ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع إلامكان
(1) ، ويأتي بسائر المناسك فيتم حجه .
مسألة 415 : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ، ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله ، جاز له ان يحلق ، فإذا حلق وجب عليه أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين ، لكل مسكين مُدّان
(2).
مسألة 416 : المحصور في الحج أو العمرة إذا بعث بالهدي وتحلل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما ، فلو كان قاصداً أداء حجة الاسلام فأحصر ، فبعث بهديه وتحلل ، وجب عليه الإتيان بها لاحقا إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقراً في ذمته
(3).
=
الاستنابة مطلقا .
(1) وقد تقدم بيانه فراجع .
(2) تدل عليه صحيحة زرارة عن ابي عبدالله عليه السلام قال : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فانه يذبح شاة في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يتصدق على ستة مساكين والصوم ثلاثة أيام والصدقة نصف صاع لكل مسكين .
(3) لصحيحة البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن محرم انكسرت ساقه ، أي شيء يكون لحاله ؟ وأي شيء عليه ؟ قال : هو حلال من
إيضاح مناسك الحج ـ 377 ـ
مسألة 417 : المحصور إذا لم يجد هديا ولاثمنه صام عشرة أيام بدلا منه
(1) .
مسألة 418 : إذا تعذّر على المحرم مواصلة السير إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحج لمانع آخر غير الصد والإحصار ، فإن كان معتمراً بعمرة مفردة جاز له التحلل في مكانه بذبح هديه مع ضم الحلق أو التقصير إليه على الاحوط .
وكذلك إذا كان معتمراً بعمرة التمتع ولم يمكنه إدراك الحج أيضا ، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد .
وإذا كان حاجا وقد تعذر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة ، فعليه أن يتحلل من إحرامه بعمرة مفردة .
=
كل شيء ... قال : أصلحك الله ماتقول في الحج ؟ قال : لابد أن يحج من قابل ( وفي صحيحة حمزة بن حمران أنه سألة أبا عبدالله عليه السلام عن الذي يقول : حلني حيث حبستني ، فقال : هو حل حيث حبسه ، قال أو لم يقل ، ولايسقط الاشتراط عنه الحج من قابل ) وفي صحيحة رفاعة عنه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يشترط وهو ينوي المتعة فيحصر هل يجزيه أن لايحج من قابل ؟ قال : يحج من قابل ( وغيرها من النصوص ، مضافا الى أن أدلة الاحصار وكذا الصد هي للتحلل لا للاجزاء .
(1) لصحيحة معاوية المتقدمة والتي موردها المحصور فراجع .
إيضاح مناسك الحج ـ 378 ـ
وإذا تعذر عليه الوصول الى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي ، أو لم يتمكن من الذهاب إلى منى للاتيان بمناسكها فحكمه ماتقدم في المسألة 414 .
* مسألة 419 : من أصابه عارض صحي اثناء ادائه لطواف العمرة المفردة فأرجع الى بلده ، فإن كان بعد إتمام الشوط الرابع فلا يبعد الاجتزاء بالنيابة في بقية الاشواط وكذا في السعي ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب ويحلق أو يقصر بعد سعيه ويستنيب لطواف النساء ويأتي بصلاته ، فيحل من إحرامه تماما ، وأما إذا كان قبل ذلك ففي خروجه من الاحرام من دون العود الى مكة والاتيان باعمال عمرته تأمل وإشكال
(1).
* مسألة 420 : من اصابته سكتة قلبية أثناء ادائه طواف عمرة التمتع فان كان وضعه الصحي لايسمح له بالبقاء في مكة لتكميل مناسك عمرته ولو بالاستنابة ثم الاحرام للحج وادراك الوقوفين بالمقدار الذي يصح به الحج ، فالظاهر جريان أحكام المحصور عليه ، وإلا فان رجع الى بلده وكان ذلك باختياره فلا يبعد بطلان
(1) وقد تقدم في المسألة 40 الجزم بوجوب الرجوع واكمال العمرة المفردة لمن تركها .
إيضاح مناسك الحج ـ 379 ـ
إحرامه وإن كان آثما في ذلك
(1)، وأما اذا كان رجوعه من دون ارادته واختياره فالاقرب جريان حكم المصدود عليه .
* مسألة 421 : إذا احرم لعمرة التمتع ثم اغمي عليه فان احتمل أن يفيق من غيبوبته ويدرك الحج ـ بأن يدرك اختياري المشعر أو اضطراريه مع اختياري عرفة أو اضطراريه ـ اتخذ الولي من ينوب عنه فى الطواف وصلاته والسعي
(2)ثم يقصر شيئا من شعره فيحل من احرام عمرته ، وفي يوم التروية الاحوط أن يحرم عنه الولي ـ اي يلبي عنه ـ ويجنبه محرمات الاحرام ، ويذهب الى الموقفين فإن افاق هناك فالاحوط أن يجدد الاحرام بنفسه ولو من موضعه ان لم يتمكن من الذهاب الى مكة
(3) ، فإن ادرك الحج ـ بإدراك ماتقدم ـ يأتي ببقية مناسكه ، وإن عاد الى الغيبوبة قبل الاتيان بها استناب له الولي من
(1) راجع ماقلناه عند الشروع في كيفية الاحرام .
