مسألة (60) : لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد سواء أ علم حصوله بعد ذلك ، كما إذا قال : بعتك إذا هل الهلال ، أم جهل حصوله ، كما لو قال : بعتك إذا ولد لي ولد ذكر ، و لا على أمر مجهول الحصول حال العقد ، كما إذا قال : بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك ، أما مع علمه به فالوجه الجواز .
  مسألة (61) : إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد ، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه و إلا وجب عليه رده إلى البائع ، و إذا تلف ـ و لو من دون تفريط ـ وجب عليه رد مثله إن كان مثليا و قيمته إن كان قيميا ، و كذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد ، و إذا كان المالك مجهولا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه ، و لا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم و الجهل به ، و لو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضوليا و توقفت صحته على إجازة المالك و سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى .
   لا يعلم زمانه .
  مسألة (109) : إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته ، و إن كان و كيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك ، و إن كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة ، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة ، فإذا لم يقدرا بطل البيع .
  مسألة (110) : يجوز بيع غير المقدور تسليمه مع الضميمة ، إذا كانت ذات قيمة معتد بها .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 27 ـ
  مسألة (62) : يشترط في كل من المتعاقدين أمور:
   الأول : البلوغ ، فلا يصح عقد الصبي في ماله ، و إن كان مميزا ، إذا لم يكن بإذن الولي بل و إن كان بإذنه إذا كان الصبي مستقلا في التصرف إلا في الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها فإن الصحة فيها لا تخلو من وجه و أما إذا كانت المعاملة من الولي ، و كان الصبي وكيلا عنه في إنشاء الصيغة فالأظهر الصحة ، و كذا إذا كان تصرفه في مال غيره بإذن المالك ، و إن لم يكن بإذن الولي .
   الثاني : العقل ، فلا يصح عقد المجنون ، و إن كان قاصدا إنشاء البيع .
   الثالث : الاختيار ـ بمعنى الاستقلال في الإرادة ـ فلا يصح بيع المكره و شراؤه ، وهو من يأمره غيره بالبيع أو الشراء على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه بحيث يكون لخوف الضرر من الغير دخل في صدور البيع أو الشراء منه ، و أما لو لم يكن له دخل فيه و إن حصل له الخوف من تركه كما لو لم يكن مباليا بالضرر المحتمل أو المعلوم فلا يضر بالصحة ، و كذا إذا اضطر إلى البيع أو الشراء فإنه يصح و إن اضطره الغير إليه كما لو أمره بدفع مقدار من المال و لم يمكنه إلا ببيع داره فباعها فإنه يصح بيعها ، نعم إذا حصل الاضطرار بمواطأة الغير مع ثالث ، كما لو تواطئا على أن يحبسه أحدهما في مكان ليضطر إلى بيع خاتمه ـ مثلا ـ على الثاني إزاء ما يسد به رمقه فالأظهر فساد المعاملة و ضمانه لما اضطر إلى التصرف فيه بقيمته السوقية .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 28 ـ
  مسألة (63) : لو رضي المكره بالبيع بعد زوال الإكراه صح و إن كان الأحوط حينئذ تجديد العقد .
  مسألة (64) : إذا أكره أحد الشخصين على بيع داره ، كما لو قال الظالم : فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره خوفا منه بطل البيع ، و أما إذا علم إقدام الآخر على البيع و باعها صح البيع .
  مسألة (65) : لو أكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل ، و لو باع الآخر بعد ذلك صح ، و لو باعهما جميعا دفعة بطل فيهما جميعا إذا كان للإكراه دخل في بيعهما مجتمعين كما في بيع أحدهما منفردا و إلا فالظاهر صحة البيع بالنسبة إلى كليهما .
  مسألة (66) : لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ، و صح بيع الولد إلا إذا كان للإكراه دخل في بيعه معها ، كما لو لم يمكن حفظه مع بيع أمه .
  مسألة (67) : يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي عنه بغير التورية ، و هل يعتبر فيه عدم إمكان التفصي بالتورية و لو من جهة الغفلة عنها أو الجهل بها أو حصول الاضطراب المانع عن استعمالها أو نحو ذلك ؟ وجهان ، لا يخلو أولهما عن وجه .
  مسألة (68) : المراد من الضرر الذي يخافه ، على تقدير عدم الإتيان بما أكره عليه ما يعم الضرر الواقع على نفسه و ماله و شأنه ، و على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه ، فلو باع ـ حينئذ ـ صح البيع .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 29 ـ
   الرابع : من شروط المتعاقدين ـ أن يكون مالكا للتصرف الناقل ، كأن يكون مالكا للشيء من غير أن يكون محجورا عن التصرف فيه لسفه أو فلس أو غيرهما من أسباب الحجر ، أو يكون وكيلا عن المالك أو مأذونا من قبله أو وليا عليه ، فلو لم يكن العاقد مالكا للتصرف لم يصح البيع بل توقفت صحته على إجازة المالك للتصرف ، فإن أجاز صح و إلا بطل ، فصحة العقد الصادر من غير مالك العين تتوقف على إجازة المالك ، و صحة عقد السفيه على إجازة الولي ، و صحة عقد المفلس على إجازة الغرماء ، فإن أجازوا صح و إلا بطل ، و هذا هو المسمى بـ ( عقد الفضولي ) والمشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها و لكنه لا يخلو عن إشكال و أما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جزما .
  مسألة (69) : لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي ، فإن أجازه المالك صح ، و لا أثر للمنع السابق في البطلان .
  مسألة (70) : إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح و توقفت صحته على الإجازة .
  مسألة (71) : إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك ، أو لبنائه على ذلك ، كما في الغاصب ، فأجازه المالك لنفسه صح البيع و يكون الثمن له .
  مسألة (72) : لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني ، بل لابد في تحققها من قول مثل : رضيت ، و أجزت ، و نحوهما ، أو فعل مثل : أخذ الثمن ، أو بيعه ، أو الأذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك .
  مسألة (73) : الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفا انقلابيا بمعنى اعتبار الملكية من حين تحقق العقد في زمن حدوث

