أهميته وامتيازاته :
  الوافية : من خيرة المتون الاصولية التي خلفها لنا فطاحل علماء الامامية فلقد ترك لنا أولئك مصنفات في مختلف علوم الشريعة ، من الكلام والتفسير والفقه والاصول والحديث والرجال ، يمثل كل منها المرحلة التي وصل اليها ذلك العلم في تلك البرهة.

   وفيما يخص علم الاصول :
  ان كانت ( الذريعة ) معبرة عن قمة ما وصل اليه هذا العلم في عصر السيد المرتضى ، و( العدة ) في عصر شيخ الطائفة الطوسي ، و( المعارج ) في عصر المحقق الحلّي ، و( النهاية ) و( التهذيب ) و( المبادئ ) في عصر العلامة الحلّي ، ومقدمة ( المعالم ) في عصر المحقق الشيخ حسن ، فإن ( الوافية ) تمثل القمة في التطور الاصولي الذي ارتقى اليه في القرن الحادي عشر الهجري لدى الاصوليين من الامامية، فقد حباها مؤلفها الذي يصفه الشيخ الحرّ العاملي بالفقيه العالم الفاضل ( الماهر ) ، حباها بمزايا افردتها عما صنف قبلها ، فإن مقارنة شريعة بينها وبين ما تقدمها ليكشف عن ذلك بوضوح .
  فمن ينتقل من مراجعة ( المعالم ) إلى ( الوافية ) يشعر بتحول وتطور ، ويلاحظ نقلة في المستوى والافق الذي يدفع بالقلم لرسم تلك السطور ، وليس مجرد تبدل في الرأي ، أو تغيير في المبنى ، وبكلمة مختصرة : يلاحظ المقارن بين الكتابين اختلافا في المنهجية ، وفي نمط التفكير ، وصياغة المطالب ، والدخول إلى البحث من مسلك لم يعهد من قبل ، واعتمادا على معايير لم يلتفت إليها من سالف .
  وترى المصنف في ( الوافية ) قوي الحجة ، بعيد النظر ، يختار الرأي الصائب في المسألة ، دون ان يتقيد بما ذكروه دليلا عليه بل قد لا يكتفي بما اورده الاصوليون على

الوافية في اصول الفقه ـ 28 ـ
  المدعى من الادلة إن رآها سليمة بل يبتكر دليلا خاصا ، كما فعل في حجية خبر الواحد ، وقد يوافق الآخرين في الرأي ولكن لا يرتضي ما اقاموه حجة عليه ، فيردها ، ويسوق لذلك الرأي برهانا آخر.
  وبهذا يخرج عن طور التبعية والتقليد ، ويسلك مسلك التحقيق والتأسيس .
  ونراه الحاذق في المناقشة ، فهو يجيد تشخيص نقاط الضعف في ادلة خصمه ، فيسدد اليها الرمية ، وينقض عليها بالنقض والحل لتعود واهية سقيمة .
  وتراه يحسن الاخذ بزمام المسائل الاصولية بعد ان ينتزعه من يد خصمه انتزاعا فنيا ويردها إلى بابها كما فعل مع المحقق والعلامة وصاحب المعالم ، في مسألة دلالة النهي على الفساد في المعاملات ، فقد عرض بهم في استدلالهم على عدم الدلالة بالدليل اللفظي ، منبها على محور النزاع ، وان المتنازع فيه هو حكم العقل بالفساد أو عدمه ، لااستفادة الفساد وعدمها من الدليل النقلي بإحدى الدلالات اللفظية الثلاث .
  ونجده يعرض الافكار المستحدثة ، والتحقيقات المبتكرة ، فتراه يعترض على حصر سقوط التكليف بالاطاعة والعصيان ، ويقول بوجود مسقط ثالث وهو حصول غرض المولى ، موضحا فكرته هذه بالمثال المقنع وها هو يستعرض فكرة الترتب عرضا واضحا على دقتها واستعصائها .
  ومن التفاتاته وتدقيقاته القيمة توضيحه وابانته لمعنى بعض المصطلحات التي ادى الخلط فيها إلى وقوع المخاصمات والمشاجرات الفارغة لدى كثير من السطحيين ، وهو بهذا يفرق بدقة ويميز بجدارة بين النزاعات اللفظية والمشاحات الاصطلاحية وبين المناقشات العلمية ، فلاحظ ذلك في توضيحه لمصطلح ( الاجتهاد ) وازالة الملابسات التي احيطت به ، وتحديد المعنى المقصود به لدى القدماء والمأخرين ، ليجلي بذلك عن وجه الحقيقة وينفض الغبار عنها ، لتصبح المسألة مسلمة واضحة لدى الطرفين .
  وتراه يؤسس الرأي وينفرد به كما فعل ذلك في تفصيله في حجية الاستصحاب ، واشتراطه جريان البراء‌ة بشروط مبتكرة ومن خلال استعراض الكتاب يبدو للقارئ تسلط المصنف وإلمامه بالمعقول وهو ما يتطلبه الخوض في غمار

