السّدس كبنتين وأحد الأبوين ، وكأختين لأب مع وأحد من كلالة الامّ.
  ويجتمع السّدس مع السّدس ، كأبوين مع الولد.
  فهذه جملة الصّور الّتي يمكن اجتماعها بالفرض ثنائيّا وهى ثلاثة عشر.
  وأمّا صور الاجتماع لا بحسب الفرض ، بل بالقرابة اتّفاقا ، فلا حصر له لاختلافه بإختلاف الوارث كثرة وقلّة ، ويمكن معه فرض ما امتنع لغير العول.
  فيجتمع الرّبع مع مثله في بنتين ، وابن ، ومع الثّمن في زوجة وبنت وثلاث بنين ، والثّلث مع السّدس في زوج وأبوين.
  وعلى هذا : إذا خلّف الميّت ذا فرض أخذ فرضه ، فإن تعدّد في طبقة أخذ كلّ فرضه ، فإن فضل من التّركة شي‌ء عن فروضهم ردّ عليهم ، على نسبة الفروض مع تساويهم في الوصلة ، عدا الزّوج والزّوجة ، والمحجوب عن الزّيادة.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 128
العول

  ولا ميراث عندنا للعول على تقدير نقصان الفريضة ، أى : المال عن السّهام بدخول أحد الزّوجين ، أو زيادة عن المال.
  فذهب جمهور العامّة إلى القول بالعول ، بأن تجمع السّهام كلّها ، ويلحق الزّيادة بها ، وتقسم الفريضة عليها ، ليدخل النّقص على كلّ واحد بحسب فرضه ، كالدّيون إذا ضاق المال عن مقابلتها.
  قال شيخنا الشّيخ محمّد على المشتهر بالأعسم النّجفى رحمه‌الله :
والـعول في قسمة إرث iiالميّت      ii
يـبطل  بـاتّفاق أهـل iiالبيت
لـم  يفترض سبحانه في iiالمال      ii
مـا لـم يـسعه ذا من iiالمحال
لـكن يـكون الـنّقص iiللبنتين      ii
والـبنت أو لـلأخت والاختين
وكـلّ ذي فـرضين كلّما يصدّ      ii
عـن واحد فهو إلى الثّانى iiيردّ
لا يدخل النّقص عليه الحصص      ii
أو زادت الـسّهام والمال iiنقص
نـصّ  عـلى ذاك أئمّة iiالهدى      ii
وضلّ  عنه غيرهم وما iiاهتدى
   وكذا للعصبة على تقدير زيادة الفريضة عن السّهام ، إلّا مع عدم القريب منهم ، لعموم آية : ( اولوا الأرحام ) ، والسّنّة ، والإجماع الّذي

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 129
  لا ريب بتواتر منقولة ، كالنّصوص ، لضرورة المذهب.
  ولا خلاف إلّا من العامّة ، فإنّهم ذهبوا إليهما ، وبنوا قواعد مذهبهم عليهما.
  أمّا الأوّل : لغة ، بمعنى الجور ، والميل ، والغلبة ، يقال : في عال الحكم ، أى : جار ، ومال ، وعال الشّي‌ء ، أى غلبه ، وعال الميزان : نقص ، وجار ، أو زاد ، أو ارتفع أحد طرفيه عن الآخر ، أو مال.
  وهذا عن اللّحيانى قال : إنّا تبعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واطّرحوا قول الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعالوا في الموازين.
  ومنه قول عثمان : كتب إلى أهل الكوفة : لست بميزان لا أعول ، يعنى : لا أميل عن الاستواء والاعتدال.
  وبه فسّر أكثرهم قوله تعالى : ( ذلك أدنى أن لا تعولوا ) (1).
  ومنهم مجاهد قال : أى : ذلك أقرب أن لا تميلوا ، ولا تجور.
  وقال الفرّاء : ومنه قراءة ابن مسعود ، ولا يعل أن يأتينى بهم جميعا ، معناه لا يشقّ عليه ذلك ، ويقال : لا يعلنى ، أى : لا يغلبنى.
  وقالت الخنانى :
وتكفنى العشيرة ما عالها      ii
وإن كان أصغرهم iiمولدا
  وعالت الفريضة في الحساب ، تعول عولا زادت.
  وقال اللّحيانى : ارتفعت.
  زاد الجوهرى : وهو أن تزيد سهاما ، فيدخل النّقصان على الفرائض.
  قال أبو عبيدة : أظنّه مأخوذا من الميل ، وذلك أنّ الفريضة إذا عالت ،

(1) سورة النّساء ، الآية 4.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 130
  فهي تميل على أهل الفريضة جميعا ، فتنقصهم.
  وروى الأزهرى عن المفضل أنّه أتى في ابنتين وأبوين وامرأة ، فقال : صار ثمنها تسعا.
  قال أبو عبيدة : أراد أنّ السّهام عالت حتّى صار للمرأة التّسع ، ولها في الأصل الثّمن ، وذلك أنّ الفريضة لو لم تعل كانت من أربعة وعشرين فلمّا عالت صارت من سبعة وعشرين سهما ، فلابنتين الثّلثان ستّة عشر سهما ، وللأبوين السّدسان ثمانية أسهم ، وللمرأة ثلاثة ، وهذه ثلاثة من سبعة وعشرين وهو التّسع ، وكان لها قبل العول ، ثلاثة من أربعة وعشرين ، وهو الثّمن ، انتهى ما في تاج العروس.
  ومن ذلك ما قيل للحميراء :
تـجمّلت  تبغّلت ولو عشت iiتفيّلت      ii
لك التّسع من الثّمن فبالكلّ تصرّفت
  فالجمهور على ما في الرّوضة جعلوا النّقص موزّعا على جميع الورثة بإلحاق السّهم الزّائد للفريضة ، وقسمتها على الجميع ، سمّى هذا القسم عولا.
  أمّا من الميل ، ومنه قوله تعالى : ( ذلك أدنى ألّا تعولوا ) (1).
  وسمّيت الفريضة : عائلة ، على بمعنى الضّرر أهلها لميلها بالجور عليهم بنقصان سهامهم ، أو من عال الرّجل إذا كثر عياله ، لكثرة السّهام فيها ، أو من عال إذا غلب لغلبة أهل السّهام بالنّقص ، أو من عالت النّاقة ذنبها إذا رفعته لارتفاع الفرائض أهلها بزيادة السّهام.
  وعلى ما ذكرناه إجماع أهل البيت سلام الله عليهم وأخبارهم به متظافرة.

(1) سورة النّساء ، الآية 4.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 131
  بل على تقدير الزّيادة يدخل النّقص عندنا على الأب ، والبنت ، والبنات ، والأخوات للأب والامّ ، أو للأب.
  فلو خلفت زوجا وأبوين ، كان للزّوج النّصف ثلاثة من ستّة ، ولأمّها الثّلث اثنان منها ، والباقى ، وهو الواحد للأب الّذي قد دخل النّقص عليه بناء على ما قيل من كون المناسب له اثنان ، كالأمّ.
  ولو خلفت زوجا ، وأبوين وبنتا ، فللزّوج الرّبع كملا ، وللأبوين السّدسان كذلك ، والباقى للبنت ، وكذا لو كان بنتين فصاعدا مع الأبوين ، أو أحدهما ، والزّوج الّذي لم ينقص من ربعه ، ولا من سدس كلّ من الأبوين ، وكزوجة وأبوين وبنتين اللّتين يكون الباقى لهما بعد ثمن الزّوجة ، وسدسى الأبوين.
  وكزوج مع أخوين من الامّ ، واختين لأب ، أو اخت منه ، فإنّ للزّوج نصفه ، وللأخوين عن الامّ ثلثهما ، والباقى لمن بقى.
  وكزوجة مع اخت لأب ، أو اختين له فصاعدا مع أخوين من قبل الامّ ، فإنّ للزّوجة ربعها ، وللأخوين من الامّ ثلثهما ، والباقى لمن بقى ، كما يعلم ذلك من الإجماع الّذي لا ريب بتواتر منقولة.
  كالنّصوص الّتي منها قول أبى جعفر عليه‌السلام في الصّحيح في زوج ، وأبوين وابنة ، للزّوج الرّبع ثلاثة [ أسهم ] من اثنى عشر [ سهما ] ، وللأبوين السّدسان أربعة [ أسهم ] من اثنى عشر [ سهما ] ، وبقى خمسة أسهم ، فهي للابنة ، لأنّها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير ما بقى خمسة من اثنى عشر سهما. (1)

