[ 322/11 ] وعن محمّد بن الحسن الصفّار أخبرنا الحسن بن علي ، عن العباس بن عامر ، عن أبان ، عن بشير النبال ، عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : ( كنت خلف أبي ( عليه السلام ) وهو على بغلته ، فنظرت
فإذا رجل في عنقه سلسلة ورجل يتبعه ، فقال لأبي ( عليه السلام ) : يا علي بن الحسين اسقني ، فقال الرجل الذي خلفه ـ وكأنّه موكّل به ـ : لا تسقه لا سقاه الله ، فإذا هو معاوية لعنه الله )
.
[ 323/12 ] روى أبو الصخر ، عن أبيه ، عن جدّه أنّه كان مع الباقر ( عليه السلام ) بمنى وهو يرمي الجمار ، فرمى وبقي في يده خمس حصيات ، فرمى باثنتين في ناحية من الجمرة ، وبثلاث في ناحية منها ، فقال له جدّي : جعلني الله فداك لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعه أحد ، إنّك رميت بحصياتك في العقبات ، ثمّ رميت بعد ذلك يمنة ويسرة ، فقال : ( نعم يابن العم ، إذا كان في كلّ موسم يُخرِج الله الفاسقَين الناكثَين غضَّين طريّين فيصلبان هاهنا ، لا يراهما أحد إلاّ الإمام ، فرميت الأوّل ثنتين ، والثاني ثلاث لأنّه أكفر وأظهر لعداوتنا ، والأوّل أدهى وأمر )
.
[ 324/13 ] وعن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عبيد بن عبدالرحمن الخثعمي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ( خرجت مع أبي ( عليه السلام ) إلى بعض أمواله فلمّا صرنا في الصحراء استقبله شيخ ، فنزل إليه أبي وسلّم عليه ، فجعلت أسمعه وهو يقول له : جعلت فداك ، ثمّ تساءلا طويلاً ، ثم ودّعه أبي وقام الشيخ
وانصرف ، وأبي ينظر
(1) إليه حتى غاب شخصه عنّا ، فقلت لأبي : من هذا الشيخ الذي سمعتك تعظّمه في مسألتك ؟ فقال : يا بني هذا جدّك الحسين ( عليه السلام ) )
(2).
[ 325/14 ] وعن الصفّار ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، عن العلاء بن يحيى المكفوف ، عن أبيه
(3) ، عن محمّد بن أبي زياد
(4) ، عن عطية الأبزاري
(5) أنّه قال : ( طاف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالكعبة ، فإذا آدم ( عليه السلام ) بحذاء الركن اليماني فسلّم عليه ، ثمّ انتهى إلى الحجر فإذا نوح ( عليه السلام ) بحذائه ـ وهو رجل طويل ـ فسلّم عليه )
(6).
[ 326/15 ] وعن الصفّار ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن يزيد ، عن إسماعيل بن عبدالعزيز ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : ما فضلنا على من خالفكم
(7) ، فوالله إني لأرى الرجل
---------------------------
(1) في نسختي ( س وض ) : وأنا أنظر ، وفي حاشية نسخة ( س ) : وإنّا ننظر .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 819/30 ، وأورده المصنّف في المحتضر : 12 ـ 13 ، ونحوه في بصائر الدرجات : 282/18 ، وفيه عن أبي إبراهيم ( عليه السلام ) .
(3) ( عن أبيه ) لم ترد في الخرائج والبصائر والمحتضر .
(4) في الخرائج : عمر بن أبي زياد ، وقد أثبتوه من البصائر ، وأمّا نسخ الخرائج ( ط وهـ وم ) فهي مطابقة لما في المتن .
(5) عطية الأبزاري : عدّة الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وعلى هذا المبنى يكون القول منسوباً إلى الإمام ( عليه السلام ) ، وعليه نصّصناه ، رجال الطوسي : 261/620 .
(6) الخرائج والجرائح 2 : 819/31 ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 278/13 ، والمصنّف في المحتضر : 13 .
(7) في البصائر والخرائج : خالفنا .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 310 _
منهم أرخى بالاً ، وأنعم عيشاً ، وأحسن حالاً ، وأطمع في الجنة.
قال : فسكت عنّي حتى إذا كنّا بالأبطح من مكة ورأينا الناس يضجّون إلى الله تعالى فقال : ( يا أبا محمّد هل تسمع ما أسمع ؟ ) قلت : أسمع ضجيج الناس إلى الله تعالى ، قال : ( ما أكثر الضجيج والعجيج وأقلّ الحجيج !! والذي بعث بالنبوة محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعجّل بروحه إلى الجنّة ما يتقبّل الله إلاّ منك ومن أصحابك خاصّة ) قال : ثمّ مسح يده على وجهي ، فنظرت وإذا أكثر الناس خنازير وحمير وقردة إلاّ رجل
(1).
