مسألة (1034) : لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية صح رهن ما فيها مستقلاً ، و أما رهن أرضها و لو بعنوان التبعية ففي صحته إشكال بل منع .
مسألة (1035) : لا يعتبر أن يكون الرهن ملكاً لمن عليه الدين ، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين شخص آخر تبرعاً و لو من غير إذنه ، بل و لو مع نهيه ، و كذا يجوز للمديون أن يستعير شيئاً ليرهنه على دينه على ما تقدم في كتاب العارية ، و لو عين له المعير أن يرهنه على حق مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معين لم يجز له مخالفته ، و لو أذن له في الرهن مطلقاً جاز له الجميع و تخير .
مسألة (1036) : لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع إليه الفساد قبل الأجل من دون أن يمكن دفعه عنه كتجفيف الثمر فإن شرط بيعه قبل أن يطرأ عليه الفساد و جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين صح الرهن و يبيعه الراهن أو يوكل المرتهن في بيعه ، و إن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله و مع فقده باعه المرتهن فإذا بيع جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين ، و أما لو شرط عدم البيع إلا بعد الأجل بطل الرهن و كذا لو أطلق و لم يشترط البيع و لا عدمه على الأقرب .
ولو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فعرض ما صيره عرضة للفساد كالحنطة تبتل و لم يمكن دفع الفساد عنه فالظاهر انفساخ الرهن أيضاً .
مسألة (1037) : يعتبر في المرهون كونه معيناً ، فلا يصح رهن المبهم كأحد هذين ، نعم يصح رهن الكلي في المعين كصاع من صبرة و شاة من هذا القطيع ، كما أن الظاهر صحة رهن المجهول حتى من حيث الجنس و النوع إذا كان معلوماً من حيث القيمة و المالية بحد يتحقق معه التأمين المقوم للرهن .
مسألة (1038) : يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 327 ـ
لتحقق موجبه من اقتراض أو إسلاف مال أو شراء نسيئة أو استئجار عين بالذمة و غير ذلك حالاً كان الدين أو مؤجلاً ، فلا يصح الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد ، فلو رهن شيئاً على ما يقترض ثم اقترض لم يصر بذلك رهناً ، و لا على الدية قبل استقرارها بتحقق الموت و إن علم أن الجناية تؤدي إليه ، و لا على مال الجعالة قبل تمام العمل .
مسألة (1039) : كما يصح في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر ، كذلك يصح أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمة الأجير .
مسألة (1040) : يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة و العارية المضمونة و نحوهما ، و أما عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح و غيرها لو خرجت مستحقة للغير ففي صحة الرهن عليها إشكال .
مسألة (1041) : لو اشترى شيئاً بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهناً على الثمن .
مسألة (1042) : لو رهن على دينه رهناً ثم استدان مالاً آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهناً على الثاني أيضاً ، و كان رهناً عليهما معاً ، سواء كان الثاني مساوياً للأول في الجنس و القدر أو مخالفاً ، و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع إلى ما شاء ، و كذا إذا رهن شيئاً على دين جاز أن يرهن شيئاً آخر على ذلك الدين و كانا جميعاً رهناً عليه .
مسألة (1043) : لو رهن شيئاً عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضاً باتفاق من المرتهنين كان رهناً على الحقين إلا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأول و كونه رهناً على خصوص الدين الثاني .
مسألة (1044) : لو استدان اثنان من واحد كل منهما ديناً ثم رهنا عنده مالاً مشتركا بينهما و لو بعقد واحد ثم قضى أحدهما دينه انفكت حصته عن
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 328 ـ
الرهانة و صارت طلقاً ، و لو كان الراهن واحداً و المرتهن متعدداً ـ بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئاً عندهما بعقد واحد ـ فكل منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين ، و مع التفاوت فالظاهر التقسيط و التوزيع بنسبة حقهما ، فإن قضى دين أحدهما انفك عن الرهانة ما يقابل حقه .
هذا كله في التعدد ابتداءً ، و أما التعدد الطارئ فالظاهر أنه لا عبرة به ، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفك نصيب أحدهما بأداء حصته من الدين ، كما أنه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطي أحدهما نصيبه من الدين لم ينفك بمقداره من الرهن .
مسألة (1045) : توابع العين المرهونة كالحمل و الصوف و الشعر و الوبر و اللبن في الحيوان ، و الثمرة و الأوراق و الأغصان اليابسة في الشجر لا تكون رهناً بتبع الأصل إلا إذا اشترط ذلك صريحاً أو كانت قرينة عليه من تعارف أو غيره ، بلا فرق في ذلك بين الموجود منها حين العقد و المتجدد منها بعده .
