وطبيعي أن سكان بلاد الغربة حيث أسكن سيحكمون على الاسلام من خلال سلوكي أنا المسلم وسيعممون حكمهم ذاك على المسلمين .
  فإذا صدقتُ في القول والفعل ، ووفيت بالوعد ، وأديت الأمانة ، وحسّنت خلقي ، وطبقت قوانين النظام العام ، وأعنت المحتاجين ، وعاملت جاري باحسان ، وتأسيت بالنبي محمد (ص) في سلوك ، وطبقت تعاليمه القائلة بأن ( الدين المعاملة ) .
  إذا فعلت ذلك كلّه قال من يتعامل معي من غير المسلمين : بأن الاسلام دين مكارم الأخلاق .
  وإذا كذبت ، وأخلفت الوعد ، وأوحش خلقي من حولي ، وأخللت بالنظام العام، وأسأت لجاري ، وغششت في المعاملة ، وخنت الأمانة، ونحو ذلك قال المتعاملون معي : بأن الاسلام دين لا يعلّم أتباعه مكارم الأخلاق.
  قطع عليَّ قائد الطائرة سلسلة أفكاري، فأعلن عن أننا الآن نسير فوق الأراضي الألمانية متوجهين نحو لندن .
  مددت يدي صوت حقيبتي ، فأخرجت منها كتاباً كنت جلبته لأستعين به ، فاستوقفتني روايات خمس وردت عن الإمام الصادق (ع).
  يقول في الأولى مخاطباً أتباعه وشيعته : ( كونوا لنا زيناً ولا

الفقه للمغتربين ـ 29 ـ
  تكونوا علينا شيناً ، حبّبونا الى الناس ولا تبغّضونا اليهم ) .
  وينقل في الثانية عن أبيه (ع) قوله : ( كونوا من السابقين بالخيرات وكونوا ورقاً لا شوك فيه ، فإن من كان قبلكم كانوا ورقاً لا شوك فيه وقد خفت أن تكونوا شوكاً لا ورق فيه ، وكونوا دعاة إلى ربكم وأدخلوا الناس في الاسلام ولا تخرجوهم منه وكذلك من كان قبلكم يدخلونهم في الاسلام ولا يخرجونهم منه ) .
  ويقول (ع) في الثالثة بعد أن يبعث بسلامه الى من يأخذ بقوله من شيعته ( أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والورع في دينكم ، والاجتهاد لله ، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمد ( صلى الله عليه وآله ) أدّوا الأمانة الى من ائتمنكم عليها براً أو فاجراً ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط ، صلوا عشائركم واشهدوا جنائزكم وعودوا مرضاكم وأدّوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه ، وصدق في الحديث، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس ، قيل هذا جعفري فيسرني ذلك ، ويدخل عليَّ منه السرور ، وقيل هذا أدب جعفر ، وإذا كان على غير ذلك ، دخل عليّ بلاؤه وعاره ، وقيل هذا أدب جعفر ، والله لقد حدثني أبي عليه السلام ، أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي (ع) فيكون زينها : أأداهم للأمانة ، وأقضاهم للحقوق ، وأصدقهم للحديث ، إليه وصاياهم وودائعهم ، تسأل العشيرة عنه ، فتقول من

الفقه للمغتربين ـ 30 ـ
  مثل فلان ، إنه أأدانا للأمانة وأصدقنا للحديث ) .
  ويقول في الرابعة ( عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة ، وحضور الجنائز، وإنه لا بدّ لكم من الناس، إنّ أحداً لا يستغني عن الناس حياته ، والناس لا بدّ لبعضهم من بعض ) .   ويجيب (ع) في الخامسة معاوية بن وهب عن سؤال له ، يقول معاوية : ( قلت له : كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا ؟ فقال تنطرون الى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون ، فوالله إنهم ليعودون مرضاهم ، ويشهدون جنائزهم ، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ، ويؤدون الأمانة اليهم ) (1) .
  وما أن انتهيت من قراءة هذه الأحاديث حتى استرحت ، لقد خفّف عني كثيراً حديث الإمام الصادق (ع) هذا ووصيته لشيعته وأتباعه ، فقد رسم لي (ع) طريق عمل ، وحدّد لي قواعد سلوك ، فإذا ضممت اليها قراري بأن أدوّن في دفتر ملاحظاتي أهم المسائل الشرعية التي ستعترضني في بلاد الغربة ، مستعيناً بما في جعبتي من كتب فقهية ، فإذا جدّت إشكاليات جديدة لم أجل لها حلاً فيما معي كاتبت الفقيه أستفتيه ليجيبني عنها ، إذا ضممت اليها ذلك،

(1) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي: 12 | 6 وما بعدها ، وأنظر الأصول من الكافي للكليني : 2 | 636.