[ 327/16 ] وعن أبي سليمان داود بن عبدالله ، عن سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصـير ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : أنا مولاك ومن شيعتك ، ضعيف ضرير ، فاضمن لي الجنة ، قال : ( أولا اُعطيك علامة الأئمّة أو غيرهم ؟ ) قلت : وما عليك أن تجمـعهما لي ، قال : ( وتحبّ ذلك ؟ ) قلت : وكيف لا اُحبّ ، فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع ( الأئمّة عنده ، ثمّ )
(2) ما في السقيفة
(3) التي كان فيها جالساً .
ثمّ قال : ( يا أبا محمّد مدّ بصرك فانظر ماذا ترى بعينك ؟ ) قال : فوالله ما أبصرت إلاّ كلباً أو خنزيراً أو قرداً ، قلت : ما هذا الخلق الممسوخ ؟ قال : ( هذا الذي ترى هو السواد
(4) الأعظم ، ولو كشف الغطاء
(5) للناس ما نظر الشيعة إلى من
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 821/34 ، وفيه : إلاّ رجل بعد رجل ، وأورد مثله الصفّار في بصائر الدرجات : 271/ ذيل حديث 6 .
(2) ما بين القوسين لم يرد في المصدر .
(3) السقيفة : خشبة عريضة طويلة ، يُلفّ عليها البواري ، اُنظر لسان العرب 9 : 156 ـ سقف .
(4) سواد الناس : عامّتهم ، وكل عدد كثير ، الصحاح 2 : 492 ـ سود .
(5) لم ترد كلمة ( الغطاء ) في نسخة ( س ) .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 311 _
خالفهم إلاّ في هذه الصورة ).
ثمّ قال : ( يا أبا محمّد إن أحببت تركتك على حالك هذا وحسابك على الله ، وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنّة ، ورددتك إلى حالك الأول ) قلت : لا حاجة لي في النظر إلى هذا الخلق المنكوس
(1) ، ردّني ردّني إلى حالتي ، فما للجنة عوض ، فمسح يده على عينيّ فرجعت كما كنت
(2).
[ 328/17 ] وعن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الله بن جبلة
(3) ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : حججت مع أبي عبدالله ( عليه السلام ) فلمّا كنّا في الطواف قلت له : يابن رسول الله يغفر الله لهذا الخلق ؟ قال : ( إنّ أكثر من ترى قردة وخنازير ) قلت : أرنيهم ، فتكلّم بكلمات ثمّ أمرّ يده على بصري ، فرأيتهم كما قال ، فقلت : ردّ عليّ بصري الأوّل ، فدعا فرأيتهم كما رأيتهم في المرّة الاُولى.
ثمّ قال : ( أنتم في الجنّة تحبرون
(4) وبين أطباق النار تُطلبون فلا توجدون ، ثم
ّ
---------------------------
(1) المنكوس : المقلوب ، نكست الشيء : قلبته ، الصحاح 3 : 986 ـ نكس .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 821/35 ، وعنه في البحار 27 : 30/3 .
(3) في نسخة ( س ) والمختصر المطبوع ص 112 : عبدالله بن جميلة ، وما في المتن هو الصحيح وهو الموافق للمصدر .
وهو عبدالله بن جبلة بن حيّان بن أبجر الكناني أبو محمّد عربي ، وكان واقفياً ، وكان فقيهاً ثقة مشهوراً ، عدّه البرقي والطوسي من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ،
انظر رجال النجاشي : 216/563 ، رجال البرقي : 49 ، رجال الطوسي : 356/33 ، خلاصة الأقوال : 372/1474 .
(4) تُحبرون : تكرمون وتنعّمون ، لسان العرب 4 : 158 ـ حبر.
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 312 _
قال : والله لا يجتمع في النار منكم اثنان لا والله ولا واحد )
(1) .
[ 329/18 ] وعن الصفّار ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعليّ ( عليه السلام ) : ( إذا أنا متّ فاستقِ لي سبع قُرَب ماء من بئر غرس
(2) ، ثمّ غسّلني وكفّنّي وخذ بمجامعي ، وأجلسني واسألني عمّا شئت ، واحفظ عنّي واكتب ، فإنّك لا تسألني عن شيء إلاّ أخبرتك به.
قال علي ( عليه السلام ) : فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة )
(3).
[ 330/19 ] وعن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( كان عليّ محدَّثاً ) قلت : وما آية المحـدَّث ؟ قال : ( يأتـيه الملك فينكت
(4) على قلبه بكَيت وكَيت )
(5) .
[ 331/20 ] وقال ابن أبي يعفور لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنا نقول إنّ علياً صلوات الله عليه ينكت في اُذنه أو يقذف في قلبه أو أنّه كان محدّثاً ، فلمّا أكثرت عليه ،
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 827/40 ، بصائر الدرجات : 270/4 ، وعنه في البحار 47 : 79/58 و68 : 118/44 .
(2) بئر غرس : وهو بئر في قُبا من نواحي المدينة ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتطيب ماءها ويبارك فيه ، انظر معجم البلدان 4 : 193 ـ الغرس .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 827/41 ، وبصائر الدرجات : 283/6 بنفس السند ولكن عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) باختصار وص 284/10 بسند آخر وباختلاف يسير في المتن .
