10 ـ وحدثني ابو اسامة الحلبي ، ثنا حجاج بن ابي منيع ، حدثني عبيد الله بن ابي زياد ، عن الزهري قال : أوّل امرأة تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خديجة بنت خويلد ، بن أسد ، بن عبد العزّى ، بن قصي (4). تزوّجها في الجاهلية ، انكحها ايّاه خويلد بن أسد بن عبد العزّى. 11 ـ حدثنا ابراهيم بن يعقوب ، ثنا عبد الله بن يوسف ، ان الليث بن سعد حدثه قال : حدثني عقيل (5) بن خالد ، عن ابن شهاب قال : ان خديجة بنت خويلد أول محصنة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ----------------------------- (1) خلّقته ، اي : طلته بالخلوق ، وهو ضرب من الطيب كانت العرب تتطيّب به في محافلها. (2) وهذا على ما كانت عليه السيرة من تطييب الولي بالخلوق وإلباسه الحلّة دليلا على رضاه بالعقد ـ وقد اشير الى هذا في الحديث الثاني عشر الآتي. (3) كذا اورد الشطر الثاني في هامش النسخة وفيه ما نصه : قال شيخنا المؤتمن ـ في الحاشية ـ : ( يضيء مثل ضوء الفرقد ) ، وليس في الرواية. هذا وقد ورد الشطر الثاني في المتن كما يلي : جلد يضيء كإضاءة الفرقد. (4) مضى مثله برقم (1) وسيأتي معناه بالرقم الآتي والرقم 39. (5) كذا ورد ضبط الكلمة في نسخة الاصل. الذرّية الطاهرة _ 13 _الجاهلية (1).12 ـ حدثنا ابراهيم بن يعقوب ، ثنا حجاج بن المنهال ، ثنا حمّاد بن سلمة عن عمّار بن ابي عمّار ، عن ابن عباس ـ فيما يحسب حمّاد ـ : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر لخديجة ، فصنعت طعاما وشرابا فدعت أباها ونفرا من قريش فطعموا وشربوا. فقالت خديجة لأبيها : ان محمد بن عبد الله يخطبني. فزوجها اياه ، فخلّقته والبسته حلّة ، وكذلك كانوا يصنعون اذا زوجوا نسائهم. وبلغني : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوّج خديجة على اثنتي عشرة أوقية ذهبا (2) ، وهي يومئذ ابنة ثماني وعشرين سنة (3). 13 ـ وحدثني ابن البرقي ـ أبو بكر ـ ، عن ابن هشام ، عن غير واحد ، عن ابي عمرو بن العلاء قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة (4). ذكر اسلام خديجة رضي الله عنها 14 ـ حدثنا أبو اسامة الحلبي ، ثنا حجاج بن ابي منيع ، ثنا جدّى ، عن الزهري ----------------------------- (1) مضى معناه في الحديث رقم 1 و 10 وسيأتي برقم 39 ـ أيضا ـ. (2) في نسخة الأصل : ذهب. (3) رواه الاربلي في كشف الغمّة ج 1 ص 510 وعنه العلامة المجلسي في بحار الانوار ج 16 ص 10. (4) رواه الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 510 ، والطبري في تاريخه ج 2 ص 196 ، ومضى مثله برقم 1 و 10 و 11. الذرّية الطاهرة _ 14 _قال : كانت خديجة أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).15 ـ حدثنا ابراهيم بن يعقوب ، ثنا عبد الله بن يوسف ، ان الليث بن سعد حدثه ، قال : حدثني عقيل بن خالد ، قال : قال ابن شهاب : أنزل الله على رسول الله القرآن والهدى وعنده خديجة بنت خويلد (2). 16 ـ حدثنا أحمد بن المقدام ـ أبو الأشعث ـ ، ثنا زهير بن العلاء ، ثنا سعيد بن ابي عروبة ، عن قتادة قال : كانت خديجة أوّل من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من النساء والرجال (3). 17 ـ حدثني محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، ثنا مروان بن معاوية الفزاري ، ثنا وائل بن داود ، عن عبد الله البهي قال : قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار [ لها ] (4) ، فذكرها ذات يوم فاحتملتني الغيرة فقلت : لقد عوّضك الله من كبيرة السّن. قالت : فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم غضب غضبا شديدا ، وسقطت في يدي (5) ، فقلت : اللهم ان اذهبت غضب رسولك عنّي لم أعد لذكرها بسوء ما بقيت. قالت : فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لقيت قال : كيف قلت ؟ ، والله لقد آمنت بي اذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، ورزقت مني الولد حيث حرمتموه. ----------------------------- (1 ، 2) رواهما الاربلي في كشف الغمّة ج 1 ص 510 ، وروى ابن كثير الحديث الرابع عشر في السيرة النبوية ج 1 ص 406 عن الزهري ، وسيأتي مثله برقم 16 و 23 و 29. (3) وانظر معناه في الاحاديث رقم 14 و 23 ، 29. (4) هذه الكلمة غير موجودة في نسخة الاصل ، وانما أخذناها من السيرة. (5) سقطت في يدي ، اي : ندمت وتحيّرت من تلك المقالة. الذرّية الطاهرة _ 15 _قالت : فغدا وراح عليّ بها شهرا (1).18 ـ حدثني محمد بن حميد ـ أبو قرّة ـ ، ثنا سعيد بن عيسى بن تليد ، حدثني المفضّل بن فضالة ، عن ابي الطاهر عبد الملك بن محمد بن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمه عبد الله بن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : ان كان من بدء أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه رأى في المنام رؤيا فشق ذلك عليه ، فذكر ذلك لصاحبته خديجة بنت خويلد ، فقالت له : أبشر ، فان الله لا يصنع بك الا خيرا ، فذكر لها انه رأى ان بطنه أخرج فطهّر وغسل ، ثم أعيد كما كان (2) قالت : هذا خير ، فأبشر. ثم استعلن (3) له جبريل فأجلسه على ما شاء الله ان يجلسه عليه ، وبشّره برسالة الله حتى اطمأن ، ثم قال له : اقرأ قال : كيف أقرأ. قال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ). (4) فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رسالة ربّه ، واتبع الذي جاء ----------------------------- (1) رواه الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 512 ، وعنه المجلسي في بحار الانوار ج 16 ص 12 ، ورواه ابن هشام في السيرة النبوية ج 1 ، ص 203 وسيأتي موضوع غيرة عائشة على أم المؤمنين خديجة بالرقم 36 و 37. (2) خبر شق بطن الرسول (ص) من مفتعلات الوضاع وهو ينافي عصمة الرسول (ص) ولكن قد رواه اغلب العامة بل اتفقوا عليه ، فقد روى احمد بن حنبل باسناده عن ابي هريرة : ان رسول الله كان ابن عشر سنين واشهر حين نزل عليه رجلان فاضجعاه فقال احدهما لصاحبة : افلق صدره واخرج الغسل والحسد ، فاخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها وادخل الرأفة والرحمة ـ وهي تشبه الفضة ـ عوضا عنهما ( المسند ج 5 ص 139 ) وهذا ينافي ما هو الثابت بالعقل والنقل الصحيح من ان الرسول (ص) كان معصوما في جميع مراحل حياته ، وان الغل والحسد وكذا الرأفة والرحمة ليست أمورا مادية. (3) الاستعلان هو الظهور علانية. (4) وهي الآيات 1 ـ 3 من سورة العلق (96). الذرّية الطاهرة _ 16 _به جبريل من عند الله ، وانصرف الى اهله.فلما دخل على خديجة قال : أرأيتك الذي كنت أحدثك ورأيته في المنام ؟! ، فإنه جبريل استعلن ، فأخبرها (1) بالذي جاءه من الله (2) وسمع. فقالت : أبشر (3) فو الله لا يفعل الله بك الا خيرا ، فاقبل الذي آتاك الله فانك رسول الله حقا (4). 19 ـ حدثنا يزيد بن عبد الصمد الدمشقي ، ثنا محمد بن عائذ ، ثنا محمد بن شعيب بن شابور ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ـ عطاء بن ابي مسلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : بعث الله جل وعز محمدا على رأس خمس سنين من بنيان الكعبة ، فكان أول شيء اراه الله اياه من النبوّة رؤيا في المنام ، فشق ذلك عليه ، (5) ـ والحق ثقيل ، والانسان ضعيف ـ ، (6) فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزوجته خديجة بنت خويلد ، فعصمها الله من التكذيب ، فقالت : أبشر ، فان الله لا يصنع بك إلاّ خيرا ، فحدثها انه رأى بطنه طهّر وغسل ، ثم أعيد كما كان ، قالت : وهذا والله خير. قال ابن عباس : ثم استعلن له جبريل وهو بأعلى مكة من قبل حرّاء ، فوضع يده على رأسه وفؤاده وبين كتفيه وقال له جبريل : لا تخف. ----------------------------- (1) في كشف الغمة : واخبرها. (2) في كشف الغمة : من عند الله. (3) في كشف الغمة : ابشر يا رسول الله. (4) رواه الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 510 عن الدولابي في هذا الكتاب ، وعنه المجلسي في بحار الانوار ج 16 ص 10 ، ورواه ابن كثير عن موسى بن