الحاجة أو نحو ذلك ، وجب القصر و إن اتفق حصوله بعد عشرة أيام ، و كذا إذا نوى الإقامة إلى يوم الجمعة الثانية ـ مثلا ـ و كان عشرة أيام و لكنه لم يعلم بذلك من الأول فإنه يجب عليه القصر على الأظهر ، فلا فرق في وجوب القصر مع التردد في إقامة عشرة أيام بين أن يكون ذلك لأجل تردد زمان النية بين سابق و لاحق ، و بين أن يكون لأجل الجهل بالآخر ، كما إذا نوى المسافر الإقامة من اليوم الواحد و العشرين إلى آخر الشهر و تردد الشهر بين الناقص و التام ثم انكشف كماله فإنه يجب القصر في كلتا الصورتين .
مسألة (932) : تجوز الإقامة في البرية ، و حينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى ما لا يعتاد الوصول إليه من الأمكنة البعيدة ، إلا إذا كان زمان الخروج قليلاً ، كما تقدم .
مسألة (933) : إذا عدل ناوي الإقامة عشرة أيام عن قصد الإقامة ، فإن كان قد صلى فريضة أدائية تماماً بقي على الإتمام إلى أن يسافر ، و إلا رجع إلى القصر ، سواء لم يصل أصلاً أم صلى مثل الصبح و المغرب ، أو شرع في الرباعية و لم يتمها و لو كان في ركوع الثالثة ، و سواء أ فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل و الصوم ، أو لم يفعل .
مسألة (934) : إذا صلى بعد نية الإقامة فريضة أدائية تماماً مع الغفلة عن إقامته بالكلية ثم عدل ففي كفايته في البقاء على التمام إشكال فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و الإتمام بعد العدول ، و كذلك الحال لو صلاها تماماً لشرف البقعة غافلاً عن نية إقامته ، و إذا فاتته الصلاة بعد نية الإقامة فقضاها خارج الوقت تماماً ثم عدل عن إقامته رجع إلى القصر .
مسألة (935) : إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة ، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر و إن لم يصل في مدة الإقامة فريضة تماماً .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 302 ـ
مسألة (936) : لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفاً ، فلو نوى الإقامة و هو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام و قبل البلوغ أيضاً يصلي تماماً ، و إذا نواها و هو مجنون و كان تحقق القصد منه ممكناً ، أو نواها حال الإفاقة ثم جن يصلي تماماً بعد الإفاقة في بقية العشرة ، و كذا إذا كانت حائضاً حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد الظهر من العشرة تماماً ، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفراً .
مسألة (937) : إذا صلى تماماً ، ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر ، و إذا صلى الظهر قصراً ثم نوى الإقامة فصلى العصر تماماً ثم تبين له بطلان إحدى الصلاتين فإنه يرجع إلى القصر ، و يرتفع حكم الإقامة ، و إذا صلى بنية التمام ، و بعد السلام شك في أنه سلم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة ، و كذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة ، و كذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب ، و قبل الإتيان بسجود السهو ، أو قبل قضاء السجدة المنسية ، و لا يترك الاحتياط فيما إذا عدل بعد السلام الأول و قبل السلام الأخير أو قبل الإتيان بصلاة الاحتياط .
مسألة (938) : إذا استقرت الإقامة و لو بالصلاة تماماً ، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة ، فإن كان ناوياً للإقامة في المقصد ، أو في محل الإقامة ، أو في غيرهما بقي على التمام ، حتى يسافر من محل الإقامة الثانية ، و إن كان ناوياً الرجوع إلى محل الإقامة و السفر منه قبل العشرة أتم في الذهاب و المقصد ، و أما في الإياب و محل الإقامة فالأحوط الأولى الجمع بين القصر و التمام فيهما و إن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام حتى يسافر من محل الإقامة ، نعم إذا كان ناوياً السفر من مقصده و كان رجوعه إلى محل
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 303 ـ
إقامته من جهة وقوعه في طريقه قصر في إيابه و محل إقامته أيضاً .
مسألة (939) : إذا دخل في الصلاة بنية القصر ، فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماماً ، و إذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الأثناء ، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصراً ، و إن كان بعده جاز له قطعها و أتى بها قصراً .
مسألة (940) : إذا عدل عن نية الإقامة ، و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماماً ليبقى على التمام أم لا بنى على عدمها فيرجع إلى القصر .
مسألة (941) : إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم ، و عدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماماً ففي صحته إشكال فالأحوط إتمامه ثم قضاؤه ، و أما الصلاة فيجب فيها القصر ، كما سبق .
الثالث : أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون عزم على الإقامة عشرة أيام ، سواء عزم على إقامة تسعة أو أقل أم بقي متردداً فإنه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين ، و بعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفراً جديداً .
