وتقصّ عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قصّة أبي بكر وإنفاذه خالداً وقنفذاً وعمر والجمع معهم
لإخراج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة .
واشتغال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بضمّ أزواجه وتعزيتهم ، وجمع القرآن وتأليفه ، وقضاء ديونه ، وإنجاز عداته وهي ثمانون ألف درهم ، باع تليده وطارفه ، وقضاها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وقول عمر : اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون من البيعة ، فمالك أن تخرج عمّا أجمع عليه المسلمون ، وإن لم تفعل قتلناك .
وقول فضّة جارية فاطمة ( عليها السلام ) : إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مشغول ، والحقّ له لو أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه )
.
ذكر أبو علي الطبرسي في قوله تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلّمهم )
.
[ 513/6 ] روى محمّد بن كعب قال : سئل علي ( عليه السلام ) عن الدابة قال : ( أما والله ما لها ذَنَب ، وإنّ لها للحية )
.
[ 514/7 ] ومن الكتاب : ( إنّ الدابّة معها العصا والميسم )
(1).
[ 515/8 ] ومنه أيضاً : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( أنا صاحب العصا والميسم )
(2).
[ 516/9 ] وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي في مصباح المتهجّد ، عن يونس بن عبدالرحمن : أنّ الرضا ( عليه السلام ) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر ( عليه السلام ) بهذا :
( اللهمّ ادفع عن وليّك وخليفتك وحجّتك ـ ثمّ ساق الدعاء ـ وقال : اللهم وصلّ على ولاة عهده والأئمّة من بعده ، وبلّغهم آمالهم ، وزد في آجالهم ، وأعزّ نصرهم ، وتمّم لهم ما أسندت إليهم من أمرك ونهيك ، وثبّت دعائمهم ، واجعلنا لهم أعواناً ، وعلى دينك أنصاراً ، فإنّهم معادن كلمتك ، وخزّان علمك ، وأركان توحيدك ، ودعائم دينك ، وولاة أمرك ، وخالصتك من عبادك ، وصفوتك من خلقك ، وأوليائك وسلائل أوليائك ، وصفوة أولاد نبيّك ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته )
(3).
إعلم أنّ هذا الدعاء يدعى به لكلّ إمام في زمانه ، ومولانا صاحب الأمر ابن الحسن ( عليه السلام ) أحدهم صلوات الله عليهم ، فحينئذ يصدق عليه هذا الدعاء : اللهم صلّ على ولاة عهده والأئمّة من بعده ، إلى آخره.
وإلاّ لم يكن هذا الدعاء عامّاً لهم أجمع ، ويكون هذا النصّ مضافاً إلى ما
---------------------------
(1) مجمع البيان 4 : 234 ، عن حذيفة ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
(2) مجمع البيان 4 : 234 .
(3) مصباح المتهجد : 366 ـ 369 ، وأورده الكفعمي في مصباحه : 548 ـ 550 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 460 _
رويناه أوّلاً عنهم ( عليهم السلام ) ، من الأحاديث الصحيحة الصريحة في هذا المعنى واصلاً له وشاهداً بمعناه .
[ 517/10 ] ومن الكتاب المذكور أيضاً : ممّا يدعى به في شهر رمضان وغيره :
( اللهمّ كن لوليّك فلان بن فلان في هذه الساعة وكلّ ساعة وليّاً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه فيها طويلاً )
(1).
قوله : ( حتى تسكنه أرضك طوعاً ) يدلّ على زمان ظهوره وانبساط يده ( عليه السلام ) ، لأنّه اليوم مقهور مغصوب ، مستأثر على حقّه غير مستطيع لإظهار الحقّ في الخلق .
وقوله : ( وتمتّعه فيها طويلاً ) هذا يكون على ما رويناه في رجعته ( عليه السلام ) بعد وفاته ، لأنّا روينا أنّه يعيش ـ بعد ظهوره ـ في عالمه تسع عشرة سنة وأشهراً ويموت صلّى الله عليه .
ومن ذلك ما رويناه عن النعماني من كتاب الغيبة له رفع الحديث عن حمزة بن حمران ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنّه قال : ( يملك القائم ( عليه السلام ) تسع عشرة سنة وأشهراً )
(2).
