2 ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة ج 24 ص 413 .
  3 ـ طبقات اعلام الشيعة ( القرن 7 س 46 ) .
  4 ـ رياض العلماء ج 2 ص 36 و 37 .
  5 ـ اعيان الشيعة الحديثة ج 5 ص 451 .
  6 ـ مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 192 و 193 .
  7 ـ نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ج 5 ص 421 .
  8 ـ مجلة تراثناعدد 5 ص 79 ـ 81 .

  المخطوطة الثالثة : ( في بداية القرن الثامن الهجري )

الدرة النضيدة في شرح الأبحاث المفيدة
  إن أهم ما يرشدنا الى تأريخ المقام في هذه المخطوطة هو أنها كتبت مجاور مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه في الحلة السيفية ، ولكن وللأسف الشديد لم يذكر في النسخة تأريخ صريح ، لأن نسخة الكتاب مخرومة الآخر ، و لتسليط الضوء على هذه النسخة ، نأتي على ذكر أصل الكتاب و مؤلفه و أحوال الشارح للكتاب ومواصفات تلك النسخة ، ومكانها ، وهذا المطلب يتطلب ذكر عدة أمور ، فلنأت على ذكرها .
  الأمر الأول : في أصل الكتاب و مؤلفه .
  أقول : إن أصل الكتاب هو ( الأبحاث المفيدة في تحقيق العقيدة ) وهو في علم الكلام ، وهو مختصر لكتاب ( منهاج الهداية و معراج الدراية ) ، (1) وهو من تآليف آية الله العلامة الشيخ جمال الدين

------------------------------------
(1) هذا ما صرح به مؤلفه العلامة اعلى الله مقامه في اجازته للسيد مهنا بن سنان رَحَمَهُ الله عند سرد مؤلفاته وهي ضمن المسائل المهنائية ـ انظر : بحار الانوار ، ج 104 ، ص 148 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 36 _

  أبي منصور الحسن ابن الشيخ سديد الدين يوسف ابن زين الدين علي بن المطهر الحلي المولود في 29 من شهر رمضان سنة 648 هـ والمتوفّى في يوم السبت الحادي و العشرين من المحرم سنة 726 هـ ، ولم نرَ موجباً لذكر ترجمة له رَحَمَهُ الله ، لأن الكتب الرجالية والفقهية و الحديثية وغيرها تعطرت بأريج ذكره ، ومثلي لا يستطيع وصف مثله .

  الأمر الثاني : في ذكر عدة فوائد تخص هذه النسخة الخطية .
  الفائدة الاولى : في اسم المخطوطة .
  ( الدرة النضيدة في شرح الابحاث المفيدة ) أقول إني لم اَرَ من سمّى هذا الكتاب بهذا الاسم سوى ثلاثة أعلام وهم :
  1 ـ مؤلف الكتاب : وهو الناسخ له وهذا ما صرح به في مقدمة الكتاب .
  2 ـ الواقف للنسخة : وهو الشيخ اسد الله بن محمد مؤمن الخاتوني العاملي المشهدي وهو ما كتبه على ظهر النسخة .
  3 ـ السيد محسن الأمين العاملي رَحَمَهُ الله : في كتابه أعيان الشيعة وهو الذي رأى تلك النسخة بعينه ، وقرأ ما صرح به المؤلف و الواقف على ظهر النسخة ، عِلماً اِّن جميع من كتب عن هذه النسخة سمّاها بـ ( شرح الابحاث المفيدة في تحصيل العقيدة ) دون ذكر الاسم .
  الفائدة الثانية : في أحوال الشارح وهو الناسخ للمخطوطة .
  أقول : هو الشيخ عز الدين ابو محمد الحسن بن ناصر بن ابراهيم الحداد العاملي ، وانفرد السيد الامين في أعيانه بتسميته بمحمد حسن .
  في ثناء العلماء عليه :
  قال الميرزا الافندي رَحَمَهُ الله : الفاضل الكامل العالم الكافل

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 37 _

  المعروف بأبن حداد العاملي ، وله من المؤلفات كتاب ( طريق النجاة ) وينقل عن كتابه هذا الكفعمي رَحَمَهُ الله في حواشي المصباح والعجب ، ان الشيخ المعاصر لم يورده في الآمل ، ووصفه بمكان آخر بالشيخ الجليل . . . ولم أعشرعلى عصره الى الآن ، واعلم انه قد يتوهم ان ابن الحداد العاملي هذا هو بعينه الحداد الحلي ، وهو غلط فاحش ، لأن اسمه الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد ابن الحداد الحلي تلميذ العلامة أعلى الله مقامه (1) .
  وقال الخاتوني ( وهو الواقف للنسخة ) : الشيخ الامام الفاضل الكامل انموذج السلف بقية الخلف عين أعيان الزمان عز الملة والدين أبو محمد حسن بن ناصر الدين ابراهيم الحداد العاملي قدِس سرُّه (2) .
  الفائدة الثالثه : في عصر المؤلف والنسخة .
  أقول : قرأ بعض عليه كتاب ( قواعد الاحكام ) للعلامة الحلي رَحَمَهُ الله فكتب له إنهاءً في الخامس من جمادى الآخرة سنة 725 هـ (3) .
  كما قرأ عنده محمد بن الحسن بن محمد الغزنوي كتاب ( شرائع الاسلام ) فكتب له إنهاءً في آخر الجزء الاول منه بتاريخ 21 محرم سنة 739 هـ (4) .

