هو يصطدم بالقرآن الذي يقول : وأمرهم شورى بينهم ... أي بين المؤمنين جميعا وليس بين فئة محددة ... ويصطدم بسنة الرسول الذي طبق النص القرآني وعمل به بين الصحابة وفتح الباب لحرية الرأي الذي أغلقه أبو بكر وعمر ليفتح الباب على مصراعيه لدكتاتورية الخط الأموي ...
  وإذا كان عمر وهو ينازع في حيرة من أمره يستخلف أو لا يستخلف مرددا إن لم أستخلف فلم يستخلف الذي هو خبر مني ـ أي الرسول ـ وإن أستخلف فقد استخلف أبو بكر (1) .
  وقد انتهز فرصة حيرة عمر هذه رجل لم تكشف لنا الروايات من يكون ، وقال له : استخلف عبد الله بن عمر ... فقال عمر : قاتلك الله ، والله ما أردت الله بهذا ، أستخلف من لم يحسن أن يطلق امرأته ... (2) .
  إلا أن عمر مال إلى الاستخلاف في حدود مجموعة لن تحيد عن الخط القبلي الذي وضع أساسه مع أبي بكر وهي في النهاية سوف تستقر على واحد من أنصار هذا الخط ولن تتجه بحال إلى الحيدة عنه والاتجاه نحو علي ...
  وعلى الرغم من موقف عمر من ولده عبد الله وكونه صاحب شخصية ضعيفة تجعل منه عديم القدرة على اتخاذ القرار ، على الرغم من ذلك جعله في أهل المشاورة جبرا لخاطره .
  وقال عمر : إذا اجتمع ثلاثة على رأي وثلاثة على رأي فحكموا عبد الله بن عمر فإن لم ترضوا بحكمه فقدموا من معه عبد الرحمن بن عوف وإن ولي عثمان فرجل فيه لين وإن ولي علي فستختلف عليه الناس وإن ولي سعدا وإلا فليستعن به الوالي (3) .

---------------------------
(1) البخاري ومسلم .
(2) أنظر فتح الباري ج 7 / 67 ، وانظر تاريخ الخلفاء .
(3) المرجع السابق ، والسؤال هنا لماذا لم يرشح عمر أبو ذر أو عمار مثلا بدلا من ولده ... ؟ وما يجب ذكر ، هنا هو أن ابن عمر هذا رفض بيعة علي بعد عثمان وبايع معاوية وولده يزيد وقد أطال الله في عمره حتى لحق بالحجاج وكان يصلي خلفه ومعه أنس بن مالك ، أنظر تاريخ ابن عمر في كتب التراجم ...

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 86 _

  وهكذا يبدو لنا بوضوح أن الأمور تتجه إلى غير صالح الإمام علي فعبد الله بن عمر لا وزن له و عبد الرحمن حليف عثمان ...
  يقول الإمام علي حول هذه الحادثة : لقد قرن بي عثمان ... وقال كونوا مع الأكثر ، ثم قال كونوا مع عبد الرحمن بن عوف ، وسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر لعثمان ... وهم لا يختلفون ، فإما أن يوليها عبد الرحمن عثمان أو يوليها عثمان عبد الرحمن (1) .
  ويبدو أن الإمام قد أقحم في أمر الشورى متضررا مع علمه الكامل بخبايا هذه اللعبة وكونها سوف تستقر على خط عمر الذي استحى على ما يبدو من تطبيق سنة صاحبه الذي استخلفه دون مشورة المسلمين فأراد أن يوسع دائرة الاستخلاف قليلا في حدود من يريد أن يستخلفه لتستقر في النهاية على واحد بعينه هو من يريده .
  إن عمر كان يعلم مسبقا أن الأمر سوف يستقر في النهاية على اثنين ، علي وعثمان ولأن علي لا يمثل مصالح القوم بل سوف يضربها فإن الأمر سوف يستقر لعثمان ، وكأن عمر يريد أن يستخلف عثمان واخترع أمر الشورى ليموه على غايته (2) .
  يقول عمر : إن تولاها الأجلح لسار بهم على الطريق ، فقال له ولده : فلم لا توله ، قال : لا أريد أن أحملها حيا وميتا (3) ، ولعل هذا القول يؤكد صحة الاستنتاج الذي توصلنا إليه فالأجلح هنا المقصود به الإمام علي .

---------------------------
(1) تاريخ الطبري وانظر نهج البلاغة ...
(2) هناك تصريح لعمر يؤكد هذا أنظر فتح الباري ج 7 / 67 ، وما بعدها .
(3) فتح الباري ج 7 / 68 (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 87 _

المحطة الرابعة عثمان ووضع حجر الأساس للخط الأموي

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 89 _

  لم يكن عثمان كسابقيه يحتاط لأمره ويحسب لخصومه ويداري قبيلته ، وإنما وبمجرد أن أمسك زمام الحكم في يده جهر بقبيلته وأظهر ميله لقومه معلنا أمويته فأسخط عليه الناس واستفز الجميع حتى أنصاره ومؤيديه من خارج بني أمية ...
  لقد تجاوز عثمان حدود الخط القبلي الذي رسمه من قبله أبي بكر وعمر وحصر هذا الخط في دائرة بني أمية .
  وهو قد خالف الكتاب والسنة ، وضرب عرض الحائط بنصح الآخرين ولم يعبأ بأحد ، فهل كان مركز عثمان من القوة بحيث جعله يتمادى في موقفه هذا ... ؟ .
  أم أنه وجد الخط القبلي قد ترسخ وتمكن على ساحة الواقع ولم تعد هناك حاجة للتمويه أو المواربة ... ؟ .
  إن الضربات التي وجهت لخط آل البيت بقيادة الإمام علي بداية من عهد أبي بكر وحتى عهد عمر أضعفت من شوكة هذا الخط وقدراته .
  فقد كانت كل الضغوط مركزة عليه وكل العوائق تقف في طريقه لكونه يمثل الاتجاه الفاعل والوحيد الذي يقف في مواجهة الخط القبلي ، فمن ثم فإن صدام الخط القبلي به أمر حتمي ومصيري ، فالخط القبلي لن يعيش إلا على حساب خط آل البيت وخط آل البيت ليس أمامه إلا التعايش مع الخط القبلي والاعتراف به أو قبول الفناء التدريجي كجماعة لها وجودها ولها أنصارها وليس كاتجاه له عقيدته وفكره المتميز .
  ولقد عمل أبو بكر وعمر على تشتيت الصحابة الموالين للإمام في الأمصار حف لا يشكلوا بتواجدهم حوله قوة ضغط على الخط القبلي ، وعندما جاء عثمان وجد الظروف والأوضاع مهيأة لإعلان نتيجة الخط القبلي ووضع أساس الخط الأموي .
  فالخط القبلي من شأنه أن يضعف مع مرور الزمن ولا بد له من أن يتركز في النهاية في دائرة أقوى عائلة من عائلات هذا الخط .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 90 _

  ولا توجد عائلة على مستوى قريش لديها القدرة على الحفاظ على الخط القبلي ومواجهة خط آل البيت كالعائلة الأموية فهي المرشح الوحيد لهذا الدور وقد حملت رايته في مواجهه بني هاشم من قبل الإسلام بزمان (1) .

