وصيام ، ويقرأ ( وعابد الطاغوت ) و ( عَبَدَ الطَّاغُوتَ ) على أنه صفة مثل حطم ، ويقرأ ( وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ) على أنه فعل مالم يسم فاعله ، والطاغوت مرفوع ، ويقرأ ( وعبد ) مثل ظرف : أى صار ذلك للطاغوت كالغريزى ، ويقرأ ( وعبدوا ) على أنه فعل والواو فاعل ، والطاغوت نصب ، ويقرأ ( وعبدة الطاغوت ) وهو جمع عابد مثل قاتل وقتلة.
  قوله تعالى ( وَقَدْ دَخَلُوا ) في موضع الحال من الفاعل في قالوا ، أو من الفاعل في آمنا ، و (بالكفر) في موضع الحال من الفاعل في دخلوا : أى دخلوا كفارا ( وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا ) حال أخرى ، ويجوز أن يكون التقدير : وقد كانوا خرجوا به.
  قوله تعالى (وأكلهم) المصدر مضاف إلى الفاعل ، و (السحت) مفعوله ، ومثله عن قولهم الاثم.
  قوله تعالى (ينفق) مستأنف ، ولايجوز أن يكون حالا من الهاء لشيئين : أحدهما أن الهاء مضاف إليها ، والثانى أن الخبر يفصل بينهما ، ولا يجوز أن يكون حالا من اليدين إذ ليس فيها ضمير يعود إليهما (للحرب) يجوز أن يكون صفة لنار فيتعلق بمحذوف ، وأن يكون متعلقا بأوقدوا ، و (فسادا) مفعول من أجله.
  قوله تعالى ( لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ) مفعول أكلوا محذوف ، ومن فوقهم نعت له تقديره : رزقا كائنا من فوقهم ، أو مأخوذا من فوقهم ( سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) ساء هنا بمعنى بئس ، وقد ذكر فيما تقدم.
  قوله تعالى ( فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) يقرأ على الافراد ، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع ، لان جنس الرسالة مختلف.
  قوله تعالى ( وَالصَّابِئُونَ ) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل ، وبحذفها وضم الباء والاصل على هذا صبا بالالف المبدلة من الهمزة ، ويقرأ بياء مضمومة ، ووجهه أنه أبدل الهمزة ياء لانكسار ماقبلها ، ولم يحذفها لتدل على أن أصلها حرف يثبت ، ويقرأ بالهمز والنصب عطفا على الذين ، وهو شاذ في الرواية صحيح في القياس ، وهو مثل الذى في البقرة ، والمشهور في القراء‌ة الرفع.
  وفيها أقوال : أحدها قول سيبويه : وهو أن النية به التأخير بعد خبر إن ، وتقديره : ( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ، والصابئون كذلك ، فهو مبتدأ والخبر محذوف ، ومثله : ( فإنى وقيار بها لغريب ) .
  أى فإنى لغريب وقيار بها كذلك.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 222 _

  والثانى أنه معطوف على موضع إن كقولك : إن زيدا وعمرو قائمان ، وهذا خطأ لان خبر إن لم يتم ، وقائمان إن جعلته خبر إن لم يبق لعمرو وخبر ، وإن جعلته خبر عمرو لم يبق لان خبر ، ثم هو ممتنع من جهة المعنى لانك تخبر بالمثنى عن المفرد.
  فأما قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) على قراء‌ة من رفع ملائكته فخبر إن محذوف تقديره : إن الله يصلى ، وأغنى عنه خبر الثانى ، وكذلك لو قلت : إن عمرا وزيد قائم ، فرفعت زيدا جاز على أن يكون مبتدأ وقائم خبره أو خبر إن.
  والقول الثالث أن الصابئون معطوف على الفاعل في هادوا ، وهذا فاسد لوجهين : أحدهما أنه يوجب كون الصابئين هودا وليس كذلك ، والثانى أن الضمير لم يؤكد.
  والقول الرابع أن يكون خبر الصابئين محذوفا من غير ان ينوى به التأخير ، وهو ضعيف أيضا لما فيه من لزوم الحذف والفصل.
  والقول الخامس أن إن بمعنى نعم ، فما بعدها في موضع رفع ، فالصابئون كذلك.
  والسادس أن الصابئون في موضع نصب ، ولكنه جاء على لغة بلحرث الذين يجعلون التثنية بالالف على كل حال ، والجمع بالواو على كل حال وهو بعيد.
  والقول السابع أن بجعل النون حرف الاعراب.
  فإن قيل : فأبو على إنما أجاز ذلك مع الياء لا مع الواو ، قيل : قد أجازه غيره والقياس لا يدفعه ، فأما (النصارى) فالجيد أن يكون في موضع نصب على القياس المطرد ولا ضرورة تدعو إلى غيره.
  قوله تعالى ( فَرِيقاً كَذَّبُوا ) فريقا الاول مفعول كذبوا ، والثانى مفعول (يقتلون) وكذبوا جواب كلما ، ويقتلون بمعنى قتلوا ، وإنما جاء كذلك لتتوافق رء‌وس الآى.
