والأرض كما رأى ذلك إبراهيم ؟ قال : ( نعم وصاحبكم والأئمّة من بعده ) (1).
  [ 352/41 ] وقال أبو جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى ( وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ) (2) : ( كشطت له السماوات السبع حتى نظر إلى السماء السابعة وما فيها ، والأرضون السبع حتى نظر إليهن وما فيهنّ ، وفعل بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما فعل بإبراهيم ( عليه السلام ) ، وإنّي لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك ) (3).
  [ 353/42 ] محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول ـ وعنده اُناس من أصحابه وهم حوله ـ : ( إنّي لأعجب من قوم يتولّونا ويجعلونا أئمّة ، ويصفون بأنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة الله تعالى ، ثم يكسرون (4) حجّتهم ، ويخصمون أنفسهم لضعف قلوبهم ، فينقصونا حقّنا ، ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهـان حقّ معرفتنا والتسليم لأمرنا ، أترون أنّ الله تعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثمّ يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ، ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم ما فيه قوام دينهم ؟! ).
  فقال له حمران : يابن رسول الله أرأيت ما كان من قيام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والحسن والحسين ( عليهما السلام ) وخروجهم وقيامهم بدين الله ، وما اُصيبوا به من قبل

---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 867/82 ، وفيه : وسأله أبو بصير ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 107/4 ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) .
(2) الأنعام 6 : 75 .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 867/83 ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 108/6 ، والعيّاشي في تفسيره 1 : 363/34 .
(4) في المختصر المطبوع : ينكرون .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 327 _

  الطواغيت ، والظفر بهم حتى قتلوا وغُلبوا ؟ .
  فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( ولو أنّهم يا حمران حين نزل بهم ما نزل من ذلك ، سألوا الله أن يرفع عنهم ذلك ، وألحّوا عليه في إزالة تلك الطواغيت (1) عنهم ، ( إذاً لأجابهم ، ودفع ذلك عنهم ، وكأن يكون انقضاء مدّة الطواغيت ) (2) وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم ، انقطع فتبدّد ، وما كان الذي أصابهم لذنب اقترفوه ، ولا لعقوبة معصية خالفوه فيها ، ولكن لمنازل وكرامة من الله تعالى أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبنّ بك المذاهب ) (3).
  [ 354/43 ] ومن كتاب ابن البطريق (4) : روى علي بن الحسين (5) ، قال : حدّثنا هارون بن موسى ، قال : حدّثني محمّد بن همام (6) ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن عمر بن علي العبدي ، عن داود بن كثير الرقّي ، عن يونس بن ظبيان ، قال :

---------------------------
(1) في الخرائج والبصائر : ملك الطواغيت .
(2) في المختصر المطبوع : لكان ذلك ، بدل ما بين القوسين .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 870/87 ، وأورده باختلاف الكليني في الكافي 1 : 261/4 ، والصفّار في بصائر الدرجات : 124/3 .
(4) وهو أبو الحسين الشيخ شمس الدين يحيى بن الحسن بن الحسين الأسدي الحلي ، من أفاضل علماء الامامية في زمانه ، ومن مصنفاته : العمدة والمناقب والخصائص وتصفح الصحيحين في تحليل المتعتين ، واتفاق صحاح الأثر ، والرد على أهل النظر ، ونهج العلوم ، وعيون الأخبار ، ورجال الشيعة. مات ( رحمه الله ) سنة ستمائة للهجرة. انظر الثقات العيون في سادس القرون : 337 ، والكنى والألقاب : 217 .
(5) في نسخة ( س وض وق ) : علي بن الحسن .
(6) في نسخة ( س وض وق ) : محمّد بن هشام .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 328 _

  دخلت على الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، فقلت : يابن رسول الله إنّي دخلت على مالك (1) وعنده جماعة يتكلّمون في الله ، فسمعت بعضهم يقول : إنّ لله تبارك وتعالى وجهاً كالوجوه ، وبعضهم يقول : له يدان ، واحتجّوا بقول الله سبحانه وتعالى ( بيديّ استكبرت أم كنت من العالين ) (2) وبعضهم يقول : هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة ، فما عندك في هذا يابن رسول الله ؟.
  قال : وكان متّكئاً فاستوى جالساً وقال : ( اللهم عفوك عفوك ).
  ثمّ قال : ( يا يونس من زعم أنّ له وجهاً كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أنّ لله جوارح كجوارج المخلوقين فهو كافر بالله ، فلا تقبلوا شهادته ، ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخـلوقين ، وجه الله أنبـياؤه وأولياؤه.
  وقوله تعالى ( خلقت بيديّ ) (3) فاليد القدرة ، وقوله تعالى ( هو الذي أيّدك بنصره ) (4) فمن زعم أنّ الله في شيء ، أو على شيء ، أو يخلو منه شيء ، أو يشغل به شيء ، فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كلّ شيء ، لا يقاس بالقياس ، ولا يشبّه بالناس ، ولا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده ، بعيد في قربه ، ذلك الله ربّنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبّه ووصفه بهذه الصفة فهو من الموحّدين ، ومن وصفه بغير هذه الصفة فالله بري منه ونحن براء منه ) .
  ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( إنّما اُولوا الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حبّ

