المال ضمنه وإن كان بغير قصده ، بل وإن كان استاذاً ماهراً وقد أعمل كمال النظر والدقة والاحتياط في شغله كالخياط والنجار والحداد أن أفسدوا.
مسألة (429) : الختّان إن قصر أو أخطأ في عمله كأن تجاوز عن الحد المتعارف فتضرر الطفل أو مات كان ضامناً ، وإن تضرر أو مات بأصل الختان لم يكن عليه ضمان إذا لم يعهد إليه إلا أجراء عملية الختان ـ دون تشخيص ما إذا كان الطفل يتضرر بها أم لا ـ ولم يكن يعلم بتضرره مسبقاً .
مسألة (430) : لو عالج الطبيب المريض مباشرة أو وصف له الدواء حسب ما يراه، فاستعمله المريض وتضرر أو مات كان ضمانه عليه وإن لم يكن مقصراً .
مسألة (431) : إذا تبرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ومات المريض أو تضرر بطبابته لم يضمن إذا كان حاذقاً وقد أعمل دقته واحتاط في المعالجة.
مسألة (432) : إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التقصير في مشيه ولا يضمنه مع عدمه، وكذلك إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره .
مسألة (433) : إذا قال للخياط : إن كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن ، وأما إذا قال له : هل يكفيني قميصاً فقال : نعم ، فقال : اقطعه فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئاً في اعتقاده.
مسألة (434) : إذا استأجر دابة لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على صاحبها إلا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب غير متعارف ، وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن .
مسألة (435) : إذا استأجر سفينة أو سيارة لحمل متاع فنقص أو سرق
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 127 ـ
لم يضمن صاحبها ولو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط ولزم العمل به .
مسألة (436) : إذا حمّل السيارة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك وعليه أجرة المثل للزيادة مضافة إلى الأجرة المسماة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك .
مسألة (437) : إذا استأجر سيارة لحمل متاعه مسافة معينة فأركبها عائلته مثلاً أو بالعكس لزمته الأجرة المسماة وما به التفاوت بينها وبين أجرة المثل للمنفعة المستوفاة إن كان ، فلو استأجرها للحمل بخمسة دراهم فركبها وكانت أجرة الركوب عشرة دراهم لزمته العشرة، ولو لم يكن تفاوت بينهما لم تلزم عليه إلا الأجرة المسماة، وكذا الحكم في أمثاله مما كانت المنفعة المستوفاة فيه مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة ، هذا في الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار والسيارة وأما في الإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة فللأجير أجرة المثل لما عمله خاصة ، نعم مع تعمد المستأجر وغفلة الأجير واعتقاده .أنه العمل المستأجر عليه يجري عليه نظير ما تقدم في إجارة الأعيان.
مسألة (438) : إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر ـ من دون أمر منه ـ عمداً أو خطأً تخير المستأجر بين فسخ العقد فلا يستحق العامل حينئذ شيئاً عليه وبين الإبقاء عليه فيستحق الأجرة المسماة وله مطالبته بأجرة المثل للعمل الفائت.
مسألة (439) : إذا أجر سيارته لحمل متاع زيد فحمّلها متاع عمرو لم يستحق أجرة على عمرو ، كما لا يستحق أجرة على زيد إذا اختار فسخ العقد وإلا استحق عليه الأجرة المسماة وله حينئذ مطالبته بأجرة المثل للعمل
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 128 ـ
الفائت.
مسألة (440) : إذا استأجر سيارة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين فسلمها إليه ولكنه ركب غيرها عمداً أو خطأ لزمته الأجرة المسماة للأولى وأجرة المثل للثانية، وإذا اشتبه فركب سيارة عمرو لزمته أجرة المثل لها مضافة إلى الأجرة المسماة لسيارة زيد .
مسألة (441) : إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحمّلها خمراً مع الخل المعين استحق المالك عليه الأجرة المسماة وأجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالاً .
مسألة (442) : يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف او مع اشتراط عدمه في ضمن العقد ـ أو ما هو بحكم الاشتراط ـ وإذا تعدى عن المتعارف ـ أو مع اشتراط العدم ضمن نقصها أو تلفها وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.
مسألة (443) : صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت إلا إذا جعلت عنده وديعة وقد تعدى أو فرط .
