لواعج الاشجان
السيد محسن الأمين


  لواعج الاشجان في مقتل الحسين تأليف العلامة المجاهد الكبير الحجة السيد محسن الامين العاملي قدس سره ويليه كتاب اصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثار للمؤلف وكتاب النصاريات للشيخ محمد النصار قده

لواعج الاشجان _ 2 _

  بسم الله الرحمن الرحيم الحمدالله الذى جعل اعظم الناس بلا الانبياء واوصياءهم ثم الا مثل فالا مثل من سائر طبقات الورى، نحمده تعالى على ما بلى وابلى واخذ واعطى والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله حجح الله على اهل الدنيا، الذين امتحنوا باعظم المصائب فصبروا على ما قدر الله وقضى، وبذلوا انفسهم في سبيل الله واحياء دينه بذل الاسخياء فرفعهم الله بذالك إلى الدرجات العلى، وضاعف الاجر لمن ذكر أو ذكر عنده مصابهم فبكى أو تباكى أو ابكى، وبعد فيقول العبد الجاني المتمسك بالعروة الوثقى من ولاء اهل بيت النبي المجتبى صلى الله عليه وعليهم ما اظلم ليل فدجى ، وطلع فجر فاضا ، انى جامع في هذا الكتاب المسمى (بلواعج الاشجان) خبر مقتل الامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام سيد الشهدا، وخامس اصحاب العبا، وأحد ريحانتي الرسول المصطفى، وشبلي الامام المرتضي، وقرتي عين البتول الزهراء وما يرتبط بذلك من امور شتى ، على وجه لا يخل ايجازه عند ذوي النهى، ولا يمل اطنابه من استمع أو تلى ، قضاء لحق المودة في

لواعج الاشجان _ 3 _

  القربى، وتعرضا لمثوبتة تعالى في الدار الاخرى، وشفاعة رسوله واوليائه في يوم الجزاء، اخذا ذلك من الكتب الموثوق بها والروايات المعتمد عليها بين العلما، ورتبته على مقدمة وثلاثة مقاصد وخاتمة سائلا منه جل وعلا ان يجعله خالصا لوجهة وينفع به طول المدى، ومنه تعالى نستمد التوفيق والهداية والعصمة وهو حسبنا وكفى مقدمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال كل عين باكية الا عين بكت على مصاب الحسين عليه السلام فأنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة وقال الرضا عليه السلام للريان بن شبيب ان سرك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو أن رجلا تولى حجرا حشره الله معه يوم القيامة وقال الحسين عليه السلام ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة الا بوأه الله تعالى بها في الجنة حقبا وقال الصادق عليه السلام كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول ايما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام دمعا حتى تسيل على خده بوأه

لواعج الاشجان _ 4 _

  الله بها في الجنة غرفا يسكنها احقابا وايما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى تسيل على خده لاذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله تعالى مبوأ صدق في الجنة " الحديث " وقال الصادق عليه السلام لفضيل تجلسون وتتحدثون قال نعم جعلت فداك قال أن تلك المجالس احبها فأحيوا امرنا يا فضيل رحم الله من احيا امرنا يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت اكثر من زبد البحر وقال عليه السلام لابي عمارة المنشد انشدني في الحسين بن علي قال فأنشدته فبكى ثم انشدته فبكى فوالله ما زلت انشده ويبكى حتى سمعت البكاء من الدار فقال يا ابا عمارة من انشد في الحسين بن علي عليهما السلام فابكى خمسين فله الجنه ومن انشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فابكى ثلاثين فله الجنه ومن انشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فابكى عشرين فله الجنة ومن انشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فأبكى عشرة فله الجنة ومن انشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فبكى فله الجنة ومن انشد في الحسين (عليه السلام) شعرا فتباكى فله الجنة وعن آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) انهم قالوا من بكى وابكى فينا مائة ضمنا له على الله الجنة ومن بكى وابكى خمسين فله الجنة ومن بكى وابكى ثلاثين فله الجنة ومن بكى وابكى عشرة فله الجنة ومن بكى وابكى واحدا فله الجنة رواه في اللهوف وقال الرضا عليه السلام كان ابي إذا دخل شهر المحرم