مسألة (1046) : الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن فليس للراهن انتزاعه بدون رضاه إلا أن يسقط حقه من الارتهان أو ينفك الرهن بفراغ ذمة الراهن من الدين بالأداء أو غير ذلك ، و لو برئت ذمته من بعض الدين فالظاهر بقاء الجميع رهناً على ما بقي ، إلا إذا اشترطا التوزيع فينفك منه على مقدار ما برأ منه و يبقى رهناً على مقدار ما بقي ، أو شرطا كونه رهناً على المجموع من حيث المجموع فينفك الجميع بالبراءة عن بعض الدين .
مسألة (1047) : يجوز لمالك العين المرهونة سواء أ كان هو الراهن أم غيره أن يتصرف فيها بما لا ينافي حق الرهانة بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليتها أو مخرجاً لها عن ملكه ، فيجوز له الانتفاع من الدابة بركوبها و من الكتاب بمطالعته و من الدار بسكناها بل يجوز له أن يسكن غيره
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 329 ـ
فيها و نحو ذلك ، و أما التصرف المتلف أو المنقص لماليتها كاستعمال ما تنقص قيمته بالاستعمال أو إيجار الدار على نحو تكون مسلوبة المنفعة على تقدير الحاجة إلى بيعها لاستيفاء الدين من ثمنها فغير جائز إلا بإذن المرتهن ، و كذلك التصرف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنه لا يجوز إلا بإذنه ، و إن وقع توقفت صحته على إجازته فإن أجاز بطل الرهن ، و لو أذن في بيعها على أن يجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين فلم يفعل بطل البيع إلا أن يجيزه .
مسألة (1048) : لا يجوز للمرتهن التصرف في العين المرهونة بدون إذن مالكها ـ من الراهن أو غيره ـ فلو تصرف فيها بركوب أو سكنى أو نحوهما ضمن العين لو تلفت أو تعيبت تحت يده للتعدي و لزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة ، و لو كان ببيع و نحوه أو بإجارة و نحوها وقع فضولياً فإن أجازه المالك صح و إن لم يجز كان فاسداً .
مسألة (1049) : لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الأجل بإذن مالكها ففي كون ثمنها كالأصل في استيفاء الدين منه إشكال بل منع ، و كذلك لو باعها فأجازه المالك .
مسألة (1050) : منافع الرهن كالسكنى و الخدمة و كذا نماءاته المنفصلة كالنتاج و الثمر و الصوف و الشعر و الوبر و المتصلة كالسمن و الزيادة في الطول و العرض كلها لمالكه ـ سواء أ كان هو الراهن أو غيره ـ دون المرتهن من غير فرق فيها بين ما كانت موجودة حال الارتهان و ما وجدت بعده .
مسألة (1051) : لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل أداء الدين صح ، و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدة ، و إذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة و إن برئت ذمة الراهن من الدين .
مسألة (1052) : لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح ، فلو كان
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 330 ـ
الدين مؤجلاً و أدركت الثمرة قبل حلول الأجل ، فإن لم تكن في معرض الفساد إلى حينه فلا إشكال و إلا كان حكمها حكم ما يتسرع إليه الفساد قبل الأجل و قد تقدم في المسألة ( 1036 ) .
مسألة (1053) : إذا حان زمان قضاء الدين و طالبه الدائن فلم يؤده جاز له بيع العين المرهونة و استيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع و استيفاء دينه منه ، و إلا لزم استجازته فيهما ، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعي على الأحوط ، و إذا امتنع من الإجازة رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن تعذر على الحاكم إلزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير و لو كان هو المرتهن نفسه ، و مع فقد الحاكم أو عدم اقتداره على الإلزام بالبيع و على البيع عليه لعدم بسط اليد باعها المرتهن بنفسه مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط إن أمكن ، و على كل حال لو باعها و زاد الثمن على الدين كان الزائد عنده أمانة شرعية يوصله إلى صاحبه .
مسألة (1054) : لو وفى بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه و بقي الباقي أمانة عنده ، إلا إذا لم يمكن التبعيض و لو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكل .
مسألة (1055) : إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه و استيفاء طلبه منه كسائر الرهون .
مسألة (1056) : لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حياً .
مسألة (1057) : لو رهن ماله و أوصى إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة و يستوفي حقه منها لزمت الوصية و ليس للوارث إلزامه برد العين و استيفاء دينه من مال آخر .
