و تارة خضرة زبرجديّة ، و أحيانا صفرة عسجدية (1) ، فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن أو تبلغه قرائح العقول (2) أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين و أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه و الألسنة أن تصفه خلقة النّملة
من خطبة له في وصف خلقة النملة :
أنظروا الى النملة في صغر جثتها و لطافة هيئتها ، لا تكاد تنال بلحاظ البصر و لا بمستدقّ الفكر ، كيف دبّت على أرضها و صبت على رزقها تنقل الحبّة الى جحرها و تعدّها في مستقرّها ، تجمع في حرّها لبردها و في ورودها لصدرها ، مكفولة برزقها مرزوقة بوفقها (3) لا يغفلها المنّان و لا يحرمها الديّان و لو في الصّفا اليابس و الحجر الجامس (4) ، و لو فكّرت في مجاري أكلها ، في علوها و سفلها ، و ما في الجوف من شراسيف بطنها (5) و ما في الرأس من عينها و أذنها ، لقضيت من خلقها عجبا و لقيت
---------------------------
(1) ذهبية .
(2) عمائق ، جمع عميقة ، القرائح جمع قريحة و هي : الخاطر و الذهن .
(3) الصدر : الرجوع بعد الورود ، بوفقها : بما يوافقها من الرزق و يلائم طبعها ،
أو بما هو قدر كفايتها منه .
(4) الجامس : الجامد .
(5) الشراسيف : مقاطع الأضلاع .
روائع نهج البلاغة _ 202 _
في وصفها تعبا فتعالى الذي أقامها على قوائمها و بناها على دعائمها لم يشركه في فطرتها فاطر و لم يعنه في خلقها قادر .
و لو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلّتك الدلالة إلاّ على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة ، لدقيق تفصيل كلّ شيء (1) و غامض اختلاف كل حي و ما الجليل و اللطيف ، و الثقيل و الخفيف ، و القوي و الضعيف ،
في خلقه إلاّ سواء
خلقة الجرادة
و منها في وصف الجرادة :
و إن شئت قلت في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ، و أسرج لها حدقتين قمراوين (2) و جعل لها السمع الخفيّ ، و فتح لها الفم السويّ ،
و جعل لها الحسّ القويّ ، و نابين بهما تقرض و منجلين بهما تقبض (3) .
يرهبها الزرّاع في زرعهم و لا يستطيعون ذبّها (4) و لو أجلبوا بجمعهم ،
حتى ترد الحرث في نزواتها (5) و تقضي منه شهواتها و خلقها كلّه لا يكون إصبعا مستدقّة
---------------------------
(1) أي : إن دقة التفصيل في النملة على صغرها و في النخلة على طولها ، تدلّك على ان الصانع واحد .
(2) أي : مضيئتين كأن كلاّ منهما ليلة أضاءها القمر .
(3) أراد بالمنجلين هنا : رجليها ، لاعوجاجهما و خشونتهما .
(4) دفعها .
(5) و ثباتها .
روائع نهج البلاغة _ 203 _
اغفر لى
من كلام له كان يدعو به :
اللهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به مني ، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة اللهمّ اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي اللهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ (1) و سقطات الألفاظ ، و شهوات الجنان و هفوات اللسان
ما ذا لقيت
و قال في سحرة اليوم الذي ضرب فيه (2) :
ملكتني عيني و أنا جالس (3) فسنح لي رسول اللّه ( ص ) فقلت :
يا رسول اللّه ، ما ذا لقيت من أمّتك من الأود و اللّدد (4) فقال :
ادع عليهم فقلت : أبدلني اللّه بهم خيرا منهم ، و أبدلهم بي شرا لهم مني
---------------------------
(1) رمزات الألحاظ : الإشارة بها .
(2) السحرة : السحر الأعلى من آخر الليل .
(3) ملكتني عيني : غلبني النوم .
(4) الأود : الاعوجاج ، اللدد : الخصام .