------------------------------------
(1) انظر : رياض العلماء ج 1/ ص 322 ، و 346 ، واراد بالمعاصر رَحَمَهُ الله الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي تـ 1104 هـ صاحب كتاب ( أمل الآمل ) وهو صاحب كتاب ( وسائل الشيعة ) .
(2) انظر : اعيان الشيعه ، ج 9/ ص 178 .
(3) انظر : تراجم الرجال السيد احمد الحسيني ج 1/ ص 160 .
(4) أنظر : المصدر السابق ص 146 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 38 _

  وقرأ عليه محمد بن ابراهيم كتاباً للعلامة الحلي رَحَمَهُ الله سنة 725 هـ قكتب له في آخره : أنهاه أيده الله تعالى وأبقاه قراءة و بحثا واستشراحاً وحفظاً ضبطا لما ... قصل في معانيه نفعه الله تعالى وايانا بذلك بمحمد وآله الطاهرين ، وذلك في عدة مجالس آخر ( ها ) خامس جمادى الاخرة سنة 725 هـ كتبه العبد ... حسن بن ناصر بن ابراهيم العاملي ، (1) كما كتب على نسخة ( قواعد الاحكام في مسائل الحلال و الحرام ) للعلامة الحلي رَحَمَهُ الله وهي نسخة عصر المصنف ، انهاء الحسن بن ناصر بن ابراهيم العاملي في سنة 725 هـ (2) .
  ولا يبعد أن يكون الشارح من تلاميذ العلامة الحلي رَحَمَهُ الله تـ ( 726 هـ ) ، بل هو المؤكد حسب التواريخ المذكورة آنفاً وعلى هذا ثبت لدينا ان عصر كتابة النسخة هو الربع الاول من القرن الثامن الهجري .
  الفائدة الرابعة : في توهم البعض بأن شرح الابحاث المفيدة لغير ابن الحداد العاملي رَحَمَهُ الله.
  أقول : ان البعض توهم في نسبة الشارح لهذا الكتاب ، فقد نسب هذا الشرح الى الشيخ ناصر بن ابراهيم البويهي الاحسائي العاملي المتوفي بالطاعون في سنة 853 هـ والمجاز من قبل العلامة البياضي رَحَمَهُ الله صاحب كتاب ( الصراط المستقيم ) ، وهو من علماء المائة التاسعة وهو

------------------------------------
(1) انظر : مكتبة العلامة الحلي ، ص 129 ، ( ها ) زيادة يقتضيها السياق .
(2) انظر : الذريعة ج 17 / ص 176 ، وقد اورده الشيخ صاحب الذريعة بأسم ( الحسين ) والأصح كما اثبتناه ، ولعل الحسين تصحيف وكثيرا ما يحدث بين اسمي الحسن والحسين ، او لعله من خط النساخ .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 39 _

  صاحب الحاشية على القواعد للعلامة و حواشيٍ كثيرة على كتب الفقه ووقع هذا الاشتباه في كل من الكتب التالية :
  1 ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة ( للشيخ اغا بزرك الطهراني ) ، ج 3 ص 57 .
  2 ـ معجم المؤلفين ( لعمر كحالة ) ، ج 13 ص 67 .
  3 ـ مقدمة تحقيق كتاب ( قواعد الاحكام ) للعلامة الحلي رَحَمَهُ الله ص 49 تحقيق مؤسسة النشر الاسلامي ط 1 ( 1412 هـ قم المقدسة ) .
  4 ـ فهرس الكتب الخطية في مكتبة الامام الرضا عَليه السلام ( آستان قدس رضوي ) ط 2 ج 13 ص 132 تحت رقم 141 ، تحقيق سيد علي اردلان جوان / فارسي .
  والظاهران اصل الاشتباه من هذا الكتاب ، لاعتماد الجميع على اعتقاد صحة ما في الفهرست .
  الفائدة الخامسة : في مواصفات النسخة .
  بداية النسخة : بعد البسملة الحمد له والصلاة على نبيه صلى الله عليه و آله . . . فقد سألني بعض أصحابي الكريم لدي والواجب الحق عليّ المفتخر بأعظم جرثومة والمنتسب الى أكرم أرومة إملاء شرح المباحث المفيدة في تحصيل العقيدة من تصنيف شيخنا الامام (1) ... بكتاب موسوم بالدرة النضيدة ...
  نهاية النسخة : النهاية وللأسف الشديد مخرومة الآخر ، ولكن يظهر أن الذاهب منها شيء قليل لأن فيها قبل الاخر بورقتين الفصل الثامن في المعاد .

------------------------------------
(1) ثم اخذ بنعت العلامة الحلي رَحَمَهُ الله وكلمة شيخنا تدل على انه من تلامذة العلامة الحلي رَحَمَهُ الله.

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 40 _

ماكتب على ظهر النسخة :
  خط المؤلف : ابتدأت في تصنيفه ثامن عشرين شعبان وفرغت في أربع عشرين رمضان فكان مجموع المدة ستة وعشرين يوما وذلك في الحلة مجاور مقام صاحب الزمان على ساكنه أفضل الصلاة والسلام(1) .
  خط الواقف : كتاب ( الدرة النضيدة في شرح الابحاث المفيدة ) تصنيف الشيخ الامام الفاضل الكامل انموذج السلف بقية الخلف عين أعيان الزمان عز الملة والدين ابو (2) محمد حسن بن ناصر الدبن ابراهيم الحداد العاملي قدَّس سرُّه .
  الواقف للنسخة : الشيخ أسد الله بن محمد مؤمن الخاتوني ، سنة الوقف : 1067 هـ
  كاتب النسخة : بخط يد المؤلف نفسه .
  نوع الخط : نستعليق تحريري .
  عدد الورقات : 49 ورقة .
  حجم الورقة : 20 × 11 سم .
  عدد الأسطر : 30 سطر في الورقة الوحدة .
  لون الغلاف : بني ( دارسيني ) .
  مكان النسخة : مشهد / مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ( آستان قدس رضوي ) رقم 141 .