  قوله تعالى ( أَلاَّ تَكُونَ ) يقرأ بالنصب على أن أن الناصبة للفعل ، وحسبوا بمعنى الشك ، ويقرأ بالرفع على أن أن المخففة من الثقيلة وخبرها محذوف (1) وجاز ذلك لما فصلت ( لا ) بينها وبين الفعل ، وحسبوا على هذا بمعنى علموا ، وقد جاء الوجهان فيها ، ولايجوز أن تكون المخففة من الثقيلة مع أفعال الشك والطبع ، ولا الناصبة للفعل مع علمت وماكان في معناها ، وكان هنا التامة ( فَعَمُوا وَصَمُّوا ) هذا هو المشهور ، ويقرأ بضم العين والصاد وهو من باب زكم وأزكمه الله ، ولا يقال عميته وصممته ، وإنما جاء بغير همزة فيما لم يسم فاعله وهو قليل ، واللغة الفاشية أعمى وأصم ( كَثِيرٌ مِنْهُمْ ) هو خبر مبتدإ محذوف : أى العمى والصم كثير ، وقيل هو بدل من ضمير الفاعل في صموا ، وقيل هو مبتدأ والجملة قبله خبر عنه : أى كثير منهم

--------------------
(1) (قوله وخبرها محذوف) كذا بالنسخ التى بأيدينا ، وصوابه أن يقول : واسمها محذوف كما لايخفى اه‍ مصححه . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 223 _
  عموا وهو ضعيف ، لان الفعل قد وقع في موضعه فلا ينوى به غيره ، وقيل الواو علامة جمع لا اسم ، وكثير فاعل صموا.
  قوله تعالى ( ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) أى أحد ثلاثة ، ولا يجوز في مثل هذا إلا الاضافة ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ ) من زائدة وإله في موضع مبتدأ ، والخبر محذوف : أى وما للخلق إله ( إِلاَّ اللَّهَ ) بدل من إله ، ولو قرئ بالجر بدلا من لفظ إله كان جائزا في العربية (ليمسن) جواب قسم محذوف وسد مسد جواب الشرط الذى هو وإن لم ينتهوا و (منهم) في موضع الحال ، إما من الذين ، أو من ضمير الفاعل في كفروا.
  قوله تعالى ( قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) في موضع رفع صفة لرسول ( كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) لا موضع له من الاعراب (أنى) بمعنى كيف في موضع الحال ، والعامل فيها (يؤفكون) ولايعمل فيها نظرا لان الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
  قوله تعالى ( مَا لا يَمْلِكُ ) يجوز أن تكون ( ما ) نكرة موصوفة ، وأن تكون بمعنى الذى.
  قوله تعالى (تغلوا) فعل لازم ( غَيْرَ الْحَقِّ ) صفة لمصدر محذوف : أى غلوا غير الحق ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل : أى لاتغلوا مجاوزين الحق.
  قوله تعالى ( مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) في موضع الحال من الذين كفروا أو من ضمير الفاعل في كفروا ( عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ ) متعلق بلعن كقولك : جاء زيد على الفرس ( ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ) قد تقدم ذكره في غير موضع ، وكذلك و ( لَبِئْسَ مَا كَانُوا ) و ( لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ ).
  قوله تعالى ( أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) أن والفعل في تقدير مصدر مرفوع خبر ابتداء محذوف : أى هو سخط الله ، وقيل في موضع نصب بدلا من ( ما ) أى بئس شيئا سخط الله عليهم ، وقيل هو في موضع جر بلام محذوفة ، أى لان سخط.
  قوله تعالى (عداوة) تمييز ، والعامل فيه أشد ، و ( لِلَّذِينَ آمَنُوا ) متعلق بالمصدر أو نعت له (اليهود) المفعول الثانى لتجد (ذلك) مبتدأ ، و ( بِأَنَّ مِنْهُمْ ) الخبر : أى ذلك كائن بهذه الصفة.
  قوله تعالى ( وَإِذَا سَمِعُوا ) الواو هاهنا عطفت إذا على خبر أن ، وهو قوله ( لا يَسْتَكْبِرُونَ ) فصار الكلام داخلا في صلة أن وإذا في موضع نصب ب‍ (ترى) وإذا

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 224 _
  وجوابها في موضع رفع عطفا على خبر أن الثانية ، ويجوز أن يكون مستأنفا في اللفظ ، وإن كان له تعلق بما قبله في المعنى ، و (تفيض) في موضع نصب على الحال ، لان ترى من رؤية العين ، و ( مِنْ الدَّمْعِ ) فيه وجهان : أحدهما أن من لابتداء الغاية : أى فيضها من كثرة الدمع ، والثانى أن يكون حالا ، والتقدير : تفيض مملوء‌ة من الدمع ، وأما ( مِمَّا عَرَفُوا ) فمن لابتداء الغاية ومعناها : من أجل الذى عرفوه ، و ( مِنْ الْحَقِّ ) حال من العائد المحذوف (يقولون) حال من ضمير الفاعل في عرفوا.
  قوله تعالى ( وَمَا لَنَا ) ما في موضع رفع بالابتداء ، ولنا الخبر ، و ( لا نُؤْمِنُ ) حال من الضمير في الخبر ، والعامل فيه الجار : أى مالنا غير مؤمنين ، كما تقول : مالك قائما ( وَمَا جَاءَنَا ) يجوز أن يكون في موضع جر : أى وبما جاء‌نا ( مِنْ الْحَقِّ ) حال من ضمير الفاعل ، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية : أى ولما جاء‌نا من عند الله ، ويجوز أن يكون مبتدأ ومن الحق الخبر ، والجملة في موضع الحال (ونطمع) يجوز أن يكون معطوفا على نؤمن : أى ومالنا لانطمع ، ويجوز أن يكون التقدير : ونحن نطمع ، فتكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في نؤمن ، و ( أَنْ يُدْخِلَنَا ) أى في أن يدخلنا ، فهو في موضع نصب أو جر على الخلاف بين الخليل وسيبويه.