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 30 ـ
   الإجازة ، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك لمالك المبيع و نماء المبيع ملك للمشتري .
  مسألة (74) : لو باع اعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه فإن أجازه المالك صح و إن رد بطل ، و لو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح ، و لم يحتج إلى الإجازة ، و لو تبين كونه مالكا ففي صحة البيع ـ من دون حاجة إلى إجازته ـ إشكال و الأظهر هو الصحة فيما لو كان البيع لنفسه .
  مسألة (75) : لو باع مال غيره فضولا ، ثم ملكه قبل إجازة المالك أما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالأرث . ففي صحته ـ بلا حاجة إلى الإجازة ـ أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأسا ـ وجوه أقواها الأخير .
  مسألة (76) : لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك ، وبطل بيع الفضولي و لا تنفع في صحته إجازة المالك و لا المشتري .
  مسألة (77) : إذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الإجازة من المالك ، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال ، و إن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه ، و إن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع و المشتري ، و إن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري ، أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها ، إن كانت مثلية ، و بقيمتها إن كان قيمية .
  مسألة (78) : المنافع المستوفاة مضمونة ، و للمالك الرجوع بها على من استوفاها ، و كذا الزيادات العينية ، مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجين و نحوها ، مما كانت له مالية ، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين ، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال ، و لا يبعد التفصيل فيها بين المنافع المفوتة و الفائتة بثبوت الضمان في الأول دون الثانية و المقصود

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 31 ـ
   بالمنافع المفوتة ما تكون مقدرة الوجود عرفا كسكنى الدار و بالفائتة ما لا تكون كذلك كمنفعة الكتب الشخصية غير المعدة للإيجار .
  مسألة (79) : المثلي : ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ و القيمي : ما لا يكون كذلك ، فالآلات و الظروف و الأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي ، و الجواهر الأصلية من الياقوت و الزمرد و الألماس و الفيروزج و نحوها من القيمي .
  مسألة (80) : إذا تفاوتت قيمة القيمي من زمان القبض إلى زمان الأداء بسبب كثرة الرغبات و قلتها فالأظهر أن المدار في القيمة المضمون بها قيمة زمان التلف و إن كان الأحوط الأولى التراضي و التصالح فيما به التفاوت بين قيمة زمان القبض و التلف و الأداء .
  مسألة (81) : إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمى إلى المشتري ، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى .
   ويرجع في الزائد عليه إذا كان مغرورا و إذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن ، و لا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارا ، وإذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع ، بأن كان جاهلا بأن البائع فضولي ، و كان البائع عالما فأخبره البائع بأنه مالك ، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك ، و إن لم يكن مغرورا من البائع كما إذا كان عالما بالحال ، أو كان البائع أيضا جاهلا لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة ، وإذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 32 ـ
   البائع لم يرجع على المشتري ، و إن لم يكن مغرورا من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك و كذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك ، فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغرورا منه ، و إلا لم يرجع على اللاحق ، و إن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق إلا مع كونه مغرورا منه ، و كذا الحكم في المال غير المملوك لشخص خاص كالزكاة المعزولة ، و مال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة ، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه ، مع وجوده ، و كذا مع تلفه على النهج المذكور .
  مسألة (82) : لو باع إنسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك ، و توقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك ، فإن أجازه صح ، و إلا فلا ، و حينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة ، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع .
  مسألة (83) : طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن : أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية ، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين ، فإذا كانت قيمة ماله عشرة و قيمة مال غيره خمسة ، و الثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد و هو ثلث الثمن ، و يبقى للبائع اثنان .
   وهما ثلثا الثمن ، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة و نقصها ، أما لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين ، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة ، مثلا إذا باع الفرس و مهرها بخمسة ، و كانت قيمة الفرس في حال الانفراد ستة ، وفي حال الانضمام أربعة ، و قيمة المهر بالعكس فمجموع القيمتين عشرة ، فإن كانت الفرس

