تعالى بيده ونفخ فيها من روحه ، وتنبت الحلي والحلل ، وإن أغصانها لترى من وراء ستور الجنة.
  قال غندر بن عمير : هي شجرة في جنة عدن ، أصلها في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1).
  179 ـ وبالاسناد المقدم قال : أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن عثمان بن الحسن ، حدثنا محمد بن الحسين بن صالح ، حدثنا علي بن محمد الدهان والحسين بن إبراهيم الجصاص قالا : حدثنا الحسين بن الحكم ، حدثنا حسن بن حسين ، حدثنا حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه [في قوله تعالى] : (طوبى لهم) قال رضي الله عنه : [هي] شجرة اصلها في دار علي عليه‌السلام في الجنة ، وفي دار كل مؤمن منها غصن يقال له طوبى (وحسن مآب) : حسن المرجع.
  قال : وقيل : يا رسول الله سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة اصلها في داري وفرعها على أهل الجنة.
  ثم سألناك عنها ؟ فقلت : شجرة أصلها في دار علي وفرعها على أهل الجنة ؟ فقال : إن داري ودار علي غدا واحدة في مكان واحد (2).
  180 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقة) (3) بالاسناد المقدم قال : حدثنا سليمان بن احمد ، قال : حدثنا بكر بن سهل ، قال : حدثنا عبد الغني بن سعيد ، قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمان ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس.

-----------------------------
(1) غاية المرام / 391 و 392 نقلا عن تفسير الثعلبي.
(2) شواهد التنزيل 1 / 305.
(3) سورة المجادلة : 58 / 14.

خصائص الوحي المبين _ 217 _

  وعن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ [في] قوله عز وجل : (يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة) قال : فلم يكن أحد يقدر أن يناجي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يتصدق قبل ذلك ، فكان أول من تصدق علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، صرف دينارا بعشرة دراهم وتصدق بها وناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعشر كلمات ثم نسخ ذلك (1).
  قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع من الوحي العزيز أشياء كلها توجب لمولانا أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله السيادة وفقد النظير ووجوب ولاء الامة.
  منها قوله تعالى : (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (2) وهذا لفظ عام لسائر من شملته الاسلام.
  ويزيد قوله صلى الله عليه وآله : نحن أهل الذكر ، إيضاحا قول الله سبحانه وتعالى : (وانه لذكر لك ولقومك) (3) ولم يقل تعالى غير قومه.
  والذكر : هو القرآن العزيز بدليل قوله تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) (4).
  وبدليل قوله تعالى : (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون) (5).

-----------------------------
(1) ينظر شواهد التنزيل 2 / 230.
(2) سورة النحل : 16 / 43.
(3) سورة الزخرف : 43 / 44.
(4) سورة الحجر : 15 / 9.
(5) سورة الانبياء : 21 / 2.

خصائص الوحي المبين _ 218

  ومن وجه آخر [مما يدل على] انهم عليهم‌السلام هم أهل الذكر قوله سبحانه وتعالى : (فاتقوا الله يا اولي الالباب الذين ءامنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلوا عليكم ءايات الله مبينات ليخرج الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور) (1).
  وإذا كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذكر في هذه الاية فهى أهله بلا خلاف.
  ومما يوضح ما قلناه من أنهم عليهم‌السلام أهل الذكر وأنهم الاهل المراد به في لفظ العزيز دون غيرهم قوله سبحانه وتعالى : (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2) وأن اهل البيت في هذا الوحي العزيز هم دون من عداهم ما تقدم من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [في جواب من سأله :] من أهل بيتك الذين ذكرهم الله تعالى في هذه الاية قال : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام.
  ومن يأمر الله تعالى الامة كافة بسؤاله عما لا يعلمون ، فقد أمر الله تعالى الكافة بالاقتداء به في السؤال عما جهلوه.
  ومن وجب امتثال قوله بالوحي العزيز في الحلال والحرام والشرائع والاحكام وجب الاقتداء به في الامامة لموضع قوله تعالى : (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولو الالباب) (3).
  ولقوله تعالى : (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي الا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (4) فوجب ـ على ما ترى ـ له ولاء الامة بالوحي

-----------------------------
(1) سورة الطلاق : 65 / 10 ـ 11.
(2) سورة الاحزاب : 33 / 33.
(3) سورة الزمر : 39 / 9.
(4) سورة يونس : 10 / 35.

