السعادة التي خلقت لها ، فيالها حسرة لا تفنى ، وغبن لا يزول ، إذا عاينت درجات السابقين ، وأبصرت منازل المقربين ، وأنت مقصر من الأعمال الصالحة ، خلي من المتاجر الرابحة ! فقس ذلك الالم على هذه الآلام ، وادفع أصعبهما عليك وأضرهما لك ، مع أنك تقدر على دفع سبب هذا ، ولا تقدر على دفع سبب ذاك .
كما قال علي عليه السلام : ( إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت مأجور ، وأن جزعت
، فاغتنم شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، واجعل الموت نصب عينك ، واستعد له بصالح العمل ، ودع الإشتغال بغيرك ، فإن الموت يأتي إليك دونه ) .
عملك ، فإن السبب الأكثري الموجب للإهتمام بالاموال والأولاد طول الأمل .
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه : ( إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من حياتك لموتك ، ومن صحتك لسقمك ، فإنك لا تدري ما اسمك غداً )
.
وقال علي عليه السلام : ( إنّ أشدّ ما أخاف عليكم خصلتان : إتّباع الهوى ، وطول الأمل ؛ فأمّا اتّباع الهوى فإنّه يعدل عن الحق ، وأمّا طول الأمل فإنه يورث الحبّ للدنيا )
.
ثم قال : ( ألا إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض ، وإذا أحب عبداً أعطاه الإيمان ، ألا إن للدين أبناء ، وللدنيا أبناءً ، فكونوا من أبناء الدين ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، ألا إن الدنيا قد أرتحلت مولية ، ألا إن الآخرة قد أرتحلت مقبلة ، إلا وإنكم في .
يوم عمل ليس فيه حساب ، ألا وإنكم توشكون في يوم حساب ليس فيه عمل )
(1) .
واعلم ان محبوبا يفارقك ، وتبقى على نفسك حسرته وألمه ، وفي حال إصاله
(2) كدك وكدحك وجدك واجتهادك ، ومع ذلك لا يخلو زمانك معه من تنغيص
(3) به أو عليه ، لأجل أن تتسلى عنه ، وتطلب لنفسك محبوباً غيره ، وتجتهد في أن يكون موصوفاً بحسن الصحة ، ودوام الملازمة ، وزيادة الأنس ، وتمام المنفعة .
فإن ظفرت به فذلك هو الذي ينبغي أن يكون بغيتك التي تحفظها ، وتهتم بها ، وتنفق وقتك عليها ، وهو غاية كل محبة ، ومنتهى كل مقصد ، وما ذاك إلا الإشتغال بالله ، وصرف الهمة إليه ، وتفويض ما خرج عن ذلك إليه ، فإن ذلك دليل على حب الله تعالى ، يحبهم ويحبونه والذين آمنوا أشد حباً لله .
وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحب لله من شرط الإيمان ، فقال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما )
(4) .
ولا يتحقق الحب في القلب ( أحدكم لأحد)
(5) مع كراهته لفعله وسخطه به ، بل مع عدم رضاه على وجه الحقيقة ، لا على وجه التكلّف والتعنت .
وفي أخبار داود عليه السلام : ( يا داود ، أبلغ أهل أرضي : اني حبيب من أحبني ، وجليس من جالسني ، ومؤنس لمن أنس بذكري ، وصاحب لمن صاحبني ، ومختار لمن اختارني ، ومطيع لمن أطاعني ، ما أحبني أحد
(6) أعلم ذلك يقيناً من قلبه إلا قبلته لنفسي ، ( وأحببته حباً )
(7) لا يتقدمه أحد من خلقي ، من طلبني بالحق وجدني ، ومن طلب غيري لم يجدني ، فارفضوا ـ يا أهل الأرض ـ ما أنتم عليه في غرورها ، وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومؤانستي ، وأنسوا بي اُؤانسكم ، واُسارع إلى محبتكم )
(8) .
-------------------------------
(1) رواه الديلمي عن النبي صلى الله عليه وآله في إرشاد القلوب : 21 باختلاف في ألفاظه .
(2) في نسخة ( ش ) : اتصاله .
(3) التنغيض : التكدير ، يقال نغص عليه العيش تنغيصاً ، كدره ، ( مجمع البحرين ـ نغض ـ 4 : 186 ) .
(4) أخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 8 : 4 ، ورواه ـ باختلاف يسير ـ أحمد في مسنده 3 : 172 و 248 ، النسائي في سننه 8 : 95 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1338 / 4033 .
(5) في نسخة ( ش ) : أحد .
(6) في نسخة ( ش ) : عبد .
(7) في ( ح ) : وأحييته حياة .
(8) أخرجه المجلسي في البحار 70 : 26 / 28 ، والحر العاملي في الجواهر السنية : 94 عن مسكن الفؤاد .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 28 _
وأوحى الله تعالى إلى بعض الصديقين : ( إن لي عباداً من عبادي ، يحبوني واُحبهم ، ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم ، ويذكروني وأذكرهم ، فإن أخذت طريقتهم وأحببتك ، وإن عدلت عنهم مقتك .
فقال : يارب وما علامتهم ؟
قال : يراعون الظلال بالنهار ، كما يراعي [ الراعي ]
(1) الشفيق غنمه ، ويحنون إلى غروب الشمس ، كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب ، فإذا جنهم الليل ، وأختلط الظلام ، وفرشت الفرش ، ونصبت الأسرة ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، ونصبوا إلي أقدامهم ، وافترشوا لي وجوههم ، وناجوني بكلامي ، وتملقوني بإنعامي ، ما بين
(2) صارخ وباك ، وما بين متأوه وشاك ، وبين قائم وقاعد ، وبين راكع وساجد ، بعيني ما يتحملون من أجلي ، وبسمعي ما يشكون من حبي ، اقل
(3) ما أعطيهم ثلاثاً :
الاول : أقذف من نوري في قلوبهم ، فيخبرون عني ، كما اُخبر عنهم .
والثاني : لو كانت السماوات والأرضون
(4) وما فيهما في موازينهم ، لا ستقللتها لهم .
والثالث : أقبل بوجهي عليهم ، أفترى من أقبلت بوجهي عليه ، يعلم أحد ما أريد أن أعطيه )
(5) .
وها هنا نقطع الكلام في المقدمة ، ونشرع في الأبواب :
-------------------------------
(1) أثبتناه من المحجة البيضاء .
(2) في نسخة ( ش ) : فبين .
(3) في نسخة ( ش ) أول .
(4) في نسخة ( ش ) : والأرض .
(5) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 70 : 26 / 28 ، عن مسكن الفؤاد ، وأخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 8 : 58 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 29 _
الباب الأول :
في بيان الأعواض الحاصلة من موت الأولاد ، وما يقرب من هذا المراد
إعلم أن الله ـ سبحانه ـ عدل ( كريم ، وأنه )
(1) غني مطلق ، لا يليق بكمال ذاته وجميل صفاته ، أن يُنزل بعبده المؤمن في دار الدنيا شيئاً من البلاء وإن قل ، ثم لا يعوضه عنه ما يزيد عليه ، إذ لو لم يعطه شيئاً ( بالكلية كان له ظالماً )
(2) ، ولو عوضه بقدرة كان عابثاً ، تعالى الله عنهما علواً كبيراً .
وقد تظافرت بذلك الأخبار النبوية ، ومنها :
( إن المؤمن لو يعلم ( ما أعد الله له )
(3) على البلاء ، لتمنى أنه في دار الدنيا قرض بالمقاريض )
(4) .
ولنقتصر منها على ما يختص بما نحن فيه ، فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أزيد من ثلاثين صحابياً .
وروى الصدوق ـ رحمه الله ـ بإسناده إلى عمرو بن عبسة
(5) السلمي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( أيما رجل قدم ثلاثة أولاد ، لم يبلغوا الحنث ، أو امرأة قدمت ثلاثة أولاد ، فهم حجاب يسترونه عن
(6) النار )
(7) .
وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : ما من مسلمين يقدمان عليهما ثلاثة أولاد ، لم يبلغوا الحنث ، إلا أدخلهما
(8) الله الجنة بفضل رحمته
(9) .
