فنزل عن دابته وكشف عن فخذي فلم ير شيئاً ، فغشي عليه ساعة وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ويقول : يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس الى قلبي ، فسألني الوزير عن القصة فحكيت له ، فأحضر الاطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها فقالوا : ما دواؤها الاّ القطع بالحديد ومتى قطعها مات ، فقال لهم الوزير : فبتقدير أن تقطع ولا يموت في كم تبرأ ؟ فقالوا : في شهرين وتبقى في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر ، فسألهم الوزير ، متى رأيتموه ؟ قالوا : منذ عشرة أيام ، فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الالم وهي مثل اختها ليس فيها أثر أصلاً ، فصاح أحد الحكماء : هذا عمل المسيح ، فقال الوزير : حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها ، ثم انه أحضر عند الخليفة المستنصر رَحَمَهُ الله فسأله عن القصة فعرّفه بها كما جرى فتقدّم له بألف دينار ، فلما حضرت قال : خذ هذه فأنفقها ، فقال : ما أجسر آخذ منه حبّة واحدة ، فقال الخليفة : مِمن تخاف ؟ فقال : من الذي فعل معي هذا ، قال : لا ياخذ من أبي جعفر شيئاً ؟ فبكى الخليقة وتكدر ، وخرج من عنده ولم يأخذ شيئاً .
  قال : أفقر عباد الله تعالى الى رحمته علي بن عيسى عفا الله عنه : كنت في بعض الايام أحكي هذه القصة لجماعة عندي ، وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي وأنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال : أنا ولده لصلبه ، فعجبت من هذا الاتفاق وقلت : هل رأيت فخذه وهي مريضة ؟ فقال : لا لأني أصبو عن ذلك ولكني رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها ، وقد نبت في موضعها شعر ، وسألت السيد صفي

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 153 _

  الدين محمد بن محمد ين بشر العلوي الموسوي ، ونجم الدين حيدر بن الايسر رَحمهُمَا الله ، وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم ، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي ، فأخبراني بصحة هذه القصة ، وأنهما رأياها في حال مرضها وحال صحتها وحكى لي ولده هذا انه كان بعد ذالك شديد الحزن لفراقه عليه السلام ، حتى انه جاء الى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء ، وكان كل ايامه يزور سامراء ويعود الى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعاً ان يعود له الوقت الذي مضى أو يقضي له الحظ فيما قضى ومن الذي اعطاه دهره الرضا ، أو ساعده بمطالبه صرف القضاء فمات رَحَمَهُ الله بحسرته ، وانتقل الى الآخرة بغصته ، والله يتولاّه وإيانا برحمته بمنه وكرامته ) (1) .
  أقول : ولقد نظم لقاء اسماعيل الهرقلي بالامام عجل الله تعالى فرجه الشريف الشيخ محمد السماوي رَحَمَهُ الله في ارجوزته ( وشائح السراء في شأن سامراء فأحببت إيرادها هنا قال : وذكر الوزير فخر الامة بأنّ اسماعيل بن الحسن قد آلمته توثة تقيح واُشغلته عن مجاري العادة فجاء للرضي (2) يشكو العله فأصعد الشاكي الى بغداد فيما أفاده بكشف الغمة الهرقلي نسبة للوطن في رجله فليس يستريح في الصوم والصلاة والعبادة إذ لم يفد شيئاً طبيب الحله مستحضراً اطبة البلاد

------------------------------------
(1) انظر : كشف الغمة / علي بن عيسى الاربلي رَحَمَهُ الله ، ج 2 ، ص 493 ـ 497 .
(2) هو السيد الرضي علي بن طاووس المتوفى سنة 664 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 154 _

  فقال كلٌ هي ذات رجع قال فلا لكنني استشفع فسار ثم زارهم وراحا وعاد فاستقبله فوارس وخلفه شيخ وراه اثنان فصد عنهم بغية احتياط فعارضوه والفتى ترجلا وقال لا تمض غدا بل بعد غد واذهب الى علي بن عوض ثم ارتقى متن الجواد ووثب قال فقال الشيخ وهو متكي قلت فمن ذا قال لي الإمام فقال لي ارجع قلت لا والمحيي ترد قول صاحب الزمان فعدت حتى أن مضت تلك الغرر ثم شككت فنظرت الثانية فرحت في نهجي فابتداني قالوا اكان منهم تعدي ونظروا رجلي فمزقوا الرادا فسلتبهم في الطريق جمهره وليس تنفك بغير القطع سادة سامراء ثم ارجع لدجلة يغسل ما قد قاحا يقدمهم فتى لهم موانس مرتبو السير على عنان وجار على لا حبة الصراط يمسح بالراحة منه الارجلا ولا تنل جدوى خليفة البلد يعطيك من دراهمي ما ييقتضي ولحظه ترنو الي عن كثب على القنا أفلحت فيما تشتكي فساق شوق وحدا التزام فقال لي الشيخ الا تستحي وانت ذو هدي وذو ايمان نظرت في رجلي فلم أجد أثر فكانت الاولى لها مساوية بعض يسالون عن الفرسان فقلت فيهم الامام المهدي تبركا وسار من سار غدا وصار للرضي من قد اخبره

