شديداً ، فخرجوا كالذرّ من يمينه وشماله وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار ، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم برداً وسلاماً ، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها )
.
[ 441/3 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( إنّ الله جلّ وعزّ لمّا أراد أن يخلق آدم ( عليه السلام ) أرسل الماء على الطين ، ثمّ قبض قبضة فعركها
ثمّ فرّقها فرقتين بيده ، ثمّ ذرأهم فإذا هم يدبّون ، ثمّ رفع لهم ناراً فأمر أهل الشمال أن يدخلوها ، فذهبوا إليها فهابوها
ولم يدخلوها ، ثمّ أمر أهل اليمين أن يدخلوها فذهبوا فدخلوها ، فأمر الله عزّ وجلّ النار فكانت عليهم برداً وسلاماً .
فلمّا رأى ذلك أهل الشمال قالوا : يا ربّ أقلنا فأقالهم ، ثمّ قال لهم : ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها ، فأعادهم طيناً وخلق منها آدم ( عليه السلام ).
وقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء .
قال : فترون أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أول من دخل تلك النار فذلك قوله عزّ وجلّ ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل العابدين )
.
رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته وإن لم يكن معه بيّنة :
قوله ( عليه السلام ) : ( فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ) .
ظاهره الجبر وليس هو المراد ، لما ثبت وتحقّق من مذهب آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم وسلامه لكونه ينافي الثواب والعقاب .
والجواب عن هذا : الظاهر أنّه ( عليه السلام ) أخبر عن الأمر الباطن ، الذي جرى في علم الله سبحانه مما يؤول أمر خلقه إليه ويختم لهم به ، وكان سببه طاعة من أطاعه ، ومعصية من عصاه في بدء الخلقة وهم ذرّ ، كما بيّن ( عليه السلام ) وشرح في الحديث ، ولا يلزم من إخباره بهذا العلم الذي علّمه الله تعالى إيّاه وأظهر عليه ، وحدّث هو ( عليه السلام ) به وانتقل من الغيب إلى الشهادة ، ومن السرّ إلى العلانية ، رفع القدرة والاختيار عن المكلّفين ، فإنّ التكليف إنّما هو جار على الظاهر دون الباطن الذي هو في علمه سبحانه ، وإنّا اُمرنا بتصديقه والإذعان له ، ولهذا أمثلة كثيرة :
منها : ما ورد في الحديث : ( إنّ ولد الزنا لا ينجب )
(1) فهو إخبار بما يختم له به ، ويصير أمره إليه ، وهو من سرّ الله الذي يُظهر عليه من يشاء من عباده ، ولا تنافي هذه الأخبار التكليف بل تجامعه ، لأنّ التكليف على الظاهر وتحقّقه قدرة المكلّف ، وهذا إخبار عن الأمر الباطن وليس يدخل تحت قدرته .
ومنها : ما أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن مشركي أهل مكّة وإنّهم لا يسلمون ، ومن يُقتل منهم ببدر ويرمى بالقليب مع أنّهم مكلّفون بالإسلام ، والرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدعوهم إليه ويأمرهم به .
---------------------------
(1) انظر المحتضر للمصنّف : 56 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 385 _
ومنها : حاجة أهل الفقر والمسكنة واضطرارهم ، ففي الباطن من الله سبحانه ، لأنّه هو المغني المفقر بالإجماع ، لأنّه سبحانه وتعالى الخالق الرازق ، المغني المفقر ، ومن ادّعى سواه كفر به ، وفي الظاهر ما ورد في الحديث : ( ما جاع فقير إلاّ بما مُتّع به غني )
(1) ويسمّى الغني : قاتل الفقير إذ منعه حقّه ، ويعاقب عليه لاختياره لذلك ولا منافاة بينهما .
ومنها : قتل المقتول ، ففي الباطن ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم )
(2) وهو عبد مأمور لا يتوفّى نفساً إلاّ بإذن ربّه سبحانه ، وفي الظاهر : القاتل الذي تولّى إزهاق نفس المقتول هو الفاعل للقتل ، وباختياره فعله ، ثمّ يثاب أو يعاقب أو يكون مباحاً ، ولا ينافي باطن هذا الأمر ظاهره .
