إذا كان يوم التروية (1) صنعت ما صنعت في العقيق (2) ، ثمّ أحرمت بين الركن (3) والمقام (4) بالحجّ ، فلاتزال محرماً حتّى تقف بالموقف ، ثمم ترمي الجمرات ، وتذبح (5) وتحلّ وتغتسل ، ثمّ تزور البيت ، فإذا أنت فعلت ذلك فقد حللت ، وهو قول الله عزّ وجلّ ( فمن تمتّع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) (6) أن تذبح ذبحاً .

---------------------------
(1) يوم التروية : يوم قبل يوم عرفة ، وهو الثامن من ذي الحجة ، سمّي به لأنّ الحجّاج يتروّون فيه من الماء وينهضون إلى منى ولا ماء بها ، فيتزوّدون ريّهم من الماء ، أي يسقون ويستقون. لسان العرب 14 : 347 ـ روي .
(2) العقيق : قالت العرب : كل مسيل ماء شقّه السيل في الأرض فأنهره ووسّعه فهو عقيق ، وقال الأصمعي : الأعقّة أربعة منها : عقيق بناحية المدينة وفيه عيون ونخل ، معجم البلدان 4 : 138 ـ 139 .
(3) الركن : وهو الركن اليماني من أركان الكعبة ، معجم البلدان 3 : 64 .
(4) المقام : في المسجد الحرام ، وهو الحجر الذي قام عليه ابراهيم ( عليه السلام ) حين رفع بناء البيت ، معجم البلدان 5 : 164 .
(5) في البصائر زيادة : وتحلق .
(6) البقرة 2 : 196 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 252 _

  وأمّا ما ذكرت أنّهم يستحلّون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم ، فإنّ ذلك لايجوز ولايحلّ ، وليس هو على ما تأوّلوا لقول الله عزّ وجلّ ( يا أيّها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) (1) فذلك إذا كان مسافراً وحضره الموت أشهد اثنين ذوا عدل من أهل دينه ، فإن لم يجد فآخران ممّن يقرأ القرآن من غير أهل ولايته ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيُقسِمان بالله إن ارتبتم لانشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولانكتم شهادة الله إنّا إذاً لمن الآثمين * فإن عُثر على أنّهما استحقّا إثماً فآخرانِ يقومانِ مقامَهُما من الّذينَ استحق عليهم الأوليانِ ـ من أهل ولايته ـ فيُقسِمانِ بالله لشهادتُنا أحقّ من شهادتِهما وما اعتدينا إنّا إذاً لمن الظالمين * ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهِها أو يخافوا أن تُردَّ أيمان بعد أيمانهم واتّقوا الله واسمعوا ) (2).
  وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين المدّعي ولايبطل حقّ مسلم ، ولا يردّ شهادة مؤمن ، فإذا أخذ يمين المدّعي وشهادة الرجل الواحد قضى له بحقّه ، وليس يعمل اليوم بهذا وقد ترك ، فإذا كان للرجل المسلم قِبَل آخر حقّ فجحده ولم يكن له شاهد غير واحد ، فهو إذا رفعه إلى بعض ولاة الجور أبطلوا حقّه ، ولم يقضوا فيه بقضاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد كان في الحقّ أن لايبطل حقّ رجل مسلم ، وكان يستخرج الله على يديه حقّ رجل مسلم ، ويأجره الله عزّ وجلّ

---------------------------
(1) المائدة 5 : 106 .
(2) المائدة 5 : 106 ـ 108 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 253 _

  ويجيء (1) عدلاً ، كأنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعمل به.
  وأمّا ما ذكرت في آخر كتابك أنّهم يزعمون أنّ الله ربّ العالمين هو النبيّ محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنّك ( شبّهت قولهم بقول ) (2) الّذين قالوا في عيسى ( عليه السلام ) ما قالوا ، فقد عرفت أنّ السنن والأمثال قائمة لم يكن شيء فيما مضى إلاّ سيكون مثله ، حتّى لو كانت هناك شاة برشاء (3) كان هاهنا مثلها ، ولتعلم أنّه سيضلّ قوم على ضلالة من كان قبلهم ، فكتبت تسألني عن مثل ذلك وما هو وما أرادوا به.
  واُخبرك أنّ الله عزّ وجلّ خلق الخلق لاشريك له ، له الخلق والأمر والدنيا والآخرة ، وهو ربّ كلّ شيء وخالقه ، خلق الخلق وأوجب (4) أن يعرفوه بأنبيائه ، فاحتجّ عليهم بهم ، والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الدليل على الله عزّ وجلّ ، وهو عبد مخلوق مربوب اصطفاه الله لنفسه برسالته وأكرمه (5) بها ، فجعله خليفته في أرضه وفي خليقته ، ولسانه فيهم ، وأمينه عليهم ، وخازنه في السماوات والأرض ، قوله قول الله عزّ وجلّ ، لا يقول على الله إلاّ الحق ، من أطاعه أطاع الله ، ومن عصاه عصى الله ، وهو مولى كلّ من كان الله ربّه ووليّه ، من أبى أن يقرّ له بالطاعة فقد أبى أن يقرّ لربّه بالطاعة والعبودية ، ومن أقرّ بطاعته أطاع الله وهداه ، فالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مولى الخلق جميعاً ، عـرفوا ذلك أو أنكروه ، وهـو الوالد المـبرور ، فمن أحبّه وأطاعه فهو الولد البار ،

---------------------------
(1) في نسخة ( س ) : ويحيي .
(2) في نسخة ( س ) : سمعت قولهم يقول ، بدل ما بين القوسين .
(3) شاة برشاء : في لونها نُقط مختلفة ، لسان العرب 6 : 264 ـ برش .
(4) في البصائر : وأحبّ .
(5) في نسخة ( س وض ) : وألزمه .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 254 _

