريس ط / 3 / 1982 ص 160 .
18 ـ الإمام الغزالي ـ المنقذ من الضلال ـ تحقيق وتقديم ـ جميل إبراهيم حبيب ـ دار القادسية ـ بغداد ص 42 ـ 43 .
19 ـ حجة الإسلام أبى حامد الغزالي ـ المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال ـ حققه وقدم له د . جميل صليبا و د . كامل عياد ـ دار الأندلس ـ بيروت ط 7 ، 1967 ص 104 ـ 105 .
19 ـ حول محاولة ذهاب الغزالي إلى لقاء يوسف بن تاشفين ينظر مثلا ما كتبه د . عبدالأمير الاعسم في كتابه الفيلسوف الغزالي إعادة تقويم لمنحى تطوره الروحي ـ دار الأندلس بيروت ط 3 ـ 1981 ص 28 وينظر كذلك الدكتور عبد الأمير شمس الدين ـ الفكر التربوي عند الإمام الغزالي ـ دار اقرأ ـ بيروت ط / 1 / 1985 ص 15 . 21 ـ موسى الموسوي ـ من الكندي إلى ابن رشد ص 161 .
22 ـ السبكي ـ طبقات الشافعية الكبرى ـ المجلد الرابع ص 106 .
23 ـ ينظر د . عبدالرحمن بدوي ـ مؤلفات الغزالي ـ المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية الجمهورية العربية المتحدة ـ 1961 .
24 ـ ينظر ـ د . محمود حمدي زقزوق ـ المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت ـ مكتبة ألا نجلو المصرية : ط 2 ، 1981 ص 73 ـ 74 .
25 ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ـ تحقيق بطرس البستانيج 1 ، ص 268 ـ 269 .
26 ـ المصدر نفسه ص 270 ـ 271 .
27 ـ المصدر نفسه ص 273 ـ 274 .
28 ـ ينظر الغزالي ـ المنقذ من الضلال ـ تحقيق الدكتورين جميل صليبا وكامل عياد ص 81 ـ 83 .
29 ـ ينظر المصدر نفسه ص 83 ـ 84 .
30 ـ المصدر نفسه ص 85 ـ 86 .
31 ـ ينظر إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ج 1 ص 261 .
32 ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ج 4 ص 128 .
33 ـ ينظر إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ج 3 ص 415 ـ كذلك الرسائل ج 4 ص 41 .
34 ـ الإمام أبى حامد محمد بن محمد الغزالي ت 505 هـ ـ إحياء علوم الدين ـ وبذيله كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الإخبار ـ للإمام زين الدين أبى الفضل عبدالرحيم بن الحسين العراقي ت 806 هـ ـ منشورات محمد علي بيضون ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط / 3 / 1902 / ج1 ص 19 .
35 ـ المصدر نفسه ص 35 .
36 ـ الإنسان المطلق ـ هو الإمام الذي يرجع نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) ـ وهذا الشخص في نظرهم معلما للإنسانية التي في زمانه لما يملك من موسوعية علمية وقيم أخلاقية مثلى .
37 ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ج 1 ص 306 .
38 ـ الغزالي ـ إحياء علوم الدين ج 1 ص 21 .
39 ـ ينظر إخوان الصفاء الرسائل ج 4 ص 50 كذلك إحياء علوم الدين ج 1 ص 57 ـ 58 .
40 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 4 ص 44 .
41 ـ الغزالي ـ إحياء علوم الدين ج 1 ص 57 .
42 ـ ينظر إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 4 ص 52 ـ 56 ينظر الغزالي إحياء علوم الدين ج 1 ص 58 .
43 ـ الحكيم المجريطي ـ الرسالة الجامعة ، تحقيق وتقديم ، جميل صليبا ، مطعبة الترقي ـ دمشق 1949 ج 2 ، ص 396 ـ 399 .
44 ـ ينظر ـ الغزالي ـ إحياء علوم الدين ج 1 ص 58 .
45 ـ ينظر إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 1 ص 349 ـ ينظر الغزالي الإحياء ج 1 ص 58 .
46 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 3 ص 533 .
47 ـ ينظر الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 58 ـ 59 .
48 ـ لمزيد من التفصيل ينظر الحكيم المجريطي ـ الرسالة الجامعة ج 2 ص 400 ـ 401 ـ ينظر الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 58 .
49 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 3 ص 340 .
50 ـ ينظر الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 59 ـ 60 .
51 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 3 ص 511 .
