تعد أسرة آل النعمة من ضمن الاسر البصرية المعروفة التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ مدينة البصرة الحديث والمعاصر ، حيث برز بعض من ابنائها الذين اشتهروا في كافة مجالات الحياة ، وستلقي هذه الخلاصة الضوء على دور الاسرة منذ قيام حكم الاتحاديين بعد انقلابهم عام 1908 م انتهاء بأحداث بحركة مايس 1941 م ، برز دور اسرة آل النعمة ابان حكم الاتحاديين 1908 ـ 1914 م
وهي الفترة التي شهدت انتعاش للحركة القومية في الولايات العربية ، ومنها البصرة التي شهدت تأسيس العديد من الاحزاب السياسية مثل الحزب الحر المعتدل ، وحزب الحرية والائتلاف وجمعية البصرة الاصلاحية ، وعرف من ابناء هذه الاسرة في تلك الفترة كلاً من عبد الرزاق النعمة الذي كان من الاثرياء المقربين للسيد طالب النقيب الزعيم السياسي المعروف ، ومحمود المعتوك النعمة الذي كان اميناً للصندوق في الهيئة الادارية للحزب الحر المعتدل الذي اسس عام 1911 م ، وقد رشح عبد الرزاق النعمة من لدن حزب الحرية والائتلاف في الانتخابات النيابية لمجلس المبعوثان العثماني محققاً فوزاً اهله لتولي احد مقاعد المجلس وكان ذلك في أوائل عام 1912 م الا ان الانتخابات المشار اليها الغيت بسبب تدخل الاتحاديين فيها بهدف وصول مرشحين مما دعا الى اجراء انتخابات جديدة اوائل عام 1914 م تمكن فيها عبد الرزاق النعمة من الفوز الى جانب بعض مرشحي جمعية البصرة الاصلاحية التي اسست عام 1913 م ، وسافر المذكور مع نواب الجمعية الى اسطنبول للمشاركة في جلسات مجلس المبعوثان العثماني ، ويلاحظ هنا ان المصادر والمراجع لم تتطرق الى اي موقف او دور له في المجلس ، وربما يكون ذلك راجعاً الى انه رأى في عضوية المجلس مجرد وسيلة لاضافة مكانة سياسية الى مكانته الاجتماعية والاقتصادية ، او ربما ان زملائه من ممثلي البصرة ادو دورهم بصورة كاملة في المناقشات الامر الذي لم يستدعي منه اضافة اي ملاحظات او مشاركات غير ذات فائدة ، وباحتلال البصرة على ايدي القوات البريطانية عام 1914 م برز دور مهم لآل النعمة ، اذ تعاون بعض افراد الاسرة مع السلطات البريطانية في العديد من المجالات ، ففي آب عام 1918 م عينت السلطالت البريطانية رجب النعمة رئيساً لبلدية العشار ، واعتمدت صحيفة الاوقات البصرية التي اصدرتها سلطات الاحتلال البريطاني علي شاكر النعمة كأحد ابرز المحررين فيها والمروجين لسياستها وكان قبل ذلك يشغل منصب معاون الحاكم العسكري البريطاني في العمارة ، وتجدر الاشارة هنا الى مووقف بعض ابناء الاسرة مما عرف بمشروع حركة الانفصال عام 1921 م ، اذ طالب فيها بعض اثرياء البصرة وموسريها بالانفصال عن العراق واقامة امارة ذات نظام حكم شبيه بأمارة المحمرة التي كان الشيخ خزعل على رأسها اومشيخة الكويت التي كان مبارك آل صباح احد ابرز حكامها ، وكان عبد الرزاق النعمة من ضمن الموقعين على الوثيقة المطالبة بذلك ويمكن تفسير هذا الموقف بوجود مطامع وطموحات شخصية ضيقة لديه ورغبةً منه في أرضاء السلطات البريطانية للحصول على مكاسب آنية ، ولكن في الوقت نفسه لن يؤثر هذا الموقف السلبي على المكانة الاجتماعية والدور الثقافي لباقي اعضاء اسرة آل النعمة في البصرة ، ودليلاً على المكانة الاجتماعية لاسرة آل النعمة فأن العديد من افرادها كانوا ضمن المدعوين لحفل تتويج فيصل الاول ملكاً على العراق عام 1921 م .