(2) لدلالة جملة من النصوص على مشروعية الطواف عن المغمى عليه، وهو وفق مقتضى القاعدة ، اذ الحكم الاولي أن يطوف الانسان بالبيت وبين الصفا والمروة بنفسه ، فإن لم يقدر فبمعونة الاخرين إعانة ثم حملا ، وإن لم يقدر طيف وسعي عنه .
(3) وقد تقدم فيمن نسى او جهل الاحرام من مكة حتى خرج منها الى عرفات ، فراجع .
إيضاح مناسك الحج ـ 380 ـ
يأتي بها عنه ، واما اذا لم يفق حتى فات عنه الوقوفان بطل حجه .
* مسألة 422 : إذا اتى بعمرة التمتع ثم عرض له مايوجب الخوف على نفسه من الاتيان بالحج أو خاف أن يصاب بضرر بليغ ، فإن كان خوفه عقلائياً لم يجب عليه الاتمام
(1)، والاحوط ان يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء .
مسألة 423 : ذكر جماعة من الفقهاء : أن الحاج او المعتمر إذا لم يكن سائقا للهدي ، واشترط في إحرامه على ربه تعالى أن يحله حيث حبسه ، فعرض له عارض ـ من عدو أو مرض أو غيرهما ـ حبسه عن الوصول الى البيت الحرام أو الموقفين ، كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما للتحلل من إحرامه ، كما لايجب عليه الطواف والسعي للتحلل من النساء إذا كان محصوراً.
وهذا القول وإن كان لايخلو من قوة
(2)، إلا أن الاحوط لزوما
(1) السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين .
(2) بل لعله المتعيّن ، وإليه ذهب المرتضى وابن ادريس مع دعوى الاجماع ، تمسكاً بصحيحة ذريح عن ابي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن رجل تمتع بالعمرة الى الحج ، واحصر بعد ما أحرم ، كيف يصنع ؟ قال : فقال :
=
إيضاح مناسك الحج ـ 381 ـ
أو اشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحله الله عند عارض عرض له من أمر الله؟ فقلت : بل قد اشترط ذلك ، قال : فليرجع الى أهله حلالا لا احرام عليه ، إن الله أحق من وفي بما اشترط عليه ، قلت : افعليه الحج من قابل ؟ قال : لا ( فهي دالة على التحلل بمجرد الاحصار بلا تعرض للهدي ، إذ لو كان واجبا لذكره عليه السلام لكونه في مقام البيان .
وصحيحة البزنطي قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن محرم انكسرت ساقه ، أي شيء يكون حاله ؟ وأي شيء عله ؟ قال : هو حلال من كل شيء ، فقلت : ومن النساء والثياب والطيب ؟ فقال : نعم من جميع ما يحرم على المحرم ، قال : أما بلغك قول أبي عبدالله عليه السلام : حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ ، قلت : أصلحك الله ماتقول في الحج ؟ قال: لابد أن يحج من قابل .
ويويدهما ماورد في جملة من الصحاح في كتاب الاعتكاف من وجوب الاتمام اذا اعتكف يومين إلا اذا اشترط على ربه فله ان يفسخ ، كصحيحة محمد بن مسلم وابي ولاد الحناط ، وفي صحيحة ابي بصير عنه عليه السلام في حديث : وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم ) وفي صحيحة ابن يزيد عنه عليه السلام قال : واشترط على ربّك في اعتكافك كما تشترط في احرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله تعالى .
وقيل : أن فائدة الاشتراط جواز التحلل من غير تربص الى ان يبلغ الهدي محله ، وهو ظاهر المحقق في الشرائح وصريحه في النافع ، ويدفعه قوله عليه
إيضاح مناسك الحج ـ 382 ـ
مراعاة ماسبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية التحلل عند الحصر والصد ، وعدم ترتيب الأثر المذكور على اشتراط التحلل .
***
إلى هنا فرغنا من واجبات الحج ، فلنشرع الان في آدابه ، وقد ذكر الفقهاء من الاداب مالاتسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها .
وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتنٍ على قاعدة
إيضاح مناسك الحج ـ 383 ـ
السلام ( فليرجع الى أهله حلالا لا إحرام عليه ) .
وقيل : أن فائدته سقوط الحج عنه فى العام القابل ، وهو المحكي عن الشيخ في يالتهذيب ، لذيل الصحيحة المتقدمة ، وتقابلها عدة من الصحاح فلابد من رفع اليد عن ذيلها .
وقيل : أن الفائدة ادراك الثواب بذكره في عقد الاحرام ، وهو الذي يظهر من الشهيد في المسالك قال : ـ بعد أن ذكر ان سقوط الهدي في غير السائق ، وتعجيل التحلل فمخصوص بالمحصر دون المصدود ، وسقوط القضاء فمخصوص بالمتمتع ـ ومن الجائز كونه تعبداً ، أو دعاءً مأمورا به يترتب على فعله الثواب .
وذهب الشيخ وابن الجنيد والعلامة في المختلف والمنتهى الى عدم سقوط الهدي ، تمسكا بإطلاق قوله تعالى ( فإن احصرتم فما استيسر من الهدي ) ، وفيه أنه مقيد بصحيحتي ذريح والبزنطي المتقدمين .
التسامع في أدلة السنن ، فلابد من الإتيان بها برجاء المطلوبية لابقصد الورود ، وكذا الحال في المكروهات .