الفقه للمغتربين ـ 31 ـ
  فسأكون قد عالجت مشكلتي ومشكلة المهاجرين الآخرين معي بشقيها الأخلاقي والفقهي .
  هكذا بدأت أكتب مسائلي الشرعية مسألة مسألة، وأستفتي الفقيه حول ما تعذّر عليّ تحصيل جوابه من رسالته العملية مسألة مسألة، وشيئاً فشيئاً كان هذا الكتاب.
  وقد تقاسم الكتاب بابان : باب لفقه العبادات، وباب لفقه المعاملات، وثلاثة ملاحق .
  ضم الباب الأول الخاص بفقه المعبادات فصولاً سبعة ، قدّرت أنها تهمّ المغترب أكثر من غيرها، وهي :
  الاغتراب والهجرة والدخول الى البلدان غير الإسلامية، والتقليد، والطهارة ، والنجاسة ، والصلاة ، والصوم ، والحج ، وشؤون الميت.
  يعرض كل فصل منها لمقدمة حوله ، ويتناول بعض أحكامه مما يكثر الاحتياج اليها في بلد الغربة ، ويستعرض أهمّ الاستفتاءات الخاصة به .
  وتناول الباب الثاني الخاص بفقه المعاملات أحد عشر فصلاً هي على التوالي:
  المأكولات والمشروبات ، والملابس ، والتعامل مع قوانين النافذة في دول المهجر، والعمل وحركة رأس المال، والعلاقات الاجتماعية ، والشؤون الطبية، وشؤون النساء، وشؤون الشباب، وأحكام الموسيقى

الفقه للمغتربين ـ 32 ـ
  والغناء والرقص ، وفصل للمتفرقات .
  يعرض كل فصل منها لمقدمة حوله ، ويعرّف ببعض أحكامه، ويشير لأهم الاستفتاءات الخاصة به .
  كما ضم الكتاب ثلاثة ملاحق ، عرض الملحق الأول لنماذج من استفتاءات الكتاب وأجوبة سماحة سيدنا ( دام ظله ) عنها .
  وعرض الملحق الثاني للائحة بمواد أساسية تدخل كثيراً في صناعة الأغذية يحرم على المسلم تناولها .
  وسرد الملحق الثالث قائمة بأسماء وصور بعض الأسماك من ذوات الفلس التي يحل أكلها للمسلم .
  وختم الكتاب بخاتمة ، أعقبتها قائمة ضمت المصادر والمراجع ، ثم الفهرست التفصيلي للكتاب .

الفقه للمغتربين ـ 33 ـ
تعريف ببعض المصطلحات الواردة في الفتاوى

الفقه للمغتربين ـ 35 ـ
  فيما يأتي بيان لمداليل بعض المصطلحات الفقهية الواردة في أجوبة سماحة سيدنا (دام ظله) عن بعض أسئلة هذا الكتاب :
  1 ـ ( الإحتياط الإستحبابي) : هو الإحتياط الذي يجوز للمكلف تركه .
  2 ـ ( الإحتياط الوجوبي ) : هو الإحتياط الذي يترك للمكلف الخيار بين فعله ، وبين تقليد مجتهد آخر، الأعلم فالأعلم .
  3 ـ ( الإحرام بالنذر ) : لا يجوز الإحرام إلا من الميقات أو ما يحاذيه ، فإذا أراد المكلّف أن يحرم قبل الميقات جاز له أن ينذر نذراً صحيحاً شرعياً بالصيغة ، كأن يقول : لله عليّ أن أحرم ... ويذكر اسم المكان، ولا بدّ أن يكون قبل الميقات أو ما يحاذيه ، وبذلك يجوز الإحرام من ذلك الموضع .
  4 ـ ( الأحوط الأولى ) : أي الاحتياط الاستحبابي .
  5 ـ ( الأحوط لزوماً ) : أي الاحتياط الوجوبي.
  6 ـ ( الإستحالة ) و ( تغير الصورة النوعية ) : هو تبدّل حقيقة