الوافية في اصول الفقه ـ 29 ـ
  المسائل الاصولية وكشف المغالطات عنها ، وابداء الرأي الصائب فيها ، فلاحظ ما سبرته يراعته في بحث اجتماع الامر والنهي من هذا الكتاب.
  ومع كل هذا الثقل العلمي الذي افرغه في كتابه هذا ، جاء هذا الكتاب حسن الاسلوب سلس العبارة ، تقرؤه ويراودك الشعور بالارتياح لحسن العبارة وجزالة الالفاظ ، وطراوة البيان ، مما يجذب القارئ اليه ويملكه بما لا يدع له خيار مباعدة الكتاب ، وقد اتصف هذا الكتاب ـ علاوة على هذا كله ـ بالمزايا والخصائص التالية :
  1 ـ قسمة العلم .
  أولى المصنف إهتماما كبيرا بالقسمة ، وهي أحد الرؤوس الثمانية ، المذكورة في علم المنطق ، التي يستعملها المؤلفون ، ليكون الداخل إلى العلم على بصيرة من أمره .
  فقد قسم المصنف ـ عمليا ـ مسائل الاصول إلى : لفظية ، وعقلية ، واستعمل هذا التعبير بكثرة ، خاصة فيما يرتبط بالاصول العملية ، وهذا هو المتداول فيما انتهت اليه تحقيقات هذا العلم .
  واظهر المصنف ذلك بصراحة عندما تعرض لبحث ( مقدمة الواجب ) و( مسألة الضد ) موضحا ضرورة إيرادهما في البحوث العقلية ، إذ أنهما ليسا من باب دلالة اللفظ ، مشيرا إلى عدم استقامة ما هو المألوف عند الاصوليين من ايرادهما في مباحث الالفاظ ، بعد أن كان واقع البحث فيهما إنما هو عن ( الملازمة ) وهي عقلية ، وقد اشرنا إلى هذا فيما تقدم .
  وكذلك فعل المصنف في مباحث المفاهيم حيث أوردها في فصل التلازم بين الحكمين .
  واستعمل المصنف مصطلح الحكم الواقعي وما يقابله ، وهو مبتن على هذه القسمة كما لا يخفى ، اضف إلى كل هذا ، استناده إلى الادلة العقلية في مناقشاته واستدلالاته بما

الوافية في اصول الفقه ـ 30 ـ
  يدل على قدرة فائقة وتسلط على فن المعقول .
  2 ـ الموضوعية في البحث .
  لقد اتسم كتاب ( الوافية ) بالموضوعية التامة في علم الاصول ، إذ قلما يلاحظ فيه الشرود إلى مسائل وأبحاث من علوم اخرى .
  وقد أدى حق التمييز بين المسائل الاصولية وما يقع في دائرة البحث في الكتاب منها ، وبين غيرها ، بدقة فائقة في بداية الكتاب ، بنحو يحدد مسار البحث فيه ، فلاحظ ما ذكره في نهاية المقصد الاول من الباب الاول ، وما ذكره في آخر البحث الثالث من المقصد الثاني من الباب الاول.
  ومن حيث المصادر التي اعتمدها :
  فإنا نفاجأ في هذا الكتاب بسعة مراجعته لكل مصنفات الاصول حتى شملت كتب الاصول للمذاهب المختلفة ، فهو ينقل أحيانا عنها جملا ونصوصا مما يدل على مراجعته لها مباشرة ، فقد حكى عن ( التمهيد ) و( الكوكب الدرّي ) للاسنوي ، و( المحصول ) للفخر الرازي ، و( شرح مختصر ابن الحاجب ) لعضد الدين ، و( الاحكام ) للآمدي ، و( شرح جمع الجوامع ) للفاضل الزركشي ، وغيرها .
  وهذا إنما يدل على سعة افق تفكيره ، وحرية الرأي عنده ، وحسن اختياره ، فإن تأليفا مثل الوافية ـ جامعا مانعا ـ لا يتكون إلا بمثل هذا الاقدام الجرئ .
  مضافا إلى دلالته على الموضوعية العلمية في البحث ، حيث ان هذا العلم يقع في عداد العلوم الآلية ، فهو منطق الفقه ، فكما ان المنطق يعتبر ميزانا لاصل التفكير ، يحدد مسار الاستدلال ويقومه ، فكذلك علم الاصول بالنسبة إلى الفقه ، لانه يحدد العناصر المؤثرة في صحة الاستدلال الفقهي ، ولذا فإن التصنيفات الاصولية لا تتفاوت في العرض والاستدلال والمنهج من مذهب لآخر ، إلا بمقدار الاختلاف بين اللغات من حضارة إلى اخرى ، وهذا لا يؤثر في اصل الهدف المرسوم لعلم الاصول .

الوافية في اصول الفقه ـ 31 ـ
  3 ـ المنهج التربوي .
  اهتم المصنف في هذا الكتاب بجانب تربية المتعلمين بنحو لم يسبق له مثيل في الكتب الاصولية ، فإن اكثر المؤلفين لتلك الكتب إنما يهدفون لايداع ارائهم فيها وتسجيلها حرصا عليها .
  واما هذا الكتاب ، فان سيرة مؤلفه فيه ، تدل على أنه ألفه قاصدا به ـ إضافة إلى ذلك ـ استفادة الطلاب منه ، ليكون كتابا دراسيا ومنهجا تعليميا لمادة علم الاصول .
  فتراه يقول في آخر مبحث اصالة النفي ( القسم الثالث من الباب الرابع ) .
  « والغرض من نقل جملة من مواضع استعمال ( الاصل ) أن تمتحن نفسك في المعرفة ، لتشحذ ذهنك ، وتحقيق ( الاصل ) على هذا الوجه مما لا تجده في غير هذه الرسالة » .
  ونراه في كل مسألة يوضع البحث بأمثلة موجهة إلى الطالب ، ليعطيه قدرة المقارنة والتطبيق بسهولة تامة .
  حتى أنه يواكب مستوى الطالب فيحاول معه امورا أولية ، كما فعله في ارشاد الطالب إلى كيفة الاستفادة من كتب الحديث فلاحظ ما ذكره في نهاية مبحث التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص ( البحث الثاني من المقصد الثاني من الباب الثاني ) .
  وكل هذا إنما يدل على مدى اهتمام المصنف بهذا العلم ، وبالجانب التربوي فيه ، وعلى شفقته على الطلاب والمحصلين (1) .
  ولعل هذا الجانب التربوي والتعليمي في هذا الكتاب هو السبب في اهتمام


(1) لاحظ في هذا المجال ما تقدم في هذه المقدمة تحت عنوان ( مع الشاه عباس الصفوي ) .

