تأليف
الامام الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان
ابن المعلم ابي عبد الله العكبري البغدادي ( 336 ـ 413 ه )
مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أوضح لنا سبل الهدى واليقين ، وأوجب علينا التمسك بشرعة الحق المبين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد الامين ، خير الورى وسيد الانبياء والمرسلين ، وعلى آله الهداة الميامين ، سيما ابن عمه وخليفته المخصوص بالفضل والمرتضى على جميع الاوصياء المرضيين ، وعلى صحبهم المتقين ، والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين .
عزيزي القارئ : الرسالة التي بين يديك تعد واحدة من نفائس ما كتبه الشيخ العلم المتكلم محمد بن محمد بن النعمان الحارثي العكبري ، المعروف بالشيخ المفيد ، بأسلوبه المتميز الذي قل نظيره بين أساليب الكلام المعهودة في عصره ، حيث امتاز
بجودة العبارة وحسن الاداء وسهولة التناول وبلوغ الحجة ، وبراعة متناهية في إخضاع الخصم والوصول إلى الغرض بتوظيف الرواية وتطبيق أصول الكلام .
وتشتمل هذه الرسالة على توطئة سبعة فصول ، ضمنها المؤلف الاستدلال على تفضيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على الخلق كافة إلا خاتم
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 4 _
الانبياء صلى الله عليه وآله وسلم لما اختص به الرسول الاكرم من الوحي والرسالة والنبوة وغيرها .
وهذا البحث مثار للجدل ، وخطير عند أولي الرأي والنظر ، ولاهميته وخطورته نرى ـ كثيرأ من العلماء ـ قد تصدى له ، فكان أن ألفوا فيه الرسائل والكتب ، فنرى من المناسب ذكر أسماء المصنفات التي كتبت في تفضيل النبي المختار وآله الاطهار عليهم السلام عل سائر الخلق ، لتتم بها الفائدة ، ولنتعرف على موقع هذه الرسالة بين المصنفات الاخرى التى تناولت نفس الموضوع ؟ وضمن المتاح لنا من المصادر استطعنا الوقوف على ما يلي :
1 ـ التفضيل ـ لابي طالب عبيد الله بن أبي زيد أحمد بن يعقوب بن نصر الانباري ، المتوفى سنة 356 ه ، ذكره النجاشي في كتابه (1) .
2 ـ التفضيل ـ لفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني ، ذكره النجاشي أيضا (2) .
3 ـ تفضيل الائمة عليهم السلام عل الانبياء ـ للحسن بن سليمان بن خالد الحلي صاحب مختصر بصائر الدرجات ، نقل عنه العلامة المجلسي .
في ( بحار الا نوار ) (3) .
قال الميرزا عبد الله أفندي الاصبهاني : ناقش فيها ـ أي في هذه الرسالة ـ مع الشيخ : المفيد في كلامه في كتاب ( أوائل المقالات ) وكلام الشيخ الطوسي في ( المسائل الحائرية ) وهذه الرسالة عندنا نسخة (4) .
4 ـ تفضيل الائمة عليهم السلام على الانبياء الذين كانوا قبل جدهم النبي
---------------------------
(1) رجال النجاشي : 223 / 617 .
(2) رجال النجاشي : 310 / 8 .
(3) بحار الانوار 26 : 309 / 77 .
(4) تعليقة أمل الامل : 116 (*).
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 5 _
الخاتم صلوات الله عليه وعلى آله الذي هو أشرف الخلائق وأفضلهم ـ للسيد هاشم البحراني ، المتوفي سنة 1107 ه (1) .
5 ـ تفضيل الائمة عليهم السلام على غير جدهم من الانبياء عليهم السلام ـ للمولي محمد كاظم بن محمد شفيع الهزار جريبي الحائري صاحب كتاب ( البراهين الجلية ) المتوفي سنة 1232 ه (2) .
6 ـ تفضيل الائمة عليهم السلام على الملائكة ـ للشيخ المفيد ، ذكره ، النجاشي في كتابه (3) وصاحب إيضاح المكنون (4) .
7 ـ تفضيل الائمة عليهم السلام على الملائكة ـ للشيخ ميرزا يحيى بن محمد شفيع الاصفهاني ، صاحب كتاب ( تعيين الثقل الاكبر والمتوفى سنة 1325 سنة 1325 ه (5) .
8 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام ـ للشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي ، المتوفى سنة 449 ه ، مطبوع (6) .
9 ـ تفضيل علي عليه السلام ـ لابي الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني ، الاديب النحوي المعتزلي ، المتوفى سنة 384 ه ، ترجم له القفطي في ( إنباه الرواة ) وعدد كتبه الكلامية والادبية الكثيرة ، وعد منها هذا الكتاب (7) .
10 ـ تفضيل علي عليه السلام عل أولي العزم من الرسل ـ للعلامة السيد هاشم البحراني ، المتوفى سنة 1107 ه ، وهو خير المتقدم في رقم (4) (8) .
---------------------------
(1) الذريعة 4 : 358 .
(2) الذريعة 4 : 358 .
(3) رجال النجاشي : 401 / 1067
(4) إيضاح المكنون 1 : 311 .