---------------------------
(1) الظاهر هو مالك بن أنس أحد أئمة المذاهب الأربعة .
(2 ـ 3) و سورة ص 38 : 75 .
(4) الانفال 8 : 62 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 329 _

  الله ، فإنّ حبّ الله إذا ورثه القلب استضاء وأسرع إليه اللطف ، فإذا نزل منزلة اللطف صار في أهل الفوائد تكلّم بالحكمة ، فإذا تكلّم بالحكمة صار صاحب فطنة ، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة ، فاذا عمل بها في القدرة عرف الأطباق السبعة ، فاذا بلغ إلى هذه المنزلة صار يتقلّب فكره بلطف وحكمة وبيان ، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه ، فاذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى ، فعاين ربّه في قلبه ، وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء ، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء ، وورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون ، إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت ، وإنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب ، وإنّ الصدّيقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة .
  فمن أخذ بهذه الصفة إمّا أن يُسفل أو يُرفع ، وأكثرهم يُسفل ولا يرفع ، إذ لم يرع حقّ الله ، ولم يعمل بما اُمر به ، فهذه منزلة من لم يعرفه حق معرفته ، ولم يحبّه حقّ محبّته ، فلا تغرّنّك صلاتهم ، وصيامهم ، ورواياتهم ، وكلامهم ، وعلومهم ، فإنّهم حمر مستنفرة ) (1) .
  ثمّ قال : ( يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت ، فإنّا ورثناه ، واُوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب ) .
  فقلت : يابن رسول الله فكلّ من كان من أهل البيت ورث ما ورث ولد عليّ وفاطمة ( عليهما السلام ) ؟ فقال : ( ما ورثه إلاّ الأئمة الاثني عشر سلام الله عليهم ) قلت : سمّهم لي يابن رسول الله.
  قال : ( أوّلهم علي بن أبي طالب ، وبعده الحسن والحسين ، وبعده علي بن الحسين ، وبعده محمّد بن علي ، وبعده أنا ، وبعدي موسى ولدي ، وبعد موسى علي ابنه ،

---------------------------
(1) حمر مستنفرة : أي عير مذعورة نافرة ، انظر الصحاح 2 : 636 ـ حمر و833 ـ نفر .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 330 _

  وبعد علي محمّد ، وبعد محمّد علي ، وبعد علي الحسن ، وبعد الحسن الحجّة ، اصطفانا الله وطهّرنا ، واُوتينا ما لم يؤت أحداً من العالمين ) (1).

---------------------------
(1) لم أعثر عليه في كتابي ابن البطريق العمدة وخصائص الوحي المبين ، بل وجدته في كفاية الأثر للخزّاز : 255 ، وعنه في البحار 3 : 287/2 ـ إلى قوله : نحن منه براء ، والبحار 36 : 403/15 ، كاملاً ، وبزيادة في ذيله من المصدر : ثمّ قلت : يابن رسول الله إنّ عبدالله بن سعد دخل عليك بالأمس فسألك عمّا سألتك ، فأجبته بخلاف هذا ، فقال : يا يونس كلّ امرئ وما يحتمله ، ولكلّ وقت حديثه ، وإنّك لأهل لما سألت ، فاكتمه إلاّ عن أهله والسلام .
ونقله الحر العاملي في الوسائل 28 : 346/26 ـ إلى قوله : كجوارح المخلوقين فهو كافر ، وفي الفصول المهمة في اُصول الأئمة 1 : 244/235 ـ إلى قوله : اليد القدرة .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 331 _

  ومن كتاب محمّد بن الحسن الصفّار الموسوم بـ ( بصائر الدرجات )
باب
في أئمّة آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين
وأنّ حديثهم صعب مستصعب
  [ 355/1 ] رويت (1) بإسنادي عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن المنخّل ، عن جابر ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( قال رسول لله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان .
  فما ورد عليكم من حديث آل محمّد صلوات الله عليهم فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه ، وما اشمأزّت منه قلوبكم وأنكرتموه فردّوه إلى الله تعالى ، وإلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإلى العالم من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
  وإنّما الهالك أن يُحدَّث أحدكم بشيء لا يحتمله فيقول : والله ما كان هذا ، والإنكار هو الكفر ) (2).

---------------------------
(1) من هنا سقط من نسخة ( ق ) إلى حديث 394 .
(2) بصائر الدرجات : 20/1 ، وعنه في البحار 2 : 189/21 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 332 _

  [ 356/2 ] وبإسنادي عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن أحمد (1) ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، قال : حدّثنا الحسن بن حمّاد الطائي ، عن سعد ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن ممتحن ، أو مدينة حصينة ، فإذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا كان الرجل (2) أجرى من ليث ، وأمضى من سنان ، يطأ عدوّنا برجليه ، ويضربه بكفّيه ، وذلك عند نزول رحمة الله ، وفرجه على العباد ) (3).
  [ 357/3 ] محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسين (4) ، عن محمّد بن الهيثم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : ( إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ثلاث : نبيّ مرسل ، أو ملك مقرّب ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ).
  ثمّ قال : ( يا أبا حمزة ألا ترى أنّه اختار لأمرنا من الملائكة :
  المقرّبين ، ومن النبيّين : المرسلين ، ومن المؤمنين : الممتحنين ) (5).
  [ 358/4 ] محمّد بن الحسن ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن ابن سنان أو غيره يرفعه إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ صدور منيرة ، وقلوب سليمة ، وأخلاق حسنة.
  إنّ الله تعالى أخذ من شيعتنا الميثاق ، كما أخذ على بني آدم ، حيث يقول

