وارثها ، فتصحّ المسألتان من المسألة الاولى ، ويتمّ الفرض ، ولا يحتاج إلى عمل آخر ، وإن لم ينهض ، فقد أشار إليه بقوله :
وإن يـكن نـصيبه قد انكسر      ii
فـي  أهل إرثه فامعن iiالنّظر
إن كـان وفق بين سهم iiورثة      ii
ومـا  فـرضت ثانيا iiللورثة
فاضربه  بالاولى ففيما iiيرتفع      ii
يـصحّ والـمثال غير iiممتنع
بشرط ضرب ذلك iiالمضروب      ii
وفق الّذي فرضت لا النّصيب
  يعنى : إنّا لو صححنا فريضة الميّت الأوّل ، فرأينا نصيب الميّت الثّانى منه ينكسر على ورثته لاختلاف نصيبه منها ، وفريضة الّتي تنقسم على ورثته بلا كسر ، فلا بدّ من إمعان النّظر لمعرفة النّسبة بين نصيب الميّت الثّانى من الفريضة الاولى ، وبين فريضة المساوية لسهام ورثته.
  فإمّا أن يكون بينهما توافق ، أو تباين ، فإن كان بينهما توافق ، فاضرب وفق الفريضة الثّانية لا نصيب الميّت الثّانى في الفريضة الاولى فما بلغ صحّت منه الفريضتان ويقسم نصيب الميّت الثّانى من هذا الحاصل على ورثته بلا كسر ، مثل زوجة ماتت وخلّفت أخوين من أمّ ، ومثلهما من أب وزوج ، ثمّ مات الزّوج ، وخلّف ابنا وبنتين ، فالفريضة الاولى اثنى عشر مخرج النّصف والثّلث ، ثمّ مضروبه باثنين لانكسارها على فريق واحد ، وهو الأخوان للأب.
  فستّة للزّوج واثنان للأخوين من الامّ ، وأربعة للأخوين من الأب ، ونصيب الزّوج ستّة لا تنقسم على أربعة هى سهام ورثته ، وفريضتهم ، لكن توافقها بالنّصف فتضرب الوفق من الفريضة الثّانية ، أعنى : الأربعة ، وهو اثنان لا من النّصف ، أعنى : السّتة في الفريضة الاولى ، وهى الاثنا عشر تبلغ

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 414
  أربعة وعشرين ، ومنها تصحّ الفريضتان.
  فكلّ من كان له من الفريضة الاولى شي‌ء أخذه مضروبا في اثنين.
  ومثل أبوين ، وابن لميّت ، ثمّ يموت الابن ، ويخلف ابنين وبنتين ، فالفريضة الاولى ستّة ، لأنّها مخرج السّدس ، ونصيب الابن منها أربعة تنكسر على ورثته ، وإنّ فريضة ورثته ستّة ، وحينئذ توافق أربعة النّصيب بالنّصف ، فتضرب ثلاثة وفق الفريضة الثّانية الفريضة الاولى ، وهى ستّة تبلغ ثمانية عشر ، ومنها تصحّ الفريضتان ، فكلّ من كان له من الفريضة الاولى شي‌ء أخذه مضروبا في ثلاثة.
  وإن كان بينهما تباين فقد ذكره بقوله :
وإن  هـما تـباينا فالماضية      ii
تضرب فيها ما فرضت ثانية
  ضمير التّثنية يعود إلى نصيب الميّت ، والفريضة الثّانية ، أى : وإن كانت النّسبة بين نصيب الميّت الثّانى من الفريضة الاولى وبين الفريضة الثّانية الّتي لا تنقسم على ورثته ، فاضرب الفريضة الثّانية في الفريضة الاولى الماضية ، فما بلغ تصحّ منه الفريضتان مثل زوج ، وأخوين للأمّ وأخ لأب ، ثمّ مات الزّوج وخلّف ابنين وبنتا الفريضة الاولى من ستّة ثلاثة للزوج واثنين لكلالة الامّ ، وواحد للأخ ، فالثّلاثة نصيب الزّوج لا تقسم على ورثته ، لأنّ فريضتهم من خمسة ، وهما متباينان ، فاضرب الخمسة في الفريضة الاولى ، وهى السّتة تبلغ ثلاثين تصحّ منها الفريضتان خمسة عشر لورثة الميّت الثّانى ، فكلّ من كان له من الفريضة الاولى شي‌ء أخذه مضروبا في الثّانية ، ومثل أبوين وابن لميّت ، ثمّ مات الابن وخلّف ابنين وبنتان ، فإنّ فريضة ورثة الابن خمسة ، ونصيب مورّثهم أربعة ، وبينهما تباين ، فاضرب الخمسة في

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 415
  الفريضة الاولى ، وهى السّتّة تبلغ ثلاثين أيضا ، فتصحّ منه المسألتان ، فيأخذ ورثة الاولى نصيبهما مضروبا في الثّانية :
وإن يمت من أهل إرث الثّانى      ii
بعض  كفى ان صحّ عن iiبيان
واعمل كما عملته إن لم iiيصحّ      ii
وهـكذا  والأمـر فيه iiمتّضح
  لو كانت المناسخات أكثر من فريضتين بأن مات بعض ورثة الميّت الثّانى قبل القسمة ، أو بعض ورثة الأوّل نظرنا فإنّ القسم نصيب الميّت الثّالث على ورثته بغير كسر ، اكتفينا بذلك لصحّة المسألة ، ولم نحتجّ إلى بيان آخر ، وإلّا عملنا في فريضته مع الفريضتين ما عملنا في فريضة الثّانى مع الفريضة الاولى ، مثل أن يموت أحد ولدى الزّوج في المثال الأوّل من مثالى صورة التّباين ، فإنّ نصيب الولد المذكور من نصيب أبيه بعد الضّرب ستّة من خمسة عشر.