(4) في نسخة ( س وض ) : فيكتب ، والنكت : الإلهام ، مجمع البحرين 2 : 227 ـ نكت .
(5) الخرائج والجرائح 2 : 830/46 ، بصائر الدرجات : 322/4 ، وأورده الطوسي في أماليه : 407/914 ، بزيادة : وكان سلمان محدّثاً .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 313 _
قال لي ( إنّ علياً ( عليه السلام ) كان يوم قريضة
(1) والنضير
(2) ؛ جبرئيل ( عليه السلام ) عن يمينه ، وميكائيل ( عليه السلام ) عن يساره يحدّثانه )
(3).
[ 332/21 ] وقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( إنّ الله لم يخلِ الأرض من عالم
(4) ، يعلم الزيادة والنقصان في الأرض ، فإذا زاد المؤمنون شيئاً ردّهم ، وإذا نقصوا أكمله لهم ، فقال : خذوه كاملاً ، ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم ، ولم يفرّقوا بين الحقّ والباطل )
(5) .
---------------------------
(1) يوم بني قريظة : وهي إحدى غزوات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حدثت في شهر ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة ، وذلك بعد أن انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من غزوة الخندق ( الأحزاب ) جاءه جبرئيل ( عليه السلام ) ، فقال : إنّ الله تعالى يأمرك أن تسير إلى بني قريظة ، فإنّي عامد إليهم فمزلزل حصونهم ، فلمّا اشتدّ الحصار عليهم نزلوا على حكم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأمر بهم محمّد بن مسلمة فكتّفوا ونحّوا ناحية ، وأخرج النساء والذرية ، وفي هذه الغزاة نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يفرّق بين الاُم وولدها. اُنظر المنتظم لابن الجوزي 3 : 239 .
(2) يوم بني النضير : وهي إحدى غزوات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حدثت في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة ، حينما جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى بني النضير يكلّمهم أن يعينوه في ديّة رجلين كان قد أمّنهما ، فقتلهما عمرو بن اُمية بغير علم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقالوا : نفعل ، ولكن أرادوا الغدر به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فخرج منهم ولم يشعروا به ، فأرسل إليهم محمّد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي ولا تساكنوني ، وقد أجّلتكم عشراً ، فلم يخرجوا ، فحاصرهم رسول الله وقطع نخلهم ، فقالوا : نحن نخرج عن بلادكم ، فأجلاهم عن المدينة، اُنظر المنتظم لابن الجوزي 3 : 203 .
(3) الخرائج والجرائح 1 : 830/ قطعة من حديث 46 ، وأورده باختلاف يسير الصفّار في بصائر الدرجات : 321/2 ، والمفيد في الاختصاص : 286 ، بسنديهما : الحسن بن علي ، عن عبيس ابن هشام الأسدي ، عن كرام بن عمرو الخثعمي ، عن عبدالله بن أبي يعفور .
(4) في نسخة ( س ) : بغير إمام ، بدل : من عالم .
(5) الخرائج والجرائح 2 : 830/ ذيل حديث 46 ، والصفّار في بصائر الدرجات : 331/1 ، باختلاف يسير ، وأورده الصدوق في علل الشرائع : 199/22 و200/28 و201/31 ، بطرق مختلفة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) وباختصار في كمال الدين : 203/11 ، والنعماني في الغيبة : 138/3 ، والطبري في دلائل الامامة : 232 ، وابن بابويه في الامامة والتبصرة : 29/11 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 314 _
[ 333/22 ] وعن علي بن الحكم قال : أخبرنا علي بن النعمان ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمّد بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن ضريس ، قال : كنت أنا وأبو بصير عند أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فقال له أبو بصير : بم يعلم عالمكم ؟ قال : ( إنّ عالمنا لا يعلم الغيب ، ولو وكله الله إلى نفسه لكان كبعضكم ، ولكن يحدّث في الساعة بما يحدث بالليل وفي الساعة بما يحدث بالنهار ، الأمر بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء بما يكون إلى يوم القيامة )
(1).
[ 334/23 ] وقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( ما ترك الله الأرض بغير عالم ، ينقص ما يزاد ، ويزيد ما ينقص ، ولولا ذلك لاختلط على الناس أمرهم )
(2).
[ 335/24 ] وسأله بريد العجلي عن الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث ، فقال ( عليه السلام ) : ( الرسول تأتيه الملائكة ظاهرين ، وتبلّغه الأمر والنهي عن الله تعالى ، والنبيّ الذي يوحى إليه في منامه ليلاً ونهاراً ، فما رأى فهو كما رأى ، والمحدَّث يسمع
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 831/ صدر حديث 47 ، وبصائر الدرجات : 325/2 ، 3 باختلاف ، وقد انقسم الحديث في البصائر إلى فقرتين الاُولى في حديث 2 والتتمة في حديث 3 ، ولكن بسندين ، الاُولى سندها مطابق للمتن ، والثانية بسند آخر ولم يرد محمّد بن النعمان في الفقرتين .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 832/ قطعة من حديث 47 ، وبصائر الدرجات : 332/8 ، عن عبدالله بن جعفر ، عن محمّد بن عيسى ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبدالأعلى مولى آل سام ، وكذلك الصدوق في كمال الدين : 204/16 وعلل الشرائع : 201/32 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 315 _
كلام الملائكة ، ولا يرى الشخص ، فينقر في اُذنه ، وينكت في قلبه وصدره )
(1).
