الاختصاص _ 209 _حدثنا محمد بن معقل قال : حدثنا أبي ، عن عبدالله بن جعفر الحميري عند قبر الحسين عليه السلام في الحائر سنة ثمان وتسعين ومائتين قال : حدثنا الحسن بن ظريف بن ناصح ، عن بكر بن صالح ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أبي محمد لجابر بن عبدالله الانصاري : إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ؟ قال له جابر : في أي وقت شئت يا سيدي فخلا به أبي في بعض الايام فقال له : يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي امي فاطمة صلوات الله عليها وما أخبرتك امي أنه مكتوب في اللوح ؟ فقال جابر : اشهد بالله أني دخلت على فاطمة امك صلوات الله عليها في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين عليه السلام ، فرأيت في يدها لوحا أخضر ، فظننت أنه من زمرد ، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس ، فقلت لها : بأبي أنت وامي ما هذا اللوح ؟ قالت : هذا لوح أهداه الله تبارك وتعالى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسمي واسم بعلي واسم ابني وأسماء الاوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليسرني به ، قال جابر : فأعطتنيه امك فقرأته واستحسنته فقال أبي عليه السلام : فهل لك يا جابر أن تعرضه علي ؟ قال : نعم ، فمشى معه أبي حتى أتى منزل جابر فأخرج أبي من كمه صحيفة من رق (1) فقال : يا جبار انظر في كتابك لاقرأ أنا عليك فنظر (2) في نسخته فقرأه عليه فما خالف حرف حرفا ، فقال جابر اشهد بالله أني كذا رأيته في اللوح مكتوبا : ------------------------------------ (1) الرق ـ بالفتح والكسر ـ : الرقيق الذي يكتب فيه. (2) هذا يدل على أن جابر الانصارى لم يكن أعمى في ايام الباقر عليه السلام خلافا للمشهور حيث قالوا : انه كان اعمى يوم الاربعين ويؤيد ذلك تبليغه سلام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبى جعفر عليه السلام على ما رواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 469 في حديث طويل قال : ( فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة اذ مر بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمد بن على فلما نظر إليه قال يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له : أدبر فادبر ثم قال : شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله و الذى نفسى بيده يا غلام ما اسمك قال : اسمى محمد بن على بن الحسين فأقبل عليه يقبل رأسه ويقول بأبى أنت وامى ابوك رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ، الحديث ) الاختصاص _ 211 _لكل أوليائي ، وعلي وليي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها (1) يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها الغبد الصالح (2) إلى جنب شر خلقي لاقرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه فهو معدن علمي وموضع سري و حجتي على خلقي ، جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين ألفا من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار ، وختمت بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي أخرج منه الداعي إلى سبيلي ، والخازن لعلمي الحسن ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب ، سيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين ، تصبغ الارض بدمائهم ويفشوا الويل والرنة في نسائهم ، هؤلاء أوليائي حقا ، بهم أدفع كل بلية وفتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل وأدفع الاصار والاغلال (3) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. قال عبدالرحمن بن سالم : قال أبوبصير : لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلا عن أهله (4). حدثنا محمد بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان الاحمر قال : قال الصادق عليه السلام : يا أبان كيف ينكر الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام ------------------------------------ (1) أعباء جمع عبء ـ بالكسر ـ وهى الاثقال وقال العلامة المجلسى ـ رحمه الله ـ : المراد بها هنا العلوم التى أوحى بها الانبياء ، أو الصفات المشتركة بين الانبياء والاوصياء عليهم السلام من العصمة والعلم والشجاعة والسخاوة وأمثالها وفى القاموس الضلاعة القوة وشدة الاضلاع ، وهو مضلع لهذا الامر ومضطلع اى قوى عليه. (2) المراد به ذو القرنين لان طوس من بنائه وقد صرح به في رواية النعمانى. (3) المراد بالزلازل رجفات الارض او الشبهات المزلزلة المضلة.