الفصل السادس

  في قوله : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (1).
  وفي قوله تعالى : (وأنذر عشيرتك الاقربين) (2).
  60 ـ من مسند ابن حنبل بالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، قال حدثنا أبو بلج ، قال : حدثنا عمرو بن ميمون ، قال : اني لجالس إلى ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا : يا بن عباس اما أن تقوم معنا أو تخلو بنا عن هؤلاء.
  قال ابن عباس : بل أنا أقوم معكم ـ وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ قال : فابتدوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا ، فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف (3) وقعوا في رجل له عشرة خصال :

-----------------------------
(1) سورة البقرة : 2 / 207.
(2) سورة الشعراء : 26 / 214.
(3) اف وتف : معناه الاستقذار لما شم ، وقيل : معناه الاحتقار والاستقلال وهو صوت إذا صوت به الانسان علم انه متضجر منكرة ـ النهاة لابن الاثير ، وفي لسان العرب : اف وتف ، الاف : الوسخ الذي حول الظفر ، وتف : وسخ الاظفار ، وقيل : ما يجتمع تحت الظفر من الوسخ ، يقال ذلك عند كل شئ يتضجرمنه ويتأذى به.

خصائص الوحي المبين _ 111 _

  وقعوا في رجل قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لابعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله ، قال : فاستشرف (1) لها من استشرف فقال : أين علي ؟ قالواو : هو في الرحي يطحن ، قال : وما كان أحدكم ليطحن ؟ فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر ، قال : فنفث في عينه ثم هز الرايه ثلاثا فأعطاه إياها ، فجا بصفية بنت حيى.
  قال : ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا [خلفه] فأخذها منه وقال : لا يذهب بها الا رجل مني وأنامنه.
  قال : وقال لبني عمه : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ ـ قال : وعلي جالس معهم [فأبوا] ـ فقال علي عليه‌السلام : أنا أو اليك في الدنيا والآخرة ، قال : فتركه ، ثم أقبل على رجل [رجل] (2) منهم فقال : أيكم يواليني في الدنيا والآخرة [فأبوا قال : فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة فقال له : أنت وليي في الدنيا والآخرة].
  قال : وكان أول من آمن من الناس [بعد خديجة].
  وأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين وقال : (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطيهرا) (3).
  قال : وشرى علي نفسه ، لبس ثوب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم نام مكانه.
  قال : فكان المشركون يتوهمون انه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء أبو بكر وعلي نائم ـ قال [و] أبو بكر يحسب أنه نبي الله [قال :] فقال : يا نبي الله ، قال : فقال له

-----------------------------
(1) استشرف الشئ : رفع بصره لينظر إليه باسطا كله فوق حاجبه.
(2) أي كل رجل منهم.
(3) سورة الاحزاب : 33 / 33.

خصائص الوحي المبين _ 112

  علي : إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون (1) فأدركه قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار.
  قال : وجعل علي يرمى بالحجارة كما [كان] يرمى نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يتضور (2) قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى اصبح ثم كشف [عن] رأسه فقالوا : لو كان صاحبك نرميه فلا يتضور [وأنت تتضور] وقد استنكرنا ذلك (3).
  قال : وخرج بالناس في غزوة تبوك فقال علي عليه‌السلام : اخرج معك ؟ قال : فقال له نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ، فبكى علي عليه‌السلام فقال له : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي.
  قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة.
  قال : وسد أبواب المسجد غير باب علي عليه‌السلام قال : فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره.
  قال وقال : من كنت مولاهه فعلي مولاه (4).
  61 ـ وفي تفسير الثعلبي : في الجزء الاول في تفسير سورة البقرة قوله تعالى : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (5).

-----------------------------
(1) بئر ميمون : بمكة ، منسوبة إلى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي حفرها بأعلى مكة في الجاهلية ـ معجم البلدان.
(2) يتضور : اي يتلوى ويضج وينقلب ظهر لبطن من شدة الحمى وقيل : يتضور اي يظهر الضور بمعنى الضر ـ النهاية وفي لسان العرب : التضور : التلوى والصياح من وجع الضرب.
(3) معرفة الصحابة 1 / 304 ، 4 ـ فضائل الصحابة 2 / 682 ح / 1168 ، كفاية الطالب / 21.
(4) مناقب الخوارزمي / 125 مسند احمد 1 / 331.
(5) سورة البقرة : 2 / 207.

خصائص الوحي المبين _ 113 _

  بالاسناد المقدم قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [لما] اراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة خرج إلى الغار ـ وقد أحاط المشركون بالدار ـ أن ينام على فراشه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي اتشح (1) ببردي الحضرمي الاخضر ، ونم على فراشي فإنه لا يخلص (2) إليك منهم مكروه إن شاء الله عز وجل ، ففعل ذلك فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل عليهما‌السلام اني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه الحياة ؟ فاختار كلاهما الحياة.
  فأوحى الله عز وجل إليهما : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، آخيت بينه وبين محمد ، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الارض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا ، فكان جبرئيل عليه‌السلام عند رأسه وميكائيل عليه‌السلام عند رجليه فقال جبرئيل : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب ؟ يباهي الله بك الملائكة ، فأنزل الله تعالى على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن ابي طالب صلى الله عليه : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) الآية (3).
  62 ـ [ثم] قال [الثعلبي :] ودليل ذلك ما رواه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله القائني قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي ببغداد قال : حدثني أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي بحلب ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني محمد بن منصور ، قال : حدثني أحمد

