عليه (1) ثمّ قال :
  ( أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ) قالها ثلاثاً ، فقام إليه صعصعة بن صوحان (2) ، فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجّال ؟ فقال له ( عليه السلام ) : ( اقعد ، فقد سمع

---------------------------
(1) في المصدر زيادة : وصلّى على محمّد وآله .
(2) صعصعة بن صوحان : هو ابن حجر بن حارث بن الهجرس ... من ربيعة ، وكان صعصعة أخا زيد بن صوحان لأبيه واُمّه ، وكان يكنّى أبا طلحة ، وكان من أصحاب الخطط بالكوفة ، وكان خطيباً ، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وشهد معه الجمل هو وأخواه زيد وسيحان ، وكان سيحان الخطيب قبل صعصعة ، وكانت الراية يوم الجمل في يده فقتل ، فأخذها زيد فقتل ، فأخذها صعصعة ، وكان ثقة قليل الحديث ، هذا ما عرّفه ابن سعد .
وقال الذهبي : أبو طلحة أحد خطباء العرب ، كان من كبار أصحاب علي ، قتل أخواه يوم الجمل ، كان شريفاً ، مطاعاً ، أميراً ، فصيحاً ، مفوّهاً ، وكان يروي عن علي وابن عباس ، وبقي إلى خلافة معاوية ، ويقال : وفد إلى معاوية فخطب ، فقال معاوية : إن كنت لأبغض أن أراك خطيباً ، قال : وأنا إن كنت لأبغض أن أراك خليفة ، وتوفّي بالكوفة في خلافة معاوية .
وكان عظيم القدر ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقال في حقّه الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ما كان مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من يعرف حقّه إلاّ صعصعة وأصحابه ) .
انظر طبقات ابن سعد 6 : 221 ، سير أعلام النبلاء 3 : 528 ـ 529 ، رجال العلاّمة : 171 / 502 ، رجال البرقي : 5 ، رجال الشيخ : 45 / 1 ، رجال الكشي : 68 / 122 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 127 _

  الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وامارات وهنات (1) يتبع بعضها بعضاً كحذو النعل بالنعل ، فإن شئت أنبأتك بها ) فقال : نعم يا أمير المؤمنين .
  فقال عليّ ( عليه السلام ) : ( إحفظ فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الأمانة ، واستحلّوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء .
  وكان الحلم ضعفاً (2) ، والظلم فخراً ، وكانت الاُمراء فجرة ، والوزراء ظلمة ، والعرفاء (3) خونة ، والقرّاء فسقة ، وظهرت شهادة الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والإثم والطغيان ، وحلّيت المصاحف ، وزُخرفت المساجد ، وطوّلت المنائر ، واُكرم الأشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت القلوب ، ونُقضت العهود ، واقترب الموعود ، وشاركت النساء أزواجهنّ في التجارة حرصاً على الدنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتُّقي الفاجر مخافة شرّه ، وصُدِّق الكاذب ، وأُؤتُمِن الخائن ، واتخذت القينات (4) والمعازف ، ولعن آخر هذه الاُمّة أوّلها ، وركب ذوات الفروج السروج ، وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد

---------------------------
(1) في كمال الدين : وهيئات .
(2) في نسخة ( س ) والمختصر المطبوع : العلم ضعيفاً .
(3) العرفاء : واحده العريف وهو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس ، يلي اُمورهم ويتعرّف الأمير منه أحوالهم ، لسان العرب 9 : 238 ـ عرف .
(4) القينات : المغنيّات ، لسان العرب 13 : 352 ـ قين .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 128 _

  الشاهد من غير أن يستشهد ، وشهد الآخر قضاءً للذمام بغير حقّ عرفه ، وتفقّه لغير الدين ، وآثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيفة وأمرّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتينّ على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه ).
  فقام إليه الأصبغ بن نباتة (1) ، فقال : يا أمير المؤمنين من الدجّال ؟ فقال : ( ألا إنّ الدجال صائد بن الصيد ، فالشقي من صدّقه ، والسعيد من كذّبه ، يخرج من بلدة يقال لها : اصفهان ، من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة ، والاُخرى في جبهته تضي كأنّها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم ، بين عينيه مكتوب كافر ، يقرؤه كلّ كاتب واُمّي .
  يخوض البحار ، وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض ، يرى الناس أنـّه طعام ، يخرج حين يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أقمر ، خطوة حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلاً منهلاً ، لا يمرّ بماء إلاّ غار إلى يوم القيامة .
  ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والإنس والشياطين ،

---------------------------
(1) الأصبغ بن نباتة : التميمي السلمي الحنظلي المجاشعي أبو القاسم ، مشكور من خواصّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقد عمّر بعده ، وهو من شرطة الخميس ، وقد شارك في يوم صفّين ، وهو الذي أعانه على غسل سلمان الفارسي ، وكان شيخاً ناسكاً عابداً ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام علي ( عليه السلام ) ، وزاد الشيخ عليه الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
اُنظر رجال النجاشي : 8 / 5 ، رجال البرقي : 5 ، فهرست الشيخ : 85 / 119 ، رجال العلاّمة : 77 / 141 ، رجال الشيخ : 34 / 2 و 66 / 2 ، مستدركات النمازي 1 : 691 و 692 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 129 _