(1) الكافى ( ص : 96 ، ج : 7 ) ، الوسائل ( ص : 131 ، ج : 26 ) ، التّهذيب ( ص : 288 ، ج : 9 ) ، الفقيه ( ص : 193 ، ج : 4 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 131
  وفي الآخر الّذي قال فيه زرارة : هذا ما ليس فيه خلاف عند أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام وعن أبى جعفر عليه‌السلام إنّهما سئلا عن امرأة تركت زوجها وامّها وابنتيها ، قال عليه‌السلام : للزّوج الرّبع ، وللأمّ السّدس ، وللابنتين ما بقى ، لأنّهما لو كانا ابنين لم يكن لهما شي‌ء إلّا ما بقى ، ولا تزاد المرأة [ أبدا ] على نصيب الرّجل لو كان مكانها. (1)
  الحديث الّذي يوجد قريبا منه في غير واحد من النّصوص.
  وفي الخبر الّذي قد حكم بصحّته ، وموافقته للكتاب ، الفضل بن شاذان عن علىّ عليه‌السلام : لا يزاد الزّوج على النّصف ، ولا ينقص من الرّبع ، ولا تزاد المرأة على الرّبع ، ولا تنقص من الثّمن ، وإن كنّ أربعا ، أو دون ذلك فهنّ فيه سواء ، ولا يزاد الإخوة من الامّ على الثّلث ، ولا ينقصون من السّدس ، وهم فيه سواء الذّكر والانثى ، ولا يحجبهم عن الثّلث إلّا الولد والوالد. (2)
  وفي المستفيضة : انّ الّذي أحصى رمل عالج ليعلم إنّ السّهام لا تعول على ستّة ، ولو يبصرون وجهها لم يجز ستّة. (3)
  وفي كلام زرارة الإجماع على رواية ذلك عن الصّادقين سلام الله عليهما حيث قال بعد أن قال له على بن سعيد أنّ بكير بن أعين حدّثه عن أبى جعفر عليه‌السلام : السّهام لا تعول هذا ما ليس فيه اختلاف بين أصحابنا عن أبى جعفر عليه‌السلام وأبى عبد الله عليه‌السلام.
  بل وعليه إجماع المسلمين من لدن مبدئه إلى زمان الثّانى الّذي قد

(1) الكافى ( ص : 97 ، ج : 7 ) ، الوسائل ( ص : 132 ، ج : 26 ) ، التّهذيب ( ص : 288 ، ج : 9 ).
(2) الفقيه ( ص : 258 ، ج : 4 ).
(3) الفقيه ( ص : 254 ، ج : 4 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 132
  صدر في عصره موت رجل ترك ابنته وأبويه وزوجته ، فعال الفريضة لجهله ، وأنكر عليه علىّ عليه‌السلام وسائر الصّحابة ، عدا ابن مسعود الّذي لا نصيب له في الفقه الّذي قد اعترف العجلى أنّ كلّ أحد أفقه منه فيه حتّى المخدّرات.
  وسأله بعض السّواد عن أخ له من أبيه وامّه قد مات ، وله أخ آخر من امّه ، فقال : الإرث لمن قد كان أخا له من امّه ، فأنكر عليه ذلك ، وقال له : هب ؛ إنّ أبانا كان حمارا ، فسمّيت المسألة بالحماريّة ، كما لا زال السّواد ينكرون عليه في أمثال ذلك فضلا عن الصّحابة الّذين قد تكون دعوى الإجماع.
  منهم : صريحة من مثل عبيدة السّلمانى ، وزفر بن اوس ، والزّهرى ، وأضرابهم من علماء الجمهور على إنكارهم عليه في المقام الّذي يكفى فيه إنكار العقل الّذي يستحيل عنده التّناقض ، والإغراء بالجهل ، وأن يفرض الله في مال لا يفى به السّهام ، فضلا عن إنكار على عليه‌السلام وأولاده المعصومون سلام الله عليهم ، وأتباعه الّذين منهم : ابن عبّاس المروىّ عنه في المعتبرة من شاء باهلته عند الحجر الأسود ، إنّ الله لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا.
  وأيضا قال : سبحان الله العظيم : أترون أنّ الّذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا ، فهذان النّصفان قد ذهبا بالمال ، فأين موضع الثّلث ؟
  فقال له زفر بن اوس البصرى : يا ابن عبّاس ؛ فمن أوّل من أعال الفرائض ؟!
  قال عمر : لمّا التفّت الفرائض عنده ، ودافع بعضها بعضا ؟.
  قال : والله ما أدرى أيّكم قدّم الله ، وأيّكم أخّر الله ، وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص ، فأدخل على كلّ ذي حقّ ما دخل عليه من عول الفريضة.
  قال ابن عبّاس : وأيم الله ؛ لو قدّمتم من قدّم الله ، وأخّرتم من أخّر

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 133
  الله ، ما عالت الفريضة.
  فقال له زفر بن اوس : وأيّهما قدّم ، وأيّهما أخّر ؟
  فقال ابن عبّاس : كلّ فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة ، إلّا إلى فريضة (1) ، فهذا ما قدّم الله.
  وأمّا ما أخّر (2) ، فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلّا ما بقى ، فتلك الّتي أخّر الله.
  فأمّا من قدّم الله (3) ، فالزّوج له النّصف ، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الرّبع ، ولا يزيله عنه شي‌ء ، والزّوجة لها الرّبع ، فإذا (4) زالت عنه صارت إلى الثّمن لا يزيلها عنه شي‌ء ، والامّ لها الثّلث ، فإذا (5) زالت عنه صارت إلى السّدس لا يزيلها عنه شي‌ء ، فهذه الفرائض الّتي قدّم الله عزوجل.
  وأمّا الّتي أخّر (6) ففريضة البنات والأخوات لها النّصف إن كانت واحدة ، وإن كانت اثنتين ، أو أكثر ، فالثّلثان ، فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلّا ما بقى ، فتلك الّتي أخّر الله ، فإذا اجتمع ما قدّم الله ، وما أخّر ، بدئ بما قدّم الله ، فأعطى حقّه كملا ، فإن بقى شي‌ء كان لمن أخّر الله ، فإن لم يبق شي‌ء ، فلا شي‌ء له (7)
  الحديث المعلوم أخذه من أمير المؤمنين عليه‌السلام الّذي قد كان ابن عبّاس

(1) هذا : لا يجرى في كلالة الامّ ، كما لا يخفى ـ المرآة.
(2) في الفقيه : ما أخّر الله.
(3) في الفقيه : فأمّا الّتي قدّم الله.
(4) في الفقيه : فإن.
(5) في الفقيه : فإن.
(6) في الفقيه : وأمّا الّتي أخّر الله.
(7) الفقيه ( ص : 256 ، ج : 4 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 134
  من بعض تلامذته ، وإنّما ذكرناه مع طوله ، لاشتماله على امور مهمّة ، منها :
  بيان علّة حدوث النّقص على من ذكر المستفاد من العقل والنّقل ، إنّ علّة دخول النّقص عليهم دون غيرهم ممّن له فرضان.
  ذلك الّذي قد يكون صريحا من كثير من نصوص المقام المكذوب فيه على علىّ عليه‌السلام بموافقته للعجل قد عبّده أهل الخلاف الّذين لا مستند لهم من عقل ، ولا نقل ، سوى مقاله المدخول في حسبه ونسبه ، ولزوم خلافه التّرجيح من دون مرجّح ، وقياسه على الوصيّة والدّين.
  وما يروى عن علىّ عليه‌السلام إنّه قد سئل ، وهو على المنبر عن بنتين وأبوين وزوجة ، فقال عليه‌السلام : صار ثمنها تسعا ، ولذا سمّوا : خزلهم الله ، هذا الحديث الجعلىّ منبريّة.
  ومن المعلوم أنّه مع ضعفه ذاتا ومقاومة من وجوه ظاهر في التّقيّة مع احتماله الإنكار على مذهب العجل الّذي قد ظهر إنكار علىّ عليه‌السلام وأهل بيته ، وسائر الصّحابة عليه ظهور الشّمس في رابعة النّهار ، كظهور المرجّح ، ومنع القياس الّذي لا ريب إنّه مع الفارق في المقام المعلوم من أدلّة أمثاله إنّه لا يكون العول الّذي لا ريب إنّه زيادة في السّهام على الفريضة على وجه يحصل النّقص على الجميع بالنّسبة.
  وإنّه مأخوذ من العول بمعنى الميل ، أو الكثرة ، أو الغلبة ، أو من عالت النّاقة ذنبها إذا رفعته إلّا بدخول الزّوج أو الزّوجة معهم.
  وإنّ الوارث مطلقا ، إمّا أن يرث بالفرض خاصّة ، وهم من سمّى الله تعالى له سهما بخصوصه ، وهو الامّ والإخوة من قبلها ، أو الزّوج والزّوجة ، حيث لا ردّ.
  وبالقرابة خاصّة ، وهو من دخل في الإرث بعموم الآية : ( اولوا

