حكم الراكد إن تغير تمام قطر ذلك البعض ، وإلا فالمتنجس هو المقدار المتغير فقط .
مسألة (41) : إذا شك في ماء جار لأن له مادة طبيعية أم لا ـ وكان قليلا ـ ينجس بالملاقاة .
مسألة (42) : ماء المطر معتصم لا ينجس بمجرد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغير أحد أوصافه على النهج المتقدم ، وكذا لو نزل أولاَ على ما يعد ممراَ له عرفا ـ ولو لأجل الشدة والتتابع ـ كورق الشجر ونحوه ، وأما إذا نزل على ما لا يعد ممراَ فاستقر عليه أو نزا منه ثم وقع على النجس كان محكوما بالنجاسة .
مسألة (43) : إذا اجتمع ماء المطر في مكان ـ وكان قليلاَ ـ فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير ، وإن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل .
مسألة (44) : الماء النجس إذا امتزج معه ماء المطر بمقدار معتد به لا مثل القطرة ، أو القطرات طهر ، وكذا ظرفه ، إذا لم يكن من الكوز والأواني وإلا فلا يترك الاحتياط فيه بمراعاة التعدد .
مسألة (45) : يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق عرفاَ أن النازل من السماء ماء مطر ، وإن كان الواقع على النجس قطرات منه ، وأما إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة ، فلا يجري عليه الحكم .
مسألة (46) : الفراش المتنجس إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جميعه طهر الجميع ، ولا يحتاج إلى العصر أو التعدد ، وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره ، وهكذا الحال في الثوب المتنجس بغير البول ، وأما المتنجس به فلا يترك مراعاة الاحتياط فيه بالتعدد .
هذا إذا لم يكن فيهما عين النجاسة ، وإلا فلا بد من زوال عينها ، ويكفي التقاطر
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 27 ـ
المزيل فيما لا يعتبر فيه التعدد على الأظهر .
مسألة (47) : الأرض النجسة تطهر بوصول المطر إليها ، بشرط أن يكون من السماء ولو بإعانة الريح .
وأما لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر لا يعد ممراَ له عرفا ، كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان ، فوصل مكانا نجساَ لم يطهرها بمجرد وصوله ، بل يكون حكمه حكم الماء القليل فيعتبر فيه ما يعتبر في مطهريته ، نعم لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقف حال استمرار التقاطر من السماء طهر .
مسألة (48) : إذا تقاطر على عين النجس فترشح منها على شيء آخر لم ينجس ، إذا لم يكن معه عين النجاسة ولم يكن متغيراَ .
مسألة (49) : في مقدار الكر بحسب المساحة أقوال ، والمشهور اعتبار أن يبلغ مكعبه ثلاثة وأربعين شبراَ إلا ثمن شبر وهو الأحوط ، وإن كان الأظهر كفاية بلوغه ستة وثلاثين شبراَ ، وأما تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن إشكال .
مسألة (50) : لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه واختلافها ، ولا بين وقوف الماء وركوده وجريانه .
نعم إذا كان الماء متدافعا لا تكفي كرية المجموع ، ولا كرية المتدافع إليه في اعتصام المتدافع منه ، نعم تكفي كرية المتدافع منه بل وكرية المجموع في اعتصام المتدافع إليه وعدم تنجسه بملاقاة النجس .
مسألة (51) : لا فرق بين ماء الحمام وغيره في الأحكام ، فما في الحياض الصغيرة ـ إذا كان متصلا بالمادة ، وكانت وحدها ، أو بضميمة ما في الحياض إليها كراَ ـ اعتصم ، وأما إذا لم يكن متصلا بالمادة ، أو لم تكن المادة ـ ولو بضم ما في الحياض إليها كراَ ـ لم يعتصم .
مسألة (52) : الماء الموجود في الأنابيب المتعارفة في زماننا من قبيل ماء
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 28 ـ
الكر ، فإذا كان الماء الموضوع في أجانة ونحوها من الأواني متنجساَ وجرى عليه ماء الأنبوب طهر ، واعتصم وجرى عليه حكم ماء الكر في تطهير المتنجس به ، هذا إذا لم ينقطع الماء عنه وإلا تنجس على الأحوط ، إلا إذا كان الإناء مسبوقاَ بالغسل مرتين ، ولو كان الماء المتنجس موضوعا في غير الأواني من الظروف فحكمه ما سبق إلا في التنجس بانقطاع ماء الأنبوب عنه .
الفصل الثالث حكم الماء القليل
الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر ومطهر من الحدث والخبث ، و المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر ومطهر من الخبث ، والأحوط ـ استحباباَ ـ عدم استعماله في رفع الحدث إذا تمكن من ماء آخر ، وإلا جمع بين الغسل أو الوضوء به والتيمم ، والمستعمل في رفع الخبث نجس مطلقاَ على الأحوط حتى ماء الاستنجاء ، وما يتعقب استعماله طهارة المحل .
