خصوص رحمها، فلاحظ .
وفي رواية الدعائم...: واشدّ الناس عذاباً يوم القيامة من أقرّ نطفته في رحم محرّم عليه .
وفي رواية الجعفريات والدعائم عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من ذنب أعظم عند الله تبارك وتعالى بعد الشرك من نطفة حرام وضعها في رحم لا تحل له .
وقريبة منها رواية العوالي.
لاحظ كلّ هذه الروايات في ص346 ج20 من جامع الاَحاديث .
أقول: الاَحاديث كلها ضعاف إسناداً لكن إذا لوحظت مع المرتكز عند المتشرّعة، واستنكارهم للعمل المذكور يكفي للحكم بالتحريم إنْ شاء الله تعالى .
وأما الثاني فبيانه موقوف على ذكر الاَقسام، فان إقرار مني الرجل إنْ لم يستلزم حملاً فلا بحث فيه ولا أثر له سوى الحرمة التكليفية والتعزير في الدنيا واستحقاق العقاب في الآخرة، وإن استلزم الحمل فالمرأة إمّا خلية وإمّا مزوّجة ، وعلى الثاني قد يشتبه الحمل بين كونه من ماء الزوج أو من ماء الاَجنبي وقد يعلم استناده الى أحدهما.
فإذا علم استناد الولد الى ماء الزوج أو شكّ فيه واشتبه الحال فالولد ولد الزوج بلا إشكال ولا ينسب الى الاَجنبي صاحب الماء، سواء نقل ماءه بطريق الزنا أو بطريق طبي في رحم المرأة، أما في فرض العلم فواضح ، وأمّا في صورة الشكّ فلقول رسول الله صلى الله عليه وآله : الولد للفراش وللعاهر الحجر
(1).
وأما إذا علم أنّ المولود من ماء الاَجنبي ـ سواء بطريق الزنا أو غيره، وسواء
|
(1) الكافي ج7 ص163، التهذيب ج9 ص346، جامع الاَحاديث ج24 ص480 .
|
الـفِـقـهُ والمَـسـائِـل الطِـبـيـَة 102
كانت المرأة خلية أو متزوجة ، فهو ولد صاحب الماء وولد المرأة ـ، سواء كانت زانية أم لا، سواء كانت متعمدة في انتقال الماء الى رحمها أو جاهلة أو مكرهة ـ ويترتب على الولد ووالديه جميع أحكام النسب سوى حكم واحد في فرض الزنا، فإنّ ولد الزنا عند مشهور فقهائنا لا يرث ولا يورث مطلقاً
(1)، ومع عدم صدق الزنا لا مانع من التوارث أيضاً، وهذا هو الاظهر عندي.
وبالجملة: ولد الزنا وولد الحرام ـ كما في فرض نقل المني بطريق طبي وكما في وطء الزوجة الحائض والنفساء والمحرمة بإحرام الحج والعمرة أو المعتكفة وفي شهر رمضان وفي المسجد ـ ولد لصاحب الماء وللحامل الوالدة لغةً وعرفاً وطباً، ولم يثبت من الشريعة اصطلاح خاص في الاُبوة والاُمومة والبنوة مغايراً للعرف واللغة، وانما الثابت منه عدم التوارث بين ولد الزنا والزاني والزانية .
ومما يدلّ على ذلك أنّه لا يظن بفقيه يبيح تزويج ولد الزنا بأبيه الزاني أو تزوجه بأُمّه الزانية، بل لا يظن بأحد يفتي بصحّة زواجه مع أولادهما وأقربائهما .
وما حكي عن الشافعي من عدم تحريم البنت على ابيها الزاني واضح المنع .
واعلم أنّ المستفاد من كلام جمع من فقهائنا بعد حرمة النكاح ولو عن نسب غير شرعي كالزنا بلا خلاف بينهم أنهم لا يرون هذا النسب ثابتاً، وأورد الشهيد الثاني رحمه الله في مسالكه
(2) بأنّ المعتبر إنْ كان هو صدق الولد لغةً لزم ثبوت باقي الاَحكام المترتبة على الولد كاباحة النظر وعتقه على القريب وتحريم حليلته وعدم القود من الوالد بقلته (وصلة الرحم وجواز الربا على قول والعقل) وغير ذلك، وإنْ كان المعتبر لحوقه به شرعاً فاللازم انتفاء الجميع فالتفصيل
|
(1) لاحظ كتاب الميراث في الكتب الفقهية.
(2) لاحظ ص206 وما بعدها ج64 الفقه.
|
الـفِـقـهُ والمَـسـائِـل الطِـبـيـَة 103
غير واضح .
وربما اُجيب عنه بأنّ حرمة النكاح خرجت للاِجماع وغيره بقي على أصلها، لكن الاجماع ممنوع، والحق ما عرفته، والاحتياط لا يخفى سبيله.
كلام حول حديث:
في صحيح الحلبي المروي في الكافي والتهذيبين
(1) عن الصادق عليه السلام : أيّما رجل وقع على وليدة قوم حراماً ثمّ اشتراها فادّعى (ثم ادعى ـ كا) ولدها فإنه لا يورث عنه شيء فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ولا يورث ولد الزنا إلاّ رجل يدّعى ابن وليدته ، وأيّما رجل أقرّ بولده ثمّ انتفى منه فليس ذلك له ولا كرامة ، يلحق به ولده إذا كان من امرأته أو وليدته ، وللحديث اسانيد ضعيفة اُخرى.