  وهو مجانب الكبائر .
  وقد بيّنت لك ما سألتني عنه وقد علمت أنّ قوماً سمعوا صفتنا هذه فلم يعقلوها ، بل حرّفوها ووضعوها على غير حدودها على نحو ما قد بلغك ، وما قد كتبت به إليّ ، وقد بريء الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منهم وممّن يصفون من أعمالهم الخبيثة وينسبونها إلينا ، وإنّا نقول بها ونأمرهم بالأخذ بها ، فقد رمانا الناس بها والله يحكم بيننا وبينهم فإنّه يقول ( إنّ الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنَتُهم وأيدِيهِم وأرجُلُهم بما كانوا يعملون * يومئذ يوفّيهم اللهُ دينَهُم الحقّ ويعلمونَ أنّ اللهَ هو الحقّ المبين ) (1) .
  وأمّا ما كتبت به ونحوه وتخوّفت أن تكون صفتهم من صفته فقد أكرمه الله عزّ وجلّ عن ذلك ، تعالى ربّنا عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً ، صفتي هذه هي صفة صاحبنا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهي صفة من وصفه من بعده ، وعنه أخذنا ذلك ، وبه نقتدي ، فجزاه الله عنّا أفضل الجزاء ، فإنّ جزاءه على الله عزّ وجلّ .
  فتفهّم كتابي هذا والعزّة لله جميعاً والقوّة به وصلّى الله على محمّد عبده ورسوله وعلى آله وعترته وسلّم تسليماً كثيراً ) (2).
  [ 248/5 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن

---------------------------
(1) النور 24 : 23 ـ 25 .
(2) بصائر الدرجات : 526 / 1 ، ونقله عنه المجلسي في البحار 24 : 286 / 1 ، والفيض الكاشاني في معادن الحكمة في مكاتيب الأئمّة ( عليهم السلام ) 2 : 91 ـ 103 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 255 _

  محمّد الحجّال ، عن حبيب بن المعلّى الخثعمي ، قال : ذكرت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) ما يقول أبو الخطّاب ، فقال : ( إحك لي ما يقول ) قلت : يقول في قول الله عزّ وجلّ ( وإذا ذُكر الله وحده ) (1) : إنّه أمير المؤمنين صلوات الله عليه ( واذا ذكر الذين من دونه ) (2) فلان وفلان .
  فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( من قال هذا فهو مشرك بالله عزّ وجلّ ـ ثلاثاً ـ ، أنا إلى الله منه بريء ـ ثلاثاً ـ بل عنى الله بذلك نفسه ) قال : وأخبرته بالآية الاُخرى التي في ( حم ) قوله عزّ وجلّ ( ذلكم بأنّه إذا دعي الله وحده كفرتم ) (3) ثمّ قلت : زعم أنّه يعني بذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه .
  فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ( من قال هذا فهو مشرك بالله ـ ثلاثاً ـ أنا إلى الله منه بريء ـ ثلاثاً ـ بل عنى الله بذلك نفسه ـ ثلاثاً (4) ـ ) .

---------------------------
(1 و 2) الزمر 39 : 45 .
(3) غافر 40 : 12 .
(4) بصائر الدرجات : 536 / 4 ، وعنه في البحار 24 : 302 / 10 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 257 _

باب : في صفاتهم ( عليهم السلام ) وما فضّلهم الله عزّ وجلّ به
  [ 249/1 ] حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى وابراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبي جميلة (1) المفضّل بن صالح الأسدي ، عن شعيب الحدّاد (2) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا أوّل قادم على الله تبارك وتعالى ، ثمّ يقدم عليّ كتاب الله ، ثـمّ يقدم عليّ أهل بيتي ، ثمّ يقدم عليّ اُمّتي ، فيقفون فيسألهم : ما فعلتم في ( كتاب الله عزّ وجلّ ) (3) وأهل بيت نبيّكم ) (4).

---------------------------
(1) في البصائر : ابن جميلة ، وعنه في البحار : عن أبي جميلة ، وما في المتن والبحار هو الصحيح ، وما وقع في البصائر ظاهراً هو من سهو النسّاخ. انظر معجم رجال الحديث 19 : 311 ، رجال العلاّمة : 407 / 1648 ، مستدركات النمازي 7 : 474 .
(2) شعيب الحدّاد : هو شعيب بن أعين الحدّاد ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمامين الباقرين ( عليهما السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) وفي من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، اُنظر رجال النجاشي : 195 / 521 ، رجال البرقي : 15 و 29 ، رجال الطوسي : 217 / 2 و 376 / 2 ، خلاصة الأقوال : 167 / 489 .
(3) في البصائر : كتابي .
(4) بصائر الدرجات : 412 / 1 ، وعنه في البحار 7 : 265 / 22 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 258 _

  [ 250/2 ] أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ويعقوب بن يزيد ومحمّد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن غالب (1) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنّه قال في خطبة طويلة له : ( مضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخلّف في اُمّته كتاب الله ووصيّه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين ، وحبل الله المتين ، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها ، وعهده المؤكّد.
  صاحبان مؤتلفان يشهد كلّ واحد منهما لصاحبه بالتصديق ، ينطق الإمام ( عليه السلام ) عن الله عزّ وجلّ في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد ، من طاعة الله عزّ وجلّ وطاعة الإمام ( عليه السلام ) وولايته ، وأوجب حقّه الذي أراد الله من استكمال دينه ، وإظهار أمره ، والإحتجاج بحجّته (2) ، والإستيضاء بنوره في معادن أهل صفوته ، ومصطفى أهل خيرته (3) ، فأوضح الله بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن دينه ، وأبلج بهم عن منهاج سبيله ، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه.
  فمن عرف من اُمّة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واجب حقّ إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه ،

