المسألة الثانية :
الكفار مخاطبون بالعبادات ، وأنكر ذلك بعض الحنفية.
لنا : وجهان :
أحدهما : كل خطاب تناول الناس ، تناولهم ، كقوله : « يا أيها الناس اعبدوا »
(1) وعارض الكفر لا يصلح معارضا ، لأنه يمكن ازالته.
الثاني : قوله تعالى : « مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ »
(2) و قوله : « وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة »
(3) ، ووجه الدلالة : توجيه الذم إليهم على ترك [ الصلاة و ] الزكاة ، والذم لا يتحقق مع عدم الوجوب.
لا يقال : الذم انما توجه بانضمام كونهم مشركين ، وبانضام التكذيب بيوم الدين.
لأنا نقول : الظاهر ( تعلق )
(4) الذم بكل واحد من الخصال المذكورة.
[ وفيه مسألتان ] :
المسألة الاولى :
النهي : هو قول القائل لغيره ، لا تفعل ، أو ( ما جرى )
(5) مجراه ، على سبيل الاستعلاء ، مع كراهية المنهي عنه ، وتقريره ما مر .
وهو يقتضي التحريم :
|
(1) البقرة / 21.
(2) المدثر / 42.
(3) فصلت / 6 ، 7.
(4) في نسخة : توجه.
(5) في نسخة : أجرى.
|
معارج الاصول ـ 77 ـ
أما أولا : فلان العقلاء يستحسنون ذم من خالف مقتضى النهي ، إذا صدر ممن تجب طاعته .
وأما ثانيا : ـ وهو يخص مناهي النبي صلى الله عليه وآله ـ ( لقوله )
(1) تعالى : « وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا » (2).
المسألة الثانية :
النهي يدل على فساد المنهي عنه في العبادات ، لا في المعاملات ونعني بالفساد : عدم ترتب الاحكام ، كالاجزاء في العبادات ، وكانتقال الملك في البيع ، وحصول البينونة بالطلاق .
وانما قلنا ذلك : لأن النهي يقتضي كون ما تناوله مفسدة ، والامر يقتضي كونه مصلحة ، وأحدهما ضد الآخر ، فالآتي ( بالمنهي ) (3) [ عنه ] لا يكون آتيا بالمأمور [ به ] ، ويلزم عدم خروجه عن عهدة الامر.
وأما في المعاملات : فانه لا يدل ، لأنه لو دل : [ لدل ] أما بالمطابقة ، أو ( الالتزام ) (4) ، والقسمان باطلان ، أما المطابقة فظاهر .
وأما الالتزام : فلعدم اللزوم بين النهي و [ بين ] الفساد ، لأنه لو صرح ( بالنهي ) (5) وأخبر بأن المخالفة ليست مفسدة ، لم يتناف ، وذلك يدل على عدم اللزوم.
احتج : بقوله عليه السلام : « من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد ».
|
(1) في نسخة : فقوله.
(2) الحشر / 7.
(3) في نسخة : بالنهي.
(4) في نسخة : بالالتزام.
(5) في نسخة : بالمنهى.
|
معارج الاصول ـ 78 ـ
وأيضا : فان الصحابة كانت تحكم بفساد الحكم عند سماع النهي عنه.
وجواب الاول : لا نسلم أنه ادخل في الدين ما ليس منه ، وانما يكون ذلك باعتقاد كونه من الدين ، وأما ( أحكامه ) (1) فلا نسلم انها ليست من الدين.
وجواب الثاني : سلمنا أن الصحابة حكمت عنده ، لكن لابه ، يدل على ذلك حكمها في موضع آخر بالصحة مع سماع النهي ، كالنهي عن بيع حاضر لباد ، وتلقي الركبان.