  يقول : إليّ أوليائي أنا الذي خلق فسوّى ، وقدّر فهدى ، أنا ربّكم الأعلى ، كذب عدوّ الله ، إنّه أعور يُطعَم الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وإنّ ربّكم ليس بأعور ولا يُطعَم ولا يمشي في الأسواق ولا يزول (1) .
  ألا وإنّ أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة (2) الخضر ، يقتله الله عزّ وجلّ بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق ، لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يدي من يصلّي المسيح عيسى بن مريم ( عليه السلام ) خلفه .
  ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى ) قلنا : وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ( خروج دابّة عند الصفا ، معها خاتم سليمان ( عليه السلام ) وعصا موسى ( عليه السلام ) ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه : هذا مؤمن حقّاً ، وتضعه على وجه كلّ كافر فيكتب فيه : هذا كافر حقّاً ، حتّى أنّ المؤمن ينادي : الويل لك ياكافر ، وأنّ الكافر ينادي : طوبى لك يا مؤمن وددت اليوم أنّي مثلك فأفوز فوزاً عظيماً.
  ثمّ ترفع الدابّة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله عزّ وجلّ ، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة ، فلا توبة تقبل ، ولا عمل يرفع و ( لاينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ) (3).
  ثمّ قال ( عليه السلام ) : لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا (4) ، فإنّه عهد إليّ حبيبي عليه وآله

---------------------------
(1) في كمال الدين زيادة : تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .
(2) الطيلسان : واحد الطيالسة : وهو ثوب يحيط بالبدن ينسج للّبس خال عن التفصيل والخياطة ، مجمع البحرين 4 : 82 ـ طيلس .
(3) الأنعام 6 : 158 .
(4) في نسخة ( س ) : ذلك ، بدل : هذا .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 130 _

  السلام ألاّ اُخبر به غير عترتي ).
  ثمّ قال النزّال بن سبرة فقلت لصعصعة بن صوحان : يا صعصعة ما عنى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بهذا القول ؟ فقال صعصعة : يا ابن سبرة إنّ الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من العترة ، التاسع من ولد الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، وهو الشمس الطالعة من مغربها ، يظهر بين الركن والمقام فيطهّر الأرض ويضع ميزان العدل ، فلا يظلم أحد أحداً ، فأخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنّ حبيبه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهد إليه ألاّ يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمّة ( عليهم السلام ) (1).
  [ 102/2 ] ومن كتاب الواحدة : روي عن محمّد بن الحسن بن عبدالله الاطروش الكوفي ، قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد البجلي ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن أبي نجران (2) ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي (3) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( قال أمير

---------------------------
(1) كمال الدين : 525 / 1 ، وعنه في البحار 52 : 192 / 26 .
(2) عبد الرحمن بن أبي نجران : هو التميمي مولىً ، كوفي ، روى عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وروى أبوه عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، ثقة ، ثقة ، معتمداً على ما يرويه ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الرضا والجواد ( عليهما السلام ) .
اُنظر رجال النجاشي : 235 / 622 ، رجال البرقي : 54 و57 ، رجال الطوسي : 380 / 9 و403 / 7 .
(3) لم يرد أبو حمزة الثمالي في سند البحار ، والظاهر أنّه سقط من يد الناسخ ، لأن عاصم لم يرو عن أبي جعفر ( عليه السلام ) إلاّ بواسطة الثمالي .
وعاصم هذا هو الحنّاط الحنفي أبو الفضل ، مولى كوفي ، ثقة عين ، صدوق ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وقال الكشي : هو مولى بني حنيفة ، مات بالكوفة .
انظر رجال النجاشي : 301 / 821 ، رجال البرقي : 45 ، رجال الشيخ : 262 / 651 ، رجال الكشي : 367 / 682 ، معجم رجال الحديث 10 : 197 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 131 _

  المؤمنين ( عليه السلام ) : إنّ الله تبارك وتعالى أحدٌ واحد ، تفرّد في وحدانيّته ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نوراً ، ثمّ خلق من ذلك النور محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخلقني وذرّيتي ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحاً فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا ، فنحن روح الله وكلماته ، فبنا احتجّ على خلقه (1) ، فما زلنا في ظُلّة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، ولا عين تطرف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه ، وذلك قبل أن يخلق الخلق.
  وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قوله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه ) (2) يعني لتؤمننّ بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولتنصرنّ وصيّه ، وسينصرونه جميعاً .
  وإنّ الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجاهدت بين يديه ، وقتلت عدوّه ، ووفيت لله بما أخذ عليَّ من الميثاق والعهد والنصرة لمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله ، وذلك لمّا قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها ، وليبعثنَّهم الله أحياءً من آدم إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كلّ نبيّ مرسل ، يضربون بين يديّ بالسيف هام

---------------------------
(1) في نسخة ( ض ) : احتجب عن خلقه .
(2) آل عمران 3 : 81 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 132 _

  الأموات والأحياء والثقلين جميعاً .
  فيا عجباه وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياءً يلبّون زمرة زمرة بالتلبية : لبّيك لبّيك يا داعي الله ، قد انطلقوا (1) بسكك الكوفة ، قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربون بها هام الكفرة ، وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأوّلين والآخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله عزّ وجلّ ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) (2) أي يعبدونني آمنين ، لا يخافون أحداً في عبادتي (3) ، ليس عندهم تقيّة .
  وإنّ لي الكرّة بعد الكرّة ، والرجعة بعد الرجعة ، وأنا صاحب الرجعات والكرّات ، وصاحب الصولات والنقمات ، والدولات (4) العجيبات ، وأنا قرن من حديد ، وأنا عبد الله وأخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأنا أمين الله وخازنه ، وعيبة سرّه وحجابه ، ووجهه وصراطه وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله.
  وأنا كلمة الله التي يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع.
  وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا ، وآياته الكبرى.
  وأنا صاحب الجنّة والنار ، اُسكن أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النار النار ، ( وإلي
ّ
---------------------------
(1) في البحار : قد تخلّلوا ، وفي نسخة ( ض و س ) : أطلّوا .
(2) النور 24 : 55 .
(3) في نسخة ( س و ض ) والمختصر المطبوع : في عبادي ، وفي البحار : من عبادي .
(4) الدولات : الدَولة في الحرب : أن تدال إحدى الفئتين على الاُخرى ، أي يكون مرّة لهذا ومرّة لهذا والجمع دولات، انظر الصحاح 4 : 1699 و 1700 ـ دول .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 133 _

