السبب نوعاً لا يخلو عن إشكال .
   ومنها : مباشرة المتوضئ للغسل و المسح ، فلو وضأه غيره أو شاركه فيه بطل ، نعم إذا لم يتمكن من المباشرة إلا مع الاستعانة بغيره بأن يشاركه في الغسل أو المسح جاز ذلك و هو الذي يتولى النية حينئذ ، و أن لم يتمكن من المباشرة و لو على هذا النحو طلب من غيره أن يوضأه ، و الأحوط حينئذ أن يتولى النية كل منهما .
   ومنها : الموالاة ، و هي التتابع العرفي في الغسل و المسح ، و يكفي في الحالات الطارئة ـ كنفاد الماء و طرو الحاجة و النسيان ـ أن يكون الشروع في غسل العضو اللاحق أو مسحه قبل أن تجف الأعضاء السابقة عليه فإذا أخره حتى جفت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء ، و لا بأس بالجفاف من جهة الحر و الريح أو التجفيف إذا كان الموالاة العرفية متحققة .
  مسألة (142) : الأحوط ـ وجوباً ـ عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن المعتاد .
   ومنها : الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس ثم الرجلين .
   والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى و إن كان الأظهر جواز مسحهما معا ولا يجب الترتيب بين اجزاء كل عضو ، نعم يجب مراعاة ان يكون الغسل من الاعلى فالأعلى على ما تقدم ...
   ولو عكس الترتيب بين الأعضاء سهواً أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة ، و إلا استأنف ، و كذا لو عكس عمداً ، إلا أن يكون قد أتى بالجميع عن غير الأمر الشرعي فيستأنف .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 52 ـ
الفصل الرابع    أحكام الخلل
  مسألة (143) : من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهر ، و كذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً ، و لو تيقن الطهارة و شك في الحدث بنى على الطهارة ، و إن ظن الحدث ظناً غير معتبر شرعاً ، و تستثنى من ذلك صورة واحد ستأتي في المسألة ( 157 ) .
  مسألة (144) : إذا تيقن الحدث والطهارة و شك في المتقدم و المتأخر تطهر ، سواء علم تاريخ الطهارة ، أو علم تاريخ الحدث ، أو جهل تاريخهما جميعا .
  مسألة (145) : إذا شك في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بنى على صحة العمل و تطهر لما يأتي ، حتى فيما إذا تقدم منشأ الشك على العمل ، بحيث لو التفت إليه قبل العمل لشك ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضي حال الغفلة .
  مسألة (146) : إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة ـ مثلاً ـ قطعها و تطهر ، واستأنف الصلاة .
  مسألة (147) : لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به و بما بعده ، مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما من الشرائط ، و كذا لو شك في الإتيان بفعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه ، و أما لو شك في ذلك بعد الفراغ أو شك في تحقق شرط بعض الأفعال بعد الفراغ من ذلك الفعل لم يلتفت ، وإذا شك في الإتيان بالجزء الأخير فإن كان ذلك مع تحقق الفراغ العرفي ـ كما لو شك بعد الدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعد فوات

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 53 ـ
   الموالاة ـ لم يلتفت ، و إلا أتى به .
  مسألة (148) : ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء ، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب أو قبله ، و لكنه يختص بغير كثير الشك ، و أما هو فلا يعتني بشكه مطلقا .
  مسألة (149) : إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي شكه و صلى ، فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر ، فتجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت ، والقضاء إن تذكر بعده .
  مسألة (150) : إذا كان متوضئاً و توضأ للتجديد وصلى ، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين و لم يعلم أيهما ، فلا إشكال في صحة صلاته ، و لا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً...
  مسألة (151) : إذا توضأ وضوءين و صلى بعدهما ، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما ، يجب الوضوء للصلاة الآتية ، و أما الصلاة فيبني على صحتها ، و إذا كان في محل الفرض قد صلى بعد كل وضوء صلاة ، أعاد الوضوء كما يعيد الصلاتين إن مضى أو بقى وقتهما معا ، أما إذا بقي وقت إحداهما فقط فالأظهر أنه لا يجب حينئذ إلا إعادتها كما إذا صلى صلاتين أدائيتين و مضى وقت إحداهما دون الأخرى ، أو صلى صلاة قضائية و أخرى أدائية و مضى وقت الثانية ، هذا مع اختلافهما في العدد ، و إلا فيكتفي بإتيان صلاة واحدة بقصد ما في الذمة مطلقا .
  مسألة (152) : إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءاً منه و لا يدري أنه الجزء الواجب أو المستحب ، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه .
  مسألة (153) : إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل ، أو مسح في موضع الغسل ، أو غسل في موضع المسح ، ولكن شك في أنه