------------------------------------
(1) قال السيد محسن العاملي رَحَمَهُ الله : ولكنه مع الاسف لم يذكر التاريخ وهذا الشرح بهذه السرعة يدل على كمال فضله .
(2) كذا في الاصل ، وصوابها : ابي محمد .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 41 _

  أقول : لا يبعد أن يكون المؤلف كتب هذه النسخة في مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف الواقعة بجانب هذا المقام كما صرحنا به في المخطوطة الاولى من هذا الباب .
  يقول كاتب هذه السطور : إن من فضل الله ومننه السابغة عليّ أن وفقني لرؤية تلك النسخة وذلك في خلال زيارتي الرابعة لسيدي ومولاي الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وفي الأول من شهر جمادى الآخرة من سنة 1425 هـ وذلك بفضل الجهود المشكورة من قبل ادارة المكتبة الرضوية على المنسوبة اليه أفضل الصلاة والسلام ، وقبلت النسخة ووضعتها على عيني تبركاً بها ، لكن في البداية لم ارَ ما رآه صاحب الاعيان على ظهر النسخة من خط المؤلف والواقف وبعد تفحصي للنسخة ظهر أن ورقة وضعت على ظهر النسخة في أثناء تجليدها بأخفت ما كتب على ظهر النسخة ، فأخبرت ادارة المكتبة بأهمية ما كتب على ظهرها ، فقامت ادارة المكتبة يجهود مشكورة وبدون تلف لما كتب على ظهر النسخة برفع تلك الورقة التي اخفت تلك المعالم ، و طلبوا مني أن اصحح ما وقع من الاشتباه عند صاحب الفهرست عن هذه النسخة ، فكتبت في ورقة معزولة اسم النسخة و مؤلفها الأصلي وعصره واُرفقت الورقة التي كتبتها مع النسخة الأصلية وهذا بمنّه وفضله سبحانه عليّ والحمد لله رب العالمين .
  راجع عن هذه النسخة الخطية :
  1 ـ أعيان الشيعة ، العاملي ، ج 44 ص 86 طبعة قديمة ، وج 9 ص 178 طبعة حديثة .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 42 _

  2 ـ فهرست مكتبة الامام الرضا ( آستان قدس رضوي ) / فارسي ج 13 طبعة 2 ص 132 رقم 141 تحقيق سيد علي اردلان جوان .
  ملاحظة : توجد صورة لتلك النسخة اُخذت عن النسخة الخطية أوردتها في الباب الثاني عشر من كتابنا هذا .

  المخطوطة الرابعة : ( في سنة 723 هـ / 1302 م )

تحرير الاحكام الشرعية على مذهب الامامية
  إن أهم ما يرشدناالى تاريخ المقام في هذه المخطوطة ، هي أنها كتبت في داخل المقام سنة 723 هـ ، ولتسليط الضوء على النسخة نأتي على ذكر اسم النسخة ومؤلفها وأحوال الناسخ ومواصفات تلك النسخة ومكانها وهذا المطلب يتطلب عدة أمور فلنأت على ذكرها :

  الأمر الأول : في اسم الكتاب ومؤلفه .
  ( تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الأمامية ) ، تأليف : العلامة الحلي رَحَمَهُ الله الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي ( 648 ـ 726 هـ ) ، من المتون الفقهية المهمة للعلامة رَحَمَهُ الله صاحب الموسوعات الفقهية والمصنفات الاصولية والكلامية ، وهو دورة كاملة من الطهارة الى الديات ، يشتمل على معظم المسائل الفقهية ، مع إيراد أكثر المطالب التكليفية الشرعية الفرعية ، من غير تطويل بذكر حجة ودليل ، مقتصرا على مجرد الفتوى ، تاركا الأستدلال ، مستوعباً الفروع والجزئيات ، مستخرجاً لفروع لم يسبق إليها ، مرتباً على ترتيب كتب الفقه في أربع قواعد في العبادات ،

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 43 _

  المعاملات ، الإيقاعات ، الأحكام ، صنفه العلامة في 10 ربيع الأول من سنة 690 هـ (1) .
  الأمرالثاني : في اسم الناسخ وأحواله .
  اسم الناسخ : محمود بن محمد بن بدر .
  أقول : وأحتمل أنه محمود بن محمد بن بدر الرازي الغزي المجاور بالحرم الشريف الغروي الناسخ لكتاب ( مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ) للعلامة الحلي رَحَمَهُ الله وفرغ من نسخه يوم الأربعاء 24 شوال سنة 737 هـ ونسخة الكتاب المذكور هي الموجودة في مكتبة الآخوند في همدان وتحت رقم 4591 (2) .
  أقول : ويظهر منها أنه انتقل الى الغري بعد وفاة العلامة رَحَمَهُ الله.
  مكان النسخ : في مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف بالحلة .
  تأريخ النسخ : فرغ منها يوم الثلاثاء سادس رجب سنة 723 هـ ( وهي نسخة عصر المؤلف ) .
  مواصفات النسخة : ( تحتوي على القاعدة الأولى والثانية ) ، وبها سقط في أولها وآخرها ، استنساخها غير جيد ، ويوجد في ( نهاية القاعدة الأولى ) تاريخ النسخ ، وفي حاشيتها توجد تصحيحات ، كما يوجد عليها إنهاء المؤلف للكتاب في 26 جمادى الآخرة سنة 724 هـ

------------------------------------
(1) انظر : مجلة تراثنا عدد 68 وكتاب الذريعة ج 3 ص 378 .
(2) انظر : مكتبة العلامة الحلي ص 177 ، علما انني كتبت ( همدان ) بالدال المهملة مع ان حقها ان تكتب بالمعجمة ( همذان ) وبفتح الميم لكن جرينا على شائع الاستعمال عند المتاخرين و ( همدان ) بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة اسم قبيلة يمانية ( قحطانية ) كانت من شيعة الامام امير المؤمنين عليه السلام .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 44 _