الوافية في اصول الفقه ـ 32 ـ
  العلماء به ، وكثرة تداوله بين المحصلين ، وصيرورته متنا دراسيا لطلاب الحوزات العلمية لفترة طويلة ، واعتناء العلماء به حتى اكثروا من الشروح والتعليقات عليه ، كما سيمر عليك ذكرها .
  4 ـ تأثيره في حيوية العلم .
  تم تأليف هذا الكتاب في سنة ( 1059 ه‍ ) وهي الفترة التي مني فيها علم الاصول بحركة مضادة ، فكان للمصنف بكتابه هذا دور عظيم في الابقاء على حيوية هذا العلم ، وبصورة أدق وأسلم مما سبقه من المصنفات الاصولية بحيث تنقشع ـ باسلوبه ومتانته ـ السحب التي أثارها معارضو علم الاصول ، والنقود التي اوردوها على المصنفات الاصولية السابقة .
  فقد أجاد المصنف في هذا الكتاب الرد على أهم الاراء المضادة للاصول ، واكثرها تطرفا ، كالقول بقطعية أخبار الكتب الاربعة ، والقول بعدم الحاجة إلى علم الاصول ، فكان سدا منيعا أمام استفحال تلك الآراء في منطقة خراسان وحوزتها العلمية .
  وتصدى للمحدث الأمين الاسترابادي ، الذي أثار تلك الاراء ، وناقشه في هذا الكتاب بمتانة ودقة وموضوعية تامة .
  وبالتالي فهو يشكك في حجية مطلق الخبر الواحد ، ويلتزم بتقسيم الحديث إلى الاقسام المعروفة من الصحيح والحسن والموثق والضعيف ، إلا أنه ينتهي بالرأي إلى جواز العمل بأخبار الكتب الاربعة والقول بحجيتها مشترطا ذلك بشرطين دون أن يلتزم بقطعية صدورها .
  ويتمسك بأصالة البراء‌ة ، ويستشهد بها في عدة مواضع ، وقد ادى حق كل ذلك بعيدا عن التطرف إلى فئة معينة ، ولذلك نراه يذهب إلى جواز تقليد الميت ولا يقول بجواز التقليد مطلقا ، كما لا يبت بالذهاب إلى حجية مطلق ظواهر الكتاب ، مما يدل على حرية في التفكير ، واتباع مطلق للدليل ، فهو حقا ( من أبناء الدليل ، حيثما مال يميل ) .

الوافية في اصول الفقه ـ 33 ـ
  وكتابه هذا لوحده ، دليل على أثره البارز في إرساء قواعد علم الاصول في الحواضر العلمية ، سيما حاضرة خراسان ، على مدى بعيد ، ومنذ تأليفه حتى عصرنا الحاضر .

  تأريخ تصنيفه :
  لم يعلم بالتحديد التاريخ الذي بدأ فيه الفاضل التوني تدوين هذا الكتاب .
  أما انتهاؤه منه : فقد جاء في آخره ـ على ما في نسخة الاصل وأوط ـ :
  « وقد وقع الفراغ منه يوم الاثنين ، ثاني عشر أول الربيعين في تاريخ سنة 1059 ه‍ » .
  ويعضده ما ذكره السيد الخونساري ، حيث قال : « نقل عن خط الشيخ أحمد ـ أخي المصنف ـ أنه كتب على ظهر بعض نسخ الوافية ما هذه صورته : قد وقع الفراغ المصنف قدس الله روحه واسكنه حضيرة القدس مع أوليائه وأحبائه من تسويد الرسالة التي جمعت بدائع التحقيق وودائع التدقيق ، ثاني عشر أول الربيعين ، من شهور سنة تسع وخمسين وألف من الهجرة ... » .
  وذكر الطهراني كما تقدم : أن تلك النسخة موجودة في مكتبة الامام أمير المؤمنين (ع) العامة بالنجف الاشرف ، وهي بخط علي أصغر بن محمد حسين السبزواري ، وتأريخها 1111 ه‍ .

  تبويبه :
  مهارة المصنف ـ كما نص عليها الشيخ الحرّ العاملي ـ وكونه من المحققين ـ كما شهد له بذلك الشيخ يوسف البحراني ـ أمليا على المصنف أن يضع لكتابه هذا تبويبا فنيا دقيقا ، وهو أول سمات هذا الكتاب وامتيازاته ، فقد وضع خارطة لمباحث الاصول ، تنبئ عن تضلعه فيه ، فلم يعد يستعرض مسائل الاصول دون الالفات إلى ترابطها ، بل جعل كل طائفة منها تحت عنوان يجمعها ويميزها عن المجموعة

الوافية في اصول الفقه ـ 34 ـ
  الاخرى، وكذا نراه يضع كل مسألة في الموضع المناسب لها ، ويخرجها عن الموضع الذي كانت عليه في التأليفات الاصولية التي تقدمته ، وإن دل ذلك على شيء فانما يدل على عقليته الرافضة للتقليد وعلى عمق نظره والتفاته إلى اطراف المسألة ومرد النزاع فيها ، فقد صنف مسائل الاصول تصنيفا رائدا ، ووزعها توزيعا دقيقا لم نعهده عند من قبله ، جاعلا كل صنف تحت عنوانه اللائق له ، فجاء كتابه هذا محتويا على :
  المقدمة ، وتشمل أربعة مباحث ، أولها : في تعريف اصول الفقه ، ثانيها : في الحقيقة والمجاز ، ثالثها : في دوران اللفظ بين الحقيقة والمجاز والنقل والتخصيص والاشتراك والاضمار ، رابعها : في الاسم المشتق .
  الباب الاول : في الامر والنهي :
  وجعله في مقصدين ، يتضمن الاول مباحث الامر ، والثاني مباحث النهي.
  الباب الثاني : في العام والخاص .
  وجعله في مقصدين أيضا ، اشتمل الاول على مباحث العام ، والثاني على مباحث الخاص .
  الباب الثالث : في الادلة الشرعية ، وجعله في فصول :
  الفصل الاول : في الكتاب .
  الفصل الثاني : في الاجماع .
  الفصل الثالث : في السنة .

