ونذكر من هذه العقائد على سبيل المثال :
  تركيز الاعتقاد بلزوم الخضوع للحاكم ، مهما كان ظالماً ومتجبراً وعاتباً ـ وهي عقيدة مأخوذة من النصارى ، حسب نص الإنجيل (1) ـ وقد وضعوا الأحاديث الكثيرة على لسان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتأييد ما يرمون إليه في هذا المجال (2) وقد أصبح ذلك من عقائدهم (3) .
  ومن قبيل الإصرار على عقيدة الجبر ، التي هي من بقايا عقائد المشركين ، وأهل الكتاب (4) ، الأمر الذي يعني : أن كل تحرك ضد حكام الجور لا يجدي

---------------------------
(1) راجع رسالة بولس إلى أهل رومية ، وراجع الهدى إلى دين المصطفى ج 2 ص 316 .
(2) راجع : سنن البيهقي ج 8 ص 157 و 159 و 164 و ج 4 ص 115 و ج 6 ص 310 . وصحيح مسلم ج 6 ص 17 و 20 ج 2 ص 119 و 122 وكنز العمال ج 5 ص 465 و ج 3 ص 168 و 167 و 170 والعقد الفريد ج 1 ص 8 و 9 والمصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 329 ـ 335 و 339 ـ 344 ولباب الآداب ص 260 والدر المثور ج 2 ص 177 و178 و 176 ومقدمة ابن خلدون ص 194 والإسرائيليات في التفسير والحديث ، ونظرية الإمامة ص 417 وقبلها وبعدها ، وتاريخ بغداد ج 5 ص 274 وطبقات الحنابلة ج 3 ص 58 و ص 56 ، والإبانة للأشعري ص 9 ومقالات الإسلاميين ج 1 ص 323 ومسند أحمد ج 2 ص 28 و ج 4 ص 382 | 383 البداية والنهاية ج 4 ص 249 و 226 ومجمع الزوائد ج 5 ص 229 و 224 وحياة الصحابة ج 2 ص 68 و 69 و 72 و ج 1 ص 12 والإصابة ج 2 ص 296 والكنى والألقاب ج 1 ص 167 والاذكياء ص 142 و الغدير ج 7 ص 136 حتى ص 146 و ج 6 ص 117 و 128 و ج 9 ص 393 و ج 10 ص 46 و 302 و ج 8 ص 256 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 513 و 290 والسنة قبل التدوين ص 467 ونهاية الإرب ج 6 ص 12 و 13 ولسان الميزان ج 3 ص 387 و ج 6 ص 226 عن أبي الدرداء رفعه : ( صلوا خلف كل إمام ، وقاتلوا مع كل أمير ) وراجع : المجروحون لابن حبان ج 2 ص 102 .
(3) راجع كتابنا : الحياة السياسية للإمام الرضا (ع) ص 312 متناً وهامشاً .
(4) راجع : الكفاية في علم الرواية للخطيب ص 166 وجامع بيان العلم ج 2 ص 148 و 149 و 150 وضحى الإسلام ج 3 ص 81 زشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 1 ص 340 و ج 12 ص 78 | 79 وقاموس الرجال ج 6 ص 36 ، والإمامة والسياسة ج 1 ص 183 والغدير ج 9 ص 34 و 95 و 192 و ج 5 ص 365 و ج 10 ص 333 و 245 و 249 و ج 7 ص 147 و 154 و 158 و ج 8 ص132 والإخبار الدخيلة ( المستدرك ) =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 83 _

  ولا ينفع ، ما دام الإنسان مجبراً على كل حركة ، ومسيراً في كل موقف ... ثم هناك عقيدة : أنه لا تضر مع الإيمان معصية ، وأن الإيمان اعتقاد بالقلب ، وإن أعلن الكفر ...
  قالوا : ( الإيمان عقد بالقلب ، وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية ، وعبد الأوثان ، أو لزم اليهودية ، أو النصرانية في دار الإسلام ، وعبد الصليب ، وأعلن

---------------------------
=
ج 1 ص 193 و 197 ومقارنة الإديان ( اليهودية ) ص 271 و 249 وأنيس الأعلام ج 1 ص 279 و 257 والتوحيد وإثبات صفات الرب ص 82 و 80 و 81 ومقدمة ابن خلدون ص 143 و 144 والإغاني ج 3 ص 76 ، وتأويل مختلف الحديث ص 35 والعقد الفريد ج 1 ص 206 و ج 2 ص 112 وتاريخ الطبري ط الاستقامة ج 2 ص 445 وبحوث مع أهل السنة والسلفية من ص 43 حتى 49 عن العديد من المصادر ، والمغزي للواقدي ص 904 وربيع الأبرار ج 1 ص 821 والموطأ ج 3 ص 92 و 93 وطبقات ابن سعد ج 7 ص 417 و ج 5 ص 148 وأنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 2 ص 265 و 83 |84 ومصابيح السنة للبغوي ج 2 ص 67 ومناقب الشافعي ج 1 ص 17 والبخاري ج 8 ص 208 وفي خطط المقريزي ج 3 ص 297 : إن جهماً انفرد بالقول بجواز الخروج عل السلطان الجائر ... وحياة الصحابة ج 2 ص 12 و 95 و 94 و 330 و ج 3 ص 229 و 487 و 492 و 501 و 529 عن المصادر التالية : كنز العمال ج 3 ص 138 | 139 و ج 8 ص 208 و ج 1 ص 86 ، وصحيح مسلم ج 2 ص 86 وأبي داود ج 2 ص 16 والترمذي ج 1 ص 202 وابن ماجة ج 1 ص 209 وسنن البيهقي ج 9 ص 50 و ج 6 ص 349 ومسند أحمد ج 5 ص 245 ومجمع الزوائد ج 6 ص 3 و ج 1 ص 135 والطبري في تاريخه مقتل برير و ج 4 ص 124 و ج 3 ص 281 والبداية والنهاية ج 7 ص 79 ، انتهى .
  والمعتزلة ص 7 و 87 و 39 | 40 و 91 و 201 و 265 عن المصادر التالية : المنية والأمل ص 12 وعن الخطط ج 4 ص 181 | 182 و 186 والملل والنحل ج 1 ص 97 | 98 والعقائد النسفية ص 85 ووفيات الأعيان ص 494 والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 3 ص 45 عن الطبري ج 6 ص 33 و ج 3 ص 207 وعن الترمذي ص 508 في رسالة عمر بن عبد العزيز ... والتصريح بذلك في الكتب الكلامية ، وكتب فرق أهل السنة ، لا يكاد يحصى كثرة ، وكنت قد جمعت فيما مضى قسماً كبيراً من كلمات التوراة وغيرها حول هذا الموضوع ، أسأل الله التوفيق لإتمامه .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 84 _

  التثليث ، في دار الإسلام ، ومات على ذلك ) (1) .
  وهذه العقيدة ، وإن كانت هي عقيدة المرجئة ، إلا أنها كانت عامة في الناس آنئذٍ ، حيث لم يكن المذهب العقائدي لأهل السنة قد غلب وشاع بعد .
  ومعنى هذا ... هو أن الحكام مؤمنون مهما ارتكبوا من جرائم وعظائم ، بل إنهم ليقولون : إن يزيد بن عبد الملك أراد أن بسيرة عمر عمر بن عبد العزيز ، فشهد له أربعون شيخاً : أن ليس على الخليفة حساب ولا عذاب (2) .
  وحينما دعا الوليد الحجاج ليشرب النبيذ معه ، قال له : ( يا أمير المؤمنين ، الحلال ما حللت ) (3) .
  بل إننا لنجد الحجاج نفسه يدَّعي نزول الوحي عليه ، وأنه لا يعمل إلا بوحي من الله تعالى (4) ... كما يدعي نزول الوحي على الخليفة أيضاً (5) ...