-------------------------------
(1) في نسخة ( ش ) : حكيم .
(2) في نسخة ( ش ) : كان ظالماً .
(3) في نسخة ( ش ) ما اعده الله تعالى له .
(4) رواه الكليني في الكافي 2 : 198 / 15 ، والحسين بن سعيد في كتاب المؤمن : 15 / 3 ، والشيخ ورام في تنبيه الخواطر 2 : 204 ، ومحمد بن همام في التمحيص : 32 / 13 باختلاف في الفاظه .
(5) في ( ح ) : عمر بن عتبة ، وفي نسخة ( ش ) : عمر بن عنبسة ، والصواب ما أثبتناه من ثواب الأعمال ، اُنظر ( اُسد الغابة 4 : 120 ، تهذيب التهذيب 4 : 369 ) .
(6) في نسخة ( ش ) وثواب الأعمال : من .
(7) ثواب الأعمال 233 / 2 .
(8) في ثواب الأعمال أدخلهم .
(9) ثواب الأعمال 233 / 3 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 30 _
الحنث بكسر الحاء المهملة ، وآخره ثاء مثلثة : الإثم ، والذنب ، والمعنى : أنهم لم يبلغوا السن الذي يكتب عليهم فيه الذنوب والآثام ، قال الخليل : بلغ الغلام الحنث ، أي : جرى عليه القلم
(1) .
وبإسناده إلى جابر ، عن أبي جعفر بن محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : ( من قدم أولاداً يحتسبهم عند الله تعالى ، حجبوه من النار بإذن الله عز وجل )
(2) .
وبإسناده إلى علي بن ميسرة
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ( ولد واحد يقدمه الرجل أفضل من سبعين ، يخلفونه
(4) من بعده ، كلهم قد ركب الخيل ، وقاتل في سبيل الله )
(5) .
وعنه عليه السلام : ( ثواب المؤمن من ولده
(6) الجنة ، صبر أو لم يصبر )
(7) .
وعنه عليه السلام : ( من اُصيب بمصيبة ، جزع عليها أو لم يجزع ، صبر عليها أو لم يصبر ، كان ثوابه من الله الجنة )
(8) .
وعنه عليه السلام : ( ولد واحد يقدمه الرجل أفضل من سبعين ولداً ، يبقون بعده ، يدركون القائم عليه السلام )
(9) .
وروى الترمذي بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : ( مانزل )
(10) .
-------------------------------
(1) العين 3 : 206 .
(2) رواه الصدوق في الفقيه 1 : 119 / 574 ، وثواب الأعمال : 233 / 1 ، والأمالي : 434 / 6 ، والكليني في الكافي 3 : 220 / 10 .
(3) في ( ش ) : علي بن ميسر عن أبيه ، وما أثبتناه من البحار ، وهو علي بن ميسرة بن عبد الله النخعي ، مولاهم ، كوفي ، هو وأبوه من أصحاب الصادق عليه السلام ، اُنظر ( رجال الشيخ : 242 / 310 ، معجم رجال الحديث 12 : 207 / 8545 ) .
(4) في ( ح ) : يخلفهم .
(5) رواه الصدوق مرسلاً في الفقيه 1 : 112 / 519 باختلاف في الفاظه ، ورواه الكليني باسناده إلى أبي إسماعيل السراج في الكافي 3 : 218 / 1 ، ورواه سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار : 23 مرسلاً ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 116 / 8 عن مسكن الفؤاد .
(6) في الفقيه والكافي زيادة : اذا مات .
(7) رواه الصدوق في الفقيه : 1 : 112 / 518 ، والكليني في الكافي 3 : 219 / 8 ، والبحار 82 : 116 / 8 عن مسكن الفؤاد .
(8) الفقيه 1 : 111 / 517 ، والبحار 82 : 116 / 8 .
(9) ثواب الأعمال : 233 / 4 .
(10) في المصدر : ما يزال .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 31 _
البلاء بالمؤمن والمؤمنة ، في نفسه وولده وماله ، حتى يلقى الله عز وجل ، وما عليه خطيئة )
(1) .
وعن محمد بن خالد السلمي ، عن أبيه ، عن جده ـ وكانت له صحبة ـ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن العبد إذا سبقت له من الله تعالى منزلة ولم يبلغها بعمل ، ابتلاه الله في جسده ، أو في ماله ، أو في ، أوفي ولده ، ثم صبره على ذلك ، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل )
(2) .
وعن ثوبان ـ مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( بخ بخ ، خمس ما أثقلهن في الميزان ! لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، ( والحمد لله ، والله أكبر )
(3) ، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم
(4) فيحتسبه )
(5) .
بخ بخ ، كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء ، وتكرر للمبالغة ، وربما شددت ، ومعناها : تفخيم الأمر وتعظيمه ، ومعنى يحتسبه ، أي : يجعله حسبة وكفاية عند الله عز وجل ، أي : يحتسب بصبره على مصيبته بموته ، ورضاه بالقضاء .
وعن عبد الرحمن بن سمرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إني رأيت البارحة عجباً ـ فذكر حديثاً طويلاً ، وفيه ـ رأيت رجلاً من اُمتي قد خف ميزانه ، فجاء أفراطه فثقلوا ميزانه )
(6) .
الفرط بفتح الفاء والراء : هو الذي لم يدرك من الأولاد ـ الذكور والإناث ـ وتتقدم وفاته على أبويه أو أحدهما ، يقال : فرط القوم ، اذا تقدمهم ، وأصله الذي يتقدم الركب إلى الماء ، ويهيئ
(7) لهم أسبابه .
-------------------------------
(1) سنن الترمذي 4 : 28/2510 .
(2) رواه أبو داود في سننه 3 : 183 / 3090 ، وأحمد في مسنده 5 : 272 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 4 : 283 / 30 ، والسيوطي في الجامع الصغير 1 : 103 / 669 .
(3) في نسخة ( ش ) : والله أكبر والحمد لله .
(4) في ( ح ) : للرجل .
(5) رواه الصدوق في الخصال : 267 / 1 ، وأحمد في مسنده 3 : 443 و 4 : 237 و 5 : 366 ، والحاكم في مستدركه 1 : 511 ، والسيوطي في الجامع الصغير 1 : 483 / 4129 ، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82 : 117 / 9 عن مسكن الفؤاد .
(6) رواه السيوطي في الجامع الصغير : 1 : 406 / 2652. وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 117 .
(7) في نسخة ( ش ) : ليهيئ .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 32 _
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( تزوجوا فإني مكاثر بكم الاُمم يوم القيامة ، حتى أن السقط ليظل محبنطئاً على باب الجنة ، فيقال له : اُدخل ، يقول : حتى يدخل أبواي )
(1) .
السقط مثلث السين ، والكسر أكثر
(2) : هو الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه ، ومحبنطئاً بالهمز وتركه : هو المتغضب المستبطئ للشيء .
وعن معاوية بن حيدة القشيري
(3) ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : ( سوداء ولود خير من حسناء لا تلد ، إني مكاثر بكم الامم ، حتى ان السقط ليظل محبنطئاً على باب الجنة ، فيقال له : اُدخل الجنة ، فيقول أنا وأبواي ؟ فيقال له : أنت وأبواك )
(4) .
وعن عبد الملك بن عمير ، عمن حدثه ، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أتزوج فلانة ؟ فنهاه رسول الله صلى الله عليه وآله عنها ، ثم أتاه ثانية فقال : يا رسول الله ، أتزوج فلانة ؟ فنهاه عنها ، ثم أتاه ثالثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( سوداء ولود
(5) أحب ألي من عاقر حسناء ) ، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( أما علمت أني مكاثر بكم الأمم ؟ حتى أن السقط ليبقى محبنطئاً على باب الجنة ، فيقال له : اُدخل ، فيقول : لا ، حتى يدخل أبواي ، فيشفع فيهما ، فيدخلان الجنة ) .
