بحيث يبقى ضيقاً على حاله بل لابد من مراعاة أن لا يقل الفاصل المشتمل عليه عن خمسة أذرع والأفضل أن لا يقل عن سبعة أذرع، فلو أقدم أحد على إحياء حريمه متجاوزاً على الحد المذكور لزم هدم المقدار الزائد.
هذا إذا لم يلزم ولي المسلمين حسب ما يراه من المصلحة أن يكون الفاصل أزيد من خمسة أذرع وإلا وجب اتباع أمره ولا يجوز التجاوز على الحد الذي يعينه .
مسألة (952) : إذا انقطعت المارة عن الطريق ولم يرج عودهم إليه جاز لكل أحد إحياؤه سواء أ كان ذلك لعدم وجودهم أو لمنع قاهر إياهم أو لهجرهم إياه واستطراقهم غيره أو لغيرها من الأسباب.
هذا إذا لم يكن مسبلاً وإلا ففي جواز إحيائه من دون مراجعة ولي الأمر إشكال .
مسألة (953) : إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلاً لم يجز لأحدٍ اقتطاع ما زاد عليها وإخراجه عن كونه طريقاً ، وأما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً لاستفادة المستطرقين ولو في بعض الأحيان والحالات لم يجز ذلك أيضاً وإلا ففي جوازه إشكال والأحوط العدم.
مسألة (954) : يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد وينتفع منه سائر الانتفاعات إلا بما لا يناسبه ، وجميع المسلمين في ذلك شرع سواء ، ولو سبق واحد إلى مكان منه للصلاة أو لغيرها من الأغراض الراجحة كالدعاء وقراءة القرآن والتدريس لم يجز لغيره إزاحته عن ذلك المكان أو إزاحة رحله عنه ومنعه من الانتفاع به سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أو تخالفا فيه، نعم يحتمل عند التزاحم تقدم الطواف على غيره في المطاف والصلاة على غيرها في سائر المساجد فلا يترك الاحتياط للسابق بتخلية المكان للمسبوق في مثل ذلك .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 302 ـ
مسألة (955) : من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه وإزعاجه ، وإن كان الأولى للمنفرد حينئذٍ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكاناً آخر فارغاً لصلاته، ولا يكون مناعا للخير .
مسألة (956) : إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه جاز لغيره إن يأخذ مكانه ، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره فليس له منعه وإزعاجه، وأما إذا كان ناوياً للعود فإن بقي رحله فيه لم يجز إزاحته وأخذ مكانه وإن لم يبق ففي جواز أخذ مكانه إشكال والأحوط تركه ، ولا سيما فيما إذا كان خروجه لضرورة كتجديد الطهارة أو نحوه، ولكن لو أقدم على أخذه لم يجز للأول إزاحته عنه عند العود.
مسألة (957) : العبرة في عدم جواز المزاحمة والإزعاج بصدق السبق إلى المكان عرفاً ، والظاهر صدقه بفرش سجادة الصلاة ونحوها مما يشغل مقدار مكان الصلاة أو معظمه بل لا يبعد صدقه بمثل وضع الخمرة أو السبحة أو المشط أو السواك ونحوها .
مسألة (958) : إذا كان بين حجزه مكاناً في المسجد وبين مجيئه للاستفادة منه طول زمانٍ بحيث استلزم تعطيل المكان جاز لغيره إشغاله قبل مجيئه ورفع ما وضعه فيه والاستفادة من مكانه إذا كان قد شغل المحل بحيث لا يمكن الاستفادة منه إلا برفعه ، والظاهر أنه لا يضمنه الرافع حينئذٍ بل يكون أمانة في يده إلى أن يوصله إلى صاحبه ، وكذا الحال فيما لو فارق المكان معرضاً عنه مع بقاء حاجة له فيه .
مسألة (959) : المشاهد المشرفة كالمساجد فيما ذكر من الأحكام، ويحتمل فيما هو من قبيل المزار منها تقدم الزيارة وصلاتها على غيرهما من الأغراض الراجحة عند التزاحم فلا ينبغي ترك مقتضى الاحتياط في مثله .