---------------------------
(1) اسحاق بن غالب : هو الأسدي الوالبي عربي ، ثقة ، وكان شاعراً ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) قائلاً : كوفي .
انظر رجال النجاشي : 72 / 173 ، رجال الطوسي : 149 / 144 ، خلاصة الأقوال :
59 / 55 .
(2) في نسخة ( س وض ) : بحججه .
(3) في نسخة ( ض ) : وحزبه ، وفي نسخة ( س ) : ومطفى أهل حربه .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 259 _

  وعلم فضل طُلاَوة (1) إسلامه ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ ورسوله نصب الإمام علماً لخلقه ، وحجّة على أهل عالمه ، ألبسه تاج الوقار ، وغشّاه نور الجبّار (2) ، يمدّ بسبب إلى السماء ، لا ينقطع عنه موادّه (3) ، ولا ينال ما عند الله إلاّ بجهة أسبابه ، ولا يقبل الله عمل العباد إلاّ بمعرفته.
  فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي (4) ، ومعمّيات السنن ، ومشتبهات الفِتن ، ولم يكن الله ليـضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون ، وتكون الحجّة من الله على العباد بالغة ) (5).
  [ 251/3 ] القـاسم بن محمّد الأصفهاني ، عن سليمان بن داود المنقري المعروف بالشاذكوني ، عن يحيى بن آدم ، عن شريك بن عبدالله ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الناس بمنى فقال : أيّها الناس إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض.
  ثمّ قال : أيّها الناس إنّي تارك فيكم حُرُمات ثلاث : كتاب الله ، وعترتي ، والكعبة البيت الحرام.

---------------------------
(1) في المختصر المطبوع ص 90 : طراوة ، وفي البصائر : طلاقة. والطلاوة : الحسن والقبول ، الصحاح 6 : 2414 ـ طلا .
(2) في نسخة ( ض ) : الجنان .
(3) في البصائر : موارده .
(4) في نسخة ( س وض ) : الدجى ، بدل : الوحي .
(5) بصائر الدرجات : 412/2 ، وعنه في البحار 25 : 146/19 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 260 _

  ثمّ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أمّا كتاب الله فحرّفوا (1) ، وأمّا الكعبة

---------------------------
(1) يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معان على سبيل الإشتراك :
الأول : نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره ، ومنه قوله تعالى ( من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ) ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله ، فإنّ كلّ من فسّر القرآن بغير حقيقته ، وحمله على غير معناه فقد حرّفه ، الثاني : النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميزاً في الخارج عن غيره ، والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعاً ، فقد أثبتنا عدم تواتر القراءات ، ومعنى هذا أنّ المنزل إنّما هو مطابق لإحدى القراءات ، وأمّا غيرها فهو إمّا بزيادة وإمّا بنقيصة فيه .
الثالث : النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفظ على نفس القرآن المنزل .
والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الاسلام ، وفي زمن الصحابة قطعاً ، ويدلّنا على ذلك إجماع المسلمين على أنّ عثمان أحرق جملة من المصاحف ، وأمر ولاته بحرق كلّ مصحف غير ما جمعه ، وهذا يدلّ على أنّ هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه ، وإلاّ لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها .
الرابع : التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل ، والمتسالم على قراءة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إيّاها ، والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القران قطعاً ، فالبسملة ـ مثلاً ـ ممّا تسالم المسلمون على أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قرأها قبل كلّ سورة غير سورة التوبة ، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنّة ، وأمّا الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كلّ سورة غير سورة التوبة.
الخامس : التحريف بالزيادة ، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل ، والتحريف بهذا المعنى باطل باجماع المسلمين ، بل هو ممّا علم بطلانه بالضرورة .
السادس : التحريف بالنقيصة ، بمعنى أن المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، فقد ضاع بعضه على الناس ، والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف فأثبته قوم ونفاه آخرون. انظر صيانة القرآن من التحريف للسيد الخوئي ( قدس سره ) ص 3 ـ 6 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 261 _

  فهدموا (1) ، وأمّا العترة فقتلوا (2) ، وكلّ ودائع الله قد نبذوا ، ومنها قد تبرّأوا ) (3).
  [ 252/4 ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير البجلي ، عن ذريح بن محمّد بن يزيد المحاربي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّي قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فنحن أهل بيته ) (4) .

---------------------------
(1) تعرّضت الكعبة المشرّفة لحملتين من الهدم :
الاُولى : في سنة ثلاث وستين في وقعة الحرّة عندما هرب عبدالله بن الزبير والتجأ بالمسجد الحرام ، فلاحقه جيش الشام وحاصره فرموه بالمنجنيق ، ودامت الحرب بينهم إلى أن فرّج الله عن ابن الزبير وأصحابه بوصول نعي يزيد بن معاوية فعاد الجيش إلى الشام ، الثانية : في زمن عبدالملك بن مروان عندما وجّه الحجّاج إلى قتل ابن الزبير ، فالتجأ ثانية إلى المسجد الحرام فحاصره الحجّاج ونصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة ، وكان عبدالملك ينكر ذلك في أيام يزيد بن معاوية ، وأول ما رُمي بالمنجنيق إلى الكعبة رعدت السماء وبرقت وعلاصوت الرعد على الحجارة ، فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا أيديهم ، فأخذ الحجّاج حجر المنجنيق فوضعه فيه ورمى به معهم .
انظر الكامل في التاريخ 4 : 350 ـ 351 ، تاريخ الاسلام حوادث سنة ثلاث وسبعين .
(2) ذكر الخزّاز القمّي في كفاية الأثر : أنّ الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) رقى المنبر ـ بعد شهادة أبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ فخطب بالناس ـ إلى أن قال ـ : ولقد حدّثني جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّ الأمر يملكه إثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته ، ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم ، إلى آخر الحديث ، ص 162 .
(3) بصائر الدرجات : 413/3 ، وعنه في البحار 23 : 140/91 ، باختلاف يسير .
(4) بصائر الدرجات : 414/4 ، وعنه في البحار 23 : 140/88 ، من دون ذكر عترتي .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 262 _