  تزويج أهل الجنّة ، وإليّ عذاب أهل النار ) (1).
  وإلي إياب الخلق جميعاً ، وأنا الإياب الذي يؤوب إليه كلّ شيء بعد الفناء (2) ، وإليّ حساب الخلق جميعاً .
  وأنا صاحب الهنات (3) ، وأنا المؤذّن (4) على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، وأنا دابّة الأرض ، وأنا قسيم النار (5) ، وأنا خازن الجنان ، وأنا صاحب الأعراف ، وأنا أمير المؤمنين ، ويعسوب (6) المتّقين ، وآية السابقين ، ولسان الناطقين ، وخاتم الوصيّين ، ووارث النبيّين ، وخليفة ربّ العالمين ، وصراط ربي المستقيم ، وفسطاطه ، والحجّة على أهل السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما.
  وأنا الذي احتجّ الله به عليكم في ابتداء خلقكم. وأنا الشاهد يوم الدين. وأنا

---------------------------
(1) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( ق ) .
(2) في المختصر المطبوع : القضاء .
(3) في البحار : الهبات ، وفي نسخة ( س ) : الهنئات .
(4) روى الصدوق في معاني الأخبار ص 59 بسنده عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بالكوفة بعد منصرفه من النهروان : ... وأنا المؤذّن في الدنيا والآخرة ، قال الله عزّ وجلّ ( فأذّن مؤذّن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) أنا ذلك المؤذّن ) ، سورة الأعراف 7 : 44 .
(5) روى الصدوق في علل الشرائع : 162 / 1 ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : لِمَ صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قسيم الجنّة والنار ؟ قال : ( لأنّ حبّه إيمان وبغضه كفر ، وإنّما خلقت الجنّة لأهل الإيمان ، وخلقت النار لأهل الكفر ، فهو ( عليه السلام ) قسيم الجنّة والنار ، لهذه العلّة ، فالجنّة لا يدخلها إلاّ أهل محبّته ، والنار لا يدخلها إلاّ أهل بغضه ) .
(6) اليعسوب : ملك النحل ، الصحاح 1 : 181 ـ عسب ، فهو روحي فداه ملك المتّقين .
وذلك قول الشاعر : ولايتي لأمير النحل تكفيني ....

مُختَصَرُ البَصائِر _ 134 _

  الذي عُلّمت علم المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب والأنساب ، واستحفظت آيات النبيّين المستخفين المستحفظين .
  وأنا صاحب العصا والميسم (1) ، وأنا الذي سُخّرت لي السحاب والرعد والبرق ، والظُلم والأنوار ، والرياح والجبال والبحار ، والنجوم والشمس والقمر .
  ( وأنا الذي أهلكت عاداً وثموداً ، وأصحاب الرسّ وقروناً بين ذلك كثيرة. وأنا الذي ذلّلت الجبابرة ، وأنا صاحب مدين ، ومُهلك فرعون ، ومنجي موسى ( عليه السلام ) ) (2).
  وأنا القرن الحديد ، وأنا فاروق الاُمّة ، وأنا الهادي ، وأنا الذي أحصيت كلّ شيء عدداً بعلم الله الذي أودعنيه ، وبسرّه الذي أسرّه إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأسرّه النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إليّ.
  وأنا الذي أنحلني ربّي إسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه .
  يا معشر الناس اسألوني قبل أن تفقدوني ، اللهمّ إنّي اُشهدك وأستعديك عليهم ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم والحمد لله متّبعين أمره ) (3).
  [ 103/3 ] (4) ورويت بإسنادي المتصل إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن

---------------------------
(1) المِيسَمْ : اسم الآلة التي يكوى بها ، مجمع البحرين 6 : 183 ـ وسم .
(2) ما بين القوسين لم يرد في البحار .
(3) نقل الاسترآبادي صدر الحديث عن كتاب الواحدة في تأويل الآيات 1 : 116 / 30 ، إلى قوله : وسوف ينصرون ، والبحراني في تفسير البرهان 1 : 646 / 4 ، عن سعد بن عبدالله والحر العاملي باختصار في الإيقاظ من الهجعة : 364 / 120 ، عن المختصر عن كتاب الواحدة ، ونقله المجلسي كاملاً في البحار 53 : 46 / 20 عن المختصر .
(4) من حديث 103 إلى آخر حديث 108 سقط من نسخة ( ق ) .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 135 _

  الطوسي ( رحمه الله ) على ما ذكره في كتاب مصباح المتهجّد قال ( رحمه الله ) : اليوم الثالث منه ـ يعني من شعبان ـ : فيه ولد الحسين بن علي ( عليهما السلام ) خرج إلى أبي القاسم بن العلاء الهمداني (1) وكيل أبي محمّد ( عليه السلام ) : ( إنّ مولانا الحسين ( عليه السلام ) ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، فصمه وادع فيه بهذا الدعاء :
  اللهمَّ إنّي أسألك بحقّ المولود في هذا اليوم ، الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته ، بكته السماء ومن فيها ، والأرض ومن عليها ، ولمّا يطأ لابتيها ، قتيل العبرة وسيّد الاُسرة ، الممدود بالنصرة يوم الكرّة ، والمعوّض من قتله ، أنّ الأئمّة من نسله ، والشفاء في تربته ، والفوز معه في أوبته ، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته ، حتى يدركوا الأوتار ، ويثأروا الثار ، ويرضوا الجبّار ، ويكونوا خير أنصار ، صلّى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار .
  اللهمّ فبحقّهم عليك أتوسّل وأسأل سؤال مقترف معترف مسيء إلى نفسه ممّا فرّط في يومه وأمسه ، يسألك العصمة إلى محل (2) رمسه .
  اللهمّ فصلّ على محمّد وعترته واحشرنا في زمرته وبوّئنا معه دار الكرامة ومحلّ (3) الإقامة.

