|
شعر عمر بن ابي ربيعة
حدث ابو الفرج عن يونس عن ابن شبه ان اسحاق الموصلي غنى الرشيد بقوله :
قالت سكينة والدموع ذوارف منها على الخدين iiوالجلباب |
|
فغضب الرشيد حتى سقط القدح من يده ونهــره وقال لعن الله الفاسق عمر بن ابي ربيعة ولعنك معه ألا تتحفظ وتدري ما يخرج من رأسك (1) .
وهذا البيت مع أبيات رواها الزجاج (2) من دون إشارة الى الخلاف الواقع في روايتها فان ابا الفرج مع روايته لها بما عرفت رواها في سعدى بنت عبدالرحمن بن عوف فقال كانت سعدى بنت عبدالرحمن بن عوف جالسة في البيت الحرام فرأت عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت فأرسلت اليه إذا فرغت من طوافك فاتنا فأتاها فقالت لا اراك يا ابن أبي ربيعة صادراً عن حرم الله أما تخاف الله ويحك الى متى هذا السفه فقال لها دعي هذا عنك أما سمعت ما قلت فيك قالت لا فأنشدها قوله :
---------------------------
(1) اغاني ج 16 ، ص 12.
(2) امالي الزجاج ص 103.
السيدة سكينة (ع) _ 102 _
قالت سعيدة والدموع iiذوارف مـنها على الخدين iiوالجلباب لـيت المغري الذي لم iiأجزه فـيما أطال تصعدي iiوطلابي كـانت تـرد لنا المنى iiايامنا اذ لا نلام على هوى وتصابي أسـعد ما ماء الفرات وطيبه مني على ظمأ وحب iiشرابي بـألذ مـنك وان نايت iiوقلما يـرعى النساء أمانة iiالغياب |
وهذه الأبيات رواها الجاحظ (1) في ابنة عبدالملك بن مروان حين حجت البيت بزيادة أربعة قبلها وسبعة بعدها .
ورجح العلامة الشنقيطي في شرح أمالي الزجاجي ص 104 المطبعة المحمودية بمصر سنة 1354 الطبعة الثانية رواية الأغاني في سعدى بنت عبدالرحمن بن عوف على الرواية في سكينة بنت الحسين عليه السلام وقال هذا هو الصحيح وانما غيره المغنون فجعلوا سكينة مكان سعيدة وفي لفظ آخر وسكين مكان سعيد على الترخيم كما أن الحصري انكر رواية الشعر في سكينة بنت الحسين عليه السلام وعبارته ( كذب من روى هذا الشعر في سكينة عليه السلام ). (2)
---------------------------
(1) المحاسن والأضداد ص 212.
(2) زهر الآداب ج 1 ص 101.
السيدة سكينة (ع) _ 103 _
سكينة بنت الزبير
ومع الغض عن ذلك نقول ان لفظ سكينة في رواية الزجاجي ولفظ سكين في رواية ابي على القالي في الأمالي (1) لا اشعار فيه على ارادة سكينة بنت الحسين عليه السلام بل المقصود في شعر ابن أبي ربيعة ( سكينة الزبيرية ) فان صاحب الأغاني يروي عن رجاله ان سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير كانت تجتمع مع عمر بن أبي ربيعة ومعهما ابنته ( امة المجيد ) زوجة محمد بن مصعب بن الزبير وجاريتان يغنيان عندهم يقال لأحدهما البغوم وللأخرى اسماء (2) وتزوج سكينة بنت خالد بن مصعب بكير بن عثمان بنعفان فولدت بنتاً يقال لها ام عثمان تزوجها عبدالله العرجي (3) .
ويحدث ابن كثير : إن مصعب بن الزبير اولد سكينة وامها فاطمة بنت عبدالله بن السائب (4) .
واذا كان هذا حال سكينة بنت آل الزبير مع عمر بن أبي ربيعة
---------------------------
(1) ج 2 ص 305 طبع دار الكتب العربية.
(2) الأغاني ج 1 ص 67.
(3) الاغاني ج 1 ص 153.
(4) البداية ج 8 ، ص 322.
السيدة سكينة (ع) _ 104 _
والجواري المغنيات فمن القريب جداً أن يزحزح آل الزبير ومن سار على أثرهم من الرواة هذه الشائنة عن ابنتهم ويلصقونها بمن شابهتها في الاسم خصوصاً مع العداء المحتدم بينهم وبين العلويين وقد عرفت فيما مر عليك أن روايات الأغاني في هذا الباب مروية عن الزبير بن بكار ومصعب الزبيري والمدايني والهيثم بن عدي الكوفي الكذاب بنص جماعة من علماء الرجال وهكذا صالح بن حسان واشعب الطامع الى غيرهم ممن يفتعل الحديث أو مجهول الحال لا يؤبه بمروياته .