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 33 ـ
   لغير البائع رجع المشتري بخمسين ، و هما اثنان من الثمن ، و بقي للبائع ثلاثة أخماس ، وإن كان المهر لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن ، و هو ثلاثة وبقي للبائع اثنان .
  مسألة (84) : إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما نصف الدار ، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه ، أو نصف غيره ، أو نصف في النصفين عمل على القرينة ، و إن لم تقم القرينة على شيء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير .
  مسألة (85) : يجوز للأب و الجد للأب و إن علا التصرف في مال الصغير بالبيع و الشراء و الإجارة و غيرها ، و كل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الإذن من الآخر ، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما ، و لا أن تكون مصلحة في تصرفهما ، بل يكفي عدم المفسدة فيه نعم إذا دار الأمر بين الصالح و الأصلح لزم اختيار الثاني إذا عد اختيار الأول ـ في النظر العقلائي ـ تفريطا من الولي في مصلحة الصغير ، كما لو اضطر إلى بيع مال الصغير ، و أمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل ، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل ، و كذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل ، و زيادة درهمين ، لاختلاف الأماكن أو الدلالين ، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل ، و إن كانت فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلا عرفا في مال الصغير ، و المدار في كون التصرف مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء ، لا بالنظر إلى علم الغيب فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف ، و لو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح ، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء .
  مسألة (86) : يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو جعله عاملا في المعامل ، و كذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه نعم

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 34 ـ
   ليس لهما طلاق زوجته ، و هل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ ، و هبة المدة في عقد المتعة وجهان ، و الثبوت أقرب ، و يشترط في نفوذ تصرفهما في نفس الصغير خلوه عن المفسدة و تقديم الأصلح عند دوران الأمر بينه و بين الصالح على نحو ما تقدم في تصرفهما في ماله .
  مسألة (87) : إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية ، و صار الموصى إليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته مع الغبطة و المصلحة في جميع ما يتعلق بهم مما كان للموصي الولاية فيه ـ على كلام في تزويجهم يأتي في محله ـ إلا أن يعين تولي جهة خاصة و تصرفا مخصوصا فيقتصر عليه ، و يشترط في الوصي الرشد و الوثاقة ، و لا تشترط فيه العدالة على الأقوى ، كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر ، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد ، و لا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب ، ولو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل ، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده ، ففي صحتها إشكال .
  مسألة (88) : ليس لغير الأب و الجد للأب و الوصي لأحدهما ولاية على الصغير ، و لو كان عماً أو أماً أو جداً للأم أو أخاً كبيراً ، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال الصغير ، أو في نفسه ، أو سائر شؤونه لم يصح ، و توقف على إجازة الولي .
  مسألة (89) : إذا فقد الأب و الجد و الوصي لأحدهما يكون للحاكم الشرعي ـ و هو المجتهد العادل ـ ولاية التصرف في أموال الصغار مشروطا بالغبطة و الصلاح ، بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر و الفساد ، كما لو خيف على ماله التلف مثلا فيبيعه لئلا يتلف ، ومع فقد الحاكم أو تعذر الرجوع إليه فالولاية لعدول المؤمنين مشروطاً بما تقدم ، و لو تعذر وجود العادل لم يبعد ثبوت الولاية لسائر المؤمنين ، ولو اتفق احتياج