[ 336/25 ] وعن الصفّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن العباس بن معروف ، عن أبي الحسن الكركي
(2) ، عن محمّد بن الحسن ، عن الحسن بن محمّد بن عمران ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن عبدالعزيز ، قال : خرجت مع علي بن الحسين ( عليه السلام ) إلى مكّة ، فلمّا وافينا إلى الأبواء ـ وكان ( عليه السلام ) على راحلته وكنت أمشي ـ فإذا قطيع غنم ، ونعجة قد تخلّفت وهي تصيح بسخلة لها ، وكلّما قامت السخلة صاحت النعجة حتى تتبعها ، فقال لي : ( يا عبدالعزيز أتدري ما تقول هذه النعجة لسخلتها ؟ ) قلت : لا والله ، قال : ( إنّها تقول لها : ألحقي بالقطيع فإنّ اُختك في العام الأوّل تخلّفت عن القطيع في هذا الموضع فأكلها الذئب )
(3).
[ 337/26 ] وعن الصفّار ، عن عبدالله بن محمّد ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن عمر أخبرنا بشير النبّال
(4) ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : دخل رجل من موالي أبي الحسن ( عليه السلام ) ، فقال له : أرأيت أن تتغدّى عندي ، فقام ( عليه السلام ) فمضى معه ، فلمّا دخل بيته ، وضع له سريراً فقعد عليه ، وكان تحته زوج حمام ، فذهب الرجل ليحمل طعامه ، وعاد إليه فوجده يضحك .
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 832/ ذيل الحديث 47 ، والبصائر : 368/1 باختلاف ، وأورده المفيد في الاختصاص : 328 ، باختلاف ، وأورد الكليني نحوه في الكافي 1 : 177/4 .
(2) في البصائر والخرائج : عن أبي القاسم الكوفي .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 832/48 ، وبصائر الدرجات : 347/2 ، عن أبي بصير ، عن رجل ، وأورده المفيد في الاختصاص : 294 ، والطبري في دلائل الامامة : 88 ، عن أبي بصير مثله .
(4) بشير النبّال : هو بشير أو بشر بن أبي أراكة ميمون الوابشي الهمداني الكوفي ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الباقر والصادق ( عليهما السلام ) .
اُنظر رجال البرقي : 13 و18 ، رجال الطوسي : 108/4 و156/17 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 316 _
فقال : أضحك الله سنّك ممّ تضحك ؟ فقال : ( إنّ حمامك هذا هدر
(1) الذكر على الاُنثى ، فقال : يا سكني وعرسي والله ما على وجه الأرض أحد أحبّ إليّ منك ما خلا هذا القاعد على السرير ) فقلت له : وتفهم ذلك ؟ قال : ( نعم علّمنا منطق الطير ، واُوتينا من كلّ شيء )
(2).
[ 338/27 ] وعن جماعة ، أخبرنا أبو الحسن غسق
(3) ، أخبرنا أبي ، أخبرنا الفضل بن يعقوب
(4) البغدادي ، أخبرنا الهيثم بن جميل ، أخبرنا عمرو بن عبيد ، عن عيسى بن سلام ، عن علي بن نصر بن سنان
(5) ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما قال : ( بينا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جالس مع أصحابه إذ أقبلت الريح الدبور ، فقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أيّتها الريح إنّي أستودعك إخواننا فردّيهم إلينا ، قالت : قد اُمرتُ فالسمع والطاعة لك ، فدعا ببساط كان اُهدي إليه ، ثمّ بسطه ، ثمّ دعا بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فأجلسه عليه ، ثمّ دعا بأبي بكر ، وعمر وعثمان ، وعبدالرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعمّار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود
(6) ،
---------------------------
(1) هدر : صوّت ، لسان العرب 5 : 258 ـ هدر .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 833/49 ، وبصائر الدرجات : 346/25 ، باختلاف يسير .
(3) في الخرائج : أبو الحسن بن عتيق ، وفي البحار : أبو الحسين بن غسق .
(4) في البحار : عن أبي الفضل بن يعقوب البغدادي .
(5) في نسخة ( ض ) : سيّار ، وفي نسخة ( س ) : سيّاب .
(6) المقداد بن الأسود : هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة الكندي البهراني ، أسلم قديماً وشهد بدراً والمشاهد كلّها ، وكان فارساً يوم بدر ، ويقال له المقداد بن الأسود لأنّه كان حليفاً للأسود بن عبديغوث الزهري فتبنّاه الأسود فنسب إليه .
وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : ( إنّ الله أمرني بحب أربعة : علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي ) وورد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : ( ارتدّ الناس إلاّ ثلاثة : أبو ذر وسلمان والمقداد ) والمقصود من الارتداد : بعد وفاة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وعدّه البرقي والشيخ من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والامام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
اُنظر تهذيب التهذيب 10 : 254 ، سير أعلام النبلاء 1 : 385 ، رجال الكشي : 8/17 و10/21 ، رجال البرقي : 1 و3 ، رجال الطوسي : 27/8 و57/1 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 317 _
وأبي ذرّ ، وسلمان ، فأجلسهم عليه.
ثمّ قال : أما إنّكم سائرون إلى موضع فيه عين ماء ، فانزلوا وتوضّأوا وصلّوا ركعتين ، وأدّوا إليّ الرسالة كما تؤدّى إليكم.
ثمّ قال : أيّتها الريح استعلي بإذن الله ، فحملتهم الريح حتى رمتهم إلى بلاد الروم عند أصحاب الكهف ، فنزلوا وتوضّأوا وصلّوا ، فأوّل من تقدّم إلى باب الكهف أبو بكر ، فسلّم فلم يردّوا ، ثمّ عمر فلم يردّوا ، ثمّ تقدّم واحد بعد واحد يسلّم فلم يردّوا .
ثمّ قام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فأفاض عليه الماء وصلّى ركعتين ، ثمّ مشى إلى باب الغار ، فسلّم بأحسن ما يكون من السلام ، فانصدع الكهف ، ثم قاموا إليه فصافحوه وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين وقالوا : يا بقية الله في خلقه
(1) بعد رسوله ، وعلّمهم ما أمره رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثمّ ردّ الكهف كما كان ، فحملتهم الريح فرمت بهم في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد خرج ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لصلاة الفجر فصلّوا معه )
(2).
[ 339/28 ] وعن جماعة ، أخبرنا أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن أحمد البرمكي ، أخبرنا عبدالله بن داهر بن يحيى الأحمري ، أخبرنا أبي ، عن الأعمش ، أخبرنا أبو سفيان ، عن أنس ، قال : كنت عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبو بكر وعمر في ليلة مكفهرّة ، فقال
---------------------------
(1) في المصدر : أرضه .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 835/51 ، وعنه في البحار 39 : 142/8 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 318 _
لهما النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( قوما فائتيا باب حجرة عليّ ) فذهبا فنقرا الباب نقراً خفيفاً ، فخرج علي ( عليه السلام ) متّزراً بإزار من صوف ومرتدياً بمثله ، في كفّه سيف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال لهما ( أحدث حدث ؟ ) فقالا : خير ، أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن نقصد بابك وهو بالأثر ، فأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال : ( يا أبا الحسن أخبر ( أصحابك بخبر البارحة )
(1) ) فقال ( عليه السلام ) : ( إنّي لأستحي ) قال : ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إنّ الله تعالى لا يستحي من الحقّ ) .
قال علي ( عليه السلام ) : ( أصابتني جنابة من فاطمة ( عليها السلام ) ، فطلبت في منزلي ماءً فلم أجد ، فوجّهت الحسن والحسين ( عليها السلام )
(2) ، فأبطآ عليّ ، فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف يهتف : يا أبا الحسن خذ السطل واغتسل ، فإذا أنا بسطل من ماء وعليه منديل من سندس ، فأخذت السطل فاغتسلت منه ، وأخذت المنديل فتمسّحت به ، ثمّ رددت المنديل فوق السطل ، فقام السطل في الهواء ، فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي ، فوجدت بردها على الفؤاد ).
فقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( بخ بخ من كان خادمه جبرئيل ( عليه السلام ) )
(3).
[ 340/29 ] قالوا : وحدّثنا البرمكي ، أخبرنا عبدالله بن داهر ، أخبرنا الحماني ، أخبرنا محمّد بن الفضيل ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن سلمان ، قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزّ وجلّ قبل أن يُخلق آدم ( عليه السلام ) بأربع عشرة ألف سنة ، فلمّا خلق آدم قسّم ذلك النور جزأين ، فركّبه في صلب آدم ( عليه السلام ) وأهبطه إلى الأرض ، ثمّ حمله في السفينة في صلب نوح ( عليه السلام ) ، ثم قذفه في النار في صلب إبراهيم ( عليه السلام ) ، فجزء أنا وجزء عليّ ، والنور : الحقّ ، يزول معنا حيثما
---------------------------
(1) في المصدر : أصحابي ما أصابك البارحة ، بدل ما بين القوسين .
(2) في نسخة ( ض ) : الحسن ( عليه السلام ) كذا ، والحسين ( عليه السلام ) كذا .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 837/52 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 319 _
زلنا )
(1).
[ 341/30 ] وعن محمّد بن عبدالحميد ، عن أبي جميلة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ( من أدرك قائم أهل بيتي من ذي عاهة بريء ، ومن ذي ضعف قَوِيَ )
(2).
