المرفق فصاح صيحة سمعها اهل العسكر ثم تنحى عنه الحسين عليه السلام وحمل اهل الكوفة ليستنقذوه فوطئت الخيل عمرا بأرجلها حتى مات وانجلت الغبرة فإذا بالحسين عليه السلام قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسين عليه السلام يقول بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيمة فيك جدك وابوك ثم قال عليه السلام عزو الله على عمك ان تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك صوت والله كثر واتره وقل ناصره ثم حمله ووضع صدره على صدره وكأني انظر الى رجلي الغلام يخطان الارض فجاء به حتى القاه مع ابنه علي والقتلي من اهل بيته ثم قال اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم احدا فسألت عنه فقيل لي هو القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ( وصاح ) الحسين عليه السلام في تلك الحال صبرا يا بني عمومتي صبرا يا اهل بيتي فوالله لا رأيتم هو انا بعد هذا اليوم ابدا ( وخرج ) أبو بكر بن الحسن بن علي بن ابي طالب وامه ام ولد فقاتل حتى قتل رماه عبد الله بن عقبة الغنوي وقيل حرملة بن كاهل بسهم فقتله ( وخرج ) عبد الله بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام وامه ام ولد فقاتل حتى قتل رماه حرملة بن كاهل بسهم فقتله " وتقدمت " اخوة الحسين عليه السلام عازمين على ان يموتوا
لواعج الاشجان _ 177 _
دونه ( فاول ) من خرج منهم أبو بكر (1) بن علي واسمه عبيد الله وامه ليلى بنت مسعود من بني نهشل فتدم وهو يرتجز ويقول
شـيخي علي ذو الفخار iiالاطول من هاشم الصدوق الكريم المفضل هـذا حـسين ابن النبي المرسل عـنه نـحامي بالحسام iiالمصقل
تـفديه نـفسي مـن اخ iiمـبجل
فلم يزل يقاتل حتى قتله زجر بن بدر النخعي ( ثم ) برز من بعده اخوه عمر بن علي وهو يقول
اضـربكم ولا ارى فيكم iiزجر ذاك الـشقي بـالنبي قـد iiكفر يا زجر يا زجر تداني من عمر لـعلك الـيوم تـبوء من iiسقر شـر مـكان في حريق iiوسعر لانـك الـجاحد يـاشر البشر
ثم حمل على زجر قاتل اخيه فقتله واستقبل القوم وجعل يضرب بسيفه ضربا منكرا وهو يقول
خلوا عداة الله خلوا عن عمر خلوا الليث الهصور iiالمكفهر يـضربكم بـسيفه ولا iiيفر وليس فيها كالجبان iiالمنحجر
فلم يزل يقاتل حتى قتل ( وخرج ) محمد الاصغر بن علي بن ابي طالب وامه ام ولد فرماه رجل من تميم من بني ابان بن دارم فقتله وجاء برأسه ( وخرج ) عبد الله بن علي وامه ليلى بنت مسعود
------------------
(1) قال الطبري في تاريخه وابن الاثير في الكامل وقد شك في قتله ( منه ).
لواعج الاشجان _ 178 _
النهشلية (1) فقاتل حتى قتل ( ولما ) رأي العباس بن علي كثرة القتلي من اهله قال لاخوته من ابيه وامه وهم عبد الله وجعفر وعثمان وامهم ام البنين بنت خالد بن حزام الكلابية واسمها فاطمة يا بني امي تقدموا حتى اراكم قد نصحتم لله ولرسوله فانه لاولدلكم ( فبرز ) عبد الله بن علي وكان عمره خمسا وعشرين سنة وهو يقول
انا ابن ذي النجدة والافضال ذلـك علي الخير ذو iiالفعال سيف رسول الله ذو iiالنكال في كل يوم ظاهر iiالاهوال
فاختلف هو وهاني بن ثبيت (2) الحضرمي ضربتين فقتله هاني ( ثم ) برز بعده اخوه جعفر بن علي وكان عمره تسع عشرة سنة وهو يقول
اني انا جعفر ذو iiالمعالي ابن علي الخير ذي النوال
حسبي بعمي شرفا iiوخالي
فحمل عليه هاني بن ثبيب الحضرمي ايضا فقتله وجاء برأسه وقيل رماه خولى فاصاب شقيقته أو عينه ( ثم ) برز بعده اخوه عثمان بن علي فقام مقام اخوته وكان عمره احدي وعشرين سنة وهو يقول
------------------
(1) فهو اخو ابي بكر بن علي لامه وابيه وهو غير عبد الله بن علي اخي العباس لامه وابيه وقد صرح بذلك المفيد في ارشاده ( منه ).
(2) بضم الثاء المثله وبفتح الباء للوحدة وسكون الياء المثناة من تحتها وآخره تاء مثناة من فوقها ( كامل ابن الاثير ).
لواعج الاشجان _ 179 _
انـي انـا عثمان ذو المفاخر شيخي علي ذو الفعال الطاهر هـذا حـسين خـيرة iiالاخاير وسـيـد الـصغار والاكـابر (وسيد الكبار والاصاغر خ ل) بعد الرسول والوصي الناصر
فرماه خولى بن يزيد الاصبحي على جبينه فسقط عن فرسه وحمل عليه رجل من بني ابان بن دارم فقتله وجاء برأسه ( وبرز ) من بعدهم اخوهم العباس بن علي وهو اكبرهم ويكنى ابا الفضل ويلقب بالسقا وقمر بني هاشم وهو صاحب لواء الحسين عليه السلام وكان العباس عليه السلام وسيما جميلا يركب الفرس المطهم ورجلاه يخطان في الارض فيروي انه خرج يطلب الماء وحمل على القوم وهو يقول
لا ارهـب الموت إذا الموت iiرقا حـتى اوارى في المصاليت iiلقا نفسي لسبط المصطفى الطهر وقا انـي انـا الـعباس اغدو iiبالسقا
ولا اخـاف الـشر يوم iiالملتقى
ففرقهم وضربه زيد بن ورقاء على يمينه فقطعها فاخذ السيف بشماله وحمل وهو يرتجز ويقول
والله ان قـطـعتهم iiيـمـيني اني احامي أبدا عن ديني وعن امــام صــادق iiالـيـقين نـجل الـنبي الطاهر iiالامين
فضربه حكيم بن الطفيل على شماله فقطعها فقال
يا نفس لا تخشي من الكفار وابـشري بـرحمة iiالجبار
لواعج الاشجان _ 180 _
مع النبي السيد iiالمختار قد قطعوا ببغيهم iiيساري
فاصلهم يا رب حر النار
فضربه آخر بعمود من حديث فقتله فبكى الحسين عليه السلام لقتله بكاء شديدا ولنعم ما قال القائل
احـق الناس ان يبكى iiعليه فتى ابكى الحسين iiبكربلاء اخـوه وابـن والـده iiعلي أبو الفضل المضرج بالدماء ومـن واسـاه لا يثنيه iiشئ وجـاد له على عطش iiبماء
وللمؤلف ايضا من قصيدة اخرى واذكر
ابـا الـفضل هـل تنسى iiفضائله فـي كربلا حين جد الامر iiوالتبسا واسـى اخـاه وفـاداه iiبـمهجته وخاض في غمرات الموت منغمسا آلـى بان لايذونى الماء وهو يرى اخـاه ظـمآن مـن ورد له iiيئسا ففز ابا الفضل بالفضل الجسيم iiبما اسـديته فـعليك الفضل قد iiحبسا
( ويروي ) في كيفية قتله عليه السلام غير ذلك وسيأتى قريبا " وكانت
لواعج الاشجان _ 181 _
ام البنين ام هؤلاء الاخوة الاربعة القتلى تخرج الى البقيع فتندبهم اشجى ندبة واحرقها فيجتمع الناس إليها فكان مروان بن الحكم يجئ فيمن يجئ فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي ( وبرز ) احمد بن محمد الهاشمي وهو يقول
اليوم ابلو حسبي وديني بـصارم تحمله iiيميني
فقاتل حتى قتل ( وخرج ) غلام من خباء من اخبية الحسين عليه السلام وفي اذنيه درتان فاخذ بعود من عيدانه وهو مذعور فجعل يلتفت يمينا وشمالا وقرطاه يتذبذبان فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه بالسيف وقرطاه يتذ بذبان فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه بالسيف فقتله فصارت امه شهر بانويه تنظر إليه ولا تتكلم كالمدهوشة " ونادي " الحسين عليه السلام هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله هل من موحد يخاف الله فينا هل من مغيث يرجو الله في اغاثتنا هل من معين يرجو ما عند الله في اعانتنا قارتفعت اصوات النساء بالعويل ( فتقدم ) الى باب الخيمة وقال لزينب ناوليني ولدي الصغير حتى اودعه فأتي بابنه عبد الله وامه الرباب بنت امرى القيس فأخذ واجلسه في حجره واومأ إليه ليقبله فرماه حرملة بن كاهل الاسدي بسهم فوقع في نحره فذبحه فقال لزينب خذيه ثم تلقى الدم بكفيه فلما امتلا تارمى بالدم نحو السماء ثم قال هون علي ما نزل به انه بعين الله.
وفي رواية انه قال اللهم
لواعج الاشجان _ 182 _
لا يكن اهون عليك من فصيل ( قال ) الباقر عليه السلام فلم يسقط من ذلك الدم قطرة الى الارض وفي رواية انه صبه في الارض ثم قال يا رب ان كنت حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير منه وانتقم لنا من هاؤلاء القوم الظالمين ثم حمله حتى وضعه مع قتلى اهل بته ( وفي رواية ) انه حفر له بجفن سيفه ورمله بدمه فدفنه وحرملة هذا اخذه المختار فقطع يديه ثم احرقه بالنار ( وعطش ) الحسين عليه السلام حتى اشتد عليه العطش فدنا ليشرب من الماء فرماه الحصين بن نمير بسهم فوقع في فمه الشريف فجعل يتلقى الدم من فمه ويرمي به الى السماء ( وحمل ) القوم على الحسين عليه السلام فغلبوه على عسكره وقد اشتد به العطش فركب المسناة يريد الفرات وبين يديه العباس اخوه فاعترضتهما خيل ابن سعد وفيهم رجل من بني ابان بن دارم فقال لهم ويلكم حولوا بينه وبين الفرات ولا تمكنوه من الماء فحالوا بينه وبين الفرات فقال الحسين عليه السلام اللهم اظمأه وفي رواية اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له فغضب الدارمي ورماه بسهم فاثبته في حنكه الشريف فانتزع الحسين عليه السلام السهم وبسط يديه تحت حنكه فامتلاءت راحتاه من الدم فرمى به نحو السماء ثم حمد الله واثنى عليه ثم قال اللهم اني اشكو اليك ما يفعل بابن بنت نبيك اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا
لواعج الاشجان _ 183 _
تبق منهم احدا ( فمكث ) ذلك الرجل يسيرا ثم صب الله عليه الظما فجعل لا يروى وكان يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره وبين يديه المراوح والثلج وخلفه كانون وكان برد له الماء فيه السكر وعساس فيها اللبن وهو يقول اسقوني اهلكني العطش فيؤتي بالعس أو القلة فيه الماء واللبن والسويق يكفي جماعة فيشربه ويضطجع هنيئته ثم يقول اسقوني قتلني الظما فما زال كذلك حتى انقدت بطنه انقداد بطن البعير ذكر ذلك الطبري وابو الفرج بن عبد الرحمن الجوزي وابن الاثير في الكامل بتفاوت يسير وغيرهم ( ثم ) ان الحسين عليه السلام رجع الى مكانه وقد اشتد به العطش واحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه فجعل العباس عليه السلام يقاتلهم وحده حتى قتل وكان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنيفي وحكيم بن الطفيل السنبسي بعد ان اثخن بالجراح فلم يستطع حراكا فبكى الحسين لقتله بكاء شديدا ( ثم ) ان الحسين عليه السلام دعا الناس الى البراز فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل مقتلة عظيمة ثم حمل على الميمنة وهو يقول
القتل اولى من ركوب iiالعار والعار اولى من دخول النار
والله مـا هـذا وهذا جارى
ثم حمل على الميسرة وهو يقول
لواعج الاشجان _ 184 _
انـا الحسين بن iiعلي آلـيت ان لا iiانـثني احـمي عـيالات ابي امضي على دين النبي
( ولما ) بقي الحسين عليه السلام في ثلاثة أو اربعة من اصحاه وفي رواية ثلاثة رهط من اهله قال ابغوني ثوبا لا يرغب فيه احد اجعله تحت ثيابي لئلا اجرد منه بعد قتلي فاني مقتول مسلوب فأتي بتبان قال لاذاك لعباس من ضرب على الذلة ولا ينبغي لي ان البسه وفي رواية انه قال هذا لباس اهل الذمة فاخذ ثوبا خلقا فخرقه وجعله تحت ثيابه وفي رواية انه اتي بشئ أو سع منه دون السراويل وفوق التبان فلبسه فلما قتل جردوه منه ( ثم ) استدعي بسراويل من حبرة يمانيه يلمع فيها البصر ففزرها ولبسها وانما فزرها لئلا يسلبها بعد قتله فلما قتل عليه السلام سلبها منه بحر (ابجر خ ل) بن كعب وتركه مجردا فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان في الصيف كأنهما عودان وترطبان في الشتاء فتنضحان دما وقيحا الى ان اهلكه الله تعالى واقبل الحسين عليه السلام على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة الذين معه يحمونه حتى قتل الثلاثة وبقي وحده وقد اثخن بالجراح في رأسه وبدنه فجعل يضاربهم بسيفه وحمل الناس علبيه عن يمينه وشماله فحمل على الذين عن يمينه فتفرقوا ثم حمل على الذين عن يساره فتفرقوا ( قال ) بعض الرواة فوالله ما رأيت مكثورا قط قد
لواعج الاشجان _ 185 _
قتل ولده واهل بيته واصحابه اربط جاشا ولا امضى جنانا ولا اجراء مقدما منه والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله وان كانت الرجالة لتشد عليه فيشهد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب ولقد كان يحمل فيهم وقد تكملوا ثلاثين الفا فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع الى مركزه وهو يقول لاحول ولا قوة الا بالله ( فلما ) رأي شمر ذلك استدعى الفرسان فصاروا في ظهور الرجالة وامر الرماة ان يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ فاحجم عنهم فوقفوا بازائه وجاء شمر في جماعة من اصحابه فحالوا بينه وبين رحله الذي فيه ثقله وعياله ( فصاح ) الحسين عليه السلام ويلكم يا شيعة آل ابي سفيان ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا احرارا في دنياكم هذه وارجعوا الى احسابكم ان كنتم عربا كما تزعمون فنادا شمر ما تقول يا ابن فاطمة فقال اقول اني اقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمي مادمت حيا فقال شمر لك ذلك يا ابن فاطمة ثم صاح اليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه فلعمري هو كفو كريم فقصدوه بالحرب وجعل شمر يحرضهم على الحسين عليه السلام فجعلوا يحملون على الحسين (ع) والحسين يحمل عليهم فينكشفون عنه وهو في ذلك
لواعج الاشجان _ 186 _
يطلب شربة من ماء فلا يجد وكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه باجمعهم حتى اجلوه عنه ( ولما ) اثخن بالجراح وبقي كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المزني على خاصرته طعنة فسقط عليه السلام من فرسه الى الارض على خده الايمن ثم قام وخرجت اخته زينب الى باب الفسطاط وهي تنادي واأخاه واسيداه واأهل بيتاه ليت السماء اطبقت على الارض وليت الجبال تدكدكت على السهل ( وقد ) دنا عمر بن سعد فقالت يا عمر ايقتل أبو عبد الله وانت تنظر إليه فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خديه ولحيته وصرف وجهه عنها ولم يجيبها بشئ فنادت ويلكم اما فيكم مسلم فلم يجبها احد بشئ ( وقاتل ) عليه السلام راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية ويفترص العورة ويشد على الخيل وهو يقول اعلى قتلي تجتمعون اما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله الله اسخط عليكم لقتله مني وايم الله اني لارجو ان يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون اما والله لو قتلتموني لا لقي الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ثم لا يرضى لكم بذلك حتى يضاعف لكم العذاب الاليم ( وكان ) على الحسين عليه السلام جبة من خز وكان معتما مخضوبا بالوسمة ( ولم ) يزل يقاتل حتى اصابه اثنان وسبعون جراحة فوقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال فبينا هو واقف إذا اتاه
لواعج الاشجان _ 187 _
حجر فوقع على جبهته فأخذ الثوب ليسمح الدم عن جبهته فاتاه سهم مسموم له ثلاث شعب فوقع على قلبه فقال عليه السلام بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم رفع راسه الى السماء وقال آلهي تعلم انهم يقتلون رجلا ليس على وجه الارض ابن بنت نبي غيره ثم اخذ السهم فاخرجه من وراء ظهره فانبعث الدم كانه ميزاب فضعف ووقف ( ولما ) رجع الحسين عليه السلام من المسناة الى فسطاطه بعد قتل اخيه العباس اقبل الشمر في جماعة من اصحابه فأحاطوا به فاسرع منهم رجل يقال له مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين عليه السلام وضربه على رأسه الشريف بالسيف وكان على رأسه برنس وقيل قلنسوة فقطع البرنس ووصل السيف الى رأسه فامتلاأ البرنس دما فقال له الحسين عليه السلام لا اكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك الله مع القوم الظالمين ثم القى البرنس أو القلنوسة ودعا بخرقة فشد بها رأسه واستدعي بقلنسوة اخرى فلبسها واعتم عليها ( واخذ ) الكندي البرنس وكان من خز فلما قدم على اهله اخذ يغسل عنه الدم فقالت له امرأته اسلب ابن رسول الله تدخل بيتي اخرجه عني ( فلم ) يزل ذلك الرجل فقيرا بشر طول عمره ( وهذا ) اخذه المختار وقطع يديه ورجليه وتركه يضطرب حتى مات ( ورجع شمر ومن معه عن الحسين عليه السلام الى مواضعهم فمكثوا هنيئة
لواعج الاشجان _ 188 _
ثم عادوا إليه فاخذ الحسين عليه السلام يشد عليهم فينكشفون عنه ثم انهم احاطوا به ( فخرج ) عبد الله بن الحسن بن علي عليهما السلام وهو غلام لم يراهق من عند النساء فلحقته زينب بنت علي عليهما السلام وهو غلام لم يراهق من عند النساء فلحقته زينب بنت علي عليهما السلام لتحبسه فقال لها الحسين عليه السلام احبسيه يا اختى فابي وامتنع عليها امتناعا شديدا وجاء يشتد الى عمه الحسين حتى وقف الى جنبه وقال لا افارق عمي فاهوى بحر (ابجر خ ل) بن كعب الى الحسين عليه السلام بالسيف فقال له الغلام ويلك يا ابن الخبيثة اتقتل عمي فضربه بحر (ابجر خ ل) بالسيف فاتقاها الغلام بيده فاطنها الى الجلد فإذا هي معلقة فنادي الغلام يا عماه أو يا اماه فاخذه الحسين عليه السلام فضمه الى صدره وقال يا ابن اخي اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير فان الله يلحقك بآبائك الصالحين برسول الله صلى الله عليه وآله وعلى وحمزة وجعفر والحسن صلى الله عليهم اجمعين فرماه حرملة بسهم فذبحه وهو في حجر عمه فرفع الحسين عليه السلام يديده وقال اللهم امسك عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الارض اللهم فان متعتهم الى حين ففرقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض الولاة منهم ابدا فأنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلوا ثم ضارب عدوا علينا فقتلونا ثم ضارب رجالة حتى انكشفوا عنه وكان قد ضعف عن القتال ( وتحاماه ) الناس فمكث طويلا من النهار وكلما جاءه احد انصرف عنه كراهية
لواعج الاشجان _ 189 _
ان يلقي الله بدمه ( قال ) هلال بن نافع اني لواقف مع اصحاب عمر ابن سعد إذ صرخ صارح ابشر ايها الامير فهذا شمر قد قتل الحسين فخرجت بين الصفين فوقفت عليه وانه ليجود بنفسه فوالله ما رأيت قتيلا مضمخا بدمه احسن منه ولا انور وجها ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكرة في قتله فاستسقى في تلك الحال ماء فسمعت رجلا يقول والله لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها فسمعته يقول انا ارد الحامية فاشرب من حميمها لا والله بل ارد على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله واسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر واشرب من ماء غير آسن واشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بي فغضبوا باجمعهم حتى كأن الله لم يجعل في قلب احد منهم من الرحمة شيئا ( وصاح ) شمر بالفرسان والرجالة ويحكم ما تنتظرون بالرجل اقتلواه ثكلتكم امهاتكم فحملوا عليه من كل جانب فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسري وضرب الحسين عليه السلام زرعة فصرعه وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبابها لوجهه وكان قد اعيا وجعل يقوم ويكبو وطعنه سنان بن انس النخعي في ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني (1) صدره ورماه بسهم فوقع في نحره فسقط وجلس قاعدا
------------------
(1) البواني اضلاع الزور كذا في القاموس ( منه ).
لواعج الاشجان _ 190 _
فنزع السهم من نحره وقرن كفيه جميعا فكلما امتلاتا من دمائه خضب بها رأسه ولحيته وهو يقول: هكذا القى الله مخضبا بدمي مغصوبا علي حقي ( وقال ) عمر بن سعد لرجل عن يمينه انزل ويحك الى الحسين فارحه ( وقيل ) بل قال سنان لخولي بن يزيد اختز رأسه فبدر خولى ليحتز رأسه فضعف وارعد فقال له سنان وقيل شمر فت الله في عضدك مالك ترعد ونزل سنان وقيل شمر إليه فذبحه ثم احتزر رأسه الشريف وهو يقول والله اني لاحتز رأسك واعلم انك السيد المقدم وابن رسول الله وخير الناس ابا واما ثم دفع الرأس الشريف الى خولى فقال احمله الى الامير عمر بن سعد وفي ذلك يقول الشاعر
فاي رزية عدلت حسينا غـداة تبيره كفا iiسنان
( وسنان ) هذا اخذه المختار فقطع انامله انملة انملة ثم قطع يديه ورجليه واغلى له قدرا فيها زيت ورماه فيها وهو يضطرب وجاءت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام فقال رجل يا امة الله ان سيدك قتل قالت الجارية فاسرعت الى سبيداتي وانا اصيح فقمن في وجهي وصحن ( وارتفعت ) في السماء عند قتل الحسين عليه السلام غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا يري فيها عين ولا اثر حتى ظن القوم ان العذاب قد جاء هم فلبشوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم ( وفي رواية ) انها اظلمت الدنيا ثلاثة ايام بعد قتل الحسين عليه السلام
لواعج الاشجان _ 191 _
السلام ثم ظهرت الحمرة في السماء ( ولم ) تر الحمرة في السماء قبل قتل الحسين عليه السلام وقال السدي لما قتل الحسين عليه السلام بكت السماء وبكاؤها حمرتها " وأمطرت " السماء دما يوم قتله وبقي اثره في الثياب مدة حتى تقطعت وكان جماعة في سفر قالوا فمطرنا مطرا بقي اثره في ثيابنا مثل الدم وما قلع حجر بالشام وفي رواية في الدنيا الا وجد تحته دم عبيط ومكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع وفي رواية من صلاة الفجر إلى غروب الشمس ( وقال ) عبد المطلب بن مروان للزهري اي رجل انت ان اخبرتني اي علامة كانت يوم الحسين بن علي عليهما السلام قال لا يرفع حصاة بيت المقدس الا وجد تحتها دم عبيط فقال عبد الملك اني واياك في هذا الحديث غريبان ( وروي ) عن ابي حباب الكلبي قال حدثنا الجصاصون قالوا كنا نخرج إلى الجبانة في الليل .
عند مقتل الحسين عليه السلام فنسمع الجن ينوحون عليه ويقولون
( ورأي ) ابن عباس النبي صلى الله عليه وآله في الليلة التي قتل فيها الحسين عليه السلام وبيده قارورة وهو يجمع فيها دما قال فقلت يا رسول الله ما هذا قال هذه دماء الحسين عليه السلام واصحابه
لواعج الاشجان _ 192 _
ارفعها إلى الله تعالى فأصبح ابن عباس واعلم الناس بقتل الحسين عليه السلام وقص روياه فوجد قد قتل في ذلك اليوم ( وكان ) سن الحسين عليه السلام يوم قتل سبعا وخمسين سنة أو ستا وخمسين سنة وخمسة اشهر وسبعة ايام أو خمسة ايام أو تسعة اشهر وعشرة ايام أو ثمانية اشهر وسبعة ايام أو خمسة ايام على اختلاف الروايات والاقوال المتقدمة في مولده عليه السلام ( وقيل ) ثمان وخمسون سنة وقيل خمس وخمسون سنة وستة اشهر المقصد الثالث في الامور المتأخرة عن قتله (ع) واقبل القوم على سلب الحسين عليه السلام فاخذ فميصه اسحق ابن حويه الحضرمي فلبسه فصار ابرص وامتعط شعره ووجد في قميصه (ع) مأة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنة وضربة وقيل وجد في ثيابه مأة وعشرون رمية بسهم وفي جسده الشريف ثلاث وثلاثون طعنه برمح واربع وثلاثون ضربة بسيف ( وعن ) الصادق عليه السلام انه وجد بالحسين عليه السلام ثلاث وثلاثون طعنة واربع وثلاثون ضربة (1) وعن الباقر عليه السلام انه وجدبه
------------------
(1) لا يخفي ان هذه الرواية لاتنا في ما سبق وما يأتي من الاقوال والروايات لانه لم يعين فيها قدر الرميات بل هي من المؤيدات (منه).
لواعج الاشجان _ 193 _
ثلثمأة وبضعة وعشرون جراحة ( وفي ) رواية ثلثمأة وستون جراحه واخذ سراويله بحر (ابجر خ ل) بن كعب التميمي فصار زمنا مقعدا من رجليه ( واخذ ) ثوبه أخ لاسحق بن حويه ولبسه فتغير وجهه وحص شعره وبرص بدنه ( واخذ ) قطيفة له كانت من خز قيس بن الاشعث بن قيس ( واخذ ) عمامته الاخنس بن مرثد وقيل جابر بن يزيد فاعتم بها فصار معتوها ( واخذ ) برنسه مالك بن النسر كما مر (واخذ) نعليه الاسود بن خالد (واخذ) درعه البتراء عمر بن سعد فلما قتل عمر اعطاها المختار لقاتله (واخذ) سيفه الفلافس النهشلي من بني دارم وقيل جميع بن الخلق الاودي وقيل الاسود بن حنظلة التميمي (واخذ) القوس والحلل الرجيل بن خيثمة الجعفي (واخذ) خاتمه بجدل بن سليم الكلبي وقطع اصبعه مع الخاتم وهذا اخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتى هلك (ومال) الناس على الفرش (الورس خ ل) والحلل والابل فانتهبوها وانتهبوا رحله وثقله وسلبوا نساءه ونحرت الابل التي كانت مع الحسين عليه السلام فلم يوء كل لحمها لانه كان امر من الصبر ( وروي ) انه لما جعل اللحم في القدر صار نارا ( وكان ) مع الحسين عليها السلام ورس وطيب فاقتسموه فلما صاروا إلى بيوتهم صار دما ( وعن ) مشائخ من طئ انهم قالوا وجد شمر بن ذي الجوشن في رحل الحسين عليه السلام
لواعج الاشجان _ 194 _
السلام ذهبا فدفع بعضه إلى ابنته فدفعته إلى صائغ يصوغ منه حليا فلما ادخله النار صار نحاسا وقيل نارا ( وما ) تطيبت امرأة من ذلك الطيب الا برصت ( قال ) حميد بن مسلم رأيت امرأة من بكر بن وائل كانت مع زوجها في اصحاب عمر بن سعد فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليه السلام في فسطاطهن وهم يسلبونهن اخذت سيفا واقبلت نحو الفسطاط وقالت يا آل بكر بن وائل أتسلب بنات رسول الله لاحكم الا لله يا لثارات رسول الله فاخذها زوجها وردها إلى رحله ( وانتهوا ) إلى علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وهو منبسط على فراش وهو شديد المرض وكان مريضا بالذرب اي الاسهال وقد اشرف على الموت ومع شمر جماعة من الرجالة فقالوا له الانقتل هذا العليل فاراد شمر قتله فقال له حميد ابن مسلم سبحان الله اتقتل الصبيان انما هو صبي وانه لما به فلم يزل يدفعهم عنه حتى ( جاء ) عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين فقال لاصحابه لايدخل احد منكم بيوت هؤلاء ولا تتعرضوا لهذا الغلام المريض ومن اخذ من متاعهن شيئا فليرده فلم يرد احد شيئا ( وفي رواية ) انهم اشعلوا النار في الفسطاط فخرجن منه النساء باكيات مسلبات ( ونادي ) عمر بن سعد في اصحابه من ينتدب للحسين فيوطي الخيل ظهره وصدره فانتدب منهم عشرة وهم اسحق بن
لواعج الاشجان _ 195 _
حويه (حيوة خ ل) الذي سلب قميص الحسين عليه السلام، والا خنس ابن مرثد الذي سلب عمامة الحسين عليه السلام، وحكيم بن الطفيل الذي اشترك في قتل العباس عليه السلام، وعمرو بن صبيح الصيداوي الذي رمي عبد الله بن مسلم بسهم فسمريده في جبهته .
ورجاء بن منقذ العبدي، وسالم بن حثيمة الجعفي، وصالح بن وهب الجعفي .
وواحظ بن غانم ، وهاني بن ثبيت الحضرمي الذي قتل جماعة من الطالبيين كما مر ، واسيد بن مالك فداسوا الحسين عليه السلام بجوافر خيلهم حتى رضوا ظهره وصدره ( وجاء ) هاؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد فقال اسيد بن مالك احدهم
نحن رضضنا الصدر بعد الظهر بـكل يـعبوب شـديد iiالاسـر
فقال ابن زياد من انتم قالوا نحن الذين وطأنا بخيولنا ظهر الحسين عليه السلام حتى طحنا جناجن صدره فأمر لهم بجائزة يسيرة ( قال ) ابو عمرو الزاهد فنطرنا في هاؤلاء العشرة فوجدناهم جميعا اولاد زنا وهؤلاء اخذهم المختار فشد ايديهم وارجلهم بسكك الحديد واوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا وفي خبر ان احدهم وهو الاخنس كان واقفا بعد ذلك في قتال فجاء سهم لم يعرف راميه ففلق قلبه فهلك ( وسرح ) عمر بن سعد من يومه ذلك وهو يوم عاشورا برأس الحسين عليه السلام مع خولى بن يزيد الاصبحي وحميد بن
لواعج الاشجان _ 196 _
مسلم الازدي إلى عبيد الله بن زياد ( قال ) الطبري وابن الاثير فوجد القصر مغلقا فاتي بالرأس إلى منزله فوضعه تحت اجانه ودخل فراشه وقال لامرأته النوار جئتك بغني الدهر هذا رأس الحسين عليه السلام معك في الدار فقالت ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله صلى الله عليه وآله والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت وقامت من الفراض فخرجت إلى الدار قالت فما زالت انظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الاجانة ورأيت طيرا ابيض يرفرف حولها ( وذكر ) ابن نما نحوا من ذلك ( وخولى ) هذا قتله اصحاب المختار واحرقوه وكان مختفيا في مخرجه فدلت عليه امرأته العيوب بنت مالك وكانت تعاديه منذ جاء برأس الحسين عليه السلام فلما سألوها عنه قالت لاادري واشارت بيدها إلى المخرج ( وامر ) ابن سعد برؤوس الباقين من اصحاب الحسين عليه السلام واهل بيته فقطعت (فنظفت خ ل) وكانت اثنين وسبعين رأسا وسرح بها مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الاشعث بن قيس وعمرو ابن الحجاج فاقبلوا حتي قدموا بها علي ابن زياد ( وروي ) ان الرؤوس كانت سبعين رأسا ( وروي ) ثمانية وسبعين رأسا فاقتسمتها القبائل لتتقرب بها إلى ابن زياد والى يزيد لعنهما الله تعالى فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الاشعث .
وجاءت هوازن بأثني
لواعج الاشجان _ 197 _
عشر رأسا .
وقيل بعشرين وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا ، وجاءت بنو اسد بستة عشر رأسا وقيل بستة اروءس ، وجاءت مذحج بسبعة ارؤس ، وجاء سائر الناس بثلاثة عشر رأسا وقيل بسبعة ( ثم ) ان ابن سعد صلى على القتلى من اصحابه ودفنهم وترك الحسين عليه السلام واصحابه بغير دفن واقام بقية اليوم العاشر واليوم الثاني إلى زوال الشمس ثم نادي في الناس بالرحيل وتوجه إلى الكوفة وحمل معه نساء الحسين عليه السلام وبناته واخواته ومن كان معه من الصبيان وفيهم علي بن الحسين عليهما السلام قدنهكته العله والحسن بن الحسن المثني وكان قدواسي عمه في الصبر على ضرب السيوف وطعن الرماح وكان قد نقل من المعركة وقد اثخن بالجراح وبه رمق فبرأ واخواه زيد وعمر ابناء الحسن السبط عليه السلام ( وتدل ) بعض الروايات على وجود الباقر عليه السلام معهم وساقوهم كما يساق سبي الترك والروم ( فقال ) النسوة بحق الله الا ما مررتم بنا على مصرع الحسين عليه السلام فمروا بهم على الحسين ( ع ) واصحابه وهم صرعى فلما نظر النسوة إلى القتلي صحن وضربن وجوهن ( قال ) الراوي فوالله لا انسي زينب بنت علي وهي تندب الحسين ( ع ) وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب يا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسينك مرمل بالدماء مقطع
لواعج الاشجان _ 198 _
الاعضاء وبناتك سبايا إلى الله المشتكى والى محمد المصطفي والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء يا محمداه هذا حسين بالعرى تسفى عليه ريح الصبا قتيل اولاد البغايا واحزناه واكرباه عليك يا ابا عبد الله اليوم مات جدي رسول الله يا اصحاب محمد هاؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا ( وفي ) بعض الروايات وامحمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والردي بابي من اضحى عسكره في يوم الاثنين نهبا بأبي من فسطاطه مقطع العرى بأبي من لا غائب فيرتجي ولا جريح فيداوي بأبي من نفسي له الفدي بابي المهموم حتى قضى بابي العطشان حتى مضي بابي من شيبته تقطر بالدما بابي من جده رسول آله السما بابي من هو سبط نبي الهدي بابي محمد المصطفي بابي خديجة الكبرى بابي علي المرتضى بابي فاطمة الزهراء بابي من ردت له الشمس حتى صلى ( قال ) فابكت والله كل عدو وصديق ثم ان سكينة بنت الحسين ( ع ) اعتنقت جسد ابيها فاجتمع عدة من الاعراب حتى جروها عنه ( ولما ) رحل ابن سعد عن كربلا خرج قوم من بني اسد كانوا نزولا بالغاضرية إلى الحسين عليه السلام واصحابه فصلوا على تلك الجثث الطواهر ودفنوها فدفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الان ودفنوا ابنه
لواعج الاشجان _ 199 _
عليا الاكبر عند رجليه وحفروا للشهداء من اهل بيته ولاصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليه السلام فجمعوهم فدفنوهم جميعا في حفيرة واحدة وسووا عليهم التراب ( ويقال ) ان اقربهم دفنا إلى الحسين عليهم السلام ولده علي الاكبر فيزورهم الزائر من عند قبر الحسين عليه السلام ويومي إلى الارض التي نحو رجليه بالسلام عليهم ودفنوا العباس بن علي عليهما السلام في موضعه الذي قتل فيه على المسناة بطريق الغاضرية حيث قبره الان ودفنوا بقية الشهداء حول الحسين عليه السلام في الحائر ( قال ) المفيد عليه الرحمة ولسنا نحصل لهم اجداثا على التحقيق والتفصيل الا انا لانشك ان الحائر محيط بهم رضي الله عنهم وارضاهم " وسار ابن سعد بسبايا اهل بيت الرسول صلى الله عليه واله فلما قاربوا الكوفة اجتمع اهلها للنظر اليهن فاشرفت امرأة من الكوفيات وقالت من اي الاساري انتن فقلن لها نحن اساري آل محمد ( ص ) فنزلت من سطحها فجمعت لهن ملاء وازرا ومقانع وجعل اهل الكوفة ينوحون ويبكون فقال علي بن الحسين عليهما السلام اتنوحون وتبكون من اجلنا فمن ذا الذي قتلنا قال بشر بن خزيم الاسدي ونظرت إلى زينب بنت علي عليهما السلام يومئذ فلم ارخفرة انطق منها كأنها تفرغ عن لسان امير أمؤمنين عليه السلام وقد أو مأت إلى الناس
لواعج الاشجان _ 200 _
ان اسكتوا فارتدت الانفاس وسكنت الاجراس (1) ثم قالت: (خطبة زينب بنت امير المؤمنين عليهما السلام بالكوفة) الحمد لله والصلوة على محمد وآله الطاهرين ( اما بعد ) يا اهل الكوفة يا اهل الختل والغدر اتبكون فلا رقأت الدمعة ولا قطعت الرنة انما مثلكم كمثل التي نقضت غرلها من بعد قوة انكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم الاوهل فيكم الا الصلف (2) النطف (3) والصدر الشنف (4) (الا الصلف والعجب والشنف والكذب خ ل) وملق (5) الاماء وغمز (6) الاعداء أو كمرعي على دمنة (7) أو كفضة على ملحودة (8) الاساء ما قدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون اتبكون وتنتحبون اي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد قهبتم بعارها وشنارها (9) ولن ترحضوها (10) بغسل بعدها ابدا واني ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب اهل الجنة وملاذ حيرتكم
------------------
(1) جمع جرس وهو الصوت أو خفيه (منه).
(2) الصلف بفتحتين اداعاء الانسان فوق ما فيه تكبرا وهو صلف ككتف (منه).
(3) النطف بالتحريك التلطخ بالعيب وهو نطف اي متلطخ بالعيب ( منه ).
(4) الشنف بالتحريك البغض والتنكر وصدر شنف اي مبغض متنكر ( منه ) .
(5) الملق ان تعطي باللسان ما ليس في القلب ( منه ) .
(6) الغمز الطعن ( منه ).
(7) الدمنة بالكسر الموضع القريب من الدار (منه).
(8) اي ميتة موضوعة في اللحد ( منه ).
(9) الشنار العيب ( منه ).
(10) تغسلوا ( منه ).