----------------------------- (1) سورة المائدة : 5 / 55. (2) سورة الحاقة : 69 / 12. (3) سورة الاعلى : 87 / 6. خصائص الوحي المبين _ 164الفصل الثاني عشرفي قوله تعالى : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) (1). وفي قوله تعالى : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (2). 125 ـ من تفسير الثعلبي : في قوله تعالى : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) قال الثعلبي : نزلت في علي بن أبي طالب وفاطمة صلى الله عليهما والحسن والحسين عليهمالسلام ، قال : وكان القصة فيما [ما] : أخبرنا به الشيخ أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن علي الشيباني العدل ـ قراة عليه في صفر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ـ قال : أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الخوارزمي ابن عمر بن الاحنف بن قيس ـ في سنة ثمان وخمسين ومأتين ـ قال : حدثنا أحمد بن حماد المروزي ، حدثنا محبوب بن حميد القصري ـ وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة ـ قال : حدثنا القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنه ـ. قال وأخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، ----------------------------- (1) سورة الانسان : 76 / 1. (2) سورة السجدة : 32 / 18. خصائص الوحي المبين _ 165 _حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سهيل ، عن علي بن مهران الباهلي بالبصرة ، حدثنا أبو مسعود عبد الرحمان بن فهر بن هلال ، حدثني القاسم بن يحيى الغنوي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ.قال أبو الحسن بن مهران : وحدثني محمد بن زكريا البصري ، حدثني شعيب بن واقد المزني ، حدثنا القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قول الله عز وجل : (يوفون بالندر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) (1) قال : مرض الحسن والحسين عليهالسلام فعادهما جدهما محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعه أبو بكر وعمر ، وعادهما عامة الرب فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك ، فكل نذر لا يكون له وفاء ، فليس بشئ. فقال علي صلى الله عليه وآله : إن برأ ولداي مما بهما ، صمت ثلاثة أيام شكرا لله عز وجل. وقالت فاطمة صلى الله عليها : ان برأ ولداى مما بهما صمت ثلاثة أيام شكرا لله. وقالت جارية يقال لها فضة نوبية : ان برءا سيداي مما بهما ، صمت ثلاثة ايام شكرا لله عز وجل. فألبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير ، فانطلق علي صلوات الله عليه إلى شمعون بن حاريا اليهودي الخبيري ، فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير. وفي حديث المزني ، عن ابن مهران الباهلي : فانطلق علي عليهالسلام إلى جار له من اليهود ، يعالج الصوف ويقال له : شمعون بن حاريا ، فقال له : هل لك ----------------------------- (1) سورة الدهر : 76 / 7. خصائص الوحي المبين _ 166 _أن تعطيني جزة من الصوف تغزلها بنت محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم اصوع من شعير ؟فقال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير ، فأخبر فاطمة صلى الله عليهما بذلك فقبلته وأطاعت. قالوا : فقامت فاطمة صلوات الله عليها إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص ، لكل واحد منهم قرصا ، وصلى علي عليهالسلام مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المغرب ، ثم أتى إلى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب ، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة. فسمعه علي صلوات الله عليه فأمر بإعطائه قال : فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم ولم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح. فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة صلوات الله عليها إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، فأتاهم يتيم فوقف بالباب وقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، يتيم من أولاد المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة أطعموني اطعمكم الله من موائد الجنة. فسمعه علي عليهالسلام فأمر بإعطائه قال : فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين ولم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح. فلما كان اليوم الثلاث قامت فاطمة صلوات الله عليها إلى الصاع الثالث فطحنته واختبزته ، وصلى علي صلوات الله عليه مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم أسير ، فوقف بالباب ، فقال : السلام عليكم اهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا ، وأطعموني فإني أسير محمد ، خصائص الوحي المبين _ 167 _أطعمكم الله من موائد الجنة.