خصائص الوحي المبين _ 219 _

  العزيز.
  ومنها قوله سبحانه وتعالى : (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) (1) فقد ميزه الوحي على ساير الخلق وإن كان قد حصل لغيره من النسب بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن المصاهرة مثل ما حصل له ، فتنويه الوحي العزيز بذكره لموضع ميزته على ساير الناس ، وذلك علامة الحث على وجوب اتباعه.
  وإذا كان صلى الله عليه وآله ممن وصفه الله تعالى ممن تواصا بالايمان والصبر فقد ظهرت ميزته ووجب تفرده.
  وإذا انفرد بكون (طوبى) في منزله صلى الله عليه وآله وبكونه صدق بصدقة لم يعمل بها أحد قبله ولا معه ، وورد النسخ عند فراغه منها ، ففي ذلك أدل دليل على ان الوحي العزيز إنما جعلها منقبة له دون غيره.
فـضل  الـتراب الماء حتى إذا iiغدا      ii
سببا لحياة عيسى وآدم من تراب (2)
أنــت مـن مـاء فـرات iiعـذب      ii
اردت بـذكره التفضيل لاماء iiالفرات

-----------------------------
(1) سورة الفرقان : 25 / 54.
(2) هكذا قد ورد الشعر وهو مضطرب جدا.

خصائص الوحي المبين _ 220 _

الفصل الثالث والعشرون

  في قوله سبحانه وتعالى : (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (1) وفي قوله : (واركعوا مع الراكعين) (2).
  181 ـ من طريق أبي نعيم : في قوله تعالى : (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) بالاسناد المقدم قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مخلد ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ [في قوله تعالى] : (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال : هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام (3).
  182 ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عثمان ، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، قال حدثنا محمد بن الزبرقان ، عن السدي ، عن محمد السائب ، عن الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن

-----------------------------
(1) سورة التوبة : 9 / 119.
(2) سورة البقرة : 2 / 43.
(3) ينظر شواهد التنزيل 1 / 259 ، مناقب الخوارزمي / 280 ، تفسير الدر المنثور 3 / 290.

خصائص الوحي المبين _ 220 _

  عباس مثله (1).
  183 ـ وبالاسناد المقدم قال [أبو نعيم] : حدثنا محمد بن عمر بن سالم قال : حدثنا محمد بن الحارث ، قال : حدثنا أحمد بن الحجاج قال : حدثنا عمي محمد بن الصلت قال حدثنا أبي ، عن جعفر بن محمد في قوله الله عز وجل : (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال : محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما (2).
  184 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (واركعوا مع الراكعين) بالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا منجاب بن الحارث قال : حدثنا [حدثنا حسين بن أبي هاشم] عن حبان بن علي عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه [في قوله تعالى] : (واركعوا مع الراكعين) انها نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى عليه‌السلام خاصة ، وهما أول من صلى وركع (3).
  قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع من وجوب الحث على اتباعه والاقتداء به بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لا مزيد عليه في الامر بوجوب الاقتداء وهو امره تعالى بالكون معه بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك بعد قوله تعالى : (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) فقد أثبت تعالى لمن دخل في هذا الامر الايمان وأمره بالتقوى.
  ثم أبان تعالى أن الايمان والتقوى لا ينفعان إلا بعد الكون معه ، فدل ذلك على أن ولاءه هو المزكي للاعمال وإن كانت صالحة وأنها مع صلاحها لا تقبل إلا

-----------------------------
(1) ينظر شواهد التنزيل 1 / 259 وما بعده ، مناقب الخوارزمي / 280 ، تفسير الدر المنثور 3 / 290.
(2) شواهد التنزيل 1 / 259.
(3) شواهد التنزيل 1 / 85 ، مناقب الخوارزمي / 280.

خصائص الوحي المبين _ 221 _

  بولاءه والكون معه.
  ثم أبان تعالى بأن ولاءه والاقتداء به والكون معه على حد وجوب ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يفرق الله تعالى بينهما في وجوب الامر بالاقتداء.
  وذلك مضافا لقوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) (1).
  وفي ذلك أدل دليل على وجوب اتباعه بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث وجب له من فرض الطاعة ما وجب لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ان في هذا لبلاغا لقوم يعقلون).
  ومن ذلك ايضا قوله تعالى : (واركعوا مع الراكعين) وانها خاصة بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعلي عليه‌السلام ، وانه لم يصل معه احد قبله.
  فدل ذلك على وجوب الامر باتباعهما على السواء ، وفي ذلك من وجوب الاقتداء به والاتباع له بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قضية واحدة ، مضافا لما تقدم من القول في الاية التي قبلها.
  وفي هذا كفاية لمن أراد النجاة من النار.
علوت  عن المدايح حيث كانت      ii
اذا كـان الـقديم عـليك iiيثني
وإن عنت الخلايق مدح شخص      ii
فـخالقك الـذي يـعني iiويكني

-----------------------------
(1) سورة المائدة : 5 / 55.