وروي أيضاً : ( إنّ الذي يغسّله جدّه الحسين ( عليه السلام ) )
(3).
فأين موقع هذه التسع عشرة سنة وأشهراً من الدعاء له بطول العمر ، والتمتّع
---------------------------
(1) مصباح المتهجد : 573/574 ، وأورده الكليني في الكافي 4 : 162 ، والشيخ الطوسي في التهذيب 3 : 103 ، وابن طاووس في إقبال الاعمال : 85 .
(2) الغيبة للنعماني : 332/4 .
(3) الكافي 8 : 206/250 ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 461 _
في الأرض طويلاً ، الذي يظهر من هذا ، ويتبادر إلى الذهن أنّه يكون أطول من الزمن الذي انقضى في غيبته ( عليه السلام ) ، وعمره الشريف اليوم ينيف على الخمسمائة والثلاثين سنة
(1).
ويدلّ على ما قلناه ما تقدّم ورويناه عن الصادق ( عليه السلام ) أنّه سئل أيّ العمرين له أطول ؟ قال : ( الثاني بالضعف )
(2).
وهذا صريح في رجعته ( عليه السلام ) ، ( وإنّ طول التمتّع في الأرض يكون فيها لا فيما قبلها ، والحمد لله على ما هداه )
(3).
[ 518/11 ] ورويت عن جعفر بن محمّد بن قولويه في مزاره ، قال : حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر ، عن المعلّى بن محمّد البصري ، قال : حدّثني أبو الفضل ، عن ابن صدقة ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( كأنّي والله بالملائكة قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين ( عليه السلام ) ) قال ، قلت : فيتراؤن لهم ؟ قال : ( هيهات هيهات لزماءَ والله ـ المؤمنين ـ حتى أنّهم ليمسحون وجوههم بأيديهم ، قال : ويُنزل الله على زوّار الحسين ( عليه السلام ) غدوة وعشية من طعام الجنّة ، وخدّامهم الملائكة ، لا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ أعطاه إيّاها ).
قال : قلت : هذه والله الكرامة.
قال : ( يا مفضّل اُزيدك ؟ ) قلت : نعم يا سيدي ، قال : ( كأنّي بسرير من نور قد
---------------------------
(1) هذا التاريخ لعمره الشريف روحي لتراب مقدمه الفداء في حياة المصنّف ( رحمه الله ) ، ولكن عمره الآن تقريباً ألف ومائة وستة وستون سنة .
(2) تقدّم في حديث رقم 57 عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
(3) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( س ) والمختصر المطبوع .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 462 _
وضع ، وقد ضربت عليه قبّة من ياقوتة مكلّلة بالجوهر ، وكأنّي بالحسين ( عليه السلام ) جالساً على ذلك السرير ، وحوله تسعون ألف قبة خضراء وكأنّي بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه ، فيقول الله عزّ وجلّ لهم : أوليائي سلوني فطالما اُوذيتم وذُلّلتم واضطهدتم ، فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ قضيتها لكم ، فيكون أكلهم وشربهم من الجنّة ، فهذه والله الكرامة التي لا يشبهها شيء )
(1) .
إعلم أنّ هذا الحديث فيه دلالة واضحة بيّنة على أنّ ذلك يكون في الدنيا ، في رجعة سيّدنا الحسين بن علي صلوات الله عليهما إلى الدنيا ، كما رويناه في الأحاديث الصحيحة الصريحة عنهم ( عليهم السلام ) في رجعته ورجعتهم .
أولاً : قوله ( عليه السلام ) : ( ويُنزل الله على زوّار الحسين ( عليه السلام ) غدوة وعشيّة من طعام الجنّة ) والإنزال يدلّ على أنّه في الدنيا لا في الآخرة.
وثانياً : قوله ( عليه السلام ) : ( لا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ أعطاها إيّاه ) وحوائج الدنيا لا تسأل في الآخرة .
وثالثاً : قوله سبحانه : ( فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ قضيتها لكم ).
والرابع : قوله ( عليه السلام ) : ( فيكون أكلهم وشربهم من الجنّة ) فظهر ما قلناه والحمد لله معطي من يشاء ما يشاء كيف يشاء .
