بمقدار الدين تحديداً و لكنه علم إجمالاً زيادته على المقدار المصالح به فإنه لا تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا في الحالة المذكورة ، و يجري نظير هذا الكلام في العين أيضاً .
  مسألة (1219) : إذا كان شخصان لكل منهما مال في يد الآخر أو على ذمته و علمت زيادة أحدهما على الآخر ، فإن كان المالان بحيث لا يجوز بيع أحدهما بالآخر لاستلزامه الربا لم يجز التصالح على المبادلة بينهما أيضاً ، لأن حرمة الربا تعم الصلح على هذا النحو على الأظهر ، و هكذا الحكم في صورة احتمال الزيادة و عدم العلم بها على الأحوط ، و يمكن الاستغناء عن الصلح على المبادلة بين المالين بالصلح على نحو آخر بأن يقول أحدهما لصاحبه في الفرض الأول : ( صالحتك على أن تهب لي ما في يدي و أهب لك ما في يدك ) فيقبل الآخر ، و يقول في الفرض الثاني : ( صالحتك على أن تبرأني مما لك في ذمتي و أبرأك مما لي في ذمتك ) فيقبل الآخر .
  مسألة (1220) : لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين فيما إذا لم يستلزم الربا على ما مر في المسألة السابقة ، مثلاً إذا كان أحد الدينين الحالين من الحنطة الجيدة و الآخر من الحنطة الرديئة و كانا متساويين في المقدار جاز التصالح على مبادلة أحدهما بالآخر ، و مع فرض زيادة أحدهما ـ في المثال ـ لا تجوز المصالحة على المبادلة بينهما على الأظهر .
  مسألة (1221) : يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين و أخذ الباقي منه نقداً ، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون ، و أما في غير ذلك فيجوز الصلح و البيع بالأقل نقداً من المديون و غيره ، و عليه فيجوز للدائن تنزيل ( الكمبيالة ) في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر على

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 377 ـ
   ما مر في المسألة ( 234 ) .
  مسألة (1222) : يجوز للمتنازعين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشيء من المدعى به أو بشيء آخر حتى مع إنكار المدعى عليه ، و يسقط بهذا الصلح حق الدعوى ، و كذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر ، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة ، و لكن هذا قطع للنزاع ظاهراً و لا يحل به لغير المحق ما يأخذه بالصلح ، و ذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر ديناً فأنكره ثم تصالحا على النصف فهذا الصلح و إن أثر في سقوط الدعوى ، و لكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه و يبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر و إن لم يكن عليه إثم إن كان معذوراً في اعتقاده ، نعم لو فرض رضا المدعي باطناً بالصلح عن جميع ماله في الواقع فقد سقط حقه ، و لو كان المدعي مبطلاً في الواقع حرم عليه ما أخذه من المنكر إلا مع فرض طيب نفسه واقعاً بأن يكون للمدعي ما صالح به لا أنه رضي به تخلصاً من دعواه الكاذبة .
  مسألة (1223) : لو قال المدعى عليه للمدعي ( صالحني ) لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق ، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار و الإنكار ، و أما لو قال ( بعني ) أو ( ملكني ) كان إقراراً .
  مسألة (1224) : يجوز أن يصطلح الشريكان بعد انتهاء الشركة على أن يكون لأحدهما رأس المال و الربح للآخر و الخسران عليه .
  مسألة (1225) : لو تصالح مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلاً بإزاء لبنها ، و اشترط عليه أن يعطي له مقداراً معيناً من الدهن صحت المصالحة ، بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من الدهن غير المقيد بالدهن المأخوذ منها صحت الإجارة أيضاً .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 378 ـ
  مسألة (1226) : إذا كان لواحدٍ ثوب اشتراه بعشرين درهماً و لآخر ثوب اشتراه بثلاثين و اشتبها ، و لم يميز كل منهما ماله عن مال صاحبه ، فإن خير أحدهما صاحبه فلا إشكال ، فكل ما اختاره يحل له و يحل الآخر لصاحبه ، و أما مع عدمه فإن توافقا على بيعهما بيعا و قسم الثمن بينهما بنسبة رأس مالهما فيعطي صاحب العشرين في المثال سهمين من خمسة و الآخر ثلاثة أسهم منها ، و لو تعاسرا في البيع و لو من جهة كون مقصود أحدهما أو كليهما نفس المال لا ثمنه فلابد من القرعة .
  مسألة (1227) : لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح ، و لزم الوفاء بالشرط .
  مسألة (1228) : إذا كان شخصان لكل منهما مال فاختلطا ثم تلف البعض من المجموع ، فإن كان الاختلاط على نحو يوجب الشركة بينهما في الخليط حسب التالف عليهما بنسبة المالين ، و إن لم يكن يوجب الشركة فيه ـ سواء أ كانا مثليين أو قيميين ـ فإن تساوى المالان في المقدار حسب التالف عليهما و قسم الباقي بينهما نصفين ، و أما مع الاختلاف فيه فإن كان احتمال وقوع التلف ممن ماله أقل ضعيفاً يوثق بخلافه حكم بوقوعه في مال الآخر ، كما إذا كان المجموع عشرة آلاف درهم ، لأحدهما درهم أو درهمان و البقية للآخر و كان التالف درهماً أو درهمين أيضاً فإن احتمال كون التالف ممن ماله أقل واحد من عشرة آلاف أو خمسة آلاف و هو احتمال ضعيف لا يعبأ به العقلاء .
   وأما إذا لم يكن كذلك فالأقوى احتساب التالف عليهما بنسبة ماليهما فلو كان المجموع عشرة لأحدهما درهم واحد و للآخر تسعة دراهم و كان التالف درهماً واحداً أعطي لصاحب الواحد تسعة أعشار الدرهم و لصاحب