---------------------------
(1) أنظر كتاب النزاع والتخاصم بين بني أمية وبني هاشم للمقريزي ط القاهرة ، وانظر تفاصيل الصراع بين البيتين في كتب التأريخ .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 91 _

  عثمان والصحابة وقف عثمان من الصحابة موقفين متناقضين : موقف مؤيد ومناصر ... وموقف معاد مجاهر ... أما الذين أيدهم وناصرهم فهم الذين أيدوه وبايعوه ومهدوا له طريق الوصول للحكم وعلى رأسهم سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وهؤلاء قد أغدق عثمان عليهم العطاء وكافئهم أحسن مكافأة ليجمعوا ثروات طائلة بعد أن فتح الباب أمامهم على مصراعيه للثراء بلا حدود (1) .
  ويبدو أن هؤلاء قد رضوا أن يكونوا من الرأسماليين على أن يكونوا من السياسيين ، أي أنهم اختاروا الثراء على الحكم الذي تركوه لبني أمية ، أما الذين عاداهم فهم الذين صدعوا بالحق في وجهه وتحالفوا مع علي ضده وعلى رأسهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود ، وموقفه من أبي ذر إنما يعد من أشد المواقف حدة وعداءا نظرا لشدة موقف أبي ذر من الخط الأموي بشكل عام ومن عثمان ومعاوية بشكل خاص ... ومن الخطأ

---------------------------
(1) مات الزبير وله الكثير من العقارات والأراضي منها إحدى عشر دارا بالمدينة ، ودارين بالبصرة ودارا بالكوفة ودارا بمصر ، ونزل أرضا تسمى الغابة اشتراها بسبعين ومائة ألف ، وكان الزبير متزوجا أربعة نسوة ، كان نصيب الواحدة منهن في ميراثه ألف ألف ومائتا ألف .
أما ثروة عبد الرحمن بن عوف فهي أضعاف ذلك ...
ويروي ابن عساكر أن قيمة ما ترك طلحة من المال والعقار ثلاثين ألف ألف درهم وترك من العين ألف ألف ومائتين ألف دينار أنظر ج 7 / 90 (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 92 _

  تصور أن موقف أبو ذر من عثمان ومعاوية كان بسبب الترف وكنز الأموال وهضم حقوق الفقراء والمحتاجين ، فلم يكن هذا السبب إلا ظاهر الموقف ، أما باطنه فيكمن في بطلان الخط الأموي وعدم شرعيته .
  إن الصدام بين أبي ذر وعثمان لم يكن وليد عصره وإنما كانت له جذوره من عصر أبي بكر وعمر حين بدأت عملية الانحراف عن خط الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  فإن أبا ذر الذي كان يصدع بالحق في مواجهة مشركي مكة ويلاقي ما يلاقي ، لم يكن ليتوقف عن الصدع بالحق في عهد أبي بكر وعهد عمر وقد روى فيه الرسول ما روى (1) .
  ومن هنا يتبين لنا أن الصدام بين أبي ذر وعثمان كان صداما عقائديا ، بين عقيدة ملتزمة وعقيدة مخالفة ... بين صحابي موال لآل البيت ورمز بني أمية ... بين خط آل البيت وخط بني أمية ... وعلى هذا الأساس كان حكم عثمان على أبي ذر قاسيا فهو حكم على قدر الموقف الذي اتخذه أبو ذر ، ألا وهو الحكم بالنفي ... وربما يكون عثمان هو أول من طبق سنة نفي القادة والمصلحين في تاريخ الحكام الطغاة الذين هيمنوا على بلاد المسلمين ، وموقف عثمان من عمار هو نفس موقفه من أبي ذر .
  فكلا من أبي ذر وعمار من أتباع الإمام وموقفهما من الخط الأموي واحد وثابت ، فمن ثم فقد تصدى عثمان لعمار كما تصدى لأبي ذر وقرر نفيه ليحل محل أبو ذر الذي كان قد توفي لولا تدخل الإمام الذي نهر عثمان قائلا : إتق الله ، فإنك سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك ، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره (2) .
  وكانت النتيجة أن هدد عثمان الإمام علي بالنفي قائلا له : أنت أحق بالنفي منه ، وكان رد الإمام : إفعل إن شئت ذلك (3) .

---------------------------
(1) قال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في قبيلة أبي ذر : غفار غفر الله لها ، أنظر سيرته في كتب التراجم ...
(2) أنظر البداية والنهاية لابن كثر ج 7 / 173 وما بعدها وانظر الطبري وابن عساكر ومروج الذهب .
(3) أنظر المراجع السابقة وطبقات ابن سعد والكامل لابن الأثير (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 93 _