مستحبّات الإحرام
يستحبّ في الإحرام أمور :
1 ـ تنظيف الجسد ، وتقليم الأظفار ، وأخذ الشارب ، وإزالة الشعر من الإبطين والعانة، كلّ ذلك قبل الإحرام .
2 ـ تسريح شعر الرأس واللّحية من أوّل ذي القعدة لمن أراد الحجّ ، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك ، وهذا القول وإن كان ضعيفاً إلاّ أنّه أحوط .
3 ـ الغسل للإحرام في الميقات ، ويصحّ من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر ، وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدّمه عليه ، فإن وجد الماء في الميقات أعاده ، وإذا اغتسل ثمّ أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم أعاد غسله ، ويجزىء الغسل نهاراً إلى آخر اللّيلة الآتية ، ويجزىء الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي .
4 ـ أن يدعو عند الغسل على ما ذكره الصدوق ( ره ) ويقول :
( بسم الله وبالله ، اللّهُمّ اجْعَلْهُ لِي نُوراً وَطَهوراً وَحِرزاً وَأمْناً مِنْ كُلِّ
إيضاح مناسك الحج ـ 384 ـ
خَوفٍ ، وشِفاءً مِن كُلِّ داءٍ وَسُقم ، اللّهمَّ طَهِّرْني وَطهِّرْ قَلْبِي وَاشْرَحْ لِي صَدْري ، وَأجْرِ عَلى لِسانِي مَحَبَّتَك وَمِدْحَتَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ لِي إلاّ بِكَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنّ قِوامَ دينِي التسلِيمُ لَكَ ، والاتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ).
5 ـ أن يدعو عند لبس ثوبيّ الإحرام ويقول :
( الحَمْدُ لله الَّذي رَزَقَنِي ما أُواري بِه عَوْرَتي ، وأُؤدِّي فيه فَرْضي ، وَأعبُدُ فيه رَبِّي ، وانتَهي فيه إلى ما أمَرَني ، الحَمْدُ لله الذي قَصَدْتُهُ فَبَلَّغَني ، وأَرَدْتُهُ فأعانني وَقبِلَني وَلَمْ يَقطَعْ بي ، وَوَجْهَهُ أردتُ فَسَلَّمَني ، فهو حِصْني وَكَهْفي وحِرزي ، وَظَهري وَمَلاذي ، ورجائي وَمَنْجاي وذُخْري وَعُدَّتي في شِدَّتي ورخائي ).
6 ـ أن يكون ثوباه للإحرام من القطن .
7 ـ أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر ، فإن لم يتمكّن فبعد فريضة أخرى ، وإلاّ فبعد ركعتين أو ستّ ركعات من النوافل ، والستّ أفضل ، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد ، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد ، فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبيِّ وآله ثمّ يقول :
( اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ أنْ تَجْعَلَني مِمَّن اسْتَجابَ لَكَ وَآمَنَ بِوَعْدكَ ، وَاتَّبَعَ أمْرَكَ فَإنِّي عَبْدُكَ وَفي قَبْضَتِك ، لا أُوْقى إلاّ ما وَقَيْتَ ، وَلا آخُذُ إلاّ ما أعْطَيْتَ ، وَقَدْ ذَكرْتَ الحجَّ ، فأسألُكَ أن تَعْزمَ لِي عَلَيْه عَلى كِتابِكَ وَسُنَّة نَبِيِّكَ صَلّى اللهُ عَلَيه وآله ، وَتُقَوِّيَنِيَني عَلى مَا ضَعُفتُ عَنْهُ ،
إيضاح مناسك الحج ـ 385 ـ
وَتُسلِّمَ مِنِّي مَنَاسِكي ، في يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، وَاجْعَلْني مِن وَفْدكَ الَّذينَ رَضيتَ وَارتَضيْتَ وَسَمَّيْتَ وَكَتَبْتَ.
اللّهُمَّ إنِّي خَرَجتُ مِن شُقّةٍ بَعيدَةٍ وانفَقْتُ مَالِي ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ ، اللّهُمَّ فَتَمِّمْ لِي حَجّي وَعُمْرَتي ، اللّهُمَّ إنِّي أُريدُ التمتُّع بِالعُمْرَة إلى الحَجّ عَلى كِتابِكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ صلّى الله عليه وآله وَسلّم ، فإنْ عَرَضَ لِي عَارضٌ يَحْبسنُي ، فحُلَّني حيثُ حَبَسْتَني لِقَدَرِكَ الَّذي قَدَّرْتَ عليَّ ، اللّهُمَّ إن لَمْ تَكُنْ حَجَّةٌ فَعْمرةٌ.
أحْرَمَ لَكَ شعري وَبَشَري ، ولَحْمي ودَمي ، وعِظامي ومُخّي وعَصَبي ، من النِّساء والثِّياب وَالطِّيب ، أبتغي بذلك وجْهَكَ والدّارَ الآخرة ).
8 ـ التلفّظ بنية الإحرام مقارناً للتلبية .
9 ـ رفع الصوت بالتلبية للرجال.
10 ـ أن يقول في تلبيته :
( لَبَّيْكَ ذا المعارج لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ داعِياً إلى دار السَّلام لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ غَفّارَ الذُّنُوب لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ أهلُ التلبية لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ ذا الجلال والإكرام لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ تُبْدىَُ والمعادُ إليكَ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ تَستغني ويُفْتَقرُ إليكَ لَبَّيْكَ.