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 379 ـ
   التسعة ثمانية دراهم و عشر الدرهم ، و لو كان التالف في المثال خمسة أعطى لصاحب الدرهم نصف درهم و لصاحب التسعة أربعة دراهم و نصف و هكذا .



منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 383 ـ
   الإقرار هو : ( إخبار الشخص عن حق ثابت عليه أو نفي حق له سواء أ كان من حقوق الله تعالى أم من حقوق الناس ) .
  مسألة (1229) : لا يعتبر في الإقرار لفظ خاص فيكفي كل لفظ مفهم له عرفاً ، بل لا يعتبر أن يكون باللفظ فتكفي الإشارة المفهمة له أيضاً .
  مسألة (1230) : يعتبر في الإقرار الجزم بمعنى عدم اشتمال الكلام على الشك و الترديد ، فلو قال أظن أو احتمل أنك تطلبني كذا لم يكن إقراراً .
  مسألة (1231) : يعتبر في الإخبار الذي يعد بلحاظ نفسه أو لوازمه إقراراً أن يكون واضحاً في مدلوله أما على نحو الصراحة أو الظهور ، فلا عبرة بالكلام المجمل و إن كان إجماله طارئاً ناشئاً من اقترانه ببعض الخصوصيات التي تمنع من انعقاد الظهور له عند أهل المحاورة .
  مسألة (1232) : لا يعتبر في تحقق الإقرار دلالة الكلام عليه بأحد طرق الدلالة اللفظية ( المطابقة و التضمن و الالتزام ) و لا كونه مقصوداً بالإفادة فيؤخذ المتكلم بلازم كلامه و إن لم ينعقد له ظهور فيه ـ بعد أن كان ظاهراً في ملزومه ـ بل و حتى مع جهل المقر بالملازمة أو غفلته عنها ، فإذا نفى الأسباب الشرعية لانتقال مال إليه واحداً بعد واحد كان ذلك إقراراً منه بعدم مالكيته له فيلزم به .
  مسألة (1233) : يعتبر في المقر به أن يكون مما لو كان المقر صادقاً في إخباره لأمكن إلزامه به شرعاً و ذلك بأن يكون المقر به مالاً في ذمته أو عيناً خارجية أو عملاً أو حقاً كحق الخيار و الشفعة و حق الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره أو نصب ميزاب على سطح داره أو يكون فعلاً مستوجباً

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 384 ـ
   للحد شرعاً كالزنا و شرب الخمر و ما شاكل ذلك ، و أما إذا أقر بما لا يمكن إلزامه به شرعاً فلا أثر له ، فإذا أقر بأن عليه لزيد شيئاً من ثمن خنزير و نحو ذلك لم ينفذ إقراره .
  مسألة (1234) : إنما ينفذ الإقرار بالنسبة إلى المقر و يمضي عليه فيما يكون ضرراً عليه لا فيما يكون ضرراً على غيره و لا فيما يكون فيه نفع المقر إذا لم يصدقه الغير ، فإذا أقر بزوجية امرأة و لم تصدقه نفذ إقراره بالنسبة إلى حرمة تزويجه من أمها مثلاً لا بالنسبة إلى وجوب تمكينها منه .
  مسألة (1235) : يصح الإقرار بالمجهول و المبهم و يقبل من المقر ، و للمقر له أن يلزمه بالتفسير و البيان و رفع الإبهام ، و يقبل منه ما فسره به و يلزم به لو طابق التفسير مع المبهم بحسب العرف و اللغة و أمكن بحسبهما أن يكون مرادا منه ، فلو قال : ( لك عليّ شيء ) فله إلزامه بالتفسير ، فإذا فسره بأي شيء يصح أن يكون في ذمة المقر للمقر له يقبل منه و إن لم يكن متمولاً كحبة من حنطة و مثلها الخمر و الخنزير إذا كان الطرفان ذميين ، و أما لو قال : ( لك عليّ مال ) لم يقبل منه إلا إذا كان ما فسره به من الأموال و إن كانت ماليته قليلة لا مثل حفنة من التراب .
  مسألة (1236) : إذا أقر بنقد أو وزن أو كيل يرجع في تعيينه إلى القرائن إن وجدت و مع الإبهام يرجع إلى تفسيره و تعيينه فإذا اتحد بلد الإقرار و المقر و المقر له حمل على المتعارف فيه و إن تعدد البلد أو تعدد المتعارف في البلد الواحد و لم توجد قرينة على التعيين يرجع إلى تفسير المقر .
  مسألة (1237) : لو أقر بشيء و أنكره المقر له ، فإن كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار و لا يطالب المقر بشيء ، و إن كان عيناً خارجية قيل أن للحاكم انتزاعها من يده و لكن الأظهر عدمه .
   هذا بحسب الظاهر و أما بحسب الواقع فعلى المقر بينه و بين الله تفريغ