السيدة سكينة (ع) _ 105 _
حديث الصورين
ويتحدث أبو الفرج عن مجلس ( الصورين ) معتمداً على رواية مصعب الزبيري الذي عرفت بغضه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وروايته فيما يحط من مقامهم فيقول : اجتمع نسوة فذكرن عمر بن ابي ربيعة وشعره وظرفه ومجلسه وحديثه وتشوقن اليه وتمنينه فقالت سكينة أنا له وبعثت رسولاً اليه فوافاهن على رواحله وتحدث معهن الى ان طلع الفجر فقام لينصرف وقال لهن : والله اني لمحتاج الى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله والصلاة في مسجده ولكني لا أخلط بزيارتكن شيئاً ثم انصرف الى مكة من مكانه وقال في ذلك :
ألـمم بـزينب ان البين قد iiأفدا قـل الثواء لئن كان الرحيل iiغدا قـد حلفت ليلة الصورين جاهدة وما على المرء الا الحلف مجتهدا لاخـتها ولاخـرى من iiمناصفها لـقد وجدت به فوق الذي (1) iiوجدا |
هذا نص ما ذكره في الأغاني وصفق لها غيره ممن أراد الطعن في مقام البيت العلوي ونسب ( سكينة ) الموجودة في الحديث الى الحسين عليه السلام من دون أية قرينة تشهد بهذه النسبة فان العبارة
---------------------------
(1) الاغاني ج 1 ، ص 45.
السيدة سكينة (ع) _ 106 _
الموجودة خالية عن نسبتها الى الحسين عليه السلام فمن أين صح الحكم على هذه المسماة بهذا الاسم انها من هذا البيت العلوي فلعلها سكينة ابنة خالد بن مصعب بن الزبير الذي يروي ابو الفرج اجتماعها مع عمر بن أبي ربيعة والجواري يغنين لهم او الأخرى وهي سكينة ابنة مصعب التي امها فاطمة بنت عبدالله بن السائب.
ثم هذا الشعر ورد مطلعه باسم زينب كما ورد مطلعه في ديوان ابن أبي ربيعة باسم ام طلحة عائشة بنت طلحة المخزومي وهي بنت اخت عائشة ام المؤمنين ونص المطلع في الديوان ص 140 :
يـا أم طـلحة ان الـبين قد iiأفدا قـل الثواء لئن كان الرحيل iiغدا امسى العراقي لا يدري إذا برزت مـن ذا تطوف بالأركان او سجدا |
وليس في الأبيات اسم سكينة كما ليس في نص الحديث نسبتها إلى الحسين عليه السلام والباحث في الأغاني لم يجد التصريح بسكينة ابنة الحسين في شعر عمر بن ابي ربيعة اصلا وكلما وجد في لفظ ( سكين ) أو ( سكينة ) لم يحصل معه الجزم بأنها ابنة الحسين خصوصاً بعد أن عرفنا من نص الأغاني ان التي تجتمع مع ابن أبي ربيعة هي سكينة بنت خالد بن مصعب الزبيري ومن هذا الباب ما يرويه أو علي القالي من قول عمر بن أبي ربيعة (1)
ان طـيف الخيال حين iiألما هـاج لي ذكره وأحدث iiهما جدد الوصل يا سكين وجودى لـمحب رحـيله قـد iiأحـما |
فان لفظ سكين لا يدلنا على انه ترخيم سكينة ابنة الحسين عليه السلام على أن أبا الفرج يروي البيت الثاني (2) :
---------------------------
(1) أمالي القالي ج 2 ، ص 305.
(2) الاغاني ج 1 ، ص 117.
السيدة سكينة (ع) _ 107 _
جددي الوصل يا قريب وجودى لـمـحب فـراقـه قـد iiألـما |
ومع هذا الاجمال في اللفظ والخلاف في الرواية كيف يمكن للباحث المتحري للحقائق القطع على أن الشعر وارد في سكينة ابنة الحسين لولا العداء لهؤلاء الاطهار وقصد تشويه سمعة بيتهم الرفيع بما دب ودرج .
ولم يكتف الزبير بن بكار في الطعن على سكينة حتى ازرى ببعض العلويين من ابناء ابيها فحدث ابوالفرج في الأغاني ج 1 ص 117 عنه ان جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين انشد قول عمر :
ليس بين الحياة والموت الا ان يـردوا جـمالهم iiفتزما |
فطرب وارتاح وجرت دموعه وجعل يقول لقد عجلوا البين افلا يوكون قربة افلا يودعون صديقاً افلا يشدون رحلاً.
انا لا اريد ان انزه وابرء جميع العلويين عمالاً يلتئم مع آداب الشريعة وأحكامها ولكن اقول لا يجوز الاعتماد على الزبير بن بكار وأمثاله ممن طعن فيهم العلماء ورموهم بالكذب فلا تدون روايتهم الواضعة من قيم الرجال ما لم تدعم بقرينة قوية وجعفر بن محمد بن زيد لم يرد في حقه مالا يلتئم مع شريعة جده صلى الله عليه وآله.