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 54 ـ
   هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة ، أو تقية أو لا بل كان على غير الوجه الشرعي فالأظهر عدم وجوب الإعادة .
  مسألة (154) : إذا تيقن أنه دخل في الوضوء و أتى ببعض أفعاله و لكن شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أو لا ، بل عدل عنه اختياراً أو اضطراراً، فالأظهر صحة وضوئه مع إحراز إيجاد مسمى الوضوء الجامع بين الصحيح والفاسد ، وكون الشك بعد تحقق الفراغ العرفي بالدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعد فوات الموالاة .
  مسألة (155) : إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب ، أو شك في حاجبيته كالخاتم ، أو علم بوجوده ولكن شك بعده في أنه أزاله ، أو أنه وصل الماء تحته ، بنى على الصحة ، وكذا إذا علم بوجود الحاجب ، وشك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة .
  مسألة (156) : إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ و شك ـ بعده ـ في أنه طهرها ثم توضأ أم لا ، بنى على بقاء النجاسة إذا لم يكن الغسل الوضوئي كافيا في تطهيره ، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، و أما الوضوء فمحكوم بالصحة ، و كذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثم شك ـ بعد الوضوء ـ في أنه طهره قبله أم لا ، فإنه يحكم بصحة وضوئه ، و بقاء الماء نجسا ، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه وبدنه .
الفصل الخامس    نواقض الوضوء
  يحصل الحدث بأمور :
   الأول و الثاني : خروج البول و الغائط ، سواء أ كان خروجهما من الموضع الأصلي ـ للنوع أو لفرد شاذ الخلقة من هذه الجهة ـ أم من غيره مع

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 55 ـ
   انسداد الموضع الأصلي ، و أما مع عدم انسداده فلا يكون ناقضاً إلا إذا كان معتاداً له أو كان الخروج بدفع طبيعي لا بالآلة ، و إن كان الأحوط الانتقاض به مطلقا ، و البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهراً .
   الثالث : خروج الريح من مخرج الغائط ـ المتقدم بيانه ـ إذا صدق عليها أحد الإسمين المعروفين ، و لا عبرة بما يخرج من القبل و لو مع الاعتياد .
   الرابع : النوم الغالب على العقل ، و يعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين أن يكون قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومثله كل ما غلب على العقل من جنون ، أو إغماء ، أو سكر ، أو غير ذلك ، دون البهت ونحوه .
   الخامس : الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى .
  مسألة (157) : إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم ، و كذا إذا شك في أن الخارج بول ، أو مذي ، فإنه يبني على عدم كونه بولاً ، إلا أن يكون قبل الاستبراء ، فيحكم بأنه بول ، فإن كان متوضئاً انتقض وضوؤه .
  مسألة (158) : إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء ، و كذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه .
  مسألة (159) : لا ينتقض الوضوء بخروج المذي ، أو الودي ، أو الوذي ، والأول ما يخرج بعد الملاعبة ، و الثاني ما يخرج بعد خروج البول ، والثالث ما يخرج بعد خروج المني .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 56 ـ
الفصل السادس    حكم دائم الحدث
   من استمر به الحدث في الجملة ـ كالمبطون ، و المسلوس ، و نحوهما ـ له أحوال ثلاث :
   الأولى : أن يجد فترة من الوقت يمكنه أن يأتي فيها بالصلاة متطهراً ـ و لو مع الاقتصار على واجباتها ـ ففي هذه الصورة يجب ذلك و يلزمه التأخير سواء أ كانت الفترة في أثناء الوقت أم في آخره ، نعم إذا كانت الفترة في أول الوقت أو في أثنائه و لم يصل حتى مضى زمان الفترة صحت صلاته إذا عمل بوظيفته الفعلية و إن أثم بالتأخير .
   الثانية : أن لا يجد فترة أصلاً أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة و بعض الصلاة ، ففي هذه الصورة يتوضأ ـ أو يغتسل أو يتيمم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي ـ ثم يصلي و لا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في أثنائها و هو باق على طهارته ما لم يصدر منه حدث غير حدثه المبتلي به أو نفس هذا الحدث غير مستند إلى مرضه و لو قبل حصول البرء ، وتصح منه الصلوات الأخرى أيضا الواجبة و المستحبة ، و الأحوط الأولى أن يتطهر لكل صلاة و إن يبادر إليها بعد الطهارة .
   الثالثة : أن تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة و الأحوط في هذه الصورة تحصيل الطهارة و الإتيان بالصلاة في الفترة و لكن لا يجب تجديد الطهارة إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة أو بعدها إلا أن يحدث حدثاً آخر بالتفصيل المتقدم.
   في الصورة الثانية ، والأحوط ولا سيما للمبطون أن يجدد الطهارة كلما فاجأه الحدث أثناء صلاته ويبني عليها ما لم يكن التكرار كثيراً بحيث يكون موجباً للحرج نوعا أو لفوات الموالات المعتبرة بين أجزاء الصلاة