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 35 ـ
   المكلف إلى دخول دار الأيتام و الجلوس على فراشهم ، والأكل من طعامهم ، وتعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك ، إذا عوضهم عن ذلك بالقيمة ، ولم يكن فيه ضرر عليهم و إن كان الأحوط استحباباً تركه ، وإذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض ، والله سبحانه العالم .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 36 ـ
   يشترط في المبيع أن يكون عينا ، سواء أ كان موجودا في الخارج أم في الذمة ، وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره ، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث ، فلا يجوز بيع المنفعة ، كمنفعة الدار ، و لا بيع العمل كخياطة الثوب ولا بيع الحق كحق التحجير ـ على إشكال فيه أحوطه ذلك ـ ، و أما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا أو حقا كما سيأتي .
  مسألة (90) : المشهور على اعتبار أن يكون المبيع و الثمن مالا يتنافس فيه العقلاء ، فكل ما لا يكون مالا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه ، و لا جعله ثمنا ، ولكن هذا لا يخلو عن إشكال و إن كان هو الأحوط .
  مسألة (91) : إذا كان الحق قابلا للنقل و الانتقال كحق التحجير جاز جعله ثمنا على الأظهر ، كما يجوز جعل متعلقه بما هو كذلك ثمنا ، و يجوز جعل شيء بإزاء رفع اليد عن الحق ، حتى فيما إذا لم يكن قابلا للنقل و الانتقال ، و كان قابلا للإسقاط ، كما يجوز جعل الإسقاط ثمنا ، بأن يملك البائع عليه فعل الإسقاط فيجب عليه الإسقاط بعد البيع .
  مسألة (92) : يشترط في كل من العوضين أن يكون معلوما مقداره المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أو عد أو مساحة ، فلا تكفي المشاهدة في مثله ، و لا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن أو بالعكس و كبيع المعدود بالوزن أو بالكيل أو بالعكس ، نعم لا بأس بجعل الكيل وسيلة لاستعلام الوزن أو العدد و نحو ذلك ، كأن يجعل كيل

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 37 ـ
   يحوي كيلو غراما من السكر مثلا فيباع السكر به ، و إذا كان الشيء مما يباع في حال بالمشاهدة ، و في حال أخرى بالوزن أو الكيل ، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة و في المخازن بالوزن ، و الحطب محمولا على الدابة بالمشاهدة و في المخزن بالوزن ، و اللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة و في المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف .
  مسألة (93) : يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر ، كيلاً أو وزناً ، أو عداً ، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه ، والأحوط وجوباً اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره ، و لو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء ، فإن فسخ يرد تمام الثمن و إن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه ، و إن تبين الزيادة كانت الزيادة للبائع و كان المشتري بالخيار بين الفسخ و الإمضاء بتمام الثمن .
  مسألة (94) : لابد في مثل القماش و الأرض و نحوهما ـ مما يكون تقديره بالمساحة دخيلاً في زيادة القيمة ـ معرفة مقداره ، و لا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلا إذا تعارف بيعه بها كما في بيع بعض الدور و الفرش و نحوهما .
  مسألة (95) : إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء ، بأن كان موزوناً في بلد ، و معدوداً في آخر ، و مكيلاً في ثالث ، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة .
  مسألة (96) : قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود ، أو الكيل شرطاً في الموزون ، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس ، بشرط أن يكون كيلها صاعاً ، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس ، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش ، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال ، فيتبين أن وزنها تسعمائة ، لعدم إحكام النسج ، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان ، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال ، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه و نحو ذلك مما كان

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 38 ـ
   التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوماً له ، و الحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري ، لتخلف الوصف ، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن ، و الزيادة إن كانت فهي له .
  مسألة (97) : يشترط معرفة جنس العوضين و صفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها ، كالألوان و الطعوم و الجودة و الرداءة و الرقة و الغلظة و الثقل و الخفة و نحو ذلك ، مما يوجب اختلاف القيمة ، أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته ، و إن كان مرغوباً عند قوم ، و غير مرغوب عند آخرين ، و المعرفة أما بالمشاهدة ، أو بتوصيف البائع ، أو بالرؤية السابقة .
  مسألة (98) : يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً ، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس ، أو ما هو بمنزلته ، كبيع الكلي في الذمة فلا يجوز بيع ما ليس كذلك ، مثل بيع السمك في الماء و الطير في الهواء ، و شجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز ، و لا فرق في ما يكون ملكا بين أن يكون ملكا لشخص أو لجهة فيصح بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة و شراؤه العلف لها .
  مسألة (99) : يشترط أن يكون كل من العوضين طلقاً ، بأن لا يتعلق به لأحد حق يقتضي بقاء متعلقه في ملكية مالكه ، والضابط فوت الحق بانتقاله إلى غيره ، و من هذا القبيل حق الرهانة على الأظهر ، فلا يجوز بيع العين المرهونة إلا إذا أذن المرتهن أو أجاز أو فك الرهن فإنه يصح بيعها حينئذ .
  مسألة (100) : لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد :
   منها : أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به في جهة الوقف مع بقاء عينه ، كالحيوان المذبوح ، و الجذع البالي ، و الحصير المخرق .
   ومنها : أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به ، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفا .
   ومنها : ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر ، من قلة المنفعة أو