وعن سهل بن الحنظلية ـ وكان لا يولد له ، وهو ممن بايع تحت الشجرة ـ قال : لئن يولد لي في الإسلام ( ولد ويموت سقطاً )
(6) فأحتسبه ، أحب إلي من أن تكون لي
-------------------------------
(1) رواه الصدوق عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في الفقيه 3 : 242 / 1144 ، ومعاني الأخبار : 291 / 1 ، ورواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : 196 مرسلاً ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 117 / 9 عن مسكن الفؤاد .
(2) في ( ح ) : أفضل .
(3) في ( ح ) و ( ش ) : معاوية بن جيدة القشيري ، وفي هامش ( ح ) : معاوية بن صيدة القشيري ، وكلاهما تصحيف ، وما أثبتناه هو الصواب ، راجع ( تنقيح المقال 3 : 226 ، تهذيب التهذيب 10 : 205 ، وتقريب التهذيب 2 : 259 / 1225 ، الجرح والتعديل 8 : 376 / 1721 ، الإصابة 3 : 432 / 8065 ، اُسد الغابة 4 : 385 ) .
(4) رواه السيوطي في الجامع الصغير 2 : 55 / 4724 مرسلاً ، والمتقي الهندي عن ابن عباس في منتخب الكنز 6 : 390 .
(5) في ( ش ) زيادة : يعني قبيحة .
(6) نسخة ( ش ) ولو شيئاً .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 33 _
الدنيا جميعاً وما فيها
(1) .
وعن عبادة بن الصامت ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( النفساء يجرها ولدها يوم القيامة بسرره
(2) إلى الجنة )
(3) .
النفساء ، بضم النون وفتح الفاء : المرأة إذا ولدت ، والسرر بكسر السين المهملة وفتحها : ما تقطعه القابلة من سرة المولود ، التي هي موضع القطع ، وما بقي بعد القطع فهو السرة ، وكأنه يريد : الولد الذي لم تقطع سرته .
وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( من قدم من صلبه ولداً
(4) لم يبلغ الحنث ، كان أفضل من أن يخلف من بعده مائة ، كلهم يجاهدون في سبيل الله ( لا تسكن روعتهم )
(5) إلى يوم القيامة ) .
وعن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( لئن اُقدم سقطاً أحب إلي من أن أخلف مائة فارس ، كلهم يقاتل في سبيل الله )
(6) .
وعن أيوب بن موسى ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للزبير : ( يازبير إنك إن تقدم سقطاً ، خير من أن تدع بعدك من ولدك مائة ، كل منهم على فرس يجاهد في سبيل الله ) .
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال : ( يقال للولدان يوم القيامة : أدخلوا الجنة ، فيقولون : يارب ، حتى يدخل آباؤنا وأُمهاتنا ، قال : فيأبون ، فيقول الله عزوجل : مالي أراهم محبنطئين ، أدخلوا الجنة ، فيقولون : يارب آباؤنا ، فيقول تعالى : أدخلوا الجنة أنتم وآباواكم )
(7) .
وعن عبيد بن عمير الليثي ، قال : ( إذا كان يوم القيامة ، خرج ولدان المسلمين من الجنة بأيديهم الشراب ، قال : فيقول الناس لهم : أسقونا ، أسقونا ، فيقولون : أبوينا ،
-------------------------------
(1) رواه ابن الأثير في اُسد الغابة 2 : 364 ، والمتقي الهندي في منتخب الكنز 6 : 392 باختلاف في ألفاضه .
(2) في ( ش ) و ( ح ) : بسررها ، وما أثبتناه من البحار .
(3) رواه أحمد في مسنده 3 : 489 و 5 : 329 ، ورواه بسند آخر محمد بن علي العلوي في التعازي : 25 / 53 ، والبحار 82 : 117 / 10 عن مسكن الفؤاد .
(4) في نسخة ( ش ) : ذكراً .
(5) في نسخة ( ش ) : لا يسكن روعهم .
(6) تنبيه الخواطر 1 : 287 ، المحجة البيضاء 8 : 287 .
(7) رواه أحمد في مسنده 4 : 105 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 34 _
أبوينا ، قال : حتى أن
(1) السقط محبنطئاً بباب الجنة ، يقول : لا أدخل حتى يدخل أبواي )
(2) .
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا كان يوم القيامة ، نودي في أطفال المؤمنين
(3) : أن اخرجوا من قبوركم ، فيخرجون من قبورهم ، ثم ينادى فيهم : أن أمضوا إلى الجنة زمراً ، فيقولون : ربنا ، ووالدينا معنا ، ثم ينادى فيهم ثانية : أن امضوا إلى الجنة زمراً ، فيقولون : ربنا ووالدينا معنا ، ثم ينادى فيهم ثالثة : أن أمضوا إلى الجنة زمراً ، فيقولون ربنا : ووالدينا ، فيقول في الرابعة : ووالديكم معكم ، فيثب كل طفل إلى أبويه ، فيأخذون بأيديهم ، فيدخلون بهم الجنة ، فهم أعرف بآبائهم واُمهاتهم ـ يومئذ ـ من أولادكم الذين في بيوتكم ) ،
(4) .
الزمر : الأفواج المتفرقة بعضها في أثر بعض ، وقيل : في الزمر الذين اتقوا
(5) من الطبقات المختلفة ، أي الشهداء ، والزهاد ، والعلماء ، والفقراء ، والقراء ، والمحدثون ، وغيرهم .
وعن أنس بن مالك : ان رجلا كان يجيئ بصبي معه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه مات ، فاحتبس والده عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، فسأل عنه ، فقالوا : مات صبيه الذي رأيته معه ، فقال صلى الله عليه وآله : ( هلا آذنتموني ، فقوموا إلى أخينا نعزيه ) فلما دخل عليه إذا الرجل حزين وبه كآبة فعزاه ، فقال : يا رسول الله ، كنت أرجوه لكبر سني وضعفي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( أما يسرك أن يكون يوم القيامة بإزائك ؟ فيقال له : أدخل الجنة ، فيقول : يا رب
(6) وأبواي ، فلا يزال يشفع حتى يشفعه الله عزوجل فيكم ويدخلكم الجنة جميعاً )
(7) .
احتبس ، اي تخلف عن المجيء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وآذنتموني بالمد : أي أخبرتموني ، والكآبة بالمد : تغير النفس بالإنكسار من شدة الهم والحزن ،
-------------------------------
(1) ليس في نسخة ( ش ) .
(2) أخرجه المجلسي في البحار 82 : 118 / 11 عن مسكن الفؤاد .
(3) في نسخة ( ش ) المسلمين ، وفي البحار : المؤمنين والمسلمين .
(4) أخرجه المجلسي في البحار 82 : 118 عن مسكن الفؤاد ، وفيه : ( وعنه ) بدل ( وعن أنس بن مالك ) .
(5) يعني قوله تعالى في سورة الزمر : 73 : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً .
(6) في نسخة ( ش ) : رب .
(7) أخرجه المجلسي في البحار 82 : 118 عن مسكن الفؤاد ، وفيه : ( وروي ) بدل ( وعن أنس بن مالك ) .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 35 _
والضعف بضم المعجمة وفتحها ، وبإزائك ، إي بحذائك .
وعن أنس ـ أيضاً ـ قال : توفي لعثمان بن مظعون رضي الله عنه ولد ، فاشتد حزنه عليه ، حتى اتخذ في داره مسجداً يتعبد فيه ، فبلغ ذلك
(1) النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ( يا عثمان ، إن الله ـ عزوجل ـ لم يكتب علينا الرهبانية ، إنما رهبانية اُمتي الجهاد في سبيل الله ، يا عثمان بن مظعون ، إن للجنة ثمانية أبواب ، وللنار سبعة أبواب ، أفلا يسرك ألا تأتي باباً منها إلا وجدت ابنك بجنبه
(2) ، آخذاً بحجزتك ، ( ليشفع لك إلى ربه )
(3) عزوجل ؟ ) قال : فقيل : يارسول الله ولنا في أفراطنا ما لعثمان ؟ قال : ( نعم ، لمن صبر منكم واحتسب )
(4) .
والحجزة ، بضم الحاء المهملة والزاء : موضع شد الإزار ، ثم قيل للازار : حجزة .