و : قدسية النبي صلى الله عليه وآله :
  هذا كله ... فضلاً عن سياستهم القاضية بتقليص نسبة الاحترام والتقديس للرسول صلى الله عليه وآله ، وتفضيل الخليفة عليه ... بل وسلب معنى العصنة عن النبي صلى الله عليه وآله ، حتى لقد قالت قريش ـ في حياة الرسول ـ في محاولة منها لمنع عبد الله بن عمرو بن العاص من كتابه أقواله صلى الله عليه وآله : إنه بشر يرضى

---------------------------
(1) الفصل في الملل والأهواء والنحل ج 4 ص 204 .
(2) البداية والنهاية ج 9 ص 232 وراجع : تاريخ الخلفاء ص 246 وراجع ص 223 .
(3) تهذيب تاريخ دمشق ج 4 ص 70 .
(4) تهذيب تاريخ دمشق ج 4 ص 73 وراجع الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 1 ص 115 .
(5) تهذيب تاريخ دمشق ج 4 ص 72 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 85 _

  ويغضب (1) ...
  بل لقد حاولوا المنع من التسمية باسمه صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد نجحوا في ذلك بعض الشيء (2) ...
  كما أن معاوية يتأسف ، لأنه يرى : أن اسم النبي المبارك يذكر في الاذان ويُقْسِم على دفن هذا الاسم (3) ...
  إلى غير ذلك من الوقائع الكثير جداً ... وقد ذكرنا شطراً منها في تمهيد كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن أراده فليراجعه .
  ولعل ذلك قد كان يهدف إلى فسح المجال للمخالفات ، التي كان يمكن أن تصدر عن الحكام ، والتقليل من شأن وأثر وأهمية ما كان يصدر عنه صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال ومواقف سلبية تجاه بعض أركان الهيئة الحاكمة ، أو من تؤهلهم لتولي الأمور الجليلة في المستقبل ، ثم التقليل من شأن مواقفه صلى الله عليه وآله الإيجابية تجاه خصوم الهيئة الحاكمة ، أو من ترى فيهم منافسين لها .

ز : تولية المفضول :
  ويدخل أيضاً في خيوط هذه السياسة : القول بجواز تولية المفضول مع

---------------------------
(1) راجع : سنن الدرامي ج 1 ص 125 وجامع بيان العلم ج 1 ص 85 وليراجع ج 2 ص 62 و 63 ومستدرك الحاكم ج 1 ص 104 | 105 وتلخيصه للذهبي بهامشه وليراجع أيضاً سنن أبي داود ج 3 |318 والزهد والرقائق ص 315 والغدير ج 11 ص 91 و ج 6 ص 308 و 309 والمصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 34 و 35 و ج 11 ص 237 وإحياء علوم الدين ج 3 ص 171 وتمهيد كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى عليه وآله وسلم ... وغير ذلك كثير .
(2) الغدير ج 6 ص 309 عن عمدة القاري ج 7 ص 143 والجزء الأول من كتابنا : الصحيح في سيرة النبي (ص) .
(3) الموفقيات ص 577 ومروج الذهب ج 3 ص 454 وشرح النهج للمعتزلي ج 5 ص 129 و 130 وقاموس الرجال ج 9 ص 20 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 86_

  وجود الفضل ، كما هو رأي أبي بكر (1) الذي صار أيضاً رأي المعتزلة فيما بعد ... وذلك عندما فشلت محاولاتهم التي ترمي لرفع شأن الخلفاء ، الذين ابتزوا علياً حقه في أن فشلت محاولاتهم في الحط من عليّ (2) ، ووضع الأحاديث الباطلة في ذمه ... والعمل على جعل الناس ينسون فضائله وكراماته ... حيث لم يجدهم كل ما وضعوه واختلقوه في هذا السبيل شيئاً ولا أفاد قتيلاً ...

ح : سياسة التجهيل :
  وهناك سياسة التجهيل التي كانت تتعرض لها الأمة من قبل الحكام ، ولا سيما أهل الشام ... ويكفي أن نذكر : أن البعض ( قال لرجل من أهل الشام ـ من زعمائهم وأهل الرأي والعقل منهم ـ : من أبو تراب هذا الذي يلعنه الأمام على المنبر ؟ ! فقال : أراه لصاً من لصوص الفتن ) (3) !!
  وفي صفين يسأل هاشم المرقال بعض مقاتلي أهل الشام : عن السبب الذي دعاه للمشاركة في تلك الحرب ، فيعلل ذلك بأنهم أخبروه : أن علياً عليه السلام لا يصلي (4)

---------------------------
(1) الغدير ج 7 ص 131 عن السيرة الحلبية ج 3 ص 386 ، ونقل أيضاً عن الباقلاني في التمهيد ص 195 إشارة إلى ذلك ...
(2) راجع على سبيل المثال : الأغاني ط ساسي ج 19 ص 59 .
(3) مروج الذهب ج 3 ص 38 .
(4) تاريخ الطبري ج 4 ص 30 والكامل لابن الأثير ج 3 ص 313 والفتوح لابن اعثم ج 3 ص 196 وصفين ليصر بن مزاحم ص 354 وشرح النهج للمعتزلي ج 8 ص 36 والغدير ج 10 ص 122 و 290 عن أكثر من تقدم ، وأنساب الأشراف ، بتحقيق المحمودي ج 2 ص 184 وترجمة الإمام علي عليه السلام لابن عساكر بتحقيق المحمودي ج 3 ص 99 ونقله المحمودي عن ابن عساكر ج 38 حديث رقم 1139 ، وراجع : المعيار والموازنة ص 160 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 87 _

  وبلغ معاوية : أن قوماً من أهل الشام يجالسون الأشتر وأصحابه ، فكتب إلى عثمان : ( إنك بعثت إلي قوماً أفسدوا مصرهم وانغلوه ، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قِبَلي ، ويعلموهم ما لا يحسنونه ، حتى تعود سلامتهم غائلة ) (1) .
  قال ابن الاسكافي : ( فبلغ من عنايتهم في هذا الباب : أن أخذوا معلميهم بتعليم الصبيان في الكتاتيب، لينشئوا عليه صغيرهم ، ولا يخرج من قلب كبيرهم ، وجعلوا لذلك رسالة يتدارسونها بينهم ، ويكتب لهم مبتدأ الأئمة : أبو بكر بن أبي قحافة ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، ومعاوية بن أبي سفيان ، حتى ان أكثر العامة منهم ما يعرف علي بن أبي طالب ولا نسبه ، ولا يجري على لسان أحد منهم ذكره .
  ومما يؤكد هذا ما يؤثر عن محمد بن الحنفية يوم الجمل ، قال : حملت على رجل فلما غشيته برمحي قال : أنا على دين عمر بن أبي طالب وقال : فعلمت أنه يريد علياً فأمسكت عنه (2) .
  وجاء حمصي إلى عثمان بنصيحة ، وهي : ( لا تكل المؤمن إلى إيمانه ، حتى تعطيه من المال ما يصلحه ، أو قال : ما يعيشه ـ ولا تكل ذا الأمانة إلى أمانته حتى تطالعه في عملك ، ولا ترسل السقيم إلى البرئ ليبرئه ، فإن الله يبرئ السقيم ، وقد يسقم البرئ ، قال : ما أردت إلا الخير ـ قال : فردهم ، وهم زيد بن صوحان ، وأصحابه ) (3) .
  وقدمنا : أنه قد حلف للسفاح جماعة من قواد أهل الشام ، وأهل الرياسة والنعم فيها : أنهم ما كانوا يعرفون أهل البيت للنبي صلى الله عليه وآله يرثونه غير بني أمية ...

