الاول : الاطراد في فائدتها دلالة على كون اللفظ حقيقة في تلك الفائدة.
الثاني : صحة التصرف ـ كالتثنية والجمع ـ دلالة على الحقيقة.
الثالث : استعمال أهل اللغة دلالة عليها أيضا.
الرابع : تعليق ( اللفظة ) (1) بما يستحيل تعلقها به دلالة على المجاز كقوله تعالى « وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ » (2) وفى الكل نظر .
المسألة الثالثة : اللفظ اما أن يستفاد وضعه للمعنى بالشرع أو بالوضع ، والاول هو الحقيقة الشرعية ، والثاني : اما أن ينقل عن موضوعه لمواضعة طارئة ، وهو العرفية ، أو لا ينقل ، وهو اللغوية ، وكل واحدة من هذه الالفاظ اما أن تكون موضوعة لمعنى واحد ، وهي المفردة ، أو لمعنيين فصاعدا ، وهي المشتركة
فوائد ثلاث
الاولى : لا شبهة في وجود الحقيقة الوضعية ، وأما العرفية فكذلك ، أما الامكان فظاهر ، وأما الوقوع فبالإستقراء ( اما ) (3) من عرف عام كالغائط للفضلة وقد كان للمطمئن ، والدابة للفرس وقد كان لمادب ، واما من عرف خاص فكما للنحاة من الرفع والنصب ، ولاهل الكلام من الجوهر والكون.
تقسيم
العرف اما أن يجعل الاسم مستعملا في غير ما كان مستعملا فيه أو في بعضه
(1) في نسخة : اللفظية وفي أخرى اللفظ.
(2) يوسف / 82.
(3) في نسخة : واما.
معارج الاصول ـ 52 ـ
والثاني تخصيص كلفظ الدابة ، والاول ، اما أن يرجح العرف الطارئ ويرفض السابق وهو نقل كالغائط و ( الراوية ) (1) أولايرجح فيكون مشتركا كقولنا : كلام زيد ، فانه يقع على لفظه ، وعلى حكاية كلامه ، كقولنا : هذا كلام أمير ـ المؤمنين ، عند ايراد خطبه.
الفائدة الثانية : الحقيقة الشرعية موجودة ، وصار جماعة من الاشعرية إلى نفيها ، ونعنى بالشرعية : ما استفيد وضعها للمعنى بالشرع .
لنا : وجودها في الفاظ الشارع ، فان الصوم في اللغة : الامساك وفي الشرع امساك خاص ، والزكاة : الطهارة ، وفي الشرع طهارة خاصة ، والصلاة : الدعاء وفي الشرع لمعان مختلفة أو متواطئة ، تارة تعرى عن الدعاء كصلاة الأخرس وتارة يكون الدعاء منضما كصلاة الصحيح.
تفريع الاصل عدم النقل ، لأن احتمال النقل لو ساوى احتمال البقاء على الاصل لما حصل التفاهم عند التخاطب مع الاطلاق ، لأن الذهن يعود مترددا بين المعنيين ، لكن التفاهم حاصل مع الاطلاق فكان الاحتمال منفيا .
الفائدة الثالثة : لا شبهة في وجود الحقيقة المفردة ، واختلف في المشتركة فمن الناس من أوجب وجودها نظرا إلى كثرة المعاني وقلة الالفاظ ، ومنهم من أحالها صونا للفهم عن الخلل ، والاول باطل ، لأنا لا نسلم كثرة المعاني عن الالفاظ والثاني باطل لأن الغرض قد يتعلق بالابهام كما يتعلق بالابانة .
وأما وجودها فاستقراء اللغة يحققه .
(1) في نسخة : الرواية
معارج الاصول ـ 53 ـ
فرعان
الاول : الاصل عدم الاشتراك ، لأنه لولا ذلك لما حصل الفهم الا عند العلم بعدمه ، وهو باطل ، لأنه ( يلزم ) (1) بطلان الاستدلال بالنصوص ، لجواز أن تكون الفاظه موضوعة لغير ذلك المعنى.
الفرع الثاني : يجوز أن يراد باللفظ الواحد كلا معنييه ـ حقيقة كان فيهما أو مجازا أو في أحدهما ـ نظرا إلى الامكان لا إلى اللغة.
وأحال أبو هاشم وابو عبد الله ذلك ، وشرط أبو عبد الله في المنع شروطا أربعة : اتحاد المتكلم ، والعبارة ، والوقت ، وكون المعنيين لا ( تضمهما ) (2) فائدة واحدة ، وقال القاضي : ذلك جائز ما لم يتنافيا كاستعمال لفظة ( افعل ) في الأمر والتهديد ، ( و ) (3) الوجوب والندب.
لنا : أنه ليس بين ارادة اعتداد المرأة بالحيض واعتدادها بالطهر منافاة ، ولا بين ارادة الحقيقة وارادة المجاز معا منافاة ، و ( إذ ) (4) لم يكن ثمة منافاة لم يمتنع اجتماع الارادتين عند ( المتكلم ) (5) باللفظ .
