قبل كل شيء . . . إن حجَّة زيد بن ثابت هنا في الاعتذار غيرُها مع معاوية التي سبق وأن أتينا عليها ، فهو امتنع ، لا ، لأنَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكما يقول ( أمرنا أن لا نكتب شيئاً ) ، بل لسبب آخر ، ذلك هو الخوف من أن تكون الأحاديث التي يرويها ، ليست كما هي عليه في واقعها الأول وحقيقتها المنطوقة على لسان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولذا أحجم زيد وأبى أن يكتب لمروان ، ولكن هذا التبرير لا يمنع زيداً من الكتابة فحسب ، بل يمنع عليه التحديث أيضاً ، فكيف وهذه الحال وهو ممَّن روى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اثنين وتسعين حديثاً أجل : فلعل كل ما حدَّث به ليس كما حدَّث ، فلماذا إذن يروي عن رسول الله إن خطر الاحتمال المذكور لا يرد على صعيد التدوين بل قبل ذلك على صعيد التحديث .
  على أنَّ ( كثير بن أفلح ) أحد رفاق زيد ثابت وملازميه (ت 63 هـ) ، كان يقول ( كنَّا نكتب عند زيد بن ثابت ) (1) ، وفي ذلك يحق لنا أن نضع علامة استفهام كبيرة على صيغة الاعتذار الذي قدمه بين يدي معاوية ( إن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أمرنا أن لا نكتب شيئاً ) ، وبالوقت نفسه تزحف علامة الاستفهام هذه لتحاكم اعتذاره المزعوم ( لعلَّ كل شيء حدثتكم به ليس كما حدثتكم ) ، فهذه المطلقات تعاني من عقدة التنافي القاطع بالشكل الذي يصعب تلافيه .
  وفي خضم الإشكاليَّة الواضحة ينسِجُ العقل التبريري تهويمات التعليل لخجول والجمع التعسفي . . . فيقول : إن موقف زيد من كتابة الحديث في حضرة معاوية ومروان ينصرف إلى أسباب كثيرة ، من أهمها : خوف الاختلاط المزعوم والانشغال الذي طالما لاكته ألسِنَةُ المعالجة اليتيمة وقد قلنا مراراً إنها حُجَّة تنطوي على نفيها المطلق وتفنيدها الأبدي ، ما دام رسول الله أباح التدوين ، وأمضاه على إرادة مسبقة منه .

-----------------------------
(1) تقييد العلم : ص 102 .

مشكلة تدوين الحديث _52 _

  ثم إنَّ تصريح زيد يشمُ منه القارئ منعاً تأبيدياً صارماً لا يتساهل مع أي حالةِ تقف على النقيض ، ( أمرنا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أن لا نكتب شيئاً ) ، في حين أن رسول الله أمَر أن يكتبوا أشياء وتتحامل إرادة التبرير على طاقتها لتجبرها على مخالفة صريحة وفاضحة لظاهر اللفظ والمعنى بشكل يدعو إلى الرثاء أحياناً . . . يقولون : إن الامتناع الذي بدر من زيد في حضرة معاوية ينصرف إلى كتابة الآراء الشخصيَّة (1) يقولون هذا ، وهم يعلمون أنَّ المسألة جرت في نطاق محدَّد وَمشخَّص ، ذلك هو الحديث عن رسول الله وليس شيئاً آخر ، اعتماداً كاملاً على النص وظروفه وقرائنه وملابساته . . .
  هنا ، تطرح قضيَّة الترخيص بالتدوين لـ( كثير بن أفلح ) وغيره نفسها لتجد موقعها من كل ما سبق والجواب جاهز لدى علماء الجمهور ، لقد زالت عوامل الامتناع ومثل هذا التبرير الذي سمعناه ، ونسمعه مع كل موقفٍ صحابيٍّ سلبيٍّ من الحديث الشريف لم يَعُد جديراً بالمناقشة ، فقد جانبه الحظ من مُوضوعيَّة القبول ومن دور الإقناع على زمن رسول الله، ولكن من أين لنا أن نبرهن على الأسبقية الزمنيَّة للنهي على الترخيص في سياسة ( زيد بن ثابت ) هذه من الحديث وتدوينه ، خاصَّة أن امتناعه عن التدوين كان في أواخر حياته . . . أي في حدود (40 ـ 45 هـ) ، لأن الحادثة التي حصلت في هذا الصَدد كانت إبان استخلاف معاوية بن أبي سفيان كما يبدو من ظاهر الأمر .
  إن موقف زيد بن ثابت من حديث رسول الله كتابةً وامتناعاً يشوبه الغموض ، فالأحاديث المروية فيه ضعيفة ، والاتجاهات التي تحكمه متناقضة ، ولا يمكن وضع صورة متكاملة ومنطقية للموقف المذكور ، ولذلك ليس من الصحيح اعتمادَهُ عَادة في ترسيم بحث جدي وناضج عن قضية الحديث ومراحله إبان العصرين النبوي والراشدي ، لا نريد أن نقول أن نهي رسول الله لا أساس له من الصحَّة والواقعية بل نقول أن ما أُثر عن زيد لا يمكن أن يكون طريقاً إلى إثبات أو توكيد هذا النهي .

-----------------------------
(1) علوم الحديث ومصطلحة ص 43 ، المتن والحاشية معاً .

مشكلة تدوين الحديث _53 _

رابعاً : مع ابن عباس :
1 ـ ( ابن وضاح ، نا محمد بن نمير ، نا روح بن عبادة ، قال : حدثنا جرير ، عن الحسن بن مسلم ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( رضي الله عنهما )، أنه كان ينهي عن كتابة العلم ، وقال : إنما ضلَّ من كان قبلكم بالكتب ) (1) ، في سنده : محمد بن نمير : قال ابن حجر: لا أعرفه، عدّه اليماني في من يضع الحديث (2) .
2 ـ ( أخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر ، نا ابن أبي دليم ، نا ابن وضاح ، نا محمد بن نمير ، نا روح بن عبادة ، قال : حدثنا جرير عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال : إنما ضلَّ من كان قبلكم بالكتب) (3) .
3 ـ ( قال عبد الرزاق وأنا معمَّر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال : إنا لا نكتب العلم ولا نكتبه ) (4) ، هذه هي المرويات التي نقلها لنا التاريخ عن كراهة ابن عباس لكتابة العلم ، وجدير ذكره أن ( العلم ) هنا قد لا يصدق عندهم على أحاديث الرسول العظيم وسنته ، وإنما على ما كان سائداً من أفكار وآراء وأخبار عن الخلق والتكوين وأحوال بني إسرائيل وهي هنا قد تعني هذا الأفق من التصور ، إضافة إلى ما سبق نستطيع أن نقول أنه ليس من المعقول أن ينسب ابن عباس دور الإضلال إلى ( كتاب ) يتضمن سنة النبي العظيم ، خاصَّة وأن ابن عباس سطَّر الصحف الكثار عما حفظه من حديث نبوي شريف ـ كما سنذكر ـ وينبغي أن لا ننسى أن هذا الرجل كان بحراً في العلم ، وقد دعا رسول الله له بأن يفقهَّه الله بالدين ، فلو كان نهيه حقيقة عن تدوين الحديث لذكر ذلك باللفظ الواضح ، والبيان الذي لا يحتمل أكثر من تفسير ، لأنها قضية خطرة قد تؤول إلى نتائج غير محمودة .

