وثالث : ( نقد الصحيح ) كالفيروز آبادي .
ورابع ( التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح ) كالزركشي .
وخامس ( غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة ) كالعطّار ...
ودافع ابن حجر العسقلاني عن البخاري وحاول رفع مشكلات حديثه في مقدّمة شرحه ، لكنّه أخفق في موضع واعترف بالإشكال وستعلم بعض ذلك ...
مقدّمة فيها مطلبان
وقبل الشروع في ذكر نماذج من الأحاديث المحكوم عليها بالوضع أو الضعف أو الخطأ ... المخرّجة في الصحيحين ... نذكّر بمطلبين :
1 ـ إنّا عندما نلاحظ كتب الحديث وعلومه عند القوم ، ونستعرض أحوال محدّثيهم ورواتهم ، نجد أنّهم يهتمّون برواية الحديث ونقله بسنده ومتنه ، ولا يعتنون بالنظر في معناه ومدلوله ، وأنّ الأوصاف والألقاب والمناقب والمراتب تعطى لمن كان أوسع جمعاً وأكثر رواية ، لا لمن أدقّ نظراً وأوفر درايةً ... ومن هنا كثرت منهم الأغلاظ الفاحشة ، حتى في الآيات القرآنية والأحكام الشرعية .
1 ـ آفات أهل الحديث :
قال ابن الجوزي : ( إنّ اشتغالهم بشواذّ الحديث شغلهم عن القرآن ... إن عبدالله بن عمر بن أبان مشكدانة قرأ عليهم في التفسير : ( ويعوق وبشراً ) فقيل له : ( ونسراً ) فقال : هي منقوطة من فوق فقيل له : النقط غلط ، قال : فارجع إلى الأصل .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 343 _
قال الدار قطني : سمعت أحمد بن عبيدالله المنادي يقول : كنّا في دهليز عثمان ابن أبي شبية فخرج إلينا فقال : ( ن وَالْقَلَمِ ) في أيّ سورة هو ؟
قال : وأمّا بيان إعراضهم عن الفقه شغلاً بشواذّ الأحاديث ، فقد رويت عنهم عجائب ... وقفت امرأة على مجلس في يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف ابن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث ، فسمعتهم يقولون : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ورواه فلان ، وما حدّث به غير فلان ، فسألتهم المرأة عن الحائض تغسل الموتى ـ وكانت غاسلة ـ ؟ فلم يجبها أحد منهم ، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ، فأقبل أبو ثور فقالوا لها : عليك بالمقبل ، فالتفتت إليه فسألته فقال : نعم تغسل الميت بحديث عائشة : إنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قال لها : حيضك ليست في يدك ، ولقولها : كنت أفرق رأس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بالماء وأنا خائض ، قال أبو ثور : فإذا فرقت رأس الحيّ فالميّت أولى به ، فقالوا : نعم ، رواه فلان وحدّثنا فلان ، وخاضوا في الطرق ، فقالت المرأة : فأين كنتم إلى الآن ؟! ) (1) .
قال : ( وقد كان فيهم مع كثرة سماه وجمعه للحديث من يرويه ولا يدري ما معناه ، وفيهم من يصحّفه ويغيره ... أخبرنا الدرا قطني : أنّ أبا موسى محمد بن المثنّى العنزي قال لهم يوماً : نحن قوم لنا شرف ، نحن من عنزة قد صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلينا ، لما روي أنّ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ صلى الى عنزة ، توهّم أنّه صلى إلى قبلتهم ، وإنّما العنزة التي صلى إليها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هي حربة ) (2) .
--------------------
(1) آفة أصحاب الحديث ـ بتحقيق وتقديم وتعليق علي الحسيني الميلاني ـ : 44 .
(2) المصدر نفسه : 46 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 344 _
قال : ( وقد كان أكثر المحدّثين يعرفون صحيح الحديث من سقيمه وثقات النقلة من مجروحيهم ثم يعابون لقلّة الفقه ، فكان الفقهاء يقولون للمحدّثين : نحن الأطبّاء وأنتم الصيادلة ... ) (1) .
قال : ( والآن فالغالب على المحدّثين السماع فحسب ، لا يعرفون صحابياً من تابعي ، ولا حديثاً مقطوعاً من موصول ، ولا صحّة إسناد من بطلانه ، وفرض مثل هؤلاء القبول ممّن يعلم ما جهلوه ... ) (2) .
وبالجملة ... فإنّ هذا حال أهل الحديث ... إلاّ القليل منهم ... الّذين نظروا في الأحاديث وبحثوا عن أحوالها على أساس النظر في المفاد والمدلول ، فجاء عنهم الطعن والقدح في أحاديث كثيرة حتى من الصحيحين ... لأنّ الحديث إذا عارض الكتاب أو خالف الضرورة من الدين أو العقل أو التاريخ يكذّب وإن صحّ سنده ... وقد أشرنا إلى هذه القاعدة المقرّرة من قبل ...
2 ـ إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل
إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل اختلافاً فاحشاً ، فرُبّ راو هو موثوق به عند البخاري ومجروح عند مسلم كعكرمة مولى ابن عبّاس ، أو موثوق عندهما ومجروح عند غيرهما ... كما ذكرنا ...
ويتلخّص أنّ في أحاديث الصحيحين ما هو مطعون من جهة السند ، وما هو مطعون فيه من جهة دلالته على معنى تخالفه الضرورة من النقل أو العقل : وما هو مطعون فيه من الجهتين ... وإليك نماذج من هذه الأنواع :
--------------------
(1) المصدر نفسه : 49 .
(2) آفة أصحاب الحديث : 49 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 345_
من الأحاديث الموضوعة والباطلة في الصحيحين
1 ـ أخرج البخاري في كتاب الطبّ بسنده عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ أنّه قال في كسب المعلّمين : ( إن أحق ما اخذ عليه الأجر كتاب الله ) (1) .
