الاحتضار ، و أن ينزع قميصه من طرف رجليه و إن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث ، و الأولى أن يجعل ساتراً لعورته ، و أن تلين أصابعه برفق ، و كذا جميع مفاصله ، و أن يغسل رأسه برغوة السدر و فرجه بالأشنان ، وأن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات ثم بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، ويغسل كل عضو ثلاثاً في
كل غسل و يمسح بطنه في الأولين قبلهما ، إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك ، وأن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت ، وأن يحفر للماء حفيرة ، و أن
ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه .
وذكروا أيضاً أنه يكره إقعاده حال الغسل ، و ترجيل شعره ، وقص أظافره و جعله بين رجلي الغاسل ، و إرسال الماء في الكنيف ، وحلق رأسه ، أو عانته ، وقص شاربه ، و تخليل ظفره ، وغسله بالماء الساخن بالنار ، أو مطلقاً إلا مع الاضطرار ، والتخطي عليه حين التغسيل .
الفصل الثالث :
في التكفين
يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب :
الأول : المئزر ، و الأحوط لزوماً أن يكون من السرة إلى الركبة ، و الأفضل أن يكون من الصدر إلى القدم .
الثاني : القميص ، و الأحوط لزوماً أن يكون من المنكبين إلى النصف من الساقين ، و الأفضل أن يكون إلى القدمين .
الثالث : الإزار ، ويجب أن يغطي تمام البدن و الأحوط أن يكون طولاً بحيث يمكن أن يشد طرفاه و عرضاً بحيث يقع أحد جانبيه على الآخر .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 102 ـ
و الأحوط في كل واحد منها أن يكون ساتراً لما تحته غير حاك عنه ، و إن كان الأقوى كفاية حصول الستر بالمجموع .
مسألة (284) : لا يعتبر في التكفين نية القربة ، و وجوبه كوجوب التغسيل .
و قد مر الكلام فيه في المسألة 260 .
مسألة (285) : إذا تعذرت القطعات الثلاث اقتصر على الميسور ، فإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار ، و عند الدوران بين المئزر و القميص يقدم القميص ، و إن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به ، و إذا دار الأمر بين ستر القبل و الدبر تعين ستر القبل .
مسألة (286) : يجب أن يكفن الميت بما يصدق عليه اسم الثوب ، و إن كان مصنوعا من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل و لو من جلده على الأظهر .
ولكن لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير ، و لا بالنجس و لا بالمتنجس حتى فيما كانت نجاسته معفواً عنها في الصلاة ، بل الأحوط ـ وجوباً ـ أن لا يكون مذهبا ، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه .
و أما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع فإذا انحصر في واحد منها تعين ، و إذا تعدد و دار الأمر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بالنجس قدم الأول ، و إذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس و بين الحرير قدم الثاني ، و لو دار الأمر بين أحد الثلاثة و بين غيرها قدم الغير ، و مع دوران الأمر بين التكفين بأجزاء ما لا يؤكل لحمه و التكفين بالمذهب فلا يبعد التخيير بينهما و إن كان الاحتياط بالجمع حسناً .
مسألة (287) : لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار فيدفن الميت بلا تكفين .
مسألة (288) : يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 103 ـ
مسألة (289) : إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت ـ أو من غيره ـ وجب إزالتها و لو بعد الوضع في القبر ، بغسل أو بقرض لا يضر بساتريته ، وإن لم يمكن ذلك وجب
تبديله مع الإمكان .
مسألة (290) : القدر الواجب من الكفن و كذا الزائد عليه من المستحبات المتعارفة يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية ، وكذا الحال في مؤنة تجهيزه و دفنه ، من السدر و الكافور ، و ماء الغسل ، وقيمة الأرض ، و ما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة ، وأجرة الحمل و الحفر ، و نحوها .
مسألة (291) : كفن الزوجة على زوجها و إن كانت صغيرة أو مجنونة أو غير مدخول بها ، و كذا المطلقة الرجعية ، و الناشز و المنقطعة على الأظهر ، و لا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر و الجنون و العقل ، فلو كان قاصراً اقتطعه الولي من ماله .
مسألة (292) : يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها أن لا يقترن موتها بموته ، و إن لا تكفن من مال متبرع ، أو من مال نفسها بوصيتها ، و إن لا يكون بذل الكفن
على الزوج حرجيا ، فلو توقف على الاستقراض أو فك ماله من الرهن و لم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، و إلا لم يجب .
مسألة (293) : كما أن كفن الزوجة على زوجها ، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر ، و الكافور و غيرهما مما عرفت على الأحوط وجوبا .