خصائص الوحي المبين _ 222 _

الفصل الرابع والعشرون

  في قوله سبحانه وتعالى : (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) (1).
  وفي قوله : (فاستغلظ فاستوى على سوقه) (2).
  وفي قوله تعالى : (واجعل لي وزيرا من أهلي) (3).
  وفي قوله : (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد) (4).
  وفي قوله تعالى : (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) (5).
  185 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) بالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، قال : حدثنا عبد الرحمان بن عمر ، قال : حدثنا عمي وأبو مالك الجنبي ، عن الاجلح الكندي ، عن قيس الاشعري ، عن ربعي

-----------------------------
(1) سورة الحجرات : 49 / 3.
(2) سورة الفتح : 48 / 29.
(3) سورة طه : 20 / 29.
(4) سورة الرعد : 13 / 4.
(5) سورة الحجر : 15 / 47.

خصائص الوحي المبين _ 223 _

  بن حراش ، قال : خطبنا علي بن أبي طالب عليه‌السلام بالمدائن ، قال : فجاء سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اردد علينا أبناءنا وأرقاءنا ، فإنما خرجوا تعوذا بالاسلام.
  فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه للايمان. الحديث بتمامه (1).
  186 ـ ومن مسند احمد بن حنبل بالاسناد المتقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا يحيى ابن آدم ، قال : حدثنا يونس ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع [عن أبي ذر] قال : قال رسول الله : لينتهين بنوا وليعة (2) أو لا بعثن إليهم رجلا ، يمضي فيهم أمري ، يقتل المقاتلة ويسبي الذرية.
  قال : فقال أبو ذر : فما راعني الا برد كف عمر في حجزتي (3) من خلفي.
  قال : من تراه يعني ؟ قلت : ما يعنيك ولكنه يعني خاصف النعل يعني عليا عليه‌السلام (4).
  187 ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا الاحوص بن جواب ، قال : حدثنا عمار بن زريق ، عن الاعمش ، عن

-----------------------------
(1) كفاية الطالب / 96 ، صحيح الترمذي 5 / 297 ، خصائص النسائي / 55 و 89 مستدرك الحاكم 4 / 298.
(2) بنو وليعة هم ملوك حضرموت حمده ومخوس ومشرح وابضعة ـ ينظر طبقات ابن سعد (1 / 349).
(3) الحجزة : موضع شده الازار.
(4) فضائل الصحابة 2 / 571 ح / 966.

خصائص الوحي المبين _ 224 _

  إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : كنا جلوسا في المسجد فخرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي في بيت فاطمة عليهم‌السلام فانقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاها عليا يصلحها ، ثم جاء فقام علينا فقال : ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.
  قال أبو بكر : انا هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، قال عمر : أنا هو يا رسول الله فقال قال : لا ولكنه خاصف النعل (1).
  188 ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا يحيى الحماني ، قال : حدثنا شريك ، قال : حدثنا منصور ـ ولو أن غير منصور حدثني ما قبلته منه ولقد سألته أن يحدثني فأبى أن يحدثني فلما جربت بيني وبينه المعرفة كان هو الذي دعاني إليه وما سألته ولكن هو الذي ابتدأني به ـ.
  فقال : حدثني ربعي بن حراش قال : حدثنا علي بن أبي طالب عليه‌السلام بالرحبة قال : اجتمعت قريش إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيهم سهيل بن عمرو فقالوا : يا محمد إن قومنا لحقو بك ، فارددهم علينا فغضب حتى رئي الغضب في وجهه ، ثم قال لتنتهن يا معشر قريش ، اوليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للايمان ، يضرب رقابكم على الدين.
  قيل : يا رسول الله [هو] أبو بكر ؟ قال : لا ، قيل : فعمر ؟ قال لا ، ولكنه خاصف النعل في الحجرة (2).

-----------------------------
(1) فضائل الصحابة 2 / 637 ح / 1083.
(2) فضائل الصحابة 2 / 649 ح / 1105.