مسألة (444) : إذا استؤجر لحراسة متاع فسرق لم يضمن إلا مع التقصير في الحراسة، والظاهر أن غلبة النوم اتفاقاً مع مكافحته لا تعد من التقصير، نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به ، والظاهر استحقاقه الأجرة مع عدم التقصير وقيامه بالحراسة على النحو المتعارف، إلا إذا اشترط عليه إسقاطها مع حدوث السرقة.
مسألة (445) : إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك وإلا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 129 ـ
مسألة (446) : يكفي في صحة الإجارة أن يكون للمؤجر حق التصرف في المنفعة بتمليكها للغير ولا يتوقف ذلك على كونه مالكاً للعين ، فيجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة من المؤجر أو من غيره إلا إذا اشترط عليه عدم إيجارها صريحاً أو كان الإيجار غير متعارف خارجاً بحيث أغنى ذلك عن التصريح باشتراط عدمه.
وإذا جاز إيجارها من الغير ففي جواز تسليمها إليه من دون رضا المالك المستكشف ولو من قرائن الحال إشكال، وعلى هذا فلو استأجر دابة للركوب أو لحمل المتاع مدة معينة فأجرها في تلك المدة أو في بعضها من آخر صح ولكن لا يسلمها إليه بل يكون هو معها وإن ركبها ذلك الآخر أو حمّلها متاعه .
هذا إذا كانت الإجارة مطلقة وأما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر داراً بشرط أن ينتفع بها هو بنفسه فيجوز له إيجارها على نحو يرجع الانتفاع بها إليه كأن تستأجر المرأة داراً ثم تتزوج فتؤجر الدار لبعلها لسكناها ، وأما إيجارها على وجه ينتفع بها الغير فلا يجوز ، فإذا أجرها كذلك بطلت الإجارة فإذا استوفى المستأجر الثاني منافعها وكان عالماً بالفساد كان آثماً وتلزم المستأجر الأول للمالك الأجرة المسماة في الإجارة الأولى وما به التفاوت بينها وبين أجرة المثل للمنفعة المستوفاة إن كان ، وأما المستأجر الثاني ففي كونه ضامناً للمالك أو للمستأجر الأول بشيء إشكال بلا فرق في ذلك بين كونه عالماً بالفساد وكونه جاهلاً به .
مسألة (447) : إذا أجر الدار للسكنى مثلاً واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فأجرها قيل : بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر الثاني المنفعة كان ضامناً للمستأجر الأول أجرة المثل لا للمالك، ولكن الأظهر صحة الإجارة وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر الأول بأجرة المثل.
مسألة (448) : إذا استأجر الدكان مثلاً مدة فانتهت وجب عليه إرجاعه
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 130 ـ
إلى المالك ولم يجز له البقاء فيه من دون رضاه ، كما لا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذنه ولا يجوز ، أيضا أخذ مال من ثالث إزاء تخليته المسمى في عرفنا بـ ( السرقفلية ) إلا إذا كان له شرط على المالك كما سيأتي، وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ السرقفلية من المستأجر الجديد، نعم إذا تبرع المستأجر بدفع مبلغ إلى الوارث جاز له أخذه ولم يجب عليه إخراج الثلث للميت منه إذا كان قد أوصى بإخراج ثلثه إلا إذا كان التبرع مشروطا بإخراج الثلث.
مسألة (449) : إذا أخذ المالك مبلغا من المال من المستأجر واشترط له على نفسه في عقد الإجارة أو في عقد لازم آخر أن يجدد الإيجار سنويا للمستأجر أو لمن يعينه مباشرة أو مع الواسطة جاز للمستأجر حينئذ أن يأخذ السرقفلية أي يأخذ إزاء تنازله عن حقه للغير مبلغا يساوي ما دفعه إلى المالك أو أكثر أو أقل.
وكذا الحال لو اشترط المالك للمستأجر على نفسه أن يكون له أو لمن يعينه مباشرة أو بواسطة حق إشغال المحل والاستفادة منه إزاء مبلغ معين سنوياً أو بالقيمة المتعارفة في كل سنة .