كان ابرز الادوار التي مارست من خلاله الاسرة نشاطها هو الجانب الثقافي ، إذ اصدر شاكر النعمة صحيفة ( الثغر ) التي تعد من اهم الصحف الوطنية في العراق ، وكان شاكر النعمة صاحب اطول امتياز لصحيفة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر ( من 12 / آذار / 1933 م لغاية 1 / آيار / 1973 م ) ، ومن جانب آخر انتخب محمود الاحمد النعمة نائباً عن البصرة في مجلس النواب في عهد وزارة احمد ياسين الهاشمي الثانية ( 1935 م ـ 1936 م ) ، لم يقتصر دور اسرة آل النعمة على ما تقدم إذ برزت اسماء بعض افرادها في احداث حركة مايس 1941 م والتي لم تكن البصرة بمعزل عن تأثيراتها ، إذ اختير عبد الرحمن المحمود النعمة عضواً في لجنة شكلها المجلس البلدي لمتصرفية البصرة في 8 / آيار / 1941 م لجمع التبرعات والاموال على شكل سلف من الاهالي لصرف رواتب حراس السجن ومنتسبي الاطفاء ، وتشير بعض المعلومات ان السلطات البريطانية استدعت بعض وجهاء البصرة في ذلك الوقت ومن ضمنهم شاكر النعمه الى مقر القيادة البريطانية في المتصرفية دون معرفة مادار في الاجتماع او الاسباب التي دعت اليه ، وعلى العموم فقد شارك محمود الاحمد النعمة في لجنة الامن الداخلي التي شكلت في 15 / آيار / 1941 م واخذت على عاتقها مسؤولية حفظ الامن عقب اصدار حكومة الدفاع الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني قراراً بأعتقال كافة افراد الشرطة والموظفين الامنيين ، وبعد حل هذه اللجنة بيومين تم تشكيل لجنة الامن العام بقرار من المجلس البلدي للقيام بمسؤلية حفظ الامن في البصرة اختير عبد الرحمن النعمة من بين اعضائها ، وهناك بعض المعلومات تشير الى موقف اسرة آل النعمة من حركة 1941 م ، إذ شارك عبد الرحمن النعمة ضمن الوفد الرسمي لمتصرفية البصرة لتقديم التهاني الى الحكومة العراقية لمناسبة تولي الشريف شرف الوصاية على العرش بدلاً من عبد الاله
، وكان ضمن وفد شعبي آخر سافر الى بغداد للغاية نفسها ، الامر الذي اثار عليه غضب واستياء الحكومة العراقية بعد فشل حركة مايس فقام عبد الاله بتوجيه لوم شديد له ولاعضاء الوفد الذين رافقوه ، كما اجرت الحكومة تحقيقاً معه وعن الاسباب التي دعته لاتخاذ هذا الموقف ، وقد علل عبد الرحمن النعمة موقفه بالضغط الذي تعرض اليه من متصرفية لواء البصرة ووكيلها الذي كان في ذلك الوقت محمد صالح حمام الذي اجبرهم على ذلك ، ولكن يبدو ان السبب الحقيقي لموقفه المؤيد لحركة مايس اعتقاده باننها اصبحت امراً واقعاً لابد من التعامل معه ، ماتقدم ذكره كان جانباً بسيطاً من جوانب وادوار عديدة قامت بها الاسرة في تاريخ البصرة الحديث والمعاصر مما يؤكد الحضور الفاعل لافرادها في كافة ميادين الحياة العامة للمدينة .