الامالي او المجالسي
11 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رض ) قال حدثنا الحسن بن متيل الدقاق قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال حدثنا محمد بن سنان عن جعفر بن سليمان النهدي قال حدثنا ثابت بن دينار الثمالي عن سيد العابدين علي بن الحسين عن أبيه ( عليه السلام ) قال نظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذات يوم إلى علي ( عليه السلام ) وقد أقبل وحوله جماعة من أصحابه فقال من أراد أن ينظر إلى يوسف في جماله وإلى إبراهيم في سخائه وإلى سليمان في بهجته وإلى داود في قوته فلينظر إلى هذا .
12 ـ حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور ( رض ) قال حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري عن أبيه عن يعقوب بن يزيد قال حدثني الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) .
  قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي مني وأنا من علي قاتل الله من قاتل عليا لعن الله من خالف عليا علي إمام الخليقة بعدي من تقدم على علي فقد تقدم علي ومن فارقه فقد فارقني ومن آثر عليه فقد آثر علي أنا سلم لمن سالمه وحرب لمن حاربه وولي لمن والاه وعدو لمن عاداه .
13 ـ حدثنا علي بن أحمد بن إبراهيم ( رض ) قال حدثنا أبي عن ياسر قال لما ولى الرضا ( عليه السلام ) العهد سمعته وقد رفع يديه إلى السماء وقال اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك ونبيك يوسف حين دفع إلى ولاية مصر .
14 ـ حدثنا الحسين بن أحمد البيهقي قال أخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا أبو ذكوان قال سمعت إبراهيم بن العباس يقول ما رأيت الرضا ( عليه السلام ) سئل عن شيء قط إلا علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره وان المأمون يمتحنه في كل ثلاثة بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه وكان كلامه وجوابه وتمثيله بآيات من القرآن وكان يختمه في كل ثلاث ويقول لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث لختمت ولكن ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شيء نزلت وفي أي وقت فلذلك صرت أختم فثلاثة أيام .
15 ـ قال الصولي وحدثنا الحسين بن الهيثم [ الحسن بن الجهم ] قال حدثني أبي قال صعد المأمون المنبر ليبايع علي بن موسى الرضا فقال أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) والله لو قرأت هذه الأسماء على الصم البكم لبرءوا بإذن الله.

الامالي او المجالسي _427_

16 ـ حدثنا حسين بن أحمد البيهقي قال أخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثني هارون بن عبد الله المهلبي قال حدثني دعبل بن علي الخزاعي قال جاءني خبر موت الرضا ( عليه السلام ) وأنا مقيم بقم فقلت القصيدة الرائية أرى أمية معذورين إن قتلوا ولا أرى لبني العباس من عذرأولاد حرب ومروان وأسرتهم بني معيط ولاة الحقد والوغرقوم قتلتم على الإسلام أولهم حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر أربع بطوس على قبر الزكي به إن كنت تربع من دين على وطرقبران في طوس خير الناس كلهم وقبر شرهم هذا من العبرما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا على الزكي بقرب الرجس من ضررهيهات كل امرئ رهن بما كسبت له يداه فخذ ما شئت أو فذر .
17 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال حدثني علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن أبي الصلت الهروي قال بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) إذ قال لي يا أبا الصلت ادخل هذه القبة التي فيها قبر هارون فائتني بتراب من أربع جوانبها قال فمضيت فأتيت به فلما مثلت بين يديه قال لي ناولني من هذا التراب وهو من عند الباب فناولته فأخذه وشمه ثم رمى به ثم قال سيحفر لي هاهنا قبر وتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها ثم قال في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك ثم قال ناولني هذا التراب فهو من تربتي ثم قال سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل وأن يشق لي ضريحة فإن أبوا إلا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا فإن الله عز وجل سيوسعه لي ما شاء فإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة فتكلم بالكلام الذي أعلمك فإنه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتانا صغارا فتفتت لها الخبز الذي أعطيك فإنها تلتقطه فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شيء ثم تغيب فإذا غابت فضع يدك على الماء وتكلم بالكلام الذي أعلمك نه ينضب ولا يبقى منه شيء ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون ثم قال ( عليه السلام ) يا أبا الصلت غدا أدخل إلى هذا الفاجر فإن خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلم أكلمك وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني قال أبو الصلت فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر فبينا ه كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له أجب أمير المؤمنين فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه حتى دخل على المأمون وبين يديه طبق عنب وأطباق فاكهة بين يديه وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه فلما بصر بالرضا ( عليه السلام ) وثب إليه وعانقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه معه ثم ناوله العنقود وقال يا ابن رسول الله هل رأيت عنبا أحسن من هذا فقال الرضا ربما كان عنبا حسنايكون من الجنة .