---------------------------
(1) في البصائر : أحمد بن جعفر ، وعنه في البحار : أحمد بن محمّد .
(2) في البصائر زيادة : من شيعتنا .
(3) بصائر الدرجات : 24/17 ، وعنه في البحار 2 : 189/22 .
(4) في البصائر : أحمد بن الحسين .
(5) بصائر الدرجات : 25/19 ، وعنه في البحار 2 : 190/23 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 333 _

  عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ) (1) فمن وفى لنا وفى الله له بالجنّة ، ومن أبغضنا ولم يؤدِّ حقّنا ففي النار خالداً مخلّداً ) (2).
  [ 359/5 ] محمّد بن الحسن ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن صباح المزنيّ (3) ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : ( إنّ حديثنا صعب مستصعب ، خشن مخشوش ، فانبذوا إلى الناس نبذاً ، فمن عرف فزيدوه ، ومن أنكر فأمسكوا ، لا يحتمله إلاّ ثلاث : ملك مقرّب ، أونبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ) (4).
  [ 360/6 ] محمّد بن الحسن ، قال : حدّثني سلمة ، عن محمّد بن المثنّى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن عبدالعزيز ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : ( حديثنا صعب مستصعب ، ذكوان مقنّع ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل أو مؤمن ممتحن ).
  قال : ثم قال ( عليه السلام ) : ( ما من أحد أفضل من المؤمن الممتحن ) (5).
  [ 361/7 ] محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن منصور بن

---------------------------
(1) الأعراف 7 : 172 .
(2) بصائر الدرجات : 25/20 ، وعنه في البحار 2 : 190/24 .
(3) صباح المزني : هو صباح بن يحيى أبو محمّد المزني ، كوفي ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، انظر رجال النجاشي : 201/537 ، رجال البرقي : 37 ، رجال الطوسي : 219/19 .
(4) بصائر الدرجات : 21/5 ، وعنه في البحار 2 : 192/35 .
(5) لم أعثر له على مصدر .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 334 _

  يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ( حديثنا صعب مستصعب ، ذكوان أجرد (1) مقنّع ) قال : قلت : فسّر لي جعلت فداك ؟ قال : ( ذكوان : ذكيّ أبداً ) قال ، قلت : أجرد ، قال : ( أبداً ) قلت : مقنّع ، قال : ( مستور ) (2).
  [ 362/8 ] عمران بن موسى ، عن محمّد بن علي وغيره عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : ( ( ذكرت التقية يوماً عند علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ) (3) فقال : والله لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بينهما فما ظنّك بسائر الخلق.
  إنّ علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ نبي مرسل ، أو ملك مقرّب ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ، قال : وإنّما صار سلمان من العلماء ؛ لأنّه امرؤ منّا أهل البيت ، فلذلك ( نسبته إلى العلماء ) (4) ) (5).
  [ 363/9 ] محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن إسماعيل بن مهران (6) ،

---------------------------
(1) في نسختي ( س وض ) : أمرد ، وكلاهما يعطيان معنىً واحداً ، فالأجرد للفضاء : لا نبات فيه ، وللرجل : لا شعر عليه ، وللفرس : إذا رقّت شعرته وقصرت ، وكذلك للأمرد ، انظر الصحاح 2 : 455 و538 ـ جرد ومرد .
ولعلّ المراد من قوله ( عليه السلام ) أجرد أو أمرد ، أي أحاديثنا واضحة بيّنة لا غبار عليها ولا شكّ فيها ، فهي رقيقة يستقبلها كلّ قلب سليم .
(2) بصائر الدرجات : 22/8 ، وعنه في البحار 2 : 191/32 ، بسند الحديث المتقدّم.
(3) في نسختي ( س وض ) : ذكر علي ( عليه السلام ) التقية في يوم عيد ، بدل ما بين القوسين .
(4) في نسختي ( س وض ) : يشبه العلماء .
(5) بصائر الدرجات : 25/21 ، وعنه في البحار 2 : 190/25 ، وأورده الكليني في الكافي 1 : 401/2 .
(6) في نسخة ( ض ) والبصائر : إسماعيل بن مهزيار ، ولم يرد له ذكر في كتب التراجم .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 335 _

  عن عثمان بن جبلة (1) ، عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( حديثنا صعب مستصعب ، شريف كريم ، ذكوان ، ذكي ، وعر ، لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن ممتحن ) قلت : فمن يحتمله جعلت فداك ؟ قال ( من شئنا (2) يا ابا الصامت ).
  قال أبو الصامت : فظننت أنّ لله عباداً أفضل من هؤلاء الثلاثة (3).
  يقول حسن بن سليمان : لعلّه ( عليه السلام ) أراد بقوله : ( من شئنا ) هم صلوات الله عليهم ، لأنّ علمهم الذي استودعهم الله سبحانه منه ما لا يصل إلى غيرهم بل خصّهم الله تعالى به .
  كما روي عن الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ الله سبحانه وتعالى جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ، فأعطى آدم ( عليه السلام ) خمسة وعشرين حرفاً ، وأعطى نوحاً ( عليه السلام ) منها خمسة عشر حرفاً ، وأعطى إبراهيم ( عليه السلام ) منها ثمانية أحرف ، وأعطى موسى ( عليه السلام ) منها أربعة أحرف ، وأعطى عيسى ( عليه السلام ) منها حرفين ، فكان يحيي بها الموتى ، ويبرىء الأكمه والأبرص ، وأعطى محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنين وسبعين حرفاً ، واحتـجب بحرف لئلاّ يعلم أحد ما في نفسه ، ويعلم ما في أنفس العباد ) (4).
  وما روي من أنّ الله سبحانه وتعالى أوحى إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( يا محمّد لا تكتم عليّاً شيئاً ممّا بيني وبينك ، فإنّه ليس بيني وبينك وبينه سرّ ) (5) فهذا فضل لم يؤته سواهم.