مسألة (1058) : إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه و خاف
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 331 ـ
أن يجحده الراهن لو اعترف بالرهن عند الحاكم فيؤخذ منه بموجب اعترافه و يطالب بالبينة على حقه جاز له بيع الرهن مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط ، و كذا لو مات الراهن و خاف المرتهن جحود الوارث .
مسألة (1059) : المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مفلساً أو مات و عليه ديون الناس ، و لو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل ، و لو فضل من الرهن و له دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه .
مسألة (1060) : الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و لا تفريط ، نعم لو كان في يده مضموناً لكونه مغصوباً أو عارية مضمونة مثلا ثم ارتهن عنده لم يزل الضمان ، إلا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان على الأقوى ، و إذا انفك الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة مالكية في يده على تفصيل تقدم في كتاب الوديعة .
مسألة (1061) : لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورثهم و ينتقل إلى ورثة المرتهن حق الرهانة ، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك فإن اتفقوا على أمين و إلا سلمه الحاكم إلى من يرتضيه ، و إن فقد الحاكم فعدول المؤمنين .
مسألة (1062) : إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن و قد ظهرت له أمارات الموت وجب عليه الاستيثاق من عدم ضياع حق مالكها و لو بالوصية بها و تعيين المرهون و الراهن و الاستشهاد على ذلك ، و لو لم يفعل كان مفرطاً و عليه ضمانها .
مسألة (1063) : لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات و علم بعدم بقائه في تركته و لكن احتمل أنه قد رده إلى مالكه أو أنه باعه و استوفى ثمنه أو أنه
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 332 ـ
تلف عنده بتقصير منه أو بغيره لم يحكم بكونه في ذمته بل يحكم بكون جميع تركته للورثة من دون حق لمالك الرهن فيها ، و هكذا الحال فيما لو احتمل بقاءه في تركته و لم يعلم ذلك لا تفصيلاً و لا إجمالاً فإنه لا يحكم ببقائه فيها مطلقاً على الأظهر .
مسألة (1064) : لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن و ديناراً آخر منه بلا رهن ثم دفع إليه دينارا بنية الأداء و الوفاء .
فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط و انفك رهنه ، و إن نوى كونه عن الآخر سقط و لم ينفك الرهن ، و إن لم يقصد إلا أداء دينار من الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره حسب ما دفعه أداءً لغير ذي الرهن و يبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفك رهنه إلا بأدائه .
مسألة (1065) : تقدم أن المرتهن أمين لا يضمن من دون تعدٍ و لا تفريط و يضمن معه لمثله إن كان مثلياً و إلا فلقيمته يوم التلف ، و القول قوله مع يمينه في قيمته و عدم التعدي و التفريط و قول الراهن مع يمينه في قدر الدين ، بشرط عدم مخالتفهما للظاهر كما مر في نظائره .
مسألة (1066) : إذا اختلفا فادعى المالك أن المال كان وديعة و ادعى القابض أنه كان رهناً ، فإن كان الدين ثابتاً فالقول قول القابض بيمينه و إلا فالقول قول المالك .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 335 ـ
والمقصود به كون الشخص ممنوعا في الشرع عن التصرف في ماله بسبب من الأسباب ، و هي كثيرة أهمها أمور :
1 ـ الصغر :
مسألة (1067) : الصغير و هو الذي لم يبلغ حد البلوغ محجور عليه شرعاً لا تنفذ تصرفاته الاستقلالية في أمواله ببيع و صلح و هبة و إقراض و إجارة و إيداع و إعارة و غيرها و إن كان في كمال التمييز و الرشد و كان التصرف في غاية الغبطة و الصلاح ، بل لا يجدي في الصحة إذن الولي سابقاً كما لا تجدي إجازته لاحقاً على المشهور ، و يستثنى من ذلك موارد ، منها : الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها كما تقدم في المسألة ( 62 ) ، و منها : وصيته لذوي أرحامه و في الميراث و الخيرات العامة كما سيأتي في المسألة ( 1354 ).
مسألة (1068) : كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته ، فلا يصح منه الاقتراض و لا البيع و الشراء في الذمة بالسلم و النسيئة و إن كان وقت الأداء مصادفاً لزمان البلوغ ، و كذلك بالنسبة إلى نفسه فلا ينفذ منه التزويج و لا الطلاق ـ على كلام في طلاق البالغ عشراً يأتي في محله ـ و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملاً في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك ، نعم يجوز حيازته المباحات بالاحتطاب و الاحتشاش و نحوهما و يملكها بالنية ، بل و كذا يملك الجعل في الجعالة بعمله و إن لم يأذن له الولي فيهما .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 336 ـ
مسألة (1069) : علامة البلوغ في الأنثى إكمال تسع سنين هلالية ، و في الذكر أحد الأمور الثلاثة :
الأول : نبات الشعر الخشن على العانة ، و لا اعتبار بالزغب و الشعر الضعيف.