ومنها : الغلاء بسبب الاحتكار ، ففي الباطن هو سبحانه المغلّي والمرخّص للأسعار ، لأنّه قسّم أرزاق عباده على السعة والضيق ، ففي الحديث عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : ( لقد نفث الروح الأمين في روعي أنّه لن تموت نفس حتى تستكمل ما كتب لها )
(3) ولا يجوز أن ينسب الرزق إلاّ إليه سعته وضيقه ، وإن كان في الظاهر يُلام المحتكر ويذّم ويعاقب ، لأنّه اختار الاحتكار على البيع ، ولا منافاة بين هذين الأمرين .
ومنها : الأمر الجليل الكبير الذي أمر الله عباده بالإقرار به وتصديقه ، لنصّ الكتاب العزيز عليه ، وورود الأحاديث الصحيحة به ، ولا يجوز ردّ ما ثبت ف
ي
---------------------------
(1) نهج البلاغة 3 : 231/328 .
(2) السجدة 32 : 11 .
(3) الكافي 2 : 74/2 ، وفيه : حتى تستكمل رزقها .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 386 _
الكتاب والسنّة ، وليس فيه منافاة للعقول المستصبحة بنور هدى آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم ، وعلومهم التي خصّهم بها ربّهم ، وأمر من سواهم بسؤالهم كما قال تعالى ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )
(1) فهم أهل الذكر ، والذكر هنا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بنصّ الصادق ( عليه السلام )
(2) ، وهو التصديق بقضاء الله وقدره والرضا بهما ، ففي الحديث القدسي المرويّ : ( من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر على نعمائي فليتخذ ربّاً
(3) سواي )
(4) وهو من أسرار الله سبحانه التي لم يطّلع عليها سواه ، أو من أراد من حججه من أراد .
[ 442/4 ] وبالإسناد المتقدّم المتصل إلى الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في القدر : ( ألا إنّ القدر سرّ من سرّ الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطويّ عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم ، لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة ، ولا بقدرة الصمدانيّة ، ولا بعظمة النورانيّة ، ولا بعزّة الوحدانية ، لأنّه بحر زاخر خالص لله عزّ وجلّ ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيّات والحيتان ، يعلو مرّة ، ويسفل اُخرى ، في قعره شمس تضيء ، ولا ينبغي أن يطّلع إليها إلاّ الواحد الفرد ، فمن تطلّع إليها فقد ضادّ الله في حكمه ، ونازعه في
---------------------------
(1) النحل 16 : 43 .
(2) الكافي 1 : 210/1 و2 و4 ، وانظر نظيره في تفسير البرهان 3 : 423 ـ 428 .
(3) في نسخة ( ض وق ) : إلهاً .
(4) دعوات الراوندي : 169/471 ، روضة الواعظين : 30 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 387 _
سلطانه ، وكشف عن سره وستره ، وباءَ بغضب من الله ، ومأواه جهنّم وبئس المصير )
(1) .
ولقوله ( عليه السلام )
(2) : ( فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ، ولا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ).
تأويل آخر : وهو صعوبة الإنتقال من إحدى الحالتين إلى الاُخرى لا التعذّر الكلّي ، والإمتناع من الوقوع كما جاء في وصيّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يا علي ثلاث لا يطيقها أحد من هذه الاُمّة : المواساة للأخ في ماله ، وإنصاف الناس من نفسه ، وذكر الله على كلّ حال )
(3) يريد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعدم الطاقة : الصعوبة والمشقّة ، لامتناع الوقوع لتكليفهم بها ، بنصوص أهل البيت صلوات الله عليهم.
وأيضاً ما روي عن مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد )
(4) وما عنى ( عليه السلام ) بعدم القدرة سلبها بالكلّية ، إنّما أراد الصعوبة والمشقّة والتعسّر.