52 ـ الغزالي ـ الإحياء ـ ج 1 ص 59 .
53 ـ ينظر إخوان الصفاء ـ الرسائل ـ ج 4 ص 47 ـ 57 ـ 58 .
54 ـ الغزالي ـ الإحياء ج1 ص 52 .
55 ـ ينظر المجريطي ـ الرسالة الجامعة ج 2 من ص 397 إلى 399 .
56 ـ الغزالي ـ الإحياء ـ ج 1 ص 52 .
57 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 4 ص 167 ـ كذلك الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 52 .
58 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ج3 ص 438 ـ الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 53 .
59 ـ ينظر الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 55 ـ إخوان الصفاء ـ الرسائل ـ ج 3 ص 501 .
60 ـ ينظر ـ اخوان الصفاء ـ الرسائل ج4 ص 261 ـ وينظر الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 53 .
61 ـ ينظر ـ المجريطي ـ الرسالة الجامعة ج 2 من ص 396 الى ص 398 ـ ينظر الغزالي ـ الإحياء ج 1 ص 54 ـ 55 .
62 ـ ينظر ـ الغزالي ـ المنقذ من الضلال ـ تحقيق د . جميل صليبا ود . كامل عياد ص 88 .
63 ـ حول أهمية علم العدد عند إخوان الصفاء ـ ينظر رسائل إخوان الصفاء ج 1 ص 57 كذلك ينظر د . ماجد فخري ـ تاريخ الفلسفة الإسلامية ـ وهذا الكتاب وضعه مؤلفه باللغة الإنجليزية ـ نقله إلى العربية د . كمال اليازجي ، الجامعة الأمريكية ـ بيروت ، 1974 ، ص 333 ـ 334 .
64 ـ حول فوائد الهندسة العقلية عند إخوان الصفاء ، ينظر الرسائل ج 1 ص 113 وينظر كذلك د . ناجي التكريتي ود . صالح الشماع ـ رسائل فلسفية ـ دار الشؤون الثقافية العامة بغداد ـ بدون تاريخ ص 57 .
65 ـ ينظر إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 1 ص 138 ـ ولمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع ينظر المصدر نفسه ص 139 ـ 140 .
66 ـ المصدر نفسه ص 188 .
67 ـ المصدر نفسه ص 241 .
68 ـ الغزالي ـ المنقذ من الضلال ـ تحقيق جميل صليبا وكامل عياد ص 79 .
69 ـ المصدر نفسه ص 80 ـ 81 .
70 ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء ج 1 ص 451 ـ 452 .
71 ـ المصدر نفسه ص 427 ـ 428 .
72 ـ الغزالي ـ المنقذ تحقيق جميل صليبا وكامل عياد ص 81 .
73 ـ المصدر نفسه ص 83 ينظر كذلك إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 3 ص 415 .
74 ـ الغزالي ـ مقاصد الفلاسفة ـ تحقيق ـ د . سليمان دنيا ـ مؤسسة شمس تبريزي طهران ـ ط 1/ 1382 ص 32 .
75 ـ الإمام الغزالي ـ تهافت الفلاسفة ـ قدم له وضبط نصه، احمد شمس الدين ـ منشورات محمد علي بيضون ـ دار الكتب العلمية ط1 / 1900 ص 162 ـ 163 .
76 ـ كان قصد الغزالي من رفض السببية هو تأكيد المعجزات لان المعجزة هي اختراق للمألوف أو خرق للعادة ، أما تأكيد الاقتران الضروري بين الظواهر فيجعل من المعجزات أمرا مستحيل . ينظر ـ تهافت الفلاسفة ص163ـ وحقيقة لابد منها وهي أن إخوان الصفاء لم يرفضو حشر الأجساد بل . تكلموا عن حشر الأجساد والأرواح معا ـ ينظر إخوان الصفاء الرسائل ج3 ص290 ـ 291 ـ 300 ـ 301 .
77 ـ الغزالي ـ تهافت الفلاسفة ص 163 .
78 ـ ينظر الغزالي ـ أحياء علوم الدين ج1 ص 26 ـ 27 .
79 ـ الغزالي ـ مقاصد الفلاسفة ص 32 .
80 ـ ينظر الغزالي ـ إحياء علوم الدين ج1 ص 28 ـ 29 .