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 385 ـ
   ذمته من الدين و تخليص نفسه من العين بالإيصال إلى المالك و إن كان بدسه في أمواله ، و لو رجع المقر له عن إنكاره فله إلزام المقر بالدفع إليه لو كان باقيا على إقراره .
  مسألة (1238) : لو أبهم المقر به و ادعى عدم معرفته به حتى يعينه فإن صدقه المقر له في ذلك و قال أنا أيضاً لا أدري فلا محيص عن الصلح إن أمكن و إلا فالقرعة ، و إن ادعى المعرفة و عينه فإن صدقه المقر فذاك و إلا فله أن يطالبه بالبينة ، و مع عدمها فله أن يحلفه ، و إن نكل أو لم يمكن إحلافه يكون الحال كما لو جهلا معا فلا محيص عن الصلح و إن لم يمكن فالقرعة .
  مسألة (1239) : كما لا يضر الإبهام و الجهالة في المقر به لا يضران في المقر له ، فلو قال : ( هذه الدار التي بيدي لأحد هذين ) يقبل و لهما إلزامه بالتعيين ، فمن عينه يقبل و يكون هو المقر له ، فإن صدقه الآخر فذاك و إلا تقع المخاصمة بينه و بين من عينه المقر ، و لو ادعى عدم المعرفة و صدقاه في ذلك سقط عنه لزوم التعيين ، و لو ادعيا أو أحدهما عليه العلم كان القول قوله بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر كما مر في نظائره .
  مسألة (1240) : لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف .
  مسألة (1241) : لو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل و لم يستحق المقر له المطالبة به قبل الأجل ، و لو أقر بالمردد بين الأقل و الأكثر ثبت الأقل .
  مسألة (1242) : يعتبر في المقر البلوغ و العقل و القصد و الاختيار ، فلا ينفذ إقرار الصبي و المجنون و السكران و كذا الهازل و الساهي و الغافل و كذا المكره ، نعم لا يبعد صحة إقرار الصبي إذا تعلق بما يحق له أن يفعله كبيع الأشياء اليسيرة كما مر في المسألة ( 62 ) .
  مسألة (1243) : السفيه إن أقر بمال في ذمته أو تحت يده لم يقبل و يقبل فيما عدا المال كالطلاق و الخلع و نحوهما ، و إن أقر بأمر مشتمل على مال

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 386 ـ
   وغيره كالسرقة لم يقبل بالنسبة إلى المال و قبل بالنسبة إلى غيره ، فيحد إذا أقر بالسرقة و لا يلزم بأداء المال .
  مسألة (1244) : لا ينفذ إقرار المفلس فيما يتعلق بماله الذي حجر عليه و ينفذ فيما عداه كدار سكناه و أثاث بيته و نحوهما ، و كذا ينفذ إقراره في الدين سابقاً و لاحقاً و لكن لا يشارك المقر له الغرماء كما مر في كتاب الحجر .
  مسألة (1245) : ينفذ إقرار المريض كالصحيح إلا إذا كان في مرض الموت مع التهمة ، فلا ينفذ إقراره فيما زاد على الثلث سواء أقر لوارث أو أجنبي كما مر في كتاب الحجر .
  مسألة (1246) : إذا ادعى الصبي البلوغ ، فإن ادعاه بالإثبات اختبر و لا يثبت بمجرد دعواه ، و كذا إن ادعاه بالسن فإنه يطالب بالبينة ، و أما لو ادعاه بالاحتلام في الحد الذي يمكن وقوعه فثبوته بقوله بلا يمين بل مع اليمين محل إشكال .
  مسألة (1247) : يعتبر في المقر له أن يكون له أهلية الاستحقاق ، فلو أقر بدين لدابة مثلاً لغى ، نعم لو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو رباط أو مدرسة و نحوها بمال فالظاهر قبوله و صحته ، حيث أن المقصود من ذلك في المتعارف اشتغال ذمته ببعض ما يتعلق بها من غلة موقوفاتها أو المنذور أو الموصى به لمصالحها و نحوها .
  مسألة (1248) : إذا أقر بشيء ثم عقبه بما يضاده و ينافيه يؤخذ بإقراره و يلغى ما ينافيه ، فلو قال : ( له عليّ عشرة لا بل تسعة يلزم بالعشرة ) ، و لو قال : ( له عليّ كذا و هو من ثمن الخمر أو بسبب القمار ) يلزم بالمال و لا يسمع منه ما عقبه ، و كذا لو قال : ( له عندي وديعة و قد هلكت ) ، فإن إخباره بتلف الوديعة و هلاكها ينافي قوله : ( له عندي ) الظاهر في وجودها عنده ، نعم لو قال ( كانت له عندي وديعة و قد هلكت ) فهو بحسب الظاهر إقرار بالإيداع عنده سابقا و لا