(5) الذريعة 4 : 358 .
(6) الذريعة 4 : 359 .
(7) أهل البيت في المكتبة العربية ـ تراثنا 3 : 40 .
(8) الذريعة ، : 360 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 6 _
11 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتفضيل أولاده على أولاد الشيخين ـ للسيد محمد بن العلامة السيد دلدار علي النقوي اللكهنوي ، المتوفى سنة 1284 ه ، ألفه ردا على بعض العامة المعاصرين له (1) .
12 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على من عدا خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم ـ للعلامة محمد باقر المجلسي ، المتوفى سنة 1111 ه ، حكى عنه الشيخ سليمان بن علي بن سليمان في كتابه ( عقد اللال في فضائل النبي والال عليهم السلام ) (2) .
13 ـ تفضيل نبينا محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجعين على جميع الانبياء والمرسلين ـ للشيخ محمد بن عبد علي بن عمد بن أحمد آل عبد الجبار القطيفي (3) .
14 ـ تفضيل النبي وآله الطاهرين عليهم السلام على الملائكة المقربين ـ للمولى محمد مسيح بن إسماعيل الفسوي ، المتوفى سنة 1127 ه ، تعرض ، فيه لقول الفخر الرازي : إن الملك أفضل من البشر .
ثم وجه كلامه بعدم إرادته العموم حيث إن دليله خاص بغير النبي والال عليهم السلام (4) .
15 ـ الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة عليهم السلام ـ للسيد الشريف المرتضى علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي ، المتوفى سنة 436 ه ، أثبت فيها تقديم الائمة عليهم السلام وتفضيلهم على جميع الخلائق عدا جدهم خاتم الانبياء صلى الله عليه واله وسلم ، والرسالة مطبوعة ضمن ( رسائل الشريف
---------------------------
(1) الذريعة : 359 .
(2) الذريعة 4 : 358 .
(3) الذريعة 4 : 360 .
(4) الذريعة 4 : 361 (*).
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 7 _
المرتضى )
(1) .
16 ـ منهاج الحق واليقين في تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الانبياء والمرسلين عليهم السلام ـ للسيد ولي بن نعمة الله الحسيني الرضري الحائري ، المعاصر لوالد الشيخ البهائي العاملي ، جمج فيه الادلة والبراهين على تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام من كتب الفريقين ورتبه على عدة مطالب
(2) .
17 ـ المنهج القويم في تفضيل الصراط المستقيم علي عليه السلام على سائر الانبياء والمرسلين سوى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ذي الفضل العميم ـ للشيخ مهذب الدين أحمد ، من أفاضل تلامذة الحر العاملي ، المتوفى سنة 1104 ه ، صاحب كتاب ( فائق المقال في الحديث والرجال ) ويبدو من مقدمة هذا الكتاب انه استدراك لما فات السيد ولي بن نعمة الله ـ في كتابه المتقدم ( منهاج الحق واليقين ) ـ من الادلة والبراهين
(3) .
عناوين مختلفة لهذه الرسالة
عنوان الرسالة : وقعت هذه الرسالة تحت عناوين مختلفة ، يمكن حصرها بما يلي :
1 ـ تفضيل علي عليه السلام على الامة . كذا عنونت النسخة المودعة منها في مكتبة السيد المرعشي رحمه الله ، المرقمة (14) ضمن المجموعة ( 243 )
(4) وكذا في النسخة المرقمة (19) ضمن المجموعة ( 255 )
(5) وفقا لما جاء في فهرس المكتبة .
2 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الامة ، كذا عنونت في نسخة ( أ ) من المكتبة المذكورة أعلاه ، وهي من النسخ المعتمدة في تحقيقنا هذا
---------------------------
(1) رسائل الشريف المرتضى ـ المجموعة الثانية : 251 ـ 257 .
(2) الذريعة 23 : 159 .
(3) الذريعة 23 : 97 1 .
(4) فهرس مكتبة السيد المرعشي 1 : 269 .
(5) فهرس مكتبة السيد المرعشي 1 : 286 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 8 _
وسيأتي وصفها في منهج التحقيق .
3 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر البشر ، كذا عنونت في نسخة بدل من نسخة ( أ ) المذكورة آنفا .
4 ـ تفضيل أمير المؤمنن عليه السلام على سائر الاصحاب ، كذا عنونت في (الذريعة) (1) .
5 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الصحابة ، كذا عنونت في (أعيان الشيعة) (2) .
6 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر أصحابه ، كذا عنونت في ( رجال النجاثي ) (3) .
7 ـ تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على جميع الانبياء غير محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، كذا عنونت في نسخة ( ج ، وهي الرسالة المطبوعة والمعتمدة في تحقيقنا هذا أيضا على ما ياتي لاحقا ، وإذا أنعمنا النظر في هذه الرسالة نجد أن أيا من هذه العناوين ـ باستثناء الاخير منها ـ لا يشتكل عنوانا جامعا مانعا لمضامينها ، ولا شاملا لمحتواها ، إذ المصنف يحكم فيها بتفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الملائكة والبشر بما فيهم الانبياء إلا الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، والملاحظ أن كل واحد من العناوين الستة الاولى يخرج قسما مما حكم به المؤلف أو أكثر ، فالتفضيل على الامة والصحابة يخرج تفضيله على الملائكة والانبياء عليهم السلام ، والتفضيل على البشر يخرج تفضيله ، على الملائكة ، وهكذا.