وإذا مات المستأجر والحال هذه كان حقه في أخذ السرقفلية موروثاً لوارثه ووجب إخراج ثلثه إذا كان قد أوصى به ، كما أن حقه هذا إذا كان قد اشتراه من أرباح سنته يجب عليه إخراج خمسه في نهاية السنة بقيمته وربما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه .
مسألة (450) : يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل قيمة مما استأجرها به وبالمساوي ، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً أو غرم فيها غرامة ولو لحفظها وصيانتها وإلا لم يجز له ذلك، هذا في الدار والسفينة والحانوت وكذا الحال في غيرها من
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 131 ـ
الأعيان المستأجرة حتى الأراضي الزراعية على الأحوط، ولا فرق في عدم جواز الإيجار بالأزيد بين أن يؤجرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذلك الجنس سواء كان من النقود أم من غيرها على الأظهر.
مسألة (451) : لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الثلاثة بل ولا غيرها أيضاً على الأحوط بأكثر من الأجرة كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها وأجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلا أن يحدث فيها حدثاً كالترميم، وأما إذا أجره بأقل من العشرة فلا إشكال والأقوى الجواز بالعشرة أيضاً.
مسألة (452) : إذا استؤجر على عمل من غير تقييد بالمباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر ولا يجوز بالأقل قيمة منها إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم ، وفي الاكتفاء في جواز الاستئجار بالأقل بشراء الخيوط والإبرة إشكال .
مسألة (453) : في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه لم يجز له على الأحوط أن يسلم العين إلى الأجير الثاني إلا برضا المالك نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.
مسألة (454) : إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرع عنه وأما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداءً للعمل المستأجر عليه واستحق الأجير الأجرة.
مسألة (455) : إجارة الأجير على قسمين :
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 132 ـ
الأول : أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشيء نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.
الثاني : أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في ذمته كسائر الديون، وستأتي أحكامهما في المسائل الآتية.
مسألة (456) : إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على جميع منافعه الخارجية في مدة معينة لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة ، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته كما إنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلاً فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إبقاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرعاً ، ولكن في هذه الصورة إذا كان عمله للغير بأمر من ذلك الغير يجوز له أيضاً مطالبة ذلك الغير بقيمة العمل الذي استوفاه، وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمور الثلاثة وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها ، ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل.
مسألة (457) : إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على منفعة خارجية معينة وعمل مخصوص بالمباشرة كالخياطة في مدة معينة فليس له أن يعمل
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 133 ـ
ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إبقاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه ، وإن عمل لغيره تبرعاً بأمر من ذلك الغير تخير بين الأمرين المذكورين وبين مطالبة ذلك الغير بقيمة العمل الذي استوفاه، وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور الثلاثة وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها ، وفي مفروض المسألة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له ، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، وأما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر.
مسألة (458) : إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على عمل في الذمة في وقت معين فتارة تؤخذ المباشرة قيداً وأخرى شرطاً ، وعلى التقديرين يجوز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة ولا يجوز له ما ينافيه سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره ، وإذا عمل ما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه ، وإن كانت المباشرة شرطاً تخير بين فسخ الإجارة وبين إلغاء شرطه فيجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة.
وإذا آجر نفسه لما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً بطلت الإجارة واستحق الأجير على من عمل له أجرة المثل وكان المستأجر الأول مخيراً بين فسخ الإجارة الأولى ومطالبته بقيمة العمل الفائت، وإن كانت المباشرة شرطاً تخير المستأجر الأول بين فسخ الإجارة الأولى وبين إلغاء شرطه فإن ألغى
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 134 ـ
شرطه وجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة.
مسألة (459) : لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقداراً معيناً كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً ولا تجوز أيضاً إجارتها بالحنطة أو الشعير أو غيرهما من الحبوب في الذمة مشروطاً بأن تدفع من حاصلها ، نعم إذا كان الحاصل موجوداً فعلاً تصح الإجارة.
مسألة (460) : تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين.
مسألة (461) : لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجداً ولا تترتب آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع ولا تترتب عليها أحكام المسجد.
مسألة (462) : يجوز استئجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، ويجوز استئجار البستان لفائدة التنزه.