  [ 253/5 ] وعنه ، عن النضر بن سويد (1) ، عن خالد بن زياد القلانسي ، عن رجل ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبدالله ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يا أّيها الناس إنّي تارك فيكم الثقلين ، الثقل الأكبر والثقل الأصغر ، إن تمسكتم بهما لن تضلّوا ، ولن تزلّوا ، ولن تبدّلوا ، فإنّي سألت اللطيف الخبير ألاّ يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فاُعطيت ذلك ).
  فقيل له : فما الثقل الأكبر ، وما الثقل الأصغر ؟ فقال : ( الثقل الأكبر كتاب الله ، سبب طرفه بيد الله عزّ وجلّ ، وطرف بأيديكم ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ) (2).
  [ 254/6 ] ابراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن هشام بن الحكم (3) ، عن سعـد بن طريف الأسكاف ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إنّي تارك فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ) ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( لا يزال كتاب الله والدليل منّا عليه حتّى نرد على الحوض ) (4).

---------------------------
(1) في نسخة ( ض ) : نضر بن سعيد ، وفي البصائر : نضر بن شعيب .
(2) بصائر الدرجات : 414/5 ، وعنه في البحار 23 : 140/89 ، باختلاف يسير .
(3) هشام بن الحكم : هو أبو محمّد ، مولى كندة ، كان ينزل بني شيبان ، وكان مولده الكوفة ، ومنشأه واسط ، وتجارته بغداد ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن موسى ( عليهما السلام ) ، وكان ثقة في الروايات ، حسن التحقيق بهذا الأمر. عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) ، وقال العلاّمة : كان ممّن فتق الكلام في الإمامة ، وهذّب المذهب بالنظر ، وكان حاذقاً بصناعة الكلام حاضرالجواب ، مات رحمه الله في أيام الرشيد وترحّم عليه الإمام الرضا ( عليه السلام ).
انظر رجال النجاشي : 433/1164 ، رجال البرقي : 35 و 48 ، رجال الطوسي : 329/18 و 362/1 ، خلاصة الأقوال : 288/1061 .
(4) بصائر الدرجات : 414/6 ، وعنه في البحار 23 : 140/190 ، باختلاف يسير .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 263 _

باب : ما جاء في التسليم لما جاء عنهم ( عليهم السلام ) وفي من ردّه وأنكره
  [ 255/1 ] حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن علي بن عبدالله الحنّاط ، عن عمر بن ختن (1) ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ( قال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : موت الفجأة تخفيف على المؤمن ، وأسف على الكافر ، وإنّ المؤمن ليعرف غاسله وحامله ، فإن كان له عند ربّه خيراً ناشد حملته بتعجيله ، وإن كان غير ذلك ناشدهم أن يقصّروا به ).
  فقال ضمرة بن سمرة (2) : يا علي إن كان كما تقول لقفز من السرير ـ فضحك وأضحك ـ فقال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( اللهم إن كان ضمرة بن سمرة ضحك وأضحك من حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فخذه أخذ أسف (3) ) فعاش بعد ذلك أربعين يوماً ومات فجأة .
  فأتى عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) مولى لضمرة ، فقال : أصلحـك الله إنّ ضمرة عاش ذلك الكلام الذي بينك وبينه أربعين يوماً ومات فجأة ، وإنّي اُقسم بالله لسمعت

---------------------------
(1) في نسخة ( ض ) : عمر بن جيش ، وفي ( س ) : عمر بن خنيس ، وفي مدينة المعاجز عن المختصر : عمر بن حفص .
(2) ضمرة بن سمرة : هو من المخالفين المعاندين : تنقيح المقال 2 : 116 ـ باب ضرار .
(3) أسف : غضب ، الصحاح 4 : 1330 ـ أسف .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 264 _

  صوته ، وأنا أعرفه كما كنت أعرفه في الدنيا وهو يقول : الويل لضمرة بن سمرة ، تخلّى منه كلّ حميم ، وحلّ بدار الجحيم وبها مبيته والمقيل.
  فقال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : ( الله أكبر هذا جزاء من ضحك وأضحك من حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) (1).
  [ 256/2 ] أحمد بن محمّد بن عيسى وعليّ بن إسماعيل بن عيسى ( ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عثمان بن عيسى ) (2) ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( ما جاءكم منّا ممّا يجوز أن يكون في المخلوقين ، ولم تعلموه ، ولم تفهموه ، فلا تجحدوه ، وردّوه إلينا ، وما جاءكم عنّا ممّا لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردّوه إلينا ) (3).
  [ 257/3 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي بكر بن محمّد الحضرمي أو عمّن حدّثه عنه ، عن حجّاج بن الصباح الخيبري ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إنّا نتحدّث عنك بالحديث فيقول بعضنا : قولنا فيه قولهم ، قال : ( فما تريد ؟ أتريد أن تكون إماماً يقتدى بك ؟ من ردّ القول إلينا فقد سلّم ) (4).
  [ 258/4 ] وعنه ، عن عبدالرحمن بن حمّاد الكوفي ، عن حنّان بن سدير ، عن

