الفهرس العام






   ولذا نراه بعد وفاتها يبدل خطته ، فبايع ، ويبايع معه اهل بيته واصحابه ، ويدخل فيما يدخل فيه القوم ، ولكن إلى حد محدود بقدر ما تحكم به الضرورة الدينية للاحتفاظ بالجامعة الاسلامية .
   لنسمعه يحدثنا هو عن تبديل خطته في كتابه إلى اهل مصر : « فأمسكت يدي ، حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فخشيت ان لم انصر الاسلام وأهله ان أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي اعظم من فوت ولايتكم . . . » .
   ولم تكن نصرته للاسلام وأهله إلا بسكوته عن حقه ومتابعته للقوم ، ونصيحته لهم في مواقع النصح ، وإلا فلم يشترك معهم في طعنة رمح ولا ضربة سيف في جميع المواقف إلى يوم بويع بالخلافة .
   وماذا يظن الظان في من جاهد وجالد في سبيل الاسلام عشرين عاما ، وفي كل هذه المدة كان سيفه يقطر من دماء المشركين ، ولم تثر حرب إلا وهو ابن بجدتها ، وحامل لوائها ، ومقطر أبطالها والمقذوف في لهواتها ؟ ماذا يظن الظان فيه عندما يجلس جلس البيت عن هذا الدين الذي قام بسيفه ، وقد تألبت العرب عليه واشرأبت اعناق النفاق ؟ والجهاد فرض من فروض الاسلام ، أكان ذلك زهدا في الجهاد وتواكلا عن الواجب ، أم ماذا ؟ أهناك غير ما نقول من رأيه في المقاطعة إلا ما تدعو إليها ضرورة المحافظة على الجامعة .
   وقد يقول القائل : ان الخلفاء هم الذين لم يدعوه إلى الدخول معهم في الحروب والاشتراك في الحكم لمصلحة يرونها ، وما كان يجب عليه ان يقدم نفسه متبرعا ، كما لم يدع إلى ذلك جميع الهاشميين ، ولم يسمع ان هاشميا اشترك قائدا في حرب أو حكم في عهد الخلفاء الثلاثة .

العقائد السقيفة _ 131 _

  ويشهد لذلك المحاورة (1) بين الخليفة عمر بن الخطاب وابن عباس حينما يدعوه إلى العمل في حمص ، فيقل لابن عباس : « وفي نفسي شيء لم أره منك وأعياني ذلك » ثم يصرح بذلك الشيء : « اني خشيت ان يأتي علي الذي هو آت وأنت في عملك فتقول : هلم إلينا ولا هلم اليكم دون غيركم اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل الناس وترككم » .
   فيقول ابن عباس : فلم نراه فعل ذلك ؟ فقال عمر : والله ما أدري اضن بكم عن العمل ، فأهل ذلك انتم ، أم اخشى ان تبايعوا بمنزلتكم منه ، فيقع العقاب ولا بد من عتاب ؟ وعندئذ يمتنع ابن عباس عن قبول العمل ويقول : ان اعمل لك وفي نفسك ما فيها لم ابرح قذى في عينيك .
   أليست هذه المحاورة شاهدة على ان الخلفاء هم الذين كانوا يمتنعون عن استعمال بني هاشم خوف ان يستغلوا مناصبهم للدعوة إلى أنفسهم ؟ وللمجيب ان يجيب ، فيقول : ان امتناع الخلفاء عن استعمال علي وبني هاشم ـ ان صح ـ فهو دليل آخر على سيرة الامام معهم ، واستعماله خطة يخشون معها ان يأخذ وقومه ناصية الامر ان تولوا عملا من الاعمال .

---------------------------
(1) راجع مروج الذهب ( 1 : 427 ) .

العقائد السقيفة _ 132 _

   على انا لا نعدم شاهدا على ان عليا هو الذي كان يمتنع عن قبول اعمالهم ، فلنستمع إلى الحديث الذي جرى بين الخليفتين عمر وعثمان .
   يشير عثمان على عمر : « ابعث رجلا ـ أي لحرب فارس ـ له تجربة بالحرب ومضر بها ، عمر : من هو ؟ عثمان : علي بن أبي طالب ! عمر : فالقه وكلمه وذاكره ذلك ، فهل تراه مسرعا إليه ؟ فيخرج عثمان . ويلقى عليا ، فيذاكره فيأبى علي ذلك ويكرهه » .
   تأمل استفهام عمر وشكه في قبول علي ، ثم امتناع علي وكراهيته للامر ! وما نستنتج من ذلك ؟ من هذا وامثاله نعرف ماذا كان علي عليه السلام يتبع في سيرته مع القوم ، وما كان يجري عليه في معاملته معهم ، حتى كان يخفت صوته في جميع الحروب والمواقف ، وكأنه ليس من المسلمين أو ليس موجودا بينهم ، وهو منهم في الرعيل الاول ، اللهم إلا صوته إذا استشير ونبراس علمه إذا استفتي ، حتى اشتهر عن عمر كلمته « لولا علي لهلك عمر » أو « لا كنت لمعضلة ليس لها ابو الحسن » .
   وتتبع استشاراته واحكامه في كثير من الوقائع يخرج بنا إلى موضوع آخر يحتاج إلى كتاب آخر .
انتهى 29 جمادى الاولى 1368 هـ
على هامش السَّقيفَة     

العقائد السقيفة _ 133 _

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
بقلم محمد جواد الغبان
   تفرض علي الابوة أن أذهب بين حين وآخر إلى ناحية ( الشنافية ) لزيارة سيدي الوالد سماحة الشيخ عبد الكاظم الغبان الذي يشغل مركز العالم الديني هناك .
   وقبل بضعة أشهر سافرت إلى ( الشنافية ) فترامى إلى سمعي من عامة أهل المدينة مديح وافر وثناء جزيل على مدير جديد في ناحيتهم هو الاستاذ السيد عبدالله الملاح الذي تم نقله إلى تلك الناحية قريبا .
   وما كان إلا أن اجتمعت بهذا المدير الجديد وتتابعت الاجتماعات بيني وبينه حتى رأيت نفسي منجذبا إليه ومتخذا منه صديقا حميما وأخا كريما لانني وجدت فيه رجلا متمسكا بالصفات الحميدة والاخلاق الكريمة بالاضافة إلى كونه قويا في ادارته نزيها في احكامه ومعاملاته .
   ومما لفت نظري من الاخ الاستاذ الملاح أن هوايته المفضلة هي العكوف على العلم والادب والثقافة فهو لا يمضي أوقات فراغه الا بالمطالعة أو البحث والنقاش ، وهو في بحثه ونقاشه يمتاز بحرية الرأي وطلب الحقيقة من دون تعصب .
   ولقد دارت بيني وبينه عدة مباحثات ومناقشات دينية وعلمية وأدبية كان في مقدمتها موضوع ( الامامة ) الذي هو نقطة الخلاف بين ( السنة والشيعة ) ، وكنا في بحثنا ومناقشتنا في هذا الموضوع متجردين عن كل عاطفة وتعصب ذميم فوصلنا إلى نتائج حسنة جدا .

العقائد السقيفة _ 134 _

  وقد أرشدت الاستاذ ـ تتمة لما دار بيننا من المناقشات ـ إلى مطالعة كتاب ( السقيفة ) الذي كتبه استاذنا سماحة العلامة الشيخ محمد رضا المظفر ( عميد منتدى النشر ) . . . ذلك الكتاب القيم الذي نفدت طبعته الاولى واعيد طبعه مرة اخرى لانه الكتاب الوحيد الذي درس موضوع الخلافة الدقيق دراسة مستفيضة على ضوء المنطق المتجرد عن العواطف والمغالطات .
   وحين رجعت إلى النجف ارسلت نسخة من كتاب ( السقيفة ) إلى الاستاذ الملاح ، وبعد بضعة أيام وصلتني منه رسالة يسجل فيها إعجابه بالكتاب وبراعة عرضه وقوة حجته مع إكباره لمؤلفه الكريم ، وقد سرد في رسالته المذكورة عدة ملاحظات اعترضته أثناء مطالعته للسقيفة فطلب مني أن اعرضها على الاستاذ المؤلف ليتفضل بالاجابة عنها .
   فما كان مني الا أن عرضت الرسالة على استاذنا العميد بعد أن اعطيته لمحة خاطفة عن صديقي الاستاذ الملاح فأبدى الاستاذ المظفر استعداده للجواب عن تلك الملاحظات وتفضل فأفرغ نفسه ـ على كثرة أشغاله ومسؤلياته ـ لكتابة كراس خاص ضمنه أجوبته عنها .
   هذا وقد رأيت بملاحظات الاستاذ الملاح وأجوبة استاذنا ( العميد ) عنها موضوعا رائعا طريفا أهم مميزاته طلب الحقيقة وكشف الواقع عن طريق الدراسة الصحيحة التي يوحيها العقل والمنطق السليم ، فوجدت نفسي مدفوعا إلى تمثيلها لعالم الطبع والنشر ـ بعد موافقة الطرفين طبعا ـ خدمة للحقيقة وعرضا لنماذج من البحث النزيه المتجرد عن الانجراف مع العواطف ، لعل اخواننا المسلمين جميعا ـ من سنة وشيعة ـ يسيرون على منوال هذا الكلام البريء والمنطق السليم فيجتمع الشمل وتتوحد الصفوف . وإذا كانوا يرون اجتماع الكلمة ضربا من المستحيل فلا أقل من أن يتركوا التطاحن الذي مزق صفوف الطرفين وأوهى قوى الاسلام الذي يتمثل بكلا الفريقين .
   هذا الموضوع إكمالا للفائدة المتوخاة والله تعالى من وراء القصد .
   النجف الاشرف 2 رجب 1373 هـ محمد جواد الغبان .