الفصل الرابع حكم الماء المشتبه
إذا علم ـ إجمالا ـ بنجاسة أحد الإناءين سواء أ علم بطهارة الآخر أم شك فيها لم يجز له رفع الخبث بأحدهما ولا رفع الحدث ، ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما ، إلا إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة ، أو تحققت الملاقاة لجميع الأطراف ولو كان الملاقي متعدداَ .
و إذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسل بأحدهما ، ثم
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 29 ـ
الغسل بالآخر ، وكذلك رفع الحدث .
و إذا اشتبه المباح بالمغصوب حرم التصرف بكل منهما ، ولكن لو غسل نجس بأحدهما طهر ، ولا يرفع بأحدهما الحدث .
و إذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز استعمال بعضها دون الجميع .
و ضابط غير المحصورة أن تبلغ كثرة الأطراف حداَ يوجب كون احتمال النجاسة مثلاَ في كل طرف موهوما لا يعبأ به العقلاء .
و لو شك في كون الشبهة محصورة ، أو غير محصورة فالأحوط ـ وجوبا ـ إجراء حكم المحصورة .
الفصل الخامس حكم الماء المضاف
الماء المضاف ـ كماء الورد ونحوه ، وكذا سائر المايعات ـ ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة ولا أثر للكرية في عاصميته ، ولكن إذا كان متدافعاَ على النجاسة بقوة كالجاري من العالي ، والخارج من الفوارة ، فتختص النجاسة ـ حينئذ ـ بالجزء الملاقي للنجاسة ، ولا تسري إلى العمود ، وإذا تنجس المضاف لا يطهر أصلا وإن اتصل بالماء المعتصم ، كماء المطر أو الكر ، نعم إذا استهلك في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه .
ومثل المضاف في الحكم المذكور سائر المايعات .
مسألة (53) : الماء المضاف لا يرفع الخبث ولا الحدث .
مسألة (54) : الأسئار كلها طاهرة ، إلا سؤر الكلب ، والخنزير والكافر غير الكتابي ، وأما الكتابي فلا يبعد طهارة سؤره وإن كان الأحوط الاجتناب عنه .
ويكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرة .
وأما المؤمن فالظاهر استحباب سؤره ، نعم قد ينطبق عليه عنوان آخر يقتضي خلافه .
الفصل الأول
أحكام التخلي
يجب حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة ـ وهي القبل والدبر والبيضتان ـ عن كل ناظر مميز عدا من له حق الاستمتاع منه كالزوج والزوجة ، فإنه يجوز لكل منهما أن ينظر إلى عورة الآخر .
ويحرم على المتخلي استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي على الأحوط ، ويجوز حال الاستبراء والاستنجاء ، وإن كان الأحوط استحباباَ الترك ، ولو اضطر إلى أحدهما ، فالأحوط لزوماَ اختيار الاستدبار .
مسألة (55) : لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي على الأحوط ، إلا بعد اليأس عن معرفتها ، وعدم إمكان الانتظار ، أو كون الانتظار حرجياَ أو ضررياَ .
مسألة (56) : لا يجوز النظر إلى عورة الغير ، وإن كان كافراَ أو صبياَ مميزاَ على الأحوط ، سواء أ كان النظر مباشرة أم من وراء الزجاجة ونحوها ، أم في المرآة ، أم في الماء الصافي .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 31 ـ
مسألة (57) : لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه ، ولو بالفحوى .
مسألة (58) : لا يجوز التخلي في المدارس ونحوها ما لم يعلم بعموم الوقف وإن لم يكن مزاحماً أو مستلزماً للضرر على الأحوط ، ولو أخبر المتولي ، أو بعض أهل المدرسة بالتعميم كفى ، بشرط حصول الاطمئنان بصدقه أو كونه ذا يد عليها ، وكذا يكفي جريان العادة به أيضا ، وهكذا الحال في سائر التصرفات فيها .
الفصل الثاني
كيفية الاستنجاء
لا يجب الاستنجاء ـ أي تطهير مخرج البول والغائط ـ في نفسه ، ولكنه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن .و يعتبر في الاستنجاء غسل مخرج البول بالماء ولا يجزي غيره ، والأظهر كفاية المرة الواحدة مطلقا وإن كان الأحوط في الماء القليل أن يغسل به مرتين والثلاث أفضل ، وأما موضع الغائط فإن تعدى المخرج تعين غسله بالماء كغيره من المتنجسات ، وإن لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى ، ومسحه بالأحجار ، أو الخرق ، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة ، والماء أفضل ، والجمع أكمل .
مسألة (59) : الأحوط ـ الأولى ـ اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها ، وأن حصل النقاء بالأقل .
مسألة (60) : يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة .
مسألة (61) : يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة ، وأما العظم والروث ، فلا يحرم الاستنجاء بهما ، ولكن في حصول الطهارة بهما إشكال وإن كان هو الأظهر .