-----------------------------
(1) يتوشح بثوبه اي يتغش به ، والاصل فيه من الوشاح ـ لسان العرب.
(2) خلص إليه وبه الشئ : وصل ـ اقرب الموارد.
(3) أخرجه الجزري في اسد الغابة 4 / 25 وروى نظيره الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 96 ـ مستدرك الحاكم 3 / 132 التفسير الكبير 5 / 204 ، مسند احمد 1 / 331 ، تفسير الطبري 9 / 140.

خصائص الوحي المبين _ 114 _

  بن عبد الرحمان ، حدثني الحسن بن محمد بن فرقد ، حدثني الحكم بن ظهير ، حدثنا السدي في قوله تعالى عز وجل : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) قال : قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : نزلت في علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله حين هرب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المشركين إلى الغار ومعه أبو بكر ، ونام علي على فراش النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1).
  63 ـ ومن طريق الحافظ [أبي نعيم الاصبهاني] بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا الحسين بن عبد الرحمان الاذري ، قال : حدثنا عبد الوارث عبد الله بن المغيرة القرشي ، عن إبراهيم بن عبد الله بن مغيرة ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : بات علي بن أبي طالب عليه‌السلام ليلة خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المشركين على فراشه فنزلت فيه : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (2).
  64 ـ ومن طريق الحافظ [أبي نعيم] في قوله تعالى : (وأنذر عشيرتك الاقربين) (3) قال أبو نعيم : حدثنا أبو بكر الطلحي قال : حدثنا أبو الحصين محمد بن الحسين قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا أحمد بن بندار قال حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا شريك عن الاعمش عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : لما نزلت : (وأنذر عشيرتك الاقربين) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي يقضى ديني وينجز موعدي (4).
  65 ـ ومن مناقب أبي عبد الرحمان عبد الله بن أحمد بن حنبل في قوله

-----------------------------
(1) الحديث بطوله في شواهد التنزيل 1 / 100.
(2) يراجع تاريخ مدينة دمشق ، ترجمة الامام علي بن ابي طالب 1 / 153.
(3) سورة الشعراء : 26 / 214.
(4) ينظر فضائل الصحابة 2 / 650 ح / 1108.

خصائص الوحي المبين _ 115 _

  تعالى : (وأنذر عشيرتك الاقربين).
  بالاسناد المقدم قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا شريك عن الاعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله [الاسدي] عن علي بن ابي طالب (ع).
  وقال حدثنا أبو خثيمة ، قال حدثنا اسود بن عامر قال حدثنا شريك ، عن الاعمش عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله الاسدي عن علي عليه‌السلام [قال :] لما نزلت : (وأنذر عشيرتك الاقربين) جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا ثلاثا ثم قال لهم : من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي ؟ فقال رجل ـ لم يسمه شريك ـ : يا رسول الله أنت كنت تجد من يقوم بهذا ؟ قال : ثم قال الآخر : يعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي عليه‌السلام : أنا ، فقال أنت (1).
  66 ـ ومن تفسير الثعلبي : في تفسير قوله تعالى : (وأنذر عشيرتك الاقربين) بالاسناد المقدم قال : أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين ، حدثنا موسى بن محمد بن [علي بن عبد الله] حدثنا الحسن بن علي بن شعيب المغربي ، حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا علي بن هاشم ، عن صباح بن يحيى المزني ، عن زكريا بن ميسرة ، عن أبي اسحاق عن البراء قال : لما نزلت : (وأنذر عشيرتك الاقربين) جمع رسول الله صلى الله عليه اله وسلم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة (2) ويشرب العس (3) مر عليا أن يدخل شاة (4) فأدمها ، ثم قال :

-----------------------------
(1) ينظر مسند احمد 1 / 111 وفيه : انت كنت بحرا ، وفي فضائل الصحابة 2 / 700 : انت كنت بحرا ، وفي هامشه : كناية عن سعة يده وكثرة انفاقه حتى كان يتحمل الديو الكثيرة.
(2) في كتاب العين : أسن الرجل : كبر ، وناقة مسنة والجمع مسان وفي تاريخ الطبري : جزعة.
(3) العس : القدح الصخم ـ لسان العرب.
(4) في كتاب (العمدة) أن يذبح شاة.