  ثم إن عثمان تراجع عن قراره بعد ضغوط لكن عمار لم يغير موقفه من عثمان وتصدى له ثانية حين وهب بعض نسائه من مال المسلمين ما تتزين به ، فأوعز عثمان إلى شرطته فأخذوه وضربوه حتى غشي عليه (1) .
  ويروى أنه حين بويع عثمان خطب عمار في مسجد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا معشر قريش أما إذا صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم ههنا مرة وههنا مرة ، فما أنا بآمن من أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله (2) .
  وقام المقداد فقال : ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم ، فتصدى له عبد الرحمن بن عوف قائلا : وما أنت وذاك يا مقداد بن عمرو ؟ .
  فقال المقداد : إني والله لأحبهم لحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إياهم وإن الحق معهم وفيهم ، يا عبد الرحمن ، أعجب من قريش ـ وإنما تطولهم على الناس بفضل أهل هذا البيت ـ قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله بعده من أيديهم ، وأيم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي إياهم مع النبي يوم بدر (3) .
  ولقد تصدى عبد الله بن مسعود لعثمان وحرض عليه المسلمين وكان على الكوفة يعظ الناس ويعلمهم كتاب الله فعزله عثمان وأرسل مكانه الوليد بن عقبة فاصطدم به ابن مسعود وأسمعه كلاما شديدا في حق عثمان ، ثم رحل إلى المدينة تاركا الكوفة في وداع أهلها (4) .
  وفي المدينة وقع صدام بينه وبين عثمان الذي أمر زبانيته فضربوه حتى دق ضلعه ثم أمر بقطع رزقه ، مما دفع بالإمام علي إلى التصدي له وحمل ابن مسعود إلى بيته ليكون تحت رعايته (5) .
  ولم يكتفي عثمان بهذا بل أصدر قرارا بمنع ابن مسعود من الخروج من المدينة فبقي فيها حتى مرض مرضه الذي توفي فيه (6) .

---------------------------
(1) أنظر المراجع السابقة .
(2) أنظر المراجع السابق .
(3) أنظر المراجع السابق .
(4) أنظر المراجع السابق .
(5) أنظر المراجع السابق .
(6) أنظر المراجع السابق (*)

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 94 _

عثمان والامام علي (ع)
  كان تعايش الإمام علي مع أبي بكر وعمر تعايش المحافظ والمدافع ، فقد كانت الضغوط الموجهة إليه تتركز على دوره كممثل شرعي للأمة وكقائد لتيار آل البيت الذي يضم الكثير من كبار الصحابة .
  وقد تنازل الإمام عن هذا الدور حفاظا على وحدة الأمة ، لكنه لم يتنازل عن المبدأ الذي ورثه عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أي أن الإمام تنازل عن السلطة ولم يتنازل عن الفكرة ، تنازل عن الحكم ولم يتنازل عن الدعوة .
  فهو قد أفسح الطريق للخط القبلي ليحكم لكنه لم يفسح له الطريق ليعبث بالإسلام ، ويبدو أن الخليفتين أبو بكر وعمر لم يكونا من المتحرشين بهذا الجانب ، جانب الإسلام فقد احترم كل منهما قدرات الإمام العلمية وأقرا بتفوقه عليهما .
  وهذا لا يعني أن صورة الإسلام كانت سوية ومستقيمة بشكل كامل في عهد الخليفتين وإنما كان هناك انحراف ، لكنه لم يكن كبيرا بالقدر الذي يستفز الإمام ويدفعه إلى الصدام به ، وما كان يقلق الإمام هو ما سوف يترتب على هذا الانحراف في المستقبل .
  وعندما جاء عثمان برز الانحراف بصورة تجاوزت الحدود التي وقف عندها الشيخان وتعدى حدود الحكم ليصل إلى الإسلام ، وهنا تغير موقف الإمام وشيعته وانتقل بهم من المقاومة السلبية إلى المقاومة الإيجابية ، وتصدى لعثمان وبني أمية الذين رفعوا رايتهم لأول مرة بعد سقوطهم على أيدي الرسول حين فتح مكة ، لقد كان ظهور بني أمية في عهد عثمان بداية لتحول الأمة إلى طريق الجاهلية وبداية لظهور إسلام آخر مناقض لإسلام آل البيت ومعاد له ومعلنا هذا العداء .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 95 _

  لم يكن الأمر إذا مجرد تغلغل عائلة في الحكم وإنما كان في حقيقته محاولة لإظهار إسلام جديد بديل عن إسلام الخلفاء السائد الذي كان فاقد الأساس لكنه ليس منحرفا بالقدر الذي يتيح لهم تحقيق مآربهم والعودة إلى جاهليتهم ...
  لقد انتهز بني أمية فرصة وصول عثمان للحكم وأحاطوا به موحدين صفوفهم للثأر والانقضاض على بني هاشم ممثلين في آل البيت تحت زعامة الإمام علي ، وفي مواجهة وضع كهذا لا بد على الإمام علي أن يعلن المواجهة والتصدي لا أن يلتزم بالمهادنة والتعايش السلبي كما كان حالة مع أبي بكر وعمر .
  ومما تقدم تتضح لنا طبيعة العلاقة بين الإمام وعثمان وطبيعة الموقف الذي تبناه في مواجهة سياساته وممارساته ، فقد كان موقفه من أبي بكر وعمر موقف الموجه الشرعي أمام تجاوزاتهم للنصوص أما موقفه من عثمان فهو موقف شرعي سياسي تجاوز الحدود النظرية إلى الحدود العملية .
  يقول الإمام في عثمان : ... إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع ، إلى أن انتكث فتله وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته (1) .
  والإمام هنا يهاجم عثمان ويتهمه بالغرور والتكبر والتواطئ مع بني أمية وتبديد مال المسلمين على قومه الذين فتحت أمامهم الأبواب على مصراعيها ليحثو من هذا المال مشبها إياهم بالإبل التي ترعى في النبات وقت الربيع وتأكله بشراهة وملء الفم وليس بعد هذا التشبيه الدقيق من تشبيه يصور حال عثمان مع بني أمية ، وحالهم مع أموال المسلمين ، ولم يكن هذا حال سابقيه ، فقد كان على الرغم من موقفهما من النصوص ومن آل البيت يلتزمان بسياسة التقشف على أنفسهما ويحرصان على صيانة المال العام ولم تكن لهما ميول للتحصن والاحتماء بقومهما كما فعل عثمان .