مسألة (960) : جواز السكن في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 303 ـ
لكيفية وقف الواقف، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كأهالي البلد أو الأجانب، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلاً ، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها كما لا يجوز لهؤلاء الاستقلال في حيازة غرفة منها من دون الاستئذان من المتولي إلا إذا كان ذلك مقتضى وقفيتها ، وحينئذٍ إذا سبق أحد إلى غرفة منها وسكنها فهو أحق بها بمعنى أنه لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها وإن طالت المدة، إلا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلاً ، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة .
مسألة (961) : إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة ، كأن لا يكون معيلاً أو يكون مشغولاً بالتدريس أو بالتحصيل أو بالمطالعة أو التصنيف فإذا زالت عنه هذه العناوين لزمه الخروج منها ، والضابط أن جواز السكنى ـ حدوثاً وبقاءً ـ تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه ، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءً .
مسألة (962) : لا يبطل حق السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك وإن لم يترك فيها رحلاً، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين أو أكثر، وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر، كالسفر إلى الحج أو الزيارة أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف، نعم لابد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه ، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه .
مسألة (963) : إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة أو في جميع الليالي فبات ساكنها في مكان آخر بطل حقه .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 304 ـ
مسألة (964) : لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته إلا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدة لسكنى طالب واحد.
مسألة (965) : الربط وهي المساكن المعدة لسكنى الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر .
مسألة (966) : مياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات وما شاكلهما ، وهكذا الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج وكذا العيون المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات ونحوها من الأنفال ـ أي أنها مملوكة للإمام عليه السلام ـ ولكن من حاز منها شيئاً بآنية أو حوض أو غيرهما وقصد تملكه ملكه من غير فرق في ذلك بين المسلم والكافر .
مسألة (967) : كل ماء من مطر أو غيره لو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية فمن حازه بإناء أو غيره وقصد تملكه ملكه من دون فرق بين المسلم والكافر في ذلك .
مسألة (968) : مياه الآبار والعيون والقنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها ملك للحافر ، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها .
مسألة (969) : إذا شق نهراً من بعض الأنهار الكبار سواء أ كان بشقه في أرض مملوكة له أو بشقه في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء إذا قصد تملكه .
مسألة (970) : إذا كان النهر لأشخاص متعددين ، ملك كل منهم بمقدار حصته من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية وإن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة، ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه .
مسألة (971) : الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 305 ـ
الباقين.
وعليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت وزمان وبأي مقدار شاء جاز له ذلك .
مسألة (972) : إذا وقع بين الشركاء تعاسر وتشاجر فإن تراضوا بالتناوب والمهاياة بالأيام أو الساعات فهو ، وإلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلاً ذات ثقوب متعددة متساوية ويجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته ، ويوصل كل منهم ما يجري في الثقبة المختصة به إلى ساقيته ، فإن كانت حصة أحدهم سدساً والآخر ثلثاً والثالث نصفاً ، فلصاحب السدس ثقب واحد ولصاحب الثلث ثقبان ولصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة .
مسألة (973) : القسمة بحسب الأجزاء لازمة ليس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها، والظاهر أنها قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء أجبر الممتنع منهم عليها .
وأما القسمة بالمهاياة والتناوب فهي ليست بلازمة ، فيجوز لكل منهم الرجوع عنها حتى فيما إذا استوفى تمام نوبته ولم يستوف الآخر نوبته وإن ضمن المستوفي حينئذٍ مقدار ما استوفاه بالمثل .
مسألة (974) : إذا اجتمعت أملاك على ماء عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك من المشتركات كان للجميع حق السقي منه ، وليس لأحد منهم إحداث سد فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين.
وعندئذٍ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو ، وإلا قدم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان وعلم السابق، وإلا قدم الأعلى فالأعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط، فإن كفى الماء للجميع وإلا قدم الأسبق فالأسبق
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 306 ـ
ـ أي : من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر ـ إن كان هناك سابق ولاحق وعلم، وإلا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه ثم ما يليه وهكذا .
مسألة (975) : تنقية النهر المشترك وإصلاحه ونحوهما على الجميع بنسبة ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم وأما إذا لم يقدم على ذلك إلا البعض لم يجبر الممتنع، كما أنه لا يجوز التصرف فيه لغيره إلا بإذنه ، وإذا أذن لهم بالتصرف فليس لهم مطالبته بحصته من المؤنة إلا إذا كان إقدامهم بطلبه وتعهده ببذل حصته .