خصائص الوحي المبين _ 225 _

  189 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم : في قوله تعالى : (فاستغلظ فاستوى على سوقه) بالاسناد المقدم قال : حدث احمد بن منصور ، حدثنا سلمة بن سليمان عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن في قوله تعالى ب‍ (فاستوى على سوقه) قال : استوى الاسلام بسيف علي بن أبي طالب (1).
  190 ـ ومن طريق الحافظ : أبي نعيم في قوله تعالى : (واجعل لي وزيرا من أهلي) (2).
  بالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا الهيثم بن خلف ، قال : حدثنا أحمد بن موسى ، قال : حدثنا الحسن بن ثابت بن عمرو المدني ، قال : حدثني أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ ونحن بمكة ـ وبيدي وصلى أربع ركعات ثم رفع يده إلى السماء فقال : اللهم إن موسى بن عمران سألك وأنا محمد نبيك أسألك أن تشرح لي صدري ، وتحلل عقدة من لساني ، يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب أخي اشدد به أزري واشركه في أمري.
  قال ابن عباس : سمعت مناديا ينادي : يا أحمد ققدق أوتيت ما سألت (3).
  191 ـ ومن تفسير الثعلبي مما رواه عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ وقد ذكرنا الخبر بتمامه في أول هذا الكتاب في باب : (إنما وليكم الله ورسوله) (4).
  ونذكرها هنا لفظ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (واجعل لي وزيرا من أهلي) إذ هو موضع

-----------------------------
(1) شواهد التنزيل 2 / 184.
(2) سورة طه : 20 / 29.
(3) يراجع تفسير الدر المنثور 4 / 295.
(4) سورة المائدة : 5 / 55.

خصائص الوحي المبين _ 226 _

  الحاجة من الخبر هنا.
  بالاسناد المقدم قال الثعلبي : فقال له ابن عباس سألتك بالله من أنت ؟ قال فكشف العمامة عن وجهه وقال : يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهاتين وإلا فصمتا ، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا يقول : علي قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله.
  وذكر تصدق أمير المؤمنين عليه‌السلام بالخاتم [قال] : وأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم ان موسى سألك فقال : (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هرون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا : (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا).
  اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك ، اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري.
  قال أبو ذر : فما استتم رسول الله الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام من عند الله تعالى فقال : يا محمد اقرأ ، قال : وما أقرا؟ قال : إقرأ : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) (1).

-----------------------------
(1) تفسير الثعلبي المخطوط / 74.

خصائص الوحي المبين _ 227 _

  في قوله تعالى : (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد) (1).
  192 ـ [و] من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المتقدم قال : حدثنا أبو بكر الطلحي ، قال : حدثنا عبد الله بن يونس السمناني ، وحدثنا مخلد بن جعفر ، قال : حدثنا محمد بن جرير بن يزيد قالا : حدثنا هارون بن حاتم ، قال : حدثنا عبد الرحمان بن أبي حماد ، عن إسحاق العطار ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي عليه‌السلام : الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة ، ثم قرأ : (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء وأحد) (2).
  193 ـ وبالاسناد المقدم قال [أبو نعيم] : حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، قال : حدثنا محمد بن يوسف بن الطباع ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن علي السلمي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، [عن جابر بن عبد الله] قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : يا علي إن الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة (3).
  194 ـ ومن الجزء الاول من كتاب الفردوس لابي شجاع بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي في باب (الالف) بالاسناد المقدم قال عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا وعلي من شجرة واحدة والناس من

-----------------------------
(1) سورة الرعد : 13 / 4.
(2) شواهد التنزيل 1 / 288 ، مستدرك الحاكم 2 / 241 ، مجمع الزوائد 9 / 100.
(3) ينظر مناقب ابن المغازلي / 90.

خصائص الوحي المبين _ 227 _

  أشجار شتى (1).
  195 ـ ويليه من الباب ايضا بالاسناد المقدم قال : عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا شجرة وفاطمة حملها وعلي لقاحها ، والحسن والحسين ثمرها ، والمحبون لاهل البيت ورقها من الجنة حقا حقا (2).
  196 ـ ومن مسند ابن حنبل في قوله تعالى : (إخوانا على سرر متقابلين) (3).
  بالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا حسين بن محمد الذارع ، قال : حدثنا عبد المؤمن بن عباد ، قال : حدثنا يزيد بن معن ، عن عبد الله بن شرحبيل : عن زيد بن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجده ... .
  فذكر عنه قصة مواخاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه [إلى أن قال :] فقال علي ـ يعني للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط علي ، فلك العتبى والكرامة ؟
  فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة وأنت أخي ورفيقي ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

-----------------------------
(1) فردوس الاخبار 1 / 77 ح / 112.
(2) فردوس الاخبار 1 / 84 ح / 138.
(3) سورة الحجر : 15 / 47.