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 387 ـ
   تنافي بينه و بين طرو الهلاك عليها ، لكن هذا دعوى منه لابد من فصلها على الموازين الشرعية .
  مسألة (1249) : ليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي ، بل يكون المقر به ما بقي بعد الاستثناء إن كان الاستثناء من المثبت و نفس المستثنى إن كان الاستثناء من المنفي. فلو قال له عليّ عشرة إلا درهما أو هذه الدار التي بيدي لزيد إلا الغرفة الفلانية كان إقراراً بالتسعة و بالدار ما عدا الغرفة ، و لو قال ما له عليّ شيء إلا درهم أو ليس له من هذه الدار إلا الغرفة الفلانية كان إقراراً بدرهم و الغرفة ، هذا إذا كان الإخبار بالإثبات أو النفي متعلقاً بحق الغير عليه ، و أما لو كان متعلقاً بحقه على الغير كان الأمر بالعكس ، فلو قال لي عليك عشرة إلا درهماً أو لي هذه الدار إلا الغرفة الفلانية كان إقراراً بالنسبة إلى نفي حقه عن الدرهم الزائد على التسعة و نفي ملكية الغرفة ، فلو ادعى بعد ذلك استحقاقه تمام العشرة أو تمام الدار حتى الغرفة لم يسمع منه ، و لو قال ليس لي عليك إلا درهم أو ليس لي من هذه الدار إلا الغرفة الفلانية كان إقراراً منه بنفي استحقاق ما عدا الدرهم و ما عدا الغرفة .
  مسألة (1250) : لو أقر بعين لشخص ثم أقر بها لشخص آخر ـ كما إذا قال هذه الدار لزيد ثم قال بل لعمرو ـ حكم بكونها للأول و أعطيت له و أغرم للثاني قيمتها .
  مسألة (1251) : لو ادعى البائع إن إقراره بقبض الثمن كان مواطأة للإشهاد عليه عند الحاكم لغرض تصديقه وثيقة البيع مثلاً وأنه لم يقبض الثمن في الواقع كان عليه إقامة البينة على دعواه أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن .
  مسألة (1252) : إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك نفذ إقراره مع احتمال صدقه فيما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 388 ـ
   ونحو ذلك ، و أما بالنسبة إلى غير ذلك مما عليه من الأحكام ففيه تفصيل ، فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه عادة و شرعاً و عدم المنازع إذا كان الولد صغيراً و كان تحت يده ، و لا يشترط فيه تصديق الصغير ، و لا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه و يثبت بذلك النسب بينهما و كذا بين أولادهما و سائر الطبقات على إشكال لا يترك معه مراعاة الاحتياط ، و أما في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار إلا مع تصديق الآخر فإن لم يصدقه الآخر لم يثبت النسب و إن صدقه ـ و لا وارث غيرهما ـ توارثا ، و في ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إن لم يكن مقراً إشكال و الاحتياط لا يترك و كذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ، و لا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك .
  مسألة (1253) : لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه و لو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل ، و لو أقر باثنين دفعة فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار ، و لكن تبقى الدعوة قائمة بينهما ، و لو أقر بأولى منه في الميراث ثم أقر بأولى من المقر له أولاً كما إذا أقر العم بالأخ ثم أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولاً دفع إلى الثاني و إلا فإلى الأول و يغرم الثاني .
  مسألة (1254) : لو أقر الولد بآخر ثم أقر بثالث و أنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف و للثاني السدس ، و لو كانا معلومي النسب لم يلتفت إلى إنكاره فيكون المال بينهم أثلاثاً .
  مسألة (1255) : إذا كان للميت ولدان و أقر أحدهما له بثالث و أنكر الآخر لم يثبت نسب المقر به فيأخذ المنكر نصف التركة و يأخذ المقر الثلث ، حيث أن هذا نصيبه بمقتضى إقراره و يأخذ المقر به السدس ، و هو تكملة نصيب المقر و قد تنقص بسبب إقراره .
  مسألة (1256) : إذا كانت للميت زوجة و أخوة مثلا و أقرت الزوجة بولد