81 ـ في حديث الإخوان عن السياسات تطرقوا إلى ذكر قيم أخلاقية تتعلق بالسياسات ـ ففي السياسة النبوية تكلموا عن دور الأنبياء في مداواة النفوس المريضة من المذاهب الفاسدة والآراء السخيفة والعادات الرديئة والأعمال السيئة ـ ونقل هذه النفوس من سلبياتها ومداواتها عن طريق ذكر عيوبها و اشفائها بالرأي الرصين والعادات الجميلة والأعمال الزكية والأخلاق الحميدة بالمدح والترغيب في جزيل الثواب . ولم يقف دور السياسة النبوية عند هذا الحد وانما لها الدور الفعال في سياسة النفوس الشريرة التي ابتعدت عن سبيل الرشاد وردها عن سلوكها وللسياسة النبوية دورا بارزا في سياسة النفوس الساهية والأرواح اللاهية من طول الرقاد والتي نست ذكر المعاد فدور السياسة لنبوية هو تذكير هذه النفوس بيوم المعاد ، وهكذا أكد الإخوان على القيم الأخلاقية التي يلتزمها الأنبياء ( عليهم السلام ) في سياسة البشر .
   وفي حديثهم عن السياسة الملوكية تطرقوا إلى قيم أخلاقية أكدوا ضرورة التزام صاحب هذا المنصب بها وهي ، أن يسعى إلى جمع شمل الرعية ومداراتهم وحل مشاكلهم وترتيب العام والخاص كلا حسب مكانته ـ ينظر إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 3 ص 494 ـ 495 . وتكلم الإخوان عن قيم أخلاقية أيضا في حديثهم عن السياسة العامية ، حيث طلبوا من الشخص الذي يتولى رئاسة الجماعات ان يعرف طبقات المرؤسين و أخلاقهم ومذاهبهم ومراعاة أمور هم وتأليف شملهم والمساواة فيما بينهم . . . الخ ينظر إخوان الصفاء الرسائل ج 1 ص 274 . وناقش إخوان الصفاء عدة مسائل أخلاقية في حديثهم عن السياسة الخاصية فقدموا قواعد عدة طالبوا من يتولى رعاية الأسرة التزامها في تعامله مع أولاده وإخوانه وزوجته و أقاربه فضلا عن رعاية حقوق الجار . وفي السياسة الذاتية أكدوا قيما أخلاقية أيضا تتمثل بمعرفة الإنسان لنفسه وأخلاقه وتفقد أحواله وأقاويله وعواطفه من غضب ورضى ، فضلا عن مساعدة الآخرين وحفظ الأمانة وحسن الجوار وحب الخير للغير ـ ينظر إخوان الصفاء ـ الرسائل ج 1 ، ص 274 كذلك ج 4 ص 258 .
82 ـ مصطفى عبد الرزاق ـ تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ القاهرة ط 3 / 1966 ص 55 وحقيقة لابد منها وهي أن الغزالي قسم العلوم إلى علوم عملية ونظرية ـ وعرف العلم العملي، بأنه العلم الذي يعرف به أحوالنا وافعالنا وفائدته ان ينكشف به وجوه الأعمال التي تنظم مصالحنا في الدنيا ويصدق لا جله رجاؤنا في الآخرة ، وقسم هذا العلم ثلاثة أقسام وهي علم تدبير المشاركة مع الناس كافة ، وعلم تدبير المنزل وعلم الأخلاق، أما العلم النظري فقسمه ثلاثة أقسام أيضا وهي العلم الإلهي، والعلم الرياضي، والعلم الطبيعي ينظر ـ الغزالي ـ ميزان العمل ـ تحقيق ـ د ، سليمان دنيا ـ دار المعارف ـ مصر ـ ط 1 ـ 1964 ص 285 فالغزالي درج العلم الإلهي ، والطبيعي والرياضي ضمن العلوم النظرية بينما الإخوان لم يقسموا العلوم الفلسفية إلى نظرية وعملية بل ادخلوا القسم العملي بالإلهيات ـ فهناك اختلاف في التقسيم بين الإخوان والغزالي .
83 ـ ينظر ـ الغزالي ـ المنقذ من الضلال ـ تحقيق جميل إبراهيم حبيب ص 45 ـ 46 .
84 ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء ج 1 ص 306 .
85 ـ الغزالي ـ رسالة أيها الولد ـ تعهد طبعها الحاج فؤاد الدين السيد قوام السامرائي ـ مطبعة . المعارف ـ بغداد ـ 1969 ص 37 ـ 38 .
86 ـ ينظر ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء ج 3 ص 43 وص 415 .