والاصار : الاثقال أى الشدائد والبلايا العظيمة والفتن الشديدة اللازمة في اعناق الخلق كالاغلال. (4) رواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 527 والصدوق في كمال الدين ص 178 وفى العيون ص 25 والنعمانى في الغيبة ص 29 وأمين الدين الطبرسى في اعلام الورى ص 225 وأبومنصور الطبرسى في الاحتجاج طبع النجف ص 41 وطبع طهران ص 36 ، ونقله المجلسى في البحار ج 9 ص 121. الاختصاص _ 213 _طرف الارض ، فإذا ارتفعت من سجودها طلع الفجر ودخل وقت الصلاة ، وأما السجدة الثانية فإنها إذا صارت [ في وسط القبة وارتفع النهار ركدت قبل الزوال فإذا صارت ] بحذاء العرش ركدت وسجدت ، فإذا ارتفعت من سجودها زالت عن وسط القبة فيدخل وقت صلاة الزوال ، وأما السجدة الثالثة أنها إذا غابت من الافق خرت ساجدة ، فإذا ارتفعت من سجودها زال الليل كما أنها حين زالت وسط السماء دخل وقت الزوال ، زوال النهار (1) ، محمد بن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن علي بن جميل الغنوي ، عن أبي حمزة الثمالي قال : كان رجل من أبناء النبيين له ثروة من مال وكان ينفق على أهل الضعف وأهل المسكنة وأهل الحاجة فلم يلبث أن ------------------------------------ (1) نقله العلامة المجلسى ـ رحمه الله ـ في المجلد الربع عشر من البحار ص 129 وقال بعده بيان : السجود في الاية بمعنى غاية الخضوع والتذلل والانقياد ، سواء كان بالارادة والاختيار أو بالقهر والاضطرار ، فالجمادات لما لم يكن لها اختيار وارادة وهى كاملة في الانقياد والخضوع لما اراد الرب تعالى منها ، فهى على الدوام في السجود والانقياد للمعبود والتسبيح والتقديس له سبحانه بلسان الذل والامكان والافتقار وكذا الحيوانات العجم واما ذووا العقول فلما كانوا ذوى ارادة و اختيار فهم من جهة الامكان والافتقار والانقياد للامور التكوينية كالجمادات في السجود والتسبيح ومن حيث الامور الارادية والتكليفية منقسمون بقسمين منهم الملائكة وهم جميعا معصومون الساجدون منقادون من تلك الجهة أيضا ، ولعل المراد بقوله : ( من في السموات والارض ) وهم اما الناس فهم قسمان قسم مطيعون من تلك الجهة أيضا ومنهم عاصون من تلك الجهة وان كانوا مطيعين من الجهة الاخرى فلم يتأت منهم غاية ما يمكن منهم من الانقياد فلذا قسمهم سبحانه إلى قسمين فقال : ( وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ) فاذا حققت الاية هكذا لم تحتج إلى ما تكلفه المفسرون من التقديرات والتأويلات وسيأتى بعض ما ذكروه في هذا المقام واما الخبر فلعله كان ثلاث سجدات أو سقط الرابع من النساخ ولعله بعد زوال الليل إلى وقت الطلوع أو قبل زوال الليل كما في النهار ، وانما خص عليه السلام السجود بهذه الاوقات لانه عند هذه الاوقات تظهر للناس انقيادها لله لانها تتحول من حالة معروفة إلى حالة اخرى ويظهر تغير تام في أوضاعها ، وأيضا انها أوقات معينة يترصدها الناس لصلاتهم وصيامهم وسائر عباداتهم ومعاملاتهم ، وأيضا لما كان هبوطها وانحدارها وافولها من علامات امكانها وحدوثها كما قال الخليل عليه السلام : ( لا احب الافلين ) خص السجود بتلك الاحوال أو بما يشرف عليها والله يعلم أسرار الايات والاخبار وحججه الابرار عليهم السلام. الاختصاص _ 215 _أفدتني ملكي ورددته علي وقد زوجتك ابنتي ، قال : إن لي اما ، قال : فأقم معي ما بدالك ، فإذا أردت الخروج فاخرج ، قال : فأقام في ملكه سنة يدبره بأحسن تدبيره و أحسن سيرة ، فلما أن حال عليه الحول قال له : إني اريد الانصراف فلم يدع شيئا إلا زوده من كراع وإبل وغنم وآنية ومتاع ، ثم خرج حتى انتهى إلى الموضع الذي رأى فيه الرجل فإذا الرجل قاعد على حاله فقال : أما وفيت ؟ فقال الرجل : فاجعلني في حل مما مضى ، قال : ثم جمع الاشياء ففرقها فرقتين ، ثم قال : تخير فتخير أحدهما ، ثم قال : وفيت ؟ قال : لا قال : ولم ؟ قال : المرأة مما أصبت ، قال : صدقت فخذ ما في يدي لك مكان المرأة ، قال : لا ولا آخذها ما ليس لي ولا أتكثر به ، قال : فوضع على رأسها المنشار ، ثم قال : أجذ (1) ، فقال : قد وفيت وكلما معك وكلما جئت به فهو لك وإنما بعثني الله تبارك وتعالى لاكافيك عن الميت الذي كان على الطريق فهذا مكافاتك عليه (2). حديث المفضل وخلق أرواح الشيعة من الائمة عليهم السلام محمد بن علي قال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدثنا علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي أحمد الازدي (3) ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام إذ دخل المفضل بن عمر ، فلما بصر به ضحك إليه ، ثم قال : إلي يا مفضل ، فوربي إني لاحبك واحب من يحبك ، يا مفضل لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان ، فقال له المفضل : يا ابن رسول الله لقد حسبت أن أكون قد انزلت فوق منزلتي ، فقال عليه السلام : بل انزلت المنزلة التي أنزلك الله بها ، فقال : يا ابن رسول الله فما منزلة جابر بن يزيد منكم ؟ قال : منزلة سلمان من رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فما منزلة داود بن كثير الرقي منكم ؟ قال : منزلة المقداد من رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : ثم أقبل علي فقال : يا عبدالله بن لفضل إن الله تبارك وتعالى خلقنا من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منا ، فنحن نحن إليكم وأنتم تحنون إلينا ، والله لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلا أو ينقصوا ------------------------------------ (1) المنشار آلة ذات أسنان ينشر بها الخشب ونحوه ، والجذ : القطع. (2) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 16 ص 117. (3) المراد به محمد بن ابى عمير. الاختصاص _ 217 _وقال أمير المؤمنين عليه السلام : جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر ومصادقة الاخيار وجمع الشر في الاذاعة ومؤاخاة الاشرار (1). وقال عليه السلام : الصبر صبران : فالصبر عند المصيبة حسن جميل وأكبر من ذلك ذكر الله عندما حرم الله فيكون ذلك حاجزا (2). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إياكم وكثرة النوم فإن كثرة النوم يدع صاحبه فقيرا يوم القيامة (3). حديث في أوقات المكروهة للجماع محمد بن علي ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن أسلم الجبلي ، عن عبدالرحمن بن سالم الاشل ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : أيكره الجماع في وقت من الاوقات وإن كان حلالا ؟ قال : نعم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس ، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر ، وفي اليوم والليلة اللذين يكون فيهما الريح السوداء ، أو الريح الحمراء ، أو الريح الصفراء ، واليوم والليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة ، ولقد بات رسول الله صلى الله عليه وآله عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر ولم يكن منه في تلك الليلة ما كان يكون منه في غيرها حتى أصبح ، فقالت له بعض نسائه : يا رسول الله ألبغض كان هذا منك في هذه الليلة ؟ قال : لا ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذذ وألهو فيها ، وقد عير الله عزوجل أقواما ، فقال في كتابه : ( و إن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم * فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون (4) ) ثم قال أبوجعفر عليه السلام : وأيم الله لا يجامع أحد فيرزق ولدا في شئ ------------------------------------ (1) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 16 باب فضل كتمان السر وذم الاذاعة ص 137. (2) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 15 باب الصبر واليسر بعد العسر. (3) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 16 باب ذم كثرة النوم. (4) الطور : 44 ، وقوله تعالى : ( كسفا ) أى قطعة ، وقوله تعالى ( مركوم ) أى تراكم بعضها على بعض. وقوله تعالى : ( يصعقون ) اى يهلكون بوقوع الصاعقة. الاختصاص _ 219 _قال وما قيل فيه فهو شرك شيطان (1) ، ومن شغف بمحبة الحرام وشهوة الزنا فهو شرك شيطان. ثم قال عليه السلام : إن لولد الزنا علامات ، أحدها بغضنا أهل البيت ، وثانيها أن يحن إلى الحرام الذي خلق منه ، وثالثها الاستخفاف بالدين ، ورابعها سوء المحضر للناس ولا يسيئ محضر إخوانه إلا من ولد على غير فراش أبيه أو من حملت به امه في حيضها (2). وبهذا الاسناد قال : قال الصادق عليه السلام : إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جنة ، فمتى أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنة فإذا اغتاب أخاه المؤمن بشئ يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه ويبقى مهتوك الستر فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة ، وفي الارض على ألسنة الناس ، ولا يرتكب ذنبا إلا ذكروه ويقول الملائكة الموكلون به : يا ربنا قد بقي عبدك مهتوك الستر وقد أمرتنا بحفظه ، فيقول عزوجل : ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته فارفعوا أجنحتكم عنه فو عزتي لا يؤول بعدها إلى خير أبدا (3). ------------------------------------ (1) رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ عن جعفر بن محمد بن مسرور في معانى الاخبار ص 113 وزاد هنا ( ومن لم يبال أن يراه الناس فهو شرك شيطان ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة فهو شرك شيطان ) وقوله :( شغف بمحبة ) أولع بها ، ونقل في البحار ج 15 باب جوامع مساوى الاخلاق. (2) رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ في الخصال باب خصال الاربعة عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر الخ، وفى المعانى ص 113 ايضا، ونقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 15 باب الذنوب وآثارها. (3) الجنة ـ بالضم ـ : السترة وجمعها جنن بضم الجيم وفتح النون ـ وقال العلامة المجلسى ـ رحمه الله ـ : كان المراد بالجنن ألطافه سبحانه التى تصير سببا لترك المعاصي وامتناعه فبكل كبيرة ـ كانت من نوع واحد او أنواع مختلفة ـ يستحق منع لطف من ألطافه او رحماته تعالى وعفوه وغفرانه فلا يفضحه الله بها ، فاذا استحق غضب الله سلبت عنه لكن يرحمه سبحانه ويأمر الملائكة بستره ولكن ليس سترهم كستر الله تعالى. أو المراد بالجنن ترك الكبائر فان تركها موجب لغفران الصغائر عند الله وسترها عن الناس فاذا عمل بكبيرة لم يتحتم على الله مغفرة صغائره وشرع الناس في تجسس عيوبه ، او اراد بالجنن الطاعات التى هى مكفرة لذنوبه عند الله وساترة لعيوبه عند الناس ويؤيده ما ورد عن الصادق عليه السلام الصلاة سترة وكفارة لما بينها من الذنوب فهذه ثلاثة وجوه خطر بالبال على سبيل الامكان والاحتمال ، انتهى وقال الفيض ـ رحمه الله ـ : كان الجنن كناية عن نتائج أخلاقه الحسنة وثمرات اعماله الصالحة التى تخلق منها الملائكة واجنحة الملائكة كناية عن معارفه الحقة التى بها يرتقى في الدرجات وذلك لان العمل اسرع زوالا من المعرفة ، انتهى والحديث نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 15 باب الذنوب وآثارها من الاختصاص. الاختصاص _ 221 _فيه فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى در العرق بين عينيه واحمرتا عيناه ، ثم قال : يا أعرابي أتنحى رجلا يحبه الله تبارك وتعالى في السماء ويحبه رسوله في الارض ، يا أعرابي أتنحى رجلا ما حضرني جبرئيل إلا أمرني عن ربي عزوجل أن أقرئه السلام ، يا أعرابي إن سلمان مني ، من جفاه فقد جفاني ، ومن آذاه فقد آذاني ، ومن باعده فقد باعدني ومن قربه فقد قربني ، يا أعرابي لا تغلظن في سلمان فإن الله تبارك وتعالى قد أمرني أن اطلعه على علم المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب ، قال : فقال الاعرابي يا رسول الله ما ظننت أن يبلغ من فعل سلمان ما ذكرت أليس كان مجوسيا ثم أسلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا أعرابي اخاطبك عن ربي وتقاولني ، إن سلمان ما كان مجوسيا ولكنه كان مظهرا للشرك مصمرا للايمان ، يا أعرابي أما سمعت الله عزوجل يقول : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (1) ) أما سمعت الله عزوجل يقول : ( ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا (2) ) يا أعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ولا تجحد فتكون من المعذبين وسلم لرسول الله قوله تكن من الآمنين (3). سلمان وابى ذر والمقداد وعمار وعنه قال : حدثنا محمد بن علي ، عن عمه محمد بن أبي القاسم (4) قال : حدثني أحمد بن محمد بن خالد قال : حدثني ابن أبي نجران ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال : سمعت جابر بن عبدالله الانصاري يقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن سلمان الفارسي فقال صلى الله عليه وآله : سلمان بحر العلم لا يقدر على نزحه ، سلمان مخصوص بالعلم الاول والآخر. أبغض الله من أبغض سلمان ، وأحب من أحبه ، ------------------------------------ (1) النساء 65 (2) الحشر 7. (3) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 6 باب أحوال سلمان (4) أراد به ما جيلويه القمى صهر احمد بن أبى عبدالله البرقى ـ رحمة الله عليهما ـ. الاختصاص _ 223 _قال رسول الله صلى الله عليه وآله. ذكر الله عزوجل عبادة ، وذكري عبادة ، وذكر علي عبادة ، وذكر الائمة من ولده عبادة ، والذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إن وصيي لافضل الاوصياء وإنه لحجة الله على عباده وخليفته على خلقه ومن ولده الائمة الهداة بعدي ، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الارض ، وبهم يمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه ، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم ، وبهم يسقي خلقه الغيث ، وبهم يخرج النبات ، اولئك أولياء الله حقا وخلفائي صدقا ، عدتهم عدة الشهور وهي اثنا عشر شهرا وعدتهم عدة نقباء موسى بن عمران ، ثم تلا عليه السلام هذه الآية ( والسماء ذات البروج ) ثم قال : أتقدر يا ابن عباس إن الله يقسم بالسماء ذات البروج ويعني به السماء وبروجها ، قلت : يا رسول الله فما ذاك ؟ قال : أما السماء فأنا وأما البروج فالائمة بعدي أولهم علي وآخرهم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين (1). حديث في زيارة المؤمن لله عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : استأذن ملك ربه أن ينزل إلى الدنيا في صورة آدمي فأذن له فمر برجل على باب قوم يسأل عن رجل من أهل الدار فقال الملك : يا عبدالله أي شئ تريد من هذا الرجل الذي تطلبه ؟ قال : هو أخ لي في الاسلام أحببته في الله جئت لاسلم عليه ، قال : وما بينك وبينه رحم ماسة ولا يرغبنك إليه حاجة ؟ قال : لا إلا الحب في الله عزوجل جئت لاسلم عليه ، قال : فإني رسول الله إليك وهو يقول : قد غفرت لك بحبك إياه في (2). عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال الصادق عليه السلام : أيما مسلم سئل عن مسلم فصدق فأدخل على ذلك المسلم مضرة كتب من الكاذبين ومن سئل عن مسلم فكذب فأدخل على ذلك المسلم منفعة كتب عند الله من الصادقين (3). ------------------------------------ (1) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 9 ص 161. (2) رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ في الامالى على ما في المجلد السادس عشر من البحار ص 101. (3) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 15 باب الصدق ولزوم اداء الامانة. الاختصاص _ 225 _ |