حجة المانع : لو استعمل المتكلم اللفظة في حقيقتها ومجازها لكان جامعا بين المتنافيين وانما قلنا ذلك لوجهين :
أحدهما : أنه يكون مريدا لاستعمالها فيما وضعت له والعدول بها عنه.
(1) في نسخة : يلزمه.
(2) في بعض النسخ تنضمهما .
(3) في نسخة : أو.
(4) في نسخة : إذا.
(5) في نسخة : التكلم.
معارج الاصول ـ 54 ـ
والثاني : أن المتجوز يضمر كاف التشبيه ، ومستعمل الحقيقة لا يضمر ، فلو استعملها في المعنيين لاراد الاضمار وعدمه.
الجواب : لا نسلم كونه جامعا بين المتنافيين. قوله : « يكون مريدا لموضوعها والعدول عنه » .
قلنا : يعني بالعدول كونه مريدا لاستعمالها في غير ما وضعت [ له ] كما أراد استعمالها فيما وضعت له ؟ أم يريد استعمالها فيما وضعت له ( ولا ) (1) يستعملها فيه [ و ] الاول مسلم ولا ينفعك والثاني ممنوع .
قوله في الوجه الثاني : « يريد الاضمار وعدمه » قلنا : لا بالنسبة إلى شيء واحد بل بالنسبة إلى شيئين ، وذلك ليس بمتناف .
وأما بالنظر إلى اللغة ، فتنزيل المشترك على معنييه باطل ، لأنه لو نزل على ذلك لكان استعمالا له في غير ما وضع له ، لأن اللغوي لم يضعه للمجموع ، بل لهذا وحده ، ( و ) (2) لذاك وحده ، فلو نزل عليهما معا لكان ذلك عدولا عن وضع اللغة.
حجة المخالف وجهان :
الاول : قوله تعالى « إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي » (3).
الثاني : قول سيبويه : ( الويل ) : دعاء وخبر.
جواب الاول : ان في الآية اضمارا ، أما على قراءة النصب فلان ذلك أدخل في باب التعظيم ، وأما على قراءة الرفع فلان العطف على اسم ( ان ) لا يصح الا بعد تمام الخبر عند البصريين ، فكان التقدير : ان الله يصلي وملائكته يصلون .
(1) في نسخة : وألا.
(2) في نسخة : أو.
(3) الاحزاب / 56.
معارج الاصول ـ 55 ـ
وعن الثاني : ان ذلك اخبار عن كون اللفظة موضوعة لهما معا ، وذلك غير موضع النزاع. المسألة الرابعة : لا يجوز أن يخاطب الله عباده بما لا طريق لهم إلى العلم بمعناه خلافا للحشوية .
لنا : أن ذلك عبث ، فيكون [ لله ] قبيحا .
احتجوا : بقوله تعالى : « كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ » (1) وبقوله تعالى « حم » (2) و « الم » (3) وما أشبهها.
والجواب : لا نسلم خلو ذلك عن الفائدة ، لأن الاول كناية عن ( القبيح ) (4) واستعارة فيه ، والثاني اسم للسورة .
في المجاز وأحكامه ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : اكثر الناس على امكانه ووجوده ، ومنعه قوم امكانا ، وآخرون وقوعا.
لنا : [ ان ] اسم ( الحمار ) يستعمل في البليد ، وليس حقيقة فيه ، فهو مجاز .
احتجوا : بأن المجاز ان دل بدون القرينة فهو حقيقة ، ومعها لا يحتمل الا ذاك ، فهو حقيقة أيضا.
(1) الصافات / 65 .
(2) الآية الاولى من السور التالية : غافر ، فصلت ، الزخرف ، الدخان ، الجاثية ، الاحقاف.
(3) الآية الاولى من : البقرة ، وآل عمران ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان والسجدة.
(4) في نسخة : القبح.
معارج الاصول ـ 56 ـ
جوابه : ان القرينة خارجة عن دلالة اللفظ ، وكلامنا في دلالته مفردا.
على : ان القرينة قد لا تكون لفظية ، وكلامنا في الدال بالوضع. المسألة الثانية : المجاز ممكن الوجود في ( خطاب ) (1) الله تعالى ، و موجود ، خلافا لاهل الظاهر.
لنا : قوله تعالى : « جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ » (2) و « جَاء رَبُّكَ » (3) وقوله : « لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ » (4) وليست هذه موضوعة في اللغة لما أراده الله تعالى بها قطعا ، ولا الشارع نقلها ، لعدم سبق أذهان أهل الشرع عند اطلاقها إلى المراد بها ، فتعين أن يكون مجازا .
احتجوا : بأنه لو تجوز لكان ملغزا معميا .
وجوابه : أنه لا ألغاز مع القرينة. المسألة الثالثة : اختلفوا في جواز تعدية المجاز [ عن ] ( موضع ) (5) الاستعمال فأجازه قوم ، ومنعه الأكثر.