خصائص الوحي المبين _ 228 _

  (إخوانا على سرر متقابلين) المتحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض (1).
  197 ـ ومن طريق الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الشافعي الواسطي بالاسناد المقدم قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن عبد الله بن شوذب ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثني أحمد بن أبي خيثمة ، حدثني نصر بن علي ، حدثني عبد المؤمن بن عبادة ، عن عمار بن عمر ، قال حدثني يزيد بن معن ، حدثني عبد الله بن شرحبيل ، عن رجل من قريش عن زيد بن أرقم قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إني مواخ بينكم كما آخا الله بين الملائكة ، ثم قال لعلي : أنت أخي ورفيقي ، ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الاية : (إخوانا على سرر متقابلين) الاخلاء في الله ، ينظر بعضهم إلى بعض (2).
  قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع من الوحي العزيز أشياء كلها توجب فقد النظير لمولانا أمير المؤمنين علي عليه‌السلام والسيادة وولاء الامة : منها قوله سبحانه وتعالى : (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) (3).
  وهو الذي بعثه الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لاستيفاء حق الله تعالى ممن كفر وهو الذي يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تنزيله.
  فقد استوى القتالان لان منكر التنزيل جاحد لقبوله ومنكر التأويل جاحد لقبول العمل به.
  وهذه منزلة لا يستحقها بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا من هو مستحق للامر بعده ، لان استيفاء حق الله تعالى ممن عاند وجحد وكفر لا يكون إلا بيد رسوله أو من قام مقامه

-----------------------------
(1) فضائل الصحابة 2 / 638.
(2) تاريخ مدينة دمشق ترجمة الامام علي بن أبي طالب 1 / 121.
(3) سورة الحجرات : 49 / 3.

خصائص الوحي المبين _ 229 _

  في وجوب الاقتداء والاتباع.
  ومنها [قوله] : (فاستوى على سوقه) (1) وإذا كان الاسلام به قد استوى على سوقه ، فقد قام مقام كل معجز للرسول ومقام كل مجاهد بين يديه ، لان طلب الاعجاز والجهاد لقيام الاسلام على سوقه ، وإذا كان ذلك حاصلا بسيفه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد قام مقام ذلك كله ، ومن كان كذلك أحق بالاتباع.
  ومن ذلك قوله تعالى : (واجعل لي وزيرا من أهلي) (2) وطلب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك لعلي عليه‌السلام على حد طلب موسى عليه‌السلام لهارون عليه‌السلام ليدل بذلك على انه مستحق منه من المنازل ما كان يستحقه هارون من موسى.
  وهارون كان أخا موسى لابيه وأمه وكان نبيه ، وكان خليفته بدليل قوله تعالى : (واذ قال موسى لاخيه هرون اخلفني في قومي) (3) فأمير المؤمينن عليه‌السلام لم يكن أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابيه وأمه ، وإنما هي اخوة الدين والاصطفاء ، وذلك معلوم لا يحتاج إلى دليل.
  والنبوة داخلة في جملة منازل هارون ، وهارون مات قبل موسى ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علم أن عليا عليه‌السلام يعيش بعده ، فاستثنى النبوة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مواضع عديدة : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا بني بعدي) (4) لانه لو لم يستثن النبوة لتوهمت في جملة المنازل ، فصريح النسب مستثنى بالعرف والنبوة مستثناة بلفظه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبقي له منه صلى الله عليهما وآلهما ما نطق به الوحي العزيز ، ولم يدخل

-----------------------------
(1) سورة الفتح : 48 / 29.
(2) سورة طه : 20 / 29.
(3) سورة الاعراف : 7 / 142.
(4) ينظر كتاب (العمدة) الفصل السادس عشر.

خصائص الوحي المبين _ 230 _

  تحت استثناء العرف النسبي ولا تحت استثناء العرف اللفظي ، وهي الخلافة مستحقة بلا ارتياب وهي التي بنى عليها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله وإليها اشار.
  ومن ذلك انهما من شجرة واحدة والناس من شجر شتى ، وإذا كانا صلى الله عليهما وآلهما وسلم من شجرة واحدة ، فقد استويا في الخلقة ، إذ هما من شئ واحد واستويا في وجوب الطاعة والولاء بدليل قوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا) (1) الاية.
  وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام ، ومن كان مثله في وجوب ولاء الامة ، ومثله في الخلقة من شئ واحد ، وجب ان يكون مثله في كل شئ إلا فيما اسثتناء من النبوة ، وفي هذا فقد النظير له من سائر خلق الله تعالى.
  ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (إخوانا على سرر متقابلين) (2) وإذا كان عليه‌السلام أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدنيا وهو أخوه في دار الاخرة ومنزلهما في الجنة واحد ، فقد ظهر فضله ووجب له من ولاء الامة ما لمواخيه على حد سواء ، إذ قد أوجب الله تعالى له من فرض الطاعة ما أوجب لنفسه تعالى ولرسوله.
  وفي هذا أدل دليل على وجوب الولاء له بعد رسول الله فلينظر في ذلك من اراد النجاة.
أخو المصطفى في الوحي أنت وفي الهدى      ii
شـبيه  ومـن يـبغي خـلافك مـا iiحل
وصـاحبه الادنـى مـدى الـعمر iiعاجل      ii
وصـاحـبه يــوم الـقـيامة iiآجــل

-----------------------------
(1) سورة المائدة : 5 / 55.
(2) سورة الحجر : 15 / 47.