-----------------------------
(1) جامع بيان العلم ص 64 .
(2) لسان الميزان : ج 4 ؟ 1345 .
(3) جامع بيان العلم: ص 64 .
(4) المصدر السابق : ص 65 .

مشكلة تدوين الحديث _54 _

  كما أن نهي ابن عباس جاء دون تخصيص ، ويرى بعضهم أن مثل هذه النواهي لا تنصرف إلى كراهة كتابة الحديث ( بل في كتابه الـرأي ) (1) أي أن النهي انصبَّ على تدوين الرأي وليس الحديث ، على أن الذي يدعو إلى الشك بهذه المرويات ـ وذلك إذا اعتبرنا كلمة علم هنا تعني أحاديث الرسول ـ فضلاً عن ضعف أسانيدها ، ما ترويه المصادر الحديثية والتاريخية من موقف آخر لابن عباس في هذا الصَدد ، بحيث تدعو طبيعتها وكثرتها إلى نفي الرأي السلبي المزعوم لحبر الأمة في خصوص التدوين، وهنا جملة من الإشارات الخاطفة .
1 ـ ( وكيع عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قال : قال ابن عباس : قيدوا العلم بالكتاب ) (2) .
2 ـ ( ابن نمير عن عثمان بن حكيم عن سعيد بن جبير أنه كان يكون مع ابن عباس فيستمع منه الحديث فيكتبه في واسطة الرحـل ) 3) .
3 ـ عن سعيد بن جبير أنه قال ( كنت أسير بين ابن عمر وابن عباس ، فكنت اسمع الحديث منهما ، فأكتبه على واسطة الرحل حتى أنزل فأكتبه ) (4) .
4 ـ وكان يملي التفسير على ابن جبير ويقول له : ( اكتب ) (5) .
5 ـ ( أخبرنا إسماعيل بن أبان عن ابن إدريس عن هارون بن عنترة عن أبيه حدثني ابن عباس بحديث فقلت : أكتبه عنك قال : فرخَّص لي ولم يكن ) (6) .
6 ـ وتذكر المصادر التي تترجم لابن عباس عن موسى بن عقبة (ت 141) قال : ( وضع عندنا بن گريب مولى ابن عباس حمل بعير عن كتب ابن عباس ) (7) .

-----------------------------
(1) أصول الحديث : ص 168 نقلاً عن مجلة الثقافة المصرية : ص 8 ـ 9 من العدد 352 / السنة السابعة ، مقال الدكتور يوسف العش .
(2) جامع بيان العلم : ص 72 .
(3) المصدر السابق .
(4) تقييد العلم : ص 103 .
(5) انظر سنن الدارمي : ج 1 ص 128 طبعة دمشق .
(6) سنن الترمذي : ج 1 ص 128 .
(7) طبقات ابن سعد : ج 5 ص 433 .

مشكلة تدوين الحديث _55 _

7 ـ وكان لا يرحل إلى مجلس من مجالس العلم إلاَّ ويحمل معه شيئاً من كتاباته (1) .
8 ـ قال سعيد بن جبير : كنت أجلس مع ابن عباس ، فأكتبُ في الصحيفة حتى تمتلئ (2) .
  ( إن هذه المرويات تكشف عن رأي يؤكد أن ابن عباس كان ساعية في تدوين الحديث الشريف ، وهو حريص على ذلك ، ويبدو أنها مهمَّة اضطلع بها عن مسؤولية فائقة ، إذ كان يحبذ ويأمر ، ويكفي أن ينقل التاريخ أنه خلف لنا كتباً تزن حمل بعير . . . كل ذلك لا يستقيم بحال مع نهي في سنده ضعف ، وفي متنه تأويل محتمل .
  إننا نعتقد أن المروي عن ابن عباس في النهي عن الكتابة ـ إن كان المقصود هو حديث رسول الله، إنما وضع عليه لتبرير ما قدم عليه الخلفاء الراشدون، أي عمر وأبو بكر وعثمان ، وبعض الصحابة ذوو الجلالة لدى بعض الطوائف الإسلامية .

خامساً : مع علي بن أبي طالب :
1 ـ ( نا أبو بكر ، نا أبو أسامة، عن شعبة ، عن جابر بن عبد الله بن يسار ، قال : سمعت علياً يخطب فيقول : أعزم على كل من كان عنده كتاب إلاَّ رجع فمحاه ، فإنما هلك الناسُ حيث يتبعون أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم ) (3) والفاعلية الملاحظات التالية :

-----------------------------
(1) طبقات ابن سعد : ج 3 ص 123 .
(2) سنن الترمذي : ج 1 ص 128 .
(3) تقييد العلم : ص 90 .