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 135
  الأرحام ) ، كالأخوال والأعمام.
  أو يرث بالفرض تارة ، وبالقرابة اخرى ، وهو : الأب ، والبنت وإن تعدّدت ، والاخت للأب كذلك ، فالأب مع الولد يرث بالفرض ، ومع غيره ، أو منفردا بالقرابة ، والبنات يرثن مع الولد بالقرابة ، ومع الأبوين بالفرض ، والأخوات يرثن مع الإخوة بالقرابة ، ومع كلالة الامّ بالفرض ، أو يرث بالفرض والقرابة معا ، وهو ذو الفرض على تقدير الرّدّ عليه.
  وحينئذ فذكر الأب مع من يدخل النّقص عليهم من ذوى الفروض ليس في محلّه ضرورة إنّه مع الولد لا ينقص عن السّدس ، ومع عدمه ليس من ذوى الفروض المعلوم إنّ مسئلة العول مختصّة بهم ، ولذا تركه الشّهيد في الدّروس ، وقبله الفاضل في القواعد ، وذكره في غيرها ، والمحقّق في كتابيه ، والوجه تركه ، فلا تغفل ، وبالجملة : يستحيل أن يجعل الله سبحانه لمال نصفين وثلثا ، أو ثلثين ونصفا ، ونحو ذلك ممّا لا يفى به المال ، وإلّا لكان العياذ بالله جاهلا ، أو عابثا ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
  ثمّ إنّ العامّة استدلّوا على ثبوت العول بالمعقول والمنقول.
  أمّا المعقول فمن وجوه أقواها أنّ النّقص لا بدّ من دخوله على الورثة على تقدير زيادة السّهام ، أمّا عند العائل فعلى الجميع ، وأمّا عند غيره فعلى البعض ، لكنّ النّقص على بعضهم دون بعض ترجيح بلا مرجّح ، فكان إدخاله على الجميع أعدل.
  والجواب عنه : يمنع عدم ترجيح جانب النّقص المدّعى اختصاصه بالبعض ، فإنّ المرجّح الإجماع على نقصه وورود حديث عليه عن أهل العصمة سلام الله عليهم ، ووقوع الخلاف على نقص من عداه ، فيكون المجمع عليه

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 136
  أولى به ، ولأنّ النّقص على خلاف الأصل في حقّ الجميع ترك العمل به في المجمع عليه ، فبقى الباقى على الأصل عملا بالاستصحاب.
  وأمّا المنقول ، فما رواه عبيدة السّلمانى قال : كان علىّ عليه‌السلام فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ رجل مات ، وترك ابنته ، وأبويه ، وزوجته ـ الحديث ـ (1)
  فهذا صريح في إثبات العول ، وفيه :
  أوّلا : ما مرّ.
  وثانيا : أنّه مخالف لما نقلوه عنه من إنكاره عليه‌السلام العول في حديث طويل رواه عبيدة هذا ما حاصله :
  أنّ عمر قضى في فريضة بالعول ، فردّ عليه علىّ عليه‌السلام ، فقال : على عليه‌السلام على ما رأى عمر.
  وثالثا : إنّه ضعيف السّند.

(1) روى أبو طالب الأنبارى ، عن : الحسن بن محمّد بن أيّوب الجوزجانى ، عن : عثمان بن أبى شيبة ، عن : يحيى بن أبى بكر ، عن : شعبة ، عن : سمّاك ، عن : عبيدة السّلمانى قال : كان على عليه‌السلام على المنبر ، فقام إليه رجل وقال : يا أمير المؤمنين ، رجل مات ، وترك ابنتيه وأبويه وزوجة ، فقال علىّ عليه‌السلام : صار ثمن المرأة تسعا ، قال سمّاك : قلت لعبيدة : وكيف ذلك ؟! قال : إنّ عمر بن الخطّاب وقعت في امارته هذه الفريضة ، فلم يدر ما يصنع ، وقال : للبنتين الثّلثان ، وللأبوين السّدسان ، وللزّوجة الثّمن ، قال : هذا الثّمن باقيا بعد الأبوين والبنتين.
فقال له أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعط هؤلاء فريضتهم ، للأبوين السّدسان ، وللزّوجة الثّمن ، وللبنتين ما يبقى.
فقال : فأين فريضتهما الثّلثان ؟! فقال له علىّ بن أبى طالب عليه‌السلام : لهما ما يبقى.
فأبى ذلك عليه عمرو ابن مسعود ، فقال على عليه‌السلام : على ما رأى عمر ، قال عبيدة : وأخبرنى جماعة من أصحاب على عليه‌السلام بعد ذلك في مثلها إنّه أعطى للزّوج الرّبع مع الابنتين ، وللأبوين السّدسين ، والباقى ردّ على البنتين ، وذلك هو الحقّ ، وإن أباه قومنا. التّهذيب ( ص : 259 ، ج : 9 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 137
  ورابعا : بما قيل : إنّ الحديث لا يدلّ على الحكم بالعول ، بل على تهجينه ، ومعناه : أنّ ثمنها الّذي فرضه الله تعالى لها تسعا عند القائل بالعول ، ولهذا أجاب عليه‌السلام عن بعض الفروض ، وسكت عن الباقى.
  فكأنّه : خرج مخرج الاستفهام الإنكارى ، بحذف أداة الاستفهام.
  ومثله في القرآن حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام : ( هذا ربّى ). (1)
  وفي الأشعار مثله كثير.
  ولا ميراث عندنا للعصبة (2) الّذين هم يرثون الرّجل عن كلالة من غير والد ولا ولد ، وعصبة الرّجل بنوه ، وقرابته لأبيه.
  وفي التّهذيب : ولم أسمع للعصبة بواحد ، والقياس أن يكون عاصبا مثل طالب وطلبة ، وظالم وظلمة.
  وأمّا في الفرائض : فكلّ من لم يكن له فريضة سمّاه ، فهو عصبة ، إن بقى شي‌ء بعد الفرائض أخذ ، هذا رأى أهل الفرائض والفقهاء.
  وعندنا أئمّة اللّغة : العصبة : قوم الرّجل الّذين يتعصّبون له ، كأنّه على حذف الزّائد.
  وقيل : العصبة : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم تعصبونه ويتعصّب بهم ، أى : يحيطون به ، ويشتدّ بهم.
  وقال الأزهرى : عصبة الرّجل ، أوليائه الذّكور من ورثته ، سمّوا عصبة ، لأنّهم عصبوا بنسبه ، أى : استكفوا به ، فالأب طرف ، والابن طرف ، والعمّ جانب ، والأخ جانب ، والجمع : العصبات ، والعرب تسمّى قرابات الرّجل :