أما العنوان الاخير ـ فانه يبدو جامعا لكل ما قضى به المؤلف في التفضيل ؟ لان تفضيله على الانبياء غير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقتضي تفضيله على
---------------------------
(1) الذريعة 4 : 358 / 1561 .
(2) أعيان الشيعة 9 : 423 .
(3) رجال النجاشي : 401 / 1067 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 9 _
الصحابة والامة والبشر والملائكة ، وأخرج العنوان الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وهومقتضى مراد المؤلف .
ويظهر لنا من تعدد العناوين لهذه الرسالة أن المؤلف وضع العنوان مطلقا دون زيادة أو قيد ، أي تحت عنوان ( تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام ) ، وكل من اطلع على هذه الرسالة بعد المؤلف زاد على عنوانها شيئا أو قيده بقيد حسب ما استفاده من
بعض عبارات المصنف فيها ؟ فالتفضيل على الصحابة أو على أصحابه جاء من قول المؤلف في أول الرسالة : ( اختلفت الشيعة في هذه المسالة ، فقالت الجارودية : إنه عليه السلام كان أفضل من كافة الصحابة ) .
والتفضيل على البشر جاء من قوله فيها : ( وقال جمهور من أهل الاثار منهم والنقل والفقه بالروايات وطبقة من المتكتمين منهم وأصحاب الحجاج : انه عليه السلام أفضل من كافة البشر سوى رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنه أفضل منه ) .
والتفضيل على الانبياء سوى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم لقوله فيها : ( وقضينا بانه أفضل من جميع الملائكة والانبياء ومن دونهم من عالم الانام من جملة ما ذكرناه نستنتج ان العنوان الاخير هو أصلح العناوين السبعة المذكورة ، إلا انه
لا يوجد ما يؤيده غير الطبعة القديمة لهذه الرسالة ، كما لم يرد في فهارس مؤلفي الكتب سيما كتاب النجاشي ما يؤيد ذلك على ما مر بنا ، ولهذا يظهر أن هذا العنوان موضوع بعد زمان المؤلف ، وقد اخترنا إطلاق العنوان ، أي دون قيد أو زيادة ، لانه القاسم المشترك بين العناوين السبعة ، مما يجعله أدعى لاطمئنان النفس ، والله المسدد للصواب .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 10 _
منهج التحقيق
1 ـ النسخ المعتمدة :
أ : النسخة المودعة في مكتبة السيد المرعشي رحمه الله برقم (4) ضمن المجموعة ( 61 ا ا ) ، مكتوبة في سنة 1154 ه ، ورمزها ( أ ) .
ب : النسخة المودعة في نفس المكتبة أعلاه برقم ( 3 ا ) ضمن المجموعة ( 78 ) ، مكتوبة في القرن الثالث عثر ، ورمزها ( ب ) .
ج : المطبوع في النجف الاشرف ضمن مجموعة رسائل للشيخ المفيد ، أوفست مكتبة المفيد ـ قم المقدسة ورمزه ج ) .
2 ـ عملنا في الرسالة :
أ : مقابلة الرسالة المطبوعة مع النسختين المخطوطتين ، والملاحظ أن الرسالة المطبوعة كثيرة التصحيف والغلط ، ويلاحظ أيضا اتفاق النسختين المخطوطتين في اكثر الموارد .
ب : تخريج الاحاديث والاثار التي أوردها المصنف من مصادر الفريقين المعتبرة .
ج : تقويم النمن بتخليصه مما ورد فيه من تصحيف وتحريفب ، وإثبات ما رأيناه صحيحا من النسخ المعتمدة في المتن ، مع الاشارة لاختلاف النسخ في الهامش ، على أنا قد أهملنا الاشارة لبعض الاختلافات التي لا تؤدي معنى .
د : إضافة عناوين تكشف عن مضامين الرسالة المختلفة وحصرها بين معقوفتين .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 12 _
صورة الصفحة الاولى من نسخته ( أ )
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 13 _
صورة الصفحة الاخيرة من نسخته ( أ )
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 14 _
صورة الصفحة الاولى من نسخته ( أ )
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 15 _
صورة الصفحة الاخيرة من نسخته ( أ )
نسال الله العلي القدير أن يمن على العاملين في سبيل إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام بالموفقية والسداد .
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ، علي موسى الكعبي قم المشرفة ـ 15 شعبان 1412 ه
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 18 _
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
بيان أقوال الشيعة في المسألة
قال الشيخ المفيد رضي الله عنه : اختلفت الشيعة في هذه المسألة : فقالت الجارودية
(2) : إنه كان عليه السلام أفضل من كافة الصحابة .
فاما غيرهم فلا يقطع على فضله على كافتهم
(3) ، وبدعوا من سوى
(4) بينه
---------------------------
(1) زاد في أ : وبه نستعين ، وفي ( ب ) : رب يسر .