---------------------------
(1) في نسخة ( س ) والمختصر المطبوع : عثمان بن جميلة ، ولم يذكر في كتب التراجم.
(2) في نسخة : شيعتنا. حاشية نسخة ( س ) .
(3) بصائر الدرجات : 22/10 ، وعنه في البحار 2 : 192/34 .
(4) أورده الصفّار في بصائر الدرجات : 208/3 ، والكليني بلفظ آخر في الكافي 1 : 230/2 .
(5) تقدّم مفصّلاً في ص 200 حديث 185 من هذا الكتاب .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 336 _

  ومن ذلك ما روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( يا علي ما عرف الله إلاّ أنا وأنت ، وما عرفني إلاّ الله وأنت ، وما عرفك إلاّ الله وأنا ) (1).
  فقد صحّ أنّهم خزّان العلم وعيبته ، وصاحب الدرجة العليا يطيق حمل الدنيا ، وصاحب الدنيا لا يطيق حمل العليا، كما مرّ في حديث أبي ذرّ وسلمان ، إذا كان أبو ذرّ في التاسعة من درجات الإيمان ، وسلمان في العاشرة ، فوضح ما ادّعيناه والله أعلم .
  [ 364/10 ] محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن منصور ، عن مخلّد بن حمزة بن نصر ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كنت معه جالساً ، فرأيت أنّ أبا جعفر قد نام ، فرفع رأسه وهو يقول : ( يا أبا الربيع حديث تمضغه الشيعة بألسنتها لا تدري ما كنهه ) قلت : ما هو جعلني الله فداك ؟ قال : ( قول أبي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (2) : إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان .
  يا أبا الربيع : ألا ترى أنّه قد يكون ملك ولا يكون مقرّباً ، ولا يحتمله إلاّ مقرّب ، وقد يكون نبي وليس بمرسل ، ولا يحتمله إلاّ مرسل ، وقد يكون مؤمن وليس بممتحن ، ولا يحتمله إلاّ مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان ) (3).
  [ 365/11 ] سلمة بن الخطّاب ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه ، عن أبي

---------------------------
(1) أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : 112 ، والاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 139/ 118 و221/ ذيل حديث 15 .
(2) في نسخة ( س ) : علي بن الحسين ( عليه السلام ) .
(3) بصائر الدرجات : 26/1 ، وعنه في البحار 2 : 197/49 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 337 _

  بصير (1) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( خالطوا الناس بما يعرفون ، ودعوهم ممّا ينكرون ، ولا تحمّلوا على أنفسكم وعلينا ، إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ) (2).
  [ 366/12 ] محمّد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمّد بن الهيثم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) ، يقول : ( إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ثلاثة : ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ).
  ثمّ قال لي : ( يا أبا حمزة ألست تعلم أنّ في الملائكة مقرّبين وغير مقرّبين ، وفي النبيين مرسلين وغير مرسلين ، وفي المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ؟ ) قال : قلت : بلى ، قال : ( ألا ترى إلى صعوبة (3) أمرنا ، إنّ الله اختار له من الملائكة : المقرّبين ، ومن النبيين : المرسلين ، ومن المؤمنين : الممتحنين ) (4).
  [ 367/13 ] محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن جابر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( إنّ أمرنا سرّ في سرّ ، وسرّ مستسر ، وسرّ لا يفيده إلاّ سرّ ، وسرّ على سرّ ، وسرّ مقنّع بسرّ ) (5).
  [ 368/14 ] محمّد بن أحمد ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، قال : حدّثني

---------------------------
(1) في البصائر والخصال والخرائج زيادة : ومحمّد بن مسلم .
(2) بصائر الدرجات : 26/2 ، وأورده الصدوق في الخصال : 624/ ضمن حديث الاربعمائة ، والراوندي في الخرائج والجرائح 2 : 794/3 .
(3) في البصائر : صفة .
(4) بصائر الدرجات : 28/9 ، وعنه في البحار 2 : 196/48 .
(5) بصائر الدرجات : 28/1 ، وعنه في البحار 2 : 71/31 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 338 _

  أحمد بن محمّد ، عن أبي اليسر ، قال : حدّثني زيد بن المعدلّ ، عن أبان بن عثمان (1) ، قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( إنّ أمرنا هذا مستور مقنّع بالميثاق ، من هتكه أذلّه الله ) (2).
  [ 369/15 ] وروي عن ابن محبوب ، عن مرازم قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( إنّ أمرنا هو الحق ، وحقّ الحقّ ، وهو الظاهر ، وباطن الظاهر ، وباطن الباطن ، وهو السرّ ، وسرّ المستسر ، وسرّ مقنّع بسرّ ) (3).
  [ 370/16 ] عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن أسباط ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قرأت عليه آية الخمس (4) ، فقال : ( ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو لنا ).
  ثمّ قال : ( والله لقد يسّر الله على المؤمنين رزقهم بخمسة دراهم ، جعلوا لربّهم واحداً ، وأكلوا أربعة حلالاً ).
  ثمّ قال : ( هذا من حديثنا صعب مستصعب ، لا يعمل به ، ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للايمان ) (5).