وعن قرة بن اياس : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يختلف إليه رجل من الأنصار مع ابن له ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم : ( يافلان ، تحبه ؟ ) قال : نعم ، يارسول الله ، أحبه كحبك ، ففقده النبي صلى الله عليه وآله ، فسأل عنه ، فقالوا : يا رسول الله ، مات أبنه ، فلما رآه قال عليه الصلاة والسلام : ( أما ترضى أن لا تأتي يوم القيامة باباً من أبواب الجنة ، إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك ؟ ) فقال رجل : يا رسول الله ، أله وحده أم لكلنا ؟ قال : ( بل لكلكم )
(5) .
وروى البيهقي : ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جلس تحلق إليه نفر من أصحابه ، ( وكان فيهم )
(6) رجل له بني صغير ، يأتيه من خلف ظهره ، فيقعده بين يديه ، إلى أن هلك ذلك الصبي ، فامتنع الرجل من الحلقة ان يحضرها تذكراً له وحزناً ، قال : ففقده النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ( ما لي لا أرى فلاناً ؟ ) قالوا : يا رسول الله بنيه
-------------------------------
(1) في نسخة ( ش ) زيادة : إلى .
(2) في نسخة ( ش ) : إلى جنبه .
(3) في نسخة ( ش ) : يستشفع لك عند ربك .
(4) رواه الصدوق في الأمالي : 63 / 1 ، ومحمد بن علي العلوي في التعازي : 16 / 28 ، ورواه مرسلاً ابن الفتال الفارسي في روضة الواعظين : 422 باختلاف يسير .
(5) رواه محمد بن علي في التعازي : 14 / 24 ، وأحمد في مسنده 3 : 436 و 5 : 35 ، والنسائي في سننه 4 : 23 ، والحاكم النيسابوري في المستدرك 1 : 384 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 3 : 79 / 16 .
(6) في نسخة ( ش ) : وفيهم .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 36 _
الذي رأيته هلك ، فمنعه الحزن ـ أسفاً عليه وتذكراً
(1) له ـ أن يحضر الحلقة ، فلقيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فسأله عن ابنه
(2) ، فأخبره بهلاكه
(3) ، فعزاه ، وقال : ( يا فلان ، أيما كان أحب إليك : أن تمتع به عمرك ، أولا تأتي غداً باباً من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه ، يفتحه
(4) لك ؟ ) قال : يا نبي الله ، لا ، بل يسبقني إلى باب الجنة أحب إلي ، قال : ( فذاك لك )
(5) فقام رجل من الأنصار ، فقال : يا نبي الله ، أهذا لهذا خاصة ، أم من هلك له طفل من المسلمين كان له ذلك ؟ قال : ( بل من هلك له طفل من المسلمين كان له ذلك )
(6) .
الحلقة بإسكان اللام بعد فتح الحاء : كل شيء مستدير خالي الوسط ، والجمع حلق بفتحتين ، وحكى فتحة في ( الموجز ) وهو نادر .
وعن زرارة بن أوفى : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عزى رجلا على أبنه ، فقال : ( أجرك على الله ، وأعظم لك الأجر ) فقال الرجل : يا رسول الله ، أنا شيخ كبير ، وكان ابني قد أجزأ عني ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ( أيسرك أن يشير لك ـ أو يتلقاك ـ من أبواب الجنة بالكأس ؟ ) قال : من لي بذلك يا رسول الله ؟ فقال : ( الله لك به ، ولكل مسلم ( مات ولده )
(7) في الإسلام ) .
أجزأ بمعنى : كفى ، والكأس بالهمز ، وقد يترك تخفيفاً ، هو الإناء فيه شراب ، ولا يسمّى بذلك إلا بانضمامه إليه ، وقيل : هو أسم لهما على الاجتماع والإنفراد ، والجمع أكؤس ، ثم كؤوس .
وعن عبد الله بن قيس ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته : أقبضتم ولد عبدي ؟ فيقول : نعم ، يقولون : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك ، واسترجع ، فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة ، وسموه بيت الحمد )
(8) .
-------------------------------
(1) في نسخة ( ش ) : والذكر .
(2) في نسخة ( ش ) : بنيه .
(3) في نسخة ( ش ) : أنه هلك .
(4) في نسخة ( ش ) : ففتحه .
(5) رواه النسائي في سننه 4 : 118 باختلاف يسير .
(6) السنن الكبرى للبيهقي 4 : 59 باختلاف يسير .
(7) في نسخة ( ش ) مات له ولد .
(8) رواه الكليني بسنده عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله في الكافي 3 :
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 37 _
وروي : ان امرأة اتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومعها ابن لها مريض ، فقالت : يارسول الله ، ادع الله تعالى أن يشفي لي ابني هذا ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( هل لك فرط ؟ ) قالت : نعم ، يارسول الله ، قال : ( في الجاهلية أم في الإسلام ؟ ) قالت : بل في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( جُنَّةٌ حصينة ، جُنَّةٌ حصينة )
(1) .
الجُنّة بضم الجيم : الوقاية ، أي وقاية لك من النار ، أو من جميع الأهوال .
وحصينة فعيل بمعنى فاعل ، أي : محصنة لصاحبها ، وساترة له من أن يصل إليه شر
(2) .
وعن جابر بن سمرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من دفن ثلاثة أولاد ، وصبر عليهم ، واحتسب وجبت له الجنة ) فقالت اُم أيمن : واثنين ؟ فقال : ( من دفن اثنين ، وصبر عليهما ، احتسبهما وجبت له الجنة ) فقالت اُم أيمن : وواحد ، فسكت ، وأمسك ، فقال : ( يا اُم أيمن ، من دفن واحداً ، وصبر عليه ، واحتسبه وجبت له الجنة )
(3) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث كانوا له حصناً حصيناً ) فقال أبو ذر : قدمت أثنين ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( وأثنين ) ثم قال اُبي بن كعب : قدمت واحداً ، فقال صلى الله عليه وآله : ( وواحداً ، ولكن ذلك عند الصدمة الأولى )
(4) .
وعن أبي سعيد الخدري : إن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وآله : اجعل لنا يوماً تعظنا فيه ، فوعظهن ، وقال : ( أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد ، كانوا لها حجاباً من
218 / 4 ، والصدوق مرسلاً في الفقيه 1 : 112 / 523 باختلاف في ألفاظه ، ورواه ، عن أبي موسى الأشعري كل من أحمد في مسنده 4 : 415 ، والسيوطي في الجامع الصغير 1 : 131 / 854 ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 119 عن مسكن الفؤاد .
-------------------------------
(1) أخرجه المجلسي في البحار 82 : 119 / 12 عن مسكن الفؤاد .
(2) في نسخة ( ش ) : شيء .
(3) رواه السيوطي في الدر المنثور 1 / 159 ، والجامع الكبير 1 : 777 باختلاف في الفاظه ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 119 / 12 عن مسكن الفؤاد .
(4) رواه أحمد في مسنده 1 : 429 ، والترمذي في سننه 2 : 262 / 1067 ، وابن ماجة في سننه 1 : 512 / 1066 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 38 _
النار ) قالت امرأة : واثنان ، قال : ( واثنان )
(1) .
وعن بريدة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهد الأنصار ، ويعودهم ، ويسأل عنهم ، فبلغه أن امرأة مات ابن لها ، فجزعت عليه ، فأتاها فأمرها بتقوى الله عزوجل والصبر ، فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة رقوب لا ألد ، ولم يكن لي ولد غيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الرقوب التي لا يبقى لها ولدها ، ثم قال : ما من امرئ مسلم ، أو امرأة مسلمة ، يموت لهما ثلاثة من الولد ، إلا أدخلهما الله الجنة فقيل له : واثنان : فقال : ( واثنان )
(2) .
وفي حديث آخر : أنه صلى الله عليه وآله قال لها : ( أما تحبين أن ترينه على باب الجنة ، وهو يدعوك إلينا ؟ )
(3) قالت : بلى ، قال : ( فإنه كذلك )
(4) .