[ 519/12 ] ومن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب ( رحمه الله ) بإسنادي المتّصل إليه أولاً عن محمّد بن سلام ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى ( ربّنا أمتّنا اثنتين
---------------------------
(1) كامل الزيارات : 135/3 ، وفي آخره : فهذه الكرامة التي لا انقضاء لها ، ولا يدرك منتهاها .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 463 _
وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل )
(1) قال : ( هو خاصّ لأقوام في الرجعة بعد الموت ، ويجري في القيامة ، فبعداً للقوم الظالمين )
(2).
[ 520/13 ] الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن إسحاق الخارقي
(3) ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : كان أبو جعفر ( عليه السلام ) يقول : لقائم آل محمّد عليه وعليهم السلام غيبتان ، واحدة طويلة والاُخرى قصيرة ، قال : فقال لي : ( نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الاُخرى ، ولا يكون ذلك حتى يختلف ( ولد فلان )
(4) ، وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتدّ البلاء ، ويشمل الناس موت وقتل ، يلجأون منه إلى حرم الله وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) )
(5).
[ 521/14 ] وقفت على كتاب فيه خطب لمولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وعليه خط السيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس ما صورته : هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق ( عليه السلام ) فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنّه ( عليه السلام ) انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة.
وقد روي بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، وبعض ما فيه عن غيرهما ، ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تسمّى المخزون وهي :
---------------------------
(1) غافر 40 : 11 .
(2) نقله عنه الحر العاملي في الإيقاظ من الهجعة : 298/127 ، والبحراني في تفسير البرهان 4 : 749/20 ، والمجلسي في البحار 53 : 116/139 .
(3) في إعلام الورى : إبراهيم الخارقي ، وفي الغيبة : إبراهيم بن [ زياد ] الخارقي .
(4) في نسختي ( س وض ) : سيف بني العباس.
(5) أورده النعماني في الغيبة : 172/7 ، والطبرسي في إعلام الورى 2 : 259 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 464 _
( الحمد لله الأحد المحمود ، الذى توحّد بملكه ، وعلا بقدرته ، أحمده على ما عرّف من سبيله ، وألهم من طاعته ، وعلّم من مكنون حكمته ، فإنّه محمود بكل ما يولي ، مشكور بكل ما يُبلي .
وأشهد أنّ قوله عدل ، وحكمه فصل ، ولم ينطق فيه ناطق بكان إلاّ كان قبل كان ، وأشهد أنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عبدالله وسيّد عباده ، خير من أهّل أوّلاً ، وخير من أهّل آخراً ، فكلّما نسج الله الخلق فريقين جعله في خير الفريقين ، لم يسهم فيه عائر ولا نكاح جاهلية .
ثمّ إنّ الله تعالى ( قد بعث إليكم رسولاً من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )
(1) فـ ( اتّبعوا ما اُنزل إليكم من ربّكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ماتذكّرون )
(2).
فإنّ الله جعل للخير أهلاً ، وللحق دعائم ، وللطاعة عِصَماً يعصم بهم ، ويقيم من حقّه فيهم ، على ارتضاء من ذلك ، وجعل لها رُعاة وحفظة ، يحفظونها بقوّة ويعينوا عليها أولياء ذلك بما ولّوا من حقّ الله فيها.
أمّا بعد ، فإنّ روح
(3) البصر روح الحياة الذي لا ينفع إيمان إلاّ به ، مع كلمة الله والتصديق بها ، فالكلمة من الروح والروح من النور ، والنور نور السماوات ، فبأيديكم سبب وصل إليكم ، منه إيثار واختيار ، نعمة الله لا تبلغوا شكرها ، خصّصكم بها ، واختصّكم لها ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما
---------------------------
(1) بداية القوس اقتباس من سورة التوبة آية 128 .
(2) الأعراف 7 : 3 .
(3) في نسخة ( ض ) : نور .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 465 _
يعقلها إلاّ العالمون )
(1).