مشكلة تدوين الحديث _56 _

  أ ـ عرفنا سابقاً أن لفظة كتاب ليس بالضرورة تعني مجموعة أحاديث رسول الله، بل قد تعني منظومة أفكار وتصورات سائدة لدى الأمم السالفة ، أو هي علوم باطلة موروثة عن علمائهم ، وهي هنا تسير إلى ذلك بقرينة ( إنما هلك الناسُ حيث يتبعون أحاديث علمائهم ) .
  ب ـ إن نصوصاً حديثية وتاريخية كانت تُدرج علياً في قائمة الصحابة الذين يرون تدوين الحديث وكتابة السنة ، وذلك في قبال الفريق الذي لا يرى ذلك .
  قال ابن الصلاح (577 ـ 643) : ( وممن روينا عنه إباحة ذلك ( التدوين ) أو فعله علي وابنه الحسن . . . ) (1) ، وهي قضية معروفة في الوسط الصحابي آنذاك .
  ج ـ وهو يخالف ما عليه الروايات الشيعية المتواترة التي تؤكد أن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) كان يملي على علي ( عليه السلام ) الحديث ، وأنه ( صلّى الله عليه وآله ) خصَّه بهذا الشرف العظيم ، وكان من نتائجه الصحيفة الجامعة ومصحف فاطمة والجفر التي سنأتي على بيانها مفصّلاً إن شاء الله تعالى .
  د ـ والموقف الذي يرويه بن يسار عن علي يعارضه موقف آخر ، وبالشكل الذي يثير الشكوك حول هذا السلوك المزعوم ، وبالشكل الذي ينسجم مع المؤشرات التي تشجع على الاستنتاج أن علياً كان مع تدوين الحديث وترقيم السنة ، فقد كان ( عليه السلام ) ينادي : ( من يشتري علماً بدرهم ) قال أبو خيثمة : يقول : يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم (2) .
  هذا النداء الذي يطلقه علي ، وهو يمشي في الأسواق ، وعلى مسمع من جماهير المسلمين : لا ينسجم أبداً مع ما يروى عنه أنه كان ضد التدوين ، أو ما يمكن فهمه على هذا المستوى من الخبر السابق أو ما هو على منواله من مرويات وآثار .

---------------------------------
(1) علوم الحديث لابن الصلاح : ص 181 .
(2) تقييد العلم : ص 90 .

مشكلة تدوين الحديث _57 _

سادساً : موقف الأمة من التدوين :
  والآن نطرحُ السؤال التالي : ما هو موقف الوسط الإسلامي العام من تدوين الحديث النبوي الشريف الجواب في ما يلي : ( الزهري عن عروة : أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة ، فاستفتى أصحاب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في ذلك ، فأشروا عليه بأن يكتبها . . ) .
  في هذه الرواية التاريخية المهمة نستطيع أن نطمئن أن عموم الصحابة كانوا مع تدوين الحديث النبوي ، وفي هذا يقول الأستاذ أحمد محمد شاكر : ( اختلف الصحابة قديماً في جواز كتابة الحديث ، فكرهها بعضهم وأكثر الصحابة على جواز الكتابة ) ، ويبدو أن المدينة المنوَّرة شهدت حركة ناشطة في تدوين الحديث النبوي منذ أن كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين ظهراني القوم ، بل وكما تشير مصادر الفكر الشيء إن هناك ، وبعد أن انتقل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الملأ الأعلى مدونات حديثية واسعة ومنها :
1 ـ الأحاديث الـ ( 500 ) التي حرقها أبو بكر والتي مرَّت الإشارة إليها .
2 ـ الكتب الحديثية المتواجدة في الآفاق والتي أمر عمر بجمعها ثم أتلفها بيده .
3 ـ بعض الصحف الحديثية التي ثبت بالأدلة وجودها على عهد رسول الله، ومن ثم حافظ عليها أصحابها في زمن الخلافة الراشدة وفي مقدمتها ( صحيفة الإمام علي ) .

مشكلة تدوين الحديث _58 _

  ويبدو أن الصحابة كانوا نشطين في تدوين الحديث وجادين في ذلك ، يمكننا أن نفهم هذا من إصرار عمر وغيره على تتبع الكتب والصحف وتشديده على ضرورة إتلافها وحرقها ، والموقف العام للوسط الإسلامي ينطلق ـ كما يظهر ـ من معرفة واعية ودقيقة بأهمية السُنة النبوية ودورها في الحياة الإسلامية ، وقد ثبت بالتجربة أن رأي الوسط الصحابي العام القاضي بكتابة السنة أكثر نضجاً ووعياً ، سواء على صعيد الفكر والحياة والزمن ، وأظهر دليل على ما نقول أنَّ التدوين أصبح حاجة ضرورية وأساسية بعد لأي من السنين المعدودة ، إن الرأي الصحابي العام الذي كان مع التدوين ينسجم مع أكثر من مفردة شرعية وعقلية منها :
1 ـ أهمية السنَّة ودورها الضخم في الحياة الإسلامية .
2 ـ وعي الزمن والمحيط .
3 ـ طبائع الأشياء وموجبات الواقع ، فليس من المعقول أن تبقى السنة أسيرة المشافهة ، وذلك مهما بلغت قوة الحافظة وجودة الضبط وسلامة النية والقصد لدى المسلمين الأوائل ، لأن الإنسان عرضة للنسيان .
  وكما قلنا أثبتت التجربة أن رأي الصحابة العام كان أقرب للفكر الصائب من غيره ، ليس لأن التدوين فرض نفسه ، وأصبح علماً قائماً برأسه ، بل إضافة إلى ذلك أن المنع من التدوين خلق جملة مشكلات للفكر الإسلامي ، بل وللإسلام عقيدة وشريعة ، ولعل من أبرزها هذا الخلاف الضخم في العديد من متبنيات العقيدة والشريعة بالذات فإن أكثر فقرات الخلاف تعود إلى استشهادات متباينة مأخوذة من السُنَّة والغريب أن تصيب المشكلة ببلائها المسلمين في أهم وأخطر ممارساتهم العبادية التي كانوا يمارسونها على سُنَّة العادة والطبيعة .

مشكلة تدوين الحديث _59 _


مدى الوفاء لعلة المنع:
  وفي المقام سؤال : تُرى إلى أي مدى كان المانعون للتدوين أوفياء لمذهبهم على ضوء العلَّة المقترحة أو المتصوَّرة في الحقيقة نجد التطابق المأمون بين النظرية والممارسة في هذا المجال ، فهذا عمر وهو الذي شيَّد مذهب المنع يكتبُ شيئاً من السُنَّة : ( كنَّا مع عتبة بن فرقد ، فكتب إليه عمر بأشياء يحدثه عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فكان فيما يكتب إليه : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : لا يلبس الحرير في الدنيا إلاَّ من ليس له في الآخرة شيء إلاَّ هكذا ، وقال بأصبعيه السبابة والوسطى ، قال أبو عثمان : فرأيت إنها أزرار الطيالسة حين رأينا الطيالسة ) (1) .
  وأبو بكر على نفس الوتيـرة المتشددة بالمنع يكتب إلى أنس بن مالك ( فرائض الصدقة التي فرض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) (2) ، وأبو سعيد الخدري الذي يُرجع إلى حديثه الموقوف بالمنع يقول : ( كنا لا نكتب إلاَّ القرآن والتشهد )(3) ، وهذا ابن عباس الذي نسبوا إليه المنع ( وناقشنا ذلك ) كان يقول : ( إنا لا نكتب في الصحف إلاَّ الرسائل والقرآن )(4) ، والمغيرة من دعاة المنع يَكتب إلى معاوية أن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ( كان ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال وإضاعة الحال ) (5) ، فما هو السر في عدم الوفاء المطلق لنظرية المنع يقولون أن المنع كان بسبب علته ، وعندما ترتفع العلَّة يُقدم على الكتابة بلا حرج .

