وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما أصاب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به عنه من سيئاته .
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) من أكل ما يشتهي ولبس ما يشتهي وركب ما يشتهي لم ينظر الله إليه حتى ينزع أو يترك .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر مرة وتستقيم مرة ومثل الكافر مثل الأرزة لا يزال مستقيما لا يشعو .
وسئل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أشد الناس بلاء في الدنيا فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) النبيون ثم الأماثل فالأماثل ويبتلى المؤمن على قدر إيمانه وحسن
عمله فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ومن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لو كانت الدنيا تعدل عند الله مثل جناح بعوضة ما أعطى كافرا ولا منافقا منها شيئا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الدنيا دول فما كان لك أتاك على ضعفك وما كان منها عليك لم تدفعه بقوتك ومن انقطع رجاؤه مما فات استراح بدنه ومن
رضي بما قسمه الله قرت عينه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنه والله ما من عمل يقربكم من النار إلا وقد نبأتكم به ونهيتكم عنه وما من عمل يقربكم من الجنة إلا وقد نبأتكم به
وأمرتكم به فإن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق أن
تطلبوا ما عند الله بمعاصيه فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صوتان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة ومزمار عند نعمة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علامة رضا الله عن خلقه رخص أسعارهم وعدل سلطانهم وعلامة غضب الله على خلقه جور سلطانهم وغلاء أسعارهم
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم من كان عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ومن إذا أصابته
مصيبة قال إنا لله وإنا إليه راجعون ومن إذا أصاب خيرا قال الحمد لله ومن إذا أصاب خطيئة قال أستغفر الله وأتوب إليه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أعطي أربعا لم يحرم أربعا من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة ومن أعطي التوبة
لم يحرم القبول ومن أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) العلم خزائن ومفاتيحه السؤال فاسألوا رحمكم الله فإنه تؤجر أربعة السائل والمتكلم والمستمع والمحب لهم .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سائلوا العلماء وخاطبوا الحكماء وجالسوا الفقراء .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وأفضل دينكم الورع.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء فإذا أحب الله عبدا ابتلاه فمن رضي قلبه فله عند الله الرضا ومن سخط فله السخط .
وأتاه رجل فقال يا رسول الله أوصني فقال لا تشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار وإن عذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان ووالديك فأطعهما وبرهما حيين
أو ميتين فإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان والصلاة المفروضة فلا تدعها متعمدا فإنه من ترك صلاة فريضة متعمدا
فإن ذمة الله منه بريئة وإياك وشرب الخمر وكل مسكر فإنهما مفتاحا كل شر .
وأتاه رجل من بني تميم يقال له أبو أمية فقال إلى م تدعو الناس يا محمد فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن
اتبعني وأدعو إلى من إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك وإن استعنت به وأنت مكروب أعانك وإن سألته وأنت مقل أغناك فقال أوصني يا محمد
فقال لا تغضب قال زدني قال ارض من الناس بما ترضى لهم به من نفسك فقال زدني فقال لا تسب الناس فتكتسب العداوة منهم قال زدني قال لا
تزهد في المعروف عند أهله قال زدني قال تحب الناس يحبوك والق أخاك بوجه منبسط ولا تضجر فيمنعك الضجر من الآخرة والدنيا واتزر إلى
نصف الساق وإياك وإسبال الإزار والقميص فإن ذلك من المخيلة والله لا يحب المخيلة
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن الله يبغض الشيخ الزاني والغني الظلوم والفقير المختال والسائل الملحف ويحبط أجر المعطي المنان ويمقت البذيخ
الجريء الكذاب .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من تفاقر افتقر .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس في غير ترك حق ومن سعادة المرء خفة لحيته .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما نهيت عن شيء بعد عبادة الأوثان ما نهيت عن ملاحاة الرجال .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ماكره .
وقام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مسجد الخيف فقال نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب
حامل فقه غير فقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم
وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا بايع المسلم الذمي فليقل اللهم خر لي عليه وإذا بايع المسلم فليقل اللهم خر لي وله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت عن سوء فسلم .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثلاث من كن فيه استكمل خصال الإيمان الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا غضب لم يخرجه الغضب من
الحق وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من بلغ حدا في غير حق فهو من المعتدين .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة وذكر الله أفضل من الصدقة والصدقة أفضل من الصوم
والصوم حسنة ثم قال لا قول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بنية ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأناة من الله والعجلة من الشيطان .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو يصرف وجوه الناس إليه ليعظموه فليتبوأ مقعده من النار فإن
الرئاسة لا تصلح إلا لله ولأهلها ومن وضع نفسه في غير الموضع الذي وضعه الله فيه مقته الله ومن دعا إلى نفسه فقال أنا رئيسكم وليس هو كذلك لم ينظر الله إليه حتى يرجع عما قال ويتوب إلى الله مما ادعى .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال عيسى ابن مريم للحواريين تحببوا إلى الله وتقربوا إليه قالوا يا روح الله بما ذا نتحبب إلى الله ونتقرب قال ببغض أهل
المعاصي والتمسوا رضا الله بسخطهم قالوا يا روح الله فمن نجالس إذا قال من يذكركم الله رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبعدكم بي شبها البخيل البذيء الفاحش .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سوء الخلق شؤم .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا رأيتم الرجل لا يبالي ما قال أو ما قيل فيه فإنه لبغي أو شيطان .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال وما قيل فيه أما إنه إن تنسبه لم تجده إلا لبغي أو شرك
شيطان قيل يا رسول الله وفي الناس شياطين قال نعم أ وما تقرأ قول الله وشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ والْأَوْلادِ .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من تنفعه ينفعك ومن لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز ومن قرض الناس قرضوه ومن تركهم لم يتركوه قيل فأصنع ما ذا
يا رسول الله قال أقرضهم من عرضك ليوم فقرك .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أ لا أدلكم على خير أخلاق الدنيا والآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك .
وخرج ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما وقوم يدحون حجرا فقال أشدكم من ملك نفسه عند الغضب وأحملكم من عفا بعد المقدرة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال الله هذا دين أرتضيه لنفسي ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أفضلكم إيمانا أحسنكم أخلاقا .
