|
مطلوب من اهلي ونسبي واخواني واهل بيتي ويسار برأسي إلى يزيد بن معوية فقالت الجن نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبة لولا أن امرك طاعة وانه لا يخوز لنا مخالفتك لخالفناك وقتلنا جميع اعدائك قبل ان يصلوا اليك فقال لهم لحن والله اقدر عليهم منكم ولكن ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ( وكتب ) عمرو بن سعيد وهو والي المدينة بأمر الحسين عليه السلام إلى يزيد فلما قرأ الكتاب تمثل بهذا البيت فان لاتزر ارض العدو وتأته يزرك عدو أو يلومنك كاشح ( ثم ) سار عليه السلام حتى مر بالتنعيم فلقي هناك عيرا تحمل هدية قد بعث بها بحير (1) بن ريسان الحميري عامل اليمن إلى يزيد بن معوية وعلهيا الورس والحلل فاخذ الهدية وقال لاصحاب الجمال من احب ان ينطلق معنا إلى العراق وفينا كراه واحسنا معه صحبته ومن احب ان يفارقنا اعطيناه كراه بقدر ما قطع من الطريق فمضى معه قومه وامتنع آخرون فمن فارق اعطاه حقه ومن سار معه اعطاه كراه وكساه ( ثم ) سار عليه السلام حتى اتى الصفاح (2) فلقيه
------------------
(1) بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة ( منه ) .
(2) الصفاح بوزن كتاب قال ياقوت في معجم البلدان انه موضع بين حنين وانصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش وهناك لقي الفرزدق الحسين بن علي عليهما السلام اه وقال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص انه لقيه ببستان بني عامر ( منه ).
لواعج الاشجان _ 77 _
الفرزدق الشاعر ( قال ) الفرزدق حججت بامي سنة ستين ستين فبينما انا اسوق بعيرها حتى دخلت الحرم إذ لقيت الحسين عليه السلام خارجا من مكة معه اسيافه واتراسه فقلت لمن هذا القنطار ؟ فقيل للحسين بن علي عليهما السلام فاتيته وسلمت عليه وقلت له اعطاك الله سؤلك واملك فيما تحب بابي انت وامي يا ابن رسول الله ما اعجلك عن الحج فقال لو لم أعجل لاخذت ثم قال لي من انت قلت رجل من العرب فلا والله ما فتشني عن اكثر من ذلك ثم قال لي اخبرني عن الناس خلفك فقلت الخبير سألت قلوب الناس معك واسيافهم عليك والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشآء فقال صدقت لله الامر من قبل ومن بعد وكل يوم ربنا هو في شان ان نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سيرته فقلت له اجل بلغك الله ما تجب وكفاك ما تحذر وسألته عن اشياء من نذور ومناسك فاخبرني بها وحرك راحلته وقال السلام عليك ( والحق ) عبد الله بن جعفر الحسين عليه السلام بابنيه عون ومحمد وكتب على ايديهما إليه كتاب يقول فيه ( اما بعد ) فأني اسألك بالله لما انصرفت ؟ حين تنظر في كتابي فأني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له ان يكون فيه هلاكك واستئصال اهل بيتك وان هلكت
لواعج الاشجان _ 78 _
اليوم طفئ نور الارض فأنك علم المهتدين ورجاء المؤمنين فلا تعجبل بالمسير فأني في اثر كتابي والسلام وصار عبد الله إلى عمرو بن سعيد فسألته ان يكتب للحسين عليه السلام امانا ويمنيه البر والصلة فكتب له وانفذه مع اخيه يحيي بن سعيد فلحقه يحيي وعبد الله بن جعفر بعد نفوذ ابنيه وجهدا به في الرجوع فقال اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام وامرني بما انا ماض له فقالا له فما تلك الرؤيا قال ما حدثت بها احدا وما انا محدث بها احدا حتى القى ربي عزوجل فلما ايس منه عبد الله بن جعفر امر بنيه عونا ومحمد بلزومه والمسير معه والجهاد دونه ورجع هو إلى مكة وسار الحسين عليه السلام نحو العراق مسرعا لا يلوي على شئ حتى بلغ وادي العقيق فنزل ذات عرق فلقيه رجل من بني اسد يسمى بشر بن غالب واردا من العراق فسأله عن اهلها فقال خلفت القلوب معك والسيوف مع بني اميه فقال صدق اخو بني اسد ان الله يفعل ما يشآء ويحكم ما يريد ( ولما ) بلغ الحسين عليه السلام إلى الحاجز من بطن الرمة (1).
كتب كتابا إلى جماعة من اهل الكوفة منهم سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وغيرهم وارسله مع قيس بن مسهر الصيداوي وذلك قبل ان يعلم بقتل مسلم يقول فيه * بسم الله الرحمن
------------------
(1) بتخفيف الميم (منه عفي عنه).