مسألة (976) : إذا كان النهر مشتركاً بين القاصر وغيره، وكان إقدام غير القاصر متوقفاً على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك، وجب على ولي القاصر ـ مراعاةً لمصلحته ـ إشراكه في التنقية والتعمير ونحوهما وبذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته .
مسألة (977) : ليس لصاحب النهر تحويل مجراه إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه بإذنه ، وكذا غير الرحى أيضاً من الأشجار المغروسة على حافتيه وغيرها .
مسألة (978) : ليس لأحد أن يحمي المرعى ويمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكاً له فيجوز له أن يحميه حينئذٍ ، نعم لولي المسلمين أن يحمي المراعي العامة ويمنع من الرعي فيها حسب ما تقتضيه المصلحة .
مسألة (979) : المعادن من الأنفال وهي على نوعين :
الأول : المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض كبعض معادن الملح والقير والكبريت والنفط ونحوها .
الثاني : المعادن الباطنة، وهي الموجودة في باطن الأرض مما يتوقف استخراجها على الحفر وذلك كغالب معادن الذهب والفضة .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 307 ـ
أما الأولى فمن حاز منها شيئاً ملكه قليلاً كان أو كثيراً ، ويبقى الباقي على حاله .
وأما الثانية فهي تملك بالاستخراج على تفصيل تقدم في المسألة 1194 من كتاب الخمس، وأما إذا حفر ولم يبلغ نيلها فهو يفيد فائدة التحجير.
مسألة (980) : من يجوز له استخراج معدن إذا تصرف في الأرض بإيجاد بعض مقدماته ثم أهمله وعطله أجبره الحاكم أو وكيله على إتمام العمل أو رفع يده عنه، ولو أبدى عذراً أمهله إلى أن يزول عذره ثم يلزمه أحد الأمرين.
مسألة (981) : المعادن الباطنة لا تملك بإحياء الأرض سواء أ كانت قريبة من السطح أم كانت بعيدة عنه في الأعماق كمعظم معادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد للوصول إليها أو ما شاكلها ، فهي على التقديرين لا تتبع الأرض ولا تملك بإحيائها .
مسألة (982) : لو حفر أرض المعدن وقال لغيره استخرجه منه ولك نصف الخارج فإن كان بعنوان الإجارة بطل ، وفي صحته بعنوان الجعالة إشكال.
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 311 ـ
الدين هو المملوك الكلي الثابت في ذمة شخص لآخر بسبب من الأسباب ، و يقال لمن اشتغلت ذمته به ( المديون ) و ( المدين ) و للآخر ( الدائن ) و يطلق الغريم عليهما معاً ، و سبب الدين إما معاملة متضمنة لإنشاء اشتغال الذمة به كالقرض و الضمان و بيع السلم و النسيئة و الإجارة مع كون الأجرة كلياً في الذمة و النكاح مع جعل الصداق كذلك ، و إما غيرها كما في أروش الجنايات و قيم المتلفات و نفقة الزوجة الدائمة و نحوها ، و له أحكام مشتركة و أحكام مختصة بالقرض .
مسألة (983) : الدين أما حال و هو ما ليس لأدائه وقت محدد ، و أما مؤجل و هو بخلافه ، و تعيين الأجل تارة يكون بجعل المتداينين كما في السلم و النسيئة و أخرى بجعل الشارع كالنجوم و الأقساط المقررة في الدية .
مسألة (984) : يتأجل الدين الحال باشتراطه في ضمن عقد لازم أو جائز ، فلو اشترى منه شيئاً و اشترط عليه تأجيل دينه الحال لمدة شهر مثلاً لم تجز له المطالبة به قبل ذلك إلا أن يفسخ العقد و يسقط الشرط .
مسألة (985) : إذا كان الدين حالاً أو مؤجلاً و قد حل الأجل يجب على المديون الموسر أداؤه عند مطالبة الدائن كما يجب على الدائن أخذه و تسلمه إذا صار المديون بصدد أدائه و تفريغ ذمته ، و أما الدين المؤجل قبل حلول الأجل فليس للدائن حق المطالبة به إلا إذا كان التأجيل حقاً له فقط لا حقاً
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 312 ـ
للمدين أو لهما جميعاً ، و هل يجب على الدائن القبول لو تبرع المدين بأدائه أم لا ؟ الظاهر أن عليه ذلك إلا إذا كان التأجيل حقاً له أو لهما معاً فإن له حينئذٍ الامتناع عن القبول قبل حلول الأجل .
