4 ـ ( عبد الله بن أيوب قال : نا إسماعيل بن يحيى قال : نا ابن أبي ذئب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قيدوا العلم بالكتاب ) (1)، والحديث يدل على الإباحة العامة، وعليك صلاحيةً رفع النهي العام.
  ولكن هل يصمد أمام النقد السندي فالحديث في سنده :
  * إسماعيل بن يحيى : قال ابن عدي : يحدث عن الثقاة بالبواطل ، قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقاة وما لا أصل له ، قال الدارقطني : كذاب متروك ، قال الأزدي: ركن من أركان الكذب ، قال ابن حجر : قلتُ : مجمع على تركه (2) ، قال الدارقطني : تفرَّد به إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي ذؤيب (3) ، وقد علق ابن الجوزي على هذه الأحاديث ( هذه طرق كلها لا يصح ) وذكر الأسباب (4) .

-------------------------------
(1) تقييد العلم : ص 69 ، المحدث الفاضل : ص 395 .
(2) راجع : (أ) ميزان الذهبي : ج 1 ص 253 ، (ب) لسان الميزان : ج 1 ص 1273 .
(3) العلل المتناهية : ص 87 .
(4) العلل المتناهية : ص 87 .

مشكلة تدوين الحديث _ 27 _

5 ـ وقد أشار الشيخ خليل الميس في حاشية العلل المتناهية إلى أن هذا الحديث رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان : ج 2 ص 228 مرفوعاً إلى أنس بن مالك ، وراجعنا السند فوجدناه : ( إسماعيل بن أبي أويس ، ثنا : إسماعيل بن إبراهيم بن أخي موسى بن عقبة عن الزهري عن أنس مرفوعاً ) ، وعقب الشيخ الميس : فلينظر في سنده (1) .
  ونحن راجعناه فوجدنا فيه :
  * إسماعيل بن أبي أويس : قال ابن أبي خيثمة : صدوق ، ضعيف العقل ، ليس بذاك : يعني أنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأ من غير كتابه ، قال معاوية بن صالح : هو وأبوه ضعيفان ، قال عبد الوهاب بن عصمة ، عن أحمد بن أبي يحيى عن ابن معين : ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث .
 قال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى : مخلط كذاب ، ليس بشيء ، قال أبو حاتم : وكان مغفلاً ، قال النسائي : ضعيف ، وقال في موضع آخر : غير ثقة ، قال ابن عدي : روى عن خاله الغرائب ، وحكى ابن أبي خيثمة عن عبد الله بن عبيد الله العباس صاحب اليمن : إن إسماعيل ارتشى من تاجر عشرينَ ديناراً حتى باع له من الأحاديث ثوباً يساوي خمسين بمائة ، وروي عنه أنه قال: كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم (2) .
  هذا هو حديث ( قيدوا العلم بالكتاب ) لا سند له إلاَّ وفيه طعنة ، ثم إن هذا الحديث المزعوم تارة ينسب إلى رسول الله وثانية إلى عمر وثالثة إلى ابن عباس ، الأمر الذي يثير مشكلة أخرى في حقه ، ولا نعتقد أن حديثاً كهذا يمكن أن يكون ناسخاً ، ولذا لم نجد في صدده تمسكاً شديداً من قبل العديد من علماء الجمهور .

------------------------------------
(1) حاشية العلل : ص 86 .
(2) تهذيب التهذيب : ج 1 ص 568 .

مشكلة تدوين الحديث _ 28 _

  والثاني ورد عن رافع بن خديج بالطرق التالية :
1 ـ ( حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود العبدي ، حدثنا بقية بن الوليد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، قال : حدثني أبو مدرك عن عباية بن رافع بن خديج عن رافع قال : قلنا : يا رسول الله نسمع منك أشياء أفنكتبها ، قال : ( اكتبوا ولا حرج ) (1) .
2 ـ ( حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا بقية بن الوليد ، حدثنا ابن ثوبان ، حدثنا أبو مدرك ، قال : حدثني عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج قال : قلت ( يا رسول الله. . . ) فذكر مثله ) (2) .
3 ـ ( أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان الواسطي ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا بقية حدثني ابن ثوبان ، وأخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، قال : حدثني أحمد بن الفرج حدثنا بقية عن ابن ثوبان ، قال : حدثني أبو مدرك ، قال : حدثني عباية بن رفاعة عن ابن رافع بن خديج عن رافع بن خديج ، قال : مرَّ علينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن نتحدث فقال : ( ما تحدثون ) قلنا : نتحدث عنك يا رسول الله، قال : ( تحدثوا وليتبوأ من كذب عليَّ مقعداً من جهنم ) قال : ومضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لحاجته ، ونكس القوم رؤوسهم ، وأمسكوا عن الحديث ، وهمّهم ما سمعوا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال ( ما شأنكم ألا تتحدثون ) قالوا : الذي سمعنا منك يا رسول الله، قال : ( إني لم أرد ذلك إنما أردت من تعمَّد ذلك )، قال : فتحدثنا ، قال : فقلتُ : يا رسول الله إنَّا نسمَعُ منك أشياء أفنكتبها قال : ( اكتبوا ولا حرج ) (3) ، والحديث ضعّفه رشيد رضا .

------------------------------------
(1) تقييد العلم : ص 71 .
(2) المصدر السابق : ص 72 .
(3) المصدر السابق : ص 72 ـ 73 .

مشكلة تدوين الحديث _ 29 _

  في سندها :
 *بقية بن الوليد: (ت 197) ، قال ابن المبارك : صدوق لكن يكتب عمَّن أقبل وأدبر وقال غيرُ واحد : كان مدلساً ، فإذا قال : عن ، فليس بحجَّة ، كما في الحديث ، قال ابن حبان : سمع من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ، ثم سمع من أقوام كذَّابين عن شعبة ومالك فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء .
  قال أبو حاتم : لا يُحتج به ، قال أبو مسهر : أحاديث بقية ليست نقية ، فكن منها على تقية ، قال أبو إسحاق الجوزجاني: رحم الله بقية ، ما كان يبالي إذا وجد خرافة عمن يأخذه ، قال أبو النقي اليزني: مَنْ قال أن بقية قال : حدثنا فقد كذب ، كما في الحديث ، قال ابن خزيمة : لا أحتجُّ ببقية .
  حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي : سمعتُ أحمد بن حنبل يقول : توَّهمت أن بقية لا يحدث المناكير إلاَّ عن المجاهيل ، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير ، قال ابن حبان : كان مدلساً .
  وقال مسلم : حدثنا ابن راهويه : سمعت بعض أصحاب عبد الله قال : قال ابن المبارك : نعم الرجل بقية لولا أنه يكني الأسماء ويسمّي الكنى كان دهراً يحدثنا عن أبي سعيد الوحاظي ، فنظرنا فإذا هو عبد القدوس ، وروى ابن عباس عن ابن معين قال : إذا لم يسمِّ بقية شيخه وكناه فاعلم أنه لا يساوي شيئاً ، كما في الحديث .