الفقه للمغتربين ـ 36 ـ
  الشيء إلى شيء آخر عرفاً ، كما يتبدل اللحم في الأرض تراباً .
  7 ـ ( الإستصحاب ) : اعتبار الحكم أو العنوان السابق باقياً بعد الشك فيه ، كما لو علمنا بعدالة زيد ثم رأينا منه ما لم يتيقّن بكونه على وجه يوجب الفسق، فتعتبر عدالته باقية .
  8 ـ ( الإستهلاك ) : ذوبان مادة في أخرى بحيث لا يبقى لها وجود عرفاً .
  9 ـ ( أطراف شبهة الأعلمية ) : الجماعة من المجتهدين الذين نعلم بأنّ أحدهم أعلم، وليس الأعلم خارجاً عنهم .
 10 ـ ( الإطمئنان ) : الظن القوي بحيث يكون الإحتمال المخالف فيه ضعيفاً الى درجة لا يعتني به العقلاء في شؤون حياتهم .
  11 ـ ( آلات اللهو ) : المنتوجات الصناعية التي لا يناسب وضعها إلاّ للاستعمال في اللهو المحرم .
  12 ـ ( التدليس ) : هو إظهار الشخص أو الشيء بصفة غير موجودة فيه، ليرغّب فيه المشتري أو من يريد الزواج.
  13 ـ ( التذكية ) : طريقة شرعية لها شروطها ، يحلُّ معها أكل لحم كلّ حيوان مأكول اللحم إذا كان مما يقبل الذكية، ويطهر معها لحم وجلد كل حيوان غير مأكول اللحم إذا كان مما يقبل التذكية، وهي على أنواع، منها : الإخراج من الماء حياً ، أو اصطياده حياً، وإن مات في الشبكة، أو الحظيرة كما في السمك، ومنها : بواسطة

الفقه للمغتربين ـ 37 ـ
  الذبح وقطع الأوداج الأربعة، كما في الغنم والبقر والدجاج وغيرها .
  14 ـ ( التقصير في الصلاة ) : أن يصلّي المصلّي الصلوات الرباعية ركعتين .
  15 ـ ( التلذذ الجبّلي للبشر ) : اللذة الطبيعية بمقتضى الغريزة .
  16 ـ ( الجاهل القاصر ) : من كان معذوراً في جهله ، كما إذا استند الى حجّة شرعية، ثم تبيّن له خطؤه .
  17 ـ ( الجاهل المقصر ) : من لا يكون معذوراً في جهله ، كمن تهاون في معرفة الأحكام .
  18 ـ ( الجاهل بالحكم ) و ( الجاهل بالموضوع ) : الجاهل بالحكم من لا يعلم الحكم الشرعي العام بالنسبة لذلك الموضوع.
  والجاهل بالوضوع من لا يعلم بانطباق موضوع الحكم الشرعي على أمر معيّن ، وهذا على قسمين : فتارة لا يعلم معنى الموضوع وسعة دائرته ، وهذه شبهة مفهومية ، كمن لا يعلم المراد بالغناء بدقة ، وتارة لا يعلم حالة المصداق المعين خارجاً ، كمن لا يعلم أنّ المائع المعين خمر مثلاً .
  19 ـ ( الجرم الحائل ) : المادة التي تمنع وصول الماء الى الجلد .
  20 ـ ( الحرج ) : وهو الضيق والمشقة التي لا تتحمل عادة.
  21 ـ ( حق الإختصاص ) : حق للشخص بالنسبة الى شيء لم

الفقه للمغتربين ـ 38 ـ
  يعترف الشارع بملكيته له ، أو بماليته .
  22 ـ ( الدية ) : مال يجب دفعه للمجني عليه ، أو لورثة المقتول.
  23 ـ ( ردّ المظالم ) : التصدق على الفقراء نيابة عن من له حقّ مالي متعلق بذمة الدافع، ولا يمكن الوصول إليه .
  24 ـ ( الزوال ) : لحظة بعد منتصف النهار.
  25 ـ ( الشبهة المفهومية ) : عدم العلم بانطباق العنوان على المصداق الخارجي لعدم معرفة حدود العنوان، كما لو لم نعلم صدق الغناء على صوت خاص، لعدم علمنا بحدود الغناء.
  26 ـ ( الشرط الضمني ) و ( التعهد الضمني ) : أي ما تتضمنّه المعاملة بحسب نظر العرف والعقلاء ، وإن لم يصرّح به في إنشاء المعاملة، نظير ما نقول في البيع من أنّه يتضمّن تقارب مالية الثمن والمثمن ، فإن علم أحدهما بعد ذلك أن ما أخذه أقلّ مالية عمّا دفعه بكثير ، فإنّه يدّعي الغبن ، وينقض المعاملة ، أعتباراً بهذا الشرط الضمني في ارتكاز العقلاء .
  27 ـ ( الشك ) : الترديد في الأمر بحيث يكون كلا الإحتمالين في الأمر مورداً لاهتمام العقلاء .
  28 ـ ( الصورة الصناعية التي بها قوام المالية ) : الهيئة الخاصة التي من أجلها يبذل الناس المال.
  29 ـ ( ضرر معتد به ) : أي ضرر مهمّ في نظر العرف.