فسمعه علي صلوات الله عليه فأمر باعطائه قال : فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة ايام ولياليها ، لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح. فلما كان اليوم الرابع وقد وفوا نذرهم ، أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع. فلما بصر به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يا ابا الحسن ما أشد ما يسؤني ما أرى بكم ، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة. فانطلقوا إليها وهي في محرابها وقد لصق ظهرها ببطنها من شدة الجوع ، وغارا عيناها ، فلما رآها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : واغوثاه بالله ، اهل بيت محمد يموتون جوعا. فهبط جبرئيل عليهالسلام على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا محمد خذ ما هنأك الله في أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل ؟ فأقرأه : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) إلى قوله تعالى : (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (1) إلى آخر السورة. وزاد ابن مهران الباهلي في الحديث : فوثب (2) النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى دخل على فاطمة و [لما] رأى ما بهم ، انكب عليهم يبكي ، ثم قال لهم : أنتم مذ ثلاث في ما أرى وأنا غافل عنكم ؟ فهبط جبرئيل عليهالسلام بهذه الآيات. وزاد محمد بن علي صاحب الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف (البلغة) : أنهم عليهمالسلام نزل عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام. ----------------------------- (1) سورة الدهر : 76 / 9 ـ 10. (2) وثب : نهض وقام. خصائص الوحي المبين _ 168 _وحديث (المائدة) ونزولها عليهم مذكورة في ساير الكتب.126 ـ قال الثعلبي : قوله عز وجل : (إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) (1) قال هي عين في دار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تفجر إلى دور الانبياء عليهمالسلام والمؤمنين (يوفون بالنذر) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهم فضة (ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه) يقول : [على] شهوتهم للطعام وايثارهم مسكينا من مساكين المسلمين ، ويتيما من يتامى المسلمين ، وأسيرا من أسارى المشركين. ويقولون إذا أطعموهم : (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا) قال : والله ما قالوا هذا بألسنتهم ولكنهم أضمروه في صدورهم ، فأخبر الله عز وجل بإضمارهم يقولون : (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) فتمنون علينا به ، ولكنا أعطيناكم لوجه الله تعالى وطلب ثوابه. قال الله عز وجل : (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة) في الوجوه (وسرورا) في القلوب (وجزاهم بما صبروا جنة) يسكنونها (وحريرا) يلبسونه ويفرشونه (متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا). قال ابن عباس : فبينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا ضوء كضوء الشمس ، وقد أشرقت الجنان له ، فيقول أهل الجنة : قال ربنا عز وجل : (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا). ----------------------------- (1) سورة الدهر : 76 / 5 ـ 6. خصائص الوحي المبين _ 169_فيقول لهم رضوان : ليست هذه شمسا ولا قمرا ولكن هذه فاطمة وعلي ، ضحكا ضحكا [ف] أشرقت الجنان من نور ضحكهما.وفيهما أنزل الله تعالى : (هل أتى على الانسان حين من الدهر) إلى قوله : (وكان سعيكم مشكورا). قال الثعلبي وأنشدت فيه :