مسألة (463) : يجوز استئجار الإنسان للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء ونحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة إذا كان قد قصد تملكها ، وإلا فهو أولى بها من غيره ولا عبرة ـ على كل حال ـ بقصد الأجير حيازتها لنفسه أو لشخص آخر غير المستأجر، وإن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً ـ على ما تقدم ـ وإن لم يقصد
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 136 ـ
ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يحق الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة له ـ على ما تقدم ـ وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسماة، والإمضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه .
مسألة (464) : يجوز استئجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضاً بمعنى ارتضاع اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلاً مدة معينة ولا يعتبر في صحة إجارتها لذلك إذن الزوج ورضاه ، نعم لو أوجب ذلك تضييع حقه توقفت صحة الإجارة على إجازته .
ولابد من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه ولو بالوصف على نحو ترتفع الجهالة كما لابد من معرفة المرضعة كذلك كما لابد أيضاً من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما .
مسألة (465) : لا بأس باستئجار الشاة والمرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الموجود في ثديها فعلاً وما يتكون فيها بعد الإيجار، وكذلك الحال في استئجار الشجرة للثمرة والبئر للاستقاء .
مسألة (466) : تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال سراجهما ونحو ذلك.
مسألة (467) : تجوز الإجارة للنيابة عن الميت في العبادات الواجبة عليه نظير الصلاة والصيام والحج ، ولا يجوز ذلك عن الحي إلا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة أو عمن استقر عليه الحج ولا يتمكن من المباشرة .
مسألة (468) : تجوز الإجارة عن الميت في جميع المستحبات العبادية وعن الحي في بعضها كالحج المندوب وزيارة الأئمة عليهم السلام وما يتبعهما من الصلاة، وتجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره .
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 137 ـ
مسألة (469) : إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق أجرة وإن كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإن قصد الأجرة استحقها وإن كان من قصد الآمر التبرع إلا أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في مجانية الفعل.
مسألة (470) : إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.
مسألة (471) : يجوز استئجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له ويتعارف قيامه به ، والأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.
مسألة (472) : يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة ولكنه مكروه ، ويكون عليه أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.
مسألة (473) : إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس، وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإن بذل الأجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع ، وأما إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ ففي جواز إجباره على قلعه وعدم وجوب الصبر على المالك ولو مع الأجرة إشكال.
مسألة (474) : خراج الأرض المستأجرة ـ إذا كانت خراجية ـ على المالك، نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 138 ـ
مسألة (475) : لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء ( عليه السلام ) وفضائل أهل البيت عليهم السلام والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.
مسألة (476) : لا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً ، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً وإن كان الأظهر الجواز فيه .
و لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم على الأحوط.
نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه ، أما أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه على الأحوط.
مسألة (477) : إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء مدة الإجارة فنبتت فإن أعرض المالك عنها وإباحها للآخرين فهي لمن سبق إليها وتملكها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره ، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه ، وإن لم يعرض عنها فهي له .
مسألة (478) : إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن ، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك .
مسألة (479) : إذا استأجر شخصاً العمل في ذمته ـ كخياطة ثوب معين ـ لا بقيد المباشرة فخاطه غيره تبرعاً عنه استحق الأجير الأجرة المسماة لا العامل، وإذا خاطه لا بقصد التبرع عنه بطلت الإجارة كما تقدم .
هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية وإلا فالظاهر أن الأجير يستحق الأجرة لأن التفويت حينئذ مستند
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 139 ـ
إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط.
وأما الخائط فيستحق على المالك أجرة المثل إن خاط بأمره ، وأما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل أن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل ولكن الأظهر صحتها واستحقاق الأجير الأجرة المسماة.
وإن خاط بغير أمره ولا إجارته لم يستحق عليه شيئاً وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك .
مسألة (480) : إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة، فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً وإن كان هو السير بالمتاع في مجموع تلك المسافة على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة ما قطع من المسافة إلى مجموعها ، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً.
مسألة (481) : إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب في الأجرة مثلاً أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء له ، وإن كان بعد تمام العمل كان له أجرة المثل، وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من أجرة المثل إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء ، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر ويحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء ـ كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها ـ أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من أجرة المثل.