خصائص الوحي المبين _ 116 _

  ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة ، فأكلوا حتى صدروا (1) ثم دعا بقعب (2) من لبن فجرع منه جرعة ، ثم قال لهم : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : حبذا (3) ما سحركم به الرجل ، فسكت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذ فلم يتكلم.
  ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ، ثم أنذرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا بني عبد المطلب إني أنا النذير اليكم من الله عز وجل والبشير بما لم (4) يجئ به أحد ، جئتكم بالدنيا والآخرة ، فاسلموا وأطيعوني تهتدوا ، ومن يؤاخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي من بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني ؟
  فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا ، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي عليه‌السلام : أنا ، فقال : أنت.
  فقام القوم وهم يقولون لابي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك) (5).
  قال يحيى بن الحسن : اعلم أن هذا الفصل قد جمع الاصلين الموجبين لولاء الامة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما : الوصية ، والخلافة ، والوصي أحق بمقام الوصي عقلا وشرعا.
  والخليفة أحق بمقام مستخلفه عقلاً وشرعاً.
  وهذا بيان لا يدفع إلا بالعناد لما اجتمعت الرتبتان العليتان الموجبتان لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه ولاء الامة بدليل الوحى العزيز

-----------------------------
(1) صدر الرجل ـ على المجهول ـ : شكا صدره ـ اقرب الموارد.
(2) القعب : الاناء الذي يشرب فيه.
(3) وفي تاريخ الطبري : لهدوفي هاشمه : لهد : كلمة يتعجب بها.
(4) صححناه على ما في كتاب (العمدة).
(5) يراجع شواهد التنزيل 1 / 420 دلائل النبوة / 545 مع اختلاف خصائص النسائي / 83 مع اختلاف.

خصائص الوحي المبين _ 117_

  والخبر الصحيح بكفاية من طرق السنة مع اتفاق طرق الشيعة على مثل هذه الموهبة.
  وهذا هو إجماع كافة أهل الاسلام لان إجماع السنة والشيعة هو إجماع أهل الاسلام كافة ، فعلى هذا حصل عليه الاجماع بالآية والخبر لا طريق إلى دفعه فلينظر لنفسه ما اوجب نجاته.
قـضى الله فـي الوحي iiإعظامه      ii
وتـعريضه  دون قـرب iiالمرام
ولـو أمـكن الـناس عينا iiعليه      ii
لما أحجموا عن وقوع الكلام (1)
وعـظـمه  الله عـنـد الانـام      ii
ونـزهه الوحي من كل وام (2)ii

-----------------------------
(1) الاحجام ضد الاقدام.
(2) الويمة : التهمة ـ لسان العرب.

خصائص الوحي المبين _ 118 _

الفصل السابع

  في قوله سبحانه وتعالى : (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) (1) الآية.
  وفي قوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم) (2).
  وفي قوله تعالى : (وتلقئ ادم من ربه كلمات فتاب عليه) (3).
  وفي قوله تعالى : (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي) (4).
  وفي قوله تعالى : (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) (5).
  وفي قوله تعالى : (ان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لنا كبون) (6).
  67 ـ من صحيح مسلم : في الجزء الرابع من أجزاء الستة في قوله تعالى : (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) الآية بالاسناد المقدم قال : حدثنا حاتم ـ وهو

-----------------------------
(1) سورة آل عمران : 3 / 61.
(2) سورة الحمد : 1 / 6.
(3) سورة البقرة : 2 / 37.
(4) سورة البقرة : 2 / 124.
(5) سورة مريم : 19 / 96.
(6) سورة المؤمنون : 23 / 74.

خصائص الوحي المبين _ 102 _

  ابن إسماعيل ـ عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا ـ اخزاه الله ولعنه ـ فقال : آمرك أن تسب ابا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلن أسبه لان تكن لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم.
  سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له حين خلفه في بعض مغازيه فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي.
  وسمعته يقول يوم خيبر : لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها فقال : أدعوا لي عليا ، فأتي به أرمد العين فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.
  ولما نزلت هذه الآية : (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) (1) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي (2).
  68 ـ ومن تفسير الثعلبي بالاسناد المقدم قال : قال مقاتل والكلبي : لما قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة (3) فقالوا له : حتى نرجع وننظر في أمرنا ونأتيك غدا ، فخلا بعضهم ببعض وقالوا للعاقب ـ وكان ديانهم (4) وذارأيهم : يا عبد المسيح ما ترى ؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم والله ما لا عن قوم

-----------------------------
(1) سورة آل عمران : 2 / 61.
(2) صحيح مسلم 7 / 120.
(3) المباهلة : الملاعنة.
(4) ديانهم : عالمهم.

خصائص الوحي المبين _ 119 _

  قط نبيا فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك لنهلكن وإن أبيتم إلا إلف] (1) دينكم والاقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.
  فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد غدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محتضنا الحسين (2) وآخذا بيد الحسن (3) وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم : إذا أنا دعوت فأمنوا.
  فقال أسقف نجران (4) : يا معشر النصارى اني لارى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لازاله ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الارض نصراني إلى يوم القيامة قالوا : يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك وأن نتركك على دينك ، ونثبت على ديننا.
  فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فإن أبيتم المباهلة فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما عليهم ، فأبوا فقال : إني أنابذكم (5) فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكنا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على ان نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ، ألف في صفر والف في رجب.
  فصالحهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك وقال : والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم نارا (6) ولا ستأصل الله تعالى نجران وأهله حتى الطير على الشجر.