  فإن خلف الولد الّذي مات ابنين وبنتين ، أو ستّة أولاد ذكور مثلا انقسمت فريضته من نصيبه بغير كسر ، فلا نحتاج إلى عمل ، وإن خلف ابنا وبنتين كانت فريضة من أربعة ، وهى توافق نصيبه ، أعنى : ستّة بالنّصف ، فتضرب نصف فريضته وهو اثنان فيما اجتمع من الفريضتين ، وهو الثّلاثون ، تبلغ ستّين ، تصحّ منها الفرائض الثّلاثة ، فكلّ من كان له شي‌ء من الفريضة الثّانية أخذه مضروبا في اثنين.
  وإن خلف ابنين وبنتا كانت فريضته لورثته خمسة ، وباينت نصيبه من أبيه ، أعنى : السّتّة ، فتضرب فريضته ، وهى خمسة فيما اجتمع من الفريضتين ، وهو الثّلاثون ، تبلغ مأئة وخمسين ، تصحّ منها الفرائض الثّلاثة أيضا ، وكلّ من كان له شي‌ء من الفريضة الثّانية أخذه مضروبا في خمسة.
  وهكذا لو فرض موت رابع ، فإنّ العمل واحد.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 416
  وبالجملة : المناسخات تتحقّق بأن يموت شخص يموت أحد ورّاثه قبل قسمة تركته ، فإنّه يعتبر حينئذ قسمة الفريضتين من أصل واحد ، لو طلب ذلك فإن اتّحد الوارث ، والاستحقاق ، كإخوة ثلاثة ، وأخوات ثلاث لميّت ، فمات بعده أحد الإخوة ، ثمّ إحدى الأخوات.
  وهكذا بأن مات أحد إخوة آخر ، ثمّ ماتت إحدى أخوات اخرى ، حتّى بقى أخ واخت ، فمال الجميع بينهما أثلاثا إن تقرّبوا بالأب ، وبالسّويّة إن تقرّبوا بالامّ.
  وإن اختلف الوارث خاصّة دون الاستحقاق ، كما لو ترك الأوّل ابنين ، ثمّ مات أحدهما ، وترك ابنا ، فنصف التّركة للابن ، ونصفه لابن الابن ، فإنّ جهة الاستحقاق في الفريضتين واحدة ، وهى البنوّة الخاصّة للرّجل ، لكنّ الوارث مختلف ، لأنّ أحدهما ابن ، والآخر ابن ابن ، أو الاستحقاق خاصّة ، كما لو مات رجل ، وخلّف ثلاثة أولاد ، ثمّ مات أحد الأولاد ، ولم يترك غير أخويه ، فإنّ الوارث فيهما واحد ، لكن جهة الاستحقاق مختلفة ، أو اختلفا معا ، فقد يحتاج المسألة إلى عمل آخر غير ما احتاجت إليه الاولى ، وقد لا تحتاج ، وتفصيله أن تقول : لو مات بعض الورثة قبل قسمة التّركة الاولى صحّحنا الاولى ، فإن نهض نصيب الميّت الثّانى بالقسمة على ورثته من غير كسر صحّت المسألتان من المسألة الاولى ، كزوجة ماتت عن ابن وبنت بعد زوجها من غيره ، وخلّف معها ابنا وبنتا من غيرها.