(2) الجارودية : فرقة من الزيدية ، منسوبة إلى ابي الجارود زياد بن المنذر ، المتوفى نحو 150 ه ، قالوا بتفضيل علي عليه السلام ، وقالوا : لم يصل أحد من الصحابة إلى مقامه ، وإن من دفعه عن هذا المقام فهر كافر ، وإن الامة كفرت وضلت في تركها بيعته ، ثم جعلوا الامامة بعده في الحسن ثم الحسين عليهما السلام ، ثم هي شورى بين أولادهما ، فمن خرج وشهر سيفه فهو مستحق للامامة .
المقالات والفرق : 18 ، الملل والنحل 1 : 140 ، الفرق بين الفرق : 30 ، مقالات الاسلاميين 1 : 259 .
(3) في ب : كافهم .
(4) في ( أ ) و ( ب ) : وندعوا من سوى ، وفي ج : ويدعي التسوية ، وكلها تصحيف صحيحه ما أثبتناه (*).
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 19 _
وبين من سلف ، أو فضله (1) ، أو شك في ذلك ، وقطعوا على فضل الانبياء عليهم السلام كلهم عليه .
واختلف (2) أهل الامامة في هذا الباب : فقال كثير من متكلميهم (3) ) : إن الانبياء عليهم السلام أفضل منه على القطع والثبات .
وقال جمهور (4) أهل الآثار منهم (5) والنقل والفقه بالروايات ، وطبقة من المتكلمين منهم (6) وأصحاب الحجاج : إنه عليه السلام أفضل من كافة البشر سوى رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله فإنه أفضل منه .
ووقف منهم نفر (7) قليل في هذا الباب فقالوا : لسنا نعلم أكان أفضل ممن (8) سلف من الانبياء ، أو (9) كان مساويأ لهم ، أو دونهم فيما يستحق به الثواب .
فاما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمد بن عبد الله فكان أفضل منه على (10) غير ارتياب .
وقال فريق آخر منهم (11) : إن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أفضل البشر سوى أولي العزم من الرسل فإنهم أفضل منه عند الله (12) .
---------------------------
(1) في ( ج ) : أفضل .
(2) في أ ( و ) ب : اختلفت .
(3) في أ وب ( وج ) : متعلميهم ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه .
(4) زاد في ج : من .
(5) و (6) : ( منهم ) ليس في (ج ) .
(7) ( منهم نفر ) : ليس في ( ج ) .
(8) في ( أ وب ) : من .
(9) في ( ج ) : أم .
(10) في (ج ) : من .
(11) في أ و ( ب ) : منهم آخر .
(12) انظر تفصيل أقوال الفرق والمذاهب في هذه المسألة في الفصول المختارة : 67 ـ 68 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 20 _
فصل الاستدلال بآية المباهلة على تفضيل الامام علي (ع)
على من سوى الرسول (ص)
فاستدل من حكم لامير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بأنه أفضل من سالف
(1) الانبياء عليهم السلام وكافة
(2) الناس سوى نبي الهدى محمد عليه وآله السلام بأن قال : قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من كافة البشر بدلائل يسلمها كل الخصوم
(3) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنا سيد البشر
(4) ) وقوله : ( أنا
(5) سيد ولد آدم ولا فخر
(6) ) .
---------------------------
(1) في ( أ ) و ( ب ) : سالفي .
(2) في ( أ ) و ( ب ) : فكافة .
(3) في ( أ ) و ( ب ) : نسلمها أكمن الخصوم وفي ( ج ) : تسلمها أكثر من الحصر ، ووضع في أ على أكمن ضبة للدلالة على تمريضها .
(4) صحيح البخاري 6 : 223 ، مستدرك الحاكم 4 : 573 ، مجمع الزوائد 9 : 116 ، شرح الاخبار : 195 / 156 ، ويأتي مزيد من المصادر في الهامش ( 88 ) .
(5) في ب : وقوله له .
(6) صحيح مسلم 4 : 2278 / 1782 ، سنن الترمذي 5 : 5 / 587 361 ، مسند أحمد 1 : 5 و 21 و 295 ، مستدرك الحاكم 3 : 124 ، التاريخ الكبير للبخاري 7 : 400 / 1748 ، مصابيح السنة 4 : 32 / 4462 ، الفردوس 1 : 43 / 104 ، الشفا 2 : 325 ، تهذيب تاريخ دمشق 7 : 240 ، مجمع الزوائد : 10 : 376 ، لسان الميزان 4 : 290 / 826 ، كنز العمال 11 : 434 / 32040 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 21 _
وإذا ثبت أنه عليه وآله السلام أفضل البشر وجب أن يليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الفضل (1) بدلالته على ذلك ، وما أقامه عليه من البرهان (2) .