مسألة (62) : يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر ، ولا تجب إزالة
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 32 ـ
اللون والرائحة ، ويجزئ في المسح إزالة العين ، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة .
مسألة (63) : إذا خرج مع الغائط ، أو قبله أو بعده ، نجاسة أخرى مثل الدم ، ولاقت المحل ـ أو وصل إلى المحل نجاسة من الخارج ـ لم يجز في تطهيره إلا الماء ، نعم لا يضر في النساء تنجسه بالبول على الأقوى .
الفصل الثالث
مستحبات التخلي
يستحب للمتخلي ـ على ما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم ـ أن يكون بحيث لا يراه الناظر ولو بالابتعاد عنه ، كما يستحب له تغطية الرأس والتقنع وهو يجزئ عنها ، والتسمية عند التكشف ، والدعاء بالمأثور ، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول ، واليمنى عند الخروج ، والاستبراء وأن يتكئ ـ حال الجلوس ـ على رجله اليسرى ، ويفرج اليمنى .
ويكره الجلوس في الشوارع ، والمشارع ، ومساقط الثمار ، ومواضع اللعن : كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس ، والمواضع المعدة لنزول القوافل بل ربما يحرم الجلوس في هذه المواضع لطرو عنوان محرم ، وكذا يكره استقبال قرص الشمس ، أو القمر بفرجه ، واستقبال الريح بالبول ، والبول في الأرض الصلبة ، وفي ثقوب الحيوان ، وفي الماء خصوصاً الراكد ، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلي ، والكلام بغير ذكر الله ، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم .
مسألة (64) : ماء الاستنجاء نجس على ما تقدم ، ولكن لا يجب الاجتناب عن ملاقيه إذا لم يتغير بالنجاسة ، ولم تتجاوز نجاسة الموضع عن
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 33 ـ
المحل المعتاد ، ولم تصحبه أجزاء النجاسة متميزة ، ولم تصحبه نجاسة من الخارج أو من الداخل ، فإذا اجتمعت هذه الشروط لم يكن منجساً . الفصل الرابع
كيفية الاستبراء
الأولى في كيفية الاستبراء من البول ، أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً ، ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً ، ثم ينترها ثلاثاً، ويكفي سائر الكيفيات المشاركة مع هذه الكيفية في الضغط على جميع المجرى من المقعدة على وجه تتوجه قطرة البول المحتمل وجودها فيه إلى رأس الحشفة وتخرج منه ، ولا يكفي في ذلك ما دون الثلاث ، ولا تقديم المتأخر .
وفائدة الاستبراء طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول ، ولا يجب الوضوء منه .
ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء ـ وإن كان تركه لعدم التمكن منه ـ بنى على كونه بولاً فيجب التطهير منه والوضوء وكذا إذا كان المشتبه مرددا بين البول والمني فيما اذا لم يكن قد توضأ بعد خروج البول، وأما اذا كان قد توضأ بعد خروجه فيلزمه الجمع بين الغسل والوضوء على الاحوط، ويلحق بالاستبراء ـ في الفائدة المذكورة ـ طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء الشيء في المجرى.
ولا استبراء للنساء ، والبلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء ، نعم الأولى للمرأة أن تصبر قليلاً وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً ثم تغسله .
مسألة (65) : فائدة الاستبراء تترتب عليه ولو كان بفعل غيره .
مسألة (66) : إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه ، وإن
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 34 ـ
كان من عادته فعله . وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها ، وإن كان ظاناً بالخروج .
مسألة (67) : إذا علم أنه استبرأ أو استنجى وشك في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحة .
مسألة (68) : لو علم بخروج المذي ، ولم يعلم استصحابه لجزء من البول بنى على طهارته ، وإن كان لم يستبرئ .
الفصل الأول
أجزاء الوضوء
وهي : غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس والرجلين ، فهنا أمور :
الأول : يجب غسل الوجه ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً، والخارج عن ذلك ليس من الوجه ، وإن وجب إدخال شيء من الأطراف إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك ، ويجب ـ على الأحوط ـ الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل ولا يجوز النكس ، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ، فيكفي صب الماء من الأعلى ثم إجراؤه على كل من الجانبين على النهج المتعارف من كونه على نحو الخط المنحني ، ولو رد الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه .
مسألة (69) : غير مستوي الخلقة من جهة التحديد الطولي في ناحية الذقن يعتبر ذقن نفسه ، وفي ناحية منبت الشعر بأن كان أغم قد نبت الشعر على جبهته ـ أو كان أصلع قد انحسر الشعر عن مقدم رأسه ـ يرجع إلى
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 36 ـ
المتعارف .
وأما غير مستوي الخلقة من جهة التحديد العرضي لكبر الوجه ، أو صغره ، أو لطول الأصابع أو قصرها فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى والإبهام المتناسبتان مع وجهه .