مشكلة تدوين الحديث _ 30 _

  وقال أبو الحسن بن القطان : بقية يدلس عن الضعفاء ، ويستبيح ذلك وهذا إن صحَّ مفسد لعدالته ، قلت ( الذهبي ) : نعم واللهِ، صحَّ هذا عنه (1) ، وفي سندها :
  * ابن ثوبان ( عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي ت 165 ) : روى عثمان بن سعيد ، عن ابن معين : ضعيف ، وقال أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال النسائي : ليس بقوي ، وقال ابن عدي : يكتب حديثه على ضعفه (2) .
  وفي سند الحديث : أحمد بن الفرج ( ت سنة نيف وسبعين ومائتين بحمص ) : هو : أحمد بن الفرج ، أبو عتبة الحمصي المعروف بالحجازي بقية أصحاب بقيَّة ضعَّفه محمد بن عوف الطائي ، قال ابن عدي : لا يحتج به (3) . . .

------------------------------------
(1) راجع هذه التقسيمات ، ميزان الاعتدال : ج 1 ص 331 ـ 339 رقم (1250) .
(2) راجع ميزان الاعتدال : ج 2 ص 551 ـ 552 رقم (4828) .
(3) المصدر السابق : ص 128 رقم (516) .

مشكلة تدوين الحديث _31 _


سريان المنع:
  تواجه نظرية النسخ مشكلة أخرى ، تلك هي سريان المنع بعد أن رخَّص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكتابة حديثه ، بل حبَّذ ذلك ، وفي هذا يقول أحد الكتاب الكبار في علوم الحديث : ( إننا نلاحظ أن القول بالنسخ لا يحلُّ الإشكال في هذه المسألة ـ مسألة الجمع بين أحاديث النهي والرخصة ـ لأن النهي عن الكتابة ، لو نُسخ نسخاً عاماً ، لما بقي الامتناع عن الكتابة في صفوف الصحابة بعد وفاته ( صلى الله عليه وآله ) ، ولأقيمت الحجَّة عليهم من طلبة العلم الذين كانوا على أشد الحرص على تدوين الحديث ، فما زال المشكل بحاجة إلى مخلّص مناسب لحلّه . . . ) (1) .
  ولأجل أن نتفهم عمق هذا المشكل . . . سريان المنع وَدوره في إبطال نظرية النسخ في الجمع بين الأحاديث المذكورة ، يستحسن بنا أن نستعرض هذا السريان بصورته المفصَّلة ، بعد انتقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى الملأ الأعلى كانت هناك مدرستان رئيسيتان في الموقف من الحديث النبوي :

المدرسة الأولى:
  تدعو إلى تدوين ونشر الحديث ، وتصرُّ على ذلك بالعمل عليه ويمثلها من الأعلام والعيون الإمام علي وابنه الحسن وابن عباس ، وغيرهم من الأصحاب الكبار المشهود لهم بعلو الكعب في الإيمان والجهاد والعلم والتقوى والقرب من رسول الله نفسه .

---------------------------
(1) منهج النقد في علوم الحديث : ص 43 .

مشكلة تدوين الحديث _32 _

المدرسة الثانية:
  تعارض التدوين وتخالف نشر الحديث ، وعملت على ذلك عبر ممارسات اتَّسمت بالجدية ، ويمثلها من الرؤوس عمر بن الخطاب وأبو بكر وأبو موسى الأشعري وغيرهم من الأصحاب ذوي المكانة الكبيرة (1) ، ونحن إذا تتبعنا جهود الفريق الثاني لوجدناها ذات أفق ممنهج ولبان لنا أنها خاضعة لنوع من الإصرار المقدر بخططه وأساليبه إلى أنه لم يكن مزاجاً أو رغبة عن سبب عارض ، والتفاصيل أدناه تكشف عن هذه الخلفيَّة .
أولاً: التقليل من الرواية:
1 ـ روى شعبة وغيره عن بيان عن الشعبي عن قرظة بن كعب قال : ( لما سيَّرنا عمر بن الخطاب إلى العراق ، مشى معنا عمر ، وقال : أتدرون لِمَ شيعتكم قالوا : نعم ، تكرمة لنا ، قال : ومع ذلك إنكم تأتون أهل القرية لهم دوي كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم ، جرّدوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله، وأنا شريككم ، فلما قدم قرظة بن كعب ، قالوا : حدثنا ، فقال : نهانا عمر ) (2) .
2 ـ ومن مراسيل ابن أبي مليكة أن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم ، فقال : ( إنكم تحدثون عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم ، فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله ، وحرَّموا حرامه ) (3) .
3 ـ وقد ضرب عمر أبا هريرة بدرَّته المعهودة ووبّخه : ( أكثرت يا أبا هريرة وأصرُّ بك أن تكون كاذباً على رسول الله) (4) ، هذه الاستشهادات غيض من فيض ، وإلاَّ هي كثيرة منتشرة في كتب الحديث والتاريخ والسير ، لأنها كانت سيرة رسمية متبعة ، ويحترم علماء الجمهور هذا الموقف ، لأنّه في تصورهم نابع من حرص على الحديث النبوي من الاختلاف والتشويه ، ولكن هذا التبرير يضطرب إذا تابعنا ( القضيَّة ) على ضوء إجراء آخر، إنه المنع من التحديث ، ولأنه مسألة ليست بالهيَّنة ولا المعقولة أفردنا لها باباً برأسه .