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 155 _

  وسرت بعدهم فصادفت الرضي فقبل الرجل وقال بابي ثم مضى بي للوزير القمي وسالهم عني فقالوا يقطع فقال قائل بلا تلويح ثم مضوا بي للقا المستنصر حتى اذا استخبر قال يتبع فلامني الرضي في كفافي ثم ذهبت لعلي بن عوض قال الوزير ونقلت ذا الخير فقال بعض الحاضرين قيلي وقد رأيته على الحالين فزدت اعجابا بنقلي المعجزه وبشهادة ابنه المنادي مستقبلا مستخبرا عن عرضي موضع كف الحاضر المغيب فاحضر الاولى اتوفي مقمي قال النظروا فضاع ذاك الموضع هذا وربي عمل المسيح وكان طالب اللقا من خبري بالف دينار فقلت قد منع فقلت لم اجسر لا على الخلاف في الحلة الفيحا فاعطى ما فرض في مجلسي يوما لبعض من حضر انا محمد بن إسماعيل وكان ما قلت بغير مين الى اين من ادركه وانتهزه بصحة المعجز والاسناد (1) .
  3 ـ العلامة الحلي ( 648 ـ 726 هـ ) : الحسن بن سديد الدين ومقامه اُشهر من أن يذكر ، وللعلامة الحلي رَحَمَهُ الله على مانقله العلماء رَحَمَهُمُ الله لقاءان مع الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الـشريف ، وأما حكاية لقائه الاول بالامام عجل الله تعالى فرجه الشريف على ما نقله لنا السيد حسن الابطحي في كتابه اللقاء مع الامام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ( ص 157 ) قال : كان في عصر العلامة الحلي ( رضوان الله تعالى عليه ) أحد المخافين لأهل

------------------------------------
(1) انظر : وشائح السراء في تأريخ سامراء / السماوي رَحَمَهُ الله ، ص 11 ـ 13 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 156 _

  بيت العصمة والطهارة وكان قد كتب كتاباً في الرد على الشيعة وكان ينتفع به في المجالس الخاصة والعامة كما أنه لم يسمح باعطاء الكتاب لأي فرد كان حتى لا يقع في أيدي المعارضين ويستفيدون منه للرد عليه ، لكن العلامة الحلي ( عليه الرحمه ) مع ما كان عليه من العظمة والجلال والعلم الوفير فكّر في طريقة للحصول على هذا الكتاب فتقدم الى ذلك الرجل صاحب الكتاب وقدم نفسه باعتباره طالب علم لديه وبقي مدة يدرس على يديه حتى وثق به وأصبح من أقرب أصدقائه وفي أحد الايام طلب العلامة الحلي منه ذلك الكتاب ولما كانت له تلك المكانة المحمودة لديه ، لم يستطع أن يرده وقال : لكنني لن ولم أسمح لنفسي أن أعطي هذا الكتاب ، وفور وصوله للدار بدأ ينقل محتويات الكتاب بكل سرعة حتى يتمكن من اتمامه في تلك الليلة ، ولما انتصف الليل شعر العلامة بضغط السهر عليه ولم يستطع مغالبة الكرى ، وفي هذه الاثناء دخل عليه ضيف نوراني جليل ملأ الغرفة برائحة زكية وانوار متلألئة وقال له : نم يا حلي ودع كتابة بقية المحتويات عليّ ، فيغط العلامة ( رضوان الله تعالى عليه ) في نوم عميق دون أن يجادل أو يستفسر الامر ، وعندما استيقظ في الصباح هرع الى الكتاب ليرى ما جرى له وإذا به يجده منقولاً نقلاً كاملاً وفي نهاية الكتاب كتبت العبارة التالية ( كتبه الحجة ) (1) .
  أقول : وانا الفقير حتى انني كنت أظن أن منشأ هذا المقام ربما نشأ من هذا اللقاء أي ان أصل المقام هو دار العلامة الحلي ومن ثم

------------------------------------
(1) انظر : اللقاء مع الامام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف الابطحي ، ص 157 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 157 _

  استبعدته بالتأريخ الذي قدمناه في الباب الثاني والذي يحكي عن وجود المقام في سنة ( 636 هـ ) وهذا التأريخ قبل ولادة العلامة الحلي باثنتي عشرة سنة .
  حكاية اللقاء الثاني للعلامة الحلي رَحَمَهُ الله :
  كان العلامة الحلي في إحدى ليالي الجمعه قد تشرف بزيارة سيد الشهداء عليه السلام وكان لوحده راكباً على حماره وبيده سوط ، وفي أثناء الطريق صاحبه شخص عربي وكان راجلاً ، ثم تكلما في المسائل العلمية والعلامة يسأله عن مشكلاته في العلوم واحدة تلو الاخرى ، وكان هذا الشخص يجيب عليها ويقوم بحلها حتى انجر الحديث الى إحدى المسائل فأفتى ذلك الشخص بخلاف ما يراه العلامة الحلي وقال :
  لن يرد حديث عندنا يؤيد هذه الفتوى ، فقال الرجل :
  ( إن حديثاً في هذا الباب قد ذكره الشيخ الطوسي في ( التهذيب ) فتصفح كتاب التهذيب ، وفي الصفحة الفلانية والسطر الفلاني تجده مذكورا ) .
  فأخذت العلامة الحيرة ، من يكون هذا الشخص ؟
  فسأل الرجل وقال : هل يمكن في زمان الغيبة الكبرى أن نرى صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه الشريف أو ، لا ؟
  وفي هذه الاثناء سقط السوط من يد العلامة ، فأخذ الرجل السوط من الارض ووضعه بيد العلامة .
  وقال : ( وكيف لا يمكن أن يرى صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف والحال أن يده في يدك ) .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 158 _

  فسقط العلامة وبدون اختيار من حماره الى الارض وهو يقبل قدمي الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف وأغمي عليه ، ولما انتبه لن ير أحدا ، وبعد أن رجع الى البيت تصفح كتاب ( التهذيب ) فوجد الحديث المذكور في تلك الصفحة وذلك السطر ، كما دله عليه .
  وبعد ذلك كتب العلامة بخطه على حاشية ( التهذيب ) : وهذا الحديث هو الذي أرشدني اليه صاحب الامر(1) .
  3 ـ السيد مهدي ابن السيد حسن القزويني الحلي ( تـ 1300 هـ ) : نقل العلامة النوري رَحَمَهُ الله في كتبه ( خاتمة المستدرك ، النجم الثاقب ، جنة المأوى لهذا السيد ثلاث حكايات للقائه بحجة الله في أرضه أعني صاحب الامر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ونحن نتبرك هنا بذكرها .
  حكاية اللقاء الأوّل في إظهار قبر ابي يعلى ( الحمزة العلوي العباسي ) : (2) .
  قال العلامة النوري رَحَمَهُ الله ، نقلا عن السيد محمد ابن السيد مهدي القزويني المذكور : وحدثني الوالد أعلى الله مقامه قال : لازمت الخروج الى الجزيرة مدة مديدة لأجل إرشاد عشائر بني زبيد الى مذهب الحق ، وكانوا كلهم على رأي أهل التسنن ، وببركة هداية الوالد قدس سِرُّه وإرشاده ، رجعوا الى مذهب الامامية كما هم عليه الآن ، وهم عدد كثير يزيدون على عشرة آلاف نفس ، وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم ، يزوره الناس ويذكرون له كرامات كثيرة ، وحوله قرية تحتوي على مائه دار تقريباً .