خصائص الوحي المبين _ 231 _

الفصل الخامس والعشرون

  في قوله تعالى : (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (1).
  وفي قوله تعالى : (واذ أخذ ربك من بنئ ادم من ظهورهم ذريتهم) (2) .
  وفي قوله تعالى : (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) (3) .
  وفي قوله تعالى : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) (3).
  198 ـ من طريق أبي نعيم في قوله تعالى : (هذان خصمان اختصموا في ربهم) بالاسناد المقدم قال حدثنا أحمد بن محمد بن حبلة ، قال : حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي ، قال : حدثنا أحمد بن منيع ، قال حدثنا هشيم ، قال : حدثنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن علي عليه‌السلام قال : أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله عز وجل [و] فينا نزلت هذه الاية في مبارزتي يوم بدر : (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (4) الاية (5).

-----------------------------
(1) سورة الحج : 22 / 19.
(2) سورة الاعراف : 7 / 172.
(3) سورة التحريم : 66 / 4.
(4) سورة الاحزاب : 33 / 58.
(5) سورة الحج : 22 / 19.
(6) سورة التنزيل 1 / 386.

خصائص الوحي المبين _ 232 _

  199 ـ ومن تفسير الثعلبي في قوله تعالى : ب (هذان خصمان اختصموا في ربهم) بالاسناد المقدم قال الثعلبي : اختلف المفسرون في هذين الخصمين من هما ؟ فروى قيس بن عباد : أن أبا ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ كان يقسم بالله تعالى ان هذه الاية نزلت في ست نفر من قريش بارزوا يوم بدر : علي بن أبي طالب عليه‌السلام وحمزة بن عبد المطلب عليه‌السلام وعبيدة بن الحارث ـ رضي الله عنه ـ وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة (1).
  قال : وقال علي عليه‌السلام : إني أول من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي الله عز وجل وإلى هذا القول ذهب هلال بن يساف وعطاء بن يسار (2).
  200 ـ ومن الجزء الثاني من كتاب (الفردوس) لاب شيرويه الديلمي في باب (اللام) بالاسناد [المتقدم] قال : عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله ، سمى أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد ، قال الله عز وجل : (وإذ أخذ ربك من بنئ ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربك) (3) قالت الملائكة : بلى فقال تبارك وتعالى : أنا ربكم ومحمد نبيكم وعلى أميركم (4).
  201 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (فإن تظاهرا عليه فإن

-----------------------------
(1 و 2) رواه ايضا البخاري في صحيحه 6 / 98 مع اختلاف يسير.
(3) سورة الاعراف : 7 / 172.
(4) رواه نظيره الفقيه ابن المغازلي في مناقبه / 272.

خصائص الوحي المبين _ 233 _

  الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) (1) الاية بالاسناد المقدم قال : حدثنا أحمد بن جعفر النسائي ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا الحسين بن الحكم ، قال حدثنا حسين ـ يعني ابن حسن ـ قال : حدثنا حفص بن راشد ، عن يونس بن أرقم ، عن إبراهيم بن حبان ، عن أم جعفر بنت عبد الله بن جعفر ، عن أسماء بنت عميس قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ هذه الاية : (فان تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) قال : صالح المؤمنين : علي بن أبي طالب عليه‌السلام (2).
  202 ـ ومن طريق أبي نعيم : [في قوله تعالى] : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) (3) بالاسناد المقدم قال : حدثنا أبو أحمد يوسف بن عبد الله وأحمد بن أبي عمران قالا : حدثنا عبد الخالق بن محمد بن الحسن بن مرزوق ، قال : حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال حدثنا الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان في قوله عز وجل : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام وذلك ان نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه (4).
  قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع أشياء من الوحي العزيز كلها توجب عدم النظير لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام.
  منها قوله تعالى : (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (5) فقد مدحه الله

-----------------------------
(1) سورة التحريم : 66 / 4.
(2) شواهد التنزيل 2 / 254.
(3) سورة الاحزاب : 33 / 58.
(4) شواهد التنزيل 2 / 93.
(5) سورة الحج : 22 / 19.