------------------------------
(1) مسند أحمد : ج 1 ص 261 .
(2) مسند أحمد : ج 1 ص 183 .
(3) تقييد العلم : ص 93 .
(4) العلم : زهير بن حرب : ص 187 .
(5) معرفة علوم الحديث : ص 100 .

مشكلة تدوين الحديث _60_

  ولكن ها هنا قضيَّة تلامِسُ حيرة الأديب . . . نحن لا نريد أن نقول أن إباحة الرسول للكتابة تقطع الطريق على هذا التعليل ذي المعالجة التبريرية ، فهذه مسألة قائمة برأسها تحكم على ظاهرة المنع وعلله المسطَّرة بالرفض ، وتدعو إلى التساؤل في هذا المجال ولكن ألم ترتفع هذه العلَّة في تصور أبي بكر فأقدم على التدوين فلماذا لا تفِ هذه القناعة بدورها مع عمر فيكون عهده عهد تدوين السُنَّة الشريفة أليس غريباً أن تحايث العلَّة المانعة الزمن ، فتمتد إلى أيام عمر وهي التي وجدها أبو بكر ملغية من حق الاستمرار .
  عسير على العقل الحصيف أن يقتنع أن علَّة المنع هذه تدور بين وجودٍ وعدم على مرَّ الأيام من صحابي إلى آخر ، وهم في زمن واحد ، وعلى تماسٍ مكاني ، وسيرة متلاقية في أكثر فصولها وعناصرها ، وخاصة زمرة المنع المعروفة بتأسيس المذهب ومواصلته على شدَّة من التنفيذ ، غير أننا لا ندخل في محاكمة هذا الاضطراب بين النظرية والتطبيق مع علي أو ابن عباس أو أنس بن مالك ، لأن هؤلاء لم يكونوا من رواد مدرسة المنع ، بل ضدها ، وكتبوا وحثوا على الكتابة ، وإذا كان ارتفاع علة المنع أباحت لعمر أن يكتب ، فلماذا لا يُطلق السماح بها للناس وبإشرافه مثلاً كذلك الأمر بالنسبة لأبي بكر وغيرهما أم أنها حكر على فريق المانعين بعد أن زالت العلة ولكن ما هذا الذي بدر من أبي بكر وعمر وعبد الله بن مسعود والمغيرة بن شعبة فكتبوه عن النبي من سياق الأخبار أنهم كتبوا شيئاً من السنن العملية البسيطة التي تتعلق ببعض العبادات فأين تدوين حديثه بالعقائد والمناقب والفضائل وقضية الحكم من بعده ووصاياه بأهل بيته والملاحم والفتن . . .

مشكلة تدوين الحديث _61 _

ثانيا : مطالبتها بإرث الرسول (   وغيرها من الأمور التي تتصل بكل شؤون الحياة يبدو أن هناك إصراراً على حصر الكتابة في هذه الزاوية الشخصية البسيطة ، وإهمال القضايا الكبرى .
  كان عمر يقول : ( أقلّوا الرواية عن رسول الله إلاّ فيما يُعمل به ) (1) ، ويمكننا أن نلتقط إشارة في بعض أنواع الحديث الممنوع من التدوين بما يلي : روي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه ( جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن ، صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت ، فدخلنا عليه ، قال : فدفعنا إليه الصحيفة، قال : فدعا الجارية ، ثم دعا بطست فيه ماء ، فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن ، انظر فإن فيها أحاديث حساناً ، فقال : فجعل يميثها (2) ، فيها ويقول : ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) (3) ، القلوب أوعيـــة ، فاشغلوها بالقرآن ، ولا تشغلوها بما سواه ) (4) .

--------------------------------
(1) البداية والنهاية : ج 8 ص 107 .
(2) يذيبها .
(3) سورة يوسف : 3 .
(4) تقييد العلم : ص 54 .

مشكلة تدوين الحديث _62 _


إباحة تدوين الحديث :
  هل أباح رسولُ الله ( صلّى الله عليه وآله ) كتابة حديثه الشريف مثل هذا السؤال يفرض نفسه لأهميَّة الحديث في الإسلام ، إلاَّ أن ذات السؤال يحتاج إلى مزيدٍ من التوضيح ، فنحن إذا قلنا : نعم إنه ( صلّى الله عليه وآله ) أباح ذلك ، يترتب أكثر من استفهام على الجواب المذكور : ترى هل كانت الإباحة عامَّة أم أنها مختصَّة وإذا كانت الإباحة مختصَّة ، هل جاءت بعد طلب من سائل ، أم أن النبي كلف بنفسه شخصاً لهذه المهمَّة وهل يعلم الوسط الإسلامي العام بالإباحة الخاصة ، أم هي سر بين النبي والشخص الآخر ولذلك لابد من تنظير الجواب في أبعاده الواضحة وفي إطاره المحدَّد ، وبغير هذا البيان المفصّل لا يمكن تشييد رؤية علميَّة رصينة عن الحديث وتدوينه علماء الجمهور يؤكدون أن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أباح الكتابة بعد حظر ، وأجازها بعد منع ، ويبدو أن هذه الرخصة على صعيدها المبدئي كانت على مستويين .
  * الإباحة العامَّة : فلكل مسلم الحق أن يبادر إلى تقييد الحديث الشريف .
  * الإباحة الخاصَّة : وذلكَ بترخيصٍ منه ( صلّى الله عليه وآله ) لهذا أو ذاك بشكل من الأشكال .
  وفي كل مستوى حديث طويل ، كما سيأتي : علماء الجمهور يطرحون جملة أدلَّة على الإباحة العامَّة لا تنهض بها ، ومنها :