الفقه للمغتربين ـ 39 ـ
  30 ـ ( الضرورة الرافعة للتكليف ) : الأمر الذي يوجب تركه ضرراً بلغياً بالنفس أو المال أو العرض .
  31 ـ ( العدة ) : الوقت الذي لا يجوز للمرأة أن تتزوج لطلاق ، أو وفاة ، أو انتهاء مدة نكاح ، أو وطء شبة ، ونحو ذلك.
  32 ـ ( الفتنة النوعية ) : أن يوجب بصورة عامة افتتان الناس ووقوعهم في الحرام .
  33 ـ ( الفسخ ) : نقض العقد والمعاملة.
  34 ـ ( في حدّ ذاته ) : أي بقطع النظر عن العناوين الأخرى التي قد تستوجب حكماً آخر مغايراً لحكمه الأصلي .
  35 ـ ( فيه إشكال ) : أي أن الحكم المذكور إحتياط وجوبي.
  36 ـ ( فيه تأمل ) : أي أن الحكم المذكور إحتياط وجوبي كذلك.
  37 ـ ( قصد البدلية ) : أي بقصد أن يكون بدلاً عن شيء خاص.
  38 ـ ( قيل ) : أي أن الحكم المذكور احتياط وجوبي.
  39 ـ ( الكافر الذمي ) : من يعقد عقد الذمة مع ولي المسلمين، ولا يوجد اليوم.
  40 ـ ( الكافر المعاهد ) : من يعاهد المسلمين أو بعضهم على عدم الإعتداء.

الفقه للمغتربين ـ 40 ـ
  41 ـ ( الكافر المحترم المال ) : الذمي والمعاهد والمستأمن.
  42 ـ ( اللحيان ) : العظمان المقتنفان بالوجه اللذان تنبت عليهما اللحية.
  43 ـ ( ما يليق بشأنها بالقياس لزوجها ) : أي ما يناسبها باعتبار كونها زوجة فلان ، فيلاحظ في ذلك مكانة زوجها في المجتمع.
  44 ـ ( ماء الغسالة ) : الماء الذي ينفصل عن الشيء المتنجس عند غسله.
  45 ـ ( المؤنة السنوية اللائقة بالشأن ) : مقدار المصرف المتعارف للشخص في طول السنة، المناسب له بلحاظ حاجته ومكانته الإجتماعية.
  46 ـ ( المثقال الصيرفي ) : المثقال المتعارف في السوق ، ويعرف كميته بائعو الذهب.
  47 ـ ( مجهول المالك ) : المال الذي لا يعرف مالكه ، ولكنه ليس ضائعاً منه .
  48 ـ ( محاذاة الميقات ) : إذا افترضنا خطين متقاطعين يشكّلان زاوية قائمة (90 درجة) ، وكان أحدهما بمكة المكرمة، والآخر يمر بالميقات ، فإذا وقف الشخص في نقطة التقاطع مسقبلاً مكة المكرمة، فهو واقف في المكان المحاذي لذلك الميقات، والعبرة في هذا بالصدق العرفي، ولا يعتبر فيه التدقيق العقلي.