  قوله تعالى (حلالا) فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو مفعول كلوا ، فعلى هذا يكون مما في موضع الحال لانه صفة للنكرة قدمت عليها ، ويجوز أن تكون ( من ) لابتداء غاية الاكل ، فتكون متعلقة بكلوا كقولك : أكلت من الخبز رغيفا إذا لم ترد الصفة.
  والوجه الثانى أن يكون حالا من ( ما ) لانها بمعنى الذى ، ويجوز أن يكون حالا من العائد المحذوف فيكون العامل رزق.
  والثالث أن يكون صفة لمصدر محذوف : أى أكلا حلالا ، ولايجوز أن ينصب حلالا برزق على أنه مفعوله ، لان ذلك يمنع من أن يعود إلى ( ما ) ضمير.
  قوله تعالى ( بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن تكون متعلقة بنفس اللغو لانك تقول : لغا في يمينه ، وهذا مصدر بالالف واللام يعمل ولكن معدى بحرف الجر.
  والثانى أن تكون حالا من اللغو : أى باللغو كائنا أو واقعا في أيمانكم.
  والثالث أن يتعلق في بيؤاخذكم (عقدتم) يقرأ بتخفيف القاف وهو الاصل ، وعقد اليمين هو قصد الالتزام بها ، ويقرأ بتشديدها وذلك لتوكيد اليمين

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 225 _
  كقوله : ( اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) ونحوه ، وقيل التشديد يدل على تأكيد العزم بالالتزام بها ، وقيل إنما شدد لكثرة الحالفين وكثرة الايمان ، وقيل التشديد عوض من الالف في عاقد ، ولايجوز أن يكون التشديد لتكرير اليمين لان الكفارة تجب وإن لم تكرر ، ويقرأ ( عاقدتم ) بالالف ، وهى بمعنى عقدتم كقولك : قاطعته وقطعته من الهجران (فكفارته) الهاء ضمير العقد ، وقد تقدم الفعل الدال عليه ، وقيل تعود على اليمين بالمعنى لان الحالف واليمين بمعنى واحد ، و (إطعام) مصدر مضاف إلى المفعول به ، والجيد أن يقدر بفعل قد سمى فاعله ، لان ماقبله ومابعده خطاب ، ف‍ (عشرة) على هذا في موضع نصب ( مِنْ أَوْسَطِ ) صفة لمفعول محذوف تقديره : إن تطعموا عشرة مساكين طعاما أو قوتا من أوسط : أى متوسطا ( مَا تُطْعِمُونَ ) أى الذى تطعمون منه أو تطعمونه ( أَوْ كِسْوَتُهُمْ ) معطوف على إطعام ، ويقرأ شاذا ( أو كاسوتهم ) فالكاف في موضع رفع : أى أو مثل أسوة أهليكم في الكسوة ( أَوْ تَحْرِيرُ ) معطوف على إطعام وهو مصدر مضاف إلى المفعول أيضا ( إِذَا حَلَفْتُمْ ) العامل في إذا كفارة إيمانكم ، لان المعنى ذلك يكفر أيمانكم وقت حلفكم (كذلك) الكاف صفة مصدر محذوف أى يبين لكم آياته تبيينا مثل ذلك.
  قوله تعالى (رجس) إنما أفرد لان التقدير إنما عمل هذه الاشياء رجس ، ويجوز أن يكون خبرا عن الخمر وإخبار المعطوفات محذوف لدلالة خبر الاول عليها ، و ( مِنْ عَمَلِ ) صفة لرجس أن خبر ثان ، والهاء في (اجتنبوه) ترجع إلى الفعل أو إلى الرجس والتقدير رجس من جنس عمل الشيطان.
  قوله تعالى ( فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) في متعلقة بيوقع ، وهى بمعنى السبب : أى بسبب شرب الخمر وفعل الميسر ، ويجور أن تتعلق في بالعداوة ، أو بالبغضاء : أى أن تتعادوا ، وأن تتباغضوا بسبب الشرب ، وهو على هذا مصدر بالالف واللام معمل ، والهمزة في البغضاء للتأنيث وليس مؤنث أفعل ، إذ ليس مذكر البغضاء أبغض وهو مثل البأساء والضراء ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) لفظه استفهام ، ومعناه الامر : أى انتهوا ، لكن الاستفهام عقيب ذكر هذه المعايب أبلغ من الامر.
  قوله تعالى ( إِذَا مَا اتَّقَوْا ) العامل في إذا معنى : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح : أى لايأثمون إذا مااتقوا.
  قوله تعالى ( مِنْ الصَّيْدِ ) في موضع جر صفة لشئ ، ومن لبيان الجنس،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 226 _
  وقيل للتبعيض إذ لا يحرم إلا الصيد في حال الاحرام ، وفى الحرم وفى البر والصيد في الاصل مصدر ، وهو هاهنا بمعنى المصيد ، وسمى مصيدا وصيدا لمآله إلى ذلك وتوفر الدواعى إلى صيده ، فكأنه لما أعد للصيد صار كأنه مصيد (تناله) صفة لشئ ، ويجوز أن يكون حالا من شئ لانه قد وصف ، وأن يكون حالا من الصيد (ليعلم) اللام متعلقة بليبلونكم (بالغيب) يجوز أن يكون في موضع الحال من ( من ) أو من ضمير الفاعل في يخافه : أى يخافه غائبا عن الخلق ، ويجوز أن يكون بمعنى في : أى في الموضع الغائب عن الخلق ، والغيب مصدر في موضع فاعل.