خصائص الوحي المبين _ 234 _

  تعالى بذلك غاية المدحة بدليل قوله تعالى : (ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) (1) وهي خاصة به دون غيره.
  ومن حصلت له محبة الله تعالى تعالى فقد فاز بأمر لا يدانيه فيه غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي هو مختص بمحبة الله تعالى زيادة على سائر خلقه تعالى.
  ومنها قوله تعالى : (واذ أخذ ربك من بنئ ادم من ظهورهم ذريتهم) (2).
  وفسر ذلك بأن الله تعالى قال للملائكة : ألست بربكم ؟ فقالت الملائكة : بلي ، فقال تبارك وتعالى : وأنا ربكم ومحمد نبيكم وعلي أميركم ، وذلك قبل أن يخلق أحد من بني آدم ، لانه قال : وآدم بين الروح والجسد.
  وإذا كان [علي] عليه‌السلام قد سمي بأمير المؤمنين قبل خلق بني آدم واختص بالامارة على الملائكة قبل بني آدم ، فقد وجب له ولاء الامة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث قرن تعالى ذكر بذكره وذكر رسوله.
  وهذا ما لا مزيد عليه في الاجتباء ولا نظير له في الاصطفاء (ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) (3).
  ومن ذلك قوله تعالى : (وصالح المؤمنين) (4) فقد قرنه تعالى في نصرة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله تعالى : (فان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) وجب له ولاء الامة بعد نبيها لموضع وجوب الاقتداء بالصالحين بدليل قوله تعالى : (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما

-----------------------------
(1) سورة الصف : 61 / 4.
(2) سورة الاعراف : 7 / 172.
(3) سورة ق : 50 / 37.
(4) سورة التحريم : 66 / 4.

خصائص الوحي المبين _ 235 _

  لكم كيف تحكمون) (1) وقد قرن الله تعالى مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله بنفسه في وجوب الطاعة وفي وجوب نصرة رسوله في مواضع عدة ، وكل ذلك جعله سبحانه تنبيها على وجوب اتباعه دون من لم يحصل له هذه المنازل العلية.
  فمن ذلك قوله سبحانه وتعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) (2) وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام في أول هذا الكتاب فهذا في وجوب الطاعة.
  وفي النصرة قوله تعالى : (فان تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) (3) معناه : ناصره.
  ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) (4) وهي خاصة به ، وقد تقدم ذكر ذلك.
  ومن ذلك أيضا قوله تعالى في الشهادة بتصديق النبوة بقوله جل وعلا : (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) (5) وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام.
  ومن ذلك ايضا في وجوب الطاعة قوله تعالى : (وسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا) (6) وقد تقدم القول في ذكر الجواب سؤالهم وهو قولهم : بعثنا

-----------------------------
(1) سورة يونس : 10 / 35.
(2) سورة المائدة : 5 / 55.
(3) سورة التحريم : 66 / 4.
(4) سورة الانفال : 8 / 64.
(5) سورة الرعد : 13 / 43.
(6) سورة الزخرف : 43 / 45.

خصائص الوحي المبين _ 236 _

  على شهادة أن لا إله الا الله ، وعلى الاقرار بنبوتك ، وعلى الولاية لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام. وهذا مما لا يدانيه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل سوى سيد الانبياء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لان من بعث الله تعالى أنبياءه السابقين لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ولايته كان حقيقا بفقد النظير.
  وقرنه تعالى بذكره جل وعلا في النصرة والتأييد لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله تعالى : (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (1) وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام.
  وقرنه تعالى بذكره جل وعلا في الانتقام من أعدائه تعالى بقوله تعالى : (فإما نذهبن بلك فإنا منهم منتقمون) (2) وأراد تعالى [انه ينتقم منهم] بعلي عليه‌السلام ، وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام.
  وقرنه الله تعالى بذكره في كفاية المؤمنين بقوله جل وعلا : (وكفى الله المؤمنين القتال) بعلي عليه‌السلام وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام.
  وقرنه الله تعالى بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الهداية بقوله تعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (3).
  وقرنه تعالى بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كونه على بينة من ربه بقوله تعالى : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (4) فقرنه تعالى به في البينة ولم يفرده عنه بل قال تعالى : (ويتلوه شاهد منه) فذلك جاز للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقول : علي مني وأنا من

-----------------------------
(1) سورة الانفال : 8 / 62.
(2) سورة الزخرف : 43 / 41.
(3) سورة الرعد : 13 / 7.
(4) سورة هود : 11 / 17.