الفقه للمغتربين ـ 41 ـ
  49 ـ ( المشهور كذا ) : أي أن الحكم المذكور إحتياط وجوبي.
  50 ـ ( الملاك ) : المصلحة والمفسدة التي على أساسها تُشرّع الأحكام.
  51 ـ ( الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو والطرب ) : ما يتعارف عزفة في مجالس اللهو.
  52 ـ ( النشوز ) : عدم رعاية حقّ الغير، ويطلق غالباً فيما بين الزوجين.
  53 ـ ( نية القربة المطلقة ) : أن يقصد بعمله التقرّب إلى الله من دون تعرّض لكونه على وجه الأداء أو القضاء أو أية خصوصية أخرى.
  54 ـ ( وطء الشبة ) : الممارسة الجنسية مع من لا تحل له ، غير متعمد ، بل بتوهم كونها حليلته ، أو بتوهم صحة العقد الفاسد.
  55 ـ ( الولي ) : من يتولى شؤون الطفل، أو القاصر، أو المجتمع الإسلامي، وفقاً للشريعة الإسلامية.
  56 ـ ( يجب على إشكال ) : أي يجب على المكلف فعله ، فهو فتوى بالوجوب .
  57 ـ ( يجب على تأمل ) : أي يجب على المكلف فعله ، فهو فتوى بالوجوب كذلك .

الفقه للمغتربين ـ 42 ـ
  58 ـ ( يجب كفاية ) : أي يجب على الجميع أن يقوموا بهذا الأمر، ويسقط عن الكلّ بقيام بعضهم به ، فإن تركه الجميع استحقوا العقاب.
  59 ـ ( يجوز على إشكال ) : أي يجوز فعله ، ولكن الإحتياط الإستحبابي يقتضي تركه.
  60 ـ ( يجوز على تأمل ) : أي يجوز فعله ، ولكن الإحتياط الإستحبابي يقتضي تركه كذلك.

الفقه للمغتربين ـ 43 ـ
فقه العبادات

الفقه للمغتربين ـ 45 ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
  الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد : يجوز العمل برسالة ( الفقه للمغتربين ) والعامل بها مأجور أن شاء الله تعالى .

  علي الحسيني السيستاني
    5 رمضان المبارك
        11418

الفقه للمغتربين ـ 47 ـ
  يتضمن الباب الأول الخاص بفقه العبادات سبعة فصول هي :
  الفصل الأول: الإغتراب والهجرة والدخول الى البلدان غير الإسلامية ، وبعض أحكامها ، والإستفتاءات الخاصة بها .
  الفصل الثاني: التقليد، وبعض أحكامه ، والإستفتاءات الخاصة به .
  الفصل الثالث: الطهارة والنجاسة ، وبعض أحكامهما، والإستفتاءات الخاصة بهما .
  الفصل الرابع: الصلاة، وبعض أحكامها، والإستفتاءات الخاصه بها.
  الفصل الخامس: الصوم، وبعض أحكامه، والإستفتاءات الخاصه به.
  الفصل السادس: الحج، وبعض أحكامه، والإستفتاءات الخاصة به.
  الفصل السابع: شؤون الميت ، وبعض أحكامه، والإستفتاءات الخاصة به.

الفقه للمغتربين ـ 49 ـ
الأغتراب والهجرة والدخول الى البلدان غير الاسلامية
  ـ مقدمة
  ـ موقف الإسلام من التعرب بعد الهجرة
  ـ بيان لبعض الأحكام المتعلقة بالتعرب بعد الهجرة
  ـ إستفتاءات حول التعرب بعد الهجرة

الفقه للمغتربين ـ 51 ـ
  يولد المسلم وينشأ ويترعرع في بلده الإسلامي فيتشرب عن وعي ودون وعي أحكام الاسلام وقيمه وتعاليمه ، حتى إذا شبّ ، شبّ متأدبا بآداب دينه ، سالكا طرقه ، مهتديا بهديه .
  ولو قدر لمسلم أن يولد وينشأ ويترعرع في بلاد غير إسلامية لبدا أثر البيئة واضحاً في أفكاره وآرائه وسلوكه وآدابه وقيمه ، إلاّ من عصم ربك .
  ويبدو أثر البيئة غير الإسلامية أكثر وضوحاً في سلوك وآداب وقيم الجيل الثاني... جيل الأبناء.
  ولذلك كان للإسلام موقف من التعرب بعد الهجرة جسّدته روايات عدة ، فعدته من الكبائر، وعدته بعضها من الثمان التي هي أكبر الكبائر.
  يقول أبو بصير : سمعت أبا عبدالله (ع) يقول : ( الكبائر سبعة : منها قتل النفس متعمداً والشرك بالله العظيم ، وقذف المحصنة، وأكل الربا بعد البينة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة ، وعقوق الوالدين ، وأكل ما اليتيم ظلماً ، قال : والتعرب والشرك واحد ) . (1)

(1) الأصول من الكافي، لمحمد بن يعقوب الكليني: 2 | 281.