---------------------------
(1) أنساب الأشراف ج 5 ص 43 ، والغدير ج 9 ص 32 ، وليراجع البداية والنهاية ج 7 ص 165 .
(2) المعيار والموازنة ص 19 .
(3) المصنف ج 11 ص 334 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 88 _

  بل إن أهل الشام يقبلون من معاوية أن يصلي بهم ـ حين مسيرهم إلى صفين ـ صلاة الجمعة في يوم الأربعاء ، كما قيل (1) .
  وفي وصية معاوية ليزيد : ( وانظر أهل الشام ، وليكونوا بطانتك ، فإن رابك شيء فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم : فاردد أهل الشام إلى بلادهم ، فإنهم إن أقاموا بها تغيرت أخلاقهم ) (2) .
  وحينما وقف أبو ذر في وجه طغيان معاوية ، وأثرته ، وانحرافاته ، في الشام ، قال حبيب بن مسلمة لمعاوية : ( إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام ، فتدارك أهله ، إن كان لك فيه حاجة (3) .
  وحسب نص آخر : ( إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله : كيت وكيت ، فكتب معاوية إلى عثمان بذلك ، فكتب عثمان : أخرجه إلي ، فلما صار إلى المدينة ، نفاه إلى الربذة ) (4) .
  وحينما جاء المصريون إلى المدينة يسألون عمر عن سبب عدم العمل ببعض الأحكام القرآنية ، أجابهم بقوله : ( ثكلت عمر أمُّه ، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ، وقد علم ربنا : أن سيكون لنا سيئات ؟ ، وتلا : ( إن تجتنبوا كبائِر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ، وندخلكم مدخلاً كريماً ) هل علم أهل المدينة فيما قدمتم ؟ ! قالوا : لا . قال لو علموا لوعظت بكم ) .
  قال لهم هذا بعد أن أخذ منهم اعترافاً بأنهم لم يحصوا القرآن لا بالبصر ، ولا في اللفظ ، ولا في الأثر (5) .
  وبعد كلام جرى بين معاوية ، وعكرشة بنت الأطرش بن رواحة ، قال لها

---------------------------
(1) مروج الذهب ج 3 ص 32 والغدير ج 10 ص 196 عنه .
(2) الفخري في الآداب السلطانية ص 112 والعقد الفريد ج 3 ص 373 مع تفاوت يسير .
(3) الغدير ج 8 ص 304 عن ابن أبي الحديد .
(4) الأمالي للشيخ المفيد ص 122 .
(5) حياة الصحابة ج 3 ص 260 عن كنز العمال ج 1 ص 228 عن ابن جرير .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 89 _

  معاوية : ( هيهات يا أهل العراق ، نبهكم علي بن أبي طالب ، فلن تطاقوا ، ثم أمر برد صدقاتهم فيهم ، وإنصافها ) (1) .
  والعجيب في الأمر هنا : أننا نجد عمر بن الخطاب يصر على الهمدانيين ـ إصراراً عجيباً ـ أن لا يذهبوا إلى الشام ، وإنما إلى العراق (2) !! ...
  ونظير ذلك أيضاً قد جرى لقبيلة بجيلة ، فراجع (3) .
  وقال عبد الملك بن مروان لولده سليمان ، حينما أخبره : أنه أراد أن يكتب سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومغازيه ، ورأى ما للأنصارمن المقام المحمود في العقبتين ، قال له : ( وما حاجتك أن تُقدِم بكتاب ليس لنا فيه فضل ، تعرِّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها ؟ ! ) ، فأخبره بتخريقه ما كان نسخه فصوب رأيه (4) .
  وحينما طلب البعض من معاوية : أن يكف عن لعن علي عليه السلام ، قال : ( لا والله ، حتى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر ذاكر له فضلاً ) (5) .
  وحينما أرسل علي عليه السلام إلى معاوية كتاباً فيه :
محمد النبي أخي وصهري      وحمزة سيد الشهداء iiعمّي
  الأبيات ...

---------------------------
(1) العقد الفريد ج 2 ص 112 وبلاغات النساء ص 104 ط دار النهضة وليراجع صبح الأعشى أيضاً .
(2) المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 50 .
(3) راجع : الكامل في التاريخ ج 2 ص 441 .
(4) أخبار الموفقيات ص 332 ـ 334 وليراجع الأغاني ط ساسي ج 19 ص 59 في قضية أخرى .
(5) شرح النهج للمعتزلي ج 4 ص 57 والإمام الحسن بن علي عليه السلام لآل يس ص 125 ، والنصائح الكافية ص 72 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 90 _

  ( قال معاوية : أخفوا هذا الكتاب ، لا يقرأه أهل الشام : فيميلون إلى علي بن أبي طالب ) (1) .
  وليراجع كلام المدائني في هذا المجال ، فإنه مهم أيضاً (2) .

عليُّ عليه السلام يبثّ العلم والإيمان :
  ولكن أمير المؤمنين عليه السلام قد حاول بكل ما أوتي من قوة وحول : أن يبث المعارف الإسلامية في الناس ، وينقذهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم ، حتى لقد قال ـ كما سيأتي ـ : ( وركزت فيكم راية الإيمان ، ووقفتكم على معالم الحلال والحرام ) ، هذاً فضلاً عن التوعية السياسية ، التي كان هو ووُلْدُه الأماجد يتمون في بثها وتركيزها .

ط : موقفهم من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله :
  ثم هناك التدبير الذكي والدقيق ، الذي كان من شأنه أن يحرم الأمة من الإطلاع على كثير من توجيهات ، وأقوال ، وقرارات ، ومواقف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، المتمثلة في المنع عن رواية الحديث النبوي مطلقاً ، أو ببينة ، والضرب ، ثم الحبس ، بل والتهديد بالقتل على ذلك .
  المنع عن كتابته والاحتفاظ به ،
  ثم إحراق ما كتبه الصحابة عنه صلى الله عليه وآله وسلم (3) .