127 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم : قال [أبو نعيم] : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إسحاق بن بنان ، قال : حدثنا حبيش بن مبشر ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، ـ رضي الله عنه ـ قال : قال الوليد بن عقبة لعلي عليهالسلام : أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا وأملا منك حشوا للكتيبة. فقال له علي عليهالسلام : اسكت فإنما أنت فاسق ، فنزلت : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) قال : يعني بالمؤمن : عليا عليهالسلام ، وبالفاسق : الوليد بن عقبة (3). 128 ـ من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) بالاسناد المقدم قال الثعلبي : نزلت هذه الآية في ----------------------------- (1) نقله ابن المغازلي في المناقب 272 ـ 274 باختصار. (2) سورة السجدة : 32 / 18. (3) ينظر اسباب النزول / 367 ، تفسير القرطبي 14 / 105 ، تفسير الطبري 21 / 68 ، تفسير الدر المنثور 5 / 178. خصائص الوحي المبين _ 170 _أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط ـ أخي عثمان لامه ـ ، وذلك إنه كان بينهما تنازع وكلام في شئ ، فقال الوليد لعلي عليهالسلام : اسكت فإنك صبي ، وأنا والله أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأشجع جنانا وأملا منك حشوا في الكتيبة.فقال له علي صلى الله عليه وآله : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (1). قال يحيى بن الحسن : واعلم أن هذا الفصل قد جمع أشياء في فقد النظير لمولانا أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله. منها كونه من الابرار وولديه وزوجته صلى الله عليهم ، وجزاؤهم الجنة والحرير ، وجميع ما ذكر من أنواع النعيم. وهذا في حقهم عليهمالسلام بالوحي الصادق في جواب ليسير الصدقة ، ولو أن غيرهم أنفق مالا له القيم الوافية ، لما نزل في حقه آية واحدة فثبت أن المحل للمتصدق لا للصدقة ، وفي ذلك فقد النظير. ومنها قوله للوليد بن عقبة بن أبي معيط : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله سبحانه وتعالى القرآن العزيز على مقتضى لفظه صلى الله عليه وآله. وفي ذلك دليل على علمه بباطن أمره الوليد بن عقبة ، وهذا من أبهر الاعجاز ، ويدل على أنه كان عالما بدخيله أمره ورود الوحي الصادق بمقتضى لفظه من غير عدول عنه. ويزيد ما قلناه إيضاحا وبيانا : أن غيره لو قال للوليد بن عقبة إنك فاسق ----------------------------- (1) ينظر انساب الاشراف 1 / 148 وفيه : اربط جنانا ، شواهد التنزيل 1 / 452. خصائص الوحي المبين _ 171 _لوجب عليه حد الفرية ، من حيث انه قذف من ظاهره الاسلام ، فلما أنزل الله تعالى الوحي العزيز بفسق الوليد عقبة وتزكية مولانا أمير المؤمنين صلى الله عليه ، علم أن الله تعالى راض بقوله ومثيب له على ما قال.وفي هذا فقد النظير له عليهالسلام.
----------------------------- (1) التضور : التلوي والصياح من وجع الضرب. خصائص الوحي المبين _ 172 _الفصل الثالث عشرفي قوله سبحانه وتعالى : (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) (1). وفي قوله تعالى : (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض) الآية (2). 129 ـ من طريق الحافظ ابي نعيم وبالاسناد المقدم قال الحافظ أبو نعيم : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم السلولي ، عن جده قال : حدثنا يحيى بن يعلى وحدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : حدثنا ابراهيم بن محمد بن علي الرازي قال : حدثنا ابن أبي الثلج قال : حدثنا الحسن بن حماد قال : حدثنا يحيى بن يعلي ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق قال : حدثنا ربيعه بن ناجد ، قال سمعت عليا عليهالسلام يقول : في نزلت هذه الآية : (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) (3). 130 ـ ومن طريق أحمد بن حنبل في قوله تعالى : (ولما ضرب ابن مريم ----------------------------- (1) سورة الزخرف : 43 / 57. (2) سورة النور : 24 / 55. (3) نظيره في شواهد التنزيل 2 / 162 ، ينظر مناقب الخوارزمي / 325. خصائص الوحي المبين _ 173 _مثلا إذا قومك منه يصدون) الآية بالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني يحيى بن آدم ، قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن أكيل ، عن الشعبي قال : لقيت علقمة قال : أتدري ما مثل علي في هذه الامة ؟ قال : قلت وما مثله ؟ قال : مثل عيسى بن مريم ، أحبه قوم حتى هلكوا في حبه وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه (1).131 ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن ، حنبل ، قال : حدثنا سريج بن يونس والحسين بن عرفه ، قالا : حدثنا أبو حفص الابار (2) ، عن الحكم بن عبد المالك ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجد ، عن علي عليهالسلام قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي ان فيك مثلا من عيسى ، أبغضته اليهود حتى بهتوا (3) أمه ، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له (4). 