[ 342/31 ] وعن أبي بكر ، عن عبدالأعلى بن أعين
(3) ، قال : قمت من عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فاعتمدت على يدي فبكيت وقلت : كنت أرجو أن أدرك صاحب هذا الأمر ولي قوّة ، فقال : ( أما ترضون أنّ أعداءكم يقتل بعضهم بعضاً ، وأنتم آمنون في بيوتكم ؟! إنّه لو كان ذلك اُعـطي الرجل منكم قوة أربعين رجلاً ، وجعل قلوبكم كزبر الحديد ، لو قذف بها الجبال لقلعتها ، وكنتم قوّام الأرض وخزّانها )
(4) .
[ 343/32 ] وعن محمّد بن عيسى ، عن صفوان ، عن مثنّى الحنّاط ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ( إنّ الله عزّ وجلّ نزع الخوف من قلوب أعدائنا ، وأسكنه في قلوب شيعتنا ، فإذا جاء أمرنا نزع الخوف من قلوب شيعتنا ، وأسكنه في قلوب أعدائنا ، فأحدهم أمضى من سنان ، وأجرى من ليث ، يطعن عدوّه برمحه ، ويضربه بسيفه ، ويدوسه بقدمه )
(5).
[ 344/33 ] وعن محمّد بن عيسى ، عن صفوان ، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد ، فجمع
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 838/53 .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 839/54 .
(3) في المصدر : عبدالملك بن أعين ، والظاهر هو الصحيح بحكم طبقة الرواة .
(4) الخرائج والجرائح 2 : 839/55 ، وأورده الكليني في الكافي 8 : 294/449 .
(5) الخرائج والجرائح 2 : 840/56 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 320 _
به عقولهم ، وأكمل به أحلامهم )
(1).
[ 345/34 ] وعن أيّوب بن نوح ، عن العباس بن عامر ، عن ربيع بن محمّد ، عن أبي الربيع الشامي ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : ( إنّ قائمنا إذا قام مدّ الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم ، حتى لا يكون بينهم وبين القائم ( عليه السلام ) بريد
(2) ، يكلّمهم ويسمعون ، وينظرون إليه وهو في مكانه )
(3).
[ 346/35 ] وعن موسى بن عمر بن يزيد الصيقل ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن حمزة ، عن أبان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ( العلم سبعة وعشرون حرفاً
(4) ، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان ، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين ، فاذا قام القائم ( عليه السلام ) أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثّها في الناس ، وضمّ إليها الحرفين حتى يبثّها سبعة وعشرين حرفاً )
(5).
[ 347/36 ] وعن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن علي ، عن جعفر بن بشير ، عن عمر بن أبان ، عن معتّب غلام الصادق ( عليه السلام ) قال : كنت مع أبي عبدالله ( عليه السلام ) بالعُريض
(6) فجاء يتمشّى حتى دخل مسجداً ، كان يتعبّد فيه أبوه ، وهو يصلّي في موضع من المسجد .
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 840/57 ، وأورده الكليني في الكافي 1 : 25/21 ، والصدوق في كمال الدين : 675/30 .
(2) أي لا يكون بين الحجّة ( عليه السلام ) والناس رسول ، وهذا من قدرة الله عزّ وجلّ ، وكرامة وإجلالاً للإمام المنتظر عجّل الله فرجه .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 840/58 ، وأورده الكليني في الكافي 8 : 240/229 .
(4) في نسختي ( س وض ) : جزءاً .
(5) الخرائج والجرائح 2 : 841/59 ، وعنه في البحار 52 : 336/72 .
(6) العُرَيض : اسم واد بالمدينة المنورة ، معجم البلدان 4 : 114 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 321 _
فلمّا انصرف قال : ( يا معتّب ترى هذا الموضع ؟ ) قلت : نعم ، قال : ( بينا أبي ( عليه السلام ) قائم يصلّي في هذا المكان ، إذ دخل شيخ يمشي ، حسن السمت فجلس ، فبينا هو جالس إذ جاء رجل أدِم حسن الوجه والسمت ، فقال للشيخ : ما يُجلسك ؟ ليس بهذا اُمرت ، فقاما وانصرفا وتواريا عنّي فلم أرَ شيئاً.
فقال لي أبي : يا بني هل رأيت الشيخ وصاحبه ؟ قلت : نعم ، فمن الشيخ ومن صاحبه ؟ قال : الشيخ ملك الموت ، والّذي جاء وأخرجه جبرئيل ( عليه السلام ) )
(1) .
[ 348/37 ] وروى جماعة ، عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه ، أخبرنا أبي ، أخبرنا سعد بن عبدالله ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، أخبرنا الحسين بن سعيد ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن فضيل الرسّان ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : ( أنّ رجلاً قال لعليّ ( عليه السلام ) : يا أمير المؤمنين لو أريتنا ما نطمئنّ به ، ممّا أنهى إليك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : لو رأيتم عجيبة من عجائبي لكفرتم وقلتم : إنّي ساحر كذّاب وكاهن ، وهو من أحسن قولكم ، قالوا : ما منّا أحد إلاّ وهو يعلم أنّك ورثت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وصار إليك علمه ، قال : علم العالم شديد ، لا يحتمله إلاّ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، وأيّده بروح منه ) .