مسألة (294) : الزائد على المقدار الواجب و ما يلحقه من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب و ما يلحقه فإنه
لا يجوز أن يخرج من الأصل إلا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال و في البعض الآخر يحتاج إليه قدم
الأول ، نعم يجوز
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 104 ـ
إخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به أو وصيته بالثلث من دون تعين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز إخراجه من حصص كبار الورثة برضاهم
دون القاصرين إلا مع إذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك .
مسألة (295) : كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة .
مسألة (296) : إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن لم يدفن عارياً بل يجب على المسلمين بذل كفنه على الأحوط ويجوز احتسابه من الزكاة .
تكملة : فيما ذكروا من سنن هذا الفصل : يستحب في الكفن العمامة للرجل ويكفي فيها المسمى ، و الأولى أن تدار على رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه على صدره ،
الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن ، و المقنعة للمرأة و يكفي فيها أيضاً المسمى ، و لفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها ، و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أو
أنثى ، و خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما ، و لفافة فوق الإزار يلف بها تمام بدن الميت ، و الأولى كونها برداً يمانيا ، و أن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه ، يستر
به العورتان ، و يوضع عليه شيء من الحنوط ، و أن يحشى دبره و منخراه و قبل المرأة إذا خيف خروج شيء منها ، و إجادة الكفن ، و أن يكون من القطن ، و أن يكون
أبيض ، و أن يكون من خالص المال وطهوره ، و أن يكون ثوبا قد أحرم أو صلى فيه ، و أن يلقى عليه الكافور و الذريرة ، و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة ، وأن
يكتب على حاشية الكفن : فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أن محمداً رسول الله ، ثم يذكر الأئمة عليهم السلام واحداً بعد واحد ، و أنهم أولياء الله
وأوصياء رسوله ، و أن البعث و الثواب و العقاب حق ، و أن يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 105 ـ
والكبير ، و يلزم أن يكون ذلك كله في موضوع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة ، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت ، و قيل : ينبغي أن يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه ، لكنه لا يخلو من تأمل ، و يستحب في التكفين أن يجعل طرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت ، و الأيسر على أيمنه ، و
أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث ، و إن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات ، و رجليه إلى الركبتين ، و يغسل كل موضع تنجس
من بدنه ، و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة ، و الأولى أن يكون كحال الصلاة عليه ، و يكره قطع الكفن بالحديد ، و عمل الأكمام و الزرور له ، و لو كفن في قميصه
قطع أزراره .
ويكره تبخيره و تطييبه بغير الكافور و الذريرة ، و أن يكون أسود بل مطلق المصبوغ ، و أن يكون من الكتان ، و أن يكون ممزوجاً بإبريسم ، و المماكسة في شرائه ، و جعل
العمامة بلا حنك ، و كونه وسخاً ، و كونه مخيطاً .
مسألة (297) : يستحب لكل أحد أن يهييء كفنه قبل موته و أن يكرر نظره إليه .
الفصل الرابع :
في التحنيط
يجب تحنيط الميت المسلم و هو : إمساس مساجده السبعة بالكافور ، ويكفي فيه وضع المسمى و الأحوط ـ استحبابا ـ أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة ، و الأفضل أن يكون
وزنه سبعة مثاقيل صيرفية ، و يستحب مسح مفاصله و لبته ، و صدره ، و باطن قدميه ، و ظاهر كفيه .
مسألة (298) : محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم ، قبل التكفين أو
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 106 ـ
في أثنائه .
مسألة (299) : يشترط في الكافور أن يكون مباحاً مسحوقاً له رائحة ، كما يشترط طهارته و إن لم يوجب تنجس بدن الميت على الأحوط .
مسألة (300) : يكره إدخال الكافور في عين الميت ، و أنفه ، و أذنه و على وجهه .
الفصل الخامس :
في الجريدتين
يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان ، و الأولى في كيفيته جعل إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه ، و الأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة
بين القميص و الإزار ، و الأولى أن تكونا من النخل ، فإن لم يتيسر فمن السدر أو الرمان ، فإن لم يتيسرا فمن الخلاف ، و إلا فمن كل عود رطب .
مسألة (301) : إذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه ، فالأولى جعلهما فوق القبر ، واحدة عند رأسه ، و الأخرى عند رجليه .