الثاني : خروج المني ، سواء خرج يقظة أو نوماً بجماع أو احتلام أو غيرهما .
الثالث : إكمال خمس عشرة سنة هلالية على المشهور.
مسألة (1070) : لا يبعد كون نبات الشعر الخشن في الخد و في الشارب علامة للبلوغ ، و أما نباته في الصدر و تحت الإبط ، و كذا غلظة الصوت و نحوهما فليست أمارة عليه .
مسألة (1071) : لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي ، بل لابد معه من الرشد و عدم السفه بالمعنى الآتي .
مسألة (1072) : ولاية التصرف في مال الطفل و النظر في مصالحه و شؤونه لأبيه و جده لأبيه ، و مع فقدهما للقيم من أحدهما ، و هو الذي أوصى أحدهما بأن يكون ناظراً في أمره ، و مع فقد الوصي تكون الولاية و النظر للحاكم الشرعي ، و أما الأم و الجد للأم و الأخ فضلاً عن الأعمام و الأخوال فلا ولاية لهم عليه بحال ، نعم الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنين مع فقد الحاكم و لسائر المؤمنين مع فقدهم .
مسألة (1073) : لا تشترط العدالة في ولاية الأب و الجد ، فلا ولاية للحاكم مع فسقهما ، لكن متى ظهر له و لو بقرائن الأحوال تعديهما على حقوق المولى عليه في نفسه أو ماله منعهما من التصرف ، و لا يجب عليه الفحص عن عملهما و تتبع سلوكهما .
مسألة (1074) : الأب و الجد مشتركان في الولاية ، فينفذ تصرف
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 337 ـ
السابق منهما و يلغى تصرف اللاحق ، و لو اقترنا فالأقوى بطلانهما إلا في النكاح فيقدم عقد الجد.
مسألة (1075) : لا فرق في الجد بين القريب و البعيد ، فلو كان له أب و جد و أب الجد و جد الجد اشتركوا كلهم في الولاية .
مسألة (1076) : يعتبر في نفوذ تصرف الأب و الجد عدم المفسدة فيه ، و أما غيرهما من الأولياء من الوصي و الحاكم و عدول المؤمنين فنفوذ تصرفاتهم مشروط بالغبطة و الصلاح كما تقدم في كتاب البيع.
مسألة (1077) : يجوز للولي المضاربة بمال الطفل و إبضاعه بشرط وثاقة العامل و أمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن .
مسألة (1078) : يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة أو إلى من يعلمه القراءة و الخط و الحساب و العلوم النافعة لدينه و دنياه ، و يلزم عليه أن يصونه عما يفسد أخلاقه فضلاً عما يضر بعقائده .
مسألة (1079) : يجوز لولي اليتيم إن يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيوزع المصارف عليهم على الرؤوس ، و يختص هذا بالمصارف التي يتشارك فيها أفراد العائلة الواحدة عادة و لا يفرد لصنف منهم أو لكل واحد مصرفاً مستقلاً كالمأكل و المشرب و كذا المسكن و شؤونه المتعارفة ، و أما غيرها كالكسوة و ما يشبهها فلابد من إفراده فيه و لا يحسب عليه إلا ما يصرف منه عليه مستقلاً ، و هكذا الحال في اليتامى المتعددين فيجوز لمن يتولى الإنفاق عليهم أن يخلطهم فيما هو من قبيل المأكول و المشروب و يوزع المصارف عليهم على الرؤوس دون غيره فإنه يحسب على كل واحد ما يصرف عليه مستقلاً .
مسألة (1080) : إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة ، لكن لا يحل على المتصالح باقي المال و ليس
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 338 ـ
للولي إسقاطه بحال .
مسألة (1081) : ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف و لا بالتقتير ملاحظاً في طعامه و كسائه و غيرهما ما يليق بشأنه .
مسألة (1082) : لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق و أنكر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو مقداره و كيفيته فالقول قول الولي بيمينه ـ ما لم يكن مخالفاً للظاهر ـ إلا أن يكون مع الصبي البينة.
2 ـ الجنون :
مسألة (1083) : لا ينفذ تصرف المجنون إلا في أوقات إفاقته ، و حكمه حكم الصغير في جميع ما تقدم ، نعم في ولاية الأب و الجد و وصيهما عليه إذا تجدد جنونه بعد بلوغه و رشده أو كونها للحاكم إشكال ، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً .
3 ـ السفه :
السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله و الاعتناء بحاله يصرفه في غير موقعه و يتلفه بغير محله ، و ليس معاملاته مبنية على المكايسة و التحفظ عن المغابنة ، لا يبالي بالانخداع فيها ، يعرفه أهل العرف و العقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجاً عن طورهم و مسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلاً و صرفاً .
مسألة (1084) : السفيه محجور عليه شرعاً لا ينفذ تصرفاته في ماله ببيع و صلح و إجارة و إيداع و عارية و غيرها ، و لا يتوقف حجره على حكم الحاكم على الأقوى ، و لا فرق بين أن يكون سفهه متصلاً بزمان صغره أو تجدد بعد البلوغ ، فلو كان سفيهاً ثم حصل له الرشد ارتفع حجره ، فإن عاد إلى حالته السابقة حجر عليه ، و لو زالت فك حجره ، و لو عاد عاد الحجر عليه و هكذا ، و لا يزول الحجر مع فقد الرشد و إن طعن في السن.
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 339 ـ
مسألة (1085) : ولاية السفيه للأب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيهاً ، و أما من طرأ عليه السفه بعد البلوغ ففي كون الولاية عليه للجد و الأب أيضاً أو للحاكم خاصة إشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً .
مسألة (1086) : كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته ، بأن يتعهد مالاً أو عملاً ، فلا يصح اقتراضه و ضمانه و لا بيعه و شراؤه بالذمة و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملاً في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة و غير ذلك .
مسألة (1087) : معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله ، فلو كان بإذن الولي أو إجازته صح و نفذ ، نعم في العتق و نحوه مما لا يجري فيه الفضولية يشكل صحته بالإجازة اللاحقة من الولي ، و لو أوقع معاملة في حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها كانت كإجازة الولي.
مسألة (1088) : لا يصح زواج السفيه بدون إذن الولي أو إجازته على الأحوط ، لكن يصح طلاقه و ظهاره و خلعه ، كما تصح وصيته في غير أمواله كتجهيزه و نحوه ، و يقبل إقراره إذا لم يتعلق بالمال كما لو أقر بالنسب أو بما يوجب القصاص و نحو ذلك ، و لو أقر بالسرقة يقبل في القطع دون المال.
مسألة (1089) : لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلاً جاز و لو كان وكيلاً في أصل المعاملة لا في مجرد إجراء الصيغة .
مسألة (1090) : إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شيء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه و نذره ، و لو حنث كفر كسائر ما أوجب الكفارة كقتل الخطأ و الإفطار في شهر رمضان ، و هل يتعين عليه الصوم لو تمكن منه أو يتخير بينه و بين كفارة مالية كغيره ؟ وجهان أحوطهما الأول ، نعم لو لم يتمكن من الصوم تعين غيره ، كما إذا فعل ما يوجب الكفارة المالية على التعيين كما في كثير من كفارات الإحرام .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 340 ـ
مسألة (1091) : لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه بخلاف الدية و أرش الجناية.
مسألة (1092) : إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلاً من السفيه و لم ير المصلحة في إجازته ، فإن لم يقع إلا مجرد العقد ألغاه ، و إن وقع تسليم و تسلم للعوضين فما سلمه إلى الطرف الآخر يسترده و يحفظه ، و ما تسلمه و كان موجوداً يرده إلى مالكه و إن كان تالفاً ضمنه السفيه ، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير إذن من مالكه و إن كان بإذن منه و تسليمه لم يضمنه إلا مع إتلافه إياه ، نعم يقوى الضمان في صورة التلف أيضاً لو كان المالك الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله ، و كذا الحال فيما لو اقترض السفيه و أتلف المال.
مسألة (1093) : لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى ، سواء علم المودع بحاله أو جهل بها ، نعم لو تلفت عنده لم يضمنها حتى مع تقصيره في حفظها إذا كان المودع عالماً بحاله .
مسألة (1094) : لا يسلم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده ، و إذا اشتبه حاله يختبر بأن يفوض إليه مدة معتد بها بعض الأمور مما يناسب شأنه كالبيع و الشراء و الإجارة و الاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الأمور و الرتق و الفتق في بعض الأمور مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه أو مصالح الولي و نحو ذلك فيمن يناسبه ذلك ، فإن أنس منه الرشد ـ بأن رأى منه المداقة و المكايسة و التحفظ عن المغابنة في معاملاته و صيانة المال من التضييع و صرفه في موضعه و جريه مجاري العقلاء ـ دفع إليه ماله و إلا فلا .