---------------------------
(1) نهج البلاغة ج‍ 1 / خطبة رقم 3 (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 96 _

  ولم يرد على لسان الإمام أي نقد لهما فيما يتعلق بهذا الجانب وإنما كان صدامه معهما في حدود النصوص وتطبيقها ، أما إذا تعلق الأمر بأمور المسلمين فإن الإمام لا يسالم .
  يقول الإمام حين آل الأمر لعثمان : لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة التمسا لأجر ذلك وفضله وزهدا فيما تنافستموه من زخرفة وزبرجه (1) .
  وفي هذا القول دلالة على موقف الإمام الثابت من الخلفاء ، ذلك الموقف المبنى على التضحية بشخصه من أجل صالح الإسلام والمسلمين ، فإذا ما حدث مساس بمصالح المسلمين أو مساس بالإسلام فإن الإمام لا يقف ساكنا وهو ما نراه بوضوح من خلال مواقفه من عثمان .
  وحين أصدر عثمان قراره بنفي أبي ذر نادى في الناس أن لا يكلم أحدا أبا ذر ولا يشيعه ضرب الإمام بقرار عثمان هذا عرض الحائط وخرج يشيعه إلى الربذة ومعه عقيل أخوه والحسن والحسين وعمار بن ياسر .
  يقول الإمام في وداع أبي ذر : يا أبا ذر إنك غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عما منعوك ؟
  وستعلم من الرابح غدا والأكثر حسدا ، ولو أن السماوات والأرض كانتا على عبد رتقه ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا ، لا يؤنسنك إلا الحق ، ولا يوحشنك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبوك ، ولو قرضت منها لأمنوك (2) .
  لقد تراكمت التجاوزات والمفاسد والانحرافات في عهد عثمان حتى حاصرته ودفعت بالمسلمين إلى الثورة عليه .

---------------------------
(1) المرجع السابق .
(2) المرجع السابق ج 2 خطبة رقم 126 (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 97 _

  وتحاول كتب التاريخ والمؤرخون الدفاع عن عثمان وتبرئته من هذه المفاسد وإلقاء المسؤولية على قوم آخرين (1) .
  والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : ما دور الإمام علي في الصدام الذي وقع بين المسلمين وعثمان ... ؟ .
  هل تحالف الإمام مع الثوار ضد عثمان ، أم صد عن الثورة ... ؟ .
  إن المؤرخين يحاولون جاهدين تبييض وجه عثمان بإظهار الإمام علي بمظهر المؤيد له والمتعاطف معه ، حتى أنه تصدى للثوار الذين يحاصرون بيت عثمان ووضع الحسن والحسين على بابه شاهرين سيوفهما في وجه الثوار وقد وبخهم توبيخا شديدا على تهاونهما في الدفاع عنه بعد مصرعه (2) .
  إلا أن المتتبع لأحداث تلك الفترة يكتشف أن الإمام قد بذل جهدا كبيرا في نصح عثمان ومحاولة تحريره من سيطرة بن أمية ، لكن جهوده هذه قد ضاعت هباءا منثورا أمام إصرار عثمان وموقفه المتصلب والمتعصب لقومه (3) .
  وأمام موقف عثمان هذا اضطر الإمام إلى التنحي جانبا مفسحا الطريق أمام الثوار الذين يدافعون عن حقوق المسلمين لينالوا من عثمان ... وإذا كان معظم الذين شاركوا في الثورة والذين تزعموها هم من أتباع الإمام ومن تلامذته .
  فبهذا يتأكد لنا أن الإمام هو المحرك الأول لهذه الثورة التي كانت ترفع لواء الإسلام الحق في مواجهة بني أمية ، أو بصورة أخرى ترفع لواء آل البيت في ، مواجهة الخط القبلي الذي كشف عن وجهه القبيح على يد عثمان .
  إن الصراع لم يكن صراع بين ظالم ومظلوم كما يحلو للبعض تصويره بذلك وإنما كان صراعا بين الحق والباطل ، الحق المتمثل في الثوار ... والباطل المتمثل في عثمان وبني أمية .

---------------------------
(1) أنظر كتب التاريخ ، وكتاب العواصم من القواصم ، والمغني للقاضي عبد الجبار ج 20 .
(2) نظر الطبري والبداية والنهاية والكامل لابن الأثير .
(3) أنظر مروج الذهب والإمامة والسياسة والطبري والبداية والنهاية لابن كثير (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 98 _

  والإمام ليس مخيرا في الانحياز لأي من الطرفين ، وإنما هو مقيد بالحق ويدور معه حيث دار ، والحق واضح وضوح الشمس والباطل كذلك .
  ولعل موقف الإمام هذا هو الذي استثمره معاوية فيما بعد في تزكية نار الصراع بينه وبين الإمام من أجل تحقيق مآربه في التسلط على المسلمين ، وقد كان بإمكانه نصرة عثمان وإنقاذه لكنه رأى أن التضحية به أنفع له في صراعه مع الإمام (1)

---------------------------
(1) أنظر المراجع السابق ، وانظر كتاب عثمان إلى معاوية يستنصر .
في الطبري ج 1 / 185 يقول الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة فابعث إلى من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول ... وانظر ابن كثير ج 7 / 185

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 99 _

عثمان وبني أمية
  قال أبو سفيان حين تولى عثمان مخاطبا بني أمية : يا بني أمية ، تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة (1) .
  ويحاول الكثير من المؤرخين إنكار نسبة هذا الكلام لأبي سفيان وإنكار عثمان له إلا أن سياسة عثمان ومواقفه تكشفان صحة هذا القول وصدق نبوءة أبو سفيان .
  يقول المودودي : غير أن عثمان حين خلفه ـ أي عمر ـ أخذ يحيد عن هذه السياسة رويدا رويدا فطفق يعهد إلى أقاربه بالمناصب الكبرى ويخصهم بامتيازات أخرى اعترض الناس عليها عامة ... ولم يكن رد فعل هذه الأمور سيئا على العامة وحدهم بل على أكابر الصحابة أيضا .
  مثال ذلك حينما أخذ الوليد بن عقبة مرسوم حكومة الكوفة وجاء إلى سعد بن أبي وقاص قال له سعد : والله ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك ، فأجابه ، لا تجزعن أبا إسحاق فإنما هو الملك يتغداه قوم ويتعشاه آخرون ، فقال سعد : أراكم والله ستجعلونها ملكا (2) .
  إن أفراد العائلة الأموية الذين تغلغلوا في الحكم بمعونة عثمان ودعمه لم تكن تتوافر بهم المؤهلات الشرعية والسياسية فضلا عن أن مكانتهم الشرعية كانت حرجه فقد ذمهم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أحاديث صريحة وحذر منهم لكن عثمان ضرب

---------------------------
(1) أنظر تاريخ الطبري ...
(2) أنظر الخلافة والملك وانظر الإستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ج 2 / 604 هامش الإصابة (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 100 _