132 ـ [و] من طريق أبي نعيم : في قوله تعالى : (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض) الآية. بالاسناد المقدم قال الحافظ أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، قال : حدثنا محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا حسين بن حسن الاشقر ، قال : حدثنا صباح بن يحيى المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، ----------------------------- (1) فضائل الصحابة 2 / 575 ح / 974 وإذا سبرنا الناس وجدنا فيهم القالي والغالي والنمط الاوسط ، الاول : الخوارج الكفرة. والثاني : الغلاة القائلون بالوهية علي بن ابي طالب عليهالسلام. والثالث : الشيعة المتمسكون به وبأولاده الاحد عشر المعصومين ، الخلفاء بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. (2) الابار : بفتح الالف وتشديد الباء الموحدة : نسبة إلى عمل الابر جمع الابرة التي يخاط بها الثياب ـ اللباب 1 / 23. (3) بهته بهتا وبهتانا : افترى عليه الكذب. (4) فضائل الصحابة 2 / 639 ح / 1087 ، مسند احمد 1 / 160. خصائص الوحي المبين _ 174 _عن أبي صادق ، عن حنش : أن عليا عليهالسلام قال : من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم ، فإنا منذ خلق الله السماوات والارض على سنة موسى عليهالسلام وأشياعه ، وإن عدونا منذ خلق الله السماوات والارض على سنة فرعون وأشياعه ، وإني أقسم بالذي فلق الحبة وبرئ النسمة وأنزل الكتاب على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم صدقا وعدلا لتعطفن عليكم هذه الآية : (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات) (1).قال يحيى بن الحسن : واعلم أن هذا الفصل قد جمع أشياء كلها توجب لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه الولاء بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : منها قوله سبحانه وتعالى : (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) (2) لانه لما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : (إن فيك مثلا من عيسى) عظم ذلك على قوم من أصحابه وأقاربه ، فقالوا : عيسى خير منه لان عيسى بالامس كنا نتخذه إلها. فلما سمع الله تعالى مقالة القوم أكبرها سبحانه وتعالى وأنكرها بدليل قوله تعالى : (اذاقومك منه يصدون. وقالوا ءآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) (3) فجعل قولهم جدلا وجعلهم خصمين أدل دليل على انكار مقالتهم. ثم أوضح تعالى عن حقيقة إنكار قولهم بقوله تعالى : (إن هو الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) (4). ----------------------------- (1) ينظر شواهد التنزيل 1 / 412. (2) سورة الزخرف : 43 / 57. (3) سورة الزخرف : 43 / 57 ـ 58. (4) سورة الزخرف : 43 / 59. خصائص الوحي المبين _ 175 _ثم أوضح تعالى القصة بأن المماثلة حقيقية وأن منكرها جدل خصيم بقوله تعالى : (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون) (1) لانه لما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) (2) لعلمه بأن عليا يعيش بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن هارون مات في حياة موسى.ومتى لم يستثن النبوة في جملة المنازل تثبت له من منازل هارون من موسى ما لم يستثنه في اللفظ ، وما هو مستثنى في العرف وهو الاخوة من النسب ، ويثبت له الخلافة وفرض الطاعة. وكذلك لفظ الكتاب العزيز لانه لما أراد القديم تعالى المماثلة وإمضاء ما نطق به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلم القديم تعالى انه ربما توهمت النبوة من حيث المماثلة فقال تعالى مبينا حال الخلافة دون النبوة لينفي تعالى حال توهم النبوة وليثبت تعالى له الخلافة فقال تعالى : (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون) (3) فحصصه تعالى بالخلافة دون النبوة إذ لا نبوة بعده. وقوله تعالى : (ملائكة) تعظيما لامره لموضع توهم الامة أن الملائكة أفضل من بني آدم. وفي قوله سبحانه وتعالى : (منكم) ادل دليل على اختصاصها بمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه لان عليا عليهالسلام من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بدليل قوله : (ويتلوه شاهد منه) (4). ----------------------------- (1) سورة الزخرف : 43 / 60. (2) يراجع مسند احمد 3 / 32 و 1 / 177 و 179 ـ 182 ـ 174. (3) سورة الزخرف : 43 / 60. (4) سورة هود : 11 / 17. خصائص الوحي المبين _ 176 _وبدليل قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (علي مني وأنا من علي) (1) وقد تقدم بيان ذلك مستوفى.