تحف العقول عن ال الرسول _ 13 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم فقيل له ما أفضل ما أعطي العبد قال حسن الخلق .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسن الخلق يثبت المودة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسن البشر يذهب بالسخيمة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خياركم أحاسنكم أخلاقا الذين يألفون ويؤلفون .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأيدي ثلاثة سائلة ومنفقة وممسكة وخير الأيدي المنفقة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحياء حياءان حياء عقل وحياء حمق فحياء العقل العلم وحياء الحمق الجهل .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأمانة تجلب الرزق والخيانة تجلب الفقر .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نظر الولد إلى والديه حبا لهما عبادة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جهد البلاء أن يقدم الرجل فتضرب رقبته صبرا والأسير ما دام في وثاق العدو والرجل يجد على بطن امرأته رجلا
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) العلم خدين المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والصبر أمير جنوده والرفق والده والبر أخوه والنسب آدم والحسب التقوى
والمروءة إصلاح المال.
وجاءه رجل بلبن وعسل ليشربه فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شرابان يكتفى بأحدهما عن صاحبه لا أشربه ولا أحرمه ولكني أتواضع لله فإنه من تواضع
لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله ومن اقتصد في معيشته رزقه الله ومن بذر حرمه الله ومن أكثر ذكر الله آجره الله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقربكم مني غدا في الموقف أصدقكم للحديث وآداكم للأمانة وأوفاكم بالعهد وأحسنكم خلقا وأقربكم من الناس .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا مدح الفاجر اهتز العرش وغضب الرب .
قال له رجل ما الحزم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) تشاور امرأ ذا رأي ثم تطيعه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما أيها الناس ما الرقوب فيكم قالوا الرجل يموت ولم يترك ولدا فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بل الرقوب حق الرقوب
رجل مات ولم يقدم من ولده أحدا يحتسبه عند الله وإن كانوا كثيرا بعده ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) ما الصعلوك فيكم قالوا الرجل الذي لا مال له
فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بل الصعلوك حق الصعلوك من لم يقدم من ماله شيئا يحتسبه عند الله وإن كان كثيرا من بعده ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم )
ما الصرعة فيكم قالوا الشديد القوي الذي لا يوضع جنبه فقال بل الصرعة حق الصرعة رجل وكز الشيطان في قلبه فاشتد غضبه وظهر دمه ثم ذكر
لله فصرع بحلمه غضبه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث قيل يا رسول الله وما الحدث قال (صلى الله عليه وآله وسلم) الاغتياب .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أذاع فاحشة كان كمبدئها ومن عير مؤمنا بشيء لم يمت حتى يركبه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثلاثة وإن لم تظلمهم ظلموك السفلة وزوجتك وخادمك .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أربع من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الدنيا والإصرار على الذنب .
وقال رجل أوصني فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تغضب ثم أعاد عليه فقال لا تغضب ثم قال ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند
الغضب .
تحف العقول عن ال الرسول _ 14 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا .
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا كان الخرق في شيء إلا شانه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الكسوة تظهر الغنى والإحسان إلى الخادم يكبت العدو .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمرت بمداراة الناس كما أمرت بتبليغ الرسالة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) استعينوا على أموركم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الإيمان نصفان نصف في الصبر ونصف في الشكر .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسن العهد من الإيمان .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأكل في السوق دناءة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحوائج إلى الله وأسبابها فاطلبوها إلى الله بهم فمن أعطاكموها فخذوها عن الله بصبر
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عجبا للمؤمن لا يقضي الله عليه قضاء إلا كان خيرا له سره أو ساءه إن ابتلاه كان كفارة لذنبه وإن أعطاه وأكرمه كان قد
حباه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه جعل الله الغنى في قلبه وجمع له أمره ولم يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه ومن
أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه جعل الله الفقر بين عينيه وشتت عليه أمره ولم ينل من الدنيا إلا ما قسم له .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لرجل سأله عن جماعة أمته فقال جماعة أمتي أهل الحق وإن قلوا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجز له ومن أوعده على عمل عقابا فهو بالخيار .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أ لا أخبركم بأشبهكم بي أخلاقا قالوا بلى يا رسول الله فقال أحسنكم أخلاقا وأعظمكم حلما وأبركم بقرابته وأشدكم إنصافا من نفسه في الغضب والرضا .
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) الطاعم الشاكر أفضل من الصائم الصامت .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ود المؤمن المؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من
الأصفياء .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحب عباد الله إلى الله أنفعهم لعباده وأقومهم بحقه الذين يحبب إليهم المعروف وفعاله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحب عباد الله إلى الله أنفعهم لعباده وأقومهم بحقه الذين يحبب إليهم المعروف وفعاله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحب عباد الله إلى الله أنفعهم لعباده وأقومهم بحقه الذين يحبب إليهم المعروف وفعاله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده فتخلفه .
تحف العقول عن ال الرسول _ 15_
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحرمات التي تلزم كل مؤمن رعايتها والوفاء بها حرمة الدين وحرمة الأدب وحرمة الطعام .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المؤمن دعب لعب والمنافق قطب غضب .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نعم العون على تقوى الله الغنى .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعجل الشر عقوبة البغي .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الهدية على ثلاثة وجوه هدية مكافأة وهدية مصانعة وهدية لله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من عد غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كيف بكم إذا فسد نساؤكم وفسق شبانكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر قيل له ويكون ذلك يا رسول الله قال
نعم وشر من ذلك وكيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف قيل يا رسول الله ويكون ذلك قال نعم وشر من ذلك وكيف بكم إذا رأيتم المعروف
منكرا والمنكر معروفا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا تطيرت فامض وإذا ظننت فلا تقض وإذا حسدت فلا تبغ .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رفع عن أمتي تسع الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة
والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة ولا لسان .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يحزن أحدكم أن ترفع عنه الرؤيا فإنه إذا رسخ في العلم رفعت عنه الرؤيا .
ل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكمل الناس عقلا أخوفهم لله وأطوعهم له وأنقص الناس عقلا أخوفهم للسلطان وأطوعهم له.