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 39 ـ
   كثرة الخراج ، أو كون بيعه أنفع ، أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم أو احتياجهم إلى عوضه ، أو نحو ذلك .
   ومنها : ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفا ، و اللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء .
  مسألة (101) : إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم بحيث لا يؤمن من تلف النفوس و الأموال ففي صحة بيع الوقف حينئذ إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه .
  مسألة (102) : ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد ، فإنها لا يجوز بيعها على كل حال ، نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين ، و كتب العلم و المدارس و الرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة .
  مسألة (103) : إذا جاز بيع الوقف فإن كان له متول خاص قد عهد إليه الواقف بجميع شؤونه فله بيعه من دون حاجة إلى إجازة غيره ، وإلا فاللازم ـ مطلقا على الأحوط ـ مراجعة الحاكم الشرعي و الاستئذان منه في البيع .
   وإذا بيع الوقف لطرو الخراب عليه أو ترقب طروه فالأحوط لزوماً أن يشتري بثمنه ملك و يوقف على نهج وقف الأول ـ بل الأحوط أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأول مع الإمكان و إلا فيما هو أقرب إليه فالأقرب ـ نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض و صرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر إن أمكن و إلا ففي وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب ، و إذا خرب الوقف و لم يمكن الانتفاع به في الجهة الموقوف عليها و أمكن بيع بعضه و تعمير الباقي بثمنه فالأحوط الاقتصار على بيع بعضه فيعمر الباقي بثمنه .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 40 ـ
  مسألة (104) : لا يجوز بيع رقبة الأرض الخراجية ، وهي : الأرض المفتوحة عنوة العامرة ـ لا بالأصالة ـ حين الفتح ، فإنها ملك للمسلمين من وجد و من يوجد ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما ، و أن لا تكون .
   بل الظاهر عدم جواز التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي ، و لو ماتت فلا يبعد بقاؤها على ملك المسلمين و عدم تملكها بالإحياء ، و أما الأرض العامرة بالأصالة حين الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام ، و إذا حازها أحد كان أولى بها من غيره ما لم يمنع عنه مانع شرعي و إذا كان مؤمنا لم يجب عليه دفع عوض إزاء ذلك ، و كذا الأرض الميتة في زمان الفتح فإنها ملك للإمام عليه السلام ، و إذا أحياها أحد كان أحق بها من غيره ـ لولا طرو عنوان ثانوي يقتضي خلافه ـ مسلماً كان المحيي أو كافراً ، و ليس عليه دفع الخراج و أجرة الأرض إذا كان مؤمناً ، و إذا تركها لمنع ظالم و نحوه حتى ماتت فهو على أحقيته بها ، و لكنه إذا ترك زرعها و أهملها و لم ينتفع بها بوجه ، جاز لغيره زرعها ، فيكون أحق بها منه و إن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن من الأول إذا عرفه أو تمكن من معرفته ، إلا إذا علم أنه قد أعرض عنها ، و إذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية .
  مسألة (105) : في تعيين أرض الخراج إشكال ، و قد ذكر العلماء و المؤرخون مواضع كثيرة منها .
   وإذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة ـ حين الفتح ـ تحمل على أنها كانت ميتة ، فيجوز إحياؤها و حيازتها إن كانت حية ، كما يجوز بيعها من حيث كونها متعلقة لحقه و كذا نحوه من التصرفات .
  مسألة (106) : يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يصح بيع الجمل الشارد ، أو الخاتم الواقع في البحر مثلاً و لا فرق بين العلم بالحال و الجهل بها ، نعم لو كان من انتقل إليه قادراً على تسلمه