فمن ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم (3) لما دعا نصارى نجران إلى المباهلة ، ليوضح عن حقه ، ويبرهن عن ثبوت نبوته ، ويدل على عنادهم في مخالفتهم له (4) بعد الذي أقامه من الحجة عليهم ، جعل عليا عليه السلام في مرتبته ، وحكم (5) بأنه عدله ، وقضى له بأنه نفسه ، ولم يحططه عن مرتبته في الفضل ، وساوى بينه وبينه ، فقال مخبرا عن ربه عز وجل بما حكم به من (6) ذلك وشهد وقضى ووكد : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساء كم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعلل لعنة الله على الكاذبين ) (7) .
فدعا الحسن والحسين عليهما السلام للمباهلة فكانا ابنيه في (8) ظاهر اللفظ ، ودعا فاطمة سلام الله عليها وكانت المعبر عنها بنسائه ، ودعا أمير المؤمنين عليه السلام فكان المحكوم له بانه نفسه (9) .
---------------------------
(1) في ج : بالفضل .
(2) في ج : وما قام عليه البرهان .
(3) زاد في ( أ ) و ( ب ) : أنه .
(4) في ( أ ) و ( ب ) : مخالفته .
(5) في أ ، و ( ب ) : في ميراثه وحكم ، وفي ج : في مرتبة الحكم ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه .
(6) في أ و ( ب ) : في .
(7) سورة آل عمران 3 : 61 .
(8) في أ و ( ب ) : من .
(9) صحيح مسلم 4 : 1871 / 32 ، سنن الترمذي 5 : 638 / 3724 ، مسند أحمد 1 : ـ 185 =>
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 22 _
وقد علمنا أنه لم يرد بالنفس ما به قوام الجسد من الدم السائل والهواء ونحوه ، ولم يرد نفس ذاته ، إذ (1) كان لا يصح دعاء الانسان (2) نفسه إلى نفسه ولا إلى غيره ، فلم يبق إلا أنه أراد عليه وآله السلام بالعبارة عن النفس إفادة العدل
والمثل والنظير ، ومن يحل منه في العز والاكرام والمودة والصيانة والايثار والاعظام والاجلال محل ذاته عند الله سبحانه (3) ، فيما فرض عليه من الاعتقاد بها وألزمه العباد (4) .
ولو لم يدل من خارج ـ دليل (5) على أن النبي صلى الله عليه وآله
---------------------------
=> مستدرك الحكم 3 : 150 ، جامع الاصول 9 : 469 / 6479 ، أسباب النزول للواحدي : 60 ، تفسير الطبري 3 : 212 ، تفسير ابن كثير 1 : 378 ، مصابيح السنة 2 : 183 / 4795 ، الاصابة 2 : 509 ، الرياض النضرة 2 : 152 ، ذخائر العقبى : 25 ، الصواعق المحرقة : 155 ، فتح القدير 1 : 347 ، شواهد التنزيل 1 : 120 ـ 129 ، الدر المنثور 2 : 231 ،
مناقب ابن المغازلي : 263 / 310 ، تذكرة الخواص : 43 ، كفاية الطالب : 141 ، مناقب الخوارزمي : 59 ، نظم درر السمطين : 108 ، تفسير العياشي 1 : 175 ، تفسير فرات : 15 ، تفسير الحبري : 247 ، سعد السعود 91 ، أمالي الطوسي 1 : 313 و 2 : 159 و 177 ، أمالي الصدوق : 421 / 1 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 84 ، الاختصاص : 54 و 112 ، العمدة : 188 ـ 192 .
(1) في ( أ ) : إذا .
(2) في ( ج ) : دعاء الانبياء .
(3) يدل على ذلك أيضا قول الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم متوعدا أهل الطائف مرة وقريشا أخرى: ( لتسلمن أو لابعثن رجلا منى ـ وفي رواية : مثل نفسي ـ فليضربن اعناقكم ... ) الاستيعاب 3 : 46 ، أسد الغابة 4 : 26 ، شرح الاخبار 1 : 111 / 32 و 33 ، الصواعق المحرقة : 126 .
(4) في ( ج ) : واكرم العباد .
(5) ف ( ج ) : من دليل خارج (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 23 _
وسلم (1) أفضل من أمير المؤمنين عليه السلام لقضى هذا الاعتبار بالتساوي بينهما في الفضل والرتبة ، ولكن الدليل أخرج ذلك ، وبقي ما سواه بمقتضاه .
---------------------------
(1) زاد في أ و ( ب ) : كان (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 24 _
فصل الاستدلال بجعل الرسول (ص) حب علي (ع)
حبا له وبغضه بغضا له وحربه حربا له
ومن ذلك أنه عليه وآله السلام جعل أحكام ولائه أحكام ولاء نفسه سواء
(1) ، وحكم عداوته كحكم العداوة له على الانفراد
(2) ، وقضى على محاربه بالقضاء على محاربه
(3) صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يجعل بينهما
---------------------------
(1) من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( في من كنت مولاه فعلي مولاه ) و : ( من آمن بي وصدقني فليتول علي بن أبي طالب بعدي ، فإن ولايته ولايتي ، وولايتي ولاية الله ) انظر : سنن الترمذي 5 : 633 / 3713 ، مسند أحمد 1 : 84 و 119 و 152 و 331 و 4 : 281 و 368 و 372 و 5 : 347 و 366 و 419 ، ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق
(2) من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم مخاطبا لعلي عليه السلام : ( عدوك عدوي ، وعدوى عدو الله ) انظر : مستدرك الحاكم 3 : 127 و 128 ، الرياض النضرة 3 : 122 124 و 167 ، مجمع الزوائد 9 : 133 .