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ، حيث رواه بسنده عن ابن أبي مليكة عن عائشة ، وطعن في سنده ثم قال : ( والحديث منكر ) (2) .
2 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس قال ( في ( إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيّته ) : إذا حدّث ألقى الشيطان في حديثه ، فيبطل الله ما يلقي الشيطان ويحكم آياته ) وفي رواية غيره أنه : ( قرأ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ بمكّة : والنجم ... فلمّا بلغ : ( أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الاخرى ) ألقى الشيطان في امنيّته ... ) (3) .
قال الرازي : ( أمّا أهل التحقيق فقد قالوا : هذا الرواية باطلة موضوعة وبيّن بطلانها .
وحكي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنّه سئل عن هذه القصّة فقال : إنّها من وضع الزنادقة .
وقال الإمام أبوبكر البيهقي : هذه القصّة غير ثابتة من جهة النقل ) (4) .
وقال القاضي عياض المالكي : ( قد قامت الحجّة وأجمعت الامّة على عصمته ، صلى الله عليه وآله وسلم ـ ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة النقيصة ... ) (1) ...
3 ـ قال ابن حزم في ( المحلى ) : ( ومن طريق البخاري ، قال : هشام بن عمار ، نا صدقة بن خالد ، نا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، نا عطيّة بن قيس الكابلي ، نا عبدالرحمن بن غنم الأشعري ، حدّثني أبو عامر وأبو مالك الأشعري ـ والله ما كذبني ـ أنّه سمع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ يقول : ليكوننّ من أمّتي قوم يستحلّون الخزّ والخنزير والخمر والمعازف .
وهذا منقطع لم يتّصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد ، ولا يصحّ في هذا الباب شيء أبداً ، وكلّ ما في موضوع ) .
4 ـ أخرج البخاري بسنده عن عروة : ( إنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ خطب عائشة بنت أبي بكر ، فقال له أبو بكر : إنّما أنا أخوك ، فقال : أنت أخي في دين الله وكتابه ، وهي لي حلال ) (2) .
قال ابن حجر : ( قال مغطاي : في صحّة هذا الحديث نظر ، لأنّ الخلّة لأبي بكر إنّما كانت بالمدينة ، وخطبة عائشة كانت بمكّة ، فكيف يلتئم قول : إنّما أنا أخوك ؟! أيضاً .. فالنبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ ما باشر الخطبة بنفسه ... ) (3) .
5 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة عن النبي
ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ قال : ( يلقى إبراهيم أباه فيقول : يا ربّ إنّك وعدتني ألاّ تخزني يوم يبعثون : فيقول الله : إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين ) (1) .
قال ابن حجر : ( وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحّته ، فقال بعد أن أخرجه : هذا خبر في صحّته نظر من جهة أنّ إبراهيم عالم أنّ الله لا يخلف الميعاد ، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزياً له مع علمه بذلك ؟! وقال غيره : هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى : ( وما كان استغفار .. ) ) (2) .
6 ـ أخرج البخاري في كتاب الصلح بسنده عن أنس ، قال : ( قيل للنبي ـ صلّى الله عليه آله وسلّم ـ لو أتيت عبدالله بن اُبيّ ، فانطلق إليه النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وركب حماراً ، فانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة ، فلمّا أتاه النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : إليك عنّي ، والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار منهم : والله لحمار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ أطيب ريحاً منك ، فغضب لعبدالله رجل من قومه فشتمه فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكا بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنّها نزلت : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) قال أبو عبدالله : هذا ممّا انتخبت من مسدّد قبل أن يجلس ويحدّث ) (3) .
قال الزركشي : ( فبلغنا أنّها نزلت : ( وإن طائفتان ) قال ابن بطّال : يستحيل نزولها في قصّة عبدالله بن أبيّ والصحابة ، لأنّ أصحاب عبدالله ليسوا بمؤمنين وقد تعصّبوا بعد الإسلام في قصّة فدك ، وقد رواه البخاري فدلّ على أنّ
--------------------
(1) صحيح البخاري 6 : 139 .
(2) فتح الباري 8 : 46 .
(3) صحيح البخاري 3 : 239 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 348 _
الآية لم تنزل فيه ، وإنّما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقّ فاقتتلوا بالعصي والنعال ) (1) .
7 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن ابن عمر قال : ( لمّا توفّي عبدالله بن اُبيّ ، جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فسأله أن يعطيه قميصه يكفّن فيه أباه فأعطاه ، ثم سأله أن يصلّي عليه ، فقام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ليصلّي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله فقال : يا رسول الله ، تصلّي عليه وقد نهاك ربّك أن تصلّي عليه ؟! فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ : إنّما أخبرني الله فقال : ( إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة ) وسأزيده على السبعين ، قال : إنّه منافق ! قال : فصلّى عليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فأنزل الله : ( ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره ) ) (2) .
طعن فيه :
أبو بكر الباقلاني .
أبو حامد الغزّالي .
الإمام الداودي .
قال ابن حجر : ( استشكل فهم التخيير من الآية ، حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحّة الحديث ، مع كثرة طرقه واتّفاق الشيخين وسائر الّذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه ... ) ثم ذكر كلمات القوم ثم قال : ( والسبب
--------------------
(1) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح ، عنه في نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 6 : .
(2) صحيح البخاري 6 : 85 و 2 : 121 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 349 _
في إنكارهم صحّته ما تقرّر عندهم ممّا قدّمناه ، وهو الذي فهمه عمر من حمل ( أو ) على التسوية لما يقتضيه سياق القصّة ، وحمل السبعين على المبالغة ... ) (1) .
8 ـ أخرج البخاري بسنده عن مسروق ، قال : ( أتيت ابن مسعود فقال : إنّ قريشاً أبطؤا عن الإسلام ، فدعا عليهم النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيما وأكلوا الميتة والعظام ، فجاءه أبو سفيان فقال : يا محمد جئت تأمر بصلة الرحمن إنّ قومك هلكوا ...