---------------------------
(1) البداية والنهاية ج 8 ص 8 و 9 .
(2) النصائح الكافية ص 72 | 73 |74 .
(3) راجع في ذلك كله وحول كل ما يشير إلى التحديد والتقليل في رواية الحديث : المصادر التالية : جامع بيان العلم ج 1 ص 42 و 65 و 77 و ج 2 ص 173 و 174 و 135 و 203 و 147 و 159 و 141 و 148 والمصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 258 و 262 و 325 و 377 و ج 10 ص 381 وهوامش الصفحات عن مصادر كثيرة ، والسنة =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 91 _


---------------------------
= قبل التدوين ص 97 | 98 و 91 و 103 و 113 و 92 و 104 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 5 و 7 و 6 و 8 و 3 | 4 وشرف أصحاب الحديث ص 88 و 89 و 91 و 92 و 87 و 93 وتاريخ الطبري ج 3 ص 273 وكنز العمال ج 5 ص 406 عن التيهقي و ج 10 ص 179 و 174 و 180 ومجمع الزوائد ج 1 ص 149 وتأويل مختلف الحديث ص 48 والتراتيب الإدارية ج 2 ص 248 و 427 حتى 432 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 2 و ج 4 قسم 1 ص 13 ـ 14 و ج 3 قسم 1 ص 306 و ج 5 ص 140 و 70 و 173 ، و ج 2 قسم 2 ص 274 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 61 وأضواء على السنة المحمدية ص 47 و54 و 55 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 64 و 61 وكشف الأستار عن مسند البزار ج 2 ص 196 وحياة الصحابة ج 2 ص 82 و 569 و 570 و ج 3 ص 257 و 258 و 259 و 272 و 273 و 252 و 630 عن مصادر عديدة ، والبداية والنهاية ج 8 ص 106 و 107 وتقييد العلم ص 50 و 51 و 52 و 53 ومستدرك الحاكم ج 1 ص 102 و 110 وتاريخ الخلفاء ص 138 عن السلفي في الطيورات بسند صحيح ، ومسكل الآثار ج 1 ص 499 حتى 501 ومسند أحمد ص 157 و ج 4 ص 370 و 99 و ج 3 ص 19 والدر المنثور ج 4 ص 159 ووفاء الوفاء ج 1 ص 488 و 483 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج 6 ص 114 وحلية الأولياء ج 1 ص 160 ومآثر الإناقة ، وراجع أيضاً : تاريخ الخلفاء ص 138 والمجروحون ج 1 ص 35 | 36 .
ونقل أيضاً في الغدير ج 6 ص 294 حتى 302 و 265 و 263 و 158 و ج 10 ص 351 و 352 عن المصادر التالية : الكامل لابن الاثير ج 2 ص 227 وابن الشحنة بهامشه ج 7 ص 176 وفتوح البلدان ص 53 وصحيح البخاري ط الهند ج 3 ص 837 وسنن أبي داود ج 2 ص 340 وصحيح مسلم ج 2 ص 234 كتاب الأدب ... انتهى .
ونقله في النص والاجتهاد ص 151 عن المصادر التالية : كنز العمال ج 5 ص 239 رقم 4845 و 4860 و 4865 و 4861 و 4862 والأم للشافعي ، وشرح النهج للمعتزلي ج 3 ص 120 والمعتصر من المختصر ج 1 ص 459 وابن كثير في مسند الصديق وصفين ص 248 والتاج المكلل ص 265 وشرح صحيح مسلم للنووي ج 7 ص 127 .
ونقل أيضاً عن المصادر التالية : قبول الأخبار للبلخي ص 29 ، والمحدث الفاصل ص 133 والبخاري بحاشية السندي ج 4 ص 88 وصحيح مسلم ج 3 ص 1311 و 1694 والموطأ ج 2 ص 964 ورسالة الشافعي ص 435 ومختصر جامع بيان العلم

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 92 _

ي ـ تشجيع القصاصين ورواية الإسرائيليات :
  مع تشجيعهم للقصاصين ، ولرواية الإسرائيليات .
  وقد وضعوا الأحاديث المؤيدة لذلك (1) .
  ثم السماح بالرواية لأشخاص معينين ، دون من عداهم (2) حتى إن أبا

---------------------------
=
ص 32 و 33 ، وثمة مصادر أخرى لامجال لتتبعها ...
(1) راجع فيما تقدم حول رواية الاسرائيليات وتشجيع القصاصين ، المصادر التالية : التراتيب الإدارية ج 2 ص 224 حتى 227 و 238 و 338 و 345 و 325 و 326 و 327 وأضواء على السنة المحمدية ص 124 ، حتى 126 و 145 حتى 192 وشرف أصحاب الحديث ص 14 و 15 و 16 و 17 وفجر الإسلام ص 158 حتى 162 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص 34 حتى 37 والزهد والرقائق ص 17 و 508 وتقييد العلم ص 34 وفي هامشه عن حسن التنبيه ص 192 وعن مسند أحمد ج 3 ص 12 و 13 و 56 ، وراجع أيضاً : جامع بيان العلم ج 2 ص 50 و 53 ، ومجمع الزوائد ج 1 ص 150 و151 و 191 و 192 و 189 والمصنف لعبد الرزاق ج 6 ص 109 و 110 وهوامشه ومشكل الآثار ج 1 ص 40 و 41 والبداية والنهاية ج 1 ص 6 و ج 2 ص 132 و 134 وكشف الأستار ج 1 ص 120 و 122 و 108 و 109 وحياة الصحابة ج 3 ص 286 .
(2) راجع : الصحيح من سيرة النبي ج 1 ص 26 .
بل لم يسمحوا بالفتوى إلا للأمراء ، راجع : جامع بيان العلم ج 2 ص 175 203 وراجع ص 194 و 174 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 62 وسنن الدرامي ج 1 ص 61 والتراتيب اللإدارية ج 2 ص 367 و 368 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 179 ط ليدن و 258 ط صادر وكنز العمال ج 10 ص 185 عن غير واحد وعن الدينوري في المجالسة ، وعن ابن عساكر ، والمصنف لعبد الرزاق ج 8 ص 301 وفي هامشه عن أخبار القضاة لوكيع ج 1 ص 83 ، بل إن عثمان يتوعد رجلاً بالقتل ، إن كان قد استفتى أحداً غيره ، راجع تهذيب تاريخ دمشق ج 1 ص 54 وحياة الصحابة ج 2 ص 390 | 391 عنه ...

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 93 _

  موسى ليمسك عن الحديث ، حتى يعلم ما أحدثه عمر (1) .
  أضف إلى ذلك كله : حبسهم لكبار الصحابة بالمدينة ، وعدم توليتهم الأعمال الجليلة ، خوفاً من نشر الحديث ، ومن استقلالهم بالأمر (2) : وذلك بعد أن قرروا عدم السماح بالفتوى إلا للأمراء كما أوضحناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله .

ك : لا خير في الإمارة لمؤمن :
  وإذا كان الأمراء هم الذين ينفذون هذه السياسات ، وقد يتردد المؤمنون منهم في تنفيذها على النحو الأفضل والأكمل ، فقد اتجه العلم نحو الفجار ليكونوا هم أعوانه وأركانه .
  وقد رووا عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : لا خير في الإمارة لرجل مؤمن (3) .