فابشروا بنصر من الله عاجل ، وفتح يسير يقرّ الله به أعينكم ، ويذهب بحزنكم ، كفّوا ما تناهى الناس عنكم ، فإنّ ذلك لا يخفى عليكم ، إنّ لكم عند كلّ طاعة عوناً من الله ، يقول على الألسن ، ويثبت على الأفئدة ، وذلك عون الله لأوليائه يظهر في خفيّ نعمته لطيفاً ، وقد أثمرت لأهل التقوى أغصان شجرة الحياة ، وإنّ فرقاناً من الله بين أوليائه وأعدائه ، فيه شفاء للصدور ، وظهور للنور ، يعزّ الله به أهل طاعته ، ويذلّ به أهل معصيته ، فليعدّ امرؤ لذلك عدّته ، ولا عُدّة له إلاّ بسبب بصيرة ، وصدق نيّة ، وتسليم سلامة أهل الخفّة في الطاعة ثقل الميزان ، والميزان بالحكمة ، والحكمة ضياء للبصر ، والشكّ والمعصية في النار ، وليسا منّا ولا لنا ولا إلينا ، قلوب المؤمنين مطويّة على الإيمان ، إذا أراد الله إظهار ما فيها فتحها بالوحي ، وزرع فيها الحكمة ، وإنّ لكلّ شيء إنىً
(2) يبلغه ، لا يعجل الله بشيء حتى يبلغ إناه ومنتهاه .
فاستبشروا ببشرى ما بشّرتم به ، واعترفوا بقربان ما قرّب لكم ، وتنجّزوا من الله ما وعدكم ، إنّ منّا دعوة خالصة يظهر الله بها حجّته البالغة ، ويتمّ بها النعمة السابغة ، ويُعطي بها الكرامة الفاضلة ، من استمسك بها أخذ بحكمة منها ، آتاكم الله رحمته ، ومن رحمته نوّر القلوب ، ووضع عنكم أوزار الذنوب ، وعجّل شفاء صدوركم ، وصلاح اُموركم ، وسلام منّا لكم دائماً عليكم ، تسلمون به في دول الأيام ، وقرار الأرحام ، أين كنتم وسلامه لسلامه عليكم ، في ظاهره وباطنه ، فإنّ الله عزّ وجلّ اختار لدينه أقواماً انتجبهم للقيام عليه ، والنصرة له ، بهم ظهرت كلمة
---------------------------
(1) العنكبوت 29 : 43 .
(2) إنىً : بمعنى حين ووقت ، انظر الصحاح 6 : 2273 ـ أنا .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 466 _
الإسلام وارجاء مفترض القرآن ، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها .
ثمّ إنّ الله تعالى خصّكم بالإسلام ، واستخلصكم له ؛ لأنّه اسم سلامة ، وجماع كرامة ، اصطفى الله تعالى منهجه ، وبيّن حججه ، أرّف
(1) اُرفه وحدّه ، ووصفه وجعله رضاً كما وصفه ، ووصف أخلاقه ، وبيّن أطباقه ، ووكّد ميثاقه من ظهر وبطن ، ذي حلاوة وأمن ، فمن ظفر بظاهره ، رأى عجائب مناظره في موارده ومصادره ، ومن فطن لما بطن ، رأى مكنون الفطن ، وعجائب الأمثال والسنن .
فظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه ، فيه ينابيع النعم ، ومصابيح الظلم ، لا تفتح الخيرات إلاّ بمفاتيحه ، ولا تنكشف الظلمات إلاّ بمصابيحه ، فيه تفصيل وتوصيل ، وبيان الإسمين الأعلين اللذَين جُمعا فاجتمعا ، لا يصلحان إلاّ معاً ، يسمّيان فيعرفان ، ويوصفان فيجتمعان ، قيامهما في تمام أحدهما في منازلهما ، جرى بهما ، ولهما نجوم ، وعلى نجومهما نجوم سواهما ، تحمي حماه ، وترعى مراعيه ، وفي القرآن بيانه وحدوده وأركانه ، ومواضع تقادير ما خزن بخزائنه ، ووزن بميزانه ، ميزان العدل وحكم الفصل.