الوافية في اصول الفقه ـ 35 ـ
  الباب الرابع : في الادلة العقلية .
  وجعلها أقساما : القسم الاول : فيما يستقل بحكمه العقل .
  القسم الثاني : استصحاب حال العقل .
  القسم الثالث : أصالة النفي أو البراء‌ة الاصلية.   القسم الرابع : الاخذ بالقدر المتيقن .
  القسم الخامس : التمسك بعدم الدليل .
  القسم السادس : استصحاب حال الشرع .
  القسم السابع : التلازم بين الحكمين ، وادرج فيه خمسة أمور :
  أ ـ مقدمة الواجب .
  ب ـ اقتضاء الامر بالشيء النهي عند ضده .
  ج ـ المنطوق غير الصريح .
  د ـ المفاهيم .
  ه‍ ـ القياس .
  الباب الخامس : في الاجتهاد والتقليد .
  وجعله في مباحث : المبحث الاول : في تعريف الاجتهاد .
  المبحث الثاني : في تجزئة الاجتهاد .
  المبحث الثالث : في العلوم التي يتوقف عليها الاجتهاد .
  المبحث الرابع : في التقليد .

الوافية في اصول الفقه ـ 36 ـ
  الباب السادس : في التعادل والتراجيح .
  وهو آخر الكتاب .
  وإن مقارنة سريعة بين هذا التبويب والتوزيع للمسائل ، وبين ما نجده في المصنفات الاصولية المتقدمة عليه ، لتدل على ما أسلفناه ، وكمثال على ذلك : مسألة مقدمة الواجب ، فلاحظ موقعها عنده ثم موضعها عندهم ، وأهم من ذلك فرزه بين الادلة والحجج مقسما لها إلى الشرعية والعقلية مدرجا كل حجة ودليل في قائمته الخاصة به .
  نسخه :
  لما كان هذا الكتاب أحد المتون الاصولية البارزة والهامة كما أسلفنا كان من الطبيعي أن يتتابع طلاب هذا العلم ورجاله على نسخة واقتنائه ، لذا كثرت نسخة وانتشرت بينهم .
  قال السيد الخونساري وهو يتحدث عنه : « ونسخه متداولة بين الطلاب » .
  وقد حفظت المكتبات العامة والخاصة في كل من العراق وايران الكثير من تلك النسخ .
  وقد نال الكتاب حظ الطبع والنشر في بومباي من حاضرة الهند عام 1309 ه‍ ولم تعد طباعته بعد ذلك ، فعاد نادر الوجود ، بعيد المتناول .

  شروحه والتعاليق عليه عاجل المصنف الاجل :
  فتوفي بكرمانشاه ولما يصل إلى المراقد المقدسة ومراكز العلم والعلماء ، وهو في طريقه إليها .

الوافية في اصول الفقه ـ 37 ـ
  ولكن ! سارت الركبان بسفره القيم هذا فأوصلته إليها ، ليكون خير نائب عنه .
  فاستقبله عطاشي التبحر والتحقيق ، وعكفوا عليه مطالعة ومدارسة ومناقشة .
  ثم رسموا ما خلصوا إليه من افكار على صحائف من نور ، فكانت الشروح والحواشي التالية :
  1 ـ شرح الوافية .
  للسيد جواد العاملي ، صاحب مفتاح الكرامة ، المتوفى سنة 1226 ه‍ .
  قال العلامة الشيخ الطهراني : « وهو مبسوط في مجلدين ، ما ذكره سيدنا ـ السيد حسن الصدر ـ في التكملة .
  وذكر السيد الأمين العاملي في ترجمة الشارح المطبوعة في آخر متاجر مفتاح الكرامة : انه تعرض فيه لاغلب كلمات الاساطين وشراح الوافية ، وجميع المباحثات التي وقعت بين الشيخ الاكبر ( صاحب كشف الغطاء ) والسيد محسن الكاظمي في إجراء أصل البراء‌ة في أجزاء العبادات » .
  2 ـ شرح الوافية .
  للسيد حسن الحسيني .
  قال العلامة الطهراني : « كذا ذكرته قبل خمسين عاما في مسودة ( الذريعة ) الاولية ، وفاتني ذكر خصوصياته » .
  3 ـ شرح الوافية .
  للسيد الاجل صدر الدين محمد بن مير محمد باقر ، الرضوي القمّي الهمداني الغروي المتوفى في عشر الستين بعد الماء‌ة والالف ـ كما أرخه السيد عبدالله الجزائري في اجازته الكبيرة ـ وكان من أعلام عهد الفترة بين الباقرين : المجلسي ، والبهبهاني .
  قال العلامة الطهراني : « وهو شرح بالقول ـ يعني قوله ... أقول . . . ـ في خمسة عشر الف بيت تقريبا ، أوله ( الحمد لله الذي أوضح لنا منهاج الدين بمصباح