-----------------------------
(1) الالف : ـ بكسر الهمزة ـ الصداقة والمؤانسة ، وما بين المعقوفتين من العمدة.
(2) احتضن الصبي : جعله في حضنه وضمه إلى صدره.
(3) في أصل المطبوع وفي المخطوطات (العمدة) : محتضنا الحسن وآخذا بيد الحسين ، والصحيح ما اثبتناه.
(4) الاسقف : فوق القسيس ودون المطران ـ ونجران : من مخاليف اليمن.
(5) نابذ : بارز وقاتل.
(6) اضطرمت النار : اشتعلت.

خصائص الوحي المبين _ 120 _

  ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا فقال الله تعالى : (1) (إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا) (اعرضوا عن الايمان) (فإن الله عليم بالمفسدين) (2).
  69 ـ ومن مناقب الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الشافعي الواسطي بالاسناد المقدم قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان ، قال : أخبرنا محمد بن اسماعيل الوراق ـ إذنا ـ قال : حدثنا أبو بكر ابن ابي داود ، قال حدثنا يحيى بن حاتم العسكري ، قال : حدثنا بشر بن مهران ، قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن ابي هند (3) ، عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال : قدم وفد نجران على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : العاقب والطيب (4) ، فدعاهما إلى الاسلام فقالا : أسلمنا يا محمد قبلك ، قال : كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الاسلام قالا : فهات أنبئنا قال : حب الصليب وشرب الخمر وأكل [لحم] الخنزير.
  فدعاهما إلى الملاعنة ، فوعداه أن يغادياه بالغداة ، فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما ، فأبيا أن يجيباه وأقرا له بالخراج.
  فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لا مطر الوادي عليهم نارا.
  قال جابر : [و] فيهم نزلت هذه الآية : (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) الآية.

-----------------------------
(1) سورة آل عمران : 3 / 62 ـ 63.
(2) ينظر غاية المرام / 300 نقلا عن تفسير الثعلبي.
(3) في اصل المطبوع : سعيد.
(4) في دلائل النبوة : منهم السيد وهو الكبير ، والعاقب : وهو الذي يكون بعده وصاحب رأيهم.

خصائص الوحي المبين _ 121 _

  قال الشعبي : (أبناءنا) : الحسن والحسين (ونساءنا) : فاطمة ، و (أنفسنا) : علي بن أبي طالب عليهم‌السلام (1).
  70 ـ ومن طريق أبي نعيم بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد قال : حدثنا أحمد بن داود المكي ومحمد بن زكريا الغلابي قالا : حدثنا بشر بن مهران الخصاف ، قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي عن جابر قال : قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العاقب والطيب ، فدعاهما إلى الاسلام فقالا : أسلمنا يا محمد ، فقال : كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الاسلام ؟ قال : فهات انبئنا ، قال : حب الصليب وشرب الخمر واكل لحم الخنزير.
  قال جابر : فدعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه أن يغادياه بالغداة ، فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام وأرسل إليهما ، فأبيا أن يجيباه وأقرا له بالخراج ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق لو فعلا لامطرالله عليهما الوادي نارا.
  قال جابر : [و] فيهم نزلت : (ندع أبناءنا وأبناءكم).
  [و] قال الشعبي : قال جابر : (أنفسنا وأنفسكم) : رسول الله وعلي و (نسائنا) : فاطمة عليها‌السلام و (أبناءنا) الحسن والحسين صلى الله عليهم (2).

-----------------------------
(1) يراجع مناقب ابن المغازلي / 263 ـ اسباب النزول / 99 تفسير القرطبي 4 / 103 ، تفسير الدر المنثور 1 / 39.
(2) يراجع اسباب النزول / 99 ـ دلائل النبوة / 456 ـ 457 تفسير الكشاف / 326 وفيه : فان قلت : ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم الابناء والنساء.
قلت : ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى ثقته بكذب خصمه =

خصائص الوحي المبين _ 122 _

  71 ـ ومن تفسير الثعلبي : في قوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم) (1).
  بالاسناد المقدم قال الثعلبي : قال مسلم بن حيان : سمعت أبا يزيد يقول : صراط محمد وآله (2).
  72 ـ في قوله سبحانه وتعالى : (فتلقئ ادم من ربه كلمات فتاب عليه) (3).
  من طريق الفقيه ابي الحسن علي بن المغازلي الشافعي الواسطي بالاسناد المقدم قال أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ـ اجازة ـ أخبرنا أبو أحمد عمر بن عبيد الله بن شوذب حدثنا محمد بن عثمان ، قال : حدثني محمد بن سليمان بن الحارث ، حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا حسين الاشقر قال : حدثنا عمر بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه.
  قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ألاتبت علي ، فتات عليه (4).

-----------------------------
حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة ، وخص الابناء والنساء لانهم أعز الاهل وألصقهم بالقلوب وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ومن ثمة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنهم بأرواحهم حماة الحقائق وقدمهم في الذكر على الانفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الانفس مفدون بها ، وفيه دليل لا شئ اقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم‌السلام.
(1) سورة الحمد : 1 / 6.
(2) ينظر شواهد التنزيل 1 / 57 عن ابي بريدة.
(3) سورة البقرة : 2 / 37.
(4) مناقب ابن المغازلي / 63.

