لا ينافى أقربيّة العمّ الّذي قد قضت الضّرورة أنّه في مرتبة الخال الّذي لا يرث معه ولده الّذي يقوم مقام أبيه عند فقده وفقد المساوى له نصّا وإجماعا ، كابنة الخالة الّتي تقوم مقام امّها عند فقدها وفقد المساوى لها.
والمعلوم من النّصوص والفتاوى انّ عمّة الامّ غير مساوية للخالة.
فتدبّر فيما يعلم من أمثاله وجه الفرق بين ما نحن فيه وبين الإخوة والأجداد الّذين قد ثبت إرث كلّ منهما بخصوصه من السّنّة والإجماع الّذي لا ريب بتواتر منقوله ، كالنّصوص ، فيشارك البعيد من كلّ صنف القريب من الآخر ، وإن منع الأقرب من كلّ صنف الأبعد للنّصوص والإجماع بالخصوص وعموم آية : ( اولوا الأرحام ) الّتي هى الأصل في توريث العمومة والخئولة ، فلذا قد منع الأقرب من كلّ منهما الأبعد مضافا إلى الإجماع والنّصوص المصرّحة بذلك.
كقول الصّادق عليهالسلام في ابن عمّ وخالة ، المال للخالة ، وفي ابن عمّ وخال المال للخال ، إلى غير ذلك.
وبالجملة : حكاية الإجماع في تقدّم ابن العمّ على العمّ إذا اجتمعا متواترة أو متظافرة.
وبذلك ينجبر ما في المقام من الرّوايات الضّعيفة ، ولا إشكال في المسألة ما دامت الصّورة على حالها.
أمّا إذا تغيّرت بدخول زوج أو زوجة معهما ، أو بتعدّد أحد الجانبين ، أو كليهما ، فقيل بتغيّر الحكم ، ولا يكون ابن العمّ حاجبا للعمّ حينئذ ، بل يكون محجوبا به اقتصارا فيما خالف الأصل بالقاعدة المقررة من تقديم الأقرب على خصوص الصّورة المنصوصة المجمع عليها.
وقيل : لا يتغيّر ضرورة تحقّق الصّدق مع وجود أحد الزّوجين والولويّة
إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 277
المتعدّد من ابن العمّ من المتّحد لضرورة مانعيّته للعميّة من السّببيّة للإرث ، فلا فرق بين العمّ المتّحد والمتعدّد ، وهو الأقرب.
وإليه ذهب صاحب الجواهر ونقل الجزم به عن الدّروس.
نعم لو حصل التّغير بالذّكورية والانوثية كان يكون بدل ابن العمّ بنت عمّ ، أو بدل العمّ عمّة ، فالظّاهر تغيّر الحكم ولزوم الرّجوع إلى القاعدة.
ولو انضم إليهما خال ففيه أقوال اقربها شركة ابن العمّ للخال كما مرّ ، وحرمان العمّ لوجود المقتضى لحرمانه ، وهو ابن العمّ وانتفاء المانع عنه ، وانتفاء المقتضى لحرمان الخال أو ابن العمّ فإنّ العمّ لا يحجب الخال فابن العمّ أولى.
وممّا ذكرنا يظهر الخال في سائر الفروض المتصورة في المقام ، ولا نطيل بتفصيلها الكلام ، ولنرجع إلى ما كنّا بصدده من بيان حكم الأولاد.
فنقول : أنّ أولاد الأعمام والعمّات والأخوال والخالات من كلّ طبقة يقومون مقام آبائهم وامّهاتهم عند عدمهم.
والظّاهر المصرّح به عدم الخلاف في ذلك ويدلّ عليه الكلّية القاطعة بتنزيل كلّ ذي رحم منزل الرّحم ، كما ينطق به صريح جملة من الاخبار.
وذهب إليه العلماء الأخيار ، وعليه فيأخذ ولد كلّ شخص واحدا كان أو متعدّدا ، نصيب ذلك الشّخص.