------------------------------------
(1) انظر : اسوة العارفين / محمود البدري ، ص 285 .
(2) وقبره في الحلة في قضاء المدحتية مشهور ويعرف بالحمزة الغربي .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 159 _

  قال قدس سِرُّه : فكنت استطرق الجزيرة وأمر عليه ولا أزوره لما صحّ عندي أن الحمزة بن الكاظم مقبور في الرّي مع عبد العظيم الحسني ، فخرجت مرة على عادتي ونزلت ضيفاً عند أهل تلك القرية ، فتوقّعوا مني أن أزور المرقد المذكور فابيت و قلّت رغبة الناس فيه لاعراضي عنه ، ثم ركبت من عندهم وبتُّ تلك الليلة في قرية المزيدية ، عند بعض ساداتها ، فلما كان وقت السحر جلست لنافلة الليل وتهيأت للصلاة ، فلما صليت النافلة بقيت أرتقب طلوع الفجر ، وأنا على هيئة التعقيب إذ دخل عليّ سيد أعرفه بالصلاح والتقوى ، من سادة تلك القرية ، فسلم وجلس .
  ثم قال : يا مولانا بالامس تضيفت أهل قرية الحمزة وما زرته ؟ قلت : نعم ، قال : ولمّ ذلك ؟ قلت : لأني لا أزور من لا أعرف والحمزة بن الكاظم مدفون بالرّي ، فقال : ربّ مشهور لا أصل له ، ليس هذا قبر الحمزة بن موسى الكاظم وان اشتهر انّه كذلك ، بل هو قبر ابي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الاجازة وأهل الحديث ، وقد ذكره أهل الرجل في كتبهم ، وأثنوا عليه بالعلم والورع .
  فقلت في نفسي : هذا السيد من عوام السادة ، وليس من أهل الاطلاع على الرجال والحديث ، فلعله أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء ، ثم قمت لأرتقب طلوع الفجر ، فقام ذلك السيد وخرج وأغفلت أن اسأله عمّن أخذ هذا لأن الفجر قد طلع ، وتشاغلت بالصلاة فلما صليت جلست للتعقيب حتى طلعت الشمس ، وكان معي جملة من كتب الرجال فنظرت فيها وإذا الحال كما ذكر ، فجاءني أهل

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 160 _

  القرية مسلّمين عليّ وفي جملتهم ذلك السيد ، فقلت : جئتني قبل الفجر وأخبرتني عن قبر الحمزة أنه أبو يعلى حمزة بن القاسم العلوي ، فمن أين لك هذا وعمّن أخذته ؟ فقال : والله ما جئتك قبل الفجر ولا رأيتك قبل هذه الساعة ، ولقد كنت ليلة أمس بائتاً خارج القرية ـ في مكان سماه ـ وسمعنا بقدومك فجئنا في هذا اليوم زائرين لك .
  فقلت لأهل القرية : الآن ألزمني الرجوع الى زيارة الحمزة فأني لا أشك في أن الشخص الذي رأيته هو صاحب الامر عليه السلام قال : فركبت أنا وجميع أهل تلك القرية لزيارته ، ومن ذلك الوقت ظهر هذا المزار ظهوراً تاماً على وجه صار بحيث تشدّ الرحال اليه من الاماكن البعيدة .
  قلت : في رجال النجاشي : حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام أبو علي ثقة جليل القدر من أصحابنا كثير الحديث له كتاب ( من روى عن جعفر بن محمد عليهما السلام من الرجال ) ، ويظهر من كلمات العماء والاساتذة أنه من العلماء الغيبة الصغرى وكان معاصراً للصدوق علي بن بابويه (1) .
  حكاية اللقاء الثاني : أحببت ايرادها هنا ، لما فيها من رعاية الامام ارواحنا فداه لزائري الامام الحسين عليه السلام .
  قال السيد محمد القزويني رَحَمَهُ الله ، وسمعت أيضا مشافهة وبالسند المذكور المؤيد المتقدم ذكره ، وسمعت ايضا مشافهة عن نفس المرحوم قُدَّس سِرُّه انه قال : خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلة أريد زيارة الحسين عليه السلام ليلة النصف منه ، فلما وصلت الى شط

------------------------------------
(1) انظر : النجم الثاقب / النوري رَحَمَهُ الله ج 2 ، ص 319 ـ 321 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 161 _