مسألة (482) : إذا استأجر عيناً مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية على صحتها ، وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 140 ـ
وجهان أقواهما ذلك .
مسألة (483) : تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار ونحو ذلك ، ولابد من تعيين مقدار التعمير كماً وكيفاً.
مسألة (484) : تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك.
مسألة (485) : تجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية للأجير وكانت توجد حينها عادة.
مسألة (486) : إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه .
مسألة (487) : لا يجوز في الاستئجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى ( النجف ) مثلاً وآخر من ( النجف ) إلى ( المدينة ) وثالثاً من المدينة إلى ( مكة ) بل لابد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج .
مسألة (488) : إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً ، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الأجرة وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف، وإن كان على خلاف المتعارف فإن كان الاشتمال على تمام الأجزاء قيداً مخصصاً للعمل المستأجر عليه لم يستحق الأجير شيئاً وإن كان شرطاً في ضمن العقد فظاهر الشرط جعل الخيار للمستأجر عند تخلفه فلو فسخ فعليه للأجير أجرة المثل،
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 141 ـ
نعم مع وجود قرينة على لحاظه على نحو تنبسط الأجرة عليه نقص منها بالنسبة .
مسألة (489) : إذا استؤجر لختم القرآن الشريف كان منصرفاً إلى ما هو المتعارف وهو القراءة مع مراعاة الترتيب بين السور بعضها مع بعض وبين آيات السور وكلماتها ، وإذا قرأ بعض الكلمات غلطاً وإلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الأجرة شيء ، وإن كان بالمقدار غير المتعارف فالأقرب إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً وإن كان الأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.
مسألة (490) : إذا استؤجر للصلاة عن ( زيد ) فاشتبه وصلى عن ( عمرو ) فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو صح عن زيد واستحق الأجرة، وإن كان على نحو آخر لم يستحق الأجرة ولم يصح عن زيد.
مسألة (491) : الموارد التي يجوز فيها استئجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضاً استئجار الصبي، والله سبحانه العالم.
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 145 ـ
المزارعة هي : ( الاتفاق بين مالك التصرف في الأرض و الزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها ).
مسألة (492) : يعتبر في المزارعة أمور :
(الأول) الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة و قبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلاً ( سلمت إليك الأرض لتزرعها ) فيقول الزارع ( قبلت ) أو فعل دال على تسليم الأرض للزراعة و قبول الزارع لها من دون كلام ، و لا يعتبر في صيغتها العربية و الماضوية كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول و لا أن يكون الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بل يجوز العكس.
(الثاني) أن يكون كل من المالك و الزارع بالغاً عاقلاً ومختاراً و غير محجور عليه لسفه أو فلس ، نعم لا بأس أن يكون الزارع محجوراً عليه لفلس إذا لم تستلزم المزارعة تصرفه في أمواله التي حجر عليها .
(الثالث) أن يجعل لكل منهما نصيب من الحاصل و أن يكون محدداً بالكسور كالنصف و الثلث ، فلو لم يجعل لأحدهما نصيب أصلاً ، أو عين له مقدار معين كعشرة أطنان ، أو جعل نصيبه ما يحصد في الأيام العشرة الأولى من الحصاد و البقية للآخر لم تصح المزارعة.
(الرابع) أن يجعل الكسر مشاعاً في جميع حاصل الأرض ـ على الأحوط ـ و إن كان الأظهر عدم اعتبار ذلك ، فلا بأس أن يشترط اختصاص أحدهما بنوع ـ كالذي يحصد أولاً ـ و الآخر بنوع آخر فلو قال المالك ( ازرع و لك النصف الأول من الحاصل ، أو النصف الحاصل من القطعة الكذائية )
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 146 ـ
صحت المزارعة.
(الخامس) تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصول بمقدار يمكن حصول الزرع فيه و عليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أولها كفى في الصحة.
(السادس) أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح ، و أما إذا لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها بطلت المزارعة.
(السابع) تعيين المزروع من حيث نوعه ، و أنه حنطة أو شعير أو رز أو غيرها ، و كذا تعيين صنفه إذا كان للنوع صنفان فأكثر تختلف فيها الأغراض ، و يكفي في التعيين الانصراف المغني عن التصريح ـ لتعارف أو غيره ـ و لو صرحا بالتعميم أو كانت قرينة عليه صح و يكون للزارع حق اختيار أي نوع أو صنف شاء .