مسألة (70) : الشعر النابت فيما دخل في حد الوجه يجب غسل ظاهره ، ولا يجب إيصال الماء إلى الشعر المستور ، فضلاً عن البشرة المستورة ، نعم ما لا يحتاج غسله إلى بحث وطلب يجب غسله ، ( كما إذا كان شاربه طويلاً من الطرفين ساتراً لغير منبته ، أو كان شعر قصاصه متدلياً على جبهته فإنه يجب غسل البشرة المستورة بهما ، وكذا الحال في الشعر الرقيق النابت في البشرة فإنه يغسل مع البشرة ، ومثله الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة على الأحوط وجوباً .
مسألة (71) : لا يجب غسل باطن العين ، والفم ، والأنف ، ومطبق الشفتين ، والعينين .
مسألة (72) : الشعر النابت في الخارج عند الحد إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله ، وكذا المقدار الخارج عن الحد ، وإن كان نابتاً في داخل الحد ، كمسترسل اللحية .
مسألة (73) : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل ـ ولو بمقدار رأس إبرة ـ لا يصح الوضوء ، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه أن لا يكون عليها شيء من القيح ، أو الكحل المانع ، وكذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شيء من الوسخ ، وأن لا يكون على حاجب المرأة وسمة أو خطاط له جرم مانع .
مسألة (74) : إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن المسح يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله ، وأما ما يشك في مانعيته عن الغسل فيكفي إحراز وصول الماء إلى البشرة ولو من غير إزالته ، و لو شك في أصل وجود
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 37 ـ
المانع يجب الفحص عنه إلا مع الاطمئنان بعدمه .
مسألة (75) : الثقبة في الأنف ـ موضع الحلقة أو الخزامة ـ لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها ، سواء أكانت فيها الحلقة أم لا .
الثاني : يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ويجب الابتداء بالمرفقين ، ثم الأسفل منها فالأسفل ـ عرفاً ـ إلى أطراف الأصابع .
و المقطوع بعض يده يغسل ما بقي ، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها .
و لو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما ، وكذا اللحم الزائد ، والإصبع الزائدة ، ولو كان له يد زائدة فوق المرفق بحيث لا يطلق عليها اليد إلا مسامحة لا يجب غسلها بل يكفي غسل اليد الأصلية .
ولو اشتبهت الزائدة بالأصلية غسلهما جميعاً واحتاط بالمسح بهما .
مسألة (76) : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد ، يجب غسله مع اليد .
مسألة (77) : يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة ، حتى الغليظ منه على الأحوط وجوبا .
مسألة (78) : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر ، فيجب غسله ـ حينئذ ـ ولو بإخراجها .
مسألة (79) : الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته ، وإن كان معدوداً أجنبياً عن البشرة تجب إزالته إذا كان مانعا عن وصول الماء إليها ، وإلا لم تجب إزالته ، كالبياض الذي يتبين على اليد من الجص ونحوه .
مسألة (80) : ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين إلى الزندين
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 38 ـ
والاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه ، باطل .
مسألة (81) : يجوز الوضوء برمس العضو في الماء من أعلى الوجه أو من طرف المرفق ، مع مراعاة غسل الأعلى فالأعلى فيهما على ما مر ، ولا فرق في ذلك بين غسل اليد اليمنى واليسرى ، فيجوز أن ينوي الغسل لليسرى بإدخالها في الماء من المرفق ولا يلزم تعذر المسح بماء الوضوء إذا لم يغسل اليمنى رمسا ـ لكفاية المسح بها حينئذ على ما سيأتي من جواز المسح بكل من اليدين على كلا القدمين ـ بل وإن غسلها رمساً لأن الماء الخارج معها يعد من توابع الغسل عرفا ، فلا يكون المسح ببلته من المسح بالماء الجديد ، وأما قصد الغسل بإخراج العضو من الماء ـ تدريجاً ـ فهو غير جائز مطلقاً .
مسألة (82) : الوسخ تحت الأظفار تجب إزالته إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر ، وكان مانعاً عن وصول الماء إلى البشرة ، وهكذا الحال فيما إذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً .
مسألة (83) : إذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع ، ويجب غسل ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل ـ وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة ـ إذا لم يعد شيئا خارجيا ، وإلا فلا يجب غسله ، كما لا يجب قطعه ليغسل موضع اتصال الجلدة باليد ، بل يكفي غسل الجلدة عن غسل موضع اتصالها، نعم لو عدت الجلدة شيئاً خارجياً ولم تحسب جزءاً من اليد فلا بد من إزالتها .
مسألة (84) : الشقوق التي تحدث على ظهر الكف ـ من جهة البرد ـ إن كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها ، وإلا فلا ، ومع الشك فالأحوط ـ وجوباً ـ الإيصال .
مسألة (85) : ما ينجمد على الجرح ـ عند البرء ـ ويصير كالجلد لا
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 39 ـ
يجب رفعه ، وإن حصل البرء ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً .
مسألة (86) : يجوز الوضوء بماء المطر ، إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه ، مع مراعاة الأعلى فالأعلى على ما تقدم ، وكذلك بالنسبة إلى يديه .
ولو قام تحت الميزاب ـ أو نحوه ـ ولم ينو الغسل من الأول ، لكن بعد جريانه على جميع محال الغسل مسح بيده على وجهه بقصد غسله ، وكذا على يديه ففي كفايته إشكال وإن حصل الجريان .
مسألة (87) : إذا شك في شيء أنه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن ، فالأحوط ـ وجوبا ـ غسله .
الثالث : يجب مسح مقدم الرأس ـ وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة ـ بما بقي من بلة اليد ، ويكفي فيه المسمى طولاً وعرضاً ، و الأحوط ـ استحباباً ـ أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع مضمومة ، والطول قدر طول أصبع .
كما أن الأحوط ـ استحباباً ـ أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل وأن يكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى .
مسألة 88 : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم ، بشرط أن لا يخرج بمده عن حده ، فلو كان كذلك ـ فجمع وجعل على الناصية ـ لم يجز المسح عليه .
مسألة (89) : لا تضر كثرة بلل الماسح ، وإن حصل معه الغسل .
مسألة (90) : الظاهر كفاية المسح بأي جزء من أجزاء اليد الواجب غسلها في الوضوء ، ولكن الأحوط استحباباً ـ كما مر ـ المسح بباطن الكف ، ومع تعذره فالأحوط الأولى المسح بظاهرها أن أمكن ، وإلا فبباطن الذراع .
مسألة (91) : يعتبر أن لا يكون على الممسوح بلة ظاهرة ، ولا تضر إذا كانت نداوة محضة أو مستهلكة .
مسألة (92) : لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 40 ـ
على الأظهر ، نعم لا بأس باختلاط بلل اليد اليمنى ببلل اليد اليسرى الناشئ من الاستمرار في غسل اليسرى بعد الانتهاء من غسلها ، أما احتياطاً، أو للعادة الجارية .
مسألة (93) : لو جف ما على اليد من البلل لعذر ، أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه دون غيرها على الأحوط ، وإن كان الأظهر جواز الأخذ من المسترسل أيضاً، إلا ما خرج عن المعتاد .
مسألة (94) : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره فالأحوط ـ استحباباً ـ الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم ، والأظهر جواز الاكتفاء بالأول .
مسألة (95) : لا يجوز المسح على العمامة ، والقناع ، أو غيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة .
الرابع : يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين ، والكعب هو : المفصل بين الساق والقدم على الأظهر .
والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى ، وإن كان الأظهر جواز مسحهما معا ، كما أن الأحوط أن يكون مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى وإن كان لا يبعد جواز مسح كليهما بكل منهما ، وحكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول ، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس ، وحكم البلة وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق .
مسألة (96) : لا يجب المسح على خصوص البشرة ، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً إذا عد من توابع البشرة بأن لم يكن خارجاً عن المتعارف ، وإلا وجب المسح على البشرة .
مسألة (97) : لا يجزي المسح على الحائل ـ كالخف ـ لغير ضرورة ، أو تقية ، بل يشكل الاجتزاء به مع الضرورة أيضاً فلا يترك الاحتياط حينئذ
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 41 ـ
بضم التيمم ، نعم لا يبعد الاجتزاء مع التقية وإن كان الاحتياط في محله .
مسألة (98) : لو دار الأمر بين المسح على الخف والغسل للرجلين للتقية ، اختار الثاني إذا كان متضمناً للمسح ولو بماء جديد ، وأما مع دوران الأمر بين الغسل بلا مسح وبين المسح على الحائل فلا يبعد التخيير بينهما .
مسألة (99) : يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية على الأقوى ، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقية ، بل يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية وزمانها أيضاً، ولا يترك الاحتياط ببذل المال لرفع الاضطرار وإن كان عن تقية ما لم يستلزم الحرج .
مسألة (100) : إذا زال السبب المسوغ لغسل الرجلين أو المسح على الحائل من تقية أو ضرورة ولم يمكن إكمال الوضوء على الوجه الصحيح شرعاً لفوات الموالاة مثلاً فالأقوى وجوب إعادته .
مسألة (101) : لو توضأ على خلاف التقية فلا يبعد عدم وجوب الإعادة .
مسألة (102) : يجوز في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج ، ويجوز أن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل ويجرها قليلاً بمقدار صدق المسح ، بل يجوز النكس على الوجهين بأن يبتدئ من الكعبين وينتهي بأطراف الأصابع .
الفصل الثاني
أحكام الجبائر
من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة ـ لكسر أو قرح أو جرح ـ فإن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء وجب ، ولا يلزم في
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 42 ـ
الصورة الثانية أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل على الأقرب ، وإن لم يتمكن من الغسل ـ بأن كان ضررياً أو حرجياً ولو من جهة كون النزع كذلك ـ اجتزأ بالمسح على الجبيرة ، ولا يجزيه غسل ما حولها ولا غسلها عن مسحها على الأحوط ، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة ، كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها ، هذا إذا كانت الجبيرة في بعض مواضع الغسل ، وأما إذا كانت في بعض مواضع المسح فمع عدم إمكان نزعها والمسح على البشرة يتعين المسح عليه بلا إشكال .