وهنا نرى الاستاذ توفيق الفكيكي قد أخذه الاحتدام على آل الزبير الناشرين لهذه الأكاذيب وعلى من يدونها من دون روية فتخيل ان ( جعفر ) هذا هو الامام ابو عبدالله الصادق مهذب الأمة بنصائحه وحكمه وناشر الشريعة فاشكل عل الرواية ومن دونها ولكن صريح نصها انه حفيد ( زيد الشهيد ) بن الامام زين العابدين عليه السلام
السيدة سكينة (ع) _ 108 _
وكونه ابن محمد بن زيد على رأي ابي الحسن العمري في المجدي وعلى رأي الداودي في عمدة الطالب هو جعفر بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد بن زين العابدين عليه السلام.
وعلى ما ذكرناه من أن روايات الأغاني في حق سكينة أكثرها من آل الزبير تعرف ما يحدث به أبو الفرج في الأغاني ج 14 ـ ص 159 عن الزبير بن بكار عن عمه مصعب من أن سكينة كانت برزة من النساء تجالس الأجلة وهذا كحديثه فيه عن مصعب الزبيري انها كانت تصفف جمتها حتى عرفت بالجمة السكينية.
وكقوله فيه في التحدث عن شعيب بن أشعب الطامع وكان كأبيه في المجون والاستهتار فأصحبه الرشيد مع عمه ابراهيم بن المهدي المعني بقول أبي فراس :
منكم علية أم منهم وكان لكم شيخ المغنين ابراهيم أم iiلهم |
فطلب منه ابراهيم أن يحدثه عن طمع أبيه ليستريح به في قطع الليل ثم سأله ابراهيم عن أقربائه بالمدينة فقال شعيب بن أشعب انهم يعدون بالألوف وأكثر قال له ابراهيم ويلك ما بينك وبين اشعب احد فمن أين هؤلاء فاختلق شعيب حديبثاً لاثباته وتهجم به على ابنة سيد شباب أهل الجنة فأثبت زواج زيد بن عمر بن عثمان بن عفان منها كما افترى عليها باسراف المال الممقوت حتى عند العرف وانت بعد ان تتذكر ما مر عليك من كون اشعب من موالي آل الزبير من قبل أبيه وقد تربي في بيت عائشة بنت عثمان بن عفان يتجلى لك قيمة هذا الحديث المتفكه به ابنه شعيب مضافاً الى انه حديث ليل ومسامرة مع الأمراء.
السيدة سكينة (ع) _ 109 _
حديث الأزواج
لم يبرح ابو الفرج يجمع اضغاثاً من القول المزري بكريمة بيت العصمة ويأتي من هنا وهنا كل شائنة هي اولى ببيته يحسب ان الشهوة بلغت منها كل مبلغ حتى فقدت من أجلها القواعد العرفية والشرعية والعادات فروى عن الزبير بن بكار ان لها ستة أزواج وكان فيهم من لا كفاءة فيه لهذه الحرة ثم تحدث عن مصعب الزبيري (1) ان الأصبغ بن عبد العزيز لما تزوج منها قال بعضهم :
نكحت سكينة في الحساب ثلاثة فـاذا دخـلت بها فأنت iiالرابع ان الـبقيع اذا تـتابع iiزرعـه خاب البقيع وخاب فيه iiالزارع |
هذا ما في علبة الرجل والذي تحدث عنهم من آل الزبير وانت على يقين من أن ربائب الخدور وبنات البيوت الغيورات على انفسهن واعتبارهن لا يتنازلن الى قبول الازواج بعد ازواجهن الأولين ويرين في ذلك مساً بكرامتهن اذا كان من قضى عنهن إكفاءاً اكراماً فلا يبغين بهم بدلاً خصوصاً اذا لم يكن الخطاب اكفاءاً لهن وكثيراً ما نرى البنات يموت ازواجهن فيبقين بلا زوج حتى الموت وهن في
---------------------------
(1) نسب قريش لمصعب ص 59.
السيدة سكينة (ع) _ 110 _
مقتبل شبابهن فهذه زوجة هدبة بن حشرم لما قدم زوجها ليقاد منه أخذت مدية وجدعت انفها حتى لا يكون للرجال طمع فيها (1) .
ومن اجل ذلك امتنعت ( الرباب ) من التزويج بعد سيدها الحسين المظلوم عليه السلام قالت لا اتخذ حماً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله (2) اذا فابنتها سكينة سيدة الكرائم اولى بهذه الأحوال من بنات البيوت جمعاء لكن ( الزبيري ) حدته احقاده على أمير المؤمنين علي عليه السلام الى ان ذكر لها من الأزواج من لا كفائة فيه ومنهم من هو شانيء للبيت العلوي أو شامت به قد دبت فيه جذور الاحقاد اترى ان ابنة سيد الاباة تتظامن لتلك الضعة نزولاً منها على حكم الشهوة.