مشكلة تدوين الحديث _63 _

أولاً: الكتب التي بعثها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إلى الملوك والأمراء المتواجدين في عصره .
ثانياً : الكتاب الذي طلب تدوينَهُ قبيل رحيله ( صلّى الله عليه وآله ) ومنع من ذلك عمر .
ثالثاً : كتابه إلى عمرو بن حزم ليكون دستوراً إسلامياً لقومه في اليمن .
رابعاً : كتابه إلى وائل بن حجر ليكون دستوراً عاماً في العقيدة الإسلامية وأحكامها لقومه .
خامساً : كتابه الذي دوَّن فيه حقوق المهاجرين والأنصار ، وليكون دليل الدولة الجديدة .
  وفي الواقع : إن هذه الممارسات قام بها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) باعتبار مقامِه النبوي ، وبلحاظ الآية العامَّة ، أي أنها من مختصَّاته ( صلّى الله عليه وآله ) ، ففعله هنا لا يفيد الإباحة . . . نعم إنه يفيد وقوع الكتابة عنه ، وهي شيء والدلالة على الرخصة شيء آخر ، وقد انتبه بعضهم فأشار إلى أن هذه الكتب والرسائل تدلُ على كتابة السنة وقوعاً وحصولاً وليس على إباحتها سواء كانت هذه الإباحة عامة أو خاصة ، ومن الأدلة الأساسية التي توردُ في هذا المقام حديثين :
الأول: ( قيدوا العلم بالكتاب ) .
الثاني : ( حدثوا ولا حرج ) .
  وقد مضى الكلام مفصلاً عن هذين الحديثين ، ويتبين أنهما مخدوشان سنداً ، وأحياناً سنداً ومتناً .

مشكلة تدوين الحديث _64 _

  ولكن بودنا أن نلوّح بمسألةٍ مهمةٍ هنا . . . هل من المعقول أنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يبيحُ الكتابة على العموم ، دون أن يضع لذلك ضوابط وتقاليد إننا نقرأ في مصادر أحاديث الجمهور ضوابط صارمة عن الرواية الشفاهية ، فلماذا نفتقدها في مجال تدوين الحديث على لسان النبي وقد رخَّص للجميع أن يكتبوا هذا في صدد إباحة تدوين الحديث عموماً ، أما تدوينه على وجه الخصوص ، فيذكر علماء الجمهور جملة من الأدلة ، وهي كالآتي :
أولاً: أحاديث وردت عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وأهمها :
1 ـ حديث ( استعن بيمينك ) .
2 ـ حديث ( أبي هريرة ) .
3 ـ حيث ( اكتبوا لأبي شاه ) .
4 ـ حديث ( عبد الله بن عمرو بن العاص ) .
ثانياً : الصحف التي يدعى أنها مكتوبة في زمن النبي ، وأهمها :
1 ـ صحيفة عبد الله بن عمرو الصادقة .
2 ـ صحيفة علي .
3 ـ صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري .
4 ـ صحيفة سعد بن عبادة الأنصاري .
وسوف نفرد لكل دليل بحث خاص .

مشكلة تدوين الحديث _65 _


حول حديث ( استعن بيمينك ):
  من الأدلَّة التي يطرحها بقوَّة وثقة علماء الجمهور على إباحة الكتابة وحصولها فعلاً في العهد النبوي الشريف هو حديث ( استعن بيمينك ) أو ( استعن بيمينك على حفظك ) أو ( استعن على حفظك بيم ينك) . . . إلخ، وقد حاول بعضهم أن يجعله ناسخاً لأحاديث النهي الواردة ، ولكن المحاولة لم تتم ، لأنه حديث خاص لا يمكن أن نضعه قبالة أحاديث النهي التي جاءت تفيدُ فائدة عامَّة. وكل ما يمكن أن نستخلصه من الحديث المذكور رخصة خاصة .
  نحاول في هذه العجالة دراسة هذا الحديث على مستوى السند ومستوى المتن لنرى مدى صحته بهذين الاعتبارين . . . الحديث مروي عن أبي هريرة وأنس بن مالك ، وحديث أبي هريرة له عدَّة طرق ، فيما حديث أنس بن مالك له طريق واحد .

حديث [ أبو هريرة ] :
1 ـ ( حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري ، حدثنا جعفر بن حُميد ، حدثنا عبد الصمد بن سليمان عن الخصيب بن جحدر عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : كان رجل يشهد حديث النبي ( صلّى الله عليه وآله ) فلا يحفظه ، فيسألني فأحدثه ، فشكا قلَّة حفظه إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فقال له النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ( استعن بيمينك ) ، يعني الكتاب ) (1) .
2 ـ ( حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا عبد الصمد بن سليمان البصري ، عن خطيب بن جحدر عن أبي صالح عن أبي هريرة : إن رجلاً شكا حفظه إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فقال : ( استعنِ بيمينك ) يعني اكتب ) (2) .

--------------------------------
(1) تقييد العلم : ص 65 .
(2) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _66 _

3 ـ ( حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا الربيع بن مسلم عن الخصيب بن جحدر عن أبي صالح عن أبي هريرة : أن رجلاً قال : يا رسول الله إني لا أحفظ شيئاً ، قال : ( استعن بيمينك على حفظك ) ) (1) .
4 ـ ( حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، حدثنا علي بن حميد البصري ، حدثنا الربيع بن مسلم عن خصيب بن جحدر عن أبي صالح عن أبي هريرة : أن رجلاً شكاً إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قلّة الحفظ فقال : ( عليك ) يعني الكتاب ) (2) .
  الخصيب بن جحدر : (ت 146) قال أحمد : لا يكتب حديثه ، قال البخاري : كذاب (3) . . . كذَّبه شعبة والقطان وابن معين (4) .
5 ـ وأخرج الخطيب البغدادي في تقييد العلم أكثر من حديث عن ( الخليل بن مرَّة عن يحيى بن أبي صالح عن أبي هريرة : أن رجلاً من الأنصار كان يجلس إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فيسمع منه حديثه فيعجبه ، ولا يقدر على حفظه ، فشكا ذلك إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) .
فقال : ( استعن بيمينك ) وفي رواية : أن رجلاً من الأنصار كان يسمَعُ من النبي ( صلّى الله عليه وآله ) أشياء تعجبه كان لا يقدر على حفظه ، فقال له النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ( استعن بيمينك ) (5) .

------------------------------
(1) المصدر السابق.
(2) تقييد العلم : ص 65 .
(3) ميزان الاعتدال: ج 1 ص 653 رقم (2509) .
(4) لسان الميزان : ج 2 ص 398 .
(5) تقييد العلم : ص 67 .