عقبة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، في السيرة ج 1 ص 405. وسيأتي مثله بالرقم 19 و 20. (5) في كشف الغمة : فشق عليه. (6) ما بين الشارحتين غير موجود في كشف الغمة. الذرّية الطاهرة _ 17 _فأجلسه معه على مجلس كريم جميل معجب ، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : اجلسني على بساط كهيئة الدرنوك (1) ، فيه من الياقوت واللؤلؤ فبشره برسالات الله حتى اطمأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم قال له : اقرأ ، قال : كيف أقرأ ؟! قال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) (2) .فقبل الرسول رسالات ربّه ، وسأله ان يخفيها واتبع الذي نزل به جبريل من عند ربّ العرش العظيم. فلما قضى إليه الذي امر به ، انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منقلبا الى اهله ، لا يأتي على حجر ولا شجر الا سلّم عليه : ( سلام عليك يا رسول الله ). فرجع الى بيته وهو موقن قد فاز فوزا عظيما ، فلما دخل على امرأته خديجة قال : يا خديجة أرأيت ما كنت أراه في المنام وأحدثك به ، قد استعلن وانه جبريل أرسله ربه ـ وأخبرها بالذي قال ، وبالذي رأى وسمع ـ. فقالت : أبشر ، فو الله لا يفعل الله بك الا خيرا ، أنا اقبل الذي أتاك من عند الله ، فانه حق ، وأبشر فانك رسول الله حقا (3). 20 ـ حدثنا يونس بن عبد الاعلى ، ثنا عبد الله بن وهب ، اخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : حدثني عروة ، ان عائشة ـ زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أخبرته ، قالت : كان أول ما بدء به رسول الله صلّى الله ----------------------------- (1) الدرنوك والدرنيك : ضرب من الثياب او البسط له حمل قصير كحمل المناديل وبه يشبّه فروة البعير والاسد ( لسان العرب ) وفي النهاية ، هو : الستر. (2) وهي الآيات 1 ـ 3 من سورة العلق (96). (3) هذا الحديث يقرب مما رواه الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 510 ومضى معنى هذا الحديث في الحديث السابق وسيأتي مثله بالرقم 20. الذرّية الطاهرة _ 18 _عليه وآله وسلّم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلأ ، فكان يخلو بغار حرّاء يتحنّث فيه (1) وهو : التعبّد الليالي اولات العدد ، قبل ان يرجع الى أهله ، ويتزوّد لذلك ، ثم يرجع الى خديجة فيتزوّد بمثلها (2) ، حتى فجأه الحق (3) وهو في غار حرّاء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، فقال : ما أنا بقارئ.فأخذني فغطني (4) حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، قلت : ما انا بقارئ ، قال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ ، رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ) (5). فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترجف بوادره (6) ، حتى دخل على خديجة ، فقال : زمّلوني (7) ، فزملوه حتى ذهب عنه الورع ، ثم قال لخديجة : اي خديجة ، واخبرها الخبر ـ ، فقال : لقد خشيت على نفسي. قالت له خديجة : كلاّ ، أبشر ، والله لا يخزيك أبدا ، والله انك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ (8) وتكسب المعدوم ، وتقري ----------------------------- (1) في البحار : فيتعبّد فيه. (2) ورد في هامش نسختنا ما يلي : نسخة المؤتمن : فيتزود لمثلها ، وبمثل ما ورد في الهامش ، السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 385 وفي هامش البحار : فتزوده لمثلها. (3) في السيرة لابن كثير : حتى جاءه الحق. (4) في السيرة لابن هشام ج 1 ص 55 : فغتّني ، ومعنى ما ورد هنا هو : فخنقني. (5) وهي الآيات 1 ـ 5 من سورة العلق (96). (6) في السيرة لابن كثير : يرجف فؤاده ، ومثله صحيح مسلم ومسند احمد ، والبوادر : جمع بادرة وهي لحمة ما بين المنكب والعنق ، وقيل : هي عروق تضطرب عند الفزع. (7) زمل الشيء : غطّاه ودثره. (8) الكل : الثقل من كل ما يتكلّف ، والكل : العيال. الذرّية الطاهرة _ 19 _الضيف ، وتعين على نوائب الحق (1) وانطلقت به خديجة حتى اتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ـ وهو ابن عم خديجة ، اخو أبيها ـ وكان امرأ تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي (2) ويكتب من الإنجيل بالعربيّة (3) ما شاء الله وكان شيخا كبيرا قد عمي.