على أن علماء النسب والتاريخ يشهدون بان زوجها الأول عبدالله الأكبر ابن الامام الحسن المجتبى سيد شباب أهل الجنة وهو اخو القاسم أمها « رملة » استشهد يوم الطف قبل القاسم ومن هؤلاء الاعلام النسابة ابوالحسن العمري في القرن السادس في كتابه « المجدي » وابو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان في « اعلام الورى » ص 127 عند ذكر اولاد الحسن والشيخ محمد الصبان في أسعاف الراغبين على هامش نور الابصار للشبلنجي ص 202 وقال ابو الفرج في الأغاني ج 14 ص 163 أول أزواجها عبدالله ابن الحسن بن علي بن ابي طالب قتل عنها ولم تلد منه وفي اعلام الورى قتل قبل البناء بها وقال ابن حبيب في « المحبر » ص 438 والمدائني في « المترادفات » ص 64 المجموعة الأولى من نوادر المخطوطات كان
---------------------------
(1) رسالة المغتالين ص 262 لابن حبيب في المجموعة الاولى من نوادر المخطوطات.
(2) كامل ابن الأثير ج 4 ص 36 وتذكرة الخواص ص 150.
السيدة سكينة (ع) _ 111 _
عبدالله بن الحسن أبا عذرها فمات عنها ومقتضاه البناء بها لارادة هذا المعنى من المثل قال الزبيدي في تاج العروس ج 4 ص 387 مادة عذر يقال أبوعذرها وابوعذرتها اذا افترعها وأفتضها.
ان السيدة الكريمة لم تستبد في الرأي في أمورها دون وليها « زين العابدين » ومن المقطوع به انه لا يرى لأي زبيري أو أموي كفاءة لمصاهرته كيف ونصب عينه احقاد القوم وتحزباتهم عليه وعلى الدين من يوم جده أميرالمؤمنين والى أبيه الحسين وسيوفهم تنطف من دمائهم الزاكية والشماتة بادية على جباتهم ويقذفونها في فلتات السنتهم فهل والحالة هذه يتطامن الى مصاهرة هؤلاء وكل احد يجد في قرارة نفسه التباعد عن مصاهرة من يحرش عليه ويطعن بمقدساته وان بلغ من الشرف أقصاه بل حتى لو كان شقيقه من أبيه وامه .
وهذا الحجاج الثقفي يعذل خالد بن يزيد بن معاوية لما خطب رملة بنت الزبير أخت مصعب وقال له كيف خطبت الى قوم ليسوا لك باكفاء وكذلك قال جدك معاوية وهم الذين قارعوا أباك على الخلافة ورموه بكل قبيحة وشهدوا عليه وعلى جدك بالضلالة فاعرض خالد عن مصاهرة آل الزبير (1) .
ولما تزوج عبيد الله بن زياد بنت اسماء بن خارجة قبل ولايته الكوفة لأمه عمرو بن حريث وقال تزوجه ولا سلطان له عليـك (2) .
فالامام زين العابدين اجدر بالتباعد عن مصاهرة من جرع اباءه الغصص ونصبوا لهم الغوائل على ان أبا الفرج يحدث ان مصعب
---------------------------
(1) الاغاني ج 16 ص 85.
(2) انساب الاشراف للبلاذري ج 4 ص 83.
السيدة سكينة (ع) _ 112 _
ابن الزبير تزوج منها وهو عامل أخيه بالبصرة (1) ولم يكن مسيطراً على الحجاز ليخاف السجاد عليه السلام سطوته ولم تكن الظروف تساعد الزبيريين على أخذها أغتصاباً لأن العواطف كانت وقتئذ ثائرة على كل من يمس أهل البيت بسوء حتى ان عبدالله بن الزبير نفسه نصب الهتاف بظلامة السبط الشهيد أبي عبدالله الحسين عليه السلام شركا يصطاد به البسطاء ولما حسب انه بلغ من الملك امنيته ترك ذلك وتجرأ على قدس المنقذ الأكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فترك الصلاة عليه عند ذكره أربعين جمعة ولما عوتب قال ان له أهل بيت سوء اذا ذكرته أشرأبت نفوسهم اليه وفرحوا بذلك فلا أحب أن أقر عيونهم (2) .
وقبله معاوية بن أبي سفيان فقد تجرأ على قدس الرسول صلى الله عليه وآله لما سمع المؤذن يشهد بالرسالة فقال لله ابوك.
يا ابن عبدالله لقد كنت عالي الهمة ما رضيت لنفسك إلا ان تقرن اسمك مع اسم الرب تعالى (3) وهذا الكلام منه يدلنا على تشكيكه بالرسالة مع ان الرسول في الأحكام الشرعية وغيرها « وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى » (4) .
