أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( لمّا قُتل الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، أرسل محمّد بن الحنفية إلى علي ابن الحسين ( عليهما السلام ) فخلا به ) ، ثم قال : يا ابن أخي قد علمت أنّ رسول لله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كانت الوصية منه ، والإمامة من بعده إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، ثمّ إلى الحسن بن علي ( عليه السلام ) ، ثمّ إلى الحسين ( عليه السلام ) ، وقد قُتل أبوك صلوات الله عليه ولم يوص ، وأنا عمّك وصنو أبيك ، وولادتي من علي ( عليه السلام ) في سنّي وقدمي ، وأنا أحقّ بها منك في حداثتك ، لا تنازعني الوصيّة والإمامة ولا تجانبني
، فقال له علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : ( يا عمّ إتّق الله ولا تدّع ما ليس لك بحق ، إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين ، إنّ أبي صلوات الله عليه يا عم أوصى إليّ في ذلك قبل أن يتوجّه إلى العراق ، وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندي ، فلا تتعرّض لهذا فإنّي أخاف عليك نقص العمر وتشتّت الحال.
الوصية والإمامة إلاّ في عقب الحسين ( عليه السلام ) ، فإن رأيت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود (1) حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك.
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وكان الكلام بينهما بمكّة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر ، فقال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) لمحمّد بن علي إئته ياعم وابتهل إلى الله عزّ وجلّ أن يُنطق لك الحجر ، ثم سله عمّا ادّعيت ، فابتهل في الدعاء وسأل الله ثمّ دعا الحجر فلم يجبه.
فقال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : أما إنّك يا عم لو كنت وصيّاً وإماماً لأجابك ، فقال له محمّد : فادع أنت يا ابن أخي فاسأله ، فدعا الله علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بما أراد ، ثمّ قال : اسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء والأوصياء ، وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا مَن الإمام والوصي بعد الحسين ( عليه السلام ) ، فتحرّك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ، ثمّ أنطقه الله بلسان عربيّ مبين فقال :
اللهمّ إنّ الوصيّة والإمامة بعد الحسين بن علي ( عليهما السلام ) إلى علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )، فانصرف محمّد بن علي بن الحنفيّة وهو يتولّى علي بن الحسين ( عليهما السلام )
(2).
---------------------------
(1) الحجر الأسود : في رواية عن أمالي الطوسي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( وهو من حجارة الجنّة ، وكان لمّا اُنزل في مثل لون الدرّ وبياضه ، وصفاء الياقوت وضيائه ، فسوّدته أيدي الكفّار ) ص 476 / ذيل حديث 10 .
وفي رواية عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( كان الحجر الأسود أشدّ بياضاً من اللبن فلولا ما مسّه من أرجاس الجاهلية ، ما مسّه ذو عاهة إلاّ برئ ) علل الشرائع : 427 / 1 .
(2) بصائر الدرجات : 502 / 3 باختلاف ، وأورده الكليني في الكافي 1 : 348 / 5 ، والطبرسي في الاحتجاج 2 : 147 / 185 .
نمُختَصَرُ البَصائِر
_ 81 _
[ 51/51 ] محمّد بن عبدالجبّار
(1) قال : حدّثني جعفر بن محمّد الكوفي ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( لمّا انتهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى الركن الغربي فجازه ، قال له الركن : يا رسول الله ألست قعيداً من قواعيد بيت ربّك فما بالي لا اُستلم ؟ فدنا منه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاستلمه وقال : اسكن عليك السلام غير مهجور
(2) )
(3).
[ 52/52 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد الجوهري
(4) ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال
---------------------------
(1) في البصائر : محمّد بن الجارود .
ومحمد بن عبدالجبّار ممّن روى عن أبي محمّد الحسن العسكري ( عليه السلام ) وروى عنه جمّ غفير منهم سعد بن عبدالله الأشعري ومحمّد بن الحسن الصفار ، وهو قمّي ثقة ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الهادي ( عليه السلام ) .
انظر رجال الشيخ : 423 / 17 ، رجال البرقي : 59 ، رجال العلاّمة : 242 / 824 .
(2) في نسخة ( س ) : غير محجوب .
(3) بصائر الدرجات : 503 / 4 ، وعنه في البحار 99 : 225 / 23 ، وفيه : لست بعيداً من بيت ربّك وأورده الصدوق في علل الشرائع : 429 / 3 ، والراوندي في قصص الأنبياء : 286 / صدر حديث 353 .
(4) القاسم بن محمّد الجوهري : كوفي سكن بغداد ، روى عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ تارة من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، واُخرى من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وثالثة في من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، وقال العلاّمة في خلاصته : واقفي لم يلق أبا عبدالله ( عليه السلام ) ، وانظر الأقوال التي تضاربت فيه في معجم رجال الحديث .
انظر رجال النجاشي : 315 / 862 ، رجال البرقي : 50 ، رجال الشيخ : 276 / 49 و 358 / 1 و 490 / 5 ، خلاصة الأقوال : 388 / 1558 ، معجم رجال الحديث 15 : 51 ـ 57 .
نمُختَصَرُ البَصائِر
_ 82 _
( سُمّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم خيبر ، فتكلّم اللحم فقال : يا رسول الله صلّى الله عليك وعلى آلك إنّي مسموم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند موته : اليوم قطّعت مطاياي
(1) الأكلة التي أكلتها بخيبر ، وما من نبي ولا وصيّ إلاّ شهيد
(2) )
(3).
[ 53/53 ] أحمد وعبد الله ابنا محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب
(4) ، عن علي بن رئاب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( إنّي لفي عمرة اعتمرتها في الحجر جالساً ، إذ نظرت إلى جانّ قد أقبل من ناحية المسعى حتى دنا من الحجر ، فطاف بالبيت اُسبوعاً ، ثم إنّه أتى المقام
---------------------------
(1) مطاياي : كذا في المتن والمصدر والبحار ، وفي كتب اللغة : أطواء ومطاوي أي الأمعاء ، انظر تاج العروس 10 : 229 ـ طوى ، لسان العرب 15 : 18 ـ 19 ـ طوى .
(2) في نسخة ( س ) زيادة : أو مسموم .
(3) بصائر الدرجات : 503 / 5 ، وعنه في البحار 17 : 405 / 25 و22 : 516 / 21 .
(4) الحسن بن محبوب : هو السرّاد ويقال له : الزرّاد ، يكنّى أبا علي مولى بجيلة ، كوفي ثقة ، وكان جليل القدر ، يعدّ من الأركان الأربعة في عصره ، وله كتب كثيرة ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الهمامين الكاظم والرضا ( عليهما السلام ).
وقال الكشي : أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم ، وأقرّوا لهم بالفقه والعلم وهم ستّة نفر منهم الحسن بن محبوب .
مات ( رحمه الله ) في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين ، وكان من أبناء خمس وسبعين سنة ، انظر فهرست الشيخ : 46/ 151 ، رجال الشيخ : 347 / 9 و 372 / 11 ، رجال البرقي : 48 و53 ، رجال الكشي : 556 / 1050 و 584 / 1094 ، رجال ابن داود : 77 / 454 ، رجال العلامة : 97 / 222 .
نمُختَصَرُ البَصائِر
_ 83 _