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 389 ـ
   له فإن صدقتها الأخوة كان ثمن التركة للزوجة و الباقي للولد ، و إن لم تصدقها أخذت الأخوة ثلاثة أرباع التركة و أخذت الزوجة ثمنها و الباقي و هو الثمن للمقر له .
  مسألة (1257) : إذا مات صبي مجهول النسب فأقر إنسان ببنوته قيل ثبت بذلك نسبه و يكون ميراثه للمقر إذا كان له مال و لكنه محل إشكال .
  مسألة (1258) : يثبت النسب بشهادة عدلين و لا يثبت بشهادة رجل و امرأتين و لا بشهادة رجل و يمين .
  مسألة (1259) : لو شهد الأخوان بابن للميت و كانا عدلين كان أولى منهما و يثبت النسب ، و لو كانا فاسقين لم يثبت النسب و يثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث و إلا كان إقرارهما نافذاً في حقهما دون غيرهما .
  مسألة (1260) : لو أقر الورثة بأسرهم بدين على الميت أو بشيء من ماله للغير كان مقبولاً لأنه كإقرار الميت ، و لو أقر بعضهم و أنكر البعض فإن أقر اثنان و كانا عدلين ثبت الدين على الميت ، و كذا العين للمقر له بشهادتهما ، و إن لم يكونا عدلين أو كان المقر واحداً نفذ إقرار المقر في حق نفسه خاصة ، و يؤخذ منه للدين الذي أقر به مثلاً بنسبة نصيبه من التركة ، فإذا كانت التركة مائة و نصيب كل من الوارثين خمسين فأقر أحدهما لأجنبي بخمسين و كذبه الآخر أخذ المقر له من نصيب المقر خمسة و عشرين ، و كذا الحال فيما إذا أقر بعض الورثة بأن الميت أوصى لأجنبي بشيء و أنكر البعض .

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 391 ـ


منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 393 ـ
   الوكالة هي : ( تسليط الغير على معاملة من عقد أو إيقاع أو ما هو من شؤونهما كالقبض و الإقباض )، و تفترق عن الإذن المجرد ـ الذي هو إنشاء الترخيص للغير في مقام بعمل تكويني كالأكل أو اعتباري كالبيع ـ في جملة أمور :
   منها : توقف الوكالة على القبول و عدم توقف الإذن عليه .
   ومنها : انفساخ الوكالة بفسخ الوكيل و عدم ارتفاع الإذن برفضه من قبل المأذون له .
   ومنها : نفوذ تصرف الوكيل حتى مع ظهور عزله عن الوكالة حين صدوره منه ما لم يبلغه العزل و عدم نفوذ تصرف المأذون له إذا ثبت رجوع الإذن عن إذنه قبل وقوعه .
   و تختلف الوكالة عن النيابة ـ التي هي الإتيان بالعمل الخارجي المعنون بعنوان اعتباري قصدي الذي ينبغي صدوره عن الغير بدلاً عنه ـ في جملة أمور :
   منها : إن العمل الصادر عن الوكيل كالبيع ينسب إلى الموكل و يعد عملاً له فيقال باع زيد داره و إن كان المباشر للبيع وكيله ، و أما العمل الصادر من النائب كالصلاة و الحج فلا يعد عملاً للمنوب عنه و لا ينسب إليه فلا يقال حج زيد لو كان الحاج نائبه .
   و منها : إن النيابة على قسمين : ما تكون عن استنابة و ما تكون تبرعية ، و أما الوكالة فلا تقع على وجه التبرع .
  مسألة (1261) : الوكالة من العقود فلابد فيها من الإيجاب و القبول

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 394 ـ
   بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل ، فلو دفع ماله إلى شخص ليبيعه و قبضه الوكيل بهذا العنوان صحت الوكالة .
  مسألة (1262) : يصح التوكيل بالكتابة ، فإذا قبل الوكيل صحت الوكالة و إن كان الوكيل في بلد آخر و تأخر وصول الكتاب إليه .
  مسألة (1263) : لا يعتبر التنجيز في الوكالة على الأظهر ، فيجوز تعليقها على شيء كأن يقول مثلاً إذا قدم زيد أو جاء رأس الشهر فأنت وكيلي في أمر كذا ، و أما تعليق متعلق الوكالة و التصرف الذي سلطه عليه فلا إشكال فيه أصلاً كما لو قال أنت وكيلي في أن تبيع داري إذا قدم زيد أو وكلتك في شراء كذا في وقت كذا .
  مسألة (1264) : يعتبر في الموكل و الوكيل : العقل و القصد و الاختيار ، و يعتبر في الموكل البلوغ أيضا إلا فيما تصح مباشرته من الصبي المميز ، و لا يعتبر البلوغ في الوكيل فيصح أن يكون الصبي المميز وكيلا و لو بدون إذن وليه .
  مسألة (1265) : يعتبر في الموكل كونه جائز التصرف فيما وكل فيه فلا يصح توكيل المحجور عليه لسفه أو فلس فيما حجر عليهما فيه دون غيره كالطلاق و نحوه ، كما يعتبر في الوكيل كونه متمكناً عقلاً و شرعاً من مباشرة ما وكل فيه فلا يجوز وكالة المحرم فيما يحرم عليه كابتياع الصيد و قبضه و إيقاع عقد النكاح .
   ويعتبر فيما وكل فيه أن يكون في نفسه أمراً سائغاً شرعاً فلا تصح الوكالة في المعاملات الفاسدة كالبيع الربوي و بيع الوقف من دون مسوغ له و الطلاق الفاقد للشرائط الشرعية و نحو ذلك .
  مسألة (1266) : لا يشترط في الوكيل الإسلام ، فتصح وكالة الكافر بل و المرتد و إن كان عن فطرة عن المسلم و الكافر ، نعم في وكالته على المسلم