---------------------------
(1) تذكرة الحفاظ : ج 1 ص 7 .
(2) تذكرة الحفاظ : ج 1 ص 7 .
(3) المصدر السابق : ج 1 ص 2 .
(4) نهج البلاغة : شرح ابن أبي الحديد : ص 360 .

مشكلة تدوين الحديث _ 33 _

ثانياً : المنع من التحديث:
1 ـ قال أبو هريرة : ( ما كنا نستطيع أن نقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى قبض عمر ) (1) .
2 ـ قال عمر لأبي هريرة : ( لتتركن الحديث عن رسول الله، أو لألحقنَّك بأرض دوس ) (2) .
3 ـ قال عمر لكعب الأحبار : ( لتتركنَّ الحديث عن الأُوَل أو لألحقنَّك بأرض القردة ) (3) .
  وضراوة الموقف تؤكد أنَّها سياسة امتداديَّة لسابقتها ، فكأنما هناك درجات ، الأولى: التقليل من الرواية ، ثم شفعها المنع ، وإلاَّ النفي إلى الأرض البعيدة التي تقطع دابر هذا ( الشر ) ولم يصدر هذا الحكم منا إلاّ لأن إجراء آخر أشدُ مضاضة مارستهُ وأكثر تأثيراً في هذا المضمار ، وذلك كما هو واضح فيما يلي من سطور .
ثالثاً : اعتقال المحدثين الكبار :
1 ـ ( معن بن عيسى ، عن عبد الله بن إدريس عن شعبة عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه : أن عمر حبس ثلاثة ، ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري ، فقال : أكثرتم الحديث عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ) (4) .
2 ـ ( إن عمر بن الخطاب ، قال لابن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر : ما هذا الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب ) (5) .
  وهكذا يخلو المجتمع الإسلامي من نعمة التعاطي بحديث رسول الله، فهناك الذي امتنع خوفاً من تهديد النفي ، وهناك من حاصرته جدران المعتقل فانقطع صوته ، ولم تقف المسألة عند هذا الحد ، بل تتصاعد وتيرة الإجراءات القمعيَّة لتأخذ شكلاً غريباً . . . كما سنرى لاحقاً وعلى التو .

---------------------------
(1) تاريخ ابن كثير في الغدير : ج 6 ص 295 .
(2) تاريخ ابن كثير كما في الغدير : ج 6 ص 295 .
(3) تاريخ ابن كثير كما في الغدير : ج 6 ص 295 .
(4) تذكرة الحفاظ : ج 3 ص 7 .
(5) مستدرك الحاكم : ج 1 ص 110 من كتاب العلم .

مشكلة تدوين الحديث _ 34_
رابعاً : محو المدوّنات الحديثية:
1 ـ ( قالت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيراً ، قالت : فغمَّني ، فقلت : أتتقلبُ لشكوى أو لشيء بلغك فلما أصبح قال : أي بنية ، هلّمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها ) (1) .
2 ـ عندما عرف عمر بدنوّ أجله ، نادى ابنه : ( يا عبد الله بن عمر ، ناولني الكتف ، فلو أراد الله أن يُمضي ما فيه أمضاه، فقال له ابن عمر : أنا أكفيك محوها ، فقال : لا والله لا يمحوها أحد غيري ، فمحاها وكان فيها فريضة الجد ) (2) .
3 ـ وروى ابن مسعد عن عبد الله بن العلاء قال : ( سألتُ القاسم بن محمد أن يملي عليَّ أحاديث ، فقال : إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب ، فأنشد الناس أن يأتوه بها ، فلما أتوه بها أمر بتحريقها ، ثم قال : مثناة كمثناة أهل الكتاب ) (3) .
  وهذه استشهادات استطرادية وإلاَّ فالأمثلة متوفرة لكل باحث ، إن مثل هذه الممارسات بحق الحديث النبوي ( التقليل من الرواية ، المنع من التحديث عن رسول الله، اعتقال المحدثين الكبار ، محو المدونات الحديثية ) يجعل أحاديث الإباحة أو الإذن بالتدوين ذات عرضة للحيرة . . . كما أنه يشلّ من محاولة الجمع القائمة على فكرة الناسخ والمنسوخ في تصوير الجمع بين النهي والإباحة ، ولذا كان صاحب ( منهج النقد في علوم الحديث ) على صواب عندما رفضه علاجاً ناجحاً .

---------------------------
(1) تذكرة الحفاظ : ج 1 ص 5 .
(2) تقييد العلم : ص 53 .
(3) تقييد العلم : ص 52 .

مشكلة تدوين الحديث _ 35 _


نظرة تحليلية لأهم أحاديث النهي:
1 ـ ( حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري، قال : استأذنّا النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في الكتابة فلم يأذن لنا ) (1) ، والحديث موقوف على أبي سعيد ، وفي سنده :
  * زيد بن أسلم : وقد قال ابن عيينة : ( كان زيد بن أسلم رجلاً صالحاً ، وكان في حفظه شيء ) (2) .
  * سفيان بن وكيع : قال عنه أبو زرعة : ( لايشتغـل به ، قيل له : كان يكذب قال : كان أبوه رجلاً صالحاً ، قيل له : هل كان سفيان يُتهم بالكذب قال : نعم ) (3) .
  وقال النسائي : ( ليس بثقة ، وقال في موضع آخر : ليس بشيء ) (4) ، وقال الآجري : ( امتنع أبو داود من التحديث عنه ) (5) ، وقال ابن عدي : ( وإنما بلاؤه ، إنه كان يتلقن ما لُقن ) (6) ، وقال ابن حجر ( ويقال : كان له ورّاق يلقّنه من حديث موقوف فيرفعه ، وحديث مرسل فيوصله ، أو يبدل قوماً بقوم في الإسناد ) (7) .