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثلاثة مجالستهم تميت القلب الجلوس مع الأنذال والحديث مع النساء والجلوس مع الأغنياء
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا غضب الله على أمة ولم ينزل العذاب عليهم غلت أسعارها وقصرت أعمارها ولم تربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم
تغزر أنهارها وحبس عنها أمطارها وسلط عليها أشرارها.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا كثر الزنا بعدي كثر موت الفجأة وإذا طفف المكيال أخذهم الله بالسنين والنقص وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها
من الزرع والثمار والمعادن وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الظلم والعدوان وإذا نقضوا العهود سلط الله عليهم عدوهم وإذا قطعوا الأرحام جعلت
الأموال في أيدي الأشرار وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم أشرارهم فيدعو عند ذلك
خيارهم فلا يستجاب لهم .
ولما نزلت عليه ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ) إلى آخر الآية قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من لم يتعز بعزاء الله انقطعت نفسه حسرات على
الدنيا ومن مد عينيه إلى ما في أيدي الناس من دنياهم طال حزنه وسخط ما قسم الله له من رزقه وتنغص عليه عيشه ومن لم ير أن لله عليه نعمة إلا
في مطعم أو مشرب فقد جهل وكفر نعم الله وضل سعيه ودنا منه عذابه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما فقال أبو ذر يا رسول الله وما الإسلام فقال الإسلام عريان ولباسه التقوى وشعاره الهدى
ودثاره الحياء وملاكه الورع وكماله الدين وثمرته العمل الصالح ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت .
تحف العقول عن ال الرسول _ 16 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من طلب رضا مخلوق بسخط الخالق سلط الله عز وجل عليه ذلك المخلوق .
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن الله خلق عبيدا من خلقه لحوائج الناس يرغبون في المعروف ويعدون الجود مجدا والله يحب مكارم الأخلاق
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن لله عبادا يفزع إليهم الناس في حوائجهم أولئك هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن المؤمن يأخذ بأدب الله إذا أوسع الله عليه اتسع وإذا أمسك عنه أمسك .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأتي على الناس زمان لا يبالي الرجل ما تلف من دينه إذا سلمت له دنياه .
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن الله جبل قلوب عباده على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها .
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء قيل يا رسول الله ما هن قال إذا أخذوا المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة
مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد وأكرم الرجل مخافة شره وكان زعيم القوم أرذلهم وإذا
لبس الحرير وشربت الخمر واتخذ القيان والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليترقبوا بعد ذلك ثلاث خصال ريحا حمراء ومسخا وفسخا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأتي على الناس زمان يكون الناس فيه ذئابا فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقل ما يكون في آخر الزمان أخ يوثق به أو درهم من حلال
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) احترسوا من الناس بسوء الظن .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنما يدرك الخير كله بالعقل ولا دين لمن لا عقل له .
وأثنى قوم بحضرته على رجل حتى ذكروا جميع خصال الخير فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف عقل الرجل فقالوا يا رسول الله نخبرك
عنه باجتهاده في العبادة وأصناف الخير تسألنا عن عقله فقال (صلى الله عليه وآله) إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر وإنما يرتفع العباد
غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قسم الله العقل ثلاثة أجزاء فمن كن فيه كمل عقله ومن لم يكن فلا عقل له حسن المعرفة بالله وحسن الطاعة لله وحسن
الصبر على أمر الله.
وقدم المدينة رجل نصراني من أهل نجران وكان فيه بيان وله وقار وهيبة فقيل يا رسول الله ما أعقل هذا النصراني فزجر القائل وقال مه إن العاقل
من وحد الله وعمل بطاعته .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والعمل قيمه والصبر أمير جنوده والرفق والده والبر أخوه والنسب آدم
والحسب التقوى والمروءة إصلاح المال .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من تقدمت إليه يد كان عليه من الحق أن يكافئ فإن لم يفعل فالثناء فإن لم يفعل فقد كفر النعمة .
تحف العقول عن ال الرسول _ 17 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تصافحوا فإن التصافح يذهب السخيمة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يطبع المؤمن على كل خصلة ولا يطبع على الكذب ولا على الخيانة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن من الشعر حكما وروي حكمة وإن من البيان سحرا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأبي ذر أي عرى الإيمان أوثق قال الله ورسوله أعلم فقال الموالاة في الله والمعاداة في الله والبغض في الله
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الندم توبة .
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما آمن بالقرآن من استحل حرامه .
وقال له رجل أوصني فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) احفظ لسانك ثم قال له يا رسول الله أوصني قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) احفظ لسانك ثم قال يا رسول
الله أوصني فقال ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة الخفية تطفئ غضب الله وصلة الرحم زيادة في العمر وكل معروف صدقة
وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة وأول من يدخل الجنة أهل المعروف .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن الله يحب إذا أنعم على عبد أن يرى أثر نعمته عليه ويبغض البؤس والتبؤس .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسن المسألة نصف العلم والرفق نصف العيش .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان الحرص والأمل .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحياء من الإيمان .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعما اكتسبه من أين
اكتسبه وفيم أنفقه وعن حبنا أهل البيت .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المؤمن حرام كله عرضه وماله ودمه .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلوا أرحامكم ولو بالسلام .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الإيمان عقد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس .
تحف العقول عن آل الرسول _ 18 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ترك الشر صدقة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أربعة تلزم كل ذي حجى وعقل من أمتي قيل يا رسول الله ما هن قال استماع العلم وحفظه ونشره والعمل به
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن من البيان سحرا ومن العلم جهلا ومن القول عيا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ألا إن شر أمتي الذين يكرمون مخافة شرهم ألا ومن أكرمه الناس اتقاء شره فليس مني .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أصبح من أمتي وهمته غير الله فليس من الله ومن لم يهتم بأمور المؤمنين فليس منهم ومن أقر بالذل طائعا فليس منا
أهل البيت .