---------------------------
(1) أبان بن عثمان : الأحمر البجلي ، مولاهم ، أصله كوفي ، كان يسكنها تارة واُخرى البصرة ، وقد أخذ عنه أهلها : أبو عبيدة معمّر بن المثنى وأبو عبدالله محمّد بن سلام ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن موسى ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
انظر رجال النجاشي : 13/8 ، رجال البرقي : 39 ، رجال الطوسي : 152/191 .
(2) بصائر الدرجات : 28/3 ، وعنه في البحار 2 : 71/32 .
(3) بصائر الدرجات : 29/4 ، وعنه في البحار 2 : 71/33 .
(4) وهي ( واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله ) الآية ، الانفال 8 : 41 .
(5) بصائر الدرجات : 29/5 ، وعنه في البحار 96 : 191/7 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 339 _

  [ 371/17 ] ورويت بإسنادي إلى محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيدالله (1) ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن بعض أهل المدائن ، قال : كتبت إلى أبي محمّد ( عليه السلام ) : روي لنا عن آبائكم ( عليهم السلام ) ( أنّ حديثكم صعب مستصعب ، لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ).
  قال : فجاء الجواب : ( إنّما معناه أنّ الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك آخر مثله ، ولا يحتمله نبيّ حتى يخرج إلى نبيّ آخر مثله ؟ ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن آخر مثله ، إنّما معناه أنّه لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما في صدره حتى يخرجه إلى غيره ) (2).
  [ 372/18 ] محمّد بن علي بن بابويه ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن سفيان بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة ، قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن أحمد بن يوسف الأزدي ، قال : حدّثنا علي بن بزرج الحنّاط (3) ، قال : حدّثنا عمرو بن اليسع ، عن شعيب الحدّاد ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : ( إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد

---------------------------
(1) في المعاني : الحسين بن عبدالله .
(2) معاني الأخبار : 188/1 ، وعنه في البحار 2 : 184/6 .
(3) في المعاني : علي بن يزيد الحنّاط ، وهو من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما عدّه الشيخ في رجاله : 244/333 والظاهر أنّ ما في المتن والخصال والأمالي هو الصحيح .
وهو علي بن أبي صالح محمّد يلقّب بزرج ، ويكنّى أبا الحسن ، كوفي حنّاط ، وعدّه الشيخ فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) قائلاً : علي بن بزرج يكنى أبا الحسن ، انظر رجال النجاشي : 257/675 ، رجال الطوسي : 480/20 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 340 _

  امتحن الله عزّ وجلّ قلبه للايمان ، أو مدينة حصينة ) قال عمرو : فقلت لشعيب : يا أبا الحسن وأي شيء المدينة الحصينة ؟ قال : فقال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عنها ، فقال لي ( القلب المجتمع ) (1) .

حديث من غير الباب
  [ 373/19 ] وباسنادي المتصل للصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن حمزة ومحمّد ابني حمران ، قالا : اجتمعنا عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) في جماعة من أجلّة مواليه ، وفينا حمران بن أعين ، فخضنا في المناظرة ، وحمران ساكت ، فقال له أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( ما لك لا تتكلّم يا حمران ؟ ) فقال : يا سيدي آليت على نفسي ألاّ أتكلّم في مجلس تكون أنت فيه .
  فقال أبو عبدالله : ( إنّي قد أذنت لك في الكلام فتكلّم ) فقال حمران : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ، خارج من الحدّين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه ، وأنّ الحقّ القول بين القولين لا جبر ولا تفويض ، وأنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون .
  وأشهد أنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث بعد الموت حقّ.
  وأشهد أنّ علياً حجّة الله على خلقه ، لا يسع الناس جهله ، وأنّ حسناً ( عليه السلام ) بعده ، وأنّ الحسين ( عليه السلام ) من بعده ، ثمّ علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ثم محمّد بن علي ( عليه السلام ) ، ثم
ّ
---------------------------
(1) معاني الأخبار : 189/1 ، أمالي الصدوق : 52/6 ، الخصال : 207/27 ، وعنهم في البحار 2 : 183/1 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 341 _

  أنت يا سيدي من بعـدهم ، فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( الترتر (1) حمران ).
  ثمّ قال : ( يا حمران مد المطمر (2) بينك وبين العالم ) قلت : يا سيدي وما المطمر ؟ قال : ( أنتم تسمّونه خيط البناء ، فمن خالفك على هذا الأمر فزنديق ) فقال حمران : وإن كان علويّاً فاطميّاً ؟ فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( وإن كان محمّديّاً علويّاً فاطميّاً ) (3).
  [ 374/20 ] وبإسنادي إلى محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يقرّ به إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ).
  فقال : ( إنّ في الملائكة مقرّبين وغير مقرّبين ، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين ، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلـم يقرّ به إلاّ المقـرّبون ، وعـرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلاّ المـرسلون ، وعرض على المؤمنين فلم يقرّ به إلاّ الممتحنون ) قال : ثمّ قال لي : ( مر في حديثك ) (4).
  [ 375/21 ] وبإسنادي عن محمّد بن يعقوب ، ( عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن

---------------------------
(1) التُرُّ : خيط يمدّ على البناء ، الصحاح 2 : 600 ـ ترر .
(2) المِطمَر : الزيج الذي يكون مع البنائين ، الصحاح 2 : 726 ـ طمر ، ومراد قول الإمام ( عليه السلام ) لحمران أن لا يجعل بينه وبين إمامه واسطة ، وأن يميّز بين الحق والباطل .
(3) معاني الأخبار : 212/1 ـ باب معنى الترتر والمطمر ، وعنه في البحار 69 : 3/4 .
(4) معاني الأخبار : 407/83 ، وعنه في البحار 2 : 184/7 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 342 _

  محمّد بن عيسى ) (1) ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن سعيد بن المسيّب (2) ، قال : سألت علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ابن كم كان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يوم (3) أسلم ؟ فقال : ( أو كان كافراً ؟ قط ، إنّما كان لعليّ حيث بعث الله عزّ وجلّ رسوله صلوات الله عليه وآله عشر سنين ، ولم يكن يومئذ كافراً ، ولقد آمن بالله تبارك وتعالى وبرسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وسبق الناس كلّهم إلى الإيمان بالله وبرسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وإلى الصلاة بثلاث سنين .
  وكانت أوّل صلاة صلاّها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الظهر ركعتين ، وكذلك فرضها الله تعالى على من أسلم بمكّة ركعتين ركعتين ( في الخمس صلوات ) (4).
  وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّيها بمكّة ركعتين ، ثمّ يصلّيها علي ( عليه السلام ) معه بمكّة ركعتين ، مدّة عشر سنين حتى هاجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى المدينة.

---------------------------
(1) ما بين القوسين لم يرد في نسختي ( س ، ض ) والمصدر. وقد أورده المجلسي في البحار عن الكافي ولم يورده في مرآة العقول .
(2) سعيد بن المسيّب : ابن حزن بن أبي وهب القرشي المدني ، أبو محمّد المخزومي ، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكان سيد التابعين من الطراز الأول ، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع ، ويروى عنه أنّه قال : حججت أربعين حجة ، وقال : ما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة ، لمحافظته على الصف الأول ، مات ( رحمه الله ) وله من العمر أربع وثمانين سنة ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام زين العابدين علي بن الحسين ( عليه السلام ) .
انظر وفيات الأعيان 2 : 375 ، تهذيب التهذيب 4 : 75 ، طبقات ابن سعد 5 : 119 ، رجال البرقي : 8 ، رجال الطوسي : 90/1 .
(3) في نسخة ( س ) : حين .
(4) ما بين القوسين لم يرد في المصدر والبحار .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 343 _

  وخلّف عليّاً ( عليه السلام ) في اُمور لم يكن يقوم بها أحد غيره ، وكان خروج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من مكّة في أول يوم من ربيع الأول ، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث ، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول مع زوال الشمس ، ونزل بقبا (1) فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين.
  ثمّ لم يزل مقيماً ينتظر علياً ( عليه السلام ) ، يصلّي الخمس صلوات ركعتين ركعتين ، وكان نازلاً على عمرو بن عوف (2) ، فأقام عندهم بضعة عشر يوماً ، يقولون له : أتقيم عندنا فنتّخذ لك منزلاً ومسجداً ؟ فيقول : لا ، إنّي أنتظر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وقد أمرته أن يلحقني ، فلست مستوطناً منزلاً حتى يقدم عليّ ( عليه السلام ) ، وما أسرعه إن شاء الله ، فقدم علي ( عليه السلام ) والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بيت (3) عمرو بن عوف فنزل معه.
  ثمّ إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لمّا قدم علي ( عليه السلام ) تحوّل عن قبا إلى بني سالم بن عوف ـ وعلي ( عليه السلام ) معه ـ يوم الجمعة مع طلوع الشمس ، فخطّ لهم مسجداً ونصب قبلته ، فصلّى بهم الجمعة ركعتين وخطب خطبتين.
  ثمّ راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها ، وعلي ( عليه السلام ) معه لا يفارقه ، يمشي بمشيته ، وليس يمرّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببطن من بطون الأنصار إلاّ قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم ، فيقول لهم : خلّوا سبيل الناقة فإنّها مأمورة ، فانطلقت به ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واضع لها زمامها حتى انتهت إلى هذا الموضع الذي ترى ـ

---------------------------
(1) قُبا : وأصله اسم بئر هناك عرفت القرية بها ، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار ، وهي ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة ، وهناك مسجد التقوى عامر ، قدّامه رصيف وفضاء حسن وآبار ومياه عذبة ، معجم البلدان 4 : 301 ـ 302 .
(2) في نسخة : بني عمرو بن عوف ، حاشية نسخة ( س ) .
(3) في نسختي ( س وض ) : بني ، بدل : بيت .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 344 _