---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 586/8 ، وعنه في البحار 46 : 27/14 ، ونقله البحراني عن المختصر في مدينة المعاجز : 310/ باب 50 ، وأورد نحوه الكليني في الكافي 3 : 234/4 .
(2) ما بين القوسين لم يرد في المختصر المطبوع ص 91 ، والظاهر أنّه سقط من الناسخ أو الطبّاع ، وما في المتن ظاهراً هو الصحيح لأنّ أحمد بن محمّد وعلي بن إسماعيل ومحمّد بن الحسين لم يرووا عن المفضل بن عمر .
انظر معجم رجال الحديث 3 : 91 و12 : 133 و16 : 313 و19 : 316 .
(3) نقله المجلسي عن المختصر في البحار 25 : 364/1 .
(4) تقدّم الحديث تحت رقم 234 ، مع اختلاف بالسند .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 265 _

  أبي خالد ذي الشامة النحّاس (1) ، قال : دخلت على أبي عبدالله ( عليه السلام ) فقلت له : إنّ عمّي وابن عمّي اُصيبا مع أبي الخطّاب (2) فما قولك فيهما ؟ فقال : ( أمّا من قتل معه مسلّم لنا دونه فرحمه الله ، وأمّا من قتل معه مسلّم له دوننا فقد عطب ) (3).
  [ 259/5 ] أحمد بن محمّد بن خالد ، عن علي بن الصـلت ، عن زرعة بن محمّد الحضرمي (4) ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن موسى بن أشيم ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنّي اُريد أن تجعل لي مجلساً ، فواعَدَني يوماً فأتيته للميعاد ، فدخلت عليه فسألته عمّا أردت أن أسأله عنه ، فبينا نحن كذلك إذ قرع علينا رجل الباب ، فقال : ( ما ترى ، هذا رجل بالباب ) فقلت : جعلت فداك أمّا أنا فقد فرغت من حاجتي فرأيك ، فأذن له ، فدخل الرجل فتحدّث ساعة ، ثمّ سأله عن مسائلي بعينها لم يُخرم (5) منها شيئاً ، فأجابه بغير ما أجابني ، فدخلني من ذلك ما لا يعلمه إلاّ الله ثمّ خرج .
  فلم نلبث إلاّ يسيراً حتّى استأذن عليه آخر فأذن له فتحدّث ساعة ، ثمّ سأله عن تلك المسائل بعينها ، فأجابه بغير ما أجابني وأجاب الأول قبله ، فازددت غمّاً

---------------------------
(1) في نسخة ( س وض ) : النخّاس .
(2) تقدّمت ترجمته في حديث رقم 77 .
(3) لم أعثر له على مصدر ، والعطب : الهلاك، الصحاح 1 : 184 ـ عطب .
(4) زرعة بن محمّد الحضرمي : أبو محمّد ثقة ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم ( عليهما السلام ) وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) وفي من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) .
انظر رجال النجاشي : 176/466 ، رجال البرقي : 48 ، رجال الشيخ 1 : 201/98 و350/2 و474/5 ، خلاصة الأقوال : 350/1385 .
(5) يخرم : يُنقص. الصحاح 5 : 2910 ـ خرم .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 266 _

  حتّى كدت أن أكفر ، ثمّ خرج .
  فلم نلبث إلاّ يسيراً حتّى جاء آخر ثالث فسأله عن تلك المسائل بعينها ، فأجابه بخلاف ما أجابنا أجمعين ، فاظلمّ عليّ البيت ودخلني غمّ شديد ، فلمّا نظر إليّ ورأى ما بي ممّا تداخلني ، ضرب بيده على منكبي .
  ثمّ قال : ( يا ابن أشيم إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى سليمان بن داود ( عليه السلام ) ملكه ، فقال ( هذاعطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) (1) وإنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمر دينه ، فقال : احكم بين الناس بما أراك الله ، وإنّ الله فوّض إلينا ذلك كما فوّض إلى محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) (2).
  [ 260/6 ] أيّوب بن نوح ، عن جميل بن درّاج والحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة الخزّاز ، عن العبّاس بن عامر القصباني (3) ، عن الربيع بن محمّد المكّي (4) ، عن يحيى بن زكريا الأنصاري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سمعـته يقول : ( من سرّه أن يستكمل الإيمان فليقل : القول منّي في جميع الأشياء قول آل محمّد عليه وعليهم

---------------------------
(1) سورة ص 38 : 39 .
(2) أورد نحوه الصفّار في بصائر الدرجات : 383/2 و 385/8 .
(3) العبّاس بن عامر القصباني : هو ابن رباح أبو الفضل الثقفي ، الشيخ الصدوق الثقة ، كثير الحديث ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وفي من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ...
انظر رجال النجاشي : 281/744 ، رجال الشيخ : 356/38 و 487/65 .
(4) وهو ربيع بن محمّد بن عمر بن حسان الاصم المسلّي ، ومسيلة قبيلة من مذحج وهي مسيلة بن عامر بن عمرو بن عُلَة بن خالد بن مالك بن اُدد ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) .
انظر رجال النجاشي : 164/433 ، رجال الطوسي : 192/5 ، فهرست الشيخ : 127/290 ، معجم رجال الحديث 8 : 179 و 10 : 248 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 267 _

  السلام فيما أسرّوا ، وفيما أعلنوا ، وفيما بلغني ، وفيما لم يبلغني ) (1).
  [ 261/7 ] حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد وغيره عمّن حدّثه عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : ( لم ينزل من السماء شيء أقلّ ولا أعزّ من ثلاثة أشياء :
  أمّا أوّلها : فالتسليم .
  والثانية : البر .
  والثالثة : اليقين .
  إنّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه ( فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ) ) (2) ثمّ قال : كيف يقرؤون هذه الآية ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً ) (3) ؟ فقلت : هكذا يقرؤونها ، فقال : ( ليس هكذا اُنزلت ، إنّما اُنزلت : ومن يبتغ غير التسليم ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ).
  ثمّ كان يقول لي كثيراً : ( يا يونس سلّم تسلم ) فقلت له : ما تفسير هذه الآية ( قد أفلح المؤمنون ) (4) قال : ( تفسيرها قد أفلح المسلّمون ، إنّ المسلّمين هم النجباء يوم القيامة ) (5).

