في الصحابة ، واحتماله تآمرهم عليه لمّا طُعن .
تنبؤ الصديقة الزهراء (عليها السّلام) باضطراب أوضاع المسلمين
وهو ما توقّعته الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليه) للأُمّة في مبدأ انحراف مسار السلطة وخروجها عن موضعها الذي جعلها الله (عزّ وجلّ) فيه ، حيث قالت (عليها السّلام) في ختام خطبتها الصغيرة :
(( أما لعمري ، لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملأ القعب دماً عبيطاً ، وزعافاً مبيداً ، هنالك ( يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ) ، ويعرف البطالون غبّ ما أسس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفساً ، واطمئنوا للفتنة جأشاً ، وابشروا بسيف صارم ، وسطوة معتدٍ غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً ... )) (1) .
مجمل الأوضاع في أوائل عهد عثمان
وأخيراً انتهى عهد عمر وجاء عهد عثمان ، وعامّة المسلمين بعد في غفلتهم ، قد غلبت عليهم سكرة الفتوح والغنائم ، وتوسّع رقعة الإسلام ، ودخول الناس فيه أفواجاً ، وما استتبع ذلك من تمجيد الحكّام الذين حصلت الفتوح على عهدهم ، وظهرت الأحاديث المكذوبة على النبي (صلّى الله عليه وآله) والألقاب المنتحلة التي ترفع من شأنهم ، على ما سبق .
غفلة العامّة عن ابتناء بيعة عثمان على الانحراف
وقد أذهلهم ذلك كلّه عن تمادي السلطة في الانحراف عن الخطّ السليم
---------------------------
(1) راجع ملحق رقم 2 .
فاجعة الطف أبعادها ـ ثمراتها ـ توقيتها
_ 256 _
في الإسلام ، نتيجة المخالفات الكثيرة ، ومنها ما تمّت على أساسه بيعة عثمان ، وهو أخذ سيرة أبي بكر وعمر شرطاً في البيعة يُضاف إلى موافقة كتاب الله (عزّ وجلّ) وسُنّة نبيه (صلّى الله عليه وآله) ، وجعلها في مرتبة واحدة ، من أجل إقصاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي يعلم الخاصّة الذين بيدهم الحلّ والعقد ومَنْ سار في خطّهم أنّه كما قال له عمر : أما والله ، لئن وليتهم لتحملنّهم على الحقّ الواضح والمحجّة البيضاء
(1) ، وكما قال عنه لابن عباس : ولئن وليهم ليأخذنّهم بمرّ الحقّ لا يجدون عنده رخصة ...
(2) .
وفي حديث عبد الرحمن بن عبد القاري في حوار بين عمر وبين رجل من الأنصار : ثمّ قال عمر للأنصاري : مَنْ ترى الناس يقولون يكون الخليفة بعدي ؟
قال : فعدّد رجالاً من المهاجرين ، ولم يسمِّ عليّاً .
فقال عمر : فما لهم من أبي الحسن ؟ فوالله إنّه لأحراهم إن كان عليهم أن يقيمهم على طريقة من الحقّ
(3) .
وفي حديث عمر بن ميمون الأودي قال : كنت عند عمر بن الخطاب حين وليَ الستة الأمر ، فلمّا جازوا أتبعهم بصره ، ثمّ قال : لئن ولّوها الأجيلح ليركبن بهم الطريق ، يريد عليّاً
(4) .
---------------------------
(1) شرح نهج البلاغة 1 / 186 ، واللفظ له ، ويوجد هذا المعنى بألفاظ مختلفة في شرح نهج البلاغة 6 / 327 ، و 12 / 52 ، 259 ـ 260 ، والمستدرك على الصحيحين 3 / 95 كتاب معرفة الصحابة ، ومن مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، والاستيعاب 3 / 1130 في ترجمة علي بن أبي طالب ، والمصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 446 ـ 447 كتاب المغازي ، بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، والطبقات الكبرى 3 / 342 في ترجمة عمر ، ذكر استخلاف عمر ، والأدب المفرد / 128 البغي ، وكنز العمّال 5 / 734 ح 14254 ، وص 736 ح 14258 ، وص 736 ـ 737 ح 13260 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
(2) تاريخ اليعقوبي 2 / 159 أيام عمر بن الخطاب .
(3) المصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 446 كتاب المغازي ، بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، واللفظ له ، الأدب المفرد ـ للبخاري / 128 البغي ، كنز العمّال 5 / 736 ـ 737 ح 14260 ، وغيرها من المصادر ، وقريب منه في أنساب الأشراف 3 / 14 ـ 15 بيعة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .
(4) المصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 446 ـ 447 كتاب المغازي ، بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، واللفظ له ، أنساب الأشراف 2 / 353 وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، تاريخ دمشق 42 / 427 ـ 428 في ترجمة علي بن أبي طالب (ع) ، الكامل في التاريخ 3 / 399 أحداث سنة أربعين من الهجرة ، ذكر بعض سيرته (أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ) ، شرح نهج البلاغة 12 / 108 ، وغيرها من المصادر .
فاجعة الطف أبعادها ـ ثمراتها ـ توقيتها
_ 257 _
وفي حديث أبي مجلز في مثل ذلك : قال عمر : مَنْ تستخلفون بعدي ؟... .