اقول: ربما يظن ان ظاهر هذا الحديث أنّ عدم الايراث مستند الى قوله صلى الله عليه وآله الدال على نفي الولدية والنسب ، فهذا هو دليل من قال ببطلان النسب غير الشرعي مطلقاً .
وفيه: أنّ الامام عليه السلام علل عدم ارث الولد في فرض الفراش والشكّ في نسبه الى الحديث النبوي الدالّ على إلحاق الولد بالفراش في فرض تحققه ، ولا يدلّ كلامه عليه السلام ولا الحديث النبوي على نفي نسب ولد الزنا عن الزاني في فرض عدم الفراش أو في فرض العلم بعدم كون الولد من نطفة الزوج أو المالك وحصول اليقين بكونه من ماء الزاني.
على أنّ هنا روايات معتبرة الاسانيد تدلّ على صحّة النسب المذكور في فرض عدم الفراش.
ففي صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبدالله عليه السلام قضى علي عليه السلام
|
(1) ص162 ج7 الكافي وص364 ج9 التهذيب وص185 ج4 الاستبصار ولاحظ ج24 ص480 جامع الاَحاديث ولاحظ ص743 الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية آراء أهل السنة في نسب ولد الزنا.
وكذا في ص170 وص171 الانجاب في ضوء الاسلام.
|
الـفِـقـهُ والمَـسـائِـل الطِـبـيـَة 104
في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد وذلك في الجاهلية قبل أنْ يظهر الاسلام، فأقرع بينهم، فجعل الولد لمن قرع وجعل عليه ثلثي الدية للآخرين (للاخيرين ـ صا)، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى بدت نواجذه
(1) قال: وما أعلم فيها شيئاً إلاّ ما قضى علي
(2).
وقريب منه صحيح أبي بصير عن الباقر عليه السلام وصحيح معاوية بن عمار وعن الصادق عليه السلام ، فإنّ هذا المعنى يستفاد منهما
(3)، وكذا صحيح الحلبي على المشهور
(4).
وفي صحيح محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام
(5): قال إذا وقع الحر والعبد والمشرك بامرأة في طهر واحد فادعوا الولد اقرع بينهم فكان الولد للذي يخرج سهمه
(6).
فهذه الروايات واضحة الدلالة في صحّة النسب من الزنا عند عدم الفراش، بل لو لم يكن اجماع امكن أنْ يقال بصحة التوارث أيضاً في هذا الفرض ـ وهو فرض عدم الفراش، بل يمكن ان نستدلّ عليها ـ أي صحّه التوارث بصحيحي حنان عن الصادق عليه السلام أيضاً
(7) بعد حملهما على فرض عدم الفراش وكون المرأة خلية ، فلاحظ وتأمل.
ولاحظ صحيح محمّد بن قيس، فإنّه يخالف بقية الروايات
(8).
|
(1) النواجذ: اقصى الاسنان وهي اربعة في اقصى الاسنان.
(2) ص116 ج 21 جامع الاحاديث.
(3) ص117 المصدر.
(4) ص121 المصدر.
(5) ص118 نفس المصدر.
(6) ص481 ج24 جامع الاحاديث.
(7) نفس المصدر.
(8) ص120 ج21 المصدر.
|
الـفِـقـهُ والمَـسـائِـل الطِـبـيـَة 105
ثم إنّ الحديث النبوي إنّما نفى الولد عن الزاني وألحقه بصاحب الفراش.
وأمّا الزانية فلم يتعرض الحديث لنفي الولد عنها، فهي اُمه وهذا شاهد آخر على ضعف قول من يبطل النسب غير الشرعي من فقهائنا وفقهاء العامة، نعم لا توارث بينها وبينه لما عرفت، فلا ملازمة بين النسب وعدم التوارث.
ثم إنّ نفي الولد عن الزاني وإلحاقه بصاحب الفراش إنّما هو في فرض الشكّ دون العلم بكونه مخلوقاً من ماء الزاني كما ذكرنا سابقاً، وربما يدلّ بعض كلمات أهل السنة على الالحاق حتّى في فرض العلم وأنّ سبيل نفيه عنه هو اللعان فقط ، لكنه ضعيف جداً، فإنّه مخالف بسيرة العقلاء والطبائع الانسانية وظلم على الزوج واحقاق باطل كما لا يخفى ويؤكده عدم نفي الولد عن الزانية للعلم بكون الولد من بييضتها ونفيه عن الزاني لا مطلقاً بل في صورة وجود الفراش وهو فرض الشكّ في كون الولد منه أو من صاحب الفراش.
فروع :
1 ـ لو مات أحد الزوجين وكان له ولد عن زنى فهل للآخر نصيبه الاَعلى أو الاَدنى؟ فإن قلنا ببطلان النسب فالنصيب الاَعلى، وان قلنا بصحته فالنصيب الاَدنى، إذْ لم يقيد الولد في لسان الاَدلّة بكونه يستحق الارث.
هذا هو مقتضى القاعدة، ولم أقف عاجلاً على بحث لاَحدٍ حول الموضوع.
2 ـ لو كان الزنا من الرجل فقط كما في فرض اغمائها أو نومها وإكراهها وقهرها وأمثال ذلك فلا يبعد جريان التوارث بين الولد وامه، فلاحظ وتأمل.
وإمّا إذا كان الولد عن شبهة فالنسب ثابت اجماعاً بقسميه عليه كما في الجواهر.
3 ـ تقدّم في المسألة المتقدّمة أنّ نفي التوارث يختص بالزنا دون نقل الماء الى الرحم ـ بطريق طبي غير الزنا ـ وان كان النقل محرّماً .