مسألة (942) : المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر و إن بلغت المدة ثلاثين يوماً .
مسألة (943) : إذا خرج المقيم المتردد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيام إذا خرج إليه ، فيجري فيه ما ذكرناه فيه .
مسألة (944) : إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوماً ، ثم انتقل إلى مكان آخر ، و أقام فيه ـ متردداً ـ تسعة و عشرين ، و هكذا بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيام ، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوماً متردداً .
مسألة (945) : يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا ، كما تقدم
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 304 ـ
في الإقامة .
مسألة (946) : في كفاية الشهر الهلالي إذا نقص عن الثلاثين يوماً إشكال ، بل الأظهر عدم الكفاية .
الفصل الثالث :
في أحكام المسافر
مسألة (947) : تسقط النوافل النهارية في السفر ، و في سقوط الوتيرة إشكال و الأظهر السقوط ، نعم لا بأس بالإتيان بها برجاء المطلوبية ، و يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار على الأوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة ، كما سيأتي ، و إذا صلاها تماماً ، فإن كان عالماً بالحكم بطلت ، و وجبت الإعادة أو القضاء ، و إن كان جاهلاً بالحكم من أصله ـ بأن لم يعلم مشروعية التقصير للمسافر أو كونه واجباً عليه ـ لم تجب الإعادة ، فضلاً عن القضاء ، و إن كان عالماً بأصل الحكم ، و جاهلاً ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر ، مثل انقطاع عملية السفر بإقامة عشرة في البلد ، و مثل أن العاصي في سفره يقصر إذا رجع إلى الطاعة و نحو ذلك فإن علم في الوقت فالأحوط إعادة الصلاة و لا يبعد عدم وجوب قضائها إذا علم به بعد مضي الوقت ، و إن كان جاهلاً بالموضوع ، بأن لا يعلم أن ما قصده مسافة ـ مثلاً ـ فأتم فتبين له أنه مسافة ، أو كان ناسياً للسفر أو ناسياً أن حكم المسافر القصر فأتم ، فإن علم أو تذكر في الوقت أعاد ، و إن علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه .
مسألة (948) : الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم و يصح مع الجهل ، سواء أ كان لجهل بأصل الحكم أم كان بالخصوصيات أم كان بالموضوع .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 305 ـ
مسألة (949) : إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد ، بلا فرق في ذلك بين العامد و الجاهل و الناسي و الخاطئ ، نعم المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلاً بأن حكمه التمام ثم علم به كان الحكم بوجوب الإعادة عليه مبنياً على الاحتياط الوجوبي .
مسألة (950) : إذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماماً و لم يصل ، ثم سافر حتى تجاوز حد الترخص و الوقت باق ، صلى قصراً ، وإذا دخل عليه الوقت وهو مسافر و تمكن من الصلاة قصراً و لم يصل حتى وصل إلى وطنه ، أو محل إقامته صلى تماماً ، فالمدار على زمان الأداء لا زمان حدوث الوجوب .
مسألة (951) : إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماماً ولو في السفر ، و إذا فاتته في السفر قضى قصراً و لو في الحضر ، و إذا كان في أول الوقت حاضراً و في آخره مسافراً أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت ، فيقضي في الأول قصرا ، و في العكس تماماً .
مسألة (952) : يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة : مكة المعظمة ، و المدينة المنورة ، و الكوفة ، و حرم الحسين عليه السلام ، فللمسافر السائغ له التقصير أن يتم صلاته في هذه المواضع بل هو أفضل و إن كان التقصير أحوط ، و ذكر جماعة اختصاص التخيير في البلاد الثلاثة بمساجدها و لكنه لا يبعد ثبوت التخيير فيها مطلقاً و إن كان الاختصاص أحوط ، و الظاهر أن التخيير ثابت في حرم الحسين عليه السلام فيما يحيط بالقبر الشريف بمقدار خمسة و عشرين ذراعاً من كل جانب فتدخل بعض الأروقة في الحد المذكور و يخرج عنه بعض المسجد الخلفي .
مسألة (953) : لا فرق في ثبوت التخيير في الأماكن المذكورة بين أرضها و سطحها و المواضع المنخفضة فيها ، كبيت الطشت في مسجد
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 306 ـ
الكوفة .
مسألة (954) : لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور ، فلا يجوز للمسافر الذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة .
مسألة (955) : التخيير المذكور استمراري ، فإذا شرع في الصلاة بنية القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الإتمام، و بالعكس .
مسألة (956) : لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة .
مسألة (957) : يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله و الله أكبر ) .