  الهندية ، وعبرت الى الجانب الغربي منه ، وجدت الزوار الذاهبين من الحلة وأطرافها ، والواردين من النجف ونواحيه ، جميعاً محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشائر الهندية ، ولا طريق لهم الى كربلاء لأن عشيرة عنزة قد نزلوا على ، الطريق وقطعوه عن المارة ، ولا يدعون أحداً يخرج من كربلاء ولا أحد يلج الاّ انتهبوه .
  قال : فنزلت على رجل من العرب وصليت صلاة الظهر والعصر ، وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوار ، وقد تغيمت السماء ومطرت مطراً يسيراً ، فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلاء ، فقلت لبعض من معي : اخرج واسأل ما الخبر ؟
  فخرج ورجع إلي وقال لي : إن عشيرة بني طرف قد خرجوا بالاسلحة النارية ، وتجمعوا لايصال الزوار الى كربلاء ولو آل الامر الى المحاربة مع عنزة فلما سمعت قلت لمن معي :
  هذا الكلام لا أصل له ، لأن بني طرف لا قابلية لهم على مقابلة عنزة في البر ، وأظن هذه مكيدة منه لاخراج الزوار عن بيوتهم لانهم استثقلوا بقائهم عندهم ، وفي ضيافتهم .
  فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوار الى البيوت ، فتبين الحال كما قلت فلم تدخل الزوار الى البيوت وجلسوا في ضلالها والسماء متغيمة ، فأخذتني لهم رقة شديدة ، وأصابني انكسار عظيم ، وتوجهت الى الله بالدعاء والتوسل بالنبي وآله ، وطلبت إغاثة الزوار مما هم فيه .
  فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع (1) كريم

------------------------------------
(1) لعله رائع وكان القدماء يحففّون الهمزة فيكتبونه رايع .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 162 _

  لم أر مثله وبيده رمح طويل وهو مشمر عن ذراعيه ، فأقبل يخب به جواده حتى وقف على البيت الذي أنا فيه ، وكان بيتاً من شعر ، مرفوع الجوانب ، فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال : يا مولانا ـ يسميني بأسمي ـ بعثني من يسلم عليك ، وهم كنج محمد آغا وصفر آغا ، وكانا من قوات العساكر العثمانية يقولان فليأت بالزوار فانا قد طردنا عنزة عن الطريق ونحن ننتظره مع عسكرنا في عرقوب السليمانية على الجادة .
  فقلت له : وأنت معنا الى عرقوب السليمانية ؟ قال : نعم ، فأخرجت الساعة وأذا قد بقي من النهار ساعتان ونصف تقريبا ، فقلت : بخيلنا ، فقدمت الينا فتعلق بي ذلك البدوي الذي نحن عنده وقال :
  يا مولاي لا تخاطر بنفسك وبالزوار وأقم الليلة حتى يتضح الامر ، فقلت له : لابد من الركوب لا دراك الزيارة المخصوصة ، فلما رأتنا الزوار قد ركبنا ، تبعوا أثرنا بين حاشر وراكب فسرنا والفارس المذكور بين أيدينا كأنه الاسد الخادر ونحن خلفه ، حتى وصلنا الى عرقوب السليمانية فصعد عليه وتبعناه في الصعود ، ثم نزل وارتقينا على أعلى العرقوب فنظرنا ولم نر له عينا ولا أثرا ، فكأنما صعد في السماء أو نزل في الارض ولم نر قائداً ولا عسكراً .
  فقلت لمن معي : ابقي شك في أنه صاحب الامر ؟ فقالوا : لا والله ، وكنتـ وهو بين أيدينا ـ أطيل النظر اليه كأني رأيته قبل ذلك ، لكنني لا أذكر أين رأيته فلما فارقنا تذكرت أنه هو الشخص الذي زارني بالحلة وأخبرني بواقعة السليمانية ، وأما عشيرة عنزة ، فلم نر لهم أثراً في منازلهم ولم نر أحدا نسأله عنهم سوى انا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في كبد البر ، فوردنا كربلاء تخب بنا

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 163 _

  خيولنا فوصلنا الى باب البلاد وإذا بعسكر على سور البلد فنادوا من أين جئتم ؟ وكيف وصلتم ؟ ثم نظروا الى سواد الزوار ثم قالوا : سبحان الله هذه البرية قد امتلأت من الزوار ، أجل أين صارت عنزة ؟ فقلت لهم : اجلسوا في البلد وخذوا أرزاقكم ولمكة رب يرعاها ، ثم دخلنا البلد فاذا انا بكنج محمد آغا على تخت قريب من الباب ، فسلمت عليه فقام في وجهي ، فقلت له : يكفيك فخرا أنك ذكرت باللسان ، فقال : ما الخبر ؟ فأخبرته بالقصة .
  فقال لي : لا مولاي من أين لي علم بأنك زائر حتى أرسل لك رسولا ، وان عسكري منذ خمسة عشر يوما محاصرون في البلد لا نستطيع أن نخرج خوفا من عنـزة ، ثم قال : فأين صارت عنزة ؟
  فقلت : لا علم لي سوى اني رأيت غبرة شديدة في كبد البر كأنها غبرة الظعائن ثم أخرجت الساعة وإذا قد بقي من النهار ساعة ونصف ، فكان مسيرنا كله في ساعة وبين منازل بني طرف وكربلاء ثلاث ساعات ثم بتنا تلك الليلة في كربلاء ، فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة ، فأخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين كربلاء قال : بينما عنزة جلوس في أنديتهم وبيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهم ، وبيده رمح طويل ، فصرخ فيهم بأعلى صوته ، يا معاشر عنزة قد جاء الموت الزؤام عساكر الدولة العثمانية تجبهت عليكم بخيلها ورجلها ، وها هم على أثري مقبلون فارحلوا وما أظنكم تنجون منهم .
  فألقى الله عليهم الخوف والذل حتى أن الرجل يترك بعض متاع بيته استعجالا بالرحيل ، فلم تمض ساعة حتى ارتحلوا بأجمعهم وتوجهوا نحو البر ، فقلت له : صف لي الفارس ؟ فوصف لي وإذا هو