(3) من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام : ( انا حرب لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم ) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام : ( يا علي ، حربك حربي ، وسلمك سلمي ) انظر : سنن الترمذي 5 : 699 / 3870 ، سنن ابن ماجة 1 : 45 / 152 ، مسند احمد 2 : 442 ، مستدرك الحاكم 3 : 149 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 25 _
فصلا (1) بحال ، وكذلك (2) حكم في بغضه ووده (3) .
وقد علمنا أنه لم يضع (4) الحكم في ذلك للمحاباة ، بل وضعه على الاستحقاق ووجوب العدل في القضاء .
وإذا كان الحكم بذلك من حيث وصفناه (5) ، وجب أن يكون مساويا له في الفضل الذي أوجب له من هذه الخلال (6) ، وإلا لم يكن له وجه في الفضل (7) .
وهذا كالاؤل فيما ذكرناه . فوجب التساوي بينهما في كل حال ، إلا ما
---------------------------
(1) في ( ب ) : فضلا .
(2) في ( ب ) : ولذلك .
(3) من ذلك قوله صلى الله عليه واله وسلم : ( ما بال أقوام يبغضون عليا ، من أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن فارق عليا فقد فارقني ) و : ( من أحبني فليحب عليا ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ) و : ( من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ) وقوله مخاطبا له عليهما السلام : ( حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، والاحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة ، انظر : مستدرك الحاكم 3 : 127 / 130 ، أسد الغابة 4 : 383 ، الصواعق المحرقة ، 123 ، الفردوس 5 : 316 / 8304 ، ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2 : 185 و 2 : 190 و 2 : 217 ، الرياض النضرة 3 : 122 و 124 و 67 1 ،
مجمع الزوائد 9 : 132 - 133 ، مناقب ابن المغازلي : 108 / 151 ، كنز العمال 12 : 218 .
(4) في ( ج ) : يصنع .
(5) في ( ج ) : ما وصفناه .
(6) في (ج ) : الحال ، وفي ( أ ) و ( ب ) : الجلال ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه ، والخلال : جمع خلة ، الخصلة .
إذ المراد أن أمير المؤمنين علي عليه السلام وجب ـ من خلال الخصال المذكورة أعلاه ، وهي حكم الولاء والمحاربة والعداوة والبغض والود ـ أن يكون مساويأ للرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم في الفضل الذي أوجب له منها ، لانه صلوات الله عليه وعلى آله لم يجعل بينهما فصلا ، إلا ما أخرجه الدليل من فضله وقربه الخاص من والوحي والرسالة والنبوة .
(7) في ب : في القضاء (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 26 _
أخرجه الدليل من فضله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اختص به بأعماله وقربه الخاص (1) ، ولم يسند إليه ما سلمه وأياه من الاحكام ، بل أسنده إلى الفضل الذي تساويا فيه ما (2) سوى المخصوص على ما ذكرناه .
---------------------------
(1) في ( أ ) : و ( ب ) : الخاصة .
(2) في ( ب ) : ؟ مما (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 27 _
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الصحابة
الاستدلال بحديث الطائر المشوي ومن ذلك قوله عليه وآله السلام المروي عن الفئتين الخاصة والعامة : ( اللهم إئتني باحعب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ) فجاء علي عليه السلام ، فلما بصر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : ( وإلي )
(1) يعنى به أحب
(2) الخلق إلى الله تعالى وإليه .
وقد علمنا أن محبة الله لخلقه إنما هي ثوابه لهم ، وتعظيمه إياهم ، وإكباره وأجلاله لهم ، وتعظيمهم ، وأنها لا توضع على التفصيل
(3) الذي يشمل
(4) الاطفال والبهائم وذوي العاهات والمجانين ، لانه لا يقال : إن الله تعالى يحب
---------------------------
(1) سنن الترمذي 5 : 636 / 3721 ، مستدرك الحاكم 3 : 130 ، فضائل الصحابة 2 : 450 / 956 ، جامع الاصول 9 : 471 / 6482 ، مصابيح السنة 4 : 173 / 4770 ، حلية الاولياء 6 : 339 ، أسد الغابة 4 : 30 ، الرياض النضرة 3 : 114 ، ذخائر العقبي : 61 ، البداية والنهاية 7 : 363 ، تاريخ بغداد 9 : 369 ، مجمع الزوائد 9 : 125 ، كنز العمال 13 : 167 / 36507 ، كفاية الطالب : 144 ، مناقب ابن المغازلي : 156 ، مناقب الخوارزمي : 59 و 130 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 46 ، مناقب ابن شهرآشوب 2 : 282 ، 3 : 59 ، الطرائف : 71 ، العمدة : 242 ـ 253 ، الفصول المختارة : 64 ـ 68 .
(2) في ( أ ) و ( ب ) : واحب
(3) في ( أ ) و ( ب ) : التفضيل .