لَبَّيْكَ مَرهوباً وَمرغُوباً إليك لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ إلهَ الحقِّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ ذا النَّعُماء والفَضْل الحَسن الجَميل لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ كشّافَ الكُرَب العظام لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ عبدُكَ وابنُ عبدَيْكَ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ يا كريمُ لَبَّيْكَ ).
إيضاح مناسك الحج ـ 386 ـ
ثمّ يقول :
( لَبَّيْكَ أتقرَّبُ إليكَ بمحمّدٍ وآل محمّدٍ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ بحجّة أو عُمرةٍ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ وهذه عُمْرةُ متعة إلى الحجّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ تلبيةً تمامُها وبلاغُها عَليكَ ).
11 ـ تكرار التلبية حال الإحرام ، عند الاستيقاظ من النوم ، وبعد كلّ صلاة ، وعند كل ركوب ونزول كلّ علوّ أكمه أو هبوط واد منها ، وعند ملاقاة الراكب ، وفي الأسحار يستحبّ إكثارها ولو كان المحرم جنباً أو حائضاً ، ولا يقطعها في عمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكّة القديمة ، وفي حجّ التمتّع إلى زوال يوم عرفة ، كما تقدم في المسألة 51 .
مكروهات الإحرام
يكره في الإحرام أمور :
1 ـ الإحرام في ثوب أسود ، بل الأحوط ترك ذلك ، والأفضل الإحرام في ثوب أبيض .
2 ـ النوم على الفراش الأصفر ، وعلى الوسادة الصفراء.
3 ـ الإحرام في الثياب الوسخة ، ولو وسخت حال الإحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرماً ، ولا بأس بتبديلها.
4 ـ الإحرام في الثياب المعلّمة ، أي المشتملة على الرسم
إيضاح مناسك الحج ـ 387 ـ
ونحوه.
5 ـ استعمال الحنّاء قبل الإحرام إذا كان أثره باقياً إلى وقت الإحرام .
6 ـ دخول الحمّام ، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده .
7 ـ تلبية من يناديه ، بل الأحوط ترك ذلك .
دخول الحرم ومستحبّاته
يستحب في دخول الحرم أمور :
1 ـ النزول من المركوب عند وصوله الحرم ، والاغتسال لدخوله.
2 ـ خلع نعليه عند دخول الحرم ، وأخذهما بيده تواضعاً وخشوعاً لله سبحانه.
3 ـ أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم:
(اللَّهُمَّ إنَّك قُلتَ في كتابِكَ ، وقولُكَ الحقّ: وَأذِّن في النّاس بالحجِّ يأتُوكَ رجالاً وَعلى كُلِّ ضامرٍ يأتينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ ، اللّهُمَّ إنِّي أرجو أنْ أكُونَ مِمَّنْ أجابَ دعوتَكَ ، قَد جئتُ من شُقَّةٍ بَعيدةٍ وَفَجٍّ عَميقٍ ، سامعاً لِنِدائِكَ وَمُستجيباً لَكَ ، مُطيعاً لأمْركَ وكلُّ ذلك بِفَضْلكَ عَليَّ وإحسانكَ إليَّ.
إيضاح مناسك الحج ـ 388 ـ
فَلكَ الحَمْدُ على ما وَفَّقْتَني لَهُ أبتغي بذلك الزُّلْفةَ عندَكَ ، والقُربَةَ إليكَ والمنزلةَ لَدَيك ، والمغْفِرةَ لذُنُوبي ، والتَّوبَةَ عليَّ منها بمنِّكَ ، اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وآل مُحمّدٍ وَحرِّم بَدَني على النّار ، وَآمِنّي مِن عَذابِكَ بِرَحمَتِكَ يا أرْحَمَ الرّاحمين).
4 ـ أن يمضغ شيئاً من الإذخر عند دخوله الحرم.
آداب دخول مكّة المكرّمة
والمسجد الحرام
يستحبّ لمن أراد أن يدخل مكّة المكرّمة أن يغتسل قبل دخولها ، وان يدخلها بسكينة ووقار ، ويستحبّ لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من أعلاها ويخرج من أسفلها.
ويستحبّ أن يكون حال دخول المسجد حافياً على سكينة ووقار وخشوع ، وان يكون دخوله من باب بني شيبة ، وهذا الباب وإن جهل فعلاً من جهة توسعة المسجد إلاّ أنّه قال بعضهم إنّه كان بإزاء باب السلام ، فالأولى الدخول من باب السلام ، ثمّ يأتي مستقيماً إلى أن يتجاوز الاسطوانات .
ويستحبّ أن يقف على باب المسجد ويقول :
( السَّلامُ عَليكَ أيُّها النبيُّ وَرحمَةُ الله وبركاتُهُ ، بسم الله وبالله ، وَمِنَ الله وما شاء الله ، السَّلامُ عَلى أنبياء الله ورُسُله ، والسَّلامُ على
إيضاح مناسك الحج ـ 389 ـ
رَسُول الله ، والسَّلامُ عَلى إبراهيمَ خَلِيل الله ، والحَمْدُ لله ربّ العالمِينَ).