ثمّ قال : ( إذا أبيتم إلاّ أن اُريكم بعض عجائبي ، وما آتاني الله من العلم ، فاتّبعوا أثري إذا صلّيت العشاء الآخرة ، فلمّا صلاّها أخذ طريقه إلى ظهر الكوفة
(2) ، فاتّبعه سبعون رجلاً ـ كانوا في أنفسهم خيار الناس ـ من شيعته .
فقال لهم عليّ ( عليه السلام ) : إنّي لست اُريكم شيئاً حتى آخذ عليكم عهد الله وميثاقه ،
---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 759/73 ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 233/1 ، باختلاف يسير .
(2) وهو النجف الأشرف حالياً .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 322 _
أن لا تكفروا بي ، ولا ترموني بمعضلة ، فوالله ما اُريكم إلاّ ما علّمني رسول الله ( عليه السلام ) ، فأخذ عليهم العهد والميثاق ، أشدّ ما أخذ الله على رسله من عهد وميثاق .
ثمّ قال : حوّلوا وجوهكم عنّي حتى أدعو بما اُريد ، فسمعوه جميعاً يدعو بدعوات لا يعرفونها .
ثمّ قال : حوّلوا وجوهكم ، فحوّلوا فإذا هم بجنّات وأنهار ، وقصور من جانب ، وسعير تتلظّى من جانب ، حتى أنّهم ما شكّوا أنّهما الجنة والنار ، فقال أحسنهم قولاً : إنّ هذا لسحر عظيم ، ورجعوا كفاراً إلاّ رجلين .
فلمّا رجع مع الرجلين قال لهما : قد سمعتما مقالتهم ، وأخذي عليهم العهود والمواثيق ، ورجوعهم يكفّرونني .
أما والله إنّها لحجّتي عليهم غداً عند الله ، فإنّ الله تعالى يعلم أنّي لست بساحر ولا كاهن ، ولا يُعرف هذا لي ولا لآبائي ، ولكنّه علم الله وعلم رسوله ، أنهاه الله إلى رسوله ، وأنهاه رسوله إليّ ، وأنهيته إليكم ، فاذا رددتم عليّ ، رددتم على الله ، حتى إذا صار إلى باب مسجد الكوفة دعا بدعوات يسمعان ، فإذا حصى المسجد درّ وياقوت ، فقال لهما : ماذا تريان ؟ قالا : هذا درّ وياقوت ، فقال : صدقتما ، لو أقسمت على ربّي فيما هو أعظم من ذلك لأبرّ قسمي ، فرجع أحدهما كافر ، وأمّا الآخر فثبت .
فقال ( عليه السلام ) : إن أخذت منه شيئاً ندمت ، وإن تركت ندمت ، فلم يدعه حرصه حتى أخذ درّة فصرّها في كمّه ، حتى إذا أصبح نظر إليها فإذا هي درّة بيضاء ، لم ينظر الناس إلى مثلها قط ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أخذت من ذلك الدرّ واحدة وهي معي ، قال : وما دعاك إلى ذلك ؟ قال : أحببت أن أعلم أحقّ هو أم باطل ! .
قال : إنّك إن رددتها إلى موضعها الذي أخذتها منه عوّضك الله منها الجنّة ، وإن أنت لم تردّها عوّضك الله منها النار ، فقام الرجل فردّها إلى موضعها الذي
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 323 _
أخذها منه ، فحوّلها الله حصاة كما كانت ) ، قال بعض الناس : كان هذا ميثم التمار
(1) ، وقال بعضهم : عمرو بن الحمق
(2) (3).
---------------------------
(1) ميثم التمّار : هو ميثم بن يحيى التمار ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام علي ( عليه السلام ) من شرطة الخميس ، وزاد الشيخ عليه الامامين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) . وعدّه المفيد من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
وكان ممّا علّمه الإمام علي ( عليه السلام ) علم المنايا حيث قال ذات يوم لابن عباس : كيف بك إذا رأيتني مصلوباً تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم بالمطهرة ، وقد حدث ذلك ،
وقال الشيخ المظفر : اتفقت الروايات أنّ يوم قتله كان قبل قدوم الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء بعشرة أيام ، وكان قدومه ( عليه السلام ) في الثاني من محرم الحرام .
رجال البرقي : 4 ، رجال الطوسي : 58/6 و70/3 و79/1 ، رجال الكشي : 80/136 ، ميثم التمار للمظفر : 74 .
(2) عمرو بن الحمق : هو الخزاعي ، عربي ، عدّه البرقي من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن شرطة الخميس ، وزاد الشيخ عليه الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
وقال ابن حجر : له صحبة شهد مع علي ( عليه السلام ) حروبه ، وقال ابن شهرآشوب جعله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حرب الجمل وصفين على الكمين ، وعدّه الشيخ المفيد من أصفياء الإمام علي ( عليه السلام ) .