  قوله تعالى ( وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) في موضع الحال من ضمير الفاعل في تقتلوا ، و (متعمدا) حال من الضمير الفاعل في قتله (فجزاء) مبتدأ والخبر محذوف ، وقيل التقدير.
  فالواجب جزاء ، ويقرأ بالتنوين ، فعلى هذا يكون (مثل) صفة له أو بدلا ، ومثل هنا بمعنى مماثل ، ولا يجوز على هذه القراء‌ة أن يعلق من النعم بجزاء ، لانه مصدر ومايتعلق به من صلته ، والفصل بين الصلة والموصول بالصفة أو البدل غير جائز ، لان الموصول لم يتم فلا يوصف ولايبدل منه ، ويقرأ شاذا ( جزاء ) بالتنوين ، ومثل بالنصب ، وانتصابه بجزاء ، ويجوز أن ينتصب بفعل دل عليه جزاء : أى يخرج أو يؤدى مثل ، وهذا أولى فإن الجزاء يتعدى بحرف الجر ، ويقرأ في المشهور بإضافة جزاء إلى المثل ، وإعراب الجزاء على ماتقدم ، ومثل في هذه القراء‌ة في حكم الزائدة ، وهو كقولهم : مثلى لايقول ذلك : أى أنا لاأقول ، وإنما دعا إلى هذا التقدير أن الذى يجب به الجزاء المقتول لامثله ، وأما ( مِنْ النَّعَمِ ) ففيه أوجه : أحدها أن تجعله حالا من الضمير في قتل لان المقتول يكون من النعم ، والثانى أن يكون صفة لجزاء إذا نونته : أى جزاء كائن من النعم ، والثالث أن تعلقها بنفس الجزاء إذا أضفته ، لان المضاف إليه داخل في المضاف فلا يعد فصلا بين الصلة والموصول ، وكذلك إن نونت الجزاء ونصبت مثلا لانه عامل فيهما فهما من صلته ، كما تقول : يعجبني ضربك زيدا بالسوط ( يَحْكُمُ بِهِ ) في موضع رفع صفة لجزاء إذا نونته ، وأما على الاضافة فهو في موضع الحال ، والعامل فيه معنى الاستقرار المقدر في الخبر المحذوف ( ذَوَا عَدْلٍ ) الالف للتثنية ، ويقرأ شاذا ( ذو ) على الافراد ، والمراد به الجنس ، كما تكون ( من ) محمولة على المعنى ، فتقديره : على هذا فريق ذو عدل أو حاكم ذو عدل ، و (منكم) صفة لذوا ، ولا يجوز أن يكون صفة العدل لان عدلا هنا مصدر غير وصف (هديا) حال من الهاء في به وهو بمعنى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 227 _
  مهدى ، وقيل هو مصدر ، أى يهديه هديا ، وقيل على التمييز ، و ( بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) صفة لهدى ، والتنوين مقدر : أى بالغا الكعبة ( أَوْ كَفَّارَةٌ ) معطوف على جزاء : أى أو عليه كفارة إذا لم يجد المثل ، و (طعام) بدل من كفارة أو خبر مبتدإ محذوف أى هى طعام ، ويقرأ بالاضافة ، والاضافة هنا لتبيين المضاف ، و (صياما) تمييز (ليذوق) اللام متعلقة بالاستقرار : أى عليه الجزاء ليذوق ، ويجوز أن تتعلق بصيام وبطعام ( فَيَنتَقِمُ اللَّهُ ) جواب الشرط ، وحسن ذلك لما كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ.
  قوله تعالى (وطعامه) الهاء ضمير البحر ، وقيل ضمير الصيد ، والتقدير : وإطعام الصيد أنفسكم ، والمعنى أنه أباح لهم صيد البحر وأكل صيده بخلاف صيده البر (متاعا) مفعول من أجله ، وقيل مصدر : أى متعتم بذلك تمتيعا ( مَا دُمْتُمْ ) يقرأ بضم الدال وهو الاصل ، وبكسرها وهى لغة ، يقال دمت تدام (حرما) جمع حرام ككتاب وكتب ، وقرئ في الشاذ حرما بفتح الحاء والراء : أى ذوى حرم ، أى إحرام ، وقيل جعلهم بمنزلة المكان الممنوع منه.
  قوله تعالى ( جَعَلَ اللَّهُ ) هى بمعنى صبر فيكون (قياما) مفعولا ثانيا ، وقيل هى بمعنى خلق فيكون قياما حالا ، و (البيت) بدل من الكعبة.
  ويقرأ ( قياما ) بالالف : أى سببا لقيام دينهم ومعاشهم ، ويقرأ ( قيما ) بغير ألف ، وهو محذوف من قيام كخيم في خيام (ذلك) في موضع رفع خبر مبتدإ محذوف : أى الحكم الذى ذكرناه ذلك : أى لاغيره ، ويجوز أن يكون المحذوف هو الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب : أى فعلنا ذلك أو شرعنا ، واللام في (لتعلموا) متعلقة بالمحذوف.
  قوله تعالى ( عَنْ أَشْيَاءَ ) الاصل فيها عند الخليل وسيبويه شيئاء بهمزتين بينهما ألف وهى فعلاء من لفظ شئ ، وهمزتها الثانية للتأنيث ، وهى مفردة في اللفظ ومعناها الجمع ، مثل قصباء وطرفاء ، ولاجل همزة التأنيث لم تنصرف ، ثم إن الهمزة الاولى التى هى لام الكلمة قدمت فجعلت قبل الشين كراهية الهمزتين بينهما ألف خصوصا بعد الياء فصار وزنها لفعاء ، وهذا قول صحيح لايرد عليه إشكال.