زاد أسباط عن منصور : دعا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ فسقوا الغيث ... ) (2) .
وطعن فيه :
إبن حجر العسقلاني .
العيني ، صاحب ( عمدة القاري ) .
الإمام الداودي .
أبو عبدالملك .
الحافظ الدمياطي .
الكرماني ، صاحب ( الكواكب الدراري ) .
قال العيني : ( واعترض على البخاري زيادة أسباط هذا ، فقال الداودي : أدخل قصّة المدينة في قصّة قريش وهو غلط ، وقال أبو عبدالملك : الذي زاده أسباط وهم واختلاط ... وكذا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي .
والعجب من البخاري كيف أورد هذا ومكان مخالفاً لما رواه الثقات !!
--------------------
(1) فتح الباري 8 : 271 .
(2) صحيح البخاري 2 : 37 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 350 _
وقد ساعد بعضهم البخاري بقوله : لا مانع أن يقع ذلك مرّتين ، وفيه نظر لا يخفى .
وقال الكرماني : قلت : قصّة قريش والتماس أبي سفيان كانت في مكّة لا في المدينة ، قلت : القصّة مكّية إلاّ القدر الذي زاد أسباط فإنه وقع في المدينة ) (1) .
وقال ابن حجر بترجمة أسباط : ( علّق له البخاري حديثاً في الإستسقاء ، وقد وصله الإمام أحمد والبيهقي في السنن الكبير ، وهو حديث منكر أو ضحته في التعليق ... ) (2) .
وهذا من المواضع التي اعترف فيها ابن حجر بنكارة الحديث ولم يتمكّن من الدفاع عنه ...
9 ـ أخرج البخاري عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ أنه قال : ( تكثير لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله تعالى ...) .
قال يحيى بن معين : ( إنّه حديث وضعته الزنادقة ) .
وقال التفتازاني : ( طعن فيه المحدّثون ) .
قال : ( وقد طعن فيه المحدّثون بأنّ في رواته يزيد بن ربيعة وهو مجهول ، وترك في إسناده واسطة بين الأشعت وثوبان فيكون منقطعاً ، وذكر يحيى بن معين أنّه حديث وضعته الزنادقة ، وإيراد البخاري إيّاه في صحيحه لا ينافي الإنقطاع أو كون أحد رواته غير معروف بالرواية ) (3) .
10 ـ أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر : ( كنّا في زمن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا نفاضل بينهم ) (1) .
قال ابن عبدالبّر : ( هو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ ، لأنّ القائل بذلك قد قال بخلاف ما أجمع عليه أهل السنّة من السلف والخلف من أهل الفقه والآثر : أنّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان ، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه ، وإنّما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان ، واختلف السلف أيضاً في تفضيل علي وأبي بكر .
وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أنّ حديث ابن عمر وهم وغلط وأنّه لا يصحّ معناه وإن كان إسناده صحيحاً ... ) (2) .
11 ـ أخرج الشيخان عن شريك بن عبدالله عن أنس بن مالك قصّة إسراء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ليلة اسري برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ من مسجد الكعبة أنّه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم ... ) (3) .
طعن فيه النووي فقال : ( وذلك قبل أن يوحى إيه ، وهو غلط لم يوافق عليه ، فإن الإسراء أقلّ ما قيل فيه : أنّه كان بعد مبعثه بخمسة عشر شهراً ... ) (4) .
والكرماني فقال : ( قال النووي : جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء ، من جملتها أنّه قال : ذلك قبل أن يوحى إليه . وهو غلط لم يوافق عليه ، وأيضاً : العلماء أجمعوا على أنّ فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل
--------------------
(1) صحيح البخاري 5 : 18 .
(2) الاستيعاب 2 : 1115 .
(3) صحيح البخاري 9 : 182 ، صحيح مسلم 1 :102 .
(4) المنهاج في شرح مسلم 2 : 65 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 352 _
الوحي ؟!
أقول : وقول جبرئيل جواب بوّاب السماء إذ قال : أبعث ؟ نعم ، صريح في أنّه كان بعده ) (1) .
وابن القيّم وعبارته : ( قد غلّط الحفّاظ شريكاً في ألفاظ من حديث الإسراء ، ومسلم أورد المسند منه ثم قال : فقدّم وأخّر وزاد ونقص ، ولم يسرد الحديث وأجاد ) (2) .
12 ـ أخرج البخاري بسنده : ( عن عمرو بن ميمون ، قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليه قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم ) (3) .
طعن فيه :
الحافظ الحميدي .
وابن عبدالبّر .
قال ابن حجر : ( استنكر ابن عبد البرّ قصّة عمرو بن ميمون هذه وقال : فيها إضافة الزنا إلى غير مكلّف ، وإقامة الحدّ على البهائم ، وهذا منكر عنه أهل العلم .. وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين فزعم أنّ هذا الحديث وقع في بعض نسخ البخاري ، وأنّ أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف ، قال : وليس في نسخ البخاري أصلاً ، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري ... ) (4) .
13 و14 و15 ـ أخرج البخاري ثلاثة أحاديث عن عطاء عن ابن عبّاس ،
--------------------
(1) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 25 : 204 .
(2) زاد المعاد في هدي خير العباد 2 : 49 .
(3) صحيح البخاري 5 : 56 .
(4) فتح الباري 7 : 127 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 353 _
اثنان منها في كتاب الطلاق ، والآخر في كتاب التفسير (1) .
وقد طعن الأئمّة في هذه الأحاديث ، وأذعن أبن حجر بخطأ البخاري في إخراجها ، وهذا نصّ كلامه : ( تعقّبه أبو مسعود الدمشقي فقال : ثبت هذا الحديث والذي قبله ـ يعني بهذا الإسناد سوى الحديث المتقدّم في التفسير ـ في تفسير ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عبّاس ، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني ، وإنّما أخذ الكتاب من ابنه عثمان ونظر فيه ، قال أبو علي : وهذا تنبيه بليغ من أبي مسعود ... ) .
