|
الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا بَرَماً ».
وتحدّث السلطة ، وأعلنت إمتناعها عن الخروج من المدينة.
ولكنّ عدداً من السيدات الهاشميات إجتمعن عندها وذكّرنها بيزيد وطغيانه ، وأنّه لا يخاف من الله تعالى ، ومن الممكن أن تتكرّر فاجعة كربلاء ، بأن يأمر الوالي بإخراج السيدة من المدينة قَسراً وجَبراً ، فيقوم بعض من تبقّى من بني هاشم لأجل الدفاع ، وتقع الحرب بين الفريقين ، وتُقام المجزرة الرهيبة.
فقرّرت السيدة زينب ( عليها السلام ) السفر إلى بلاد مصر .
ولماذا اختارات مصر ؟
إنّ أحسن بلاد الله تعالى عند السيدة زينب ـ بعد المدينة المنوّرة ـ هو مصر ، لأنّه كان لآل رسول الله في بلاد مصر رصيدٌ عظيم ... من ذلك الزمان إلى هذا اليوم.
والسبب في ذلك أنّ أفراداً من الخط المُوالي للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كانوا قد حكموا مصر في تلك السنوات ، أمثال : قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ، ومحمد بن أبي بكر ، وأخيراً مالك الأشتر النخعي. (1)
---------------------------
(1) وقد ذكر تفاصيل ذلك المَقريزي المتوفى عام 845 هـ في كتابه « المواعظ والإعتبار » ، طبع لبنان ، سنة 1418 هـ ، ج 2 ص 93 ، وج 4 ، ص 151 حيث قال :
« .... ومصر ـ يومئذ ـ من جيش علي بن أبي طالب » وص 156 و 157.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 527 _
الفصل التاسع عشر
بعض ما رُويَ عن السيدة زينب
(1) خُطبة السيدة فاطمة الزهراء
(2) حديث أمّ أيمن
(3) متفرّقات
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 529 _
بعضُ ما رُويَ عن السيدة زينب
من القطع واليقين أنّ السيدة زينب الكبرى ( عليها السلام ) كانت قد سمعت ما لا يُحصى من الأحاديث من جدّها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبيها
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأخويها : الإمام الحسن والإمام الحسين ( عليهما السلام ) ورَوت عنهم الشيء الكثير الكثير.
وكيف لا ؟ وقد فَتحت عينَيها في مَهبط الوحي والتنزيل ، وترعرعت ونَمَت في أحضان مصادر التشريع الإسلامي ، وتراجمة الوحي الإلهي ، ومنابع المعارف والأحكام السماويّة.
ولكن ... هل ساعدتها الظروف أن تتحدّث عمّا سمعت وشاهدت في حياتها المُباركة من أسلافها الطاهرين ؟
وما يُدرينا ، فلعلّها حدّثت شيئاً ممّا رأت ورَوَت ، ولكنّ الدهر الخَؤون لم يحتفظ بمَرويّاتها ، فضاعت وتلفت تلك الكنوز ،
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 530 _
وأبادت الحوادث تلك الثروات الفكريّة والعلميّة (1) ، وقد بقي منها الشيء اليسير اليسير ، فمنها :
---------------------------
(1) لقد تعرّض التراث الإسلامي الشيعي لغارات قاسية من قِبل أعداء الدين ، منذ فاجعة وفاة الرسول الكريم ... وإلى عصرنا الحاضر ، فبعد وفاة ذلك النبي العظيم
بدأت حملة شَعواء وهجوم عنيف ضدّ تراث أهل البيت ( عليهم السلام ) تحت أقنعة الدين والمصلحة الإسلامية العامّة !! ، فبإسم « مُكافحة الأحاديث المنسوبة ـ كِذباً
، إلى النبي الكريم » مُنع تداول الحديث وكتابته ، وكان الهدف ـ الأول والأخير ـ من ذلك : هو منع تداول كل حديث نبوي يرتبط بمدح أهل البيت ، وبتفسير الآيات القرآنية
النازلة في شأنهم ، وسدّ الطريق أمام كلّ صحابي يريد الدفاع عن آل الرسول الطاهرين ، عن طريق الاستدلال بالقرآن الكريم ـ المؤيّد بالتفسير الصحيح ـ والأحاديث النبوية
الصحيحة التي كانت حديثة عهد بالصدور .