(4) في ( أ ) : يشتمل (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 28 _
الاطفال والبهائم ، فعلم أنها مفيدة (1) الثواب على الاستحقاق ، وليست باتفاق الموحدين كمحبة (2) الطباع بالميل إلى المشتهى والملذوذ من الاشياء .
وإذا ثبت أن أمير المؤمنين عليه السلام أحب الخلق إلى الله تعالى ، فقد وضح أنه أعظمهم ثوابا عند الله ، وأكرمهم عليه ، وذلك لا يكون إلا بكونه أفضلهم عملا ، وأرضاهم فعلا ، وأجلهم في مراتب العابدين .
وعموم اللفظ بأنه أحعب خلق الله تعالى إليه على الوجه الذي فسرناه ، وقضينا (3) بانه أفضل من جميع الملائكة والانبياء عليهم السلام (4) ، ومن دونهم من عالمي (5) الانام ، ولولا أن الدليل أخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذا (6) العموم ؟ لقضى بدخوله فيه (7) ظاهر الكلام ، لكنه اختص بالخروج منه بما لا يمكن .
قيامه على سواه ، ولا (8) يسلم لمن ادعاه .
---------------------------
(1) في ( ب ) : مقيدة .
(2) في ( ب ) و ( ج ) : كمحبته .
(3) كذا ، والظاهر انها تصحيف ( يقضينا ) أو ( يفضي بنا إلى أنه ، لتكون خبرا ل عموم ) .
(4) في ( ج ) : جميع البشر الانبياء والملائكة .
(5) في ( ج ) : عالم .
(6) في ( أ ) : هذه .
(7) في (ج ) : فيه بدخول .
(8) في ( ب ) : ولم (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 29 _
فصل الاستدلال بمقام أمير المؤمنين (ع) في القيامة على أفضليته في الدنيا
ومن ذلك ما جاءت به الاخبار على التظاهر والانتشار ، ونقله رجال الخاصة والعامة على التطابق والاتفاق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه يلي معه الحوض يوم القيامة
(1) .
ويحمل بين يديه لواء الحمد إلى الجنة
(2) .
وأنه قسيم الجنة والنار
(3) .
وأنه يعلو معه في مراتب المنبر المنصوب له يوم القيامة للمآب ، فيقعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذروته وأعلاه ، ويجلس أمير المؤمنين
---------------------------
(1) الرياض النضرة 3 : 173 و 185 ، ذخائر العقبى : 86 ، 91 ، مناقب ابن المغازلي : 119 ، 237 ، مجمع الزوائد 10 : 367 ، شرح ابن أبي الحديد 9 : 172 ، العمدة : 119 ، بشارة المصطفى : 200 .
(2) الرياض النضرة 3 : 172 ، ذخائر العقبي : 75 ، 86 ، مناقب الخوارزمي : 23 و 208 ،
مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 49 ، شرح ابن ابي الحديد 9 : 169 .
(3) النهاية للجزري 4 : 61 ، الصواعق المحرقة : 126 ، مناقب ابن المغازلي : 67 ، مناقب الخوارزمي : 209 و 236 ، فرائد السمطين 1 : 325 / 253 و 254 ، ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2 : 243 ـ 246 ، شرح ابن أبي الحديد 9 : 165 ، لسان الميزان 3 : 247 ، بشارة المصطفى : 122 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 30 _
صلوات الله عليه في المرقاة التي تلي الذروة منه (1) ، ويجلس الانبياء صلوات الله عليهم دونهما (2) صلوات الله وسلامه عليهما (3) ، وأنه يدعى صلى الله عليه وآله فيكسى (4) حلة أخرى (5) .
وأنه لا يجوز الصراط يوم القيامة إلا من معه براءة من علي بن أبي طالب عليه السلام من النار (6) .
وأن ذريته الائمة الابرار عليهم السلام يومئذ أصحاب الاعراف (7) .
وأمثال هذه (8) الاخبار يطول بذكرها المقام (9) ، وينتشر بتعدادها (10) الكلام .
ومن عني باخبار العامة ، وتصفح (11) روايات الخاصة ، ولقي النقلة من الفريقين ، وحمل عنهم الاثار ، لم يتخالجه ريب في ظهورها بينهم ،
---------------------------
(1) في ( ج ) : أمير المؤمنيين عليه السلام دونه بمرقاة .
(2) في ( ج ) : دونها .
(3) في (ج ) : عليهم .
(4) في ( ج ) : فيلبس .
(5) لسان الميزان 4 : 266 ، المختصر : 151 .
(6) الرياض النضرة 3 : 232 ، ذخائر العقبى : 71 ، الصواعق المحرقة : 126 ،
مناقب ابن المغازلي : 119 / 156 و 131 / 172 و 289 / 242 ، مناقب الخوارزمي : 31 ،
مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 39 ، فرائد السمطين 1 : 292 / 230 .
(7) شواهد التنزيل 1 : 98 / 256 ، ينابيع المودة : 102 ، الكافي 1 : 141 / 9 ، تفسير العياشي 2 : 18 / 44 و 45 ، بصائر الدرجات : 515 ، معاني الاخبار : 59 / 9 ، مختصر البصائر : 52 ـ 55 ، مناقب ابن شهرآشوب 3 : 23 .