  عدد الورقات : 261 .
  عدد الأسطر : 26 سطر .
  حجم الورقة : 23 × 16 سم .
  لون الغلاف : أحمر ، العطف بني .
  مكان النسخة : قم المقدسة ، مكتبة السيد المرعشي رَحَمَهُ الله رقم ( 6732 ) .
  يقول كاتب هذه السطور : إنّ من فضل الله ومننه السابغة علي أن وفقني لرؤية تلك النسخة وذلك في خلال زيارتي الخامسة لسيدي ومولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام ، في آخر شهر شعبان من سنة 1425 هـ ، وذلك بفضل الجهود المشكورة من قبل إدارة مكتبة السيد المرعشي رَحَمَهُ الله في بلدة قم المقدسة المحوسة بالعلم والعلماء وبخصوص جهود الحجة السيد محمود المرعشي ( دامت بركاته ) ، وهي من نفائس مخطوطات تلك المكتبة بحيث انني رأيت النسخة محفوظة في صندوق زجاجي مفرغ من الهواء في معرض نفائس مخطوطات تلك المكتبة .
  أقول : والآن نأتي على وصف ما رأيته في آخر تلك النسخة .
  تمت القاعدة الاولى وهي العبادات من كتاب التحرير ويتلوه الجزء الثاني منه وهي القاعدة الثانية في المعاملات وفرغ من تسويد مصنفه حسن بن يوسف بن مطهر ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الاول من سنة تسعين وستمائة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين .
  و كتب الناسخ : هذه صورة خط المصنف دام ظله وأبقاه وفرغ

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 45 _

  العبد الاصغر من كتابته وهو محمود بن محمد بن بدر وقد ... يوم الثلاثاء سادس من شهر رجب الاصم عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة في ... (1) صاحب الزمان بالحلة المحروسة حماها الله اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات بحق محمد وآله الاخيار الابرار ، بلغت المقابلة بنسخة الاصل .
  خط المؤلف : انهاه ... الله تعالى ... مجالس آخرها سادس عشرين جمادى الآخر من سنة اربع وعشرين وسبعمائة كتبه حسن يوسف المطهر ( كذا ) الحلي ... حامداً مسلماً مستغفراً ( علماً ان خط العلامة عليها بدون نقط ) .
  أقول : لعل إنهاء العلامة الحلي رَحَمَهُ الله على هذه النسخة في مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ونسخ كتبه من قبل تلامذته أو النساخ في عصره في هذا المقام دليل على أن المقام كان موضع درسه ، فاذا كان موضع درسه فهو بعينه موضع درس ولده فخر المحققين رَحَمَهُ الله(2) .
  راجع عن هذه النسخة :

------------------------------------
(1) وللأسف الشديد قد سقطت كلمة مقام من أثر تلف وقع على النسخة بسبب حشرة الارضة .
(2) كما صرح به ولده محمد فخر المحققين تـ 771 هـ حينما أجاز الشيخ زين الدين علي ابن عز الدين حسن بن مظاهر ، فكتب بخط يده في آخر اجازته لهذا الشيخ ما صورته ( وكتب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر في عاشر ربيع الاول لسنة خمس وخمسين وسبعمائة ببلدة الحلة بمجلس والدي الذي كان في حياته يدرس به والحمد لله وحده ... ) .
  انظر : بحار الانوار ج 107 / ص 181 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 46 _

  1 ـ مكتبة العلامة الحلي للمحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي رَحَمَهُ الله ص 97 .
  2 ـ فهرست مكتبة السيد المرعشي رَحَمَهُ الله ج 17 ص 285 رقم 6732 .
  ملاحظة : توجد صورة لتلك النسخة اُخذت عن النسخة الخطية أوردتها في الباب الثاني عشر من كتابنا هذا .

  المخطوطة الخامسة : ( سنة 776 هـ / 1355 م )

قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام
  وأهم ما يرشدنا في هذه المخطوطة انها كتبت في مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في سنة 776 هـ وهذا ما نطلبه نحن في بحثنا هذا ولمعرفة الامور التي تخص تلك النسخة نأتي على ذكر عدة أمور مهمة منها :
  الأمر الاول : وقفة مع الكتاب ومؤلفه .
  ( قواعد الاحكام في معرقة الحلال والحرام ) : هو كتاب في الفقه ومسائل الحلال والحرام من تصانيف آية الله العلامة الحلي رَحَمَهُ الله المتوفى سنة 726 هـ ، وهو أجل ما كتب في الفقه الجعفري بعد كتاب ( شرائع الاسلام ) فهو حاوٍ لجميع أبواب الفقه ، وقد لخص مؤلفه فتاواه ، وألفه بالتماس ولده فخر الدين وختمه بوصية غراء لولده فخر الدين ، وقد اعتمد عليه كافة المتأخرين وعلقوا عليه الحواشي وشرح شروحاً كثيرة (1) .
  إسم الناسخ : جعفر بن محمد العراقي وأخوه الحسين بن محمد العراقي .

------------------------------------
(1) انظر : الذريعة ج 14 ص 17 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 47 _

  تاريخ النسخ : هناك اختلاف يسير بين صاحب فهرست مكتبة الآخوند في همدان وبين السيد المحقق عبد العزيز الطباطبائي رَحَمَهُ الله في كتابه ( مكتبة العلامة الحلي ) ، حول تاريخ بداية ونهاية نسخ النسخة ، وأظن من كلام السيد الطباطبائي في وصفه النسخة انه رآها ، فلنأت على قولهما : قال صاحب الفهرست ( ما ترجمته بالعربية ) : البداية في يوم السبت أول جمادى الآخرة 776 هـ ( خمسين سنة بعد وفاة المؤلف ) قام كاتب هذه النسخة بعد اتمام كتابتها بمقابلتها وتصحيحها وكتب في آخرها : قمت بمقابلة وتصحيح هذه النسخة مع نسخة صحيحة موجودة في مدرسة صاحب الزمان بمدينة الحلة في فصل حار وبتعب شديد ، حتى أتممت المقابلة في 12 جمادى ألاول سنة 786 شهر رمضان ثم يضيف : فلاغت من قراءة و حل الكلمات المشكله في 786 هـ
  وقال الطباطبائي رَحَمَهُ الله في كتاب ( مكتبة العلامة الحلي ) : فرغ منها يوم السبت غرة جمادى الآخرة ثم قابلها وصححها على نسخة مصححة معتمدة في مقام صاحب الزمان بالحلة سنة 776 هـ جزءان في مجلد (1) .
  مواصفات النسخة : الحجم وزيري ، يوجد في عدة مواضع عبارة ( بلغت المقابلة ) وكذلك توجد حواش عديدة من الكاتب في هذه النسخة ، وفي أول الكتاب توجد بعض الفروع تم نقلها من ( الرسالة الحائرية ) وتوجد بعض الاوراق ساقطة في أول الكتاب .
  أقول : قال السيد الطباطبائي رَحَمَهُ الله بعد إيراد الكلام عن هذه النسخة .