وكتب ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى معاذ يعزيه بابنه من محمد رسول الله إلى معاذ بن جبل سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد
بلغني جزعك على ولدك الذي قضى الله عليه وإنما كان ابنك من مواهب الله الهنيئة وعواريه المستودعة عندك فمتعك الله به إلى أجل وقبضه لوقت
معلوم فإنا لله وإنا إليه راجعون لا يحبطن جزعك أجرك ولو قدمت على ثواب مصيبتك لعلمت أن المصيبة قد قصرت لعظيم ما أعد الله عليها من
الثواب لأهل التسليم والصبر واعلم أن الجزع لا يرد ميتا ولا يدفع قدرا فأحسن العزاء وتنجز الموعود فلا يذهبن أسفك على ما لازم لك ولجميع الخلق
نازل بقدره والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أشراط الساعة كثرة القراء وقلة الفقهاء وكثرة الأمراء وقلة الأمناء وكثرة المطر وقلة النبات .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط
يوم القيامة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غريبتان كلمة حكم من سفيه فاقبلوها وكلمة سفه من حكيم فاغفروها .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للكسلان ثلاث علامات يتوانى حتى يفرط ويفرط حتى يضيع ويضيع حتى يأثم .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من لا يستحي من الحلال نفع نفسه وخفت مئونته ونفى عنه الكبر ومن رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه
بالقليل من العمل ومن يرغب في الدنيا فطال فيها أمله أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها ومن زهد فيها فقصر فيها أمله أعطاه الله علما بغير تعلم
وهدى بغير هداية فأذهب عنه العمى وجعله بصيرا ألا إنه سيكون بعدي أقوام لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر ولا يستقيم لهم الغنى إلا بالبخل ولا
تستقيم لهم المحبة في الناس إلا باتباع الهوى والتيسير في الدين ألا فمن أدرك ذلك فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على الذل وهو يقدر
على العز وصبر على البغضاء في الناس وهو يقدر على المحبة لا يريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إياكم وتخشع النفاق وهو أن يرى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المحسن المذموم مرحوم .
تحف العقول عن آل الرسول _ 19 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اقبلوا الكرامة وأفضل الكرامة الطيب أخفه حملا وأطيبه ريحا .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنما تكون الصنيعة إلى ذي دين أو ذي حسب وجهاد الضعفاء الحج وجهاد المرأة حسن التبعل لزوجها والتودد نصف الدين
وما عال امرؤ قط على اقتصاد واستنزلوا الرزق بالصدقة أبى الله أن يجعل رزق عباده المؤمنين من حيث يحتسبون .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يبلغ عبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس .
ما روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
وروي عن أمير المؤمنين الوصي المرتضى علي بن أبي طالب (صلى الله عليه وآله) في طوال هذه المعاني على أننا لو استغرقنا جميع ما وصل إلينا من خطبه وكلامه في التوحيد خاصة دون ما سواه من المعاني لكان مثل جميع هذا الكتاب ولكننا ابتدأنا الرواية عنه بخطبة واحدة في التوحيد وقع الاقتصار عليها ثم ذكرنا بعدها ما اقتضاه الكتاب مقتصرين مما ورد عنه في هذه المعاني على ما غرب منها وأجمع على تفضيله الخاص والعام وفيه مقنع إن شاء الله تعالى .
خطبته ( عليه السلام ) في إخلاص التوحيد :
إن أول عبادة الله معرفته وأصل معرفته توحيده ونظام توحيده نفي الصفات عنه لشهادة العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق وشهادة كل مخلوق أن
له خالقا ليس بصفة ولا موصوف وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من حدثه
فليس الله عرف من عرف ذاته ولا له وحد من نهاه ولا به صدق من مثله ولا حقيقته أصاب من شبهه ولا إياه أراد من توهمه ولا له وحد من اكتنهه
ولا به آمن من جعل له نهاية ولا صمده من أشار إليه ولا إياه عنى من حده ولا له تذلل من بعضه كل قائم بنفسه مصنوع وكل موجود في سواه
معلول بصنع الله يستدل عليه وبالعقول تعتقد معرفته وبالفكرة تثبت حجته وبآياته احتج على خلقه خلق الله الخلق فعلق حجابا بينه وبينهم فبمباينته إياهم
مفارقته إنيتهم وإيداؤه إياهم شاهد على ألا أداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المؤدين وابتداؤه إياهم دليل على ألا ابتداء له لعجز كل مبتدإ عن إبداء غيره
أسماؤه تعبير وأفعاله تفهيم وذاته حقيقة وكنهه تفرقة بينه وبين خلقه قد جهل الله من استوصفه وتعداه من مثله وأخطأه من اكتنهه فمن قال أين فقد بوأه
ومن قال فيم فقد ضمنه ومن قال إلى م فقد نهاه ومن قال لم فقد علله ومن قال كيف فقد شبهه ومن قال إذ فقد وقته ومن قال حتى فقد غياه ومن غياه
فقد جزاه ومن جزاه فقد وصفه ومن وصفه فقد ألحد فيه ومن بعضه فقد عدل عنه لا يتغير الله بتغيير المخلوق كما لا يتحدد بتحديد المحدود أحد لا
بتأويل عدد صمد لا بتبعيض بدد باطن لا بمداخلة ظاهر لا بمزايلة متجل لا باشتمال رؤية لطيف لا بتجسم فاعل لا باضطراب حركة مقدر لا بجول
فكرة مدبر لا بحركة سميع لا بآلة بصير لا بأداة قريب لا بمداناة بعيد لا بمسافة موجود لا بعد عدم لا تصحبه الأوقات ولا تتضمنه الأماكن ولا تأخذه
السنات ولا تحده الصفات ولا تقيده الأدوات سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله بتشعيره المشاعر
تحف العقول عن آل الرسول _ 20 _
علم أن لا مشعر له وبتجهيره الجواهر
علم أن لا جوهر له وبإنشائه البرايا علم أن لا منشئ له وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له وبمقارنته بين الأشياء علم أن لا قرين له ضاد
النور بالظلمة والصرد بالحرور مؤلفا بين متعادياتها متقاربا بين متبايناتها دالة بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها جعلها سبحانه دلائل على
ربوبيته وشواهد على غيبته ونواطق عن حكمته إذ ينطق تكونهن عن حدثهن ويخبرن بوجودهن عن عدمهن وينبئن بتنقيلهن عن زوالهن ويعلن بأفولهن
أن لا أفول لخالقهن وذلك قوله جل ثناؤه ( ومِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )ففرق بين هاتين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد شاهدة
بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها دالة بتفاوتها أن لا تفاوت في مفاوتها مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب
بينه وبينها ثبت له معنى الربوبية إذ لا مربوب وحقيقة الإلهية ولا مألوه وتأويل السمع ولا مسموع ومعنى العلم ولا معلوم ووجوب القدرة ولا مقدور
عليه ليس مذ خلق الخلق استحق اسم الخالق ولا بإحداثه البرايا استحق اسم البارئ فرقها لا من شيء وألفها لا بشيء وقدرها لا باهتمام لا تقع الأوهام .