  بتحذيرات الرسول عرض الحائط وكشف عن وجهه الأموي المعادي لخط آل البيت (1) .
  يقول المودودي : إن أفراد العائلة الذين ارتقوا في عهد عثمان كانوا جميعا من الطلقاء ، والمراد بالطلقاء تلك البيوت المكية التي ظلت لآخر وقت معادية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وللدعوة الإسلامية فعفا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عنهم بعد فتح مكة ودخلوا في الإسلام ، ومعاوية والوليد بن عقبة ومروان بن الحكم كانوا من تلك البيوتات التي أعطيت الأمان وعفا الرسول عنهم ، أما عبد الله بن أبي سرح فقد ارتد بعد إسلامه وكان واحدا من الذين أمر الرسول في فتح مكة بقتلهم حتى ولو وجدوا تحت أستار الكعبة (2) .
  ولقد وسع عثمان من نفوذ معاوية على الشام وضم إليه حمص وقنسرين وفلسطين والأردن حي بسط نفوذه على كل الشام وأصبح من أقوى الولاة وأغناهم مما أتاح له الفرصة على منازعة الإمام علنا .
  فالشام كانت على هوى بني أمية فلم تكن موطنا للعرب والصحابة كما هو حال العراق ، فمن ثم لم يجد معاوية وبني أمية من بعده من ينازعهم فيها وهم استطاعوا التعايش مع أهلها وأهلها تعايشوا معهم ولم يجدوا اختلافا كبيرا بين حياتهم قبل الإسلام وحياتهم بعده بعد أن فتح لهم ، معاوية الدنيا على مصراعها .
  ومثل هؤلاء يكونون سيفا واحدا على كل من يحاول المساس بدنياهم ولأجل هذا وقفوا صفا واحدا من خلف معاوية في مواجهة الإمام ، لقد اختار أهل الشام إسلام بني أمية ورفضوا إسلام آل البيت فإسلام بني أمية سوف يحفظ لهم دنياهم ومصالحهم ، وإسلام آل البيت سوف يحرمهم من هذه الدنيا وسوف يضرب هذه المصالح اختار أهل الشام معاوية لكونه يمثل استمرارا لخط هرقل والروم والدنيا ... ورفضوا الإمام لكونه استمرارا لخط النبوة والإسلام والآخرة .
  يقول عثمان : لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم (3) .

---------------------------
(1) أنظر نماذج من هذه الأحاديث في البخاري كتاب الفتن .
(2) أنظر كتب التاريخ وكتب السيرة .
(3) رواه أحمد ، نقلا عن البداية والنهاية لابن كثير ج 7 / 178 (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 101 _

  وعلى الرغم من هذا الحب من قبل عثمان لعشيرته ، وما حققه لبني قومه من إنجازات ونفوذ وثراء على حساب المسلمين .
  رغم هذا كله كان قومه هم الذين سعوا إلى القضاء عليه والتآمر على قتله فهم قوم سوء استعان بهم عثمان فكان ضحيتهم .
  ولقد كانت سياسة عثمان وممارساته المعوجة وتحالفه مع قومه ونبذه لكبار الصحابة وفساد ولاته على الأمصار كل ذلك قد أفقده تعاطف المسلمين وأهل المدينة على الخصوص الذين لم يتحرك أحد منهم لنصرته والدفاع عنه حين حوصر وتركوه ليلقي مصيره ويجني ما كسبت يداه وإذا كان قومه الذين والاهم وارتبطت مصالحهم به لم يتحركوا لنصرته فكيف يتحرك الغرباء للدفاع عنه .
  يبرر ابن كثير الموقف السلبي للصحابة وأهل المدينة تجاه عثمان بقوله : إن كثيرا منهم بل أكثرهم أوكلهم لم يكن يظن أنه يبلغ الأمر إلى قتله .
  ثانيا : إن الصحابة مانعوا دونه أشد الممانعة ولكن لما وقع التضييق الشديد عزم ، عثمان على الناس أن يكفوا أيديهم ويغمدوا أسلحتهم ففعلوا فتمكن أولئك مما أرادوا ... ومع هذا ما ظن أحدا من الناس أن يقتل بالكلية .
  الثالث : أن هؤلاء ( الخوارج ) لما اغتنموا غيبة كثير من أهل المدينة في أيام الحج ولم تقدم الجيوش من الآفاق للنصرة بل لما اقترب مجيئهم انتهزوا فرصتهم وصنعوا ما صنعوا من الأمر العظيم .
  الرابع : إن هؤلاء ( الخوارج ) كانوا قريبا من ألفي مقاتل من الأبطال وربما لم يكن في أهل المدينة هذه العدة من المقاتلة لأن الناس كانوا في الثغور وفي الأقاليم وفي كل جهة ، ومع هذا فإن كثير من الصحابة اعتزل هذه الفتنة ولزموا بيوتهم .
  ومن كان يحضر منهم المسجد لا يجئ إلا ومعه السيف ... وربما لو أرادوا صرفهم عن المدينة لما أمكنهم ذلك وأما ما يذكره بعض الناس من أن بعض الصحابة أسلمه ورضي بقتله فهذا لا يصح عند أحد من الصحابة أنه رضي بقتل عثمان ، بل كلهم كرهه ومقته وسب من فعله ، ولكن بعضهم يود لو خلع نفسه من الأمر كعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وعمرو بن الحمق وغيرهم (1) .
  وكلام ابن كثير هذا ـ وهو فقيه أموي النزعة ـ يحمل الكثير من المتناقضات إذ كيف للصحابة وأهل المدينة وهم يرون هذه الثورة العارمة ضد عثمان ولا يتوقعون مقتله ؟
  وكيف لهم أن يتركوا الدفاع عنه وهم يرونه ضائع لا محالة في مواجهة ألفي مقاتل ... ؟
  وكيف يستقيم هذا التفسير مع قوله أن كثير من الصحابة اعتزلوا الفتنة ؟ .
  وعلى أي أساس نفي ابن كثير وجود موقف من عثمان ورضي بقتله في الوقت الذي تؤكد الروايات أن هناك عدد من الصحابة كان يتزعم هذه الثورة ويحرض المسلمين على عثمان ؟
  وكيف له أن يؤكد أن عمار أو ابن أبي بكر وابن الحمق تراجعوا عن موقفهم العدائي ... ؟
  ثم أين معاوية وجيشه ... ؟
  وابن كثير يدافع عن عثمان دفاعا مستميتا مبررا منكراته مضيفا عليها الشرعية وهو بهذا إنما يدافع عن خطه وفقهه الذي ورثه من القوم والذي هو نابع من الخط الأموي ، فمن ثم ليس مستغربا منه هذا الموقف ولا من أي من فقهاء الشام مثل الذهبي والنووي وابن تيمية وابن عساكر وغيرهم ممن ناصبوا خط آل البيت العداء (2) .
  يقول ابن كثير : أنه قيل لعثمان حين أنكر أمر البريد ـ أي الكتاب الذي زوره مروان وعاد على أساسه الثوار لحصار عثمان بعد أن تركوا حصاره لرضوخه لمطالبهم ـ : إن لم تكن قد كتبته بل كتب على لسانك وأنت لا تعلم فقد عجزت ومثلك لا يصلح للخلافة ، إما لخيانتك وإما لعجزك .
  ويعلق ابن كثير على هذا الكلام بقوله : وهذا الذي قالوه باطل على كل تقدير