من كلام له قاله قبل موته على سبيل الوصية ، لما ضربه ابن ملجم :
أنا بالأمس صاحبكم ، و اليوم عبرة لكم ، و غدا مفارقكم إن أبق فأنا وليّ دمي ، و إن أفن فالفناء ميعادي ، و إن أعف فالعفو لي قربة ،
و هو لكم حسنة ، فاعفوا
مظلوم
من كلام له في معنى الظلم الواقع عليه :
ما زلت مظلوما منذ قبض اللّه نبيّه حتى يوم الناس هذا ، و لقد كنت أظلم قبل ظهور الإسلام ، و لقد كان أخي عقيل : يذنب أخي جعفر ،
فيضربني
روائع نهج البلاغة _ 205 _
الاثوار الثّلاثة
رأينا أن نثبت هذا المثل هنا ، لأنه من أجمل الأمثال العربية التي جاءت حكاية عن الحيوان ، ثم لأنه أول هذه الأمثال التي شاعت فيما بعد على يد ابن المقفع بكتابه الشهير ( كليلة و دمنة ) ، و فيه دعوة الى الاتحاد و تنفير من الفتنة ، و الغريب أن يكون هذا المثل الذي ثبتت نسبته الى الإمام علي ، غير مذكور في ( نهج البلاغة ) على اختلاف طبعاته و كثرة المعتنين به ، و لا في الكتب التي استدرك مصنّفوها ما فات جامع ( النهج ) :
أثوار ثلاثة كنّ في أجمة ، أبيض و أسود و أحمر ، و معهنّ فيها أسد ،
فكان لا يقدر منهنّ على شيء لاجتماعهنّ عليه ، فقال للثور الأسود و الثور الأحمر : لا يدلّ علينا في أجمتنا إلاّ الثور الأبيض ، فإنّ لونه مشهور ،
و لوني على لونكما ، فلو تركتماني آكله صفت لنا الأجمة فقالا له :
دونك فكله ، فأكله ، فلما مضت أيام ، قال للأحمر : لوني على لونك فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة فقال : دونك فكله ثم قال للأحمر : إني آكلك لا محالة فقال : دعني أنادي ثلاثا ، فقال :
افعل ، فنادى : ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض
روائع نهج البلاغة _ 207_
طآئفة من روائع امثاله
روائع نهج البلاغة _ 209 _
من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنّه .
لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أحد سوءا و أنت تجد لها في الخير محتملا .
أسوأ الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنّه ، و من لم يثق به أحد لسوء فعله .
ليس من العدل القضاء بالظنّ على الثقة .
سوء الظن يدوي القلوب (1) و يتّهم المأمون ، و يوحش المستأنس ،
و يغيّر مودّة الإخوان .
ما المجاهد الشهيد في سبيل اللّه بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ ، لكاد العفيف أن يكون ملاكا من الملائكة .
العفو زكاة الظفر .
أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة .
أستر عورة أخيك و اغتفر زلة صديقك .
عليك بالصدق في كل أمورك .
لا سوأة أسوأ من الكذب .
الكذّاب يخيف نفسه و هو آمن .
علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك .
جانبوا الكذب فإن الصادق على منجاة و كرامة ، و الكاذب على شفا مهواة و هلكة .
الكذّاب و الميت سواء ، لأن فضيلة الحي على الميت الثقة به ، فإذا لم يوثق بكلامه فقد بطلت حياته .
إن كنت صادقا كافيناك ، و إن كنت كاذبا عاقبناك .
لا يصلح الكذب في جدّ و لا هزل ، و لا في أن يعد أحدكم صبيّه ثم لا يفي له ، إنّ الكذب يهدي الى الفجور .
خير المقال ما صدقته الفعال .
إنّ من عدم الصدق في منطقه فقد فجع بأكرم أخلاقه .
ما السيف الصارم في كفّ الشجاع بأعزّ له من الصدق .
أقبح الصدق ثناء المرء على نفسه .
ذمّتي بما أقول رهينة .
اعتصموا بالذمم .
لا تغدرنّ بذمّتك و لا تخيسنّ بعهدك و لا تختلنّ عدوّك .
أوفوا إذا عاقدتم ، و اعدلوا إذا حكمتم ، و لا تفاخروا بالآباء ،
لا تكن ممن ينهى و لا ينتهي ، و يأمر بما لا يأتي ، و يصف العبرة و لا يعتبر ،
فهو على الناس طاعن و لنفسه مداهن .
لا تصحب المائق (1)فإنه يزيّن لك فعله و يودّ أن تكون مثله .
لا صديق لمتلوّن ، و لا وفاء لكذوب ، و لا راحة لحسود ، و لا مروءة لدنيء .
انتهزوا فرص الخير .
---------------------------
(1) المائق : الأحمق .
روائع نهج البلاغة _ 211 _
إفعلوا الخير و لا تحقروا منه شيئا ، فإنّ صغيره كبير و قليله كثير .
قولوا الخير تعرفوا به ، و اعملوا الخير تكونوا من أهله .
الساعي بالخير كفاعله ، أما الساعي بالشرّ و محاربة الخير فهو عدوّ اللّه و البشر .
و لا يقولنّ أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير منّي ، فيكون و اللّه كذلك .