  فالفريضة الاولى أربعة وعشرون ، ونصيب الزّوجة منها ثلاثة تصحّ على ولديها ، وهنا الوارث ، والاستحقاق مختلف.
  وكزوج مع أربعة إخوة لأب ، ثمّ يموت الزّوج عن ابن وبنتين أو أربعة بنين ، فتصحّ المسألتان من الاولى ، وهى ثمانية ، فإن لم ينهض نصيب

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 417
  الثّانى بفريضة فانظر النّسبة بين نصيب الميّت الثّانى وسهام ورثته.
  فإن كان بينهما وفق ، فاضرب الوفق بين نصيبه ، وسهام ورثته من الفريضة ، لا من النّصيب في المسألة الاولى ، فما بلغ صحّت منه مثل أبوين وابن ، ثمّ يموت الابن ويترك ابنين وبنتين ، فالفريضة الاولى ستّة ، ونصيب الابن منها أربعة ، وسهام ورثته ستّة توافق نصيبهم بالنّصف ، فتضرب ثلاثة وفق الفريضة الثّانية في ستّة تبلغ ثمانية عشر ، ومنها تصحّ الفريضة.
  وكأخوين من أب ، ومثلهما من أمّ وزوج ، مات الزّوج عن ابن وبنتين ، فالفريضة الاولى اثنى عشر مخرج النّصف والثّلث مضروبه في اثنين لانكسارهما على فريق واحد ، وهو الأخوان للأب ، وبين نصيب الزّوج منها ، وهو نصفها لا تنقسم على ورثته ، وفريضتهم ، وهى أربعة توافقت بالنّصف ، فتضرب وفق الفريضة الثّانية ، وهو اثنان في الفريضة الاولى ، أعنى : اثنى عشر تبلغ أربعة وعشرين.
  ومنها الفريضتان ، إذ للزّوج من الفريضة الاولى ستّة مأخوذة مضروبة في اثنين ، فيجعل له اثنى عشر ، وينقسم على ورثته للابن ستّة ، وللبنتين كذلك لكلّ واحدة ثلاثة ، وللأخوين من الامّ ثمانية ، وللأخوين من الأب أربعة.
  وكما لو خلّف الأوّل أبوين وابنا ، ثمّ مات الابن عن ابنين ، وبنتين ، فالفريضة الاولى ستّة للابن منها أربعة ، وفريضته ستّة توافق نصيبه بالنّصف ، فتضرب نصف فريضته في الفريضة الاولى ، تبلغ ثمانية عشر له منها اثنى عشر تنقسم على ورثته ، وللأبوين ستّة.
  ولو لم يكن بين نصيب الثّانى وسهامه وفق ضربت المسألة الثّانية في الاولى ، فما ارتفع صحّت منه المسألتان ، كما لو كان ورثة الابن في المثال الأوّل ابنين وبنتا ، فإنّ سهامهم حينئذ خمسة تباين نصيب مورثهم ، فتضرب

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 418
  خمسة في ستّة تبلغ ثلاثين.
  وكذا لو كان ورثة الزّوج في المسألة الثّانية ابنين وبنتا ، فتضرب خمسة في اثنى عشر ، ولو كانت المناسخات أكثر من فريضتين ، بأن مات بعض ورثته الميّت الثّانى قبل القسمة ، أو بعض ورثة الأوّل ، فإن انقسم نصيب الثّالث على ورثته بصحّة فبها ، وإلّا عملت فيه ، كما عملت في المرتبة الاولى.
  وهكذا لو فرض كثرة التّناسخ ، فإنّ العمل واحد ، ولنورد مثالين :
  الأوّل :
  متوفّ خلّف جدّا واختا لأب ، وثلاثة إخوة لأمّ ، فمات الجدّ قبل القسمة ، وخلّف بنت ابن هى البنت المذكورة ، وابن بنت وزوجة ، ففريضة الأوّل تسعة للجدّ ، منها : أربعة ، وفريضة الثّانى : أربعة وعشرون ، وتوافق نصيبه بالرّبع ، فتضرب السّتّة في تسعة ، تبلغ أربعة وخمسين ثمانية عشر.
  منها : للإخوة الثّلاثة ، واثنى عشر للأخت ، وأربعة وعشرون للجدّ ، ثلاثة منها للزّوجة ، وسبعة لابن البنت ، وأربعة عشر لبنت الابن ، فنصيبها من التّركتين ستّة وعشرون.