  وقال الاخفش والفراء : أصل الكلمة شئ مثل هين على فعل ، ثم خففت ياؤه كما خففت ياء هين فقيل شئ كما قيل هين ، ثم جمع على أفعلاء وكان الاصل أشياء.
  كما قالوا هين وأهوناء ثم حذفت الهمزة الاولى فصار وزنها أفعاء فلامها محذوفة ، ومثل آخرون الاصل في شئ شيئ مثل صديق ، ثم جمع على أفعلاء كأصدقاء وأنبياء ، ثم حذفت

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 228 _
  الهمزة الاولى ، وقيل هو جمع شئ من غير تغيير كبيت وأبيات وهو غلط ، لان مثل هذا الجمع ينصرف ، وعلى الاقوال الاول يمتنع صرفه لاجل همزة التأنيث ، ولو كان أفعالا لانصرف ، ولم يسمع أشياء منصرفة البتة ، وفى هذا المسألة كلام طويل فموضعه التصريف ( إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) الشرط وجوابه في موضع جر صفة لاشياء ( عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ) قيل هو مستأنف ، وقيل هو في موضع جر أيضا ، والنية به التقديم : أى عن أشياء قد عفا الله لكم عنها.
  قوله تعالى ( مِنْ قَبْلِكُمْ ) هو متعلق بسألها ، ولايجوز أن يكون صفة لقوم ولاحالا ، لان ظرف الزمان لايكون صفة للجثة ولاحالا منها ولاخبرا عنها.
  قوله تعالى ( مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ) ( من ) زائدة ، وجعل هاهنا بمعنى سمى فعلى هذا يكون بحيرة أحد المفعولين والآخر محذوف : أى ماسمى الله حيوانا بحيرة ويجوز أن تكون جعل متعدية إلى مفعول واحد بمعنى ماشرع ، ولاوضع ، وبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة.
  والسائبة فاعلة من ساب يسيب إذا جرى ، وهو مطاوع سيبه فساب ، وقيل هى فاعلة بمعنى مفعولة : أى مسيبة.
  والوصيلة بمعنى الواصلة ، والحامى فاعل من حمى ظهره يحميه.
  قوله تعالى (حسبنا) هو مبتدأ وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل ، و ( مَا وَجَدْنَا ) هو الخبر ( ما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، والتقدير : كافينا الذى وجدناه ووجدنا هنا يجوز أن تكون بمعنى علمنا ، فيكون (عليه) المفعول الثانى ، ويجوز أن تكون بمعنى صادفنا فتتعدى إلى مفعول واحد بنفسها.
  وفى عليه على هذا وجهان : أحدهما هى متعلقة بالفعل معدية له كما تتعدى ضربت زيدا بالسوط.
  والثانى أن تكون حالا من الآباء ، وجواب ( أو لو كان ) محذوف ، تقديره : أو لو كانوا يتبعونهم.
  قوله تعالى ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ) عليكم هو اسم للفعل هاهنا ، وبه انتصب أنفسكم ، والتقدير : احفظوا أنفسكم ، والكاف والميم في عليكم في موضع جر لان اسم الفعل هو الجار والمجرور ، وعلى وحدها لم تستعمل اسما للفعل ، بخلاف رويدكم فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط ولاموضع لهما لان رويدا قد استعملت اسما للامر للمواجه من غير كاف الخطاب ، وهكذا قوله : ( مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ) ، الكاف والميم في موضع جر أيضا ، ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى ( لا يَضُرُّكُمْ ) يقرأ بالتشديد والضم على أنه مستأنف ، وقيل حقه الجزم على جواب الامر ولكنه حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد ، ويقرأ بفتح الراء على أن حقه الجزم وحرك بالفتح

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 229 _
  ويقرأ بتخفيف الراء وسكونها وكسر الضاد وهو من ضاره يضيره ، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الضاد وهو من ضاره يضوره ، وكل ذلك لغات فيه ، و (إذا) ظرف ليضر ، ويبعد أن يكون ظرفا لضل لان المعنى لايصح معه.
  قوله تعالى ( شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ) يقرأ برفع الشهادة وإضافتها إلى بينكم ، والرفع على الابتداء ، والاضافة هنا إلى بين على أن تجعل بين مفعولا به على السعة ، والخبر اثنان ، والتقدير : شهادة اثنين ، وقيل التقدير : ذوا شهادة بينكم اثنان ، فحذف المضاف الاول ، فعلى هذا يكون ( إِذَا حَضَرَ ) ظرفا للشهادة ، وأما ( حِينَ الْوَصِيَّةِ ) ففيه على هذا ثلاثة أوجه : أحدها هو ظرف للموت.
  والثانى ظرف لحضر ، وجاز ذلك إذ كان المعنى حضر أسباب الموت.
  والثالث أن يكون بدلا من إذا ، وقيل شهادة بينكم مبتدأ وخبره إذا حضر ، وحين على الوجوه الثلاثة في الاعراب ، وقيل خبر الشهادة حين ، وإذا ظرف للشهادة ، ولايجوز أن يكون إذا خبرا للشهادة وحين ظرفا لها ، إذ في ذلك الفصل بين المصدر وصلته بخبره ، ولايجوز أن تعمل الوصية في إذا لان المصدر لا يعمل فيما قبله ، ولاالمضاف إليه في الاعراب يعمل فيما قبله.