87 ـ حول هذا الموضوع يراجع ـ المجريطي ـ الرسالة الجامعة ج 2 من ص 396 إلى ص 398 .
88 ـ د . احمد حسن الرحيم ـ الفلسفة في التربية والحياة ـ مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف 1977 ص 266 .
89 ـ لمزيد من التفصيل راجع ـ الغزالي ـ إحياء علوم الدين ج 1 ص 44 ـ 45 .
90 ـ ينظر د . جبور عبد النور ـ إخوان الصفاء ـ دار المعارف ـ مصر ـ ط 3 / 1970 ص 7 .
91- Watt - M - ISLam and the in tegration of SOCIETY - LONDON 1960 - P246 والمعروف عن الغزالي انه رفض ادعاء بعض الصوفية للحلول ـ المتمثل بحلول ذات الإنسان بالله بحيث تكون الإشارة الى أحدهم إشارة للآخر تحقيقا أو تقديرا ، كما رفض فكرة الاتحاد التي تعني امتزاج الشيئين واختلاطهما حتى يصيرا شيئا واحدا ـ أي رفض فكرة المتصوفة الذين قالوا بفكرة اتحاد الإنسان بالله تعالى ، كما رفض فكرة الاتصال بواجب الوجود ـ فالغزالي يرفض هكذا ادعاءات والتي تحصل بعد وصول الصوفي إلى مرحلة المشاهدات او المكاشفات ـ ينظر الغزالي ـ المنقذ من الضلال تحقيق جميل صليبا وكامل عياد حاشية ص 107 .
92 ـ الغزالي ـ رسالة أيها الولد ص 48 .
93 ـ المصدر نفسه ص 48 ـ 49 .
94 ـ إخوان الصفاء ـ رسائل إخوان الصفاء ج 4 ص 167 .
95 ـ ينظر د. عبد الأمير شمس الدين ـ الفكر التربوي عند الإمام الغزالي ـ من ص 33 إلى ص 35 ولمزيد من التفصيل ينظر ـ الغزالي ـ إحياء علوم الدين ج 1 من ص 22 إلى ص 24 ومن ص 26 إلى ص 29 ـ كذلك ص 34 ـ 35 ـ 36 .
96 ـ ينظر التقسيم الذي قدمه ـ د . كفاح يحيى صالح العسكري ـ الفكر التربوي والنفسي عند الغزالي ـ دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد ـ ط 1 / 1900 ص 188 97 ـ الغزالي ـ أيها الولد ص 22 .
98 ـ استخدم إخوان الصفاء في ادعيتهم هذه عبارات لاتمت إلى العربية في صلة وكلمات غريبة يصعب على القارئ فهمها ينظر إخوان الصفاء رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ، ج 4 ، ص 263 ـ 264 .
99 ـ المصدر نفسه ص 266 ـ 267 .
100 ـ ينظر المصدر نفسه ص 266 .
101 ـ الغزالي ـ المنقذ من الضلال ـ تحقيق جميل صليبا وكامل عياد ص 89 .
102 ـ المصدر والصفحة نفسهما .
103 ـ لمزيد من التفصيل ينظر ـ المصدر نفسه من ص 91 إلى ص 99 .

المصادر والمراجع
أولا : العربية :
1 ـ إخوان الصفاء، رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء ، تحقيق بطرس البستاني ، دار صادر بيروت ، 1957 .
2 ـ د . بدوي، عبدالرحمن ، مؤلفات الغزالي ، المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، الجمهورية العربية المتحدة ، 1961 .
3 ـ د . التكريتي ، ناجي عباس ، رسائل فلسفية ، بالاشتراك مع د . صالح الشماع ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، بدون تاريخ .
4 ـ التوحيدي ، ابو حيان ، المقابسات ، تحقيق محمد توفيق حسين، مطبعة الإرشاد ، بغداد 1970 .
5 ـ جمعة ، محمد لطفي ، تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب ، القاهرة ، 1927 .
6 ـ د. حسين، طه، من تاريخ الادب العباسي الثاني، دار العلم للملايين، بيروت، بدون تاريخ .
7 ـ الحموي ، شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله ، معجم البلدان ، دار صادر ، بيروت ، 1993 .
8 ـ ابن خلكان ، أبي العباس شمس الدين احمد بن أبي بكر 681 هـ ، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، تحقيق د . إحسان عباس ، دار الثقافة ، بيروت ـ بدون تاريخ .