مسألة (302) : قيل أن الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم ، و يلزم حينئذ الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة و لو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك
من قطن و نحوه .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 107 ـ الفصل السادس :
في الصلاة على الميت
تجب الصلاة على كل ميت مسلم ، ذكراً كان أم أنثى ، مؤمناً أم مخالفاً ، عادلاً أم فاسقاً و وجوبها كوجوب التغسيل و قد تقدم ، و لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلا إذا
عقلوا الصلاة وامارته بلوغ ست سنين ، وفي استحبابها على من لم يعقل الصلاة إشكال ، والأحوط لزوماً الإتيان بها برجاء المطلوبية .
وكل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً ، و كذا لقيط دار الإسلام ، بل دار الكفر إذا احتمل كونه مسلما على الأحوط لزوماً .
مسألة (303) : يجب في صلاة الميت خمس تكبيرات و الدعاء للميت عقيب إحدى التكبيرات الأربع الأول ، وأما في البقية فالظاهر أنه يتخير بينه و بين الصلاة على النبي
صلى الله عليه وآله والشهادتين والدعاء للمؤمنين و التمجيد لله تعالى ، و لكن الأحوط أن يكبر أولاً، و يتشهد الشهادتين ، ثم يكبر ثانيا و يصلي على النبي صلى الله عليه و
آله ، ثم يكبر ثالثاً و يدعو للمؤمنين ، ثم يكبر رابعاً و يدعو للميت ، ثم يكبر خامساً و ينصرف ، و الأفضل الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة و لا قراءة فيها و لا تسليم .
ويجب فيها أمور ـ وإن كان وجوب بعضها مبنياً على الاحتياط ـ :
منها : النية على نحو ما تقدم في الوضوء مع تعيين الميت على نحو يرفع الإبهام .
ومنها : حضور الميت فلا يصلى على الغائب .
ومنها : استقبال المصلي القبلة حال الاختيار .
ومنها : أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي ، و رجلاه إلى
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 108 ـ
جهة يساره .
ومنها : أن يكون مستلقياً على قفاه .
ومنها : وقوف المصلي خلفه محاذياً لبعضه ، إلا إذا كان مأموما و قد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة ، أو كان يصلي على جنائز متعددة مع جعلها صفا واحداً على
النحو الثاني المذكور في المسألة ( 309 ) الآتية .
ومنها : أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز و الصلاة عليها دفعة واحدة كما سيجيء .
ومنها : أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار ، و لا يضر الستر بمثل التابوت أو ميت آخر .
ومنها : أن يكون المصلي قائما ، فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم .
ومنها : الموالاة بين التكبيرات و الأدعية .
ومنها : أن تكون الصلاة قبل الدفن بعد التغسيل ، و التحنيط ، و التكفين ، في موارد وجوبها كلاً أو بعضاً .
ومنها : أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر ، و اللبن إن تعذر الكفن .
ومنها : إباحة مكان المصلي على الأحوط الأولى .
ومنها : إذن الولي إلا مع امتناعه عن التصدي لها مباشرة و تسبيباً فيسقط اعتبار إذنه حينئذ ، وكذا يسقط اعتباره إذا كان الميت قد أوصى إلى شخص معين بأن يصلي عليه فيجوز له ذلك و إن لم يأذن الولي .
مسألة (304) : لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث والخبث ، وإباحة اللباس ، وستر العورة ، و إن كان الأحوط الأولى اعتبار جميع
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 109 ـ
شرائط الصلاة ، بل لا يترك الاحتياط وجوباً بترك الكلام في أثنائها والضحك والالتفات عن القبلة .
مسألة (305) : إذا شك في أنه صلى على الجنازة أم لا ، بنى على العدم ، و إذا صلى و شك في صحة الصلاة و فسادها بنى على الصحة ، و إذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح ، و كذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها ، نعم إذا صلى المخالف على المخالف لم تجب إعادتها على المؤمن مطلقاً إلا إذا كان هو الولي .
مسألة (306) : يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد ، لكنه مكروه على ما قيل و إن لم يثبت ، و لو كان الميت من أهل الشرف في الدين جاز بلا كراهة .
مسألة (307) : لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة ، لم يجز نبش قبره للصلاة عليه ، وفي مشروعية الصلاة عليه و هو في القبر إشكال ، و الأحوط الإتيان بها رجاءً .
مسألة (308) : يستحب أن يقف الإمام و المنفرد عند وسط الرجل و عند صدر المرأة .
مسألة (309) : إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة ، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها ، والأولى مع اجتماع الرجل و المرأة ، أن يجعل
الرجل أقرب إلى المصلي و يجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل .
ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً ، فيجعل رأس كل واحد عند إلية الآخر شبه الدرج ، و يقف المصلي
وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع، تثنية الضمير ، و جمعه .