لواعج الاشجان _ 5 _

  لا يرى ضاحكا وكانت الكأبة تغلب عليه حتى تمضى منه عشرة ايام فأذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبتة وحزنة وبكائه ( الحديث ) وقال الرضا عليه السلام من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة ومن ذكر بمصابنا فبكى وابكى لم تبك عينه يوم تبكى العيون ومن جلس مجلسنا يحيى فيه امرنا لم يمت يوم تموت القلوب وقال الصادق عليه السلام نفس المهموم لضلمنا تسبيح وهمه لنا عباده وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله وقال الحسين عليه السلام انا قتيل العبرة قتلت مكروبا وحقيق على الله ان لا يأتيني مكروب الا ورده الله إلى اهله مسرورا وفي خبر آخر انا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن الا استعبر وقال امير المؤمنين عليه السلام ان الله اطلع إلى الارض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون اموالهم وانفسهم فينا اولئك منا والينا فصل ويستحب ترك السعي في الحوائج يوم عاشورا وترك ادخار شئ والتفرغ للحزن والبكاء كما هي سيرة الشيعة المأخوذة عن اهل البيت عليهم السلام وتدل عليه بعض الاحاديث السابقة واما اتخاذ يوم عاشورا يوم عيد وفرح وسرور فهي سنة اموية وقد اتبعها من

لواعج الاشجان _ 6 _

  اتبعها غفلة عن الحال والا فلا يظن بمسلم انه يفرح في يوم قتل ابن بنت نبيه الذى لو كان حيا لكان هو المعزى به وهو الباكى عليه كما بكى عليه في حياته وروى الصدوق في الامالى بسنده عن الرضا عليه السلام قال من ترك السعي في حوائجه يوم عاشورا قضي الله له حوائج الدنيا والاخرة ومن كان عاشورا يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنان عينه ومن سمى يوم عاشورا يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيدالله بن زياد وعمر بن سعد إلى اسفل درك من النار فصل ولد الحسين عليه السلام بالمدينة في شعبان يوم الثالث منه وقيل لخمس خلون منه سنة ثلاث وقيل اربع من الهجرة وقيل في اواخر شهر ربيع الاول وقيل لثلاث أو خمس خلون من جمادى الاولى وكانت مدة حمله عليه السلام ستة اشهر ولم يولد لستة اشهر الا عيسى ابن مريم والحسين بن علي قيل ويحيى بن زكريا عليهم السلام فلما ولد هبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله ومعه الف ملك يهنونه بولادته ولما ولد جئ به إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

لواعج الاشجان _ 7 _

  فاستبشر به واذن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى وحنكه بريقه وتفل في فمه فلما كان اليوم السابع سماه حسينا وعق عنه بكبش وامر امه ان تحلق رأسه وتتصدق بوزن شعره فضة كما فعلت باخيه الحسن فامتثلت ما امرها به وقال ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبه ويحمله على كتفه ويقبل شفتيه وثناياه قال ودخل عليه يوما جبرئيل وهو يقبله قال اتجه قال نعم قال ان امتك ستقتله قالت ام الفضل بنت الحارث زوجة العباس بن عبد المطلب رأيت فيما يرى النائم كان عضوا من اعضاء رسول الله صلى الله عليه وآله سقط في بيتى وفي رواية في حجري فقلت يا رسول الله رأيت حلما منكرا قال وما هو قلت انه شديد قال وما هو فقصصته عليه فقال خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فتر ضعينه فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فكفلته ام الفضل قالت فأتيت به يوما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فبينا هو يقبله إذ بال على ثوبه فقرصته قرصة بكى منها فقال كالمغضب مهلا يا ام الفضل آذيتنى و ابكيت ابني فهذا ثوبي يغسل وفي رواية لقد اوجع قلبى ما فعلت به قالت فتركته عند جده ومضيت لاتيه بماء فجئت إليه فوجدته يبكى فقلت مما بكاوءك يا رسول الله فقال ان جبرئيل اتانى فأخبر أن امتى تقبل ولدى هذا لا انا لهم الله شفاعتي يوم القيامة وفي رواية واتاني بتربة من تربته حمراء فلما اتت على الحسين عليه

لواعج الاشجان _ 8 _

  السلام سنة كاملة هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله اثنا عشر ملكا احدهم على صورة الاسد والثانى على صورة الثور والثالث على صورة التنين (1) والرابع على صورة ولد آدم والثمانية الباقون على صور شتى محمرة وجوههم باكية عيونهم قد نشروا اجتحتهم وهم يقولون يا محمد انه سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل وسيعطى مثل اجر هابيل ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل ولم يبق في السماوات ملك الا ونزل إلى النبي صلى الله عليه وآله كل يقرئه السلام ويعزيه بالحسين عليه السلام ويخبره بثواب ما يعطى ويعرض عليه تربته والنبى صلى الله عليه واله يقول اللهم اخذل من خذله واقتل من قتله ولا تمتعه بما طلبه فلما اتى على الحسين عليه السلام من مولده سنتان خرج النبي صلى الله عليه واله في سفر له فوقت في بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال هذا جبرئيل يخبرني عن ارض بشط الفرات يقال لها كربلا يقتل فيها ولدي الحسين ابن فاطمة فقيل ومن يقتله قال رجل يقال له يزيد وكأني انظر إلى مصرعه ومدفنه ثم رجع من سفرة ذلك مهموما مغموما فصعد المنبر فخطب ووعظ والحسن والحسين بين يديه فلما فرغ من خطته وضع يده اليمنى على رأس الحسن ويده اليسرى على رأس