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 57 ـ
   ـ بسبب استغراق الحدث المفاجئ أو تجديد الطهارة أو الأمرين معا زماناً طويلاً ـ كما أن الأحوط إذا أحدث بعد الصلاة أن يجدد الطهارة لصلاة أخرى .
  مسألة (160) : الأحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم على المحدث ، و إن كان الأظهر عدم وجوبه ، فيما إذا جاز له الصلاة .
  مسألة (161) : يجب على المسلوس و المبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه و ثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه ، و لا يجب تغييره لكل صلاة ، وإن وجب ـ على الأحوط ـ تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه ، كما في غير الحالة الثانية من الحالات المتقدمة .
الفصل السابع    أحكام الوضوء
   لا يجب الوضوء لنفسه ، وتتوقف صحة الصلاة ـ واجبة كانت ، أو مندوبة ـ عليه ، و كذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط استحباباً . ومثل الصلاة الطواف الواجب ، و هو ما كان جزءاً من حجة أو عمرة ، دون المندوب و إن وجب بالنذر ، نعم يستحب له .
  مسألة (162) : الوضوء الرافع للحدث الأصغر لم يثبت كونه مستحباً نفسياً ، بل المستحب هو الكون على الطهارة الحاصلة بالوضوء ، فيجوز الإتيان به بقصد حصولها كما يجوز الإتيان به بقصد أي غاية من الغايات المترتبة عليها ، بل بأي داع قربي وإن كان هو الاجتناب عن محرم كمس كتابة القرآن .
   وأما الوضوء التجديدي للمتطهر من الحدث الأصغر فهو مستحب نفسي و لكن القدر المتيقن من استحبابه التجديد لصلاتي الصبح

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 58 ـ
   والمغرب و إن كان لا يبعد استحبابه لكل صلاة ، و أما في غير ذلك فيؤتى به رجاءً .   مسألة (163) : لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن ، حتى المد و التشديد و نحوهما ، ولا مس اسم الجلالة و سائر أسمائه و صفاته على الأحوط وجوبا ، والأحوط الأولى إلحاق أسماء الأنبياء و الأوصياء و سيدة النساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين به .
  مسألة (164) : لا فرق في جريان الحكم المذكور بين أنواع الخطوط حتى المهجورة منها ، و لا بين الكتابة بالمداد ، و الحفر ، و التطريز ، و غيرهما ، كما لا فرق في الماس ، بين ما تحله الحياة و غيره ، نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر إذا كان الشعر غير تابع للبشرة .
  مسألة (165) : المناط في الألفاظ المشتركة بين القرآن و غيره بكون المكتوب ـ بضميمة بعضه إلى بعض ـ مما يصدق عليه القرآن عرفاً و إلا فلا أثر له سواء أ كان الموجد قاصداً لذلك أم لا ، نعم لا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط مع طرو التفرقة عليه بعد الكتابة .
  مسألة (166) : الطهارة من الحدث الأصغر قد تكون شرطاً لصحة عمل كما مر بعض أمثلته ، وقد تكون شرطاً لكماله و سيأتي بعض موارده ، و قد تكون شرطاً لجوازه كمس كتابة القرآن ـ كما تقدم ـ ويعبر عن الأعمال المشروطة بها بـ ( غايات الوضوء ) نظراً إلى جواز الإتيان به لأجلها ، و إذا وجبت إحدى هذه الغايات و لو لنذر أو شبهه يتصف الوضوء الموصل إليها بالوجوب الغيري ، و إذا استحبت يتصف بالاستحباب الغيري ، ومما تكون الطهارة شرطاً لكماله الطواف المندوب وجملة من مناسك الحج ـ غير الطواف و صلاته ـ كالوقوفين ورمي الجمار ، ومنه أيضاً صلاة الجنائز وتلاوة القرآن والدعاء وطلب الحاجة وغيرها .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 59 ـ
  مسألة (167) : يجوز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة ولو قبل دخول وقتها على الأظهر كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة وكذا بقصد ما مر من الغايات .
  مسألة (168) : سنن الوضوء على ما ذكره العلماء رضي الله عنهم : وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين ، و التسمية ، والدعاء بالمأثور ، و غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الذي يغترف منه ـ لحدث النوم ، أو البول مرة ، و للغائط مرتين ـ و المضمضة ، و الاستنشاق ، و تثليثهما و تقديم المضمضة ، و الدعاء بالمأثور عندهما ، وعند غسل الوجه و اليدين ، و مسح الرأس ، و الرجلين ، و تثنية الغسلات ، والأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها ، و كذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى ، وكذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد ، و يستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى والثانية و المرأة تبدأ بالباطن فيهما ، ويكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 60 ـ
المبحث الرابع : الغسل