مشكلة تدوين الحديث _67 _

  وفي سنده : الخليل بن مرَّة : قال الترمذي : . . . سمعتُ محمد بن إسماعيل يقول : الخليل بن مرَّة منكر الحديث (1) ، ولهذا ضعَّفه الإمام رشيد رضا صاحب تفسير المنار (2) .
6 ـ ( حدثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي ، حدثني أبو محمد عبد الملك بن معروف المناط ، حدثنا مسعدة بن اليسع ، حدثنا أبو الفضل ـ رجل من أهل الشام ـ عن أبي صالح عن أبي هريرة : أن رجلاً شكا إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) سوء الحفظ ، فقال : ( استعن على حفظك بيمينك )(3) .
  في سنده : مسعدة بن اليسع : مسعدة بن اليسع الباهلي : سمع من متأخري التابعين كذَّبه أبو داود ، وقال أحمد بن حنبل : حرَّقنا حديثه منذ دهره ، قال البخاري : . . . قال محمود بن غيلان : أسقطه أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة (4) ، أبو الفضل ، وهو مجهول :
7 ـ ( حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا أبو عتمة الحمي ، حدثنا يحيى بن سعيد العطار ، حدثني يحيى بن سلام عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة : أن رجلاً من الأنصار قال : يا رسول الله إني أسمع منك الحديث وأخاف أن تفلت مني ، قال : ( استعن بيمينك ) (5) .
  وفي سنده : يحيى بن سعيد العطار : قال محمد بن عون سمعت : يحيى بن معين يضعفه ، وذكر أنه أخرج كتبه ، وأنه روى أحاديث منكرة ، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين : ليس بشيء ، وقال الجوزاني والعقيلي : منكر الحديث ، وقال خزيمة : لا يحتج بحديثه ، وقال الدارقطني : ضعيف ، وقال ابن عدي : له مصنف في حفظ اللسان فيه أحاديث لا يتابع عليها ، وهو بيّن الضعف ، قلتُ ( ابن حجر ) : وقال بن حبان : يروي الموضوعات ، وقال الساجي : عنده مناكير (6) . . .

----------------------------------
(1) صحيح الترمذي : ج 5 ص 42 رقم الحديث (2666) .
(2) التفسير : ح 10 ص .
(3) تقييد العلم : ص 67 .
(4) لسان الميزان : ج 6 ص 22 رقم (23) وراجع عنه في معجم الحديث للخوئي .
(5) تقييد العلم : ص 66 .
(6) تهذيب التهذيب : ج 11 ص 220 رقم (359) .

مشكلة تدوين الحديث _68 _

  قال الدكتور العشي : ( في صحيح الترمذي : ج 2 ص 111 (1) وتيسير الوصول : ج 2 ص 176 حديث عن أبي هريرة يشابه هذا في المعنى لا في السند غير أنه أوسع ، ومن رجاله الخليل بن مرَّة ، قال البخاري : إنه منكر الحديث )(2) .
8 ـ ( حدثنا إبراهيم بن أبو يسار حدثنا النعمان ، يعني : ابن عبد السلام عن الخليل عن يحيى بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله إني أسمع منك حديثاً كثيراً ، فأحب أن أحفظه، فلا أنساه ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( استعن بيمينك ) (3) .
  في سنده : الخليل : وقد مرَّ حاله ، حديث ( أنس بن مالك ) :
9 ـ ( حدثنا إسماعيل بن سيف ، حدثنا ابن أخي حزم محمد بن عبد الواحد حدثنا ، الخصيب بن جحدر عن عبيد الله بن أبي بكر ( عبد الله) عن أنس بن مالك قال : شكا رجل إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) سوء الحفظ فقال : ( استعن بيمينك ) ) (4) .
  في سنده : الخطيب بن جحدر : وقد مرَّ حاله ، قال الدكتور العشي : ( مثله دون سند في مجمع الزوائد : ج 1 ص 153 ) ، قال : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه إسماعيل بن سيف وهو ضعيف (5) ، وإضافة إلى الأسانيد الممدوحة هناك المتون غير المتسقة ، وهذه إشارات سريعة في ذلك .
أولاً: في هويَّة السائل : فتارة يُعرَّف بأنه ( رجل ) ، وأخرى بـ( رجل من الأنصار ) .
ثانياً : في طبيعة السؤال أو الشكاية فقد تعدَّد مضمونَها ومحتواها : ( شكا قلَّة حفظه ) و ( شكا حفظه ) و ( إني لا أحفظ شيئاً ) و ( شكا . . . سوء الحفظ ) و ( اسمع منك الحديث وأخاف أن يفلت مني ) و ( فأحب أن أحفظه فلا أنساه ) .
ثالثاً : في طبيعة الجواب النبوي على السؤال أو الشكاية إذ هي الأخرى ليست متسقة : ( استعن بيمينك ) و ( استعن بيمينك على حفظك ) و ( استعن على حفظك بيمينك ) .
  بعد كل هذا لا يمكننا أن نستند إلى هذا الحديث لنكوّن رؤية واضحة علمية متكاملة عن قضية تدوين الحديث ، ولا يمكن الاعتماد عليه برهاناً على أن رسول الله أباح الكتابة إباحة خاصَّة .

-------------------------------
(1) صحيح الترمذي : ج 2 ص 111 وتيسير الوصول : ج 2 ص 176 .
(2) تقييد العلم : ص 66 الحاشية .
(3) تقييد العلم : ص 65 .
(4) المصدر السابق .
(5) المصدر السابق : الهامش .

مشكلة تدوين الحديث _69 _


نظرة في حديث أبي هريرة :
1 ـ أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور هو الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمَّر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول : لم يكن أحد من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أكثر حديثاً مني إلاَّ عبد الله بن عمرو ، فإنه كتب ولم أكتب ) ((1) .
2 ـ ( حدثنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن المغيرة بن حكيم ومجاهد أنهما سمعا أبا هريرة يقول : ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) مني ، إلاَّ عبد الله بن عمرو ، فإني كنت أعـــي بقلبي ، ويعي بقلبه ويكتــب ، فاستأذن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فأذن له )(2) .
3 ـ ( حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال : حدثنا عمرو بن شعيب أن المغيرة بن حكيم حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول : ما كان أحد أعلم بحديث رسـول الله ( صلّى الله عليه وآله ) مني إلاَّ عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب بـيده ، فاستأذن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فأذن له ، فكان يكتب بـيـده ، ويعي بقلبه ، وإنما كنت أعي بقلبي ) (3) .
4 ـ ( حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن مجاهد والمغيرة بن حكيم قالا : سمعنا أبا هريرة يقول : ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مني إلاّ ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتبُ بـيده ، ويعيه بقلبه ، وكنت أعي ولا أكتب ، واستأذن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الكتابة فأذن له )(4) .