الوافية في اصول الفقه ـ 38 ـ
  الحق من مشكاة اليقين ... ) رأيته في مكتبة الخونساري بالنجف الاشرف ، ومكتبة السيد المجدد الشيرازي بسامراء ، وسيدنا الحسن الصدر في الكاظمية ، ونسخة السيد محمد باقر الحجة بكربلاء كانت بقلم أقل الطلاب حسين المحلاتي المشتهر باسم أبيه أيام تحصيله بالحائر في سنة 1227 ه‍ ، وأول الشرح ( قوله : إن كان التبادر ... أقول : معنى كون التبادر ... ) .
  وللشارح نفسه عليه حواش كثيرة ، والخطبة من إنشاء بعض تلاميذه. ويوجد أيضا في المكتبة الرضوية ، ومكتبة الشيخ مشكور ، والشيخ هادي كاشف الغطاء ، وكانت عند السيد أبي القاسم الخونساري نسخة بخط حيدر بن محمد الخونساري في سنة 1196 ه‍ ، ويوجد أيضا في مكتبة الامام علي عليه السلام العامة بالنجف الاشرف » .
  وقد يسمى هذا الشرح بالحاشية ، وقد صرح في موضع منه أنه كان مشغولا بتأليفه سنة 1141 ه‍ .
  4 ـ شرح الوافية .
  قال الشيخ الطهراني : « كتب عليه هذا العنوان ، وأوله ( قوله : الاصل ما يبتني عليه الشيء إلخ قد جرت عادة الاصوليين بتعريف الفقه بكلا معنييه : الاضافي والعلمي ) رأيته كذلك عند السيد عبدالحسين الحجة بكربلاء ، وقد كتب عليه انه للسيد مهدي ، وتاريخ كتابته سنة 1243 ه‍ ، لكنه ليس هو شرح الوافية للسيد مهدي بحر العلوم لان شرحه على الوافية مقصور على بحث الحقيقة والمجاز » كما سيأتي .
  5 ـ شرح الوافية .
  للسيد بحر العلوم ، محمد مهدي بن السيد مرتضى بن السيد محمد الطباطبائي البروجردي الغروي المتوفى سنة 1212 ه‍ ، قال العلامة الطهراني عن هذا الشرح أنه « غير تام ، يقرب من نصف المعالم .

الوافية في اصول الفقه ـ 39 ـ
  خرج منه مبحث الوضع إلى أواخر مبحث الحقيقة والمجاز .
  أوله ـ بعد خطبة مختصرة ـ : ( قوله اللفظ إن استعمل فيما وضع له فحقيقة ، جعل المقسم مطلق اللفظ المتناول للمفرد والمركب ، لان كلا منهما ينقسم إلى الحقيقة والمجاز ، ولا يختص الانقسام اليهما باللفظ المفرد على ما توهمه بعض الاعلام ـ إلى قوله : وإلا فمجاز ، أقول : لا يخفى أن تعريف المجاز على هذا يدخل فيه الالفاظ المستعملة في غير معانيها غلطا ) وأورد فيه بحث الحقيقة الشرعية ، والصحيح والاعم ، وتعارض الاحوال، رأيت نسخة منه في كتب الشيخ عبدالحسين الطهراني ، ونسخة منه بخط الشيخ نعمة الطريحي كتبها لنفسه سنة 1236 ه‍ ، كانت عند الشيخ هادي كاشف الغطاء ، ونسخة خط المولى محمد كاظم الشاهرودي كتبها في سنة 1238 ه‍ كانت في مكتبة الخونساري، ورأيت نسخة منه في مكتبة الحسينية في النجف، ونسخة عند السيد محمد علي بحر العلوم ، ونسخة السيد محمد صادق بحر العلوم ، ونسخة عند العلامة السماوي كتابتها 28 جمادي الثاني سنة 1222 ه‍ وهي بقلم الشيخ علي بن الشيخ أحمد بن الشيخ عيسى بن الشيخ علي بن نصر الله الجزائري، ونسخة عند الشيخ نعمة الله بن عبدالله خواجه الحويزي في كتب الشيخ مشكور تاريخها سنة 1233 ه‍ ، ونسخة تاريخها سنة 1236 ه‍ وهي بقلم السيد محمد السيد حسين الموسوي عند السيد ضياء الدين العلامة الاصفهاني، والمشهور أن السيد بحر العلوم لما عزم لزيارة المشهد الرضوي في الطاعون سنة 1186 ه‍ أمر تلميذه المقدس الكاظمي السيد محسن ، بتتميم هذا الشرح لكنه تأدب عن التتميم ، وشرحها ـ أي الوافية ـ مستقلا وسمى شرحه بالوافي كما سيأتي » .
  وقد يسمى هذا الشرح أيضا ـ أعني شرح السيد بحر العلوم ـ بالحاشية على الوافية .
  6 ـ الوافي : شرح الوافية .
للمحقق المقدس الكاظمي ، السيد محسن بن الحسن الاعرجي المتوفى 1227 ه‍ .