إذا تحرّكت صورة الشر و لم تظهر ولّدت الفزع ، فإذا ظهرت ولّدت الألم ، و إذا تحرّكت صورة الخير و لم تظهر ، ولّدت الفرج ، فإذا ظهرت ولّدت اللذة .
من اعتدل يوماه فهو مغبون .
الكيّس من كان يومه خيرا من أمسه .
من اعتدل يوماه فهو مغبون .
من منّ بمعروفه أفسده .
لا يزهّدنّك في المعروف من لا يشكر لك .
أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه .
لا تستصغر شيئا من المعروف قدرت على اصطناعه إيثارا لما هو أكثر منه ، فإن اليسير في حال الحاجة أنفع من الكثير في حال الغنى عنه .
فاعل الخير خير منه ، و فاعل الشرّ شرّ منه .
لا تعمل الخير رياء و لا تتركه حياء .
من لا يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة .
لن يضيع اللّه أجر من أحسن عملا .
روائع نهج البلاغة _ 212 _
أطلبوا الخير و أهله ، و اعلموا أنّ خيرا من الخير معطيه ، و شرا من الشرّ فاعله .
ما من يوم يمرّ على ابن آدم إلا قال له : أنا يوم جديد ، و أنا عليك شهيد ،
فقل فيّ خيرا و اعمل خيرا فإنك لن تراني بعد أبد قال في صفة الإنسان الشريف : ينوي كثيرا من الخير ، و يعمل بطائفة منه ، و يتلهّف على ما فاته كيف لم يعمل به .
و قال فيه أيضا : قد ألزم نفسه العدل ، يصف الحقّ و يعمل به ، لا يدع للخير غاية إلا أمّها و لا مظنّة إلاّ قصدها .
أحصد الشرّ من صدر غيرك بفعله من صدرك .
من استحسن القبيح كان شريكا فيه .
إذا أردت أن تعرف طبع الرجل فاستشره ، فإنك تقف في مشورته على عدله و جوره ، و خيره و شرّه .
ليس في البرق الخاطف مستمتع (1) لمن يخوض في الظلمة .
إقبل عذر من اعتذر اليك ، و أخّر الشرّ ما استطعت .
ليكن أمر الناس عندك في الحق سواء .
من تعدّى الحقّ ضاع مذهبه .
من صارع الحقّ صرعه .
لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ و لا يوحشنّك إلا الباطل .
---------------------------
(1) مستمتع : متعة .
روائع نهج البلاغة _ 213 _
أ لا و إنه بالحقّ قامت السماوات و الأرض .
ما شككت في الحق مذ رأيته .
اتبعوا الحق و أهله حيث كانوا .
لا تزيدنّي كثرة الناس حولي عزّة ، و لا تفرّقهم عني وحشة ، و ما أكره الموت على الحق .
ليس من طلب الحقّ فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه .
من طلب عزّا بباطل أورثه اللّه ذلاّ بحقّ من استثقل الحقّ أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه .
لنا حقّ فإن أعطيناه و إلاّ ركبنا أعجاز الإبل و إن طال السّرى .
لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة من يسلكه .
إعملوا في غير رياء .
للمرائي ثلاث علامات : ينشط إذا رأى الناس ، و يكسل إذا كان وحده ،
و يحبّ أن يحمد في جميع أحواله ليكن دنوّك من الناس لينا و رحمة .
عاتب أخاك بالإحسان اليه و اردده بالإنعام عليه .
صل من قطعك ، و أعط من حرمك ، و أحسن إلى من أساء إليك ،
و قل الحقّ و لو على نفسك .
أزجر المسيء بثواب المحسن .
روائع نهج البلاغة _ 214 _
إن لم تكن حليما فتحلّم ، فإنه قلّ من تشبّه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم .
ليس جزاء من سرّك أن تسوءه .
ما ظفر من ظفر الإثم به ، و الغالب بالشرّ مغلوب .
من أساء خلقه عذّب نفسه .
كفى بحسن الخق نعيما .
لا تعدنّ عدة تحقّرها قلة الثقة بنفسك ، و لا يغرّنّك المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا .
إرحم ترحم ، قل الخير تذكر بخير ، اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار .
ليرأف كبيركم بصغيركم .
من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، و من وعظه علانية فقد شانه .
عليكم بكلمة الحق في الرضا و الغضب ، و بالعدل على الصديق و العدوّ .
سامع الغيبة أحد المغتابين .
الغيبة جهد العاجز .
نظر الإمام إلى رجل يغتاب آخر عند ابنه الحسن ، فقال : يا بنيّ ،
نزّه سمعك عنه ، فإنه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك .
إمحض أخاك النصح و ساعده على كل حال ، و لا تصرم أخاك على ارتياب و لا تقاطعه دون استعتاب فلعلّ له عذرا و أنت تلوم .
روائع نهج البلاغة _ 215 _
الويل كل الويل لمن استحسن لنفسه ما يكرهه لغيره ، و أزرى على الناس بمثل ما يأتي .
ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه ، و لا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه .
من تجرّأ لك تجرّأ عليك .
من مدحك بما ليس فيك من الجميل و هو راض عنك ، ذمّك بما ليس فيك من القبيح و هو ساخط عليك .
عجبا لمن قيل فيه الخير و ليس فيه كيف يفرح و عجبا لمن قيل فيه الشر و ليس فيه كيف يغضب لتكن معرفتك بنفسك أوثق عندك من مدح المادحين لك .
من استحيا من الناس و لم يستحي من نفسه فليس لنفسه عنده قدر رأس العلم الرفق .
ما كان الرفق في شيء إلا زانه .
و إنّ غائبا يحدوه الجديدان الليل و النهار لحريّ بسرعة الأوبة(1) .
طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس .
من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه .
من نسي زلله استعظم زلل غيره ، و من تكبّر على الناس ذلّ .
و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره .
الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل .
من عرف نفسه فقد عرف ربّه .
هلك امرؤ لم يعرف قدره .
أنظر وجهك كل وقت في المرآة ، فإن كان حسنا فاستقبح أن تضيف اليه فعلا قبيحا و تشينه به ، و إن كان قبيحا فاستقبح أن تجمع بين قبيحين الإنسان مرآة الانسان ، يتأمله و يسدّ فاقته .
إذا كان في رجل خلّة رائقة فانتظروا أخواتها (1) .
شراركم المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحبّة ، المبتغون للأبرياء المعايب .
لا سؤدد مع انتقام ، و لا صواب مع ترك المشورة .
لا أقبل شهادة الفاسق إلاّ على نفسه .
إذا حيّيت بتحيّة فحيّ بأحسن منها ، و إذا أسديت إليك يد فكافئها بما يربي عليها ، و الفضل في ذلك للبادي .
إذا بلغ المرء من الدنيا فوق قدره ، تنكّرت للناس أخلاقه .
إذا رفعت أحدا فوق قدره ، فتوقّع منه أن يحطّ منك بقدر ما رفعت منه لا تشمت بالمصائب و لا تدخل في الباطل و لا تخرج من الحق .
لا تفرح بسقطة غيرك ، فإنك لا تدري ما تتصرّف الأيام بك
---------------------------
(1) الخلة : الخصلة .
روائع نهج البلاغة _ 217 _
أكرم نفسك عن كل دنيّة .
لا يأبى الكرامة إلا حمار .
من كفّارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف و التنفيس عن المكروب .
من عزّى الثكلى فقد أظلّه اللّه في ظلّ عرشه .
أدّب اليتيم بما تؤدب به ولدك .
ساووا ضعفاءكم في مآكلكم .
لا يطمع قريبك في حيفك (1) و لا ييأس عدوّك من عدلك .
لا تصحبنّ في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه مثل ما يرى له من الفضل عليك .
إنّ مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب و مذلّة للماشي .
لا تسارّ أحدا في مجلسك ، و إن غضبت فقم ، و لا تقضينّ و أنت غضبان .
ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة .
إذا طرقك إخوانك فلا تدّخر عنهم ما في البيت ، و لا تتكلّف لهم ما وراء الباب .
شرّ الإخوان من تكلّف له .
إياك و كلّ عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره .
---------------------------
(1) الحيف : الظلم .
روائع نهج البلاغة _ 218 _
من عمل في السرّ ما يستحيي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر .
من أصلح سريرته أصلح علانيته .
من حذّرك كمن بشّرك .
لا يرضى عنك الحاسد حتى يموت أحدكما .
حسد الصديق من سقم المودّة .
التواضع نعمة لا يفطن لها الحاسد .
ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد : نفس دائم و قلب هائم و حزن لازم ، مغتاظ على من لا ذنب له ، بخيل بما لا يملك الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق ، و التقصير عن الاستحقاق عيّ أو حسد .
خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم و إن عشتم حنّوا إليكم .
لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث : في نكبته و وفاته .
عدوّ عاقل خير من صديق جاهل .
من أشرف أعمال الكريم غفلته عما يعلم .
أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة .
من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه .
ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة في القلوب ، و ما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب .
روائع نهج البلاغة _ 219 _
تحتاج القرابة إلى مودّة ، و لا تحتاج المودّة إلى قرابة .