ونقول : إنّ أحاديث الرسول وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم تحذو حذو القرآن العزيز ، ففيها المحكم والمتشابه ، والخاصّ والعام ، والناسخ والمنسوخ ، والمجمل والمفصّل ، إلى غير ذلك ، ولا يحلّ لمؤمن أن يردّ الحديث إن صحّ طريقه أو لم يصحّ بما
---------------------------
(1) التوحيد : 383/32 .
(2) توضيح آخر للحديث المتقدّم رقم 441 .
(3) الخصال : 125/ قطعة من حديث 122 .
(4) نهج البلاغة 3 : 78 ـ 79/ خطبة 45 ، وفيه طعمه بدل : طعامه .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 388 _
يكون فيه ، ممّا لا يستبين معناه ويتّضح كالقرآن العزيز.
وقال : قال الصادق ( عليه السلام ) : ( وَقِفْ عند كلّ ما اشتبه عليك ، فإنّ الوقوف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال )
(1) ومن أعظم الاهوال ردّ علم آل محمّد عليه وعليهم السلام .
وفي الحديث عن الصادق ( عليه السلام ) أنّ رجلاً قال له : يابن رسول الله الرجل يعرف بالكذب يأتينا عنكم بالحديث وما نعرفه أنردّه عليه ؟ قال : ( يقول لكم إنّ جعفر بن محمّد يقول : إنّ الليل ليس بليل والنهار ليس بنهار ) قال ما يبلغ إلى هذا ، فقال ( عليه السلام ) : ( إن قال لك إن جعفر بن محمّد يقول : إنّ الليل ليس بليل والنهار ليس بنهار فلا تكذّبه ، فإنّك إنّما كذّبت جعفر بن محمّد ، قال الله سبحانه وتعالى ( وما اُوتيتم من العلم إلاّ قليلاً )
(2) )
(3)، وما يعلم السامع ما قصد بالحديث .
وفي الحديث : ( بُعثنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم )
(4) فمن ثمّ وجب التسليم وحرم الردّ ، لتعدّد درجات العقل وكثرتها ، لكن كلّ ما خالف الكتاب العزيز والسنّة المتّفق عليها لا يجوز الأخذ به ، ولا يحلّ تكذيبه وتكذيب
---------------------------
(1) أورده الشريف الرضي في نهج البلاغة 3 : 44 ، وفيه ( فإنّ الكف عن حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال ) ، والطوسي في التهذيب 7 : 474/ ذيل حديث 112 وفيه : ( الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة )، والبرقي في المحاسن 1 : 340/101 ، والعياشي في تفسيره 1 : 8/2 .
(2) الاسراء 17 : 85 .
(3) البحار 2 : 211/110 ، وتقدّم برقم 239 .
(4) أورده البرقي في المحاسن 1 : 310/17 ، والصدوق في الأمالي 504/ ذيل حديث 6 ، والطوسي في أماليه : 481/1050 ، وفيهنّ : إنّا معاشر الأنبياء اُمرنا...
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 389 _
راويه
(1) إلاّ أن يردّه إلى إمام معصوم ، ويصحّ النقل عنه بالردّ فيجوز حينئذ.
رجعنا إلى أصل الباب
[ 443/5 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن داود العجلي ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر
(2) ( عليه السلام ) قال : ( إنّ الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق ، خلق ماءً عذباً وماءً مالحاً اُجاجاً ، فامتزج الماءان ) أخذ طيناً من أديم الأرض فعركه عركاً شديداً ، فقال لأصحاب اليمين ـ وهم كالذرّ يدبّون ـ : إلى الجنّة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا اُبالي ، ثمّ قال ( ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين )
(3).
قال : ثمّ أخذ الميثاق على النبيّين ، فقال : ألست بربّكم وأنّ محمّداً رسولي ، وأنّ علياً هذا أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى ، فثبتت لهم النبوّة ، وأخذ الميثاق على اُولي العزم : أنّني ربّكم ، ومحمّد رسولي ، وعلي أمير المؤمنين ، وأوصياؤه من بعده ولاة أمري ، وخزّان علمي ، وأنّ المهدي أنتصر به لديني ، واُظهر به دولتي ، وأنتقم به من أعدائي ، واُعبد به طوعاً وكرهاً ، قالوا : أقررنا يا ربّ وشهدنا )
(4).