الرقوب بفتح الراء : ( هي التي لا يولد لها )
(5) ، أو لا يعيش ولدها
(6) ، هذا بحسب اللغة ، وقد خصه النبي صلى الله عليه وآله بما ذكر .
وعن [ أبي ]
(7) النضر السلمي : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم ، إلا كانوا له حصناً من النار ) فقالت امرأة : واثنان ، فقال : ( واثنان )
(8) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( من قدم من ولده ثلاثاً صابراً محتسباً ( كان محجوباً )
(9) من النار بإذن الله عزوجل ) .
-------------------------------
(1) رواه محمد بن علي في التعازي 13 / 21 باختلاف في ألفاظه ، ورواه أحمد في مسنده 3 : 34 ، والبخاري في صحيحه 1 : 36 و 2 : 92 و 9 : 124 باختلاف يسير ، ورواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة 4 : 2028 / 2632 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 3 : 76 باختلاف في الفاظه .
(2) رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك 1 : 384 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158 باختلاف يسير ، والبحار 82 : 120 عن مسكن الفؤاد
(3) في البحار : إليها .
(4) رواه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال 1 : 212 باختلاف في الفاظه ، والبحار 82 : 120 عن مسكن الفؤاد .
(5) في نسخة ( ش ) : الذي لا يولد له .
(6) في نسخة ( ش ) : ولده .
(7) ليس في ( ش ) و ( ح ) ، وما أثبتناه هو الصواب ، اُنظر ( أُسد الغابة 5 : 313 ) .
(8) رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر مرسلاً 1 : 287 ، ورواه عن أبي النضر كل من مالك بن أنس في الموطأ 1 : 235 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158 .
(9) في نسخة ( ش ) : حجبوه .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 39 _
وفي لفظ آخر : ( من قدم شيئاً من ولده صابراً محتسباً ، حجبوه بإذن الله من النار )
(1) .
وعن اُم مبشر
(2) الأنصارية ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه دخل عليها ، وهي تطبخ حباً ، فقال : ( من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث ، كانوا له حجاباً من النار ) فقالت : يا رسول الله ، واثنان ، فقال لها : ( واثنان ، يا اُم مبشر ) .
وفي لفظ آخر : فقالت : أو فرطان ، قال : ( أو فرطان )
(3) .
وعن قبيصة بن برمة ، قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالساً ، إذ أتته امرأة ، فقالت : يا رسول الله ، ادع الله ، ادع الله لي ، فإنه ليس يعيش لي ولد ، قال : ( وكم مات لك ؟ ) قالت : ثلاثة ، قال : ( لقد احتظرت من النار بحظار شديد )
(4) .
الحظار بكسر الحاء المهملة والظاء المشالة : الحظيرة تعمل للإبل من شجر ليقيها البرد والريح ، ومنه المحظور للمحرم ، أي : الممنوع من الدخول فيه ، كأن عليه حظيرة تمنع من دخوله .
وعن اُبي بن كعب : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا مرأة : ( هل لك فرط ؟ ) قالت : ثلاثة ، قال النبي صلى الله عليه وآله : ( جُنَّةٌ حصينة ) .
وعنه صلى الله عليه وآله : ( ما من مسلمين يقدمان ثلاثة لم يبلغوا الحنث ، إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته ) قالوا : يا رسول الله ، وذو الأثنين ؟ قال : ( وذو الأثنين ، إن من اُمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر ، وإن من اُمتي ( من يستطعم النار )
(5) حتى يكون أحد زواياها )
(6) .
رواه جماعة من أهل الحديث وصححوه .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( قال الله تعالى : حقت محبتي للذين
-------------------------------
(1) الجامع الكبير 1 : 817 .
(2) في ( ح ) : اُم ميسر ، والصحيح ما أثبتناه من نسخة ( ش ) ، اُنظر ( الأصابة 4 : 495 / 1491 ، اُسد الغابة 5 : 616 ) .
(3) رواه السيوطي في الجامع الكبير 1 : 949 باختلاف في الفاظه .
(4) رواه ابن الاثير في اُسد الغابة 4 : 191 ، ورواه عن ابي هريرة باختلاف في الفاظه احمد في مسنده 2 : 419 ومسلم في صحيحه 4 : 2030 .
(5) في نسخة ( ش ) : يستعظم للنار .
(6) رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك 1 : 71 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 3 : 78 / 12 ، ورواه أحمد في مسنده باختلاف في ألفاظه 4 : 212 و 5 : 312 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 40 _
يتصادقون من أجلي ، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي )
(1) .
ثم قال عليه وآله السلام : ( ما من مؤمن ولا مؤمنة يقدم الله تعالى له ثلاثة أولاد من صلبه لم يبلغوا الحنث ، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم )
(2) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( من دفن ثلاثة من الولد
(3) حرم الله عليه النار )
(4) .
وعن صعصعة بن معاوية قال : لقيت أبا ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ بالربذة ، وهو يسوق بعيراً له عليه مزادتنان ، وفي عنق البعير قربة ، فقلت : يا أباذر ، مالك ؟ قال : عملي ، قلت : حدثني ، رحمك الله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث ، إلا غفر الله لهما بفضل رحمته إياهم ) .
قال ، قلت : فحدثني ، قال : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( ما من عبد مسلم ينفق من كل ماله زوجين في سبيل الله ، إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده ) فقلت كيف ذلك ؟ قال : ( إن كان رجالاً فرجلين ، وإن كان ابلاً فبعيرين ، وإن كان بقراً فبقرتين ) حتى عد أصناف المال
(5) .
ذكره جماعة .
وعن أنس بن مالك قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وآله على مجلس من بني سلمة ، فقال : ( يا بني سلمة ، ما الرقوب فيكم ؟ ) قالوا : الذي لا يولد له ، قال : ( بل هو الذي لا فرط له ، قال : ما المعدم فيكم ؟ ) قالوا : الذي لا مال له ، قال : ( بل هو الذي يقدم وليس له عند الله خير )
(6) .
( وعن أبن مسعود قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم )
(7) على امرأة
-------------------------------
(1) رواه أحمد في مسنده 4 : 386 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 4 : 19 / 16 باختلاف يسير .
(2) رواه النسائي في سننه 4 : 34 باختلاف يسير ، والمتقي الهندي في منتخب الكنز 1 : 210 باختلاف في الفاظه .
(3) في ( ح ) : ولده .
(4) رواه السيوطي في الجامع الصغير 2 : 600 / 8669 ، والمتقي الهندي في منتخب الكنز 1 : 210 .
(5) رواه أحمد في مسنده 5 : 159 و 151 و 153ب و 164 باختلاف يسير .
(6) رواه السيوطي في الجامع الكبير 1 : 959 باختلاف يسير .
(7) في نسخة ( ش ) : ونحوه عن ابن مسعود ، ودخل صلى الله عليه وآله .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 41 _
يعزيها بابنها ، فقال : ( بلغني أنك جزعت جزعاً شديداً ) قالت وما يمنعني يا رسول الله ، وقد تركني عجوزاً رقوباً ؟! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لست بالرقوب ، إنما الرقوب التي تتوفى وليس لها فرط ، ولا يستطيع الناس ان يعودوا عليها من أفراطهم ، فتلك الرقوب ) .
وهذه الأحاديث كلها مستخرجة من أصول مسندة ، تركنا إسنادها وأصولها اختصاراً ، ولان الله سبحانه بفضله ورحمته قد وعد الثواب لمن عمل بما بلغه ، وإن لم يكن الأمر كما بلغه ، ورد ذلك أيضاً في عدة أحاديث من طرقنا وطرق العامة .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 42 _
فصل
فيما يتعلق
(1) بهذا الباب
عن زيد بن أسلم قال : مات لداود عليه السلام ولد ، فحزن عليه حزناً كثيراً ، فأوحى الله إليه : ( يا داود ، ما كان يعدل هذا الولد عندك ؟ قال : يا رب ، كان يعدل هذا عندي ملء الأرض ذهباً ، قال : فلك عندي يوم القيامة ملء الأرض ثواباً )
(2) .