فقالت له خديجة : ابن عمّ اسمع من ابن اخيك (4) قال ورقة بن نوفل : يا ابن أخ (5) ما ذا ترى ؟ ، فاخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة : هذا الناموس الذي انزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا (6) ، يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أو مخرجيّ هم ؟! قال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا ، (7) ثم لم ينشب ورقة ان توفّي ، وفتر الوحي فترة (8) حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ فيما بلغنا ـ ، ----------------------------- (1) النوائب جمع نائبة ، وهي ما ينوب الانسان ، اي : ينزل به من المهمّات والحوادث. (2 ، 3) وقد ورد في السيرة لابن كثير : العبراني والعبرانية ـ في الموضعين ـ. (4) الى هنا ما اورده مسلم في صحيحه ج 2 ص 204 باب بدء الوحي. (5) ورد في هامش النسخة : اخي ، وهو الأصح كما ورد في السيرة لابن كثير. (6) اي ليتني كنت شابا عند ظهور النبوة ـ لأن الضمير في فيها يعود الى النبوة ـ وجذعا منصوب على الحال من الضمير تقديره ليتنى مستقر فيها جذعا ( النهاية ). (7) الى هنا قد رواه احمد بن حنبل في المسند ج 1 ص 223. (8) الى هنا اورده المجلسي في بحار الانوار وبعده : ثم أتاه الوحي ، الناموس جبرئيل (ع) وصاحب السر ، وقد اورده نقلا عن الكازروني في كتاب المنتقى باسناده عن عائشة في الجزء 18 ص 227. واما ما الحق به الدولابي بقوله : فيما بلغنا ، فلم نجده في مصدر موثوق به وهو بظاهره يخالف مقام النبوة فان النبي لن يعتريه شك في رسالته. الذرّية الطاهرة _20 _فغدا من أهله مرارا لكي يتردى من رءوس شواهق جبال الحرم ، فكلّما أوفى ذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدّا له جبريل عليهالسلام فقال : يا محمد انك لرسول الله حقا ، فيسكن ذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فاذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فاذا اوفى على ذروة جبل تبدّا له جبريل فقال له مثل ذلك (1).21 ـ حدثنا ابو اسامة ـ عبد الله بن محمد بن أبي أسامة ـ ، ثنا حجاج بن أبي منيع ، ثنا جدي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : مثله (2). 22 ـ حدثنا احمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ، ثنا عبد الملك بن هشام ، عن زياد ، قال : قال ابن اسحاق : حدثني اسماعيل بن ابي حكيم ـ مولى آل الزبير ـ انه حدّث عن خديجة ، انها قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اي ابن عمّ ، أتستطيع ان تخبرني بصاحبك هذا الذي ياتيك اذا جاءك ؟!. قال نعم ، قالت : فاذا جاءك فاخبرني به ، فجاءه جبريل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا خديجة هذا جبريل قد جاءني. قالت : قم يا ابن عم ، فاجلس على فخذي اليسرى ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلس عليها. قالت : هل تراه ؟! قال : نعم. قالت فتحوّل فاقعد على فخذي اليمنى ، قال فتحول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقعد على فخذها اليمنى. فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم. ----------------------------- (1) ذكره البخاري في صحيحة في باب بدء الوحي ج 1 ص 3 ، وذكره ابن هشام في السيرة ج 1 ص 153 وابن كثير في السيرة ج 1 ص 386 وقد سبق مثله بالرقم 18 و 19. (2) ذكره ابن هشام في السيرة النبوية ج 1 ص 153. الذرّية الطاهرة _ 22 _قال : فتحسرت (1) ، فالقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس في حجرها ، ثم قالت : هل تراه ؟ قال : لا.