ومنها قوله سبحانه وتعالى : (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) (2) واختصاص هذه الآية بهم غير مختلف فيه. ويدل على صحة ذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام وقسمه بالله تعالى على ذلك وقوله : (لتعطفن عليكم هذه الآية) بعد القسم. يوضح ذلك ويزيده بيانا قوله عليهالسلام : (من أراد أن يسأل عن أمرناو أمر القوم فإنا منذ خلق السموات والارض على سنة موسى وأشياعه وإن عدونا منذ خلق الله السموات والارض على سنة فرعون وأشياعه). وسنة موسى وأشياعه لم تكن منذ خلق الله السموات والارض ولا سنة فرعون وأشياعه ايضا ، وإنما هذا القول منه صلىاللهعليهوآلهوسلم على سبيل المبالغة مثل قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة عشرة الف عام ، فلم يزل في شئ واحد ، يسبح الله ذلك النور ويقدسه ، فلما خلق الله تعالى آدم أسكن ذلك النور في صلبه إلى ان افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزء في صلب عبد الله وجزء في صلب أبي طالب (3). [هكذا] ذكره احمد بن حنبل. ----------------------------- (1) ينظر مسند احمد 4 / 165 ، 5 / 356 ، 4 / 437 ، فضائل الصحابة 2 / 594 و 656. (2) سورة النور : 24 / 55. (3) فضائل الصحابة 2 / 662 ونظيره في مناقب ابن المغازلي / 87. خصائص الوحي المبين _ 177 _وذكره [أيضا] صاحب كتاب الفردوس وهو ابن شيرويه الديلمي فقال : (حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففي النبوة وفي علي الخلافة) (1).وإنما معنى كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ومراده أن موسى على سنة ابراهيم ، وكل نبي وكل إمام على سنة إبراهيم عليهالسلام ويدل على قوله تعالى : (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) (2) والمراد بذلك قوله تعالى لابراهيم (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي) (3). فقال تعالى مجيبا له : (لا ينال عهدي الظالمين) (4). واراد بالظلم هنا عبادة الاصنام وأن من عبد الاصنام لا يكون إماما "إن في ذلك لبلاغا لقوم يعقلون" (5). ----------------------------- (1) فردوس الاخبار 2 / 305. (2 سورة الحج : 22 / 78. (3 و 4) سورة البقرة : 2 / 124. (5) اقتباس من الآية 106 من سورة الانبياء : 21. خصائص الوحي المبين _ 178 _الفصل الرابع عشرفي قوله سبحانه وتعالى : (والذي جاء بالصدق وصدق به) (1). وفي قوله تعالى : (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (2). وفي قوله تعالى : (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) (3). 133 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم : في قوله تعالى : (والذي جاء بالصدق وصدق به) بالاسناد المقدم ، قال الحافظ أبو نعيم : أخبرنا إبراهيم بن محمد ـ إجازة ـ قال : حدثنا الحسين بن علي بن الحسين السلولي [قال : حدثنا محمد بن الحسن السلولي] قال : حدثنا عمر بن سعد ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله تعالى : (والذي جاء بالصدق وصدق به) قال : [هو] علي بن أبي طالب عليهالسلام (4). 134 ـ ومن طريق الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الشافعي الواسطي في تفسير قوله تعالى : (والذي جاء بالصدق وصدق به). بالاسناد المقدم قال أخبرنا علي بن الحسين ـ اذنا ـ قال : حدثنا عبد الله بن محمد الحافظ قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا محمد بن الحسن قال : ----------------------------- (1) سورة الزمر : 39 / 33. (2) سورة الانفال : 8 / 62. (3) سورة الانفال : 8 / 64. (4) شواهد التنزيل 2 / 121. خصائص الوحي المبين _ 179 _حدثنا عمر بن سعد ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله تعالى : (والذي جاء بالصدق وصدّق به) قال : جاء به : محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، (وصدّق به) : علي عليهالسلام (1).في قوله تعالى : (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (2). 135 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم قال : أبو نعيم : حدثنا أبو بكر بن خلاد ، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل المهري ، قال : حدثنا عباس بن بكار ، قال : حدثنا خالد بن أبي عمرو الاسدي ، عن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : مكتوب على العرش : لا إله الا الله وحده لا شريك له ، محمد عبدي ورسولي ، أيدته بعلي بن أبي طالب ، وذلك قوله في كتابه : (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) يعني علي بن أبي طالب عليهالسلام (3). في قوله سبحانه وتعالى : (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) (4). 