والآذان من الأحكام المنزلة من آله العالمين ومصعب بن الزبير قتل بالعراق سنة 71 هـ ج قبل شهادة زين العابدين باربع وعشرين سنة وسكينة مدة حياة أخيها تسكن في بيته لا تفتر عن البكاء على أبيها المظلوم الممنوع من الورود كلما تشاهد
---------------------------
(1) الاغاني ج 14 ص 163.
(2) مقاتل الطالبين ص 165 طبع ايران.
(3) شرح النهج لابن ابي الحديد ج 2 ص 537 مصر.
(4) سورة النجم آية / 3 و 4 و 5.
السيدة سكينة (ع) _ 113 _
أخاها الحجة زين العباد حزين القلب باكي العين على أبيه سيد شباب أهله الجنة والبهاليل من أهله وصحبه.
ومما يشهد لذلك ان يزيد بن معاوية مع طغيانه وتهتكه وعدم ايمانه برسالة الإسلام والنبي المبعوث بها كما أفصح عنه شعره الدائر بين الناس ولأجله استوجب مؤاخذة العلماء عليه وحكمهم بكفره وزندقته واستحقاق اللعن (1) حتى قال العلامة الألوسي ان مجموع ما فعله مع أهل حرم الله وحرم نبيه صلى الله عليه وآله وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات ليس باضعف دلالة على عدم تصديقه من القاء ورقه من المصحف الشريف في قذر والظاهر انه لم يبث واحتمال توبته أضعف من ايمانه فانا اذهب الى جواز لعنه على التعيين ومن لم يرض بلعنه على التعيين فهو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد (2) .
ومع هذه الأفعال المنكرة وعدم مبالاته بقانون الشريعة المانع منها أوصى مسلم بن عقبة لما سيرة لمحاربة أهل المدينة باحترام ( زين العابدين ) وتعزيز مقامه لأن الإسائة الى أهل هذا البيت توجب الدمار وتورد النكبات فاباح القائد المسرف حرم الرسول صلى الله عليه وآله لجيشه التمرد ثلاثة ايام (3) فافتضت العذارى وولدت عشرة آلاف امرأة من غير زوج (4) وانتهبوا بيوت المسلمين واريقت الدماء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله
---------------------------
(1) ذكرنا في مقتل الحسين ص 8 الطبعة الثانية حكم علماء أهل السنة في لعن يزيد لتعديه على حرمات الله.
(2) تفسير روح المعاني ج 26 ص 73 ، آية فهل عسيتم ان توليتم.
(3) تاريخ الطبري ج 7 ، ص 6.
(4) تذكرة سبط ابن الجوزي ص 163.
السيدة سكينة (ع) _ 114 _
ولكنه أوصى جيشه ببيت ( علي بن الحسين ) فكان أمناً لمن دخله من أهله المدينة حتى ان مروان بن الحكم الذي أثار فتنة الجمل وحرض ( المرأة ) على منع ادخال جنازة الحسن السبط الى قبر جده النبي صلى الله عليه وآله لتجديد العهد به فنهضت واصحرت عن بغضها بقولها لا تدخلوا بيتي من لا أحب (1) وكان مروان يهتز فرحا بقتل الحسين لما شاهد الرأس المقدس أمام ( ابن ميسون ) وهو ينكته بقضيب خيزران فقال متشمتاً :
يـا حبذا بردك في iiاليدين ولـونك الأحمر في الخدين شفيت نفسي من دم الحسين أخذت ثاري وقضيت (2) iiديني |
فلم يمسكه الحياء من هذه المنكرات التي هي نصب عين السجاد علي بن الحسين واندية أهل البيت تلهج بها فجاء بعياله الى بيت الامام زين العابدين يوم واقعة الحرة فرقاً من بطش الجيش المتمرد فرأى من ابن ( النبوة والامامة ) جاها عريضاً وخلقا واسعا وحلما راجحا كما يقتضيه عنصره الطيب الطاهر وهذا بعد أن استجار بعبد الله بن عمر بن الخطاب فزبره وطرده عن بابه وقال لا تحرقني بنارك (3) واني لا ستطرف أبيات سعد بن محمد الصيفي المعروف بحيص بيص لعلاقتها بالموضوع وأرتباطها به :
مـلكنا فـكان الـعفو منا iiسجية ولـما مـلكتم سـال بالدم iiابطح وحـللتم قـتل الأسارى iiوطالما غدونا عن الأسرى نعف ونصفح فـحسبكم هـذا الـتفاوت iiبيننا وكـل انـاء بـالذي فيه iiينضح |
---------------------------
(1) مناقب ابن شهر اشوب ج 2 ص 175.
(2) انظر ما كتبناه في مقتل الحسين صلى الله عليه وآله ص 426 طبعة الثانية.
(3) تاريخ الطبري ج 7 ص 7.