---------------------------
(1) في المصدر القاسم بن العلاء الهمداني ، والظاهر هو الصحيح لموافقته للاقبال وكتب التراجم حيث لم يصرّح أحد بأبي القاسم .
انظر جامع الرواة 2 : 19 ، مستدركات النمازي 6 : 250 ، معجم رجال الحديث 15 : 37 ، ومسند الإمام العسكري ( عليه السلام ) للعطاردي : 329 / 99 .
(2) في نسخة ( ض ) حلول .
(3) في نسخة ( ض ) حسن .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 136 _

  اللهمّ وكما أكرمتنا بمعرفته فأكرمنا بزلفته وارزقنا مرافقته ومتابعته (1) واجعلنا ممّن يسلّم لأمره ، ويُكثر الصلاة عليه عند ذكره ، وعلى جميع أوصيائه وأهل أصفيائه ، الممدودين منك بالعدد الإثني عشر ، النجوم الزهر ، والحجج على جميع البشر .
  اللهمّ وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة ، وأنجح لنا فيه كل طلبة ، كما وهبت الحسين ( عليه السلام ) لمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جدّه ، وعاذ فطرس بمهده ، فنحن عائذون بقبره من بعده ، نشهد تربته ، وننتظر أوبته آمين ربّ العالمين ) (2).
  [ 104/4 ] ورويت بإسنادي المتّصل عن الصدوق أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه قال : روى محمّد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا موسى بن عبدالله النخعي (3) ، قال : قلت لعلي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) : علّمني يابن رسول الله قولاً أقول به ، بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم ، فقال : قل ، وذكر الزيارة بتمامها ، وذكر في أثنائها ما يدلّ على رجعتهم ( عليهم السلام ).
  فمنها : ( فأنا مقرّ بفضلكم ، محتمل لعلمكم ، محتجب بذمّتكم ، معترف بكم ،

---------------------------
(1) في المصباح والإقبال : وسابقته .
(2) مصباح المتهجّد : 758 ، وأورده ابن طاووس في إقبال الأعمال : 689 ـ 690 ، وعنهما في البحار 53 : 94 / 107 .
(3) في عيون الأخبار : موسى بن عمران النخعي ، والظاهر ما في المتن هو الصحيح وهو الموافق للفقيه ، وقال السيّد الخوئي : هو الراوي لزيارة الجامعة .
انظر معجم رجال الحديث 20 : 57 / 12824 و 16 : 100 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 137 _

  مؤمن بإيابكم ، مصدّق برجعتكم ، منتظر لأمركم ، مرتقب لدولتكم ).
  ومنها : ( ونصرتي لكم معدّة حتى يحيي الله بكم دينه ، ويردّكم في أيّامه ، ويظهركم لعدله ، ويمكّنكم في أرضه ).
  ومنها : ( ويُحشر في زمرتكم ، ويكرّ في رجعتكم ، ويملّك في دولتكم ، ويشرّف في عافيتكم ، ويمكّن في أيّامكم ، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم ).
  ومنها : ( ومكّنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملّكني في أيّامكم ) (1).
  [ 105/5 ] ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي ( رحمه الله ) في كتاب مصباح المتهجّد في زيارة العبّاس ( عليه السلام ) : ( أشهد أنّك قتلت مظلوماً ، وأنّ الله منجز لكم ما وعدكم ، جئتك يابن أمير المؤمنين وافداً إليكم وقلبي مسلّم لكم ، وأنا لكم تابع ، ونصرتي لكم معدّة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ، فمعكم معكم لا مع عدوّكم ، إنّي بكم وبإيابكم من المؤمنين ) (2) ...
  [ 106/6 ] وبإسنادي إلى سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم (3) ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن محمّد بن سنان (4) أو غيره ، عن عبدالله بن سنان قال : قال

---------------------------
(1) من لا يحضره الفقيه 2 : 370 / 1625 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 272 / 1 ، وأورده المصنّف في المحتضر : 119. والفقرة الأخيرة منها مذكورة في الوداع : 375 من الفقيه .
(2) مصباح المتهجّد : 668 ، وأورده الشيخ أيضاً في التهذيب 6 : 66 ، وابن قولويه في كامل الزيارة : 270 ، والمفيد في المزار : 180 .
(3) في البحار : عن ابن هشام .
(4) محمد بن سنان ، هو أبو جعفر الزاهري الكوفي ، من ولد زاهر مولى عمرو بن حمق الخزاعي ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الكاظم والرضا والجواد ( عليهم السلام ) ، مات سنة عشرين ومائتين .
اُنظر رجال النجاشي : 328 / 888 ، رجال البرقي : 48 و 54 و57 ، رجال الطوسي : 361/ 39 و386 / 7 و405 / 3 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 138 _

  أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لقد أسرى بي ربّي عزّ وجلّ فأوحى إليّ من وراء حجاب ما أوحى ، وكلّمني بما كلّم به ، وكان ممّا كلّمني به أن قال : يا محمّد إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان الله عمّا يشركون .
  إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا الخالق البارئ المصوّر لي الأسماء الحسنى ، يسبِّح لي من في السماوات والأرض ، وأنا العزيز الحكيم .
  يا محمّد : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا الأوّل فلا شيء قبلي ، وأنا الآخر فلا شيء بعدي ، وأنا الظاهر فلا شيء فوقي ، وأنا الباطن فلا شيء دوني ، وأنا الله لا إله إلاّ أنا بكلّ شيء عليم .
  يا محمّد : عليّ أوّل ما آخذ ميثاقه من الأئمّة.
  يا محمّد : عليّ آخر من أقبض روحه من الأئمّة ، وهو الدابّة التي تكلّمهم.
  يا محمّد : عليّ أظهره على جميع ما اُوحيه إليك ، ليس لك أن تكتم منه شيئاً.
  يا محمّد : أبطنه الذي أسررته (1) اليك ، فليس فيما بيني وبينك سرّ دونه.
  يا محمّد : عليّ على ما خلقت من حلال وحرام عليّ عليم به ) (2).