الامالي او المجالسي _428 _

  فقال له كل منه فقال له الرضا أوتعفيني منه فقال لا بد من ذلك ما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشيء فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله فأكل منه الرضا ( عليه السلام ) ثلاث حبات ثم رمى به وقام فقال له المأمون إلى أين قال إلى حيث وجهتني وخرج ( عليه السلام ) مغطى الرأس فلم أكلمه حتى دخل الدار ثم أمر أن يغلق الباب فغلق ثم نام على فراشه فمكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا فبينا أنا كذلك إذ دخل علي شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا ( عليه السلام ) فبادرت إليه فقلت له من أين دخلت والباب مغلق .
  فقال الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق فقلت له ومن أنت فقال لي أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت أنا محمد بن علي ثم مضى نحو أبيه ( عليه السلام ) فدخل وأمرني بالدخول معه فلما نظر إليه الرضا ( عليه السلام ) وثب إليه وعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه ثم سحبه سحبا إلى فراشه وأكب عليه محمد بن علي ( عليه السلام ) يقبله ويساره بشيء لم أفهمه ورأيت على شفتي الرضا ( عليه السلام ) زبدا أشد بياضا من الثلج ورأيت أبا جعفر يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين ثوبه وصدره فاستخرج منها شيئا شبيها بالعصفور فابتلعه أبو جعفر وقضى الرضا ( عليه السلام ) فال أبو جعفر ( عليه السلام ) قم يا أبا الصلت فائتني بالمغتسل والماء من الخزانة فقلت ما في الخزانة مغتسل ولا ماء فقال لي ائتمر بما آمرك به .
  فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء فأخرجته وشمرت ثيابي لأغسله معه فقال لي تنح يا أبا الصلت فإن لي من يعينني غيرك فغسله ثم قال لي ادخل الخزانة فأخرج إلي السفط الذي فيه كفنه وحنوطه فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة فحملته إليه فكفنه وصلى عليه ثم قال ائتني بالتابوت فقلت أمضي إلى النجار حتى يصلح تابوتا قال قم فإن في الخزانة تابوتا فدخلت الخزانة فإذا تابوت لم أر مثله [ لم أره قط ] فأتيته فأخذ الرضا ( عليه السلام ) بعد أن كان صلى عليه فوضعه في التابوت وصف قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت وانشق السقف فخرج منه التابوت ومضى فقلت يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون فيطالبني بالرضا ( عليه السلام ) فما أصنع فقال اسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت ما من نبي يموت في المشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله عز وجل بين أرواحهما وأجسادهما فما تم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت فقام ( عليه السلام ) فاستخرج الرضا من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسل ولم يكفن وقال يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان بالباب فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه وهو يقول يا سيداه فجعت بك يا سيدي ثم دخل وجلس عند رأسه وقال خذوا في تجهيزه وأمر بحفر القبر فحضرت الموضع وظهر كل شيء على ما وصفه الرضا ( عليه السلام ) .