وعن داود بن أبي هند
(3) قال : رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ، وكأن الناس يدعون إلى الحساب ، قال : فقربت إلى الميزان ، ووضعت حسناتي في كفة وسيئاتي في كفة ، فرجحت السيئات على الحسنات ، فبينما أنا كذلك مغموم إذ اُتيت بمنديل أبيض ـ أو خرقة بيضاء ـ فوضعت مع حسناتي فرجحت ، فقيل لي : أتدري ما هذا ؟ قلت : لا ، قيل : هذا سقط كان لك ، قلت : فإنه كانت لي إبنة ، ( فقيل : بنتك ليست كذلك )
(4) ، لأنك كنت تتمنى موتها .
وعن أبي شوذب : ان رجلاً كان له ابن لم يبلغ الحلم ، فأرسل إلى قومه فقال : لي إليكم حاجة ، قالوا : ما هي ؟ قال : إني أريد أن أدعو على ابني هذا أن يقبضه الله تعالى ، وتؤمنون على دعائي ، قال : فسألوه عن سبب ذلك ، فأخبرهم أنه رأى في نومه
(5) كأن الناس قد جمعوا ليوم القيامة ، وأصابهم عطش شديد ، فإذا الولدان قد خرجوا من الجنة معهم الأباريق ، وفيهم ابن أخ له ، فالتمس منه أن يسقيه فأبى ، وقال : يا عم ، إنا لا نسقي إلا الآباء ، فأحببت أن يجعل الله ولدي هذا فرطاً لي ، فدعا فأمنوا ، فلم يلبث الصبي حتى مات.
أخرجه البيهقي في ( الشعب ) .
وعن محمد بن خلف
(6) قال : كان لإبراهيم الحربي ابن له إحدى عشرة سنة قد
-------------------------------
(1) في نسخة ( ش ) : مما يلتحق .
(2) رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر 1 : 287 ، والسيوطي في الدر المنثور 5 : 306 باختلاف في الفاظه .
(3) في ( ح ) : داود بن هند ، والصواب ما أثبتناه من نسخة ( ش ) راجع ( مجمع الرجال 2 : 279 ، الجرح والتعديل 3 : 411 / 1881 ، تهذيب التهذيب 3 : 204 / 388 ، ميزان الأعتدال 2 : 11 / 2613 ) .
(4) في نسخة ( ش ) : فقيل لي تيك ليست لك .
(5) في نسخة ( ش ) : منامه .
(6) في ( ح ) محمد بن أبي خلف ، والصواب ما أثبتناه من نسخة ( ش ) ، راجع ( رجال النجاشي : 270 ، ومعجم .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 43 _
حفظ القرآن ، ولقنه أبوه من الفقه والحديث شيئاً كثيراً ، فمات فأتيته لاعزيه ، فقال : كنت أشتهي موته ، فقلت له : يا أبا إسحاق ، أنت عالم الدنيا ، تقول مثل هذا في صبي قد أنجب ، وحفظ القرآن ، ولقنته الحديث والفقه ؟ ! قال : نعم ، رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت ، وكأن صبياناً بأيديهم القلال
(1) فيها ماء ، يستقبلون الناس يسقونهم ، وكان اليوم يوم يوماً حاراً شديد الحر ، فقلت لأحدهم : إسقني من هذا الماء، فنظر إلي ، وقال : لست أنت أبي ، قلت : فأي شيء أنتم ؟ قالوا : نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا ، وخلفنا آباءنا ، فنستقبلهم ونسقيهم
(2) ، فلهذا تمنيت موته .
وروى الغزالي في ( الإحياء ) : إن بعض الصالحين كان يعرض عليه التزويج برهة من دهره فيأبى ، قال : فانتبه من نومه ذات يوم ، وقال : زوجوني ، فزوجوه ، فسئل عن ذلك ، فقال : لعل ( الله أن يرزقني )
(3) ولداً ويقبضه ، فيكون لي مقدمة في الآخرة ، ثم قال : رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ، وكأني في جملة الخلائق في الموقف ، وبي من العطش ما كاد أن يقطع قلبي ، وكذا الخلائق من شدة العطش والكرب ، فبينما نحن كذلك وإذا ولدان يتخللون الجمع ، عليهم قناديل من نور ، وبأيديهم أباريق من فضة وأكواب من ذهب ، يسقون الواحد بعد الواحد ، يتخللون الجمع ويتجاوزون أكثر الناس ، فمددت يدي إلى أحدهم ، فقلت : اسقني ، فقد أجهدني العطش ، فقال : مالك فينا ولد ، إنما نسقي آباءنا ، فقلت : ومن أنتم : ومن أنتم ؟ قالوا : نحن من مات من أطفال المسلمين
(4) .
وحكى الشيخ أبو عبد الله بن النعمان في كتاب ( مصباح الظلام ) عن بعض الثقات : أن رجلاً أوصى بعض أصحابه ـ ممن أراد أن يحج ـ أن يقرأ سلامه رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويدفن رقعة مختومة ـ أعطاها له ـ عند رأسه الشريف ، ففعل ذلك ، فلما رجع من حجه أكرمه الرجل وقال له : جزاك الله خيراً ، لقد بلغت الرسالة ، فتعجب المبلغ من ذلك وقال : من أين علمت تبليغها قبل أن اُحدثك ، فأنشأ يحدثه ، قال : كان لي أخ مات ، وترك ابناً صغيراً ، فربيته وأحسنت تربيته ، ثم مات رجال الحديث 16 : 74 ، خلاصة العلامة 1 : 161 / 154 ) .
-------------------------------
(1) القلال جمع القلة : وهي الحب العظيم أو الجرة العظيمة ( القاموس المحيط 4 : 40 ) .
(2) في نسخة ( ش ) : فنسقيهم الماء .
(3) في نسخة ( ش ) : الله تعالى يرزقني .
(4) إحياء علوم الدين 2 : 27 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 44 _
قبل أن يبلغ الحلم ، فلما كان ذات ليلة ، رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ، والحشر قد وقع ، والناس قد اشتد بهم العطش من شدة الجهد ، وبيد ابن أخي ماء ، فالتمست أن يسقيني فأبى ، وقال : أبي أحق به منك ، فعظم علي ذلك ، فانتبهت فزعاً ، فلما أصبحت تصدقت بجملة دنانير ، وسألت الله أن يرزقني ولداً ذكراً ، فرزقنيه ، واتفق سفرك ، فكتبت لك تلك الرقعة ، ومضمونها التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عزوجل في قبوله مني ، رجاء أن أجده يوم الفزع الأكبر ، فلم يلبث أن حم ومات ، وكان ذلك يوم وصولك ، فعلمت أنك بلغت الرسالة .
وفي كتاب ( النوم والرؤيا ) لأبي الصقر الموصلي ، حدثني علي بن الحسين بن جعفر ، حدثني أبي ، حدثني بعض أصحابنا ممن أثق بدينه وفهمه ، قال : أتيت المدينة ليلاً ، فنمت في بقيع الغرقد
(1) بين أربعة قبور عندها قبر محفور ، فرأيت في منامي أربعة أطفال ، قد خرجوا من تلك القبور ، وهم يقولون :
أنعم الله بالحبيبة عيناً وبمسراك يا اميم إلينا عجباً ما عجبت من ضغظة القبر ومغداك يا اُميم iiإلينا |
فقلت : إن لهذه الأبيات لشأناً ، وأقمت حتى طلعت الشمس ، وإذا جنازة قد أقبلت ، فقلت : من هذه ؟ فقالوا : امرأة من أهل المدينة ، فقلت : إسمها اميمة ؟ قالوا : نعم ، قلت : قدمت فرطاً ؟ قالوا : أربعة اولاد ، فأخبرتهم بالخبر ، فأخذوا يتعجبون من هذا
(2) .
وما أحسن من أنشد بعض الأفاضل ، يقول شعراً :
عطيته إذا أعطى iiسروراً وإن سلب الذي أعطى iiأثابا فأي النعمتين أعد iiفضلاً وأحمد عند عقباها إيابا أنعمته التي كانت iiسروراً أم الاخرى التي جلبت ثوابا ؟ |
-------------------------------
(1) بقيع الغرقد : بالغين المعجمة ، هو مقبرة أهل المدينة ( معجم البلدان : 1 : 473 ) .