مسألة (958) : يختص التخيير المذكور بالأداء و لا يجري في القضاء .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 307 ـ المقصد الثاني عشر :
في صلاة الجمعة
وفيه فروع
الأول : صلاة الجمعة ركعتان كصلاة الصبح ، و تمتاز عنها بخطبتين قبلها ، ففي الأولى منهما يقوم الإمام و يحمد الله و يثني عليه و يوصي بتقوى الله ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، و في الثانية يقوم و يحمد الله و يثني عليه و يصلي على محمد صلى الله عليه و آله و على أئمة المسلمين عليهم السلام و يضم إلى ذلك على الأحوط الأولى الاستغفار للمؤمنين و المؤمنات .
الثاني : الأحوط إتيان الحمد و الصلاة من الخطبة بالعربية ، و أما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله و الوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً على الأظهر ، بل الأحوط ـ إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية ـ أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها .
الثالث : صلاة الجمعة واجبة تخييراً على الأظهر ، و معنى ذلك أن المكلف يوم الجمعة مخير بين الإتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شرائطها الآتية و بين الإتيان بصلاة الظهر و لكن إقامة الجمعة أفضل ، فإذا أتى بها مع الشرائط أجزأت عن الظهر .
الرابع : يعتبر في وجوب صلاة الجمعة أمور :
1 ـ دخول الوقت ، و هو زوال الشمس ، و وقتها أول الزوال عرفا كما مر ، فلو أخرها عنه لم تصح منه فيأتي بصلاة الظهر .
2 ـ اجتماع خمسة أشخاص ، أحدهم الإمام ، فلا تجب الجمعة ما
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 308 ـ
لم يجتمع خمسة نفر من المسلمين كان أحدهم الإمام .
3 ـ وجود الإمام الجامع لشرائط الإمامة من العدالة و غيرها ـ على ما تقدم ذكرها في صلاة الجماعة ـ .
الخامس : تعتبر في صحة صلاة الجمعة أمور :
1 ـ الجماعة ، فلا تصح صلاة الجمعة فرادى ، و يجزي فيها إدراك الإمام في الركوع الأول بل في القيام من الركعة الثانية أيضاً فيأتي مع الإمام بركعة و بعد فراغه يأتي بركعة أخرى ، و أما لو أدركه في ركوع الركعة الثانية ففي الاجتزاء به إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه .
2 ـ أن لا تكون المسافة بينها و بين صلاة جمعة أخرى أقل من فرسخ ، فلو أقيمت جمعتان فيما دون فرسخ بطلتا جميعا إن كانتا مقترنتين زماناً ، و أما إذا كانت إحداهما سابقة على الأخرى و لو بتكبيرة الإحرام صحت السابقة دون اللاحقة ، نعم إذا كانت إحدى الصلاتين فاقدة لشرائط الصحة فهي لا تمنع عن إقامة صلاة جمعة أخرى و لو كانت في عرضها أو متأخرة عنها .
3 ـ قراءة خطبتين قبل الصلاة ـ على ما تقدم ـ و الأحوط لزوماً أن تكون الخطبتان بعد الزوال ، كما لابد أن يكون الخطيب هو الإمام ، و لا يجب الحضور حال الخطبة على الأظهر .
السادس : إذا أقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من أقامها هو الإمام المعصوم عليه السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها عيناً ، و إن كان غيره لم يجب الحضور على الأظهر ، بل يجوز الإتيان بصلاة الظهر .
السابع : يعتبر في وجوب الحضور في الصورة الأولى المتقدمة أمور :
1 ـ الذكورة ، فلا يجب الحضور على النساء .
2 ـ الحرية ، فلا يجب على العبيد .
3 ـ الحضور ، فلا يجب على المسافر سواء في ذلك المسافر الذي
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 309 ـ
وظيفته القصر و من كانت وظيفته الإتمام كالقاصد لإقامة عشرة أيام .
4 ـ السلامة من المرض و العمى ، فلا يجب على المريض و الأعمى .
5 ـ عدم الشيخوخة ، فلا يجب على الشيخ الكبير .
6 ـ أن لا يكون الفصل بينه و بين المكان الذي تقام فيه الجمعة أزيد من فرسخين ، كما لا يجب على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر أو برد شديد أو نحوهما و إن لم يكن الفصل بهذا المقدار .
الثامن : من لا تجب عليه صلاة الجمعة عيناً تجوز له المبادرة إلى أداء صلاة الظهر في أول وقتها .
التاسع : الأحوط لزوماً الإصغاء إلى الخطبة لمن يفهم معناها ، و لا يجوز ـ على الأحوط ـ التكلم أثناء اشتغال الإمام بها إذا كان ذلك مانعاً عن الإصغاء .
العاشر : يحرم البيع و الشراء بعد النداء لصلاة الجمعة إذا كانا منافيين للصلاة و لكن الأظهر صحة المعاملة و إن كانت محرمة .