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 41 ـ
   وإن لم يكن من انتقل عنه قادراً على تسليمه فالظاهر صحة المعاملة كما لو باع العين المغصوبة و كان المشتري قادرا على أخذها من الغاصب فإنه يصح البيع ، كما يصح بيعها على الغاصب أيضاً و إن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثم دفعها إليه ، و إذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه ، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح ، و إن لم يقدر على تسليمه .
  مسألة (107) : لو قطع بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل ، و لو قطع بالعجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة .
  مسألة (108) : لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه ، لكن علم بحصولها بعده ، فإن كانت المدة يسيرة صح ، و إذا كانت طويلة لا يتسامح بها ، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها و كذا مع جهله بها ، لكن يثبت الخيار للمشتري ، و هكذا الحال ـ على الأقرب ـ فيما لو كانت المدة غير مضبوطة كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه .
  مسألة (109) : إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته ، و إن كان و كيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك ، و إن كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة ، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة ، فإذا لم يقدرا بطل البيع .
  مسألة (110) : يجوز بيع غير المقدور تسليمه مع الضميمة ، إذا كانت ذات قيمة معتد بها .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 42 ـ
   الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه و هو أقسام :
   ( الأول ) : خيار المجلس :
   أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع و المشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا ، فإذا افترقا ـ عرفا ـ لزم البيع و انتفى الخيار و لو كان المباشر للعقد الوكيلان في إجراء الصيغة لم يكن الخيار لهما بل لموكليهما بشرط اجتماعهما في مجلس العقد أو في مجلس آخر للمبايعة ، و أما مع عدم اجتماعهما فلا خيار لهما أيضا ، فليس لهما توكيل الوكيلين في الفسخ بعد أن لم يكن لهما حق في ذلك .
   وهكذا الحال لو اجتمع الوكيل في إجراء الصيغة ـ من دون حضور موكله ـ مع المالك ـ مثلاً ـ في الطرف الآخر فإنه لا يثبت الخيار لأي من الطرفين ، و لو تصدى العقد الوكيل المفوض من قبل المالك في تمام المعاملة و شؤونها ثبت الخيار له دون الموكل و إن كان حاضراً في مجلس العقد ، و المدار على اجتماع المتبايعين و افتراقهما سواء أكانا هما المالكين أم غيرهما ، و لو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا ، و لو تصدى البيع شخص واحد وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما ففي ثبوت الخيار إشكال بل الأظهر العدم .
  مسألة (111) : هذا الخيار يختص بالبيع و لا يجري في غيره من المعاوضات .
  مسألة (112) : يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد ، كما يسقط

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 43 ـ
   بإسقاطه بعد العقد .
   ( الثاني ) : خيار الحيوان :
   كل من اشترى حيواناً ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد ، و إذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع ، و الليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار ، و كذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر ، و إذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان ، و بقي خيار المجلس للبائع دون المشتري على الأقوى .
  مسألة (113) : يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد ، كما يسقط بإسقاطه بعده ، و بالتصرف في الحيوان تصرفاً يدل على إمضاء العقد و اختيار عدم الفسخ ، أو تصرفاً مغيراً له أما حقيقة ـ كنعلها أو أخذ حافرها أو جز صوفها ـ أو حكماً كتقبيل الجارية المشتراة أو لمسها .
  مسألة (114) : يثبت هذا الخيار للبائع أيضاً ، إذا كان الثمن حيواناً .
  مسألة (115) : يختص هذا الخيار أيضاً بالبيع ، و لا يثبت في غيره من المعاوضات .
  مسألة (116) : إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع فيبطل البيع ، و يرجع المشتري عليه بالثمن إذا كان قد دفعه إليه .
  مسألة (117) : إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ والرد ، و إن كان بتفريط منه سقط خياره .

   ( الثالث ) : خيار الشرط :
   والمراد به : الخيار المجعول باشتراطه في العقد ، إما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه ، أو لأجنبي .
  مسألة (118) : لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة ، بل يجوز اشتراطه في

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 44 ـ
   أي مدة كانت قصيرة أو طويلة ، متصلة أو منفصلة عن العقد ، نعم لابد من تعيين مبدأها و تقديرها بقدر معين ، و لو ما دام العمر ، فلا يجوز جعل الخيار مهملاً من حيث المدة ابتداءً و انتهاءً و إلا بطل الشرط و صح العقد ، و أما جعله محدوداً بحد معين في الواقع مجهول عند المتعاقدين أو أحدهما ففي صحته و صحة العقد معه إشكال .
  مسألة (119) : إذا جعل الخيار شهراً كان الظاهر منه المتصل بالعقد و كذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما ، و إذا جعل الخيار شهراً مردداً بين الشهور من غير تعين له في الواقع فالظاهر بطلان الشرط و صحة العقد .
  مسألة (120) : لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات ، كالطلاق و الإبراء ، و لا في العقود الجائزة ، كالوديعة و العارية ، و يجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح ، و في جواز اشتراطه في الصدقة و في الهبة اللازمة و في الضمان إشكال ، و إن كان الأظهر الجواز في الثاني .
  مسألة (121) : يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد ، أو منفصلة عنه ، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه كأن يبيع الدار التي قيمتها مائة ألف دينار بثلاثين ألف دينار و يشترط لنفسه الخيار لو أرجع الثمن في المدة المحددة إلى المشتري ، و يسمى هذا بـ ( بيع الخيار ) و إنما يصح لو كان الطرفان قاصدين للبيع و الشراء حقيقة ، فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع و سقط الخيار و امتنع الفسخ ، و إذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ ، و كذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلا في المدة المعينة ، في حال رد الثمن أو رد بدله مع تلفه ، ثم إن الفسخ أما أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد ، مثل فسخت و نحوه ، أو يكون بنفس الرد ، على أن يكون إنشاء الفسخ بالفعل و هو