(الثامن) تعيين الأرض فيما إذا كانت للمالك قطعات مختلفة في مستلزمات الزراعة و سائر شؤونها ، فلو لم يعين واحدة منها و الحال هذه بطلت المزارعة ، و أما مع التساوي فالأظهر الصحة و عدم الحاجة إلى التعيين في العقد ، و أما بعده فيكون التعيين بيد المالك.
(التاسع) تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه بأن يجعل على أحدهما أو كليهما ، و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه.
مسألة (493) : يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة و إلا لزم أن يزرع بنفسه .
مسألة (494) : لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما صح ذلك مزارعة على الأظهر
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 147 ـ
ولكنها تختلف عن المزارعة المصطلحة في بعض الأحكام ، و كذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع و إن لم يعين شخصاً معيناً بأن يقول : لكل من زرع أرضي هذه نصف حاصلها أو ثلثه .
مسألة (495) : لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار معين من الحاصل كخمسة أطنان لأحدهما ، و يقسم الباقي بينهما بنسبة معينة بطلت المزارعة و إن علما ببقاء شيء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار ، نعم لو اتفقا على استثناء مقدار الخراج و كذا مقدار البذر لمن كان منه صحت على الأظهر.
مسألة (496) : إذا عين المالك نوعاً خاصاً من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع فلا يجوز له التعدي عنه و لكن لو تعدى إلى غيره و زرع نوعاً آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ و الإمضاء فإن أمضاه أخذ حقه و إن فسخ رجع على العامل بأجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض ، و يكون الحاصل للعامل إن كان البذر له ، و إن كان البذر للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً وعلى تقدير بذل البدل يكون الحاصل للعامل أيضاً و ليست له مطالبة المالك بأجرة العمل مطلقاً .
هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل ، و أما إذا علم به قبل بلوغه فإن كان البذر للعامل فللمالك مطالبته ببدل المنفعة الفائتة و إلزامه بقطع الزرع و لهما أن يتراضيا على إبقائه بعوض أو مجاناً ، و أما إذا كان البذر للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضاً و مع بذله يكون الزرع للعامل فيجري فيه ما تقدم .
هذا إذا كان التعيين على نحو الاشتراط و أما إذا كان على نحو التقييد بطلت المزارعة ، و حكمه ما تقدم في فرض الفسخ.
مسألة (497) : إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 148 ـ
للمالك كان الزرع له و عليه للزارع ما صرفه من الأموال و كذا أجرة عمله و أجرة الآلات التي استعملها في الأرض ، و إن كان البذر للزارع فالزرع له و عليه للمالك أجرة الأرض و ما صرفه المالك و أجرة آلاته التي استعملت في ذلك الزرع.
مسألة (498) : إذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع و رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الأرض بأجرة أو مجاناً فلا إشكال ، و إن لم يرض المالك بذلك قيل أن له إجبار الزارع على إزالة الزرع و إن لم يدرك الحاصل و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض و لو بأجرة ، و لكنه لا يخلو عن إشكال ، و ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض و لو مجاناً لو أراد قلعه .
مسألة (499) : إذا حددا للمزارعة أمدا معيناً يدرك الزرع خلاله عادة فانقضى و لم يدرك ، فإن لم يكن للتحديد المنفق عليه بينهما إطلاق يشمل صورة عدم إدراك الزرع على خلاف العادة ألزم المالك ببقاء الزرع في الأرض إلى حين الإدراك ، وإن كان له إطلاق هذا القبيل فمع تراضي المالك و الزارع على بقاء الزرع ـ بعوض أو مجاناً ـ لا مانع منه ـ و إن لم يرض المالك به فله أن يجبر الزارع على إزالته و أن يضرر الزارع بذلك ، و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع و لو بأجرة .
مسألة (500) : يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً على ذمته أو من الخارج من ذهب أو فضه أو نحوهما مضافاً إلى حصته .