مسألة (986) : إذا امتنع الدائن عن أخذ الدين عند حلوله أجبره الحاكم عليه لو طلب منه المديون ذلك ، و لو تعذر إجباره فله أن يسلمه إلى الحاكم و قد فرغت ذمته ، و هل يجب على الحاكم القبول ؟ فيه إشكال ، و لو لم يمكن الوصول إلى الحاكم أو لم يقبله بقي الدين في ذمته إلى أن يأخذه الدائن أو من يقوم مقامه ، و لو كان الدائن غائباً و لا يمكن إيصال المال إليه و أراد المديون تفريغ ذمته جرى عليه ما تقدم .
مسألة (987) : يجوز التبرع بأداء دين الغير سواء أ كان حياً أم كان ميتاً و تبرأ ذمته به ، و لا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه بل و إن منعه المدين عن ذلك ، و في وجوب القبول على من له الدين و جريان الأحكام المتقدمة عليه لو امتنع عنه إشكال بل منع .
مسألة 988) : لا يتعين الدين في ما عينه المدين و إنما يتعين بقبض الدائن أو من يقوم مقامه ، فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين و تبقى ذمته مشغولة به .
مسألة (989) : إذا مات المدين حل الأجل و يخرج الدين من أصل ماله ، وإذا مات الدائن بقي الأجل على حاله و ليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل ، وعلى هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلاً و مات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته ، و هذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل ، و يلحق بموت الزوج طلاقه إذا كان اشتراط التأجيل في أداء الصداق منصرفاً إلى جواز التأخير مع بقاء الزوجية كما لعله الغالب .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 313 ـ
مسألة (990) : إذا فقد المدين دائنه و يئس من الوصول إليه أو إلى ورثته في المستقبل لزمه أن يؤديه إلى الفقير صدقة عنه ، و الأحوط أن يستجيز في ذلك الحاكم الشرعي ، و إن لم يكن الدائن هاشمياً فالأولى أن يؤدي المديون دينه إلى غير الهاشمي ، و أما إذا احتمل الوصول إليه أو إلى ورثته و لم يفقد الأمل في ذلك لزمه الانتظار و الفحص عنه فإن لم يجده أوصى به عند الوفاة حتى يجيء له طالبه ، و إذا كان الدائن مفقوداً عن أهله وجب تسليم دينه إلى ورثته مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين من غيبته ، بل يجوز ذلك بعد مضي أربع سنين إذا فحص عنه في هذه المدة .
مسألة (991) : يصح بيع الدين بمال خارجي و إن كان أقل منه ما لم يستلزم الربا و لا يصح بيعه بدين مثله إذا كانا دينين قبل العقد ، و لا فرق في المنع بين كونهما حين العقد حالين و مؤجلين و مختلفين ، و لو كانا دينين بالعقد بطل في المؤجلين و صح في غيرهما ، و لو كان أحدهما ديناً قبل العقد و الآخر ديناً بالعقد فإن كان الثاني مؤجلاً بطل و إلا بأن كان كلياً في الذمة من دون تأجيل في دفعه صح إلا في بيع المسلم فيه قبل حلوله فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقاً ، و يجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله و من بائعه مطلقاً على تفصيل تقدم .
مسألة (992) : يجوز تعجيل الدين المؤجل بنقصان مع التراضي ، و هو الذي يسمى بـ ( تنزيل الدين ) ، و لا يجوز تأجيل الحال و لا زيادة أجل المؤجل بزيادة لأنه ربا ، و قد يتخلص منه بجعل الزيادة المطلوبة في ثمن مبيع مثلاً و يجعل التأجيل و التأخير إلى أجل معين شرطاً على البائع ، بأن يبيع الدائن من المدين مثلاً ما يساوي عشرة دنانير بخمسة عشر ديناراً على أن لا يطالب المشتري بالدين الذي عليه إلى وقت كذا ، و لكنه لا يخلو عن الإشكال و الأحوط لزوماً الاجتناب عنه ، و مثله ما إذا باع المديون من الدائن
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 314 ـ
ما يكون قيمته خمسة عشر ديناراً بعشرة دنانير شارطاً عليه تأخير الدين إلى وقت كذا .