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 164 _

صاحبنا بعينه ، وهو الفارس الذي جاءنا والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين (1) .
  7 ـ حكاية اللقاء الثالث للسيد القزويني رَحَمَهُ الله وتشرف معه رَحَمَهُ الله رجل اسمه علي وجماعة من أهل الحلة ، والحكاية على ما نقلها العلامة النوري رَحَمَهُ الله عن السيد محمد ابن السيد مهدي القزويني رَحَمَهُ الله قال : بسم الله الرحمن الرحيم حدثني بعض الصلحاء الابرار من أهل الحلة قال : خرجت غدوة من داري قاصداً داركم لأجل زيارة السيد أعلى الله مقامه فصار ممري في الطريق على المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت على شباكه الخارج الى الطريق شخصاً بهي المنظر يقرأ فاتحة الكتاب ، فتأملته فاذا هو غريب الشكل ، وليس من أهل الحلة .
  فقلت في نفسي : هذا رجل غريب قد اعتنى بصاحب هذا المرقد ، ووقف وقرأ له فاتحة الكتاب ، ونحن أهل البلد نمر ولا نفعل ذلك ، فوقفت وقرأت الفاتحة والتوحيد ، فلما فرغت سلمت عليه ، فرد السلام ، وقال لي : يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي ؟ قلت : نعم ، قال : اني معك .
  فلما صرنا ببعض الطريق قال لي : يا علي لا تحزن على ما أصابك من الخسران وذهاب المال في هذه السنة ، فانك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤدياً للحق وقد قضيت ما فرض الله عليك ، وأما المال فانه عرض زائل يجئ ويذهب ، وكان قد أصابني خسران في تلك السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الكسر ، فاغتممت في نفسي وقلت : سبحان الله كسري قد شاع وبلغ حتى الى الإجانب ، الا اني قلت له في

------------------------------------
(1) انظر : جنة المأوى / رَحَمَهُ الله ، ص 288 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 165 _

  الجواب : الحمد لله على كل حال فقال : إن ما ذهب من مالك سيعود اليك بعد مدة ، وترجع كحالك الاول ، وتقضي ما عليك من الديون .
  قال : فسكتُّ وأنا مفكر في كلامه حتى انتهينا الى باب داركم ، فوقفت ووقف ، فقلت : ادخل يا مولاي فانا من أهل الدار فقال لي : ادخل أنت أنا صاحب الدار ، فامتنعت فأخذ بيدي وأدخلني أمامه فلما صرنا الى المسجد وجدنا جماعة من الطلبة جلوساً ينتظرون خروج السيد قدِّس سِرُّه من داخل الدار لأجل البحث ، ومكانه من المجلس خال لم يجلس فيه أحد احتراماً له ، وفيه كتاب مطروح .
  فذهب الرجل ، وجلس في الموضع الذي كان السيد قدِّسَ سِرُّه يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الكتاب وفتحه ، وكان الكتاب شرائع المحقق قدِّسَ سِرُّه ثم استخرج من الكتاب كراريس مسودة بخط السيد قدِّسَ سِرُّه ، وكان خطه في غاية الضعف لا يقدر كل أحد على قراءته ، فأخذ يقرأ في تلك الكراريس ويقول للطلبة : ألا تعجبون من هذه الفروع وهذه الكراريس ؟ هي بعض من جملة كتاب مواهب الافهام في شرح شرائع الاسلام وهو كتاب عجيب في فنه لم يبرز منه الا ست مجلدات من أول الطهارة الى أحكام الاموات .
  قال الوالد أعلى الله درجته : لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالساً في موضعي فلما رآني قام وتنحى عن الموضع فألزمته بالجلوس فيه ، ورأيته رجلاً بهي المنظر ، وسيم الشكل في زي غريب ، فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه وبشاشة ، ومؤال عن حاله واستحييت أن اسأله من هو وأين وطنه ؟ ثم شرعت في البحث فجعل الرجل يتكلم في المسألة التي نبحث عنها بكلام

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 166 _

  كأنه اللؤلؤ المتساقط فبهرني كلامه فقال له بعض الطلبة : اسكت ما أنت وهذا ، فتبسم وسكت .
  قال رَحَمَهُ الله : فلما انقضى البحث قلت له : من أين كان مجيئك الى الحلة ؟ فقال : من بلد السليمانية ، فقلت : متى خرجت ؟ فقال : بالامس خرجت منها ، وما خرجت منها حتى دخلها نجيب باشا فاتحاً لها عنوة بالسيف وقد قبض على أحمد باشا الباباني المتغلب عليها ، وأقام مقامه أخاه عبد الله باشا ، وقد كان أحمد باشا المتقدم قد خلع طاعة الدولة العثمانية وادعى السلطنة لنفسه في السليمانية .
  قال الوالد قدِّسَ سِرُّه : فبقيت مفكراً في حديثة وان هذا الفتح وخبره لم يبلغ الى حكام الحلة ، ولم يخطر لي أن اسأله كيف وصلت الى الحلة وبالامس خرجت من السليمانية ، وبين الحلة والسليمانية ما نزيد على عشرة أيام للراكب المجد .
  ثم ان الرجل أمر بعض خدمة الدار أن يأتيه بماء فأخذ الخادم الاناء ليغترف به ماء من الجب فناداه لا تفعل ! فان في الاناء حيواناً ميتاً ، فنظر فيه ، فاذا فيه سامُّ أبرص ميت فأخذ غيره وجاء بالماء اليه فلما شرب قام للخروج .
  قال الوالد قدِّسَ سِرُّه : فقمت لقيامه فودعني وخرج فلما صار خارج الدار قلت للجماعة : هلا أنكرتم على الرجل خبره في فتح السليمانية ، فقالوا : هلا أنكرت عليه ؟
  قال : فحدثني الحاج علي المتقدم بما وقع له في الطريق وحدثني الجماعة بما وقع قبل خروجي من قراءته في المسودة ، وإظهار العجب من الفروع التي فيها .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 167 _