(8) في ( ب ) و (ج ) : لهذه .
(9) في ( أ ) و ( ب ) : التقصاص ، وبعني التتبع .
(10) في (ج ) : وينشر بتعددها .
(11) في ( أ ) و ( ب ) : ويصلح (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 31 _
واتفاقهم على تصحيحها والتسليم لها ، على الاصطلاح .
وقد ثبت أن القيامة محل الجزاء ، وأن الترتيب في الكرامة (1) فيها بحسب الاعمال (2) ، ومقامات الهوان فيها على الاستحقاق بالاعمال (3) .
وإذا كان مضمون هذه الاخبار يفيد تقدم أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه على كافة الخلق سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كرامته والثواب (4) ، دل ذلك على أنه أفضل من سائرهم في (5) الاعمال .
---------------------------
(1) في (ج ) : الكتابة .
(2) في ( أ ) : يحسب للاعمال .
(3) ( بالاعمال ) ليس في (ج ) .
(4) في ( أ) و ( ب ) : كرامة الثواب .
(5) في ( أ ) و ( ب ) : من (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 32 _
فصل الاستدلال بأخبار الخاصة على أفضلية الامام علي (ع)
فاما الاخبار التي يختص بالاحتجاج
(1) بها الامامية لورودها من طرقهم وعن أئمتهم عليهم السلام ، فهي كثيرة ، مشهورة عند علمائهم ، مبثوثة
(2) في أصولهم ومصنفاتهم على الظهور والانتشار : فمنها قول أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما : ( أما والله لو لم يخلق الله علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، لما كان لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفء من الخلق
(3) ، آدم فمن دونه
(4) وقوله عليه السلام : ( كان يوسف بن يعقوب نبي بن نبي بن نبي بن خليل الله ، وكان صديقا رسولا ، وكان ـ والله ـ أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه أفضل منه .
وقوله عليه السلام وقد سئل عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما
---------------------------
(1) في ( أ ) : نخص الاحتجاج ، وفي ب : يخص الاحتجاج .
(2) في ( ج ) : منسوبة .
(3) زاد في ( ج ) : من .
(4) الفردوس 3 : 373 / 5130 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 1 : 66 ، تفسير البحر 6 : 507 ، الكافي 1 : 461 / 10 ، التهذيب 7 : 475 / 90 ، الفقيه 3 : 393 / 4383 ، أمالي الطوسي 1 : 42 ، مناقب ابن شهراشوب 2 : 181 ، كشف الغمة 1 : 472 ، بشارة المصطفى : 328 ، المختصر : 133 و 136 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 33 _
كانت منزلته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال : ( لم يكن بينه وبينه فضل سوى الرسالة التي وردها ) (1) .
وجاء مثل ذلك بعينه عن أبيه أبي جعفر ، وأبي الحسن ، وأبي محمد الحسن العسكري عليهم السلام .
وقولهم جميعا بالاثار المشهورة : ( لولا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام لم يخلق الله سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نا را ) (2) .
وهذا يفيد فضلهما بالاعمال ، وتعلق الخلق في مصالحهم بمعرفتهما ، والطاعة لهما ، والتعظيم والاجلال .
---------------------------
(1) المحتضر : 20 نحوه .
(2) فرائد السمطين 1 : 36 ، ينابيع المودة : 485 (*) .
تفضيل الامام أمير المؤمنين عليه السلام
_ 34 _
فصل الاستدلال باخبار العامة
وقد روت العامة من طريق جابر بن عبد الله الانصاري وأبي سعيد الخدري رحمهما الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : علي خير البشر
(1) وهذا نص في موضع الخلاف .
وروي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذات يوم : ( ادعوا لي سيد العرب ) فقالت عائشة : ألست سيد العرب ؟ قال : ( أنا سيد البشر ، وعلي سيد العرب )
(2) .
فجعله تاليه
(3) في السيادة للخلق ، ولم يجعل بينه وبينه واسطة في السيادة ، فدل على أنه تاليه
(4) في الفضل .
وروي عنها من طريق يرضاه أصحاب الحديث أنها قالت في الخوارج حين ظهر أمر المؤمنين عليه السلام عليهم وقتلهم : ما يمنعني مما بيني وبين
---------------------------
(1) الفردوس 3 : 62 / 4175 ، سير اعلام النبلاء 8 : 205 ، ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2 : 444 ـ 448 ، تاريخ بغداد 3 : 192 و 7 : 421 ، كنز العمال 11 : 625 / 33046 ، لسان الميزان 3 : 166 .
(2) مستدرك الحاكم 3 : 124 ، حلية الاولياء 1 : 63 و 5 : 38 ، الصواعق المحرقة : 122 ، تاريخ بغداد 11 : 89 ، ذخائر العقبي : 75 ، ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2 : 261 ، شرح ابن ابي الحديد 9 : 170 ، مجمع الزوائد 9 : 131 ، كنز العمال 11 : 618 / 33006 .
(3) و (4) في (ج ) : ثانية (*) .