----------------------------
(1) تقييد العلم : ص 82 .
(2) المصدر السابق .
(3) المصدر السابق : ص 83 .
(4) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _70 _

  وفي المتن أكثر من مناقشة :
أولاً: إنه يخالف الواقع المقطوع به حسَّاً فأكثر مرويات عبد الله بن عمرو هذه لا تعدو الـ (1000) حسب رواية ابن الأثير و (700) عند ابن الجوزي لم يرو منها البخاري غير ثمانية ومسلم غير عشرين (1) ، قال صـاحب فـتـح الـبـاري : ( هذا استدلال من أبي هريرة على ما ذكره من أكثرية ما عند عبد الله بن عمرو ، أي ابن العاص ، على ما عنده ، ويستفاد من ذلك أن أبا هريرة كان جازماً بأنَّه ليس في الصحابة أكثر حديثاً عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) منه إلاَّ عبد الله، مع أن الموجود المروي عن عبد الله بن عمرو ، أقل من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف مضاعفة فإن قلنا : الاستثناء منقطع فلا إشكال ، إذ التقدير : لكن الذي كان من عبد الله وهو الكتابة لم يكن مني ، سواء لزم منه أكثر حديثاً لما تقتضيه العادة أم لا ، وإن قلنا : الاستثناء متصل ، فالسبب فيه من جهات :
  أحدها : إن عبد الله كان مشتغلاً بالعبادة أكثر من اشتغاله بالتعليم ، فقلّت الرواية عنه ، ثانيها : إنه كان أكثر مقامه بعد فتوح الأمصار بمصر أو الطائف ولم تكن الرحلة إليها ممن يطلب العلم كالرحلة إلى المدينة ، وكان أبو هريرة متصدياً فيها للفتوى والتحديث إلى أن مات . . . ثالثها : ما اختصَّ به أبو هريرة من دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) له بأنه لا ينسى ما يحدث به . . . رابعها : إن عبد الله كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب ، فكان ينظر فيها ، ويحدث منها ، فتجنب الأخذ عنه لذلك كثرت أئمة التابعين . . . ) (2) ، والاستثناء المنقطع تكلف ظاهر ، خاصَّة ونحن نعلم أن أبا هريرة لم يكن يعرف الكتابة أو لم يكتب .
ثانياً : لو دققنا النظر في عبارة أبي هريرة في المفاضلة لوجدناها غير متطابقة في الروايات ، فهي مرّة ( أكثر حديثاً مني ) ، وثانية ( أحفظ ) ، وثالثة ( أعلم ) ، ونحن إنما نثبتُ هذا الاختلاف لأنها ذات معاني غير متطابقة لغة ، فلكل منها معنى خاص بها ، وليس كل من كان أحفظ كان أكثر تحديثاً عن رسول الله، والعكس بالعكس ممكن ، كذلك قياساً إلى من هو ( أعلم ) .

----------------------------
(1) أسد الغابة : ج 3 ص 233 .
(2) فتح الباري : ج 1 ص 217 .

مشكلة تدوين الحديث _71 _

ثالثاً : وهذا الاستئذان هل كان قبل الرخصة أم بعدها إذا كان قبل الرخصة ، جاز لنا أن نتساءل عن حق عبد الله بالكتابة والنبي لم يأذن ، خاصة وإن النهي كان سارياً آنذاك وفق نظرية علماء الجمهور ، وإذا كان بعدها ، فما الداعي إليه .
رابعاً : وهو يتناقض مع العديد من مرويات أبي هريرة عن نفسه فيما يتعلق بحفظه ودرايته بحديث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، منها :
1 ـ ( قدمت ورسول الله بخيبر وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين ، فأقمت معه حتى مات ، أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه ، وأغزو معه ، وارجع فكنت أعلم الناس بحديثه ) (1) .
2 ـ روى البخاري عن أبي هريرة : ( إن أخوتي من المهاجرين والأنصار كان يشغلهم الصفق في الأسواق ، وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني ، فأشهد إذا غابوا ، وأحفظ إذا نسوا ، وكان يشغل أخوتي من الأنصار عمل أموالهم . . . وقد قال رسول الله في حديث يحدثه : إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ، ثم يجمع إليه ثوبه إلاَّ وعى ما أقول فبسطت نمرة ( بردة ) عليَّ حتى إذا قضى رسول الله مقالته جمعتها إلى صدري ، فما نسيت من مقالة رسول الله تلك من شيء ) (2) .
3 ـ ( عن المقبري عن أبي هريرة قال : قلتُ لرسول الله: إني سمعت منك حديثاً كثيراً ـ فأنساه ـ فقال : أبسط رداءك ، فبسطته ، فغرف بيديه فيه ، ثم قال : ضمَّه ، فضممته ، فما نسيت حديثاً بعده ) (3) .
  قال في فـتـح الـبـاري : ( ويحتمل أن يقال : تُحمَل أكثرية عبد الله بن عمرو على ما فاز به عبد الله من الكتابة قبل الدعاء لأبي هريرة . . . ) (4) ، وهو احتمال ضعيف لأنه خلاف النص ، ولا دلالة عليه ، فضلاً عن أن الاحتمال لا يؤسّس لنا نَظرة علميَّة ، يمكن أن تكون شفيعاً في إعطاء رأي قاطع ، وصورة كاملة تنهضُ بقناعة موضوعيَّة حول السماح أو الرخصة في تدوين حديث رسول الله.

-------------------------------
(1) الإصابة : 74 ص 205 .
(2) فتح الباري : ج 4 ص 231 .
(3) طبقات ابن سعد : ج 4 ص 56 طبعة بولاق .
(4) فتح الباري : ج 1 ص 218 .

مشكلة تدوين الحديث _72 _

  إن متن رواية أبي هريرة يحتاج إلى مؤونة زائدة ليستقيم دليلها على إباحة النبي للكتابة لعبد الله بن عمرو ، فضلاً على الإباحة العامَّة ، وهذه المؤونة احتماليَّة في طبيعتها ، وعليه لا تفيدُ اليقين الذي هو جوهر أي تأسيس نظري رصين في مثل هذه القضايا الخطيرة ، فالاحتمال في حمل النص على ما ينسجم مع الحقائق التي يؤمن بها الجمهور ، والتي منها كثرة روايات أبي هريرة على عبد الله بن عمرو ، هذا الاحتمال عائق كؤود في اعتماد رواية أبي هريرة لوضع نظرية الإباحة كحقيقة شاخصة ، تستمد حقها في الثبات من أسس مشروعة . . . كما أن حمل التناقض بين النص والواقع على أساس الاحتمال لا يُعَدَّ انتصاراً على هذا التناقض بالشكل الذي يسمح بالبناء على أساسه ، خاصَّة إذا كان الاحتمال ضعيفاً ، ولا يتمتع بمسوّغات ترجيحه القوية ، وتكون صراحة النص على عكسه من مشاكله الكبيرة .