---------------------------
(1) في نسخة ( ض و س ) : أمرته .
(2) بصائر الدرجات : 514 / 36 ، باختلاف ، وعنه في البحار 40 : 38 / 73 ، وعن المختصر في البحار 53 : 68 / 65 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 139 _

  [ 107/7 ] ومن كتاب الخرائج والجرائح : تأليف سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي ( رحمه الله ) ، عن أبي سعيد سهل بن زياد ، أخبرنا الحسن بن محبوب ، أخبرنا ابن فضيل ، أخبرنا سعد الجلاّب (1) ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( قال الحسين بن علي ( عليهما السلام ) لأصحابه قبل أن يُقتل : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لي : يا بُنيّ إنّك ستُساق إلى العراق ، وهي أرض قد التقى فيها النبيّون ، وأوصياء النبيّين ، وهي أرض تدعى ( عمورا ) ، وإنّك لتستشهد بها ويستشهد جماعة معك من أصحابك لا يجدون ألم مسّ الحديد ، وتلا ( يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ) (2) ( تكون الحرب برداً وسلاماً عليك وعليهم ) (3) فابشروا ، فوالله لئن قتلونا فإنّا نرد على نبيّنا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  ثم أمكث ما شاء الله ، فأكون أوّل من تنشقّ الأرض عنه ، فأخرج خرجة توافق ذلك خرجة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقيام قائمنا ( عليه السلام ) ، وحياة رسول لله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثمّ لينزلنّ عليّ وفد من السماء من عند الله عزّ وجلّ ، لم ينزلوا إلى الأرض قطّ ، ولينزلنّ إليّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وجنود من الملائكة ، ولينزلنّ محمّد وعلي وأنا وأخي وجميع من منّ الله عليه في حمولات من حمولات الربّ ، خيل بلق من نور ، لم يركبها مخلوق .
  ثمّ ليهزّنّ محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لواءه وليدفعنّه إلى قائمنا ( عليه السلام ) مع سيفه ، ثمّ إنّا نمكث بعد ذلك ما شاء الله.

---------------------------
(1) هو سعد بن أبي عمرو الجلاّب الذي عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر ( عليه السلام ).
رجال الشيخ : 125 / 19.
(2) الأنبياء 21 : 69.
(3) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( س و ض ).

مُختَصَرُ البَصائِر _ 140 _

  ثمّ إنّ الله تعالى يُخرج من مسجد الكوفة عيناً من دهن وعيناً من لبن وعيناً من ماء.
  ثمّ إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يدفع إليّ سيف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيبعثني إلى الشرق والغرب ، فلا آتي على عدوّ لله إلاّ أهرقت دمه ، ولا أدع صنماً إلاّ أحرقته ، حتى أقع إلى الهند فأفتحها.
  وإنّ دانيال ويوشع (1) يخرجان مع (2) أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقولان : صدق الله ورسوله ، ويبعث معهما (3) سبعين رجلاً فيقتلون مقاتليهم ، ويبعث بعثاً إلى الروم فيفتح الله لهم .
  ثمّ لأقتلنّ كلّ دابّة حرّم الله لحمها حتى لا يكون على وجه الأرض إلاّ الطيّب ، وأعرض على اليهود والنصارى وسائر الملل ولاُخيرنّهم بين الإسلام والسيف ، فمن أسلم مننت عليه ، ومن كره الإسلام أهرق الله دمه.
  ولا يبقى رجل من شيعتنا إلاّ أنزل الله إليه ملكاً يمسح عن وجهه التراب ، ويعرّفه أزواجه ومنازله في الجنّة ، ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلاّ كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت.
  ولتنزلنّ البركة من السماء إلى الأرض حتى أنّ الشجرة لتنقصف (4) بما يزيد

---------------------------
(1) في الخرائج : ويونس ، بدل ويوشع .
(2) في الخرائج : إلى.
(3) في الخرائج زيادة : [ إلى البصرة ] .
(4) تنقصف : بمعنى تنكسر. اُنظر الصحاح 4 : 1416 ـ قصف .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 141 _

  الله فيها من الثمرة ، ولتأكلنّ ثمرة الشتاء في الصيف ، وثمرة الصيف في الشتاء وذلك قوله تعالى ( ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) (1) ، ثمّ إنّ الله ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفى عليهم شيء من الأرض وما كان فيها ، حتى أنّ الرجل منهم يريد أن يعلم عِلمَ أهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعلمون (2) ) (3).
  [ 108/8 ] ومن الكتاب : قال الرضا ( عليه السلام ) : ( لابدّ من فتنة صمّاء (4) صيلم (5) يسقط فيها كلّ بطانة ووليجة ، وذلك عند فقد الشيعة الرابع (6) من ولدي تبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض ، وكم من مؤمن متأسّف (7) حيران حزين عند فقدان الماء المعين ، كأنّي بهم شرّ ما يكونون ، وقد نودوا نداءً يُسمع من بُعد كما يُسمع من قرب ، يكون رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين ).
  فقال له الحسن بن محبوب : وأيّ نداء هو ؟ قال : ( ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء : صوتاً : ألا لعنة الله على الظالمين.
  والصوت الثاني : أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين.