مسألة (993) : لا تجوز قسمة الدين ، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص متعددة ، كما إذا افترضنا إنهما باعا مالاً مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما دينا على أشخاص ثم قسما الدين بينهما بعد التعديل ، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما و ما في ذمة الباقي للآخر لم يصح ، و يبقى الدين على الاشتراك السابق بينهما ، و لو كان لهما دين مشترك على واحد ففي جواز أن يستوفي أحدهما حصته منه فيتعين له و تبقى حصة الآخر في ذمة المدين إشكال كما مر في كتاب الشركة .
مسألة (994) : يجب على المدين أداء الدين الحال فوراً عند مطالبة الدائن إن قدر عليه و لو ببيع سلعته و متاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه أو استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه أو إجارة أملاكه ، و أما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله و الأداء منه ؟ الأحوط ذلك خصوصاً فيما لا يحتاج إلى تكلف و فيمن شغله التكسب بل وجوبه حينئذٍ لا يخلو من قوة ، نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه المحتاج إليها و لو للتجمل و سيارته و نحو ذلك مما يحتاج إليه و لو بحسب حاله و شؤونه ، و الضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله و شرفه و كان بحيث لولاه لوقع في عسر و شدة أو حزازة و منقصة .
مسألة (995) : لا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد و المتعددة ، فلو كانت عنده دور متعددة و احتاج إلى كل منها لسكناه و لو بحسب حاله و شرفه لم يبع شيئا منها ، و كذلك الحال في السيارة و نحوها ، نعم إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه وجب عليه بيع الزائد أو بيعها و اشتراء ما هو أدون مما يليق بحاله .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 315 ـ
مسألة (996) : إذا كانت له دار مملوكة و كانت بيده دار أخرى يمكنه السكنى فيها ـ كما إذا كانت موقوفة تنطبق عليه ـ و لم يكن في ذلك حرج عليه و لا في معرض قصر يده عنها وجب عليه أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه .
مسألة (997) : إنما لا تباع دار السكنى في أداء الدين ما دام المديون حيا ، فلو مات و لم يترك غير دار سكناه تباع و تصرف في الدين .
مسألة (998) : المقصود من كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبر على بيعها لأدائه و لا يجب عليه ذلك ، و أما لو رضي هو بذلك و قضى به دينه جاز للدائن أخذه و إن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره .
مسألة (999) : لو كانت عنده بضاعة أو عقار زائدة على مستثنيات الدين و لكنها لا تباع إلا بأقل من قيمتها السوقية وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه ، نعم إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار فاحش لا يقبل به العقلاء إلا في حال الضرورة لم يجب .
مسألة (1000) : كما لا يجب على المدين المعسر الأداء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء ، بل عليه الصبر و النظرة إلى الميسرة .
مسألة (1001) : مماطلة الدائن مع القدرة على الأداء حرام ، بل يجب نية القضاء مع عدم القدرة عليه أيضا بأن يكون من قصده الأداء عند التمكن منه .
وهو تمليك مال لآخر بالضمان في الذمة بمثله إن كان مثليا و بقيمته إن كان قيمياً ، و يقال للمتملّك [ المقرض وللمملّك (المقترض) و (المستقرض).
مسألة (1002) : يكره الاقتراض مع عدم الحاجة و تخف كراهته مع
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 316 ـ
الحاجة و كلما خفت الحاجة اشتدت الكراهة ، و كلما اشتدت خفت إلى أن تزول ، و الأحوط لمن لم يكن عنده ما يوفي به دينه و لم يترقب حصوله عدم الاستدانة إلا عند الضرورة أو مع علم المستدان بحاله .
مسألة (1003) : إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة لما فيه من قضاء حاجته و كشف كربته ، و عن النبي صلى الله عليه و آله : من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه ، و عن الصادق عليه السلام : أيما مؤمن نفس عن مؤمن كربة و هو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا و الآخرة ، و عنه عليه السلام أنه قال : و الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه ، و عنه عليه السلام : ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه .
مسألة (1004) : حيث أن القرض عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب كقوله : ( أقرضتك ) و ما يؤدي معناه ، و قبول دال على الرضا بالإيجاب ، و لا يعتبر في عقده العربية بل يقع بكل لغة ، بل الظاهر عدم اعتبار الصيغة فيه فلو دفع مالاً إلى أحد بقصد القرض و أخذه المدفوع بهذا القصد صح قرضاً .
مسألة (1005) : يعتبر في المقرض و المقترض ما يعتبر في المتعاقدين في سائر المعاملات و العقود من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و الرشد و كذا عدم الحجر لفلس في المقرض .
مسألة (1006) : يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً ، فلو كان ديناً أو منفعة لم يصح القرض ، نعم يصح إقراض الكلي في المعين كإقراض درهم من درهمين معينين ، و لا يصح إقراض المبهم كأحد هذين المالين .
مسألة (1007) : يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه ، فلا يصح إقراض الخمر و الخنزير ، و لا يعتبر فيه تعيين مقداره و أوصافه
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 317 ـ
وخصوصياته التي تختلف المالية باختلافها إذا كان مثلياً و لا قيمته إذا كان قيمياً ، نعم على المقترض تحصيل العلم بذلك مقدمة لأدائه ، و هذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض .
مسألة (1008) : يعتبر في القرض القبض ، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلا بعد قبضه ، و لا يتوقف على التصرف .
مسألة (1009) : القرض عقد لازم ليس للمقرض و لا المقترض فسخه حتى ترجع العين المقترضة إلى المقرض لو كانت موجودة ، نعم للمقرض فيما إذا لم يكن القرض مؤجلاً لمصلحة المقترض عدم إنظاره و مطالبته بالأداء و لو قبل قضاء وطره بل و لو قبل مضي زمان يمكن فيه ذلك ، كما أن للمقترض فيما إذا لم يكن القرض مؤجلاً لمصلحة المقرض أن يؤديه إليه و ليس له حق الامتناع من قبوله .
مسألة (1010) : لو كان المال المقترض مثلياً كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض ، و لو كان قيمياً كالغنم و نحوها ثبت في ذمته قيمته وقت التسليم إلى المقترض .
مسألة 1011) : يحرم اشتراط الزيادة على المقترض بأن يقرضه مالاً على أن يؤديه بأزيد مما اقترضه ، سواء اشترطاه صريحاً أو أضمراه بحيث وقع القرض مبنيا عليه ـ و تستثنى من ذلك موارد تقدمت في المسألة 232 ـ ، و هذا هو الربا القرضي المحرم الذي وعدنا ذكره في كتاب البيع ، و حرمته تعم المعطي و الآخذ .
مسألة (1012) : الظاهر أن القرض لا يبطل باشتراط الزيادة ، بل يبطل الشرط فقط ، فيملك المقترض ما يأخذه قرضاً و لا يملك المقرض ما يأخذه من الزيادة ، فلو أخذ الحنطة مثلاً بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله ، و كذا الحال فيما إذا أخذ مالاً بالقرض الربوي ثم اشترى بعينه
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 318 ـ
شيئاً كالثوب ، و أما لو اشترى المقرض شيئاً بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يملكه و لم يجز له التصرف فيه ، نعم إذا كان المعطي راضياً بتصرفه فيما أخذه من الزيادة حتى لو فرض أنه لم يكن بينهما معاملة ربوية جاز له التصرف فيه .
مسألة (1013) : لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة عينية كما إذا أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدي اثني عشر ، أو عملاً كخياطة ثوب له ، أو منفعة أو انتفاعا كالانتفاع بالعين المرهونة عنده ، أو صفة مثل أن يقرضه دراهم فضية مكسورة على أن يؤديها صحيحة ، كما لا فرق فيها بين أن تكون الزيادة راجعة إلى المقرض أو غيره ، فلو قال : أقرضتك ديناراً بشرط أن تهب زيداً أو تصرف في المسجد أو المأتم درهماً لم يجز ، و كذا إذا اشترط عليه أن يعمر المسجد أم يقيم المأتم أو نحو ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه حرام .