---------------------------
(1) المرجع السابق ص 186 ، 187 .
(2) أنظر تاريخ الإسلام للذهبي ، وفتاوى ابن تيمية ج 3 ، والنووي شرح مسلم باب مناقب عثمان (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 102 _

  فإنه لو فرض أنه كتب الكتاب وهو لم يكتبه في نفس الأمر لا يضره ذلك لأنه قد يكون رأى في ذلك مصلحة للأمة في إزالة شوكة هؤلاء البغاة الخارجين على الإمام .
  وأما إذا لم يكن قد علم فأي عجز ينسب إليه إذا لم يكن قد أطلع عليه وزور على لسانه وليس هو بمعصوم بل الخطأ والغفلة جائزان عليه ، وإنما هؤلاء الجهلة البغاة متعنتون خونة ظلمة مفترون (1) .
  لقد تمادى ابن كثير في تبريره لانحرافات عثمان إلى الحد الذي دفعه إلى تغليف هذه الانحرافات بالنصوص النبوية التي تضفي المشروعية عليها ، فهو قد اعتبر أن الحاكم من حقه أن يفعل ما يشاء بالأمة تحت شعار المصلحة وعلى الأمة أن تلتزم بالسمع والطاعة لأن الرسول أمر بذلك .
  ومعنى ذلك أن عثمان بعد ما وافق الثوار على مطالبهم ثم عاد وانقلب عليهم وأرسل كتابه المذكور الذي يأمر فيه ولاة الأمصار التي سوف يصلون إليها بقتلهم ـ معنى ذلك أن هذا الغدر مبرر في عرف ابن كثير .
  ثم تأمل الألفاظ العصبية التي تنم عن عدم معالجته الحدث برؤية حيادية منصفة والتي وصف بها الثوار فهو قد نصب نفسه قاضيا وجلادا في آن واحد (2) .
  ونفس هذا النهج في تفسير أحداث التاريخ المتعلقة بالخط القبلي وخط بني أمية التزم به ابن تيمية والذهبي والنووي وابن خلدون وابن حزم وغيرهم (3) .
  ومثلما دافع هؤلاء عن عثمان دافعوا أيضا عن معاوية ومروان وسائر بني أمية وزكوهم وأضفوا المشروعية على مواقفهم وممارساتهم في الوقت الذي وقفوا فيه من الإمام علي موقفا مشبوها ومعاديا في أحيان كثيرة (4) .
  ولقد كان مصرع عثمان هو بداية الصراع العسكري بين الخط الأموي وخط آل البيت ، ذلك الصراع الذي انتهى بسيادة الخط الأموي .

---------------------------
(1) ابن كثير ج 7 / 180 .
(2) ابن كثير من فقهاء الشام وهو يسير على نهجهم وخاصة نهج أستاذه ابن تيمية ...
(3) أنظر تاريخ الإسلام للذهبي وفتاوى ابن تيمية وشرح مسلم للنووي وتاريخ ابن خلدون والفصل في الملل والنحل لابن حزم .
(4) أنظر المراجع السابقة ، وانظر العواصم من القواصم ، وقد شكك ابن تيمية في كثير من الروايات الواردة في حق الإمام علي .
أنظر منهاج السنة وكذلك الفتاوى ، وقد نقل ابن حزم في كتابه المحلى ج 10 / 484 إجماع الأمة على أن ابن ملجم لم يقتل الإمام علي إلا متأولا (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 103 _

  يروي ابن الأثير : وحمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح خمس إفريقية إلى المدينة فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار فوضعها عنه عثمان وكان هذا مما أخذ عليه .
  وهذا أحسن ما قيل في خمس إفريقيا فإن بعض الناس يقول أعطى عثمان خمس إفريقيا عبد الله بن سعد وبعضهم يقول أعطاه مروان بن الحكم وظهر بهذا أنه أعطى عبد الله خمس الغزوة الأولى وأعطى مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت فيها جميع إفريقيا (1) .
  ويروي ابن سعد أن عثمان كتب لمروان خمس مصر (2) .
  ويروي ابن كثير والطبري أن نائلة زوجة عثمان قالت له ناصحة إنك متى أطعت مروان قتلك ومروان ليس له عند الله قدر ولا هيبة ولا محبة (3) .
  إلا أن عثمان ضرب بنصح زوجته عرض الحائط وقام بتعيين مروان ( سكرتيرا ) له فكان أن استغل ثقة عثمان به فخطط وتآمر على الإسلام والمسلمين (4) .
  وبدافع أبو بكر بن العربي عن موقف عثمان من معاوية بقوله : وأما معاوية فعمر ولاه وجمع له الشامات وأقره عثمان بل إنما ولاه أبو بكر لأنه ولى أخاه يزيد واستخلفه يزيد فأقره عمر لتعلقه بولاية أبي بكر لأجل استخلافه واليا له فتعلق عثمان بعمر وأقره ، فانظروا إلى هذه السلسلة ما أوثق عراها وأقدر سردها ولن يأتي مثلها بعدها أبدا (5) .
  ويدافع عن موقفه من الوليد بن عقبة بقوله : وأما تولية الوليد بن عقبة فلأن الناس على فساد النيات أسرعوا إلى السيئات قبل الحسنات ، وأما قول القائل في مروان والوليد فشديد عليهما وحكمهم عليهما بالفسق فسق منهم ، مروان رجل عدل من كبار الأمة عند الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين (6) .