(1) سورة الأنعام ، الآية 76.
(2) العصبة محرّكة.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 138
  أطرافه ، ولمّا أحاطت به هذه القرابات ، كذا في تاج العروس.
  والتّعصيب ، مصدر عصّب ، يعصّب ، تعصيبا ، فهو : عاصب.
  وبالجملة : العصبة عندهم على قسمين ، لأنّهم إمّا أن يرثوا بالعصوبة فقط ، أو يرثوا بالعصوبة مرّة ، وبالفريضة اخرى.
  وهم من الرّجال عشرة ، ومن النّساء سبع ، يرثون جميع المال إذا انفردوا ، والباقى من الأصحاب عند الاجتماع.
  فهي على ما قيل في اللّغة مشتقّة من العصب ، وهو المنع.
  وفي الاصطلاح : هم من ليس لهم سهم في كتاب الله ، وسنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تقدير زيادة الفريضة عن السّهام ، إلّا مع عدم الأقرب من جهة الأب ، إمّا مطلقا ، أو خصوص الذّكور منهم ، لعموم آية : ( اولوا الأرحام ) ، والسنّة المستفيضة ، بل المتواترة ، بل عليه الإجماع ، وضرورة المذهب ، فضلا عن الأدلّة الّتي خالفها أهل الخلاف ، حيث ضلّوا عن طريق الرّشد على سبيل الاعتساف.
  فزعموا أنّ ما فضّل عن السّهام للعصبة ، والمنسوب إليهم أنّها قسمان : عصبات نسبيّة ، وعصبات سببيّة ، وإنّ العصبات النّسبيّة ثلاثة أنواع : عصبة بنفسها ، وعصبة بغيرها ، وعصبة مع غيرها.
  أمّا العصبة بنفسها : فكلّ ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميّت انثى ، فإنّ من دخلت الانثى في نسبته إليه لم يكن عصبة ، كأولاد الامّ فإنّها من ذوات الفروض ، وكأب الامّ ، وابن البنت ، فإنّهما من ذوات الأرحام ، وهم أربعة أصناف :
  أوّلها : البنون ، وأبنائهم ، وإن سفلوا.
  وثانيها : الآباء وآباؤهم ، وإن علوا.
  وثالثها : الإخوة لأب وأمّ ، أو لأب وبنوهم.
  ورابعها : أعمام الميّت لأب وبنوهم ، وأعمام أبيه لأب وبنوهم.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 139
  الأوّل : جزء الميّت ، والثّانى : أصل الميّت ، والثّالث : جزء أبيه ، والرّابع : جزء جدّه.
  وأمّا العصبة بغيرها : فهي البنات ، وبنات الابن ، والأخوات من الأبوين ، أو من الأب ، فإنّهنّ لا يرثن بالتّعصيب إلّا بالذّكور في درجتهنّ ، أو فيما دونهنّ ، ولذا لو خلف مثلا بنتين ، وبنت ابن ، كان للبنتين الثّلثان ، ولم يكن لبنت الابن شي‌ء إلّا إذا كان لها أخ ، أو كان ، هناك ابن ابن مثلا.
  والعصبة مع غيرها : فالأخوات سواء لأب وأمّ ، أو لأب كانت صلبيّة بنت ، أو ابن ، وسواء كانت واحدة ، أو أكثر ، لقوله عليه‌السلام : اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة مع البنات فيما لو مات وترك اخته وابنته ، فإنّ الاخت تعصب البنت ، وترث معها دون غيرها.
  ثمّ إنّه لا يحجب زوجان وأبوان ، وولد ذكرا كان أو غيره عن الإرث بأحد إجماعا.
  وضابطهم : كلّ من أولى إلى الميّت بنفسه إلّا المعتق ، والمعتقة ، بل يحجب غيرهم ، فيحجب ابن ابن بابن ، سواء كان أباه ، أو عمّه ، أو ابن ابن أقرب منه.
  ويحجب جدّ أبو أب وإن علا بتوسّط بينه وبين الميّت ، كالأب وأبيه.
  ويحجب أخ لأبوين بأب وابن ، وابنه ، وإن نزل إجماعا.
  ويحجب أخ لأب هؤلاء الثّلاثة ، وأخ لأبوين ، وباخت لأبوين معها بنت ، أو بنت ابن.
  ويحجب أخ لأمّ بأب وجدّ ، وفرع وارث ، وإن نزل ذكرا كان أو غيره.
  ويحجب ابن أخ لأبوين بأب ، وجدّ وأبيه ، وإن علا ، وابن وابنه ، وإن نزل ، وأخ لأبوين ، وأخ لأب ، لأنّه أقرب منه.
  ويحجب ابن أخ لأب بهؤلاء السّتّة ، وابن أخ لأبوين ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 140
  لأنّه أقوى منه.
  ويحجب ابن ابن أخ لأبوين ، بابن أخ لأبوين ، لأنّه أقرب منه.
  ويحجب عمّ لأبوين بهؤلاء السّبعة ، وابن أخ لأب كذلك.
  ويحجب عمّ لأب بهؤلاء الثّمانية ، وعمّ لأبوين ، لأنّه أقوى منه.
  ويحجب ابن عمّ لأبوين بهؤلاء التّسعة ، وعمّ لأب ، لأنّه أقرب منه.
  ويحجب ابن عمّ لأب بهؤلاء العشرة ، وابن عمّ لأبوين ، لأنّه أقوى منه.
  ويحجب ابن ابن عمّ لأبوين بابن عمّ لأب.
  فإن قلت : كلّ من العمّ لأبوين ، ولأب يطلق على عمّ الميّت ، وعمّ أبيه ، وعمّ جدّه ، مع أنّ ابن عمّ الميّت ، وإن نزل يحجب عمّ أبيه ، وابن أبيه ، وإن نزل يحجب عمّ جدّه.
  قلت : المراد بقرينة السّياق عمّ الميّت لا عمّ أبيه ، ولا عمّ جدّه. ويحجب بنت ابن بابن ، أو بنتين إن لم تعصب بنحو أخ ، أو ابن عمّ ، وإن ترتّب به أخذت معه الباقى بعد ثلثى البنتين بالتّعصيب.
  ويحجب جدّة لأمّ بامّ ، لأنّه تدلّى بها.
  وتحجب جدّة لأب بأب ، لأنّها تدلّى به ، وأمّ بالإجماع ، ولأنّها إرثها بالامومة ، والامّ أقرب منها.
  وتحجب بعدى جهة بقرباها لأمّ أمّ ، وأمّ أمّ أمّ ، وكأمّ أب ، وأمّ أمّ أب.
  وتحجب بعدى جهة أب بقربى جهة أمّ كأمّ أمّ ، وأمّ أمّ أب ، كما أنّ أمّ الامّ تحجب بالامّ لا العكس ، أى لا تحجب بعدى جهة الامّ بقربى جهة الأب ، كأمّ أب ، وأمّ أمّ أمّ ، بل تشتركان في السّدس ، لأنّ الأب لا تحجب الجدّة من جهة الامّ ، فالجدّة تدلّى به أولى واخت من كلّ جهات يخرج فيما يحجب به ، فتحجب الاخت لأبوين بالأب ، والأبوين وابن الابن ، ولأب بهؤلاء ، و

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 141
  أخ لأبوين ، ولأمّ بأب ، وجدّ وفرع وارث.
  نعم ؛ الاخت لأبوين ، أو لأب لا تسقط بالفروض المستغرقة بخلاف الأخ ، كما يأخذ ممّا يأتى.
  وتحجب أخوات لأب باختين لأبوين ، كما في بنات الابن مع البنات ، فإن كان معهنّ أخ عصبهنّ ، وتحجبن أيضا باخت لأبوين معها بنت ، أو بنت ابن.
  ويحجب عصبة ممّن يحجب باستغراق ذوى فروض للتّركة ، كزوج ، وأمّ ، وأخ منها ، وعمّ ، فالعمّ محجوب بالاستغراق.
  ويحجب من له ولاء ذكرا ، أو غيره بعصبة لنسب ، لأنّه أقوى منه والعصبة ، ويسمّى بها الواحد والجمع ، والمذكّر والمؤنّث ، كما قال المطرزى ، وغيره : من لا مقدّر له من الورثة ، ويدخل فيه من يرث بالفروض ، والتّعصيب ، كالأب والجدّ من التّعصيب ، فيرث التّركة إن لم يكن معه ذو فرض ، ولم ينتظم في صورة ذوى الأرحام بيت المال ، أو ما فضل عن الفرض إن كان معه ذو فرض ولم ينتظم في تلك الصّورة بيت المال ، وكان ذو فرض فيها أحد الزّوجين ، ويسقط عند الاستغراق إلّا إذا انقلب إلى فرض.
  ثمّ اعلم ؛ أنّ ما ذكر في العصبة بطريق الإجمال ، وأمّا بطريق التّفصيل قيل : هى على قسمين ، لأنّهم إمّا أن يرثوا بالعصوبة فقط ، أو يرثوا بالعصوبة مرّة ، وبالفرضية اخرى.
  أمّا الأوّل :
  فالابن الواحد يأخذ المال جميعا ، لأنّه أولى بأخذ كل التّركة ، لأنّ عصبته أقوى من غيره ، والابنان فصاعدا كذلك ، وللبنت الواحدة النّصف ، وللبنتين فصاعدا الثّلثان ، ولو اجتمع البنين ، والبنات ، فالمال لهم ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) ، لقوله تعالى :