لواعج الاشجان _ 79 _
الرحيم من الحسين بن علي إلى اخوانه من المؤمنين والمسلمين سلام عليكم فأني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو ( اما بعد ) فأن كتاب مسلم ابن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملاكم على نصرنا والطلب بحقنا فسألت الله ان يحسن لنا الصنيع وان يثيبكم على ذلك اعظم الاجر وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثا لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في امركم وجدوا فاني قادم عليكم في ايامي هذه ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (وكان) مسلم بن عقيل قد كتب إليه قبل ان يقتل بسبع وعشرين ليلة فاقبل قيس بكتاب الحسين عليه السلام إلى الكوفة (وكان) ابن زياد لما بلغه مسير الحسين عليه السلام من مكة إلى الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطته حتى نزل القادسية ونظم الخليل ما بين القادسية إلى خفان وما بين القادسية إلى القطقطانه (القطقطانيه خ ل) والى جبل لعلع قال الناس هذا الحسين يريد العراق (فلما) انتهى قيس إلى القادسية اعترضه الحصين بن نمير ليفتشه فاخرج قيس الكتاب وخرقه فحمله الحصين إلى ابن زياد فلما مثل بين يديه قال له من انت قال انارجل من شيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب وابنه قال فلما ذا خرقت الكتاب قال لئلا تعلم ما فيه قال وممن الكتاب ولى ؟ من
لواعج الاشجان _ 80 _
قال من الحسين عليه السلام إلى جماعة من اهل الكوفة لا اعرف اسماء هم فضغب ابن زياد وقال والله لا تفارقني حتى تخبرني باسمآء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتسب الحسين بن علي واباه واخاه والا قطعتك اربا اربا فقال قيس اما القوم فلا اخبرك باسمائهم واما سب الحسين وابيه واخيه فافعل (وفي رواية) انه قال له اصعد المنبر فسب الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي فصعد قيس فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله واكثر من الترحم على علي والحسن والحسين ولعن عبيد الله بن زياد واباه ولعن عتاة بني امية ثم قال ايها الناس ان هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وانا رسوله اليكم وقد خلفته بالحاجز فاجيبوه فأمر به ابن زياد فرمي من اعلى القصر فتقطع فمات فبلغ الحسين عليه السلام قتله فاسترجع واستعبر بالبكاء ولم يملك دمعته ثم قرأ فمنهم من قضى نخبه ؟ ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ثم قال جعل الله له الجنة ثوابا اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا كريما واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك وغائب (1) مذخور ثوابك انك على كل شئ قدير ثم اقبل الحسين عليه السلام من الحاجز يسير نحو العراق حتى انتهى إلى ماء من مياه العرب فإذا عبد الله بن مطيع العدوى وهو نازل به فلما رأي الحسين عليه السلام قام إليه فقال بأبي
------------------
(1) در غائب ( خ ل ) .
لواعج الاشجان _ 81 _
انت وامي أيا ابن رسول الله ما اقدمك واحتمله فانزله فقال له الحسين (عليه السلام) كان من موت معويه ما قد بلغك فكتب الي اهل العراق يدعونني إلى انفسهم فقال له عبد الله اذكرك الله يا ابن رسول الله وحرمة الاسلام ان تنتهك انشدك الله في حرمة قريش انشدك الله في حرمة العرب فوالله لئن طلبت ما في ايدي بني امية ليقتلنك ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك احدا ابدا والله انها لحرمة الاسلام تنتهك وحرمة قريش وحرمة العرب فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض نفسك لبني امية فأبي الحسين عليه السلام الا ان يمضي (وكان) عبيد الله ابن زياد امر فأخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام إلى طريق البصرة فلا يدعون احدا يلج ولا احدا يخرج واقبل الحسين عليه السلام لا يشعر بشئ حتى لقي الاعراب فسألهم فقالوا لا والله ما ندرى غير انا لا نستطيع ان نلج ولا نخرج فسار تلقاء وجهه (وكان) زهير بن القين البجلي قد حج في تلك السنة وكان عثمانيا فلما رجع من الحج جمعه الطريق مع الحسين عليه السلام (فحدث) جماعة من فزارة وبجيلة قالوا كنا مع زهير بن القين حين اقبلنا من مكة فكنا نساير الحسين عليه السلام فلم يكن شئ ابغض الينا من ان نسير معه في مكان واحد أو ننزل معه في منزل واحد فإذا سار الحسين تخلف زهير بن القين وإذا نزل الحسين تقدم زهير فنزلنا يوما في منزل لم بخد بدا من
لواعج الاشجان _ 82 _
أن ننزل معه فيه فنزل هو في جانب ونزلنا في جانب آخر فبينا نحن جلوس نتغدي من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلم ثم دخل فقال يا زهير ان ابا عبد الله بعثني اليك لتأتيه فطرح كل انسان منا ما في يده كأن على رؤسنا الطير كراهة ان يذهب زهير إلى الحسين عليه السلام فقالت له امرأته وهى ديلم بنت عمرو سبحان الله ايبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه فلو اتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت فاتاه زهير على كره فما لبث ان جاء مستبشرا قد اشرق وجهه فار بفسطاطه وثقله ورحله فحول إلى الحسين عليه السلام ثم قال لامرأته انت طالق الحقي باهل فأني لا احب ان يصيبك بسببي الا خيرا وقد عزمت علي صحبة الحسين عليه السلام لافديه بروحي واقيه بنفسي ثم اعطاها مالها وسلمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى اهلها فقامت إليه وبكت وودعته وقالت خار الله لك اسئلك ان تذكرني في القيامة عند جد الحسين عليه السلام وقال لاصحابه من احب منكم ان يتبعني والا فهو آخر العهد مني اني سأحدثكم حديثا انا غزونا بلنجر (1) وهي بلدة ببلاد الخزر ففتح الله علينا واصبنا غنائم ففرحنا فقال لنا سلمان الفارسي إذا ادركتم قتال
------------------
(1) في القاموس بلنجر كغضنفر بلدة بالخزر خلف باب الابواب اه وفي بعض النسخ غزونا وهو تصحيف من النساخ ( منه ).