  والواجب منه لغيره : غسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة والنفاس ، ومس الأموات .
   والواجب لنفسه ، غسل الأموات .
   فهنا مقاصد :

المقصد الأول : غسل الجنابة

  وفيه فصول

الفصل الأول : سبب الجنابة
   وهو أمران :
   الأول : خروج المني بشهوة أو بدونها من الموضع المعتاد ، و كذا من غيره إذا كان الخروج طبيعياً ، و إلا ففيه إشكال ، فالأحوط لزوما الجمع بين الطهارتين إذا كان محدثاً بالأصغر ، هذا في الرجل ، وأما المرأة فالماء الخارج من قبلها بشهوة موجب للجنابة ولا أثر لما خرج بغير شهوة على الأظهر .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 61 ـ
  مسألة (169) : إن عرف المني فلا إشكال ، و إن لم يعرف فالشهوة و الدفق وفتور الجسد أمارة عليه ، و مع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منياً .
   وفي المريض يرجع إلى الشهوة .
  مسألة (170) : من وجد على بدنه أو ثوبه منياً ، وعلم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل ، ويعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة ، دون ما يحتمل سبقها عليها ، و إن علم تاريخ الجنابة و جهل تاريخ الصلاة ، وإن كانت الإعادة لها أحوط استحباباً، وإن لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شيء .
  مسألة (171) : إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم واحد منهما أو كلاهما أنها من أحدهما ففيه صورتان :
   الأولى : أن يكون جنابة الآخر واقعاً موضوعاً لحكم إلزامي بالنسبة إلى العالم بالجنابة إجمالاً، و ذلك كعدم جواز الاقتداء به في الصلاة ـ إذا كان ممن يقتدى به لولا ذلك ـ و عدم جواز استئجاره للنيابة عن الميت في الصلاة التي وظيفته تفريغ ذمته منها ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم فيجب على نفسه الغسل ـ وكذا الوضوء أيضا إذا كان مسبوقا بالحدث الأصغر تحصيلاً للعلم بالطهارة ـ ولا يجوز له استئجار الآخر للنيابة في الصلاة قبل اغتساله ، و لا الاقتداء به بعد تحصيل الطهارة لنفسه ، وأما قبل تحصيلها فلا يجوز الاقتداء به بعد تحصيل الطهارة لنفسه ، و أما قبل تحصيلها فلا يجوز الاقتداء به للعلم التفصيلي ببطلان الصلاة حينئذ .
   الثانية : أن لا تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالاً، ففيها لا يجب الغسل على العالم بالجنابة ، هذا بالنسبة إلى حكم الشخصين أنفسهما .
   وأما غيرهما العالم بجنابة أحدهما إجمالاً ـ و لو لم يعلما هما بذلك ـ

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 62 ـ
   فلا يجوز له الائتمام بأي منهما إن كان كل منهما مورداً للابتلاء فضلاً عن الائتمام بهما جميعاً ، كما لا يجوز له استنابة أحدهما في صلاة ، أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة الواقعية .
  مسألة (172) : البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهراً. .
   الثاني : الجماع و لو لم ينزل ، و يتحقق بدخول الحشفة في القبل ، أو الدبر من المرأة ، و أما في غيرها فالأحوط لزوماً الجمع بين الغسل و الوضوء للواطئ و الموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر ، و إلا يكتفي بالغسل فقط ، ويكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها ، بل الأظهر الاكتفاء بمجرد الإدخال منه .
  مسألة (173) : إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للطرفين ، من غير فرق بين الصغير و الكبير ، و العاقل و المجنون ، والقاصد وغيره ، وكذا الحي والميت على الأظهر .
  مسألة (174) : إذا خرج المني بصورة الدم أي ممتزجاً بشيء منه وجب الغسل بعد العلم بكونه منياً ...
  مسألة (175) : إذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج إلى الخارج ، لا يجب الغسل .
  مسألة (176) : يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته و لو لم يقدر على الغسل و كان بعد دخول الوقت ، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك ، و أما في الوضوء فلا يجوز على الأحوط لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت .
  مسألة (177) : إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا ، لا يجب عليه الغسل ، وكذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج ، أو دبر ، أو غيرهما .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 63 ـ
  مسألة (178) : الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط لزوماً فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء إذا كان الواطئ ، أو الموطوء محدثاً بالأصغر .
   وأما الوطء في قبلها فلا يوجب الجنابة للواطئ إلا مع الإنزال و أما الموطوءة فيلزمها رعاية الاحتياط و إن لم تنزل ، للعلم الإجمالي بتوجه تكاليف الرجال أو النساء إليها .
   ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الموطوء ، وأما الواطئ فيلزمه الاحتياط لما تقدم .
   وإذا أدخل الرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى ، ولا يجب على الرجل والأنثى إذا لم يترتب على جنابة الآخر أثر إلزامي بالنسبة إليه على التفصيل المتقدم في المسألة ( 171 ) .