خصائص الوحي المبين _ 123 _

  73 ـ وقال في قوله تعالى : (إني جاعلك للناس إماما) (1).
  اخبرنا أبو أحمد بن موسى الغندجاني قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد الحفار ، يقال : حدثنا إسماعيل بن علي بن رزين ، قال : حدثني ابي وإسحاق بن ابراهيم الدبري (2) قالا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثني أبي عن ميناء مولى عبد الرحمان بن عوف ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنادعوة أبي إبراهيم ، قلنا : يا رسول الله وكيف صرف دعوة أبيك إبراهيم ؟ قال : أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم : (أني جاعلك للناس إماما).
  فاستخف إبراهيم عليه‌السلام الفرح (3) قال : يا رب ومن ذريتي أئمة مثلي ، فأوحى الله تعالى إليه : أن يا إبراهيم إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به.
  قال يا رب ما العهد الذي لا تف لي به ؟ قال اعطيك للظالم من ذريتك عهدا.
  قال إبراهيم عندها : (واجنبني وبني أن نعبد الاصنام رب أنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني) (4).
  قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فانتهت الدعوة إلي وإلي علي ، لم يسجد أحد منا الصنم قط فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا (5).
  74 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (سيجعل لهم الرحمن ودا) (6).

-----------------------------
(1) سورة البقرة : 2 / 124.
(2) الدبر بالفتح ثم السكون : ذات الدبر : ثنية ، ودبر ايضاجبل ... مراصد الاطلاع.
(3) استخفه : اطربه.
(4) سورة ابراهيم : 14 / 35 ـ 36.
(5) مناقب ابن المغازلي / 276.
(6) سورة مريم : 19 / 96.

خصائص الوحي المبين _ 124 _

  بالاسناد المقدم قال الحافظ أبو نعيم : حدثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين ، قال : حدثنا جدي أبو حصين ، قال : حدثنا عون بن سلام ، قال : حدثنا بشر بن عمارة وحدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله الحضرمي ، قالا : حدثنا عون بن سلام ، قال حدثنا بشر بن عمارة الحنفي عن أبي روق ، عن الضحاك عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : نزلت في علي عليه‌السلام : (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا).
  قال : محبة في قلوب المؤمنين (1).
  75 ـ وبالاسناد قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي قال : حدثنا محمد بن مسكان قال : حدثنا عبد السلام بن عبيد قال : حدثنا قطبة بن العلاء عن الاعمش ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى : (سيجعل لهم الرحمن ودا) قال : حب علي عليه‌السلام في قلب كل مؤمن (2).
  76 ـ وبالاسناد المقدم ايضا قال أبو نعيم : حدثنا أبو محمد بن حيان قال : حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي قال : حدثنا حفص بن عمر المهرقاني (3) قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، عن مندل بن علي عن إسماعيل عن سليمان عن أبي عمر ـ مولى بشر بن أبي غالب ـ عن محمد بن علي بن الحنفية في قوله تعالى عز وجل : (سيجعل لهم الرحمن ودا) قال : لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي عليه‌السلام فصارت المحبة له من محبته علما لتحقيق إيمانهم وأمارة لتوكيد أديانهم ،

-----------------------------
(1) تفسير الكشاف 2 / 245 ، تفسير الدر المنثور 4 / 287 ذخائر العقبى / 89.
(2) ينظر شواهد التنزيل 1 / 64.
(3) مهرقان ... من قرى الري ـ معجم البلدان.

خصائص الوحي المبين _ 125 _

  فالسعيد من تمكنت مودة الهادي في قلبه وثبتت ولاية الداعي في عقله.
  77 ـ ومن تفسير الثعلبي : في قوله تعالى : (سيجعل لهم الرحمن ودا) بالاسناد المقدم قال الثعلبي : أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق ، اخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ببغداد ، حدثنا أبو جعفر الحسن بن علي الفارسي ، حدثنا إسحاق بن بشر الكوفي ، حدثنا خالد بن يزيد ، عن حمزة [الزيات] عن أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بن ابي طالب صلى الله عليه : يا علي قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة ، فأنزل الله تعالى : (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) (1).
  78 ـ في قوله سبحانه وتعالى : (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون) (2) من طريق أبي نعيم بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : [حدثنا أبو محمد بن حيان : عبد الله بن محمد بن جعفر قال :] حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا حسين بن علوان ، قال : حدثنا سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى : (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون) قال : عن ولايتنا (3).
  قال يحيى بن الحسن : اعلم ان هذا الفصل قد جمع أشياء ، كل واحدة تدل على فضله وامامته : منها أنه نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

-----------------------------
(1) يراجع شواهد التنزيل 1 / 360 ، تفسير الدر المنثور 4 / 287.
(2) سورة المؤمنون : 23 / 74.
(3) يراجع شواهد التنزيل / 402.