مسألة (310) : يستحب في صلاة الميت الجماعة ، و يعتبر ـ على الأحوط ـ في الإمام أن يكون جامعاً لجميع شرائط الإمامة ، من البلوغ ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 110 ـ
والعقل ، و الإيمان و طهارة المولد و غيرها حتى العدالة على الأحوط استحباباً ، و أما شرائط الجماعة فالأظهر اعتبار ما له دخل منها في تحقق الائتمام و الجماعة عرفا ـ كانتفاء البعد الكثير ـ دون غيره .
مسألة (311) : إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام ، كبر مع الإمام ، و جعله أول صلاته و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الإمام و يأتي بما هو وظيفة نفسه ، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء و إن كان الدعاء أحوط و أولى .
مسألة (312) : لو صلى الصبي على الميت ، لم تجز ـ على الأحوط ـ صلاته عن صلاة البالغين و إن كان صلاته صحيحة .
مسألة (313) : إذا كان الولي للميت امرأة ، جاز لها مباشرة الصلاة ، و الإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى .
مسألة (314) : لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئاً عن المأموم .
مسألة (315) : يجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء إذا لم يكن أحد أولى منها ، و الأحوط حينئذ أن تقوم في وسطهن و لا تتقدم عليهن .
مسألة (316) : قد ذكروا للصلاة على الميت آدابا :
منها : أن يكون المصلي على طهارة ، و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضأ أو اغتسل .
و منها : رفع اليدين عند التكبير .
و منها : أن يرفع الإمام صوته بالتكبير و الأدعية .
و منها : اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع .
و منها : أن تكون الصلاة بالجماعة .
و منها : أن يقف المأموم خلف الإمام .
و منها : الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 111 ـ
و منها : أن يقول قبل الصلاة : الصلاة ـ ثلاث مرات ـ .
الفصل السابع :
في التشييع
يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه ، و يستحب لهم تشييعه ، و قد ورد في فضله أخبار كثيرة ، ففي بعضها : من تبع جنازة أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، و لم يقل شيئا إلا و قال الملك : و لك مثل ذلك .
و في بعضها : أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته .
و له آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة ، مثل : أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة ، خاشعا متفكراً ، حاملاً للجنازة على الكتف ، قائلاً حين الحمل : بسم الله و
بالله و صلى الله على محمد و آل محمد ، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات .
ويكره الضحك و اللعب ، و اللهو و الإسراع في المشي ، و أن يقول : ارفقوا به ، و استغفروا له ، و الركوب و المشي قدام الجنازة ، و الكلام بغير ذكر الله تعالى و الدعاء و الاستغفار ، و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة ، فإنه يستحب له ذلك ، و أن يمشي حافيا .
الفصل الثامن :
في الدفن
يجب دفن الميت المسلم و من بحكمه ، و وجوبه كوجوب التغسيل و قد مر ، و كيفية الدفن أن يوارى في حفيرة في الأرض ، فلا يجزي البناء عليه و لا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، و الأحوط أن
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 112 ـ
تكون الحفيرة بحيث يؤمن على جسده من السباع و إيذاء رائحته للناس و إن كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين و لو من جهة عدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته ، و يجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة و إذا اشتبهت القبلة و لم يمكن تأخير الدفن
إلى حين حصول العلم أو ما بحكمه وجب العمل بالاحتمال الأرجح بعد التحري بقدر الإمكان ، و مع تعذر تحصيله يسقط وجوب الاستقبال ، و إذا كان الميت في البحر و لم
يمكن دفنه في البر ـ و لو بالتأخير ـ غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و أحكم رأسها و ألقي في البحر ، أو ثقل بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر ، و
الأحوط استحباباً اختيار الوجه الأول مع الإمكان و كذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و تمثيله .
مسألة (317) : لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين ، و كذا العكس .
مسألة (318) : إذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم ، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة للقبلة ، و كذلك الحكم ـ على الأحوط الأولى ـ إن كان الجنين لم تلجه الروح .
مسألة (319) : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة ، و لا في المكان المملوك بغير إذن المالك ، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس و المساجد و الحسينيات المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و إن أذن الولي بذلك .
مسألة (320) : لا يجوز نبش قبر ميت لأجل دفن ميت آخر فيه قبل اندراس الميت الأول و صيرورته ترابا ، نعم إذا كان القبر منبوشاً جاز الدفن فيه ما لم يستلزم محرما كالتصرف في ملك الغير بلا مسوغ .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 113 ـ
مسألة (321) : ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه : يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة ، و أن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس ، و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت و يسقف عليه ثم يهال عليه التراب .
و أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة .
و الأذكار المخصوصة المذكورة في محالها عند تناول الميت ، و عند وضعه في اللحد ، و ما دام مشتغلاً بالتشريج ، و التحفي و حل الأزرار و كشف الرأس للمباشر لذلك ، و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس ، و أن يحسر عن وجهه و يجعل خده على الأرض ، و يعمل له وسادة من تراب ، و أن يوضع شيء من تربة الحسين عليه
السلام معه .
و تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة عليهم السلام ، و أن يسد اللحد باللبن .
و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين ، و أن يهيل الحاضرون ـ غير ذي
الرحم ـ التراب بظهور الأكف ، و طم القبر و تربيعه لا مثلثاً ، و لا مخمساً ، و لا غير ذلك .
و رش الماء عليه دوراً يستقبل القبلة ، و يبتدأ من عند الرأس فإن فضل شيء صب على وسطه .
و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش ، و لا سيما لمن لم يحضر الصلاة عليه .
و إذا كان الميت هاشميا فالأولى أن يكون الوضع على وجه يكون أثر الأصابع أزيد بأن يزيد في غمز اليد ، و الترحم عليه بمثل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، و صعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين و ألحقه بالصالحين ، و أن
يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته ، و أن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر و ينصب على القبر .
مسألة (322) : ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أنه : يكره دفن ميتين في قبر واحد .
و نزول الأب في قبر ولده ، و غير المحرم في قبر المرأة ،
و إهالة الرحم التراب ،
و فرش القبر بالساج من غير حاجة ،
و تجصيصه و تطيينه و تسنيمه ، و المشي عليه و الجلوس و الاتكاء ، و كذا البناء عليه و تجديده بعد
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 114 ـ
اندراسه إلا قبور الأنبياء و الأوصياء و العلماء و الصلحاء .
مسألة (323) : يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر ، إلا المشاهد المشرفة ، و المواضع المحترمة فإنه يستحب ، و لا سيما الغري و الحائر . و في بعض الروايات أن من خواص الأول ، إسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير ، و لكن إذا استلزم النقل إليها أو إلى غيرها تأخير الدفن إلى حين فساد بدن الميت ففي جواز التأخير إشكال و الأحوط تركه .
مسألة (324) : لا فرق في جواز النقل ـ في غير الصورة المذكورة ـ بين ما قبل الدفن و ما بعده إذا اتفق تحقق النبش ، و في جواز النبش للنقل إلى المشاهد المشرفة حتى مع وصية الميت به أو إذن الولي فيه و عدم استلزامه هتك حرمته إشكال .
مسألة (325) : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده ، إلا مع العلم باندراسه و صيرورته ترابا ، من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون ، و يستثنى من ذلك موارد :
منها : ما إذا كان النبش لمصلحة الميت ، كما لو كان مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما ، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل أو سبع أو عدو .
و منها : ما لو عارضه أمر راجح أهم ، كما إذا توقف دفع مفسدة عظيمة على رؤية جسده .
و منها : ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي ، كما إذا دفن معه مال غصبه من غيره ـ من خاتم و نحوه ـ فينبش لدفع ذلك الضرر المالي ، و مثل ذلك ما إذا دفن في ملك
الغير من دون إذنه أو إجازته إذا لم يلزم من نبش قبره و إخراجه محذور أشد كبقائه لا دفن أو تقطع أوصاله بالإخراج أو نحوه و إلا لم يجز بل جوازه فيما إذا فرض كونه
موجبا لهتك حرمته ـ و لم يكن هو
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 115 ـ
الغاصب ـ محل إشكال ، فالأحوط للغاصب في مثل ذلك إرضاء المالك بإبقائه في أرضه و لو ببذل عوض زائد إليه .
و منها : ما إذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين مع التمكن منهما ، أو تبين بطلان غسله ، أو بطلان تكفينه ، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي ، لوضعه في القبر على غير القبلة ، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره ، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته ، و إلا ففيه إشكال .
مسألة (326) : يشكل توديع الميت بوضعه على وجه الأرض و البناء عليه تمهيداً لنقله إلى المشاهد المشرفة مثلاً ، و مثله في الإشكال وضعه في براد أو نحوه لفترة طويلة من غير ضرورة تقتضيه .
مسألة (327) : لا يكفي في الدفن مجرد وضع الميت في سرداب و إغلاق بابه و إن كان مستوراً فيه بتابوت أو شبهه ، نعم إذا كان بابه مبنياً باللبن أو نحوه فلا يبعد كفايته ، و لكن يشكل حينئذ فتح بابه لإنزال ميت آخر فيه سواء أ ظهر جسد الأول أم لا .