الفصل الثاني
  فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة ، وهو أمور :
   الأول : الصلاة مطلقاً ، عدا صلاة الجنائز ، وكذا أجزاؤها المنسية ، بل سجود السهو على الأحوط استحبابا .
   الثاني : الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً ـ كما تقدم في الوضوء ـ وفي صحة الطواف المندوب من المجنب إشكال .
   الثالث : الصوم ، بمعنى أنه لو تعمد البقاء على الجنابة في شهر رمضان أو قضائه حتى طلع الفجر بطل صومه ، و كذا صوم ناسي الغسل في شهر رمضان ، على ما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى .
   الرابع : مس كتابة القرآن الشريف ، ومس اسم الله تعالى على ما تقدم في الوضوء .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 64 ـ
   الخامس : اللبث في المساجد ، بل مطلق الدخول فيها ، و إن كان لوضع شيء فيها ، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز أو من خارجها على الأحوط ، كما لا يجوز الدخول لأخذ شيء منها ، و يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا ، و الخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين ـ المسجد الحرام ، و مسجد النبي صلى الله عليه و آله ـ و الأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام ، بالمساجد في الأحكام المذكورة ، و لا يلحق بها أروقتها ـ فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضها ـ كما لا يلحق بها الصحن المطهر و إن كان الإلحاق أحوط .
   السادس : قراءة آية السجدة من سور العزائم ، و هي ( ألم السجدة ، و حم السجدة ، و النجم ، و العلق ) و الأحوط استحباباً إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة .
  مسألة (179) : لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب ، و إن لم يصل فيه أحد ، بشرط بقاء العنوان عرفاً بأن يصدق أنه مسجد خراب ، و أما مع زوال العنوان فلا تترتب عليه آثار المسجدية ، بلا فرق في ذلك كله بين المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة و غيرها .
  مسألة (180) : ما يشك في كونه جزءا من المسجد من صحنه و حجراته ومنارته وحيطانه و نحو ذلك و لم تكن امارة على جزئيته ـ ولو كانت هي يد المسلمين عليه بعنوان المسجدية ـ لا تجري عليه أحكامها .
  مسألة (181) : لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة بل الإجارة فاسدة ، ولا يستحق الأجرة المسماة ، وفي استحقاقه أجرة المثل إشكال ، نعم يجوز استئجاره لذلك من غير تقييد بزمان الجنابة فيستحق الأجرة حينئذ و إن أتى به حالها . هذا إذا علم الأجير بجنابته ، أما إذا

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 65 ـ
   جهل بها فالأظهر جواز استئجاره مطلقاً ، و كذلك الصبي و المجنون الجنب .
  مسألة (182) : إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين وعلم الجنب منهما بجنابته ، لا يجوز استئجارهما ، و لا استئجار أحدهما لقراءة العزائم ، أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب .
  مسألة (183) : مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة ، إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة .

الفصل الثالث : ما يكره للجنب
  قد ذكروا أنه يكره للجنب الأكل و الشرب إلا بعد الوضوء ، أو بعد غسل اليدين و التمضمض و غسل الوجه ، و تزول مرتبة من الكراهة بغسل اليدين فقط ، و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم ، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً ، و يكره أيضاً مس ما عدا الكتابة من المصحف ، و النوم جنبا إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل .

الفصل الرابع : واجبات غسل الجنابة
   وهي أمور : فمنها النية ، ويجري فيها ما تقدم في نية الوضوء .
   ومنها : غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه ، فلا بد من رفع الحاجب ، و تخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل ، و لا يجب غسل الشعر ، إلا ما كان من توابع البدن ، كالشعر الرقيق و إن كان الأحوط استحباباً غسل مطلق الشعر ، و لا يجب غسل البواطن كباطن العين و الأذن والفم . نعم الأحوط وجوباً غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر ، و إن