الوافية في اصول الفقه ـ 40 ـ
  قال العلامة الطهراني : « وهو شرحه الكبير في خمسين ألف بيت شرع فيه سنة الطاعون 1186 ه‍ ، وفرغ منه 1 ـ رجب ـ 1196 ، أوله ( الحمد لله الواهب المنان المتبع الاحسان بالاحسان ) عناوينه : ( قوله قوله ) ، توجد نسخته في مكتبة الخونساري والشيخ هادي كاشف الغطاء من وقف عبدالهادي بن عيسى كبة في مجلدين ضخمين يقرب من خمسين الف بيت ، ونسخة الشيخ جواد الجزائري كتابتها 1240 ه‍ ونسخة مكتبة السيد خليفة نقلت عن الاصل المسودة في الخميس 14 ذي الحجة 1196 ه‍ بقلم بهاء الدين محمد بن أحمد » .
  7 ـ المحصول في شرح وافية الاصول .
  له أيضا:
  قال العلامة الطهراني : « أوله ( بعد الحمد لله رب العالمين ، قوله ... فيقول العبد الفقير إلى الله المغني ، محسن بن الحسن ... ) .
  وهو ملخص شرحه الكبير السابق ـ الوافي ـ وسماه بالمحصول لذلك ، واضاف الطهراني : « وهو مرتب على مقدمة ذات مطالب وفنين أولهما مباحث الالفاظ ، والفن الثاني في مدارك الاحكام ، وهو خمسة أبواب :
  1 ـ الكتاب المجيد .
  2 ـ السنة الغراء.
  3 ـ إجماع الامة.
  4 ـ العقل الراجع إليهما.
  5 ـ الاجتهاد والتقليد ، وهو آخر الكتاب ، رأيته في خزانة الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء بالنجف ، وفي خزانة سيدنا الصدر نسخة ناقصة الآخر ، وفي كتب الشيخ عبدالحسين الطهراني ، ورأيت عند السيد محمد الحجة نزيل قم أوان كونه في النجف نسخة في مجلدين تمام الاصول إلى آخر الاجتهاد والتقليد ، وعند الشيخ هادي كاشف الغطاء نسخة خط المولى محمد سليم بن الحاج مهدي ، فرغ من الكتابة في الجمعة 21 / صفر / 1224 ه‍ في حياة المؤلف » .
  8 ـ الحاشية على الوافية .
  له أيضا :

الوافية في اصول الفقه ـ 41 ـ
  قال العلامة الطهراني : « وهي غير شرحيه للوافية ـ الموسوم أحدهما بالوافي والآخر بالمحصول ـ بل هذه تعليقات بخطه على نسخة الوافية التي كتب بخطه في آخرها ما صورته : بلغ قبالا وتصحيحا بحسب الجهد والطاقة في مجالس عديدة آخرها يوم الاحد سلخ جمادي الأولى سنة ثمان وثمانين بعد الماء‌ة والالف وكتب الاقل محسن الحسيني الاعرجي » .
  راجع كل ما نقلناه عن العلامة البحاثة الشيخ الطهراني ، في هذا المقام ، كتابه : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ( 6 / 230 ) و( 14 / 166 ـ 168 ) و( 20 / 151 ) و ( 25 / 14 ـ 15 ) .
  9 ـ وهناك تعليقات على الوافية في هامش نسخة الاصل ، وأخرى في هامش النسخة المطبوعة لا نعرف أصحابها .

الوافية في اصول الفقه ـ 42 ـ
  تحقيق الكتاب
  عندما أقدمت على تحقيق هذا الكتاب ، كنت أعلم أن التصدي لمثله عمل مجهد ، ولكن فاتني تقدير مبلغ الصعوبة ، وأخطأت في تحديد الوقت الذي يستغرقه ، وكانت نيتي في البدء مقتصرة على مقابلة النسخ المتوفرة منه وضبط نصه وإخراجه إلى المكتبة الاسلامية بحلة تواكب الثقافة المعاصرة .
  وعندما اشتغلت بذلك ، ألزمني الهدف مراجعة مصادر الأحاديث والنصوص والآراء المنقولة فيه ، فإن تقويم النص يتعذر بدونها .
  وهكذا اقحمت بمراجعة مجاميع الحديث ، وكتب الاصول واللغة ، بل كتب الفقه والتفسير وغيرها أحيانا .
  وبعد أن وقفت على شاطئ هذه الكتب ، رأيت إسباغ العمل ، فهامت بي الهمة إلى قطع اشواط اخرى في تحقيقه تمثلت في تخريج الآيات القرآنية والاحاديث ، والنصوص ، والآراء المنقولة عن علماء الاصول ، ونسبة الاقوال إلى قائليها ، فأبطأ ذلك بي عدة أعوام ، تخللتها فترات التنقيب عن بعض المصادر البعيدة المأخذ ، فبذلت في تحقيق هذا الكتاب من الجهد والوقت ما لم اكن اتوقعه .
  فكان عملي في الكتاب :
  1 ـ ضبط النص ، ومقابلة النسخ .
  ذكرت فيما سلف أن لهذا السفر القيم نسخا كثيرة ، ولكن قصرت يدي عن العثور على ما كان منها بخط المؤلف أو تلامذته ، أو ما قرئ عليه أو على أحد من تلامذته ، أو على أحد شراح هذا الكتاب ، نظر إلى أن مقر مثل هذه النسخ ومكمنها هو البقاع المقدسة من أرض الرافدين ـ التي تضم المئات من المكتبات الخاصة والعامة

الوافية في اصول الفقه ـ 43 ـ
  التي تتواجد فيها أمثال هذه النفائس ، كما ضمت تلك البقاع من قبل فطاحل العلم واساطين المعرفة ـ فأنى لنا الوصول إليها ؟! ورحم الله أبا العلاء ، إذ يقول :
ويا دارها بالخيف إن مزارها      قريب  ولكن دون ذلك أهوال