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 142
  ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (1).
  وأولاد الابن إذا انفردوا ولم يكن منهم أولاد الصّلب كأولاد الصّلب ، وإذا اجتمع أولاد الصّلب وأولاد الابن ، فالمال لأولاد الصّلب ، فإن كان هناك بنت واحدة ، فلها النّصف ، والباقى لأولاد الابن ، ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ).
  فعلى هذا : لو مات زيد ، فله بنت وبنت ابن ، وأخ من الأبوين ، المسألة ستّة ، ثلاثة للبنت ، وواحد لبنت الابن تكمله الثّلاثين ، والباقى ، وهو اثنان للأخ من الأبوين ، وأولاد ابن الابن مع أولاد الابن كأولاد الابن مع أولاد الصّلب.
  وأمّا الثّانى : فالأب تارة يرث بعض الفريضة على أن يكون معه ابن ابن ابن ، وتارة يرث بمحض العصوبة ، وهى إذا لم يكن معه ولد ولا ولد ابن ، وتارة اخرى بالجهتين ، اى : بالفرضيّة والعصوبة معا ، وهى أن يكون معه بنت أو بنت ابن مثال هذا الفرض إنّ أصل المسألة من ستّة للبنت ، أو بنت الابن النّصف ، وهو ثلاثة له السّدس ، وهو واحد بالفريضة ، لأنّ لفظ المذكور في الآية يشمل الذّكر والانثى ، والباقى بعد فرض البنت ، أو بنت الابن ، أعنى الاثنين للأب بالعصوبة ، وللأمّ الثّلث إذا لم يكن للميّت ولد ولا ولد ابن ، ولا اثنان من الإخوة والأخوات والسّدس إذا كان للميّت ولد ، أو ولد ابن ، أو اثنان من الإخوة والأخوات والجدّ كالأب ، إلّا أنّ الأب يسقط الإخوة والأخوات والجدّ يقاسم مع الإخوة والأخوات إذا كانوا من الأبوين أو من الأب ، وإلّا أنّ الأب يسقط أمّ نفسه ، لأنّها تدلّى به والجدّ لا يسقطها ، أى الجدّ لا يسقط أمّ

(1) الفقيه ( ص : 256 ، ج : 4 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 143
  الأب لأنّها لا تدلّى به.
  مثال الأوّل : مات زيد عن جدّ وأمّ أب ، المال كلّه للأب.
  ومثال الثّانى : مات زيد عن جدّ وأمّ أب وزوج ، المسألة من ستّة ، ثلاثة للزّوج ، وواحد لأمّ الأب ، واثنان للجدّ والجدّة ، ترث السّدس بما تقدّم ، وإن اجتمعت جدّتان وارثتان فصاعدا اشتركن في السّدس ، لأنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى للجدّتين من الميراث بالسّدس بينهما.
  مثاله : مات زيد عن أمّ أمّ ، وأمّ أب ، وابن ، فالمسألة من ستّة ، واحد للجدّتين ، ولا ينقسم عليهما ، وبين نصيبهما ، ورءوسهما مباينة يضرب اثنان في السّتّة يبلغ اثنا عشر للجدّتين لكلّ واحدة واحد ، والباقى للابن.
  وترث من الجدّات أمّ الامّ وامّهاتها المدلّيات بالإناث الخلص ، وأمّ الأب وامّهاتها كذلك ، وكذا أمّ أب الأب ، وأمّ من فوقه ، وامّهاتها ، أى : أمّهات أمّ أب الأب ، وأمّ من فوقه في أصحّ القولين ، لأنّهنّ جدّات تدنين بوارث ، فيرث كأمّ الأب.
  وبمرسل أبى داود ، والعبارة الضّابطة للجدّات الوارثات إنّ كلّ جدّة تدلّى بمحض الإناث ، كأمّ أمّ الامّ ، أو بمحض الذّكور ، كأمّ أب الأب ، أو بمحض الإناث إلى محض الذّكور ، كأمّ أمّ أب الأب ، فهي وارثة ، وإذا أدلّت ، أى : وصلت الجدّة بذكر بين انثيين ، كأمّ أب الامّ لم ترث بالفرضيّة ، كما لا يرث ذلك الذّكر ، بل هى من ذوى الأرحام.

(1) وهى ، خ ل.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 144
فصل في كيفيّة إرث الإخوة والأخوات

  الإخوة والأخوات إن كانوا من الأبوين فيرثون جميع المال ، إذا انفردوا من الإخوة والأخوات للأب كأولاد الصّلب ، وكذلك الإخوة والأخوات للأب إذا انفردوا من الإخوة والأخوات من الأبوين إلّا في المسألة المشتركة ، وهى زوج وأمّ وأخوان لأمّ ، وأخوان لأب ، وأمّ ، فأصل المسألة من ستّة : للزّوج النّصف ، وهو ثلاثة ، وللأمّ السّدس ، وهو واحد ، وللأخوين من الامّ الثّلث ، وهو اثنان ، ويشارك ولدى الامّ في الثّلث الأخوان للأب والامّ لاشتراكهما في القرابة الّتي ورثوا بها الفرض ، ولو كان بدل الأخوين من الأب والامّ وأخوان لأب سقطا ، لأنّه ليس لأولاد الأب قرابة الامومة حتّى تشاركوا أولاد الامّ ، وهو إذا اجتمع الصّنفان ، يعنى : الإخوة والأخوات لأبوين وإخوة وأخوات لأب كانوا كما اجتمع أولاد الصّلب مع أولاد الابن.
  مثاله : مات زيد عن أخ لأبوين ، وأخ لأب المال كلّه للأوّل ، ولا شي‌ء للثّانى ، وإن كان ولد الأبوين انثى واحدة فلها النّصف.
  والباقى لأولاد الأب إن تمحضوا ذكورا ، أو ذكورا وإناثا.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 145
  مثاله : مات زيد عن اخت لأبوين وأخ لأب واخت لأب المسألة من اثنين واحد للأخت من الأبوين ، والباقى ، وهو واحد بين الأخ والاخت من الأب أثلاثا ، فلا ينقسم بينهما وبين رءوسهما ونصيبهما مباينة تضرب ثلاثة في أصل المسألة ، وهو اثنان تبلغ ستّة ثلاثة للأخت من الأبوين ، واثنان للأخ من الأب ، وواحد للأخت من الأب ، إلّا أنّ بنات الابن يعصبهنّ من في درجتهنّ ، ومن هو أسفل منهنّ ، والاخت للأب ، لا تعصب الاخت من الأب إلّا من في درجة الاخت للأب ، وهو أخوها لا أولاد الأخ ، ولا أولاد بنى العمّ ، والأخوات للأمّ الواحد منهم السّدس ، وللإثنين فصاعدا الثّلث يستوى ذكورهم واناثهم في الاستحقاق ، والأخوات من الأبوين والأخوات من الأب مع بنات الصّلب ، ومع بنات الابن عصبات منزلات منزلة الإخوة ، حتّى تسقط الاخت من الأبوين مع البنت الصّلبيّة ، أو مع بنت الابن الاخت من الأب ، كما يسقط الأخ من الأبوين الأخ من الأب.
  مثاله : مات زيد عن بنت واخت لأبوين ، واخت لأب هى من اثنين واحد للبنت ، وواحد للأخت من الأبوين ، ولا شي‌ء للأخت من الأب ، لأنّها محجوبة بالاخت من الأبوين.
  مثال آخر : مات زيد عن بنتين واخت من الأبوين ، واخت من الأب هى من ثلاثة ، اثنان للبنتين لكلّ واحدة واحد ، وواحد للأخت من الأبوين ، ولا شي‌ء للأخت من الأب ، كما ذكرنا.
  مثال آخر : مات زيد عن بنت ، وبنت ابن ، واخت من الأبوين ، واخت من الأب هى من ستّة النّصف ، وهو ثلاثة للبنت والسّدس وهو واحد لبنت الابن ، والباقى ، وهو اثنان للأخت من الأبوين ، ولا شي‌ء للأخت من الأب ، وبنو الإخوة من الأبوين ، وبنو الإخوة من الأب منزلة أبيه ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 146
  أى : أب كلّ واحد من الصّنفين في حالتى الانفراد والاجتماع.
  إلّا أنّهم يفارقون الإخوة في أنّهم لا يرثون الامّ من الثّلث إلى السّدس.
  وأنّهم يفارقون الإخوة في أنّهم لا يقاسمون الجدّ ، بل يسقطون به.
  وفي أنّهم لا يعصبون أخواتهم ، لأنّهم غير وارثات بخلاف الإخوة من الأبوين ، ومن الأب ، فإنّهم يعصبونهنّ.
  وفي أنّ بنى الإخوة من الأبوين يسقطون في مسئلة مشتركة ، لو كانوا بدل آبائهم والعمّ من الأبوين ، أو من الأب كالأخ من الجهتين في حالتى الانفراد والاجتماع.
  وأمّا العصبات السّببيّة :
  فمن لا عصبة لا من النّسب ، أى : ولا فروض مستغرق ، وله معتق فما له أو الفاضل من الفروض إن كان له ذو فروض لمعتق ذلك العتيق رجلا كان أو امرأة أعتقه منجزا أو معلّقا ، ووجدة الصّفة ، كما إذا وجدت موت السّيّد في المدبّر وأمّ الولد ، وسواء شرط الولاء لنفسه أو لغيره ، أو شرط أن لا ولاء له ، وسواء أعتقه بنفسه ، أو أعتقه بالتّوكيل به لو لم يكن له بعوض ، وكذا لو كان إعتاقه بعوض على العتيق ، كما لو قال لعبده : أنت حرّ على ألف ، فقبل العبد ، أعتق في الحال ، وثبت الألف مع في ذمّته ، أو بعوض على غير العتيق ، فقبل الغير ، ولا فرق بين العوض المجهول والمعلوم مثل كتابته منه ، أو بيعه منه ، أو هبته ، فإنّ في الكلّ الولاء للمعتق لإطلاق قوله عليه‌السلام فيما رواه البخارى ، ومسلم عن عائشة ، وعن أبيها إنّما الولاء لمن عتق ، فإن قيل : ما تقول في رجل مات عن زوجة فقط ولها كلّ التّركة.
  والجواب : إنّها معتقة زوجها فهي من أربعة لها واحد بالفريضة ، و