---------------------------
(1) مسند أحمد ج 4 ص 393 وفي ص 372 يمتنع أنس عن الحديث .
(2) راجع : تاريخ الطبري حوادث سنة 35 ج 3 ص 426 ومروج الذهب ج 2 ص 321 و 322 وراجع مستدرك الحاكم ج 3 ص 120 و ج 1 ص 110 وكنز العمال ج 10 ص 180 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 7 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 20 ص 20 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 317 و 334 و 365 وراجع : التاريخ الإسلامي والمذهب المادي في التفسير ص 208 و 209 والفتنة الكبرى ص 17 و 46 و 77 وشرف أصحاب الحديث ص 87 ومجمع الزوائد ج 1 ص 149 وطبقات ابن سعد ج 4 ص 135 و ج 2 قسم 2 ص 100 و 112 وحياة الصحابة ج 2 ص 40 و 41 و ج 3 ص 272 و 273 عن الطبري ج 5 ص 134 وعن كنز العمال ج 7 ص 139 و ج 5 ص 239 .
وفي هذا الأخير عن ابن عساكر : أن عمر بن الخطاب جمع الصحابة من الآفاق ووبخهم على إفشائهم الحديث .
(3) البداية والنهاية ج 5 ص 83 ومجمع الزوائد ج 5 ص 204 عن الطبراني ، وحياة الصحابة ج 1 ص 198 | 199 عنهما وعن كنز العمال ج 7 ص 38 وعن البغوي وابن =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 94 _

  وقد قال حذيفة لعمر : إنك تستعين بالرجل الفاجر ، فقال : إني أستعمله لأستعين بقوته ، ثم أكون على قفائه .
  وذكر أيضاً : أن عمر قال غلبني أهل الكوفة ، استعمل عليهم المؤمن فيضعف ، واستعمل الفاجر ، فيفجر (1) .

ل : أينعت الثمار واخضرّ الجناب :
  وبعد ذلك كله فقد تهيأت الفرصة لمن سمح لهم بالرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن بني إسرائيل ، لأن يمدّوا الأمة بما يريدون ، ويتوافق مع أهدافهم ومراميهم ، من أفكار ومعارف ، وأقوال ومواقف ، حقيقية ، أو مزيفة ... ثم تحريف ، بل وطمس الكثير من الحقائق التي رأوا أنها لا تتناسب مع أهدافهم ، ولا تخدم مصالحهم .
  بل لقد طمست معظم معالم الدين ، ومحقت أحكام الشريعة ، كما أكدته نصوص كثيرة (2) .
  بل يذكرون : أنه لم يصل إلى الأمة سوى خمس مئة حديث في أصول

---------------------------
= عساكر وغيرهما .
(1) الفائق للزمخشري ج 3 ص 215 و ج 2 ص 445 والنصائح الكافية ص 175 ولسان العرب ج 13 ص 346 و ج 11 ص 452 ، والاشتقاق ص 179 .
(2) راجع الصحيح من سيرة النبي صلى الله عليه وآله ج 1 ص 27 ـ 30 بالإضافة إلى : المصنف ج 2 ص 63و مسند أبي عوانة ج 2 ص 105 والبحر الزخار ج 2 ص 254 وكشف الأستار عن مسند البزار ج 1 ص 260 ومسند أحمد ج 4 ص 428 و 429 و 432 و 441 و 444 والغدير ج 8 ص 166 ، وراجع أيضاً مروج الذهب 3 ص 85 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 62 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 95 _

  لأحكام ومثلها من أصول السنن (1) ... الأمر ، الذي يلقي ضلالاً ثقيلة من الشك والريب في عشرات بل مئات الألوف ، بل في الملايين (2) من الأحاديث ، التي يذكرون : أنها كانت عند الحفاظ ، أو لاتزال محفوظة في بطون الكتب إلى الأن ، ولأجل ذلك ، فإننا نجدهم يحكمون بالكذب والوضع على عشرات بل مئات الألوف منها (3) .
  وقد بلغ الجهل بالناس : أننا نجد جيشاً بكامله ، لايدري : أن من لم يُحْدِث ، فلا وضوء عليه ، ( فأمر ( أبو موسى ) مناديه : ألا ، لا وضوء إلا على من أحدث ، قال : أوشك العلم أن يذهب ويظهر الجهل ، حتى يضرب الرجل أمه بالسيف من الجهل ) (4) .
  بل لقد رأينا : أنه : ( قد أطبقت الصحابة إطباقاً واحداً على ترك كثير من النصوص ، لما رأوا المصلحة في ذلك ) (5) .
  ويقول المعتزلي الشافعي عن علي عليه السلام : ( وإنما قال أعداؤه : لا رأي له ، لأنه كان متقيداً بالشريعة لا يرى خلافها ولا يعمل بما يقتضي الدين

---------------------------
(1) مناقب الشافعي ج 1 ص 419 وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص 243 .
(2) راجع على سبيل المثال : الكنى والألقاب ج 1 ص 414 ، ولسان الميزان ج 3 ص 405 وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 641 و 430 و 434 و ج 1 ص 254 و 276 .
وهذا الكتاب مملوء بهذه الأرقام العالية ، فمن أراد فليراجعه ، والتراتيب الإدارية ج 2 ص 202 حتى ص 208 و 407 و 408 .
(3) راجع لسان الميزان ج 3 ص 405 و ج 5 ص 228 والفوائد المجموعة ص 246 و 427 وتاريخ الخلفاء ص 293 وأنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج 3 ص 96 وميزان الاعتدال ج 1 ص 572 و 406 و 509 و 316 و 321 و 12 و 17 و 108 و 148 والكفاية للخطيب ص 36 و سائر الكتب التي تتحدث عن الموضوعات في الأخبار ، وراجع : المجرمون لابن حبان ج 1 ص 156 و 185 و 155 و 142 و 96 و 63 و 62 و ص 65 حول وضع الحديث للملوك وراجع أيضاً ج 2 ص 189 و 163 و 138 و ج 3 ص 39 و 63 .
(4) حياة الصحابة ج 1 ص 505 عن كنز العمال ج 5 ص 114 وعن معاني الآثار للطحاوي ج 1 ص 27 .
(5) شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 83 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام ـ 96 ـ

  تحريمه . وقد قال عليه السلام لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب ، وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه ويستوقفه ، سواء أكان مطابقاً للشرع أم لم يكن ، ولا ريب أن من يعمل بما يؤدي إليه اجتهاده ولا يقف مع ضوابط وقيود يمنتع لأجلها مما يرى الصلاح فيه ، تكون أحواله الدنيوية إلى الانتثار أقرب ) (1) انتهى .
  ولعل ما تقدم من موقف عمر من المصريين المعترضين يشير إلى ذلك أيضاً ، كما أن الفقهاء ، قد ( رجح كثير منهم القياس على النص ، حتى استحالت الشريعة ، وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة ) (2) .
  كما أن أبا أيوب الأنصاري لا يجرؤ على العمل بسنة لرسول الله صلى الله عليه وآله في زمن عمر ، لأن عمر كان يضرب من عمل بها (3) .
  ويصرح مالك بن أنس ، بالنسبة لغير أهل المدينة من المسلمين بـ : ( أن غيرهم إنما العمل فيهم بأمر الملوك ) (4) .
  وسيأتي المزيد مما يدل على إصرار الخلفاء ، وغير الخلفاء منهم ، على مخالفة أحكام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى من أمثال مروان بن الحكم ، والحجاج بن يوسف .