[ و ] احتج المانع : بأنه لو كفت العلاقة لصح تسمية الحبل الطويل نخلة ، كما سمي به الرجل الطويل ، ويسمى الابخر أسدا. المسألة الرابعة : تشتمل على فوائد :
الاولى : لا يجوز خلو اللفظ ـ بعد الاستعمال ـ من كونه حقيقة أو مجازا لأنه : ان استعمل فيما وضع له فهو حقيقة ، والا فهو مجاز .
(1) في نسخة : كلام.
(2) الكهف / 77.
(3) الفجر / 22.
(4) ص / 75.
(5) في نسخة : موضوع.
معارج الاصول ـ 57 ـ
الثانية : الحقيقة والمجاز لا يدخلان أسماء الالقاب ، لانها لم تقع على مسمياتها المعينة بوضع من أهل اللغة ولا من الشرع ، وإذا لم تكن كذلك لم يكن متسعملها في الاشخاص تابعا لاهل اللغة ، لا بالحقيقة ولا بالمجاز .
الثالثة : إذا تجرد اللفظ عن القرائن ( نزل ) (1) على حقيقته ، لأن واضع اللغة وضعه للدلالة على معناه فكأنه قال : عند الاطلاق أريد به ذلك المعنى ، فلولم يفد به عند الاطلاق كان ( ناقضا ) (2).
قال جماعة من الاصوليين : يجب اطراد الحقيقة في فائدتها دون المجاز لأنا إذا علمنا أن أهل اللغة سموا الجسم طويلا عند اختصاصه ( بالطول ) (3) ولولا ذلك لما سموه طويلا ، وجب تسمية كل جسم ( فيه ) (4) طول بذلك ، قضية للعلة .
في جملة من احكام الحروف :
الواو : للجمع المطلق ، ( لاجماع ) (5) أهل اللغة على ذلك ، وأيضا : فانه يستعمل فيما يمتنع فيه الترتيب ، كقولنا : تقاتل زيد وعمرو.
واحتج : بانكار رسول الله صلى الله عليه وآله على قائل : من أطاع الله ورسوله فقد هدي ، ومن عصاهما فقد غوى ، بقوله : « قل : ومن عصى الله ورسوله ».
والجواب : ان الافراد أدخل في باب التعظيم من الجمع ، فلعله عليه السلام قصد
(1) في نسخة : يدل.
(2) في نسخة : ناقصا.
(3) في نسخة : بالطويل.
(4) في نسخة : له.
(5) في نسخة : لاطلاق.
معارج الاصول ـ 58 ـ
ذلك دون الترتيب.
الفاء : للتعقيب ، باجماع أهل اللغة. ( ومنهم ) (1) من جعلها للتراخي أيضا لقوله تعالى : « لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ » (2) والاسحات ( متراخ ) (3) عن ( الافتراء ) (4) ، ولأن الفاء تدخل على التعقيب.
وجوابه : ان الاول تجوز ، والثاني تأكيد .
ثم : للمهلة ، وقال آخرون : الا في عطف الجمل كقوله تعالى : « لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى » (5).
في : للظرفية خاصة ، وقيل : للسببية كقوله : عليه السلام « في خمس من الابل شاة » ، ولا يعرفه أهل اللغة.
قيل : الباء إذا دخلت على المتعدي تبعيضية ، وأنكر ذلك ابن جني .
انما : للحصر ، لأن ( ان ) للاثبات ، و ( ما ) للنفي ، فيجب أن يكون لنفي ما لم يذكر واثبات ما ذكر ، لاستحالة غيره من الاقسام ، ويؤيده قول الشاعر :
وقوله :
وانما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي وانما العزة للكاثر
[ ثم ] احتج المخالف : بقوله : « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ » (6) ،
[ و ] جوابه : انه للمبالغة.
(1) في نسخة : وفيهم
(2) طه / 61
(3) في نسخة : يتراخى
(4) في نسخة : الفرية
(5) طه / 82
(6) الانفال / 2
وفيه مسائل : [ المسألة ] الاولى : لا شبهة في وقوع لفظة الأمر بالحقيقة على القول المخصوص ، واختلف في وقوعه على الفعل ، فأنكر ذلك قوم ، واعتمده آخرون وتوسط أبو الحسين فقال : هو مشترك بين القول المخصوص وبين الشيء و الصفة والشأن والطريق ، وهو المختار.
لنا : ان القائل إذا قال : هذا أمر بالفعل علم القول ، وان قال : مستقيم علم الشأن ، وان قال لاجله جاء زيد علم الشيء والغرض ، وان اطلقه حصل التوقف وهو دلالة الاشتراك ، ولا يجوز أن يكون لفظ الأمر حقيقة في مطلق الفعل ، والا لسمي الشرب اليسير أمرا.
احتج من خصه بالقول : بأن الاصل عدم الاشتراك.
وجوابه : ان الاصل ظاهر لاقاطع ، وقد ( ترك ) (1) الظاهر لقيام الدلالة.
واحتج من جعله حقيقة في الفعل بوجوه :
أحدها : قوله تعالى : « فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ » (2).
(1) في نسخة : يترك.
(2) هود / 97.