السيدة سكينة (ع) _ 115 _
والقصة في هذا ان نصر بن مجلى من أهل السنة رأى علي بن أبي طالب في المنام فقال له انكم لما فتحتم مكة قلتم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطف ما تم فقال له أما سمعت ابيات ابن الصيفي في هذا قال لا فقال اسمعها منه ولما استيقظ بادر الى الحيص بيص فسأله عن الأبيات وحكى له الرؤيا فأجهش بالبكاء وحلف بالله انه نظمها في ليلته وما سمعها منه احد (1) .
ومن يقرء قصة زواج مصعب من سكينة في عيون الأخبار لابن قتيبة ج 1 ص 258 يتجلى له أنها من الخيالات وهو وان اثبتها مرسلة الا أنها لا تعد والزبير بن بكار وابن أخيه مصعب وثالثهم عروة بن الزبير لأن أبا الفرج في الأغاني أسندها اليهم.
وأغرب منه ما يرويه ابو منصور البغدادي عن المدايني عن مجالد عن الشعبي ان سكينة نشزت على زوجها عبدالله بن عثمان بن حزام فشكتها أمه رملة بنت الزبير بن العوام الى عبدالملك (2) .
وليته نظر قبل أن يسجل هذه الفرية في نص ابن معين ويحيى بن سعيد وغيرهم من علماء الرجال عما ذكروه في حق ( مجالد ) فيعرف توقفهم عن رواية أحاديثه وأعراضهم عن جميع مروياته ثم
---------------------------
(1) الابيات مع القصة في شذرات الذهب لابن العماد لابن العماد الحنبلي ج 4 ، ص 247 ، حوادث سنة 574 ومعجم الادباء لياقوت ج 11 ص 206 ووفيات الاعيان لابن خلكان بترجمته وفي البداية لابن كثير ج 12 ص 301 توفي ببغداد / 5 شعبان سنة 574 ودفن بباب التبن وليس له عقب.
(2) بلاغات النساء ص 146 طبع النجف.
السيدة سكينة (ع) _ 116 _
يعطف النظرة الى الشعبي ويدرس احواله فعندها لا يبقي له ريب في سقوطه عن قبول الرواية.
يتحدث المؤرخون أن الشعبي من صنايع الأمويين يرتع في دنياهم ويسير على رغباتهم تولى المظالم بالكوفة من قبل بشر بن مروان أيام ولايته من قبل عبدالملك (1) وتولى القضاء بالكوفة من قبل عمر بن عبد العزيز (2) فهو مرواني النزعة لا يتحرج من كذبة ولا يبترم من خطل ولا يعرف حرمة الشريعة المطهرة فكان يسمع غناء ابن عائشة فيقول متعجباً منه يؤتي الله الحكمة من يشاء (3) وكان ابن سريج يغني له فقيل له من هذا قال هذا الذي اوتي الحكم صبيا (4) ولم ينكر ابو منصور البغدادي سماعه الغناء (5) المحرم في الكتاب والسنة واجماع الشيعة والسنة ولم يخف هذا الحكم على الشعبي ولكن « مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ » (6) « وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ » (7) .
ولذلك تراه معرضاً عن الولاء لأمير المؤمنين وابنائه المعصومين يحدث ابن مطرف الكناني بسنده عن اسماعيل بن ابي خالد انه سمع الشعبي يحلف بالله ويقول دخل علي بن ابي طالب حفرته
---------------------------
(1) الاغاني ج 2 ص 120 طبعة ساسي .
(2) تاريخ الطبري ج 8 ص 131.
(3) الاغاني ج 1 ص 121 ج 2 ، ص 71.
(4) نيل الاوطار للشوكاني ج 8 ، ص 83.
(5) نيل الاوطار ج 8 ، ص 82.
(6) سورة الاعراف : آية / 186.
(7) سورة العنكبوت آية 13.
السيدة سكينة (ع) _ 117 _
ولم يحفظ القرآن (1) وتقزز ابن فارس من هذه الجرأة على باب مدينة علم الرسول فقال هذا كلام شنيع جدا فيمن يقول سلوني قبل أن تفقدوني سلوني فما من آية إلا اعلم بليل نزلت ام بنهار في سهل ام في جبل (2) .
هذا حال الشعبي مع امير المؤمنين الذي لم يختلف اثنان في معرفته بنزول القرآن وتأويله وفيمن نزلت كما ان الاحاديث كثيرة في جمعه القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فكيف حاله مع غيره من أهل البيت رجالا ونساء فحق له اذا تحدث بما شاء له الهوى.
---------------------------
(1) القرطين ج 1 ص 158.
(2) الصاحبي في فقه اللغة ص 170.