خصائص الوحي المبين _ 126 _

  ومنها : انهم الصراط المستقيم.
  ومنها : انهم الكلمات التي تلقاها آدم عليه‌السلام من ربه فتاب عليه تعالى بها.
  ومنها : انه دعوة أبيه إبراهيم ، وأن إبراهيم صلى الله عليه وآله سأل الامامة لبنيه الخلص.
  ومنها أن الله تعالى جعل له مودة في صدور المؤمنين.
  ومنها أنه صراط لا ينكب عنه إلا من لا يؤمن بالآخرة.
  ويوضح ذلك ان القرآن العزيز هو المصدق لسائر الكتب من التوراة والانجيل والصحف والزبور وغيرها.
  وهذه الكتب دالة على تصديق الرسل الذين أتت على أيديهم ولولا ما ورد من تصديقهم وتصديق كتبهم في القرآن العزيز لما كان يلزمنا تصديق نبي ولا تصديق كتاب.
  فلما أمرنا الله تعالى بتصديقهم وتصديق كتبهم فعلنا ما أمرنا الله تعالى.
  وإذا كانا لله تعالى قد جعلهم عليهم‌السلام دلالة على تصديق هذا الكتاب الذي هو دليل على تصديق كل نبي وكل كتاب ، فقد قاموا في هذه الرتبة مقام الانبياء جميعا ومقام كتبهم جميعا ، ومقام معجزات نبينا جميعا صلى الله عليهم اجمعين بدليل قوله تعالى : (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم) (1).
  فلما رأى نصارى نجران المباهلة [بهم] أرهب في قلوبهم وأبلغ في الاعجاز لهم من المباهلة بالكتاب العزيز أقروا وعجزوا عن المباهلة وأقروا بالخراج.

-----------------------------
(1) سورة آل عمران : 3 / 61.

خصائص الوحي المبين _ 127 _

  و [مما] يدل على انهم أعظم آيات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تصديق الكتاب العزيز في حجاج أهل نجران أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما [كان] يلقى الجاحدين والاعدا إلا بأرهب الآيات في قلوبهم وأبلغ [البينات] في الاعجاز لهم ، ليتم دعوته وتعلوا كلمته ، فلو علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن باقي معجزاته تقوم مقامهم في الاعجاز لهم لاتى بها وترك أهل البيت عليهم‌السلام.
  ويزيده بيانا قوله تعالى : (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) (1) الآية والداعي لا يدعو نفسه وإنما يدعو غيره ، وجعله الله تعالى نفس نبيه صلى الله عليهما وآلهما إعظاما لمحله ورفعة له على سائر خلق الله تعالى ، لان نفس رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اشرف الانفس وأعظمها قدرا عند الله تعالى ، فوجب له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشرف والاعظام ما وجب لرسول الله كما وجب له من فرض الطاعة ما وجب لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدليل قوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) (2) وقد تقدم اختصاصها به من عدة طرق.
  وإذا كان نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونفسه أشرف الانفس وله من وجوب الطاعة ما وجب لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما بعد ذلك دليل يستفاد ، ولا علم يستزاد ، وفي هذاكفاية للمسترشد ونجدة للمستنجد.
  وإذا كانوا الصراط المستقيم ، والقديم تعالى قد أوجب على كافة أمة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نسيب وصاحب أن يدعوا ربهم بالهداية إلى الصراط المستقيم ما بين الليل والنهار في خمس صلوات ، ولم يرفع هذا الوجوب عن أحد ممن قال بالاسلام فأي وجوب ألزم من هذا السؤال.

-----------------------------
(1) سورة آل عمران : 3 / 60.
(2) سورة المائدة : 5 / 67.

خصائص الوحي المبين _ 126 _

  وإذا كان وجوب أتباعهم الزم كان الاقتداء بهم أسلم.
  وإذا كانواصلى الله عليهم وسلم هم الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وذلك بعد أن أطلع الله تعالى آدم عليه‌السلام على احوال من يخلق من ذريته وعلى منازلهم عنده فلو علم آدم عليه‌السلام ان سؤاله بغيرهم يقوم مقام سؤاله بهم في قبول تبوته وإجابة دعاءه لما عدل عنهم ، فلما رأينا الاقتصار من القديم تعالى عليهم والاقتصار من أبيهم آدم عليه‌السلام [بهم] ، علمنا أن سببهم أوثق سبب ورتبتهم أعلى الرتب.
  يؤيد ما قلناه ويزيده بيانا : انه الصراط المستقيم وان الناكب عنه لا يؤمن بالآخرة ومن لميؤمن بالآخرة لم تثبت عنده صحة النبوة لعدم تصديقه بما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي هذا بيان لمن تأمله.
  ويؤيده إيضاحا وبيانا : أنه دعوة أبيه ابراهيم عليهما‌السلام إذ قال الله تعالى : (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) (1).
  واراد ب‍ (عهده) الامامة التي عهد إليه أن يجعلها له.
  والظلم هاهنا : هي عبادة الاصنام بدليل قوله سبحانه وتعالى : (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) (2) وكذلك قد ذكره البخاري في صحيحه (3) وذكره رزين العبدري في الجمع بين الصحاح الستة وذكره الواحدي في تفسيره وقد ذكرناه في كتابنا كتاب العمدة المقدم ذكره ، فمن

-----------------------------
(1) سورة البقرة : 2 / 124.
(2) سورة لقمان : 31 / 13.
(3) يراجع صحيح البخاري 9 / 18 و 6 / 114.