معارج الاصول ـ 62 ـ
الثاني : قوله تعالى : « وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ » (1).
الثالث : ان ( أمرا ) في الفعل جمعه ( أمور ) ، والجمع دلالة الحقيقة.
الرابع : ( انه ) (2) مستعمل في الفعل ، والاستعمال دلالة الحقيقة.
والجواب عن الاول : انه محمول على القول ، [ و ] يؤيده قوله : « فاتبعوا ».
وعن الثاني : لا نسلم أن المراد بذلك الفعل ، والا لكانت أفعاله كلها واحدة بل الشأن ، أي : شأننا ذلك.
وعن الثالث : لا نسلم أن التصرف دلالة الحقيقة.
سلمنا ، لكن لا نسلم أن ( أمورا ) جمع ( أمر ) ، فانه لا فرق بين قولهم : أمر فلان مستقيم ، وبين قولهم : ( أمور فلان مستقيمة ) (3).
سلمنا [ ه ] ، لكن اطلاق ذلك ( لخصوص ) (4) كونه شأنا ، لا ( لعموم ) (5) كونه فعلا .
وعن الرابع : لا نسلم أن الاصل في الاستعمال الحقيقة.
سلمنا [ ه ] ( لكن ) (6) معارض بأن الاصل عدم الاشتراك. المسألة الثانية : الأمر القولي : هو استدعاء الفعل بصيغة ( افعل ) أو ما جرى مجراها على طريق الاستعلاء ، إذا صدرت ( من مريد لايقاع الفعل ) (7).
(1) القمر / 50.
(2) في بعض النسخ : وهو.
(3) في نسخة : اموره مستقيمة.
(4) في نسخة : بخصوص.
(5) في نسخة : بعموم.
(6) في نسخة : لكنه.
(7) في نسخة : من مريد الايقاع.
معارج الاصول ـ 63 ـ
شرطنا الصيغة المخصوصة احترازا من الخبر والتمني وشبهه إذا تضمن الاستدعاء.
وشرطنا الاستعلاء احترازا ممن طلب متذللا ملتمسا .
وشرطنا الارادة ـ على ما اختاره المرتضى رحمه الله ـ خلافا للاشعرية وجماعة من الفقهاء.
لنا : ان الصيغة ترد أمرا كقوله تعالى : « أَقِمِ الصَّلاَةَ » (1) وغير أمر كقوله : افعلوا ما شئتم ، ولا مخصص [ له ] الا الارادة ، لبطلان ما عداه من الاقسام
احتج المخالف بوجهين :
أحدهما : لو لم يكن الأمر أمرا الا بالارادة ، لما صح الاستدلال بالأمر على الارادة.
الثاني : ان أهل اللغة قالوا : الأمر هو قول القائل لغيره : ( افعل ) [ كذا ] مع الرتبة ، ولم يشترطوا الارادة ، فجرى ذلك مجرى استعمال لفظ الانسان في ( موضوعه ) (2) فانه لا يفتقر إلى الارادة.
وجواب الاول : انا لا نستدل على الارادة بالأمر من حيث كان أمرا ، بل من حيث هو على صيغة ( افعل ) وقد تجرد ، لأن هذه الصيغة موضوعة لطلب المراد حقيقة ، فإذا ( تجردت ) (3) وجب حملها على موضوعها .
وجواب الثاني : سلمنا ( عدم ) (4) اشتراطها ( لفظا ) (5) لظهورها ، ولكن
(1) هود / 114.
(2) في نسخة : موضعه.
(3) في نسخة : تجرد.
(4) في بعض النسخ : بعدم.
(5) في بعض النسخ : نطقا.
معارج الاصول ـ 64 ـ
لا نسلم عدم اشتراطها في نفس الأمر ، كما لم يشترطوا انتفاء القرائن ، وليس تمثيل تسمية الانسان مما نحن فيه ، ( لأنا لا نخالف ) (1) عند اطلاق هذه اللفظة انها تحمل على الأمر ، بل الخلاف : هل يسمى أمرا وان لم يرد الفعل ؟. المسألة الثالثة : لفظة ( افعل ) حقيقة في الطلب بلا خلاف ، وهل هي حقيقة في التهديد أم لا ؟ الاظهر عدمه ، والا لتوقف الذهن في فهم أحد الامرين عند الاطلاق وهو باطل.
وأيضا : فانها حقيقة في الطلب ، فليكن مجازا في غيره دفعا للاشتراك . المسألة الرابعة : لفظة ( افعل ) حقيقة في الوجوب ، وقال آخرون : الايجاب [ و ] هو اختيار الشيخ أبي جعفر رحمه الله.
وقال أبو هاشم : هي للندب ، إذا صدرت من الحكيم ، وكان ( المقول ) (2) له في دار التكليف.
وتوقف آخرون.
وقال المرتضى : هي مشتركة ( بينهما ) ، (3) نظرا إلى اللغة قال : [ و ] أو امر الشارع المطلقة تحمل على الوجوب ، مدعيا في ذلك الاجماع.