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 147
  الباقى بالولاء ، وإنّما الأنعام بالإعتاق موجود من الرّجل والمرأة ، وإذا تعدّد المعتقون ، فالكلّ عصبة سواء كانوا ذكورا أو إناثا ، أو خناثى ، أو متبعّضين بقدر الحصص لا الرّءوس.
  ويرشد إليه حديث : الولاء لحمة كلحمة النّسب لا تباع ، ولا توهب على ما رواه ابن خزيمة وابن حيّان والحاكم عن ابن عمر ، وقال صحيح الإسناد ، وخالف البيهقى قائله.
  وفي رواية : كلحمة الثّوب ، كما قال ابن الأثير في النّهاية شبّهه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمشبّه به ، دون المشبّه ، وقد اختلف في ضمّ لام اللّحمة وفتحها ، فقيل في النّسب بالضّمّ ، وفي الثّوب بالضّمّ والفتح ، وقيل في الثّوب : بالفتح وحده ، وقيل في الثّوب : والنّسب بالفتح ، وأمّا بالضّمّ فهي لحمة البارى ، ومعنى الحديث المخالطة في الولاء ، فإنّه جرى مجرى النّسب في الميراث كما يخالط اللّحمة سد الثّوب حتّى يصير كالشّي‌ء الواحد لما بينهما من المداخلة الشّديدة.
  وقال السّيّد الشّريف : معنى الحديث الحرّيّة حياة الإنسان ، إذ بها يثبت له الصّفات الكماليّة الّتي امتاز بها عن سائر ما عداه من الحيوانات والجمادات ، والرّقيّة تلف ، وهلاك ، فالمعتق سبب لإحياء المعتق ، بفتح التّاء ، وكما أنّ الأب سبب لإيجاد الولد ، فكما أنّ الولد يصير منسوبا إلى أبيه بالنّسب ، وإلى أقربائه بتبعيّة كذلك المعتق يصير منسوبا إلى معتقه بالولاء ، وإلى عصبيّته بالتّبعيّة ، فكما يثبت الإرث بالنّسب كذلك يثبت بالولاء ، فإن لم يكن المعتق ـ بكسر التّاء ـ حيّا ، فلعصباته من النّسب الّذين يتعصّبون بأنفسهم ، وقد عرفت القسمان حتّى إذا اجتمع الابن والبنت والأخ والاخت ، أو الأب والامّ ، اختصّ الاستحقاق بالذّكر ، يعنى : المال كلّه للابن أو الأخ أو للأب دون البنت والاخت والامّ ، لأنّ عصوبتهنّ بالغير.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 148
  بل لا ترث المرأة بالولاء إلّا من معتقها ـ بفتح التّاء ـ أى : عقيق المرأة ، لإطلاق حديث إنّما الولاء لمن عتق ، أو ممّن ينتهى إلى المعتق ـ بفتح التّاء ـ بنسب ، كأولاد المعتق وأدناه أو ولاء كمعتق المعتق ، كما لو كان المعتق رجلا ، فلو أعتقت هند عبدا ، وللعبد العتيق ولد ، فمات ولد العبد العتيق ، وليس له وارث من النّسب والولاء ، فما له لمعتق أبيه ، وهى هند المذكورة.
  ثمّ الّذين يتعصّبون بأنفسهم ترتيبهم في الولاء كترتيبهم النّسب ، لأنّ أظهر القولين إنّ أخ المعتق من الأبوين ، أو من الأب يقدّم على جدّه ، أى : جدّ المعتق ، لأنّه ابن أب المعتق ، والجدّ أبو أبيه ، والبنوّة أقوى في العصوبة.
  وابن الأخ من الأبوين ، أو من الأب يقدّم أيضا على هذا القول على الجدّ ، لقوّة الابن.
  فإن لم يوجد أحد من عصبات المعتق ، فالمال لمعتق المعتق ، ثمّ بعد عدم معتق المعتق العصبات معتق المعتق كذلك على النّسق المذكور والنّهج المسطور في عصبات المعتق ، ثمّ المعتق معتق المعتق ، وعلى هذا القياس.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 149
فصل في بيان ميراث الجدّ مع الإخوة والأخوات

  إذا اجتمع أب الأب ، وأب أب الأب مع الإخوة والأخوات من الأبوين ، أو من الأب نظر إن لم يكن معهم ذو فرض ، فللجدّ خير الأمرين ، أى : أكثرهما من المقاسمة معهم لأنّ الجدّ لا يكون أقلّ من أحدهم بل كأحدهم.
  ومن ثلث جميع المال إذا اجتمع الجدّ مع الامّ ، فتأخذ الامّ الثّلث ، والجدّ الثّلاثين ، والإخوة لا ينقص حقّ الامّ من السّدس ، فينبغى أن لا ينقص حقّ الجدّ من الثّلث ، وقد يستوى المقاسمة ، وثلث جميع المال ، وذلك إذا كان الإخوة والأخوات مثل الجدّ.
  كما : إذا مات زيد عن جدّ وأخوين من الأبوين ، فالمسألة من ثلاثة ، واحدة للجدّ ، والباقى وهو اثنان للأخوين ، لكلّ واحد واحد ، والمقاسمة والثّلث في هذه الصّورة سواء ، لأنّ نصيب الجدّ في كلا التّقديرين واحد ، وإن كان الإخوة والأخوات من الأبوين أو من أب أقلّ من الثّلاثين ، فالقسمة خير للجدّ من الثّلث ، كما إذا مات زيد عن جدّ وأخ من الأبوين ، فالمسألة من اثنين ، واحد للجدّ ، وواحد للأخ ، فقد عرفت أنّ نصيب الجدّ من اثنين واحد