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 395 ـ
   في استيفاء حتى منه أو مخاصمة معه إشكال و لا يبعد جوازها أيضاً .
  مسألة (1267) : تصح وكالة المحجور عليه لسفه أو فلس عن غيرهما ممن لا حجر عليه لاختصاص ممنوعيتها بالتصرف في أموالهما .
  مسألة (1268) : الظاهر أنه لا يشترط في الموكل أن يكون حال التوكيل مالكاً للتصرف في العمل الموكل فيه ، فيجوز للشخص أن يوكل غيره فيما لا يتمكن شرعاً أو عقلاً من إيقاعه إلا بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل كطلاق امرأة سيتزوجها أو بيع دار سيشتريها أو أداء دين سيستدينه و نحو ذلك ، و الظاهر أنه لا فرق في ذلك بين أن تكون الوكالة شاملة لما يتمكن منه حين الوكالة بأن يوكله في إيقاع الموقوف عليه ثم ما يتوقف عليه كأن يوكله في تزويج امرأة ثم طلاقها أو شراء مال ثم بيعه و نحو ذلك ، و بين أن تكون مختصة بالموقوف سواء أكان الموقوف عليه غير قابل للتوكيل كانقضاء العدة أو قابلاً له كالزواج و الشراء في المثالين المتقدمين .
  مسألة (1269) : لا تصح الوكالة فيما يعتبر إيقاعه مباشرة ، و يعرف ذلك ببناء العرف و الرجوع إلى مرتكزات المتشرعة ، و منه اليمين و لا سيما إذا كانت في مقام فصل الخصومة ، و لا يبعد أن يكون منه أيضاً النذر و العهد و اللعان و الإيلاء و الظهار و الشهادة و الإقرار .
  مسألة (1270) : إذا وكل غيره في إرجاع مطلقته الرجعية إليه قيل : إن ذلك بنفسه رجوع إليها ، و لو وكله في الإقرار عليه لزيد مثلاً بمال قيل : أنه يعد بنفسه إقراراً منه لزيد به ، و لكنهما محل إشكال أو منع .
  مسألة (1271) : يصح التوكيل في جميع العقود كالبيع و الصلح و الإجارة و الهبة و العارية و الوديعة و المضاربة و المزارعة و المساقاة و القرض و الرهن و الشركة و الضمان و الحوالة و الكفالة و الوكالة و النكاح إيجاباً و قبولاً في الجميع ، و كذا في الوصية و الوقف و في الطلاق و الإبراء و الأخذ بالشفعة

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 396 ـ
   وإسقاطها و فسخ العقد في موارد ثبوت الخيار و إسقاطه .
  مسألة (1272) : يصح التوكيل ـ كما تقدم ـ في القبض و الإقباض ، سواء في موارد لزومهما كما في القرض بالنسبة لمتعلقة و الصرف بالنسبة إلى العوضين و السلم بالنسبة إلى الثمن و في موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد و وكل عمراً في قبض الثمن فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل و كذلك الحال في الإقباض ، و لا يعتبر في صحة التوكيل حينئذٍ قدرة الموكل على القبض خارجاً فيجوز للبائع غير القادر على أخذ الثمن من المشتري أن يكون من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل .
  مسألة (1273) : يجوز التوكيل في الطلاق غائباً كان الزوج أم حاضراً ، بل يجوز توكيل الزوجة في أن تطلق نفسها بنفسها ، أو بأن توكل الغير عن الزوج أو عن نفسها .
  مسألة (1274) : يشترط في الموكل فيه التعيين ، بأن لا يكون مجهولاً أو مبهماً ، فلو قال : ( وكلتك ) من غير تعيين ( أو في أمر من الأمور ) ( أو في شيء مما يتعلق بي ) و نحو ذلك لم يصح ، نعم لا بأس بالتعميم أو الإطلاق و لو كان بدلياً كما سيأتي .
  مسألة (1275) : الوكالة : أما خاصة ، و أما عامة ، و أما مطلقة :
   فالأولى ما تعلقت بتصرف معين في مورد معين ، كما إذا وكله في شراء كتاب شخصي معين ، و هذا مما لا إشكال في صحته .
   وأما الثانية فأما عامة من جهة التصرف و خاصة من جهة متعلقه ، كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة المشروعة في داره المعينة من بيعها و هبتها و إجارتها و غيرها ، و أما بالعكس كما إذا وكله في بيع جميع ما يملكه ، و أما عامة في كلتا الجهتين ، كما إذا وكله في جميع التصرفات الممكنة المشروعة في جميع ما يملكه أو في إيقاع جميع ما يحق له بحيث يشمل