قال ابن حجر : ( وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السديد ، ولابدّ للجواد من كبوة ، والله المستعان ، وما ذكره أبو مسعود من التعقّب قد سبقه إليه الإسماعيلي ، ذكر ذلك الحميدي في الجمع عن البرقاني عنه ، قال : وحكاه عن علي بن المديني ، يشير إلى القصّة التي ساقها الغسّاني ، والله الموفق ) (2) .
16 ـ أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن مسروق بن الأجدع قال : ( حدّثتني أمّ رومان ـ وهي امّ عائشة ـ ... ) (3) .
وقد غلّط كبار الأئمّة هذا الحديث من جهة أنّ مسروقاً لم يدرك أمّ رومان ...ومنهم :
الخطيب البغدادي (4) .
ابن عبدالبرّ القرطبي (5) .
--------------------
(1) صحيح البخاري 7 : 62 ـ 63 و 6 : 199 .
(2) هدى الساري ـ مقدمة فتح الباري 2 : 135 .
(3) صحيح البخاري 5 : 154 .
(4) انظر : فتح الباري 7 : 353 .
(5) الاستيعاب 4 : 1937 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 354 _
القاضي عياض في مشارق الأنوار (1) .
إبراهيم بن يوسف ، صاحب مطالع الأنوار (2) .
أبو القاسم السهيلي شارح السيرة (3) .
ابن سيّد الناس صاحب السيرة (4) .
الحافظ المزّي (5) .
الحافظ شمس الدين الذهبي (6) .
الحافظ صلاح الدين العلائي (7) .
17 ـ أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن علي : ( إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية ) (8) .
وأخرجه مسلم بأسانيد متعدّدة (9) .
وقد غلّط هذا الحديث جماعة منهم :
الحافظ أبو بكر البيهقي .
الحافظ إبن عبدالبّر .
--------------------
(1) انظر : فتح الباري 7 : 353 .
(2) انظر : فتح الباري 7 : 353 .
(3) الروض الآنف 6 : 440 .
(4) عيون الأثر 2 : 101 .
(5) تهذيب الكمال
(6) اُنظر : فتح الباري 7 : 353 .
(7) اُنظر : فتح الباري 7 : 353 .
(8) صحيح البخاري 5 : 172 ، وانظر 123 و 9 : 31 .
(9) صحيح مسلم : 4 : 134 ـ 135 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 355 _
الحافظ أبو القاسم السهيلي .
الحافظ إبن قيّم الجوزية .
العلاّمة العيني .
شهاب الدين القسطلاني ...
قال السهيلي : ( هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر أنّ المتعة حرّمت يوم خيبر ... ) (1) .
وقال ابن القيّم : ( لم تحّرم المتعة يوم خيبر وإنّما كان تحريمها عام الفتح ، هذا هو الصواب . وقد ظنّ طائفة من أهل العلم أنّه حرّمها يوم خيبر ، واحتجّوا بما في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ... ) (2) .
وقال العيني : ( قال ابن عبد البرّ : وذكر النهي عن المتععة يوم خيبر غلط . وقال السهيلي ... ) (3) .
وقال القسطلاني : ( قال ابن عبدالبرّ : إنّ ذكر النهي يوم خيبر غلط ، وقال البيهقي : لا يعرفه أحد من أهل السير ) (4) .
18 ـ أخرج البخاري : ) ... عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاثاً ...
عن أبي هريرة : لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاث كذبات ، ثنتين منهنّ في ذات الله عزّو جلّ : إنّي سقيم ، وقوله : بل فعله كبيرهم هذا .
وقال : بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبّار من الجبابرة فقيل له : إنّ
--------------------
(1) الروض الانف 6 : 557 .
(2) زاد المعاد 2 : 142 و 183 و 4 : 6 .
(3) عمدة القاري 17 : 246 ـ 247 .
(4) إرشاد الساري 6 : 536 و 8 : 41 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 356 _
هاهنا رجلاً معه امرأة م أحسن الناس ، فأرسل إيه فسأله عنها ، فقال : من هذه ؟ قال : اختي ... ) (1) .
وأخرجه مسلم (2) .
وهذا الحديث كذّبه الفخر الرازي في تفسيره وقال : بأنّ نسبة الكذب إلى الراوي أولى من نسبته إلى الخليل عليه السلام (3) .
19 ـ أخرج مسلم عن عكرمة بن عمّار ، عن أبي زميل ، عن ابن عبّاس ، قال : ( كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه ، فقال : يا نبي الله ثلاث أعطنيهنّ ، قال : نعم ، قال : أحسن العرب وأجملهم أمّ حبيبة ازوّجكها ، قال : نعم ، قال : ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك ، قال : نعم ، قال : وتؤمّرني أن اقاتل الكفّار كما كنت اقاتل المسلمين ، قال : نعم ... ) (4) .
وقد طعن فيه جماعة سنداً ومتناً منهم :
الذهبي في ترجمة عكرمة بن عمّار (5) .
الحافظ إبن حزم .
الحافظ النووي .
الحافظ إبن القيّم .
الحافظ إبن الجوزي .
قال إبن القيّم في ( زاد المعاد ) : ( إنّ حديث عكرمة في الثلاث التي طلبها
--------------------
(1) صحيح البخاري 4 : 171 .
(2) صحيح مسلم 7 : 98 .
(3) تفسير الرازي 22 : 185 و 26 : 148 .
(4) صحيح مسلم 7 : 171 .
(5) ميزان الإعتدال 3 : 90 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 357 _
أبو سفيان من النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ غلط ظاهر لا خفاء به .