لواعج الاشجان _ 83 _
شباب آل محمد فكونوا اشد فرحا بقتالهم معهم مما اصبتم من الغنائم فاما انا فاستودعكم الله ولزم الحسين عليه السلام حتى قتل معه " ولما نزل الحسين عليه السلام الخزيمية اقام بها يوما وليلة فلما اصبح اقبلت إليه اخته زينب فقالت يا اخي ألا اخبرك بشئ سمعته البارحة فقال الحسين عليه السلام وما ذاك فقالت خرجت في بعض الليل لقضاء حاجة فسمعت هاتفا يهتف ويقول
الا يـا عـين فاحتفلي iiبجهد ومن يبكي على الشهداء بعدي عـلى قـوم تـسوقهم iiالمنايا بـمقدار إلـى انـجاز iiوعد |
فقال لها الحسين عليه السلام يا اختاه كل الذي قضي فهو كائن ( ثم ) سار عليه السلام حتى نزل الثعلبية (1).
وقت الظهيرة وقيل ممسيافو ضع رأسه فرقد ثم استيقظ فقال رأيت هاتفا يقول انتم تسرعون والمنايا تسرع بكم إلى الجنة فقال له ابنه علي يا ابه افلسنا على الحق فقال بلى يا بني والذي إليه مرجع العباد فقال يا ابه إذا لا نبالي بالموت فقال الحسين عليه السلام جزاك الله يا بني خير ما جزى ولدا عن والده ثم بات في الموضع فلما اصبح إذا برجل من اهل الكوفة يكنى ابا هرة الازدي قد اتاه فسلم عليه ثم قال يا ابن رسول الله ما الذي اخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد صلى الله عليه وآله
------------------
(1) بالثاء المثلثة والعين المهملة (منه).
لواعج الاشجان _ 84 _
فقال الحسين عليه السلام ويحك يا ابا هرة ان بني امية اخذوا مالي فصبرت وشتموا عرضي فصبرت وطلبوا دمي فهربت وايم الله لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا اذل من قوم سبا إذ ملكتهم امرأة فحكمت في اموالهم ودمائهم (وروى) عبد الله بن سليمان والمنذر ابن المشمعل الا سديان قالا لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة الا اللحاق بالحسين عليه السلام لننظر ما يكون من امره فاقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتى لحقناه بزرود فلما دنونا منه إذا نحن برجل من اهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين عليه السلام فوقف الحسين كأنه يريده ثم تركه ومضى ومضينا نحوه فقال احدنا لصاحبه اذهب بنا إلى هذا لنسئله فأن عنده خبر الكوفة فمضينا إليه فقلنا السلام عليك فقال وعليكما السلام قلنا ممن الرجل قال اسندي قلنا له ونحن اسديان فمن انت قال انا بكر بن فلان وانتسبنا له ثم قلنا له اخبرنا عن الناس من ورائك قال لم اخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ورأيتهما يجران بارجلهما في السوق فاقبلنا حتى لحقنا الحسين عليه السلام فسا يرناه حتى نزل الثعلبية ممسيا فجئنا حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا له رحمك الله ان عندنا خبرا ان شئت حدثناك علانية وان شئت سرافنظر الينا والى
لواعج الاشجان _ 85 _
اصابحه ثم قال ما دون هاؤلا سر فقلنا له رأيت الراكب الذي استقبلته عشية امس قال نعم وقد اردت مسألته فقلنا قد والله استبرأنا لك خبره وكفينا مسألته وهو امرؤ منا ذورأي وصدق وعقل وانه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم وهاني ورأهما يجران في السوق بارجلهما فقال انا لله و انا إليه راجعون رحمة الله عليهما يردد ذلك مرارا فقلنا له ننشدك الله في نفسك واهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر ولاشيعة بل نتخوف ان يكونوا عليك فنظر إلى بني عقيل فقال ما ترون فقد قتل مسلم فقالوا والله لا نرجع حتى نصيب ثارنا أو نذوق ماذاق فاقبل علينا الحسين عليه السلام وقال لاخير في العيش بعد هآولاء فعلمنا انه قد عزم رأيه على المسير فقلنا له خار الله لك فقال رحمكما الله فقال له اصحابه انك والله ما انت مثل مسلم ولو قدمت الكوفة لكان الناس اليك اسرع فسكت وارتج الموضع بالبكاء لقتل مسلم بن عقيل وسالت الدموع عليه كل مسيل ثم انتظر حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه اكثروا من الماء فاستقوا واكثروا وكان لا يمر بماء الا اتبعه من عليه (ثم) ارتحلوا فسار حتى انتهى إلى زبالة فأتاه بها خبر عبد الله بن يقطر وهو اخو الحسين عليه السلام من الرضاعة وكان سرحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يعلم بقتله فاخذته خيل