  الثّانى :
  متوفّ خلّف زوجا ، وأخوين لأمّ ، وأخا لأب ، مات الزّوج عن ابنتين ، وبنتين ، فالأوّل : ستّة نصيب الزّوج ، منها : ثلاثة لا تنقسم على خمسة ، فاضرب الخمسة في الفريضة الاولى ، تبلغ ثلاثين للزّوج ، منها : خمسة عشر ، نصيب أحد الابنين ، منها : ستّة ، ولو خلّف ابنا وبنتين وافقت فريضة نصيبه بالنّصف ، فتضرب نصف فريضة ، تبلغ ستّين ، ومن كان له شي‌ء من الفريضة الثّانية أخذه مضروبا في اثنين.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 419
خاتمة
في الوصايا :

  وهى مقدّمة على الإرث ، كما تقدّم لقوله سبحانه وتعالى : ( من بعد وصيّة يوصى بها أو دين ) (1) إن كان الموصى به بقدر الثّلث ، أو زائدا مع إجازة الوارث ، فإن كان له شيئا معيّنا عزل له ، وقسم الباقى على الورثة ، وإن كان مثل نصيب معين منهم ، فله مثل نصيبه مزادا على الفريضة ، وإلّا فإن تساووا فله مثل نصيب أحدهم مزادا على الفريضة ، ويجعل كواحد منهم زاد فيهم ، وإن تفاضلوا ، فله مثل نصيب أقلّهم ميراثا زاد على فريضتهم.
  فلو كان له ابنان وأوصى له بمثل نصيب أحدهما فله الثّلث ، ولو كانوا ثلاثة فله الرّبع ، ولو كان مع الابن زوجة ، فله التّسع ، ولو كان مع البنت زوجة ، والوصيّة بمثل نصيب البنت ، فله سبعة من خمسة عشر مع إجازتهما ، وأربعة من اثنى عشر مع ردّهما ، ولو أوصى بمثل نصيب ابن و

(1) سورة النّساء ، الآية 13.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 420
  له ابن وبنت ، فالفريضة من خمسة إن أجازا ، ومن تسعة إن ردّ ، أولو أجاز بعضهم ، وردّ الآخر ضربت وفق إحدى المسألتين في الاخرى إن توافقتا ، كما في الفرض الأوّل ، تبلغ ستّين ، فمن أجاز أخذ نصيبه من مسئلة الإجازة مضروبا في وفق مسئلة الإجازة ، والباقى للموصى له ، وإحدى المسألتين في اخرى إن تباينتا في الفرض الثّانى تبلغ خمسة وأربعين ، فمن أجاز فله مضروب نصيبه من مسئلة الإجازة في مسئلة الرّدّ ، ومن ردّ فله مضروب نصيبه من مسئلة الرّدّ في مسئلة الإجازة.
  فلو كان المجيز في الصّورة الثّانية الابن ، فله مضروب اثنين في تسعة ثمانية عشر ، وللبنت مضروب اثنين في خمسة عشر ، وللموصى له الباقى سبعة عشر.
  ولو كان المجيز البنت ، فله مضروب واحد في تسعة ، وللابن مضروب أربعة في خمسة وعشرين ، ويبقى للموصى له ستّة عشر ، وهذا ضابط كلّىّ في كلّ ما يردّ إجازة البعض ، وردّ الآخرين ، وإن كان جزء معلوما ، فإن انقسم الباقى على الورثة ، كما لو اوصى بثلث تركته ، وله ابنان ، فله ثلثه ، ونحو ذلك فالمسألتان من مسئلة الوصيّة ، وإلّا فاضرب إحدى المسألتين في الاخرى إن ينافى الباقى من مسئلة الوصيّة مسئلة الورثة ، كما لو اوصى بثلث تركته ، وله ابن وبنت ، فإنّ الباقى بعد الثّلث اثنان ، ولا ينقسم على مسئلة الورثة ، فإنّها ثلاثة ، وهما متباينان ، فتضرب إحدى المسألتين في الاخرى تبلغ تسعة ، ومنها تصحّ ، وإلّا ضربت جزء وفق فريضة الورثة في فريضة الوصيّة ، فما ارتفع فهو الفريضة.
  كما لو اوصى السّبع ، وله ابن وبنتان ، فإنّ فريضة الوصيّة سبعة ، والباقى ، وهو : ستّة لا ينقسم على فريضة الورثة ، وهى أربعة ، وبينهما توافق بالنّصف ، فتضرب نصفه فريضة الورثة في فريضة الوصيّة ، تبلغ أربعة عشر للموصى له اثنان ، وللابن ستّة ، ولكلّ بنت ثلاثة.