مسألة (103) : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم .
وأما الجروح والقروح المكشوفة فإن كانت في أحد مواضع الغسل وجب غسل ما حولها ، والأحوط ـ استحباباً ـ المسح عليها إن أمكن ، ولا يجب وضع خرقة عليها ومسحها ، وإن كان ذلك أحوط استحبابا .
وأما الكسر المكشوف في مواضع الغسل أو المسح فالمتعين فيه التيمم كما هو المتعين في القروح والجروح المكشوفة في مواضع المسح .
مسألة (104) : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي ولو كان عن ألم أو ورم أو نحوهما يجري عليها حكم الجبيرة .و أما الحاجب اللاصق اتفاقاً ـ كالقير ونحوه ـ فإن أمكن رفعه وجب ، وإلا وجب التيمم إن لم يكن الحاجب في مواضعه ، وإلا جمع بين الوضوء والتيمم .
مسألة (105) : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة على الموضع في موارد الجرح أو القرح أو الكسر ، وأما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو ـ لألم ، أو ورم ، ونحو ذلك ـ فلا يجزئ المسح عليها بل يجب التيمم إن لم يمكن غسل المحل لضرر ونحوه .
وإذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ـ كما إذا كان تمام الوجه أو إحدى اليدين أو الرجلين مجبراً ـ جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبةعلى
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 43 ـ
الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء أو معظمها فالأحوط الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم .
و أما الجبيرة النجسة التي لا يصلح أن يمسح عليها فإن أمكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءً منها وجب ذلك ، فيمسح عليها ويغسل أطرافها ، وإن لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها .
هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف .
و أما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليه الجبيرة الطاهرة ، أو طهرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم أن لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا فالأحوط الجمع بين الوضوء والتيمم .
مسألة (106) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء ، ولكنه يختلف عنه بأن المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء أ كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، وإذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفا فالأحوط أن يضع خرقة على موضع القرح أو الجرح ويمسح عليها ، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه .
وأما إذا كان المانع كسراً فإن كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان المحل مكشوفا ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم .
مسألة (107) : لو كانت الجبيرة على العضو الماسح مسح ببلتها ، والأحوط الأولى فيما إذا لم تكن مستوعبة له أن يمسح بغير موضع الجبيرة .
مسألة (108) : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء مطلقاً تيمم ، وإن أمكن غسل ما حول العين فالأحوط ـ وجوباً ـ له الجمع بين الوضوء والتيمم .
هذا إذا لم تكن العين مستورة بالدواء وإلا فيلزمه الوضوء جبيرة .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 44 ـ
مسألة (109) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوؤه ، سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده ، قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها ، ولا تجب عليه إعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية ، وكذلك الحال لو برئ في السعة بعد إتمام الوضوء على الأظهر دون ما إذا برئ في أثنائه .
مسألة (110): إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها .
مسألة (111) : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة ، فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها ، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وإن لم يتمكن من رفعه ـ أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه ـ سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا جمع بينه وبين الوضوء ، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب فالأظهر عدم سقوط الوضوء ووجوب المسح على الجبيرة .
مسألة (112) : تقدم في المسألة 103 أنه يجزي في الجرح المكشوف غسل ما حوله ولا يجب وضع طاهر عليه ومسحه وإن كان ذلك أحوط ، فإذا أراد الاحتياط وتمكن من وضع ما لا يزيد على الجرح بحيث لا يستر بعض الأطراف التي يجب غسلها تعين ذلك وإلا وجب أولاً أن يغسل ما يمكن من أطرافه ثم يضعه ويمسح عليه .
مسألة (113) : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد وضعها عليها ، وأما إن كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف فالأظهر أنه يتعين عليه التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 45 ـ
مسألة (114) : إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء ، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه ، فالمتعين التيمم .
وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من مواضع الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقا دون أن يكون مما يستلزمه عادة ـ كما إذا كان الجرح في إصبعه واتفق أنه يتضرر بغسل الذراع ـ فإنه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضا .
مسألة (115) : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح ، أو نحوه حدث باختياره ـ على وجه العصيان أو غيره ـ وبين أن لا يكون كذلك .
مسألة (116) : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً ، لا يضره نجاسة باطنها .
مسألة (117) : محل الفصد داخل في الجروح ، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على الوصلة التي عليه ، إن لم تكن أزيد من المتعارف ، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها .
وأما إذا لم يمكن غسل المحل ـ لا من جهة الضرر ، بل لأمر آخر ، كعدم انقطاع الدم مثلا ـ فلا بد من التيمم ، ولا يجري عليه حكم الجبيرة .