مسألة (1095) : الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ فالأحوط اختباره قبله ليسلم إليه ماله بمجرد بلوغه لو أنس منه الرشد ، و إلا لزم في كل زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده ، و أما غيره فإن ادعى حصول الرشد له و احتمله الولي يجب اختباره ، و إن لم يدع حصوله ففي
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 341 ـ
وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال إشكال بل لا يبعد عدمه .
مسألة (1096) : يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم ، و في النساء بشهادة الرجال ، و في ثبوته بشهادة رجل و امرأتين أو بشهادة النساء منفردات إشكال .
4 ـ الفلس :
المفلس هو الذي حجر عليه أي منع من التصرف بماله لقصوره عن ديونه .
مسألة (1097) : من كثرت عليه الديون و لو كانت أضعاف أمواله يصح له التصرف فيها بأنواعه و ينفذ أمره فيها بأصنافه و لو بإخراجها جميعاً عن ملكه مجاناً أو بعوض ما لم يحجر عليه الحاكم الشرعي ، نعم لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلاً لأجل الفرار من أداء الديون تشكل الصحة ، خصوصاً فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب و نحوه .
مسألة (1098) : لا يجوز الحجر على المفلس إلا بشروط أربعة :
الأول : أن تكون ديونه ثابتة شرعاً .
الثاني : أن تكون أمواله من عروض و نقود و منافع و ديون على الناس ما عدا مستثنيات الدين قاصرة عن ديونه .
الثالث : أن تكون الديون حالة ، فلا يحجر عليه لأجل الديون المؤجلة و أن لم يف ماله بها لو حلت ، و لو كان بعضها حالاً و بعضها مؤجلاً فإن قصر ماله عن الحالة يحجر عليه و إلا فلا .
الرابع : أن يرجع الغرماء كلهم أو بعضهم إلى الحاكم و يطلبوا منه الحجر عليه ، فليس للحاكم أن يتبرع بالحجر عليه أو عند طلبه نفسه ، نعم إذا كان الدين لمن يكون الحاكم وليهم كاليتيم و المجنون جاز له الحجر عليه مع مراعاة مصلحتهم .
مسألة (1099) : يعتبر في الحجر عليه بطلب بعض الغرماء أن يكون
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 342 ـ
دينه بمقدار يجوز الحجر به عليه و إن عم الحجر حينئذٍ له و لغيره من ذي الدين الحال الذي يستحق المطالبة به .
مسألة (1100) : إذا حجر الحاكم على المفلس تعلق حق الغرماء بأمواله عيناً كانت أم ديناً ، و لا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع و الإجارة و بغير عوض كالوقف و الهبة و الإبراء إلا بإذنهم أو إجازتهم .
مسألة (1101) : إذا اشترى شيئاً بخيار ثم حجر عليه جاز له إسقاط خياره و أما جواز فسخه فمحل إشكال .
مسألة (1102) : إنما يمنع الحجر عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه دون الأموال المتجددة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث أو باختياره بمثل الاحتطاب و الاصطياد و قبول الوصية و الهبة و نحو ذلك ، نعم لا إشكال في جواز تجديد الحجر عليها إذا كانت مع الأموال السابقة قاصرة عن ديونه و إلا بطل الحجر .
مسألة (1103) : لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض و البائع الغرماء ، و لو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء و كذا لو أقر بدين سابق أو بعين ، نعم ينفذ الإقرار في حق نفسه فلو سقط حق الغرماء عن العين و انفك الحجر لزمه تسليمها إلى المقر له أخذاً بإقراره .
مسألة (1104) : إذا حكم الحاكم بحجر المفلس أمره ببيع أمواله بالاتفاق مع غرمائه و قسمتها بينهم بالحصص و على نسبة ديونهم ، فإن أبى باعها عليه بالاتفاق معهم و قسمها كذلك و يزول الحجر عنه بالتقسيم و الأداء ، و يستثنى من أمواله مستثنيات الدين و قد مرت في كتاب الدين ، و كذا أمواله المرهونة عند الديان لو كانت ، فإن المرتهن أحق باستيفاء حقه من العين المرهونة و لا يحاصه فيها سائر الغرماء إلا في المقدار الزائد منها على
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 343 ـ
دينه كما مر في كتاب الرهن.
مسألة (1105) : إذا كان من جملة مال المفلس عين اشتراها و كان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع و يأخذ عين ماله و بين الضرب مع الغرماء بالثمن و لو لم يكن له مال سواها .
مسألة (1106) : الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور ، فله أن لا يبادر بالفسخ و الرجوع في العين ، نعم ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث يعطل أمر التقسيم على الغرماء ، فإذا وقع منه ذلك خيره الحاكم بين الأمرين ، فإن امتنع عن اختيار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن .
مسألة (1107) : يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين فلا رجوع لو كان مؤجلاً و لم يحل قبل القسمة و أما مع حلوله قبلها فله ذلك على الأقرب.
مسألة (1108) : لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع أن يرجع إليها على الأظهر.
مسألة (1109) : المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض ، و أما المؤجر فهل له فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة ؟ فيه إشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه .
مسألة (1110) : لو باع شقصاً و فلس المشتري كان للشريك الأخذ بالشفعة و يضرب البائع مع الغرماء في الثمن .
مسألة (1111) : لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع إلى الموجود بحصته من الدين و الضرب بالباقي مع الغرماء كما إن لهما الضرب بتمام الدين معهم .
مسألة (1112) : لو حصلت العين المبيعة أو المقترضة زيادة منفصلة كالولد و نحوه فهي للمشتري و المقترض و ليس للبائع و المقرض إلا الرجوع إلى الأصل ، و أما لو حصلت لها زيادة متصلة فإن كانت غير قابلة للإنفصال
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 344 ـ
كالسمن و الطول فهي تابعة للعين فيرجع البائع أو المقترض إلى العين كما هي إلا إذا كانت كثيرة كما سيأتي ، و إن كانت قابلة له كالصوف و الثمرة و نحوهما ففي التبعية إشكال و الأظهر عدمها .
مسألة (1113) : إذا زرع الحب أو استفرخ البيض لم يكن للبائع أو المقرض الرجوع إلى الزرع أو الفرخ ، و كذا في كل مورد حصل تغير في المبيع أو المال المقترض بحيث لا يصدق أنه عين ماله و إن كان ذلك بسبب حصول نماء متصل فيه غير قابل للانفصال كما لو باعه الفرخ في أول خروجه من البيض فصار دجاجاً فإن ذلك يمنع من الرجوع فيه ، نعم لا يمنع منه حدوث صفة أو ما بحكمها فيه و إن أوجبت زيادة قيمته السوقية.
مسألة (1114) : لو اشترى ثوباً فقصره و صبغه لم يبطل حق البائع في العين ، و أما لو اشترى غزلاً فنسجه أو دقيقاً فخبزه فالأظهر بطلان حقه فيهما .
مسألة (1115) : لو تعيبت العين عند المشتري مثلاً ، فإن كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي بدل الثمن و أن يضرب بالثمن مع الغرماء ، و كذا لو كان بفعل البائع أو الأجنبي على الأقرب.
مسألة (1116) : لو اشترى أرضاً فأحدث فيها بناء أو غرساً ثم فلس كان للبائع الرجوع إلى أرضه لكن البناء و الغرس للمشتري فإن تراضيا على البقاء مجاناً أو بعوض جاز و إن لم يرض البائع بالبقاء قيل : إن له إجبار المشتري على القلع و الهدم و ليس للمشتري إجباره على البقاء و لو بأجرة ، و لكنه لا يخلو عن إشكال ، و لو أراد المشتري القلع أو الهدم فليس للبائع إجباره على البقاء و لو مجاناً بلا إشكال .
مسألة (1117) : إذا خلط المشتري ما اشتراه بمال آخر على نحو يعد معه تالفاً أو موجباً للشركة في الخليط فالأظهر سقوط حق البائع في العين فيضرب مع الغرماء في الثمن.
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 345 ـ
مسألة (1118) : غريم الميت كغريم المفلس ، فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع إليه ، لكن بشرط أن يكون ما تركه وافياً بدين الغرماء ، و إلا فليس له ذلك بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم و إن كان الميت قد حجر عليه .
مسألة (1119) : إذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون و كذلك الخمس و إذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.
مسألة (1120) : يجري على المفلس إلى يوم قسمة ماله نفقته و كسوته و نفقة و كسوة من يجب عليه نفقته و كسوته على ما جرت عليه عادته ، و لو مات قدم كفنه بل و سائر مؤن تجهيزه من السدر و الكافور و ماء الغسل و نحو ذلك على حقوق الغرماء و يقتصر على الواجب على الأحوط ، و إن كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لا يخلو من قوة .
مسألة (1121) : لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر نقضت القسمة و شاركهم .
5 ـ مرض الموت :
مسألة (1122) : المريض إذا لم يتصل مرضه بموته فهو كالصحيح يتصرف في ماله بما شاء و كيف شاء و ينفذ جميع تصرفاته في جميع ما يملكه إلا فيما أوصى بأن يصرف شيء بعد موته فإنه لا ينفذ فيما زاد على ثلث ما يتركه ، كما أن الصحيح أيضاً كذلك و سيأتي تفصيل ذلك في محله .