على كنهه ولا تحيط الأفهام بذاته لا تفوته متى ولا تدنيه قد ولا تحجبه لعل ولا تقارنه مع ولا تشتمله هو إنما تحد الأدوات أنفسها وتشير الآلة إلى نظائرها وفي الأشياء توجد أفعالها وعن الفاقة تخبر الأداة وعن الضد يخبر التضاد وإلى شبهه يئول الشبيه ومع الأحداث أوقاتها وبالأسماء تفترق صفاتها ومنها فصلت قرائنها وإليها آلت أحداثها منعتها مذ القدمة وحمتها قد الأزلية ونفت عنها لو لا الجبرية افترقت فدلت على مفرقها وتباينت فأعربت عن مباينها بها تجلى صانعها للعقول وبها احتجب عن الرؤية وإليها تحاكم الأوهام وفيها أثبتت العبرة ومنها أنيط الدليل بالعقول يعتقد التصديق بالله وبالإقرار يكمل الإيمان.
لا دين إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بتصديق ولا تصديق إلا بتجريد التوحيد ولا توحيد إلا بالإخلاص ولا إخلاص مع التشبيه ولا نفي مع إثبات الصفات ولا تجريد إلا باستقصاء النفي كله إثبات بعض التشبيه يوجب الكل ولا يستوجب كل التوحيد ببعض النفي دون الكل والإقرار نفي الإنكار ولا ينال الإخلاص بشيء من الإنكار كل موجود في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه لا تجري عليه الحركة ولا يمكن فيه التجزئة ولا الاتصال وكيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود إليه ما هو ابتدأه أو يحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ولتجزأ كنهه ولامتنع من الأزل معناه ولما كان للأزل معنى إلا معنى الحدث ولا للبارئ إلا معنى المبروء لو كان له وراء لكان له أمام ولو التمس التمام إذا لزمه النقصان وكيف يستحق اسم الأزل من لا يمتنع من الحدث وكيف يستأهل الدوام من تنقله الأحوال والأعوام وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الأشياء إذا لقامت فيه آلة المصنوع ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه ولاقترنت صفاته بصفات ما دونه ليس في محال القول حجة ولا في المسألة عنها جواب هذا مختصر منها .
كتابه إلى ابنه الحسن (عليه السلام):
من الوالد الفان المقر للزمان المدبر العمر المستسلم للدهر الذام للدنيا الساكن مساكن الموتى الظاعن عنها إليهم غدا إلى المولود المؤمل ما لا يدرك السالك سبيل من قد هلك غرض الأسقام ورهينة الأيام ورمية المصائب وعبد الدنيا وتاجر الغرور وغريم المنايا وأسير الموت وحليف الهموم وقرين الأحزان ونصب الآفات وصريع الشهوات وخليفة الأموات أما بعد فإن فيما تبينت من إدبار الدنيا عني وجموح الدهر علي وإقبال الآخرة إلي ما يزعني عن ذكر من سواي والاهتمام بما ورائي غير
تحف العقول عن آل الرسول _ 21 _
أنه حيث تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي فصدفني رأيي وصرفني هواي وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لا يكون فيه لعب وصدق لا يشوبه كذب ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني وكأن الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت إليك كتابي هذا مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت فإني أوصيك بتقوى الله أي بني ولزوم أمره وعمارة قلبك بذكره والاعتصام بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن أنت أخذت به أحي قلبك بالموعظة وموته بالزهد وقوه باليقين وذلله بالموت وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والأيام وأعرض عليه أخبار الماضين وذكره بما أصاب من كان قبله وسر في بلادهم وآثارهم وانظر ما فعلوا وأين حلوا وعما انتقلوا فإنك تجدهم انتقلوا عن الأحبة وحلوا دار الغربة وناد في ديارهم أيتها الديار الخالية أين أهلك ثم قف على قبورهم فقل أيتها الأجساد البالية والأعضاء المتفرقة كيف وجدتم الدار التي أنتم بها أي بني وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ولا تبع آخرتك بدنياك ودع القول فيما لا تعرف والخطاب فيما لا تكلف وأمسك عن طريق إذا خفت ضلاله فإن الكف عن حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال وأمر بالمعروف تكن من أهله وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك وجاهد في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم وخض الغمرات إلى الحق حيث كان وتفقه في الدين وعود نفسك التصبر وألجئ نفسك في الأمور كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان وأكثر الاستخارة وتفهم وصيتي ولا تذهبن عنها صفحا فإن خير القول ما نفع واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع ولا ينتفع بعلم حين لا يقال به أي بني إني لما رأيتك قد بلغت سنا ورأيتني أزداد وهنا بادرت بوصيتي إياك خصالا منهن أن يعجل بي أجلي دون أن أفضي إليك بما في نفسي أو أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته فتكون قد كفيت مئونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا فيه أي بني إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم وفكرت في أخبارهم وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضره فاستخلصت لك من كل أمر نخيله وتوخيت لك جميله وصرفت عنك مجهوله ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق وأجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل بين ذي النقية والنية وأن أبدأك بتعليم كتاب الله وتأويله وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامه لا أجاوز ذلك بك إلى غيره ثم أشفقت أن يلبسك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم مثل الذي لبسهم وكان إحكام ذلك لك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من إسلامك إلى أمر لا آمن عليك فيه الهلكة ورجوت أن يوفقك الله فيه لرشدك وأن يهديك لقصدك فعهدت إليك وصيتي هذه واعلم مع ذلك أي بني أن أحب ما أنت آخذ به إلي من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما افترض عليك والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك والصالحون من أهل ملتك فإنهم لم يدعوا أن ينظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا والإمساك عما لم يكلفوا فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما كانوا علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم لا بتورط الشبهات وعلق الخصومات وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك عليه والرغبة إليه في توفيقك وترك كل شائبة أدخلت عليك شبهة وأسلمتك إلى ضلالة وإذا أنت أيقنت أن قد صفا لك قلبك فخشع وتم رأيك فاجتمع وكان همك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسرت لك وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من نفسك من فراغ فكرك ونظرك فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء وليس طالب الدين من خبط ولا خلط والإمساك عند ذلك أمثل وإن أول ما أبدأ به من ذلك وآخره أني أحمد إليك إلهي وإلهك وإله آبائك الأولين والآخرين ورب من في