  ومع ذلك ، فقد حصلت من النسخ ما يمنحني الثقة والاطمئنان بإصابتي الهدف ، بتقديم النص الصحيح إلى القارئ العزيز .
  فقد اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على النسخ التالية :
  أولا : نسخة مكتبة ( آستان قدس رضوي ) المحفوظة فيها برقم ( 7409 )، وهي بخط بهاء الدين ، محمد بن ميرك موسى ، الحسيني التوني ، فرغ من كتابتها بتاريخ 27 / ذي القعدة / عام 1121 ه‍ ، تقع في ماء‌ة ورقة .
  وهي نسخة جيدة ، حسنة الخط ، قليلة الخطأ ، نادرة السقط ، أقدم النسخ المتوفرة ، وعليها حواش وتعليقات ، ذيل اكثرها بعبارة « منه قدس سره » ـ وقد اثبت هذه التعليقات في الهامش ـ بينما ذيل بعضها الآخر باشارات غير مفهمة ، أو باسم ( أحمد )، وتبدو الصفحة الأولى منها وكأنها بخط ناسخ آخر ، مما يبعث على الظن بانها مرممة ، وعليها تصويبات ، ولما لهذه النسخة من الخصائص ، اسميتها ب‍ ( الاصل ).
  ثانيا : نسخة مكتبة ( المدرسة الفضيضية ) بقم ، المحفوظة فيها برقم ( 1095 )، وهي بخط محمد باقر الحسيني ، ابن محمد صادق ، وفي تأريخها اضطراب ، للتهافت بين ما ارخ به الناسخ رقما وكتابة ، فيتردد تأريخها بين سنة 1134 ه‍ وسنة 1104 ه‍ ، والترجيح مع الاول، فلاحظ ما جاء في آخرها، وتقع في ( 95 ) ورقة ، وهي جيدة الخط ، إلا أنها كثيرة السقط والغلط ، ورمزت لها في الهامش بالحرف ( أ ).
  ثالثا : نسخة مكتبة ( المدرسة الفيضية ) بقم ، أيضا ، المحفوظة فيها برقم ( 1094 )، كتبها محمد علي بن زين العابدين الطباطبائي الخراساني ، فرغ منها في :

الوافية في اصول الفقه ـ 44 ـ
  5 / شوال / سنة 1256 ه‍ ، وتقع في ( 135 ) ورقة من القطع الصغير، وهي حسنة الخط ، غير خالية من الخطأ والسقط، وقد ترك موضع العناوين وارقام الابحاث والمسائل فارغا مما يدل على ان الناسخ أراد كتابتها فيما بعد بمداد من لون آخر ، إلا انه لم يوفق لذلك ، ورمزت لهذه في الهامش بالحرف ( ب ).
  رابعا : النسخة المطبوعة على الحجر في بومباي من بلاد الهند في سنة 1309 ه‍ في 189 صفحة ، وتتصف هذه الطبعة بكثرة الاخطاء والسقط ، واشير اليها في الهامش بالحرف ( ط ) ، على أني استعنت بنسخ أخرى أحيانا ولكني وجدتها لا تخرج عن أحدى هذه النسخ ، ففي عدة موارد من هذا الكتاب بقي في نفسي شيء من صحة النص واستقامته ، ولكن بعد مراجعتي نسخا أخرى عاد لي الاطمئنان والثقة بهذه النسخ المعتمدة ، فعلمت أن لا حاجة إلى اعتماد مزيد من النسخ، سيما وانها تفقد المواصفات المطلوبة، وبعد مراجعة هذه النسخ ومقابلتها ، قمت بما يلي :
  أ ـ نظرا لان النسخة الأولى تمتاز على بقية النسخ بالقدم ، وقلة الاخطاء والسقط ، فقد اتخذت منها أصلا أعتمد عليه في عملي ، ووضعت القراء‌آت المختلفة التي تضمنتها بقية النسخ في الهامش ، إلا اذا كان الموجود في الاصل أقل ملاء‌مة مع تقويم النص والقراء‌ة الاخرى أقرب إلى الصحة ، ففي هذه الحالة أدخل القراء‌ة الصحيحة في المتن مع الاشارة في الهامش إلى ما كان موجودا في الاصل.
  كما اني ملات موارد السقط من هذه النسخة ـ على قلتها ـ بما جاء في بقية النسخ أو بعضها مع الاشارة إلى ذلك في الهامش، فجاء‌ت بقية النسخ مرممة للنسخة الاولى.
  وأما ما حدث من سقط في بقية النسخ ـ وهو كثير ـ فلم اشر في الهامش إلا إلى ما ينبغي الاشارة إليه كي لا اثقل الهوامش بما لا ضرورة إليه متوخيا

الوافية في اصول الفقه ـ 45 ـ
  بذلك كله أن أقدم للقارئ نصا هو أقرب للصحة .
  ب ـ اعتمدت على المصادر الحديثية المعتمدة في إيراد الأحاديث المنقولة عنها ، وهي المعروفة عند الطائفة ك‍ : الكافي ، والفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار ، فاوردت الأحاديث كما وردت فيها ، لا كما جاء‌ت في نسخ الكتاب نظرا إلى أن هذه الكتب قد طبعت بتحقيق العلماء والفضلاء فهي أقرب إلى الصواب ، مع الاشارة إلى ما في النسخ من الاختلاف مع المصادر المذكورة إن وجد .
  ج‍ ـ أهملت ما اختلفت فيه النسخ تنكيرا وتعريفا ، وتذكيرا وتأنيثا ، وما احتوته من الاخطاء اللغوية والاعرابية والاملائية ، فأوردت النص مطابقا لما تقتضيه القواعد الأدبية .
  2 ـ تقطيع النص .
  قمت بتقطيع النص ووضع علامات الترقيم وفقا لما تمليه مواد البحث ، تسهيلا لتناول المطالب ، بحيث لا يجد القارئ أية مشقة في المطالعة فقد وضعت العناوين على حدة بحروف متميزة ، ووضعت في بداية السطر العبارات التي يبدأ بها مطلب جديد ، أو يبدأ بها الاستدلال ، وما أشبه ذلك ، ثم افرزت العبارات عن بعضها بعلامات الترقيم التي يقتضيها المورد ويستوجبها المعنى .
  3 ـ تخريج الآيات القرآنية واثبات رقمها واسم السورة التي وردت فيها في الهامش.
  4 ـ تخريج الأحاديث الشريفة من مصادرها ، والاشارة في الهامش إلى موضع وجودها في تلك المصادر .
  5 ـ تخريج النصوص والعبارات المنقولة عن الكتب الاصولية وغيرها ومقابلتها مع ما جاء في تلك الكتب ، وضبط موارد الاختلاف بينها ، مع الاشارة إلى محل تواجدها في تلك الكتب .
  وقد كلفنا هذا العمل بالخصوص الوقت الكثير ، حيث أن منها ما لا يزال مخطوطا لم ينل حظ الطبع ، فتتبعتها من مكتبة إلى أخرى فعثرت على اكثرها في