إنّ رعاة الدين فرّقوا بين الشكّ واليقين ، وجاؤا بالحقّ المبين ، قد بيّنوا الإسلام تبياناً ، وأسّسوا له أساساً وأركاناً ، وجاؤا على ذلك شهوداً وبرهاناً ، من علامات وامارات ، فيها كفاء لمكتف ، وشفاء لمشتف ، يحمون حماه ، ويرعون مرعاه ، ويصونون مصونه ، ويهجرون مهجوره ، ويحبّون محبوبه ، بحكم الله وبرّه ، وبعظيم أمره وذكره ، بما يجب أن يذكر به ، يتواصلون بالولاية ، ويتلاقون بحسن اللهجة
(2) ،
---------------------------
(1) الاُرفة : الحد ، والجمع اُرف، الصحاح 4 : 1330 ـ أرف .
(2) في نسخة ( س ) : البهجة .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 467 _
ويتساقون بكأس الرويّة ، ويتراعون بحسن الرعاية ، ويصدرون بصدور بريّة ، وأخلاق سنيّة لم يؤلم عليها ، وبقلوب رضيّة لا تتسرّب
(1) فيها الدنيّة ، ولا تشرع
(2) فيها الغيبة
(3).
فمن استبطن من ذلك شيئاً استبطن خلقاً سنيّاً
(4) ، وقطع أصله ، واستبدل منزله بنقضه مبرماً ، واستحلاله محرّماً ، من عهد معهود إليه ، وعقد معقود عليه ، بالبرّ والتقوى ، وإيثار سبيل الهدى ، على ذلك عقد خلقهم ، وآخا اُلفتهم ، فعليه يتحابّون ، وبه يتواصلون ، فكانوا كالزرع وتفاضله ، يبقى فيؤخذ منه ، ويفنى ببقية التخصيص ، ويبلغ منه التخليص ، فلينظر امرؤ في قصر أيّامه ، وقلّة مقامه في منزل ، حتى يستبدل منزلاً ليضع متحوّله ومعارف منتقله .
فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه ، وتجنّب ما يُرديه ، فيدخل مدخل الكرامة ، وأصاب سبيل السلامة ، يبصر ببصره ، وأطاع هادي أمره ، دُلّ أفضل الدلالة ، وكشف غطاء الجهالة المضلّة الملهية ، فمن أراد تفكّراً أو تذكّراً فليذكر رأيه ، وليبرز
(5) بالهدى ، ما لم تغلق أبوابه وتفتح أسبابه ، وقبل نصيحة من نصح بخضوع وحسن خشوع ، بسلامة الإسلام ودعاء التمام ، وسلام بسلام ، تحيّة دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالإيمان ، ويتعارف عدل الميزان ، فليقبل أمره وإكرامه بقبول ، وليحذر قارعة قبل حلولها .
---------------------------
(1) في نسختي ( س وض ) : لا تشوب .
(2) في نسخة ( س ) : ولا تسرع .
(3) في نسخة ( ض ) : الغبيّة .
(4) في نسخة ( س ) : سيّئاً .
(5) في نسخة ( س وض ) : ولينظر .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 468 _
إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، لا يعي حديثنا إلاّ حصون حصينة ، أو صدور أمينة ، أو أحلام رزينة.
يا عجباً كلّ العجب بين جمادى ورجب ) فقال رجل من شرطة الخميس : ما هذا العجب يا أمير المؤمنين ؟ قال : ( وما لي لا أعجب ! وقد سبق القضاء فيكم وما تفقهون الحديث ، إلاّ صوتات بينهنّ موتات ، حصد نبات ، ونشر أموات.
يا عجباً كلّ العجب بين جمادى ورجب ) قال الرجل أيضاً : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ؟ قال : ( ثكلت الآخر اُمّه ، وأي عجب يكون أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء ) قال أنّى يكون ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ( والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، كأنّي أنظر إليهم قد تخلّلوا سكك الكوفة وقد شهروا سيوفهم على مناكبهم ، يضربون كلّ عدوّ لله ولرسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وللمؤمنين ، وذلك قول الله عزّ وجلّ ( يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور )
(1).
أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، لأنا بطرق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض.
أنا يعسوب المؤمنين
(2) ، وغاية السابقين ، ولسان المتّقين ، وخاتم الوصيين ، ووارث النبيّين ، وخليفة ربّ العالمين.
أنا قسيم النار ، وخازن الجنان ، وصاحب الحوض ، وصاحب الأعراف ،
---------------------------
(1) الممتحنة 60 : 13.