الحادي عشر : من يجب عليه الحضور إذا تركه و صلى صلاة الظهر فالأظهر صحة صلاته .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 310 ـ خاتمة :
في بعض الصلوات المستحبة
منها : صلاة العيدين ، و هي واجبة في زمان الحضور مع اجتماع الشرائط ، و مستحبة في عصر الغيبة جماعة و فرادى ، و لا يعتبر فيها العدد و لا تباعد الجماعتين ، و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة ، و كيفيتها : ركعتان يقرأ في كل منهما الحمد و سورة ، و الأفضل أن يقرأ في الأولى ( والشمس ) و في الثانية ( الغاشية ) أو في الأولى ( الأعلى ) و في الثانية ( و الشمس ) ثم يكبر في الأولى خمس تكبيرات ، و يقنت بين كل تكبيرتين وفي الثانية يكبر بعد القراءة اربعا، ويقنت بين كل تكبيرتين و لا يبعد الاجتزاء بثلاث تكبيرات في كل ركعة عدا تكبيرتي الإحرام و الركوع ، و يجزي في القنوت ما يجزي في قنوت سائر الصلوات ، و الأفضل أن يدعو بالمأثور ، فيقول في كل واحد منها : ( اللهم أهل الكبرياء و العظمة ، و أهل الجود و الجبروت ، و أهل العفو و الرحمة ، و أهل التقوى و المغفرة ، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، و لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم ذخراً و مزيداً ، أن تصلي على محمد و آل محمد ، كأفضل ما صليت على عبد من عبادك ، و صل على ملائكتك و رسلك ، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات ، و المسلمين و المسلمات ، الأحياء منهم و الأموات ، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون و أعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبادك المخلصون ) ، و يأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة ، و لا يجب الحضور عندهما ، و لا الإصغاء ، و الأحوط عدم تركهما في زمان الغيبة إذا كانت الصلاة جماعة .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 311 ـ
مسألة (959) : لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة .
مسألة (960) : إذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان أحكام النافلة عليها إشكال ، و الظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها ، و لزوم قضاء السجدة الواحدة إذا نسيت ، و سجود السهو عند تحقق موجبه .
مسألة (961) : إذا شك في جزء منها و هو في المحل أتى به ، و إن كان بعد تجاوز المحل مضى .
مسألة (962) : ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة ، بل يستحب أن يقول المؤذن : الصلاة ـ ثلاثاً ـ .
مسألة (963) : وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ، و الأظهر سقوط قضائها لو فاتت ، و يستحب الغسل قبلها ، و الجهر فيها بالقراءة ، إماماً كان أو منفرداً ، و رفع اليدين حال التكبيرات ، و السجود على الأرض ، و الإصحار بها إلا في مكة المعظمة فإن الإتيان بها في المسجد الحرام أفضل ، و أن يخرج إليها راجلاً حافياً لابساً عمامة بيضاء مشمراً ثوبه إلى ساقه ، و أن يأكل قبل خروجه إلى الصلاة في الفطر ، و بعد عوده في الأضحى مما يضحي به إن كان .
ومنها : صلاة ليلة الدفن ، و تسمى صلاة الوحشة و هي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي و الأحوط لزوماً قراءتها إلى : ( هم فيها خالدون ) و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، و بعد السلام يقول : ( اللهم صل على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان ) و يسمي الميت ، و في رواية بعد الحمد في الأولى التوحيد مرتين ، و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشراً ، ثم الدعاء المذكور ، و الجمع بين الكيفيتين أولى و أفضل .
مسالة (964) : لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إن كان الأولى ترك الاستئجار و دفع المال إلى المصلي ، على نحو لا يؤذن له بالتصرف فيه ، إلا
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 312 ـ
إذا صلى .
مسألة (965) : إذا صلى و نسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما أو أتى بالقدر أقل من العدد الموظف فهي لا تجزئ عن صلاة ليلة الدفن و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصلياً إذا لم تكن الصلاة تامة .
مسألة (966) : وقت صلاة ليلة الدفن على النحو الأول الليلة الأولى من الدفن فإذا لم يدفن الميت إلا بعد مرور مدة أخرت الصلاة إلى الليلة الأولى من الدفن ، و أما على النحو الثاني فظاهر الرواية الواردة به استحبابها في أول ليلة بعد الموت ، ويجوز الإتيان بها في جميع آنات الليل ، و إن كان التعجيل أولى .
مسألة (967) : إذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال إلا بمراجعة مالكه ، فإن لم يعرفه و لم يمكن تعرفه جرى عليه حكم مجهول المالك ، نعم لو علم من القرائن رضاه بالتصرف فيه إذا صلى هدية أو عمل عملاً آخر جاز له التصرف فيه بمثل الأكل و الشرب و أداء الدين ، بل يجوز له ـ على الأظهر ـ التصرف بمثل البيع و نحوه كأن يشتري به شيئاً لنفسه .