مسألة (118) : إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوباً لا يجوز المسح عليه ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على الأحوط ، وإن كان ظاهره مباحا ، وباطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرفاً فيه فلا يضر ، وإلا لزم رفعه وتبديله ، أو استرضاء مالكه ، وإن لم يتمكن منهما فالأحوط الجمع بين الوضوء بالاقتصار على غسل أطرافه وبين التيمم .
مسألة (119) : لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه ، فلو كانت حريراً ، أو ذهباً ، أو جزء حيوان غير مأكول ، لم يضر بوضوئه ، فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها ، أو غصبيته على ما مر .
مسألة (120): ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة وإن
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 46 ـ
احتمل البرء ، وإذا زال الخوف وجب رفعها .
مسألة (121) : إذا أمكن رفع الجبيرة ، وغسل المحل لكن كان موجباً لفوات الوقت ، فالأظهر العدول إلى التيمم .
مسألة (122) : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم ، وصار كالشيء الواحد ، ولم يمكن رفعه بعد البرء ـ بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم ـ فلا يجري عليه حكم الجبيرة ، بل تنتقل الوظيفة إلى التيمم .
مسألة (123) : إذا كان العضو صحيحاً لكن كان نجساً ، ولم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح ، بل يتعين التيمم .
مسألة (124) : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة إن كانت على النحو المتعارف ، كما أنه لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع عدم الحاجة ، إلا أن يحسب جزءاً منها بعد الوضع .
مسألة (125) : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث ، وكذلك الغسل .
مسألة (126) : يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت ولا يجب عليه إعادتها ، وإن ارتفع عذره في الوقت على الأظهر .
مسألة (127) : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة ـ لاعتقاده الكسر مثلا ـ فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع ، لم يصح الوضوء ولا الغسل .
وأما إذا تحقق الكسر فجبره ، واعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة ، ثم تبين عدم الضرر ، فالظاهر صحة وضوئه وغسله .
وا ذا اعتقد عدم الضرر فغسل ، ثم تبين أنه كان مضراً، وكان وظيفته الجبيرة ففي الصحة إشكال ، وكذا الحال فيما لو اعتقد الضرر ، ولكن ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل ، ثم تبين عدم الضرر وأن وظيفته غسل البشرة .
مسألة (128) : في كل مورد يعلم إجمالا أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيممم ولا يتيسر له تعيينها يجب عليه الجمع بينهما .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 47 ـ الفصل الثالث
شرائط الوضوء
وهي أمور :
منها : طهارة الماء ، و إطلاقه ، و كذا عدم استعماله في رفع الحدث الأكبر على الأحوط استحباباً، على ما تقدم ، و في اعتبار نظافته ـ بمعنى عدم تغيره بالقذارات العرفية كالميتة الطاهرة و أبوال الدواب و القيح ـ قول و هو أحوط .
ومنها : طهارة أعضاء الوضوء .
ومنها : إباحة الماء ، و الأظهر عدم اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه الوضوء ، و لا إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به ، بل مع الانحصار أيضا ، و إن كانت الوظيفة مع الانحصار التيمم لكنه لو خالف و توضأ بماء مباح من إناء مغصوب أثم و صح وضوؤه ، من دون فرق بين الاغتراف منه ـ دفعة ، أو تدريجاً ـ و الصب منه و الارتماس فيه على الأظهر .
كما أن الأظهر أن حكم المصب ـ إذا كان وضع الماء على العضو مقدمة للوصول إليه ـ حكم الإناء مع الانحصار و عدمه .
مسألة (129) : يكفي طهارة كل عضو حين غسله ، و لا يلزم أن تكون جميع الأعضاء ـ قبل الشروع ـ طاهرة ، فلو كانت نجسة و غسل كل عضو بعد تطهيره ، أو طهره بغسل الوضوء ـ فيما يكون الماء عاصماً ـ كفى ، و لا يضر تنجس عضو بعد غسله ، و إن لم يتم الوضوء .
مسألة (130) : إذا توضأ من إناء الذهب ، أو الفضة ، بالاغتراف منه ـ دفعة ، أو تدريجاً ، أو بالصب منه ، أو الارتماس فيه ـ فالأظهر صحة وضوئه ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 48 ـ
من دون فرق بين صورة الانحصار و عدمه .
ومنها : عدم المانع من استعمال الماء لمرض يتضرر معه باستعماله ، وأما في موارد سائر مسوغات التيمم فالأظهر صحة الوضوء ، حتى فيما إذا خاف العطش على نفسه أو على نفس محترمة .
مسألة (131) : إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء ، فإن تمشى منه قصد القربة ـ كأن قصد الكون على الطهارة ـ صح وضوؤه و إن كان عالماً بضيق الوقت .