وقال الأميني : ولما قُتل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، بعث معاوية في طلب أنصاره ، فكان فيمن طلب عمرو بن الحمق ، فراغ منه ، فأرسل إلى امرأته آمنة بنت الشريد ، فحبسها في سجن دمشق سنتين ، ثم إنّ عبدالرحمن بن الحكم ظفر بعمرو في بعض الجزيرة فقتله ، وبعث برأسه إلى معاوية ، قتل ( رحمه الله ) بالحرة سنة خمسين أو إحدى وخمسين ،
انظر رجال الطوسي : 47/6 و69/2 ، رجال البرقي : 4 ، الاختصاص : 3 ، المناقب 3 : 181 و197 ، أعيان الشيعة 8 : 376 ، تهذيب التهذيب 8 : 22/37 .
(3) الخرائج والجرائح 2 : 862/79 .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 324 _
[ 349/38 ] وعن قُتيبة بن الجهم ، قال : لمّا دخل عليّ ( عليه السلام ) إلى بلاد صفّين نزل بقرية يقال لها : صندوداء
(1) فعبر عنها ، وعرّس
(2) بنا في أرض بلقع
(3) ، فقال له مالك بن الحارث الأشتر : نزلت على غير ماء! فقال ( عليه السلام ) : ( إنّ الله تعالى يسقينا في هذا الموضع ماءً أصفى من الياقوت وأبرد من الثلج ) فتعجّبنا ولا عجب من قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فوقف على أرض ، فقال : ( يا مالك احتفر أنت وأصحابك ) فاحتفرنا فاذا نحن بصخرة سوداء عظيمة فيها حلقة تبرق كاللجين
(4) ، فلم نستطع أن نزيلها .
فقال علي ( عليه السلام ) : ( اللّهم إنّي أسألك أن تمدّني بحسن المعونة ) وتكلّم بكلام حسبناه سريانياً ، ثمّ أخذها فرمى بها ، فظهر لنا ماء عذب ، فشربنا منه ، وسقينا دوابّنا ، ثم ردّ الصخرة عليه ، وأمرنا أن نحثوا عليها التراب.
فلمّا سرنا غير بعيد ، قال ( عليه السلام ) : ( من يعرف منكم موضع العين ؟ ) قلنا كلّنا نعرف ، فرجعنا فخفي علينا أشدّ خفاء ، فإذا نحن بصومعة راهب ، فدنونا منها ومنه ، فقلنا : هل عندك ماء ؟ فسقانا ماءً مرّاً جشباً
(5) ، فقلنا له : لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا من عين هاهنا ، قال : صاحبكم نبيّ ؟ قلنا : وصيّ نبيّ ، فانطلق معنا
---------------------------
(1) صندوداء : قرية كانت في غربي الفرات فوق الأنبار ، خربت ، وبها مشهد لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، مراصد الاطلاع 2 : 853 .
(2) عرّس : التعريس : نزول القوم في السفر من آخر الليل للاستراحة ثم يرتحلون ، الصحاح 3 : 948 ـ عرس .
(3) بلقع : الأرض القفر التي لا شيء بها ، الصحاح 3 : 1188 ـ بلقع .
(4) اللجين : الفضة ، جاء مصغّراً كالثريا ، الصحاح 6 : 2193 ـ لجن .
(5) الجشب : الغليظ ، القاموس المحيط 1 : 46 ـ جشب .
مُختَصَرُ البَصائِر
_ 325 _
إلى عليّ ( عليه السلام ) ، فلمّا بصر به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( أنت شمعون ؟ ) قال : نعم ، هذا اسم سمّتني به اُمّي ، ما اطّلع عليه أحد إلاّ الله.
ثمّ قال : ما اسم هذه العين ؟ قال ( عليه السلام ) : ( عين راحوما من الجنّة ، شرب منها ثلاثمائة نبي وثلاثمائة وصي ، وأنا خير الوصيّين شربت منها ) قال الراهب : هكذا وجدت في جميع الكتب ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله وأنّك وصيّ محمّد .
ثمّ قال علي ( عليه السلام ) : ( والله لو أنّ رجلاً منّا قام على جسر ثمّ عرضت عليه هذه الاُمّة لحدّثهم بأسمائهم وأنسابهم
(1) )
(2) .
[ 350/39 ] وعن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن أبيهما ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عبدالله بن مسكان ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) في قوله تعالى ( وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السموات والأرض )
(3) : ( كشط الله لإبراهيم السماوات حتى نظر إلى ما فوق العرش ، ثمّ كشطت له الأرض حتى رأى ما تحت تخومها وما فوق الهواء ، وفعل بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مثل ذلك ، وإنّي لأرى صاحبكم والأئمّة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك )
(4).
[ 351/40 ] وقال له أبو بصير : هل رأى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ملكوت السماوات
---------------------------
(1) في نسختي ( س وض ) : وأبنائهم .
(2) الخرائج والجرائح 2 : 864/80 ، وأورده باختلاف الصدوق في الأمالي : 250/14 ، وابن حمزة الطوسي في ثاقب المناقب : 258/4 ، وباختصار ابن شهرآشوب في المناقب 2 : 326 .
(3) الأنعام 6 : 75 .
(4) الخرائج والجرائح 2 : 866/81 ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : 107/2 .