ربّ قريب أبعد من بعيد ، و رب بعيد أقرب من قريب ، و الغريب من لم يكن له حبيب .
المودّة قرابة مستفادة .
فقد الأحبة غربة .
من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه ، و حنينه إلى أوطانه ،
و حفظه قديم إخوانه .
الطمع رقّ مؤبّد .
أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع .
كم من عقل أسير تحت هوى أمير .
إن كنت جازعا على ما تفلّت من يديك ، فاجزع على كل ما لم يصل إليك .
الهوى مطيّة الفتنة .
إذا أيسرت فكلّ الرجال رجالك ، و إذا أعسرت أنكرك أهلك .
إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره ، و إذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه .
فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها .
ثلاثة يرحمون : عاقل يجري عليه حكم جاهل ، و ضعيف في يد ظالم قوي ، و كريم يحتاج إلى لئيم .
روائع نهج البلاغة _ 220 _
إذا سألت كريما حاجة فدعه يفكر ، فإنه لا يفكر إلا في خير ، و إذا سألت لئيما حاجة فعاجله ، فإنه إن فكّر عاد إلى طبعه .
الرغبة الى الكريم تحرّكه على البذل ، و إلى الخسيس تغريه بالمنع .
الكريم لا يلين على قسر ، و لا يقسو على يسر وجّهوا آمالكم إلى من تحبّه قلوبكم .
السخاء ما كان ابتداء ، فأمّا ما كان عن مسألة فحياء و تذمّم (1) .
البخل جامع لمساوىء العيوب ، و هو زمام يقاد به إلى كل سوء .
البخل جلباب المسكنة .
البخلاء من الناس يكون تغافلهم عن عظيم الجرم أسهل عليهم من المكافأة على يسير الإحسان .
يا ابن آدم ، ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك .
يا ابن آدم ، كن وصيّ نفسك في مالك ، و اعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك .
من يكن له مال فليفكّ به العاني و الأسير .
من كرمت عليه نفسه هان عليه ماله .
الحرص و الكبر و الحسد دواع إلى التقحّم في الذنوب .
لا تهضمنّ محاسنك بالفخر و الكبر .
---------------------------
(1) التذمّم : الفرار من الذم .
روائع نهج البلاغة _ 221 _
إذا أردت أن تحمد فلا يظهر منك حرص على الحمد .
أكبر الفخر ألاّ تفخر .
يكون الصبر على قدر المصيبة .
المصيبة واحدة ، فإن جزعت كانت اثنتين .
عوّد نفسك الصبر على المكروه .
عند تناهي الشدّة تكون الفرجة .
الصبر مطيّة لا تكبو .
الصبر صبران : صبر على ما تكره و صبر عمّا تحب .
الدهر يومان : يوم لك و يوم عليك ، فإن كان لك فلا تبطر ، و إن كان عليك فاصبر .
من صبر صبر الأحرار ، و إلاّ سلا سلوّ الأغمار (1) .
لا تكن عند النعماء بطرا و لا عند البأساء فشلا .
التكبّر على المتكبرين هو التواضع بعينه .
من طلب شيئا ناله أو بعضه .
المرء مخبوء تحت لسانه .
هانت عليه نفسه من أمّر عليه لسانه .
لسان العاقل وراء قلبه ، و قلب الأحمق وراء لسانه .
---------------------------
(1) الاغمار ، جمع غمر ، و هو : الجاهل الذي لم يجرب الأمور .
روائع نهج البلاغة _ 222 _
إذا فعلت كلّ شيء فكن كمن لم يفعل شيئا .
لا خير في الصمت عن الحكم ، كما أنه لا خير في القول بالجهل .
أمسك عليك لسانك فإنّ تلافيك ما فرط من صمتك أيسر عليك من إدراك ما فات من منطقك .
لا تسأل عمّا لا يكون ، ففي الذي قد كان لك شغل .
الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللّه .
إن الأمور إذا اشتبهت اعتبر أوّلها بآخرها .
أصاب متأمّل أو كاد ، و أخطأ مستعجل أو كاد ما أكثر العبر و أقلّ الاعتبار .
رأي الشيخ أحبّ من جلد الغلام (1) .
قيل له : صف لنا العاقل ، فقال : هو الذي يضع الأشياء مواضعها .
فقيل : فصف لنا الجاهل ، فقال : قد فعلت .
من اشتبه عليكم أمره فانظروا إلى خلطائه .
إذا كنت في إدبار ، و الموت في إقبال ، فما أسرع الملتقى .
من تذكّر بعد السفر استعدّ .