قالت : يا ابن عمّ ، اثبت وأبشر فو الله انه لملك (2) ما هذا بشيطان ، قال ابن اسحاق : وقد حدث (3) بهذا الحديث عبد الله بن حسن فقال قد سمعت فاطمة بنت حسين تحدث بهذا (4) عن خديجة ، الا اني سمعتها تقول : ادخلت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينها ( وبين درعها فذهب ) (5) عند ذلك جبريل. فقالت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ان هذا لملك وما هو بشيطان (6). 23 ـ حدثنا ابن البرقي ـ ابو بكر ـ ، ثنا عبد الملك بن هشام ، عن زياد بن عبد الله البكائي قال : قال محمد بن اسحاق : كانت خديجة بنت خويلد أوّل من آمنت بالله ورسوله وصدقت [ بما ] جاءه من الله عز وجل ، ووازرته على أمره ، فخفف الله بذلك عن رسوله ، وكان لا يسمع ----------------------------- (1) ورد في هامش نسختنا ما يلي : قال الشيخ [ كلمات لا تقرأ ] ، وكتب المؤتمن في حاشية نسخته : فحسرت. أقول : لعلّ الشيخ أشار إلى وجود سقط هنا وهو : [ قالت : فاجلس في حجري ، ففعل ] كما في البحار ج 16 ص 11 ( المحقّق ). (2) في كشف الغمة : لملك كريم. (3) في هامش نسختنا : في نسخة : حدثت ، وهكذا ورد في السيرة ج 1 ص 157 وتاريخ الطبري ج 2 ص 208. (4) في كشف الغمة : بهذا الحديث. (5) ما بين القوسين غير واضح في نسختنا وقد اخذناه من السيرة لابن هشام ج 1 ص 157. (6) روى هذا الحديث الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 511 وعنه المجلسي في البحار ج 16 ص 11 ، ورواه ابن كثير في السيرة النبوية ج 1 ص 410 باسناده عن البيهقي ، عن ابي عبد الله الحافظ ، عن ابي العباس ، عن احمد بن عبد الجبار ، عن يونس ، عن ابن اسحاق ، ورواه أيضا ابن هشام في السيرة النبوية ج 1 ص 157 كما مر. الذرّية الطاهرة _ 23 _شيئا يكرهه [ من رد عليه ] وتكذيب له فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها ، اذا رجع إليها ، [ تثبته ] وتخفف عليه وتصدقه وتهوّن عليه أمر الناس حتى ماتت رحمها الله تعالى (1).24 ـ قال ابن اسحاق : فحدثني هشام بن عروة ، عن ابيه عروة ، عن عبد الله بن جعفر بن ابي طالب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب (2) قال ابن هشام : والقصب ـ هنا ـ : اللؤلؤ المجوّف (3). 25 ـ قال ابن هشام : وحدثني من أثق به : ان جبريل اتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : اقرأ خديجة السلام من ربّها (4). فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام من ربك (5). قالت خديجة : الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام (6) 26 ـ حدثنا ابراهيم بن سعيد ، ثنا ابو اسامة ، وحدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : ----------------------------- واما الدرع : فهو القميص او ما تلبسه المرأة فوق القميص ( هامش كشف الغمة ). وما جعلناها بين المعقوفات فهي غير واضحة في نسختنا وقد اخذناها من السيرة النبوية لابن هشام ج 1 ص 158. (1) وقد اورد هذا الحديث العلامة المجلسي في بحار الانوار ج 16 ص 10 ـ أيضا ـ ومضى معناه في الاحاديث 14 و 16 وسيأتي مثله بالرقم 29. (2) رواه احمد بن حنبل في المسند ج 1 ص 205 وروى معناه في ج 2 ص 230 وج 4 ص 356 و 381 وسيأتي مثله برقم 32 و 33 و 36 و 37. (3) ذكره ابن هشام في السيرة النبوية ج 1 ص 159. (4) في كشف الغمة : اقرأ خديجة من ربها السلام. (5) في كشف الغمة : يقرئك من ربك السلام. (6) رواه الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 512 وعنه المجلسي في البحار ج 16 ص 11 ورواه ابن هشام في السيرة النبوية ج 1 ص 159. الذرّية الطاهرة _ 24 _ثنا يونس ، جميعا (1) عن هشام بن عروة ، عن ابيه ، قال : سمعت عبد الله بن جعفر بن ابي طالب يقول : سمعت عليا بالكوفة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد (2).27 ـ حدثنا احمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن هشام بن عروة ، عن ابيه ، عن خديجة انها قالت : لما أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوحي ، جزع من ذلك جزعا شديدا ، فقلت له ـ مما رأيت من جزعه ـ : لقد قلاك ربّك مما يرى من جزعك. فانزل الله عز وجل : ( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) (3). 