9 ـ د . الدسوقي ، عمر ، إخوان الصفاء ، دار النهضة ، القاهرة ، بدون تاريخ .
10 ـ د . دينا ، سليمان ، الحقيقة في نظر الغزالي ، دار المعارف ، القاهرة ، ط 4 ، 1980 .
11 ـ دي بور ، ت ج ، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريده، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ، 1938 .
12 ـ د.الرحيم، احمد حسن، الفلسفة في التربية والحياة، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، 1977 .
13 ـ د. زقزوق ، محمد حمدي،المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت ، مكتبة الانجلو،ال قاهرة ، ط 2 ، 1981 .
14 ـ السبكي ، تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي ، طبقات الشافعية الكبرى ، دار المعرفة ، بيروت ، ط 2 . بدون تاريخ .
15 ـ د . شمس الدين ، عبد الأمير، الفكر التربوي عند الأمام الغزالي ، دار أقرأ ، بيروت ط1 ، 1985 .
16 ـ الشهرستاني ، الملل والنحل ، تخريج محمد بن فتح الله بدران ، منشورات الشريف الرضي مكتبة الانجلو ، مصر ط 2 بدون تاريخ .
17 ـ عبدالرزاق ، مصطفى ، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ، ط 3 ، 1966 .
18 ـ العبد،عبد اللطيف محمد ، الإن سانفي فكر إخوان الصفاء ، مكتبة الانجلو المصرية ، بدون تاريخ .
19 ـ د. عبدالنور ، جبور ، إخوان الصفا ـ دار المعارف ، القاهرة ط 3 / 1970 .
19 ـ د . الاعسم ، عبد الأمير ، الفيلسوف الغزالي أعادة تقويم لمنحى تطوره الروحي ، دار الأندلس ، بيروت ، ط 3 ، 1981 .
21 ـ الغزالي ، الأمام أبي حامد محمد بن محمد ، ت 505 هـ ، أحياء علوم الدين ـ وبذيله كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للإمام زين الدين أبي الفضل عبدالرحيم بن الحسين العراقي ت 806 هـ . منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية ، بيروت ط3 / 1902 .
22 ـ الغزالي ، تهافت الفلاسفة ، تقديم وضبط ، احمد شمس الدين ، منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية ، بيروت ط 1 / 1900 .
23 ـ الغزالي ، رسالة ايها الولد ، تعهد طبعها الحاج فؤاد الدين السيد قوام السامرائي مطبعة المعارف ، بغداد ، 1969 .
24 ـ الغزالي ، مقاصد الفلاسفة ، تحقيق : د . سليمان دنيا ، مؤسسة شمس تبريزي طهران ، ط1 / 1382 هـ .
25 ـ الغزالي ، المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال ، تحقيق وتقديم د . جميل صلبيا ود . كامل عياد ، دار الأندلس بيروت ، ط 7/ 1967 ـ واعتمدنا أيضا على النسخة التي حققها وقدم لها جميل إبراهيم حبيب ، دار القادسية ، بغداد .
26 ـ الغزالي ، ميزان العمل ، تحقيق د . سليمان دنيا ـ دار المعارف ، القاهرة ط1 / 1964 .
27 ـ د . فخري ، ماجد، تاريخ الفلسفة الإسلامية ، وضعه مؤلفه باللغة الانجليزية، ونقله الى العربية د. كمال اليازجي ، الجامعة الأمريكية ، بيروت ، 1974 .
28 ـ فروخ ، عمر ، تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون ، دار صادر بيروت ، ط4/ 1983 .
29 ـ القفطي ، جمال الدين علي بن يوسف ، تاريخ الحكماء ، مؤسسة الخانجي ، مصر ، مكتبة المثنى بغداد ، بدون تاريخ .
30 ـ المجريطي ، الرسالة الجامعة ، تحقيق وتقديم ، جميل صلبيا ، مطبعة الترقي ، دمشق 1949 .
31 ـ د . الموسوي ، موسى ، من الكندي الى ابن رشد ، منشورات عويدات ، بيروت ط 3 ، 1982 .
32 ـ النشار ، علي سامي ، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ، دار المعارف ، مصر ط 2 1964 .
ثانيا: المصادر الأجنبية .
1 ـ The Encyclopedia of philosophy - volumes 3 and 4 published in Macmillan - London and the free prees New yourk 1967 .
2 ـ pramac Danald - muslim theology - London - 1903 .
3 ـ Watt - m - islam and the integration of society - London - 1960 .

BASRAHCITY.NET