مسألة (328) : إذا مات ولد الحامل دونها ، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب و إلا جاز تقطيعه ، و يتحرى الأرفق فالأرفق .
و إن ماتت هي دونه ، شق بطنها من الجانب الأيسر إذا كان شقها أوثق ببقاء الطفل و أرفق بحياته ، و إلا فيختار ما هو كذلك ، و مع التساوي ، يتخير ، ثم يخاط بطنها ، و تدفن .
مسألة (329) : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً أنه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس و اليدين و الرجلين ـ كلا أو بعضا ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون من ضمنها عظام صدره ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه ، و كذا ما يتقدمها من التغسيل و التحنيط ـ إن وجد
بعض مساجده ـ و التكفين بالإزار و القميص بل و بالمئزر أيضاً أن وجد بعض ما يجب ستره به .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 116 ـ
و إذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه أنه بدنه بل بعض بدنه فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر و ما يوازيه من الظهر سواء أ كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه و كذا التغسيل و التكفين بالإزار و القميص و بالمئزر إن كان محله موجوداً ـ و لو بعضا ـ على الأحوط ، ولو كان معه بعض مساجده و جب تحنيطه على الأحوط
.
و يلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على الأحوط و إذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت أطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه و لو كان فيها بعض عظام الصدر فلا تجب الصلاة عليه بل و لا تغسيله و لا تكفينه و لا تحنيطه على الأظهر .
و إن وجد منه شيء لا يشتمل على العظم و لو كان فيه القلب فالظاهر أنه لا يجب فيه أيضا شيء مما تقدم عدا الدفن و الأحوط أن يكون ذلك بعد اللف بخرقة .
مسألة (330) : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن و لم يصل عليه ، و إذا كان لدون ذلك لف بخرقة على الأحوط وجوبا و دفن ، لكن لو كان مستوي الخلقة حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 117 ـ المقصد السادس :
غسل مس الميت
يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده و قبل إتمام غسله ، مسلما كان أو كافراً ، حتى السقط إذا ولجته الروح و إن ولد ميتاً ، و لو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالقراح لفقد الخليط فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسه ، و لو يمم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه .
مسألة (331) : لا فرق في الماس و الممسوس بين أن يكون من الظاهر و الباطن ، كما لا فرق بين كون الماس و الممسوس مما تحله الحياة و عدمه ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر سواء أ كان ماساً أم ممسوساً .
مسألة (332) : لا فرق بين العاقل والمجنون ، والصغير و الكبير ، و المس الاختياري و الاضطراري .
مسألة (333) : إذا مس الميت قبل برده ، لم يجب الغسل بمسه نعم يتنجس العضو الماس بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما ، و إن كان الأحوط الأولى تطهيره مع الجفاف
أيضا .
مسألة (334) : لا يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي ، أو الميت ، و إن كانت مشتملة على العظم و اللحم معاً على الأظهر ، نعم إذا كان الميت متشتت الأجزاء
فمسها جميعاً أو مس معظمها وجب عليه الغسل .
مسألة (335) : لا يجب الغسل بمس فضلات الميت كالعرق و الدم و نحوهما .
مسألة (336) : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 118 ـ
و المكث فيها و قراءة العزائم ، نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن و نحوها مما لا يجوز للمحدث مسه ، و لا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل ، و الأحوط ضم الوضوء إليه إذا كان محدثا بالأصغر ، و إن كان الأظهر عدم وجوبه .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 119 ـ المقصد السابع :
الأغسال المندوبة زمانية ، ومكانية ، وفعلية
الأول : الأغسال الزمانية ، و لها أفراد كثيرة :
منها : غسل الجمعة ، و هو أهمها حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف ، و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الغروب ، و الأحوط الإتيان به قبل الزوال و لو أتى به بعده فالأحوط أن ينوي القربة المطلقة من دون قصد الأداء و القضاء ، و إذا فاته إلى الغروب قضاه يوم السبت إلى الغروب ، و يجوز تقديمه يوم الخميس رجاءاً أن خاف إعواز الماء يوم الجمعة ، و لو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه ، و إذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت .
مسألة (337) : يصح غسل الجمعة من الجنب و يجزئ عن غسل الجنابة و كذا يصح من الحائض إذا كان بعد النقاء و يجزئ حينئذ عن غسل الحيض ، و أما قبل النقاء ففي صحته إشكال و لا بأس بالإتيان به رجاءً .
و منها : غسل يومي العيدين ، و وقته من الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر و الأولى الإتيان به قبل الصلاة .
و منها : غسل يوم عرفة ، و الأولى الإتيان به قبيل الظهر .