[ 444/6 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن
---------------------------
(1) في نسخة ( ق ) : ولا يحل تكذيب رواته ، وفي ( ض ) : ولا يحل تكذيب راويه .
(2) في نسخة ( ض ) : عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) .
(3) الأعراف 7 : 172 .
(4) الكافي 2 : 8/1 ، وللحديث تكملة ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 70/2 ، باختلاف .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 390 _
حبيب السجستاني
(1) ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : ( إنّ الله جلّ وعزّ لمّا أخرج ذرّية آدم ( عليه السلام ) من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبيّة له وبالنبوّة لكلّ نبي ، فكان أوّل من أخذ له عليهم الميثاق نبوّة محمّد بن عبدالله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
ثمّ قال الله عزّ وجلّ لآدم : اُنظر
(2) ما ترى ؟ قال : فنظر آدم ( عليه السلام ) إلى ذرّيّته وهم ذرّ قد ملؤا السماء ، فقال آدم ( عليه السلام ) : يا ربّ ما أكثر ذرّيّتي ولأمر ما خلقتهم ، فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم ؟ قال الله عزّ وجلّ : يعبدونني
(3) ولا يشركون بي شيئاً ، ويؤمنون برسلي ويتّبعونهم .
قال آدم ( عليه السلام ) : يا ربّ فمالي أرى بعض الذرّية أعظم من بعض ، وبعضهم له نور كثير ، وبعضهم له نور قليل ، وبعضهم ليس له نور ؟ قال الله عزّ وجلّ : كذلك خلقتهم لأبلوهم في كلّ حالاتهم ، قال آدم ( عليه السلام ) : يا ربّ فتأذن لي في الكلام فأتكلّم ؟ قال الله عزّ وجلّ له : تكلّم فإنّ روحك من روحي ، وطبيعتك خلاف كينونيّتي ، قال آدم ( عليه السلام ) : يا ربّ فلو كنت خلقتهم على مثال واحد ، وقدر واحد ، وطبيعة واحدة ، وجبلّة
(4) واحدة ، وألوان واحدة ، وأعمار واحدة ، وأرزاق واحدة ، سواء لم يبغ بعضهم على بعض ، ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ، ولا اختلاف في شيء من
---------------------------
(1) حبيب السجستاني : عدّه البرقي في أصحاب الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، وفي أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) قائلاً : حبيب بن المعلّى سجستاني ، وزاد الشيخ عليه الإمام السجاد علي بن الحسين ( عليه السلام ) .
رجال البرقي : 15 و18 ، رجال الطوسي : 88/24 و116/32 و172/120 .
(2) في نسخة ( س ) زيادة : ما بين السماء والأرض.
(3) في نسخة ( ض ) : يصدّقونني .
(4) الجبلّة : الخلقة ، الصحاح 4 : 1651 ـ جَبَل .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 391 _
الأشياء .
قال الله تعالى : يا آدم بروحي نطقت ، وبضعف طبيعتك تكلّفت ما لا علم لك به ، وأنا الخالق العليم ، بعلمي خالفت بين خلقهم ، وبمشيئتي يمضي فيهم أمري ، وإلى تدبيري وتقديري صائرون لا تبديل لخلقي ، إنّما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدوني ، وخلقت الجنّة لمن عبدني وأطاعني منهم واتّبع رسلي ولا ابالي ، وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتّبع رسلي ولا اُبالي ، وخلقتك وخلقت ذرّيتك من غير فاقة بي إليك وإليهم ، وإنّما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيّكم أحسن عملاً في الدنيا ، في حياتكم وقبل مماتكم ، ولذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت ، والطاعة والمعصية ، والجنّة والنار ، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم ، خالفت بين صورهم وأجسامهم ، وألوانهم ، وأعمارهم ، وأرزاقهم ، وطاعتهم ، ومعصيتهم .