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 150
  في صورة القسمة ، فلو أخذ الجدّ الثّلث لكان من ثلاثة ، واحد نصيبه ، ومعلوم أنّ الواحد من اثنين خير له من واحد من ثلاثة.
  مثال آخر : جدّ واخت من الأب هى من ثلاثة : اثنان للجدّ ، وواحد للأخت ، فلو أخذ الجدّ في هذه الصّورة الثّلث ، وهو واحد يلزم منه تفضيل الانثى على الذّكر ، وهو غير جابر ، فقسمته خير له ، وإن كانوا ، أى : الإخوة والأخوات من الأبوين ، أو من الأب فوق الثّلاثين ، فالثّلث خير للجدّ من القسمة.
  مثلا : لو مات زيد عن جدّ وثلاث إخوة من الأبوين ، أو من الأب ، فالمسألة من ثلاثة واحد للجدّ ، والباقى ، وهو اثنان للإخوة الثّلاثة ، ولا ينقسم عليهم ، وبين نصيبهم وهو اثنان ورءوسهم ، وهو ثلاثة مباينة تضرب ثلاثة في ثلاثة تبلغ تسعة ، للجدّ ثلاثة ، ولكلّ واحد من الإخوة اثنان ، فقد عرفت أنّ نصيب الجدّان أخذ الثّلث ثلاثة ، ولو انقسم معهم لكان له واحد من الأربعة ، لأنّ المسألة من أربعة ، حينئذ على عدد رءوسهم ومعلوم أنّ آخذ الثّلث من ثلاثة خير له من أخذ واحد من الأربعة في القسمة.
  وإذا قاسم الجدّ الإخوة والأخوات كان الجدّ كأخ منهم ، أى من الإخوة ، أو كأخ مع الأخوات حتّى للجدّ مثلى الاختين ، وإذا أخذ الجدّ الثّلث اقتسموا الباقى بعد الثّلث للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، لأنّ الجدّ لا يسقط بالإخوة بإجماع الصّحابة ، ولأنّه لا يسقط بالابن فبالأخ أولى.
  وإن كان مع الجدّ والإخوة والأخوات ذو فرض كالبنت والامّ والزّوج وبنت الابن والزّوجة والجدّ ولا يزيد أصحاب الفروض الوارثون مع الجدّ على هذه السّتّة ، فللجدّ خير الامور الثّلاثة أى : أكثرها من سدس المال كلّه ، وثلث ما يبقى بعد الفروض والمقاسمة معهم ، أمّا السّدس : فلأنّ البنتين لا تنقصان الجدّ عنه فالإخوة أولى ، وأمّا ثلث ما يبقى ، فلأنّه لو لم يكن