و منها : غسل يوم التروية ، و هو الثامن من ذي الحجة .
و منها : غسل الليلة الأولى ، و السابعة عشرة ، و الرابعة و العشرين من شهر رمضان و ليالي القدر .
مسألة (338) : جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقتها مرة
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 120 ـ
واحدة ، و لا حاجة إلى إعادتها إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها ، و يتخير في الإتيان بها بين ساعات وقتها .
و الثاني : الأغسال المكانية ، و لها أيضا أفراد كثيرة ، كالغسل لدخول الحرم المكي ، و لدخول مكة ، و لدخول الكعبة ، و لدخول حرم المدينة المنورة و للدخول فيها .
مسألة (339) : وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة قريبا منه ، و لا يبعد تداخل الأغسال الثلاثة الأول مع نية الدخول في الأماكن الثلاثة بشرط عدم تخلل الناقض ، و كذا الحال في الأخيرين .
و الثالث : الأغسال الفعلية و هي قسمان :
القسم الأول : ما يستحب لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام ، أو لزيارة البيت ، و الغسل للذبح و النحر ، و الحلق ، و الغسل للاستخارة ، أو الاستسقاء ، أو المباهلة مع الخصم ، و الغسل لوداع قبر النبي صلى الله عليه و آله .
و القسم الثاني : ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله .
مسألة (340) : يجزئ في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه ، و أول الليل لليلته ، و لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوة ، و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل .
مسألة (341) : هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر و الظاهر أنها تغني عن الوضوء ، و هناك أغسال أخر ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبة ، و لكنه لم يثبت عندنا استحبابها و لا بأس بالإتيان بها رجاء ، و هي كثيرة نذكر جملة منها :
1 ـ الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك و جميع ليالي
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 121 ـ
العشر الأخيرة منه و أول يوم منه .
2 ـ غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر .
3 ـ الغسل في يوم الغدير و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام ، و في اليوم الرابع و العشرين منه .
4 ـ الغسل يوم النيروز ، و أول رجب ، و آخره ، و نصفه ، و يوم المبعث و هو السابع و العشرون منه .
5 ـ الغسل في يوم النصف من شعبان .
6 ـ الغسل في اليوم التاسع ، و السابع عشر من ربيع الأول .
7 ـ الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة .
8 ـ الغسل لزيارة كل معصوم من قريب أو بعيد .
9 ـ الغسل في ليلة عيد الفطر بعد غروب الشمس .
و هذه الأغسال لا يغني شيء منها عن الوضوء .
الفصل الأول :
في مسوغاته :
و يجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائية و هو أمور :
الأول : عدم وجدان أقل ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله ، و لو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه .
مسألة (342) : لا يسوغ التيمم للمسافر بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لا بد له من إحراز عدمه بالفحص عنه ، فلو احتمل وجوده في رحله أو في القافلة أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه ، نعم لا يبعد عدم وجوب الفحص فيما إذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك و احتمل حدوثه ، و لو كان في
فلاة و احتمل وجود الماء فيما يقرب من مكانه أو في الطريق وجب الفحص عنه ، و الأحوط لزوماً أن يفحص في المساحة التي حوله غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) ، و غلوة سهمين في الأرض السهلة ، من الجهات الأربع أن احتمل وجوده في كل جهة منها ، و إن اطمئن بعدمه في بعض معين من الجهات الأربع لم
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 123 ـ
يجب عليه الطلب فيها ، فإن لم يحتمل وجوده إلا في جهة معينة وجب عليه الطلب فيها خاصة دون غيرها ، و البينة بمنزلة العلم فإن شهدت بعدم الماء في جهة أو جهات معينة لم يجب الطلب فيها .
مسألة (343) : المراد بـ ( غلوة سهم ) غاية ما يبلغه السهم عادة ، و قد اختلف في تقديرها ، و أكثر ما حددت به ( 480 ) ذراعا أي ما يقارب ( 220 ) متراً ، فيكفي الفحص قدره على النحو المتقدم .
مسألة (344) : إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة يلحق كلاً حكمه من الغلوة و الغلوتين .
مسألة (345) : إذا وجب الفحص عن الماء في مساحة لم يلزمه طلبه فيها ماشيا أو راكباً بل يكفي الاستطلاع عنه بأي وجه ممكن ، كما لا تعتبر المباشرة في الفحص ، فيكفي طلب الغير سواء أ كان عن استنابة أم لا ، و لكن يشترط حصول الاطمئنان بقوله و لا يكفي كونه ثقة على الأظهر .