---------------------------
(1) أنظر الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 / 46 .
(2) طبقات ابن سعد ج 2 .
(3) أنظر الطبري ج 3 / 396 . وابن كثير ج 7 / 172 .
(4) أنظر المراجع السابقة .
(5) أنظر العواصم من القواصم .
(6) المرجع السابق (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 104 _

المحطة الخامسة على نهاية الصراع الفكري وبداية الصراع العسكري
  بعد مصرع عثمان هرع الناس نحو الإمام علي ليولوه أمرهم ( إنه لا يصلح الناس إلا بأمرة ولا بد للناس من إمام ولا نجد اليوم أحدا أحق بهذا الأمر منك لا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  وأمام إصرار الجماهير وافق الإمام مشترطا أن تكون بيعته علنا ولا تكون إلا عن رضى المسلمين ، وتمت البيعة في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (1) .
  ولقد كانت بيعة الإمام أول حركة انتخاب جماهيري حق في تاريخ الإسلام فمن ثم فإن دولة الإمام قامت على أكتاف الجماهير لتعبر عن مصالح الجماهير رافعة راية الإسلام النبوي .
  من هنا فقد اصطدم بها أنصار الخط القبلي والمنتفعين والمنافقين ثم بني أمية وعملوا على هدمها والحيلولة دون أن تأخذ امتدادها الطبيعي على ساحة الواقع ويتحقق لها الاستقرار والتمكن .
  إن جميع القوى التي واجهت الإمام كان يتزعمها صحابة كان لهم موقفهم الثابت من الإسلام النبوي ومن آل البيت من قبل وفاة الرسول وقد برز هذا الموقف بوضوح بعد وفاته وأخذ في التطور حتى وصل إلى صورته التي واجهها الإمام وتصدى لها .
  لقد كانت القوى المناوئة للإسلام النبوي تعمل جاهدة منذ وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لتقضي على معالم هذا الإسلام وحصار آل البيت وعزل الإمام علي عن جماهير المسلمين .

---------------------------
(1) أنظر الطبري ج 3 ، والبداية والنهاية ج 7 ، والإستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ، ويذكر أن عدد من الصحابة فروا من المدينة إلى الشام فور تسلم الإمام علي الحكم ...
يروي ابن كثير عن الطبري قوله : هرب قوم من المدينة إلى الشام ولم يبايعوا عليا ولم يبايعه قدامة بن مظعون وعبد الله بن سلام والمغيرة بن شعبة ... وقال ابن كثير : وهرب مروان بن الحكم والوليد بن عقبة وآخرون إلى الشام ... وبايع الأنصار إلا سبعة : عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ، وصهيب وزيد بن ثابت ومحمد بن أبي سلمة ومسلمة بن سلامة وأسامة بن زيد ، أنظر البداية ج 7 / 227 (*) .

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 105 _

  وكان وصول علي إلى الحكم بمثابة ضربة قاصمة لهم ولمخططاتهم . فمن ثم فإن المواجهة العسكرية فرضت نفسها كوسيلة وحيدة لإجهاض دولة الإمام .
  وهكذا دخل الإمام علي في مواجهات عسكرية مع هذه القوى بقيادة كبار الصحابة وزوجة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم بقيادة بني أمية وأخيرا بقيادة الخوارج .
  وهذه القوى الثلاث إنما تمثل خطوطا استمرت باقية في واقع الأمة وتفرخت منها الاتجاهات المعادية للإسلام النبوي وخط آل البيت تلك الاتجاهات التي صبت في النهاية في دائرة الإسلام الأموي .
  ولم تكن مواجهة الإمام علي لهذه القوى من باب الحفاظ على كيان الدولة واستقرارها فهذا السبب لا يعكس حقيقة الصراع وهو سبب ظاهري يستنتجه من لا يفقه حقيقة الإسلام النبوي وحقيقة الإسلام الأموي .
  إن فقه الإسلام النبوي سوف تقود إلى فقه حقيقة الإسلام الأموي وبالتالي سوف تقود إلى فقه حركة الصراع الذي دار بين الإمام وبين هذه القوى وإن فهم حقيقة الإسلام النبوي لن يتم إلا بفهم شخصية الإمام علي ودوره ومكانته ...

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 106 _

شخصية الإمام
  هناك عدة ملامح رئيسية لشخصية الإمام علي :
  الملمح الأول : الربانية فهذه الشخصية قد تربت على يد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وارتوت من معينه وهذا أمر له دلالته وانعكاساته على شخصية الإمام فتربية الرسول له ثم مصاهرته إنما يعني الاصطفاء فكما أن الرسول تم اصطفاؤه فإن عليا أيضا تم اصطفاؤه .
  وهذا الاصطفاء لا يمكن أن يكون عبثا وإنما له أبعاده المستقبلية وهذا ما تشير إليه كثير من النصوص الواردة عن الرسول : ومن هذه النصوص : أنت مني بمنزلة هارون من موسى (1) .

---------------------------
(1) أنظر البخاري ومسلم كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل علي ... وأنظر الترمذي ... (*)

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 107 _

  علي مني وأنا منه (1) .
  من كنت مولاه فعلي مولاه (2) .
  لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق (3) .
  سدوا أبواب المسجد إلا باب علي (4) .
  ومثل هذه النصوص كثير لا يتسع المجال لذكرها هنا وما ذكرناه فيه الكفاية للاستدلال على ما نقول ، ويكفي في حق علي شموله قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فهذا النص هو الدليل الساطع والبرهان القاطع على ربانيته (5) .
  الملمح الثاني : العلم فإن من يتربى على يد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا بد وأن ينهل من علمه ، فما دام الرسول قد أعطاه هذه الخصوصية فلا بد أن يسلحه بالعلم حتى يتمكن من القيام بدوره .
  وقد تفوق الإمام علي بفقهه على جميع الصحابة ولم يضاهيه في ذلك أحد حتى أن عمر الذي يشهدون له بالفقه والعلم شهد لصالح علي وأقر بتفوقه عليه (6) .
  هناك الكثير من النصوص النبوية التي تؤكد هذه الحقيقة : أنا مدينة العلم وعلي بابها (7) .