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 66 ـ
   علم سابقاً أنه من الباطن ثم شك في تبدله .
   ومنها : الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين :
   أولاهما : الترتيب ، و الأحوط وجوباً فيه أن يغسل أولاً تمام الرأس ـ و منه العنق ـ ثم بقية البدن ، و الأحوط الأولى أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ثم تمام النصف الأيسر ، و لا بد في غسل كل عضو من إدخال شيء من الآخر مما يتصل به إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك ، و لا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو ، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى ، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا ، بل يكفي المسمى كيف كان ، فيجزي رمس الرأس بالماء أولاً ، ثم الجانب الأيمن ، ثم الجانب الأيسر ، كما يكفي رمس البعض ، والصب على الآخر .
   ثانيتهما : الارتماس ، وهو على نحوين : دفعي و تدريجي ، و الأول هو تغطية الماء لمجموع البدن وستره لجميع أجزائه و هو أمر دفعي يعتبر الانغماس التدريجي مقدمة له ، والثاني هو غمس البدن في الماء تدريجا مع انخفاظ الوحدة العرفية فيكون غمس كل جزء من البدن جزء من الغسل لا مقدمة له كما في النحو الأول ، والأظهر صحة الثاني كالأول ، و يعتبر في الثاني أن يكون كل جزء من البدن خارج الماء قبل رمسه بقصد الغسل ويكفي في النحو الأول خروج بعض البدن من الماء ثم رمسه فيه بقصد الغسل .
  مسألة (184) : النية في النحو الأول يجب أن تكون مقارنة للتغطية في زمان حدوثها فإذا تحقق بها استيلاء الماء على جميع البدن مقرونا بالنية كفى ، و أما إذا توقف ذلك على أمر آخر كتخليل الشعر أو رفع القدم عن الأرض مثلاً فلا بد من استمرار النية من حين التغطية إلى حين وصول الماء إلى تمام الأجزاء ، أو نية الغسل بالارتماس البقائي المقارن مع وصوله إليها ، وأما في النحو الثاني فتجب النية مقارنة لغمس أول جزء من البدن في الماء

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 67 ـ
   واستمرارها إلى حين غمس الجميع .
  مسألة (185) : ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك الرأس و الرقبة ثم الجانبين بقصد غسلها ـ فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء ـ وكذلك تحريك بعض الأعضاء وهو في الماء بقصد غسله ، و قالوا أيضا بتحقق الغسل الارتماسي الدفعي بتحريك البدن تحت الماء بقصد غسله ، ولكن هذا لا يخلو عن إشكال والأحوط عدم الاكتفاء به .
   ومنها : إطلاق الماء ، و طهارته بل و نظافته ـ على قول ـ وإباحته ، والمباشرة اختياراً ، وعدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه ، و طهارة العضو المغسول على نحو ما تقدم في الوضوء ، وقد تقدم فيه أيضاً الكلام في اعتبار إباحة الإناء و المصب ، و حكم الجبيرة ، والحائل وغيرهما من أفراد الضرورة ، و حكم الشك ، و النسيان ، وارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الأثناء و بعد الفراغ منها فإن الغسل كالوضوء في جميع ذلك ، نعم يفترق عنه في عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي منه .
  مسألة (186) : الغسل الترتيبي مع مراعاة الترتيب فيه بين الأيمن والأيسر أفضل من الغسل الارتماسي .
  مسألة (187) : الأظهر جواز العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي بقسميه و كذا العدول من القسم الثاني من الارتماسي إلى غيره ، هذا في العدول الاستئنافي ـ أي رفع اليد عما شرع فيه و استئناف غيره ـ و أما العدول التكميلي من الترتيبي إلى الارتماسي ففيه إشكال بل منع و كذا العكس فيما يتصور فيه ذلك .
  مسألة (188) : يجوز الارتماس فيما دون الكر ، وإن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر .
  مسألة (189) : إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت ، فتبين ضيقه فغسله

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 68 ـ
   صحيح .
  مسألة (190) : ماء غسل المرأة من الجنابة ، أو الحيض ، أو نحوهما على الزوج على الأظهر .
  مسألة (191) : إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله و اغتسل ، و لم يستحضر النية تفصيلاً ، كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنه يغتسل ، أما لو كان يتحير في الجواب ـ إلا بعارض كخوف أو نحوه ، بل من جهة عدم تأثر النفس عن الداعي الإلهي ـ بطل ، لانتفاء النية .
  مسألة (192) : إذا كان جواز الاستفادة من الحمام من قبيل الإباحة المشروطة بدفع نقد معين معجلاً ، فإن كان قاصداً ـ حين الاغتسال ـ عدم إعطاء العوض للحمامي ، أو كان قاصداً إعطاء غير العوض المعين ، أو كان قاصداً للتأجيل ، أو كان متردداً في ذلك بطل غسله و إن استرضاه بعد ذلك .
  مسألة (193) : إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل ، و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم .
   ولو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا ، بنى على الصحة .
  مسألة (194) : إذا كان ماء الحمام مباحاً ، لكن سخن بالحطب المغصوب ، لا مانع من الغسل فيه .
  مسألة (195) : لا يجوز الغسل في حوض المدرسة ، إلا إذا علم بعموم الوقفية ، أو الإباحة ، ولو من جهة جريان العادة باغتسال أهله أو غيرهم فيه من دون منع أحد .
  مسألة (196) : الماء الذي يسبلونه ، لا يجوز الوضوء ، و لا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الرضا .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 69 ـ
  مسألة (197) : لبس المئزر الغصبي حال الغسل وإن كان محرماً في نفسه ، لكنه لا يوجب بطلان الغسل .