قال أبو محمد ابن حزم : هو موضوع بلا شك ، كذبه عكرمة بن عمّار ، قال ابن الجوزي : هذا الحديث وهم من بعض الرواة لا شكّ فيه ولا تردّد .
وقد اتّهموا به عكرمة بن عمّار ، لأنّ أهل التواريخ أجمعوا على أنّ أمّ حبيبة كانت تحت عبيدالله بن جحش ، ولدت له وهاجر بها إلى أرض الحبشة ، ثم تنصّر وثبتت أمّ حبيبة على إسلامها ، فبعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ صداقاً ، وذلك في سنة سبع من الهجرة ، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة ودخل عليها فثنت فراش رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ حتى لا يجلس عليه ، ولا خلاف في أنّ أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكّة سنة ثمان .
وأيضاً : في الحديث أنّه قال : وتؤمّرني حتى أقتل الكفّار كما كانت اقاتل المسلمين فقال : نعم ، ولا يعرف أنّه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أمّر أبا سفيان ألبتّة ) .
وقال النووي : ( إعلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال ... ) (1) .
20 ـ أخرج مسلم حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وقد ضعّفه الطحاوي وغيره ... كما قد تقدّم في عبارة عبدالقادر القرشي .
--------------------
(1) شرح صحيح مسلم ـ هامش إرشاد الساري 11 : 360 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 358 _
خلاصة البحث
هذا بعض الكلام حول الصحيحين وأخبارهما على ضوء كلمات الأعلام ... وقد رأيت في الكتابين رجالاً كاذبين وأحاديث موضوعة وباطلة ...
وأحاديث نقصان القرآن ... من القبيل ... فلا يهولنّك الطعن فيها بعد ثبوت مخالفتها للإجماع والضرورة ومحكم التنزيل ... والله هو الهادي إلى سواء السبيل ...
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 359 _
الكلام حول الصحابة
إنّ المشهور بين أهل السنّة ( عدالة الصحابة ) أجمعين ... قال أبو إبراهيم المزني في معنى حديث أصحابي كالنجوم : ( إن صحّ هذا الخبر فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه ، فكلّهم ثقة مؤتمن على ما جاء به ، لا يجوز عندي غير هذا ) (1) .
وقال ابن حزم : ( الصحابة كلّهم من أهل الجنّة قطعاً ) (2) وقال الخطيب : ( عدالة الصحابة ثابتة معلومة ) (3) وقال النووي في التقريب : ( الصحابة كلّهم عدول من لابس الفتنة وغيرهم ) .
بل ادّعى بعضهم الإجماع على هذا المعنى صريحاً كابن حجر العسقلاني (4) وابن عبد البرّ القرطبي (5) .
1 ـ الصحابة عدالةً :
لكنّ دعوى الإجماع باطلة ... والمشهور لا أصل له ...
أمّا دعوى الإجماع فيكذّبها نسبة هذا القول إلى الأكقر في كلام جماعة من الأئمة ... قال ابن الحاجب : ( الأكثر على عدالة الصحابة ، وقيل : كغيرهم ، وقيل :
--------------------
(1) انظر : جامع بيان العلم 2 : 8 ـ 90 .
(2) انظر : الإصابة 1 : 19 .
(3) انظر : الإصابة 1 : 17 ـ 18 .
(4) الإصابة 1 : 17 ـ 18 .
(5) الاستيعاب 1 : 8 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 360 _
إلى حين الفتن فلا يقبل الداخلون ، لأنّ الفاسق غير معيّن ، وقالت المعتزلة : عدول إلاّ من قاتل عليّاً ... ) (1) .
وقال الغزّالي : ( الذي عليه سلف الامّة وجماهير الخلف أنّ عدالتهم معلومة بتعديل الله عزّو جلّ أيّاهم وثنائه عليهم في كتابه ، فهو معتقدنا فيه إلاّ أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به ، وذلك ممّا لا يثبت ، فلا حاجة لهم إلى التعديل ... وقد زعم قوم أنّ حالهم كحال غيرهم في لزوم البحث ، وقال قوم : حالهم العدالة في بدائة الأمر إلى ظهور الحرب والخصومات ، ثم تغيّر الحال وسفكت الدماء فلابدّ من البحث ، وقال جماهير المعتزلة : عائشة وطلحة والزبير وجميع أهل العراق والشام فسّاق بقتال الإمام الحقّ ... ) (2) .
وكذا في ( جمع الجوامع ) وشرحه حيث قال : ( والأكثر على عدالة الصحابة لا يبحث عنها في رواية ولا شهادة ... ) ثم نقل الأقوال الاخرى (3) .
وفي ( مسلم الثبوت ) وشرحه : ( الأكثر قالوا : الأصل في الصحابة العدالة ، وقيل ... ) (4) .
بل صرّح جماعة من أكابر القوم من المتقدّمين والمتأخرين كالسعد التفتازاني (5) ، والمازري ـ شارح البرهان ـ(6) ، وابن العماد الحنبلي (7)
--------------------
(1) المختصر في الأصول 2 : 67 .
(2) المستصفى 1 : 164 .
(3) انظر : النصائح الكافية : 160 .
(4) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت 2 : 155 .
(5) إحقاق الحقّ ـ للتستري ـ 2 : 391 ـ 392 عن شرح القاصد .
(6) الإصابة 1 : 19 ، النصائح الكافية : 161 .
(7) النصائح الكافية : 162 عن الآلوسي .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 361 _
والشوكاني (1) وأبي ريّة (2) ، ومحمد عبدة (3) ، ومحمد بن عقيل (4) ، ومحمد رشيد رضا (5) ، والمقبلي (6) ، والرافعي (7) ، وطه حسين ، وأحمد أمين ... وغيرهم بأنّ في الصحابة عدولاً وغير عدول ، وهذا هو رأي الشيعة الإثني عشرية (8) .