حجتنا : ان العقلاء يذمون العبد الممتنع عند قول سيده : ( افعل ) مع اطلاق الأمر ، و يعللون حسن ذمه بمجرد ترك الامتثال ، ولا معنى للوجوب الا هذا ، وما يشيرون إليه من القرائن تفرض ارتفاعه ، واستحقاق الذم باق بحاله قطعا .
احتج المرتضى رحمه الله : بانها وردت للايجاب والندب ، والاصل في الاستعمال الحقيقة.
(1) في نسخة : لأن سيدا لا يخالف وفي أخرى : لأنه لا نخالف.
(2) في نسخة : القول.
(3) في نسخة : بينها.
معارج الاصول ـ 65 ـ
وجوابه : كما أن الاصل [ في الاستعمال ] عدم التجوز ، فالاصل عدم الاشتراك.
المسألة الخامسة :
صيغة الأمر الواردة بعد الحظر كحالها قبله ، وقال قوم : تفيد بعد الحظر : الاباحة.
لنا : أن صيغة الأمر تفيد طلب الفعل ، والاباحة تفيد التخيير فيه ، فلم يكن مستفادا منها ، وغير ممتنع انتقال الشيء من الحظر إلى الوجوب.
احتج الخصم : بقوله تعالى : « وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ » (1).
وجوابه : معارض بقوله : « فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ » (2).
المسألة السادسة :
ذهب الجبائيان إلى أن الأمر المطلق لا يقتضي التعجيل وجوزا التأخير عن [ أول ] أوقات الامكان.
وصار آخرون إلى تحريم التأخير واختاره الشيخ. وقال المرتضى رحمه الله بالاشتراك .
والظاهر : أنه لا اشعار [ فيه ] بفور ولا تراخ .
لنا : انه [ ورد ] مع الفور تارة ، ومع التراخي أخرى ، فيجعل حقيقة في القدر المشترك بينهما ، صونا للكلام عن الاشتراك والتجوز .
وأيضا : فان قول القائل ( افعل ) هو طلب ( الفعل ) (3) في المستقبل ( وجرى ) (4) مجرى ( تفعل ) في كونه اخبارا عن الفعل في المستقبل ، وكما يجوز وقوعه بعد مدة ، فكذلك الامر.
(1) المائدة / 2.
(2) التوبة / 5.
(3) في نسخة : للفعل.
(4) في بعض النسخ : فجرى.
معارج الاصول ـ 66 ـ
احتج القائلون بالفور : بقوله تعالى : « فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ » (1) وبأنه لو جاز تأخيره ، فاما مع بدل ، ويلزم سقوط المبدل وهو باطل ، أو لا معه وهو ينافي الوجوب.
وجواب الاول : انه استدلال على غير المطلوب.
وجواب الثاني : منقوض بما لو صرح بالتأخير. المسألة السابعة : الأمر بالشيء على الاطلاق لا يقتضي التكرار ، خلافا لبعض الاصوليين.
لنا وجهان :
أحدهما ان السيد إذا أمر عبده بدخول الدار ، ثم فعل ، لم يحسن ( منه ) (2) ذمه على ترك المعاودة.
الثاني : لو أفاد التكرار ( لعم ) (3) الاوقات ـ لعدم الاولوية ـ وهو باطل .
احتج المخالف بوجهين :
الاول : لو لم يفد التكرار لما اشتبه على سراقة حين قال لرسول الله [ صلى الله عليه وآله ] « أحجتنا هذه لعامنا [ هذا ] أم للابد ؟ ».
الثاني : ان فيه احتياطا فيجب المصير إليه.
وجواب الاول : ان هذا لا يصلح حجة للقائلين بالتكرار ، بل لاصحاب الاشتراك ، ولا ( فرج ) (4) أيضا لاولئك ، لأنا لا نسلم أن الاشتباه بالنظر إلى اللفظ ، بل لم لا يجوز أن يكون اعتقده مماثلا للصلاة والصيام !؟ فأراد ازالة
(1) البقرة / 148.
(2) في نسخة : فيه.
(3) في نسخة : يعم.
(4) في نسخة : فرح.
معارج الاصول ـ 67 ـ
هذا الاشتباه.
ويدل على أنه ليس للتكرار قول النبي صلى الله عليه وآله : « لو قلت هذا ( لوجب ) (1) لأنه اشعار بكون الوجوب مستفادا من قوله ، لامن اللفظ.
وجواب الثاني : ان الاحتياط يجب مع عدم الدلالة على عدم وجوب التكرار ، وأما مع وجودها فلا . الأمر المعلق على شرط ، أو صفة ، لا يتكرر بتكررهما ، سواء كان شرطا حقيقيا كقوله : ان كان الزاني محصنا فارجمه ، أو مؤثرا كقوله : ان زنى فارجمه ، ومثال الصفة : « السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما « (2).
و قال قوم : انه يتكرر بتكررهما .
لنا وجهان :
الاول : ان السيد إذا قال لعبده : ان دخلت السوق فاشتر لحما ، لا يقتضي التكرار.