---------------------------
(1) الترمذي : ج 5 ص 38 .
(2) تهذيب التهذيب : ج 3 ص 727 .
(3) المصدر السابق : ج 4 ص 210 .
(4) المصدر السابق .
(5) المصدر السابق .
(6) المصدر السابق .
(7) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _36 _

  * سفيان بن عيينة : قال عنه يحيى بن سعيد : ( أشهد أنه اختلط سنة (97 هـ)، فمن سمع منه فيها ، فسماعه لا شيء ) (1) ، وفي تهذيب التهذيب : ( أورد أبو سعيد السمعاني بسند له قوي إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : لقد قلت لابن عيينة : كنت تكتب الحديث ، وتحدث اليوم ، وتزيد في إسناده ، وتنقص منه ، فقال : عليك بالسماع الأول، فإني قد سمنت ) (2) ، وفي ميزان الاعتدال ( يدلس ) (3) ، وقال ابن حجر : ( ثقة ، حافظ ، فقيه ، إمام حجة ، إلاَّ أنه تغير حفظه بآخره ، وكان ربما يدلس ، لكن عن الثقات ) (4) .
2 ـ ( عن ابن عباس وابن عمر قالا : خرج رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، معصوباً رأسه ، فرقى المنبر ، فقال : ما هذه الكتب التي يبلغني أنكم تكتبونها أكتاب مع كتاب الله يوشك أن يغضب الله لكتابه ، فيسري عليه ليلاً ، فلا يترك في ورقة ولا في قلب منه حرفاً إلاَّ ذهب به ، فقال بعض من حضر المجلس : فكيف يا رسول الله بالمؤمنين والمؤمنات قال : من أراد الله به خيراً أبقى في قلبه لا إله إلاَّ الله رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : عيسى بن ميمون . . . ) (5) .

---------------------------
(1) ج 4 ص 205 .
(2) ج 4 ص 205 .
(3) الميزان : ج 2 رقم 3327 .
(4) ج 4 ص 205 .
(5) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ج 1 ص 155 .

مشكلة تدوين الحديث _ 37 _

  في سنده : عيسى بن ميمون الواسطي مولى القاسم بن محمد القرشي ، ويقال له : ابن تليدان : قال الهيثمي : وهو متروك (1) ، وقال البخاري : منكر الحديث (2) ، وفي التقريب : وابن ميمون ضعيف من السادسة (3) ، وقال النسائي : ليس بثقة (4) ، وقال الفلاس : متروك (5) ، وقال ابن حبان : يروي أحاديث كلها موضوعة (6) ، وقال ابن مهدي : قلت له : ما هذه الأحاديث التي ترويها عن القاسم عن عائشة قال : لا أعود (7) ، وقال الدارقطني : متروك (8) .
3 ـ ( عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا قعوداً ، نكتب ما نسمع من النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فخرج علينا ، فقال : ما هذا الذي تكتبون ، فقلنا : نسمع منك ، فقال : أكتاب مع كتاب الله ، أمحضوا كتاب الله، وأخلصوه ، قال : فجمعنا ما كتبناه في صعيد واحد ، ثم أحرقناه بالنار ، فقال : أي رسول الله نتحدث عنك ، قال : نعم ، تحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ، قال : قلنا : أي رسول الله، أنتحدث عن بني إسرائيل ، قال : نعم ، تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، فإنكم لا تحدثون عنهم بشيء إلاَّ وقد كان فيهم أعجب منه ، رواه أحمد، وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف ) (9) .

---------------------------
(1) المصدر السابق .
(2) كتاب التاريخ الكبير : 2781 / 6 .
(3) تهذيب التهذيب : ج 8 ص 236 الحاشية .
(4) الضعفاء الكبير : 1427 / 3 .
(5) المجروحين : ج 2 ص 120 .
(6) الجرح والتعديل : ج 3 ص 287 .
(7) المغني : 4834 / 2 .
(8) لسان الميزان : 1244 / 4 .
(9) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: ج 1 ص 155 ـ 156 .

مشكلة تدوين الحديث _ 38 _

  في سنده ـ كما هو مذكور ـ : عبد الرحمن بن زيد : قال الهيثمي : وهو ضعيف (1) ، قال البخاري : ضعفه علي جداً (2) ، قال ابن معين : ليس بشيء (3) ، وقال الحاكم وأبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة (4) ، وقال أبو داود : لا أحدث عنه (5) ، وقال ابن حبان : استحق الترك (6) .
  وفي متنه : ( تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، فإنكم لا تحدثون عنهم بشيء إلاَّ وقد كان فيهم أعجب منه . . . ) فإنه يُشعر بأن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لا يكترث للحديث عن هؤلاء القوم ، وذلك مهما ورد في سياقه من أسطورة أو خرافة ، ومهما تضمَّن من زيف أو حقيقة ، كما أنه لا ينسجم مع حرص النبي على سيادة العلم الصحيح والخبر المتقن والفكرة الواقعية في الوسط الإسلامي ، فيما هو أحرص الناس على شيوع العلوم الدقيقة ، والأخبار الصحيحة خوف الانحراف على الأمة وخشية اختلاط الغث بالسمين ، فتضيع الفائدة ، وبنشر الجهل . . . إن كل هذه المفارقات مما لا يرتضيه الإسلام الذي يوجب التثبت والتدقيق والتمحيص في كل أمر خاصَّة على صعيد العلم ، سواء في مضمار الشريعة أو العقيدة أو التاريخ ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) .

---------------------------
(1) المصدر السابق .
(2) كتاب التاريخ الكبير : ج 5 ص 922 .
(3) الميزان : ج 2 ص 565 .
(4) حلية الأولياء : ج 3 ص 151 .
(5) الضعفاء الكبير : ج 2 ص 926 .
(6) الثقات : ج 7 ص 77 .