136 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم : قال الحافظ أبو نعيم : حدثنا محمد بن عمر بن سالم قال : حدثنا علي بن الوليد بن جابر ، قال : حدثنا علي بن حفص بن عمر العبسي قال : حدثني محمد بن الحسين بن زيد ، عن أبيه : عن جعفر بن محمد قال : [في قوله تعالى :] (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليهالسلام (5). ----------------------------- (1) مناقب ابن المغازلي / 269 ـ وفيه : عمر بن سعيد. (2) سورة الانفال : 8 / 62. (3) يراجع شواهد التنزيل 1 / 223 ، تاريخ مدينة دمشق ترجمة الامام علي بن ابي طالب 2 / 419. (4) سورة الانفال : 8 / 64. (5) شواهد التنزيل 1 / 230. خصائص الوحي المبين _ 180 _137 ـ وبالاسناد المقدم قال الحافظ أبو نعيم : حدثنا محمد بن عمر قال : حدثنا القاسم وعبد الله ، ابنا الحسين بن زيد ، عن أبيهما ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه مثله (1).قال يحيى بن الحسن : واعلم أن هذا الفصل قد جمع أشياء من الوحي العزيز كلها توجب لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام السيادة وعدم النظير. منها قوله تعالى : (والذي جاء بالصدق وصدق به) (2) وإذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. هو الذي جاء بالصدق ، وعلي هو المصدق ، فقد استويا في درجة التصديق لان الذي جاء بالصدق هو مصدق بلا خلاف ، والذي صدق به بعد حجته فقد شاركه في منزلة التصديق. فهما في التصديق على حد واحد والتفاضل بينهما بمنزلة الرسالة ، فلهذا فضيلة الارسال ولهذا ميزة الاتباع ، فوجب الاقتداء بهما على حد واحد كما قدمناه من أنه يجب للتابع ما وجب من امتثال الامر للمتبوع بدليل تخصيصهما في الوحي العزيز. ومنها قوله تعالى : (هو الذي أيدك بنصره بالمؤمنين) (3) وإذا كان القديم تعالى قد امتن على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن أيده بنصره ، واتبع امتنانه تعالى في نصره بمنة أخرى وهي تأييده له بمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام. ومن جعله الله تعالى نعمة من نعمه يمتن بها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد عدم نظيره ووجب تفرده بعلو المنزلة ، وفي هذا دليل على وجوب اتباعه. ----------------------------- (1) شواهد التنزيل 1 / 230. (2) سورة الزمر : 39 / 33. (3) سورة الانفال : 8 / 62. خصائص الوحي المبين _ 181 _ومنها قوله تعالى : (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) (1) وإذا كان الله تعالى قد جعل كفاية مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ككفايته سبحانه وتعالى لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد وجب اتباعه والاقتداء به بعد نبيه.وهذا أعظم تميزا أن يأتي سبحانه وتعالى بكفايته ونصره لنبيه على ظاهر الامتنان ويقرن إلى ذلك نصر مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وكفايته لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي هذا فقد النظارة والمماثلة له عليهالسلام :
----------------------------- (1) سورة الانفال : 8 / 64. خصائص الوحي المبين _ 182 _الفصل الخامس عشرفي قوله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (1). وفي قوله تعالى : (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله) (2). 138 ـ ومن تفسير الثعلبي : في تفسير قوله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) بالاسناد المقدم قال : أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الله ، حدثنا عثمان بن الحسين (3) حدثنا جعفر بن محمد بن أحمد ، حدثنا حسن بن حسين ، حدثنا يحيى بن علي الربعي ، عن أبان بن تغلب ، عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : نحن حبل الله الذي قال الله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا) (4). 