---------------------------
(1) الأعراف 7 : 96 .
(2) في نسخة ( ض ) : ما يعملون .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 848 / 63 ، وعنهما في البحار 53 : 61 / 52 ، وعن الخرائج في البحار 45 : 80 / 6 .
(4) صمّاء : شديدة ، الصحاح 5 : 1967 ـ صمم .
(5) صيلم : الأمر المستأصل ، لسان العرب 12 : 340 ـ صلم .
(6) في المختصر المطبوع : الثالث .
(7) في الخرائج زيادة : حرّان .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 142 _

تنبيه   والصوت الثالث : يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس يقول : هذا أمير المؤمنين قد كرّ في هلاك الظالمين ).
  وفي رواية الحميري : ( والصوت الثالث : بدن يُرى في قرن الشمس يقول : إنّ الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا ).
  وقالا جميعاً : ( فعند ذلك يأتي الناس الفرج ، ويودّ الأموات أن لو كانوا أحياءً ، ويشفي الله صدور قوم مؤمنين (1) ) (2).
  [ 109/9 ] ومن كتاب الغيبة : للشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن ( رضي الله عنه )، رويت بإسنادي إليه عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبد الحميد ومحمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث طويل أنّه قال : ( يا أبا حمزة إنّ منّا بعد القائم أحد عشر مهديّاً من ولد الحسين ( عليه السلام ) ) (3) .
  [ 110/10 ] الفضل بن شاذان ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي

---------------------------
(1) اقتباس من سورة التوبة آية : 14 .
(2) الخرائج والجرائح 3 : 1168 /65 ، وأوردها كاملة الشيخ الطوسي في الغيبة : 439 / 431 ، والنعماني في الغيبة : 180 / 28 ، والطبري في دلائل الإمامة : 245 ، وأوردها الصدوق في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 6 / 14 ، وكمال الدين : 370 / 3 ، إلى قوله : ( وعذاباً على الكافرين ) وفي العيون والكمال زيادة في صدر الحديث : ثم قال : ( بأبي واُمّي سمّي جدّي ، شبيهي وشبيه موسى بن عمران ( عليه السلام ) ، عليه جيوب النور تتوقّد بشعاع ضياء القدس )، وأورده باختصار المسعودي في اثبات الوصيّة : 227.
(3) الغيبة للطوسي : 478 / 504 ، وعنه في البحار 53 : 145 / 2 ، وفي البحار 53 : 148 / 7 ، عن المختصر ، عن السيد علي بن عبدالحميد بإسناده عن الإمام الصادق ( عليه السلام ).

مُختَصَرُ البَصائِر _ 143 _

  المقدام ، عن جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : ( والله ليملكنّ منّا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة يزداد تسعاً ) ، قلت : متى يكون ذلك ؟ قال : ( بعد القائم ( عليه السلام ) ) قلت : وكم يقوم القائم في عالمه ؟ قال : ( تسع عشرة سنة ، ثمّ يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين ( عليه السلام ) ودم أصحابه ، فيقتل ويسبي (1) حتى يخرج السفّاح ) (2).
  [ 111/11 ] أخبرنا جماعة ، عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن الخليل ، عن جعفر بن محمّد المصري (3) ، عن عمّه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد ، عن الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيّد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ( عليه السلام ) : يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة ) فأملى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصيّته حتى انتهى إلى هذا الموضع.
  فقال : ( يا علي إنّه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ، ومن بعدهم اثنا عشر مهديّاً ، فأنت يا علي أوّل الإثني عشر الامام ، سمّاك الله في سمائه عليّاً المرتضى ، وأمير

---------------------------
(1) في نسخة ( س و ض و ق ) : ويسير .
(2) الغيبة للطوسي : 478 / 505 ، وعنه في البحار 53 : 100 / 121 و 145 / 3 ، وعن المختصر في ص 103 / قطعة من ح130 .
والمراد بالمنتصر هو الإمام الحسين ( عليه السلام ) والسفّاح هو الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما ورد عن أبي جعفر ( عليه السلام )، وسيأتي في رقم 142 .
(3) في المصدر : جعفر بن أحمد المصري.

مُختَصَرُ البَصائِر _ 144 _

  المؤمنين ، والصدّيق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، والمأمون ، والمهديّ ، فلا تصلح هذه الأسماء لأحد غيرك .
  يا علي : أنت وصيّي على أهل بيتي حيّهم وميّتهم ، وعلى نسائي فمن ثبّتّها لقيتني غداً ، ومن طلّقتها فأنا بريء منها ، لم ترني ولم أرها في عرصات (1) القيامة ، وأنت خليفتي على اُمّتي من بعدي .
  فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البرّ الوصول.
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد (2) المقتول .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيّد العابدين ذي الثفنات علي .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد الباقر (3) .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد الثقة التقي .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل .
  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد المستحفظ من آل محمّد ـ صلّى الله عليه وعليهم وسلّم ـ فذلك إثنا عشر إماماً .

---------------------------
(1) في نسخة ( ض وق ) : عرصة .
(2) في المصدر زيادة : الزكي .
(3) في نسختي ( ض و ق ) : محمد باقر العلم .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 145 _

  ثمّ يكون من بعده إثنا عشر مهديّاً فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوّل المهديّين (1) ، له ثلاثة أسامي ، إسم كاسمي ، وإسم أبي وهو عبدالله وأحمد ، والاسم الثالث المهدي وهو أوّل المؤمنين ) (2).
  [ 112/12 ] ومن كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمة الله عليه ، الذي رواه عنه أبان بن أبي عيّاش (3) وقرأه جميعه على سيّدنا علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بحضور جماعة من أعيان الصحابة منهم أبو الطفيل فأقرّه عليه مولانا زين العابدين ( عليه السلام ) ، وقال ( هذه أحاديثنا (4) صحيحة ).
  قال أبان : لقيت أبا الطفيل (5) بعد ذلك في منزله فحدّثني في الرجعة عن اُناس