مسألة (501) : المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه و لا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه ، نعم ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل و لا تنفسخ به إذا كانت المباشرة شرطاً فيها و إن كان للمالك حق فسخها حينئذ ، و إذا كان العمل المستحق على الزارع كلياً مشروطاً بمباشرته
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 149 ـ
لم ينفسخ بموته ـ و إن كان للمالك حق فسخها ـ كما لا تنفسخ إذا مات الزارع بعد الانتهاء مما عليه من العمل مباشرة و لو قبل إدراك الزرع فتكون حصته من الحاصل لورثته ، كما أن لهم سائر حقوقه و يحق لهم أيضاً إجبار المالك على بقاء الزرع في أرضه حتى انتهاء مدة الزراعة.
مسألة (502) : إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة فإن كانت الأرض في تصرفه ضمن أجرة المثل للمالك ، و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالماً بالحال و إن يكون غير عالم ، و إن لم تكن الأرض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان المالك مطلعاً على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع و إن لم يكن المالك مطلعاً فالظاهر ضمانه ، هذا إذا لم يكن ترك الزرع لعذر عام كانقطاع الماء عن الأرض أو تساقط الثلوج الكثيرة عليها و إلا كشف ذلك عن بطلان المزارعة.
مسألة (503) : يجوز لكل من المالك و الزارع أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين بشرط رضا الآخر به و عليه فيكون الزرع له و للآخر المقدار المعين ، و لا فرق في ذلك بين كون المقدار المتقبل به من الزرع أو في الذمة ، نعم إذا كان منه فتلف كلاً أو بعضاً كان عليهما معاً و لا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه .
مسألة (504) : إذا زارع على أرض ثم تبين للزارع أنه لا ماء لها فعلاً لكن أمكن تحصيله بحفر بئر و نحوه صحت المزارعة و لكن يثبت للعامل خيار تخلف الشرط ـ إذا كان بينهما شرط بهذا المسمى و لو ضمناً ـ و كذا لو تبين كون الأرض غير صالحة للزراعة إلا بالعلاج التام ، كما إذا كان مستولياً عليها الماء لكن يمكن إزالته عنها ، نعم لو تبين أنه لا ماء لها فعلا و لا يمكن تحصيله او كانت مشغولة بمانع لا يمكن إزالته و لا يرجى زواله كان باطلا .
مسألة (505) : إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع
منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 150 ـ
أو قبل إدراكه بطلت المزارعة ، و إذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الإمضاء ، و هكذا الحال في طرو سائر الموانع القهرية عن زراعة الأرض.
مسألة (506) : يجوز للزارع أن يشارك غيره في مزارعته بجعل حصة من حصته لمن شاركه بحيث كأنهما معاً طرف للمالك ، كما أنه يجوز أن يزارع غيره بحيث يكون الزارع الثاني كأنه هو الطرف للمالك لكن لابد أن تكون حصة المالك محفوظة ، فإذا كانت المزارعة الأولى بالنصف لم يجز أن تجعل المزارعة الثانية بالثلث للمالك و الثلثين للعامل ، نعم يجوز أن يجعل حصة الزارع الثاني أقل من حصة الزارع في المزارعة الأولى ، فيأخذ الزارع الثاني حصته و المالك حصته و ما بقي يكون للزارع في المزارعة الأولى ، مثلاً إذا كانت المزارعة الأولى بالنصف و جعل حصة الزارع في المزارعة الثانية الربع كان للمالك نصف الحاصل و للزارع الثاني الربع و يبقى الربع للزارع في المزارعة الأولى ، و لا فرق في ذلك كله بين أن يكون البذر في المزارعة الأولى على المالك أو على العامل ، و لو جعل في الأولى على العامل يجوز في الثانية أن يجعل على المزارع أو على الزارع ، و لا يشترط في صحة التشريك في المزارعة و لا في إيقاع المزارعة الثانية إذن المالك نعم لا يجوز تسليم الأرض إلى الغير إلا بإذنه ، كما أنه لو شرط عليه المالك أن يباشر بنفسه بحيث لا يشاركه غيره و لا يزارعه ـ أو كان ذلك غير متعارف خارجاً بحيث أغنى عن التصريح باشتراط عدمه ـ كان هو المتبع.
مسألة (507) : يصح عقد المزارعة بين أكثر من اثنين بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع ، و كذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور لا بعنوان المزارعة.
مسألة (508) : لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من