(2) في البحار : الدين.
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 469 _
فليس منّا أهل البيت إمام إلاّ وهو عارف بجميع أهل ولايته ، وذلك قول الله تعالى ( إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد )
(1).
ألا أيّها الناس سلوني قبل أن تشغر
(2) برجلها فتنة شرقية ، وتطأ في خطامها بعد موت وحياة ، أو تشبّ ناراً بالحطب الجزل غربي الأرض ، ورافعة ذيلها تدعو ياويلها بذحلة أو مثلها ، فإذا استدار الفلك قلت : مات أو هلك بأيّ واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً )
(3).
ولذلك آيات وعلامات أولهنّ : احصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتحريق الزوايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر ، يشبّهن بالهدى ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل كثير وموت كثير ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، والمذبوح بين الركن والمقام ، وقتل الأسبُع
(4) المظفّر صبراً في بيعة الأصنام ، مع كثير من شياطين الإنس.
وخروج السفياني براية خضراء ، وصليب من ذهب ، أميرها رجل من كلب ، واثنى عشر ألف عنان من خيل يحمل السفياني متوجّهاً إلى مكّة والمدينة ، أميرها أحد من بني اُميّة يقال له : خزيمة ، أطمس العين الشمال ، على عينه طرفة تميل بالدنيا ، فلا تردّ له راية حتى ينزل المدينة ، فيجمع رجالاً ونساءً من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيحبسهم
---------------------------
(1) الرعد 13 : 7 .
(2) في نسخة ( س ) : تسرع ، وفي المختصر المطبوع ص 198 : تشرع .
وشغر : كثر واتّسع ، الصحاح 2 : 700 ـ شغر.
(3) الاسراء 17 : 6 .
(4) في البحار : الأسبغ .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 470 _
في دار بالمدينة يقال لها : دار أبي الحسن الاُموي.
ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان ، حتى إذا توسّطوا الصفائح البيض بالبيداء ، يخسف بهم ، فلا ينجو منهم أحد إلاّ رجل واحد ، يحوّل الله وجهه في قفاه لينذرهم ، وليكون آية لمن خلفه ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واُخذوا من مكان قريب )
(1).
ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة ، فينزلون بالروحاء
(2) وفاروق
(3) ، وموضع مريم وعيسى ( عليهما السلام ) بالقادسية ، ويسير منهم ثمانون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود ( عليه السلام ) بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة ، وأمير الناس جبّار عنيد يقال له : الكاهن الساحر ، فيخرج من مدينة يقال لها : الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ، ويُقتل على جسرها سبعين ألفاً ، حتى يحتمي الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجسام ، ويسبى من الكوفة أبكاراً
(4) ، لا يكشف عنها ستر
(5) ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل ، يزلف بهنّ الثويّة وهي الغريّين.
---------------------------
(1) سبأ 34 : 51 .
(2) الروحاء : قرية من قرى بغداد وعلى نهر عيسى قرب السندية ، معجم البلدان 3 : 87/5646 .
(3) فاروق : من قرى إصطخر فارس ، معجم البلدان 4 : 260 .
والظاهر أنّها مصحّفة من فاروث : وهي قرية كبيرة ذات سوق على شاطئ دجلة بين واسط والمذَار ، معجم البلدان 4 : 259 ، وفاروث أقرب للسياق .
(4) في نسخة ( ض ) : سبعون بكراً .
(5) في نسخة ( س ) : كفّ .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 471 _
ثم يخرج من الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق ، حتى يضربوا دمشق ، لا يصدّهم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد ، وتقبل رايات شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير ، مختّمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر ، يسير الرعب أمامها شهراً .