السيدة سكينة (ع) _ 119 _
حديث البيتين
وهناك سقطة اخرى باء باثمها صاحب الأغاني حيث لم تقنعه هاتيك السفاسف في خدش عواطف الخفرة فطفق يمس بكرامة أبيها الامام المعصوم عليه السلام بما ينافي العصمة أو يصادم العظمة والحفاظ فذكر في الرواية عن رجال مجاهيل لم يعرفهم علماء الرجال والتراجم ان سكينة قالت عتب عمي الحسن على أبي في أمي الرباب فقال الحسين راداً عليه (1) :
لـعمرك انني لأحب iiداراً تحل بها سكينة iiوالرباب احـبهما وابذل جل iiمالي وليس لعاتب عندي عتاب |
وزاد ابن جرير الطبري في المنتخب من الذيل ضغثا على أبالة فذيلهما بثالث :
ولست لهم وان عتبوا مطيعاً حـياتي أو يغيبني iiالتراب |
كل هذا جهل بمقام الامامة وإغضاء عن ناحية العصمة وخفوق عن جهة الشهامة والحفاظ فان الامام عندنا المنصوب من قبل الله تعالى المعصوم عن كل خطل حتى من ترك الأولى لا يصدر منه ما
---------------------------
(1) الاغاني ج 14 ، ص 157 ، ونسب قريش لمصعب الزبيري ص 59.
السيدة سكينة (ع) _ 120 _
يوجب العتاب حتى من معصوم مثله والسبط المجتبى عليه السلام لا يعاتب أحداً على مجرد حب حليلته المرغوب فيه إلا أن يكون خارجاً عن الحدود الشرعية ولا يعقل مثله في الحسين عليه السلام.
وعلى فرض وقوع العتاب المزعوم ( فشهيد الدين ) أبر وأتقى من أن يجابه حجة الوقت والامام على الأمة أجمع بنظم البيتين.
ومما لا يلتئم مع حفاظه المر ووقاره المزري بشم الرواسي وعظمته المشتقة من النبوة مدح حليلته وابنته بشعر يعلم بطبع الحال انه ستسير به الركبان ثم يبث ذلك بين الناس فتلوكه الأشداق حتى يغني به المغنون في منتديات البطر ومجتمعات الفجور.
ولكن لم يكن بدعاً من مزاعمهم بعد أن طعنوا في ( ابي الضيم ) الحامل لأعبا الامامة بما هو أعظم وانكى فذكر ابن حجر العسقلاني ان الحسن عليه السلام لما عزم على الصلح شاور عبدالله بن جعفر الطيار فيه فلم ير منه خلافاً عليه وقال للحسين يا أخي اني رأيت رأياً واحب ان تتابعني عليه ثم قصه عليه فقال الحسين عليه السلام اعيذك بالله ان تكذب علياً في قبره وتصدق معاوية .
فقال الحسن عليه السلام :
والله ما أردت أمراً قط الا خالفتني الى غيره والله لقد هممت ان أقذفك في بيت فاطينه عليك حتى أقضي امري (1) .
هكذا يتحدث ابن حجر ويغتر به الساذج من المتأخرين فيعد هذه المخالفة من الحسين من بواعث الشهامة والأباء وقد ذهب على المسكين ان الحسين المعصوم لا يجابه امام الوقت بتلك الشدة المزرية
---------------------------
(1) تهذيب ج 2 ، ص 299 بترجمة الحسن عليه السلام.
السيدة سكينة (ع) _ 121 _
وهو يعلم ان ما يفعله على وفق المصلحة الواقعية التي ارتضاها رب العالمين ونصت به الصحيفة المخصوصة به .
اليس هو القائل لجابر الأنصاري لما قال له :
الا تصالح كما صالح اخوك الحسن ؟
فقال الحسين :
ان أخي فعل بامر من الله ورسوله وأنا أفعل بأمر من الله ورسوله.
ألم يكن الأصلح للحسنين مداراة أخيه المجتبى والتسليم له ـ لو صدقت المزاعم والأوهام ـ ويكون كعبد الله بن جعفر لما أبدى له الامام نظرية الصلح فخضع لرأيه وسلم له أمن الجائز ان يكون عبدالله اعرف بحكم الوقت من السبط الشهيد ؟
ويحدث ابن شهراشوب في المناقب ج 2 ص 143 طبع ايران ان الحسين ما تكلم بحضرة الحسن اعظاماً له ولا تكلم محمد بن الحنفية بحضرة الحسين اعظاماً له وفي مشكاة الأنوار للطبرسي ص 154 كان أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يقول ما مشى الحسين بين يدي الحسن قط ولابدره بمنطق قد اذا اجتمعا تعظيماً واجلاله له .
فهل يجوز العقل مع هذه الأداب الآلهية ان يخالف سيدالشهداء أخاه حجة الوقت ويخطأ رأيه مع علمه بانه لا يفعل الا وفق المصلحة الربوبية.
السيدة سكينة (ع) _ 123 _
نظرة اجمالية
علمنا من شتى النواحي مستنبطين من مدونات التاريخ وجوامع الحديث ومما عرفناه من مواقف أئمة الهدى من الاصلاح والتهذيب وخضوع من دونهم من ذوي قراباتهم إلا افراداً اخرجهم النص الصريح ان السيدة سكينة (ع) لم تكن متروكة سدى ترتكب الشنع وتقتحم المخاريق وانما كانت بمرصد من أخيها زين العابدين وابنه الباقر والصادق وبعين رعايتهم لها وهب ان الخلافة الصورية والسلطة العامة كانت مبتزة منهم لكن لم تبتز منهم القدرة على نسائهم وعائلتهم كيف وكل من سوقة الناس يقدر على من تحت حيطته من أهل بيته فيكبحهم عما يحط بكرامته أو لا يراه من صالحهم لجهات أخرى.