ماذا بعد أن تمهد السبيل :
  وبعد هذا ... فإن الحكام والأمراء الذين مُنِحُوا ـ دون غيرهم ـ حق

---------------------------
(1) شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 28 .
(2) شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 84 .
(3) المصنف ج 2 ص 433 .
(4) جامع بيان العلم ج 2 ص 194 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 97 _

  الفتوى ! ، من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ... قد أصبح بإمكانهم أن يفتوا بغير علم ، بل أن يفتوا بما يعلمون مخالفته لما ورد عن سيد الخلق أجمعين ، محمد رسول الله صلى عليه وآله وسلم ، ما داموا قد أمنوا غائلة اعتراض من يعلمون الحق ، ولم يعد يخشى من انكشاف ذلك للملأ من غيرهم ... الأمر الذي ربما يؤدي ـ لو انكشف ـ إلى التقليل من شأنهم ، وإضعاف مراكزهم ، ويقلل ويحد من فعالية القرارات والأحكام التي يصدرونها .
  كما أن ذلك قد هيأ الفرصة لكل أحد : أن يدعي ما يريد ، وضع له الحديث الذي يناسبه ، بأييداً ، أو نفياً وتفنيداً .
  كما أنهم قد أمنوا غائلة ظهور كثير من الأقوال ، والأفعال ، والمواقف النبوية ، والوقائع الثابتة ، التي تم مركز وشخصية من يهتمون بالتنويه باسمه ، وإعلاء قدره وشأنه ، أو ترفع من شأن ومكانة الفريق الآخر : أهل البيت عليهم السلام ، ولا سيما سيدهم وعظيمهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، وكل من يمت إليه وإليهم بأية صلة أو رابطة ، أو له فيهم هوى ، أو نظرة إيجابية وواقعية ، انطلاقاً مما يملكه من فكر واع ، ووجدان حي .
  أضف إلى ذلك كله : أن سياستهم هذه تجاه الحديث ، وسنة النبي صلى الله عليه وآله ، تنسجم مع رأي بعض الفرق اليهودية ، التي كان لأتباعها نفوذ كبير لدى الحكام آنئذ (1) .
  ولسنا هنا في صدد شرح ذلك .
  وعلي عليه السلام ماذا يقول :
  هذا ... ولكننا نجد أمير المؤمنين عليه السلام ، وشيعته ، والواعين من رجال هذه الأمة ، قد تصدوا لهذه الخطة بصلابة وحزم ، حتى لقد رفض عليه السلام في الشورى عرض الخلافة في مقابل اشتراط العمل بسنة الشيخين ، وقد

---------------------------
(1) راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ج 1 ص 26 | 27 متناً وهامشاً .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 98 _

  طرد عليه السلام القصاصين من المساجد ، ورفع الحظر المفروض على رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله (1) .
  وقد رووا عنه : أنه عليه السلام قال : ( قيدوا العلم ، قيدوا العلم ) مرتين ، ونحوه غيره (2) .
  كما أنه عليه السلام يقول :
  ( من يشتري منا علماً بدرهم ؟ ... قال الحارث الأعور : فذهبت فاشتريت صحفاً بدرهم ، ثم جئت بها ) .
  وفي بعض النصوص : ( فاشترى الحارث صحفاً بدرهم ، ثم جاء بها علياً ، فكتب له علماً كثيراً ) (3) .
  وعن علي عليه السلام قال تزاوروا ، وتذاكروا الحديث ، ولا تتركوه يدرس (4) .
  وعنه عليه السلام : ( إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده ، فإن يك حقاً كنتم شركاء في الأجر ، وإن يك باطلاً كان وزره عليه ) (5) ، ومثل ذلك كثير

---------------------------
(1) سرگذشت حديث ( فارسي ) هامش ص 28 وراجع كنز العمال ج 10 ص 171 و 172 و 122 .
(2) تقييد العلم ص 89 و 90 وبهامشه قال : ( وفي حض عليّ على الكتابة انظر : معادن الجوهر للأمين العاملي 1 : 3 ) .
(3) التراتيب الإدارية ج 2 ص 259 وطبقات ابن سعد ج 6 ص 116 ط ليدن و ص 68 ط صادر وتاريخ بغداد ج 8 ص 357 وكنز العمال ج 10 ص 156 وتقييد العلم ص 90 وفي هامشه عمن تقدم وعن كتاب العلم لابن أبي خيثمة 10 والمحدث الفاصل ج 4 ص 3 .
(4) كنز العمال ج 10 ص 189 .
(5) كنز العمال ج 10 ص 129 ورمز له بـ ( ك ، وأبو نعيم ، وابن عساكر ) .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 99 _

  عنه عليه السلام (1) .
  والإمام الحسن عليه السلام أيضاً :
  وفي مجال العمل على إفشال هذه الخطة تجاه العلم والحديث ، وكتابته ، وكسر الطوق المفروض ، نجد النص التاريخي يقول : ( دعا الحسن بن علي بنيه ، وبني أخيه ، فقال : ( يا بني ، وبني أخي ، إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه ، فليكتبه ، وليضعه في بيته ) (2) .
  ثم روى الخطيب ما يقرب من ذلك عن الحسين بن علي عليه السلام ، ثم قال : ( كذا قال : جمع الحسين بن علي ، والصواب : الحسن ، كما ذكرناه أولاً ، والله أعلم ) (3) .
  ولسنا هنا في صدد تفصيل ذلك ، ونسأل الله أن يوفقنا للتوفر على دراسة هذه الناحية في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى .

مشرعون جدد ، أو أنبياء صغار :
  وطبيعي بعد ذلك كله ... وبعد أن كانت السياسة تقضي بتقليص نسبة

---------------------------
(1) راجع على سبيل المثال كنز العمال ج 10 كتاب العلم ...
(2) تقييد العلم ص 91 ونور الأبصار ص 122 وكنز العمال ج 10 ص 153 وسنن الدرامي ج 1 ص 130 وجامع بيان العلم ج1 ص 99 ، والعلل ومعرفة الرجال ج 1 ص 412 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 227 وفي هامش تقييد العلم عن بعض من تقدم ، وعن تاريخ بغداد ج 6 ص 399 ، ولم أجده ، وعن ربيع الأبرار 12 عن علي عليه السلام ... وراجع أيضاً التراتيب الإدارية ج 2 ص 246 | 247 عن ابن عساكر ، وعن البيهقي في المدخل .
(3) تقييد العلم ص 91 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 100 _

  الاحترام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والعمل على علو نجم قوم ، ورفعة شأنهم ، وأقول نجم آخرين ، والحط منهم ... وبعد أن مست الحاجة إلى المزيد من الأحكام الإسلامية ، والتعاليم الدينية ـ كان من الطبيعي ـ أن تعتبر أقوال الصحابة ، ولا سيما الخليفتين الأول ، والثاني ـ سنة كسنة النبي ، بل وفوق سنة النبي صلى الله عليه وآله ... وقد ساعد الحكام أنفسهم ـ لمقاصد مختلفة ـ على هذا الامر ، وكنموذج مما يدل على ذلك ، وعلى خطط الحكام في هذا المجال ، نشير إلى قول البعض : ( أنا زميل محمد ) بالإضافة إلى ما يلي :
  1 ـ ( قال الشهاب الهيثمي في شرح الهمزية على قول البوصيري عن الصحابة : ( كلهم في أحكامه ذو اجتهاد : أي صواب ... ) (1) .
  2 ـ وقال الشافعي : ( لا يكون لك أن تقول إلا عن أصل ، أو قياس على أصل ، والأصل كتاب ، أو سنة ، أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، أو إجماع الناس ) (2) .
  3 ـ وقال البعض عن الشافعية : ( والعجب ! منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر في مسألة بخلافه ، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله صلى الله عليه وآله ) (3) .
  4 ـ ويقول أبو زهرة بالنسبة لفتاوى الصحابة : ( ... وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم على أنها من السنة ، ويوازن بينها وبين الأخبار المروية ، إن تعارض الخبر مع فتوى صحابي ، وهذا ينسحب على كل حديث عنه صلى الله عليه وآله ، حتى ولو كان صحيحاً ) (4) .
  ولا بأس بمراجعة كلمات الشوكاني في هذا المجال أيضاً (5) .