وأمّا أنّه مشهور لا أصل له ... فلأنّ هذا القول يناقض القرآن الكريم ... الذي تنصّ آيات كثيرة منه على أنّ كثيراً من الأصحاب حول النبي في حياته صلّى الله عليه وآله وسلم منافقون فسقة (9) حتى جاءت سورة منه بعنوان ( المنافقين ) .
ونصّت الآية الكريمة : ( ... أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ... ) (10) على ارتداد كثيرين منهم من بعده ...
وجاءت الأحاديث الصحيحة شارحةً هذه الآية المباركة ، ومن أشهرها وأصحّها حديث الحوض الوارد في الصحيحين وغيرهما بألفاظ وطرق مختلفة (11) ، بل عدّه بعضهم في الأحاديث المتواترة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله
--------------------
(1) إرشاد الفحول : 158 .
(2) شيخ المضيرة أبو هريرة : 101 .
(3) أضواء على السنّة المحمديّة : 322 .
(4) النصائج الكافية : 163 .
(5) شيخ المضيرة أبو هريرة : 101 .
(6) المصدر نفسه .
(7) إعجاز القرآن : 141 .
(8) انظر كتاب : ( أصحابي كالنجوم ( العدد الأول من سلسلة الأحاديث الموضوعة ، تأليف : علي الحسيني الميلاني ، وهو مطبوع أيضاً في كتابنا ( الإمامة ) .
(9) انظر الآيات في سورة آل عمران ، سورة التوبة ...
(10) آل عمران : 3 | 144 .
(11) صحيح البخاري ، باب في الحوض 4 : 87 ـ 88 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 362 _
وسلّم ، فقد ذكر العلاّمة الزبيدي في كتابه في ( الأحاديث المتواترة ) : ( الحديث السبعون حديث الحوض ، رواه من الصحابة خمسون نفساً ) فذكر أسماءهم .
فالقول المذكور يناقص الكتاب والسنة ... ويناقص السير والتواريخ وأحوال الصحابة .
وبالجملة ... فإنّ الصحابة ما كانوا يرون في أنفسهم لأنفسهم وفيما بينهم ما قيل في حقّهم ووضع في شأنهم ... فلقد تباغضوا وتسابّوا وتضاربوا وتقاتلوا ...
وإنّ الآثار المنقولة عنهم الحاكية لارتكابهم الكبائر واقترافهم السيئات من الزنا ، وشرب الخمر ، والربا ... وغير ذلك ... كثيرة لا تحصى (1) .
فهذا هوالقول بعدالة الصحابة أجمعين ... فهو مشهور ... لكن لا أصل له .
نعم ... يستدلّون له بأدلّة ... عمدتها ما رووا بأسانيدهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ) لكنّه حديث يعارض الكتاب والسنّة والتاريخ الصحيح ... فلا اعتبار به ... مضافاً إلى أنّ جمعاً كبيراً من أعيان القوم ينصّون على أنّه حديث باطل موضوع ، ومنهم :
أحمد بن حنبل (2) .
أبو إبراهيم المزني (3) .
أبو بكر البزّار (4) .
--------------------
(1) انظر : أصحابي كالنجوم : 73 ـ 81 .
(2) نقل ذلك عنه في : التقرير والتحبير ـ لابن أمير الحاج ـ ، المنتخب ـ لابن قدامة ـ التيسير في شرح التحرير 3 : 243 ، مسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 : 79 .
(3) جامع بيان العلم ـ لابن عبدالبرّ ـ 2 : 89 ـ 90 .
(4) جامع بيان العلم 2 : 90 ، أعلام المؤقّعين 2 : 223 ، البحر المحيط 5 : 528 .
--------------------
(1) الكامل | ترجمة جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القاضي وحمزة النصيبي .
(2) غرائب مالك ، تخريج أحاديث الكشّاف 2 : 628 .
(3) البحر المحيط 5 : 528 ، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 : 78 .
(4) المدخل ، وعنه في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف ـ المطبوع على هامش الكشّاف ـ 2 :628 .
(5) جامع بيان العلم 2 : 90 ـ 91 .
(6) التاريخ ، وعنه في فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 : 76 .
(7) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، وانظر : فيض القدير 4 : 76 .
(8) تعليق تخريج أحاديث منهاج البيضاوي .
(9) البحر المحيط 5 : 527 ـ 528 .
(10) ميزان الاعتدال 1 : 413 و 2 : 102 .
(11) أعلام الموقّعين 2 : 223 .
2 ـ الصحابة علماً :
وأمّا جهل الأصحاب بالقرآن الكريم والأحكام الشرعية ... فالشواهد عليه كثيرة جدّاً ، بل يمتنع أن تحصي له عدداً وتبلغ به حدّاً ... ونحن نكتفي هنا بكلام لإبن حزم ... وللتفصيل فيه مجال آخر .
قال الحافظ ابن حزم : ( ووجدنا الصحاب من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يبلغه الحديث فيتأوّل فيه تأويلاً يخرجه به عن ظاهره ، ووجدناهم ـ رضي الله عنهم ـ يقرّون ويعترفون بأنّه لم يبلغهم كثير من السنن ، وهكذا الحديث المشهور عن أبي هريرة : إنّ إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإنّ إخواني من الأنصار كان يشغلم القيام على أموالهم ، وهكذا قال البراء ... قال : ما كلّ ما نحدّثكموه سمعناه من رسول الله صلّى الله عليه ( آله ) وسلّم ( و ) لكن حدّثنا أصحابنا ، وكانت تشغلنا رعية الإبل .
وهكذا ( وهذا ) أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لم يعرف فرض ميراث الجدّة وعرفه محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة ، وقد سأل أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ
--------------------
(1) الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف .
(2) المقاصد الحسنة 26 : 27 .
(3) الجامع الصغير ـ بشرح المناوي ـ 4 : 76 .