فجعلت
(1) منهم السعيد والشقي ، والبصير والأعمى ، والقصير والطويل ، والجميل والدميم
(2) ، والعالم والجاهل ، والغني والفقير ، والمطيع والعاصي ، والصحيح
---------------------------
(1) في نسخة ( س وق وض ) : فخلقت .
(2) في نسختي ( س وض ) والمختصر المطبوع : الذميم ، والظاهر أنّ نقطة الذال زائدة بالقطع حيث معنى الذميم لا يلائم سياق الحديث .
فالذميم له معنيان : المخاط والبول الذي يذمّ ويدنّ من قضيب التيس ، وكذلك اللبن من أخلاف الشاة ، وله أيضاً : شيء يخرج من مسام المارن كبيض النمل ، الصحاح 5 : 1925 .
وفي نسخة ( ق ) : الأبلج ، وهذا أيضاً لا يتلاءم مع بلاغة الحديث ، فمعنى الأبلج : مشرق الوجه كما في الصحاح 1 : 300 ـ بلج ، فهو والجميل يصبحان في معنى واحد ، وترى الحديث يذكر المتناقضات ، وما أثبتناه في المتن إن شاء الله هو الصحيح.
فالدميم : القبيح ، الصحاح 5 : 1921 ـ دمم .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 392 _
والسقيم ، ومن به الزمانة ومن لا عاهة به .
فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته ، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اُعافيه ، ويصبر على بلائي فاُنيله
(1) جزيل عطائي .
وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني .
وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته ، فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السرّاء والضرّاء ، وفيما اُعافيهم ، وفيما أبتليهم ، وفيما اُعطيهم ، وفيما أمنعهم .
وأنا الله الملك القادر ولي أن أمضي جميع ما قدّرت على ما دبّرت ، ولي أن اُغيّر من ذلك ما شئت لما شئت ، واُقدّم من ذلك ما أخرّت ، واُؤخّر من ذلك ما قدّمت. وأنا الله الفعّال لما اُريد ، لا أسأل عمّا أفعل ، وأنا أسأل خلقي عمّا هم فاعلون )
(2) .
[ 445/7 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : ( إنّ بعض قريش قال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بأيّ شيء سبقتَ الأنبياء ( عليهم السلام ) وأنت بُعثت آخرهم وخاتمهم ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّي كنت أوّل من آمن بربّي ، وأوّل من أجاب حيث أخذ الله
---------------------------
(1) في الكافي : فاُثيبه .
(2) الكافي 2 : 8/20 ، وأورده الصدوق باختلاف في علل الشرائع : 10/4 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 393 _
ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم ، فكنت أنا أوّل نبيّ قال بلى ، فسبقتهم بالإقرار بالله عزّ وجلّ )
(1).
[ 446/8 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبدالله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : جعلت فداك إنّي لأرى بعض أصحابنا يعتريه النزق
(2) والحدّة والطيش ، فأغتمّ لذلك غمّا شديداً ، وأرى من خالفنا فأراه حسن السمت ، قال : ( لا تقل حسن السمت ، فإنّ السمت سمت الطريق ، ولكن قل حسن السيماء ، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول ( سيماهم في وجوههم )
(3) قال : قلت له : فأراه حسن السيماء ، له وقار فأغتمّ لذلك .
فقال ( عليه السلام ) : ( لا تغتمّ لما رأيت من نزق أصحابك ، ولما رأيت من حسن سيماء من خالفك ، إنّ الله تعالى لمّا أراد أن يخلق آدم ( عليه السلام ) خلق تلك الطينتين ثمّ فرّقهما فرقتين ، فقال لأصحاب اليمين : كونوا خلقاً بإذني ، فكانوا خلقاً بمنزلة الذرّ يدرج ، ثمّ رفع لهم ناراً ، فقال : اُدخلوها بإذني ، فكان أوّل من دخلها محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثمّ اتّبعه اُولوا العزم من الرسل وأوصياؤهم وأتباعهم .