  وإذا جعلت الظرف خبرا عن الشهادة فاثنان خبر مبتدإ محذوف : أى الشاهدان اثنان ، وقيل الشهادة مبتدأ ، وإذا وحين غير خبرين ، بل هما على ماذكرنا من الظرفية ، واثنان فاعل شهادة ، وأغنى الفاعل عن خبر المبتدإ ، و ( ذَوَا عَدْلٍ ) صفة لاثنين ، وكذلك ( مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ ) معطوف على اثنان ، و ( مِنْ غَيْرِكُمْ ) صفة لآخران ، و ( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ ) معترض بين آخران وبين صفته ، وهو ( تحبسونهما ) أى أو آخران من غيركم محبوسان ، و ( مِنْ بَعْدِ ) متعلق بتحبسون ، وأنتم مرفوع بأنه فاعل فعل محذوف لانه واقع بعد إن الشرطية فلا يرتفع بالابتداء ، والتقدير : إن ضربتم ، فلما حذف الفعل وجب أن يفصل الضمير فيصير أنتم ليقوم بنفسه ، وضربتم تفسير للفعل المحذوف لاموضع له ( فَيُقْسِمَانِ ) جملة معطوفة على تحبسونهما ، و ( إِنْ ارْتَبْتُمْ ) معترض بين يقسمان وجوابه ، وهو ( لا نَشْتَرِي ) وجواب الشرط محذوف في الموضعين أغنى عنه معنى الكلام ، والتقدير : إن ارتبتم فاحبسوهما أو فحلفوهما ، وإن ضربتم في الارض فأشهدوا اثنين ، ولا نشتري جواب يقسمان لانه يقوم مقام اليمين ، والهاء في (به) تعود إلى الله تعالى أو على القسم أو اليمين أو الحلف أو على تحريف الشهادة أو على الشهادة لانها قول ، و (ثمنا) مفعول نشترى ، ولاحذف فيه لان

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 230 _
  الثمن يشترى كما يشترى به ، وقيل التقدير : ذا ثمن ( وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) اى ولو كان المشهود له لم يشتر ( وَلا نَكْتُمُ ) معطوف على لا نشتري ، وأضاف الشهادة إلى الله لانه أمر بها فصارت له ، ويقرأ شهادة بالتنوين ، وألله بقطع الهمزة من غير مد وبكسر الهاء على أنه جره بحرف القسم محذوفا ، وقطع الهمزة تنبيها على ذلك ، وقيل قطعها عوض من حرف القسم ، ويقرأ كذلك إلا أنه بوصل الهمزة والجر على القسم من غير تعويض ولاتنبيه ، ويقرأ كذلك إلا أنه بقطع الهمزة ومدها ، والهمزة على هذا عوض من حرف القسم ، ويقرأ بتنوين الشهادة ووصل الهمزة ونصب إسم الله من غير مد على أنه منصوب بفعل القسم محذوفا.
  قوله تعالى ( فَإِنْ عُثِرَ ) مصدره العثور ، ومعناه اطلع ، فأما مصدر عثر في مشيه ومنطقه ورأيه فالعثار ، و ( عَلَى أَنَّهُمَا ) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل (فآخران) خبر مبتدإ محذوف : أى فالشاهدان آخران ، وقيل فاعل فعل محذوف : أى فليشهد آخران ، وقيل هو مبتدأ والخبر (يقومان) وجاز الابتداء هنا بالنكرة لحصول الفائدة ، وقيل الخبر الاوليان ، وقيل المبتدأ الاوليان ، وآخران خبر مقدم ، ويقومان صفة آخران إذا لم تجعله خبرا ، و (مقامهما) مصدر ، و ( مِنْ الَّذِينَ ) صفة أخرى لآخران ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في يقومان (استحق) يقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل ، والفاعل الاوليان ، والمفعول محذوف : أى وصيتهما ، ويقرأ بضمها على مالم يسم فاعله ، وفى الفاعل وجهان : أحدهما ضمير الاثم لتقدم ذكره في قوله ( اسْتَحَقَّا إِثْماً ) أى استحق عليهم الاثم ، والثانى الاوليان : إى إثم الاولين ، وفى (عليهم) ثلاثة أوجه : أحدها هى على بابها كقولك : وجب عليه الاثم.
  والثانى هى بمعنى في : أى استحق فيهم الوصية ونحوها.
  والثالث هى بمعنى من : أى استحق منهم الاوليان ، ومثله ( اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ) أى من الناس (الاوليان) يقرأ بالالف على تثنية أولى.
  وفى رفعه خمسة أوجه : أحدها هو خبر مبتدإ محذوف : أى هما الاوليان ، والثانى هو مبتدأ وخبره آخران ، وقد ذكر ، والثالث هو فاعل استحق وقد ذكر أيضا ، والرابع هو بدل من الضمير في يقومان ، والخامس أن يكون صفة لآخران لانه وإن كان نكرة فقد وصف والاوليان لم يقصد بهما قصد اثنين بأعيانهما وهذا محكى عن الاخفش.
  ويقرأ الاولين ، وهو جمع أول ، وهو صفة للذين استحق أو بدل من الضمير في عليهم ، ويقرأ الاولين وهو جمع أولى ، وإعرابه كإعراب الاولين ، ويقرأ الاولان تثنية الاول ، وإعرابه

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 231 _
  كإعراب الاوليان (فيقسمان) عطف على يقومان ( لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ ) مبتدأ وخبر ، وهو جواب يقسمان.