(4) إرشاد الفحول : 83 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 365 _
عائشة في كم رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ؟
وهذا عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول في حديث الإستئذان : اخفي عليّ هذا من أمر رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، ألهاني الصفق في الأسواق !
وقد جهل أيضاً أمر إملاص المرأة وعرفه غيره ، وغضب على عيينة بن حصن ، حتى ذكّره الحرّ بن قيس بن حصن بقوله تعالى : ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) .
وخفي عليه أمر رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب إلى آخر خلافته ، وخفي على أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ قبله أيضاً طول مدّة خلافته ، فلمّا بلغ عمر أمر بإجلائهم فلم يترك بها منهم أحداً .
وخفي على عمر أيضاً امره عليه السّلام بترك الإقدام على الوباء ، وعرف ذلك عبد الرحمن بن عوف .
وسأل عمر أبا واقد الليثي عمّا كان يقرأ به رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم في صلاتي الفطر والأضحى ، هذا ، وقد صلاّهما رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أعواماً كثيرة .
ولم يدر ما يصنع بالمجوس حتى ذكّره عبدالرحمن بأمر رسول الله صلّى الله عليه ( وآل ) وسلّم فيهم .
ونسي قبوله عليه السّلام الجزية من مجوس البحرين وهو أمر مشهور ، ولعلّه ـ رضي الله عنه ـ قد أخذ من ذلك المال حظّاً كما أخذ غيره منه .
ونسي أمره عليه السّلام بتيمّم الجنب فقال : لا يتيمّم أبداً ولا يصلّي ما لم يجد الماء ، وذكّره بذلك عمّار .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 366 _
وأراد قسمة مال الكعبة حتى احتجّ عليه اُبيّ بن كعب بأنّ النبي عليه السّلام لم يفعل ذلك ، فأمسك .
وكان يردّ النساء اللواتي حضن ونفرن قبل أن يودّعن البيت ، حتى أخبر بأنّ رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم أذن في ذلك . فأمسك عن ردّهن .
وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتى بلغه عن النبي ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ أمره بالمساواة بينها ، فترك قوله وأخذ المساواة .
وكان يرى الدية للعصبة فقط حتى أخبره الضحّاك بن سفيان بأنّ النبي ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ ورّث المرأة من الدية ، فانصرف عمر إلى ذلك .
ونهى عن المغالاة في مهور النساء استدلالاً بمهور النبي صلّى الله ( وآله ) وسلم ، حتى ذكّرته امرأة بقول الله عزّو جلّ : ( وآتيتم إحداهنّ قنطاراً ) فرجع عن نهيه .
وأراد رجم مجنونة حتى اعلم بقول رسول الله ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ : رفع القلم عن ثلاثة ، فأمر أن لا ترجم .
وأمر برجم مولاة حاطب حتى ذكّره عثمان بأنّ الجاهل لا حدّ عليه ، فأمسك عن رجمها .
وأنكر على حسّان الإنشاد في المسجد ، فأخبر هو وأبو هريرة أنّه قد أنشد فيه بحضرة رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، فسكت عمر .
وقد نهى عمر أن يسمّى بأسماء الأنبياء ، وهو يرى محمد بن مسلمة يغدو عليه ويروح وهو أحد الصحابة الجلّة منهم ، ويرى أبا أيّوب الأنصاري وأبا موسى الأشعري ، وهما لا يعرفان إلاّ بكناهما من الصحابة ، ويرى محمد بن أبي بكر الصدّيق وقد ولد بحضرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في حجّة
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 367 _
الوداع ، واستفتته امّه إذ ولدته ماذا تصنع في إحرامها وهي نفساء ، وقد علم يقيناً أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم علم بأسماء من ذكرنا وبكناهم بلا شكّ وأقرّهم عليها ودعاهم بها ولم يغيّر شيئاً من ذلك ، فلمّا أخبره طلحة وصهيب عن النبي ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ بإباحة ذلك أمسك عن النهي عنه .
وهمّ بترك الرمي في الحجّ ، ثم ذكّر أنّ النبي ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ فعله فقال : لا يجب لنا أن نتركه .
وهذا عثمان ـ رضي الله عنه ـ ، فقد رووا عن أنّه بعث إلى الفريعة اخت أبي سعيد الخدري يسألها عمّا أفتاها به رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم في أمر عدّتها ، وأنّه أخذ بذلك .
وأمر برجم امرأة قد ولدت لستّة أشهر ، فذكّره علي بالقرآن وأنّ الحمل قد يكون ستّة أشهر ، فرجع عن الأمر برجمها .
وهذه عائشة وأبو هريرة ـ رضي الله عنهما ـ خفي عليهما المسح على الخفّين وعلى ابن عمر معهما ، وعلّمه جرير ولم يسلم إلاّ قبل موت النبي ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ بأشهر ، وأقرّت عائشة أنّها لا علم لها به وأمرت بسؤال من يرجى عنده علم ذلك وهو علي رضي الله عنه .
هذه حفصة أمّ المؤمنين سئلت عن الوطء ، يجنب فيه الواطئ أفيه غسل أم لا ؟ فقالت : لا علم لي ؟!
وهذا ابن عمر توقّع أن يكون وحديث نهي عن النبي ـ صلّى الله عليه ( وآل ) وسلّم ـ عن كراء الأرض بعد أزيد من أربعين سنة من موت النبي ـ صلّى الله عليه ( و آله ) وسلّم ـ فأمسك عنها وأقرّ أنّهم كانوا يكرونها على عهد أبي بكر وعمر وعثمان ، ولم يقل : إنّه لا يمكن أن يخفى على هؤلاء ما يعرف رافع وجابر وأبو
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 368 _
هريرة ، وهؤلاء إخواننا يقولون فيما اشتهوا : لو كان هذا حقّاً ما خفي على عمر !