مسألة (132) : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف ، أو النجس ، أو مع الحائل ، بين صورة العلم ، و العمد ، و الجهل ، و النسيان . و كذلك الحال إذا كان استعمال الماء مضراً ، فإنه يحكم ببطلان الوضوء به حتى مع الجهل .
وأما إذا كان الماء مغصوباً فيختص البطلان بصورة العلم و العمد فلو توضأ به نسيانا أو جهلاً فانكشف له الحال بعد الفراغ صح وضوؤه إذا لم يكن هو الغاصب ، و أما الغاصب فلا يصح منه الوضوء بالماء المغصوب و لو كان ناسياً على الأحوط .
مسألة (133) : إذا توضأ غير الغاصب بالماء المغصوب و التفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء ، صح ما مضى من أجزائه ، و يجب تحصيل الماء المباح للباقي .
ولكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات و قبل المسح ، فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلو من قوة ، و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ إعادة الوضوء .
مسألة (134) : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف و يجري عليه حكم الغصب ، فلا بد من العلم بإذن المالك ، ولو بالفحوى أو شاهد الحال ، نعم مع سبق رضاه بتصرف معين ـ ولو لعموم استغراقي بالرضا بجميع التصرفات ـ يجوز البناء على استمراره عند الشك إلى أن يثبت
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 49 ـ
خلافه .
مسألة (135) : يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة ، سواء أ كانت قنوات ، أو منشقة من شط ، وإن لم يعلم رضا المالكين ، بل و إن علم كراهتهم أو كان فيهم الصغار أو المجانين ، و كذلك الحال في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً فإنه يجوز الوضوء و الجلوس والصلاة والنوم ونحوها فيها ، ولا يناط ذلك برضا مالكيها .
نعم في غيرها من الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب الأحوط لزوماً الاجتناب عن التصرف فيها بمثل ما ذكر إذا ظن كراهة المالك أو كان قاصراً .
مسألة (136) : الحياض الواقعة في المساجد و المدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها ، أو الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها ، إلا مع جريان العادة بوضوء صنف خاص أو كل من يريد ، مع عدم منع أحد ، فإنه يجوز الوضوء للغير حينئذ إذا كشفت العادة عن عموم الإذن .
مسألة (137) : إذا علم أو احتمل أن حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر ، و لو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر ، فالأظهر صحة وضوئه ، و كذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد ، و لكنه لم يتمكن و كان يحتمل أنه لا يتمكن ، وكذا إذا كان قاطعاً بالتمكن ، ثم انكشف عدمه ، و كذلك يصح لو توضأ غفلة ، أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلي فيه ، وإن كان هو الأحوط استحبابا .
مسألة (138) : إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته ، صح وضوؤه ، و كذا إذا دخل عصيانا و خرج و توضأ في حال الخروج ، فإنه يصح وضوؤه أيضا على الأظهر .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعملات ـ 50 ـ
ومنها : النية ، و هي أن يقصد الفعل متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذللية ، و يكفي في ذلك أن يكون الباعث إلى القصد المذكور أمر الله تعالى ، من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحب له سبحانه ، أو رجاء الثواب ، أو الخوف من العقاب . و يعتبر فيها الإخلاص فلو ضم إليها الرياء بطل ، ولو ضم إليها غيره من الضمائم الراجحة ، كالتنظيف من الوسخ ، أو المباحة كالتبريد ، فإن كانت الضميمة تابعة ، أو قصد بها القربة أيضاً لم تقدح ، وفي غير ذلك تقدح .
والأظهر عدم قدح العجب المقارن ، إلا إذا كان منافيا لقصد القربة ، كما إذا وصل إلى حد الإدلال بأن يمن على الرب تعالى بالعمل .
مسألة (139) : لا تعتبر نية الوجوب ، و لا الندب ، و لا غيرهما من الصفات و الغايات الخاصة، و لو نوى الوجوب في موضع الندب ، أو العكس ـ جهلاً أو نسيانا ـ صح ، و كذا الحال إذا نوى التجديد و هو محدث أو نوى الرفع و هو متطهر .
مسألة (140) : لا بد من استمرار النية بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النية المذكورة و لو بالعود إلى النية الأولى بعد التردد قبل فوات الموالاة مع إعادة ما أتى به بلا نية .
مسألة (141) : لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد ، ولو اجتمعت عليه أغسال متعددة أجزأ غسل واحد بقصد الجميع وكذا لو قصد الجنابة فقط و لو قصد غير الجنابة فلا إشكال في إجزائه عما قصده وفي إجزائه عن غيره كلام والأظهر هو الإجزاء ، نعم في إجزاء أي غسل عن غسل الجمعة من دون قصده ولو إجمالاً إشكال ، و لو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع تفصيلاً و لا واحد بعينه فالظاهر الصحة ، إذ يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً ، ثم أن ما ذكر من إجزاء غسل واحد عن أغسال متعددة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبة ـ مكانية أو زمانية أو لغاية أخرى ـ و لكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض الأفعال كمس الميت بعد غسله مع تعدد