وعلى هذا النهج ورواية ( المَنع من تداول تلك الأحاديث ) سار الأمويّون والعباسيون والإمبراطورية العثمانيّة ... وإلى يومنا هذا .
ولولا ضيق المجال لذكرنا استعراضاً سريعاً لأرقام مُذهلة عن التراث الشيعي العظيم الذي تعرّض للإتلاف والإبادة ، مع الوثائق والاثباتات التاريخيّة ، كشاهد ودليل على هذا القول.
المحقق
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 531 _
(1) خطبة السيدة فاطمة الزهراء
لقد ذكرنا في كتاب ( فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد ) أنّ خطبة السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) تُعتبر معجزة من معاجز السيدة فاطمة ، لأنّها في قمّة الفصاحة وذروة البلاغة ، وذكرنا ـ هناك ـ بعض مزايا الخطبة.
والعجب كل العجب أنّ السيدة زينب رافقت السيدة فاطمة الزهراء ـ يومذاك ـ إلى المسجد ، وسجّلت الخطبة كلّها في قلبها وذكراتها ، لتكون راويةً لخطبة أمّها ، ولتكون همزة وصل في إيصال صوت أمّها إلى مسامع الأمم والمِلَل ، وجهازاً إعلاميّاً في بثّ هذه الخطبة إلى العالم ، وعلى مرّ الأجيال والقرون.
ويجب أن لا ننسى أن عُمرها كان ـ يومذاك ـ حوالي خمسة أعوام فقط ، فانظر إلى الذكاء المدهش والإستعداد الكامل والمؤهّلات الفريدة من نوعها .
لقد ذكر الشيخ الصدوق في كتاب ( علل الشرائع ) شيئاً من خطبة
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 532 _
السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بسنده عن أحمد بن محمد بن جابر ، عن زينب بنت علي عليه السلام. (1)
وروى أيضاً بسنده عن عبد الله بن محمد العَلَوي ، عن رجال من أهل بيته ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة عليها السلام.
وروى أيضاً بسنده عن حفص الأحمر ، عن زيد بن علي ، عن عمّته زينب بنت علي ، عن فاطمة ( عليها السلام ) مِثله .
وإليك نصّ الرواية :
روى عبد الله بن الحسن باسناده عن آبائه ، أنّه لمّا أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك ، وبلغها ذلك ، لاثَت خمارَها على رأسها (2) واشتَملت بجلبابها ، وأقبلت في لُمةٍ
من حفدتها ونساء قومها (3) ، ما تَخرُم مشيتها مشية رسول الله
---------------------------
(1) علل الشرائع ، ج 1 ص 289 باب 182.
(2) لاثَت : شدّت ، والخمار : ثوبٌ يغطّى به الرأس.
(3) اللُمة ـ بضمّ اللام وتخفيف الميم ـ : الجماعة، الحفدة : الخدم والأعوان.
كما في « القاموس » و « لسان العرب » ، والظاهر أن المقصود ـ هنا ـ :
مجموعة من نساء بني هاشم ومن النساء اللواتي كنّ يُشاركنها في الفكر والإتّجاه والهدف ، ورافَقنَها إلى المسجد.
ويمكن أنّه كان وراء مجموعة النساء وكلاء السيدة فاطمة ، الذين كانوا يُشرفون على شؤون أراضي فدك وبساتينها .
المحقق
(4) كناية عن شدّة التستّر.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 533 _
( صلى الله عليه وآله وسلم ) (1) حتى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم (2) .
فنيطت دونها مُلاءة (3) .