ويخلف أبناء سعد السقاء
(1) بالكوفة طالبين بدماء آبائهم ، وهم أبناء الفسقة ، حتى تهجم عليهم خيل الحسين ( عليه السلام ) ، يستبقان كأنّهما فرسا رهان ، شعث غبر أصحاب بواكي وقوارح ، إذ يضرب أحدهم برجله باكية ، يقول : لا خير في مجلس بعد يومنا هذا ، اللهم فإنّا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون ، فهم الأبدال الذين وصفهم الله عزّ وجلّ ( إنّ الله يحبّ التوابين ويحبّ المتطهرين )
(2) والمطهّرون نظراؤهم من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
ويخرج رجل من أهل نجران راهب مستجيب للإمام ، فيكون أول النصارى إجابة ، ويهدم صومعته
(3) ، ويدقّ صليبها ، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل ، فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى ، فيكون مجتمع الناس جميعاً من الأرض كلّها بالفاروق ـ وهي محجّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهي ما بين البرس
(4) والفرات ـ فيقبل يومئذ فيما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى ، فيقتل بعضهم بعضاً ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً
---------------------------
(1) في نسخة ( س ) : سعد السفياني .
(2) البقرة 2 : 222 .
(3) في نسختي ( س وض ) : بيعته .
(4) في نسخة ( ض ) : الناوس .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 472 _
خامدين )
(1) بالسيف وتحت ظلّ السيف.
ويخلف من بني الأشهب الزاجر اللحظ ، في اُناس من غير أبيه هرباً حتى يأتون سبطرى عوّذاً بالشجر ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( فلمّا أحسّوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلّكم تسئلون )
(2) ومساكنهم الكنوز التي غلبوا
(3) من أموال المسلمين ، ويأتيهم يومئذ الخسف والقذف والمسخ ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( وما هي من الظالمين ببعيد )
(4).
وينادي مناد في شـهر رمضان من ناحية المشرق ، عند طلوع الشمس : يا أهل الهدى اجتمعوا ، وينادي من ناحية المغرب بعد ما تغيب الشمس
(5) : يا أهل الضلالة
(6) اجتمعوا ، ومن الغد عند الظهر تكوّر الشمس ، فتكون سوداء مظلمة ، واليوم الثالث يفرّق بين الحقّ والباطـل بخروج دابّة الأرض ، وتقبل الروم إلى قريـة بساحل البحـر ، عند كهف الفتـية ، ويبـعث الله الفتية من كهفهم إليهم ، رجل يقـال له : مليخا
(7) والآخر كمسلمينا
(8) ، وهما الشاهدان المسلّمان للقائم ( عليه السلام ).
---------------------------
(1) الأنبياء 21 : 15 .
(2) الأنبياء 21 : 12 ـ 13 .
(3) في البحار : غنموا .
(4) هود 11 : 83 .
(5) في نسخة ( س ) : بعد ما يغيب الشفق .
(6) في البحار : الهدى .
(7) في نسخة من حاشية نسخة ( س ) والمختصر المطبوع : تمليخا ، وقد ورد الإسمان في كتب التاريخ والتفسير ، فمنهم من يقول : تمليخا ، ومنهم من يقول : مليخا .
(8) في نسخة ( ض ) : مكسلمينا .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 473 _
فيبعث أحد الفتية إلى الروم ، فيرجع بغير حاجة ، ويبعث الآخر ، فيرجع بالفتح ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً )
(1).
ثمّ يبعث الله من كلّ اُمّة فوجاً ليريهم كانوا ما يوعدون فيومئذ تأويل هذه الآية ( ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً ممّن يكذّب بآياتنا فهم يوزعون )
(2) والوزع خفقان أفئدتهم.
ويسير الصدّيق الأكبر براية الهدى ، والسيف ذو الفقار والمخصرة ، حتى ينزل أرض الهجرة مرتين وهي الكوفة ، فيهدم مسجدها ويبنيه على بنائه الأول ، ويهدم ما دونه من دور الجبابرة.
ويسير إلى البصرة حتى يشرف على بحرها ، ومعه التابوت ، وعصا موسى ( عليه السلام ) ، فيعزم عليه فيزفر في البصرة زفرة فتصير بحراً لجّيّاً ، لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ السفينة على ظهر الماء.
ثمّ يسير إلى حروراء
(3) حتى يحرقها ، ويسير من باب بني أسد حتى يزفر زفرة في ثقيف ، وهم زرع فرعون .
ثمّ يسير إلى مصر فيعلو منبره ، ويخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض نباتها ، وتتزيّن الأرض لأهلها ،
---------------------------
(1) آل عمران 3 : 83 .