تحف العقول عن آل الرسول _22 _
السماوات والأرضين بما هو أهله وكما هو أهله وكما يحب وينبغي ونسأله أن يصلي عنا على نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى أهل بيته وعلى أنبياء الله ورسله بصلاة جميع من صلى عليه من خلقه وأن يتم نعمه علينا فيما وفقنا له من مسألته بالإجابة لنا فإن بنعمته تتم الصالحات فتفهم أي بني وصيتي واعلم أن مالك الموت هو مالك الحياة وأن الخالق هو المميت وأن المفني هو المعيد وأن المبتلي هو المعافي وأن الدنيا لم تكن لتستقيم إلا على ما خلقها الله تبارك وتعالى عليه من النعماء والابتلاء والجزاء في المعاد أو ما شاء مما لا نعلم فإن أشكل عليك شيء من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنك أول ما خلقت خلقت جاهلا ثم علمت وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسواك وليكن له تعمدك وإليه رغبتك ومنه شفقتك واعلم يا بني أن أحدا لم ينبئ عن الله تبارك وتعالى كما أنبأ عنه نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) فارض به رائدا وإلى النجاة قائدا فإني لم آلك نصيحة وإنك لم تبلغ في النظر لنفسك وإن اجتهدت مبلغ نظري لك واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت صفته .
وفعاله ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ذلك أحد ولا يحاجه وأنه خالق كل شيء وأنه أجل من أن يثبت لربوبيته بالإحاطة قلب أو بصر وإذا أنت عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك في صغر خطرك وقلة مقدرتك وعظم حاجتك إليه أن يفعل مثله في طلب طاعته والرهبة له والشفقة من سخطه فإنه لم يأمرك إلا بحسن ولم ينهك إلا عن قبيح أي بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وزوالها وانتقالها بأهلها وأنبأتك عن الآخرة وما أعد لأهلها فيها وضربت لك فيهما الأمثال إنما مثل من أبصر الدنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جدب فأموا منزلا خصيبا وجنابا مريعا فاحتملوا وعثاء الطريق وفراق الصديق وخشونة السفر في الطعام والمنام ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم فليس يجدون لشيء من ذلك ألما ولا يرون نفقة مغرما ولا شيئا أحب إليهم مما قربهم من منزلهم ومثل من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصب فنبا بهم إلى منزل جدب فليس شيء اكره إليهم ولا أهول لديهم من مفارقة ما هم فيه إلى ما يهجمون عليه ويصيرون إليه وقرعتك بأنواع الجهالات لئلا تعد نفسك عالما فإن ورد عليك شيء تعرفه أكبرت ذلك فإن العالم من عرف أن ما يعلم فيما لا يعلم قليل فعد نفسه بذلك جاهلا فازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا فما يزال للعلم طالبا وفيه راغبا وله مستفيدا ولأهله خاشعا مهتما وللصمت لازما وللخطإ حاذرا ومنه مستحييا وإن ورد عليه ما لا يعرف لم ينكر ذلك لما قرر به نفسه من الجهالة وإن الجاهل من عد نفسه بما جهل من معرفة العلم عالما وبرأيه مكتفيا فما يزال للعلماء مباعدا وعليهم زاريا ولمن خالفه مخطئا ولما لم يعرف من الأمور مضللا فإذا ورد عليه من الأمور ما لم يعرفه أنكره وكذب به وقال بجهالته ما أعرف هذا وما أراه كان وما أظن أن يكون وأنى كان وذلك لثقته برأيه وقلة معرفته بجهالته فما ينفك بما يرى مما يلتبس عليه رأيه مما لا يعرف للجهل مستفيدا وللحق منكرا وفي الجهالة متحيرا وعن طلب العلم مستكبرا أي بني تفهم وصيتي واجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك وارض من الناس لك ما ترضى به لهم منك ولا تقل بما لا تعلم بل لا تقل كلما تعلم ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك واعلم أن الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب فإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة بعيدة وأهوال شديدة وأنه لا غنى بك فيه عن حسن الارتياد وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر فلا تحملن على ظهرك فوق بلاغك فيكون ثقلا ووبالا عليك وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك زادك فيوافيك به حيث تحتاج إليه فاغتنمه واغتنم من استقرضك في حال غناك واجعل وقت قضائك في يوم عسرتك واعلم أن أمامك عقبة كئودا لا محالة مهبطا بك على جنة أو على نار المخف .
تحف العقول عن آل الرسول _ 23 _
فيها أحسن حالا من المثقل فارتد لنفسك قبل نزولك واعلم أن الذي بيده ملكوت خزائن الدنيا والآخرة قد أذن بدعائك وتكفل بإجابتك وأمرك أن تسأله ليعطيك وهو رحيم لم يجعل بينك وبينه ترجمانا ولم يحجبك عنه ولم يلجئك إلى من يشفع إليه لك ولم يمنعك إن أسأت التوبة ولم يعيرك بالإنابة ولم يعاجلك بالنقمة ولم يفضحك حيث تعرضت للفضيحة ولم يناقشك بالجريمة ولم يؤيسك من الرحمة ولم يشدد عليك في التوبة فجعل النزوع عن الذنب حسنة وحسب سيئتك واحدة وحسب حسنتك عشرا وفتح لك باب المتاب والاستئناف فمتى شئت سمع نداءك ونجواك فأفضيت إليه بحاجتك وأنبأته عن ذات نفسك وشكوت إليه همومك واستعنته على أمورك وناجيته بما تستخفي به من الخلق من سرك ثم جعل بيدك مفاتيح خزائنه فألحح في المسألة يفتح لك باب الرحمة بما أذن لك فيه من مسألته فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه فألحح ولا يقنطك إن أبطأت عنك الإجابة فإن العطية على قدر المسألة وربما أخرت عنك الإجابة ليكون أطول للمسألة وأجزل للعطية وربما سألت الشيء فلم تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا وآجلا أو صرف عنك لما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته ولتكن مسألتك فيما يعنيك مما يبقى لك جماله أو ينفى عنك وباله والمال لا يبقى لك ولا تبقى له فإنه يوشك أن ترى عاقبة أمرك حسنا أو سيئا أو يعفو العفو الكريم .