(2) البحار 82 : 122 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 45 _
الباب الثاني :
في الصبر وما يلحق به :
الصبر في اللغة : حبس النفس من الفزع من المكروه والجزع عنه ، وإنما يكون ذلك بمنع باطنه من الاضطراب ، وأعضائه من الحركات غير المعتادة ، وهو ثلاثة أنواع :
الأول : صبر العوام ، وهو حبس النفس على وجه التجلد ، وإظهار الثبات في النائبات ، ليكون حاله عند العقلاء وعامة الناس مرضية يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون
(1) .
الثاني : صبر الزهاد ، والعباد ، وأهل التقوى ، وأرباب الحلم ، لتوقع ثواب الآخرة ، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
(2) .
الثالث : صبر العارفين ، فإن لبعضهم التذاذاً بالمكروه ، لتصورهم أن معبودهم خصهم به من دون الناس ، وصاروا ملحوظين ( بشرف نظرته )
(3) وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة ، قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
(4) .
وهذا النوع يختص باسم الرضا ، وسيأتي في باب خاص .
والأول لا ثواب عليه ، لأنه لم يفعله لله ، وإنما فعله لأجل الناس ، بل هو في الحقيقة رياء محض ، فكلما ورد في الرياءات فيه ، ولكن الجزع شر منه ، لأن النفوس البشرية تميل إلى التخلق بأخلاق النظراء والمعاشرين والخلطاء ، فيفشوا الجزع فيهم ، وإذا رأوا أحوال الصابرين مالت نفوسهم إلى التخلق بأخلاقهم ، فربما صار ذلك سبباً لكمالهم ، فيحصل منه فائدة في نظام النوع ، وإن لم يعد على هذا الصابر .
والصبر عند الإطلاق يحمل على القسم الثاني .
واعلم أن الله ـ سبحانه ـ قد وصف الصابرين بأوصاف ، وذكر الصابرين في القرآن في نيف وسبعين موضعاً ، وأضاف أكثر الخيرات والدرجات إلى الصبر وجعلها
-------------------------------
(1) اقتباس من سورة الروم 30 : 7 .
(2) اقتباس من سورة الزمر 39 : 10 .
(3) في نسخة ( ش ) : بشريف نظره .
(4) اقتباس من سورة البقرة 2 : 15(5) 157 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 46 _
ثمرة له ، فقال عز من قائل : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ اَئِمّةً يَهْدُونَ بِاَمْرِنَا لَمّا صَبَرُوا )
(1) وقال : ( وتَمَتْ كَلَمَتُ رَبِكَ الْحُسْنى عَلَى بَني اِسْرَآئيلَ بِمَا صَبَرُوا )
(2) وقال تعالى : ( وَلَنَجْزينَّ الذينَ صَبَروا اجْرَهُم بِاحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون )
(3) وقال : ( اُلئِكَ يُؤْتَوْنَ اَجْرَهُمْ مَرَّتَيْن بِمَا صَبَرُوا )
(4) وقال : ( انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب )
(5) .
فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر ، ولأجل كون الصوم من الصبر ، وأنه نصف الصبر
(6) كان لا يتولى أجره إلا الله ـ تبارك وتعالى ـ كما ورد في الأثر .
قال الله تعالى : ( الصوم لي ، وأنا اجزي به )
(7) فأضافه إلى نفسه من بين سائر العبادات ، ووعد الصابرين بأنه معهم ، فقال : ( واصبروا ان الله مع الصابرين )
(8) وعلق النصرة على الصبر ، فقال : ( بلى إن تصبروا وتتّقوا ويا توكم من فورهم هذا يمددكم ربُكم
-------------------------------
(1) السجدة 32 : 24 .
(2) الأعراف 7 : 137 .
(3) النحل 16 : 96 .
(4) القصص 28 : 54 .
(5) الزمر 39 : 10 .
(6) روى ابن ماجة في سننه 1 : 555 / 1745 ، والسيوطي في الجامع الصغير 2 : 122 / 5200 : ( الصيام نصف الصبر ) .
(7) رواه الصدوق في الخصال : 45 / 42 ، ومالك في الموطأ 1 : 310 / 58 ، والبخاري في صحيحه 3 : 31 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1256 / 3823 ، وقال ابن الاثير في النهاية : 1 : 270 بعد ذكر الحديث : قد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث ، وأنه لم خص الصوم والجزاء عليه بنفسه عزوجل ، وإن كانت العبادات كلها له وجزاؤها منه ، وذكروا فيه وجوهاً مدارها كلها على أن الصوم سر بين الله وبين والعبد لا يطّع عليه سواه ، فلا يكون العبد صائماً حقيقة إلا وهو مخلص في الطاعة ، وهذا وإن كان كما قالوا فإن غير الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة ، كالصلاة على غير طهارة ، أو في ثوب نجس ونحو ذلك من الأسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إلا الله وصاحبها ، وأحسن ما سمعت في تأويل هذا الحديث أن جميع العبادات التي يتقرب بها العباد إلى الله عزوجل ـ من صلاة ، وحج ، وصدقة ، واعتكاف ، وتبتل ، ودعاء ، وقربان ، وهدي ، وغير ذلك من أنواع العبادات ـ قد عبد المشركون بها آلهتهم ، وما كانوا يتخذونه من دون الله أنداداً ، ولم يسمع أن طائفة من طوائف المشركين وأرباب النحل في الأزمان والمتقادمة عبدت آلهتها بالصوم ، ولا تقربت إليها به ، ولا عرف الصوم في العبادات إلا من جهة الشرائع ، فلذلك قال الله عزّوجلّ : الصوم لي وأنا أجزي به : أي لم يشاركني أحد فيه ، ولا عبد به غيري ، فأنا حينئذ اجزء به وأتولى الجزاء عليه بنفسي ، لا أكله إلى أحد من ملك مقرب أو غيره على قدر اختصاصه بي .
(8) الأنفال 8 : 46 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 47 _
بخمسة آلاف من الملائكة مسومين )
(1) .
وجمع للصابرين بين أمور لم يجمعها لغيرهم ، فقال : ( اولئك عليه صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون )
(2) فالهدى والصلوات والرحمة مجموعة للصابرين ، واستقصاء جميع الآيات في مقام الصبر يطول .
وأما الأخبار فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( الصبر نصف الإيمان )
(3) .
وقال صلى الله عليه وآله : ( من أقل ما اوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ، ومن اعطي حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار ، ولئن تصبروا على مثل ما أنتم عليه ، أحب إلي من أن يوافيني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم ، لكني أخاف ان تفتح عليكم الدنيا بعدي ، فينكر بعضكم بعضاً ، وينكركم أهل السماء عند ذلك ، فمن صبر واحتسب ظفر بكمال ثوابه ، ثم قرأ : ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا ) الآية )
(4) .
وروى جابر : أنه صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الإيمان ، فقال : ( الصبر كنز من كنوز الجنة ) ، وسئل مرة ؟ ما الايمان ، فقال : ( الصبر )
(5) وهذا نظير قوله عليه السلام : ( الحج عرفة )
(6) .
وقال صلى الله عليه وآله : ( أفضل الاعمال ما اكرهت عليه النفوس )
(7) .
وقيل : أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : ( تخلق باخلاقي ، وإن من أخلاقي الصبر )
(8) .
-------------------------------
(1) آل عمران 3 : 125 .
(2) البقرة : 2 : 157 .
(3) شهاب الأخبار : 55 / 132 ، شرح نهج البلاغة لابن الحديد 1 : 319 ، الجامع الصغير 2 : 113 / 5130 ، الترغيب والترهيب 4 : 277 / 5 ، المستدرك على الصحيحين 2 : 446 ، الدر المنثور 1 : 66 ، إرشاد القلوب : 127 .
(4) النحل 16 : 96 .
(5) أخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 7 : 106 .