ثمّ يدخل المسجد متوجّهاً إلى الكعبة رافعاً يديه إلى السماء ويقول :
( اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ في مَقامي هذا ، في أوّل مناسِكي ، أن تَقبَلَ تَوبَتي وان تجاوَزَ عن خَطيئَتي وَتَضَعَ عَنِّي وِزْرِي ، الحَمْدُ لله الَّذي بَلَغَني بَيْتَهُ الحرامَ ، اللّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ هذا بيتُكَ الحرامُ الَّذي جعلتَهُ مثابَةً للنّاس وأمْناً مُباركاً وهُدىً للعالمين.
اللّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ ، والبلدُ بلدُكَ ، والبيتُ بيتُكَ ، جئتُ أطلبُ رَحمَتَكَ ، وأؤُمّ طاعَتَكَ ، مُطيعاً لأمرك ، راضياً بقَدَرك ، أسألُكَ مسألةَ الفقير إليكَ ، الخائِفُ لِعُقُوبَتِكَ ، اللّهُمَّ افتَحْ لي أبْوابَ رَحمَتِك ، واسْتَعْمِلني بطاعتِكَ ومَرْضاتِكَ ).
وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول :
( بسم الله وبالله ، ومِن الله وإلى الله وما شاء الله ، وعلى مِلَّة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وخيرُ الأسماء لله ، والحَمْدُ لله ، والسَّلامُ على رَسُول الله صلّى الله عليه وآله ، السَّلامُ على محمّد بن عبدالله ، السَّلام عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُهُ ، السَّلامُ على أنبياء الله ، ورُسلُه ، السَّلامُ على إبراهيمَ خَليل الرَّحمن ، السَّلامُ على المُرْسَلينَ ، والحَمْدُ لله رَبِّ العالَمينَ ، السَّلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللّهُمَّ صلِّ على محمَّدٍ وَآلِ محمَّدٍ ، وباركْ على محمَّدٍ وآل
إيضاح مناسك الحج ـ 390 ـ
محمَّدٍ ، وارحم محمَّداً وَآل محمَّدٍ ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ على إبراهيم وَآل إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، اللّهُمَّ صَلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّدٍ عَبدكَ ورسولِكَ ، وصَلِّ على إبراهيم خليلِكَ ، وعلى أنبيائِكَ ورُسُلِكَ وَسلِّمْ عَلَيْهِمْ ، وسَلامٌ على المُرْسَلينَ ، والحَمْدُ لله ربِّ العالمينَ.
اللّهُمَّ افتَحْ لي أبوابَ رحْمَتِكَ وَاسْتَعْمِلْني في طاعَتِكَ وَمَرْضاتِكَ واحْفَظْنِي بِحِفْظ الإيمان أبداً ما أبْقَيْتَني جَلَّ ثَناءُ وَجْهِكَ ، الحمدُ لله الَّذي جَعَلني مِنْ وَفْدِهِ وزوّاره ، وجَعلني مِمَّن يَعْمُرُ مَساجِدَهُ ، وَجَعلني مِمَّن يُناجيه ، اللّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ وَزائِرُكَ في بَيْتِكَ وَعَلى كُلِّ مَأتيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أتاهُ وَزَارَهُ ، وانتَ خَيْرُ مَأتِيٍّ وَأكْرَمُ مَزورٍ.
فأسألُكَ يا اللهُ يا رَحْمنُ وَبأنَّكَ أنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَريْكَ لَكَ ، وَبِأنَّكَ واحِدٌ أحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفْواً أحَدٌ ، وان مُحمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صلّى الله عليه وعَلى أهْل بيتهِ ، يا جَوادُ يا كَريمُ يا ماجِدُ يا جَبّارُ يا كَريمُ ، أسألُكَ أنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إيّايَ بزياتي إيّاكَ أوّلَ شيءٍ تُعْطيني فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ).
ثمّ يقول ثلاثاً :
( اللّهُمَّ فُكَّ رَقَبتي مِنَ النَّار ).
ثمّ يقول :
( وأوْسعْ عليَّ مِنْ رزْقِكَ الحَلال الطِّيب ، وَادْرأ عَنّي شَرَّ شياطين الإنس والْجِنِّ ، وَشرَّ فَسَقَة العَرب والعَجَم ).
إيضاح مناسك الحج ـ 391 ـ
ويستحبّ عندما يحاذي الحجر الأسود أن يقول :
( أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، آمَنْتُ بالله وَكَفَرتُ بالطّاغوت وباللاّت والعُزَّى وبِعبادة الشّيطان ، وبعبادة كُلِّ نِدٍّ يُدعى مِنْ دُون الله ).
ثمّ يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول :
( الحَمْدُ لله الَّذي هَدانا لِهَذا وَما كُنّا لنَهْتَدي لَوْلا أنْ هَدَانا اللهُ ، سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ لله ولا إله إلاّ الله والله أكبَرُ ، أكبَرُ مِنْ خَلقِه ، أكبَرُ مِمَّن أخْشى وَأحذَرُ ، ولا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شريْكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، يُحيي ويُميتُ ويُميتُ وَيُحيي ، بِيده الخَيْرُ ، وهُوَ عَلى كلِّ شَيءٍ قَدير ).
ويصلّي على محمّد وآل محمّد ، ويسلّم على الأنبياء كما يصلّي ، ويسلّم عند دخوله المسجد الحرام ، ثمّ يقول:
( إنِّي أُؤمِنُ بِوَعْدِكَ وَأُوفِي بِعَهدك ).