مسألة (346) : إذا علم أو اطمأن بوجود الماء خارج الحد المذكور في المدن أو الأرياف أو الآبار التي تكون بينه و بينها مسافة شاسعة لم يجب عليه السعي إليه ، نعم إذا أحرز وجوده فيما هو خارج عن الحد المذكور بمقدار لا يصدق عرفاً أنه غير واجد للماء وجب عليه تحصيله .
مسألة (347) : إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده لا تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت و إن احتمل تجدد وجوده ، نعم إذا ترك الفحص في بعض الأمكنة للقطع بعدم وجود الماء فيها ثم شك في ذلك فلا بد من تكميل الطلب ، و كذا إذا انتقل عن ذلك المكان فإن عليه تكميل الطلب مع التداخل في بعض المساحة و استئنافه مع عدمه .
مسألة (348) : إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات ، فلا تجب إعادة الطلب عند كل صلاة و إن احتمل العثور مع
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 124 ـ
الإعادة لاحتمال تجدد وجوده .
مسألة (349) : يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت بقدر ما يتضيق عنه دون غيره ، و يسقط كذلك إذا خاف على نفسه أو ماله من لص أو سبع أو نحوهما ، و كذا إذا كان
في طلبه حرج لا يتحمله .
مسألة (350) : إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت فإن كان يعثر على الماء لو طلب كان عاصياً و إلا كان متجرياً ، و الأقوى صحة صلاته حينئذ و إن علم أنه لو طلب لعثر ، و لكن الأحوط استحبابا القضاء خصوصاً في الفرض المذكور .
مسألة (351) : إذا ترك الطلب و تيمم و صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية ففي صحة تيممه و صلاته إشكال و إن تبين عدم الماء .
مسألة (352) : إذا كان معه ماء فنسيه و تيمم و صلى ثم ذكر ذلك قبل أن يخرج الوقت فعليه أن يتوضأ و يعيد الصلاة .
مسألة (353) : إذا طلب الماء فلم يجده و يأس من العثور عليه في الوقت فتيمم و صلى ثم تبين وجوده في محل الطلب من الغلوة أو الغلوتين أو في الرحل أو القافلة صحت صلاته و لا يجب الإعادة أو القضاء .
الثاني : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود أما لعجز عنه تكويناً لكبر أو نحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به من سبع أو عدو أو لص أو ضياع أو غير ذلك .
الثالث : كون استعمال الماء ضرريا و لو لخصوصية فيه كشدة برودته ، سواء أوجب حدوث مرض أو زيادته أو بطء برئه ، و منه الرمد المانع من استعمال الماء إذا كان مكشوفا و أما إذا كان مستوراً بالدواء فيتعين الوضوء جبيرة كما مر في محله ، و منه أيضا الشين الذي يعسر تحمله ، و هو الخشونة
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 125 ـ
المشوهة للخلقة و المؤدية في بعض الأبدان إلى تشقق الجلد ، و لا يعتبر العلم أو الاطمئنان بترتب الضرر على استعمال الماء ، بل يكفي الاحتمال المعتد به عند العقلاء ـ و لو بملاحظة الاهتمام بالمحتمل ـ المعبر عنه بالخوف .
الرابع : الحرج و المشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سوء أ كان : في تحصيل الماء مثلما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذله و هوانه ، أو على شرائه بثمن يضر بماله ، و إلا وجب الشراء و لو كان بأضعاف قيمته ، أم كان في نفس استعماله لشدة برودته أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه ، أم كان فيما يلازم استعماله في الوضوء أو الغسل كما لو كان لديه ماء قليل لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء أو الغسل و بين أن يبلل رأسه به مع فرض حاجته إليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في المشقة و
الحرج .
الخامس : خوف العطش على نفسه أو على غيره ممن يرتبط به و يكون من شأنه التحفظ عليه و الاهتمام بشأنه ، و لو كان من غير النفوس المحترمة إنسانا كان أو حيواناً .
و إذا خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره و لكن يجب عليه حفظه شرعاً أو يلزم من عدم التحفظ عليه ضرر أو حرج بالنسبة إليه اندرج ذلك في غيره من المسوغات .
السادس : إن يكون مكلفا بواجب يتعين صرف الماء فيه ، مثل إزالة الخبث عن المسجد.
فإنه يجب عليه التيمم و صرف الماء في تطهيره ، و كذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً و لم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحديثة و الخبثية معاً فإنه يتعين صرفه في إزالة الخبث ، و إن كان الأولى فيه أن يصرف الماء في إزالة الخبث أولاً ثم يتيمم بعد ذلك .
السابع : ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء أو الغسل وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت ، فيجوز التيمم