---------------------------
(1) التراتيب الإدارية ج 2 ص 366 .
(2) مناقب الشافعي ج 1 ص 367 ، وراجع ص 450 .
(3) مجموعة المسائل المنيرية ص 32 .
(4) ابن حنبل لأبي زهرة ص 251 | 255 ومالك ، لأبي زهرة ص 290 .
(5) ابن حنبل لأبي زهرة ص 254 | 255 عن إرشاد الفحول للشوكاني ص 214 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 101 _

  5 ـ بل إننا نجد بعض المؤلفين في الأصول ، قد عقد باباً في كتابه ، لكون قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحق بالنسبة لغيره ، أي لغير الصحابي ... بالسنة .
  وقيل : إن ذلك خاص بقول الشيخين : أبي بكر ، وعمر (1) .
  6 ـ وحينما أُخبِرَ عمر بقضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المرأة التي قتلت أخرى بعمود : ( كبّر ، وأخذ عمر بذلك ، وقال : لو لم أسمع بهذا لقلت فيه ) (2) .
  7 ـ ثم هو يصر على رأيه فيمن تحيض بعد الأفاضة ، رغم إخبارهم إياه بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها (3) .
  8 ـ وفي قصة التكنية بأبي عيسى ، نرى عمر لا يتزحزح عن موقفه ، رغم إخبارهم إياه : بأن النبي صلى الله عليه وآله قد أذن لهم بذلك ، وتصديق عمر لهم ... لكنه عده ذنباً مغفوراً له صلى الله عليه وآله (4) .
  9 ـ وقال عمر بن عبد العزيز : ( ألا إن ، ما سنه أبو بكر وعمر ، فهو دين نأخذ به ، وندعو إليه ) ، وزاد المتقي الهندي : ( وما سن سواهما فإنا نرجيه ) (5) .

---------------------------
(1) فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت المطبوع مع المستصفى ج 2 ص 186 وراجع التراتيب الإدارية ج 2 ص 366 | 367 .
(2) المصنف لعبد الرزاق ج 10 ص 57 .
(3) الغدير ج 6 ص 111 | 112 عن عدة مصادر .
(4) راجع : سنن أبي داود ج 4 ص 291 وسنن البيهقي ج 9 ص 310 وتيسير الوصول ط الهند ج 1 ص 25 والنهية لابن الأثير ج 1 ص 283 والإصابة ج 3 ص 388 والغدير ج 6 ص 319 | 310 عنهم وعن الأسماء والكنى للدولابي ج 1 ص 85 .
(5) كنز العمال ج 1 ص 332 عن ابن عساكر وكشف الغمة للشعراني ج 1 ص 6 والنص له ... وفي رسالة عمر بن عبد العزيز لأبي بكر ، ومحمد بن عمرو بن حزم : ( اكتب إلي بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله ، وبحديث عمر ، فإني الخ ) سنن الدارمي ج 1 ص 126 ، لكن في تقييد العلم ص 105 و 106 وهوامش : ( أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن ) وهي امرأة أنصارية أكثر ما تروى عن عائشة .
وراجع : السنة قبل التدوين ص 328 ـ 333 ، وتاريخ السنة المشرفة ص 226 =

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 102 _

  وذكر في كنز العمال : أن فتوى عمر تصير سنة .
  10 ـ وفي حادثة أخرى : نجد عمر لا يرتدع عن مخالفته للنبي صلى الله عليه وآله ، حتى يستدل عليه ذلك الرجل بقوله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة ) (1) .
  11 ـ وقد رووا : أن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين ) (2) .
  وبهذا استدل الشافعي على حجية قول أبي بكر وعمر .
  مع أن المقصود بالخلفاء الراشدين هو الأئمة الإثنا عشر ، عليهم السلام لكن هذا اللقب سرق منهم (ع) .
  12 ـ وعثمان بن عفان يقول : ( إن السنة سنة رسول الله ، وسنة صاحبيه ) (3) .
  13 ـ كما أن عبد الرحمن بن عوف يعرض على أمير المؤمنين : أن يبايعه على العمل بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وسنة الشيخين أبي بكر وعمر ، فيأبى عليه السلام ذلك ، ويقبل عثمان ، فيفوز بالأمر (4) .
  14 ـ وخطب عثمان حينما بويع ، فقال : ( إن لكم عليّ بعد كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه صلى عليه وآله ثلاثاً : إتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم

---------------------------
=
و 227 وتاريخ الخلفاء ص 241 والجزء الأول من كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم .
(1) المصنف لعبد الرزاق ج 2 ص 382 .
(2) راجع : الثقات لابن حبان ج 1 ص 4 وحياة الصحابة ج 1 ص 12 ، وعن كشف الغمة للشعراني ج 1 ص 6 .
(3) سنن البيهقي ج 3 ص 144 ، والغدير ج 8 ص 100 عنه .
ولتراجع رواية صالح بن كيسان والزهري في تقييد العلم ص 106 | 107 وفي هامشه عن العديد من المصادر وطبقات ابن سعد ج 2 ص 135 .
(4) راجع قصة الشورى في أي كتاب تاريخي شئت ...

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 103 _

  عليه ، وسننتم ، وسنّ سنة أهل الخير فيما لم تسنّوا عن ملأ ) (1) .
  15 ـ وبعد ... فإن الأمويين يصرون على معاوية : أن يصلي بهم صلاة عثمان بن عفان في منى تماماً ، ويرفضون الاستمرار على صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، رغم اعترافهم بذلك ...
  وعثمان نفسه يصر على رأيه في مقابل سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، رغم اعترافه بأن ذلك رأي رآه (2) .
  وقد عرض عثمان على أمير المؤمنين عليه السلام أن يصلي بالناس في منى ، فلم يقبل عليه السلام إلا أن يصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فيأبى عثمان ذلك ، ويأبى هو القبول : ( وقد استمر الأمراء على صلاة عثمان فيما بعد ذلك ) (3) !.
  16 ـ بل إننا لنجد ربيعة بن شداد لا يرضى بأن يبايع أمير المؤمنين عليه السلام ، على كتاب الله وسنة رسوله ، وقال : على سنة أبي بكر وعمر ، فقال له علي عليه السلام : ( ويلك ، لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لم يكونا على شيء الخ ... ) (4) .
  17 ـ وحتى معاوية فإنه يصر على رأيه ، ويرفض الحكم النبوي بشكل