  قوله تعالى ( ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا ) : أى من أن يأتوا أو إلى أن يأتوا ، وقد ذكر نظائره ، و ( عَلَى وَجْهِهَا ) في موضع الحال من الشهادة : أى محققة أو صحيحة ( أَوْ يَخَافُوا ) معطوف على يأتوا ، و ( بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ) ظرف لترد أو صفة الايمان.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّه ) العامل في يوم يهدى : أى لايهديهم في ذلك اليوم إلى حجة أو إلى طريق الجنة ، وقيل هو مفعول به ، والتقدير : واسمعوا خبر ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ ) فحذف المضاف (ماذا) في موضع نصب ب‍ (أجبتم) وحرف الجر محذوف : أى بماذا أجبتم ، وما وذا هنا بمنزلة اسم واحد ، ويضعف أن يجعل ذا بمعنى الذى هاهنا لانه لاعائد هنا ، وحذف العائد مع حرف الجر ضعيف ( إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) و ( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) مثل ( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) وقد ذكر في البقرة.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَ اللَّهُ ) يجوز أن يكون بدلا من يوم ، والتقدير : إذ يقول ، ووقعت هنا إذ هى للماضى على حكاية الحال ، ويجوز أن يكون التقدير : اذكر إذ يقول ( يَا عِيسَى ابْنَ ) يجوز أن يكون على الالف من عيسى فتحة ، لانه قد وصف بابن وهو بين علمين ، وأن يكون عليها ضمة ، وهى مثل قولك : يازيد بن عمرو بفتح الدال وضمها ، فإذا قدرت الضم جاز أن تجعل ابن مريم صفة وبيانا وبدلا ( إِذْ أَيَّدتُّكَ ) العامل في إذ ( نعمتى ) ويجوز أن يكون حالا من نعمتى ، وأن يكون مفعولا به على السعة ، وأيدتك وآيدتك قد قرئ بهما ، وقد ذكر في البقرة ( تُكَلِّمُ النَّاسَ ) في موضع الحال من الكاف في أيدتك ، و ( فِي الْمَهْدِ ) ظرف لتكلم أو حال من ضمير الفاعل في تكلم (وكهلا) حال منه أيضا ، ويجوز أن يكون من الكاف في أيدتك وهى حال مقدرة.
  ( وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ) واذ تخلق ، وإذ تخرج معطوفات على إذ أيدتك ( مِنْ الطِّينِ ) يجوز أن يتعلق بتخلق فتكون من لابتداء غاية الخلق وأن يكون حالا ( من هيئة الطير ) على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه ، والكاف مفعول تخلق ، وقد تكلمنا على قوله ( هيئة الطير ) في آل عمران ( فَتَكُونُ طَيْراً ) يقرأ بياء ساكنة من غير ألف.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه مصدر في معنى الفاعل.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 232 _
  والثانى أن يكون أصله طيرا مثل سيد ، ثم خفف إلا أن ذلك يقل فيما عينه ياء وهو جائز ، ويقرأ طائرا وهى صفة غالبة ، وقيل هو اسم للجمع مثل الحامل والباقر ، و (تبرئ) معطوف على تخلق ( إِذْ جِئْتَهُمْ ) ظرف لكففت ( سِحْرٌ مُبِينٌ ) يقرأ بغير ألف على أنه مصدر ، ويشار به إلى ماجاء به من الآيات ، ويقرأ ساحر بالالف والاشارة به إلى عيسى ، وقيل هو فاعل في معنى المصدر كما قالوا عائذا بالله منك : أى عوذا أو عياذا.
  قوله تعالى ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ ) معطوف على ( إِذْ أَيَّدتُّكَ ) ( أَنْ آمِنُوا ) يجوز أن تكون أن مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحيت ، وأن تكون بمعنى أى ، وقد ذكرت نظائره.
  قوله تعالى ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ) أى اذكر اذ قال ، ويجوز أن يكون ظرفا لمسلمون ( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ) يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل ، والمعنى : هل يقدر ربك أو يفعل ، وقيل التقدير : هل يطيع ربك ، وهما بمعنى واحد مثل استجاب وأجاب وأستجب وأجب ، ويقرأ بالتاء ، وربك نصب ، والتقدير : هل يستطيع سؤال ربك فحذف المضاف ، فأما قوله ( أَنْ يُنَزِّلَ ) فعلى القراء‌ة الاولى هو مفعول يستطيع ، والتقدير : على أن ينزل ، أو في أن ينزل ، ويجوز أن لا يحتاج إلى حرف جر على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق ، وعلى القراء‌ة الاخرى يكون مفعولا لسؤال المحذوف.
  قوله تعالى ( أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا ) أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف وقد عوض منه وقيل أن مصدرية وقد لاتمنع من ذلك (نكون) صفة لمائدة ، و (لنا) يجوز أن يكون خبر كان ، ويكون (عيدا) حالا من الضمير في الظرف أو حالا من الضمير في كان على قول من ينصب عنها الحال ، ويجوز أن يكون عيدا الخبر ، وفى لنا على هذا وجهان : أحدهما أن يكون حالا من الضمير في تكون.
  والثانى أن تكون حالا من عيد لانه صفة له قدمت عليه ، فأما ( لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ) فإذا جعلت لنا خبرا أو حالا من فاعل تكون فهو صفة لعيد ، وإن جعلت لنا صفة لعيد كان لاولنا وآخرنا بدل من الضمير المجرور بإعادة الجار ، ويقرأ لاولانا وأخرانا على تأنيث الطائفة أو الفرقة ، وأما من السماء فيجوز أن يكون صفة لمائدة ، وأن يتعلق بينزل (وآية) عطف على عيد ، و (منك) صفة لها.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 233 _
  قوله تعالى (منكم) في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر (عذابا) اسم للمصدر الذى هو التعذيب فيقع موقعه ، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة ، وأما قوله ( لا أُعَذِّبُهُ ) يجوز أن تكون الهاء للعذاب ، وفيه على هذا وجهان : أحدهما أن يكون حذف حرف الجر : أى لاأعذب به أحدا.