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 45 ـ
   الرد ، لا بقوله ( فسخت ) و نحوه .
  مسألة (122) : المراد من رد الثمن إحضاره عند المشتري و تمكينه منه ، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ و إن امتنع المشتري من قبضه .
  مسألة (123) : الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن ، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك .
  مسألة (124) : إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة ، أو جنون ، أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ، و لو كان الحاكم الشرعي أو وكيله ، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ ، هذا إذا جعل الخيار للبائع مشروطاً برد الثمن أو بدله إلى المشتري و أطلق ، و أما لو اشترط الرد إلى المشتري نفسه و إيصاله بيده فلا يتعدى منه إلى غيره .
  مسألة (125) : نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري ، كما أن نماء الثمن للبائع .
  مسألة (126) : لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للمبيع من هبة أو بيع أو نحوهما و لو تصرف كذلك صح و إن كان آثماً ، و كذا لا يجوز له التصرف المتلف فيه ، و لو تلف كان ضمانه على المشتري ، و لا يسقط بذلك كله خيار البائع ، إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها لنفسها إلى البائع ، لكن الغالب الأول .
  مسألة (127) : إذا كان الثمن المشروط رده ديناً في ذمة البائع كما إذا كان للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين ، و اشترط الخيار مشروطاً برده بكون رده بإعطاء فرد منه و إن برأت ذمة البائع عما كان عليها بجعله ثمناً ، و إذا كان الثمن عيناً في يد البائع فالظاهر عدم ثبوت الخيار إلا في حال دفعها بعينها إلى المشتري ، نعم لو صرحا في شرطهما برد ما يعم بدلها مع عدم

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 46 ـ
   التمكن من رد العين أو كان ذلك مقتضى الإطلاق ـ كما إذا كان الثمن مما انحصر الانتفاع المتعارف منه بصرفه لا ببقائه كالنقود ـ كفى رد البدل أيضاً .
   وإذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ ، إلا إذا صرح باشتراط كون المردود عين ذلك الفرد المقبوض .
  مسألة (128) : لو اشترى الولي شيئاً للمولى عليه ببيع الخيار ، فارتفع حجره ـ قبل انقضاء المدة ـ كان الفسخ مشروطاً برد الثمن إليه ، و لا يكفي الرد إلى وليه ، ولو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد ، إلا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء .
  مسألة (129) : إذا مات البائع ـ قبل إعمال الخيار ـ انتقل الخيار إلى ورثته ، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري ، و يشتركون في المبيع على حساب سهامهم ، و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ ، لا في تمام المبيع و لا في بعضه ، ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته ، نعم لو جعل الشرط رد الثمن إلى المشتري بشخصه فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه فيسقط هذا الخيار بموته .
  مسألة (130) : يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع ، و الظاهر منه رد نفس العين ، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلا أن تقوم قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف ، كما يجوز أيضاً اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه .
  مسألة (131) : لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين ، بلا فرق بين رد الثمن و رد المثمن ، و في جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي ، أو المثل في القيمي مع التلف إشكال ، و إن كان الأظهر أيضاً

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 47 ـ
   العدم .
  مسألة (132) : يسقط هذا الخيار ، بانقضاء المدة المجعولة له ، مع عدم الرد و بإسقاطه بعد العقد .
   الرابع : خيار الغبن :
   إذا باع بأقل من قيمة المثل ، ثبت له الخيار ، و كذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل ، و تعتبر الأقلية و الأكثرية مع ملاحظة ما انضم إليه من الشرط ، و لا يثبت هذا الخيار للمغبون ، إذا كان عالما بالحال أو مقدما على المعاملة من غير اكتراث بأن لا يكون ما انتقل إليه أقل قيمة مما انتقل عنه .
  مسألة (133) : يشترط في ثبوت الخيار المغبون أن يكون التفاوت موجباً للغبن عرفاً ، بأن يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس فلو كان جزئياً غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار ، و حده بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس ، و لا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر و أما المعاملات العادية ـ و لا سيما الأشياء اليسيرة ـ فقد لا يكفي فيها ذلك و المدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية .
  مسألة (134) : الظاهر كون الخيار المذكور ثابتاً من حين العقد لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً .
  مسألة (135) : ثبوت هذا الخيار إنما هو بمناط الشرط الارتكازي في العرف العام ، فلو فرض كون المرتكز في عرف خاص ـ في بعض أنحاء المعاملات أو مطلقا ـ هو اشتراط حق استرداد ما به التفاوت و على تقدير عدمه ثبوت الخيار يكون هذا المرتكز الخاص هو المتبع في مورده ، و أما في غيره فالمتبع هو المرتكز العام من ثبوت حق الفسخ ابتداءً فليس للمغبون