---------------------------
(1) حياة الصحابة ج 3 ص 505 عن تاريخ الطبري ج 3 ص 446 .
(2) راجع البداية والنهاية ج 3 ص 154 وحياة الصحابة ج 3 ص 507 | 508 عن كنز العمال ج 4 ص 239 عن ابن عساكر والبيهقي ، والغدير ج 8 ص 101 | 102 عن المصادر التالية : أنساب الأشراف ج 5 ص 39 والطبري ج 5 ص 56 حوادث سنة 29 ، والكامل لابن الأثير ج 3 ص 42 والبداية والنهاية جح 7 ص 154 ، وتاريخ ابن خلدون ج 2 ص 386 .
(3) راجع : الكافي ج 4 ص 518 | 519 والوسائل ج 5 ص 500 | 501 وحاشية ابن التركماني ذيل سنن البيهقي ج 3 ص 144 | 145 والغدير ج 8 ص 100 عنه وعن المحلى ج 4 ص 270 وليراجع الغدير ج 8 ص 98 ـ 116 .
(4) بهج الصباغة ج 12 ص 203 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 104 _

  صريح (1) .
  18 ـ وحينما ينكر أبو الدرداء على معاوية بعض قبائحه ، ويذكر بنهي النبي صلى الله عليه وآله عنها ، نجده يقول : أما أنا فلا أرى به بأساً (2) .
  19 ـ وقد كتب ابن الزبير إلى قاضيه يأمره بأن يعمل بفتوى أبي بكر في الجد ، فيجعله أباً لأن النبي صلى عليه وآله قال : لو كنت متخذاً خليلاً دون ربي لاتخذت أبا بكر إلى أن قال : ( وأحق ما أخذناه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ) (3) .
  20 ـ كما أن عطاء قد استدل بقضاء النبي صلى الله عليه وآله في العُمْرَى ، فاعترض عليه رجل ـ وقد صرحت بعض النصوص بأنه : الزهري !! ـ بقوله : ( لكن عبد الملك بن مروان لم يقض بهذا ) أو قال : ( إن الخلفاء لا يقضون بذلك ) فقال : بل قضى بها عبد الملك في بني فلان (4) ...
  21 ـ واعترض البعض على مروان : بانه أخرج المنبر ، ولم يكن يخرج ، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة ، وجلس في الخطبة ، فقال له مروان : ( إن تلك السنة قد تركت ) (5) .
  22 ـ بل لقد بلغ بهم الأمر : أن ادعى البعض : أن من خالف الحجاج فقد

---------------------------
(1) راجع : المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 201 .
(2) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج 5 ص 130 والموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك ج 2 ص 135 ، وسنن البيهقي ج 5 ص 280 وسنن النسائي ج 7 ص 277 ، واختلاف الحديث للشافعي بهامش الأم ج 7 ص 23 والغدير ج 10 ص 184 عن بعض من تقدم .
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 4 وراجع ص 5 .
(4) المصنف لعبد الرزاق ج 9 ص 188 وسنن البيهقي ج 6 ص 174 .
(5) لسان الميزان ج 6 ص 89 .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 105 _

  23 ـ وعن ابن عباس : السنة سنتان : من نبي ، أو من إمام عادل (1) .
  24 ـ وقضية إمضاء عمر للطلاق ثلاثاً ، لأنهم استعجلوا ذلك تدل على أنه كان يرى أن لهم الحق في ذلك (2) .
  إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه (3) .
  هذا كله ... عدا عن ادعائهم :
  نزول الوحي على الخلفاء ،
  وأفضلية الخليفة على الرسول ،
  ونزول الوحي على الحجاج ، والخلفاء وغير ذلك ...
  ولقد صدق أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال في كتابه للأشتر : ( فإن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار ، يعمل فيه بالهوى ، وتطلب به الدنيا ) (4) .

الأئمة عليهم السلام في مواجهة الخطة :
  إنما نتحدث هنا عن موضوع مواجهة هذه الخطة بمقدار ما يرتبط بمواقف الإمام الحسن عليه السلام منها ... وإن كانت الأساليب التي اتبعها الأئمة في هذا الصدد كثيرة ومتنوعة .
  وقد تقدم بعض ما يرتبط بمواقف الأئمة عليهم السلام من قضية التمييز

---------------------------
(1) كنز العمال ج 1 ص 160 .
(2) راجع : تفسير القرآن العظيم ( الخاتمة ) ، ج 4 ص 22 والغدير ج 6 ص 178 ـ 183 عن مصادر كثيرة .
(3) راجع أيضاً المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 258 | 259 و ج 88 و 475 | 476 وطبقات ابن سعد ج 2 قسم 2 ص 134 ـ 136 .
(4) راجع عهد الأشتر في نهج البلاغة ، بشرح عبده ج 3 ص 105 وعهد الاشتر موجود في كثير من المصادر .

الحياة السياسية للامام الحسن عليه السلام _ 106 _

  العنصري البغيض ، وتقدم كذلك بعض اللمحات عن موقف أمير المؤمنين وغيره من الأئمة ، ومنهم الإمام الحسن عليه السلام من قضية الحديث والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله ...
  وحيث إننا لا نستطيع الإلمام ـ في عجالة كهذه ـ بكل ما يرتبط بمواقف الأئمة الهادفة إلى إفشال تلك الخطة ، لأن ذلك يستدعي تأليف كتاب مستقل ، وقد لا يكفي له العديد من المجلدات ... وبما أن أهم عنصر تستهدفه تلك الخطة هو عنصر الإمامة والخلافة ، والأحقية بالأمر ، وبمعالجتها ، واتخاذ الموقف الصحيح منها ، لا يبقى لمجمل تلك الخطة تأثير يذكر ، ولا خطر يخاف . ـ من أجل ذلك ... فإننا سوف نقتصر هنا على الإشارة إلى لمحات من مواقفهم عليهم السلام ـ وبالأخص موقف الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ـ من هذه القضية بالذات ... فنقول :

قضية الإمامة هي الأساس :
  ليس خافياً على أحد مدى خطورة النتائج التي سوف تتمخض عنها تلك السياسة ، التي تقدمت لمحات خاطفة وسريعة عن بعض خيوطها وفقراتها ... سواء على الإسلام ، أو على المسلمين ، في الحاضر ، أو في المستقبل ، والأخطار المستقبلية هي الأعظم ، وهي الأدهى ... وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله في حديث معروف : بأن في كل خلف عدول ينفون عنه ( أي عن الإسلام ) تحريف الغالين .
  وقد عودنا الأئمة عليهم السلام : أنهم باستمرار يعيشون بالقرب من الأحداث ، ويتواجدون دائماً وأبداً في صميمها وفي العمق منها ، حتى إن المطالع للتاريخ ليجد ـ نتيجة لذلك التواجد ـ أن قضايا أهل البيت بصورة عامة ، وقضية أحقيتهم بالأمر ، وإمامتهم على الخصوص ، تبقى على الدوام محتفظة بحيويتها وعمقها في ضمير الأمة وفي وجدانها .
  وأن كل صراع ، فإنما له ارتباط مباشر أحياناً ، أو غير مباشر أحياناً أخرى بهذه القضية بالذات ، حتى ليصرح الشهرستاني بقوله :