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 151
  صاحب فرض لأخذ ثلث جميع المال ، فإن كان قد خرج قدر الفرض مستحقّا فيأخذ ثلث الباقى ، وأمّا المقاسمة ، فلأنّه بمنزلة أخ.
  مثال الأوّل : وهو ما كان السّدس خيرا له من المقاسمة ، وثلث الباقى ، مات زيد عن : بنت وأمّ ، وجدّ ، وأخوين ، المسألة من ستّة ، واحد للأمّ ، وثلاثة للبنت ، وواحد للجدّ ، والباقى وهو واحد للأخوين ، ولا ينقسم عليهما ، وبين نصيبهما ورءوسهما مباينة تضرب اثنان في أصل المسألة ، وهو ستّة تبلغ اثنى عشر : اثنان للأمّ ، وستّة للبنت ، واثنان للجدّ ، واثنان للأخوين لكلّ واحد واحد ، وإنّما كان السّدس ، والحالة هذه خير له ، لأنّه لو انقسم معهم لكان كأخ منهم ، وكان رءوسهم حينئذ ثلاثة ، فتضربها ستّة تبلغ ثمانية عشر : للبنت تسعة وللأمّ ثلاثة ، والباقى وهو ستّة للجدّ والأخوين ، لكلّ واحد اثنان ، ولا شكّ أنّ الجدّ إذا أخذ اثنين من اثنى عشر كان خيرا له من أن يأخذ اثنين من ثمانية عشر.
  وأيضا : السّدس خير له من أن يأخذ ثلث ما يبقى ، لأنّه إذا أخذت الامّ والبنت اثنى عشر من ثمانية عشر ، ولا شكّ أنّ اثنين من اثنى عشر خير له من اثنين من ثمانية عشر.
  ومثال الثّانى : وهو ما إذا كان ثلث الباقى خيرا له من المقاسمة ، وسدس الكلّ مات زيد عن أمّ وجدّ وخمسة إخوة لأب.
  المسألة من ستّة ، واحد للأمّ ، وثلث ما يبقى للجدّ فمسألته من ثلاثة وبين الثّلاثة ، والخمسة الباقية مباينة تضرب ثلاثة في أصل المسألة ، وهو ستّة ، تبلغ ثمانية عشر ، ثلاثة للأمّ ، وثلث الباقى وهو خمسة للجدّ ، والباقى وهو عشر للإخوة ، الخمسة لكلّ واحد منهم اثنان ، وإنّما كان ثلث الباقى خيرا له ، لأنّه إذا انقسم معهم كان كأخ منهم.
  فكان رءوسهم ستّة تضربها في أصل المسألة ، وهو ستّة تبلغ ستّة وثلاثين ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 152
  للأمّ ستّة ، والباقى ، وهو ثلاثون بين الجدّ والإخوة بالسّويّة ، لكلّ واحد خمسة.
  ولا شكّ أنّ الجدّ إذا أخذ خمسة من ثمانية عشر كان خيرا له من أن يأخذ خمسة من ستّة وثلاثين.
  وأيضا ثلث الباقى خير له من السّدس ، لأنّ السّدس من ثمانية عشر ثلاثة ، وثلث ما يبقى خمسة ، والخمسة أوفى من الثّلاثة.
  ومثال الثّالث : وهو ما إذا كان المقاسمة معهم خيرا له من أن يأخذ السّدس ، أو ثلث الباقى ، مات زيد عن أمّ وجدّ واخت ، المسألة من ثلاثة واحد ، والباقى : وهو اثنان للجدّ والاخت ، ولا ينقسم عليهما وبين نصيبهما ، ورءوسهما مباينة تضرب ثلاثة ، وهو رءوسهما في أصل المسألة ، وهو ثلاثة تبلغ تسعة ، للأمّ ثلاثة ، وللجدّ أربعة ، وللأخت اثنان.
  وإنّما كان المقاسمة خيرا له ، لأنّه لو أخذ ثلث ما يبقى لكان له اثنان من تسعة ، ولا شكّ أنّ الأربعة أكثر من اثنين ، ولأنّه لو أخذ السّدس كان له واحد من ستّة ، لأنّ المسألة حينئذ من ستّة : للأمّ اثنان ، وللجدّ واحد ، والباقى ، وهو ثلاثة للأخت.
  واعلم ، أنّ للجدّ باعتبار أخذ الخير اثنى عشر أحوال :
  الحالة الاولى : القسمة خير ، والسّدس والثّلث من الباقى سواء ، كزوج ، وجدّ ، وأخ.
  الثّانية : القسمة خير منهما ، وثلث الباقى ، كزوجة ، وأمّ ، وجدّ ، أخ.
  الثّالثة : السّدس خير منهما ، وهما سواء ، كزوج ، وأمّ ، وجدّ ، وأخوين للأبوين ، أو للأب.
  الرّابعة : السّدس خير منهما وثلث الباقى خير من القسمة ، كبنت وزوجة ، وجدّ ، وثلاثة إخوة للأبوين ، أو للأب.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 153
  الخامسة : السّدس خير منهما ، والقسمة خير من الثّلث ، كزوج وجدّة ، وأخ ، واخت ، وجدّ.
  السّادسة : ثلث الباقى خير منهما ، والقسمة خير من السّدس ، كزوجة ، وجدّ ، وثلاثة إخوة.
  السّابعة : ثلث الباقى خير ، والسّدس خير من القسمة ، كزوجة ، وجدّ ، وخمسة إخوة.
  الثّامنة : القسمة والسّدس سواء ، وهما خير من الثّلث ، كبنتين ، وجدّ ، وأخ.
  التّاسعة : القسمة والثّلث سواء ، وهما خير من السّدس ، كزوجة ، وجدّ ، وأخوين.
  العاشرة : السّدس والثّلث سواء ، وهما خير من القسمة ، كزوج ، وجدّ ، وأربع إخوة للأب.
  الحادية عشر : السّدس والثّلث ، والقسمة سواء ، كزوج ، وجدّ ، وأخوين ، وقد يفرض بعض الأصحاب لبعض هذه الصّورة ، ولم يأتوا بالجميع ، فتفطّن الحالة.
  الثّانية عشر : وقد لا يبقى شي‌ء من أصحاب الفروض ، كبنتين ، وأمّ ، وزوج ، وجدّ ، فيقدّر للجدّ السّدس ، ويراد في العول ، فأصل المسألة من ستّة وأربعة وبينهما توافق بالنّصف ، تضرب نصف أحدهما في الاخرى تبلغ اثنى عشر ، للبنتين ثمانية ، وللأمّ اثنان ، فيبقى اثنان ، وهما لا يصلحان لنصيب الزّوج ، فيعال المسألة إلى ثلاثة عشر ، ولا يبقى شي‌ء للجدّ ، فيزاد في العول فتعال من ثلاثة عشر إلى خمسة عشر ، ليحصل نصيب الجدّ وهو السّدس الّذي يكون اثنين.
  وقد يكون الباقى من أصحاب الفروض دون السّدس ، كبنتين ، وزوج ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 154
  وجدّ ، فيفرض للجدّ السّدس ، وتعال المسألة ، فهي من ستّة وأربعة ، وبينهما أيضا موافقة بالنّصف ، فتضرب نصف أحدهما في الاخرى تبلغ اثنى عشر للبنتين ثمانية ، وللزّوج ثلاثة ، فيبقى واحد ، وهو لا يصلح لحصّة الجدّ ، فتعال المسألة من اثنى عشر ، ليتمّ نصيب الجدّ ، وهو اثنان سدس المسألة ، وقد يكون الباقى من أصحاب الفروض ، قدر السّدس ، كبنتين ، وأمّ ، وجدّ ، فيفوز بالسّدس الجدّ ، فأصل المسألة من ستّة ، أربعة للبنتين ، وواحد للأمّ ، وواحد للجدّ.
  ويسقط الإخوة والأخوات في هذه الأحوال الثّلاثة ، لأنّهم عصبات ، فيحجبون بأصحاب الفروض المستغرقة ، وإن اجتمع مع الجدّ الصّنفان ، أى : الإخوة والأخوات من الأبوين ، والإخوة والأخوات للأب ، فللجدّ خير الأمرين عند عدم ذوى الفروض وخير الامور الثّلاثة عند وجودهم ، كما إذا لم يكن معه إلّا أحد الصّنفين.
  والجدّ مع الأخوات الخلّص بمثابة أخ معهنّ ، فلا يفرض للأخوات الخلّص مع الجدّ ، كما لا يفرض لهنّ مع الأخ ، فيقسم المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين.
  مثاله : جدّ وأربع أخوات ، هى من ستّة ، اثنان للجدّ ، والباقى وهو أربعة لكلّ واحدة من الأخوات واحد ، ولا تعال المسألة لأجلهنّ إلّا في مسئلة الأكدريّة ، وهى : زوج ، وأمّ ، وجدّ ، واخت من الأبوين ، أو اخت من الأب ، فأصل المسألة من ستّة لاجتماع النّصف والثّلث والسّدس للزّوج ، منها النّصف ، وهو ثلاثة وللأمّ ، منها الثّلث : وهو اثنان ، وللجدّ منها السّدس ، وهو واحد ، فالمجموع ستّة ولا يبقى منها شي‌ء ، ويفرض للأخت من الأبوين ، أو من الأب النّصف ، أى : نصف المسألة ، وهو ثلاثة ، لأنّ الجدّ يرجع إلى أصل فرضه ، ولا سبيل إلى إسقاط الاخت ، فرجعت هى أيضا إلى فرضها ، وهو النّصف فتعال المسألة من ستّة إلى تسعة ، ليحصل نصيب الاخت ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 155
  ثمّ بعد العول يضمّ نصيب الجدّ ، وهو واحد إلى نصيب الاخت ، وهو ثلاثة ، فيقسمان الأربعة بينهما أثلاثا ، يعنى : للذّكر مثل حظّ الأنثيين.
  ولا تنقسم أربعة على ثلاثة ، وبينهما مباينة تضرب ثلاثة ، وهى رءوسهما أو مسئلتهما في أصل مسئلة مع عولها ، وهو تسعة تبلغ سبعة وعشرين ، ومنها تصحّ المسألة ، فللزّوج تسعة ، وللأمّ ستّة ، والباقى وهو اثنى عشر بين الجدّ والاخت أثلاثا للجدّ ثمانية ، وللأخت أربعة.
  وإنّما قسم هكذا ، لأنّه لا سبيل إلى تفضيلها على الجدّ ، فيفرض أنّها بقرابة الرّحم ، ويقسم بينهما بالتّعصيب رعاية لتجانبين هذا.
  وإلى ما ذكرنا أشار قائلهم في قوله :
وحـقّ أن نشرع في iiالتّعصيب      ii
بـكلّ قـول مـوجز iiمـصيب
فـكلّ  مـن أحـرز كلّ iiالمال      ii
مــن  الـقربات أو الـموالى
أو كان ما يفضل بعد الفرض له      ii
فـهو  أخـو العصوبة المفضّلة
كـالأب  والـجدّ وجـدّ iiالـجدّ      ii
والابـن عـند قـربة iiوالـبعد
والأخ وابــن الأخ والأعـمام      ii
والـسّيّد الـمعتق ذي iiالأنـعام
وهـكـذا بـنـوهم iiجـمـيعا      ii
فـكـن  لـما أذكـره iiسـميعا
ومـا لـذى البعدى مع iiالقريب      ii
في  الإرث من حظّ ولا iiنصيب
والأخ  والـــعــمّ لأمّ وأب      ii
أولـى من المدلى بشطر النّسب
والابـن  والأخ مـع iiالإنـاث      ii
يـعـصّبانهنّ  فـي الـميراث
والأخــوات إن تـكن بـنات      ii
فـهـنّ  مـعـهنّ iiمـعصّبات
ولـيس  في النّساء طرّا عصبة      ii
إلّا الّـتي مـنّت بـعتق iiالرّقبة

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 156
  تتمّة قد تلخّص ممّا ذكرنا
  إنّ العول هو زيادة الفريضة عن السّهام ، أو إدخال النّقص بجميع ذوى الفروض.
  وإنّ التّعصيب هو إعطاء ما فضل عن سهم ذوى الفروض للعصبة ، وهم أقرباء الميّت من جانب الأب.
  مثال الأوّل : مات هند عن زوج ، واختين للأبوين ، ففرض الزّوج النّصف ، وفرض الاختين الثّلثان ، وبين مخرجى النّصف والثّلث ، أعنى : الاثنين والثّلاثة تباين ، ضربنا أحدهما بالآخر ، فبلغ السّتّ ، فقسمنا بهذا الطّريق :
  نصيب الزّوج = 3 ، نصيب الاختين = 3 ، فلا تنقسم الثّلاثة بينهما لنقصانها عن نصيبهما ، وهو ثلثا الفريضة بواحد ، فيدخل النّقص عندنا على الاختين ، وكذا على الاخت ، والبنت ، والأب ، والأبوين.
  والعامّة يزيدون حينئذ واحدة ، ليحصل أربعة ، بمقدار الثّلاثين ، فلكلّ واحدة منهما اثنان ، ولا عول عند الإماميّة ، فإذا زاحم الزّوج ، أو الزّوجة في فريضة أخذ كلّ منهما نصيبهما صحيحا.
  مثاله : ماتت امرأة عن زوج وأب ، وأمّ ، وبنت ، فللزّوج الرّبع ، و