مشكلة تدوين الحديث _ 39 _

  أضف إلى ذلك أنه معارض بأحاديث أخرى تنهى عن الحديث عن أهل الكتاب ، وهذه بعضها :
  أ ـ ( عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنهما ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، فإنهم لن يهدوكم ، وقد ضلوا ، فإنكم إمَّا أن تصدّقوا بباطل أو تكذّبوا بحق ، فإنه لو كان موسى حياً بين أظهركم ، ما حلَّ له إلاَّ أن يتبعني ) الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد : ج 1 ص 174 ، ح 61 .
  ب ـ ( وعنه أيضاً أن عمر بن الخطاب أتى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فغضب ، فقال : أمتهوكون فيها يا بن الخطاب ، والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء . . . ) ن . م : ح 62 .
  ج ـ ( عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت ، قال : جاء عمر بن الخطاب إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فقال : يا رسول الله إني مررت بأخٍ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك قال : فتغير وجه رسول الله. . .) ح 63 .
  د ـ ( عن أبي أنملة الأنصاري قال رسول الله: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ، ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالله وكتبه ورسله ، فإن كان حقاً لم تكذبوهم ، وإن كان باطلاً لم تصدقوهم) ح 64 .
4 ـ ( وعن أبي هريرة : لا تكتبوا عني إلاَّ القرآن ، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج . . . ) (1) ، وفي سنده عبد الرحمن بن زيد ، وقد مرَّ حاله (2) .
  وفي متنه : ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) ينطبق عليه ما بيناه قبل قليل ، ولا يوهم أن الحديث عن بني إسرائيل نقلاً عن رسول الله ليرتفع الاستغراب ، إذ لا داعي لكلمة أو لعبارة ( ولا حرج ) ، وإنما هو حديث المجالس والاستئناس وملء الفراغ ، ولا يستطيع الإنسان أن يكشف المناسبة بين منع رسول الله عن كتابة أي شيء إلاَّ القرآن وأمره بمسح كل مكتوب إلاَّ كتاب الله وبين هذه الحرية التي أطلقها لأصحابه في أن يتحدثوا ما يشاءون عن بني إسرائيل لا يوجد أي داع في المقام لمثل هذه النقلة العجيبة في بيان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا يستقيم مع مقتضيات الكلام البليغ .

---------------------------
(1) مجمع الزوائد : ج 1 ص 156 .
(2) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _ 40 _

5 ـ ( أخبرنا يزيد بن هارون ، أنا هشام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ( أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : لا تكتبوا عني شيئاً إلاَّ القرآن ، فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه ) (1) .
6 ـ ( حدثنا عبد الله، حدثني أبي ، ثنا إسماعيل أنا همام بن يحيى ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن ، ومن كتب شيئاً سوى القرآن فليمحه ) (2) .
7 ـ ( حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا شعيب بن حرب قال : أنا همام ، أنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : لا تكتبوا عني شيئاً فمن كتب عني شيئاً فليمحه ) (3) .
8 ـ ( حدثنا هداب بن خالد الأزدي، حدثنا همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أنا رسول الله قال : لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليَّ ـ قال همام : أحسبه قال ـ متعمداً ، فليتبوأ مقعده من النار ) (4) .
  قالوا : وهذا أصحَّ ما ورد في هذا الباب ، وفي سند الحديث (6)، (7)، (8) فضلاً عن زيد بن أسلم : همام بن يحيى : قال محمد بن المنهال الضرير : ( سمعت يزيد بن ذريع يقول : همام حفظه رديء ، قال ابن سعد : كان ثقة ، ربما يخلط ) (5) ، قال أبو زرعة : ( وسألت أبي عن همام ، فقال : ثقة صدوق ، في حفظه شيء ) (6) .
  قال الحسن بن علي الحلواني : ( سمعت عفان يقول : كان همام لا يكاد يرجع ولا ينظر فيه ، وكان يخالف ، فلا يرجع إلى كتابه ، ثم رجع بعد ، فنظر في كتبه ، فقال : يا عفان كنا نخطئ كثيراً فنستغفر الله تعالى ) (7) .

---------------------------
(1) سنن الدارمي : ج 1 ص 119 .
(2) مسند أحمد : ج 3 ص 12 .
(3) المصدر السابق .
(4) المسند ( مسند أحمد ) ج 4 ص 2298 ح 72 عفيف أحمد محمد شاكر .
(5) تهذيب التهذيب : ج 1 ص 108 .
(6) المصدر السابق .
(7) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _ 41 _

  قال ابن حجر : ( وهذا ـ أي عدم رجوعه إلى كتبه أولاً ثم رجوعه إليها أخيراً ـ يقتضي أن حديث همام بآخره أصح ممن سمع منه قديماً ، وقد نصَّ على ذلك أحمد بن حنبل ) (1) ، قال أبو بكر المبرد : ( يحيى بن همام صدوق ، يكتب حديثه ولا يحتج به ) (2) ، قال الساجي : ( صدوق سيئ الحفظ ، ما حدَّث من كتابه فهو صالح ، وما حدث من حفظه فليس بشيء ) (3) .
  ولكن هذا الحديث الذي هو أصحّ ما ورد في هذا الباب على اختلاف طرقه موقوف على أبي سعيد الخدري ولذا ( أعلَّ البخاري وغيرهُ حديث أبي سعيد هذا ، وقالوا : الصواب وقفة على أبي سعيد ) (4) ، قال أبو اليقظان الجبوري : ( هذا أمر صريح بالنهي عن الكتابة ، إلاَّ أن بعض العلماء قالوا : إن هذا الحديث موقوف على أبي سعيد ، وإنه لم يرفعه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ومن جملة الذين قالوا بوقفه على أبي سعيد الإمام البخاري (5) ، هذه هي أم الأحاديث المروية في المنع، وكل حديث منها لا يسلم من علة تخدشه سنداً أو متناً .

--------------------------
(1) المصدر السابق .
(2) المصدر السابق .
(3) المصدر السابق .
(4) البغوي : شرح السنة : ج 1 ص 294 الحاشية .
(5) مباحث في تدوين السنة المطهرة : ص 137 ، كذلك الحديث والمحدثون ، محمد محمد زهو : ص 142 .