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 397 ـ
   التزويج له و طلاق زوجته .
   وأما الثالثة فقد تكون مطلقة من جهة التصرف خاصة من جهة متعلقة ، كما إذا وكله في أن يبيع داره المعينة بيعاً لازماً أو خيارياً أو يرهنها أو يؤجرها أو نحو ذلك و أوكل التعيين إلى نظره ، و قد تكون بالعكس كما إذا احتاج إلى بيع أحد أملاكه من داره أو عقاره أو دوابه أو غيرها فوكل شخصاً في أن يبيع أحدها و فوض الأمر في تعيينه بنظره و مصلحته ، و قد تكون مطلقة من كلتا الجهتين ، كما إذا وكله في إيقاع أحد العقود المعاوضية من البيع أو الصلح أو الإجارة مثلاً على أحد أملاكه من داره أو دكانه أو مخزنه مثلاً و أوكل التعيين من الجهتين إلى نظره ، و الظاهر صحة الجميع .
  مسألة (1276) : الوكيل في معاملة يكون على ثلاثة أقسام :
   الأول : أن يكون وكيلاً في مجرد إجراء العقد .
   الثاني : أن يكون وكيلاً مفوضاً إليه أمر المعاملة و ما يتبعها كعامل المضاربة ، و الظاهر أنه حينئذٍ بحكم المالك المباشر للعقد ، فيرجع عليه البائع بالثمن و يدفع إليه المبيع و يرجع عليه المشتري بالمثمن و يدفع إليه الثمن ، و يثبت له الخيار عند تحقق موجبه و لو ثبت الخيار للطرف الآخر لعيب أو غيره رد عليه العين و أخذ منه العوض .
   الثالث : أن يكون وكيلاً مفوضاً في المعاملة فقط دون ما يتبعها ، و الحال فيه كما في سابقه إلا فيما إذا ثبت الخيار للطرف الآخر فإنه إذا فسخ رجع إلى المالك في الرد و الاسترداد لا إلى الوكيل .
  مسألة (1277) : يقتصر الوكيل في التصرف على ما شمله عقد الوكالة صريحاً أو ظاهراً و لو بمعونة القرائن الحالية أو المقالية ، و لو كانت هي العادة الجارية على أن من يوكل في أمر كذا يريد ما يشمل كذا ، كما لو أعطى المال بيده و وكله في بيعه أو الشراء به فإنه يشمل تسليم المبيع حال قبض الثمن في البيع و تسليم الثمن حال قبض المثمن في الشراء دون إعمال الخيار بعيب أو

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 398 ـ
   غبن أو غيرهما إلا إذا شهدت قرائن الأحوال على أنه قد وكله فيه أيضاً .
  مسألة (1278) : الإطلاق في الوكالة في البيع يقتضي البيع حالاً بثمن المثل بنقد البلد و في الشراء يقتضي ابتياع الصحيح و الرد بالعيب .
  مسألة (1279) : إذا خالف الوكيل عما عين له و أتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة ، فإن كان مما يجري فيه الفضولية كالعقود توقفت صحته على إجازة الموكل و إلا بطل ، و لا فرق في ذلك بين أن يكون التخالف بالمباينة ، كما إذا وكله في بيع داره فآجرها ، أو ببعض الخصوصيات كما إذا وكله في أن يبيع نقداً فباع نسيئة أو بالعكس ، أو يبيع بخيار فباع بدونه أو بالعكس ، أو يبيعه من فلان فباعه من غيره و هكذا ، و ليس منه ما لو علم شمول التوكيل لفاقد الخصوصية أيضاً كما إذا وكله في أن يبيع السلعة بدينار فباعها بدينارين إذا كان الظاهر منه عرفاً أن تحديد الثمن بدينار إنما هو من طرف النقيصة فقط لا من طرف النقيصة و الزيادة معاً فكأنه قال (أن بعها بما لا يقل عن دينار) ، نعم لو لم يكن كذلك بأن احتمل أن يكون مقصوده التحديد به زيادة و نقيصة كان بيعها بالزيادة كبيعها بالنقيصة فضولياً يحتاج إلى الإجازة ، و من هذا القبيل ما إذا وكله في أن يبيعها في سوق مخصوصة بثمن معين فباعها في غيرها بذلك الثمن ، فإنه ربما يفهم عرفاً أنه ليس الغرض إلا تحصيل الثمن المحدد ، فيكون ذكر السوق المخصوص من جهة أنه أحد الإفراد التي يحصل فيها الغرض ، و ربما يحصل الإجمال عرفاً و يحتمل ـ احتمالاً معتدا به ـ تعلق غرضه بخصوص السوق التي ذكرها فلا يجوز التعدي عنه .
  مسألة (1280) : يجوز للولي كالأب و الجد من جهته للصغير أن يوكل غيره فيما يتعلق بالمولى عليه مما له الولاية فيه .
  مسألة (1281) : لا يجوز للوكيل أن يوكل غيره في إيقاع ما وكل فيه لا عن نفسه و لا عن الموكل إلا بإذن الموكل ، و يجوز بإذنه بكلا النحوين ، فإن