وفي رواية صحيحة عن أبي عبدالله عليه السّلام : إذا دنوت من الحجرالأسود فارفع يديك ، واحمد الله واثن عليه ، وصلِّ على النبيّ ، واسأل الله أن يتقبّل منك ، ثمّ استلم الحجر وقبّله ، فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك ، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل :
( اللّهُمَّ أمانَتي أدَّيْتُها ، ومِيثَاقي تعاهَدتُهُ لتشْهَدَ لِي بالموافاة ، اللّهُمَّ تَصديقاً بكتابِكَ ، وعلى سُنَّة نَبِيِّكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ
إيضاح مناسك الحج ـ 392 ـ
وَحْدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، آمَنْتُ بالله وَكَفَرْتُ بالجِبْت والطّاغوت وباللات والعُزَّى وعِبادة الشّيطان ، وعِبادة كُلِّ نِدٍّ يُدعى مِنْ دُون الله تعالى ).
فإن لم تستطع أن تقول هذا فبعضه ، وقل :
( اللّهُمَّ إليْكَ بَسَطْتُ يَدي ، وَفِيْما عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتي فاقْبَلْ سَبْحَتي ، وَاغْفِر لي وَارْحَمْني ، اللّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْر وَالفَقْر وَمَواقِف الخِزْي في الدُّنيا وَالآخِرة ).
آداب الطواف
روى معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله عليه السّلام ، قال تقول في الطواف :
( اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ بِاسْمِكَ الَّذي يُمْشى بِه عَلى طَلل الماء كَمَا يُمْشَى بِه عَلى جَدَد الأرْض ، وَأسألُكَ بِاسْمِكَ الَّذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ ، وأسألُكَ بِاسْمِكَ الَّذي تَهْتَزُّ لَهُ أقْدامُ مَلائِكَتِك ، وَأسألُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ مُوسى مِن جانِب الطُّور فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَألْقَيْتَ عَلَيْه مَحَبَّةً مِنْكَ ، وَأسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذي غَفَرْتَ بِه لِمُحَمَّدٍ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّر ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ أنْ تَفْعَلَ بِي كذا وكذا ) ما أحببت من الدعاء.
وكلّ ما انتهيت إلى باب الكعبة فصلِّ على محمّد وآل محمّد ،
إيضاح مناسك الحج ـ 393 ـ
وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود :
( ربَنا آتِنا في الدُّنيا حَسنَةً وَفِي الآخِرة حَسَنَةً وَقِنَا عَذابَ النّار ).
وقل في الطواف :
( اللّهُمَّ إنِّي إليكَ فقِيرٌ ، وإني خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ ، فَلا تُغَيِّر جِسْمِي ، وَلا تُبَدِّل اسمي ).
وعن أبي عبدالله عليه السّلام قال : كان علي بن الحسين عليه السّلام إذا بلغ الحجّ قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ، ثمّ يقول وهو ينظر إلى الميزاب :
( اللّهُمَّ أدْخِلْني الجَنَّة بِرَحْمَتِكَ ، وَأجِرْني بِرَحْمَتِكَ مِنَ النّار ، وَعافِني مِنَ السُّقْم ، وَأوسعْ عَليَّ مِنَ الرِّزق الحَلال ، وَأدْرَأ عَنِّي شَرَّ فَسَقَة الجنِّ والإنْس ، وَشَرَّ فَسَقَة العَرَب والعَجَم ).
وفي الصحيح عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه لمّا انتهى إلى ظهر الكعبة حتّى يجوز الحجر قال :
( يا ذَا المنِّ والطَّول وَالجُود والكَرم ، إنَّ عَمَلِي ضَعِيْفٌ فضاعِفْهُ لِي وَتَقَبَّلهُ مِنّي ، إنّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ).
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه لمّا صار بحذاء الركن اليماني أقام فرفع يديه ثمّ قال :
( يا اللهُ يا وَليَّ العافِيَةِ ، وَخالِقَ العافِيَةِ ، وَرازقَ العافِيَةِ ، وَالمُنعِمُ بالعافِيَةِ ، وَالمَنَّانُ بالعافِيَةِ ، والمُتَفَضِّلُ بالعافِيَةِ عَليَّ وَعَلى جَمِيْع خَلْقِكَ ، يَا رَحْمنَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَرَحيمَهُما ، صلِّ على مُحمَّدٍ وَآل
إيضاح مناسك الحج ـ 394 ـ
مُحمَّدٍ وارْزُقْنا العافِيَة ، ودَوامَ العافِيَة وَتَمامَ العافِيَة ، وَشُكْرَ العافِيَة ، في الدُّنيا والآخِرة يا أرْحمَ الرّاحمين ).
وعن أبي عبدالله عليه السلام : إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخّر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت والصق بدنك وخدّك بالبيت وقل :
( اللّهُمَّ البيتُ بيتُكَ ، والعَبْدُ عَبدُكَ وَهذا مكانُ العائذ بِكَ من النّار).
ثمّ أقِرَّ لربّك بما عملت ، فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلاّ غفر الله له إن شاء الله ، وتقول :
( اللّهُمَّ مِنْ قِبَلِكَ الرُّوحُ والفَرَجُ والعافيةُ ، اللُّهُمَّ إنَّ عَمَلِي ضَعيفٌ فَضاعِفهُ لِي ، واغْفِر لِي ما اطَّلَعْتَ عَلَيْه مِنِّي وَخَفِيَ عَلى خَلْقِكَ ).