الامالي او المجالسي _429_

  فقال بعض جلسائه ألست تزعم أنه إمام قال نعمقال لا يكون الإمام إلا مقدم الرأس فأمر أن يحفر له في القبلة فقلت أمرني أن أحفر له سبع مراقي وأن أشق له ضريحة فقال انتهوا إلى ما يأمركم به أبو الصلت سوى الضريحة ولكن يحفر ويلحد فلما رأى ما ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون لم يزل الرضا ( عليه السلام ) يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته فقال له وزير كان معه أ تدري ما أخبرك به الرضا ( عليه السلام ) قال لا قال إنه أخبرك أن ملككم بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلط الله تبارك وتعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم قال له صدقت ثم قال لي يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به قلت والله لقد نسيت الكلام من ساعتي وقد كنت صدقت فأمر بحبسي ودفن الرضا ( عليه السلام ) فحبست سنة وضاق علي الحبس وسهرت الليل فدعوت الله عز وجل بدعاء ذكرت فيه محمدا وآل محمد وسألت الله بحقهم أن يفرج عني فلم أستتم الدعاء حتى دخل علي محمد بن علي ( عليه السلام ) فقال لي يا أبا الصلت ضاق صدرك فقلت إي والله قال قم فاخرج ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت علي ففكها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمة يروني فلم يستطيعوا أن يكلموني وخرجت من باب الدار ثم قال امض في ودائع الله فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا قال أبو الصلت فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين وحسبنا الله ونعم الوكيل .

المجلس الخامس والتسعون :

يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة في مشهد الرضا (عليه السلام) .
1 ـ حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رض قال حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رض قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن عذافر عن أبيه قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) لم حرم الله الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر فقال إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحل لهم ولا زهد فيما حرم عليهم ولكنه عز وجل خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه لهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه ثم أحله للمضطر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأحله له بقدر البلغة لا غير ذلك

الامالي او المجالسي _430_

  ثم قال أما الميتة فإنه لم ينل أحد منها إلا ضعف بدنه وأوهنت قوته وانقطع نسله ولا يموت آكل الميتة إلا فجأة وأما الدم فإنه يورث أكله الماء الأصفر ويورث الكلب وقساوة القلب وقلة الرأفة والرحمة ثم لا يؤمن على حميمه ولا يؤمن على من صحبه وأما لحم الخنزير فإن الله تبارك وتعالى مسخ قوما في صورة شتى مثل الخنزير والقرد والدب ثم نهى عن أكل مثله [ المثلة ] لكيلا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبتها وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها ثم قال ( عليه السلام ) إن مدمن الخمر كعابد وثن وتورثه الارتعاش وتهدم مروته وتحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزناء حتى لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك والخمر لا تزيد شاربها إلا كل شر .
2 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار ( رض ) قال حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث النخعي القاضي قال سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) يقول جاء إبليس إلى موسى بن عمران ( عليه السلام ) وهو يناجي ربه فقال له ملك من الملائكة ما ترجو منه وهو في هذه الحال يناجي ربه فقال أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة وكان فيما ناجاه الله تعالى به أن قال له يا موسى لا أقبل الصلاة إلا ممن تواضع لعظمتي وألزم قلبه خوفي وقطع نهاره بذكري ولم يبت مصرا على الخطيئة وعرف حق أوليائي وأحبائي فقال موسى رب تعني بأحبائك وأوليائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال عز وجل هم كذلك يا موسى إلا أنني أردت من من أجله خلقت آدم وحواء ومن من أجله خلقت الجنة والنار فقال موسى ومن هو يا رب قال محمد أحمد شققت اسمه من اسمي لأني أنا المحمود .
  فقال موسى يا رب اجعلني من أمته وقال أنت يا موسى من أمته إذا عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته إن مثله ومثل أهل بيته فيمن خلقت كمثل الفردوس في الجنان لا ييبس ورقها ولا يتغير طعمها فمن عرفهم وعرف حقهم جعلت له عند الجهل حلما وعند الظلمة نورا أجيبه قبل أن يدعوني وأعطيه قبل أن يسألني يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته إن الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته وجعلتها ملعونة وملعونا ما فيها إلا ما كان فيها [ منها ] لي يا موسى إن عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي وسائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم بي وما من أحد من خلقي عظمها فقرت عينه ولم يحقرها أحد إلا انتفع بها ثم قال الصادق ( عليه السلام ) إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا وما عليك إن لم يثن عليك الناس وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا إن عليا ( عليه السلام ) كان يقول لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل يزداد كل يوم إحسانا ورجل يتدارك سيئته بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت .

الامالي او المجالسي _431_

3 ـ حدثنا محمد بن الحسن ( رض ) قال حدثنا الحسن بن المتيل الدقاق قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن مفضل بن عمر قال سألت أبا عبد الله عن العشق قال قلوب خلت من ذكر الله فأذاقها الله حب غيره .
4 ـ وبهذا الإسناد قال قال الصادق ( عليه السلام ) من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة .
5 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي قال حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثنا علي بن محمد القاساني عن سليمان بن داود المنقري عن حماد بن عيسى عن الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال كان فيما أوصى به لقمان ابنه ناتان أن قال له يا بني ليكن مما تتسلح به على عدوك فتصرعه المماسحة وإعلان الرضا عنه ولا تزاوله بالمجانبة فيبدو له ما في نفسك فيتأهب لك يا بني خف الله خوفا لو وافيته ببر الثقلين خفت أن يعذبك الله وارج الله رجاء لو وافيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر الله لك يا بني حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء وذقت المرارات كلها فلم أذق شيئا أمر من الفقر .
6 ـ حدثنا أبي قال حدثنا الحسين بن موسى عن محمد بن الحسن الصفار ولم يحفظ الحسن الإسناد قال قال لقمان لابنه يا بني اتخذ ألف صديق وألف قليل ولا تتخذ عدوا واحدا والواحد كثير فقال أمير المؤمنين تكثر من الإخوان ما استطعت إنهم عماد إذا ما استنجدوا وظهورو ليس كثيرا ألف خل وصاحب وإن عدوا واحدا لكثير .
7 ـ حدثنا أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن أبيه قال حدثني يزيد بن مخلد النيسابوري قال حدثني من سمع الصادق جعفر بن محمد يقول الصداقة محدودة فمن لم تكن فيه تلك الحدود فلا تنسبه إلى كمال الصداقة ومن لم يكن فيه شيء من تك الحدود فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة أولها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة والثانية أن يرى زينك زينه وشينك شينه والثالثة لا يغيره عنك مال ولا ولاية والرابعة أن لا يمنعك شيئا مما تصل إليه مقدرته والخامسة لا يسلمك عند النكبات وقال الصادق ( عليه السلام ) لبعض أحابه من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرات فلم يقل فيك شرا فاتخذه لنفسك صديقا وقال الصادق لا تثقن بأخيك كل الثقة فإن صرعة الاسترسال لن تستقال وقال الصادق ( عليه السلام ) لبعض أصحابه لا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك فإن الصديق قد يكون عدوا يوما ما وقال الصادق ( عليه السلام ) حدثني أبي عن جدي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال من لك يوما بأخيك كله وأي الرجال المهذب .

الامالي او المجالسي _432_

8 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال حدثني عمي محمد بن أبي القاسم قال حدثني محمد بن علي الكوفي القرشي قال حدثني محمد بن سنان عن مفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال من صام ثلاثة أيام من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان كتب الله له صوم شهرين متتابعين .
9 ـ حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي قال حدثني محمد بن إسماعيل البرمكي عن جعفر بن أحمد الكوفي البزاز قال حدثنا إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق جعفر بن محمد أنه قال صوم شعبان وشهر رمضان توبة من الله ولو من دم حرام .
10 ـ حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب قال حدثنا محمد بن جعفر الأسدي الكوفي قال حدثني موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي على عجلة [ ناقة ] من نور وعلى رأسك تاج له أربعة أركان على كل ركن ثلاثة أسطر لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وتعطى مفاتيح الجنة ثم يوضع لك كرسي يعرف بكرسي الكرامة فتقعد عليه ثم يجمع لك الأولون والآخرون في صعيد واحد فتأمر بشيعتك إلى الجنة وبأعدائك إلى النار فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار ولقد فاز من تولاك وخسر من عاداك فأنت في ذلك اليوم أمين الله وحجة الله الواضحة وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .

المجلس السادس والتسعون :

  يوم الأربعاء في هذا اليوم وقت العصر .
1 ـ حدثنا الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( رض ) قال حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسين الموصلي عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) قال جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين متى كان ربك فقال له ثكلتك أمك ومتى لم يكن حتى يقال متى كان كان ربي قبل القبل بلا قبل ويكون بعد البعد بلا بعد ولا غاية ولا منتهى لغايته انقطعت الغايات عنه فهو منتهى كل غاية .

الامالي او المجالسي _433_

2 ـ حدثنا أبي قال حدثنا أحمد بن إدريس قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن جعفر الجوهري عن إبراهيم بن عبد الله الكوفي عن أبي سعيد عقيصا قال سئل الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عن العقل فقال التجرع للغصة ومداهنة الأعداء .
3 ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن عمر [ عمرو ] بن عثمان عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن سعيد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال بط جبرئيل على آدم فقال يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاختر واحدة ودع اثنتين فقال له آدم وما الثلاث يا جبرئيل فقال العقل والحياء والدين قال آدم فإني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين انصرفا ودعاه فقالا يا جبرئيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان قال فشأنكما وعرج .
4 ـ حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن أحمد بن رزق عن يحيى بن أبي العلاء عن جابر عن أبي جعفر الباقر قال إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة قال ثم إنه سأل الله بحق محمد وأهل بيته لما رحمتني قال فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئيل أن اهبط إلى عبدي فأخرجه قال يا رب وكيف لي بالهبوط في النار قال إني قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما قال يا رب فما علمي بموضعه قال إنه في جب من سجين قال فهبط في النار فوجده وهو معقول على وجهه فأخرجه فقال عز وجل يا عبدي كم لبثت تناشدني في النار قال ما أحصيه يا رب قال أما وعزتي لو لا ما سألتني به لأطلت هوانك في النار ولكنه حتمت على نفسي أن لا يسألني عبد بحق محمد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه وقد غفرت لك اليوم .
5 ـ حدثنا أبي ( رض ) قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن هاشم قال حدثني إبراهيم بن رجاء الجحدري قال حدثنا وكيع بن الجراح عن شريك بن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري قا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من فضل أحدا من أصحابي على علي فقد كفر .

الامالي او المجالسي _434_

6 ـ حدثنا أبي ( رض ) قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن إبراهيم بن رجاء قال حدثنا أحمد بن يزيد [ حماد بن يزيد ] عن أبان عن ابن عباس أو عن أبان بن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من ناصب عليا حارب الله ومن شك في علي فهو كافر .
7 ـ حدثنا محمد بن الحسن ( رض ) قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاساني عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله الصادق عن أبيه ( عليه السلام ) في قول الله تبارك وتعالى ( ويَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي ورَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) قال يستنبئك يا محمد أهل مكة عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إمام هو قل إي وربي إنه لحق .
8 ـ حدثنا أبي ( رض ) قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم البجلي عن جعفر بن محمد بن سماعة عن عبد الله بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفر محمد بن علي عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خذوا بحجزة هذا الأنزع يعني عليا فإنه الصديق الأكبر وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل من أحبه هداه الله ومن أبغضه أبغضه الله ومن تخلف عنه محقه الله ومنه سبطا أمتي الحسن والحسين وهما ابناي ومن الحسين أئمة الهدى أعطاهم الله علمي وفهمي فتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم فيحل عليكم غضب من ربكم ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .

المجلس السابع والتسعون :

  يوم الخميس لإحدى عشر ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة في مشهد الرضا .
1 ـ حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ( رض ) قال حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو محمد القاسم بن العلاء عن عبد العزيز بن مسلم قال كنا في أيام علي بن موسى الرضا بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم جمعة في بدء مقدمنا فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي ومولاي الرضا فأعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم .

الامالي او المجالسي _435_

  ثم قال يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم إن الله عز وجل لم يقبض نبيه حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا فقال عز وجل ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شيء ) وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره ( صلى الله عليه وآله ) ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ لَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) وأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض ( صلى الله عليه وآله ) حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبله وتركهم على قصد الحق وأقام لهم عليا ( عليه السلام ) علما وإماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل ومن رد كتاب الله عز وجل فهو كافر فهل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه الله بها فأشار بها ذكره فقال عز وجل ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .
  فقال الخليل سرورا بها ( ومِنْ ذُرِّيَّتِي ) قال الله تبارك وتعالى لا ( يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال عز وجل ( ووَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ فلم تزل في ذريته يرثها بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي فقال جل جلاله إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا واللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) فكانت له خاصة فقلدها النبي عليها بأمر ربه عز وجل على رسم ما فرض الله فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله عز وجل ( وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ ) .
  وهي في ولد علي خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد فمن أين يختار هؤلاء الجهال إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء إن الإمامة خلافة الله عز وجل وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين إن الإمامة أس الإسلام النامي وفرعه السامي بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفي‏ء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومن الثغور والأطراف الإمام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة الإمام كالشمس الطالعة للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار الإمام البدر المنير والسراج الظاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى والبلد القفار ولجج البحار الإمام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى والمنجي من الردى الإمام النار على اليفاع الحار لمن اصطلى به والدليل على المسالك من فارقه فهالك الإمام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والأرض.

الامالي او المجالسي _436 _

  البسيطة والعين الغزيرة والغدير والروضة الإمام الأمين الرفيق والوالد الرقيق والأخ الشفيق ومفزع العباد في الداهية الإمام أمين الله في أرضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده والداعي إلى الله والذاب عن حرم الله الإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم موسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد به [ منه ] بدل ولا له مثل ولا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منزلة ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ بمعرفة الإمام أو يمكنه اختياره هيهات هيهات ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألباب وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف أو ينعت بكنهه أو يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناءه لا كيف وأين وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين فأين الاختيار من هذا وأين العقول عن هذا وأين يوجد مثل هذا أظنوا أن ذلكيوجد في غير آل الرسول كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الأباطيل وارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا قاتلهم الله أنى يؤفكون لقد راموا صعبا .
  وقالوا إفكا وضلوا ضلالا بعيدا ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين رغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم ( ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) وقال عز وجل ( وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) وقال عز وجل ( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ وقال عز وجل أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون أم قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ولَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ولَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ وقالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا بل هو فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ واللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) .
   فكيف لهم باختيار الإمام والإمام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة مخصوص بدعوة الرسول وهو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب في البيت من قريش والذروة من هاشم والعترة من الرسول [ من آل الرسول ] والرضا من الله شرف الأشراف والفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله ناصح لعباد الله حافظ لدين الله إن الأنبياء والأئمة يوفقهم الله عز وجل ويؤتيهم من مخزون علمه وحلمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله جل وعز ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) وقوله عز وجل ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) وقوله عز وجل في طالوت ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ والْجِسْمِ واللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) وقال عز وجل لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) ( وكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) وقال عز وجل في الأئمة من أهل بيته وعترته وذريته ( صلى الله عليه وآله ) ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ ومِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب ولا يحير فيه عن الصواب وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطايا والزلل والعثار وخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدموه تعدوا وبيت الله الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله الهدى والشفاء فنبذوه واتبعوا أهواءهم فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم فقال عز وجل ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وقال فَتَعْساً لَهُمْ وأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ وقال عز وجل كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) ، وصلى الله على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والأئمة من ولدها المصطفين الأخيار آل يسن الأبرار وسلم تسليما كثيرا وكان الفراغ منه يوم الأحد سلخ شهر ربيع الآخر من سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بعد الألف على تصحيح أحقر طلبة العلوم السيد فضل الله الطباطبائي اليزدي ( غفر الله له ولوالديه ولإخوانه ) .