---------------------------
(1) أورده الكليني في الكافي 1 : 391/6 ، ونقله المجلسي عن المختصر في البحار 25 : 364/2 .
(2) الذاريات 51 : 36 .
(3) آل عمران 3 : 85 .
(4) المؤمنون 23 : 1 .
(5) أورده الطبرسي في مشكاة الأنوار : 27 والديلمي في أعلام الدين : 119 ، باختصار إلى قوله واليقين ، وعنه في البحار 69 : 408/119 ، ونقله البحراني في تفسير البرهان 5 : 166/6 ، عن سعد بن عبدالله ، إلى قوله تعالى ( غير بيت من المسلمين ).

مُختَصَرُ البَصائِر _ 268 _

  [ 262/8 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن حديد (1) ومحمّد بن خالد البرقي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، قال : كنّا عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) فتلاعنا (2) رجلان عنده ، حتّى بريء كلّ واحد منهما من صاحبه ، فقال لهما أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( أليس من دينكما الـردّ إليّ ؟ ) فقال : بلى ، قال : ( فإنّكما منّي في ولاية ) (3) .
  [ 263/9 ] وعنه ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وغيرهما عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن هشام بن سالم ، عن سعد بن طريف الخفّاف ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : ما تقول فيمن أخذ عنكم علماً فنسيه ؟ قال : ( لا حجّة عليه ، إنّما الحجّة على من سمع منّا حديثاً فأنكره ، أو بلغه فلم يؤمن به وكفر ، فأمّا النسيان موضوع عنكم .
  إنّ أوّل سورة نزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( سبّح اسم ربّك الأعلى ) فنسيها ، فلم يلزمه حجّة في نسيانه ، ولكنّ الله تبارك وتعالى أمضى له ذلك ، ثمّ قال

---------------------------
(1) علي بن حديد : هو ابن حكيم المدائني الأزدي الساباطي ، روى عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الرضا والجواد ( عليهما السلام ) ، وقال الشيخ : كوفي ، مولى الأزد ، وكان منزله ومنشأه بالمدائن .
اُنظر رجال النجاشي : 274/717 ، رجال البرقي : 55 و56 ، رجال الشيخ : 382/24 و403/11 .
(2) في نسخة ( س وض ) : فتلاحّا .
(3) لم أعثر له على مصدر .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 269 _

  ( سنقرئك فلا تنسى ) (1) ) (2).
  [ 264/10 ] محمّد بن الحسين بن الخطّاب والحسن (3) بن موسى بن الخشّاب ومحمّد بن عيسى بن عبيد ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر بن محمّد الحضرمي ، عن الحجّاج الخيبري ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنّا نكون في موضع فيروى عنكم الحديث العظيم ، فيقول بعضنا لبعض : القول قولهم ، فيشقّ (4) ذلك على بعضنا ، فقال : ( كأنّك تريد أن تكون إماماً يقتدى بك ، من ردّ إلينا فقد سلّم ) (5).
  [ 265/11 ] حدّثني جعفر بن أحمد بن سعيد الرازي (6) ، عن بكر بن صالح الضبّي ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني (7) ، عن علي بن أسباط ، عن داود بن فرقد ،

---------------------------
(1) الأعلى 87 : 6 .
(2) نقله البحراني في تفسير البرهان 5 : 636/5 ، كاملاً عن سعد بن عبدالله ، والمجلسي في البحار 25 : 364/3 ، إلى قوله : فهو موضوع عنكم .
(3) في نسخة ( ض ) والمختصر المطبوع : الحسين .
وقد ذكر السيد الخوئي ( قدس سره ) في معجم رجال الحديث ج 7 ص 110 رقم 3686 : الحسين بن موسى الخشاب واستشهد بروايتين عن التهذيب والاستبصار فقال : إلاّ أنّ في كلا الموضعين من الاستبصار : الحسن بن موسى الخشاب ، وهو الصحيح بقرينة سائر الروايات ، (4) شقّ : صعُب. انظر القاموس المحيط 3 : 250 .
(5) نقله المجلسي عن المختصر في البحار 25 : 365/4 ، وتقدّم نظيره في حديث : 234 و257 .
(6) في نسخة ( ض ) : الدرابي ، وفي نسخة ( س ) : الدراي .
(7) عبدالعظيم بن عبدالله الحسني : ابن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) وكان عبدالعظيم ورد الري هارباً من السلطان ، وسكن سَرَباً في دار رجل من الشيعة في سكّة الموالي ، فكان يعبدالله في ذلك السرب ، ويصوم نهاره ، ويقوم ليله ، وله كتاب خطب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمامين الهمامين العسكريين ( عليهما السلام ) .
اُنظر رجال النجاشي : 247/653 ، رجال الشيخ : 417/1 و433/20 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 270 _

  عن عبدالأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال قلت له : إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم فبأيّهمـا نأخذ؟ فقال : ( بحديث الأخير ) (1) .
  [ 266/12 ] وبهذا الإسناد عن علي بن أسباط ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : ( إذا حدّثوكم بحديث عن الأئمّة ( عليهم السلام ) فخذوا به حتّى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عنه شيء فخذوا به ، ثمّ قال : إنّا والله لا ندخلكم فيما لا يسعكم ) (2).
  [ 267/13 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عبدالصمد بن بشير ، عن عثمان بن زياد أنّه دخل على أبي عبدالله ( عليه السلام ) ومعه شيخ من الشيعة ، فقال الشيخ لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنّي سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الوضوء فقال : ( مرّة مرّة ) (3) فما تقول أنت ؟ فقال : ( إنّك لم تسألني عن هذه
  المسألة إلاّ وأنت ترى أنّي اُخالف أبي صلوات الله عليه ، توضّأ ثلاثاً (4) ، وخلّل