الفصل الخامس : مستحبات غسل الجنابة
  قد ذكر العلماء رضي الله عنهم : أنه يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً ، ثم المضمضة ثلاثاً ، ثم الاستنشاق ثلاثاً ، وإمرار اليد على ما تناله من الجسد ، خصوصاً في الترتيبي ، بل ينبغي التأكد في ذلك و في تخليل ما يحتاج إلى التخليل ، ونزع الخاتم ونحوه ، والاستبراء بالبول قبل الغسل .
  مسألة (198) : الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحة الغسل ، لكن إذا تركه و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني ، جرى عليه حكم المني ظاهراً ، فيجب الغسل له كالمني ، سواء استبرأ بالخرطات ، لتعذر البول أم لا ، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى .
  مسألة (199) : إذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله ، لم تجب إعادة الغسل و إن احتمل خروج شيء من المني مع البول .
  مسألة (200) : إذا دار أمر المشتبه بين البول و المني بعد الاستبراء بالبول و الخرطات ، فالظاهر كفاية الوضوء و إن لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الغسل وقبل خروج البلل المشتبه .
  مسألة (201) : يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به .
  مسألة (202) : إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل ، و شك في أنه استبرأ بالبول ، أم لا ، بنى على عدمه فيجب عليه الغسل .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 70 ـ
  مسألة (203) : لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة ، بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار ، و أن يكون لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى ، أو الظلمة، أو نحو ذلك .
  مسألة (204) : لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة فله أن يتمه ، والأحوط وجوباً ضم الوضوء إليه حينئذ ، وله العدول الاستئنافي من الترتيبي إلى الارتماسي و بالعكس و لا حاجة حينئذ إلى ضم الوضوء .
  مسألة (205) : إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر جرى عليه ما تقدم في غسل الجنابة إلا في الاستحاضة المتوسطة فإنه يجب فيها الوضوء على كل حال .
  مسألة (206) : إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل ، فإن كان مماثلاً للحدث السابق ، كالجنابة في أثناء غسلها ، أو المس في أثناء غسله ، فلا إشكال في وجوب الاستئناف ، و إن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالآخر ، ويجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ، و لا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسطة .
  مسألة (207) : إذا شك في غسل الرأس والرقبة قبل الدخول في غسل البدن ، رجع وأتى به ، و كذا إذا كان بعد الدخول فيه على الأحوط ، ولو شك في غسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر على الأقوى .
  مسألة (208) : إذا غسل أحد الأعضاء ، ثم شك في صحته وفساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك ، سواء كان الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر ، أم كان قبله .
  مسألة (209) : إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه ، وإذا شك

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 71 ـ
   فيه بعد الفراغ من الصلاة لم تجب إعادتها ، إلا إذا كانت موقتة و حدث الشك في الوقت وصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة فإن الأحوط إعادتها حينئذ ، و يجب عليه الغسل لكل عمل تتوقف صحته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر من غير فرق بين الصلاة و غيرها حتى مثل مس كتابة القرآن و هذا الغسل يمكن أن يقع على نحوين :
   ( الأول ) أن يقطع بكونه مأموراً به ـ وجوبا أو استحبابا ـ كأن يقصد به غسل يوم الجمعة أو غسل الجنابة المتجددة بعد الصلاة و حينئذ فله الاكتفاء به في الإتيان بكل عمل مشروط بالطهارة سواء سبقه الحدث الأصغر أم لا .
   ( الثاني ) أن لا يكون كذلك بأن أتى به لمجرد احتمال بقاء الجنابة التي يشك في الاغتسال منها قبل الصلاة ، و حينئذ يكتفي به في الإتيان بما هو مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط كجواز المكث في المساجد ، وأما ما هو مشروط بالطهارة حتى عن الحدث الأصغر فلا يكتفى فيه بالغسل بل يجب ضم الوضوء إليه إن سبقه صدور الحدث منه دون ما لم يسبقه .
  مسألة (210) : إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة ، أو بعضها واجب و بعضها مستحب ، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة ( 141 ) فراجع .
  مسألة (211) : إذا كان يعلم ـ إجمالا ـ أن عليه أغسالاً لكنه لا يعلم بعضها بعينه ، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه . و إذا قصد البعض المعين كفى عن غيره على تفصيل تقدم في المسألة ( 141 ) من شرائط الوضوء ، و إذا علم أن في جملتها غسل الجنابة و قصده في جملتها أو بعينه لم يحتج إلى الوضوء ، بل الأظهر عدم الحاجة إلى الوضوء مطلقاً في غير الاستحاضة المتوسطة .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 72 ـ
المقصد الثاني : غسل الحيض

   وفيه فصول :

الفصل الأول : في سببه
  وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً ، سواء خرج من الموضع الطبيعي للنوع أو الشخص وإن كان خروجه بقطنة ، أم خرج من الموضع العارضي ولكن بدفع طبيعي لا بمثل الإخراج بالآلة .
   وإذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلاً ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال ، وإن كان الأظهر عدمه ، نعم لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج .
  مسألة (212) : إذا افتضت البكر فسال دم وشك في أنه من دم الحيض ، أو من العذرة ، أو منهما ، أدخلت قطنة وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ثم استخرجتها برفق فإن كانت مطوقة بالدم فهو من العذرة ، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض ، وهذا الاختبار واجب وجوباً طريقياً لاستكشاف حالها ، فلا يحكم بصحة صلاتها ظاهراً ولا يجوز لها الإتيان بها بقصد الأمر الجزمي إلا مع الاختبار .
  مسألة (213) : إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق ، من حيض ، أو عدمه ، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط استحباباً

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 73 ـ
  الجمع بين عمل الحائض والطاهرة ، والأظهر جواز البناء على الطهارة .

الفصل الثاني
   يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل سن الستين ، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض ، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له أحكامه ، والأحوط الأولى في غير القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين فيما إذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه أيام عادتها ، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق ـ بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة ـ فمحدد بالخمسين على الأظهر .
  مسألة (214) : يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره ، نعم يلزم على الأحوط على الحامل ذات العادة الوقتية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في صورة واحدة وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوماً من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد سواء .

الفصل الثالث : أقل الحيض وأكثره
  أقل الحيض ما يستمر من حين خروج الدم ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج ، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم ، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة ولا مع انقطاعه فيما يتوسطها من الليالي ، نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه .

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 74 ـ
   وأكثر الحيض عشرة أيام ، وكذلك أقل الطهر بين حيضتين ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين من حيض واحد ففي كونه طهراً أو حيضاً وجهان ، فالأحوط الجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض .
   وعلى ما تقدم فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدة على العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول فليس بحيض .

الفصل الرابع
   تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، فإن اتفقا في الزمان والعدد ـ كأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين سبعة أيام مثلاً ـ فالعادة وقتية وعددية ، وإن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد ـ كأن رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة ـ فالعادة وقتية خاصة .
   وإن اتفقا في العدد فقط ـ كأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول وكذلك في آخر الشهر الثاني ـ مثلاً فالعادة عددية فقط .
  مسألة (215) : ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت عددية أم لا ـ تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها وإن كان أصفر رقيقاً ، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء ، فتترك العبادة ، وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة .
  مسألة (216) : غير ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة ـ إذا رأت الدم وكان جامعا

منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 75 ـ
   للصفات ، مثل : الحرارة ، والحمرة أو السواد ، والخروج بحرقة ، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية ، ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة ، وجب عليها قضاء الصلاة ، وإن كان فاقداً للصفات ، فلا تتحيض به إلا حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيام ـ ولو كان ذلك قبل إكمال الثلاثة ـ وأما مع احتمال الاستمرار فالأحوط وجوباً الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة .
  مسألة (217) : وإذا تقدم الدم على العادة الوقتية بأزيد ما يصدق عليه تعجيل الوقت بحسب عرف النساء ، أو تأخر عنها ولو قليلاً ، فحكم المرأة في التحيض به وعدمه حكم غير ذات العادة الوقتية المتقدم في المسألة السابقة .
  مسألة (218) : الأقوى عدم ثبوت العادة بالتمييز ، فغير ذات العادة المتعارفة ترجع إلى الصفات مطلقاً .

الفصل الخامس : في حكم رؤية الدم مرتين في شهر واحد
   إذا تخلل بين دمين لا يقل أي منهما عن ثلاثة أيام ولا يزيد على عشرة نقاءً أقل من عشرة فهنا صورتان :
   الأولى : ما إذا لم يكن مجموع الدمين والنقاء المتخلل أزيد من عشرة أيام ، ففي هذه الصورة يحكم بكون الدمين حيضا سواء أ كان أحدهما أو كلاهما واقعا في أيام العادة أو ما بحكمهما أم لا .
   وأما النقاء المتخلل بينهما فالأحوط فيه الجمع بين أحكام الحائض والطاهرة .
   الثانية : ما إذا تجاوز عن العشرة ففي هذه الصورة لا يمكن أن يجعل الدمان معا من حيض واحد ، كما لا يمكن جعل كل واحد منهما حيضاً