ومنها : صلاة أول يوم من كل شهر ، و هي : ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة ، و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر ، يشتري بذلك سلامة الشهر ـ كما في الرواية ـ و يستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي : ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ) ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ، مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 313 ـ
لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ، رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) .
مسألة (968) : يجوز إتيان هذه الصلاة في تمام النهار .
ومنها : صلاة الغفيلة ، و هي : ركعتان بين المغرب و العشاء ، يقرأ في الأولى بعد الحمد : (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) و في الثانية بعد الحمد : ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ثم يرفع يديه و يقول : ( اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا ) و يذكر حاجته ، ثم يقول : ( اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما ( و في نسخة إلا ) قضيتها لي ) ثم يسأل حاجته فإنها تقضى إن شاء الله تعالى ، و قد ورد أنها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنة .
مسألة (969) : يجوز الإتيان بصلاة الغفيلة بقصد ركعتين من نافلة المغرب فيكون ذلك من تداخل المستحبين .
ومنها : الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة ، و هي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور ، و الأولى الإتيان بها على هذا الترتيب : الفلق ـ أولاً ـ ثم الناس ، ثم التوحيد ، ثم الكافرون ، ثم النصر ، ثم الأعلى ، ثم القدر .
ولنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلباً للاختصار ، و الحمد لله ربنا و هو حسبنا و نعم الوكيل .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 317 ـ الفصل الأول :
في النية
مسألة (970) : يعتبر في الصوم ـ الذي هو من العبادات الشرعية ـ العزم عليه على نحو ينطبق عليه عنوان الطاعة و التخضع لله تعالى ، و يكفي كون العزم عن داع إلهي و بقاؤه في النفس و لو ارتكازاً ، و لا يعتبر ضم الإخطار إليه بمعنى اعتبار كون الإمساك لله تعالى و إن كان ضمه أولى ، كما لا يعتبر استناد ترك المفطرات إلى العزم المذكور ، فلا يضر بوقوع الصوم العجز عن فعلها أو وجود الصارف النفساني عنها ، و كذا لا يعتبر كون الصائم في جميع الوقت بل في شئ منه في حالة يمكن توجه التكليف إليه فلا يضر النوم المستوعب لجميع الوقت و لو لم يكن باختيار منه كلاً أو بعضاً ، و لكن و في إلحاق الإغماء و السكر به إشكال فلا يترك الاحتياط للمغمى عليه اذا كان مسبوقا بالنيةوافاق اثناء النهار باتمام الصوم، وان لم يفعل فالقضاء ، والسكران مع سبق النية بالجمع بين الإتمام إن أفاق أثناء الوقت والقضاء بعد ذلك .
مسألة (971) : لا يجب قصد الوجوب و الندب ، و لا الأداء و لا غير ذلك من صفات الأمر و المأمور به ، نعم إذا كان النوع المأمور به قصدياً كالقضاء و الكفارة ـ على ما سيأتي ـ لزم قصده ، و لكن يكفي فيه القصد الإجمالي كالقصد إلى المأمور به بالأمر الفعلي مع وحدة ما في الذمة .
مسألة (972) : يعتبر في القضاء قصده ، و يتحقق بقصد كون الصوم بدلاً عما فات ، و يعتبر في القضاء عن الغير قصد النيابة عنه في ذلك بإتيان العمل مطابقاً لما في ذمته بقصد تفريغها ، و يكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد النيابة عن الغير ، و إذا كان ما في ذمته واحداً مردداً بين كونه القضاء عن نفسه
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 318 ـ
أو عن غيره كفاه القصد الإجمالي .
مسألة (973) : يعتبر في الصوم ـ كما مر ـ العزم عليه و هو يتوقف على تصوره و لو بصورة إجمالية على نحو تميزه عن بقية العبادات كالذي يعتبر فيه ترك الأكل و الشرب بماله من الحدود الشرعية ، و لا يجب العلم التفصيلي بجميع ما يفسده و العزم على تركه ، فلو لم يتصور البعض ـ كالجماع ـ أو اعتقد عدم مفطريته لم يضر بينة صومه .
مسألة (974) : لا يقع في شهر رمضان صوم غيره و إن لم يكن الشخص مكلفاً بالصوم ـ كالمسافر ـ فإن نوى غيره متعمداً بطل ـ و إن لم يخل ذلك بقصد القربة على الأحوط ـ و لو كان جاهلاً به أو ناسياً له صح و يجزي حينئذ عن رمضان لا عما نواه .
مسألة (975) : يكفي في صحة صوم رمضان وقوعه فيه و لا يعتبر قصد عنوانه على الأظهر ، و لكن الأحوط قصده و لو إجمالاً بأن ينوي الصوم المشروع غداً ، و مثله في ذلك الصوم المندوب فيتحقق إذا نوى صوم غد قربة إلى الله تعالى إذا كان الزمان صالحاً لوقوعه فيه و كان الشخص ممن يجوز له التطوع بأن لم يكن مسافراً ولم يكن عليه قضاء شهر رمضان ، و كذلك الحال في المنذور بجميع أقسامه إلا إذا كان مقيداً بعنوان قصدي كالصوم شكراً أو زجراً ، ومثله القضاء و الكفارة ففي مثل ذلك إذا لم يقصد المعين لم يقع ، نعم إذا قصد ما في الذمة و كان واحداً أجزأ عنه .
مسألة (976) : وقت النية في الواجب المعين ـ و لو بالعارض ـ عند طلوع الفجر الصادق على الأحوط لزوماً بمعنى أنه لابد فيه من تحقق الإمساك مقروناً بالعزم و لو ارتكازاً لا بمعنى أن لها وقتاً محدداً شرعاً ، و أما في الواجب غير المعين فيمتد وقتها إلى ما قبل الزوال و إن تضيق وقته فله تأخيرها إليه ولو اختياراً ، فإذا أصبح ناوياً للإفطار و بدا له قبل الزوال أن يصوم واجباً
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 319 ـ
فنوى الصوم أجزأه ، و إن كان ذلك بعد الزوال لم يجز على الأحوط ، و أما في المندوب فيمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يقترن فيه الصوم بالنية .
مسألة (977) : يجتزئ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر فلا يعتبر حدوث العزم على الصوم في كل ليلة أو عند طلوع الفجر من كل يوم و إن كان يعتبر وجوده عنده و لو ارتكازاً على ما سبق ، و الظاهر كفاية ذلك في غير شهر رمضان أيضاً كصوم الكفارة و نحوها .
مسألة (978) : إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع ، أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطراً ثم تذكر أو علم أثناء النهار فالظاهر الاجتزاء بتجديد نيته قبل الزوال ، و يشكل الاجتزاء به بعده فلا يترك الاحتياط بالإمساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة و القضاء بعد ذلك .
مسألة (979) : إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندباً أو قضاءً أو نذراً أجزأ عن شهر رمضان إن كان ، و إذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية ، و إن صامه بنية رمضان بطل ، و أما إن صامه بنية الأمر الواقعي المتوجه إليه ـ إما الوجوبي أو الندبي ـ فالظاهر الصحة ، و إن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندباً ، و إن كان من رمضان كان وجوباً فلا يبعد الصحة أيضاً ، و إذا أصبح فيه ناوياً للإفطار فتبين أنه من رمضان جرى عليه التفصيل المتقدم في المسألة السابقة .
مسألة (980) : تجب استدامة النية إلى آخر النهار ، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل و إن رجع إلى نية الصوم على الأحوط ، وكذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته ، وإذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة ، هذا في الواجب المعين ، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شئ من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال .
مسألة (981) : لا يصح العدول من صوم إلى صوم و إن بقي وقت
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 320 ـ
المعدول إليه على الأصح ، نعم إذا كان أحدهما غير متقوم بقصد عنوانه و لا مقيداً بعدم قصد غيره ـ وإن كان مقيداً بعدم وقوعه ـ صح و بطل الآخر ، مثلاً لو نوى صوم الكفارة ثم عدل إلى المندوب المطلق صح الثاني و بطل الأول ، ولو نوى المندوب المطلق ثم عدل إلى الكفارة وقع الأول دون الثاني .
الفصل الثاني :
المفطرات
وهي أمور :
الأول ، والثاني : الأكل و الشرب مطلقاً ، و لو كانا قليلين ، أو غير معتادين ، وسيأتي بعض ما يتعلق بهما في المفطر التاسع .
الثالث : الجماع قبلاً و دبراً ، فاعلاً و مفعولا به ، حياً و ميتاً ، حتى البهيمة على الأحوط وجوباً فيها و في وطء دبر الذكر للواطئ و الموطوء ، و لو قصد الجماع و شك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة كان من قصد المفطر و قد تقدم حكمه و لكن لم تجب الكفارة عليه .
ولا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ ـ مثلاً ـ فدخل في أحد الفرجين من غير قصد .
الرابع : الكذب على الله تعالى ، أو على رسول الله صلى الله عليه و آله أو على الأئمة عليهم السلام على الأحوط وجوباً ، بل الأحوط الأولى إلحاق سائر الأنبياء والأوصياء عليهم السلام بهم ، من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي ، وإذا قصد الصدق فكان كذباً فلا بأس ، و إن قصد الكذب فكان صدقاً كان من قصد المفطر ، و قد تقدم حكمه .
مسألة (982) : إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلى أحد ، أو موجهاً له إلى من لا يفهم معناه و كان يسمعه من يفهم أو كان في معرض سماعه ـ كما إذا سجل بآلة ـ جرى فيه الاحتياط المتقدم .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 321 ـ
الخامس : رمس تمام الرأس في الماء على المشهور ، و لكن الأظهر أنه لا يضر بصحة الصوم بل هو مكروه كراهة شديدة ، و لا فرق في ذلك بين الدفعة و التدريج ، و لا بأس برمس أجزاء الرأس على التعاقب و إن استغرقه ، و كذا إذا ارتمس و قد أدخل رأسه في زجاجة و نحوها كما يصنعه الغواصون .
مسألة (983) : في إلحاق المضاف بالماء إشكال ، والأظهر عدم الإلحاق .
مسألة (984) : الأحوط للصائم في شهر رمضان و في غيره عدم الاغتسال برمس الرأس في الماء وإن كان الأظهر جواز ذلك .
السادس : تعمد إدخال الغبار أو الدخان الغليظين في الحلق على الأحوط وجوباً ، ولا بأس بغير الغليظ منهما ، وكذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار المتصاعد بإثارة الهواء .
السابع : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ، و الأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان وقضائه ، أما غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك .
مسألة (985) : الأقوى عدم البطلان بالإصباح جنباً لا عن عمد في صوم رمضان و غيره من الصوم حتى قضاء رمضان و إن لم يتضيق وقته على الأظهر ، و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط فيه .
مسألة (986) : لا يبطل الصوم ـ واجباً أو مندوباً ، معيناً أو غيره ـ بالاحتلام في أثناء النهار ، كما لا يبطل بالبقاء على حدث مس الميت ـ عمداً ـ حتى يطلع الفجر .
مسألة (987) : إذا أجنب ـ عمدا ليلا ـ في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتاً إلى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة ، نعم إذا تمكن من التيمم وجب عليه التيمم و الصوم ، والأحوط استحباباً قضاؤه ، وإن ترك
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 322 ـ
التيمم وجب عليه القضاء والكفارة .
مسألة (988) : إذا نسي غسل الجنابة ـ ليلاً ـ حتى مضى يوم أو أيام من شهر رمضان وجب عليه القضاء ، دون غيره من الواجب المعين و غيره ، و إن كان أحوط استحباباً ، و الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة ، و إن كان الإلحاق أحوط استحباباً .
مسألة (989) : إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر ، فإن تركه بطل صومه ، و إن تيمم لم يجب عليه أن يبقى مستيقظاً إلى أن يطلع الفجر ، وإن كان ذلك أحوط .
مسألة (990) : إذا ظن سعة الوقت فأجنب ، فبان ضيقه حتى عن التيمم فلا شئ عليه ، و إن كان الأحوط الأولى القضاء مع عدم المراعاة .
مسألة (991) : حدث الحيض و النفاس كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان بل و لقضائه على الأحوط دون غيرهما ، و إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر صح صومها .
مسألة (992) : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة و كذا في الاستحاضة المتوسطة على الأظهر ، و أما في الاستحاضة الكثيرة فالمشهور أنه يعتبر في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح و كذا للظهرين و لليلة الماضية ، و لكن لا يبعد عدم اعتباره وإن كان أحوط ، بل الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ثم تعيده بعده .
مسألة (993) : إذا أجنب في شهر رمضان ـ ليلاً ـ و نام حتى أصبح فإن نام ناوياً لترك الغسل ، لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة ، و كذا إذا نام متردداً فيه على الأحوط ، و إن نام ناوياً للغسل ، فإن كان في النومة الأولى صح صومه إذا كان واثقاً بالانتباه لاعتياد أو غيره و إلا فالأحوط وجوب القضاء
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 323 ـ
عليه وإن كان في النومة الثانية ـ بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق و نام ثانياً حتى أصبح ـ وجب عليه القضاء عقوبة ، دون الكفارة ، على الأقوى ، و إذا كان بعد النومة الثالثة ، فالأحوط ـ استحباباً ـ الكفارة أيضاً و كذلك في النومين الأولين إذا لم يكن واثقاً بالانتباه . و إذا نام عن ذهول و غفلة عن الغسل فالأظهر وجوب القضاء مطلقاً و الأحوط الأولى الكفارة أيضاً في الثالث .
مسألة (994) : يجوز النوم الأول و الثاني مع كونه واثقاً بالانتباه ، و الأحوط لزوماً تركه إذا لم يكن واثقاً به ، فإن نام و لم يستيقظ فالأحوط القضاء حتى في النومة الأولى ، بل الأحوط الأولى الكفارة أيضاً و لا سيما في النومة الثالثة .
مسألة (995) : إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلى الغسل منه ، ويجوز له الاستبراء بالبول و إن علم ببقاء شئ من المني في المجرى ، ولكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالأحوط الأولى مع عدم الضرر تأخيره إلى ما بعد المغرب .
مسألة (996) : يعد النوم الذي احتلم فيه ليلاً من النوم الأول فإذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الإفاقة هو النوم الثاني .
مسألة (997) : الظاهر إلحاق النوم الرابع و الخامس بالثالث .
مسألة (998) : الأقوى عدم إلحاق الحائض و النفساء بالجنب ، فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و إن كان البقاء على الحدث في النوم الثاني أو الثالث ، وأما معه فيحكم بالبطلان و إن كان في النوم الأول .
الثامن : إنزال المني بفعل ما يؤدي إلى نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله ، و أما إذا كان واثقاً بالعدم فنزل اتفاقاً ، أو سبقه المني بلا فعل شئ لم يبطل صومه .
التاسع : الاحتقان بالمائع ، ولا بأس بالجامد ، كما لا بأس بما يصل إلى الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمى أكلاً أو شرباً ، كما إذا صب
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 324 ـ
دواءً في جرحه أو إذنه أو في إحليله أو عينه فوصل إلى جوفه و كذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه و غير ذلك ، نعم إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى الجوف من غير طريق الحلق ، كما يحكى عن بعض أهل زماننا فلا يبعد صدق الأكل و الشرب حينئذ فيفطر به ، كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف ، وأما إدخال الدواء و نحوه ـ كالمغذي ـ بالإبرة في العضلة أو الوريد فلا بأس به ، وكذا تقطير الدواء في العين أو الإذن و لو ظهر أثره من اللون أو الطعم في الحلق .
مسألة (999) : الأحوط عدم ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلى فضاء الفم و إن كان لا يبعد جوازه ، أما إذا لم يصل إلى فضاء الفم فلا بأس بهما .
مسألة (1000) : لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان كثيراً و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلاً .
العاشر : تعمد القئ و إن كان لضرورة من علاج مرض و نحوه و لا بأس بما كان سهواً أو بلا اختيار .
مسألة (1001) : إذا خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلاً ، و إذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه ـ اختياراً ـ بطل صومه و عليه الكفارة ، على الأحوط لزوماً فيهما .
مسألة (1002) : إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا تقيأ ، أو لم يكن عازماً على ترك التقيؤ ـ مع الالتفات إلى كونه مانعا عن صحة الصوم ـ في الوقت الذي لا يجوز تأخير النية إليه اختياراً المختلف باختلاف أنحاء الصوم كما تقدم في المسألة 976 و لا فرق في ذلك كله بين ما إذا انحصر إخراج ما ابتلعه بالقئ و عدم الانحصار به .
مسألة (1003) : ليس من المفطرات مص الخاتم ، و مضغ الطعام
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 325 ـ
للصبي ، وذوق المرق و نحوها مما لا يتعدى إلى الحلق ، أو تعدى من غير قصد ، أو نسياناً للصوم ، أما ما يتعدى ـ عمداً ـ فمبطل و إن قل ، و منه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار ـ على ما قيل ـ و كذا لا بأس بمضغ العلك و إن وجد له طعماً في ريقه ، ما لم يكن لتفتت أجزائه ، و لا بمص لسان الزوج و الزوجة ، و الأحوط الأولى الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة ، و لكن لا يترك الاحتياط بعدم بلع الريق مع عدم استهلاكها فيه .
مسألة (1004) : يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الإنزال ، وإن قصد الإنزال كان من قصد المفطر ، و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر و المسك ، وكذا دخول الحمام إذا خشي الضعف ، وإخراج الدم المضعف ، و السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق ، و شم كل نبت طيب الريح ، و بل الثوب على الجسد ، و جلوس المرأة في الماء ، والحقنة بالجامد ، و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم ، و السواك بالعود الرطب ، والمضمضة عبثاً ، و إنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة ( عليهم السلام ) ومدائحهم .
وفي الخبر : « إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب ، و غضوا أبصاركم ، ولا تنازعوا ، و لا تحاسدوا و لا تغتابوا ، و لا تماروا ، و لا تكذبوا ، ولا تباشروا ، و لا تخالفوا ، و لا تغضبوا ، و لا تسابوا ، و لا تشاتموا ، ولا تنابزوا ، و لا تجادلوا ، و لا تباذوا ، و لا تظلموا ، و لا تسافهوا ، ولا تزاجروا ، و لا تغفلوا عن ذكر الله تعالى » الحديث طويل .
تتميم
المفطرات المذكورة إنما تفسد الصوم إذا وقعت على وجه العمد و الاختيار ، وأما مع السهو و عدم القصد فلا تفسده ، من غير فرق في ذلك بين