فجلست ثم أنّت أنّةً أجهش القوم بالبكاء فارتجّ المجلس ، ثمّ أمهلت هُنيئة (4) حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم (5) ، إفتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه ،
والصلاة على رسوله ، فعاد القوم في بكائهم ، فلمّا أمسكوا عادت في كلامها. فقالت ( عليها السلام ) :
الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما
---------------------------
(1) ما تَفرُق مشيتُها عن مشية أبيها من حيث الكيفية والوقار.
(2) الحَشد : الجماعة.
(3) نيطت : عُلّقت ، والمُلاءة : الإزار ، أو المِلحَفة ، كما في « لسان العرب ».
ويُعبّر عنها ـ حاليّاً ، في بعض البلاد ـ بـ « الشَرشَف » و « المَلافة »
، ويُستعمل في مجالات متعدّدة ، منها : السِتار ، ومنها الإلتحاف بها في موسم الربيع.
والمقصود أنّه أُسدِلَ بين السيدة وبين القوم سِتراً وحجاباً.
المحقق
(4) وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 211 : « ثمّ أمهَلَت طويلاً ».
(5) النَشيج : صوت البكاء مع التوجّع ، الفَورة : الشِدّة.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 534 _
قَدّم ، من عُموم نِعَمٍ ابتداها ، وسُبوغ آلاءٍ أسداها (1) ، وتمام مِنَنٍ والاها ، جمّ عن الإحصاء عددها (2) ، ونأى عن الجزاء أمدها (3) ، وتفاوت عن الإدراك
أبَدُها.
ونَدَبَهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها (4) واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وثنى بالنَدب إلى أمثالها (5) .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، وضمّن القلوب موصولها (6) ، وأنارَ في التفكير معقولَها .
---------------------------
(1) سُبوغ النعم : إتّساعها وشُمولها لِمُختلف جوانب الحياة ، أسداها : أعطاها.
(2) جمّ : كثُر.
(3) نأى : بَعُد ، وهكذا تفاوت. الأمد : الغاية ومنتهى الشيء.
(4) نَدَبَهم : دعاهم ، والإستزادة : طلب زيادة النِعَم عن طريق الشكر ، لكي تتّصل وتستمرّ وتدوم.
(5) ثنى بالنَدب : أي : كما أنّه ندَبهم لاستزادتها بالشُكر ... كذلك نَدَبهم إلى أمثالها مِن موجبات الثواب والأعمال التي تُسبّب دوام النِعَم.
(6) جعل القلوب مُحتوية لمعنى كلمة التوحيد.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 535 _
المُمتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صِفَته ، ومِن الأوهام كيفيّته .
إبتدع الأشياء لا من شيء كان قَبلها (1) ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلةٍ امتثَلها (2) ، كوّنها
بقُدرته ، وذَرأها بمشيئته (3) ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلا تثبيتاً لحِكمته ، وتنبيهاً على طاعته ، وإظهاراً لقدرته ، وتعبّداً لبَريّته ، وإعزازاً
لدعوته .
ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده مِن نقمته (4) ، وحياشةً لهم إلى جنّته (5) .
وأشهد أنّ أبي ( محمّداً ) عبده ورسوله ، إختاره وانتجبه قبلَ أن أرسَلَه ، وسمّاه قبل أن اجتَبَله (6) ، واصطفاه قبل أن ابتَعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر
الأهاويل مصونة ، وبنهاية
---------------------------
(1) ابتَدَع : أحدَثَ وابتكر.
(2) الإحتذاء : الاقتداء ، وحذو النعل بالنَعل : أي قطع النعل على مثال النعل وقَدرها.
(3) ذَرأها : خَلقَها.
(4) ذيادة : مَنعاً.
(5) حياشة لهم : سَوقَهم.
(6) اجتَبله : فطَره ، أو خَلَقه.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 536 _
العدم مقرونة ، عِلماً من الله تعالى بمئائل الأمور (1) ، وإحاطةً بحوادث الدهور ، ومعرفةً بمواقع المقدور.
ابتعثه الله إتماماً لأمره ، وعزيمةً على إمضاء حُكمه ، وإنفاذاً لمقادير حتمه .