لواعج الاشجان _ 86 _
الحصين فسيره من القادسية إلى ابن زياد فقال له اصعد فوق القصر والعن الكذاب ابن الكذاب ثم انزل حتى ارى فيك رأيي فصعد فاعلم الناس بقدوم الحسين عليه السلام ولعن ابن زياد واباه فالقاه من القصر فتكسرت عظامة وبقي به رمق فاتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فعيب عليه فقال اردت ان اريحه فلما بلغ الحسين عليه السلام خبره اخرج إلى الناس كتابا فقرأ عليهم وفيه بسم الله الرحمن الرحيم " اما بعد " فأنه قداتاني خبر فظيع قتل مسلم ابن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا فمن احب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام فتفرق الناس عنه واخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في اصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه وكان قد اجتمع إليه مدة مقامه بمكة نفر من اهل الحجاز ونفر من اهل البصرة وانما فعل ذلك لعلمه بأن اكثر من اتبعوه انما اتبعوه ظنا منهم انه يقدم بلدا قد استقامت له طاعة اهله فكره ان يسيروا معه الا وهم يعلمون ما يقدمون عليه وقد علم انه إذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته والموت معه (وقيل) ان خبر مسلم وهاني اتاه في زبالة
لواعج الاشجان _ 87 _
ايضا (وقال) السيد (1) ان الفرزدق لقي الحسين عليه السلام فسلم عليه وقال يا ابن رسول الله كيف تركن إلى اهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته فاستعبر الحسين عليه السلام باكيا ثم قال رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وتحياته ورضوانه اما انه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ثم انشأ يقول .
فـان تـكن الـدنيا تـعد iiنـفسية فـان ثـواب الله اعـلى iiوانـبل وان تـكن الابـدان للموت انشئت فقتل امرئ بالسيف في الله iiافضل وان تـكن الارزاق قـسما iiمقدرا فقلة حرص المرء في السعي اجمل وان تـكن الامـوال للترك iiجمعها فـما بـال متروك به المرء iiيبخل |
(فلما) كان وقت السحر امر الحسين عليه السلام اصحابه فاستقوا ماء واكثروا ثم سار من زبالة حتى مر ببطن العقبة فنزل عليها فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له عمرو بن يوذان (لوذان خ ل) فسأله اين تريد فقال له الحسين عليه السلام الكوف فقال الشيخ انشدك الله لما انصرفت فوالله ما تقدم الا على الاسنة وحد السيوف وان هؤلاء الذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطأوا
------------------
(1) ظاهر كلام السيد ان لقاء الفرزدق للحسين عليه السلام كان بعد خروجه من زبالة وقد تقدم انه لقيه في الحرم وهي رواية المفيد ويمكن ان يكون لقاء الفرزدق له ثانيا بعد رجوعه من الحج (منه).
لواعج الاشجان _ 88 _
لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا فاما على هذا الحال التي تذكر فاني لا ارى لك أن تفعل فقال له الحسين عليه السلام يا عبد الله ليس يخفى علي الرأي ولكن الله تعالى لا يغلب على امره ثم قال عليه السلام والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا اذل فرق الامم (ثم) سار عليه السلام من بطن العقبة حتى نزل شراف فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا ثم سار منها حتى انتصف النهار فبينا هو يسير إذ كبر رجل من اصحابه فقال الحسين عليه السلام الله اكبر لم كبرت قال رأيت النخل فقال له جماعة من اصحابه والله ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط فقال لهم الحسين عليه السلام فما ترونه قالوا نراه والله اسنة الرماح وآذان الخيل فال وانا والله ارى ذلك ثم قال عليه السلام مالنا ملجأ نلجأ إليه فنجعله في ظهورنا ونستقبل القوم بوجه واحد فقالوا له بلى هذا ذوجشم (حسم خ ل) خشب خ ل) وهو جبل إلى جنبك فمل إليه عن يسارك فان سبقت إليه فهو كما تريد فاخذ إليه ذات اليسار وملنا معه فما كان بأسرع من ان طلعت علينا هوادي (1) الخيل فتبيناها وعدلنا فلما رأونها ؟
------------------
(1) جمع هادي وهو العنق (منه) (*) .
لواعج الاشجان _ 89 _
عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كأن اسنتهم اليعا سيب (1) وكأن راياتهم اجنحة الطير فاستبقنا إلى ذي جشم (خشب خ ل) فسبقناهم إليه وامر الحسين عليه السلام بابنيته فضربت وجاء القوم زهاء (2) الف فارس مع الحر بن يزيد التميمي حتى وقف هو وخيله مقابل الحسين عليه السلام في حر الظهيره والحسين عليه السلام واصحابه معتمون متقلدوا اسيافهم فقال الحسين عليه السلام لفتيانه اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفا اي اسقوها قليلا فاقبلوا يملاون القصاع والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فإذا عب فيها ثلاثا أو اربعا أو خمسا عزلت عنه وسقوا آخر حتى سقوها عن آخرها فقال علي بن الطعان المحاربي كنت مع الحر يومئذ فجئت في آخر من جاء من اصحابه فلما رأى الحسين عليه السلام مابي وبفرسي من العطش قال انخ الراوية والراوية عندي السقاء ثم قال يا ابن الاخ انخ الجمل فانخته (3) فقال اشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء فقال الحسين عليه السلام اخنث السقاء اي اعطفه فلم ادر
------------------
(1) جمع يعسوب وهو امير النحل وذكرها وضرب من الحجلان وطائر صغير ( منه ).
(2) اي قدر ( منه ) .
(3) الراوية في لسان اهل الحجاز اسم للجمل الذي يستقي عليه وفي لسان اهل العراق اسم للسقآء الذي فيه الماء فلذلك لم يفهم مراد الحسين عليه السلام حتى قال له انخ الجمل ( منه ).
لواعج الاشجان _ 90 _
كيف افعل فقام فخنثه بيده فشربت وسقيت فرسي وكانت ملاقاة الحر للحسين عليه السلام على مرحلتين من الكوفة ( ولما ) التقي الحر مع الحسين عليه السلام قال له الحسين (عليه السلام) النا ام علينا فقال بل عليك يا ابا عبد الله فقال الحسين (عليه السلام) لاحول ولا قوة الا بالل العلي العظيم ( وكان ) مجئ الحر من القادسية ( وكان ) عبيدالله بن زياد بعث الحصين بن نمير وامره ان ينزل القادسية وتقدم الحر بين يديه في الف فارس يستقبل بهم لاحسين عليه السلام فلم يزل الحر موافقا للحسين عليه السلام حتى حضرت صلوة الظهر فامر الحسين عليه السلام الحجاج بن مسروق ان يؤذن فلما حضرت الاقامة خرج الحسين (عليه السلام) في ازار ورداء ونعلين فحمد الله واثنى عليه ثم قال ايها الناس انها معذرة إلى الله واليكم اني لم آتكم حتى اتنتي كتبكم وقدمت علي رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله ان يجمعنا بك على الهدي والحق فان كنتم على ذلك فقد جئتكم فاعطوني ما اطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم وان لم تفعلوا وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه اليكم فسكتوا فقال للمؤذن اقم فاقم الصلاة فقال للحر التريد ان تصلي باصحابك قال لا بل تصلي انت ونصلي بصلاتك فصلى بهم الحسين عليه السلام ثم دخل فاجتمع إليه اصحابه وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان فيه
لواعج الاشجان _ 91 _
فدخل حيمة قد ضربت له واجتمع إليه جماعة من اصحابه وعاد الباقون إلى صفهم الذي كانوا فيه فاعدوه ثم اخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها " فلما " كان وقت العصر امر الحسين عليه السلام ان يتهيأوا للرحيل ففعلوا ثم امر مناديه فنادي بالعصر واقام فاستقدم الحسين عليه السلام وقام فصلى ثم سلم وانصرف إليهم بوجهه فحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد ايها الناس فانكم ان تتقوا الله وتعرفوا الحق لاهله يكن ارضى لله عنكم ونحن اهل بيت محمد اولى بولاية هذا الامر علكيم من هآولاء المدعين ما ليس لهم والسائر بن فيكم بالجور والعدوان وان ابيتم الا الكراهى لنا والجهل بحقنا وكان رأيكم الان غير ما اتتني به كتبكم وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم قتال له الحر انا والله ما ادري ما هذه الكتب والرسل التي تذكر فقال الحسين (عليه السلام) لبعض اصحابه يا عقبة ابن سمعان (1) اخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم الي فاخرج خرجين مملؤين صحفا فنثرت بين يديه فقال له الحر انا لسنا من هآو لاء
------------------
(1) هو مولى الرباب ابنة امرئ القيس الكبية زوجة الحسين (عليه السلام) ولما قتل الحسين (عليه السلام) اخذه عمر بن سعد فقال ما انت فقال انا عبد مملوك فخلى سبيله ولم ينج من اصحابه الحسين عليه السلام غيره وغير رجل آخر ولذلك كان كثير من روايات الطف منقولا عنه ( منه ).
لواعج الاشجان _ 92 _
الذين كتبوا اليك وقد امرنا إذا نحن لقينانك ان لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيدالله فقال له الحسين عليه السلام الموت ادنى اليك من ذلك ثم قال لاصحابه قوموا فاركبوا وانتظر حتى ركبت نساؤه فقال لاصحابه انصرفوا فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف فقال السحين عليه السلام للحر ثكلتك امك ما تريد فقال له الحر اما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي انت عليها ما تركت ذكرا مه بالثكل كائنا من كان ولكن مالي إلى ذكر امك من سبيل الا بأحسن ما نقدر عليه فقال له الحسين عليه السلام فما تريد قال اريد ان انطلق بك إلى الامير عبيد الله ابن زياد فقال إذا والله لااتبعك فقال إذا والله لاادعك فترادا القول ثلاث مرات فلما كثر الكلام بينهما قال له الحراني لم اوءمر بقتالك انما امرت ان لاافارقك حتى اقدمك الكوفة فإذا ابيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة يكون بيني وبينك نصفا حتى اكتب إلى الامير عبيدالله بن زياد فلعل الله ان يرزقني العافية من ان ابتلى بشئ من امرك فخذ ههنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية فتياسر الحسين (عليه السلام) وسار والحر يسايره ( ثم ) ان الحسين عليه السلام خطبهم (1) فحمد الله وانثى
------------------
(1) روى الطبري في تاريخه وابن الاثير في الكامل ، وفي المناقب.
لواعج الاشجان _ 93 _
عليه ثم قال ايها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من رأي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله يعمل في عبدا الله بالاثم والعدوان فلم يغير بقول ولا فعل كان حقا على الله ان يدخله مدخله الاوان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتولوا عن طاعة الرحمن واظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفئ واحلوا الحرام الله وحرموا حلاله واني احق بهذا الامر (لقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خ) وقد اتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني فأن وفيتم لي ببيعتكم فقد اصبتم حظكم ورشدكم وانا الحسين بن
------------------
= ان الحسين عليه السلام كتب من كربلا اول نزوله بها لا اشراف الكوفة ممن كان يظن انه على رأيه بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد والمسيب بن نجبه ورفاعة بن شداد وعبد الله بن وال وجماعة المؤمنين اما بعد فقد علمتهم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال في حياته من رأى سلطانا جائرا الخ وانه ارسل الكتاب مع قيس بن مسهر الصيداوي ثم ذكر قصة قيس المتقدمة وذكر لفظة والسلام في آخر الكلام على رواية الطبري وابن الاثير يؤيد أنه كتاب لاخطبة لان ذلك متعارف في الكتب لافي الخطب ولكن كثيرا من الروايات دل على ان ارسال قيس كان من الطريق لامن كربلا مع ان التمكن من ارساله من كربلا بعيد والله اعلم اي ذلك كان ( منه ).
لواعج الاشجان _ 94 _
علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ونفسي مع انفسكم واهلي وولدي مع اهاليكم واولادكم ولكم بي اسوة وان لم تفعلوا ونقضتم عهدي وخلعتم ببيعتي فلعمري ما هي منكم بنكر لقد فعلتموها بأبي واخي وابن عمي مسلم بن عقيل والمغرور من اغتر بكم فحظكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم ومن نكث فأنما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم والسلام ( فقال ) له الحراني اذكرك الله في نفسك فأني اشهد لئن قاتلت لتقتلن فقال له الحسين عليه السلام افبالموت تخوفني وهل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني وسأقول كما قال اخو الاوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله فخوفه ابن عمه وقال اين تذهب فانك مقتول فقال
سامضي وما بالموت عار على الفتي إذا مـا نـوى حـقا وجـاهد مسلما وواسـي الـرجال الصالحين iiبنفسه وفــارق مـثبورا وودع مـجرما اقــدم نـفـسي لااريـد iiبـقاءها لـتلقي خميسا في الوغي iiوعرمرما فـان عشت لم اندم وان مت لم iiالم كـفى بـك ذلا ان تـعيش iiوترغما |
( فلما ) سمع الحر ذلك تنحى عنه وجعل يسير ناحية عن الحسين عليه السلام ( ولم ) يزل الحسين عليه السلام سائرا حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات (1) فاذاهم بأربعة قد اقبلوا من الكوفة لنصرة الحسين
------------------
(1) العذيب موضع كان النعمان بن المنذر يضع فيه هجانه لترعى فسمى عذيب الهجانات ( منه ).
لواعج الاشجان _ 95 _
عليه السلام على رواحلهم وفيهم نافع بن هلال البجلي وهو يجنب فرسا له يقال له الكامل ومعهم دليل يقال له الطرماح بن عدي (حكم خ ل) الطائي وكان قد امتار لاهله من الكوفة ميرة فاراد الحر حبسهم اوردهم إلى الكوفة فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك وقال لامنعنهم مما امنع منه نفسي انما هآولاء انصاري وهم بمنزلة من جاء معي فان بقيت على ما كان بيني وبينك والا ناجزتك فكف الحر عنهم ثم سئلهم الحسين عليه السلام عن خبر الناس فقالوا اما الاشراف فقد استمالهم ابن زياد بالاموال فهم الب واحد عليك واما سائر الناس فافئدتهم لك وسيوفهم مشهورة عليك قال فهل لكم علم برسولي قيس بن مسهر قالوا نعم قتله ابن زياد فترقرقت عينا الحسين عليه السلام ولم يملك دمعته ثم قال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك ( وقال ) له الطرماح بن عدي اذكرك الله في نفسك لا يغرنك اهل الكوفة فوالله ان دخلتها لتقتلن واني لاخاف ان لا تصل إليها وما ارى معك كثير احد ولو لم يقاتلك الاهآولاء لكفى ولقد رأيت قبل خروجي من الكوفة جمعا عظيما يريدون المسير اليك فانشدك الله ان قدرت ان لاتقدم إليهم شبرا فافعل وطلب منه ان يذهب معه إلى بلاد
لواعج الاشجان _ 96 _
قومه (1) حتى يرى رأيه وان ينزل جبلهم أجاء ويبعث إلى من بأجاء وسلمى وهما جبلان لطئ تكفل له بعشرين الف طائي يضربون بين يديه باسيافهم فجزاه الحسين عليه السلام وقومه خيرا وقال له اين بيننا وبين القوم قولا لا نقدر معه على الانصراف فأن يدفع الله عنا فقديما ما انعم علينا وكفى وان يكن مالابد منه ففوز وشهادة ان شآء الله وسار الطرماح مع الحسين عليه السلام ثم ودعه ووعده ان يوصل الميرة لاهله ويعود لنصره فلما علا بلغه خبر قتله في عذيب الهجانات فرجع وقال الحسين عليه السلام لاصحابه هل فيكم احد يعرف الطريق على غير الجاده فقال الطرماح بن عدي نعم يا ابن رسول الله انا اخبر الطريق قال سر بين ايدينا فسار الطرماح امامهم وجعل يرتجز ويقول
يا ناقتي لا تذعري من iiزجر وامضي بنا قبل طلوع الفجر بـخير فـتيان وخـير iiسفر آل رسـول الله آل الـفخر السادة البيض الوجوه iiالزهر الـطاعنين بـالرماح iiالسمر الـضاربين بالسيوف iiالبتر حـتى تـجلي بكريم iiالنجر |
------------------
(1) وهي المعروفة الان بجبل شمر وحيث انها على طريق الذاهب إلى العراق فلا يمنعهم الحر من التوجه نحوها بعدان رضى باخذهم طريقا لا يدخلهم الكوفة ولا يرجعهم إلى المدينة ( منه ).
لواعج الاشجان _ 97 _
الماجد الجدار الرحيب الصدر اصـابـه الله بـخير iiامـر عـمـره الله بـقاء iiالـدهر يـا مـالك النفع معا والضر ايـن ؟ حسينا سيدي iiبالنصر عـلى الطغاة من بقايا iiالكفر عـلى اللعينين سليلي iiصخر يـزيد لا زال حـليف iiالخمر |
وابن زياد العهر بن العهر ( ولم يزل الحسين عليه السلام سائرا حتى انتهى إلى قصر بني مقاتل (1) فنزل به وقيل إلى القطقطانه (2) فرأى فسطاطا مضروبا فسأل عنه فقيل انه لعبيد الله بن الحر الجعفي وكان من شجعان اهل الكوفة فارسل إليه الحسين عليه السلام يدعوه فاسترجع وقال والله ما خرجت من الكوفة الاكراهية ان يدخلها الحسين وانا بها وأبي ان يأتي فجاء إليه الحسين السلام ودعاه إلى نصرته فاستعفاه فقال
------------------
(1) في معجم البلدان قصر مقاتل بين عين التمر والشام وقال السكوني هو قرب القطقطانة وهو منسوب إلى مقاتل بن حسان انتهى المعجم ولم يذكر قصر بني مقاتل فاما ان لفظة بني من زيادة النساخ أو انه صار اخيرا ينسب ألى بني مقاتل وعين التمر هي المعروفة الان بشفاثا ( منه ).
(2) بقافين مضمومين بينهما طآء ساكنة فطاء فالف فنون فهاء قال ياقوت ورواه الازهري بالفتح موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف كان به سجن النعمان بن المنذر وقال أبو عبيد الله السكوني القطقطانة بالطف بينهما وبين الرهيمة مغربا نيف وعشرون ميلا إذا خرجت من القادسية تريد الشام ومنه إلى قصر مقاتل ( منه )
لواعج الاشجان _ 98 _
له الحسين (عليه السلام) فأن لم تكن ممن ينصرنا فاتق ان تكون ممن يقاتلنا فوالله لا يسمع واعيتنا احد ثم لا ينصرنا الا هلك فقال اما هذا فلا يكون ابدا ان شاء الله تعالى ( وفي رواية ) انه قال للحسين عليه السلام ولكن هذا فرسي خذه اليك فوالله ما ركبته قط وانا اروم شيئا الا بلغته ولا ارادني احد الانجوت عليه فاعرض عنه الحسين عليه السلام بوجهه وقال لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك ثم تلاوما كنت متخذ المضلين عضدا ( فلما ) كان آخر الليل امر الحسين عليه السلام فتيانه فاستقوا من الماء ثم امر بالرحيل فارتحل من قصر بني مقاتل ليلا قال عقبة بن سمعان فسرنا معه ساعة فخفق وهو على ظهر فرسه خفقته ثم انتبه وهو يقول انا الله وانا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا فاقبل إليه ابنه علي بن الحسين فقال يا أبه جعلت فداك مم حمدت واسترجعت قال يا بني اني خفقت خفقة فعن لي فارس على فرس وهو يقول القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم فعلمت انها انفسنا نعيت الينا فقال له ابه لا اراك الله سوءا السنا على الحق قال بلى والذي إليه مرجع العباد قال إذا لا نبالي ان نموت محقين فقال له الحسين عليه السلام جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده ( فلما ) اصبح نزل فصلى الغداة ثم عجل الركوب فاخذ يتياسر باصحابه يريد ان يفرقهم فيأتيه الحر فيرده واصحابه
لواعج الاشجان _ 99 _
فجعل إذا ردهم نحو الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه وارتفعوا فلم يزالو يتياسرون كذلك حتى انتهوا إلى نينوى فإذا راكب على نجيب له عليه السلام متنكب قوسا مقبل من الكوفة وهو مالك بن بشير (1) الكندي فوقفوا جميعا ينتظرونه فلما انتهى إليهم سلم على الحر وأصحابه ولم يسلم على الحسين (عليه السلام) واصحابه ودفع إلى الحر كتابا من ابن زياد فإذا فيه اما بعد فججعع (2) بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي فلا تنزله الا بالعراء (3) في غير حصن وعلى غير ماء وقد أمرت رسولي ان يلزمك فلا يفارقك حتى يأتيني بانفاذك امرى والسلام فعرض لهم الحر واصحابه ومنعوهم من السير واخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا قرية فقال له الحسين (عليه السلام) الم تأمرنا بالعدول عن الطريق قال بلى ولكن كتاب الامير عبيد الله قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك وقد جعل علي عينا يطالبني بذلك فقال له الحسين عليه السلام دعنا ويحك ننزل
------------------
(1) لعل صوابه مالك بن بشير ؟ فيكون هو الذي ضرب الحسين عليه السلام على رأسه وسلبه البرنس فالظاهر انه صحف احدهما بالاخر ( منه ).
(2) في الصحاح الجعجعة الحبس وكتب عبيدالله بن زياد عليه ما يستحق إلى عمر بن سعد عليه اللعنة ان جعجع بحسين قال الاصمعي يعني احبسه وقال ابن الاعرابي يعني ضيق عليه انتهي ( منه ).
(3) في الصحاح العراء الفضاء لاستربه ( منه )
لواعج الاشجان _ 100 _
في هذه الاقرية أو هذه يعني نينوى والغاضرية أو هذه يعني شفية فقال لا استطيع هذا رجل قد بعث علي عينا ( فقال ) زهير بن القين للحسين (عليه السلام) اني والله لا ارى ان يكون بعد الذي ترون الا اشد مما ترون يا ابن رسول الله ان قتال هؤلاء الساعة اهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم فلعمري ليأتينا من بعدهم مالا قبل لنا به فقال الحسين (عليه السلام) ما كنت لابدأهم بالقتال فقال له زهير سربنا إلى هذه القرية حتى تنزلها فانها حصينة وهي على شاطئ الفرات فان منعونا قاتلناهم فقتالهم اهون علينا من قتال من يجئ بعدهم فقال الحسين عليه السلام ما هي قال العقر قال اللهم اعوذ بك من العقر وفي رواية ( ان زهيرا قال له فسربنا يا ابن رسول الله حتى ننزل كربلا فانها على شاطئ الفرات فنكون هناك فان قاتلونا قاتلناهم واستعنا الله عليهم قال فدمعت عينا الحسين عليه السلام ثم قال اللهم اني اعوذ بك من الكرب والبلاء ) ثم ( قام الحسين عليه السلام خطيبا في اصحابه فحمد الله واثنى عليه ( ثم قال ) انه قد نزل بنا من الامر ما قد ترون وان الدنيا تغيرت وتنكرت وادبر معروفها واستمرت حذاء (1) ولم يبق منها الاصبابة (2) كصبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعي الوبيل (3) الا ترون إلى
------------------
(1) لعله من قولهم رحم حذاء وجذاء بالحاء والجيم اي لم توصل ( منه ) .
(2) الصبابة بالضم بقية من الماء في الاناء ( منه ) .
(3) الوخيم (منه).
|