قال في الرّياض : فيأخذ ولد العمّ أو العمّة ، وإن كان انثى الثّلاثين ، وولد الخال أو الخالة ، وإن كان ذكرا الثّلث ، وابن العمّة مع بنت العمّ الثّلث كذلك ، ويتساوى ابن الخال وابن الخالة بنتهما ، ويأخذ أولاد العمّ والعمّة للأمّ السّدس ، إن كان واحدا ، والثّلث إن كان أكثر ، والباقى لأولاد العمّ للأبوين ، أو للأب مع عدمهم.
وكذا القول في أولاد الخئولة المتفرّقين ، ولو اجتمعوا جميعا فلأولاد الخال
إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 278
الواحد أو الخالة كذلك ، للأمّ سدس الثّلث ، ولأولاد الخالين أو الخالتين فصاعدا ، أو هما كذلك ثلث الثّلث وباقية المتقرّب منهم بالأب.
وكذا القول في أولاد العمومة المتفرّقين بالاضافة إلى الثّلاثين ، وهكذا.
ويقسم أولاد العمومة من الأبوين أو الأب عند عدمهم بالتّفاوت ، للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، إذا كانوا إخوة مختلفين في الذّكورية والانوثيّة.
ويقتسم أولاد العمومة من الامّ بالتّساوى.
وكذا أولاد الخئولة مطلقا لأب كانوا أو لأمّ أولهما ، انتهى كلامه رحمهالله.
وقد اخذه من الرّوضة بتغيير غير مغيّر للمعنى ، بل موجب لزيادة الإيضاح.
وحاصل المقام انّك تفرض من يتقرّب به الأولاد من آبائهم وامّهاتهم من الأعمام والأخوال موجودين ، وتسقط منهم من كان ممنوعا من الإرث ، كالعمّ للأب مثلا مع وجود العمّ للأبوين ، وتعيّن سهام الباقين على ما مرّ في الجدول السّابق.
ثمّ يقسم سهم كلّ على أولاده بالسّويّة إن كانوا متقرّبين بالخال والخالة مطلقا أو بالعمّ أو العمّة للأمّ.
وإن كانوا متقرّبين بالعمّ أو العمّة للأبوين أو الأب ، فللذّكر ضعف الانثى.
فلو كان أولاد العمومة والخئولة عشرين ، مثلا : عشرة للأعمام ابن وبنت لعمّ للأبوين ، ومثلهما لعمّة كذلك.
وابنان وبنتان لعمّ للأمّ ، واثنان لعمّ للأب.
وعشرة للأخوان ابن وبنت لخال للأبوين ، ومثلهما لخالة كذلك ، وآخران لخال للأمّ ، وآخران لخالة كذلك ، واثنان لخال للأب.
فإن فرضت بدل الأولاد آبائهم وامّهاتهم كان الوارث عمّا وعمّة
إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 279
للأبوين ، وعمّا للأمّ ، وعمّا للأب ، وخالا وخالة للأبوين ، وخالا وخالة للأمّ ، وخالا للأب ، وبعد إسقاط المتقرّب بالأب وحده من الطّرفين يرجع المفروض إلى الصّورة الأخيرة من الجدول السّابق وتكون المسألة من ثلاثمائة وأربعة وعشرين.
لأنّ أصل الفريضة ثلاثة ، واحد للأخوال الوارثين ينكسر على سهامهم ، وهى ستّة ، إذ لا بدّ من تقسيم نصيبهم أوّلا أثلاثا ثمّ تنصيف كلّ من الثّلث والثّلاثين ، فيحتاج إلى مخرج نصف الثّلث وهو ستّة ، واثنان للأعمام الوارثين ينكسر على سهامهم أيضا وهى ثمانية عشر ، للحاجة إلى السّدس نصيبهم أوّلا ثمّ يثلث خمسة أسداسه الّتي هى نصيب العمّين للأبوين ، ومخرج ثلث السّدس ثمانية عشر ، ولدخول السّتّة فيها يكتفى بها ونضربها في الثّلاثة أصل الفريضة يحصل أربعة وخمسون.