العقائد السقيفة _ 135_

   نص رسالة الاستاذ عبدالله الملاح حول كتاب السقيفة
   أخي الكريم الاستاذ محمد جواد الغبان لا حرمت اخوته تحية وشوقا دعني أشكر لك قبل كل شيء هذه الاخوة الصادقة وحسن ظنك بي فأنا اعتقد انني لا أستحق منك كل هذا الاطراء إنما هي نفسك النبيلة تريك الناس في صورة نفسك ، لوددت اني احقق ظنك في والله المسئول ان يلهمنا الصواب ويهدينا إلى أحسن الاخلاق انه لا يهدي لاحسنها إلا هو .
   أشكر لك أيها الاخ الكريم هديتك الممتعة كتاب السقيفة فقد أمضيت بقراءته وقتا سعيدا وكنت أود ان ادون لكم رأي حوله بعد انتهائي من قراءته ولكن حال دون ذلك ذهابي إلى بغداد .
   كتاب السقيفة كتاب ممتع جدا يدل على سعة علم مؤلفه الفاضل وتمكنه من الاسلوب العلمي العصري ولو التزم بما جاء في المقدمة لكان خير كتاب أخرج للناس ولكنه آثر ارضاء عقيدته فلم يلتزم بما أوجبه على نفسه اولا من الحياد التام ، وكنت أود أن اطلع على كتاب ( رد على السقيفة ) لاطلع على المآخذ التي أخذها على المؤلف .
   وسأورد باختصار كل ما عن لي عند مطالعة الكتاب ، ولعل بعض ما أورده لا يخرج عن حدود السؤال الذي لا أحسن الاجابة عنه فإذا كان عندك أو عند المؤلف جواب شاف له فأرجو التفضل بعدم حرماني من فائدته .

العقائد السقيفة _ 136 _

1 ـ يرى المؤلف استبعاد سكوت النبي عن أمر الخلافة وتوكيل ذلك إلى اختيار الامة ، لما في ذلك من توقع حدوث الاختلاف كما حصل فعلا وأنا أسأل فأين النص الصريح إذن على تعيين أحد بالذات ؟ ستقول دون شك : أفليس في حديث الغدير كفاية ؟ إن حديث الغدير لم يؤمن بصحته كل الناس من المسلمين ، وبعض من آمن بصحته فسره على غير تفسير الشيعة مستفيدا من دلالة كلمة المولى على معاني مختلفة ، وأنا شخصيا أرى تفسير كلمة المولى بغير التفسير الذي فسرته الشيعة في حديث الغدير تمحل وسخف .
   ولكن في نفسي شيء كثير من الحديث فان البخاري ومسلم لم يرويا الحديث وفي سنده من طعن فيه ، ولكنني لا أهتم لذلك فان كتب الشيعة ترويه بسند صحيح وهم ليسوا أقل حرصا على دينهم من السنة ، ولكني سأطرح النقل هنا وأعتمد على العقل فقط .
   يقول القرآن : « وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى » .
   ويعتقد السنة والشيعة ان جميع ما صح عن النبي يجب الاخذ به باعتباره وحيا من الله ولكننا نرى ان النبي أمر بكتابة القرآن علما منه بأن كل ما اعتمد في حفظه على الذاكرة اعتوره النسيان أو التحريف بزيادة أو نقصان ولم نسمع انه أمر أحدا بكتابة الحديث فإذا كان الحديث وحيا من الله كالقرآن فلماذا لم يكن قرآنا ؟ وأي فرق بين وحي الحديث ووحي القرآن ؟ .
   إن عدم تدوين الحديث أدى إلى الاختلاف الذي نراه الآن فليس من حديث صح عند السنة إلا وجد فيه الشيعة مجالا للطعن والعكس صحيح أفيمكن أن يبنى دين موحد على حديث يصدقه اناس ويكذبه آخرون ، ولكن الفرق الاسلامية كلها متفقة على أن القرآن الذي بين أيديها صورة صحيحة للوحي المنزل على رسول الله ولا عبرة ببعض الاقوال المنسوبة إلى اناس زعموا ان القرآن قد حذف منه كل ما كان فيه مدح لآل البيت .

العقائد السقيفة _ 137 _

   اريد ان اخلص من هذه المقدمة إلى القول بأن امر الخلافة وهي من الاهمية بحيث صورها مؤلف السقيفة الفاضل لا يعقل ان يترك أمرها إلى حديث كحديث الغدير لا تكاد الصحابة تسمعه حتى ينساه اكثرهم ويذهب في تأويله الآخرون مذاهب مختلفة ، أفما كان ينبغي والامر بهذه الاهمية ان ينزل فيها قرآنا . صحيح « أن الله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون » ولكن منطق الحوادث يدلنا على ان امرا كهذا ـ لا سيما إذا أخذنا عقيدة اللطف الالهي بنظر الاعتبار ـ لم يكن ينبغي ان يسكت عنه القرآن وقد نزل في أشياء أقل أهمية من هذا بكثير ، أما الآيات التي أوردها المؤلف « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ » فلا اظن ان من له أقل المام باسلوب القرآن يرى قصر الذين آمنوا على علي ( رض ) فإن الله لم يشر إلى واحد بلفظ الجمع وقد خاطب النبي بقوله : « إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ » .
   وبقوله : « وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ » .
   وقال : « إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ . . . الخ » ثم شيء آخر لا بد من الاشارة إليه وهو لو صح ان النبي جعل عليا عليه السلام نفسه حقيقة في آية المباهلة كيف جاز له تزويجه من ابنته .

العقائد السقيفة _ 138 _

2 ـ إذا صح ان النبي ( ص ) قد نص على الائمة الاثنى عشر بعد ان فقد ابنه ابراهيم وحزن عليه حزنا شديدا ترتب على ذلك اتهام النبي بأنه إنما قام بالدعوة لحصر الملك والخلافة في نفسه وفي أحفاده من بعده وهو ما يناقض الآية القرآنية « قل لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الله » .
3 ـ حديث الغدير وقع بعد منصرف النبي من حجة الوداع ووفاته ( ص ) في أواخر صفر أو أوائل ربيع الاول من نفس السنة فيكون بين سماع الحديث والوفاة نحو شهرين وهي مدة قصيرة فإذا كان عدد الذين سمعوا حديث الغدير سبعين الفا يزيدون أو ينقصون قليلا فلا بد ان يكون الانصار الذين اجتمعوا في السقيفة من جملة من سمع الحديث وهم لم يكونوا ممن انامهم عمر مغناطيسيا بنفيه الموت عن رسول الله لانهم ساعة الاحتضار كانوا مجتمعين في السقيفة كما يدل على ذلك مجيء معن بن عدي وعويم بن ساعدة إلى عمر وابي بكر في دار النبي ( ص ) .
   ولم يكن بين الانصار وبين علي عليه السلام ترات فإذا كانت قريش لم تشأ أن تجمع لبني هاشم بين النبوة والخلافة وإذا كان علي عليه السلام قد وتر أكثرهم فان الانصار لم يكونوا يريدون غير رضا رسول الله فما بالهم ولم يمض على سماعهم حديث الغدير غير ايام قليلة لا يقوم واحد منهم ـ وقد تنازعوا أمر الخلافة ورشحوا لها مرشحيها ـ يذكرهم بالحديث وبأن أمر الخلافة قد فرغ منها وقد عين رسول الله لها بأمر ربه عليا .

العقائد السقيفة _ 139 _

   أما ما أورده المؤلف الفاضل من تطاول الانصار للخلافة بعد تيقنهم من انصرافها عن مستحقها علي عليه السلام لما يعلمونه من حسد العرب له وقريش خاصة فلا يمكن ان يقبله العقل لان استحالة نصب علي للخلافة للاسباب المذكورة إذا كانت لم تغب عن فطنة الانصار فقد كان الاولى ان لا تغيب عن فطنة رسول الله وهو المؤيد بالوحي فلا يأمر امته بأمر يعلم سلفا انهم لا يطيعونه فيه فيعرضهم بذلك إلى غضب الله وتذهب جهوده طيلة حياته في هدايتهم سدى .
   أما قول أحد الانصار : « لانبايع إلا عليا » فلا يخرج عن كونه ترشيحا لعلي من قبل أحد المسلمين ولا ينكر أحد أهلية علي عليه السلام لهذا الترشيح إذ ان الرجل لم يحتج بحديث الغدير أو آية قرآنية دالة على وجوب نصب علي .
4 ـ استدل المؤلف الفاضل بتأمير اسامة بن زيد وتخلف وجوه المهاجرين وفيهم ابو بكر وعمر وأبو عبيدة عن اللحاق بجيشه على الرغم من تشديد النبي عليهم في الخروج ـ على رغبة الرسول في إبعاد من يطمع في الخلافة عن المدينة وفي تهيئة المسلمين لقبول ( قاعدة الكفاية ) .

العقائد السقيفة _ 140_

   إن رسول الله ( ص ) لم تكن تأخذه في الحق لومة لائم وهذا التدبير أشبه بتدبير الضعفاء منه بتدبير الانبياء فمن كان يدري النبي ـ وقد تمت البيعة لعلي ـ في غياب جيش اسامة ووجوه المهاجرين والانصار ـ ان القائد وجيشه وقد علموا بوفاة النبي وبالغاية التي ارسلوا من أجلها في ذلك الظرف الحرج وبنفاذ المؤامرة في تعيين علي للخلافة ، من كان يدريه انهم لا يولون الخلافة من يريدون وليس في عنقهم بيعة لاحد ثم يحتلون المدينة بالقوة ويعود التدبير الذي ظنه المؤلف الفاضل حكيما شرا على المسلمين جميعا فان من يخالف أمر النبي وهو في المدينة لا يعجزه ان يخالفه وهو في جيش يؤيده في رأيه .
   إن حياة الرسول ( ص ) كلها تدل على أنه لم يكن يرهب القوة في سبيل نشر الدعوه وتبليغ أوامر الله فقد كان في مكة وحيدا وفي قريش أمثال عمر وأبي لهب وأبي جهل فلم يمنعه ذلك من تسفيه أحلامهم والكفر بآلهتهم وفعل كل ما من شأنه استجلاب غضبهم فإذا كان الله قد أمره بقوله : « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ » بتعيين علي للخلافة فلا عمر ولا غيره كان يمكن ان يحول بين رسول الله وتنفيذ أمر الله وما كان يمكن أن يترك النبي تنفيذ هذا الامر الذي فيه صلاح الدين وبقاؤه إلى أحاديث تحمل معاني مختلفة وتدابير يذهب في تأويلها كل واحد مذهبا فأمر الخلافة كما تعتقدون من اسس الدين فكان يجب ـ وقد علم النبي بدنو أجله ـ وعلم كذلك لما ينتظر امته من فتن كقطع الليل المظلم ورأى مواقع الفتن خلال بيوت المدينة كمواقع القطر ـ يجب وقد علم كل ذلك أن يأخذ البيعة لعلي في حياته ويتخذ من التدابير ما يحول بين امته وبين الفتن وهو قد بعث رحمة للعالمين وإلا فليس نبي اضيع جهدا منه فقد اذهب حياته في هدى امة ما لبثت ان أخذت طريقها من بعده إلى النار .

العقائد السقيفة _ 141 _

5 ـ حديث ( هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا ) ، لاشك في وضعه أبدا على الرغم من رواية ائمة الحديث له إذ لا يخلو أن يكون ما أراد النبي كتابته حديثا أو قرآنا وقد ظل النبي ثلاثا وعشرين سنة يتحدث ويوحي إليه بالقرآن فلم نره أمر بكتابة شيء من الحديث أما القرآن فلم يكن النبي يقول « هلموا أكتب لكم » بل كان يخبرهم بنزول الوحي عليه ويأمر كتبة الوحي بتدوين ما نزل عليه فإذا كان ما أراد يكتبه قرآنا فلماذا لم يدع كتبة الوحي ليضيفوه إلى القرآن أو لماذا لم يتله على الحاضرين على انه قرآن كما كان يفعل فيحفظه عنه الصحابة كما كانوا يحفظون عنه القرآن .
   فلا يتأتى لاحد الشك فيه ولم يكن لعمر حق منع الوحي من النزول ولم ينكر أحد جواز نزول الوحي على النبي في مرضه . أما إذا كان حديثا فمتى ياترى أمر النبي بكتابة الحديث وما الحاجة إلى كتابة هذا الكتاب إذا كان كل ما فيه هو التأكيد على امامة علي عليه السلام ؟ ألم يسبق أن نص النبي على امامته يوم الغدير ومن نسى حديث الغدير أو أنكره على قرب العهد به فهو لما في الكتاب المزمع كتابته أشد نسيانا ونكرانا .
   ثم من هو عمر هذا الذي يأمر وينهي ولا يستطيع أحد مخالفته حتى رسول الله يمنعه عمر من أن يرشد المسلمين إلى أهم أمر من أمور الدين بعد التوحيد .
   لقد كان عند رسول الله ( ص ) علي وعبد الله بن العباس وغيرهما من وجوه بني هاشم ولم يزد عمر على أن رأى رأيا حين قال : « إن الرجل قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله » .
   فلو كان الامر من الاهمية بحيث كان ابن عباس يبكي حتى يبل الحصباء كلما ذكر ذلك لكان وجب أن يأمر رسول الله باخراج عمر من عنده ويصر على املاء ما أراد املاءه بمحضر ممن يثق بأمانتهم ولو كان الامر متعلقا بأمر جوهري من امور الدين لما جاز لرسول الله أن يعدل عن تبيانه لمجرد اعتراض عمر وإلا لترتب على ذلك ان النبي ( ص ) كتم كثيرا مما كان يريد تبليغه خشية عمر وغيره ولا أظن أن مؤمنا يقول بذلك .

العقائد السقيفة _ 142 _

6 ـ إن ما نسب إلى الامام علي عليه السلام بعد تمام البيعة لابي بكر يدل دلالة صريحة على عدم ثبوت حديث الغدير آنذاك فان قول الامام : « احتجوا بالشجرة واضاعوا الثمرة » .
   وقوله لابي بكر : « أفسدت علينا أمرنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقا » لا يدل إلا على انه كان يرى نفسه أحق بالخلافة من أبي بكر وليس ذلك بعجيب ، فعلي من عرفه المسلمون ربيب رسول الله وزوج الزهراء وأبو الحسنين وأتقى الناس لله فلا غرو إذا رأى نفسه أحق بالخلافة من غيره ولكن اعتقاد الاحقية في الخلافة شيء وعد استخلاف غيره اغتصابا لحقه ومروقا من الدين شيء آخر فاننا لا زلنا نرى ترأس المفضول على الافضل في جميع الازمان والسلطة كالرزق حظوظ وحتى في أيامنا ليس انتخاب نائب عن منطقة ـ على فرض حرية الانتخاب ـ دليلا على ان المنتخب هو خير أهل المنطقة .
   ثم ما معنى انصراف وجوه الناس عنه بعد موت الزهراء عليها السلام فإذا كان من قد اجتمع إليه قبل موت الزهراء إنما اجتمع لانه آمن بحديث الغدير واعتقد ان البيعة لغيره ضلال لما جاز أن يتغير بموت الزهراء وإلا لثبت أن اجتماعه إلى علي عليه السلام لم يكن من أجله هو ولا ايمانا بوجوب امامته بل اكراما للزهراء فلما دعاها ربها إلى جواره انتفى السبب الذي كان يربطه بعلي .
   ثم انظر رحمك الله إلى قول الامام : « فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي فضننت بهم على الموت » .
   كيف يعقل ان امة قال الله فيها : « كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ » تعلم من أمر دينها ان عليا أمامها لا يجوز العدول عنه إلى غيره ولا يتم الايمان إلا بأمامته لا يبقى فيهم من ينهي عن المنكر وأي منكر أعظم من مخالفة صريح أمر النبي والعدول بالخلافة إلى غير مستحقيها حتى لم يبق منهم من يؤيد عليا غير اهل بيته وليتني اعلم فيم باع كل هؤلاء الذين ( رضى الله عنهم ورضوا عنه ) مرارا وتكرارا دينهم ، أمن أجل سواد عيني أبي بكر وعمر فقط أو يكون بغض علي قد بلغ بهم حدا هون عليهم دخول النار ؟ .

العقائد السقيفة _ 143 _

7 ـ ألا ترى تناقضا بين قولي الامام : « لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم » ، وبين قوله : « فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد فخشيت ان لم أنصر الاسلام وأهله ان ارى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم » .
   فهو عليه السلام يود مرة لو يجد أربعين ذوي عزم ليناهض بهم القوم ومرة يرى وجوب نصرهم ويحشرهم مع أهل الاسلام ، أو تراه لو وجد أربعين ذوي عزم ثم ناهض بهم القوم أما كان ذلك هدما للاسلام أو ثلما له ، إذ من كان يضمن النصر له فالامة مجمعة على ان جيش يزيد كان مبطلا وكان جيش الحسين محقا ومع ذلك جاء الباطل وزهق الحق .
   وإذا صح أن مالكا بن نويرة قد رفض بيعة أبي بكر لانه لم يرى البيعة إلا لعلي أما تكون الحجة قد قامت بوجود الناصر فلا شك ان مالكا كان من ذوي العزم الذين كان الامام يود وجودهم .
   ثم كيف يتفق قوله : « فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن ارى فيه ثلما أو هدما » ، مع ما ذهب إليه المؤلف الفاضل من تقاعسه عن نصرة الخلفاء وعدم التعاون معهم إلا بمقدار ، فان كل معاونة باليد أو باللسام نصر للاسلام وأهله وأي تباطؤ عن ذلك ثلم له .
   فلو علم الامام عليه السلام ان الاسلام يعز بالعمل الفلاني أو القول الفلاني ثم احجم عن الفعل أو القول لكان خاذلا للاسلام ولأهله .

العقائد السقيفة _ 144 _

   ولم أر في عيوب الناس عيبا * كـعيب القادرين على التمام لذلك فأنا أشك في صحة نسبة الاقوال المذكورة للامام فأبو الحسن أجل في نفسي من ذلك ليس هو دون خالد بن الوليد حين .
   قال وقد عزله عمر عن امرة الجيش : « لم أكن احارب من أجل عمر » فلم يكن الاسلام ملكا لابي بكر وعمر أو غيرهما حتى يتباطأ أبو الحسن عن نصرتهما .
   أما عدم ورود ذكره في الحروب التي جرت على عهد الخليفتين الاولين فلا يدل ذلك على عدم تعاونه معهما تعاونا صادقا تاما في كل ناحية من نواحي العمل وإلا فأين الحروب التي اشترك فيها عمر وعثمان وطلحة والزبير في زمن أبي بكر وهل يدل عدم ذكر اسمائهم على عدم معاونتهم له معاونة صادقة .
عبدالله الملاح
الشنافية 3 ربيع الثاني 1373

العقائد السقيفة _ 145 _

   نص رسالة الشيخ المظفر ردا على رسالة الاستاذ الملاح
إلى حضرة الاخ الفاضل عبدالله الملاح المحترم
اهدي تحياتي العاطرة
   اطلعني الاخ قرة العين ( الغبان ) على رسالتكم إليه المؤرخة 3 ربيع الثاني 1373 فقرأت فيها الادب الجم والتواضع المستحب والرغبة في الركون إلى الانصاف في القول ، وهذا ما كنت اتوقعه بعد ان كان قد عرفك إلى ( الجواد ) من قبل .
   ولاجل ان لا تفوتني فرصة التعرف اليك فضلت أن احرر بنفسي الجواب عن رسالتك وسامحني إذا تأخرت اياما اقتضتها طبيعة أشغالنا هذه الايام .
   وقبل كل حديث احببت أن أذكر للاخ ان كل بحث وسؤال يمكن ان يعقب ويجاب عنه إذا استعمل الاسلوب الخطابي بمهارة ، عندما تكون العاطفة تأخذ أثرها في الجدل ، غير اني ارجو من الله تعالى أن يعصمني ويعصمك من ان تطلع رأسها خلال هذه الابحاث التي يجب ان يتبع فيها الحق للحق .
   وعلى ذكر العاطفة فانك رعاك الله ـ بعد ما تفضلت من الثناء العاطر على كتاب السقيفة وصاحبه بما يعبر عن سمو نفسك .
   واخلاقك ـ قلت : « ولكنه آثر ارضاء عقيدته فلم يلتزم بما أوجبه على نفسه اولا من الحياد التام » .
   صحيح إني لم يظهر على بحثي الأخير الحياد التام بل ولا الحياد الناقص ، ويجب ان اعترف بذلك ، ولكن ما حيلتي إذا كان منطق البحث هو الذي ساقني إلى ذلك ، فلم أشأ أن اغالط القارئ أو اخادعه فيما توصلت إليه من رأي .
   ولو كان البحث قد ساقني إلى الانحراف عن هذا الطريق لما عدوته ، وحينئذ اتبع مسلكا آخر في اسلوب التأليف أو نشره .
   والله المطلع على السرائر هو الشاهد إذا كان ما أمليته بدافع العاطفة ولو بنحو لا شعوري ، ولا ابرئ نفسي ـ كما قلت في مقدمة السقيفة ـ إن النفس لامارة بالسوء إلا ماعصم الله .

العقائد السقيفة _ 146 _

   ولااطيل المقدمة ، فأقول ما عندي باختصار في الابحاث التي أثرتها
1 ـ انك شككت في صحة حديث الغدير ، لان البخاري ومسلما لم يروياه في كتابيهما . وإني لملتجئ أن اصارحك انه لا يضر هذا الحديث المستفيض بل المتواتر انهما لم يروياه بشخصهما ، لا سيما بعد أن استدركه عليهما الحاكم في المستدرك ( 3 : 109 ) و ( 4 : 381 ) واكثر من ذلك صححه على شرطهما وكذلك في كنز العمال ( 6 : 390 ) .
   ثم هل تدري ـ يا أخي ـ كم ترك البخاري ومسلم من احاديث صحيحة على شرطهما استدركت عليهما ؟ ويكفي ان تراجع مستدرك الحاكم .
   والله اعلم لماذا تركا هذا الحديث ونحوه ! وأرجوا الا تذهب بك الثقة بصحيحي البخاري ومسلم هذا المذهب ، حتى تجعل عدم روايتهما لحديث سببا في الطعن بذلك الحديث .
   فقد رابني منهما ما يريب كل منصف طالب للحق ، فانهما لم يرويا أبدا ولا حديثا واحدا عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، ولئن لم يكن اماما فعلى الاقل هو أوثق وأجل وأعلم فقهاء عصره ؟ بل لم يرويا عن أبنائه الائمة كلهم .
   وما أقل ما روياه عن آبائه حتى عن علي أمير المؤمنين عليه السلام وهو من تعرف .

العقائد السقيفة _ 147 _

   هذا كله في وقت قد اكثرا من الرواية عن جماعة كثيرة هم محل الريب بل الطعن فضلا عن المجهولين .
   ولو وسع الوقت وهذه الرسالة العابرة لذكرت لك العشرات من هؤلاء الرواة ، ولا محيص من أن أذكر لك جماعة منهم على سبيل المثال لتعرف اني على حق فيما قلت ولك علي أن لا أنقل إلا من علماء ورجال أهل السنة لتطمئن إلى قولهم : فمن هؤلاء الرواة ( احمد بن عيسى المصري ) فقد ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب والذهبي في ميزان الاعتدال : ان ابن معين حلف عن احمد هذا انه كذاب .
   ونقل في التهذيب عن أبي زرعة انه انكر على مسلم روايته عن احمد هذا في الصحيح قال : « هؤلاء قوم ـ يعني مسلما ونحوه ـ أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئا يتشرفون به » وقال : « يروي ـ يعني مسلما ـ عن احمد في الصحيح ما رأيت أهل مصر يشكون في أنه . . . » وأشار إلى لسانه يعني انه يقول الكذب .
   و ( منهم ) اسماعيل بن عبدالله بن اويس ، فقد نقل في هذين الكتابين المتقدمين اعني التهذيب والميزان : « ان ابن معين قال عنه : لا يساوي فلسين . وقال ايضا : هو وأبوه يسرقان الحديث » ونقلا غير هذا من الطعون الشديدة فيه .
   و ( منهم ) عبدالله بن صالح المصري طعن فيه في التهذيب والميزان نقلا عن ثقاة العلماء بأنه يكذب وليس بشيء وليس بثقة ، وقال في الميزان : « روى عنه البخاري في الصحيح ولكنه يدلسه فيقول عبدالله ولا ينسبه » فانظر واعجب .
   و ( منهم ) عمران بن حطان السدوسي الخارجي المعروف ، وقد روى عنه البخاري وقد أكثر علماء الرجال من الطعن فيه ، وهو المادح لابن ملجم بقوله المشهور :
يـا  ضربة من تقي ما أراد iiبها      إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

العقائد السقيفة _ 148 _

   و ( منهم ) عنبسة بن خالد الذي كان على خراج مصر وكان يعلق النساء بالثدي ، فقال عنه يحيى بن كثير كما في التهذيب والميزان : « إنما يحدث عنه مجنون أو أحمق لم يكن موضعا للكتابة عنه » .
   و ( منهم ) محمد بن سعيد الكذاب المشهور الذي صلبه أبو جعفر على الزندقة قال في الميزان : « روى عنه ابن عجلان والثوري ومروان الفزاري وابو معاوية والمحاربي وآخرون ، وقد غيروا اسمه على وجوه سترا له وتدليسا لضعفه » إلى أن قال أحد العلماء : « قلبوا اسمه على مائة اسم وزيادة قد جمعها في كتاب » ثم قال في الميزان : « قد اخرج عنه البخاري في مواضع وظنه جماعة » .
   ومنهم هشام بن عمار خطيب دمشق ومحدثها وعالمها قيل عنه : انه حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها ، وقيل عنه غير ذلك .
   ومنهم . . . ومنهم . . . وما أدري ماذا احصي لك من رواة الصحيحين على هذه الشاكلة . قيل لمسلم ـ كما في التهذيب والميزان بترجمة سويد بن سعيد الهروي ـ : « كيف استجزت الرواية عن سويد » ؟ فقال : « ومن أين آتي بنسخة حفص بن ميسرة ! » .
   بالله عليك ايصلح هذا عذرا في الرواية عن الضعفاء ممن اشترط على نفسه انه لا يروي إلا عن ثقة مأمون ، وعند جعفر بن محمد الصادق وابنائه وآبائه من العلم والحديث ما طبق الخافقين وما يغنيه عن امثال سويد وحفص ؟ أفلا يساوي أهل البيت عنده امثال أولئكم الضعفاء المطعون في صدقهم ؟ .

العقائد السقيفة _ 149 _

   بالله عليك أيأخذ الانسان المؤمن الموقن دينه من هؤلاء الرواة وأمثالهم ويوثقهم ثم يترك آل البيت ! أي عذر يتخذه الانسان يلاقي به ربه يوم الحساب إذا كان ممن يعتقد بالله وبيوم الجزاء ويريد مخلصا أن يخلص إلى الحق الصريح إلا إذا أراد أن يخادع نفسه أو يداهن في دينه ؟ .
2 ـ وأما قولك : « ان في سند الحديث من طعن فيه » فأظن يكفينا مراجعة الجزء الاول من كتاب الغدير لنعرف ان الطعن مهلهل لا سيما بعد أن نعرف ان الحديث ليس له سندا واحد يبقى مجال معه للطعن ، بل هو مستفيض إن لم يكن متواترا ، على أنه قد روى بسند صحيح على شرط الشيخين مسلم والبخاري كما نقلت لك عن مستدرك الحاكم وكنز العمال .
3 ـ وأما حديثكم عن تدوين الحديث عامة كالقرآن ، فأن صريح القول فيه عندي الذي ادين به ربي ولا اغالط نفسي انه ثبت من طرق الطرفين الصحيحة (1) التي لا ريب فيها ان نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال : « إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » .

---------------------------
(1) ومسلم قد رواه في صحيحه في فضائل علي من عدة طرق إذا كنت لا تصدق إلا بمسلم والبخاري . أما البخاري فلم يروه ولكن الحاكم استدركه عليه ( 3 : 109 ) .

العقائد السقيفة _ 150 _

   فقد قرن الهداية ( ابدا ) بالتمسك بهما معا لا بالتمسك بواحد منهما فكل حديث لا يرجع إلى الثقل الثاني لا أجد مجالا للتمسك به إلا إذا كنت لا أفهم الكلام العربي المبين أو أغالط نفسي .
   دقق النظر ـ يا أخي ـ في هذا الحديث الجليل تجد ما يدهشك في مبناه ومعناه ، فما أبعد المرمى في قوله : « لن تضلوا بعدي ابدا » ولكن بشرط إذا تمسكنا بهما ( بهما ) لا بواحد منهما فقط .
   وما أوضح المعنى في قوله : « لن يفترقا » فمن فرق بينهما أيجد الهداية ياترى ؟ وعلى هذا نستطيع أن نتنبه لماذا لم يأمر ( ص ) بتدوين الحديث كالقرآن فقد كفاه انه ( ترك ) لنا الثقل الثاني الذي هو عدل القرآن الكريم حسب تعبيره وأمر بالتمسك به مقرونا بالتمسك بالثقل الاول ( القرآن ) ، فهو الذي كفل لنا دين النبي وقوانينه من وقوع الضلال فيها أبدا ( أبدا ) ما إن تمسكنا به مع القرآن ، وهو الذي يبين لنا كل ما أجمل في القرآن وما نزل من أحكام وما جاء من قوانين لا ( الحديث ) .
   ولا يبقى بعد هذا مجال لمن قال أو يقول : « حسبنا كتاب الله » فانه لو كان ( حسبنا ) وفيه الكفاية لما قرنه النبي بعدله الثقل الثاني .
   أليس كذلك يا قرة عيني ؟ واستطيع ان اخلص من هذا الكلام إلى موافقتك ( موافقتك أنت ) انه لا يصح الاعتماد على ( الحديث ) لانه ليس بعدل للقرآن وإلا لو كان الحديث المعمول به عند الناس طريقا إلى اثبات الوحي الالهي لكان النبي يأمر ـ كما قلت ـ بتدوينه كما أمر بتدوين القرآن .
   بل ازيدك بأنه لم يقرن ( ص ) الحديث بالقرآن ولم تأت بذلك رواية معتبرة ولا آية ، بل اكثر من ذلك قد اخبر عن كثرة الكذابين عليه بعده وحذرنا منهم ، ولم يرو عنه انه شجع على الحديث عنه .

العقائد السقيفة _ 151 _

   وهنا اعيد كلامك السديد فأقول معك : « أفيمكن ان يبني دين موحد على الحديث يصدقه اناس ويكذبه آخرون » .
   إذن فليسقط ( الحديث ) من اعتبارنا جملة ، ولكنا إنما نستدل به لنتخذه حجة على من يراه حجة عنده من باب الزام الخصم بما يعترف به ، فان تنازل الخصم عن حجية الحديث وانكره جملة ، قلنا له : بماذا تثبت تفاصيل الاحكام وخصوصياتها فان القرآن فيه المجمل والمبين والمتشابه والمحكم والعام والخاص والناسخ والمنسوخ وليس فيه تفاصيل الاحكام وخصوصياتها ، فهذه الصلاة ـ مثلا ـ من أين تعرف أوقاتها وفرائضها وركعاتها وأجزائها وشرائطها ومقدماتها وما يتصل بها من أحكام لا تحصى ؟ .
   فهل ترجع إلى اعتبار الحديث مرة أخرى ؟ ـ أم تلتجئ عندئذ إلى الاعتراف بالثقل الثاني الذي أرجعنا إليه النبي ( ص ) مع القرآن .
   ـ أم ماذا ؟ .
4 ـ قولك سدد الله قولك : « لا يعقل أن يترك أمرها أي الخلافة إلى حديث كحديث الغدير » فيا قرة العين ليس الامر منحصرا بحديث الغدير حتى يتم استغرابك فكم هي الاحاديث والآيات كما قرأت بعضها في السقيفة وهي يؤيد بعضها بعضا ويفسر بعضها بعضا إذا كان الواحد منها لا يكفيك .
   أما وصفك لحديث الغدير بأنه ( لاتكاد الصحابة تسمعه حتى ينساه أكثرهم ويذهب في تأويله الآخرون مذاهب مختلفة ) فاني أجلك من هذا الكلام فانه ما على النبي من ضير أن تنسى حديثه الصحابة أو تتأوله ، بل ترك أمر الخلافة إلى الصريح الفصيح من الكلام وبلغهم وإذا كانوا نسوه فالعيب فيهم لا في الحديث ، على أنا لابد أن نقول : انهم تناسوه لا نسوه ، ومن أين علمنا بأنهم نسوه .
   وأما الذين ذهبوا المذاهب المختلفة في تأويله فاولئك قوم من المتأخرين وليس هم من الصحابة كما يشعر به قولك وذلك لما ضاقوا ذرعا في الطعن في سنده فاضطروا لتأويله بالتأويلات التي تعرفها .

العقائد السقيفة _ 152 _

5 ـ وأما آية « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ . . . » فصحيح ما قلت فيها ـ على ما اعتقد ـ انه لم يعهد التعبير في الكتاب العزيز عن المفرد بالجمع . وازيدك انه لو كان المراد التعبير بالجمع عن المفرد لقال : « الذين أقاموا . . . وآتوا . . . » .
   والتعبير المضارع ( يقيمون . . . ويأتون . . . ) دليل على أن المقصود بها قاعدة كلية ، وبتعبير منطقي ـ تعرفه إذا كنت درست علم المنطق ـ ان هذه قضية حقيقة معناها ان كل من فرض فيه انه وقع منه هذا العمل أو يقع فهو ولي للمؤمنين ولاية كولاية الله ورسوله ، لا قضية شخصية مشار بها إلى شخص أو أشخاص مخصوصين موجودين في الخارج ، وإلا لوجب ان يقول بصيغة الماضي أقاموا وآتوا .
   وعليه فالمقصود بالآية الكريمة ان كل مؤمن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وهو في حال ركوعه فهو له هذه الولاية العامة التي هي كولاية الله ورسوله .
   وعلى هذا تكون الآية كبرى كلية لا يتألف منها وحدها القياس المنطقي ولا تنتج شيئا إلا إذا عرفنا الصغرى لها ، ولا يمكن الاستدلال بها وحدها مجردة بدون ضم الصغرى لها ، وليس منطوقها إلا كمنطوق القوانين العامة مثل أن يقول القانون ( كل من يحمل الشهادة الحقوقية له الحق أن يعين حاكما ) فإن هذا القانون لا ينفعنا في معرفة الاشخاص الذين يحملون الشهادة بل لابد من الخارج ان نعرفهم بأشخاصهم لنعطي لهم هذا الحق .
   وبهذه المقدمة نخلص إلى معرفة وجه الاستدلال بالآية على ولاية علي ، وذلك بضميمة الصغرى أي بضميمة معرفة نزولها ، وقد ثبت انها نزلت في علي عندما تصدق بخاتمه وهو في حال ركوعه ، فتشخصت هذه القاعدة الكلية فيه باعتبار انها نزلت فيه .

العقائد السقيفة _ 153 _

   ولم يعهد من غيره من الصحابة من آتى الزكاة وهو راكع لا قبله ولا بعده ، فانحصر هذا الكلي في فرد واحد بحكم نزول الآية فيه .
   وأما الحكمة في التعبير بهذه القاعدة الكلية فلبيان ان عليا بالاستحقاق نال هذه المنزلة من الولاية لصدور هذا العمل منه الذي يعطي له هذا الحق ، والمفروض انه لم يقع من غيره فتنحصر فيه هذه الولاية من دون باقي الصحابة .
6 ـ أما آية ( المباهلة ) فأظن ان ما ذكرته عنها ستتراجع عنه عندما تعيد التأمل فيه فانه قول غريب منك مع ذكائك وفطنتك ، لانه واضح ليس المقصود من انه نفسه انه هو هو على وجه تبطل الاثنينية حتى يترتب عليه انه لا يجوز ان يتزوج علي ببنت محمد ( ص ) باعتبار انها تكون ابنته ايضا ، فان هذا لا يتوهمه عاقل ولا يتوقف عليه الاستدلال ، فان محمدا محمد وعليا علي هما شخصان اثنان احدهما ابن عم الآخر وأحدهما ولد قبل الآخر ومات قبله ، ولكل منهما مميزاته الشخصية التي تختلف عن مميزات شخصية الآخر ، بل المقصود انه نفسه تنزيلا أي انه كنفسه وذلك مبالغة في تقاربهما واتحادهما في كثير من الاحكام المنزلة . وذلك يشبه قول الشاعر في مبالغته عن اتحاده مع حبيبه .
أنا من أهوى ومن أهوى أنا      نـحن  روحـان حللنا iiبدنا
فـإذا  ابـصرتني iiأبصرته      وإذا أبـصـرته أبـصرتنا

العقائد السقيفة _ 154 _


   قلت : « إذا صح أن النبي ( ص ) قد نص على الائمة الاثنى عشر بعد ان فقد ابنه ابراهيم » لا يا أخي لم يدع أحد أن النص على الائمة كان بعد فقد ابراهيم ولم يصح فيه حديث ، فمن أين جئت بهذا .
   ولا بأس أن ألفت نظرك إلى أن هناك آية قرآنية اخرى نظير التي ذكرتها وهي قوله تعالى : « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » فماذا تقول فيها (1) ؟ .
وهلا تدري أن النبي لما نزلت هذه الآية ( وانذر عشيرتك الاقربين ) جمع عشيرته واستنصرهم وجعل لناصره ان يكون اخاه ووصيه ووارثة وخليفته من بعده وكان علي صبيا فأجابه دونهم فقال في حقه : « إن هذا أخي ووصي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له واطيعوا » فخرجوا يتضاحكون من تأميره هذا الغلام على شيوخ قومه وفيهم أبوه .
   بالله عليك كم سبقت هذه الواقعة في الزمن مولد ابراهيم . وتأمل في صبي لم يبلغ الحلم يقال له هذا القول من نبي لا يقول إلا عن وحي .
   أهذا جد أم هزل ؟ ، تأمل في هذا وحكم وجدانك واعرضه على انصافك وأوله ما شئت أن تأوله فانك لا محالة ستجد هذا الصبي أكبر من أن يقاس إلى الناس وقد أمر من يومه ذاك في مبدأ البعثة ، ثم فكر في قول من يقول انه لا قيمة لاسلامه يومئذ وهو لم يبلغ الحلم كم يبلغ من درجة الانصاف وقول العدل وقوة الحجة .

---------------------------
(1) وما ذكرت انها آية فلا وجود لها بنصها ، وإنما بمضمونها آيات نزلت في نوح وهود وصالح وشعيب ولوط عليهم السلام . والنازلة على لسان نبينا إنما هي آية القربي وآية اخرى في سبأ 47 ( قل ما سألتكم من اجر فهو لكم إن اجري إلا على الله ) وهما يفسر احداهما الاخرى ، ويدلان على انه ( ص ) سأل اجرا هو المودة في القربى ، ولكنه للمسلمين اي نفعه لهم .

العقائد السقيفة _ 155 _


1 ـ ذكرت ان الانصار ساعة الاحتضار كانوا مجتمعين في السقيفة وجعلت دليلك مجيء معن وعويم إلى دار النبي لاخبار أبي بكر وعمر .
   ولكن الدعوى منك غريبة لا شاهد لها من التأريخ ، والدليل أغرب ، لانه في ساعة الاحتضار كان أبو بكر في السنح وما جاء إلى المدينة إلى بعد أن بلغه وفاة النبي فجاء إلى دار النبي فكشف عن وجهه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ما ذكره بعض المؤرخين ثم ذهب إلى المسجد حيث وجد عمرا يخطب الناس بأن النبي لم يمت ، ومن المسجد بعد أن هدأت سورة عمر ذهبوا إلى دار النبي ولا بد أن الانصار حينئذ انسلوا إلى سقيفتهم .
2 ـ استغربت من الانصار أن يتنكروا للنص على علي ، ولكن اعتقد يا عزيزي لو انك رجعت إلى ما ذكرته في السقيفة عن دوافعهم على تنكيرهم لكان لك مقنعا كافيا .
   وأما قولك : « فقد كان الاولى أن لا تغيب عن فطنة رسول الله وهو المؤيد بالوحي فلا يأمر بأمر امته يعلم سلفا بأنهم لا يطيعونه فيه فيعرضهم بذلك إلى غضب الله . . . » فاني أقول كيف يغيب عن فطنتك قوله تعالى : « فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ » .
   وقوله : « إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ » ، وقوله : « فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ . . . » وأمثال ذلك في القرآن كثير .
   وفي الحقيقة ان الرسول عليه ان يبلغ الامر الالهي وليس عليه أن لا يطيعه الناس .
   ولا يصح أن يتنازل عنه لمجرد انه يعلم سلفا انهم لا يطيعونه ، وإلا لوجب ان يترك كثيرا من الاحكام أو كلها لانه يعلم سلفا انهم ـ كلهم أو بعضهم لا فرق ـ لا يطيعونه .

العقائد السقيفة _ 156 _

   ومن المواقع التي يعلم سلفا انهم لا يطيعونه فيها ومع ذلك بلغها قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً » فانه اجمع المفسرون وأهل الحديث انه لم يعمل بهذا الحكم إلا علي عليه السلام (1) ؟ .
   يا عزيزي إن الله تعالى يقول : « وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ » ثم يقول عن المؤمنين بالخصوص : «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ » فإذا كان تعالى يعلم سلفا ورسوله يعلم سلفا أن الناس اكثرهم لا يؤمنون وأن يؤمنون أكثرهم في ايمانهم مشركون ، فيكون ـ على قولك ـ ارسال الرسل وتبليغ الاحكام للناس من قبلهم تعريضا لا كثر الناس واكثر المؤمنين منهم إلى غضب الله وتذهب جهود الرسل في هدايتهم سدى .
   أهذا هو المنطق يا قرة عيني ؟ أيترك الله دينه واحكامه لسواد عيون الناس لانه يعلم سلفا انهم يعصونه ؟ لا يا أخي إن الحق يجب ان يبين والحكم يجب ان يوضح سواء أطاع الناس أم عصوا وما على الرسول إلا البلاغ .

---------------------------
(1) هذا الحديث مما ترك روايته البخاري ومسلم أيضا واستدركه عليهما الحاكم على شرطهما ( 2 : 482 ) مع الاجماع على نقله فلماذا تركه الشيخان ؟ .

العقائد السقيفة _ 157 _


   قلت عن بعث اسامة : « ان رسول الله ( ص ) لم تكن تأخذه في الحق لومة لائم وهذا التدبير أشبه بتدبير الضعفاء » .
   وأقول : نحن بعد أن تثبت عندنا النصوص على علي فانا نعرف كيف لم تكن تأخذه في الحق لومة لائم ، فقد بين وأوضح وكرر وأكد ، ولكنه بعد ان اتضح لديه ان كل هذه التأكيدات والبيانات ستخالف على كل حال وان هناك جماعة سوف لا تطيع الامر في علي فأراد أن يبعدهم عن المدينة بهذه الطريقة . وليس هذا من تدبير الضعفاء بل من التدبير الحكيم بعد أن نعرف ملابسات الواقعة كما أوضحناها في كتاب السقيفة .
   نعم نتصوره من تدبير الضعفاء إذا نحن أنكرنا تلك النصوص على علي وتصريحات النبي في حقه وأنكرنا ان المسلمين يوم الغدير سلموا عليه بأمرة المؤمنين ، نعم إذا انكرنا تلك النصوص جملة وتصورنا أن النبي أراد البيعة لابن عمه سرا فدبر ذلك التدبير الخفي لابعاد خصومه فلا نتصور النبي حينئذ ـ وحاشاه ـ إلا جبانا ضعيفا يريد أن يخاتل المسلمين في ابن عمه .
   ولكن ـ يا أخي ـ كل هذا التدبير إنما يكون مقبولا حكيما إذا كان قد وقع بعدما اعلن أمر ابن عمه فلم تنفع معهم كل تلك التوصيات وعلم اصرارهم على المخالفة فأرسل هذا البعث ، وإن لم ينفذوه فقد أقام به الحجة البالغة عليهم ، والا فلماذا خالفوا أمره فيه ولماذا تباطؤا واعترضوا على تأمير اسامة ؟ وقد بسطنا كل ذلك في كتاب السقيفة .

العقائد السقيفة _ 158 _

   ولا يشك التاريخ في وقوع البعث ولا في تأخر المبعوثين عن تنفيذه ولا في تألم النبي منهم وغضبه عليهم واصراره عليه مرة اخرى . ولا يصح تفسير ذلك بغير ما ذكرنا إلا إذا كنا ننكر النصوص على علي جملة ، فهذا أمر آخر ولا كلام لنا مع هذا المنكر فان مثله لا يستطيع أن يستسيغ هذا التفسير قطعا .
   أما تقديرك أن جيش اسامة هذا لو رجع بعد ان يفتح وقد وجد الامر قد تم لعلي قد ينتقض فيحارب من في المدينة ، فهذا احتمال من الجائز أن يقع وأن لا يقع ، ولكن لو وقع منهم فانهم يكونون كأهل الردة الخارجين على امام زمانهم يحاربون وتكون الحجة عليهم لاسيما مع سبق النصوص وبيعتهم لعلي يوم الغدير ولم يبق مجال للتأويل أو تجاهل النص على علي بعد تمام البيعة له .

   انك تشك في صحة حديث الكتاب الذي أراد النبي أن يكتبه ، وأنا أقول لا مجال لهذا الشك بعد ثبوته برواية أهل الحديث والتاريخ والتفسير .
   ولابد من التسليم به بعد ان كان متواتر النقل أوفي حكم المتواتر ، وأما ما ذكرت من سبب الطعن فيه ففيه كثير من فضول القول فيما يتعلق باحتمال انه كان قرآنا فانه ليس مجال لهذا الاحتمال ولا يتصوره أحد بل هو كتاب أراد أن يسجله للمسلمين لئلا يضلوا بعده فأبوا لانفسهم هذه النعمة .
   وكونه بادرة لم يسبق لها مثيل منه ( ص ) فهو صحيح ولكن لا يوجب ذلك انكارا للحديث وهل تعجب من النبي ان يصنع شيئا لم يسبق له نظير لا سيما وانها بادرة تقع في اخريات ايامه قصد بها ان يفارق امته عن شيء يسد عليهم باب الخلاف والضلال ، ان النبي اعظم من ان تستكثر عليه مثل هذه البادرة .

العقائد السقيفة _ 159 _

   واما قولك : « ثم من هو عمر هذا الذي يأمر وينهي ولا يستطيع احد مخالفته » فهذا صحيح ولكن عمر لم يمنعه بقوة سيف أو سيطرة على المسلمين أو على النبي وانما منعه لانه القى شبهة تثير الخلاف مدى الدهر وهي ان النبي كان يهجر أو غلبه الوجع ما شئت فعبر ، وأقل الناس يستطيع ان يصنع ذلك لاسيما إذا وجد أعوانا وانصارا وبالفعل قد وجد عمر اولئك الاعوان إذ رأينا المسلمين الحاضرين قد اختلفوا على فرقتين ، فبطل مفعول الكتاب الذي كان المقصود منه أن لا يضلوا بعده أبدا كيف وقد صار هو نفسه موضوعا للنزاع والجدال والنبي حاضر بينهم وامام عينيه حتى أغضبوه وقال : « قوموا عني ولا ينبغي عند نبي نزاع » . ولا يريد النبي أن ينفذ مثل هذا بقوة السيف أو العشيرة فان طبيعة الموضوع تأبى ذلك لان هذا يزيد في الخلاف ويعقده .
   نعم صحيح قولك : « ولم يزد عمر على ان رأى رأيا حين قال : ان الرجل قد غلبه الوجع . . . » ولكن هذا الرأي لابد أن يحول دون تنفيذ الكتاب لان طبيعة الموضوع تقتضي أن يحول هذا الرأي دونه كما قلنا ، فنعرف السر في عدوله ( ص ) عن تنفيذ الكتاب ونعرف كيف جاز له العدول عنه .
   وما أدري أي أمر جوهري أعظم من كتاب يؤمن الناس من الضلال ابدا ، وهل المقصود من الدين شيء فوق هذا ، حتى تقول أنت : « ولو كان الامر متعلقا بأمر جوهري من امور الدين . . . » .
   وبذلك البيان تعرف يا أخي مدى قولك بالاخير « وإلا لترتب على ذلك ان النبي ( ص ) كتم كثيرا مما كان يريد تبليغه خشية عمر وغيره ولا أظن مؤمنا يقول بذلك » فاني اكرر القول بأن النبي انما عدل عنه ـ لا خشية من عمر وغيره ـ ولكن الشبهة التي أثارها وتقبلها بعض الحاضرين بالفعل فاختلفوا بحضوره لا تبقى مجالا للكتاب ، لانه ـ بالعكس ـ سيكون سببا للضلال والخلاف ابد الدهور بعد ان كان المقصود منه تأمين البشر من الضلال ، فلا بد أن يعدل عنه روحي فداه .

العقائد السقيفة _ 160 _

   ولا ينفع معه التدبير باخراج عمر ولا أي تدبير آخر حتى بقتله كما تقول ، لان الشبهة قد وقعت رضوا أم أبوا ، وكل قول وفعل حينئذ من النبي بعد هذا يكون موضعا لهذه الشبهة بأنه من الهجر وغلبة الوجع .
   وحق لابن عباس وغير ابن عباس بعد هذا أن يبكي ويبكي بل حق له أن تتفطر كبده ألما لفوات هذه النعمة الكبرى التي لا تعادلها نعمة ، مهما كان مقصود النبي من ذلك البيان الذي لا يضلون بعده أبدا سواء كان هو النص على علي أو علي أي شيء آخر .
   ونحن رجحنا ان يكون المقصود هو النص على علي للدلائل والاشارات التي ذكرناها في كتاب السقيفة ومن جملتها قول عمر : « حسبنا كتاب الله » الذي هو صريح في ان ما يريد ان يبينه النبي هو عدل للقرآن ، ويسرع إلى أذهاننا حينئذ حديث الثقلين وانه هو المستهدف في البيان والمنع منه .
   ثم انك تسأل عن الحاجة إلى الكتاب بعد نص الغدير وغيره ، فان الحاجة إليه ما كان يستشعره النبي من عزم جماعة على تجاهل تلك النصوص كما وقع فعلا .
   وأما قولك : « ومن نسي حديث الغدير وانكره على قرب العهد به فهو لما في الكتاب المزمع كتابته أشد نسيانا ونكرانا » فاني لم استطع فهمه ولم اعرف فيه وجه كون الكتاب أشد نسيانا ، فان ما هو مكتوب أثبت مما ينقل على الافواه وكيف يتطرق إليه النسيان أو النكران وهو حجة ثابتة مكتوبة ، على انه لو وقع يكون أقرب عهدا إلى الناس من حديث الغدير لو كان بعد العهد هو السبب في النسيان أو النكران كما اردت ان تقول .

العقائد السقيفة _ 161 _


1 ـ قلت : « إن ما نسب إلى الامام . . . يدل دلالة صريحة على عدم ثبوت حديث الغدير » وأنا استميحك عذرا إذا قلت لك : إن كلامك هذا غير فني فان ما ذكرته من قولي الامام : « احتجوا بالشجرة . . . » و « افسدت علينا . . . » لا معنى لان يقال فيه انه يدل دلالة صريحة على نفي الحديث ، لانه لادلالة لفظية فيه على ذلك ، وأقصى ما يمكن ادعاؤه انهما يدلان بالدلالة العقلية على نفيه باعتبار انه ترك الاستدلال بحديث الغدير في موقع كان الاولى أن يستدل به ، فعدوله عند دليل على عدم ثبوته وإلا لاستدل به . وهذه الدلالة لا تسمى دلالة صريحة .
   ونحن ننكر عليك حتى هذه الدلالة العقلية لانه لم يكن في موقع الاستدلال بحديث الغدير حتى يكون تركه دليلا على عدم ثبوته في القول الاول ، لانه جاء احتجاجا على من احتج باستحقاق الخلافة بالقرابة من الرسول فقال لهم : إذا كان ذلك سببا للاستحقاق فمن كان اكثر قرابة وأقرب فهو أولى بالاستحقاق .
   والتشبيه بالشجرة والثمرة من التشبيهات البديعة في الباب فانه لبيان أولوية الاستحقاق للاقرب لانه هو الثمرة التي هي أولى من أصل الشجرة بالاستفادة منها بل الثمرة هي الغاية المقصودة من الشجرة ، وليس هذا موردا لذكر النص لانه من باب النقض على المستدل بحجته .
   وأما القول الثاني فعلى تقدير صحة نقله فان قوله : « لم ترع لنا حقا » كلام عام يجوز ان يراد به النص ويجوز ان يراد مطلق الحق الذي صورته في كلامك ، وهذا التصوير الذي ذكرته وأطنبت فيه ليس في كلام الامام دلالة عليه وإنما هو من اجتهاد الكاتب حينما تخيل ان الامام لا نص عليه فلا بد أن تكون احتجاجاته وشكواه ناشيءة من اعتقاده بالاحقية .

العقائد السقيفة _ 162 _

2 ـ تحدثت عن قصة انصراف الناس عنه بعد موت فاطمة فانه كلام غريب فانه لا ربط له بقصة النص وإنما تلك القصة ترتبط بقصة التجاء الامام إلى مسالمة القوم بعد الانصراف عنه .
3 ـ تقارن بين قول الامام : « فنظرت فإذا ليس لي معين . . . » وبين آية « كنتم خير أمة . . . » لتستدل من الآية على تكذيب نسبة هذا القول إليه ، وازيدك انك بهذا الاستدلال تستطيع ان تكذب كثير من الاحاديث النبوية مثل احاديث الحوض ونحوها الدالة على ارتداد أصحابه بعده وتبدلهم ورجوعهم القهقري والمروية في الصحاح .
   غير اني احيلك على كتب التفسير لمعرفة مدى دلالة هذه الآية ، وما علينا من كتب التفسير ! لننظر بأنفسنا إلى مدى دلالة هذه الآية على المقصود : ان دلالتها تكمن في كلمة ( كنتم ) فان كانت على ظاهرها من دلالتها على الماضي المنقطع بمعنى انهم كانوا فيما مضى خير امة ثم لم يستمر ذلك لهم فلا ينافيها أن تكون الامة قد انقلبت بعد الرسول على الاعقاب لانه قال : كنتم خير امة ، ولم يقل انتم خير أمة أبد الدهر .
   ولكن بعض المفسرين أول معنى ( كنتم ) فقال : انها للماضي الاستمراري مثل قوله تعالى : « وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا » وأنا شخصيا كذلك أفهم هذا المعنى من الآية ، غير أن الذي يشكل علينا ان المسلمين لم يكونوا في جميع عهودهم على ما تصف الآية الكريمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا سيما في مثل عهودهم الحاضرة التي لم يبق فيها من المعروف حتى رسمه فضلا عن أن يكون كلهم من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ، هذا هو الواقع المرير الذي لا سبيل لنا من انكاره والمكابرة فيه فكيف نتصور انطباق الآية على عهودنا وامثالها .