خصائص الوحي المبين _ 128 _

  أراده بذكر طرقه وقف عليه من هناك.
  [و] يدل على صحة هذا التأويل قول إبراهيم عليه‌السلام عند ذلك (واجنبني وبني أن نعبد الاصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (1) وفي بنيه ممن عبد الاصنام عدد لا يحصيه إلا الله تعالى فنفى أن يكونوا من بنيه وان كانوا من بنيه وذلك اقتداء بأبيه نوح عليه‌السلام حيث قال : (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) (2) فقال الله تعالى مجيبا له : (يا نوح إنه ليس من أهلك) (3).
  ثم أبان له تعالى من أي طريق خرج من أن يكون من أهله فقال تعالى : (إنه عمل غير صالح) ويقرأ : (إنه عمل غير صالح) فلذلك خرج عن أن يكون من أهلك ، لا بطعن في نسبه.
  وكذلك من عبد الاصنام من ولد إبراهيم عليه‌السلام لم ينف عنهم النسب وانما نفى عنهم استحقاق الامامة على مقتضى نفي الوحي العزيز للامامة عمن عبد الاصنام بدليل قوله تعالى : (لا ينال عهدي الظالمين) (4).
  فعلي صلوات الله عليه يستحق الامامة على طريق استحقاق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنبوة ، لانهما لميسجدا قط لصنم ، فثبت أنهما دعوة أبيهما إبراهيم صلى الله عليهم اجمعين.
  وإذا كان الوحي العزيز ينطق بأن الله تعالى قد جعل له عليه‌السلام مودة في صدور المؤمنين ، فقد اتضح لنا طريق معرفة المؤمن منا وغيره بدليل صادق لا يحتمل

-----------------------------
(1) سورة ابراهيم : 14 / 36.
(2 و 3) سورة هود : 11 / 45 ـ 46.
(4) سورة البقرة : 2 / 124.

خصائص الوحي المبين _ 129 _

  التوسع التجوز ، وهو الوحي الصادق ، فمن رأينا لعلي عليه‌السلام مودة في قلبه علمنا إيمانه ، ومن لم يكن كذلك علمنا نفاقه ، وهذا ما لا يمكن لاحد دفعه بالعناد ، لان دفع ذلك يكون دفعا لكتاب الله تعالى (إن في هذا البلاغا لقوم يعقلون) (1).
أنت  الصراط iiالمستقيم      ii
بوحي ذي العرش العليّ
وكـذاك في يوم iiالبهال      ii
بـوحيه نـفس iiالـنبي
فـلك الـولاء iiبـمحكم      ii
الـتنزيل مع قول النبي

-----------------------------
(1) اقتباس من آية (106) من سورة الانبياء.

خصائص الوحي المبين _ 130 _

الفصل الثامن

  في قوله سبحانه وتعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (1).
  وفي قوله تعالى : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (2).
  وفي قوله تعالى : (وقفوهم إنهم مسئولون) (3).
  وفي قوله تعالى : (ولتعرفنهم في لحن القول) (4).
  79 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم [في قوله تعالى] (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) الآية.
  بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا الحسين بن إسحاق ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : حدثنا حسن بن حسين العرني ، قال : حدثنا معاذ بن مسلم بياع الهروي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) اومأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي ، يا علي بك

-----------------------------
(1) سورة الرعد : 13 / 7.
(2) سورة هود : 11 / 17.
(3) سورة الصافات : 37 / 24 ، 4 ـ سورة محمد : 47 / 30.

خصائص الوحي المبين _ 131 _

  يهتدي المهتدون من بعدي (1).
  80 ـ وبالاسناد المقدم قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلام ، قال : حدثني محمد بن أحمد بن ثابت القيسي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن أبي عمار ، قال : حدثنا [حسن بن] حسين ، عن معاذ بن مسلم ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) [قال :] قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر والهادي علي ، يا علي بك يهتدي المهتدون (2).
  81 ـ ومن الجزء الاول : من أجزاء اثنين من كتاب الفردوس في باب "الالف" تأليف أبي شجاع شيرويه بن شهر دار بن شيرويه الديلمي بالاسناد المقدم قال عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر وعلي الهادي ، وبك يا علي يهتدي المهتدون (3).
  82 ـ ومن طريق الحافظ أبي نعيم في قوله تعالى : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (4).
  قال الحافظ أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد [الطبراني] قال : حدثنا ابراهيم بن نائلة ، قال : حدثنا اسماعيل بن عمرو البجلي ، قال : حدثنا أبو مريم عبد الغفار بن القاسم قال : حدثني المنهال بن عمرو ، قال حدثنا عباد بن عبد الله

-----------------------------
(1) معرفة الصحابة 1 / 306 ، ينظر تفسير الدر المنثور 4 / 45 المستدرك 3 / 129 ، مسند احمد 1 / 126 ينظر شواهد التنزيل 1 / 296.
(2) مستدرك الصحيحين 3 / 129 ـ تفسير الطبري 13 / 72 ، نور الابصار / 70 ، كفاية الطالب / 233.
(3) فردوس الاخبار 1 / 75 ح / 103 وفيه : انا النذير.
(4) سورة هود : 11 / 17.