وأما إذا اتصل مرضه بموته فلا إشكال في عدم نفوذ وصيته بما زاد على الثلث كغيره ، كما أنه لا إشكال في جواز انتفاعه بماله بالأكل و الشرب و الإنفاق على نفسه و من يعوله و الصرف على أضيافه و في حفظ شأنه و اعتباره و غير ذلك مما يليق به و لا يعد سرفاً و تبذيراً أي مقدار كان ، و كذا لا إشكال في نفوذ تصرفاته المعاوضية المتعلقة بماله إذا لم تكن مشتملة على المحاباة
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 346 ـ
كالبيع بثمن المثل و الإجارة بأجرة المثل ، و إنما الإشكال في تصرفاته الأخرى المبنية على المحاباة و المجانية أو على نحو منها كالوقف و الصدقة و الإبراء و الهبة و الصلح بغير عوض أو بعوض أقل من القيمة و البيع بأقل من ثمن المثل و الإجارة بأقل من أجرة المثل و نحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله ، و هي المعبر عنها بـ ( المنجزات ) فقد وقع الإشكال في أنها هل هي نافذة من الأصل ـ بمعنى نفوذها و صحتها مطلقاً و إن زادت على ثلث ماله بل و إن تعلقت بجميع ماله بحيث لم يبق شيء للورثة ـ أو هي نافذة بمقدار الثلث ، فإذا زادت يتوقف صحتها و نفوذها في الزائد على إمضاء الورثة ، و الأقوى هو الثاني.
مسألة (1123) : الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته كالخمس و الزكاة و الكفارات تخرج من الأصل.
مسألة (1124) : الصدقة و إن كانت من المنجزات كما تقدم لكن الظاهر أنه ليس منها ما يتصدق المريض لأجل شفائه و عافيته مما يليق بشأنه و لا يعد سرفاً .
مسألة (1125) : يقتصر في المرض المتصل بالموت على ما يكون المريض معه في معرض الخطر و الهلاك ، فمثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف مجاري العادة لا يمنع من نفوذ المنجزات من أصل التركة ، و كذا يقتصر فيه على المرض الذي يؤدي إلى الموت ، فلو مات لا بسبب ذلك المرض بل بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو لدغ حية و نحو ذلك لم يمنع من نفوذها من الأصل ، و أيضاً يقتصر في المرض الذي يطول بصاحبه فترة طويلة على أواخره القريبة من الموت فالمنجزات الصادرة منه قبل ذلك نافذة من الأصل.
مسألة (1126) : لا يبعد أن يلحق بالمرض كون الإنسان في معرض الخطر
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 347 ـ
والهلاك كأن يكون في حال المراماة في الحرب أو في حال إشراف السفينة على الغرق.
مسألة (1127) : لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي ، فإن كان مأموناً غير متهم نفذ إقراره في جميع ما أقر به ، و إن كان زائداً على ثلث ماله بل و إن استوعبه ، و إلا فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه .
هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت و أما إذا كان في حال الصحة أو في مرض غير مرض غير مرض الموت نفذ في الجميع و إن كان متهماً .
و المراد بكونه متهماً وجود أمارات يظن معها بكذبه ، كأن يكون بينه و بين الورثة معاداة يظن معها بأنه يريد بذلك إضرارهم ، أو كان له محبة شديدة مع المقر له يظن معها بأنه يريد بذلك نفعه .
مسألة (1128) : إذا لم يعلم حال المقر و إنه كان متهماً أو مأموناً ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث و عدمه إشكال ، فالأحوط التصالح بين الورثة و المقر له .
مسألة (1129) : إنما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات و الإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال عيناً أو ديناً أو منفعة أو حقاً مالياً يبذل بأزائه المال كحق التحجير ، و هل تحسب الدية من التركة و تضم إليها و يحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا ؟ وجهان أوجههما الأول.
مسألة (1130) : ما تقدم من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية و في المنجزات إنما هو فيما إذا لم يجز الورثة و إلا نفذتا بلا إشكال ، و لو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصته ، و لو أجازوا بعضاً من الزائد عن الثلث نفذ بقدره .
مسألة (1131) : لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث ، و هل تصح منه في حال حياته بحيث تلزم عليه و لا يجوز له الرد بعد ذلك أم
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 348 ـ
لا ؟ قولان أقواهما الأول خصوصاً في الوصية ، و إذا رد في حال الحياة يمكن أن يلحقه الإجازة بعد ذلك على الأقوى و إن رده بعد الموت لم تنفع الإجازة بعده .