---------------------------
(1) في المصدر : المقرّبين .
(2) الغيبة للطوسي : 150 / 111 ، وعنه في البحار 36 : 260 / 81 و 53 : 147 / 6 ، وأوردها الحر العاملي في الإيقاظ من الهجعة : 393 ، باختصار ، وفي اثبات الهداة 1 : 549 / 376 .
(3) ابان بن أبي عيّاش : هو أبو إسماعيل بصري تابعي ، مولى عبد القيس البصري ، واسم أبي عيّاش فيروز .
عدّه البرقي من أصحاب الإمام السجّاد والباقر ( عليهما السلام ) ، وزاد الشيخ عليه الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وهو الذي آوى سليم بن قيس الهلالي في منزله عندما هرب من الحجّاج الاُموي ، وهو الراوي لأحاديث سليم .
اُنظر رجال البرقي : 9 ، رجال الطوسي : 83 / 10 و106 / 36 و152 / 190 ، رجال العلاّمة : 325/ 1280 .
(4) في نسخة ( ض ) : أحاديث .
(5) أبو الطفيل : هو عامر بن واثلة الكناني ، ولد عام اُحد ، وقد أدرك ثماني سنين من حياة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهو خاتم من رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الدنيا ، كان ثقة فيما ينقله ، صادقاً ، عالماً ، شهد مع الإمام علي ( عليه السلام ) حروبه ، وقد عدّه البرقي من أصحاب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعدّه الشيخ من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمير المؤمنين والحسن والسجّاد ( عليهم السلام ) ، ويعدّ أيضاً من خواصّ الإمام علي ( عليه السلام ) ، وكان من جملة الذين أراد الحجّاج قتلهم لولائهم لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، اُنظر سير أعلام النبلاء 3 : 467 / 97 ، رجال البرقي : 4 ، رجال الشيخ : 25 / 50 و47 / 8 و69 / 3 و 98 / 24 ، معجم رجال الحديث 10 : 220 / 6118 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 146 _

  من أهل بدر ، وعن سلمان (1) والمقداد ، واُبي بن كعب.
  وقال أبو الطفيل : فعرضت هذا الذي سمعته منهم على علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة ، فقال : ( هذا علم خاص لا يسع الاُمّة جهله ، وردّ علمه إلى الله ) ، ثمّ صدّقني بكل ما حدّثوني ، وقرأ عليّ بذلك قراءة كثيرة وفسّره تفسيراً شافياً ، حتى صرت ما أنا بيوم القيامة أشدّ يقيناً مني بالرجعة .
  وكان ممّا قلت : يا أمير المؤمنين أخبرني عن حوض (2) النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الدنيا أم في الآخرة ؟ فقال ( بل في الدنيا ) قلت : فمن الذائد عنه ؟ فقال : ( أنا بيدي ، فليرِدَنّه أوليائي وليُصرفنّ عنه أعدائي ).
  وفي رواية اُخرى ( لاُوردنّه أوليائي ، ولأصرفنّ عنه أعدائي ).
  فقلت : يا أمير المؤمنين قول الله ( وإذا وقع القولُ عَليهمْ أخرجنا لهم دابّةً مِنَ

---------------------------
(1) في المصدر زيادة : وأبي ذر .
(2) قال الشيخ الصدوق في الاعتقادات ص 65 / 20 : اعتقادنا في الحوض أنّه حقّ ، وهو حوض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأنّ فيه من الأباريق عدد نجوم السماء ، وأنّ الوالي عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، يسقي منه أولياءه ، ويذود عنه أعداءه ، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 147 _

  الأرضِ تُكلّمُهُم أنّ الناسَ كانوا بآياتِنا لا يُوقِنُون ) (1) ما الدابّة ؟
  قال : ( يا أبا الطفيل اُلْهُ عن هذا ) فقلت : يا أمير المؤمنين أخبرني به جعلت فداك ، قال : ( هي دابّة تأكل الطعام ، وتمشي في الأسواق ، وتنكح النساء ) فقلت : يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : ( هو دَبّ (2) الأرض الذي تسكن الأرض به ) قلت : يا أميـرالمؤمنين من هـو ؟ قال : ( صدّيـق هـذه الاُمّـة ، وفاروقها ، ورُبّـيّها (3) ، وذوقرنيها (4) ) قلت : يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : ( الّذي قال الله تعالى ( ويتلوه شاهد منه ) (5) و ( الذي عنده علم من الكتاب ) (6) و ( الذي جاء بالصدق ) (7) والذي صدّق به أنا ، والناس كلّهم كافرون غيري وغيره ).
  قلت : يا أمير المؤمنين فسمّه لي ، قال : ( قد سمّيته لك يا أبا الطفيل ، والله لو أدخلت عليّ (8) عامّة شيعتي الّذين بهم اُقاتل ، الذين أقرّوا بطاعتي ، وسمّوني أمير المؤمنين ، واستحلّوا جهاد من خالفني ، فحدّثتهم (9) ببعض ما أعلم من الحقّ في

---------------------------
(1) النمل 27 : 82 .
(2) في نسخة ( س و ق ) والمختصر المطبوع : ربّ ، وفي المصدر : زرّ.
(3) في نسخة ( ق ) : ورئيسها ، وكذلك المصدر .
(4) قال ابن الأثير : ومنه حديث علي ( عليه السلام ) وذكر قصّة ذي القرنين ، ثمّ قال : ( وفيكم مثله ) فيرى أنّه إنّما عنى نفسه ؛ لأنّه ضرب على رأسه ضربتين : إحداهما يوم الخندق ، والاُخرى ضربة ابن ملجم ( لعنه الله )، النهاية 4 : 52 ـ قرن .
(5) هود 11 : 17 .
(6) النمل 27 : 40 .
(7) الزمر 39 : 33 .
(8) في المصدر : لو دخلت عليّ .
(9) في المصدر زيادة : شهراً ، وفي نسخة منه : شطراً .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 148 _