فرأى الأُمَم فِرَقاً في أديانها ، عُكّفاً على نيرانها ، وعابدةً لأوثانها ، مُنكرةً لله مع عِرفانها ،
فأنار الله بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ظُلَمَها (2) ، وكشف عن القلوب بُهَمَها (3) ، وجلى عن الأبصار غُمَمَها (4) ، وقام في الناس بالهداية ،
وأنقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الصراط المستقيم.
ثمّ قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ، ورغبةٍ وإيثار ، فمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مِن تَعَب هذه الدار في راحة ، قد حُفّ بالملائكة الأبرار ، ورضوان الرب
الغفّار ، ومُجاورة الملك الجبّار ، صلى الله على أبي ، نبيّه
---------------------------
(1) المئائل : جمع مآل ، أي المرجع ، وما ينتهي إليه الأمر.
(2) ظُلَم : جمع ظُلمة.
(3) البُهَم ـ جمع بهمة ـ : وهي مشكلات الأمور.
(4) الغُمَم ـ جمع غُمّة ـ : الشيء المُلتبس المستور.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 537 _
وأمينه على الوحي وصفيّه ، وخِيَرته من الخلق ورضيّه ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثمّ التفتت إلى أهل المجلس وقالت : أنتم ـ عباد الله ـ نصب أمره ونَهيه (1) ، وحَمَلة دينه ووَحيه ، وأُمَناء الله على أنفسكم (2) ، وبُلَغاؤه إلى الأمم (3) ، زعيم حقّ له فيكم ، وعهد قَدّمه إليكم ، وبقيّة استخلفها عليكم ، كتاب الله الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع (4) ، والضياء اللامع (5) ، بيّنة بصائره ، مُنكشفة
سرائره (6) ، مُتجلّية ظواهره (7) ،
---------------------------
(1) منصوبون لأوامره ونواهيه.
(2) أُمَناء : جمع أمين.
(3) البُلَغاء ـ جمع بليغ ـ والمقصود ـ هنا ـ : المبلّغ.
(4) الساطع : المرتفع ، او المُتلألأ.
(5) اللامع : المضيء.
(6) البصائر : جمع بصيرة ، والمراد ـ هنا ـ : الحُجَج والبَراهين.
والسرائر : جمع سريرة ، والمقصود ـ هنا ـ : الأسرار الخفيّة واللطائف الدقيقة.
(7) متجلّية : مُنكشفة ، أو : واضحة.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 538 _
مُغتبط به أشياعه (1) ، قائد إلى الرضوان ، مودٍّ إلى النجاة استماعه ، به تُنال حُجَج الله المنوّرة ، وعزائمه المفسَّرة (2) ، ومحارمه المُحذّرة ، وبيّناته الجالية (3) ، وبراهينه الكافية ، وفضائله المندوبة (4) ، ورُخَصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة (5) .
فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحجّ تشييداً للدين ، والعَدل
تنسيقاً للقلوب (6) ، وإطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامَتنا أماناً من الفُرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام ، والصبر معونةً على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحةً للعامّة ، وبرّ
---------------------------
(1) الغِبطة : أن تتمنّى مثل حال المغبوط إذا كان بحالة حسنة.
(2) العزائم ـ جمع عزيمة ـ : الفريضة التي افترضها الله تعالى.
(3) الجالية : الواضحة.
(4) المندوبة : المَدعوّ إليها.
(5) المكتوبة ـ هنا ـ : الواجبة.
(6) التنسيق : التنظيم.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 539 _
الوالدين وِقايةً من السخط ، وصِلَة الأرحام منماةً للعدد (1) ، والقِصاص حِقناً (2) للدماء ، والوَفاء بالنذر تعريضاً (3) للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبَخس (4) ، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس ، واجتناب القَذف حِجاباً عن اللعنة ، وترك السرقة إيجاباً للعفّة.
وحرّم الشرك إخلاصاً له بالربوبيّة ، فَـ « اتّقوا الله حقّ تُقاته ، ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون » ، وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فإنّه « إنّما يخشى الله من
عباده العلماء ».