139 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم : قال أبو نعيم : حدثنا ----------------------------- (1) سورة آل عمران : 3 / 103. (2) سورة الرعد : 13 / 28. (3) في (العمدة) : عثمان بن الحسن. (4) شواهد التنزيل 1 / 130 ، الصواعق المحرقة ، فصل الآيات ، الآية الخامسة وفيه : وكن جده زين العابدين إذا تلا قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) يقول دعاء طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية وعلى وصف الحن وما انتحلته المبتدعة المفارقون لائمة الدين والشجرة النبوية ، ثم يقول : وذهب آخرون إلى = خصائص الوحي المبين _ 183 _محمد بن عمر بن سالم ، قال : حدثنا أحمد بن زياد بن عجلان ، قال : حدثنا جعفر ابن علي بن نجيح ، قال : حدثنا حسن بن حسين العرني ، قال : حدثنا أبو حفص الصائغ ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول في قوله عز وجل : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) قال : نحن حبل الله (1).140 ـ ومن تفسير الثعلبي في الجزء الاول في تفسير [سورة] (آل عمران) في تفسير قوله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). بالاسناد المقدم قال الثعلبي : حدثنا الحسن بن محمد بن حبيب وقال : وجت في كتاب جدي بخطه : حدثنا أحمد بن الاعجم القاضي المروزي ، حدثنا الفضل بن موسى السيناني (2) أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : أيها الناس إني قد تركت فيكم الثقلين خليفتين ، إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي ، أحدهما اكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والارض ـ أو قال : بين السماء إلى الارض ـ. ----------------------------- التقصير في أمرنا واحتجوا بمتشابه القرآن فتأولوا بآرائهم واتهموا مأثور الخبر إلى أن قال : فالى من يفزع خلف هذه الامة وقد درست أعلام هذه الملة ، ودانت الامة بالفرقة والاختلاف يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءهم البينات) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة وتأويل الحكم إلى أهل الكتاب وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده ولم يدع الخلق سدى من غير حجة ، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في الكتاب. (1) ينظر شواهد التنزيل 1 / 131. (2) في اصل المطبوع : الشيباني ، وصححناه على ما في العمدة. خصائص الوحي المبين _ 184 _وعترتي أهل بيتي ، ألا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (1).141 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (2). بالاسناد المقدم : قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن جعفر بن بشر بن زيد المنقري قال : حدثنا علي ابن العباس قال : حدثنا جعفر بن مسلم السراج قال : حدثنا محمد بن جبلة ، عن حفص بن عاص ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي داود ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) أتدري من هم يا ابن أم سليم ؟ قلت : ومن هم يا رسول الله ؟ قال نحن وشيعتنا (3). قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع [لعلي] صلى الله عليه وآله من السيادة وفقد النظير ما جمع الفصل الذي قبله. فمن ذلك قوله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا) (4) وهذا أمر بوجوب اتباعه وإذا أمر الله تعالى بالاعتصام به وجعله حبله ، فقد وجب الاقتداء به ووكد ذلك بقوله تعالى : (ولا تفرقوا) وامر الله تقضى الوجوب كما اقتضى امره تعالى وجوب اتباع رسوله (ص) في ذلك فقد النظير له عليهالسلام ووجوب الاقتداء به وهذا هو غاية الحث على اتباعه دون من عداه. ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى : (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر ----------------------------- (1) ينظر مسند احمد 3 / 26 ، فضائل الصحابة 2 / 585 ـ مسند أحمد 5 / 181. (2) سورة الرعد : 13 / 28. (3) نظيره في الدر المنثور 4 / 58. (4) سورة آل عمران : 3 / 103. خصائص الوحي المبين _ 185 _الله) وجعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك خاصة لشيعة أهل البيت عليهمالسلام.وفي هذا أعظم ميزة لان من وصف الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيعته بالايمان فقد وجب اتباعه ، لان متبعه قد ثبت عنده أنه من أهل الايمان بالوحي الصادق الذي : (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) (1) وهذا أدل دليل لمن تأمله.