حول حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي شاه :
1 ـ ( أخبرنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق ، حدثنا يحيى بن جعفر ، أخبرنا علي بن عاصم ، قال : كنتُ قاعداً مع الزبير بن عدي ، فجاء دريد بن طارق فقعد إليه ، فقال : حدثنا عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلنا يا رسول الله: إنا نسمَعُ منك أشياء لا نحفظها ، أفنكتبها قال : بلى اكتبوها ) (1) .

-------------------------------
(1) تقييد العلم : ص 74 .

مشكلة تدوين الحديث _73 _

2 ـ ( حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا علي بن عاصم ، قال : سمعتُ دريد بن طارق يحدث الزبير بن عدي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلت : يا رسول الله اكتبُ ما اسمع منك قال : نعم ، قلتُ : في الـغضــب والرضا قال : نعم ، فإني لا أقول إلاَّ حقاً ) (1) .
3 ـ ( حدثنا علي بن عاصم ، أخبرنا دريد الخراساني والزبير بن عدي قاعد معه ، قال : أخبرنا عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلنا : يا رسول الله، إنَّا نسمَعُ منك أحاديث لا نحفظها، أفلا نكتبها قال : بلى اكتبوها ) (2) .
  في سندها : علي بن عاصم (105 ـ 201) ، قال يعقوب بن شيبة . . . أنكر عليه كثرة الغلط والخطأ مع تماديه في ذلك ، قال وكيع : أدركت الناس والحلقة بواسط لعلي بن عاصم ، فقيل له : كان يغلط ، وقال الفلاس : علي بن عاصم فيه ضعف ، وروي عن يزيد بن هارون ، قال : ما زلنا نعرفه بالكذب ، قال ابن معين : ليس بشيء ، قال النسائي : متروك الحديث ، قال البخاري : ليس بالقوي عندهم (3) .

--------------------------------
(1) المصدر السابق .
(2) المصدر السابق .
(3) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _74 _

4 ـ ( حدثنا محمد بن يزيد الأزدي، حدثنا معن ، عن عبد الله بن المؤمَّل عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال : يا رسول الله، أقيدُ العلم قال : نعم ، يعني الكتابة ) (1) ، في سنده : عبد الله بن المؤمَّل : وقد مرَّ حاله .
5 ـ ( حدثنا يزيد بن بزيغ الرملي ، عن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، عن عمرو بن شعيب ، عن جده عبد الله بن عمرو أنه قال : يا رسول الله، إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها ، فتأذن لي بكتابتها قال : نعم ) (2) .
  في سنده : يزيد بن بزيغ : ضعّفه الدارقطني وابن معين (3) .
6 ـ ( حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثني عثمان بن عطا الخراساني عن أبيه عن عمرو بن شعيب ، عن جده عبد الله بن عمرو ، إنه قال : يا رسول الله إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها، فتأذن لي بكتابتها قال : نعم ) (4) .
  في سنده : عثمان بن عطاء (ت 155 هـ) : ضعَّفه مسلم ، ويحيى بن معين والدارقطني ، وقال الجوزجاني ، ليس بالقوي ، وقال ابن حزيمة : لا أحتج به (5) .
7 ـ ( حدثنا حاتم بن الحسن الشاشي ، حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا همام ، حدثنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : أكتب كل ما أسمع منك قال : نعم ، قال : في الغضب والرضا قال : نعم . . . ) (6) .

-----------------------------
(1) تقييد العلم : ص 76 .
(2) المصدر السابق .
(3) ميزان الاعتدال : ج 4 ص 420 رقم (9675) .
(4) تقييد العلم : ص 76 .
(5) ميزان الاعتدال : ج 3 ص 48 رقم (5540) .
(6) تقييد العلم : ص 78 .

مشكلة تدوين الحديث _75 _

  في سنده : المثنى بن الصباح (ت 149 هـ) : قال الفلاس : كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه ، قال أحمد : لا يساوي حديثه شيئاً ، قال النسائي : متروك ، قال ابن عدي : الضعف على حديثه بيّن (1) .
8 ـ ( حدثنا عبد الرحيم بن هارون الغسَّاني ، حدثنا إسماعيل المكي عن داود بن شابور ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلتُ للنبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، إني أسمع منك الشيء ، فأكتبه ، قال : اكتبه . . . ) (2) .
  في سنده : عبد الرحيم بن هارون الغسَّاني : قال الدارقطني : متروك الحديث ، يكذب ، وقد ساق ابن عدي أحاديث استنكرها (3) .
9 ـ ( حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ، حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني عبد الرحمن بن سلمان عن عقيل بن خالد ، عن عمرو بن شعيب أن شعيباً حدثه ، ومجاهداً أن عبد الله بن عمرو حدَّثهما : قال لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : أكتب ما سمعت منك قال : نعم . . . ) (4) .
  في سنده : عبد الرحمن بن سلمان الحجري : قال أبو حاتم : مضطرب الحديث ، قال البخاري : فيه نظر ، قال النسائي وغيره : ليس بالقوي (5) .
10 ـ ( حدثنا سعد بن الصلت ، حدثنا عطاء بن عجلان عن مكحول ، عن قبيصة بن ذويب ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ، قال : استأذنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الكتاب ، أن أكتب ما أسمع منه ، فأذن لي . . . ) (6) .
  في سنده : عطاء بن عجلان : قال ابن معين : ليس بشيء ، كذاب ، وقال مرَّة : كان يوضَعُ له الحديث ، فيحدث ، وقال الفلاس : كذاب ، وقال البخاري : منكر الحديث .

-------------------------------
(1) ميزان الاعتدال : ج 3 ص 435 رقم (7061) .
(2) تقييد العلم : ص 78 .
(3) ميزان الاعتدال : ج 2 ص 607 رقم (5039) .
(4) تقييد العلم : ص 79 .
(5) ميزان الاعتدال : ج 2 ص 567 ، رقم (4879) .
(6) تقييد العلم : ص 80 .