  قال الوالد أعلى الله مقامه : فقلت : اطلبوا الرجل وما أظنكم تجدونه هو والله صاحب الامر روحي فداه فتفرق الجماعة في طلبه فما وجدوا له عيناً ولا اثراً فكأنما صعد في السماء او نزل في الارض.
  قال : فضبطنا اليوم الذي أخبر فيه عن فتح السليمانية فورد الخبر ببشارة الفتح الى الحلة بعد عشرة أيام من ذلك اليوم ، وأعلن ذلك عند حكامها بضرب المدافع المعتاد ضربها عند البشائر ، عند ذوي الدولة العثمانية (1) .
  تنبيه لكل نبيه :
  ( عن أحوال السيد محمد ذي الدمعة ونسبه وموضع قبره ) .
  قال العلامة النوري رَحَمَهُ الله بعد إيراد هذه الحكاية : الموجود فيما عندنا من كتب الانساب أن اسم ذا (2) .
الدمعة حسين ويلقب أيضاً بذي العبرة ، وهو ابن زيد الدمعة لبكائه في تهجده في صلاة الليل ، ورباه الصادق عليه السلام فأرّثه علماً جمّاً وكان زاهداً عابداً وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائة وزوَّج ابنته بالمهدي الخليفة العباسي وله أعقاب كثيرة ، ولكنه سلمه الله أعرف بما كتب ( أي القزويني ) ، قال الشيخ محمد حزر الدين رَحَمَهُ الله : أبو دميعة محمد بن علي بن الحسين ذي الدمعة الساكبة ابن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب أمير المؤمنين عليه السلام ، مرقده في الحلة بالقرب من مرقد الشيخ الجليل

------------------------------------
(1) انظر : كتاب جنة المأوى ، العلامة النوري رَحَمَهُ الله ، ص 104 ـ 108 .
(2) هكذا ورد في الاصل والصحيح ذي الدمعة .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 168 _

  نجيب الدين أبي زكريا المشهور بابن سعيد الهذلي الحلي في الجهة الغريبة له ، وقد اشتهر في مدينة الحلة اشتهاراً يعتد به عند الحليين بأن صاحب هذا القبر هو السيد محمد أبو دميعة وقيل : أن هذه البقعة هي موضع قبر الحسين بن زيد الملقب بذي الدمعة الساكبة ، وقال حفيده محمد حسين حرز الدين : يقع قبره ( بمحلة الطاق ) على الشارع العام ، في السوق ، مشيد عليه آثار القدم ، يقع في غرفة صغيرة في وسطها شباك خشبي هو رسم القبر ، وكان عليه ستار أخضر ، فوق القبر لوحة مكتوب عليها هذا مرقد ( السيد محمد بن السيد علي بن الحسين الملقب بذي الدمعة ابن زيد الشهيد ) .
  عليه قبة بيضاء متوسطة الحجم والارتفاع ، أمام القبر صحن دار صغير فيه نخلة وسدرة وكان قبره عندما زرناه مزدحماً بالزائرين ، وكانت زيارتنا له عصر يوم الجمعة 10 شوال سنة 1387 هـ ( وتوجد صورة لهذا المرقد في كتاب مـراقد المـعارف ).
  أقول : أما نسبه الصحيح على ما ضبطه صاحب كتاب ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) لمؤلفه السيد حيدر بن السيد موسى وتوت الحسيني ( ومؤلف هذا الكتاب يرجع لصاحب القبر ) .
  العلامة الجليل والفقيه العابد السيد محمد الملقب بالمنتجب بن السيد علي بن السيد الحسين ( صاحب لقب وطوط ) بن العلامة الفقيه السيد مراد صاحب كتاب ( خير الزاد في الرحلة الى العباد ) بن السيد

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 169 _

  حسن بن خميس بن يحيى بن هزال بن علي بن محمد بن ابو عبد الله (1) الحسن الاطروش بن النقيب الفقيه ابو الحسن علي بن الفقيه ابو طالب محمد نقيب العلويين بن نقيب النقباء ابو علي الفقيه عمر بن النقيب الفقيه يحيى بن النقيب الحسين النسابة ( اول نقيب للعلويين ) بن الفقيه العالم احمد المحدث بن الفقيه الشريف عمر بن الفقيه يحيى بن قدوة الفقهاء ذي الدمعة الساكبة بن زيد الشهيد بن الامام علي السجاد بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليم السَّلام .
  موقع قبره السابق :
  يقع في الحلة في محلة الطاق مقابل مرقد دبيس بن علي المزيدي ، وكان هناك في السابق سوق صغير بالقرب من مرقده يعرف بسوق المنتجب يعرفه كافة الحليين ولكن بسبب التوسع الذي حصل في الشارع المعروف اليوم بشارع الامام علي عليه السَّلام فقد تم نقل رفاته ، وقد تهدم القبر وضاعت كل معالمه وضاع معه السوق واندثر بعد تهدم القبر ونقله ، واشتهر هذا السيد رَحَمَهُ الله بالمنتجب لكثرة طهارته .

------------------------------------
(1) هكذا ورد بالكنية في كتاب ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) لكن الصحيح والذي حققه العلامة النسابة السيد مهدي الوردي الكاظمي ، ونقله عن العلامة الدكتور حسين علي ال محفوظ في ( موسوعة العتبات المقدسة ) قسم الكاظمين ج 3 ص 66 انه عبد الله الملقب بالبهائي بن ابي القاسم بن ابي البركات بن القاسم بن علي بن شكر بن ابي محمد الحسن الاسمر بن النقيب شمس الدين ابي عبد الله احمد بن النقيب ابي الحسن علي بن ابي طالب محمد بن الشريف الجليل ابي علي عمر . . . الى اخر النسب المذكور اعلاه .
والذي نقلناه من الموسوعة هو الثابت والمتواتر في كتب الانساب من مشجر ومبسوط .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 170 _