------------------------------------
(1) انظر : مكتبة العلامة الحلي ص 144 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 48 _

  مخطوطة أخرى ( أي من كتاب قواعد الاحكام ) كتبها حسين بن محمد العراقي لأبنه سعد الدين محمد ، وانتهى في غرة جمادى الآخرة سنة 776 هـ في الحلة في مدرسة صاحب الزمان ، قابله جعفر بن محمد العراقي ( واظنه اخا الكاتب ) في 18 رمضان سنة 786 هـ
  كما كتب المحقق الحجة آية الله العظمى السيد محمد مهدي الخرسان ( دام ظلّه ) في بعض افاداته الخطية ونقلته عنه في منزله قائلاّ : أو ثمة مدرسة باسم صاحب الزمان قد اندثرت ، وقد كتب الاخوان جعفر والحسين ابنا محمد كتاب ( قواعد الاحكام ) للعلامة كتب كل منهما مجلداً في سنة 776 هـ وصححاه على نسخة صحيحة في مدرسة صاحب الزمان بالحلة ، والنسخة لا تزال موجودة في مكتبة غرب بهمدان .
  مكان النسخة : مكتبة الآخوند في همدان في ايران وبرقم 927 .
  راجع عن هذه النسخة :
  1 ـ فهرست نسخةهاى خطى كتابخانه ها ، رشت وهمدان ) فارسي ، ج 17 ص 1346 رقم 927 .
  2 ـ مكتبة العلامة الحلي للمحقق الطباطبائي رَحَمَهُ الله ، ص 144 .
  المخطوطة السادسة : ( سنة 957 هـ / 1537 م )

المختصر النافع
  وأهم ما يرشدنا في تاريخ المقام في هذه النسخة وجوده بوجود المدرسة التي بجانبه والتي سوف نتحدث عنها فيما بعد حيث ، تاريخ هذه

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 49 _

  النسخة سنة 975 هـ ، فلنأت على أهم ما يخصنا عن هذه النسخة :
  أقول : ( المختصر النافع ) لنجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي المشهور بالمحقق على الاطلاق ، وحيد عصره ، كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم الستحضالا ، تـ شهر ربيع الآخر سنة 676 هـ ، وهو خال العلامة الحلي رَحَمَهُ الله وكتابه هذا لخصه من كتابه ( شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام ) وهو مرتب على أربعة أقسام العبادات والعقود والايقاعات والأحكام .
  تاريخ النسخ : 16 شهر ربيع الأول سنة 957 هـ
  مكان النسخ : مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحلة السيفية .
  مكان النسخة : ايران ـ مشهد ( خراسان ) في مكتبة عبد الحميد مولوي الشخصية .
  هذا ما نقلته من بعض افادات آية الله السيد الحجة محمد مهدي نجل المحقق السيد آية الله حسن الخرسان ، وذلك في شهر رمضان سنة 1425 هـ بعد حضورنا مجلس العزاء والدرس وتلقي ما يلقيه علينا من درر التحقيق والتدقيق في الروايات الحديثية والتاريخية والحمد لله رب العالمين .
  أقول : هذا آخر ما حصلت عليه من ذكر مخطوطات تتعلق في تاريخ مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحلة .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 51 _

الباب الثالث
في ذكر تاريخ مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف من خلال الحكايات

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 53 _

  ورد في كتاب ( السلطان المفرج عن أهل الإيمان ) (1) ثلاث حكايات وقعت ببركة صاحب المقام عجل الله تعالى فرجه الشريف في القرن الثامن الهجري ، لم تقتري الحكاية الأولى بتاريخ لكن الحكايتين التاليتين ورد فيهما تاريخ صريح ، فلنورد الحكاية الأولى ثم الثانية والثالثة تباعاً ...
  وقبل أن ننقل الحكايات الثلاث ، تذكر ترجمة صاحب الكتاب ، وثناء العلماء عليه حتى يتبين لنا صدقه في النقل .
  أقول : إن مؤلف كتاب ( السلطان المفرج عن أهل الإيمان ) ، هو السيد بهاء الدين علي ابن السيد غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد بن عبد الله بن أحمد بن حسن بن علي بن محمد بن علي غياث الدين (2) ابن السيد جلال الدين عبد الحميد(3) بن عبد الله بن أسامة (4) بن أحمد بن علي بن محمد بن عمر (5) بن يحيى ( القائم

------------------------------------
(1) نقلاً عن بحار الأنوار / للعلامة المجلسي ( أعلى الله مقامه ) .
(2) الذي خرج عليه جماعة من العرب بشط سوراء بالعراق وحملوا عليه وسلبوه فمانعهم عن سلب سراويله فضربه أحدهم فقتله وكان عالماً تقياً .
(3) الذي يروي عنه محمد بن جعفر المشهدي في المزار الكبير وقال فيه : أخبرني السيد الأجل العالم عبد الحميد بن التقي عبد الله بن أسامة العلوي الحسيني رَضيَ اللهُ عَنه في ذي القعدة نم سنة ثمانين وخمسمائة قراءة عليه بحلة الجامعين .
(4) متولّي النقابة بالعراق .
(5) الوئيس الجليل الذي رد الله على يده الحجر الأسود لما نهبت القرامطة مكة في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وأخذوا الحجر وأتو به إلى الكوفة وعلقوه في السارية السابعة من المسجد التي كان ذكرها أمير المؤمنين عليه السلام فإنه قال ذات يوم بالكوفة : لا بد أن يسلب في هذه السارية وأومى إلى السارية السابعة والقصة طويلة وبنى قبة جده أمير المؤمنين عليه السلام من خالص ماله .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 54 _