ثمّ قال لأصحاب الشمال : اُدخلوها بإذني ، فقالوا : ربّنا خلقتنا لتحرقنا ؟ فعصوا ، فقال لأصحاب اليمين : اُخرجوا من النار بإذني ، فخرجوا لم تُكِلم
(4) النار منهم كلماً ، ولم تؤثّر فيهم أثراً ، فلمّا رآهم أصحاب الشمال ، قالوا : ربّنا نرى أصحابنا
---------------------------
(1) الكافي 1 : 441/6 و2 : 10/1 ، وأورده الصفّار في البصائر : 83/2 ، والصدوق في علل الشرائع : 124/1 .
(2) النزق : الخفّة عند الغضب. القاموس المحيط 3 : 285 ـ نزق .
(3) الفتح 48 : 29 .
(4) تُكِلم : أي تجرح ، الصحاح 5 : 2023 ـ كلم .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 394 _
قد سلموا فأقلنا ومُرنا بالدخول ، قال : قد أقلتكم فادخلوها ، فلمّا دنوا وأخذهم
(1) الوهج رجعوا ، وقالوا : يا ربّنا لا صبر لنا على الاحتراق فعصوا .
وأمّا أصحاب اليمين فأمرهم بالدخول ثلاثاً كلّ ذلك يطيعون ويخرجون ، وأمر اُولئك ثلاثاً كلّ ذلك يعصون ويرجعون ، فقال لهم : كونوا طيناً بإذني ، فخلق منهم آدم ( عليه السلام ).
قال : فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ، ومن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ، وما رأيت من نزق أصحابك وخلقهم فممّا أصابهم من لطخ أصحاب الشمال ، وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم فممّا أصابهم من لطخ أصحاب اليمين )
(2) .
[ 447/9 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن
(3) ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن سعدان بن مسلم ، عن صالح بن سهل
(4) عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( سئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأيّ شيء سبقت ولد آدم ؟ قال : إنّي أول من أقرّ بربّي ، إنّ الله عزّ وجلّ أخذ ميثاق النبيّين ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى )
(5) فكنت أوّل من أجاب )
(6).
---------------------------
(1) في الكافي : وأصابهم .
(2) الكافي 2 : 11/2 ، وأورده الصدوق في علل الشرائع : 83/5 .
(3) في نسخة ( ق ) والكافي : محمّد بن الحسين .
(4) صالح بن سهل : هو الهمداني ، الكوفي الأصل كما قاله البرقي والطوسي ، وقد عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، واقتصر البرقي على الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
رجال البرقي : 27 ، رجال الطوسي : 126/5 و221/46 .
(5) الأعراف 7 : 172 .
(6) الكافي 2 : 12/3 ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 86/12 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 395 _
[ 448/10 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : كيف أجابوا وهم ذرّ؟ قال : ( جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ـ يعني في الميثاق ـ )
(1) .
[ 449/11 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )
(2) ما تلك الفطرة ؟ قال : ( هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال ( ألست بربّكم )
(3) وفيه المؤمن والكافر )
(4).
[ 450/12 ] وبالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى )
(5) الآية ، قال : ( أخرج من ظهر آدم ذريّته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذرّ فعرّفهم وأراهم نفسه ، ولولا ذلك لم يعرف أحدٌ ربّه جلّ وعزّ )
(6) .
---------------------------
(1) الكافي 2 : 12/1 ـ باب كيف أجابوا وهم ذر ، وأورده العياشي في تفسيره 2 : 37/104 .
(2) الروم 30 : 30 .
(3) الأعراف 7 : 172 .
(4) الكافي 2 : 12/2 ، وأورده الصدوق في التوحيد : 329/3 .
(5) الأعراف 7 : 172 .