ثمّ قالت : أيها الناس ! إعلَموا أنّي فاطمة ! وابي محمد. أقولُ عَوداً وبِدءاً (5) ، ولا أقولُ ما أقول غَلَطاً ، ولا أفعل ما أفعل
---------------------------
(1) منماة ـ على وَزن مسحاة ـ : إسم آلة للنموّ ، ولعلّها مصدر ميمي للنموّ .
(2) حِقناً : حِفظاً.
(3) تعريضاً : إذا جعلتَه في عرضة الشيء.
(4) المكاييل ـ جمع مِكيال ـ : وهو ما يُكال به ، والموازين : جَمع ميزان ، والبَخس : النَقص.
(5) عوداً وبدءاً : آخراً وأوّلاً.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 540 _
شططاً (1) . « لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ » (2) .
فإن تُعزوه وتَعرفوه تَجدوه أبي دون نسائكم (3) ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ، ولَنِعم المعزيّ إليه (4) ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
فبَلّغ الرسالة ، صادعاً بالنذارة (5) ، مائلاً عن مدرجة المشركين (6) ، ضارباً ثَبَجَهم (7) ، آخذاً باكظامهم (8) ، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يكسرُ الأصنام ، وينكت الهام (9) ، حتى انهزم الجمع وولّوا الدُبُر ، وحتى تفرّى
---------------------------
(1) شططاً : ظُلماً وجوراً.
(2) سورة التوبة ، الآية 128.
(3) تُعزوه : تَنسبوه.
(4) المعزّي إليه : المنسوب إليه.
(5) صادعاً : مُظهراً ، النذارة : الإنذار والتخويف.
(6) مدرجة المشركين : طريقهم ومَسلَكهم.
(7) الثَبَج ـ بفتح الثاء والباء ـ : الظَهر ، وقيل : ما بين الكاهل إلى الظهر.
(8) الكظم : ـ بفتح الكاف والظاء ـ : الفَم أو الحلق أو مخرج النفَس.
(9) نَكتَه على هامته : إذا ألقاه على رأسه.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 541 _
الليل عن صُبحه (1) ، وأسفَر الحقّ عن محضه (2) ، ونَطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين (3) ، وطاح وشيظ النفاق (4) ، وانحلّت عُقَد الكفر
والشِقاق (5) وفُهتُم بكلمة الإخلاص (6) ، في نَفَر من البيض الخِماص (7) ، وكنتـم على شفـا حفـرةٍ من النـار (8) ، مُذقة الشارب (9) ، ونُهزة الطامع
(10) ، وقَبسة العجلان (11) ، وموطئ الأقدام ، تشربون
---------------------------
(1) تفرّى : إنشقّ.
(2) أسفَر : إذا انكشف وأضاء ، والمَحض : الخالص.
(3) شقاشق ـ جمع شقشقة ـ : وهي شيء يَشبه الرئة يخرج من فَم البعير إذا هاج.
(4) الوشيظ : الأتباع والخدَم.
(5) الشقاق : الخلاف.
(6) فُهتم : تلفّظتم ، تفوّهتم .
(7) البيض ـ جمع أبيض ـ والخِماص ـ جمع خَميص ـ : وهو الجائع.
(8) شفا حُفرة : جانبها المُشرف عليها ، أو : حافّتها.
(9) المذقة ـ بضمّ الميم ـ شربة من اللبن الممزوج بالماء.
(10) النهزة ـ بضمّ النون ـ : الفُرصة.
(11) قبسة العجلان : الشُعلة من النار التي يأخذها الرجل العاجل.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 542 _
الطَرق (1) ، وتَقتاتون القِدّ والوَرق (2) ، أذلّةً خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تعالى بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد اللّتيّا
والتي ، وبعد أن مُنِيَ بِبُهم الرجال (3) ، وذُؤبان العَرَب ، ومَرَدَة أهل الكتاب (4) ، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ، أو نَجَم (5) قرنٌ للشيطان ، أو فَغَرت
(6) فاغرةٌ من المشركين ، قَذَفّ أخاه في لَهَواتها (7) ، فلا
---------------------------
(1) الطرق ـ بفتح الطاء وسكون الراء ـ : الماء الذي خاضَت فيه الإبل وبالَت فيه.