---------------------------
(1 و 2) أورد الكليني الروايتين في رواية واحدة في الكافي 1 : 67/9 ، باختلاف يسير ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن داود بن فرقد ، عن المعلّى بن خنيس ، وعنه في البحار 2 : 227/8 .
(3) هذا ما صرّح به أهل البيت ( عليهم السلام ) في أحاديثهم ، اُنظر الكافي 3 : 26/6 ، والتهذيب 1 : 80/206 ، والاستبصار 1 : 69/211 ، وانظر الوسائل 1 : 435 ـ باب إجزاء الغرفة الواحدة في الوضوء ، وحكم الثانية والثالثة .
(4) وبه قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي : المستحب ثلاثاً ثلاثاً ( أ ) ، لأنّ اُبي بن كعب روى أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) توضّأ مرّة مرّة وقال : ( هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلاّ به ) وتوضّأ مرتين مرّتين وقال : ( من توضأ مرتين مرتين آتاه الله أجره مرتين ) وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال : ( هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ، ووضوء خليل الله ابراهيم ) ( ب ) .
أ ـ كفاية الأخيار 1 : 16 ، مغني المحتاج 1 : 59 ، بداية المجتهد 1 : 13 ، مسائل أحمد بن حنبل : 6 ، بدائع الصنائع 1 : 22 ، المغني 1 : 159 ، فتح الباري 1 : 209 ، المجموع 1 : 431 .
ب ـ مسند أبي يعلى الموصلي 9 : 448/5598 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 271 _

  أصابعك ) (1).
  [ 268/14 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن محمّد بن اسحاق بن عمّار (2) ، عمّن حدّثه من أصحابنا ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : جاء رجـل فلمّـا نظر إليه أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : ( أما والله لاُضلّنّه ، أما والله لاُوهمنّه ) فجلس الرجل فسأله مسألة فأفتاه ، فلمّا خرج ، قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( لقد أفتيته بالضلالة التي لا هداية فيها ).
  ثمّ إنّ الرجل جاء إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) ، فلمّا نظر إليه أبو الحسن ( عليه السلام ) قال : ( أما والله لاُضلّنّه بحقّ ) فسأله الرجل عن تلك المسألة بعينها فأفتاه ، فقال الرجل : هيهات هيهات لقد سألت عنها أباك فأفتاني بغير هذا ، وما يجب عليّ أن أدع قوله أبداً ، فلمّا خرج قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( أما والله لقد أفتيته بالهداية التي لا ضلالة

---------------------------
(1) نقله الحرّ العاملي في الوسائل 1 : 445/4 ، عن بصائر الدرجات للأشعري وكذلك المجلسي في البحار 80 : 295/51 ، وقد ذكر الحرّ عدّة أحاديث في هذا الباب تدلّ على التقيّة .
(2) محمّد بن اسحاق بن عمار : هو ابن حيّان التغلبي الصيرفي ، ثقة ، روى عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمامين الهمامين الكاظم والرضا ( عليهما السلام ) .
اُنظر رجال النجاشي : 361/968 ، رجال الشيخ : 360/30 و 388/23 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 272 _

  فيها ) (1).
  [ 269/15 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن اسحاق بن عمّار (2) ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : ما تقول في العزل (3) ؟ فقال : ( كان عليّ ( عليه السلام ) لايعزل ، وأمّا أنا فأعزل ) فقلت : هـذا خلاف ! فقال ( عليه السلام ) : ( ما ضرّ داود ( عليه السلام ) أن خالفه سليمان ( عليه السلام ) والله عزّ وجلّ يقول ( ففهّمناها سليمان ) (4) ) (5).
  [ 270/16 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن بكّار بن أبي بكر (6) ، عن موسى بن أشيم ، قال : كنت عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) إذ أتاه رجل فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً في مقعد ، فقال أبوعبدالله ( عليه السلام ) : ( قد بانت منه بثلاث ) ، ثمّ أتاه آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها ، فقال : ( هي واحدة وهو أملك بها ) ، ثمّ أتاه آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها ، فقال : ( ليس بطلاق ) ، فاظلمّ عليّ البيت لما رأيت منه .
  فالتفت إليّ فقال : ( يابن أشيم إن الله تبارك وتعالى فوّض الملك إلى

---------------------------
(1) لم أعثر له على مصدر .
(2) اسحاق بن عمّار : هو ابن حيّان ، مولى بني تغلب ابو يعقوب الصيرفي ، شيخ من أصحابنا ، ثقة ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) ، واقتصر الشيخ على الإمام الصادق ( عليه السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 71/169 ، رجال البرقي : 28 و 47 ، رجال الشيخ : 49/135 .
(3) عزل : نحّى ، لسان العرب 11 : 440 ـ عزل .
(4) الأنبياء 21 : 79 .
(5) نقله الحرّ العاملي في الوسائل 20 : 150/ 6 ، عن بصائر الدرجات للاشعري .
(6) بكار بن أبي بكر : هو الحضرمي الكوفي ، من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، رجال الطوسي : 158/49 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 273 _

  سليمان ( عليه السلام ) فقال ( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) (1) وإنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمر دينه فقال ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (2) فما كان مفوّضاً لمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد فوّض إلينا ) (3).
  [ 271/17 ] وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن اُديم بن الحر (4) ، قال : شهدت أبا عبدالله ( عليه السلام ) وقد سأله رجل عن آية من كتاب الله عزّ جلّ فأخبره بها ، ثمّ جاء رجل آخر فسأله عنها فأخبره بخلاف ما أجاب الأول ، ثم جاء رجل آخر فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجاب الأوّل والثاني ، فقيل له في ذلك ، فقال : ( إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى سليمان ( عليه السلام ) أمر ملكه ، فقال ( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) (5) وإنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمر دينه ، فقال ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (6) وما فوّض إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد فوّض إلينا ) (7).