وأما اشتراط ما لم يلحظ فيه المال أو ما هو واجب على المقترض فلا بأس به مثل أن يقول : أقرضتك بشرط أن تدعو لي أو تدعو لزيد أو تصلي أو تصوم لنفسك ، أو بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالاً لازم الأداء ، فهذا كله جاز لأن المدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتاً بغير القرض .
مسألة (1014) : إذا أقرضه شيئاً و شرط عليه أن يبيع منه شيئاً بأقل من قيمته أو يؤاجره بأقل من أجرته كان داخلاً في شرط الزيادة فيحرم ، و قد يتخلص منه بأن يبيع المقترض من المقرض مالاً بأقل من قيمته أو يشتري منه شيئاً بأكثر من قيمته و يشترط عليه أن يقرضه مبلغاً معيناً ، و لكن هذا محل إشكال فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه .
مسألة (1015) : إنما تحرم الزيادة مع الشرط ، و أما بدونه فلا بأس به ، بل يستحب ذلك للمقترض ، حيث أنه من حسن القضاء و خير الناس
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 319 ـ
أحسنهم قضاءً ، بل يجوز ذلك إعطاءاً و أخذاً لو كان الإعطاء لأجل أن يراه المقرض حسن القضاء فيقرضه كلما احتاج إلى الاقتراض ، أو كان الإقراض لأجل أن ينتفع من المقترض لكونه حسن القضاء و يكافئ من أحسن إليه بأحسن الجزاء بحيث لولا ذلك لم يقرضه ، نعم يكره أخذه للمقرض خصوصاً إذا كان إقراضه لأجل ذلك ، بل يستحب له أنه إذا أعطاه المقترض شيئاً بعنوان الهدية و نحوها يحسبه عوض طلبه بمعنى أنه يسقط منه بمقداره .
مسألة (1016) : إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض ، و أما إذا شرطها للمقترض فلا بأس به ، كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير ، كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له .
مسألة (1017) : يجوز دفع النقد قرضا إلى تاجر في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر بأقل مما دفعه .
مسألة (1018) : لا يجوز دفع مال إلى أحد في بلد لأخذ أزيد منه في بلد آخر إذا كان المدفوع مما يباع بالكيل أو الوزن كالحنطة و الذهب و الفضة لأنه من الربا ، و لو أعطى الدافع متاعاً أو قام بعمل بأزاء الزيادة جاز ، و لا يجوز أخذ الزيادة في المعدود ـ كالأوراق النقدية ـ قرضاً ، و يجوز ذلك بيعاً إلا في البيع نسيئة مع الاتحاد في الجنس فإن جوازه محل إشكال كما مر في محله .
مسألة (1019) : المال المقترض إن كان مثلياً كالدراهم و الدنانير و الحنطة و الشعير كان وفاؤه و أداؤه بإعطاء ما يماثله في الصفات من جنسه سواء أ بقي على سعره الذي كان له وقت الاقتراض أم ترقى أم تنزل .
وهذا هو الوفاء الذي لا يتوقف على التراضي ، فللمقرض أن يطالب المقترض به و ليس له الامتناع و لو ترقى سعره عما أخذه بكثير ، كما إن المقترض لو أعطاه للمقرض ليس له الامتناع و لو تنزل بكثير .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 320 ـ
ويمكن أن يؤدى بالقيمة أو بغير جنسه بأن يعطي بدل الدراهم دنانير مثلاً أو بالعكس ، و لكن هذا النحو من الأداء يتوقف على التراضي ، فلو أعطى بدل الدراهم دنانير فللمقرض الامتناع من أخذها و لو تساويا في القيمة ، بل و لو كانت الدنانير أغلى ، كما أنه لو أراده المقرض كان للمقترض الامتناع و إن تساويا في القيمة أو كانت الدنانير أقل قيمة .
هذا إذا كان المال المقترض مثلياً و أما إذا كان قيمياً فقد مر أنه تشتغل ذمة المقترض بالقيمة ، و إنما تكون بالنقود الرائجة ، فأداؤه الذي لا يتوقف على التراضي يكون بإعطائها ، و يمكن أن يؤدى بجنس آخر من غير النقود بالقيمة لكنه يتوقف على التراضي .
و لو كانت العين المقترضة موجودة فأراد المقرض أداء الدين بإعطائها أو أراد المقترض ذلك فالظاهر جواز امتناع الآخر .