------------------
(1) التنين كسكيت حية عظيمة ( قاموس )

لواعج الاشجان _ 9 _

  الحسين عليهما السلام ثم رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم ان محمدا عبدك ورسولك ونبيك وهذان اطائب عترتي وخيار ذريتي وارومتى ومن اخلفها وقد اخبرني جبرئيل ان ولدى هذا مقتول مخذول اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله فضبح الناس بالبكاء في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وآله اتبكون ولا تنصرونه ثم رجع وهو متغير اللون محمر الوجه فخطب خطبة اخرى موجزة وعيناه تهملان دموعا ثم قال ايها الناس اني خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتى ومزاج مائى وثمرتي لن يفترقا حتى يردا على الحوض وانى لا أسألكم في ذلك الا ما امرني أن أسألكم المودة في القربى فانظروا أن لا تلقوني غدا على الحوض وقد ابغضتم عترتي وظلمتموهم الا وأنه سترد على يوم القيامة ثلاث وايات من هذه الامة الاولى راية سوداء مظلمة قد فزعت لها الملائكة فتقف علي فأقول من انتم فينسون ذكري ويقولون نحن اهل التوحيد من العرب فاقول لهم انا احمد نبي العرب والعجم فيقولون نحن من امتك يا احمد قاقول لهم كيف خلفتموني من بعدي في اهلي وعترتي وكتاب ربي فيقولون اما الكتاب فضيعناه واما عترتك فحرصنا على ان نبيدهم عن جديد الارض فأولي عنهم وجهى فيصدرون ظماء عطاشى مسودة وجوههم ترد على راية اخرى

لواعج الاشجان _ 10 _

  اشد سوادا من الاولى فأقول كيف خلفتموني في الثقلين الاكبر والاصغر كتاب ربي وعترتي فيقولون اما الاكبر فخالفناه واما الاصغر فخذلناه ومزقناهم كل ممزق فاقول اليكم عنى فيصدرون ظماء عطاشى مسودة وجوههم ثم ترد علي راية اخرى تلمع وجوههم نورا فاقول لهم من انتم فيفولون نحن اهل كلمة التوحيد والتقوى نحن امة محمد المصطفى نحن بقية اهل الحق حملنا كتاب ربنا فحللنا حلاله وحرمنا حرامه واحببنا ذرية نبينا محمد صلى الله عليه وآله فنصرناهم من كل ما نصرنا منه انفسنا وقاتلنا معهم من ناواهم فاقول لهم ابشروا فانا نبيكم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم ثم اسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين وكان الناس يتعاودون ذكر قتل الحسين عليه السلام ويستعظمونه ويترقبون قدومه فصل قال رسول الله صلى الله عليه واله حسين منى وانا من حسين احب الله من احب حسينا وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) من احب ان ينظر إلى احب اهل الارض إلى اهل السماء فلينظر إلى الحسين (عليه السلام) وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحسن والحسين عليهما السلام هما ريحانتاي من الدنيا وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنه وقال (صلى الله عليه وآله وسلم)

لواعج الاشجان _ 11 _

  فيهما هذان ابناى فمن احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضنى وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهما اللهم اني احبهما فأحبهما وكان النبي صلى الله عليه وآله يصلى فإذا سجد وثب الحسنان عليهما السلام على ظهره فأذا ارادوا ان يمنعوهما اشار إليهم ان دعوهما فلما قضى الصلوة وضعهما في حجره وقال من احبني فليحب هذين وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي فكان إذا سجد جاء الحسين (عليه السلام) فركب ظهره فإذا رفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رأسه اخذه فوضعه إلى جانبه فإذا سجد عاد على ظهره فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلاته وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يجثو للحسنين عليهما السلام فيركبان على ظهره ويقول نعم الجمل جملكما ونعم العدلان انتما وحملهما ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرة على عاتقة فقال رجل نعم الفرس لكما فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونعم الفارسان هما وسمع (صلى الله عليه وآله وسلم) بكاءهما وهو على المنبر فقام فزعاثم كان قال ايها الناس ما الولد الا فتنة لقد قمت اليهما وما معى عقلي وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب على المنبر فجاء الحسنان (عليه السلام) وعليهما قميصان احمران يمشيان ويعثران فنزل (صلى الله عليه وآله وسلم) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال انما اموالكم واولادكم فتنة وكان ؟ ؟ ؟ يخطب على المنبر أذ خرج الحسين (عليه السلام) فوطا في ثوبه فسقط فبكى فنزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المنبر فضمه إليه وقال قاتل الله الشيطان ان الولد لفتنة والذى نفسي بيده ما دريت اني نزلت عن منبرى ومر (صلى الله عليه وآله وسلم) على بيت فاطمة (عليهما السلام) فسمع الحسين