28 ـ حدثنا يونس بن عبد الاعلى ، ثنا عبد الله بن وهب ، حدثني عبد الرحمن بن زيد قال : قال آدم عليهالسلام : اني لسيد البشر ـ يوم القيامة ـ الا رجل من ذريتي ، نبيّ من الأنبياء يقال له : ( أحمد ) ، فضّل عليّ باثنتين ، زوجته عاونته فكانت له عونا ، وكانت زوجتي ( عليّ ) (4) عونا ، وان الله اعانه على شيطانه فأسلم ، وكفر شيطاني (5). ----------------------------- (1) ورد في هامش نسختنا : في نسخة : وحدثنا يونس عن هشام. (2) رواه احمد بن حنبل باسناده عن ابن نمير ، عن هشام في المسند ج 1 ص 84 و 116 ، 132 و 143. (3) سورة الضحى : 93 الآية 3. وقد نزلت هذه السورة تسلية لرسول الله (ص) حيث ان المنافقين لما رأوا ابطاء الوحي عن الرسول (ص) اخذوا يتهجمون عليه فاغتم لشماتة الأعداء ، فنزلت السورة تسلية لقلبه ، وذكره الطبرسي في مجمع البيان : ج 2 ص 605 قيل ان أم جميل بنت حرب امرأة ابي لهب قالت له : يا محمد ما ارى شيطانك الا قد تركك ، لم اره قربك منذ ليلتين او ثلاث ، فنزلت السورة ، واما سيدتنا خديجة رضي الله عنها فهي اجل شأنا من ان تتشمّت برسول الله (ص) عند انقطاع الوحي ، كيف وهي من عرفت بمؤازرتها له (ص) على اداء الرسالة وحمايتها للرسول ومسارعتها الى تصديقه. (4) كذا ورد في كشف الغمة وبحار الانوار ، ولكنه في نسختنا : وكانت زوجتي كونا عونا. (5) رواه الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 512 وعنه العلامة المجلسي في بحار الانوار ج 16 ص 11. الذرّية الطاهرة _ 25 _29 ـ حدثني ابو بكر ـ أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ـ ثنا ابو حفص ـ عمرو بن ابي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز ، قال ، ما جاءنا ابو حنيفة بشيء أعجب إلينا من هذا (1) ، قال : ان أوّل من آمن من النساء خديجة ، وأوّل من أسلم من الرجال أبو بكر ، وأول من أسلم من الغلمان علي بن ابي طالب رضي الله عنهم.----------------------------- (1) ان هذا التقسيم المبتدع في تعيين اوائل المسلمين هو عجيب حقا فان الغلمان ليسوا قسما مستقلا في مقابل الرجال والنساء وانما افتعل النواصب ذلك غمطا لفضل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وانكارا لأسبقيته الى الايمان من جميع الصحابة وقد اطبق الحفاظ على ان اول من اسلم وسبق جميع الصحابة الى الايمان بالله ورسوله هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهالسلام وقد ذكر محمد بن ابي بكر التلسماني في كتابه ( الجوهرة في نسب الامام علي (ع) وآله ) ما نصه : وحدّث عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، قال : حدثني مولى غفرة ، قال : سئل محمد بن كعب القرظي عن أوّل من أسلم علي أو أبو بكر ؟! قال : سبحان الله ، علي اولهما اسلاما. وروى عن معاذة بنت عبد الله العدوية ، قالت : سمعت علي بن ابي طالب على منبر البصرة وهو يقول : انا الصديق الاكبر ، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر ، وأسلمت قبل ان يسلم ( الجوهرة ص 95 ) وروى عن سلمة بن كهيل ، عن حبة بن جوين ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : لقد عبدت الله قبل ان يعبده أحد من هذه الامة خمس سنين ، وذكر نظير ذلك احمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 99 ، وفيه : لقد صليت قبل ان يصلي الناس سبعا ، وروى باسناده عن حبة العرني قال : سمعت عليا يقول : انا اول رجل صلى مع رسول الله ( المسند ج 1 ص 373 ) ونقل ابن عباس في حديثه عن الفضائل العشرة لامير المؤمنين (ع) فقال : وكان اول من اسلم من الناس بعد خديجة ، ( مسند احمد ج 1 ص 330 ـ 331 ) وذكر ابن المغازلي في مناقب على بن ابي طالب (ع) باسناده عن حبة العرني عن علي (ع) انه قال : انا أوّل من اسلم ، المناقب ص 15 ح 20 و 21 وروى مثله الخطيب البغدادي في تاريخه ج 4 ص 233. وسيأتي ـ أيضا ـ قول رسول الله (ص) : ( علي اعلم الناس وأولهم سلما وأفضلهم حلما ) انظر الحديث 83 و 181. |