واعلم أنك خلقت للآخرة لا للدنيا وللفناء لا للبقاء وللموت لا للحياة وأنك في منزل قلعة ودار بلغة وطريق إلى الآخرة وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه ولا بد أنه يدركك يوما فكن منه على حذر أن يدركك على حال سيئة قد كنت تحدث نفسك فيها بالتوبة فيحول بينك وبين ذلك فإذا أنت قد أهلكت نفسك أي بني أكثر ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه وتفضي بعد الموت إليه واجعله أمامك حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ولا يأخذك على غرتك وأكثر ذكر الآخرة وما فيها من النعيم والعذاب الأليم فإن ذلك يزهدك في الدنيا ويصغرها عندك وقد نبأك الله عنها ونعت لك نفسها وكشفت عن مساويها فإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهلها إليها وتكالبهم عليها وإنما أهلها كلاب عاوية وسباع ضارية يهر بعضها على بعض يأكل عزيزها ذليلها وكبيرها صغيرها قد أضلت أهلها عن قصد السبيل وسلكت بهم طريق العمى وأخذت بأبصارهم عن منهج الصواب فتاهوا في حيرتها وغرقوا في فتنتها واتخذوها ربا فلعبت بهم ولعبوا بها ونسوا ما وراءها فإياك يا بني أن تكون قد شانته كثرة عيوبها نعم معقلة وأخرى مهملة قد أضلت عقولها وركبت مجهولها سروح عاهة بواد وعث ليس لها راع يقيمها رويدا حتى يسفر الظلام كأن قد وردت الظعينة يوشك من أسرع أن يئوب واعلم أن من كانت مطيته الليل والنهار فإنه يسار به وإن كان لا يسير أبى الله إلا خراب الدنيا وعمارة الآخرة أي بني فإن تزهد فيما زهدك الله فيه من الدنيا وتعزف نفسك عنها فهي أهل ذلك وإن كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ولن تعدو أجلك وأنك في سبيل من كان قبلك فاخفض في الطلب وأجمل في المكتسب فإنه رب طلب قد جر إلى حرب وليس كل طالب بناج وكل مجمل بمحتاج وأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى رغبة فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا وما خير خير لا ينال إلا بشر ويسر لا ينال إلا بعسر وإياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل فإنك مدرك قسمك وآخذ سهمك وإن اليسير من الله تبارك وتعالى أكثر وأعظم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه ولو نظرت ولله المثل الأعلى فيما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخارا وإن عليك في كثير ما تصيب من الدناة عارا فاقتصد في أمرك تحمد مغبة عملك إنك لست بائعا شيئا من دينك وعرضك بثمن والمغبون من غبن نصيبه من الله فخذ من الدنيا ما أتاك واترك ما تولى فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب وإياك ومقاربة من رهبته على دينك وباعد السلطان ولا تأمن خدع الشيطان وتقول متى أرى ما أنكر نزعت فإنه كذا هلك من كان قبلك من أهل القبلة وقد أيقنوا بالمعاد فلو سمت بعضهم بيع آخرته بالدنيا لم يطب بذلك نفسا ثم قد يتخبله الشيطان بخدعه ومكره حتى يورطه في هلكته بعرض من الدنيا حقير .
تحف العقول عن آل الرسول _24 _
وينقله من شر إلى شر حتى يؤيسه من رحمة الله ويدخله في القنوط فيجد الوجه إلى ما خالف الإسلام وأحكامه فإن أبت نفسك إلا حب الدنيا وقرب السلطان فخالفت ما نهيتك عنه بما فيه رشدك فاملك عليك لسانك فإنه لا ثقة للملوك عند الغضب ولا تسأل عن أخبارهم ولا تنطق عند إسرارهم ولا تدخل فيما بينك وبينهم وفي الصمت السلامة من الندامة وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء وحفظ ما في يديك أحب إلي من طلب ما في يد غيرك ولا تحدث إلا عن ثقة فتكون كاذبا والكذب ذل وحسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الإسراف وحزن اليأس خير من الطلب إلى الناس والعفة مع الحرفة خير من سرور مع فجور والمرء أحفظ لسره ورب ساع فيما يضره من أكثر أهجر ومن تفكر أبصر ومن خير حظ امرئ قرين صالح فقارن أهل الخير تكن منهم وباين أهل الشر تبن عنهم ولا يغلبن عليك سوء الظن فإنه لا يدع بينك وبين خليل صلحا وقد يقال من الحزم سوء الظن بئس الطعام الحرام وظلم الضعيف أفحش الظلم والفاحشة كاسمها التصبر على المكروه نقص للقلب [يعصم القلب] وإن كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا وربما كان الدواء داء والداء دواء وربما نصح غير الناصح وغش المستنصح وإياك والاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى وتثبط عن خير الآخرة والدنيا ذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب ولا تكن كحاطب الليل وغثاء السيل وكفر النعمة لؤم وصحبة الجاهل شؤم والعقل حفظ التجارب وخير ما جربت ما وعظك ومن الكرم لين الشيم بادر الفرصة قبل أن تكون غصة من الحزم العزم من سبب الحرمان التواني ليس كل طالب يصيب ولا كل راكب يئوب ومن الفساد إضاعة الزاد ولكل أمر عاقبة رب يسير أنمى من كثير سوف يأتيك ما قدر لك التاجر مخاطر ولا خير في معين مهين لا تبيتن من أمر على غرر من حلم ساد ومن تفهم ازداد ولقاء أهل الخير عمارة القلوب ساهل الدهر ما ذل لك قعوده وإياك أن تجمع بك مطية اللجاج وإن قارفت سيئة فعجل محوها بالتوبة ولا تخن من ائتمنك وإن خانك ولا تذع سره وإن أذاعه ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه واطلب فإنه يأتيك ما قسم لك خذ بالفضل وأحسن البذل وقل للناس حسنا وأي كلمة حكم جامعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها إنك قل ما تسلم ممن تسرعت إليه أن تندم أو تتفضل عليه واعلم أن من الكرم الوفاء بالذمم والدفع عن الحرم والصدود آية المقت وكثرة العلل آية البخل ولبعض إمساكك عن أخيك مع لطف خير من بذل مع جنف ومن التكرم صلة الرحم ومن يرجوك أو يثق بصلتك إذا قطعت قرابتك والتحريم وجه القطيعة احمل نفسك مع أخيك عند صرمه على الصلة وعند صدوده على اللطف والمسألة وعند جموده على البذل وعند تباعده على الدنو وعند شدته على اللين وعند جرمه على الاعتذار حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه وأن تفعله بغير أهله لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ولا تعمل بالخديعة فإنها خلق اللئام وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة وساعده على كل حال وزل معه حيث زال ولا تطلبن مجازاة أخيك ولو حثا .