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 48 ـ
   مطالبة الغابن بالتفاوت و ترك الفسخ ، و لو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله و إمضائه بتمام الثمن المسمى ، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح و سقط الخيار و وجب على الغابن دفع عوض المصالحة .
  مسألة (136) : يسقط الخيار المذكور بأمور :
   الأول : إسقاطه بعد العقد و إن كان قبل ظهور الغبن ، و لو أسقطه بزعم كون التفاوت فاحشاً فتبين كونه أفحش ، فإن كان الإسقاط معلقاً ـ لباً ـ على كون التفاوت فاحشاً كما لعله الغالب بطل الإسقاط ، و إن لم يكن معلقاً عليه بل كان هو من قبيل الداعي له صح ، وكذا الحال لو صالحه عليه بمال .
   الثاني : اشتراط سقوطه في متن العقد ، وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه فاحشاً فتبين أنه أفحش جرى فيه التفصيل السابق .
   الثالث : تصرف المغبون ـ بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه ـ تصرفاً يدل على الالتزام بالعقد ، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن ، أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به و لا يخلو من تأمل ، بل البناء على السقوط به ـ لو كان دالاً على الالتزام بالعقد ـ لا يخلو من وجه ، نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به و لو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الاسترداد كاستيلاد الجارية .
  مسألة (137) : إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري استرده منه ، و إن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله ، إن كان مثلياً ، و بقيمته إن كان قيمياً ، و إن وجده معيباً بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب ، و إن وجده خارجاً عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع و الهبة المعوضة أو لذي الرحم ، فالظاهر أنه

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 49 ـ
   بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة و ليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها ، بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة و البيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ و إرجاع العين ، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون ، نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب إرجاعها إليه و أولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون ، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق و أن يكون بعقد جديد ، فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون و لا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة ، و إذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها ، بل يدفع العين و أرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة .
  مسألة (138) : إذ فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفاً مغيراً له فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع و بدل التالف بالإضافة إلى أرش النقيصة الحاصلة من زوال الهيئة الاجتماعية إذا كان لها دخل في زيادة القيمة و كان التالف قيمياً أو مثلياً متعذراً بحيث لا يتدارك تمام النقص بدفع قيمة التالف فقط .
   وإن كان بالزيادة فإما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة و صياغة الفضة و قصارة الثوب ، و أما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب ، و أما أن تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان و نمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة و البناء و الغرس و الزرع ، فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين ، فإن لم توجب زيادة قيمة العين فالمبيع للبائع

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 50 ـ
   ولا شيء للمشتري ، و إلا فالأقوى شركة الغابن مع المغبون في المالية الثابتة للمبيع بلحاظ تلك الصفة الكمالية بلا فرق في ذلك بين أن يكون وجود تلك الصفة بفعل الغابن أو لا ، كما إذا اشترى منه عصا عوجاء فاعتدلت ، أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضة ، و هكذا الحال فيما إذا كانت الزيادة عينية غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان و نمو الشجرة .
   وأما ان كانت قابلة للانفصال كالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع كانت الزيادة للمشتري ، وحينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة حال الفسخ ضرر على المشتري كان للبائع إلزام المشتري بفصلها حينه كاللبن و الثمر ، بل له ذلك و إن لزم الضرر على المشتري من فصلها و لكن يحتمل حينئذ أن يكون ضامناً للضرر الوارد على المشتري خصوصاً فيما إذا كان ـ أي المشتري ـ جاهلاً بالغبن فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، و إذا أراد المشتري فصل الزيادة فليس للبائع منعه عنه ، و إذا أراد المشتري فصلها بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه ، فعليه طم الحفر و تسوية الأرض و نحو ذلك ، و إن كان بالامتزاج فإن كان بغير جنسه وعد المبيع مستهلكاً فيه عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء ضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة ، و إلا فإن عد الموجود طبيعة ثالثة للتفاعل بين الممتزجين مثلاً كالسكنجبين المصنوع من الخل و السكر ، فحكمه الشركة من المزيج بنسبة المالية .
   وإن لم يكن كذلك بأن عد الموجود خليطاً من موجودات متعددة لا يمكن إفراز بعضها عن بعض إلا بكلفة بالغة كمزج طن من حب الحنطة بطن من حب الشعير فلو فسخ البائع فليس له إلزام المشتري بالإفراز أو بدفع بدل ماله بل يتصالحان بوجه لا يستلزم الربا . و هكذا الحال في الامتزاج بالجنس إذا لم يعد الموجود شيئاً واحداً كخلط حب الحنطة بحب الحنطة سواءأكان الخلط بمثله أو كان بالأجود أو بالأردأ ، وأما إذا عد شيئاً