  بالكوفة ) ابن الحسين ( النقيب الطاهر ابن أبي عاتقة أحمد الشاعر المحدث ) ابن أبي علي عمر بن أبي الحسين يحيى (1) ابن أبي عاتقة الزاهد العابد الحسين (2) بن زيد الشهيد ابن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السَّلام النيلي (3) النجفي النسابة .
  وهو من مشايخ العلامة أبي العباس أحمد بن فهد المجاز منه في 791 هـ أدرك أواخر عهد فخر المحققين تـ 771 هـ والسيدين العلمين عميد الدين وضياء الدين والشهيد محمد بن مكي العاملي ويروي عنهم جميعاً ، كما يروي عن الشيخ المقريء والحافظ شمس الدين محمد بن قارون وغيرهم .
  وأما كتابه هذا فقد نقل عنه الشيخ حسن ين سليمان الحلي ( من علماء القرن التاسع ) في كتابه ( مختصر بصائر الدرجات ) ص 176 ، والعلامة المجلسي رَحَمَهُ الله في ( بحار الأنوار ) ، والميرزا الافندي رَحَمَهُ الله في ( رياض العلماء ) والبهبهاني رَحَمَهُ الله في ( الدمعة الساكبة ) .

------------------------------------
(1) من أصحاب الكاظم عليه السلام المقتول سنة خمسين ومثتين الذي حمل رأسه في قوصرة إلى المستعين .
(2) الملقب بذي الدمعة الذي رباه الإمام الصادق عليه السلام وأورثه علماً جمّا .
(3) النيل : بلدة تقع على نهر النيل ، وهو يتفرع من نهر الفرات العظمى احتفره الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 82 هـ وهي مركز الإمارة المزيدية قبل تأسيس الحلة .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 55 _

  ويظهر من بعض حكايات الكتاب أن تاريخ كتابته سنة 789 هـ (1) وللسيد هذا كتب أخرى لا أرى بايراد أسمائها هنا بأساً :
  أ ـ كتاب الأنوار المضيّة في الحكم الشرعية .
  ب ـ كتاب الغيبة .
  جـ ـ كتاب الدر النضيد في تعازي الحسين الشهيد .
  د ـ سرور أهل الإيمان .
  هـ ـ كتاب الانحراف من كلام صاحب الكشاف .
  و ـ كتاب الأنصاف في الرد على صاحب الكشاف .
  ز ـ كتاب شرح المصباح للشيخ الطوسي .
  ي ـ كتاب الرجال ( ينسب اليه ) .
  في الثناء عليه :
  قال تلميذه ابن فهد الحلي رَحَمَهُ الله تـ 841 هـ : حدثني المولى السيد السعيد الإمام بهاء الدين ...
  وقال تلميذه الشيخ حسن بن سليمان الحلي رَحَمَهُ الله : ومما رواه لي ورويته عنه السيد الجليل السعيد الموفق الموثق بهاء الدين ...
  وقال العلامة المجلسي رَحَمَهُ الله : السيد النقيب الحسيب بهاء الدين ...
  وقال الميرزا الافندي رَحَمَهُ الله : السيد المرتضى النقيب الحسيب

------------------------------------
(1) وللاسف الشديد ان هذا الكتاب لم يطبع إلى الآن برغم وجود نسخه الخطية في المكتبات العامة فمن قلمنا هذا ندعو مؤسسات النشر والتأليف إلى اخراجه للطبع وطبع كتب هذا السيد الجليل وتحقيقها خدمة للمذهب الإمامي واحياءً لآثار هذا السيد الجليل .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 56 _

  النسابة الكامل السعيد الفقيه الشاعر الماهر العالم الفاضل الكامل صاحب المقامات والكرامات العظيمة قدس الله روحه الشريفة كان من أفاضل عصره . . . وقال الميرزا النوري رَحَمَهُ الله : السيد الأجل الأكمل الارشد المؤيد العلامة النحرير ، (1) كان حياً سنة 800 هـ

الحكاية الأولى :
حكاية أبي راجح الحمامي الشيخ الذي أصبح شاباً


  نقل العلامة المجلسي ( 1037 ـ 1111 هـ ) في بحار الانوار عن كتاب ( السلطان المفرج عن أهل الايمان ) تأليف العامل الكامل السيد علي بن عبد الحميد النيلي النجفي ، انه قال : فمن ذلك ما اشتهر وذاع ، وملأ البقاع ، وشهد بالعيان أبناء الزمان ، وهو قصّة أبي راجح الحمامي بالحلة ، وقد حكى ذلك جماعة من الاعيان الاماثل ، وأهل الصدق الافاضل ، منهم الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون سلّمه الله تعالى قال :
  كان الحاكم بالحلة شخصاً يدعى مرجان الصغير ، فرفع إليه أنّ أباراجح هذا يسبّ الصحابة ، فأحضره وأمر بضربه فضرب ضرباً شديداً مهلكاً على جميع بدنه ، حتى انه ضرب على وجهه فسقطت ثناياه ، وأخرج لسانه فجعل فيه مسلّة من الحديد ، وخرق النفه ، ووضع فيه شركة من الشعر وشدّ فيها حبلاً وسلمه الى جماعة من اصحابه ،

------------------------------------
(1) انظر : رياض العلماء ج 4 / ص 88 و 124 ـ 130 ، خاتمة المستدرك ط ح ص 435 ، سفينة البحار ج 2 / ط . ح / ص 248 الذريعة في أجزائها وطبقات أعلام الشيعة .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 57 _