التراب بفيك وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحرى للظفر وتسلم من الناس بحسن الخلق وتجرع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة ولا تصرم أخاك على ارتياب ولا تقطعه دون استعتاب ولن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك ما أقبح القطيعة بعد الصلة والجفاء بعد الإخاء والعداوة بعد المودة والخيانة لمن ائتمنك وخلف الظن لمن ارتجاك والغدر بمن استأمن إليك فإن أنت غلبتك قطيعة أخيك فاستبق لها من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا ذلك له يوما ما ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ولا ترغبن فيمن زهد فيك ولا تزهدن
تحف العقول عن ال الرسول _ 25 _
فيمن رغب إليك إذا كان للخلطة موضعا ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته ولا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ولا على البخل أقوى منك على البذل ولا على التقصير أقوى منك على الفضل ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه إنما يسعى في مضرته ونفعك وليس جزاء من سرك أن تسوءه والرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك واعلم أي بني أن الدهر ذو صروف فلا تكونن ممن تشتد لائمته ويقل عند الناس عذره ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكن خازنا لغيرك وإن كنت جازعا على ما تفلت من يديك فاجزع على كل ما لم يصل إليك واستدلل على ما لم يكن بما كان فإنما الأمور أشباه ولا تكفرن ذا نعمة فإن كفر النعمة من ألأم الكفر واقبل العذر ولا تكونن ممن لا ينتفع من العظة إلا بما لزمه فإن العاقل ينتفع بالأدب والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب اعرف الحق لمن عرفه لك رفيعا كان أو وضيعا واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين من ترك القصد جار ونعم حظ المرء القناعة ومن شر ما صحب المرء الحسد وفي القنوط التفريط والشح يجلب الملامة والصاحب مناسب والصديق من صدق غيبه والهوى شريك العمى ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة ونعم طارد الهم اليقين وعاقبة الكذب الذم وفي الصدق السلامة وعاقبة الكذب شر عاقبة رب بعيد أقرب من قريب وقريب أبعد من بعيد والغريب من لم يكن له حبيب لا يعدمك من حبيب سوء ظن ومن حمى طنى ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ومن اقتصر على قدره كان أبقى له نعم الخلق التكرم وألأم اللؤم البغي عند القدرة والحياء سبب إلى كل جميل وأوثق العرى التقوى وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله ومنك من أعتبك والإفراط في الملامة يشب نيران اللجاج وكم من دنف قد نجا وصحيح قد هوى وقد يكون اليأس إدراكا إذا كان الطمع هلاكا وليس كل عورة تظهر ولا كل فريضة تصاب وربما أخطأ البصير قصده وأصاب الأعمى رشده ليس كل من طلب وجد ولا كل من توقى نجا أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته وأحسن إن أحببت أن يحسن إليك واحتمل أخاك على ما فيه ولا تكثر العتاب فإنه يورث الضغينة ويجر إلى البغضة واستعتب من رجوت إعتابه وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ومن الكرم منع الحزم من كابر الزمان عطب ومن ينقم عليه غضب ما أقرب النقمة من أهل البغي وأخلق بمن غدر ألا يوفى له .
زلة المتوقي أشد زلة وعلة الكذب أقبح علة والفساد يبير الكثير والاقتصاد يثمر اليسير والقلة ذلة وبر الوالدين من كرم الطبيعة والزلل مع العجل ولا خير في لذة تعقب ندما والعاقل من وعظته التجارب والهدى يجلو العمى ولسانك ترجمان عقلك ليس مع الاختلاف ائتلاف من حسن الجوار تفقد الجار لن يهلك من اقتصد ولن يفتقر من زهد بين عن امرئ دخيله رب باحث عن حتفه لا تشترين بثقة رجاء ما كل ما يخشى يضر رب هزل عاد جدا من أمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه ومن ترغم عليه أرغمه ومن لجأ إليه أسلمه وليس كل من رمى أصاب إذا تغير السلطان تغير الزمان وخير أهلك من كفاك والمزاح يورث الضغائن وربما أكدى الحريص رأس الدين صحة اليقين وتمام الإخلاص تجنبك المعاصي وخير المقال ما صدقه الفعال والسلامة مع الاستقامة والدعاء مفتاح الرحمة سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار وكن من الدنيا على قلعة احمل لمن أدل عليك واقبل عذر من اعتذر إليك وخذ العفو من الناس ولا تبلغ إلى أحد مكروهه أطع أخاك وإن عصاك وصله وإن جفاك وعود نفسك السماح وتخير لها من كل خلق أحسنه فإن الخير عادة وإياك أن تذكر من الكلام قذرا أو تكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك وأنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن واكفف عليهن من أبصارهن بحجبك إياهن فإن شدة الحجاب خير لك ولهن وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها