و تارة خضرة زبرجديّة ، و أحيانا صفرة عسجدية (1) ، فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن أو تبلغه قرائح العقول (2) أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين و أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه و الألسنة أن تصفه
  خلقة النّملة
  من خطبة له في وصف خلقة النملة :
  أنظروا الى النملة في صغر جثتها و لطافة هيئتها ، لا تكاد تنال بلحاظ البصر و لا بمستدقّ الفكر ، كيف دبّت على أرضها و صبت على رزقها تنقل الحبّة الى جحرها و تعدّها في مستقرّها ، تجمع في حرّها لبردها و في ورودها لصدرها ، مكفولة برزقها مرزوقة بوفقها (3) لا يغفلها المنّان و لا يحرمها الديّان و لو في الصّفا اليابس و الحجر الجامس (4) ، و لو فكّرت في مجاري أكلها ، في علوها و سفلها ، و ما في الجوف من شراسيف بطنها (5) و ما في الرأس من عينها و أذنها ، لقضيت من خلقها عجبا و لقيت

---------------------------
(1) ذهبية .
(2) عمائق ، جمع عميقة ، القرائح جمع قريحة و هي : الخاطر و الذهن .
(3) الصدر : الرجوع بعد الورود ، بوفقها : بما يوافقها من الرزق و يلائم طبعها ، أو بما هو قدر كفايتها منه .
(4) الجامس : الجامد .
(5) الشراسيف : مقاطع الأضلاع .

روائع نهج البلاغة _ 202 _

  في وصفها تعبا فتعالى الذي أقامها على قوائمها و بناها على دعائمها لم يشركه في فطرتها فاطر و لم يعنه في خلقها قادر .
  و لو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلّتك الدلالة إلاّ على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة ، لدقيق تفصيل كلّ شي‏ء (1) و غامض اختلاف كل حي و ما الجليل و اللطيف ، و الثقيل و الخفيف ، و القوي و الضعيف ، في خلقه إلاّ سواء
  ;خلقة الجرادة
  و منها في وصف الجرادة :
  و إن شئت قلت في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ، و أسرج لها حدقتين قمراوين (2) و جعل لها السمع الخفيّ ، و فتح لها الفم السويّ ، و جعل لها الحسّ القويّ ، و نابين بهما تقرض و منجلين بهما تقبض (3) .
  يرهبها الزرّاع في زرعهم و لا يستطيعون ذبّها (4) و لو أجلبوا بجمعهم ، حتى ترد الحرث في نزواتها (5) و تقضي منه شهواتها و خلقها كلّه لا يكون إصبعا مستدقّة

---------------------------
(1) أي : إن دقة التفصيل في النملة على صغرها و في النخلة على طولها ، تدلّك على ان الصانع واحد .
(2) أي : مضيئتين كأن كلاّ منهما ليلة أضاءها القمر .
(3) أراد بالمنجلين هنا : رجليها ، لاعوجاجهما و خشونتهما .
(4) دفعها .
(5) و ثباتها .

روائع نهج البلاغة _ 203 _

  اغفر لى من كلام له كان يدعو به :
  اللهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به مني ، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة اللهمّ اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي اللهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ (1) و سقطات الألفاظ ، و شهوات الجنان و هفوات اللسان ما ذا لقيت و قال في سحرة اليوم الذي ضرب فيه (2) :
  ملكتني عيني و أنا جالس (3) فسنح لي رسول اللّه ( ص ) فقلت :
  يا رسول اللّه ، ما ذا لقيت من أمّتك من الأود و اللّدد (4) فقال :
  ادع عليهم فقلت : أبدلني اللّه بهم خيرا منهم ، و أبدلهم بي شرا لهم مني

---------------------------
(1) رمزات الألحاظ : الإشارة بها .
(2) السحرة : السحر الأعلى من آخر الليل .
(3) ملكتني عيني : غلبني النوم .
(4) الأود : الاعوجاج ، اللدد : الخصام .

روائع نهج البلاغة _ 204 _

  من كلام له قاله قبل موته على سبيل الوصية ، لما ضربه ابن ملجم :
  أنا بالأمس صاحبكم ، و اليوم عبرة لكم ، و غدا مفارقكم إن أبق فأنا وليّ دمي ، و إن أفن فالفناء ميعادي ، و إن أعف فالعفو لي قربة ، و هو لكم حسنة ، فاعفوا مظلوم
  من كلام له في معنى الظلم الواقع عليه :
  ما زلت مظلوما منذ قبض اللّه نبيّه حتى يوم الناس هذا ، و لقد كنت أظلم قبل ظهور الإسلام ، و لقد كان أخي عقيل : يذنب أخي جعفر ، فيضربني

روائع نهج البلاغة _ 205 _

  الاثوار الثّلاثة
  رأينا أن نثبت هذا المثل هنا ، لأنه من أجمل الأمثال العربية التي جاءت حكاية عن الحيوان ، ثم لأنه أول هذه الأمثال التي شاعت فيما بعد على يد ابن المقفع بكتابه الشهير ( كليلة و دمنة ) ، و فيه دعوة الى الاتحاد و تنفير من الفتنة ، و الغريب أن يكون هذا المثل الذي ثبتت نسبته الى الإمام علي ، غير مذكور في ( نهج البلاغة ) على اختلاف طبعاته و كثرة المعتنين به ، و لا في الكتب التي استدرك مصنّفوها ما فات جامع ( النهج ) :
  أثوار ثلاثة كنّ في أجمة ، أبيض و أسود و أحمر ، و معهنّ فيها أسد ، فكان لا يقدر منهنّ على شي‏ء لاجتماعهنّ عليه ، فقال للثور الأسود و الثور الأحمر : لا يدلّ علينا في أجمتنا إلاّ الثور الأبيض ، فإنّ لونه مشهور ، و لوني على لونكما ، فلو تركتماني آكله صفت لنا الأجمة فقالا له :
  دونك فكله ، فأكله ، فلما مضت أيام ، قال للأحمر : لوني على لونك فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة فقال : دونك فكله ثم قال للأحمر : إني آكلك لا محالة فقال : دعني أنادي ثلاثا ، فقال :
  افعل ، فنادى : ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض

روائع نهج البلاغة _ 207_

  طآئفة من روائع امثاله

روائع نهج البلاغة _ 209 _

 من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه .
  لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أحد سوءا و أنت تجد لها في الخير محتملا .
  أسوأ الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنّه ، و من لم يثق به أحد لسوء فعله .
  ليس من العدل القضاء بالظنّ على الثقة .
  سوء الظن يدوي القلوب (1) و يتّهم المأمون ، و يوحش المستأنس ، و يغيّر مودّة الإخوان .
  ما المجاهد الشهيد في سبيل اللّه بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ ، لكاد العفيف أن يكون ملاكا من الملائكة .
  العفو زكاة الظفر .
  أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة .
  أستر عورة أخيك و اغتفر زلة صديقك .
  عليك بالصدق في كل أمورك .
  لا سوأة أسوأ من الكذب .
  الكذّاب يخيف نفسه و هو آمن .
  علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك .
  جانبوا الكذب فإن الصادق على منجاة و كرامة ، و الكاذب على شفا مهواة و هلكة .

---------------------------
(1) يدوي : يصيب بالداء .

روائع نهج البلاغة _ 210 _

  الكذّاب و الميت سواء ، لأن فضيلة الحي على الميت الثقة به ، فإذا لم يوثق بكلامه فقد بطلت حياته .
  إن كنت صادقا كافيناك ، و إن كنت كاذبا عاقبناك .
  لا يصلح الكذب في جدّ و لا هزل ، و لا في أن يعد أحدكم صبيّه ثم لا يفي له ، إنّ الكذب يهدي الى الفجور .
  خير المقال ما صدقته الفعال .
  إنّ من عدم الصدق في منطقه فقد فجع بأكرم أخلاقه .
  ما السيف الصارم في كفّ الشجاع بأعزّ له من الصدق .
  أقبح الصدق ثناء المرء على نفسه .
  ذمّتي بما أقول رهينة .
  اعتصموا بالذمم .
  لا تغدرنّ بذمّتك و لا تخيسنّ بعهدك و لا تختلنّ عدوّك .
  أوفوا إذا عاقدتم ، و اعدلوا إذا حكمتم ، و لا تفاخروا بالآباء ، لا تكن ممن ينهى و لا ينتهي ، و يأمر بما لا يأتي ، و يصف العبرة و لا يعتبر ، فهو على الناس طاعن و لنفسه مداهن .
  لا تصحب المائق (1)فإنه يزيّن لك فعله و يودّ أن تكون مثله .
  لا صديق لمتلوّن ، و لا وفاء لكذوب ، و لا راحة لحسود ، و لا مروءة لدني‏ء .
  انتهزوا فرص الخير .

---------------------------
(1) المائق : الأحمق .

روائع نهج البلاغة _ 211 _

  إفعلوا الخير و لا تحقروا منه شيئا ، فإنّ صغيره كبير و قليله كثير .
  قولوا الخير تعرفوا به ، و اعملوا الخير تكونوا من أهله .
  الساعي بالخير كفاعله ، أما الساعي بالشرّ و محاربة الخير فهو عدوّ اللّه و البشر .
  و لا يقولنّ أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير منّي ، فيكون و اللّه كذلك .
  إذا تحرّكت صورة الشر و لم تظهر ولّدت الفزع ، فإذا ظهرت ولّدت الألم ، و إذا تحرّكت صورة الخير و لم تظهر ، ولّدت الفرج ، فإذا ظهرت ولّدت اللذة .
  من اعتدل يوماه فهو مغبون .
  الكيّس من كان يومه خيرا من أمسه .
  من اعتدل يوماه فهو مغبون .
  من منّ بمعروفه أفسده .
  لا يزهّدنّك في المعروف من لا يشكر لك .
  أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه .
  لا تستصغر شيئا من المعروف قدرت على اصطناعه إيثارا لما هو أكثر منه ، فإن اليسير في حال الحاجة أنفع من الكثير في حال الغنى عنه .
  فاعل الخير خير منه ، و فاعل الشرّ شرّ منه .
  لا تعمل الخير رياء و لا تتركه حياء .
  من لا يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة .
  لن يضيع اللّه أجر من أحسن عملا .

روائع نهج البلاغة _ 212 _

  أطلبوا الخير و أهله ، و اعلموا أنّ خيرا من الخير معطيه ، و شرا من الشرّ فاعله .
  ما من يوم يمرّ على ابن آدم إلا قال له : أنا يوم جديد ، و أنا عليك شهيد ، فقل فيّ خيرا و اعمل خيرا فإنك لن تراني بعد أبد قال في صفة الإنسان الشريف : ينوي كثيرا من الخير ، و يعمل بطائفة منه ، و يتلهّف على ما فاته كيف لم يعمل به .
  و قال فيه أيضا : قد ألزم نفسه العدل ، يصف الحقّ و يعمل به ، لا يدع للخير غاية إلا أمّها و لا مظنّة إلاّ قصدها .
  أحصد الشرّ من صدر غيرك بفعله من صدرك .
  من استحسن القبيح كان شريكا فيه .
  إذا أردت أن تعرف طبع الرجل فاستشره ، فإنك تقف في مشورته على عدله و جوره ، و خيره و شرّه .
  ليس في البرق الخاطف مستمتع (1) لمن يخوض في الظلمة .
  إقبل عذر من اعتذر اليك ، و أخّر الشرّ ما استطعت .
  ليكن أمر الناس عندك في الحق سواء .
  من تعدّى الحقّ ضاع مذهبه .
  من صارع الحقّ صرعه .
  لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ و لا يوحشنّك إلا الباطل .

---------------------------
(1) مستمتع : متعة .

روائع نهج البلاغة _ 213 _

  أ لا و إنه بالحقّ قامت السماوات و الأرض .
  ما شككت في الحق مذ رأيته .
  اتبعوا الحق و أهله حيث كانوا .
  لا تزيدنّي كثرة الناس حولي عزّة ، و لا تفرّقهم عني وحشة ، و ما أكره الموت على الحق .
  ليس من طلب الحقّ فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه .
  من طلب عزّا بباطل أورثه اللّه ذلاّ بحقّ من استثقل الحقّ أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه .
  لنا حقّ فإن أعطيناه و إلاّ ركبنا أعجاز الإبل و إن طال السّرى .
  لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة من يسلكه .
  إعملوا في غير رياء .
  للمرائي ثلاث علامات : ينشط إذا رأى الناس ، و يكسل إذا كان وحده ، و يحبّ أن يحمد في جميع أحواله ليكن دنوّك من الناس لينا و رحمة .
 عاتب أخاك بالإحسان اليه و اردده بالإنعام عليه .
  صل من قطعك ، و أعط من حرمك ، و أحسن إلى من أساء إليك ، و قل الحقّ و لو على نفسك .
  أزجر المسي‏ء بثواب المحسن .

روائع نهج البلاغة _ 214 _

  إن لم تكن حليما فتحلّم ، فإنه قلّ من تشبّه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم .
  ليس جزاء من سرّك أن تسوءه .
  ما ظفر من ظفر الإثم به ، و الغالب بالشرّ مغلوب .
  من أساء خلقه عذّب نفسه .
  كفى بحسن الخق نعيما .
  لا تعدنّ عدة تحقّرها قلة الثقة بنفسك ، و لا يغرّنّك المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا .
  إرحم ترحم ، قل الخير تذكر بخير ، اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار .
  ليرأف كبيركم بصغيركم .
 من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، و من وعظه علانية فقد شانه .
  عليكم بكلمة الحق في الرضا و الغضب ، و بالعدل على الصديق و العدوّ .
  سامع الغيبة أحد المغتابين .
  الغيبة جهد العاجز .
  نظر الإمام إلى رجل يغتاب آخر عند ابنه الحسن ، فقال : يا بنيّ ، نزّه سمعك عنه ، فإنه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك .
  إمحض أخاك النصح و ساعده على كل حال ، و لا تصرم أخاك على ارتياب و لا تقاطعه دون استعتاب فلعلّ له عذرا و أنت تلوم .

روائع نهج البلاغة _ 215 _

  الويل كل الويل لمن استحسن لنفسه ما يكرهه لغيره ، و أزرى على الناس بمثل ما يأتي .
  ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه ، و لا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه .
  من تجرّأ لك تجرّأ عليك .
 من مدحك بما ليس فيك من الجميل و هو راض عنك ، ذمّك بما ليس فيك من القبيح و هو ساخط عليك .
  عجبا لمن قيل فيه الخير و ليس فيه كيف يفرح و عجبا لمن قيل فيه الشر و ليس فيه كيف يغضب لتكن معرفتك بنفسك أوثق عندك من مدح المادحين لك .
  من استحيا من الناس و لم يستحي من نفسه فليس لنفسه عنده قدر رأس العلم الرفق .
  ما كان الرفق في شي‏ء إلا زانه .
  و إنّ غائبا يحدوه الجديدان الليل و النهار لحريّ بسرعة الأوبة(1) .
  طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس .
  من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه .
  من نسي زلله استعظم زلل غيره ، و من تكبّر على الناس ذلّ .
  و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره .

---------------------------
(1) يحدوه : يسوقه ، الأوبة : الرجوع .

روائع نهج البلاغة _ 216 _

  الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل .
  من عرف نفسه فقد عرف ربّه .
  هلك امرؤ لم يعرف قدره .
  أنظر وجهك كل وقت في المرآة ، فإن كان حسنا فاستقبح أن تضيف اليه فعلا قبيحا و تشينه به ، و إن كان قبيحا فاستقبح أن تجمع بين قبيحين الإنسان مرآة الانسان ، يتأمله و يسدّ فاقته .
  إذا كان في رجل خلّة رائقة فانتظروا أخواتها (1) .
  شراركم المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحبّة ، المبتغون للأبرياء المعايب .
  لا سؤدد مع انتقام ، و لا صواب مع ترك المشورة .
  لا أقبل شهادة الفاسق إلاّ على نفسه .
  إذا حيّيت بتحيّة فحيّ بأحسن منها ، و إذا أسديت إليك يد فكافئها بما يربي عليها ، و الفضل في ذلك للبادي .
  إذا بلغ المرء من الدنيا فوق قدره ، تنكّرت للناس أخلاقه .
  إذا رفعت أحدا فوق قدره ، فتوقّع منه أن يحطّ منك بقدر ما رفعت منه لا تشمت بالمصائب و لا تدخل في الباطل و لا تخرج من الحق .
  لا تفرح بسقطة غيرك ، فإنك لا تدري ما تتصرّف الأيام بك

---------------------------
(1) الخلة : الخصلة .

روائع نهج البلاغة _ 217 _

  أكرم نفسك عن كل دنيّة .
  لا يأبى الكرامة إلا حمار .
  من كفّارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف و التنفيس عن المكروب .
  من عزّى الثكلى فقد أظلّه اللّه في ظلّ عرشه .
  أدّب اليتيم بما تؤدب به ولدك .
 ساووا ضعفاءكم في مآكلكم .
  لا يطمع قريبك في حيفك (1) و لا ييأس عدوّك من عدلك .
  لا تصحبنّ في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه مثل ما يرى له من الفضل عليك .
  إنّ مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب و مذلّة للماشي .
  لا تسارّ أحدا في مجلسك ، و إن غضبت فقم ، و لا تقضينّ و أنت غضبان .
  ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة .
  إذا طرقك إخوانك فلا تدّخر عنهم ما في البيت ، و لا تتكلّف لهم ما وراء الباب .
  شرّ الإخوان من تكلّف له .
  إياك و كلّ عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره .

---------------------------
(1) الحيف : الظلم .

روائع نهج البلاغة _ 218 _

  من عمل في السرّ ما يستحيي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر .
  من أصلح سريرته أصلح علانيته .
  من حذّرك كمن بشّرك .
 لا يرضى عنك الحاسد حتى يموت أحدكما .
  حسد الصديق من سقم المودّة .
  التواضع نعمة لا يفطن لها الحاسد .
  ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد : نفس دائم و قلب هائم و حزن لازم ، مغتاظ على من لا ذنب له ، بخيل بما لا يملك الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق ، و التقصير عن الاستحقاق عيّ أو حسد .
  خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم و إن عشتم حنّوا إليكم .
  لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث : في نكبته و وفاته .
  عدوّ عاقل خير من صديق جاهل .
  من أشرف أعمال الكريم غفلته عما يعلم .
  أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة .
  من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه .
  ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة في القلوب ، و ما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب .

روائع نهج البلاغة _ 219 _

  تحتاج القرابة إلى مودّة ، و لا تحتاج المودّة إلى قرابة .
  ربّ قريب أبعد من بعيد ، و رب بعيد أقرب من قريب ، و الغريب من لم يكن له حبيب .
  المودّة قرابة مستفادة .
  فقد الأحبة غربة .
  من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه ، و حنينه إلى أوطانه ، و حفظه قديم إخوانه .
  الطمع رقّ مؤبّد .
  أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع .
  كم من عقل أسير تحت هوى أمير .
  إن كنت جازعا على ما تفلّت من يديك ، فاجزع على كل ما لم يصل إليك .
  الهوى مطيّة الفتنة .
  إذا أيسرت فكلّ الرجال رجالك ، و إذا أعسرت أنكرك أهلك .
  إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره ، و إذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه .
  فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها .
  ثلاثة يرحمون : عاقل يجري عليه حكم جاهل ، و ضعيف في يد ظالم قوي ، و كريم يحتاج إلى لئيم .

روائع نهج البلاغة _ 220 _

  إذا سألت كريما حاجة فدعه يفكر ، فإنه لا يفكر إلا في خير ، و إذا سألت لئيما حاجة فعاجله ، فإنه إن فكّر عاد إلى طبعه .
  الرغبة الى الكريم تحرّكه على البذل ، و إلى الخسيس تغريه بالمنع .
  الكريم لا يلين على قسر ، و لا يقسو على يسر وجّهوا آمالكم إلى من تحبّه قلوبكم .
  السخاء ما كان ابتداء ، فأمّا ما كان عن مسألة فحياء و تذمّم (1) .
  البخل جامع لمساوى‏ء العيوب ، و هو زمام يقاد به إلى كل سوء .
  البخل جلباب المسكنة .
  البخلاء من الناس يكون تغافلهم عن عظيم الجرم أسهل عليهم من المكافأة على يسير الإحسان .
  يا ابن آدم ، ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك .
  يا ابن آدم ، كن وصيّ نفسك في مالك ، و اعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك .
  من يكن له مال فليفكّ به العاني و الأسير .
  من كرمت عليه نفسه هان عليه ماله .
  الحرص و الكبر و الحسد دواع إلى التقحّم في الذنوب .
  لا تهضمنّ محاسنك بالفخر و الكبر .

---------------------------
(1) التذمّم : الفرار من الذم .

روائع نهج البلاغة _ 221 _

  إذا أردت أن تحمد فلا يظهر منك حرص على الحمد .
  أكبر الفخر ألاّ تفخر .
  يكون الصبر على قدر المصيبة .
 المصيبة واحدة ، فإن جزعت كانت اثنتين .
  عوّد نفسك الصبر على المكروه .
  عند تناهي الشدّة تكون الفرجة .
  الصبر مطيّة لا تكبو .
  الصبر صبران : صبر على ما تكره و صبر عمّا تحب .
  الدهر يومان : يوم لك و يوم عليك ، فإن كان لك فلا تبطر ، و إن كان عليك فاصبر .
  من صبر صبر الأحرار ، و إلاّ سلا سلوّ الأغمار (1) .
  لا تكن عند النعماء بطرا و لا عند البأساء فشلا .
  التكبّر على المتكبرين هو التواضع بعينه .
  من طلب شيئا ناله أو بعضه .
  المرء مخبوء تحت لسانه .
  هانت عليه نفسه من أمّر عليه لسانه .
  لسان العاقل وراء قلبه ، و قلب الأحمق وراء لسانه .

---------------------------
(1) الاغمار ، جمع غمر ، و هو : الجاهل الذي لم يجرب الأمور .

روائع نهج البلاغة _ 222 _

  إذا فعلت كلّ شي‏ء فكن كمن لم يفعل شيئا .
  لا خير في الصمت عن الحكم ، كما أنه لا خير في القول بالجهل .
  أمسك عليك لسانك فإنّ تلافيك ما فرط من صمتك أيسر عليك من إدراك ما فات من منطقك .
  لا تسأل عمّا لا يكون ، ففي الذي قد كان لك شغل .
  الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللّه .
  إن الأمور إذا اشتبهت اعتبر أوّلها بآخرها .
  أصاب متأمّل أو كاد ، و أخطأ مستعجل أو كاد ما أكثر العبر و أقلّ الاعتبار .
  رأي الشيخ أحبّ من جلد الغلام (1) .
  قيل له : صف لنا العاقل ، فقال : هو الذي يضع الأشياء مواضعها .
  فقيل : فصف لنا الجاهل ، فقال : قد فعلت .
  من اشتبه عليكم أمره فانظروا إلى خلطائه .
  إذا كنت في إدبار ، و الموت في إقبال ، فما أسرع الملتقى .
  من تذكّر بعد السفر استعدّ .
  نفس المرء خطاه إلى أجله .
  كم من أكلة منعت أكلات .

---------------------------
(1) جلد الغلام : صبره على القتال .

روائع نهج البلاغة _ 223 _

  لا رأي لمن لا يطاع .
  قال لما سمع قول الخوارج ( لا حكم إلاّ للّه ) : كلمة حقّ يراد بها باطل من جهل شيئا عابه .
  الناس أعداء ما جهلوا .
  من لان عوده كثفت أغصانه .
  نوم على يقين خير من صلاة على شك .
  فقيه واحد أشدّ على إبليس من ألف عابد .
  أفضل الزهد إخفاء الزهد .
  ليست الصلاة قيامك و قعودك إنما الصلاة إخلاصك .
  أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه .
  لا تحتقرنّ صغيرا يمكن أن يكبر ، و لا قليلا يمكن أن يكثر .
  يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلا الماحل (1) و لا يظرّف فيه إلا الفاجر (2) و لا يضعّف فيه إلا المنصف (3) .
  الدنيا حمقاء لا تميل إلا إلى أشباهها

---------------------------
(1) الماحل : الساعي في الناس بالوشاية عند السلطان .
(2) لا يظرّف : لا يعدّ ظريفا .
(3) لا يضعّف : لا يعدّ ضعيفا .

روائع نهج البلاغة _ 224 _

  أنا كابّ الدنيا لوجهها ، و قاردها بقدرها ، و ناظرها بعينها .
  أيها الناس ، إني و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلا أسبقكم إليها ، و لا أنهاكم عن معصية إلا أتناهى قبلكم عنها .
  من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، و معلّم نفسه و مؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس و مؤدّبهم .
  ينبغي لمن ولي أمر قوم أن يبدأ بتقويم نفسه قبل أن يشرع في تقويم رعيته ، و إلاّ كان بمنزلة من رام استقامة ظل العود قبل أن يستقيم ذلك العود وا عجباه أ تكون الخلافة بالصحابة و القرابة أشقى الرعاة من شقيت به رعيّته .
  ما أقبح الغدر من السلطان .
  لا زعامة لسيّ‏ء الخلق .
  إذا كان الراعي ذئبا ، فالشاة من يحفظها لا تقبلنّ في استعمال عمّالك و أمرائك شفاعة إلا شفاعة الكفاية و الأمانة .
  من فسدت بطانته كان كمن غصّ بالماء ، فإنه لو غصّ بغيره لأساغ الماء غصّته العدل صورة واحدة ، و الجور صور كثيرة ، و لهذا سهل ارتكاب الجور

روائع نهج البلاغة _ 225 _

  و صعب تحرّي العدل ، و هما يشبهان الإصابة في الرماية و الخطأ فيها .
  و إن الإصابة تحتاج إلى ارتياض (1) .
  قدّم العدل على البطش و لا تستعمل الفعل حيث ينجع (2) القول .
  شرّ الناس إمام ضلّ و ضلّ به .
  البغي آخر مدة الملوك .
  عدل السلطان خير من خصب الزمان .
  المسؤول حرّ حتى يعد .
  قلوب الرعية خزائن راعيها ، فما أودعها من عدل أو جور وجده فيها .
  أ لا و إني أقاتل رجلين : رجلا ادّعى ما ليس له ، و آخر منع الذي عليه .
  يد اللّه فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة ، فإذا حاف (3) وكله اللّه إلى نفسه .
  قال في اللّه تعالى : و قلع جبالها و نسفها و دكّ بعضها بعضا من هيبة جلالته الحمد للّه الذي لا تواري عنه سماء سماء و لا أرض أرضا .
  على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بالعامة .

---------------------------
(1) ارتياض : مران .
(2) ينجع : ينفع .
(3) حاف : ظلم .

روائع نهج البلاغة _ 226 _

  بنى رجل من عمّاله بناء فخما ، فقال الإمام : أطلعت الورق رؤوسها ، إن البناء يصف لك الغنى إذا غضب اللّه على أمة غلت أسعارها و غلبها أشرارها .
  ثلاثة يؤثرون المال على أنفسهم : تاجر البحر ، و صاحب السلطان ، و المرتشي في الحكم اللهمّ اجعلنا خيرا مما يظنون ، و اغفر لنا ما لا يعلمون .
  عاتبه عثمان فأكثر و هو ساكت ، فقال : ما لك لا تقول : قال :
  إن قلت لم أقل إلاّ ما تكره ، و ليس لك عندي إلاّ ما تحب .
  لا تدعونّ إلى مبارزة .
  إياكم و المراء و الخصومة فإنهما يمرضان القلب و ينبت عليهما النفاق .
  من أمنت من أذيّته فارغب في أخوّته .
  إن اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم .
  أعينوا الضعيف و انصروا المظلوم و تعاونوا .
  تعاطوا الحقّ بينكم و تعاونوا به على يد الظالم السفيه .
  اللهمّ إني لم آمرهم بظلم خلقك .
  يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم .
  شيعتنا الذين إن غضبوا لم يظلموا ، بركة على من جاوروا سلم لمن خالطوا .

روائع نهج البلاغة _ 227 _

  البغي و الزور يزريان بالمرء .
  و قد خاب من حمل ظلما .
  ما أقبح القسوة على الجار .
  هلك من ادّعى و خاب من افترى .
  من زرع العدوان حصد الخسران .
  بئس العدوان على العباد .
  الظلم يدعو إلى السيف .
  لا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام .
  و ايم اللّه لأنصفنّ المظلوم من ظالمه و لآخذنّ الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق و إن كان له كارها .
  إختر أن تكون مغلوبا و أنت منصف ، و لا تختر أن تكون غالبا و أنت ظالم .
  ألأم الناس من سعى بإنسان ضعيف إلى سلطان جائر .
  ظلم الضعيف أفحش الظلم .
  و أمّا الذنب الذي لا يغفر ، فظلم العباد بعضهم لبعض .
  لا تكن للظالم معينا .
  للظالم ثلاث علامات : يظلم من فوقه بالمعصية ، و من دونه بالغلبة ، و يظاهر القوم الظالمين (1) .

---------------------------
(1) الغلبة : القهر ، يظاهر : يعاون .

روائع نهج البلاغة _ 228 _

  رحم اللّه امرأ رأى حقا فأعان عليه ، أو رأى جورا فردّه ، و كان عونا بالحق على صاحبه .
  العامل بالظلم و المعين عليه و الراضي به : شركاء ثلاثة .
  الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم ، و على كل داخل في باطل إثمان :
  إثم العمل به ، و إثم الرضا به .
  قيل له : أيّ الأمور أعجل عقوبة و أسرع لصاحبها صرعة ؟ فقال :
  ظلم من لا ناصر له إلاّ اللّه ، و استطالة الغنيّ على الفقير .
  أذكر عند الظلم عدل اللّه فيك ، و عند القدرة قدرة اللّه عليك .
  الفجور دار حصن ذليل : لا يمنع أهله و لا يحرز من لجأ إليه (1) .
  لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها .
  لكلّ امرى‏ء ما اكتسب .
  قيمة كل امرى‏ء ما يحسن .
  و اعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون .
  لا تنظر إلى من قال و انظر إلى ما قال .
  لا حسب كالتواضع و لا شرف كالعلم و لا قرين كحسن الخلق .
  أشرف الأشياء العلم ، و اللّه تعالى عالم يحب كل عالم .
 من أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه .

---------------------------
(1) يحرز : يحفظ .

روائع نهج البلاغة _ 229 _

  من قصّر في العمل ابتلي بالهمّ .
  لا تكن ممّن يرجو لنفسه بأكثر من عمله .
  إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا .
  لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل .
  تعلّموا العلم و إن لم تنالوا به حظا ، فلأن يذمّ الزمان لكم أحسن من أن يذمّ بكم .
  ما من حركة إلاّ و أنت محتاج فيها إلى معرفة .
  العامل بغير علم كسائر في غير طريق ، فلا يزيده بعده عن الطريق إلاّ بعدا عن حاجته ، و العامل بالعلم كسائر على الطريق الواضح ، فلينظر ناظر أ سائر هو أم راجع ؟
  الفكرة تورث نورا و الغفلة تورث ظلمة .
  سل تفقّها و لا تسأل تعنّتا .
  أعلم الناس من جمع علم الناس إلى عمله .
  من استبدّ برأيه هلك ، و من شاور الرجال شاركها في عقولها .
  من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطإ .
  لا كنز أنفع من العلم ، و لا عزّ أرفع من الحلم .
  قطع العلم عذر المتعلّلين .
  ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك ، و لكن الخير أن يكثر علمك .

روائع نهج البلاغة _ 230 _

  هلك خزّان المال و هم أحياء ، و العلماء باقون ما بقي الدهر .
  الملوك حكّام على الناس ، و العلماء حكّام على الملوك .
  العالم حيّ و إن كان ميتا ، و الجاهل ميت و إن كان حيّا .
  العلم إحدى الحياتين ، و المودّة إحدى القرابتين ، و الذكر الجميل أحد العمرين .
  لا يستحينّ أحد إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : لا أعلم و لا يستحينّ أحد إذا لم يعلم الشي‏ء أن يتعلمه .
  ما أكثر ما تجهل من الأمر ، و يتحيّر فيه رأيك ، و يضلّ فيه بصرك ، ثم تبصره بعد ذلك .
  لا فقر أشدّ من الجهل .
  لا يؤمنك من شرّ جاهل قرابة و لا جوار .
  إذا أرذل اللّه عبدا حظر عليه العلم .
  كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم فإنه يتّسع .
  إن هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكمة .
  لهب الشوق أخفّ محملا من مقاساة الملالة .
  كفى العلم شرفا أن يدّعيه من لا يحسنه ، و يفرح إذا نسب اليه من ليس من أهله ، و كفى بالجهل خمولا أن يتبرّأ منه من هو فيه ، و يغضب إذا نسب إليه .

روائع نهج البلاغة _ 231 _

  أقلّ الناس قيمة أقلهم علما .
  العلم دين يدان به .
  العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كل شي‏ء أحسنه .
  من أفتى بغير علم لعنته الأرض و السماء .
  العلماء غرباء لكثرة الجهّال .
  ما أخذ اللّه على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا .
  شكر العالم على علمه أن يبذله لمن يستحقّه .
  ذو الهمّة و إن حطّ نفسه يأبى إلاّ علوّا ، كالشعلة من النار يخفيها صاحبها و تأبى إلاّ ارتفاعا .
  إذا جلست إلى عالم فكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تقول .
  العلم مقرون بالعمل : فمن علم عمل ، و العلم يهتف بالعمل ، فإن أجابه و إلا ارتحل .
  يا حملة العلم أ تحملونه ؟ فإنّما العلم لمن علم ثم عمل بما علم و وافق عمله علمه .
  إن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله ، بل الحجّة عليه أعظم .
  لا تجعلوا علمكم جهلا و يقينكم شكّا ، إذا علمتم فاعملوا ، و إذا تيقّنتم فأقدموا .
  ما أحسن العلم يزينه الرفق .

روائع نهج البلاغة _232 _

  قلتم : إنّ فلانا أفاد مالا عظيما فهل أفاد أياما ينفقه فيها (1)؟
  و لا يزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، و عن شبابه فيم أبلاه ، و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عمّا عمل فيما علم ، مجاوزتك ما يكفيك فقر لا منتهى له .
  ما أصعب على من استعبدته الشهوات أن يكون فاضلا .
 من ملك استأثر (2) .
  منهومان لا يشبعان : طالب علم و طالب مال .
  التاجر فاجر ، و الفاجر في النار ، إلا مّن أخذ الحق و أعطى الحق .
  قال في جامع المال : لعلّه من باطل جمعه ماله و من حقّ منعه .
  الفقر الموت الأكبر .
  الفقر يخرس الفطن ، و الفقير غريب في بلده .
  الفقر في الوطن غربة .
  ليس بلد بأحقّ بك من بلد ، خير البلاد ما حملك (3) .

---------------------------
(1) أفاد : استفاد .
(2) استأثر : استبد و خصّ نفسه بكلّ مغنم .
(3) يقول : كل البلاد تصلح سكنا لكل إنسان ، إنما أفضلها ما حملك ، أي أعزّك و أطمعك و آواك .

روائع نهج البلاغة _ 233 _

  لو تمثّل لي الفقر رجلا لقتلته .
  ما جاع فقير إلاّ بما متّع به غني .
  ما رأيت نعمة موفورة إلاّ و إلى جانبها حقّ مضيّع .
  ما جمع مال إلا من شحّ أو حرام .
  لا تنال نعمة إلاّ بفراق أخرى .
  لا تنال نعمة إلاّ بعد أذى .
  ما خلق امرؤ عبثا فيلهو ، و لا ترك سدى فيلغو (1) .
  الخطأ في إعطاء من لا يبتغي ، و منع من يبتغي ، واحد إذا استغنيت عن شي‏ء فدعه ، و خذ ما أنت محتاج إليه .
  إمنع من الاحتكار .
  إنما يعاب من أخذ ما ليس له .
  إياكم و الدّين .
  الدّين مذلّة .
  و احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات لسوء أفعالهم ، فتذكروا في الخير و الشرّ أحوالهم و احذروا أن تكونوا أمثالهم .
  و اتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم .
  لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم .

---------------------------
(1) يلغو : يأتي باللغو : و هو ما لا فائدة فيه .

روائع نهج البلاغة _ 234 _

  قلوب الرجال وحشيّة ، فمن تألّفها أقبلت عليه .
  لا تكن عبد غيرك و قد جعلك اللّه حرّا .
  كلّ ما حملت عليه الحرّ احتمله و رآه زيادة في شرفه ، إلاّ ما حطّه جزءا من حريته فإنه يأباه و لا يجيب إليه .
  و ليس لي أن أحملكم على ما تكرهون .
  قد أذنت لك أن تكون على ما بدا لك .
  الهمّ نصف الهرم .
  لا أعاقب على الظنّة .
  من تعاظم على الزمان أهانه .
  أنهاك عن التسرّع في القول و العمل .
  اتّقوا اللّه في عباده و بلاده فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع و البهائم .
  ما أسرع الساعات في اليوم و أسرع الأيام في الشهر ، و أسرع الشهور في السنة ، و أسرع السنين في العمر