والثاني : لو أفاد الأمر مع الشرط التكرار ، لم يخل : اما أن يفيده لفظا أو معنى ، والقسمان باطلان :
أما اللفظ فظاهر .
وأما المعنى : فلانه لو أفاد [ ذلك ] لكان ذلك لكون الشرط كالعلة عندهم وذلك باطل ، لأن الشرط يقف عليه تأثير المؤثر ، فلا يمنع ( تكرار ) (3) الشرط دون العلة ، ( فلا يحصل الحكم ) (4) وإذا كان اللفظ لا يقتضي التكرار ، والشرط
(1) في نسخة : وجب.
(2) المائدة / 38.
(3) في نسخة : تكرر.
(4) في نسخة : فلا يحصل العلم الحكم.
معارج الاصول ـ 68 ـ
لا يقتضيه ، ( فمجموعهما ) (1) كذلك .
المسألة التاسعة :
الأمر المقيد بالشرط منتف عند انتفاء الشرط خلافا للقاضي .
لنا : ان قول القائل : اعط زيدا درهما ان اكرمك ، جار مجرى قولنا :
الشرط في ( اعطائه ) (2) اكرامك ، وفي الثاني ينتفي العطاء عند انتفاء الاكرام فكذلك في مسألتنا .
وأيضا : فان الشرط : هو ما ( يتوقف ) (3) عليه الحكم ، فلو حصل بدونه لم يكن شرطا .
ولا حجة للمخالف في قوله تعالى : « وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا » (4) لأنه لما ذكر الاكراه شرط ارادة التحصن ليتحقق الاكراه [ فيها ].
المسألة العاشرة :
إذا تكررت الاوامر ، فان اختلف المأمور به ، تعدد كقوله : صل صم. فان تماثلا : فاما أن يصح ( فيهما ) (5) التزايد أو لا يصح ، فان صح : فاما أن يكون الثاني معطوفا أو لا يكون ، فهيهنا ثلاثة أقسام :
الاول : أن يصح فيه التزايد ولم يكن معطوفا ، فعند القاضي يفيد غير ما أفاده الاول ، الا أن تمنع العادة منه ، أو يكون الثاني معرفا كقولك : اسقني ماءا ... اسقني ماءا ، فانه لا يتكرر عادة ، فكذلك : صل ركعتين. صل الركعتين لأن الظاهر أن الالف واللام للعهد ، فإذا تجرد عن العادة والتعريف تعددا .
وتوقف أبو الحسين.
(1) في نسخة فبمجموعهما.
(2) في نسخة : عطائه.
(3) في بعض النسخ : يقف.
(4) النور / 33.
(5) في نسخة : فيها.
معارج الاصول ـ 69 ـ
لنا : [ انه ] لو حمل الثاني على الاول ، لكان الثاني تكرارا أو تأكيدا و كلاهما خلاف الاصل.
الثاني : أن يكون الثاني معطوفا : فان لم يكن معرفا أفاد غير ما أفاده الاول كقوله : صل ركعتين وصل ركعتين ، ( وان ) (1) كان الثاني معرفا كقوله : صل ركعتين وصل الركعتين ، يجب هيهنا التوقف ، لأن اللام للعهد ، والعطف يقتضي المغايرة ، فتعارضا .
الثالث : أن يكون مما لا يصح فيه التزايد : فان كانا عامين أو خاصين اتحدا سواءا كان بعطف أو بغير عطف ، [ و ] أما ان كان أحدهما عاما والاخر خاصا : فان كان الثاني معطوفا قال القاضي : لايدخل تحت الاول ، مراعاة لحكم العطف والاولى التوقف، وان كان الثاني غير معطوف كقوله : صم كل يوم ، صم يوم الجمعة ، فان الثاني تأكيد قطعا ، وقال قوم بالتوقف .
المسألة الحادية عشر :
تعليق الحكم على العدد لا يدل على نفي ما زاد عليه ولا ما نقص عنه ، من حيث اللفظ ، بل باعتبار زائد ، لأن الاعداد مختلفة فلم يجب اتفاقها في الحكم.
احتج الخصم بوجهين :
أحدهما : أنه لو لم يدل لم يكن لذكر العدد فائدة.
الثاني : أن النبي صلى الله عليه وآله لما نزل عليه : « إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ » (2) قال صلى الله عليه وآله لازيدن على السبعين ، فلولم يسبق إلى فهمه بأن ما زاد بخلافه ، لما قال ذلك .
وجواب الاول : انه يدل ( بطريق دليل ) (3) الخطاب ، وسنبين ضعفه .
(1) في نسخة : فان
(2) التوبة / 80.
(3) في نسخة : بدليل طريق ،
معارج الاصول ـ 70 ـ
وعن الثاني : لا نسلم أنه عقل ( من ) (1) اللفظ ، بل لأن الاصل جواز الغفران ، ونحن لا نأبى العلم بذلك ( بدليل ) (2) آخر كما نعلم حظر ما زاد على الثمانين في القذف بدليل الاصل.