لواعج الاشجان _ 12 _

  (عليه السلام) يبكى فقال الم تعلمي ان بكاءه يؤذيني وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة وجعل ذريتي من صلب علي بن ابي طالب وكانت الزهراء عليها السلام ترقص الحسن (عليه السلام) وتقول
اشـبه  ابـاك يا iiحسن      واخلع عن الحق الرسن
واعـبد  آلـها ذامـنن      ولا  تـوال ذا iiالاحـن
  وقالت للحسين عليه السلام
انت  شبيه iiبأبي      لست شبيها بعلي
  وحج الحسنان عليهما السلام ما شيين فلما يمرا برجل راكب الا نزل يمشى فقال بعضهم لسعد قد ثقل علينا المشى ولا نستحسن ان نركب وهذان السيدان يمشيان فرغب اليهما سعد في ان يركبا فقال الحسن (عليه السلام) لا نركب قد جعلنا على انفسنا المشى إلى بيت الله الحرام على اقدامنا ولكننا نتنكب عن الطريق فاخذا جانبا من الناس وحج الحسين (عليه السلام) خمسا وعشرين حجة ما شيا وان النجائب لتقا دمعه واقام بعد وفاة اخيه الحسن عليه السلام يحج في كل عام من المدينة إلى مكة ماشيا واجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن (عليه السلام) على فخذه النبي والحسين على فخذه اليسرى واجلس عليا وفاطمة عليهما السلام بين يديه ثم لف عليهما كساءه أو ثوبه ثم قرأ انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس

لواعج الاشجان _ 13 _

  اهل البيت ويطهركم تطهيرا ثم قال هولاء اهل بيتى حقا وكان ابن عباس مع علمه وجلالة قدره يمسك بركاب الحسنين عليهما السلام حتى يركبا ويقول هما ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام انا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم ونظر (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحسن والحسين (عليه السلام) فقال من احب هذين واباهما وامهما كان معي في درجتي يوم القيامة وعن تاريخ البلادرى عن محمد بن يزيد المبرد النحوي في اسناد ذكره قال انصرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى منزل فاطمة (عليهما السلام) فرآها قائمة خلف بابها فقال ما بال حبيبتي ههنا فقالت ابناك خرجا غدوة وقد غبي علي خبرهما فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقفو آثار هما حتى صار إلى كهف جبل فوجد هما نائمنين وحية مطوقة عند رأسيهما فاخذ حجرا واهوى إليها فقالت السلام عليك يا رسول الله ما نمت عند رأسيهما الا حراسة لهما فدعالها بخير ثم حمل الحسن على كتفه اليمنى والحسين على كتفه اليسرى فنزل جيرئيل فاخذ الحسين وحمله فكانا بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن حملني خير اهل الارض ويقول الحسين حملني خير اهل السماء وفي ذلك يقول حسان بن ثابت
فـجاء وقد ركبا iiعاتقيه      ه فنعم المطية والراكبان
  وما غسى ان يقول القائل فيمن جده محمد المصطفى وابوه علي

لواعج الاشجان _ 14 _

  المرتضى وامه فاطمة الزهراء وجدته خديجة الكبرى واخوه الحسن المجتبى وعمه جعفر الطيار مع ملائكة السما والبيت من هاشم اهل المكارم والعلى مع ماله في نفسه من الفضائل التى لا تحصى (شعر) اتاه المجد من هنا وهنا وكان له بمجتمع السيول " فصل " دخل الحسين (عليه السلام) على اسامة بن يزيد وهو مريض وهو يقول واغماه فقال له الحسين (عليه السلام) وما غمك يا اخى قال دينى وهو ستون الف درهم فقال الحسين (عليه السلام) هو علي قال اني اخشى ان اموت فقال الحسين (عليه السلام) لن تموت حتى اقضيها عنك فقضاها قبل موته وكان (عليه السلام) يقول شر خصال الملوك الجبن عن الاعداء والقسوة على الضعفاء والبخل عن الاعطاء ولما اخرج مروان الفرزدق من المدينة اتى الفرزدق الحسين (عليه السلام) فاعطاء الحسين (عليه السلام) اربعمائه دينار فقيل له انه شاعر فاسق فقال (عليه السلام) ان خير مالك ما وقيت به عرضك وقد اثاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كعب بن زهيرو قال في العباس بن مرداس اقطعوا لسانه عني وومد اعرابي إلى المدينة فسأل عن اكرم الناس بها فدل على الحسين (عليه السلام) فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بازائه وانشأ يقول
لم يخب الان من رجاك ومن      حـرك من دون بابك iiالحلقة
انـت جـواد وانـت iiمعتمد      ابـوك قـد كان قاتل iiالفسقه

لواعج الاشجان _ 15 _

لولا  الذى كان من iiاوائكم      كانت علينا الجحيم منطبقة
  فسلم الحسين (عليه السلام) وقال يا قنبر هل بقى من مال الحجاز شئ قال نعم اربعة الاف دينار فقال هاتها قد جاء من هو احق بها منا ثم نزع بردته ولف الدنانير فيها واخرج يده من شق الباب حياء من الاعرابي وانشأ
خـذهـا  فـاني الـيك iiمـعتذر      واعـلم  بـأني عـليك ذو شفقة 
لو كان في سيرنا الغداة عصا (1)      امـست سـمانا عـليك iiمـندفقه
لـكن ريـب الـزمان ذو iiغـير      والـكـف  مـني قـليلة الـنفقه
  فاخذها الاعرابي وبكى فقال له لعلك استقللت ما اعطيناك قال لا ولكن كيف يأكل التراب جودك وبعضهم يروى ذلك عن الحسن (عليه السلام) ووجد على ظهر الحسين (عليه السلام) يوم الطف اثر فسألوا زين العابدين (عليه السلام) عن ذلك فقال هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الارامل واليتامى والمساكين وعلم عبد الرحمن السلمى

------------------
(1) في البحار لعل العصا كناية عن الامارة والحكم اي لو كان في سيرنا هذه الغداة ولاية وحكم أو قوة ( وفيه ) ان ذكر السير والغداة حينئذ لا يبقى له مناسبة ويحتمل ان يراد بالسير واحد السيور التى تقد من الادم فانه إذا كان فيه عصا اي كان مشدودا بطرف عصا صار سوطا قابلا للضرب به فيصح ان تكون كناية عن الحكم والقوة ( منه )

لواعج الاشجان _ 16 _

  ولدا للحسين (عليه السلام) الحمد فلما قرأها على ابيه اعطاه الف دينار وألف حلة وحشافاه درا فقيل له في ذلك فقال واين يقع هذا من عطائه يعني تعليمه وانشد الحسين (عليه السلام)
إذا  جادت الدنيا عليك فجد بها      على الناس طرا قبل ان تتفلت
فلا الجود يفنيها إذا هي iiاقبلت      ولا  البخل يبقيها إذا ما iiتولت
  ومر (عليه السلام) بمساكين وهم ياكلون كسر اعلى كساء فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم فجلس معهم وقال لولا انه صدقة لا كلت معكم ثم قال قوموا إلى منزلي فاطعمهم وكسا هم وامر لهم بدار هم ودخلت على الحسين (عليه السلام) جارية فحيته بطاقة ريحان فقال لها انت حرة لوجه الله تعالى فقيل له تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها قال كذا ادبنا الله قال الله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها أو ردوها وكان احسن منها عتقها وقال عليه السلام صاحب الحاجة لم يكر م وجهه عن سؤ الك فاكرم وجهك عن رده وجاء اعرابي إلى الحسين بن علي عليهما السلام فقال يا ابن رسول الله قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن ادائها فقلت في نفسي اسأل اكرم الناس وما رأيت اكرم من اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الحسين (عليه السلام) يا اخا العرب اسألك عن ثلاث مسائل فأن اجبت عن واحدة اعطيتك ثلث المال وان اجبت عن اثنتين اعطيتك ثلثى المال وان اجبت عن الكل اعطيتك الكل فقال الاعرابي يا ابن رسول الله

لواعج الاشجان _ 17 _

  امثلك يسأل مثلى وانت من اهل العلم والشرف فقال الحسين (عليه السلام) بلى سمعت جدى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول المعروف بقدر المعروفة فقال الاعرابي سل عما بذالك فأن اجبت والا تعلمت منك ولا قوة الا بالله فقال الحسين (عليه السلام) اي الاعمال افضل فقال الاعرابي الايمان بالله فقال الحسين (عليه السلام) فما النجاة من المهلكة فقال الاعرابي الثقة بالله فقال الحسين (عليه السلام) فما يزين الرجل فقال الاعرابي علم معه حلم فقال فأن اخطاه ذلك فقال مال معه مرؤة فقال فأن اخطأه ذلك فقال فقر معه صبر فقال الحسين (عليه السلام) فأن اخطأه ذلك فقال الاعرابي فصاعقة تنزل من السماء وتحرقه فانه اهل لذلك فضحك الحسين (عليه السلام) ورمى إليه بصرة فيها الف دينار واعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مأتادرهم وقال يا اعرابي اعط الذهب إلى غرمائك واصرف الخاتم في نفقتك فاخذ الاعرابي ذلك وقال الله اعلم حيث يجعل رسالته وقيل للحسين (عليه السلام) ما اعظم خوفك من ربك فقال لا يأمن يوم القيامة الا من خاف الله في الدنيا وجنى غلام له جناية توجب العقاب فامر بضربه فقال يا مولاى والكاظمين الغيظ قال خلوا عنه فقال يا مولاي والعافين عن الناس قال قد عفوت عنك قال يا مولاي والله يحب المحسنين قال انت حرلوجه الله ولك ضعف ما كنت اعطيك وقيل لعلي بن الحسين عليهما السلام ما اقل ولد ابيك فقال العجب كيف ولدت كان يصلى (لوائج الاشجان) (2) (في مقتل الحسين)

لواعج الاشجان _ 18 _

  في اليوم والليلة الف ركعة ذكره صاحب العقد الفريد فصل خطب الحسين عليه السلام فقال ايها الناس نافسوا في المكارم وسارعوا في المغانم ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوه واكسبوا الحمد بالنجخ ولا تكسبوا بالمطل ذما فمهما يكن لاحد عند احد صنيعة له رأى انه لا يقوم بشكرها فالله له بمكافاته فأنه اجزل عطاء واعظم اجرا واعلموا ان حوائج الناس اليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فتحور نقما واعلموا ان المعروف مكسب حمدا ومعقب اجرا فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ولو رأيتم اللوءم رأيتموه سمجا مشوها تنفر منه القلوب وتغض دونه الابصار ايها الناس من جاد ساد ومن بخل رذل وان اجود الناس من اعطي من لا يرجوه وان اعفي الناس من عفا عن قدره وان اوصل الناس من وصل من قطعة والاصول على مغارسها بفروعها تسموفمن تعجل لاخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا ومن اراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة إلى اخيه كافاه بها في وقت حاجته وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو اكثر منه .
  ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه كرب الدنيا والاخرة ومن احسن احسن الله إليه والله يحب المحسنين

لواعج الاشجان _ 19 _

  وخطب عليه السلام ايضا فقال ان الحلم زينة والوفاء مروءة والصلة نعمه والاستكبار صاف والعجلة سفه والسفه ضعف والغلو ورطة ومجالسة اهل الدناءة شر ومجالسة اهل الدناءة شر ومجالسة اهل الفسق ريبة ومما ينسب إلى الحسين من الشعر قوله
ذهـب الـذين iiاحـبهم      وبـقيت  فيمن لا iiأحبه
فـيـمن  اراه iiيـسبنى      ظهر  المغيب ولا iiاسبه
يـبغى فسادي ما استطا      ع  وامره مما أربه (1)ii
حنقا  يدب إلى iiالضراء      وذاك  مـمـا لا iiادبـه
ويـرى ذباب الشر iiمن      حـولي  يطن ولا iiيذبه
وإذا خـبا وغر iiالصدو      رفـلا  يـزال به يشبه
افــلا يـعيج iiبـعقله      افـلا  يـثوب إليه iiلبه
افـلا يـرى أن iiفـعله      مـما  يـسور إليه غبه
حـسبى بـربي iiكـافيا      ما اختشي والبغي حسبه
لـقل مـن يـبغى iiعلي‍      ه فـما كـفاه الله iiربـه
  وقوله عليه السلام
إذا ما عضك الدهر      فلا تجنح إلى iiخلق
ولا تسأل سوى iiالله      تعالى  قاسم iiالرزق

------------------
(1) رب الامر واربه اصلحه ( منه )

لواعج الاشجان _ 20 _

فـلو  عشت iiوطوفت      من الغرب إلى الشرق
لما  صادفت من iiيقدر      ان يـسعد أو iiيـشقى
  وقوله عليه السلام
الله  يـعـلم ان iiمــا      بـيدي  يـزيد iiلـغيره
وبـانـه  لـم iiيـكتسب‍      ه  بـغيره وبميره (1)ii
لو أنصف النفس الخؤو      ن لـقصرت من iiسيرة
ولـكان ذلـك مـنه iiاد      نـى  شـره من iiخيره
  فصل روى الصدوق عليه الرحمة في الامالي بسنده عن الصادق عليه السلام قال كان النبي صلى الله عليه واله في بيت ام سلمة فقال لها لا يدخل على احد فجاء الحسين (عليه السلام) وهو طفل فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخلت ام سلمة على اثره فإذا الحسين (عليه السلام) على صدره وإذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يبكى وبيده شئ يقلبه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا ام سلمة هذا جبرئيل يخبرني أن أبني هذا مقتول وهذه التربة التى يقتل عليها فضعيها عندك فأذا صارت دما عبيطا فقد قتل حبيبي فقالت ام

------------------
(1) يقال غار الرجل اهله غيرا ومنارهم ميرا كلاهما من باب سار إذا اتاهم بالميرة بكسر الميم وهي الطعام فالغير والمير متحدان وزنا ومعنى (منه).

لواعج الاشجان _ 21 _

  سلمة يا رسول الله سل الله أن يدفع ذلك عنه قال قد فعلت فأوحى الله عزو جل الي ان له درجة لا ينالها احد من المخلوقين وان له شيعة يشفعون وفيشفعون وأن المهدى من ولده فطوبى لمن كان من اولياء الحسين (عليه السلام) وشيعته والله الفائزون يوم القيامة وروي عن ام سلمة رضوان الله عليها انها قالت بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم جالس والحسين (عليه السلام) جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع فقلت يا رسول الله مالي اراك تبكي جعلت فداك فقال جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين واخبرني أن طائفة من امتى تقتله لا انا لهم الله شفاعتي وعن ام سلمة (رض) ايضا انها قالت خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا ثم جاءنا وهو اشعث اغبر ويده مضمومة فقلت له يا رسول الله مالي اراك اشعث مغبرا فقال اسرى بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلا فأريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي واهل بيتى فلم ازل القط دماءهم فها هي في يدي وبسطها الي فقال خذيها واحتفظي بها فاخذتها فأذا هي شبه تراب احمر وفي رواية انه (صلى الله عليه وآله وسلم) اعطاها ترابا من تربة الحسين (عليه السلام) وحمله إليه جبرئيل (عليه السلام) وقال لها إذا صار هذا التراب دما فقد قتل الحسين (عليه السلام) قالت ام سلمة فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت به فلما خرج الحسين (عليه السلام) من مكة متوجها نحو العراق كنت اخراج تلك

لواعج الاشجان _ 22 _

  القارورة في كل يوم وليلة فاشمها وانظر إليها ثم ابكى لمصابة فلما كان اليوم العاشر من المحرم وهو اليوم الذى قتل فيه (عليه السلام) أخرجتها في اول النهار وهي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط فضججت في بيتي وبكيت وكظمت غيظي مخافة ان يسمع اعداءهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة فلم ازل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت وعن بعضهم قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعيناه تفيضان فقلت بأبى انت وامي يا رسول الله ما لعينيك تفيضان اغضبك احد قال لابل كان عندي جبرئيل فأخبرني ان الحسين (عليه السلام) يقتل بشاطئ الفرات فقال هل لك ان تشم من تربته قلت نعم فأخذ قبضة من تراب واعطانيها فلم املك عينى ان فاضتا واسم الارض كربلا وروى ان النبي صلى الله عليه وآله كان ذات يوم جالسا وحوله علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال لهم كيف بكم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتى فقال له الحسين (عليه السلام) أنموت موتا أو نقتل قتلا فقال بل تقتل يا بنى ظلما ويقتل اخوك ظلما وتشرد ذراريكم في الارض فقال الحسين (عليه السلام) ومن يقتلنا يا رسول الله قال شرار الناس قال فهل يزورنا بعد قتلنا احد قال نعم يا بني طائفة من امتى يريدون بزيارتكم بري وصلتي فأذا كان يوم القيامة جئتهم إلى الموقف حتى آخذ باعضادهم فاخلصهم من اهواله وقال الصادق عليه السلام

لواعج الاشجان _ 23 _

  زيارة الحسين (عليه السلام) واجبة على كل من يعتقد ويقر للحسين (عليه السلام) بالامامة من الله عزوجل وقال عليه السلام زيارة الحسين (عليه السلام) تعدل مائة حجة مبرورة ومائة عمرة وعن النبي صلى الله عليه وآله من زار الحسين (عليه السلام) بعد موته فله الجنة والاخبار في ذلك كثيرة المقصد الاول في الامور المتقدمة على القتال لما مات معوية (1) وذلك في النصف من رجب سنة ستين من الهجرة وتخلف بعده ولده يزيد كتب يزيد إلى ابن عمه الوليد بن عتبتة بن ابي سفيان وكان واليا على المدينة مع مولى لمعوية يقال له ابن ابي زريق يأمره بأخذ البيعة على اهلها (2) وخاصة على الحسين (هامش) (1) كان الوالي في ذلك الوقت على المدينة الوليد بن عتبة بن ابي سفيان ، وعلى مكه عمر بن سعيد بن العاص المعروف بالاشدق وهومن بنى امية ، وعلى الكوفة النعمان بن بشير الانصاري، وعلى البصرة عبيدالله بن زياد ( منه ) (2) كان معوية حذر يزيد من اربعة الحسين بن علي عليهما السلام وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن ابي بكر ولاسيما من الحسين (عليه السلام) وابن الزبير اما ابن الزبير فهرب إلى مكة على طريق الفرع هو واخوه جعفر ليس معهما ثالث وارسل الوليد خلفه احد وثماتين راكبا فلم يدركوه وخرج بعده الحسين (عليه السلام) وكان عبد الله بن عمر بمكة ولما بلغ يزيد ما صنع الوليد عزله عن المدينة وولاها عمرو بن سعيد الاشدق فقدمها في رمضان " منه "

لواعج الاشجان _ 24 _

  عليه السلام ولا يرخص له في التأخر عن ذلك ويقول ان ابي عليك فاضرب عنقه وابعث الي برأسه فاحضر الوليد مروان بن الحكم واستشاره في امر الحسين (عليه السلام) فقال انه لا يقبل ولو كنت مكانك لضربت عنقه فقال الوليد ليتنى لم اك شيئا مذكورا ثم بعث إلى الحسين (عليه السلام) في اليل فاستدعاه فعرف الحسين (عليه السلام) الذى اراد فدعا بجماعة من اهل بيته ومواليه وكانوا ثلاثين رجلا وامرهم بجمل السلاح وقال لهم ان الوليد قد استدعاني في هذا الوقت ولست آمن ان يكلفني فيه امرا لا أجيبه إليه وهو غير مأمون فكونوا معي فأذا دخلت إليه فاجلسوا على الباب فأن سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه لتمنعوه عني فصارا الحسين (عليه السلام) إلى الوليد فوجد عنده مروان ابن الحكم فنعى إليه الوليد معويه فاستر جع الحسين (عليه السلام) ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما امره فيه من اخذ البيعة منه ليزيد فقال الحسين عليه السلام اني اراك لا تقنع ببيعتى سرا حتى ابايعه جهرا فيعرف ذلك الناس فقال له الوليد اجل فقال الحسين (عليه السلام) تصبح وترى رأيك في ذلك فقال له الوليد انصرف على اسم الله حتى تأتيناع مع جماعة الناس فقال له مروان والله لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها ابدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه ولكن احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه فوثب

لواعج الاشجان _ 25 _

  الحسين (عليه السلام) عند ذلك وقال ويلي عليك يا ابن الرزقاء (1) انت تأمر بضرب عنقي وفي رواية انت تقتلني ام هو كذبت والله ولو لوءمت ثم اقبل على الوليد فقال ايها الامير انا اهل بيت النبوه ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون اينا احق بالخلافة والبيعة ثم خرج يتهادى بين مواليه وهو يتمثل بقول يزيد بن المفرغ
لا ذعرت السوام في غسق (2) الص‍      بــح مـغيرا ولا دعـيت iiيـزيدا
يوم اعطي مخافة الموت (3) iiضيما      والـمـنايا  يـرصدنني ان iiاحـيدا
  حتى اتى منزله وقيل انه انشدهما لما خرج من المسجد الحرام متوجها إلى العراق وقيل غير ذلك فقال مروان للوليد عصيتني لا والله لا يمكنك مثلها من نفسه ابدا فقال له الوليد ويحك انك اشرت علي بذهاب ديني ودنياي والله ما احب ان املك الدنيا بأسرها واني قتلت حسينا سبحان الله اقتل حسينا لما أن قال لا ابايع والله ما اظن احدا يلقي الله بدم الحسين الا وهو خفيف الميزان لا ينظر الله إليه اليوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب اليم فقال مروان فإذا كان

------------------
(1) هي جدة مروان وكانت مشهورة بالفجور ( منه )
(2) شفق خ ل فلق خ ل
(3) من المهانة خ ل