ثمّ تستجير بالله من النار وتخيّر لنفسك من الدعاء ، ثمّ استلم الركن اليماني.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام : ثمّ استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به وتقول :
( اللّهُمَّ قَنِّعْنِي بِما رَزَقْتَني ، وَباركْ لِي فيما آتَيْتَني ).
ويستحبّ للطائف في كلّ شوط أن يستلم الأركان كلّها وان يقول عند استلام الحجر الأسود :
(أمَانَتي أدَّيْتُها وَمِيْثاقِي تَعاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بالمُوافاة).
إيضاح مناسك الحج ـ 395 ـ آداب صلاة الطواف
يستحبّ في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة التوحيد في الركعة الأولى ، وسورة الجحد في الركعة الثانية ، فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآل محمّد ، وطلب من الله تعالى أن يتقبّل منه.
وعن الصادق عليه السلام أنّه سجد بعد ركعتي الطواف وقال في سجوده :
( سَجَدَ وَجْهِي لَكَ تَعبّداً وَرِقّاً ، لا إلهَ إلاّ أنْتَ حَقّاً حَقّاً ، الأوّل قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ ، وَالآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيءٍ ، وَهَا أنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ ، ناصِيَتي بِيَدَيْكَ ، وَاغْفِرْ لِي إنَّه لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ العَظِيمَ غَيْرُكَ ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإنِّي مُقرٌّ بِذُنُوبي عَلى نَفْسِي وَلا يدفَعُ الذَّنْبَ العَظيمَ غيرُكَ ).
ويستحبّ أن يشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج إلى الصفا ويقول:
( اللّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ، ورِزقاً واسِعاً ، وشفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ وَسُقمٍ).
وإن أمكنه أتى زمزم بعد صلاة الطواف وأخذ منه ذنوباً أو ذنوبين ، فيشرب منه ويصبّ الماء على رأسه وظهره وبطنه ، ويقول :
( اللّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ، وَرِزقاً واسعاً ، وشفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ وسُقمٍ).
إيضاح مناسك الحج ـ 396 ـ
ثمّ يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.
آداب السعي
يستحبّ الخروج إلى الصفا من الباب الذي يقابل الحجر الأسود مع سكينة ووقار ، فإذا صعد على الصفا نظر إلى الكعبة ، ويتوجّه إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ، ويحمد الله ويُثني عليه ويتذكّر آلاء الله ونعمه ، ثمّ يقول: ( اللهُ أكبر) سبع مرّات ، ( الحمدُ لله ) سبع مرّات ، ( لا إله إلاّ الله ) سبع مرّات ، ويقول ثلاث مرّات :
( لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، يُحْيي وَيُمِيْتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَموتُ ، بِيَده الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ).
ثمّ يصلّي على محمّد وآل محمّد ، ثمّ يقول ثلاث مرّات :
( الله أكبرُ على ما هَدانَا ، وَالحَمْدُ لله عَلى ما أولانَا ، وَالحَمْدُ لله الحَيِّ القَيُّوم ، والحَمْدُ لله الحيِّ الدَّائِم ).
ثمّ يقول ثلاث مرّات :
( أشْهَدُ أن لا إلهَ إلاّ الله ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، لا نَعْبُدُ إلاّ إيِّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّيْنَ وَلَوْ كَره الْمُشْرِكُونَ ).
ثمّ يقول ثلاث مرّات :
(اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ العَفْوَ وَالعافِيَةَ وَاليَقِيْنَ فِي الدُّنيا وَالآخِرة ).
ثمّ يقول: ( اللهُ أكبر ) مائة مرّة ، ( لا إله إلاّ الله) مائة مرّة ، ( الحمدُ لله )
إيضاح مناسك الحج ـ 397 ـ
مائة مرّة ، (سبحان الله) مائة مرّة ، ثمّ يقول :
( لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ ، أنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَغَلَبَ الأحْزابَ وَحْدَهُ ، فَلَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، وَحْدَهُ وَحْدَهُ ، اللّهُمَّ بَاركْ لِي فِي المَوت وَفِيما بَعْدَ المَوْت ، اللّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ ظُلْمَة القَبْر وَوَحْشَتِه ، اللّهُمَّ أظِلَّنِي في ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّكَ ).
ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيراً ، فيقول :
( أسْتَودعُ اللهَ الرَّحمنَ الرَّحِيم الَّذي لا تَضيعُ وَدائِعهُ ديني وَنَفْسي وَأهْلي ، اللّهُمَّ اسْتَعْمِلْني على كِتَابِكَ وَسُنَّة نَبِيِّكَ وتَوَفَّنِي على مِلَّتِهِ ، وأعِذْني من الفتنة).