  الكتاب الذي نزل به جبرئيل ( عليه السلام ) على محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لتفرّقوا عنّي حتى أبقى في عصابة حقّ قليلة ، أنت وأشباهك من شيعتي ) ففزعت وقلت : يا أمير المؤمنين أنا وأشباهي نتفرّق عنك أو نثبت معك ؟ قال : ( بل تثبتون ).
  ثمّ أقبل عليّ فقال : ( إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يعرفه ولا يقرّ به إلاّ ثلاثة : ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للإيمان .
  يا أبا الطفيل إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبض فارتدّ الناس ضُلاّلاً وجُهـّالاً إلاّ من عصمه الله بنا أهل البيت ) (1) .
  [ 113/13 ] وبإسنادي إلى الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ( رضي الله عنه ) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثني يعقوب ابن يزيد ، عن محمّد بن الحسن الميثمي ، عن مثنّى الحنّاط قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : ( أيّام الله ثلاثة : يوم قيام (2) القائم ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة (3) ) (4).
  [ 114/14 ] وبإسنادي إلى محمّد بن الحسن الصفّار ، عن علي بن حسّان ، قال : حدّثنا أبو عبدالله الرياحي ، عن أبي الصامت الحلواني (5) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :

---------------------------
(1) سليم بن قيس الهلالي 2 : 561 ـ 564 ، ونقله المجلسي في البحار 53 : 68 / 66 ، عن المختصر عن كتاب سليم .
(2) ( قيام ) لم يرد في نسخة ( ق ) ، وفي الخصال والمعاني : يقوم .
(3) في المختصر المطبوع : ويوم الرجعة .
(4) الخصال 108 / 75 ، معاني الأخبار : 365 / 1 ـ باب معنى أيام الله عزّ وجلّ ، وعنهم في البحار 7 : 61 / 13 و51 : 50 / 23 و 53 : 63 / 53 تقدم برقم 56 .
(5) في البصائر : الحلوائي ، والظاهر هو من سهو النسّاخ ، فما في المتن والكافي هو الصحيح .
وقد عدّه البرقي من أصحاب الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، وزاد الشيخ عليه الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
اُنظر رجال البرقي : 15 ، رجال الشيخ : 141 / 7 و 339 / 24 ، اُنظر معجم رجال الحديث 22 : 205 / 14403 .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 149 _

  ( قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أنا قسيم الجنّة والنار ، لا يدخلها داخل إلاّ على أحد قسمين ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا الإمام ( لمن بعدي ) (1) ، والمؤدّي عمّن كان قبلي ، لا يتقدّمني أحد إلاّ أحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإنّي وإيّاه لعلى سبيل واحد ، إلاّ أنّه هو المدعو بإسمه ، ولقد اُعطيت الست : علم المنايا والبلايا ، والوصايا (2) ، وفصل الخطاب ، وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول ، وإنّي لصاحب العصا والميسم ، والدابّة التي تكلّم الناس ) (3).
  حدّثني الشيخ أبو عبدالله محمّد بن مكي بإسناده ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم من تفسير القرآن العزيز ، قال :
  وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة فقوله عزّ وجلّ ( ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً ) (4) (5) .

---------------------------
(1) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( ق ) .
(2) في البصائر زيادة : والأنصاب ، وعنه في البحار : والأنساب وهو الأصح .
(3) بصائر الدرجات : 199 / ذيل ح1 ، وأورده الكليني في الكافي 1 : 198 / ذيل ح3 ، ونقله المجلسي في البحار 25 : 354 / ذيل ح3 ، عن البصائر ، وأورده المصنّف في المحتضر : 160 ، والمراد من قوله ( عليه السلام ) : ( والدابّة التي تكلّم الناس ) هو إشارة إلى قوله تعالى في سورة النمل 27 آية 82 ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّةً من الأرض تكلّمهم أنّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) .
(4) النمل 27 : 83 .
(5) تفسير القمّي 1 : 24 ـ مقدّمة الكتاب .

مُختَصَرُ البَصائِر _ 150 _

  [ 115/15 ] قال علي بن إبراهيم : وحدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد (1) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( ما يقول الناس في هذه الآية ( ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً ) (2) ؟ قلت : يقولون : إنّها (3) في القيامة ، قال : ( ليس كما يقولون ، إنّ ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كل اُمّة فوجاً ويدع الباقين ، إنّما آية القيامة قوله تعالى ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً ) (4) وقوله ( وحرام على قرية أهلكناها أنّهم لايرجعون ) (5) ).
  فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( كلّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب (6) لا يرجعون في الرجعة ، وأمّا يوم القيامة فيرجعون الذين محضوا الإيمان محضاً ، وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضاً يرجعون ) (7).
  [ 116/16 ] قال علي بن إبراهيم : وحدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه في قوله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثمّ جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه ) (8) قال : ( ما بعث الله نبيّاً من لدن آدم ( عليه السلام ) (9) إلاّ ويرجع إلى

---------------------------
(1) في نسخة ( ق ) : حمّاد بن عثمان .
(2) النمل 27 : 83 .
(3) في نسخة ( ق ) : ذلك ، بدل إنّها .
(4) الكهف 18 : 47 .
(5) الأنبياء 21 : 95 .
(6) في المصدر زيادة : ومحضوا الكفر محضاً .
(7) تفسير القمّي 1 : 24 ـ 25 ـ مقدّمة الكتاب .
(8) آل عمران 3 : 81 .
(9) في المصدر زيادة : فهلمّ جرّا .