(6) الكافي 2 : 13/ قطعة من حديث 4 ، وأورده الصدوق في التوحيد : 330/ قطعة من حديث 9 ، وفيه : وأراهم صنعه ، بدل : وأراهم نفسه .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 396 _
نقول : صدق ( عليه السلام ) أنّ الرؤية تطلق على معنيين : رؤية القلب بمعنى اليقين ، وعدم الشكّ ، وتطلق أيضاً على البصر بالعين ، وهذا منفي عنه بقوله سبحانه وتعالى ( ولا يحيطون به علماً )
(1) ومن أدركه ببصر العين فقد أحاط به العلم ، فيكون المعنى الأوّل هو المراد هنا خاصّة .
[ 451/13 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن المقري ، قال : حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني ، قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن
(2) الموصلي ببغداد ، قال : حدّثني محمّد بن عاصم الطريفي ، قال : حدّثنا أبو زيد عيّاش بن زيد بن الحسن بن علي الكحّال مولى زيد بن علي ، قال : حدّثني أبي زيد بن الحسن ، قال : حدّثني موسى بن جعفر صلّى الله عليهما ، قال : قال الصادق صلّى الله عليه : ( من صلّى على النبي وآله
(3) فمعناه أنّي أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله تعالى ( ألست بربّكم قالوا بلى )
(4) )
(5).
[ 452/14 ] وبالإسناد عن الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رفعه إلى الصادق ( عليه السلام ) قال : ( إنّ الله تبارك وتعالى آخى بين الأرواح في الأظلّة ، قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت ورّث الأخ الذي آخى بينهما
---------------------------
(1) طه 20 : 110 .
(2) في نسخة ( س ) والمطبوع : الحسين ، بدل : الحسن .
(3) وآله ، لم ترد في المعاني .
(4) الأعراف 7 : 172 .
(5) معاني الأخبار : 115/1 ، وعنه في البحار 94 : 54/25 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 397 _
في الأظلّة ، ولم يورّث الأخ من الولادة )
(1) .
[ 453/15 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن اسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا جذعان بن نصر أبو نصر الكندي ، قال : حدّثني سهل بن زياد الآدمي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن داود الرقّي ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قوله عزّ وجلّ ( وكان عرشه على الماء )
(2) فقال لي : ( ما يقولون في ذلك ؟ ) قلت : يقولون : إنّ العرش كان على الماء والربّ فوقه ، فقال : ( كذبوا ، من زعم هذا فقد صيّر الله محمولاً ، ووصفه بصفة المخلوق ، ولزمه أنّ الشيء الذي يحمله أقوى منه ).
قلت : بيّن لي جُعلت فداك ، فقال : ( إنّ الله عزّ وجلّ حمل دينه وعلمه الماء قبل أن تكون أرض أو سماء ، أو جنّ أو إنس ، أو شمس أو قمر ، فلمّا أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه ، فقال لهم : من ربّكم ؟ فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم ، فقالوا : أنت ربّنا ، فحمّلهم العلم والدين .
ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني ، واُمنائي في خلقي وهم المسؤولون
(3) ، ثمّ قيل لبني آدم : أقرّوا لله بالربوبيّة ولهؤلاء النفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربّنا أقررنا ، فقال للملائكة : اشهدوا ، فقالت الملائكة : ( شهدنا على أن لا يقولوا غداً
---------------------------
(1) من لا يحضره الفقيه 4 : 254/820 ، وأورده أيضاً في الهداية : 343 ـ باب نادر ، وفي الاعتقادات : 48 ـ ضمن مصنفات المفيد ج 5 .
(2) هود 11 : 7 .
(3) في نسختي ( ض وق ) : المسلّمون .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 398 _
إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أو يقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنّا ذريّة من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون )
(1) ، يا داود ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق )
(2).
[ 454/16 ] وبالإسناد عن محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، قال : حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )
(3) ما تلك الفطرة ؟ قال : ( هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، فقال ( ألست بربّكم )
(4) وفيه المؤمن والكافر )
(5).