المسألة الثانية عشر :
الحكم المعلق على الاسم لا يدل على [ نفي ] حكم ما عداه ، سواءا كان خبرا كقوله : زيد في الدار ، أو ايجابا كقوله : أكرم زيدا خلافا لأبي بكر الدقاق.
لنا : لو صح ذلك لما صح الاخبار عن ( الانسان ) (3) بشيء الا بعد العلم بانتفائه عما عداه ، وهو باطل.
وأيضا : فكان يلزم أن يكفر الانسان بقوله : موسى رسول الله ، لأنه يتضمن نفي الرسالة عن غيره.
احتج : بأن تعليق الحكم على الاسم يقتضي فائدة ، ولا فائدة الا اختصاصه بالحكم .
وجوابه : منع المقدمة الاخيرة.
المسألة الثالثة عشر :
تعليق الحكم على الصفة لا يدل على نفيه عما عداها نظرا إلى اللفظ ، ولا يمنع أن ( يستدل ) (4) على ذلك : بالاصل ، أو بدليل آخر خلافا لمعظم أصحاب الشافعي ، وأبي عبد الله البصري.
لنا : لو دل لدل اما بلفظه ، أو بفحواه ومعناه ، والقسمان باطلان ، أما الملازمة فظاهرة ، وأما بطلان دلالته بلفظه : فانه ليس في اللفظ ذكر ما عدا الصفة
(1) في نسخة : عن ،
(2) في نسخة : من دليل.
(3) في نسخة : انسان.
(4) في نسخة : نستدل.
معارج الاصول ـ 71 ـ
وأما الفحوى : فلا تدل الا بطريق التعليق واللزوم ، ولا لزوم بين تعلق الحكم عند صفة وانتفائه عند أخرى ( فانه ) (1) قد ورد معلقا على الصفة وانتفى عن غيرها كقوله : « في سائمة الغنم زكاة » ، وورد لامع انتفائه كقوله : « وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ » (2) فيجعل حقيقة للقدر المشترك بينهما ، وهو ثبوته عند الصفة حسب ، صونا للكلام عن الاشتراك والمجاز.
احتج الخصم : بأنه لوثبت الحكم مع انتفاء الصفة لكان تعليقه على الصفة عريا عن الفائدة ، ويجري مجرى قولك : الانسان الاشقر لا يعلم الغيوب ، و : الاسمر إذا نام لا يبصر .
وجواب الاول : منع الملازمة ، وهذا لأن هيهنا فوائد غير ما ذكروه :
منها : اعلام السامع أن الحكم متناول للصفة ، لئلايتوهم خروجها [ عنه ] كقوله مثلا : « ولا تقتلوا أولادكم ... » الخ ، لأنه لولا اعتبار الخشية لامكن أن يتوهم أن القتل جائز معها ، فذكر ذلك ليعلم ثبوت التحريم عندها أيضا.
ومنها : أن تكون المصلحة تقتضي اعلام حكم الصفة بالنص ، وما عداها بالنظر والفحص.
وأما ( التمثيل بالاشقر والاسمر فلا نسلم أن الاستقباح جاء من حيث ) ذكرهما (3) بل من حيث هو بيان للواضحات .
وأيضا : فما ذكروه معارض بقولنا : تجوز التضحية بالشاة العوراء فانه
(1) في نسخة كتبت كلمة ( الثاني ) بدل ( فانه ).
(2) الاسراء / 31.
(3) في بعض النسخ : ذكروا.
معارج الاصول ـ 72 ـ
لا يدل على نفي ( الصحة ) (1) عن الصحيحة.
[ المسألة ] الاولى :
الأمر بالاشياء على طريق التخيير يفيد وجوب الكل على البدل ، وقال قوم : الواجب واحد لا بعينه ، وقال آخرون : الواجب واحد ، وهو يتعين باختيار المكلف.
ومعنى كون الكل واجبا : أنه لا يجوز الاخلال بجميعها ، ولا يجب الجمع بين اثنين منها ، فان كان الخصم يسلم ذلك ، فهو وفاق ، وان أنكره حصل الخلاف.
لنا : لو كان الواجب معينا لما خير المكلف ، والا لكان تخييرا بين الواجب وغيره .
لا يقال : يتعين باختيار المكلف.
لأنا نقول : الوجوب حاصل قبل الاختيار ، فالموصوف به قبل الاختيار اما الكل على البدل ، وهو مذهبنا ، أو البعض ، وذلك ينافي التخيير ، وليست المسألة كثيرة الفائدة.
المسألة الثانية :
الأمر يقتضي الاجزاء [ و ] نعني بذلك : سقوط التعبد عند الاتيان بالمأمور [ به ] وقال القاضي : ان معنى وصف العبادة بكونها مجزية : هو أنه لا يجب قضاؤها .
وهذا باطل ، لأن كثيرا من العبادات لا تقضى وان لم تكن مجزيه كصلاة الجمعة ، والعيدين إذا اختل بعض شرائط صحتها. ولأن القضاء يمكن تعليله
(1) في بعض النسخ : الاجزاء.
معارج الاصول ـ 73 ـ
بأن العبادة غير مجزية ، والعلة غير المعلول.