  وأمرهم أن يدوروا به أزقّة الحلة ، والضرب يأخذه من جميع جوانبه ، حتى سقط الى الارض وعاين الهلاك ، فأخبر الحاكم بذلك ، فأمر بقتله ، فقال الحاضرون انه شيخ كبير ، وقد حصل له ما يكفيه ، وهو ميّت لما به فاتركه وهو يموت حتف أنفه ، ولا تتقلّد بدمه ، وبالغوا في ذلك حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه ولسانه ، فنقله أهله في البيت ولم يشكّ أحدّ أنه يموت من ليلته .
  فلما كان من الغد غدا عليه الناس فاذا هو قائم يصلّي على أتم حالة ، وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت ، واندملت جراحاته ، ولم يبق لها أثر ، والشجّة قد زالت من وجهه !
  فعجب الناس من حاله وساءلوه عن أمره فقال : اني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان اسأل الله تعالى به فكنت اسأله بقلبي واستغثت الى سيدي ومولاي صاحب الزمان عليه السَّلام .
  فلما جنّ عليّ الليل فاذا بالدار قد امتلأت نوراً وإذا بمولاي صاحب الزمان عليه السَّلام قد أمرّ يده الشريفة على وجهي وقال لي : ( اخرج وكدّ على عيالك ، فقد عافاك الله تعالى ) فأصبحت كما ترون .
  وحكى الشيخ شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال :
  وأقسم بالله تعالى إن هذا ابو راجح كان ضعيفاً جداً ، ضعيف التركيب ، اصفر اللون ، شين الوجه ، مقرض اللحية ، وكنت دائماً أدخل في الحمام الذي هو فيه ، وكنت دائماً أراه على هذه الحالة وهذا الشكل .
  فلما أصبحت كنت ممن دخل عليه ، فرأيته وقد اشتدّت قوته وانتصبت قامته ، وطالت لحيته ، واحمر وجهه ، وعاد كأنّه ابن عشرين سنة ولم يزل على ذلك حتى أدركته الوفاة .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 58 _

  ولما شاع هذا الخبر وذاع ، طلبه الحاكم و أحضره عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة ، وهو الان على ضدّها كما وصفناه ، ولم يرَ لجراحاته أثراً ، وثناياه قد عادت ، فداخل الحاكم في ذلك رعب عظيم ، وكان يجلس في مقام الأمام عليه السَّلام في الحلة ويعطي ظهره القبلة الشريفة ، فصار بعد ذلك يجلس ويستقبلها ، وعاد يتلطّف بأهل الحلة ، ويتجاوز عن مسيئهم ، ويحسن الى محسنهم ، ولم ينفعه ذلك بل لم يلبث في ذلك الا قليلاً حتى مات (1) .
  أقول : روحي وأرواح العالمين لك الفداء .
  إيه أيتها الجوهرة المحفوفة بالاسرار كم جهلناك وكم بخسناك حقك ؟!   كم أغفلنا ذكرك وانشغلنا بغيرك كم سرحنا أفكارنا بعيداً عنك ؟
  أترك تعطف علينا اليوم بنظرة من تلك التي مننت بها على ذاك الرجل صاحب الحمام ( العمومي ) ، فتمسح قلوبنا بذاك الاكسير ؟! . . . فنحن في هذا الحمى .

بحث حول الحكاية :
  أقول : إن هذه الحكاية مشهورة ومتواترة النقل في عصر المؤلف السيد بهاء الدين وتناقلها علماء الحلة ، انظر إلى قول السيد في بداية الحكاية ( فمن ذلك ما اشتهر وذاع وملأ البقاع وشهد بالعيان أبناء الزمان . . . وقد حكى ذلك جماعة من الأعيان الأماثل وأهل الصدق الأفاضل ) .

------------------------------------
(1) انظر : بحار الانوار ج 52 / ص 71 ، النجم الثاقب ج 2 / ص 219 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 59 _

  في أحوال راوي الحكاية وعصرها :
  أقول : إن راوي الحكاية هو شمس الدين محمد بن قارون الذي لم أجد له ترجمة في كتب الرجال ، فللفائدة والاستدراك على الكتب الرجالية نذكر ترجمته :
  قال السيد بهاء الدين : انه من الأعيان وأهل الصدق الأفاضل ، وقال عنه أيضاً الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون ... (1) المحترم العامل الفاضل ... (2) الشيخ العالم الكامل القدوة المقري الحافظ المحمود المعتمرشمس الحق والدين محمد بن قارون (3) .
  وكما قال عنه الشيخ شمس الدين محمد بن قارون السيبي ، (4) وكما وصفه أيضاً الشيخ عز الدين حسن بن عبد الله بن حسن التغلبي بـ ( الشيخ الصالح محمد بن قارون ) ، (5) كان حياً سنة 759 هـ
  فهو يعد من مشايخ السيد بهاء الدين ، يعني أن شمس الدين كان بالقطع معاصراً للشهيد الأول ( 734 ـ 786 هـ ) فاذن وجود شمس الدين محمد بن قارون في بداية القرن الثامن الهجري حياً وروايته لهذه الحكاية ، يدل على أن الحكاية وقعت في النصف الأول من هذا

------------------------------------
(1) انظر : بحار الأنوار / المجلسي رَحَمَهُ الله ، ج 52 / ص 71 .
(2) انظر : المصدر السابق ص 72 .
(3) انظر : جنة المأوى / النوري رَحَمَهُ الله ص 202 .
(4) نسبة إلى ( السيب ) بكسر أوله وسكون ثانيه ، وهو نهر في ذنابة الفرات بقرب الحلة ، وعليه بلد يسمى باسمه .
(5) كتاب الدر النضيد في تعازي الحسين الشهيد نقلا عن رياض العلماء ج 2 / ص 11 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 60 _

  القرن السالف الذكر والدليل على ذلك الحكاية الثانية التالية والتي يرويها أيضا شمس الدين محمد بن قارون والحاصلة في سنة 744 هـ
  وهو غير الشيخ الفقيه الصالح شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح السيبي القسيني ، تلميذ السيد فخار بن معد الموسوي المجاز منه سنة 630 هـ ( وهي سنة وفاة السيد فخار ) وهو صغير لم يبلغ الحلم وأجازه الشيخ والده أحمد سنة 635 هـ وأجازه الشيخ محمد بن أبي البركات اليماني الصنعاني سنة 636 هـ والمجيز لنجم الدين طومان بن أحمد العاملي سنة 728 هـ فإن هذا الشيخ متقدم على الشيخ شمس الدين محمد بن قارون السيبي(1) .