الوافية في اصول الفقه ـ 46 ـ
  المكتبات العامة في قم ومشهد كما ستأتي الاشارة إليه في الهوامش عند ايراد اسمائها.
  وبعضها الآخر نادر الوجود ، فجبت في طلبه البلدان ، واستعصى علي أحدها حتى اسعفني أحد رجال العلم فبعث إلي بنسخة مصورة منه من القاهرة ، فشكر الله سعيه .
  6 ـ تخريج الآراء والادلة المنسوبة إلى العلماء .
  فقد قمت بالبحث عن هذه الآراء والاستدلالات في كتب أصحابها ، وإلا ففي المصادر المعتمدة التي تضمنت حكاية هذه الاقوال عنهم مراعيا في ذلك أقدم المصادر زمنا ، وأقربها تاريخا إلى القائل .
  وقد لاحظت أحيانا اختلافا بين المنقول في هذا الكتاب وبين ما هو مثبت في كتبهم ، فبحثت عن سبب هذا الالتباس ، حتى عثرت على من أوقع المصنف في ذلك ، ودونت كل هذه الملاحظات في الهامش .
  7 ـ نسبة الاقوال والادلة إلى أصحابها .
  فانك تجد أن المصنف كثيرا ما يحكي أقوالا دون أن يسمي قائلها ، فعندئذ أشير في الهامش إلى القائل معتمدا على كتابه إن كان من المصنفين ، وإلا فعلى المصنفات التي نصت على نسبة ذلك القول إليه مرتبا لها عند ذكرها ترتيبا تأريخيا .
  8 ـ تتبعت مسائل هذا الكتاب في اغلب المصادر الاصولية المتقدمة عليه ، فاشرت في الهامش إلى موضع وجودها في تلك المصادر .
  وفي هذا تسهيل ومساعدة للمراجع إن شاء أن يتابع البحث في تلكم المسائل عند من تقدم على المصنف .
  كما أن هذا العمل يوضح للقارئ السير التاريخي للمسائل والنظريات الاصولية .
  فعندما يذكر المصنف دليلا على رأي من الآراء ، فاني اشير في الهامش إلى من وجدته ينص على ذلك الدليل ويستدل به ، مرتبا المصادر ترتيبا تأريخيا يتضح من خلاله أقدم المستدلين به ، ويعلم من أخذ بذلك الدليل من بعد فرضي به ، أو ناقشه ورده ، وقد شمل هذا العمل المصادر الاصولية لمختلف المذاهب ، وفي هذا تعريف

الوافية في اصول الفقه ـ 47 ـ
  وارشاد لكل اهل طائفة إلى مصنفات الطائفة الاخرى ، فالكل يشتركون في البحث في مسائل علم الاصول .
  9 ـ وضعت الفهارس العامة للكتاب تسهيلا لمهمة الباحثين والمراجعين .
  10 ـ اثبت في آخر الكتاب قائمة المصادر التي اعتمدتها في تحقيق الكتاب ومقدمته ، مع ذكر تفاصيل الطبعات ، وتعيين النسخ المخطوطة فيما يخص غير المطبوع منها .
  هذا ، واني قد بذلت الجهد الكبير ، والوقت الكثير ، في تحقيق هذا الكتاب رغبة في اخراجه على أحسن هيأة ، ولكن العصمة لاهلها ، لذا فإني استميح العذر من المصنف أولا ، ومن القارئ ثانيا ، إن اشتمل على بعض وجوه النقص ، وقد أجاد الدكتور عمر فروخ حيث قال ـ في مقدمة كتابه : تاريخ الفكر العربي ـ : « ولو أن مؤلفا أراد أن لا يخرج كتابه إلى الناس إلا بعد أن يخلو من كل نقص وخطأ وهفوة وهنة ، لما خرج إلى الناس كتاب قط » .
  وبعد فاني اسجل شكري لكل من أعانني على انجاز هذا التحقيق ، ولا سيما استاذي الجليل سماحة العلامة السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، الذي راجع الكتاب بعد تحقيقه ، وابدى عليه ملاحظات مفيدة ، واعانني على حل ما استغلق واشكل .
  واشكر لكل من : العلامة الجليل الاستاذ المحقق ، سماحة السيد عبدالعزيز الطباطبائي على ارشاداته وتوجيهاته .
  وأخينا سماحة العلامة السيد جواد الشهرستاني ، وسائر اعضاء مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، لتلطفهم علي في الحصول على النسخة الخطية الأولى ( نسخة استان قدس رضوي ) ، واتاحتهم لي فرصة الاستفادة من مكتبة المؤسسة الخاصة والتي ضمت كثيرا من المصادر والمراجع التي اعتمدتها، وحجة الاسلام والمسلمين الشيخ مجتبى العراقي ، وحجة الاسلام الشيخ

الوافية في اصول الفقه ـ 48 ـ
  محمد مهدي نجف ، على تفضلهم في الحصول على نسختي مكتبة المدرسة الفيضية .
  والحمد لله أولا وآخرا .
  السيد محمد حسين الرضوي الكشميري قم المقدسة ليلة عيد الأضحى من سنة ( 1411 ه‍ )