العقائد السقيفة _ 163 _

   وعليه فليس الاشكال يخص الامة الاسلامية في أول عهودها بعد النبي بل في جميع عهودها الغابرة والحاضرة فكيف نستطيع التوفيق بين واقع امتنا المحزن وبين دلالة الآية على امتداح هذه الامة وتفضيلها على سائر الامم لانها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ كيف التوفيق ياترى ؟ .
   والذي يخطر في بالي من الجواب على ذلك أحد أمرين :
   ( الاول ) وهو الارجح عندي ان الآية قد تقدمتها آيات أخر ذكرت وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن هذا التشريع كما يبدو منها انه من مختصات المسلمين المخاطبين بهذا الوجوب على أن يتولى بعضهم هذا الامر ثم ذكرت نهي المؤمنين عن ان يتفرقوا ويختلفوا من بعد ان جاءتهم البينات فتبيض وجوه بعض وتسود وجوه آخرين ثم قال : « كنتم خير أمة . . . » لبيان انه لما كانوا خير الامم لا ينبغي ان يختلفوا وسر انهم خير الامم لانه قد شرع لهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس المقصود الاخبار عن انهم كلهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا سيما ان المخاطب بالوجوب بعض المسلمين على نحو الوجوب الكفائي ( ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف . . . ) .
   ( الثاني ) ان المراد انكم تأمرون بالمعروف من حيث مجموعكم ولو بامتثال البعض وان كان ذلك البعض قليلا باعتبار ان ذلك البعض من الامة يعمل باسمها كأنه يقول : انكم خير الامم لان فيكم من يأمر بالمعروف وليس كذلك باقي الامم .
   وهذا كما نقول مثلا ان الامة الانكليزية احتلت العراق ، وليس المراد ان جميع الامة احتلته بل بعض جيوشها وذلك باعتبار ان ذلك البعض منها وكان عمله باسمها .

العقائد السقيفة _ 164 _


1 ـ تسأل عما إذا كان تناقض بين قول الامام : « لو وجدت اربعين ذوي عزم . . » وبين قوله : « فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس . . . » فاني لم اعرف وجها للتناقض بين القولين فان الامام في الاول يقول : لو وجدت الاربعين على هذه الصفة لناهضت القوم ، ومعنى ذلك انه لم يجد الاربعين فلم يناهضهم يعني انه سالمهم .
   ثم صرح في الثاني بأنه امسك يده عن نصرتهم غير انه لما رأى راجعة الناس عن الاسلام فرأى ان المصيبة في ذلك أعظم من مصيبة فوت الولاية فالتجأ أن ينصر الاسلام لاجل ذلك ، لانصرة للامراء ولا لكونهم عنده أهلا للنصرة كما هو مدلول كلامه .
   وأنت ترى ان احد الكلامين يتصل بالآخر ويكون متمما له ، فأين التناقض ؟ أما انه لو ناهض القوم بلاربعين عندما يجدهم فانك تحتمل ان تدور عليه الدائرة كالحسين فهذا تكهن لم يعترف به الامام وهو من ظاهر كلامه كان جازما بأن الاربعين على هذه الصفة لو وجدهم لكانوا كافين له في النصرة على خصومه .
   اما انه يكون ذلك ثلما للاسلام لو انتصر عليهم ، فمن أين نفهمه إذا فرضنا انه انتصر على غاصبي حقه من الخلافة التي هي بنص النبي وبها حينئذ قوام الاسلام لا هدمه إلا إذا كنا لا نعترف بالنص فهذا أمر آخر .
   وأما كفاية نصرة مالك بن نويرة فعلى تقديره فهو واحد من ذوي العزم إذا كان هو حقيقة من ذوي العزم الذين يشترطهم الامام فيكف تفرض ان الحجة قد قامت عليه بمالك وحده على انه كونه يعترف بحقه شيء وكونه من ذوي العزم شيء آخر .
   وأما سؤالك عن اتفاق قوله عليه السلام : « فخشيت ان لم أنصر الاسلام وأهله ان أرى فيه ثلما أو هدما » مع ما ذهبت إليه من تقاعس الامام عن نصرة الخلفاء إلا بمقدار الضرورة فانه واضح الاتفاق لان الامام في صدر كلامه ذكر انه أمسك يده ولكن ضرورة حفظ بيضة الاسلام دعته إلى النصرة .
   وهذا صريح بأن الضرورة هي التي دعته إلى ذلك والضرورات تقدر بقدرها لا ان النصرة ابتدائية بدافع نفسي ليناقض ما قلته عنه .

العقائد السقيفة _ 165 _

   بل هذا الكلام مما يؤيد قولي ويؤكده وهو يدل على أن العمل الذي يعلم انه يضر بالاسلام يتركه ويعمل ما يرى عمله ضرورة اسلامية ، فكيف كان قوله هذا يدل على انه يحجم عن الفعل أو القول الذي يكون خذلانا للاسلام كما رغبت انت ان تقوله وتتصوره عن هذه الكلمة .
   نعم ان الامام اعظم وأجل ان يتقاعس عن عمل يراه واجبا لنصرة الاسلام ، ومن اين يدل كلامه المنقول أو كلامي المسطور على خلاف ذلك فإذا تباطأ أبو الحسن فانما تباطأ عن شيء يكون فيه نصرة لابي بكر وعمر ولم يتباطأ عما تدعوه الضرورة الاسلامية إلى فعله ، وانما لم يشترك في الحروب لانه حينئذ يكون مأمورا لهم وهذا ما كان يتحاشاه بل يتحاشونه معه .
   وما ذكرته في السقيفة عن ذلك ففيه الكفاية ، وأما قياسه في الاشتراك في الحروب بعمر وعثمان وطلحة وامثالهم فقياس مع الفارق البعيد ، لو كان هناك قياس ، وابو الحسن من تعرف في حروبه ايام النبي وايام خلافته ولم يشترك قبله ولا بعده من الخلفاء بنفسه في الحروب ، فكيف يقاس غيره به وكيف لا يستغرب عدم اشتراكه في الحروب ايام الخلفاء قبله وكيف لا يدل ذلك على عدم تعاونه معهم معاونة صادقة ؟ .
   هذا ما أردت ان اقوله ـ يا قرة العين ـ في جوابات اسئلتك واعذرني إذا كنت قد رمزت لك رمزا في كثير من الابحاث اقتصادا في الوقت واستعجالا في الاجابة للشواغل التي دهمتني في خلال تسجيل هذه الرسالة فعاقتني عن الاسراع إلى اتمامها في الوقت المناسب .
   وتقبل التحيات من المخلص .
محمد رضا المظفر

العقائد السقيفة _ 165 _


1 ـ صحيح البخاري المطبوع بمصر عام 1320 هـ
2 ـ صحيح مسلم المطبوع بمصر عام 1390 هـ وما في ص 58 رجعنا فيه الى المطبوع عام 1334 هـ
3 ـ مسند احمد المطبوع بمصر عام 1313 هـ
4 ـ العقد الفريد المطبوع بمصر عام 1353 هـ
5 ـ مستدرك الحاكم
6 ـ الجمع بين الصحيحين
7 ـ كنز العمال
8 ـ تاريخ الطبري
9 ـ تاريخ ابن الاثير
10 ـ تاريخ الخميس
11 ـ تاريخ اليعقوبي
12 ـ السياسة والامامة لابن قتيبة
13 ـ تاريخ الخلفاء للسيوطي
14 ـ تاريخ ابن خلدون
15 ـ مروج الذهب
16 ـ السيرة الحلبية
17 ـ سيرة ابن هشام

العقائد السقيفة _ 166 _

18 ـ سيرة دحلان
19 ـ طبقات ابن سعد
20 ـ الاصابة
21 ـ الاستيعاب
22 ـ اسد الغابة
23 ـ التهذيب لابن عساكر
24 ـ ميوان الاعتدال
25 ـ نهج البلاغة
26 ـ شرح النهج لابن ابي الحديد
27 ـ منهاج السنة لابن تيمية
28 ـ الصواعق المحرقة له
29 ـ مقالات الاسلاميين لأبي الحسن الاشعري
30 ـ الملل والنحل للشهرستاني
31 ـ الفصل في الملل والنحل لابن حزم
32 ـ البيان والتبيين للجاحظ
33 ـ معجم البلدان
34 ـ لسان العرب
35 ـ حياة محمد للدكتور محمد حسين هيكل