---------------------------
(1) أنظر البخاري ، باب فضائل علي ...
(2) أنظر مسند أحمد ج 1 .
(3) أنظر مسلم كتاب الإيمان ...
(4) أنظر الترمذي كتاب المناقب ، ومسند أحمد ج 1 ، وفتح الباري ج 7 .
(5) أنظر مسلم كتاب فضائل الصحابة ، مناقب علي وآل البيت ...
(6) أنظر طبقات ابن سعد ج 2 ، ومسند أبو داود الطيالسي ...
(7) ورد هذا الحديث في الترمذي كتاب المناقب بلفظ : أنا دار الحكمة وعلي بابها ، وورد لفظ أنا مدينة العلم في مستدرك الحاكم ب 3 / 126 ، وانظر مناقب الخوارزمي وأسد الغابة وتاريخ بغداد والبداية والنهاية لابن كثير ج 7 / 358 ... (*)

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 108 _

  أعلمهم بما أنزل الله علي (1) .
  أراد أن ينظر إلى آدم في علمه فلينظر إلى علي (2) .
  أعلم أمتي بعدي علي (3) .
  أقضاكم علي (4) .
  وهناك شهادات للإمام علي على لسان كثير من الصحابة وعلى رأسهم عمر الذي كان يستعين بعلي في كل معضلة وكان يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن (5) .
  ويقول الإمام علي عن نفسه : سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا (6) .
  ومثل هذه النصوص إنما تشير إلى أن الإمام لديه علم خاص ورثه عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى أساس هذا العلم كان يواجه الواقع والأحداث .
  فلم يكن الإمام مجرد قائد وجد في ظرف قاس فواجه هذا الظرف بما لديه من خبرة وكفى .
  ولم يكن الإمام مجرد حاكم واجه تمرد من الرعية فتحرك لمواجهته وحسمه .
  لم يكن الإمام مجرد صحابي كبقية الصحابة كما يحاول أهل السنة أن يصوروه .

---------------------------
(1) أنظر مسند الطيالسي ومسند أحمد ...
(2) أنظر سنن البيهقي ... ومسلم .
(3) أنظر مناقب الخوارزمي ... ومسلم
(4) أنظر مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 / 114 ... وحلية الأولياء 1 / 65 ، والإستيعاب ...
(5) أنظر طبقات ابن سعد ومستدرك الحاكم ... والإصابة في تمييز للصحابة لابن حجر ، وسير أعلام النبلاء للذهبي
(6) المرجع السابق ... (*)

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 109 _

  لقد كان الإمام نموذجا خاصا تربى تربية خاصة ومنح علما خاصا ووضع على كاهله القيام بدور خاص ... ولعل قول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الإمام : إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله (1) .
  وهو علي خاصف النعل كما أشارت الرواية ، قول الرسول هذا يؤكد وجود هذا العلم الخاص لدى الإمام ، فالرسول كان يقاتل المشركين على علم ، والإمام يقاتل المسلمين على علم أيضا ، بل الحاجة للعلم في مقاتلة أهل القبلة من المسلمين أشد من الحاجة إليه في مواجهة المشركين .
  فكون الإمام يواجه عائشة زوجة النبي ويقاتلها لا بد وأن يكون لديه علم خاص ، وكون الإمام يواجه معاوية وابن العاص والمغيرة وغيرهم ويقاتلهم لا بد وأن يكون لديه علم خاص ، وكون الإمام يواجه الخوارج وقد كانوا من أتباعه ويقاتلهم لا بد وأن يكون لديه علم خاص ...
  إن الإمام علي لم يشهر سيفا في مواجهة المشركين بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بل شهر سيفه في مواجهه أهل القبلة وهذا أمر له دلالاته الهامة والتي تشير إلى اختصاصه بهذا العلم .
  ولقد بشر الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بخروج عائشة وقتالها لعلي (2) .
  وبشر بظهور بني أمية وقتالهم علي (3) .

---------------------------
(1) مسند أحمد ج 3 .
(2) تنبأ رسول الله ( ص ) أن عليا سيقاتل قريشا في سبيل الله ، أنظر الترمذي ، كتاب المناقب ومسند أحمد ج 2 ، ويروي أن الرسول ( ص ) حذر عائشة من الخروج وتنبأ بقتالها علي ، أنظر الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي .
وانظر طبقات ابن سعد ، وتنبأ بقتل عمار على يد الفئة الباغية فئة معاوية ، أنظر مسلم كتاب الفتن باب / 18 .
وانظر طبقات ابن سعد ج 3 والحاكم .
(3) أنظر البخاري كتاب الفتن ... (*)

السيف والسياسة في الإسلام الصراع بين الإسلام المحمدي والإسلام الاموي _ 110 _

  وبشر بظهور الخوارج وقتالهم علي (1) .
  ومثل هذه النبوءات التي ارتبطت بعلي من دون بقية الصحابة إنما تؤكد أن للإمام علي خاصية يتفرد بها على الآخرين وهي خاصية العلم .
  أما الملمح الثالث فهو القيادة ، وهي صفة خاصة جعلت من الإمام قائدا نبويا وليس مجرد قائد كبقية القادة الذين برزوا على ساحة التاريخ ، والقيادة النبوية شئ متفرد واختص به الإمام ليلعب دورا من بعد الرسول ويسد الفراغ الذي حدث بغيابه ، وبتأمل سلوك الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع الإمام وعلاقته به تتحدد لنا بوضوح هذه الخاصية .
  يروي ابن عباس : دفع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الراية إلى علي وهو ابن عشرين سنة (2) .
  وقال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله : فلما كان الغد دعا عليا فدفعها إليه (3) .
  وكان الصحابة يرددون لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، وقد قتل أشهر فرسان العرب يوم الخندق وأصاب المشركين بنكسة معنوية كبيرة (4) .
  وشجاعة الإمام علي ليست بحاجة إلى برهان وسيرته مع الرسول تشهد بذلك .

---------------------------
(1) أنظر مسلم كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم والتحريض على قتلهم .
ويروي علي عن الرسول ( ص ) قوله : يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية .
لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ...
أنظر مسند أحمد والبخاري كتاب الفتن ومسلم ، وانظر أحاديث حذيفة في كتاب الفتن بالبخاري وهي تبين أن هناك ردة وكفر بعد رسول الله ، وحديث كان الناس يسألون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الخير وكنت أسأله عن الشر .
وحذيفة من خط الإمام علي ، ويمكن للباحث أن يقارن بين روايات أنصار الخط القبلي وروايات أنصار الإمام ليدرك مدى الهوة السحيقة بين الطرفين ومدى الفارق العلمي بينهما .
(2) رواه الطبراني ...
(3) أنظر البخاري ومسلم ، باب فضائل علي ، ومسند أحمد ج 2 .
(4) الفارس الذي قتله علي هو عمرو بن الود (*) .