نفس المرء خطاه إلى أجله .
كم من أكلة منعت أكلات .
---------------------------
(1) جلد الغلام : صبره على القتال .
لا رأي لمن لا يطاع .
قال لما سمع قول الخوارج ( لا حكم إلاّ للّه ) : كلمة حقّ يراد بها باطل من جهل شيئا عابه .
الناس أعداء ما جهلوا .
من لان عوده كثفت أغصانه .
نوم على يقين خير من صلاة على شك .
فقيه واحد أشدّ على إبليس من ألف عابد .
أفضل الزهد إخفاء الزهد .
ليست الصلاة قيامك و قعودك إنما الصلاة إخلاصك .
أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه .
لا تحتقرنّ صغيرا يمكن أن يكبر ، و لا قليلا يمكن أن يكثر .
يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلا الماحل (1) و لا يظرّف فيه إلا الفاجر (2) و لا يضعّف فيه إلا المنصف (3) .
الدنيا حمقاء لا تميل إلا إلى أشباهها
---------------------------
(1) الماحل : الساعي في الناس بالوشاية عند السلطان .
(2) لا يظرّف : لا يعدّ ظريفا .
(3) لا يضعّف : لا يعدّ ضعيفا .
روائع نهج البلاغة _ 224 _
أنا كابّ الدنيا لوجهها ، و قاردها بقدرها ، و ناظرها بعينها .
أيها الناس ، إني و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلا أسبقكم إليها ، و لا أنهاكم عن معصية إلا أتناهى قبلكم عنها .
من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، و معلّم نفسه و مؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس و مؤدّبهم .
ينبغي لمن ولي أمر قوم أن يبدأ بتقويم نفسه قبل أن يشرع في تقويم رعيته ، و إلاّ كان بمنزلة من رام استقامة ظل العود قبل أن يستقيم ذلك العود وا عجباه أ تكون الخلافة بالصحابة و القرابة أشقى الرعاة من شقيت به رعيّته .
ما أقبح الغدر من السلطان .
لا زعامة لسيّء الخلق .
إذا كان الراعي ذئبا ، فالشاة من يحفظها لا تقبلنّ في استعمال عمّالك و أمرائك شفاعة إلا شفاعة الكفاية و الأمانة .
من فسدت بطانته كان كمن غصّ بالماء ، فإنه لو غصّ بغيره لأساغ الماء غصّته العدل صورة واحدة ، و الجور صور كثيرة ، و لهذا سهل ارتكاب الجور
روائع نهج البلاغة _ 225 _
و صعب تحرّي العدل ، و هما يشبهان الإصابة في الرماية و الخطأ فيها .
و إن الإصابة تحتاج إلى ارتياض (1) .
قدّم العدل على البطش و لا تستعمل الفعل حيث ينجع (2) القول .
شرّ الناس إمام ضلّ و ضلّ به .
البغي آخر مدة الملوك .
عدل السلطان خير من خصب الزمان .
المسؤول حرّ حتى يعد .
قلوب الرعية خزائن راعيها ، فما أودعها من عدل أو جور وجده فيها .
أ لا و إني أقاتل رجلين : رجلا ادّعى ما ليس له ، و آخر منع الذي عليه .
يد اللّه فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة ، فإذا حاف (3) وكله اللّه إلى نفسه .
قال في اللّه تعالى : و قلع جبالها و نسفها و دكّ بعضها بعضا من هيبة جلالته الحمد للّه الذي لا تواري عنه سماء سماء و لا أرض أرضا .
على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بالعامة .
بنى رجل من عمّاله بناء فخما ، فقال الإمام : أطلعت الورق رؤوسها ، إن البناء يصف لك الغنى إذا غضب اللّه على أمة غلت أسعارها و غلبها أشرارها .
ثلاثة يؤثرون المال على أنفسهم : تاجر البحر ، و صاحب السلطان ،
و المرتشي في الحكم اللهمّ اجعلنا خيرا مما يظنون ، و اغفر لنا ما لا يعلمون .
عاتبه عثمان فأكثر و هو ساكت ، فقال : ما لك لا تقول : قال :
إن قلت لم أقل إلاّ ما تكره ، و ليس لك عندي إلاّ ما تحب .
لا تدعونّ إلى مبارزة .
إياكم و المراء و الخصومة فإنهما يمرضان القلب و ينبت عليهما النفاق .
من أمنت من أذيّته فارغب في أخوّته .
إن اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم .
أعينوا الضعيف و انصروا المظلوم و تعاونوا .
تعاطوا الحقّ بينكم و تعاونوا به على يد الظالم السفيه .