خصائص الوحي المبين _ 132 _

  الاسدي ، قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهو يقول : ما أحد من قريش إلا وقد نزلت فيه آية أو آيتان.
  فقال له رجل : وما نزل فيك يا أمير المؤمنين ؟ قال : فغضب ثم قال : أما والله (1) لو لم تسألني على رؤوس القوم ما حدثتك.
  ثم قال : هل تقرأ سورة (هود) و (يونس) ؟ ثم قرأ : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بينة من ربه ، وأنا الشاهد (2).
  83 ـ وبالاسناد ايضا قال : ورواه عيسى بن موسى غنجار ، عن أبي مريم مثله.
  84 ـ قال : ورواه المصباح بن يحيى وعبد الله بن عبد القدوس ، عن الاعمش عن المنهال بن عمرو (3).
  85 ـ ومن طريق الفقيه ابن المغازلي الشافعي الواسطي بالاسناد المقدم قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان ـ إذنا ـ : أن ابا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبره ، قال : حدثنا محمد بن جعفر بن محمد العسكري ، قال : حدثني محمد بن عثمان ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : دخلت أنا وأبو مريم على عبد الله بن عطاء ، قال أبو مريم : حدث عليا بالحديث الذي حدثتني عن ابي جعفر.
  قال : كنت عند ابي جعفر عليه‌السلام جالسا إذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام ، قلت : جعلني الله فداك هذا بن الذي عنده علم الكتاب ؟ قال : لا ولكنه صاحبكم

-----------------------------
(1) في معرفة الصحابة 1 / 307 : أم والله.
(2) ينظر معرفة الصحابة 1 / 307 مناقب ابن المغازلي / 270 مع اختلاف يسير ، شواهد التنزيل / 276 ـ تفسير الدر المنثور 3 / 324.
(3) شواهد التنزيل 1 / 275.

خصائص الوحي المبين _ 133 _

  علي بن ابي طالب عليه‌السلام الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله تعالى (ومن عنده علم الكتاب) (1) (افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (2) (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا) (3) الآية (4).
  في قوله تعالى : (وقفوهم إنهم مسئولون) (5).
  86 ـ ومن طريق الحافظ ابي نعيم بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن المظفر ، قال : حدثنا أبو الطيب محمد بن القاسم البزاز ، قال : حدثني الحسين بن الحكم ، قال : حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم ، قال : حدثنا القاسم بن عبد الغفار ، عن أبي الاحوص ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن ابن عباس في قوله عز وجل : (وقفوهم إنهم مسئولون) قال : عن ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام (6).
  87 ـ وبالاسناد المقدم ايضا قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد قال : حدثنا الحسين بن أبي صالح ، قال : حدثنا احمد بن هارون البردعي ، قال : حدثنا الحسين بن الحكم مثله (7).

-----------------------------
(1) سورة الرعد : 13 / 43.
(2) سورة هود : 11 / 17.
(3) سورة المائدة : 5 / 55.
(4) مناقب ابن المغازلي / 313 ، ينظر تفسير القرطبي 9 / 33 6.
(5) سورة الصافات : 37 / 24.
(6) و (7) شواهد التنزيل 2 / 108 ، يراجع الصواعق المحرقة فصل الآيات ، الآية الرابعة ، وفيه : وكأن هذا هو مراد الواحدي بقوله روي في قوله (وقفوهم إنهم مسؤلون) أي علي واهل البيت ، لان الله أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعرف الخلق أنه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجرا إلا المودة في القربى.
والمعنى أنهم يسئلون هل والوهم حق الموالاة كما أوصاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم أضاعوها وأهملوها فتكون عليهم المطالبة والتبعة.

خصائص الوحي المبين _ 134 _

  88 ـ ومن كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي في الجزء الثاني في قافية الواو بالاسناد المقدم قال : عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وقفوهم إنهم مسئولون) عن ولاية علي بن أبي طالب صلى الله عليه (1).
  في قوله تعالى : (ولتعرفنهم في لحن القول) (2).
  89 ـ من طريق الحافظ أبي نعيم : بالاسناد المقدم قال أبو نعيم : حدثنا الحسين بن علان قال : حدثنا هيثم بن خلف ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم مولى بني هاشم قال : حدثنا االحسين بن الاشقر قال : حدثني علي بن القاسم الكندي عن أبي الحسن المدائني عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري في قوله عز وجل (ولتعرفنهم في لحن القول) قال : ببغضهم عليا عليه‌السلام (3).
  قال يحيى بن الحسن : واعلم أن هذا الفصل قد جمع أشئ من الوحي العزيز كل واحد منها يوجب لمولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه وسلامه ولاء الامة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.
  منها قوله سبحانه وتعالى : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (4) فاثبت تعالى للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الانذار بلفظة (إنما) وهي للتحقيق والاثبات بلا خلاف.
  ثم عطف عليه تعالى بغير فاصلة فقال : (ولكل قوم هاد) فأثبت لعلي عليه‌السلام الامامة بطريق ثبوت النبوة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لان العطف يوجب للمعطوف حكم ما عطف عليه.

-----------------------------
(1) ينظر شواهد التنزيل 2 / 106.
(2) سورة محمد : 47 / 30.
(3) ينظر تفسير الدر المنثور 6 / 66 ـ شواهد التنزيل 2 / 178.
(4) سورة الرعد : 13 / 7.