  وأشار بيده إلى باب مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي يصلّي عنده بالجنائز ـ فوقفت عنده وبركت ، ووضعت جرانها على الأرض.
  فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأقبل أبو أيّوب (1) مبادراً حتى احتمل رحله فأدخله منزله ، ونزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعليّ ( عليه السلام ) معه حتى بنى له مسجداً ، وبنيت له مساكنه ومسكن علي ( عليه السلام ) ، فتحوّلا إلى منازلهما ).
  فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) : جعلت فداك كان أبو بكر مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه ؟ فقال له : ( إنّ أبا بكر لمّا قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي ( عليه السلام ) ، قال له أبو بكر : انهض بنا إلى المدينة فانّ القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون (2) إقبالك إليهم ، فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر علياً ، فما أظنّه يقدم عليك إلى شهر .
  فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كلاّ ما أسرعه ، ولست أريم (3) حتى يقدم ابن عـمّي

---------------------------
(1) أبو أيوب : هو خالد بن زيد الأنصاري الخزرجي ، صحابي شهد العقبة وبدراً واُحداً والمشاهد كلّها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد آخى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بينه وبين مصعب بن عمير ، وقال الكشي : وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
عدّه البرقي من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وذكره في آخر كتابه في عداد المنكرين على أبي بكر ، وعدّه الطوسي من أصحاب رسول الله والإمام علي بن أبي طالب صلّى الله عليهما وآلهما ، توفي في غزاة القسطنطينية سنة خمسين ، وقيل : إحدى وقيل اثنتين وخمسين .
اُنظر الاصابة 1 : 405/2163 ، واُسد الغابة 2 : 80 ، رجال البرقي : 2 و63 ، ورجال الطوسي 18/2 40/1 ، ورجال الكشي : 38/78 .
(2) ريث : أبطأ ، وما أراثك علينا ؟ أي ما أبطأ بك عنّا ، الصحاح 1 : 284 ـ ريث .
(3) في نسخة ( س ) : بناهض .
ورام يريم : إذا برح وزال من مكانه ، النهاية لابن الأثير 2 : 290 ـ ريم.

مُختَصَرُ البَصائِر _ 345 _

  وأخي في الله عزّوجـلّ ، وأحبّ أهل بيـتي إليّ ، فقد وقاني بنفسه من المشركين.
  قال : فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأزّ ، وداخله من ذلك حسد لعلي ( عليه السلام ) ، فكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عليّ ( عليه السلام ) ، وأول خلاف على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فانطلق حتى دخل المدينة ، وتخلّف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقبا ينتظر علياً ( عليه السلام ) ) .
  قال : فقلت لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) : فمتى زوّج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة ( عليها السلام ) من علي ( عليه السلام ) ؟ فقال : ( بالمدينة بعد الهجرة بسنة ، وكان لها يومئذ تسع سنين .
  قال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : ولم يولد لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من خديجة على فطرة الاسلام إلاّ فاطمة ( عليها السلام ) ، وقد كانت خديجة رضي الله عنها ماتت قبل الهجرة بسنة ، ومات أبو طالب ( رحمه الله ) بعد موت خديجة رحمها الله بسنة .
  فلمّا فقدهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سئم المقام بمكة ، ودخله حزن شديد ، وأشفق على نفسه من كفار قريش ، فشكا إلى جبرئيل ( عليه السلام ) ذلك ، فأوحى الله تعالى إليه : اخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة ، فليس لك اليوم بمكّة ناصر ، وانصب للمشركين حرباً ، فعند ذلك توجّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى المدينة ) .
  قلت له : متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم عليه اليوم ؟ فقال : ( بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الاسلام ، وكتب الله على المسلمين الجهاد ، زاد رسول الله في الصلاة سبع ركعات ، في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة ، وفي العشاء الآخرة ركعتين ، وأقرّ الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء ، وتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ، فكان ملائكة

مُختَصَرُ البَصائِر _ 346 _

  الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة الفجر ، فلذلك قال الله عزّ وجلّ ( وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً ) (1) يشهده المسلمون ، وتشهده ملائكة النهار وملائكة الليل ) (2).

---------------------------
(1) الاسراء 17 : 78 .
(2) الكافي 8 : 338/536 ، وعنه في البحار 19 : 115/2 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 347 _

أحاديث : القضاء والقدر
  [ 376/1 ] وبالإسناد المتقدّم عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ، قال : أخبرنا أحمد بن هارون القاضي (1) وجعفر بن محمّد بن مسرور ، قالا : حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطّة ، قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( سمعت أبي يحدّث عن أبيه ( عليه السلام ) أنّ رجلاً قام إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال له يا أمير المؤمنين بما عرفت ربّك ؟ فقال ( عليه السلام ) : بفسخ العزم ، ونقض الهمم ، لمّا أن هممت حال بيني وبين همّي ، وعزمت فخالف القضاء عزمي ، فعلمت أنّ المدبّر غيري ) (2) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
  [ 377/2 ] وبالإسناد عنه قال : حدّثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني (3) ،

---------------------------
(1) في الخصال : الفامي ، وقد عدّه الشيخ الطوسي فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، رجال الطوسي : 448/59 .
(2) الخصال : 33/1 ، وأورده أيضاً بسند آخر في التوحيد : 288/6 ، وعنهما في البحار 3 : 42/17 .
(3) إبراهيم بن عمر اليماني : الصنعاني شيخ من أصحابنا ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ) قائلاً : له اصول رواها عنه حماد ابن عيسى ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الباقر والكاظم ( عليهما السلام ) .
انظر رجال النجاشي : 20/26 ، رجال البرقي : 11 و47 ، رجال الطوسي : 103/7 و145/58 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 348 _

  عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( إنّ الله عزّ وجلّ خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه ، وأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به ، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ، ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلاّ بإذن الله تعالى ) (1).
  [ 378/3 ] وبالإسناد عنه قال : حدّثني أبي ( رحمه الله ) قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن (2) ، عن حفص بن قرط (3) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من زعم أنّ الله تبارك وتعالى يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أنّ المعاصي بغير قوّة الله فقد كذب على الله ، ومن

---------------------------
(1) التوحيد : 159/1 ، وبسند آخر في ص 349/8 ، وأورده الطبرسي في الاحتجاج 2 : 330/268 ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ).
(2) يونس بن عبدالرحمن : مولى علي بن يقطين بن موسى ، أبو محمّد ، كان وجهاً في أصحابنا ، عظيم المنزلة ، ولد في أيام هشام بن عبدالملك ، ورأى جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) بين الصفا والمروة ولم يرو عنه ، روى عن أبي الحسن موسى والرضا ( عليهما السلام ) ، وكان الإمام الرضا ( عليه السلام ) يشير إليه في العلم والفتيا ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الكاظم والرضا ( عليهما السلام ).
انظر رجال النجاشي : 446/1208 ، رجال البرقي : 49 و54 ، رجال الطوسي : 364/11 و394/2 .
(3) في نسختي ( س وض ) : جعفر بن قرط .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 349 _

  كذب على الله أدخله الله النار ) (1).
  قوله ( عليه السلام ) : ( ومن زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ).
  ومثله ما روي في الحديث عن حريم الحسين بن علي ( عليه السلام ) ( شاء الله أن يراهنّ سبايا ) (2).
  إعلم أنّ المشيئة قد تكون مشيئة حتم ، كمشيئة الله سبحانه وتعالى لخلقنا على الصفات الجارية في علمه السابق فهو يقع كما شاء ، وقد تكون مشيئته تخلية للعبد بينه وبين فعله ، كما يخلّي الله سبحانه بين العصاة وبين معاصيهم ، إذ لم يتفضّل عليهم ويعصمهم منها ، فمشيئته فيها عدم عصمته لهم ، وتركه إيّاهم وأنفسهم بعد ما بيّن لهم من أمره ونهيه ، فوافق علمه السابق في علمه لتمام حكمته ، وبلوغ ما جرى من علمه من الثواب للمطيع ، والعقاب للعاصي .
  فمشيئته في الشرّ : التخلية من غير عصمة ، وإذا لم يشأ عصم ، كما خلّى بين آدم ( عليه السلام ) وأكل الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها ، وكان أكله سبباً لخروج الذرّية ـ المأخوذة العهد والميثاق عليها ـ إلى هذه الدار على هذه الصفة ، على ما جرى في علمه سبحانه أنّه كائن ولا بدّ منه ، والأكل من الشجرة أصله وسببه ، فنهاه سبحانه عن الأكل منها ، وشاء أن يخلّي بينه وبينها ، ولا يعصمه في تلك الحال كما عصم

---------------------------
(1) التوحيد : 359/2 ، وعنه في البحار 5 : 51/85 .
(2) اللهوف في قتلى الطفوف لابن طاووس : 128 ، وفيه : إنّ الله قد شاء أن يراهنّ سبايا ، وعنه في البحار 44 : 364 ، في مكالمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) مع أخيه محمّد بن الحنفية رضوان الله عليه .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 350 _

  يوسف ( عليه السلام ) لما علم منهما من وجه الحكمة ( لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ) (1) .
  [ 379/4 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي الله عنه ) ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ظريف بن ناصح ، عن أبي الحصين ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : ( سُئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الساعة ، فقال : عند إيمان بالنجوم ، وتكذيب بالقدر ) (2) .
  [ 380/5 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي ، قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدّثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن غير واحد ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) قالا : ( إنّ الله عزّ وجلّ أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذّبهم عليها ، والله أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون ).
  قال : فسُئلا ( عليهما السلام ) هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قالا : ( نعم ، أوسع ممّا بين السماء والأرض ) (3).
  [ 381/6 ] وبالإسناد عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (4) ،

---------------------------
(1) الأنبياء 21 : 23 .
(2) الخصال : 62/87 ، وعنه في البحار 6 : 313/19 ، و58 : 225/6 .
(3) التوحيد : 360/3 ، وعنه في البحار 50 : 51/82 .
(4) محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد : أبو جعفر شيخ القمّيين ، وفقيههم ، ومتقدّمهم ، ووجههم ، ويقال : إنّه نزيل قم وما كان أصله منها ، ثقة ثقة عين ، مسكون إليه ، وهو شيخ الصدوق ، يروي عنه كثيراً في كتبه .
وقال الشيخ : جليل القدر عارف بالرجال ، موثوق به ، بصير بالفقه ، وعدّه في رجاله فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) .
مات ( رحمه الله ) سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة .
انظر رجال النجاشي : 383/1042 ، فهرست الشيخ : 237/709 ، رجال الشيخ : 495/23 .