اللهمّ إني لم آمرهم بظلم خلقك .
يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم .
شيعتنا الذين إن غضبوا لم يظلموا ، بركة على من جاوروا سلم لمن خالطوا .
روائع نهج البلاغة _ 227 _
البغي و الزور يزريان بالمرء .
و قد خاب من حمل ظلما .
ما أقبح القسوة على الجار .
هلك من ادّعى و خاب من افترى .
من زرع العدوان حصد الخسران .
بئس العدوان على العباد .
الظلم يدعو إلى السيف .
لا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام .
و ايم اللّه لأنصفنّ المظلوم من ظالمه و لآخذنّ الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق و إن كان له كارها .
إختر أن تكون مغلوبا و أنت منصف ، و لا تختر أن تكون غالبا و أنت ظالم .
ألأم الناس من سعى بإنسان ضعيف إلى سلطان جائر .
ظلم الضعيف أفحش الظلم .
و أمّا الذنب الذي لا يغفر ، فظلم العباد بعضهم لبعض .
لا تكن للظالم معينا .
للظالم ثلاث علامات : يظلم من فوقه بالمعصية ، و من دونه بالغلبة ، و يظاهر القوم الظالمين (1) .
رحم اللّه امرأ رأى حقا فأعان عليه ، أو رأى جورا فردّه ، و كان عونا بالحق على صاحبه .
العامل بالظلم و المعين عليه و الراضي به : شركاء ثلاثة .
الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم ، و على كل داخل في باطل إثمان :
إثم العمل به ، و إثم الرضا به .
قيل له : أيّ الأمور أعجل عقوبة و أسرع لصاحبها صرعة ؟ فقال :
ظلم من لا ناصر له إلاّ اللّه ، و استطالة الغنيّ على الفقير .
أذكر عند الظلم عدل اللّه فيك ، و عند القدرة قدرة اللّه عليك .
الفجور دار حصن ذليل : لا يمنع أهله و لا يحرز من لجأ إليه (1) .
لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها .
لكلّ امرىء ما اكتسب .
قيمة كل امرىء ما يحسن .
و اعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون .
لا تنظر إلى من قال و انظر إلى ما قال .
لا حسب كالتواضع و لا شرف كالعلم و لا قرين كحسن الخلق .
أشرف الأشياء العلم ، و اللّه تعالى عالم يحب كل عالم .
من أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه .
---------------------------
(1) يحرز : يحفظ .
روائع نهج البلاغة _ 229 _
من قصّر في العمل ابتلي بالهمّ .
لا تكن ممّن يرجو لنفسه بأكثر من عمله .
إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا .
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل .
تعلّموا العلم و إن لم تنالوا به حظا ، فلأن يذمّ الزمان لكم أحسن من أن يذمّ بكم .
ما من حركة إلاّ و أنت محتاج فيها إلى معرفة .
العامل بغير علم كسائر في غير طريق ، فلا يزيده بعده عن الطريق إلاّ بعدا عن حاجته ، و العامل بالعلم كسائر على الطريق الواضح ، فلينظر ناظر أ سائر هو أم راجع ؟
الفكرة تورث نورا و الغفلة تورث ظلمة .
سل تفقّها و لا تسأل تعنّتا .
أعلم الناس من جمع علم الناس إلى عمله .
من استبدّ برأيه هلك ، و من شاور الرجال شاركها في عقولها .
من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطإ .
لا كنز أنفع من العلم ، و لا عزّ أرفع من الحلم .
قطع العلم عذر المتعلّلين .
ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك ، و لكن الخير أن يكثر علمك .
روائع نهج البلاغة _ 230 _
هلك خزّان المال و هم أحياء ، و العلماء باقون ما بقي الدهر .
الملوك حكّام على الناس ، و العلماء حكّام على الملوك .
العالم حيّ و إن كان ميتا ، و الجاهل ميت و إن كان حيّا .
العلم إحدى الحياتين ، و المودّة إحدى القرابتين ، و الذكر الجميل أحد العمرين .
لا يستحينّ أحد إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : لا أعلم و لا يستحينّ أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه .
ما أكثر ما تجهل من الأمر ، و يتحيّر فيه رأيك ، و يضلّ فيه بصرك ،
ثم تبصره بعد ذلك .
لا فقر أشدّ من الجهل .
لا يؤمنك من شرّ جاهل قرابة و لا جوار .
إذا أرذل اللّه عبدا حظر عليه العلم .
كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم فإنه يتّسع .
إن هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكمة .
لهب الشوق أخفّ محملا من مقاساة الملالة .
كفى العلم شرفا أن يدّعيه من لا يحسنه ، و يفرح إذا نسب اليه من ليس من أهله ، و كفى بالجهل خمولا أن يتبرّأ منه من هو فيه ، و يغضب إذا نسب إليه .
روائع نهج البلاغة _ 231 _
أقلّ الناس قيمة أقلهم علما .
العلم دين يدان به .
العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كل شيء أحسنه .
من أفتى بغير علم لعنته الأرض و السماء .
العلماء غرباء لكثرة الجهّال .
ما أخذ اللّه على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا .
شكر العالم على علمه أن يبذله لمن يستحقّه .
ذو الهمّة و إن حطّ نفسه يأبى إلاّ علوّا ، كالشعلة من النار يخفيها صاحبها و تأبى إلاّ ارتفاعا .
إذا جلست إلى عالم فكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تقول .
العلم مقرون بالعمل : فمن علم عمل ، و العلم يهتف بالعمل ، فإن أجابه و إلا ارتحل .
يا حملة العلم أ تحملونه ؟ فإنّما العلم لمن علم ثم عمل بما علم و وافق عمله علمه .
إن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله ، بل الحجّة عليه أعظم .
لا تجعلوا علمكم جهلا و يقينكم شكّا ، إذا علمتم فاعملوا ، و إذا تيقّنتم فأقدموا .
ما أحسن العلم يزينه الرفق .
روائع نهج البلاغة _232 _
قلتم : إنّ فلانا أفاد مالا عظيما فهل أفاد أياما ينفقه فيها (1)؟
و لا يزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ،
و عن شبابه فيم أبلاه ، و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عمّا عمل فيما علم ،
مجاوزتك ما يكفيك فقر لا منتهى له .
ما أصعب على من استعبدته الشهوات أن يكون فاضلا .
من ملك استأثر (2) .
منهومان لا يشبعان : طالب علم و طالب مال .
التاجر فاجر ، و الفاجر في النار ، إلا مّن أخذ الحق و أعطى الحق .
قال في جامع المال : لعلّه من باطل جمعه ماله و من حقّ منعه .
الفقر الموت الأكبر .
الفقر يخرس الفطن ، و الفقير غريب في بلده .
الفقر في الوطن غربة .
ليس بلد بأحقّ بك من بلد ، خير البلاد ما حملك (3) .
---------------------------
(1) أفاد : استفاد .
(2) استأثر : استبد و خصّ نفسه بكلّ مغنم .
(3) يقول : كل البلاد تصلح سكنا لكل إنسان ، إنما أفضلها ما حملك ، أي أعزّك و أطمعك و آواك .
روائع نهج البلاغة _ 233 _
لو تمثّل لي الفقر رجلا لقتلته .
ما جاع فقير إلاّ بما متّع به غني .
ما رأيت نعمة موفورة إلاّ و إلى جانبها حقّ مضيّع .
ما جمع مال إلا من شحّ أو حرام .
لا تنال نعمة إلاّ بفراق أخرى .
لا تنال نعمة إلاّ بعد أذى .
ما خلق امرؤ عبثا فيلهو ، و لا ترك سدى فيلغو (1) .
الخطأ في إعطاء من لا يبتغي ، و منع من يبتغي ، واحد إذا استغنيت عن شيء فدعه ، و خذ ما أنت محتاج إليه .
إمنع من الاحتكار .
إنما يعاب من أخذ ما ليس له .
إياكم و الدّين .
الدّين مذلّة .
و احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات لسوء أفعالهم ، فتذكروا في الخير و الشرّ أحوالهم و احذروا أن تكونوا أمثالهم .
و اتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم .
لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم .
---------------------------
(1) يلغو : يأتي باللغو : و هو ما لا فائدة فيه .
روائع نهج البلاغة _ 234 _
قلوب الرجال وحشيّة ، فمن تألّفها أقبلت عليه .
لا تكن عبد غيرك و قد جعلك اللّه حرّا .
كلّ ما حملت عليه الحرّ احتمله و رآه زيادة في شرفه ، إلاّ ما حطّه جزءا من حريته فإنه يأباه و لا يجيب إليه .
و ليس لي أن أحملكم على ما تكرهون .
قد أذنت لك أن تكون على ما بدا لك .
الهمّ نصف الهرم .
لا أعاقب على الظنّة .
من تعاظم على الزمان أهانه .
أنهاك عن التسرّع في القول و العمل .
اتّقوا اللّه في عباده و بلاده فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع و البهائم .
ما أسرع الساعات في اليوم و أسرع الأيام في الشهر ، و أسرع الشهور في السنة ، و أسرع السنين في العمر