الفقه للمغتربين ـ 52 ـ
   وروى ابن محبوب قال : ( كتب معي بعض أصحابنا الى الحسن (ع) يسأله عن الكبائر كم هي ؟ وما هي ؟ فكتب : الكبائر : من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمناً ، والسبع الموجبات : قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين ، وأكل الربا والتعرب بعد الهجرة، وقدف المحصنات ، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف ) . (1)
  ونقل محمد بن مسلم عن أبي عبدالله (ع) قوله ( الكبائر سبع : قتل المؤمن متعمدا ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، والتعرب بعد الهجرة ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، وأكل الربا بعد البينة ، وكل ما أوجب الله عليه النار ) . (2)
  وقال عبيد بن زرارة : ( سألت أبا عبدالله (ع) عن الكبائر فقال : هن في كتاب علي (ع) سبع :
  الكفر بالله ، وقتل النفس ، عقوق الوالدين ، وأكل الربا بعد البينة ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، والفرار من الزحف ، والتعرب بعد الهجرة ، قال : فقلت : فهذا أكبر المعاصي ؟ قال : نعم ) . (3)
  وعلّل الإمام الرضا (ع) حرمة التعرب بعد الهجرة بقوله ( لأنه لا

(1) المصدر السابق: 2 | 277.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 2 | 278.

الفقه للمغتربين ـ 53 ـ
  يؤمن أن يقع منه [المهاجر] ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك ) . (1)
  وليس معنى ذلك أن الدخول الى البلاد غير الإسلامية محرم دائماً ، فقد صورت لنا روايات أخرى ثواب الداخل اليها بما يتمناه كل مسلم ، يقول حماد السندي ( قلت لأبي عبدالله جعفر بن محمد (ع) : إني أدخل الى بلاد الشرك، وأن من عندنا ليقولون إن متّ ثمّ [ هناك ] حشرت معهم ، قال لي : يا حماد إذا كنت ثمّ تذكر أمرنا وتدعو إليه، قال : قلت : نعم ، قال : فإذا كنت في هذه المدن مدن الإسلام تذكر أمرنا وتدعو إليه ؟ قلت : لا .
  فقال (ع) لي : إنك إن متّ ثمّ [هناك] تحشر أمة وحدك ويسعى نورك بين يديك ) . (2)
  وبموجب هذه الرواية وأمثالها من الروايات وغيرها من الأدلة الشرعية أفتى الفقهاء بما يأتي :
  م ـ 1 : يستحسن سفر المؤمن الى البلدان غير الإسلامية لغرض نشر الدين وأحكامه ، والتبليغ بها إذا أمن على دينه ودين أبنائه الصغار من النقصان، قال النبي محمد (ص) للإمام علي (ع) ( لئن يهدي الله بك عبداً من عباده خير لك مما طلعت عليه

(1) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي: 15 | 100.
(2) المصدر السابق: 16 | 188.

الفقه للمغتربين ـ 54 ـ
  الشمس من مشارقها الى مغاربها ) ، (1) وعن النبي (ص) أيصاً أن رجلاً قال له أوصني فقال : ( أوصيك أن لا تشرك بالله شيئاً ... وادع الناس الى الاسلام، واعلم أن لك بكل من أجابك عتق رقبة من ولد يعقوب ) (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل) . (2)
  م ـ 2 : يجوز سفر المؤمن الى البلدان غير الإسلامية ، إذا جزم أو اطمأن بأن سفره اليها لا يؤثر سلباً على دينه ، ودين من ينتمي إليه.
  م ـ 3 : يجوز للمسلم كذلك أن يقيم في البلدان غير الإسلامية إذا لم تشكّل عائقاً عن قيامه بالتزاماته الشرعية بالنسبة الى نفسه وعائلته حاضراً ومستقبلاً ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ).
  م ـ 4 : يحرم السفر الى البلدان غير الإسلامية أينما كانت في شرق الأرض وغربها ، إذا استوجب ذلك السفر نقصاناً في دين المسلم ، سواء أكان الغرض من ذلك السفر السياحة أم التجارة أم الدراسة أم الإقامة المؤقتة أم السكنى الدائمة أم غير ذلك من الأسباب ( أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ).

(1) المصدر السابق .
(2) المصدر نفسه.