وانما قلنا ان الأمر يقتضى الاجزاء بهذا التفسير ، لأن وجوب المأمور به يدل على اختصاصه بالمصلحة ، فلو لم يكن الاتيان [ به ] على ذلك الوجه ( كافلا ) (1) ( بتحصيل ) (2) المصلحة المطلوبة ، لما حصل الأمر [ به ].
لا يقال : الحجة التي حصل الوطء فيها يجب اتمامها ولا تجزي.
لأنا نقول : تجزى في البراءة من عهدة الأمر المتناول للمضي فيها ، ولا تجزي في سقوط القضاء.
المسألة الثالثة :
الأمر بالشيء ليس بنهي عن ضده نطقا ، وخالف في ذلك قوم .
لنا : أن أهل اللغة فرقوا بين صيغتي الأمر والنهي ، والفرق دليل على قطع الشركة.
حجة المخالف : ان الأمر بالشيء مريد له ، وارادته للشيء كراهية ضده .
وجوابه : منع الثانية.
وأما من جهة المعنى : فالامر بالشيء على وجه الوجوب يدل على كراهية تركه وضده ( إذا ) (3) كان له ضد واحد ، لأن الواجب تركه قبيح الا أن هذا ليس من دلالة اللفظ في شيء .
المسألة الرابعة :
ما لا يتم الواجب الا به : ان لم يتمكن المكلف من تحصيله لم يكن واجبا ، وان تمكن : فان توقف عليه الوجوب لم يجب ، وان توقف عليه الواجب لزم وذلك كنصب السلم لصعود السطح.
(1) في نسخة كافيا.
(2) في نسخة : لتحصيل.
(3) في نسخة : وان.
معارج الاصول ـ 74 ـ
لنا : ان الأمر مطلق ، والشرط مقدور ، فيجب ، والا لكان التكليف من دونه تكليفا ( بما ) (1) لا يطاق .
المسألة الاولى :
الفعل : اما أن يزيد على الوقت ، ولا يجوز التعبد بايقاعه فيه ، أو يكون مساويا [ له ] كصوم يوم معين ، وهو جائز اجماعا ، أو يقصر عن الوقت كقوله تعالى : « أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ » (2) والاكثرون على جوازه. ومنع بعض الحنفية ذلك ، وقال بعضهم : الوجوب مختص بأول الوقت ، وقال آخرون : بآخره ، وقال ( ابو الحسين ) (3) هو مراعى .
لنا : ان الوجوب معلق على الوقت ، فيجب أن يكون في كله ، والا لكان في بعضه ، وهو ترجيح من غير مرجح ، أو لا في شيء منه وهو باطل بالاجماع .
حجة المخالف : لو وجب في أول الوقت لقبح تركه فيه .
وجوابه : انا نقول : يترك إلى بدل ، وهو العزم عند قوم ، وعند آخرين : هو فعله بعد ذلك ، فلا يلزم قبح ( تركه ) (4) ، كخصال الكفارة.
المسألة الثانية :
إذا لم يفعل الموسع في أول الوقت ، لا يجب العزم ، و قال الشيخ « ره » : يجب العزم.
لنا : لو وجب العزم ، لسقط التكليف بالفعل في الثاني ، لأنه ان قام العزم
(1) في بعض النسخ : لما.
(2) الاسراء / 78.
(3) في بعض النسخ : أبو الحسن.
(4) في نسخة : لتركه.
معارج الاصول ـ 75 ـ
مقامه ، كفى في الاتيان بمقتضى الأمر ، فلو وجب في الثاني بذلك الأمر ، لزم أن يكون الأمر للتكرار ، وقد أبطلناه.
فرعان :
الاول : الأمر الموقت بزمان معين ، لا يقتضى فعله فيما بعده إذا عصى المكلف بتركه ، لأن الأمر لا يدل على ما عدا ذلك الوقت ، لا بمنطوقه ، ولا بمعناه.
الفرع الثاني : الأمر المطلق اذالم يفعله المكلف في أول وقت الامكان هل يجب الاتيان به في الثاني ؟
قال من نفى الفور : نعم ، واختلف القائلون بالفور على قولين .
احتج مسقطوه : بأن قوله : افعل ، يجري مجرى قوله : افعل في الان الثاني من الأمر ، ولو صرح بذلك ، لما وجب الاتيان به فيما بعد ، لما سلف.
احتج الموجب : بأن الأمر يقتضي كون المأمور فاعلا على الاطلاق ، و ذلك يوجب استمرار الامر.
[ المسألة ] الاولى :
إذا تناول الأمر جماعة ، فاما على سبيل الجمع ويسمى فرض [ عين ، كقوله : « أَقِيمُوا الصَّلَاةَ » (1) ، أو لا على سبيل الجمع ويسمى ] [ فرض ] كفاية ، والفرض فيه موقوف على العلم ، أو غلبة الظن ، فان [ علم أو ] ظن قوم أن غيرهم يقوم به سقط عنهم ، وان علموا [ أو ] ظنوا ان غيرهم لا يقوم به وجب عليهم.