(2) تَقتاتون : تَجعلون قُوتكم ، القِدّ ـ بكسر القاف ـ : قطعة جلد غير مدبوغ ، ويُحتمل أن يكون بمعنى القديد : وهو اللحم المُجفّف في الشمس ، الوَرَق : ورق
الأشجار ... على اختلاف أنواعها.
(3) مُني ـ فعل ماضي مجهول ـ : ابتُلي، والبُهَم ـ على وزن الغُرَف ـ جَمع بهمة : وهو الشجاع الذي لا يُهتدى مِن أين يؤتى .
(4) مردة ـ بفتح الميم والراء والدال ـ : جَمع مارِد وهو العاتي.
(5) نَجَمَ ـ فعل ماضي ـ : طَلَع ، وقرن الشيطان : أتباعُه.
(6) فغر : فَتَح. فاغرة فاها : أي : فاتحة فمَها .
(7) اللهوات ـ جَمع لَهاة ـ : لحمة مُشرفة على الحلق في أقصى الفم.
أخاه : المقصود هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 543 _
يَنكفئ حتى يطأ صِماخها بأخمصه (1) ، ويُخمِدَ لَهَبَها بسيفه (2) ، مكدوداً في ذات الله (3) ، مُجتهداً في أمر الله ، قريباً من رسول الله ، سيداً في أولياء الله ،
مُشمّراً ناصحاً ، مُجدّاً كادحاً (4) ، وأنتم في رَفاهية من العيش (5) ، وادِعون فاكهون آمنون (6) ، تتربّصون بنا الدوائر (7) ، وتتوكّفون الأخبار (8) ،
وتنكصون عند النزال (9) ، وتفرّون من القتال.
فلمّا اختار الله لنبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دارَ
---------------------------
(1) ينكفئ : يَرجع ، يطأ : يَدوس ، صِماخها : أُذُنَها، بأخمَصه : بباطن قَدَمه .
(2) يُخمد : يُطفئ ، لَهبَها : إشتعالها.
(3) المكدود : المُتعَب.
(4) شمّرَ ثوبه : رَفَعَه ، مُجدّاً ـ بضم الميم وكسر الجيم ـ : مُجتهداً ، والكادح : الساعي.
(5) رفاهية : سٍعة.
(6) وادعون : مرتاحون ، فاكهون : ناعمون.
(7) الدوائر : العواقب المذمومة والمفاجآت المؤسفة.
(8) تتوكّفون : تتوقّعون بلوغ الأخبار.
(9) تنكصون : ترجعون وتتأخّرون ، والنزال : القتال.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 544 _
أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظَهَر فيكم حسكة النفاق (1) ، وسمل جلباب الدين (2) ، ونطق كاظم الغاوين (3) ، ونَبَغَ خامل الأقلّين (4) ، وهَدَر فنيق المبطلين
(5) ، فخطر في عرصاتكم (6) ، وأطلع الشيطان رأسه من مِغرَزه (7) هاتفاً بكم ، فألفاكم لِدَعوته مستجيبين ، وللغِرّة فيه ملاحظين . (8)
ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فألفاكم غِضابا (9) ، فـوسَمتـم غيـرَ إبلكـم (10) ، وأوردتم غير
---------------------------
(1) الحسكة والحسيكة : الشوكة.
(2) سمل الثوب : صارَ خَلِقاً ، والجِلباب ، ثوبٌ واسع.
(3) كاظم الغاوين : الساكت ، الضالّ ، الجاهل.
(4) ظهر مَن خَفي صوته واسمه ... من الأذلاء ، غير المشهورين.
(5) هدر البعير : ردّد صوته في حنجرته ، والفنيق : الفحل من الإبل.
(6) خطر : إذا حرّك ذنبه ، مِن منطلق الإعجاب بنفسه.
(7) المغرز ـ بكسر الراء ـ : ما يُختفى فيه.