مشكلة تدوين الحديث _42 _


مفارقتان منهجيتان :
  في سياق الحديث عن نهي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن تدوين السنَّة ، تقع بعضُ المفارقات والتناقضات ، التي من شأنها أن تخلط بيْنَ غايةٍ ووسيلة غريبة عنها ، ومن إفرازاتها استدلال في غير محلّه ، واستشهاد على حالة بدليل لا يمت إليها بصلة ، وهذا الاضطراب يتأتى من عدم التمحيص بالنصوص ، سواء في مبناها اللغوي اللساني أو في القرائن التي تحفها وتحيط بها .
  من هذه المفارقات أن يستدل بعضهم على كراهة كتابة السُنة في سيرة هذا الصحابي أو ذاك ، وعندما نرجع إلى الدليل المساق نصطدم بثغرة هائلة ، تتجسَّد في عدم فهم ( العلم ) مثلاً ، ففي تصوره يعني الحديث النبوي فيما ذلك ليس على سبيل الحصر، لأنه قد يشير إلى ما كان سائداً من أفكار وآراء وأخبار عن الخلق والتكوين في الأمم السالفة، وعلى الأخص بني إسرائيل، وقد يعني مجموعة التصورات العقائدية المبتناة لدى علمائهم أو المنقولة عنهم .
  ومن المفارقات التي تصادفنا في هذا المجال أن نضفي على الموقف الشخصي لصحابيٍّ ما ، قيمةً تعزيزيَّةً لأحاديث النهي الواردة، في حين هو مجرَّد رأي يحبذ عدم كتابة الحديث وتدوين السنة لأسباب مختمرة في ذهن الصحابي المذكور. وليس استجابة لأمر نبوي أو قرار شرعي أو محاولة للسير على منوال حذاه رسول الله. . . نفهم ذلك من السياق كما سنرى ، ولكي تتضح هذه المفارقات نستعرض بعض صورها .

مشكلة تدوين الحديث _ 43 _

الحالة الأولى:
1 ـ ( ابن يسار يقول : سمعت علياً يخطبُ يقول : أعزمُ على كل من كان عنده كتاب إلاَّ رجع فمحاه ، فإنما هلك الناس حيث اتبعوا أحاديث علمائهم ، وتركوا كتاب الله) (1) .
2 ـ ( وكيع عن الحكم بن عطية عن ابن سيرين قال : نما ضلَّت بنو إسرائيل بكتب ورثوها عن آبائهم ) (2) .
3 ـ ( أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا زيد ثنا حصين عن مرّة الهمداني قال : جاء أبو مرَّة الكندي بكتاب من الشام ، فحمله ، فدفعه إلى عبد الله بن مسعود ، فنظر فيه ، فدعا بطست ، ثم دعا بماء فمرسه فيه ، وقال : إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم الكتب وتركهم كتابهم ، قال حصين : فقال مرَّة : أما إنه لو كان من القرآن أو السُنَّة لم يمحه ، ولكن كان من كتب ) (3) .
  هذه المرويات وغيرها لا نستفيدُ منها أي دعم للنهي ، ولا تصبُّ في ترجيحه ، ولا يترجم عن موقف متجاوب مع هذه الفكرة، وذلك لسببين رئيسيين :
الأول: إن النهي هنا يخصُّ التعاطي والتعامل مع علم موروث عن الآباء والعلماء وليس الأنبياء ، وضلال الكتب متأتي عن كونها وعاءَ تصورات وأفكار غير صحيحة ، وبالجُملة إن هذه المرويات إذا كانت صادقة إنما تكشف لنا عن دور أصحابها في تحصين الأمة من ( العلوم ) الضالة و( الكتب ) المنحرفة ، وهي في ميزان الإسلام ما لا يتفق مع العقل والمنطق ، والتي تؤدي إلى تدهور الأمم وفساد الإنسان ، وليس فيها ما يتصل بقضية الحديث النبوي بسبب إيجابي أو سلبي ، فيما يدرجها البعض في خانة ( كراهة كتابة الحديث ) ويستعملها مادة تعضيد أو تفنيد .
الثاني: إن نفس هؤلاء الذين طالبوا بحرق الكتب الموروثة أو المنقولة كانوا من دعاة كتابة الحديث ـ كما سنرى ـ وفي حوزتهم كتب بعضها بلغ حمل بعير ، الأمر الذي يؤكد أن مقصدهم غير هذا الذي يتصوره كاتب يدافع عن فكرة ( كراهة كتابة الحديث ) ، وينتصر بها على صدق أخبار النبي العظيم في هذا الصدد .

-------------------------------
(1) جامع بيان العلم وفضله : ص .
(2) المصدر السابق .
(3) سنن الترمذي : ج 1 ص 123 ، 124 .

مشكلة تدوين الحديث _ 44 _

الحالة الثانية :
1 ـ ( أخبرنا أبو النعمان ثنا إسرائيل عن عثمان بن أبي المغيرة عن عثمان بن أبي المغيرة عن عفان المحاربي عن أبيه قال : سمعت ابن مسعود يقول يسمعون كلامي ، ثم ينطلقون فيكتبونه ، وإني لا أحلُ لأحدٍ أن يكتب إلاَّ كتاب الله) (1) ، نجدُ في هذا الخبر أن ( عبد الله بن مسعود ) يعبّر عن رأيٍّ شخصي ، ولا يسند موقفه هذا إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) .
2 ـ ( أبو أمامة عن كهمس عن أبي نضرة قال : قيل لأبي سعيد لو كتبنا الحديث فقال : لا نكتبكم ، خذوا عنا كما أخذنا عن نبينا ( صلّى الله عليه وآله ) ) (2) .
3 ـ ( قاسم بن أصبغ ، نا أحمد بن زهير ، قالا : نا مسلم بن إبراهيم ، نا المعقر بن الريان ، عن أبي نضرة قال : قلت لأبي سعيد الخدري : ألا نكتب ما نسمَعُ منك قال أتريدون أن تجعلوها مصاحف ، إن نبيكم ( صلّى الله عليه وآله ) كان يحدثنا فنـحفظ ، فاحفظوا كما حفظـنا ) (3) .
4 ـ ( عبد الوارث بن قاسم ، نا أحمد بن زهير ، نا عبد الله بن عمر ، نا عبد الأعلى ، نا سعيد الجريري ، عن أبي نضرة قال : قلت لأبي سعيد الخدري : إنك تحدثنا عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حديثاً عجيباً ، وإنا نخاف أن نزيد فيه أو ننقص ، قال : أردتم أن تجعلوها قرآناً ، لا ولكن خذوا عنا كما أخذنا عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ) (4) .

-------------------------------
(1) سنن الترمذي : ج 1 ص 125 .
(2) جامع بيان العلم وفضله : ص 64 .
(3) المصدر السابق .
(4) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _ 45 _

  وبغض النظر عن سند هذه الرواية التي كل طرقها تنتهي إلى ( أبي نضرة ) ، إلاَّ أننا إذا دققنا النظر فيها لعرفنا أن أبا سعيد في امتناعه عن إملاء الحديث النبوي ، يعبّرُ عن موقف شخصي ، وليس عن موقف شرعي منصوص عليه ، وتصرفه قائم على تقدير ثبت في ذهنه ، وليس انسجاماً مع سيرةٍ نبوية ، فهو يخشى أن تتحول أحاديث النبي إلى مصاحف ، فناهض تدوينها ، وحث الآخرين على حفظها بالصدور لا بالسطور . . . ولنا هنا ملاحظة . . .
  إن تعلّل أبي سعيد الخدري [ أن تجعلوها قرآناً ] أو [ أن تجعلوها مصاحف ] لا موقع له في ضوء السنة النبوية ذاتها ، فرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أباح الكتابة والتدوين كما ترى مصادر الجمهور ، بل هناك ما يكشف عن تحبيذ وتشجيع . . . ولذا تعلّل الخدري لا يكتسب أي مبرر موضوعي ، لأن الخطر الذي تحسَّسَه لا يمكن أن يغيب عن وحي وإلهام النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وفي اعتقادي أن ( أبا نضرة ) عندما يلتمسُ أبا سعيد الإملاء خشية الزيادة أو النقصان بحديث النبي ، إنما يعبر عن وعي أكثر عمقاً وأكثر أصالة مما يحمله أبو سعيد نفسه ، وهو الرأي الذي كان عليه الوسط الصحابي العام ، إذ أن جل الصحابة ـ كما سنرى ـ كان مع التدوين إلاَّ أن الخليفة الثاني اتخذ سياسة معاكسة عاماً .
  على أي حال أن مذهب أبي سعيد يتصل بإرادته الذاتية وتصوره الفردي الخاص به ، وهو ليس أمارة على أرجحيَّة موقف دون آخر في نطاق الرؤيا الشرعية النبوية الصحيحة ، فيما يخص التدوين أو عدمه ، خاصَّة إذا أمعنا النظر بعلَّة . . . الامتناع التي ساقها أبو سعيد ، وإنها على غير موائمة مع سيرة الرسول وأحاديثه التي نفهم منها بوضوح الرخصة في التدوين .

مشكلة تدوين الحديث _ 46 _


مع بعض الصحابة المانعين :
  قال الخطيب : ( مع ما روي عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) من إباحة للكتابة ، ومع ما كتب في عهده من الأحاديث على يدي من سمح لهم بالكتابة ، نرى أن الصحابة يحجمون عن الكتابة ، ولا يقدمون عليها في الخلافة الرشيدة ) (1) .
  وهنا مجموعة أسئلة يطرحها الباحث الحر ، من هم الصحابة الذين أحجموا عن الكتابة وما هي المبررات ما هو موقف الوسط الإسلامي العام من عجلة التدوين على صعيدي المبدأ والرأي هل في الوسط الصحابي من اتخذ موقفاً معارضاً .

أولاً: مع الصديق:
  ( قالـت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيراً ، فقالت : فغمَّني ، فقلت : أتتقلبُ لشكوى أو لشيء بلغك فلما أصبح ، قال : أي بُنيَّه هلّمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها . . . ) (2) ولكن لماذا ، الجواب في تضاعيف كلام الصديق نفسه إذ قال : ( خشيتُ أن أموت وهي عندي ، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ، ووثقت به ، ولم يكن كما حدثني ، فأكون قد نقلت ذاك . . . ) (3) .

--------------------------------
(1) أصول الحديث : ص 153 .
(2) تذكرة الحفاظ : ج 3 ص 5 .
(3) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _47 _

  ولكن الذهبي يقول : ( وكان ـ أي أبو بكر ـ أول من احتاط في قبول الأخبار . . . ) (1) ويشهد الذهبي لذلك بحادثة أمر ( الجدَّة ) ، فقد ( روي ابن شهاب عن قبيصة بن ذويب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمسُ أن تورث ، فقال : ما أجد لك في كتاب الله شيئاً ، وما علمتُ أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذكر لك شيئاً ، ثم سأل الناس، فقام المغيرة ، فقال : حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يعطيها السدس ، فقال له : هل معك أحد فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك ، فأنفذه لها أبو بكر ) (2) ويعلق الذهبي على هذه الحادثة فيقول : ( ألا تراه ـ أي أبو بكر ـ لما نزل به أمرُ الجدَّة ، ولم يجده في الكتاب ، كيف سأل عنه في السُنّة ، فلما أخبره الثقة ما اكتفى حتى استظهر بثقة آخر ، ولم يقل حسبنا كتاب الله كما تقوله الخوارج ) (3) .
  أقول : فلماذا عمد الصديق إلى حرق هذا الكنز العظيم ، ألا يمكنه أن يستشهد على الأحاديث التي جمعها بثقاة وعدول ، وهم آنذاك كثر ، وعلى مقربة منه ، وذلك كما فعل مع حادثة الجدة إن التبرير الذي ساقه الصديق لا ينسجم مع سيرته التي نوَّه بها الذهبي، السيرة التي تشهد له بـ( التثبت في الأخبار والتحري ، لا سد باب الرواية ) (4) ، إذ كان الأولى به أن يعرض هذه الأحاديث الـ ( خمسمائة ) على الصحابة ، وكل حديث يشهد على صحته اثنان يَمضيه كما أمضى حق الجدَّة وسهمها في الإرث .

--------------------------------
(1) المصدر السابق : ج 3 ص 2 .
(2) المصدر السابق : ج 3 ص 2 ـ 3 .
(3) المصدر السابق .
(4) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _48 _