مسألة (1020) : يجوز في قرض المثلي أن يشترط المقرض على المقترض أن يؤديه من غير جنسه ، بأن يؤدي عوض الدراهم مثلا دنانير و بالعكس ، و يلزم عليه ذلك بشرط أن يكونا متساويين في القيمة أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه .
مسألة (1021) : لو شرط التأجيل في القرض صح و لزم العمل به و كان كسائر الديون المؤجلة و قد مر حكمها في المسألة ( 985 ) .
مسألة (1022) : لو اشترط في القرض أداؤه في مكان معين صح و لزم العمل به ، فلو طالب المقرض به في غير ذلك المكان لم يلزم على المقترض القبول ، كما أنه لو أداه المقرض في غيره لم يلزم على المقرض القبول ، هذا إذا كان الشرط حقاً لهما معاً ، أو لأحدهما و لم يسقطه و أما إذا أسقطه كان كأن لم يشترط ، و سيأتي حكمه .
مسألة (1023) : في حكم الاشتراط وجود قرينة حالية أو مقالية على
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 321 ـ
تعيين مكان التسليم كبلد القرض أو غيره ، و مع فقدها فإن وجدت قرينة صارفة عن بعض الأمكنة بالخصوص ـ و لو كانت هي لزوم الضرر و الاحتياج إلى المؤنة في الحمل إليه ـ كان ذلك في حكم تعيين غيره و لو إجمالاً ، و حينئذٍ فالأحوط لهما التراضي و إن كان الأظهر وجوب الأداء على المقترض لو طالبه المقرض في أي مكان غيره و وجوب القبول على المقرض لو أداه المقترض في أي مكان كذلك .
مسألة (1024) : يجوز أن يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل ، و كل شرط سائغ لا يكون فيه النفع المالي للمقرض و لو كان مصلحة له .
مسألة (1025) : إذا اقترض دنانير ذهبية مثلاً ثم أسقطتها الحكومة عن الاعتبار و جاءت بنقد آخر غيرها كانت عليه الدنانير الأولى ، و لو اقترض شيئاً من الأوراق النقدية المسماة بـ ( إسكناس ) ثم أسقط عن الاعتبار لم تفرغ ذمة المقترض بأدائه بل عليه قيمته قبل زمن الإسقاط .
مسألة (1026) : إذا أخذ الربا في القرض و كان جاهلاً ـ سواء أ كان جهله بالحكم أم بالموضوع ـ ثم علم بالحال فإن تاب حل له ما أخذه حال الجهل و عليه أن يتركه فيما بعد ، و لا فرق في ذلك بين كون الطرف الآخر عالماً بالحال و جاهلاً به .
مسألة (1027) : إذا ورث مالاً فيه الربا ، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شيء ، و إن كان معلوماً و معروفاً وعرف صاحبه رده إليه و إن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 325 ـ
الرهن هو : ( جعل وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة ) .
مسألة (1028) : الرهن عقد مركب من إيجاب من الراهن و قبول من المرتهن ، و لا يعتبر فيهما اللفظ بل يتحققان بالفعل أيضاً ، فلو دفع المديون مالاً للدائن بقصد الرهن و أخذه الدائن بهذا القصد كفى .
مسألة (1029) : يعتبر في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم كون الراهن سفيهاً و لا محجوراً عليه لفلس إلا إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها .
مسألة (1030) : يجوز لولي الطفل و المجنون رهن مالهما و الارتهان لهما مع المصلحة و الغبطة .
مسألة (1031) : لا يعتبر في صحة الرهن القبض على الأظهر و إن كان هو الأحوط ، نعم مقتضى إطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن إلا أن يشترط في كونها بيد ثالث أو بيد الراهن ما لم يناف التأمين المقوم له .
مسألة (1032) : يعتبر في المرهون أن يكون عيناً خارجية مملوكة يجوز بيعها و شراؤها فلا يصح رهن الدين قبل قبضه و لا المنفعة و لا الحر و لا الخمر و الخنزير و لا الأرض الخراجية و لا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد العود و لا الوقف و لو كان خاصاً إلا مع وجود أحد مسوغات بيعه .
مسألة (1033) : يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها و لو بالرهن فقط ، فإذا رهن مملوك الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك ، و لو ضمه إلى مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه و توقف في الضميمة على إجازة مالكها .