وبوجه آخر يحتاج في طرف الأخوال إلى نصف ثلث الثّلث وفي طرف الأعمام إلى ثلث خمسة أسداس ، ومخرج الأوّل ثمانية عشر ، ومخرج الثّانى أربعة وخمسون.
ولدخول الأوّل فيه يكتفى به ، فارتفع فريضة الأعمام والأخوال المذكورين إلى أربعة وخمسين ثلثها ثمانية عشر للأخوال الأربعة ثلثا هذا الثّلث ، اثنى عشر للخال والخالة للأبوين ، لكلّ ستّة ، وثلثه ستّة للخال والخالة للأمّ ، لكلّ ثلاثة وثلثاه ، أى : ثلثا الأربعة والخمسين ستّة وثلاثون ، للأعمام الثّلاثة سدسها ، ستّة للعمّ للأمّ ، والباقى للعمين من الأبوين ، ثلثاه عشرون للعمّ وثلاثة عشرة للعمّة.
ثمّ إذا تعيّن سهام المذكورين فينقسم سهم كلّ منهم على أولاده.
فالسّتّة الّتي للخال لولديه بالسّويّة ، والسّتّة للخالة لولديها أيضا كذلك ، و
إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 280
الثّلاثة الّتي للخال الآخر لولديه أيضا كذلك ، وينكسر على عددهم وهو اثنان ، وكذلك الثّلاثة الّتي للخالة الاخرى.
وسهم كلّ من العمّين للأبوين لولديه أثلاثا ، وهو أيضا ينكسر على سهامهم ، وهى وإن شئت فقل على عددهم ، إذ كلّ ذكر عند اجتماعه مع الانثى يحسب باثنتين.
والسّتة الّتي للعمّ للأمّ لأولاده الأربعة بالسّويّة ، وينكسر على عددهم أيضا.
ولكن بين النّصيب والعدد هنا توافق بالنّصف ، فتبدّل العدد بنصفه ، وهو اثنان وبين النّصيب والعدد في المنكسرات السّابقة (1) تباين ، فيبقى العدد ، أى : عدد كلّ من ولدى الخال وهو اثنان ، وولدى الخالة ، وأيضا اثنان.
وولدى العمّ المحسوبين ثلاثة ، وكذا ولدى العمّة على خاله ، أى : لا نبدّله بغيره ، كما بدّلنا الأربعة عدد أولاد العمّة بالاثنتين ، فنكتفى في كلّ من المتماثلين بواحد ، ونسقط الباقى ، فيبقى اثنان وثلاثة ولتباينهما نضرب أحدهما في الآخر يحصل ستّة ، ثمّ نضرب الحاصل في أصل فريضة الآباء والامّهات ، أى : في الأربعة وخمسين يحصل ثلاثمائة وأربعة وعشرون ، كما هو المقرّر في محلّه في تحصيل الفريضة الّتي تصحّ منها السّهام.
وإن شئت فقل : إنّ ثلث الفريضة الّتي هو لأولاد الأخوال لا بدّ أن
|
(1) المنكسرات السّابقة أربعة الثّلاثة الّتي للخال ، والثّلاثة الّتي للخالة ، والعشرون الّذي للعمّ ، والعشرة الّتي للعمّة ، والمنكسر عليه في الأوّل ، اثنان هما عددا ولدى الخال وعددا ولدى الخالة ، وفي الأخيرين ثلاثة ، وهى سهام ولدى العمّ المحسوبين بثلاثة ، وسهام ولدى العمّة كذلك ، وبين الثّلاثة والاثنين في الأوّلين تباين ، وكذا بين العشرين والثّلاثة ، وبين العشرة والثّلاثة في الأخيرين ـ منه
|
إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 281