(8) الغِرة ـ بكسر الغين ـ : الانخداع ، ومُلاحظين : ناظرين ومُراعين ، ومُتجاوبين للإنخداع.
(9) أحمشكم : أغضَبَكم.
(10) الوَسم : الكيّ ، وَسَمَه : كواه ، لِتَبقى في جسمه علامة خاصّة تُميّزه عن غيره.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 545 _
شِربكم (1) ، هذا والعهد قريب ، والكلم رَحيب (2) ، والجُرحُ لمّا يَندَمل (3) ، والرسول لمّا يُقبَر (4) ، إبتداراً زعمتم خوف الفتنة (5) ، « ألا : في الفتنة سَقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين ».
فهيهات منكم ! وكيف بكم ؟ « وأنّى تؤفكون » (6) ، وكتابُ الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلّفتموه وراء ظهوركم .
أرَغبةً عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون ؟ « بئس للظالمين بدلاً » ، « وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ».
---------------------------
(1) الشِرب ـ بكسر الشين ـ : النصيب من الماء.
(2) الكلم : الجرح، رَحيب : واسع.
(3) اندمل : تَماثَل للشفاء والإلتئام.
(4) يُقبَر : يُدفَن.
(5) ابتداراً : مُعاجلةً منكم في غصب الخلافة.
(6) تؤفكون : أي تُصرفون.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 546 _
ثمّ لم تَلبثوا إلا رَيث أن تسكن نفرتُها (1) ، ويَسلَس قيادها (2) ، ثمّ أخذتم تورون وَقدَتها ، وتُهيّجون جمرتها (3) ، وتَستجيبون لِهتاف الشيطان الغويّ ، وإطفاء أنوار الدين الجليّ ، وإخماد سنن النبي الصفيّ ، تسرّون حسواً في ارتغاء ، وتمشون لاهله ووُلده في الخَمَر والضراء (4) ، ونَصبر منكم على مثل حزّ المدى (5) ، ووَخز السنان في الحشى (6) ، وأنتم ـ الآن ـ تزعمون أن لا إرثَ لنا ، « أفحكم الجاهلية يبغون » ؟ ، « ومَن أحسن من الله حُكماً لقومٍ يوقنون » ؟ أفلا تعلمون
؟ بلى تجلّى لكم ـ كالشمس الضاحية ـ أنّي ابنته.
أيها المسلمون ! ءأُغلَبُ على إرثيَه.
ياابنَ أبي قُحافة !
---------------------------
(1) رَيث : قَدَر ، نفرتها ، نَفَرت الدابة : جَزَعت وتباعَدَت.
(2) يسلس : يَسهل.
(3) تورون : تُخرجون نارها. تُهيّجون : تُثيرون.
(4) الخمر ـ بفتح الخاء والميم ـ : ما يستُرك من الشجر وغيره.
(5) المُدى ـ بضم الميم ـ جمع مُدية : وهي الشفرة أو السكينة.
(6) الوَخز : الطعن، والسنان : رأس الرمح.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 547 _
أفي كتاب الله أن تَرثَ أباك ولا أرِث أبي ؟؟
لقد جئت شيئاً فريّاً !! (1) .
أفعلى عَمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ؟ إذ يقول : « وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ » (2) ، وقال ـ فيما اقتصّ مِن خبر زكريّا ـ إذ قال : « فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ » (3) .
وقال : « وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ » (4) .
وقال : « يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ » (5) .
وقال : « إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ » (6) .
وزعمتم أن لا حَظوة لي ؟ (7) ولا أرث مِن أبي !
---------------------------
(1) فريّاً : أمراً عظيماً أو منكراً قبيحاً.
(2) سورة النمل ، الآية 16.
(3) سورة مريم ، الآية (5) 6.
(4) سورة الأنفال ، الآية 75.
(5) سورة النساء ، الآية 11.
(6) سورة البقرة ، الآية 180.