فهل من المعقول ان الامام زين العابدين عليه السلام يدع اخته الكريمة عليه في حيث تنيخ فيه الضعة والصغار وهو القائل لأبي خالد الكابلي حين دخل عليه ورأى الباب مفتوحاً فتعجب من ذلك :
لا تعجب ان الخادمة خرجت من الدار ولا علم لها بفتح الباب ولا يجوز لبنات رسول الله ان يخرجن فيصفقن الباب (1) .
---------------------------
(1) مدينة المعاجز ص 318 حديث 86.
السيدة سكينة (ع) _ 124 _
أمن المعقول أنه لا يجوز لهن رد الباب وليس فيه إلا الخروج الى مظنة رؤية الأجنبي لهن من وراء الأزر والأخمرة ويكون من الجائز لهن التبرج الى الاجانب والمحادثة معهم والخوض في مجاملاتهم خصوصاً ما تمنع منه الشريعة وهو سماع الغناء وعقد المجالس للمغنين .
ثم ما بال الامام الباقر عليه السلام يذر عمته السيدة بين تلكم المخازي وما بال الاباة الهاشميون يغضون الطرف عما هنالك من بواعث العيب والنقص فالى من يدخرون الاصلاح وهم يتركون عقائل بيتهم والى أي زمن يرجئونه ان أخروه عن ايام حياتهم في خفراتهم .
وهذه جبلة فطر الله عليها الأمم جمعاء فضلاً عمن قيضهم المولى سبحانه لهداية البشر وارشادهم الى ما هو الأصلح وقد كان في الأمة العربية من لا يرضخ لمنافيات الغيرة والشهامة وان بلغوا في القساوة كل مبلغ حتى كان من امرهم ان وأدوا البنات كيلا يلحقهم بسببهن العار وكانوا لا يزوجون المرأة من الرجل اذا شبب بها (1) .
ولما شبب عبدالله بن مصعب المعروف بعائذ الكلب بامرأة من بني نصر بن دهمان وكان اسمها ( جمل ) عمد اليها اخوتها فقتلوها غيرة منهم (2) .
ولما بلغ الحجاج الثقفي ان محمد بن عبدالله النميري شبب باخته زينب اسمعه السباب المقذع ولم يتركه حتى كتب الى عبدالملك بن مروان بذلك (3) ولما شبب وضاح بامرأة الوليد قتله (4) .
---------------------------
(1) شرح امالي القالي للبكري ج 2 ، ص 659.
(2) المصدر.
(3) شرح امالي القالي ج 2 ص 658.
(4) آداب اللغة العربية لجرجي زيدان ج 1 ص 283.
السيدة سكينة (ع) _ 125 _
وشبب الهذلي بابنة جندل بن معبد من بني الحساس فساء ذلك أباها فعدا عليه وقتله ثم احرقه (1) .
وكان ابن رهيمة يشبب بزينب بنت عكرمة بن عبدالرحمن بن الحرث ابن هشام فاستعدى عليه اخوها هشام بن عبدالملك فأمر بضربه خمسمائة سوط وأباح دمه إن وجد يفعل مثل ذلك.
وغضب يزيد بن معاوية على عبدالرحمن بن حسان لما شبب باخته رملة بنت معاوية واستعدى عليه اباه معاوية بن أبي سفيان (2) .
واشترى ابن معبد ( سحيم ) الشاعر فلما شبب سحيم بابنته عميرة وشهرها عدا إبن معبد عليه فأحرقه بالنار (3) .
وفي هذه الشواهد مقنع للتعريف بما جبلت عليه نفوس العرب من الغيرة والشهامة فكيف بالهاشميين منهم الذين لم يرضخوا للدنايا وترفعوا عن كل ما يمس كرامتهم فتراهم ينكرون على من يتناول اعراض غيرهم فضلاً عن أعراضهم.
فهذا الحسن بن زيد بن الحسن المثنى بن الامام السبط الحسن بن اميرالمؤمنين عليه السلام بلغه يوم كان والياً على المدينة ان ابن المولى الشاعر يشبب بحرم المسلمين فأغلظ القول له وتهدده ولم يتركه حتى حلف بالايمان المغلظة انه لم يقصد امرأة بعينها وانما عنى في شعره قوسه وسماها ( ليلى ).
---------------------------
(1) شرح امالي القالي ج 2 ص 721.
(2) شرح امالي القالي للبكري ج 2 ص 721.
(3) شرح امالي القالي للبكري ج 2 ص 721.
|