خصائص الوحي المبين _ 237 _

  علي ، وقد تقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام.
  وقرنه تعالى بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السلام عليه بقوله تعالى : (سلام على ال ياسين) (1) وتقدم ذكر اختصاصها به عليه‌السلام فيجب على كل ذي دين وعقل أن ينظر في ذلك من قرن الله تعالى ذكره بذكره في هذه المواطن العلية الجلية التي كل واحد منها توجب له ولاء الامة ما ثبت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرنه برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.
  ومن كان بهذه المنازل ، عدم نظيره ووجب تفرده وثبت له من ولاء الامة ما ثبت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي هذا عمدة للمستبصر وعدة للمستنصر.
  قال يحيى بن الحسن : قد وفينا بما وعدنا في صدر هذا الكتاب من ذكر أنواعه وفنونه وابنا عن غرائب مضمونه.
  ولنا فيه كلام حنكته (2) تجارب التكرار وأحكمته مآرب (3) [الليل و] والنهار ، يستعذب مستمعه الاعادة له وإن مل ، ويستحلي قارؤه الاطاعة له إذا قل ، رقته أبهر من الحجيج ، وفتقه أزهر من الخليج (4) ، بأغراض الحكم أبصر ، ولاغراض الكلم أستر ، ولذوي الاقتداء أنصر ، ولذوي الاعتداء أقهر ، ولوجوه الضلال وأنصاره أبسر (5) وأخسر ، من قدح الزناد أنور ، ومن نور الرياض أنظر ، ومن نشر الاذفر أعطر وأنشر ، قد اتقد حر براعته (6) وانتقد كسب بضاعته وافتقد مثل

-----------------------------
(1) سورة الصافات : 37 / 130.
(2) حنكه : احكمه.
(3) الارب : الحاجة.
(4) هكذا وردت الجملة ولعل الاصح أن تكون بهذه الصورة : رقته ابهر من الخليج وفتقه أزهر من الحجيج.
(5) بسر : عبس.
(6) البراعة : القدرة العالية.

خصائص الوحي المبين _ 238 _

  صناعته والتأم عازب (1) شواهده وايتلف شارد (2) مقاصده وابتكر فريده ونشر وديده (3) وحذرف (4) وليده وطفق (5) زنادا للمتقدمين وزدا للمهتدين.
  وقلت ارتجالا :
جـاهدت فـيك بـقولي والـلسان iiلـه      ii
فـضل على السيف في الغفران iiللحوب
لا  يـهتدي السيف في طرق البيان iiإلى      ii
نـهج الـلسان ولا سـمر الانابيب (6)ii
فـالـقول تـخدمه الاسـياف لا iiمـعة      ii
في  الحرب ما بين معطوب iiومضروب
لـو لا الـلسان لـما سـل الحسام iiولا      ii
التف الجموع على الجرد السلاهيب (7)
فـكن بـها مـنقذي فـي يـوم مطلعي      ii
والـناس  ما بين محبوب ومجبوب (8)
والـحـمـد لــلـه رب iiالـعـالمين      ii

-----------------------------
(1) عازب : بعيد.
(2) الشارد : الشاذ والمبتعد.
(3) الوديد : المحب.
(4) حذرف : حذاريف الشئ : جوانبه ونواحيه.
(5) ما طفق فلان يعمل اي ما برح.
(6) سمر الانابيب : كناية عن الرماح.
(7) الحسام : السيف القاطع ، الجرد السلاهيب : كناية عن الخيل الجيدة.
(8) المجبوب : المقطوع.

خصائص الوحي المبين _ 239 _

فهرس الآيات القرآنيّة

  سورة الفاتحة
  (اِهْدِنَا اَلصِّراطَ اَلْمُسْتَقِيمَ) / 6 * 63 ، 125 ، 130
  سورة البقرة
  (فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) / 37 * 63 ، 125 ، 130
  (وَاِرْكَعُوا مَعَ اَلرّاكِعِينَ) / 43 * 233 ، 234 ، 235
  (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً) / 124 * 63، 125،131،136، 188
  (وَمِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ)/ 207 * 63،117،119، 120، 121   (اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَاَلنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً)/ 274 * 66 ، 203 ، 204
  سورة آل عمران
  (فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) / 7 * 217

خصائص الوحي المبين _ 240 _

  (إِنَّ اَللّهَ اِصْطَفى ? آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ ...)/ 33
  (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ ...)/ 61
  (إِنَّ هذا لَهُوَ اَلْقَصَصُ اَلْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اَللّهُ ...)/ 62
  (إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَهذَا اَلنَّبِيُّ ...)/ 68
  (وَاِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) / 103
  (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ اَلْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) / 143
  سورة النساء
  (فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ ...) / 69
  (مَنْ يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اَللهَ) / 80
  سورة المائدة
  (اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) / 3
  (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اَللهُ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْكافِرُونَ)/ 44