[ 455/17 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : أصلحك الله قول الله عزّ وجلّ في كتابه ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )
(6) قال : ( فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفة أنّه ربّهم ) قلت : وعاينوه
(7) ، قال : فطأطأ رأسه ، ثمّ قال : ( لولا ذلك لم
---------------------------
(1) اقتباس من آية 172 و173 من سورة الأعراف .
(2) التوحيد : 319/1 .
(3) الروم 30 : 30 .
(4) الأعراف 7 : 172 .
(5) التوحيد : 329/3 ، وأورده الكليني في الكافي 2 : 12/2 .
(6) الروم 30 : 30 .
(7) في التوحيد : وخاطبوه .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 399 _
يعلموا مَن ربّهم ولا مَن رازقهم )
(1).
نقول : صدق ابن رسول الله ( عليه السلام ) ومعناه ما قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه لمّا قال له رجل : أرأيت ربّك يا أمير المؤمنين ؟ قال ( عليه السلام ) : ( لم أكن أعبد ربّاً لم أره ) قال : وكيف رأيته ؟ قال : ( لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان )
(2).
[ 456/18 ] وبالإسناد عنه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ويعقوب بن يزيد جميعاً عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( حنفاء لله غير مشركين به )
(3) وعن الحنيفية ، فقال : ( هي الفطرة التي فطر الناس عليها ) ( لا تبديل لخلق الله )
(4) قال : ( فطرهم الله على المعرفة به ).
قال زرارة : وسألته عن قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ الله من بني آدم من ظهورهم )
(5) الآية ، قال ( عليه السلام ) : ( أخرج من ظهر آدم ذرّيته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذرّ فعرّفهم وأراهم نفسه
(6) ، ولولا ذلك لم يعرف أحد ربّه ).
---------------------------
(1) التوحيد : 330/8 .
(2) أورده الخزّاز في كفاية الأثر : 261 ، ضمن حديث ، وباختلاف الصدوق في أماليه : 352/4 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) مع رجل من الخوارج ، والمفيد في الإرشاد 1 : 225 ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ضمن حديث ، وكذلك الطبرسي في الاحتجاج 1 : 493/123 .
(3) الحج 22 : 31 .
(4) الروم 30 : 30 .
(5) الأعراف 7 : 172 .
(6) في التوحيد والكافي : صنعه .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 400 _
وقال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كلّ مولود يولد على الفطرة ، يعني على المعرفة ، بأنّ الله عزّ وجلّ خالقه ، فذلك قوله ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله )
(1) )
(2).
[ 457/19 ] ومن كتاب أبي جعفر محمّد بن علي الشلمغاني بإسناده إلى أبي هاشم ، قال : كنت عند أبي محمّد ( عليه السلام ) ـ يعني العسكري ـ فسأله محمّد بن صالح الأرمني عن قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا )
(3) فقال أبو محمّد ( عليه السلام ) : ( ثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ، ولا من رازقه )
(4).
[ 458/20 ] وبالإسناد إلى أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، قال : أخبرنا عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ومحمّد بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن المعلّى بن محمّد البصري ، قال : حدّثنا أبو الفضل المدنّي
(5) ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن المنهال بن عمرو
(6) ، عن زرّ بن حبيش ، عن أمير المؤمنين صلوات
---------------------------
(1) لقمان 31 : 25 ، الزمر 39 : 38 .
(2) التوحيد : 330/9 ، وأورده الكليني في الكافي 2 : 12/9 .
(3) الأعراف 7 : 172 .
(4) أورده البرقي في المحاسن 1 : 376/228 ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، والصدوق في علل الشرائع : 117/1 ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، والقمّي في تفسيره 1 : 248 ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) .
(5) في البصائر : المدايني .
(6) المنهال بن عمرو : هو ابن عمرو الأسدي ، مولاهم كوفي ، روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهم السلام ) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الحسين والسجّاد والباقر والصادق ( عليهم السلام ) ، واقتصر البرقي على الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، توفّي سنة بضع عشرة ومائة .
رجال الشيخ : 79/ و101/3 و138/60 و313/537 ، رجال البرقي : 8 ، سير أعلام النبلاء 5 : 184/64 .