تنبيه لكل نبيه :
  قال ابن بطوطة في رحلته ( سافرنا من البصرة فوصلنا إلى مشهد علي ابن ابي طالب رَضي اللهُ عَنه وزرنا ، ثم توجهنا إلى الكوفة فزرنا مسجدها المبارك ثم إلى الحلة حيث مشهد صاحب الزمان واتفق في بعض الأيام أن وليها بعض الامراء فمنع أهلها من التوجه على عادتهم الى مسجد صاحب الزمان وانتظاره هنالك ومنع عنهم الدابة التي كانوا يأخذونها كل ليلة من الأمير فأصابت ذلك الوالي علة مات منها سريعاً فزاد ذلك في فتنة الرافضة وقالوا انما أصابه ذلك لأجل منعه الابة فلم تمنع بعد )(2) .
  أقول : ان كلام ابن بطوطة المتقدم آنفاً هو في زيارته الثانية للحلة ، فابن بطوطة مرَّ في الحلة مرتين الأولى كانت سنة 725 هـ في عهد الوالي ( حسن

------------------------------------
(1) انظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة / الطهراني رَحَمَهُ الله ج 1 / ص 229 و 220 .
(2) انظر : رحلة ابن بطوطة ج 2 / ص 174 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 61 _

  الجلايري ) والثانية بعد عودته من بلاد الهند والصين والتتر وبينهما عدة سنين ، وأظن ان الوالي المذكور في حكاية أبي راجح الحمامي والمذكور في زيارة ابن بطوطة الثانية واحد باعتبار أن عصر الحكايتين واحد وان الوالي المذكور في الحكايتين كان يؤذي أهل الحلة ( فالأمر ليس أمر انتظار صاحب الزمان ولا أمر الدابة ) ، وقد مات بفعله هذا ، وهذا عن أهل الحلة ليس ببعيد ففيهم بقول أمير المؤمنين عليه السَّلام : ( يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبر قسمه )(1) .

الحكاية الثانية :
حكاية ابن الخطيب وعثمان والمرأة العمياء التي أبصرت


  ونقل من ذلك الكتاب عن الشيخ المحترم العامل الفاضل شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال :
  كان من أصحاب السلاطين المعمر بن شمس يسمى مذوّر ، يضمن القرية المعروفة ببرس ، ووقف العلويين ، وكان له نائب يقال له : ابن الخطيب وغلام يتولّى نفقاته يدعى عثمان ، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والايمان بالضدّ من عثمان و كانا دائماً يتجادلان ، فاتفق انهما حضرا في مقام ابراهيم الخليل عليه السَّلام بمحضر جماعة من الرّعيّة والعوام فقال ابن الخطيب لعثمان : يا عثمان الان اتضح الحق واستبان ، أنا أكتب على يديّ من أتولاه ، وهم علي والحسن والحسين ، واكتب أنت من تتولاه ابو بكر وعمر وعثمان ، ثم تشدّ يديّ ويدك ، فأيّهما احترقت يده بالنار كان على الباطل ، ومن سلمت يده كان على الحق ، فنكل عثمان ، وأبى أن يفعل ، فأخذ الحاضرون من الرّعيّة

------------------------------------
(1) انظر : بحار الأنوار المجلسي رَحَمَهُ الله ج 6 / ص 122 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 62 _

  والعوان بالعياط عليه ، هذا وكانت ام عثمان مشرفة عليهم تسمع كلامهم فلمّا رأت ذلك لعنت الحضور الذين كانوا يعيّطون على ولدها عثمان وشتمتهم وتهدّدت وبالغت في ذلك فعميت في الحال ! فلما أحست بذلك نادت الى رفقائها فصعدن اليها فاذا هي صحيحة العينين ! لكن لاترى شيئاً ، فقادوها وأنزلوها ، ومضوا بها الى الحلة وشاع خبرها بين اصحابها وقرائبها و ترائبها ، فاحضروا لها الاطباء من بغداد والحلة ، فلم يقدروا لها على شيء ، فقال لها نسوة مؤمنات كنّ أخدانها : ان الذي أعماكِ هو القائم عليه السَّلام فأن تشيعتي وتولّيتي و تبرأتي ( كذا ) (1) ضمنّا لك العافية على الله تعالى ، وبدون هذا لا يمكنك الخلاص ، فأذعنت لذلك ورضنبت به ، فلما كانت ليلة الجمعة حملنها حتى أدخلنها القبة الشريفة في مقام صاحب الزمان عليه السَّلام وبتن بأجمعهنّ في باب القبة ، فلما كان ربع الليل فاذا هي قد خرجت عليهنّ وقد ذهب العمى عنها ! وهي تقعدهنّ واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهنّ وحليَهنَ ، فسررن بذلك ، وحمدنَ الله تعالى على حسن العافية ، وقلن لها : كيف كان ذلك ؟! فقالت : لما جعلتنني في القبة وخرجتنّ عني أحسست بيد قد وضعت على يديّ ، وقائل يقول : اخرجي قد عافاك الله تعالى ، فانكشف العمى عني ورأيت القبة قد امتلات ونوراً ورأيت الرجل ، فقلت له : من أنت يا سيدي ؟ فقال : محمد بن الحسن ، ثم غاب عني ، فقمنَ وخرجنَ الى بيوتهنّ وتشيّع ولدها عثمان وحسن اعتقاده واعتقاد أمه المذكورة ، واشتهرت القصة بين أولئك الأقوام ومن سمع هذا الكلام واعتقد وجود الأمام عليه السَّلام وكان ذلك في سنة أربع واربعين وسبعمائة (2) .

------------------------------------
(1) كذا ورد في المطبوع والاصح ( تشيعتِ وتوليتِ وتبرأتِ ) .
(2) انظر : بحار الانوار ج 52 / ص 72 ، النجم الثاقب ج 2 / ص 220 .