وقد خفي على زيد بن ثابت وابن عمر وجمهور أهل المدينة إباحة النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم للحائض أن تنفر ، حتى أعلمهم بذلك ابن عبّاس وامّ سليم ، فرجعوا عن قولهم .
وخفي على ابن عمر الإقامة حتى يدفن الميّت ، حتى أخبره بذلك أبو هريرة وعائشة فقال : لقد فرّطنا في فراريط كثيرة .
وقيل لابن عمر في اختياره متعة الحجّ على الإفراد : إنّك تخالف أباك فقال : أكتاب الله أحقّ أن يتّبع أم عمر ؟! روينا ذلك عنه من طريق عبدالرزّاق ، عنه معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر .
وخفي على عبدالله بن عمر الوضوء من مسّ الذكر ، حتى أمرته بذلك عن النبي صّلى الله عليه وآله وسلّم بسرة بنت صفوان ، فأخذ بذلك .
وقد تجد الرجل يحفظ الحديث ولا يحضره ذكره حتى يفتي بخلافه وقد يعرض هذا في آي القرآن ، وقد أمر عمر على المنبر بأن لا يزاد في مهور النساء على عدد ذكره ، فذكّرته أمرأة بقول الله تعالى : ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا ) فترك قوله وقال : كلّ أحد أفقه منك يا عمر ، وقال : أمرأة أصابت وأمير المؤمنين أخطأ !
وأمر برجم امرأة ولدت لستّة أشهر ، فذكّره علي بقول الله تعالى : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) مع قول تعالى : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) فرجع عن الأمر برجمها .
وهمّ أن يسطو بعيينة بن حصن إذا قال له : يا عمر ما تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل ، فذكّره الحرّ بن قيس بن حصن بن حذيفة بقول الله تعالى :
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 369 _
( وأعرض عن الجاهلين ) وقال له : يا أمير المؤمنين هذا من الجاهلين ، فأمسك عمر .
وقال يوم مات رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : والله ما مات رسول الله ولا يموت حتى يكون آخرنا ، أو كلاماً هذا معناه ، حتى قرئت عليه : ( إنّك ميّت وإنّهم ميّتون ) ، فسقط السيف من يده وخرّ إلى الأرض وقال : كأنّي والله لم أكن قرأتها قطّ !
قال الحافظ ابن حزم : فإذا أمكن هذا في القرآن فهو في الحديث أمكن ، وقد ينساه ألبتّة ، وقد لا ينساه بل يذكره ولكن يتأوّل فيه نأويلاً ، فيظنّ فيه خصوصاً أو نسخاً أو معنًى مّا ، وكلّ هذا لا يجوز اتّباعه إلاّ بنصّ أو إجماع ، لأنّه رأي من رأى ذلك ولا يحلّ تقليد أحد ولا قبول رأيه ... ) (1) .
هذا ، ولقد ذكر هذه القضايا يا وغيرها ابن القيّم في ( أعلام الموقّعين ) وقال : ( وهذا باب واسع لو تتبّعناه لجاء سفراً كبيراً ) .
إيقاظ
أقول : لا يخفى أنّه ليس في هذه الموارد التي ذكرها من جهل الصحابة ونسيانهم للأحكام الشرعية ولا مورد واحد منقول عن أمير المؤمنين عليه السّلام ، ولو كان عند ابن حزم شيء من ذلك بالنسبة اليه ولو كذباً لذكره لوجود الدواعي لذلك عنده .
وهذا من أدلّة أعلميّة الامام عليه السّلام وافضليّته بعد النبي مطلقاً .
--------------------
(1) الإحكام في اصول الأحكام 2 : 12 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 370 _
خاتمة الباب الثاني
لقد استعرضنا في الباب الثاني كلّ ما يتعلّق بـ ( أهل السنّة والتحريف ) حيث ذكرنا أن المشهور بينهم هو تنزيه القرآن عن الخطأ والنقصان ، وتعرّضنا للأحاديث الموهمة لذلك عن أهمّ أسفارهم ... فما أمكن حمله على بعض الوجوه المقبولة حملناه ، وما لم يمكن نظرنا في سنده فما ضعف رددناه وما صحّ على اصولهم كذّبناه ، لتكذيب الكتاب والسنّة والإجمال إيّاه ...
لكنّ هذا الردّ والتكذيب ... أثار سؤالاً عمّا إذا كان الحديث صحيحاً وصريحاً في اعتقاد بعض الأصحاب لتحريف الكتاب ... فكيف يكذّب وتكذيبه طعن في الصحيحين وعدالة الأصحاب ؟! وهذا ما دعانا إلى الدخول في بحث موجز حول كتابي البخاري ومسلم ، وعدالة أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ...
وتلخّص أنّ مذهب أهل السنّة نفي تحريف القرآن ... إلاّ القائلين منهم بصحّة جميع ما أخرج في الكتابين ، وبعدالة الصحابة أجمعين ... وهؤلاء هم ( الحشوية ) الّذين نسب إليهم هذا القول الطبرسي (1) وغيره ، وأنّه لا قيمة لإنكار ذلك من الآلوسي (2) وغيره .
--------------------
(1) مجمع البيان 1 : 15 .
(2) روح المعاني 1 : 21 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 371 _
خاتمة البحث
فيا أهل الإسلام !! الله الله في القرآن ... في حفظه والعمل به والسعي في تطبيقه في المجتمعات الإسلامية ... ولا يسبقنّكم بالعمل به غيركم ...
ولا ينسبّن أحد منكم القول بتحريفه والتلاعب به إلى أخيه ... فإنّه لم يثبت القول بذلك من أحد من الشيعة إلاّ من شذّ ، ولم يقل به من السنّة إلاّ الحشوية ... لأحاديث لا يستبعد محقّقوا الفريقين دسّها بين المسلمين من قبل الملاحدة والزنادقة ... دسّوها ليتسنّى لهم الطعن في القرآن المجيد ، هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ... فعوا وكونوا على حذر من المشاغبين ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .