ذكر ما علم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحسن ( عليه السلام ) من الدعاء :
64 ـ قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي ، قال : علمني جدي ـ أو علمني النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ كلمات أقولهن في الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، فإنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت (1) .
65 ـ قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا الحسن بن عمارة ، قال : حدثنا بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، قال : قلت للحسن بن علي ، مثل من كنت على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : سمعته يقول لرجل : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الشر ريبة ، وإن الخير طمأنينة .
   وعقلت منه أني بينما أنا أمشي معه إلى جنب جرين الصدقة ، تناولت تمرة فألقيتها في في فأدخل إصبعه في في فاستخرجها بلعابها وبزاقها فألقاها فيه ، وقال : إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ، وعقلت عنه الصلوات الخمس فعلمني كلمات أقولهن عند انقضائهن : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت .
قال أبو الحوراء : فذكرت ذلك لمحمد بن علي ـ يعني ابن الحنفية ـ ونحن في الشعب ، فقال : إنهن لكلمات علمناهن وامرنا أن نقولهن في الوتر .

---------------------------
(1) في التقريب 246 / 1 وفي القاموس وتاج العروس 3 / 161 (حور) ، والمشتبه 1 / 258 ، والتبصير 1 / 470: أبو الحوراء ـ راوي حديث القنوت عن الحسن بن علي ، روى عنه بريد بن أبي مريم ، أبو الحوراء بالحاء والراء المهملتين ـ ربيعة بن شيبان السعدي البصري ، من رجال السنن الاربعة ، كلهم رووا عنه حديثه هذا عن الحسن ( عليه السلام ) في القنوت .
وبريد بن أبي مريم ، قال الامير ابن ماكولا في الاكمال 1 / 227 : وأما بريد ـ بضم الباء وفتح الراء ـ فهو . . . وبريد بن أبي مريم السلولي بصري ، قاله الدارقطني وقاله قبله البخاري ، وهو كوفي ثقة .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 40 _

66 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي ، قال : علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كلمات أقولهن في القنوت : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت (1) .
67 ـ قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي ، قال : علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، فإنه لا يذل من واليت ، تباركت وتعاليت ، هذا يقوله في القنوت في الوتر .

---------------------------
(1) رواه الدولابي في الذرية الطاهرة برقم 130 عن محمد بن إسحاق البكائي عن عبيد الله بن موسى ، والذهبي في سير أعلام النبلاء 3 / 165 عن ابن سعد .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 41 _

68 ـ قال : أخبرنا عمرو بن الهيثم ، قال : حدثنا شعبة ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، قال : قلت للحسن : ما تحفظ أو تذكر من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : أخذت تمرة من تمر الصدقة ، أظنه قال : فألقيتها في فيّ ، فأخذها فألقاها بلعابها ، قال : وكان يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة (1) .
69 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الاسدي ، قالا : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، قال : سمعت بريد بن أبي مريم ، قال : حدثني أبو الحوراء ، قال : علم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحسن كلمات ، قال : إذا قمت في القنوت في الوتر فقل : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت ، إنه تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت .
70 ـ قال : أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل، عن ثابت بن عمارة ، قال : حدثنا ربيعة بن شيبان ، قال : قلت للحسن بن علي : ما تحفظ من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قال : أدخلني غرفة الصدقة فأخذت تمرة فألقيتها في فيّ ، فقال : ألقها فإنها لا تحل لمحمد ولا لاهل بيته .

---------------------------
(1) رواه البلاذري في أنساب الاشراف ص 143 برقم 3 بإسناد آخر عن شعبة ، وفيه : قلت لحسين بن علي . . . ولذلك أورده في ترجمة الحسين ( عليه السلام ) ، ولكن الصحيح ما هنا فإن الروايات ـ هنا ـ كلها متفقة على أنه الحسن ( عليه السلام ) .
وقد رواه الدولابي في الكنى والاسماء 1 / 161 وفي الذرية الطاهرة برقم 128 بطريقين عن شعبة ، وبرقم 129 و 130 بسندين آخرين ، وأخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير ج 3 من رقم 2700 إلى 2714 من وجوه كثيرة كلها عن الحسن ( عليه السلام ) ، كما أخرجه أحمد في المسند 1 / 199 و 200 عنه ( عليه السلام ) ، وخرّجه معلق المعجم عن عبد الرزاق وأبي داود والنسائي والدارمي والبيهقي وابن مندة وأبي يعلى والترمذي وابن حبان فراجع المعجم الكبير 3 / 72 ـ 78 .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 42 _

71 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني ابن أبي سبرة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خرجنا مع علي إلى الجمل ـ ستمائة رجل ـ فسلكنا على الربذة فنزلناها ، فقام إليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه وقال : إئذن لي فأتكلم ، فقال علي : تكلم ودع عنك أن تخن خنين الجارية ! فقال الحسن : إني كنت أشرت عليك بالمقام وأنا اشير به عليك الان ! إن للعرب جولة ، ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها قد ضربوا إليك آباط الابل حتى يستخرجوك ولو كنت في مثل جحر الضب ، فقال علي : أتراني ـ لا أبا لك ! ـ كنت منتظراً كما تنتظر الضبع اللدم (1) .

---------------------------
(1) الخنين ـ بالخاء المعجمة ـ قال في النهاية : ضرب من البكاء دون الانتحاب ، وأصل الخنين خروج الصوت من الانف . . ، وهذا الاثر لا يصح فإنهما ( عليهما السلام ) كانا أتقى لله من أن يجابه أحدهما الاخر بمثل هذا الكلام ، وعلى خلاف ما ثبت من سيرتهما وأدبهما ، قال ابن كثير في تاريخه 8 / 37 : وكان علي يكرم الحسن إكراماً زائداً ويعظمه ويبجله ، وقد قال له يوماً : يا بني ألا تخطب حتى أسمعك ؟ فقال : إني أستحيي أن أخطب وأنا أراك . .
أقول: ويأتي هذا هنا بعد حديثين فراجع ، فهذا الذي يجل أباه ويهابه أن يخطب بمشهد منه فكيف يواجهه بهذا الكلام القاسي واللحن الشديد ! وهو الذي لم يسمع أحد منه كلمة فحش طيلة حياته ، راجع ما يأتي في صفحة 151 ، هذا بالنسبة إلى الاباعد والاعداء فكيف به مع أبيه الطاهر ، والحسن ( عليه السلام ) هو أعرف الناس بمقام أبيه وقدسيته وطهارته وعصمته ، وهو الذي أبنه عند مقتله بقوله : والله ما سبقه أحد كان قبله، ولا يدركه أحد يكون بعده . . . » .
وهو ( عليه السلام ) يعلم أن أباه مع الحق والحق مع أبيه ، يدور الحق مع أبيه حيثما دار ، فالقصة مختلقة جزما وخاصة أن رجال سندها بين ضعيف وخارجي ناصب العداوة لهما ، فأما ابن أبي سبرة وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، فهو ضعيف بالاتفاق بل وضاع ، قال أحمد: كان يضع الحديث . . . وليس حديثه بشيء، كان يكذب ويضع الحديث .
الكنى للبخاري ص 9 ، العلل ومعرفة الرجال لاحمد بن حنبل ص 178 رقم 1111 ، المعرفة والتاريخ 3 / 40 ، ميزان الاعتدال 4 / 503 ، تهذيب التهذيب 12 / 27 .
وأما داود بن الحصين فهو خارجي كان يذهب مذهب الشراة وكان ولاؤه لآل عثمان ، قال أبو داود : أحاديثه عن شيوخه مستقيمة ، وأحاديثه عن عكرمة مناكير ، وقال ابن المديني : ما روى عن عكرمة فمنكر ، وقال ابن حبان: تجب مجانبة روايته ، المجروحين لابن حبان 1 / 290 ، ميزان الاعتدال 2 / 5 ، المغني في الضعفاء 1 / 217 .
  وأما عكرمة فاتفقت المصادر الرجالية والتاريخية على أنه كان من الخوارج ويرى رأي الخوارج ، وكان داعية إلى بدعته وخرج إلى المغرب ، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا ، وقد كذبه مجاهد وابن سيرين ومالك ـ كما في المغني للذهبي ـ وقد كذبه قبلهم سعيد بن المسيب، قال مصعب الزبيري : كان يرى رأي الخوارج فطلبه بعض ولاة المدينة فتغيب عند داود بن الحصين ـ الموافق له في النزعة كما تقدم ـ حتى مات ، وقال أحمد : كان يرى رأي الصفرية .
الطبقات 5 / 293 ، المعرفة والتأريخ 2 / 7 ، ميزان الاعتدال 3 / 95 ـ 96 المغني في الضعفاء 2 / 493 ، تهذيب التهذيب 7 / 267 .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 43 _

72 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني معمر بن راشد ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : لما نزل علي بذي قار بعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى الكوفة فاستنفراهم إلى البصرة (1) .
73 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: بعث علي عماراً والحسن بن علي إلى الكوفة ونزل علي بذي قار، قال: فاستنفراهم فخرج منهم ثمانية ألف على كل صعب وذلول (2) .
74 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا معمر بن يحيى بن سام ، قال : سمعت جعفراً ، قال : سمعت أبا جعفر ، قال : قال علي : قم فاخطب الناس يا حسن ، قال : إني أهابك أن أخطب وأنا أراك ، فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه .
فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم ثم نزل ، فقال علي : « ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » (3) .

---------------------------
(1 و 2) أليس في هذين الحديثين ما يشهد باختلاق الحديث السابق ؟ فإنه لو كان الحسن ( عليه السلام ) مخالفاً بتلك الصلابة للحرب معارضاً لابيه في خروجه ، فكيف اختاره أبوه ( عليه السلام ) لاستنفار أهل الكوفة ، وهو يعلم شدة مخالفته له ؟ ! !
(3) أخرجه الحافظ ابن عساكر برقم 243 بإسناده عن ابن سعد ، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8 / 37 : وقد قال علي ( عليه السلام ) له ويوماً : يا بني ألا تخطب حتى أسمعك ؟ فقال : إني أستحي أن أخطب وأنا أراك ، فذهب علي فجلس حيث لا يراه الحسن ، ثم قام الحسن في الناس خطيباً وعلي يسمع ، فأدى خطبة بليغة فصيحة ، فلما انصرف جعل علي يقول : « ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 44 _

75 ـ قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الاسدي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم ، قال : قيل لعلي : هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس ، فقال : طحن إبل لم تعلم طحنا ، قال : وما طحن إبل يومئذ (1) .
76 ـ قال : أخبرنا وهب بن جرير بن حازم ، قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، ( عن ) معدي كرب (2) : ان علياً مرعلى قوم قد اجتمعوا على رجل ، فقال : من هذا ؟ قالوا : الحسن ، قال : طحن إبل لم تعود طحناً ! إن لكل قوم صداداً وإن صدادنا الحسن .
77 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة ، عن علي ، أنه خطب الناس ثم قال : إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالاً وهو يريد أن يقسمه بينكم ، فحضر الناس فقام الحسن ، فقال : إنما جمعته للفقراء ، فقام نصف الناس ، ثم كان أول من أخذ منه الاشعث بن قيس ! (3) .
78 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، قال: خطبنا الحسن بن علي يوم جمعة فقرأ ( سورة إبراهيم ) على المنبر حتى ختمها (4) .

---------------------------
(1) هذا باطل موضوع وكذا الحديث الذي بعده ، يرده ما تقدم في الحديث السابق ، وقد روى الحافظ أبو نعيم في الحلية 2 / 35 وابن كثير في تاريخه 8 / 39 والمزي في تهذيب الكمال 238 / 6 والطبراني في المعجم الكبير 2688 كلهم في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) : ان علياً سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المروءة فقال : يا بني ، ما السداد ؟ . . .
فأمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان هو الذي يأمره أن يخطب في الناس وتعجبه خطبته ويسأله عن أشياء ليرغب الناس في سؤاله والالتفات حوله ، ويأتي في صفحة 59 قول عمير بن إسحاق : ما تكلم عندي أحد كان أحب إليّ إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي ، أقول : ولعل الذي كان يحدث الناس هو الحسن البصري .
(2) كان في الاصل : أبي إسحاق بن معدي كرب ، فصححناه ، قال البخاري في التاريخ الكبير 8 / 41 رقم 2081 : معدي كرب الهمداني ـ ويقال : العبدي ـ كوفي سمع ابن مسعود وخباب بن الارت، روى عنه أبو إسحاق الهمداني .
(3) رواه ابن عساكر برقم 248 بإسناده عن ابن سعد، وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء 3 / 173 .
(4) رواه ابن عساكر برقم 264 بإسناده عن ابن سعد ، وأبو رزين هو مسعود بن مالك الاسدي ، مولى أبي وائل ، شقيق ابن سلمة ، صلى خلف الامام علي ( عليه السلام ) وشهد مشاهده ، روى عنه عاصم والاعمش وغيرهما ، ترجم له الدولابي في الكنى والاسماء 1 / 176 وروى بإسناده عنه ، قال : إن أفضل ثوب رأيته على علي ( عليه السلام ) لقميص من قهز وبردتين قطريتين .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 45 _

79 ـ قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : كان الحسن والحسين لا يريان امهات المؤمنين ، فقال ابن عباس : إن رؤيتهن لهما لحلال .
80 ـ قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الاسدي ، عن ابن عون ، عن عمير بن إسحاق ، قال : ما تكلم عندي أحد كان أحب إليّ إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي ، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلاّ مرة ، فإنه بين حسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض فعرض حسين أمراً لم يرضه عمرو ، فقال الحسن : فليس له عندنا إلاّ ما رغم أنفه ، قال : فهذا أشد كلمة فحش سمعتها منه قط (1) .
81 ـ قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، قال : قال الحسن : الطعام أدق من أن يقسم عليه .
82 ـ قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم، قال : حدثنا قرة ، قال أكلت في بيت محمد طعاماً فلما شبعت أخذت المنديل ورفعت يدي ، فقال لي محمد : كان الحسن ابن علي يقول : إن الطعام أهون من أن يقسم عليه (2) .
83 ـ قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أشعث بن سوار ، عن رجل ، قال : جلس رجل إلى الحسن بن علي ، فقال : إنك جلست إلينا على حين قيام منا ، أفتأذن ؟ (3) .

---------------------------
(1) رواه البلاذري في أنساب الاشراف ص 23 برقم 28 عن مصعب الزبيري بأوجز مما هنا ورواه المزّي في تهذيب الكمال 6 / 235 ورواه ابن عساكر برقم 269 بإسناده عن ابن سعد ، وكان في الاصل : أبي عون ، والصحيح : ابن عون وهو عبد الله بن عون ، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 8 / 143 : عمير بن إسحاق القرشي أبو محمد مولى بني هاشم ، روى عن المقداد بن الاسود . . . والحسن بن علي . . . وعنه عبد الله بن عون ، قال أبو حاتم والنسائي : لا نعلم روى عنه غيره .
(2) رواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 25 برقم 37 عن قرة بغير هذا الاسناد واللفظ ، ومحمد هذا هو ابن سيرين في الحديث المتقدم .
(3) أورده السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 190 في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) عن ابن سعد .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 46 _

84 ـ قال: أخبرنا أبوبكر بن عبد الله بن أبي اويس المدني ، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : ان الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية (1) .
85 ـ قال : أخبرنا شبابة بن سوار ، قال : أخبرني إسرائيل بن يونس ، عن ثوير ابن أبي فاختة ، عن أبيه ، قال : وفدت مع الحسن والحسين إلى معاوية فأجازهما فقبلا (2) .
86 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا شداد الجعفي ، عن جدته أرجوانة ، قالت : أقبل الحسن بن علي وبنوهاشم خلفه ، وجليس لبني امية من أهل الشام ، فقال : من هؤلاء المقبلون ؟ ما أحسن هيئتهم ! فاستقبل الحسن ، فقال : أنت الحسن بن علي ؟ قال : نعم ، قال : أتحب أن يدخلك الله مدخل أبيك ؟ فقال : ويحك ومن أين وقد كانت له من السوابق ما قد سبق ؟ ، قال الرجل : أدخلك الله مدخله فإنه كافر وأنت ! ،فتناوله محمد بن علي من خلف الحسن فلطمه لطمة لزم بالارض فنشر الحسن عليه رداءه ، وقال : عزمة مني عليكم يا بني هاشم لتدخلن المسجد ولتصلن ، وأخذ بيد الرجل فانطلق إلى منزله فكساه حلة وخلى عنه (3) .

---------------------------
(1) هذه أموال قد جعلها الله لنبيه والائمة الهادية من عترته الطاهرة قد استولى عليه الجبابرة بغير حق فما خلوا منها بينهم وبينه استنقذوه منهم ، ولِمَ لا يقبلان جوائزه والمال مالهما وهما أولى به ، فما دفعه إليهما فهما أحق به ، يستنقذونه من مغتصبه وينفقونه في الفقراء وأهل الحاجة ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .
(2) رواه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الحسين ( عليه السلام ) برقم 4 بإسناده عن ابن سعد ، ولاحظ التعليقة السابقة .
(3) قاتل الله الدعايات الكافرة الاموية ضد الاسلام ومبادئه ، كيف قلبوا الحقائق وغيروا المفاهيم وبثوا الدعاية ضد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وحاربوه إعلامياً كما قاتلوه بسيوفهم ، فحاربوا الله ورسوله وخليفته فأعلنوا سبه على المنابر ، وما قامت منابر الاسلام ومنائره إلا بجهوده وجهاده وتضحياته ، فأظهروا له الاحقاد البدرية وقنتوا بلعنه وأمروا بسبه ، وسباب المسلم فسق وقتاله كفر ، فضلاً عن سب صحابي ، فضلاً عن سب خليفة ، وكان من بنود معاهدة الامام الحسن ( عليه السلام ) أن لا يسب أبوه ، ولكن معاوية لم يف بشيء من بنود المعاهدة وجعلها تحت قدميه ، ومن علامات المنافق أنه إذا وعد أخلف ، وكان من جراء ذلك أن أصبح الشاميون يرون أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كافراً ! وهو أول من آمن وصلى ، ولو كشف الغطاء ما ازداد يقيناً ، وهذه كلها أحقاد بدرية ضد الاسلام ونبيه وآل بيته ، وضغائن اموية جاهلية ضد بني هاشم ، وحيث لم تسمح لهم الظروف أن يتجاهروا بسب النبي ( صلى الله عليه وآله ) عمدوا إلى صنوه ووصيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي هو نفسه ( صلى الله عليه وآله ) وسبه ( عليه السلام ) سبه ( صلى الله عليه وآله ) . .
قال أبو عبد الله الجدلي : دخلت على ام سلمة فقالت لي ، أيسب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيكم ؟ ! فقلت : معاذ الله ـ أو : سبحان الله! ! ـ أو كلمة نحوها ، قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من سب علياً فقد سبني .
أخرجه أحمد في المسند 6 / 323 ، وفي فضائل علي ( عليه السلام ) رقم 132 ، والنسائي في خصائص علي ص 24 ، والحاكم في المستدرك 3 / 121 والذهبي في تلخيصه وصححاه .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 47 _

87 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن أبي مسلم ، قال : سمعت الحسن بن علي يزيد في التلبية: لبيك يا ذا النعماء والفضل الحسن (1) .
88 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : أخبرنا مسافر الجصاص ، عن رزيق ابن سوار ، قال : كان بين الحسن بن علي وبين مروان كلام ، فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له وحسن ساكت فامتخط مروان بيمينه ، فقال له الحسن : ويحك، أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج ؟ ! اف لك ، فسكت مروان (2) . 89 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه : ان عمر بن الخطاب لما دون الديوان وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ففرض لكل واحد منهما خمسة الاف درهم (3) .

---------------------------
(1) رواه ابن عساكر برقم 239 بإسناده عن ابن سعد .
(2) رواه ابن عساكر في تأريخه برقم 270 بإسناده عن ابن سعد ، وكذا السيوطي في تأريخ الخلفاء ص 190 عن ابن سعد ، ورزيق ـ مصغراً بتقديم الراء المهملة ـ روى عن الحسن بن علي ، وروى عنه مسافر الجصاص .
التأريخ الكبير للبخاري 3 / 319 ، الاكمال 4 / 47 ، المشتبه 1 / 312 .
(3) رواه أبو عبيد في كتاب الاموال ص 320 برقم 550 ، قال : وحدثت عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن جعفر بن محمد . . . وبرقم 551 : وحدثني نعيم بن حماد ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن جعفر بن محمد . . . ورواه الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) برقم 224 ، وفي ترجمة الحسين ( عليه السلام ) برقم 182 بإسناده عن ابن سعد ، ويأتي هنا أيضاً في ترجمة الامام الحسين عليه السلام برقم 216 .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 48 _

90 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس ، قال : اتخذ الحسن والحسين عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فجعل يقول : هي يا حسن ، خذ يا حسن ، فقالت عائشة : تعين الكبير على الصغير ! فقال : إن جبريل يقول : خذ يا حسين (1) .
91 ـ قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن ثابت بن هريمز ، قال : لما أتى الحسن بن علي قصر المدائن قال المختار لعمه : هل لك في أمر تسود به العرب ؟ قال : وما هو ؟ قال : تدعني أضرب عنق هذا وأذهب برأسه إلى معاوية ! قال : ما ذاك بلاهم عندنا أهل البيت .
92 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن خالد بن مضرب (2) ، قال : سمعت الحسن بن علي يقول : والله لا ابايعكم إلاّ على ما اقول لكم ، قالوا : وما هو ؟ قال : تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربت .

---------------------------
(1) رواه ابن عساكر برقم 181 ، والخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين 1 / 104 بإسنادهما عن ابن سعد، وكذا الذهبي في سير أعلام النبلاء 266 / 3 عن ابن سعد، وفي الاولين : انتجد والصحيح : اتخذ ، ففي لسان العرب ( أ خ ذ ) : وائتخذ القوم يأتخذون ائتخاذاً ، وذلك إذا تصارعوا فأخذ كل منهم مصارعه أخذة يعتقله بها ، وفي سير أعلام النبلاء 3 / 266 عن ابن سعد بلفظ اتّحد‏ ! ويؤيده أنه روي بلفظ المصارعة ، فقد أخرجه الحافظ ابن مندة في أسماء الصحابة، الورقة 3 ب ، وابن ابي شيبة 12242 باسناد آخر بلفظ : اصطرع الحسن والحسين . . ، وابن حجر في الاصابة 1 / 331 ، وابن الاثير في اسد الغابة 1 / 20 في ترجمة الحسين ( عليه السلام ) ، كلهم رووه من طريق الحافظ أبي يعلى: أخبرنا سلمة بن حيان ، حدثنا عمر بن خليفة العبدي ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، كان الحسن والحسين يصطرعان . . . وفي سبل الهدى والرشاد ج 2 الورقة 544 روى ابن السني في معجمه عن أبي هريرة، قال: كان الحسن والحسين يصطرعان ، وروى أبو القاسم البغوي والحارث ابن أبي اسامة ، عن جعفر بن محمد عن آبائه ، قال : إن الحسن والحسين ( عليهما السلام ) كانا يصطرعان . . . وفي المطالب العالية ( المسندة ) الورقة 155 ب : وقال الحارث : حدثنا الحسن بن قتيبة ، حدثنا حسن المعلم ، عن محمد بن علي ، قال : اصطرع الحسن والحسين .
[ المطالب العالية المطبوعة 4 / 71 ].
وفي ذخائر العقبى ص 134 عن ابن المثنى ( أظنه ابن السني ) وابن بنت منيع ( وهو الحافظ البغوي ) ، وفي كنز العمال 13 / 661 عن ابن شاهين ، ولفظه : فاعتركا .
(2) خالد بن مضرّب العبدي الكوفي اخو حارثة بن مضرب ، روى عنه ابو اسحاق الهمداني ، راجع ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري 3 / 173 رقم 590 والجرح والتعديل 3 / 352 رقم 1587 .
أخرجه في المستدرك 3 / 173 بإسناده إلى حارثة بن مضرب .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 49 _

93 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا المغيرة بن زيد الجعفي ، قال: حدثتني جدتي : ان الحسن بن علي دخل على جدتي عائشة بنت خليفة في يوم حار ، فقالت لجاريتها : خوضي له لبناً ، فأخذه فشربه فقالت : تجرّعه ، فقال : إنما يتجرّع أهل النار (1) .
94 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن محمد ابن جحادة ، عن قتادة ، عن أبي السوار الضبعي ، عن الحسن بن علي ، قال : رفع الكتاب وجف القلم ، وامور تقضى في كتاب قد خلا (2) .
95 ـ قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، عن القاسم بن الفضل ، قال : حدثنا أبو هارون ، قال : انطلقنا حجاجاً فدخلنا المدينة ، فقلنا : لو دخلنا على ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحسن فسلمنا عليه ، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا ، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة أربعمائة ، فقلنا : إنا أغنياء وليس بنا حاجة ، فقال : لا تردوا عليه معروفة ، فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا ، فقال : لا تردوا عليّ معروفي فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيراً ، أما إني مزودكم أن الله تبارك وتعالى يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة يقول : عبادي جاؤوني شعثاً ، يتعرضون لرحمتي فاشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم ، وشفعت محسنهم في مسيئهم ، وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك (3) .
96 ـ قال : أخبرنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن عروة : ان الحسن بن علي بن أبي طالب كان يقول إذا طلعت الشمس : سمع سامع بحمد الله الاعظم ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، سمع سامع بحمد الله الامجد لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .

---------------------------
(1) كان في الاصل مغيرة بن يزيد ، والصحيح ما أثبتناه كما في ترجمته من التأريخ الكبير للبخاري 7 / 325 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8 / 221 ، فقد ذكراه في باب الزاي في آباء من يسمى مغيرة ، وقالا : مغيرة بن زيد الجعفي ، عن جدته .
(2) جحادة ـ بتقديم الجيم على الحاء ـ ، وأبو السوار الضبعي ، كذا في الاصل ، وهو في جميع المصادر الرجالية عدوي ، وهو من رجال الصحيحين ، قال في تهذيب التهذيب 12 / 123 : أبو السوار العدوي البصري قيل : اسمه حسان بن حريث . . . روى عن علي بن أبي طالب والحسن بن علي . . . وعنه قتادة . . .
(3) رواه ابن عساكر برقم 254 بالاسناد عن ابن سعد ، وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء 3 / 261 ، الى قوله يوم عرفة .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 50 _

97 ـ قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن شعيب بن يسار : ان الحسن بن علي أتى ابناً لطلحة ابن عبيد الله ، فقال : قد أتيتك بحاجة وليس لي مرد ، قال : وما هي ؟ قال : تزوجني اختك ، قال : إن معاوية كتب إليّ يخطبها على يزيد ، قال : ما لي مرد إذ أتيتك ، فزوجها إياه ، ثم قال : ادخل بأهلك فبعث إليها بحلة ثم دخل بها ، فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى مروان أن خيرها ، فخيرها فاختارت حسناً فأقرها ، ثم خلف عليها بعده حسين .
98 ـ قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي ، قال : حدثنا مسعود ابن سعد ، قال : حدثنا يونس بن عبد الله بن أبي فروة ، عن شرحبيل أبي سعيد(1) ، قال : دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه ، فقال : يا بني وبني أخي ، إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته .

---------------------------
(1) كان في الاصل هنا : أبي سعيد ، وفي الحديث الآتي : أبو سعد وهو الصحيح ، كما في الطبقات 5 / 310 ، قال : شرحبيل بن سعد ، مولى الانصار ، ويكنى أبا سعد . . . وفي الجرح والتعديل 4 / 338 : شرحبيل بن سعد أبو سعد الخطمي الانصاري مولاهم ، وكان عالماً بالمغازي . . . ولم يكن أحد بالمدينة أعلم بالمغازي والبدريين منه فاحتاج ، فكأنهم اتهموه وكانوا يخافون إذا جاء إلى الرجل يطلب منه شيئاً فلم يعطه أن يقول : لم يشهد أبوك بدراً !
أقول: هكذا لعبوا بالتاريخ منذ البداية وقلبوا الحقائق حسب حاجاتهم المادية والسياسية وإلى الله المشتكى ، والحديث رواه البخاري في التاريخ الكبير 8 / 407 عن ابن أبي فروة أن الحسن بن علي جمع بنيه وبني أخيه . . .
ورواه المزي في تهذيب الكمال في ترجمة الحسن عليه السلام ، وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه برقم 283 من طريق الخطيب ، وبرقم 284 من طريق البيهقي عن الحاكم بإسناد آخر .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 51 _

99 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد ربه ، قال : حدثني شرحبيل أبو سعد ، قال : رأيت الحسن والحسين يصليان المكتوبة خلف مروان (1) .
100 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عبيد أبو الوسيم الجمال ، عن سلمان أبي شداد (2) ، قال : كنت الاعب الحسن والحسين بالمداحي ، فكنت إذا أصبت مدحاته فكان يقول لي : يحل لك أن تركب بضعة من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ ! وإذا أصاب مدحاتي قال : أما تحمد ربك أن يركبك بضعة من رسول الله.
101 ـ قال : أخبرنا أبو معاوية وعبد الله بن نمير ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، قال : حدثتني مولاة لنا : ان أبي أرسلها إلى الحسن بن علي فكانت لها رقعة تمسح بها وجهه إذا توضأ ، قالت : فكأني مقته على ذلك فرأيت في المنام كأني أقيء كبدي ، فقلت : ما هذا إلا مما جعلت في نفسي للحسن بن علي (3) .

---------------------------
(1) راجع ترجمة شرحبيل في تعليق الحديث السابق ، وعلى تقدير صدق القضية فإنما كانا يأتمان بمروان وهو أمير المدينة اتقاء شره وأذاه ، ومع ذلك لم يسلما من غوائله حتى بعد الموت ، وهذه هي التقية التي تقول بها الشيعة تبعاً لتعاليم أئمة العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) وأما إخواننا السنيون فيرون الصلاة خلف كل بر وفاجر .
(2) كان في الاصل : سليمان ، فصححناه على التاريخ الكبير للبخاري 4 / 138 ، قال : سلمان أبو شداد رجل من أهل المدينة ، سمع ام سلمة وأبا رافع والحسين بن علي ، روى عنه عبيد أبو الوسيم، ونحوه في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2 / 298 و 3 / 7 ، وهذا الاثر رواه ابن عساكر في ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) ص 136 عن ابن سعد ، وأخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير 3 / 14 برقم 2565 بطرق عن عبيد .
(3) أخرجه ابن عساكر برقم 232 بغير هذا الاسناد واللفظ .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 52 _

102 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن أبي معشر ، عن محمد الضمري ، عن زيد ابن أرقم ، قال : خرج الحسن بن علي وعليه بردة ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب ، فعثر الحسن فسقط ، فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من المنبر وابتدره الناس فحملوه ، وتلقاه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فحمله ووضعه في حجره ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إن للولد لفتنة ، ولقد نزلت إليه وما أدري اين هو ؟ ! (1) .
103 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد (2) ، عن أبي عبد الرحمن العجلاني ، عن سعيد ابن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : قال : تفاخر قوم من قريش فذكر كل رجل ما فيهم ، فقال معاوية للحسن : يا أبا محمد ما يمنعك من القول ، فما أنت بكليل اللسان ، قال : يا أمير المؤمنين ! ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولبابها ، ثم قال :
فـيم الكلام وقد سبقت مبرزاًسبق الجياد من المدا المتنفسِ
104 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد : ان معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش : أخبرني عن الحسن بن علي، قال : يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجل له شرف وإلا أتاه فيتحدثون ، حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ثم نهض فيأتي امهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه ، ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك ، فقال : ما نحن معه في شيء (3) .

---------------------------
(1) علي بن محمد هو أبو الحسن المدائني ، وأبو معشر هو نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني ، من رجال السنن الاربعة [ الطبقات 5 / 418 ، تهذيب التهذيب 10 / 419 ] ، والضمري ـ بفتح فسكون ـ نسبة إلى بني ضمرة .
والحديث رواه البلاذري في أنساب الاشراف برقم 4 عن المدائني بالاسناد ، والحافظ ابن عساكر في تأريخه برقم 152 من طريق ابن سعد ، وأخرجه الحافظان ابن خزيمة وأبو يعلى بطرقهما في الحسن والحسين عليهما السلام ، كما ذكره ابن كثير في تأريخه 8 / 35 ، ثم قال : وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث الحسين بن واقد ، وقال الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديثه ، وقد رواه محمد الضمري عن زيد بن أرقم فذكر القصة للحسن وحده ـ إهـ ـ ، وأخرجه الحافظ ابن عساكر برقم 152 بإسناده عن ابن سعد ، وأخرجه قبله من طريق الحافظ ابن خزيمة .
(2) علي بن محمد هو المدائني ، ولكن اللذين بعده لم أعرفهما رغم الفحص عنهما ، والحديث رواه البلاذري في أنساب الاشراف ص 15 برقم 17 عن المدائني بالاسناد واللفظ ، كما أخرجه الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) من تأريخ مدينة دمشق بإسناده عن ابن سعد برقم 244 .
(3) علي بن محمد هو المدائني ، وكان بعده في الاصل : « عن محمد » مكرر زائد فحذفناه ، وقد رواه البلاذري في أنساب الاشراف برقم 27 عن المدائني عن العبدي دون واسطة بينهما ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه برقم 231 من طريق ابن سعد عن المدائني عن العبدي من غير واسطة بينهما .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 53 _

105 ـ قال : أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي إدريس ، عن المسيب بن نجبة ، قال : سمعت [ علياً ] يقول : ألا احدثكم عني وعن أهل بيتي ؟ أما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، وأما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان ، فتى من فتيان قريش لو قد التقت حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئاً ! وأما أنا وحسين فنحن منكم وأنتم منا (1) .
106 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن سليمان بن أيوب ، عن الاسود بن قيس العبدي ، قال : لقي الحسن بن علي يوماً حبيب بن مسلمة فقال له : يا حبيب ، رب مسير لك في غير طاعة الله ، فقال : أما مسيري إلى أبيك فليس من ذلك قال : بلى ، ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك ، ولو كنت إذ فعلت شراً قلت خيراً كان ذاك كما قال الله تبارك وتعالى « خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا » ولكنك كما قال جل ثناؤه : « كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ » (2) .

---------------------------
(1) كيف يصح الحديث وعلي ( عليه السلام ) هو الذي كان يجد صولة الحسن والحسين ( عليهما السلام ) في صفين وعدم مبالاتهما بالموت وعدم تهيبهما الجموع المحتشدة التي زلزلت محمد بن الحنفية وهو ذلك الشجاع المقدام ، حتى انتهره علي ( عليه السلام ) بقوله : « أدركك عرق من امك ؟ ! » .
أما هما فلم يظهر عليهما غير الجلد والاقدام والمخاطرة بالنفس ، حتى قال علي ( عليه السلام ) ـ كما في النهج ـ مخاطبًا أصحابه : « املكوا عني هذين الغلامين فإني أنفس بهما أن ينقطع نسل رسول الله » .
(2) رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق رقم 238 من طريق ابن سعد ، وأورده سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الامة ص 196 عن ابن سعد في الطبقات ، ثم قال : ورواه جدي في الصفوة .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 54 _

107 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن خلاد بن عبيدة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : حج الحسن بن علي خمس عشرة حجة ماشياً وأن النجائب لتقاد معه ، وخرّج من ماله لله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى إن كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ويعطي خفاً ويمسك خفاً (1) .
108 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة : ان أبا بكر ( رضي الله عنه ) خطب يوماً فجاء الحسن فصعد إليه المنبر ، فقال : انزل عن منبر أبي ، فقال علي : إن هذا لشيء عن غير ملأٍ منا (2) .
109 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي ، قال : سمعت عبد الله بن حسن يقول : كان حسن بن علي قلما تفارقه أربع حرائر فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري ، وعنده امرأة من بني أسد من آل خزيم ، فطلقهما وبعث إلى كل واحدة بعشرة آلاف درهم وزقاق من عسل متعة ، وقال لرسوله يسار بن سعيد بن يسار ـ وهو مولاه ـ : احفظ ما تقولان لك، فقالت الفزارية : بارك الله فيه وجزاه خيراً ، وقالت الاسدية : متاع قليل من حبيب مفارق ، فرجع فأخبره ، فراجع الاسدية وترك الفزارية (3) .
110 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، قال : قال علي : ما زال الحسن بن علي يتزوج ويطلق حتى خشيت أن يكون يورثنا عداوة في القبائل (4) .
111 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، قال : قال علي : يا أهل الكوفة ، لا تزوجوا الحسن بن علي فإنه رجل مطلاق فقال رجل من همدان : والله لنزوجنه ، فما رضي أمسك وما كره طلق (5) .

---------------------------
(1) رواه البلاذري في أنساب الاشراف برقم 6 عن المدائني بالاسناد واللفظ ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه برقم 238 من طريق ابن سعد كما أخرجه من عدة وجوه ، وأورده الحافظ المزي في تهذيب الكمال في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) ، وسبط ابن الجوزة في تذكرة خواص الامة ص 196 ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 190 ، كلهم عن ابن سعد في الطبقات ، وقال السبط ، رواه جدي في الصفوة ، وفي تهذيب الكمال : « خلاد بن عبيد » ، والصحيح ما في الطبقات وغيره ، وقال ابن ماكولا في الاكمال 6 / 47 في باب عبيدة، بالتاء وضم العين : خلاد بن عبيدة ، روى عن علي بن زيد ، روى عنه المدائني ، وكان في الاصل : علي بن زيد ، عن جدعان، وهو خطأ واضح .
(2) رواه البلاذري في أنساب الاشراف ج 3 ص 26 برقم 41 عن عبد الله بن صالح ، عن حماد ، ويأتي في صفحة 219 ، أن الحسين ( عليه السلام ) صعد إلى عمر فقال له : إنزل عن منبر أبي .
(3) رواه ابن عساكر في تاريخه ص 152 عن ابن سعد ، وراجع تعليق الحديث الثالث التالي .
(4 و 5) إشارة واحدة من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كانت تكفي في أن يمتنع الحسن ( عليه السلام ) عما لا يرتضيه له أبوه وولي أمره وأمير المسلمين جميعاً ، وما حاجته إلى أن ينهى الجماهير عن أن يزوجوه ؟ ! فلو نهى ابنه سراً لاطاعه ولما احتاج إلى أن ينهى الناس علانية فيعصونه، ولكنها أساطير الاولين اكتتبها .
  وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أعرف الناس بطواعية ابنه البار له ، وإنه المعصوم المطهر بنص الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة ، وقد نص هو أيضاً على عصمته فيما أخرجه الحافظ أبو سعيد بن الاعرابي في معجمه الورقة 157 / أ : أخبرنا داود [ ابن يحيى الدهقان ] ، أخبرنا بكار بن أحمد ، أخبرنا إسحاق ـ يعني ابن يزيد ـ ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن العلاء بن صالح ، عن طارق بن شهاب ، قال : سمعت عليا يقول : المعصوم منا أهل البيت خمسة : رسول الله وأنا وفاطمة والحسن والحسين ، وراجع تعليق الحديث الآتي .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 55 _

112 ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني علي بن عمر، عن أبيه ، عن علي ابن حسين ، قال : كان الحسن بن علي مطلاقاً للنساء ، وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه (1) .

---------------------------
(1) محمد بن عمر هو الواقدي ، وعلي بن عمر ـ في هذه الطبقة ـ نكرة ، هو وأبوه مجهولان، قال الذهبي في ميزان الاعتدال 3 / 148 : علي بن عمر الدمشقي ، عن أبيه ، وعنه بقية ، لا يدرى من هو ؟ !
ولقد تعددت القصص عن زوجات الحسن ( عليه السلام ) وطلاقه ! والذي يبدو أنها حيكت بعده بفترة ، وإلا فطيلة حياته ( عليه السلام ) لم نر معاوية ولا واحداً من زبانيته عاب الحسن ( عليه السلام ) بذلك ولا بكته بشيء من هذا القبيل وهو الذي كان يتسقط عثرات الحسن ( عليه السلام ) فلم يجد فيه ما يشينه وهو ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً .
ولو كان هناك بعض الشيء لزمر له معاوية وطبل هو وكل أجهزة إعلامه ، أضف إلى ذلك كله أن المراجع التاريخية وكتب الانساب والرجال بين أيدينا لا تعد له من النساء والاولاد أكثر من المعتاد في ذلك العصر ، فلا نساؤه أكثر من نساء أبيه ـ مثلاً ـ ولا أولاده أكثر من أولاده ، فلو كان أحصن سبعين امرأة أو تسعين لكان أولاده يعدون بالمئات .
وهذا ابن سعد إقرأ صدر هذه الترجمة لا تجده سمى للحسن ( عليه السلام ) أكثر من ست نساء وأربع امهات أولاد، والمدائني كذلك لم يعد للحسن ( عليه السلام ) أكثر من عشر نساء كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 / 21 .
وقد بسط علماؤنا القول في ذلك ودفعوا كل الشبه والتمويهات فاقرأ مثلاً : حياة الامام الحسن ( عليه السلام ) للعلامة النقاد الشيخ باقر شريف القرشي ، راجع ج2 ص 451 ـ 472 .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 56 _

113 ـ قال: أخبرنا علي بن محمد ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزام ، قال : خطب الحسن بن علي امرأة من بني همام بن شيبان ، فقيل له : إنها ترى رأي الخوارج ! فقال : إني أكره أن أضم إلى صدري جمرة من جهنم (1) .
114 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الهذلي ، عن ابن سيرين ، قال : كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وكان أبا عذرتها فطلقها ، فتزوجها عبد الله بن عامر بن كريز ثم طلقها ، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية ، فلقيه الحسن بن علي فقال : أين تريد ؟ قال : أخطب هند بنت سهيل بن عمرو على يزيد بن معاوية ، قال : اذكرني لها ، فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر ، فقالت : خر لي ، قال : أختار لك الحسن ، فتزوجها ، فقدم عبد الله بن عامر المدينة فقال للحسن : إن لي عندها وديعة ، فدخل إليها والحسن معه وجلست بين [ يديه ] فرق ابن عامر ، فقال الحسن : ألا أنزل لك عنها ؟ فلا أراك تجد محللاً خيراً لكما مني ، فقال : وديعتي ، فأخرجت سفطين فيهما جوهر ففتحهما فأخذ من واحد قبضة وترك الباقي ، فكانت تقول : سيدهم جميعاً الحسن ، وأسخاهم ابن عامر ، وأحبهم إليّ عبدالرحمن بن عتاب (2) .

---------------------------
(1) رواه البلاذري في أنساب الاشراف برقم 13 عن المدائني . . . وفيه : امرأة من بني شيبان ، وأورده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16 | 21 عن المدائني وفيه : امرأة من بني شيبان من آل همام بن مرة . . . وهو الصحيح ، فإن همام بن شيبان هو همام بن مرة بن ذهل بن شيبان من بكر بن وائل ، راجع معجم قبائل العرب ص 1225 ، وعند البلاذري وابن أبي الحديد : جمرة من جمر جهنم .
هذا وقد صح عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من وجوه كثيرة أنه قال : « الخوارج كلاب أهل النار » ، أخرجه الحفاظ بطرق كثيرة منهم : أبو داود الطيالسي في مسنده ، وابن أبي شيبة في المصنف ، وأحمد في المسند ، وابن ماجة في السنن ، والحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، والطبري في تهذيب الاثار، والطبراني في المعجم الكبير ، والحاكم في المستدرك ، كلهم عن عبد الله بن أبي أؤفى ، وأخرجه أحمد في المسند ، وابن خزيمة في صحيحه ، والطبراني في المعجم الكبير ، والحاكم في المستدرك ، والضياء المقدسي في المختارة ، كلهم عن أبي امامة الباهلي ، وعنهم جميعاً الحافظ السيوطي في جمع الجوامع 1|410 ، وفي الجامع الصغير 2 | 19 جعل عليه « صح » وهو رمز الحديث الصحيح .
(2) رواه البلاذري برقم 26 عن المدائني باختلاف يسير ، وما بين المعقوفين منه .

ترجمة الامام الحسن ( عليه السلام ) _ 57 _

115 ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن ابن جعدبة ، عن ابن أبي مليكة ، قال : تزوج الحسن بن علي خولة بنت منظور ، فبات ليلة على سطح أجم ، فشدت خمارها برجله والطرف الاخر بخلخالها ، فقام من الليل فقال : ما هذا ؟ قالت : خفت أن تقوم من الليل بوسنك فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب ، فأحبها فأقام عندها سبعة أيام ، فقال ابن عمر : لم نر أبا محمد منذ أيام ، فانطلقوا بنا إليه ، فأتوه ، فقالت له خولة : إحتبسهم حتى نهيء لهم غذاء ، قال : نعم ، قال ابن عمر : فابتدأ الحسن حديثا ألهاناً بالاستماع إعجاباً به حتى جاءنا الطعام ، قال علي بن محمد : وقال قوم : التي شدت خمارها برجله هند بنت سهيل ابن عمرو ، وكان الحسن أحصن تسعين امرأة ! (1) .
116 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين وهشام أبو الوليد ، قالا : حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، قال : خطبنا الحسن بن علي وعليه ثياب سود وعمامة سوداء (2) .
117 ـ قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا أبو الاحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي العلاء ، قال : رأيت الحسن بن علي يصلي وهو مقنع رأسه . .

---------------------------
(1) رواه ابن عساكر ص 152 عن ابن سعد ، والاجم ، قال في تاج العروس 8 | 180 : بالفتح ، كل بيت مربع مسطح ، وحصن بالمدينة مبني بالحجارة عن ابن السكيت ، وفي معجم البلدان : اجم ـ بضم أوله وثانيه ـ وهو واحد أجام المدينة وهو بمعنى الاطم ، وأجام المدينة وأطامها : حصونها وقصورها وهي كثيرة لها ذكر في الاخبار ، وقال ابن السكيت : اجم حصن بناه أهل المدينة من حجارة ، وقال : كل بيت مربع مسطح فهو أجم .
(2) أبو رزين : تقدم التعريف به في التعليق رقم 58 ، وخطبة الحسن ( عليه السلام ) هذه هي التي بعد مقتل أبيه ولهذا كان عليه ثياب سود حداداً على أبيه ، وذكر ذلك المدائني أيضاً ، كما حكاه عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 16 | 22 ، قال : قال المدائني : ولما توفي علي ( عليه السلام ) . . . فخرج الحسن ( عليه السلام ) فخطبهم . . . وكان خرج إليهم وعليه ثياب سود . . .