ثانياً : مع الفاروق :
1 ـ ( عن يحيى بن جعدة أن عمر بن الخطاب ، أراد أن يكتب السُنّة ، ثم بدا له أن لا يكتبها ، ثم كتب إلى الأمصار : من كان عنده شيء فليمحه ) (1) .
2 ـ ( الزهري عن عروة ، أن عُمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن ، فاستثنى أصحاب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في ذلك ، فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ، ثم أصبح يوماً ، وقد عزم الله له ، فقال : إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبوا عليها ، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً ) (2) .
  إن الدافع الذي حدا بالفاروق أن يحول دون كتابة السُنَّة ، والذي اضطرّه إلى محو كل شيء مكتوب . . . هو أن لا ينشغل المسلمون فيها عن كتاب الله، وهذا التعليل وارد في أكثر من مرَّة مارس بها عمر هذه العملية ، كما تروي مصادر الجمهور ، ولكن من حقنا أن نسأل : ترى هل كان هذا المبرر على قدر كبيرٍ من الأهليَّة الواقعية والعلمية ، لا نريد أن نحتكم في الجواب إلى طبيعة القرآن ، ولا إلى ذات الآراء التي تقول : إنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أباح الكتابة بعد أن تمرَّست العقولُ على فهمه وَجُبلتْ النفوسُ على التفاعل مع روحه . . . ولكننا نقول : لو كان هذا التبرير يحمل صفة الشرعية المعقولة ، ولو كان على جانب حقيقي من الموضوعية ، لاستمر النهي عن التدوين ، ولما بدر من رسول الله إذن به .
  فرسول الله أولى من عمر وغيره في درك هذه القضية الحسَّاسة ، ولرتّب عليها هذا الأثر الذي انقدح في ذهن عمر ، جديره ذكرُه : أن رجلاً من أساطين الفكر ، وهو الأستاذ أحمد محمد شاكر استعرض هذا الرأي في تعليل نهي الرسول المزعوم ولم يرتضيه ، واعتبره ضعيفاً (3) .

--------------------------------
(1) جامع بيان العلم وفضله : ص 65 .
(2) المصدر السابق ، ح 1 ص 64 .
(3) الباعث الحثيث : ص 128 / الحاشية .

مشكلة تدوين الحديث _ 49 _

  على أن عمر نفسه نقض رأيه بشكل عملي ، فقد كتب شيئاً من السُنَّة(1) ، بل روى المحدث الشهير ابن عبد البر القرطبي (ت 463) عن ( الضحاك بن مخلد عن ابن جريح عن عبد الملك بن سفيان عن عمه ، أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : قيدوا العلم بالكتاب ) (2) ، فأين موضع هذا الحذر الذي راود عمر ، ولماذا لم يسرِ مفعولُه في هذه المجالات .
  قال الذهبي : ( وهو الذي سنَّ للمحدثين التثبُت في النقل ، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ، فروى الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن أبا موسى سلَّم على عمر من وراء الباب ثلاث مرات ، فلم يؤذن له ، فرجع ، فأرسل عمر في أثره فقال : لم رجعت قال سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا سلم أحدكم ثلاثاً ، فلم يجب ، فليرجع ، قال : لتأتيني على ذلك ببينة ، أو لأفعلن بك ، فجاءنا أبو موسى منتقعاً لونه ، ونحن جلوس ، فقلنا : ما شأنك فأخبرنا ، وقال : فهل سمع أحد منكم فقلنا : نعم ، كلنا سمعه ، فأرسلوا معه رجلاً منهم حتى أتى عمر فأخبره ) (3) .
 ويعلق الذهبي على هذه الواقعة : ( أحب عمر أن يتأكد عنده خبر أبي موسى بقول صاحب آخر ، ففي هذا دليل على أن الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح مما انفرد به واحد . . . ) (4) ، أقول : إن عمر الفاروق ، وهو بهذا الحرص على حديث رسول الله، وبهذه المقدرة الفنية على التثبت . . . وبهذه العقلية النقدية الفاحصة . . . إنه وبكل هذه المواصفات ، ينبغي أن لا يقدم على حرق هذه المدونات الثمينة ، وإنما يجهد ويمل بكل طاقته هذه على تحقيقها وغربلتها ، ولا يأمر بتقليل الرواية بل يضبطها ، ولا يعتقل كبار المحدثين ، بل يطلب أن يحدثوا الناس بسنة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بدقة وأحكام . . .
  هذا هو الموقف الصحيح الذي ينسجمُ مع الإسلام والفكر ، وما يمتاز به الخليفة من قدرة على التصويب والتمييز ، كما يدعي الذهبي وغيره . . . ولو حصل هذا لحفظ لنا التاريخ كنوز نبوية رائعة ، ولجانبت الأمة فتنة الخلاف والاختلاف في قضايا العقيدة والشرع والأخلاق ، ولضمنت وحدتها على قسط كبير من الاطمئنان إلى أحاديث رسول الله وسنته الشريفة .

------------------------------
(1) أصول الحديث : ص 161 ، وراجع مسند أحمد : ج 1 ص 261 .
(2) جامع بيان العلم وفضله : ح 1 ص 72 .
(3) تذكرة الحفاظ : ج 3 ص 6 .
(4) المصدر السابق .

مشكلة تدوين الحديث _50 _

ثالثاً : مع زيد بن ثابت :
1 ـ ( عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث ، فأمر إنساناً أن يكتبه ، فقال له زيد بن ثابت : إن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه ، فمحاه ) (1) .
  ولا نقاش في أن هذا الحديث لا يمكن الركون إليه ، لأن الثابت عند السنّة أن رسول الله أباح الكتابة بعد النهي ، وأن شيئاً من تدوين السُنَّة قد حصل فعلاً بأمره وتوجيهه ، على أن الذي روى ذلك عن زيد هو : عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب : قال أبو حاتم : في روايته عن عائشة مرسلة ، ولم يدركها (2)، وقال أبو حاتم أيضاً : وفي روايته عن غيره من الصحابة مرسلة (3) ، وقال : وغاية حديثه مراسيل (4) .
  وقال ابن سعد : كان كثير الحديث وليس يحتج بحديثه لأنه مرسل كثيراً وليس له لقي ، وعامة أصحابه يدلسون (5) ، وقال ابن أبي حاتم في المراسيل : . . . لم يسمع عن جابر ولا ( زيد بن ثابت ) .
2 ـ ( وكيع عن إسماعيل عن الشعبي : أن مروان دعا زيد بن ثابت وقوماً يكتبون ، وهو لا يدري ، فأعلموه ، فقال : أتدرون لعل كل شيء حدثتكم به ليس كما حدثتكم) (6) في سنده : وكيع وقد عرفنا حاله من قبل .

---------------------------------
(1) جامع بيان العلم وفضله : ج 1 ص 63 .
(2) تهذيب التهذيب : ج 1 ص 332 .
(3) المصدر السابق .
(4) المصدر السابق .
(5) المصدر السابق .
(6) جامع بيان العلم وفضله : ح 1 ص 65 .