  موقع قبره الحالي :
  يقع في منطقة الحي الجمهوري قرب مقام الامام الصادق عليه السَّلام وبالقرب من مرقد السيد عبد الله الفارس في ساحة دار مسيجة ، يقع الضريح في ركنها الخارجي وهو عبارة عن دكة القبر فقط ، ولا يعلوه شباك أو أي بناء آخر وبالقرب منه قبور تنتسب لبعض العلويين لا أعرف شيئاً عنه (1) .
  أقول : إن هذا القبر وللاسف الشديد هدم في عصر حزب البعث الكافر بحجة التوسعة ( وعداء هذا الحزب لدين الاسلام ورسوله ( ص ) مشهور ) ، وبني في مكان هذا القبر سينما تدعي ( سينما بابل ) وهي قائمة الى الان ، وأهل الحلة يعرفون أن صاحب السينما اثر هذا الفعل يقع بالنكبة بعد النكبة ، وهناك من حدثني من أهل الحلة عن سوء عاقبة كل من أمر بهدم القبر ونقل رفاة هذا السيد بحيث أصبحوا يسألون الناس ( وانا لله وانا اليه راجعون ) .
  فمن قلمنا هذا ننادي الشرفاء والخيرين من أهل الحلة لبناء هذا القبر من جديد وخصوصاً بعدما عرفنا وقوف الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف على قبره وقراءته الفاتحة لصاحب هذا القبر ، و عجبا لأهل الحلة كيف تركوا هذا السيد مدة ثلاثين عاماً من غير إقامة مشهد عليه .
  8 ـ السيد حيدر ابن السيد سليمان الحلي رَحَمَهُ الله : الحسيب الاديب خربت صناعة الشعر الذي ما اختلف أحد في تقواه ، ولقاؤه مع الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف مشهور ومتداول على ألسن الخطباء وأهل المنابر ومضمون حكايته : (2) .

------------------------------------
(1) انظر : كتاب المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء / للسيد حيدر آل وتوت .
(2) الحكاية لم اجدها انا مدونة فهي عن لسان اهل المنابر وكتبتها هنا بتعبيري الخاص .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 171 _

  ( إن السيد حيدر الحلي كان من عادته في كل سنة أن نيشئ قصيدة رثاء للامام الحسين عليه السلام وينشدها أمام قبره في يوم عاشوراء وعندما نظم قصيدته العينية ( التي يستنهض بها الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ) سراً بينه وبين المولي عَزَّ وَجَل ، إذ لم يطلع عليها أحد بعد فذهب الى كربلاء في يوم عاشوراء لينشد قصيدته العينية الجديدة عند الامام الحسين عليه السلام وفي الطريق رافقه سيد اعرابي وقال له بعد السلام :
  يا سيد حيدر انشدني قصيدتك العينية فأنشده قصيدة عينية سابقة اخرى ( للسيد نفسه ) غير التي في خاطره فقال : لا أريد هذه ، أريد قصيدتك التي أنت ذاهب من أجلها ، فقرأها له والتي مطلعها ، مات التصبّر في انتظارك فانهض فما أبقى التحمل أترى تجىء فجيعةٌ بأمض حيث الحسين على الثرى ورضيعه بدم الوريد أيها المچبي الشريعة غير أحشاء جزوعة من تلك الفجيعة خيل العدا طحنت ضلوعه مخضبٌ فاطلب رضيعه (1) .
  فأخذ السيد الاعرابي بالبكاء وقال : يا سيد حيدر كفى ... كفى والله ان الامر ليس بيدي ، واختفى عن أنظار السيد فعرف السيد انه الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف إذ لم يطلّع أحد على قصيدته وناداه باسمه بدون سابق معرفة وكلامه له بكفى ... كفى .
  وهناك ندبة شجية أنشأها السيد حيدر الحلي رَحَمَهُ الله بأمر سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني رَحَمَهُ الله النزيل في الحلة في السنة التي صار

------------------------------------
(1) انظر : ديوان السيد حيدر الحلي ج 1 ص 88 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 172 _

  عمر باشا والياً على أهل العراق ، وشدد عليهم وأمر بتحرير النفوس لاجراء القرعة ، وأخذ العسكر من أهل القرى والانصار سواء الشريف فيه والوضيع والعالم فيه والجاهل ، والعلويّ فيه وغيره ، والغني فيه والفقير ، فاشتد عليهم الامر وعظم البلاء وضاقت الارض ، ومنعت السماء فأنشأ السيد هذه الندبة المشجية ، فرأى واحد من صلحاء المجاورين في النجف الاشرف الحجة المنتظر عليه السلام فقال له ما معناه : قد أقلقني السيد حيدر قل له : لا يؤذيني فان الامر ليس بيدي ، ورفع الله عنهم القرعة في أيامه وبعده بسنين ، وهي هذه : يا غمرة من لنا بمعبرها يطفح موج البلا الخطير بها ضاقت ولم يأتها مفرِّجها لِمَ صاحب الامر عن رعيّته ما عذره نصب عنيه اُخذت سيفك والضرب إن شيعتكم مات الهدى سيدي فقم وأمت فالنطف اليوم تشتكي وهي في فالله يا ابن النبي في فئة ماذا لأعدائها تقول إذا ماتت شعار الايمان واندفنت موارد الموت دون مصدرها فيغرق العقل في تصوّرها فجاشت النفسي من تحيّرها أغضى فغضت بجور أكفرها شيعته وهو بين أظهرها قد بلغ السيف حزّ منحرها شمس ضحاها بليل عيثرها الارحام منها الى مصوِّرها ما ذخرت غيركم لمحشرها لم تنجها اليوم من مدمرها ما بين خمر العدى وميسرها

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 173 _

  فدعوة الناس إن تكن حجبت فربّ جرى حشى لواحدها توشك أنفاسها وقد صعدت لأنها ساء فعل أكثرها شكت الى الله في تصورها أن تحرق القوم فى تسعرها (1) .
  لقد ذكر العلامة النوري رَحَمَهُ الله في كتابه جنة المأوى هذه الندبة بخمسة وثلاثين بيتاً واقتصرنا نحن على خمسة عشر بيتاً خوف الاطالة من أرادها فليراجع جنة المأوى صفحة 161 و 162 .