ثمّ يقول: (الله أكبر ) ثلاث مرّات ، ثمّ يعيدها مرّتين ثمّ يكبّر واحدة ثمّ يعيدها ، فإن لم يستطع هذا فبعضه.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثمّ يرفع يديه ، ثمّ يقول:
( اللّهُمَّ اغْفِر لِي كُلّ ذَنْبٍ أذْنَبْتُهُ قَطّ ، فإنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالمَغْفِرَة ، فَإنَّك أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ، اللّهُمَّ افْعَلْ بِي ما أنْتَ أهْلُهُ ، فَإنَّكَ إن تَفْعَلْ بِي ما أنْتَ أهلُهُ تَرْحَمْنِي ، وإن تُعَذِّبْني فَأنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذابي ، وانا مُحتاجٌ إلى رَحْمَتِكَ ، فَيا مَنْ أنا مُحْتَاجٌ إلى رَحْمَتِه ارْحَمْني ، اللّهُمَّ لا تَفْعَلْ بِي مَا أنا أهْلُهُ ، فإنَّكَ إن تَفْعل بِي ما أنَا أهْلُهُ تُعذِّبني وَلَمْ تَظْلِمني ، أصْبَحْتُ أتَّقي عَدْلَكَ وَلا أخافُ جَوْرَكَ ، فيا مَنْ هُوَ عَدلٌ لا يَجورُ ارْحَمْني ).
إيضاح مناسك الحج ـ 398 ـ
وعن أبي عبدالله عليه السلام إن أردت أن يكثر مالك فأكثر من الوقوف على الصفا ، ويستحبّ أن يسعى ماشياً وان يمشي مع سكينة ووقار حتّى يأتي محلّ المنارة الأولى فيهرول إلى محلّ المنارة الأخرى ، ثمّ يمشي مع سكينة ووقار حتّى يصعد على المروة ، فيصنع عليها كما صنع على الصفا ، ويرجع من المروة إلى الصفا على هذا النهج أيضاً ، وإذا كان راكباً أسرع فيما بين المنارتين فينبغي أن يجدّ في البكاء ويتباكى ويدعو الله كثيراً ويتضرع إليه .
آداب الإحرام
إلى الوقوف بعرفات
إذا أحرم للحجّ ـ وقد تقدم ذكر آدابه في صفحة 383 ـ وخرج من مكّة يلبّي في طريقه غير رافع صوته ، حتّى إذا أشرف على الأبطح رفع صوته ، فإذا توجّه إلى منى قال :
(اللّهُمَّ إيّاكَ أرْجُو ، وَإيّاكَ أدعُوا ، فَبَلِّغْني أمَلِي ، وَأصْلِحْ لِي عَمَلِي ).
ثمّ يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلاً بذكر الله سبحانه ، فإذا وصل إليها قال :
( الحَمْدُ لله الَّذي أقْدَمَنيها صالحاً في عافية ، وبَلَّغَني هذا المكانَ ).
إيضاح مناسك الحج ـ 399 ـ
ثمّ يقول :
( اللّهُمَّ هذه مِنى ، وَهذهِ ممّا مَنَنْتَ به عَلَيْنا مِن المناسِك ، فأسألُكَ أنْ تَمُنَّ عَليَّ بما مَنَنْتَ به على أنبِيائِكَ ، فَإنَّما أنا عَبْدُك وفي قَبْضَتِكَ ).
ويستحبّ له المبيت في منى ليلة عرفة ، يقضيها في طاعة الله تبارك وتعالى ، والأفضل أن تكون عباداته ولا سيما صلواته في مسجد الخيف ، فإذا صلّى الفجر عقّب إلى طلوع الشمس ثمّ يذهب إلى عرفات ، ولا بأس بخروجه منها قبل طلوع الشمس .
فإذا توجّه إلى عرفات قال :
( اللُّهُمَّ إلَيْكَ صَمَدْتُ ، وإيّاك فاعتَمَدتُ وَوَجْهَكَ أرَدْتُ ، فأسألُكَ أن تُباركَ لي في رحلَتِي وان تَقْضيَ لي حاجَتي ، وان تجْعَلَني مِمَّن تُباهي به اليومَ مَنْ هو أفْضَلُ مِنِّي ) ، ثمّ يلبّي إلى أن يصل إلى عرفات .
آداب الوقوف بعرفات
يستحبّ في الوقوف بعرفات أمور ، وهي كثيرة نذكر بعضها ، منها:
1 ـ الطهارة حال الوقوف .
2 ـ الغسل عند الزوال .
إيضاح مناسك الحج ـ 400 ـ
3 ـ تفريغ النفس للدعاء والتوجّه إلى الله.
4 ـ الوقوف بفسح الجبل في ميسرته.
5 ـ الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين.
6 ـ الدعاء بما تيسّر من المأثور وغيره ، والأفضل المأثور ، فمن ذلك :
دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة ، ودعاء علي بن الحسين عليه السلام .
ومنه : ما في صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
إنّما تعجل الصلاة وتجمع بينها لتفرغ نفسك للدعاء فإنّه يوم دعاء ومسألة ، ثمّ تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار ، فاحمد الله وهلّله ومجِّده واثن عليه ، وكبّره مائة مرّة ، واحمده مائة مرّة ، وسبّحه مائة مرّة ، واقرأ ( قل هو الله أحد) مائة مرّة ، وتخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت ، واجتهد فإنّه يوم دعاء ومسألة وتعوّذ بالله من الشيطان فإنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن ، وإيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس ، واقبل قبل نفسك ، وليكن فيما تقول :
( اللّهُمَّ إنّي عبدُكَ فلا تجعلني مِن أخْيَبِ وَفْدِكَ وارحَمْ مَسِيري إليكَ مِنَ الفَجِّ العَمِيق ).
وليكن فيما تقول :
( اللُّهمَّ رَبَّ المشاعِر كلِّها فُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّار ، وَأوْسِعْ عَليَّ مِنْ