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 399 ـ
   عين الموكل في إذنه أحدهما أو الجامع بينهما صريحاً بأن قال مثلاً ( وكل غيرك عني أو عنك ) فهو المتبع ، و كذا لو لم يصرح بالتعيين و لكنه فهم من كلامه لقرينة حالية أو مقالية ، و أما مع الإجمال و الإبهام فيتوقف على التفسير و التعيين لاحقاً .
  مسألة (1282) : لو كان الوكيل الثاني وكيلاً عن الموكل كان في عرض الوكيل الأول ، فليس له أن يعزله و لا ينعزل بانعزاله ، بل لو مات الأول يبقى الثاني على وكالته ، و أما لو كان وكيلاً عن الوكيل كان له أن يعزله و كانت وكالته تبعاً لوكالته فينعزل بانعزاله أو موته ، و هل للموكل أن يعزله حينئذٍ من دون أن يعزل الوكيل الأول ؟ الظاهر أن له ذلك .
  مسألة (1283) : يجوز أن يتوكل اثنان فصاعداً عن واحد في أمر واحد ، فإن فهم من كلام الموكل إرادته انفرادهما فيه جاز لكل منهما الاستقلال في التصرف من دون مراجعة الآخر، و إلا لم يجز الانفراد لأحدهما و لو مع غيبة صاحبه أو عجزه سواء صرح بالانضمام و الاجتماع أو أطلق بأن قال مثلاً : ( وكلتكما ) أو ( أنتما وكيلاي ) و نحو ذلك ، و لو مات أحدهما بطلت وكالة الجميع مع شرط الاجتماع أو الإطلاق المنزل منزلته ، و بقي وكالة الباقي فيما لو فهم منه إرادة الانفراد .
  مسألة (1284) : الوكالة عقد جائز من الطرفين ، فللوكيل أن يعزل نفسه مع حضور الموكل و غيبته ، و كذا للموكل أن يعزله ، لكن انعزاله بعزله مشروط ببلوغه إياه ، فلو أنشأ عزله و لكن لم يطلع عليه الوكيل لم ينعزل ، فلو أمضى أمراً قبل أن يبلغه العزل بطريق معتبر شرعاً كان ماضياً نافذاً .
  مسألة (1285) : تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل و كذا بجنون أحدهما أو إغمائه إن كان مطبقاً ، و أما إن كان أدوارياً فبطلانها في زمان الجنون أو الإغماء ـ فضلاً عما بعده ـ محل إشكال ، و تبطل الوكالة أيضاً

منهاج الصالحين الجزء الثاني المعاملات ـ 400 ـ
   بتلف موردها كالحيوان الذي وكل في بيعه و بفعل الموكل ما تعلقت به الوكالة كما لو وكله في بيع سلعة ثم باعها و بفعل الموكل ما ينافيه كما لو وكله في بيع دار ثم أوقفه .
  مسألة (1286) : إذا عرض الحجر على الموكل فيما وكل فيه كان ذلك موجباً لعدم صحة تصرف الوكيل ما دام الموكل محجوراً عليه و لكن في كونه مبطلاً للوكالة بحيث لا يصح تصرفه بعد زوال الحجر أيضاً إشكال بل منع .
  مسألة (1287) : يجوز التوكيل في الخصومة و المرافعة ، فيجوز لكل من المدعي و المدعى عليه أن يوكل شخصاً عن نفسه ، بل يكره لذوي المروات أن يتولوا المنازعة و المرافعة بأنفسهم ، خصوصاً إذا كان الطرف بذي اللسان ، و لا يعتبر رضا صاحبه فليس له الامتناع عن خصومة الوكيل .
  مسألة (1288) : يجوز للحاكم التوكيل لمن له الولاية عليه من سفيه أو غيره إذا حصل بينه و بين غيره منازعة استدعت المرافعة عند الحاكم فيتخذ له وكيلاً ليدافع عن حقه أمامه .
  مسألة (1289) : الوكيل في المرافعة إن كان وكيلاً عن المدعي كانت وظيفته بث الدعوى على المدعى عليه عند الحاكم و إقامة البينة و تعديلها و طلب تحليف المنكر و الحكم على الخصم و القضاء عليه ، و بالجملة كل ما يقع وسيلة إلى الإثبات ، و أما الوكيل عن المدعى عليه فوظيفته الإنكار و الطعن على الشهود و إقامة بينة الجرح و مطالبة الحاكم بسماعها و الحكم بها ، و بالجملة عليه السعي في الدفع ما أمكن .
  مسألة (1290) : لو ادعى منكر الدين مثلاً في أثناء مرافعة وكيله و مدافعته عنه الأداء أو الإبراء انقلب مدعياً ، و صارت وظيفة وكيله إقامة البينة على هذه الدعوى و طلب الحكم بها من الحاكم ، و صارت وظيفة وكيل خصمه الإنكار و الطعن في الشهود و غير ذلك .