------------------------------------
(1) انظر : جنة المأوى / النوري رَحَمَهُ الله ص 105 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 175 _

ملحق للباب الحادي عشر
في ذكر
جملة من مشاهد الحلة وقبور أعلامها


تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 177 _

  عدت عوادي الأيام وصروف الزمان وما فتئت تفعل ذلك على كثير من الاثار الجليلة والمشاهد المشرفة ولا يختص هذا ببقعة دون أخرى على ما لا يخفى على الباحث المتتبع ومما شمله الضياع والاندثار قبور كثير من علماء الامامية وانطماس مشاهدهم ولم يبق لها عين ولا أثر ورٌبّ قبر لأحد أولئك الأعاظم عرف في زمان ثم دَرَسَ في زمان آخر وجهل موضعه ثم أخذت الآراء تتباين في تحديد موضع قبره ومما يرجح العناية والاهتمام بهذا الجانب عدة أمور منها : ما ورد من ثواب زيارة أولاد الائمة عليه السلام والمشاهير من محدثي الشيعة وعلمائهم الحافظين لأثار الأئمّة الطاهرين عليهم السلام ، فقد روى الثقة الجليل الشيخ جعفر بن قولويه القمي عن عمرو بن عثمان الرازي قال :
  سمعت أبا الحسن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : ( من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا ، ومن لم يقدر على صلتنا فليصل موالينا يكتب له ثواب صلتنا ) (1) .
  ومنها انه إذا اراد الداخل إلى مدينة الحلة أن يزور الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في مقامه المشهور بها ربّما يتسنى له زيارة بعض تلك المشاهد ومنها انه يتسنى للقاريء العزيز معرفة بقاء عمارة مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه ببقاء عمارة تلك المشاهد المشرفة ، ومنها معرفة القاريء العزيز بمنزلة مدينة الحلة من خلال معرفة من دُفن فيها

------------------------------------
(1) انظر : مفاتيح الجنان / القمي رَحَمَهُ الله ص 914 .

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 178 _

  من عظماء الامامية الاجلاء ولهذه الامور مجتمعة رأيت من المناسب هنا أن أذيل ما كتبته عن مقام سيدنا ومولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه بهذا الملحق الذي أحصيت فيه نحو خمسين مشهداً في مدينة الحلة توثيقاً لها وتعميماً للفائدة ، ولم نسلك خطة التفصيل ومن رامَ الوقوف على تمام الكلام عليها فليراجع كتاب ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) للأستاذ الباحث السيد حيدر ابن السيد موسى آل وتوت الحسيني ( سلمه الله ونفع به ) ، وقد التزمت في ذكر هاتيك المشاهد بالتسلسل الهجائي والله المستعان .
  1 ـ ابراهيم القطيفي رَحَمَهُ الله : هو الشيخ الجليل العلامة ابراهيم بن سليمان القطيفي الاصل ، الغروي الحلي المسكن والمدفي ، يقع مرقده في ( محلة الطاق ) بالقرب من مرقد العلامة ابن فهد الاحسائي ( من علماء القرن العاشر ) .
  2 ـ ابراهيم ابن الامام موسى الكاظم عليه السلام : هو السيد ابراهيم ابن الامام موسى بن جعفر عليه السلام يقع المرقد المنسوب اليه في منطقة تعرف اليوم بـ ( الحي الجمهوري ) قرب باب المشهد .
  3 ـ ابراهيم بن احمد الموسوي رَحَمَهُ الله : يقع مرقده في ( سرداب تحت جامع الامام علي عليه السلام ) الواقع في محلة الطاق مطلاً على شارع الامام علي عليه السلام وصاحب القبر مجهول .
  4 ـ ابراهيم بن محمد رَحَمَهُ الله ( سيد ابراهيم ) : ويقع مرقده في ( محلة التعيس ) خلف بناية بلدية مدينة الحلة ، واحتمل السيد حيدر ال وتوت من انه الشيخ ( ابراهيم بن محمد بن احمد بن صالح الحلي ) الذي يروي عن السيد الجليل علي بن موسى بن طاوس رَحَمَهُ الله.

تاريخ مقام صاحب العصر و الزمان عليه السلام _ 179 _

  5 ـ الشيخ احمد بن ادريس الحلي رَحَمَهُ الله : يقع في ( حي راغب ) بالقرب من مرقد الشيخ محمد بن ادريس الحلي رَحَمَهُ الله مطلا على الشارع العام وصاحب هذا القبر مجهول .
  6 ـ أحمد بن الحسن المثنى بن الحسن السبط عليه السلام : يقع مرقده في ( محلة جبران ) على مقربة من مرقد الشيخ ابراهيم القطيفي رَحَمَهُ الله.
  7 ـ أحمد بن فهد الاحسائي رَحَمَهُ الله : هو الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن ادريس بن فهد الاحسائي رَحَمَهُ الله ، مولدا الحلي مدفنا ، يقع مرقده في ( محلة الطاق ) في شارع الكوازين سابقا ، المعروف في هذه الايام بـ ( سوق الحطابات ) ( توفّي في اوائل القرن التاسع ) .
  8 ـ السيد جمال الدين ابو الفضائل أحمد بن سعد الدين موسى بن جعفر بن طاوس الحسني رَحَمَهُ الله : يقع مرقده في ( محلة الجباويين ) في حجرة داخل مسجد يعرف بأسمه ( مسجد ابي الفضائل ) تـ ( 673 هـ ) .
  9 ـ السيد أحمد ابن الامام موسى الكاظم عليه السلام : يقع مرقده في ( محلة التعيس ) قرب شارع المحافظة القديمة وفي نهاية ممر ضيق .
  10 ـ جلال الدين أحمد ابن الفقيه رَحَمَهُ الله : السيد العلامة الفقيه الزاهد نقيب العلويين جلال الدين أبو القاسم الطاهر احمد بن الفقيه يحيى بن أبي طاهر . . . يقع مرقده ضمن مرقد الشيخ الجليل محمد بن ادريس رَحَمَهُ الله صاحب السرائر .
  11 ـ نبي الله أيوب عليه السلام : يقع مرقده الشريف على يسار الطريق المؤدي الى ناحية القاسم عليه السلام وعلى مقربة من مركز المدينة ويبعد عن الطريق العام نحو ( 1 كم ) .