(6) المحجة البيضاء 7 : 107 .
(7) مسند أحمد 4 : 309 ، 310 ، 335 ، سنن ابن ماجة 2 : 1003 / 3015 ، سنن الدارمي 2 : 59 ، سنن الترمذي 4 : 282 / 4058 ، وسنن النسائي 5 : 256 ، المستدرك على الصحيحين 1 : 464 .
(8) رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر عن علي عليه السلام 1 : 63 باختلاف يسير .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 48 _
وعن ابن عباس رضي الله عنه لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الأنصار ، فقال : ( أمؤمنون أنتم ؟ ) فسكتوا ، فقال رجل : نعم ، يا رسول الله ، فقال : ( وما علامة إيمانكم ؟ ) قالوا : نشكر على الرخاء ، ونصبر على البلاء ، ونرضى بالقضاء ، فقال : ( مؤمنون ورب الكعبة )
(1) .
وقال صلى الله عليه وآله : ( في الصبر على ما يكره خير كثير )
(2) .
وقال المسيح عليه السلام : ( إنكم لا تدركون ما تحبون ، إلا بصبركم على ما تكرهون ) .
وقال صلى الله عليه وآله : ( لو كان الصبر رجلا لكان كريماً )
(3) .
وقال علي عليه السلام : ( بني الإيمان على أربع دعائم : اليقين ، والصبر ، والجهاد ، والعدل )
(4) .
وقال أيضاً : ( الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا جسد لمن لا رأس له ، ولا ايمان لمن لا صبر له )
(5) .
وقال علي عليه السلام : ( عليكم بالصبر ، فإنه به يأخذ الحازم ، وإليه يعود الجازع ) .
وقال علي عليه السلام : ( إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور ، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور )
(6) .
وعن الحسن بن علي عليهما السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله ، قال : ( إن في الجنة شجرة يقال لها : شجرة البلوى ، يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة ، فلا يرفع لهم ديوان ، ولا ينصب لهم ميزان ، يصب عليهم الأجر صباً ، وقرأ عليه السلام : ( انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب )
(7) )
(8) .
-------------------------------
(1) المحجة البيضاء 7 : 107 ، ورواه باختلاف في ألفاظه محمد بن همام في التمحيص : 61 / 137 .
(2) مشكاة الأنوار : 20 ، والمحجة البيضاء 7 : 107 .
(3) تنبيه الخواطر 1 : 40 ، الجامع الصغير 2 : 434 / 7461 ، منتخب كنز العمال 1 : 208 .
(4) نهج البلاغة 3 : 157 / 30 باختلاف في ألفاظه .
(5) نهج البلاغة 3 : 168 / 82 ، الكافي 2 : 72 / 4 و 5 ، جامع الأخبار : 135 باختلاف يسير ، وروي باختلاف في ألفاظه في التمحيص : 64 / 148 ومشكاة الأنوار : 21 .
(6) نهج البلاغة 3 : 224 / 291 ، جامع الأخبار : 136 .
(7) الزمر 39 : 10 .
(8) الدر المنثور 5 : 323 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 49 _
وعنه عليه السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما من جرعة أحب إلى الله تعالى من جرعة غيظ كظمها رجل ، أو جرعة صبر على مصيبة ، وما من قطرة أحب إلى الله تعالى من قطرة دمع من خشية الله ، أو قطرة دم أهرقت في سبيل الله )
(1) .
وعنه عليه السلام : ( المصائب مفاتيح الأجر ) .
وعن زين العابدين عليه السلام : ( إذا جمع الله الأولين والآخرين ينادي منادٍ : أين الصابرون ؟ ليدخلوا الجنة بغير حساب ، قال : فيقوم عنق من الناس ، فتتلقاهم الملائكة ، فيقولون : إلى أين ، يا بني آدم ؟ ! فيقولون : إلى الجنة ، فيقولون : وقبل الحساب ؟ ! فقالوا : نعم ، قالوا : ومن أنتم ؟ قالوا : الصابرون. قالوا وما كان صبركم ؟ قالوا : صبرنا على طاعة الله ، وصبرنا عن معصية الله ، حتى توفانا الله عزوجل ، قالوا ، أنتم كما قلتم ، أدخلوا الجنة ، فنعم أجر العاملين )
(2) .
وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( قال الله عزوجل : إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ، ثم أستقبل ذلك بصبر جميل ، استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً ، أو أنشر له ديواناً )
(3) .
وعن أبن مسعود ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : ( ثلاث من رزقهن فقد رزق خير الدارين : الرضا بالقضاء ، والصبر على البلاء ، والدعاء في الرخاء )
(4) .
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : ( يا غلام ـ أو ياغليم ـ ألا اعلمك كلمات ينفعك الله بهن ؟ فقلت : بلى ، فقال : إحفظ الله يحفظك ، إحفظ الله تجده أمامك ، تعرف ( إلى الله )
(5) في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً ، وأنّ النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً )
(6) .
-------------------------------
(1) الدر المنثور 2 : 74 .
(2) كشف الغمة 2 : 103 باختلاف يسير ، وروي باختلاف في الفاظه في أمالي الطوسي 1 : 100 ، وفقه الرضا : 368 ، وتنبيه الخواطر 2 : 180 .
(3) جامع الأخبار : 136 ، الجامع الصغير 2 : 242 / 6043 ، منتخب كنز العمال 1 : 210 .
(4) دعوات الراوندي : 121 / 289 ، المستطرف 2 : 70 ، باختلاف يسير .
(5) في ( ح ) : إليه .
(6) مسند أحمد 1 : 307 ، الدر المنثور 1 : 66 ، وروي باختلاف يسير في مشكاة الانوار : 20 .
مُسَكِنُ الفُؤادِ عند فقد الأحبة والأولاد
_ 50 _
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( يؤتى الرجل في قبره بالعذاب ، فإذا أُتي من قبل رأسه دفعه تلاوة القرآن ، وإذا أُتي من قبل يديه دفعته الصدقة ، وإذا أتي من قبل رجليه دفعه مشيه إلى المسجد
(1) ، والصبر حجزه ، يقول : أما لو رأيت خللاً لكنت صاحبه ) .
وفي لفظ آخر : ( إذا دخل الرجل القبر قامت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن شماله ، والبر يظل عليه ، والصبر بناحية
(2) يقول : دونكم صاحبي ، فإني من ورائه ، يعني : إن استطعتم أن تدفعوا عنه العذاب ، وإلا فأنا أكفيكم ذلك ، وأدفع عنه العذاب )
(3) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له )
(4) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا أجبكم إن المؤمن إذا أصاب خيراً حمد الله وشكر ، وإذا اصابته مصيبة حمد الله وصبر ، فالمؤمن ، يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى فيه ) .
وفي حديث آخر : ( حتى اللقمة يرفعها إلى فم امرأته )
(5) .
وعنه صلى الله عليه وآله : ( الصبر خير مركب ، ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر )
(6) .
وسئل صلى الله عليه وآله : هل من رجل يدخل الجنة بغير حساب ؟ قال : ( نعم ، كل رحيم صبور ) .
وعن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( إن الحر حر على
-------------------------------
(1) الترغيب والترهيب 4 : 373 .
(2) يقال : هو في ناحية أو بناحية أي مبتعد. انظر ( مجمع البحرين ـ نحا ـ 1 : 410 ) .
(3) روى عن أبي عبد الله في الكافي 2 : 73 / 8 ، وثواب الاعمال : 203 / 1 ومشكاة الانوار : 26 باختلاف في الفاظه .
(4) مسند أحمد 4 : 332 ، صحيح مسلم 4 : 2295 / 2999 ، الترغيب والترهيب 4 : 278 / 7 .
(5) مسند أحمد 1 : 182 و 177 و 173 ، الجامع الصغير 2 : 148 باختلاف في الفاظه .
(6) مسند أحمد 3 : 47 ، سنن الترمذي 3 : 252 / 2093 ، المستدرك 2 : 414 ، الجامع الصغير 2 : 496 / 7911 ، وفيها : ( ما رزق الله عبداً ... )