(7) حظوة : النَصيب.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 548 _
أفخصّكم الله بآية أخرَجَ أبي منها ؟
أم تقولون : إنّ أهلَ مِلّتين لا يتوارثان ؟
أوَلستُ أنا وأبي من أهل ملّة واحدة ؟
أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي ؟
فدونَكها مخطومة مرحولة (1) ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحَكَم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ، ولكلّ نبأ مستقرّ ، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ، ويحلّ عليه عذاب مقيم .
ثمّ رمت بطَرفها نحو الأنصار فقالت : يا معشر النَقيبة ، وأعضاد المِلّة ، وحَضَنَة الإسلام (2) ، ما هذه الغميزة في حقّي ؟ (3) ، والسِنَة عن ظلامتي ؟! ، أما كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبي يقول : « المَرءُ يُحفَظ في وُلده » ؟
سَرعان ما أحدثتم ، وعَجلان ذا إهالة ، ولكم طاقة
---------------------------
(1) مَرحولة : يُقال : ناقة مخطومة ومرحولة ، الخِطام ـ بكسر الخاء ـ : الزِمام ، ومرحولة : مِن الرحل : وهو للناقة كالسَرج للفَرس .
(2) حضَنة ـ جمع حاضِن ـ : بمعنى الحافظ.
(3) الغَميزة : الضعف أو الغفلة.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 549 _
بما أُحاول ، وقوّة على ما أطلب وأُزاول (1) .
أتقولون : ماتَ محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فخطَبٌ جليل ، استَوسع وَهنه (2) ، واستنهر فتقه ، وانفَتَق رَتقه ، وأظلمت الأرض لِغَيبَته ، وكُسفَت النجوم لمصيبته ، واكدت الآمال (3) ، وخشعت الجبال ، وأُضيع الحَريم (4) وأُزيلَت الحُرمة عند مماته ، فتلك ـ والله ـ النازلة الكبرى (5) ، والمصيبة العظمى ،
لا مثلها نازلة ، ولا بائقة عاجلة (6) أعلنَ بها كتاب الله ـ جلّ ثناؤه ـ في أفنيَتِكم (7) ، في مَمساكم ومَصبَحِكم ، هتافاً وصُراخاً ، وتلاوةً وألحاناً ، ولَقَبلَه ما حلّ بأنبيائه
ورسله ، حكمٌ فَصل ، وقضاءٌ حتم ، « وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن
---------------------------
(1) أُزاول : أقصد.
(2) استوسَع وَهنه : إتّسع غاية الإتّساع وهنُه.
(3) أكدت : انقطعت.
(4) الحريم : ما يَحميه الرجل ويُقاتل عنه.
(5) النازلة : الشديدة.
(6) البائقة : الداهية.
(7) أفنيتكم ـ جمع فِناء ، بكسر الفاء ـ : جوانب الدار من الخارج ، أو العَرَصة المتّسعة أمام الدار.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 550 _
قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ » (1) .
ثمّ رَمَت بطرفِها نحو الأنصار وقالت :
إيهاً بَني قيلة ! (2) .
أَأُهضَم تُراثَ ابي ؟ ، وأنتم بمرأىً منّي ومَسمَع ، ومنتدى ومَجمَع (3) تلبسُكم الدعوة ، وتَشملكم الخبرة (4) ، وأنتم ذَوو العَدَد والعُدّة ، والأداة والقوّة ، وعندكم السلاح والجُنّة ، تُوافيكم الدعوة فلا تُجيبون ؟ ، وتأتيكم الصَرخة فلا تُعينون ؟ ، وأنتم مَوصوفون بالكفاح ، مَعروفون بالخير والصلاح ، والنُخبة التي انتُخبِت ، والخيرة التي
اختيرت (5) .
قاتَلتُم العَرَب ، وتحمّلتم الكدّ والتَعَب (6) ، وناطحتم
---------------------------
(1) سورة آل عمران ، الآية 144.
(2) إيهاً : بمعنى هيهات ، أو مزيداً من الكلام.
(3) مُنتدى : مجلس القوم.
(4) الخبرة : العِلم بالشيء.
(5) الخيرة ـ بكسر الخاء وسكون الياء ـ المُفضّل من القوم.
(6) الكدّ : الشِدّة.
|