(2) النمل 27 : 83 .
(3) حروراء : بفتحتين وسكون الواو ، قرية بظاهر الكوفة ، وقيل : موضع على ميلين من الكوفة نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، معجم البلدان 2 : 283/3629 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 474 _
وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرق الأرض كأنعامهم ، ويقذف في قلوب المؤمنين العلم ، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( يغنِ الله كلاًّ من سعته )
(1).
وتخرج لهم الأرض كنوزها ويقول القائم ( عليه السلام ) ( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية )
(2) فالمسلمون يومئذ أهل الصواب للدين ، أذن لهم في الكلام فيومئذ تأويل هذه الآية ( وجاء ربّك والملك صفاً صفاً )
(3) فلا يقبل الله يومئذ إلاّ دينه الحق ألا لله الدين الخالص ، فيومئذ تأويل هذه الآية ( أو لم يروا أنا نسوقُ الماءَ إلى الأرضِ الجُرُز فنُخرجُ به زرعاً تأكلُ منه أنعامُهم وأنفُسهم أفلا يُبصرون * ويقولون متى هذا الفتحُ إن كنتم صادقين * قل يومَ الفتحِ لا ينفعُ الذين كفروا إيمانُهم ولا هم يُنظرون * فأعرض عنهم وانتظر إنّهم منتظِرون )
(4).
فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته ثلاثمائة سنة ونيفاً ، وعدّة أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر ، منهم : تسعة من بني اسرائيل ، وسبعون من الجن ، ومائتان وأربعة وثلاثون فيهم سبعون الذين غضبوا للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ هجته مشركوا قريش ، فطلبوا إلى نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يأذن لهم في إجابتهم ، فأذن لهم حيث نزلت هذه الآية ( إلاّ الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحاتِ وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظُلموا وسيعلم الذين ظَلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون )
(5).
---------------------------
(1) النساء 4 : 130 .
(2) الحاقة 69 : 24 .
(3) الفجر 89 : 22 .
(4) السجدة 32 : 27 ـ 30 .
(5) الشعراء 26 : 227 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 475 _
وعشرون من أهل اليمن منهم المقداد بن الأسود ، ومائتان وأربعة عشر الذين كانوا بساحل البحر ممّا يلي عدن ، فبعث الله إليهم نبيّ برسالة فأتوا مسلمين ، وتسعة من بني اسرائيل ، ومن أفناء الناس
(1) ألفان وثمانمائة
(2) وسبعة عشر.
ومن الملائكة أربعون ألفاً ، من ذلك من المسوّمين ثلاثة آلاف ، ومن المردفين خمسة آلاف.
فجميع أصحابه ( عليه السلام ) سبعة وأربعون ألفاً ومائة وثلاثون من ذلك تسعة رؤوس ، مع كلّ رأس من الملائكة أربعة آلاف من الجنّ والإنس عدّة يوم بدر ، فبهم يقاتل ، وإيّاهم ينصر الله ، وبهم ينتصر ، وبهم يقدّم
(3) النصر ، ومنهم نضرة الأرض )
(4).
كتبتها كما وجدتها وفيها نقص حروف.
[ 522/15 ] محمّد بن علي الصدوق ( رحمه الله ) ، عن محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، قال : حدّثنا أبو عبدالله الورّاق محمّد بن عبدالله بن الفرج ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن بنان المقري
(5) ، قال : حدّثنا محمّد بن سابق ، قال : حدّثنا زائدة ، عن الأعمش ، قال : حدّثنا فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : كنّا جلوساً في المدينة في ظلّ حائط ، قال : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في غرفة فاطّلع علينا ، فقال : ( فيما أنتم ؟ ) قلنا : نتحدّث ، قال : ( عمّ ذا ؟ ) قلنا : عن الساعة ، فقال :
---------------------------
(1) من أفناء الناس : إذا لم يعلموا ممنّ هم ، اُنظر الصحاح 6 : 2457 ـ فني .
(2) في نسخة ( ض ) : ثلاثمائة .
(3) في نسخة ( ض ) : يقدّر .
(4) نقله المجلسي في بحار الأنوار 53 : 77/86 .
(5) في المصدر : علي بن بيان المقرئ .