---------------------------
(1) سورة ص 38 : 39 .
(2) الحشر 59 : 7 .
(3) نقله الحرّ العاملي في الوسائل 22 : 70/27 ، عن بصائر الدرجات للأشعري .
(4) اُديم بن الحر : هو الجعفي مولاهم ، كوفي ثقة ، له أصل ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) نيفاً وأربعين حديثاً ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، قائلاً : آدم بن الحر الخثعمي .
اُنظر رجال النجاشي : 106/267 ، رجال الشيخ : 143/20 ، رجال العلاّمة : 77/142 .
(5) سورة ص 38 : 39 .
(6) الحشر 59 : 7 .
(7) أورد نحوه الصفّار في بصائر الدرجات : 386/11 ، والكليني في الكافي 1 : 265/2 ، والمفيد في الاختصاص : 331 ، ففي البصائر : عن اُديم بن الحسن ، وفي الكافي : عن موسى ابن اُشيم .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 274 _

  [ 272/18 ] أحمد وعبدالله ابنا محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيـوب ابراهيم بن عثمان الخزّاز (1) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ ( إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولاتحزنوا ) (2) قال : ( هم الأئمّة ( عليهم السلام ) ، ويجري فيمن استقام من شيعتنا وسلّم لأمرنا ، وكتم حديثنا عن عدوّنا ، تستقبله الملائكة بالبشرى من الله تعالى بالجنّة ، وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين (3) ، استقاموا وسلّموا لأمرنا ، وكتموا لحديثنا ، ولم يذيعوه عند عدوّنا ، ولم يشكّوا فيه كما شككتم ، فاستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة ) (4).
  [ 273/19 ] وعنهم ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي خالد يزيد الكناسي (5) ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ

---------------------------
(1) ابراهيم بن عثمان الخزّاز : وقيل ابراهيم بن عيسى الخزّاز ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، وذكر ذلك أبو العباس في كتابه ، ثقة كبير المنزلة ، له أصل ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وكذلك البرقي قائلاً : أبو أيوب الخزّاز وهو ابراهيم بن عيسى كوفي ، ويقال : ابن عثمان .
انظر رجال النجاشي : 20/25 ، رجال البرقي : 27 ـ 28 ، رجال الطوسي : 154/240 ، فهرست الشيخ : 41/13 .
(2) فصّلت 41 : 30 .
(3) في المختصر المطبوع ص 96 : الّذين ...
(4) أورده الصفار في بصائر الدرجات : 524/22 ، ونقله المجلسي عن المختصر في البحار 25 : 365/5 .
(5) ابو خالد يزيد الكناسي : عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، رجال البرقي : 12 و 32 ، رجال الشيخ : 140/7 و 336/5 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 275 _

  ( فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ) (1) فقال : ( يا أبا خالد النور والله الأئمّة ( عليهم السلام ) ، يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، وهم الذين ينوّرون [ قلوب ] (2) المؤمنين ، ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلمّ قلوبهم ويغشاها ، لذلك ران (3) الكفر.
  والله يا أبا خالد لايحبّنا عبد ويتولّى الإمام منّا إلاّ كان معنا يوم القيامة ، ونزل منازلنا ، ولا يحبّنا عبد ويتولاّنا حتّى يطهّر الله قلبه ، ولا يطهّر الله قلبه حتّى يسلّم لنا ويكون سلماً لنا ( فإذا كان سلماً ) (4) لنا سلّمه الله من شدائد الحساب ، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر ) (5).
  [ 274/20 ] أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وغيرهما ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن كرّام عبدالكريم بن عمرو (6) ، عن

---------------------------
(1) التغابن 64 : 8.
(2) ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي وتفسير القمي .
(3) ران : غلب ، لسان العرب 13 : 192 ـ رين .
(4) في نسخة ( س وض ) : فإذا هو سلّم ، بدل ما بين القوسين .
(5) أورده الكليني في الـكافي 1 : 194/1 ، والقمّي في تفسيره 2 : 371 ، عن ابي خـالد الكابلي باختلاف يسير ، وعنهما وعن بصائر الدرجات للأشعري في تفسيره البرهان 5 : 396/ 2 .
(6) في نسخة ( س وض ) والمختصر المطبوع ص 96 : كرام ، عن عبدالكريم بن عمرو ، والصحيح ما أثبتناه ، حيث وجود ( عن ) بينهما زائدة لاشكّ فيها ، لأنّ كراماً هو لقب لعبد الكريم .
وعبد الكريم بن عمرو : هو ابن صالح الخثعمي ، مولاهم كوفي ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، ثمّ وقف على أبي الحسن ( عليه السلام ) ، كان ثقة ثقة عيناً ، يلقّب كراماً ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) .
ونقل المامقاني عن الوحيد روايات صريحة في قول كرام بإمامة الإمام الرضا وإمامة الأئمّة الاثنى عشر ( عليهم السلام ) ، ويمكن الجمع بأنّه وقف على الإمام الكاظم ( عليه السلام ) حيناً ، ثمّ رأى علامة الإمامة في الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، فقال بإمامته ورجع عن وقفه .
اُنظر رجال النجاشي : 245/645 ، رجال البرقي : 24 و48 ، رجال الشيخ : 234/181 و354 / 12 ، رجال الكشي : 555/1049 ، فهرست الشيخ : 178/480 ، مشيخة الفقيه : 86 ، تنقيح المقال 2 : 37 ـ باب الكاف ، معجم رجال الحديث 11 : 71 ـ 72 .