----------------------------- (1) سورة فصلت : 41 / 42. خصائص الوحي المبين _ 186 _الفصل السادس عشرفي قوله تعالى : (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) (1). وفي قوله تعالى : (والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) (2). 142 ـ من تفسير الثعلبي : في قوله تعالى : (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه). قال الثعلبي : قوله تعالى : (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) قال : نزلت في علي بن أبي طالب صلى الله عليه وسلم (3). في قوله تعالى : (والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) (4). 143 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم بالاسناد المقدم : قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن الحسن بن كوثر ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ، قال حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله ، قال : سمعت عليا عليهالسلام يقول : أنا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب ، ولقد صليت قبل الناس سبع سنين (5). ----------------------------- (1) سورة المائدة : 5 / 54. (2) سورة الحديد : 19 / 57. (3) ينظر التفسير الكبير 12 / 20 ـ مستدرك الحاكم 3 / 132. (4) سورة الحديد : 57 / 19. (5) معرفة الصحابة 1 / 30 فضائل الصحابة 2 / 586 ح / 993. خصائص الوحي المبين _ 187 _144 ـ وبالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا أبو بكر بن خلاد ، قال : حدثنا محمد بن يونس وحدثنا إبراهيم بن [أحمد بن] أبي حصين قالا : حدثنا عبيد بن غنام ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الرحمان الانصاري ، قال : حدثنا عمرو بن جميع ، عن ابن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى بن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، عن أبيه [عبد الرحمان ، عن أبيه أبي ليلى داود بن بلال] قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الصديقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل ياسين ، وحزبيل (1) مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم (2).145 ـ ومن مسند أحمد بن حنبل بالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : وفيما كتب إلينا عبد الله بن غنام الكوفي : يذكر أن الحسن بن عبد الرحمان بن أبي ليلى المكفوف حدثهم ، قال : أخبرنا عمرو بن جميع البصري ، عن محمد بن أبي ليلى ، عن عيسى بن عبد الرحمان : عن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الصديقون ثلاثة : حبيب بن موسى النجار مؤمن آل ياسين الذي قال : (يا قوم اتبعوا المرسلين) (3). وحزبيل مؤمن آل فرعون الذين قال : (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) (4) وعلي بن أبي طالب الثالث وهو أفضلهم (5). ----------------------------- (1) في ضبط اسمه خلاف ، فقد جاء حربيل ، خربيل ، حزبيل ، حزقيل ، وذكر القرطبي في تفسيره 15 / 306 : ان اسمه حبيب وقيل شمعون ، وفي تاريخ الطبري اسمه حبرك ، ويقال انه كان ابن عم فرعون ، قاله السدى ، قال وهو الذي نجا موسى عليهالسلام. (2) شواهد التنزيل 2 / 223. (3) سورة يس : 36 / 20. (4) سوة غافر : 40 / 28. (5) فضائل الصحابة 2 / 655 ح / 1117. خصائص الوحي المبين _ 188 _146 ـ من الجزء الثاني من أجزاء اثنين من كتاب (الفردوس) تصنيف ابن شيرويه الديلمي في باب (الصاد) بالاسناد المقدم قال : عن داود بن بلال ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الصديقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل يس ، وحزبيل مؤمن آل فرعون ، وعلي بن أبي طالب عليهالسلام وهو أفضلهم (1).147 ـ ومن طريق الفقيه وأبي الحسن علي بن المغازلي الشافعي الواسطي ـ رحمه الله تعالى ـ بالاسناد المقدم قال : أخبرنا علي بن محمد بن عبد الوهاب ـ إذنا ـ قال : أخبرنا عمر بن عبد الله بن شوذب ، قال : حدثنا محمد بن [سمعان] (2) المعدل الواسطي الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة وأحمد بن عمار بن خالد قالا : حدثنا الحسن بن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، قال : حدثنا عمرو بن جميع البصري ، عن محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلي [عن أخيه عيسى بن عبد الرحمان] (3) عن أبي عيسى عبد الرحمان بن أبي ليلى ، عن أبيه [أبي ليلى] عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : الصديقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل يس الذي قال : (يا قوم اتبعوا المرسلين) (4). وحزبيل مؤمن آل فرعون الذي قال : (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) (5) وعلي بن أبي طالب عليهالسلام وهوا فضلهم (6). قال يحيى بن الحسن : واعلم ان هذا الفصل قد جمع أشياء كلها توجب ----------------------------- (1) فردوس الاخبار 2 / 581. (2 و 3) ما بين المعقوفتين من (العمدة) وفيه ايضا : العدل الواسطي. (4) سورة يس : 36 / 20. (5) سورة غافر : 40 / 28. (6) مناقب ابن المغازلي / 246. |