  والثانى أن يكون مفعولا به على السعة ، ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد كقولك ظننته زيدا منطلقا ، ولا تكون هذه الهاء عائدة على العذاب الاول.
  فإن قلت : لاأعذبه صفة لعذاب ، فعلى هذا التقدير لايعود من الصفة إلى الموصوف شئ.
  قيل إن الثانى لما كان واقعا موقع المصدر والمصدر جنس وعذابا نكرة كان الاول داخلا في الثانى ، والثانى مشتملا على الاول ، وهو مثل : زيد نعم الرجل ، ويجوز أن تكون الهاء ضمير من ، وفى الكلام حذف : أى لاأعذب الكافر : أى مثل الكافر : أى مثل عذاب الكافر.
  قوله تعالى (اتخذونى) هذه تتعدى إلى مفعولين لانهما بمعنى صيرونى ، و ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) في موضع صفة إلهين ، ويجوز أن تكون متعلقة باتخذوا ( أَنْ أَقُولَ ) في موضع رفع فاعل يكون ، ولى الخبر ، و ( مَا لَيْسَ ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة وهو مفعول أقول ، لان التقدير : أن أدعى أو أذكر ، واسم ليس مضمر فيها ، وخبرها (لى) و (بحق) في موضع الحال من الضمير في الجار ، والعامل فيه الجار ، ويجوز أن يكون بحق مفعولا به تقديره : ماليس يثبت لى بسبب حق ، فالباء تتعلق بالفعل المحذوف لابنفس الجار ، لان المعانى لا تعمل في المفعول به ، ويجوز أن يجعل بحق خبر ليس ، ولى تبيين كما في قولهم : سقيا له ورعيا ، ويجوز أن يكون بحق خبر ليس ، ولى صفة بحق قدم عليه فصار حالا ، وهذا يخرج على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه ( إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ ) كنت لفظها ماض ، والمراد المستقبل ، والتقدير : إن يصح دعواى لى ، وإنما دعا هذا لان إن الشرطية لامعنى لها إلا في المستقبل ، فآل حاصل المعنى إلى ماذكرناه.
  قوله تعالى ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ) ( ما ) في موضع نصب بقلت أى ذكرت أو أديت الذى أمرتنى به فيكون مفعولا به ، ويجوز أن تكون ( ما ) نكرة موصوفة.
  وهو مفعول به أيضا ( أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ ) يجوز أن تكون أن مصدرية والامر صلة لها ، وفى الموضع ثلاثة أوجه : الجر على البدل من الهاء ، والرفع على إضمار هو ، والنصب على إضمار أعنى أو بدلا من موضع به ، ولايجوز أن تكون بمعنى أن المفسرة ، لان القول قد صرح به ، وأى لاتكون مع التصريح بالقول (ربى) صفة لله أو بدل منه ، و (عليهم) يتعلق ب‍ (شهيدا).

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 234 _
  ( مَا دُمْتُ ) ( ما ) هنا مصدرية ، والزمان معها محذوف : أى مدة مادمت ، ودمت هنا يجوز أن تكون الناقصة ، و (فيهم) خبرها ، ويجور أن تكون التامة : أى ماأقمت فيهم ، فيكون فيهم ظرفا للفعل ، و (الرقيب) خبر كان (وأنت) فصل أو توكيد للفاعل ويقرأ بالرفع على أن يكون مبتدأ وخبرا في موضع نصب.
  قوله تعالى ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ) الفاء جواب الشرط ، وهو محمول على المعنى : أى إن تعذبهم تعدل وإن تغفر لهم تتفضل.
  قوله تعالى ( هَذَا يَوْمُ ) هذا مبتدأ ويوم خبره ، وهو معرب لانه مضاف إلى معرب فبقى على حقه من الاعراب ، ويقرأ ( يوم ) بالفتح وهو منصوب على الظرف ، وهذا فيه وجهان : أحدهما هو مفعول قال : أى قال الله هذا القول في يوم ، والثانى أن هذا مبتدأ ويوم ظرف للخبر المحذوف : أى هذا يقع أو يكون يوم ينفع.
  وقال الكوفيون : يوم في موضع رفع خبر هذا ، ولكنه بنى على الفتح لاضافته إلى الفعل ، وعندهم يجوز بناؤه ، وإن أضيف إلى معرب ، وذلك عندنا لايجوز إلا إذا أضيف إلى مبنى ، و (صدقهم) فاعل ينفع ، وقد قرئ شاذا صدقهم بالنصب على أن يكون الفاعل ضمير اسم الله ، وصدقهم بالنصب على أربعة أوجه : أحدها أن يكون مفعولا له : أى لصدقهم.
  والثانى أن يكون حذف حرف الجر : أى بصدقهم.
  والثالث أن يكون مصدرا مؤكدا : أى الذين يصدقون صدقهم ، كما تقول : تصدق الصدق.
  والرابع أن يكون مفعولا به ، والفاعل مضمر في الصادقين : أى يصدقون الصدق كقوله : صدقته القتال ، والمعنى : يحققون الصدق.

سورة الانعام
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قوله تعالى (بربهم) الباء تتعلق ب‍ (يعدلون) أى الذين كفروا يعدلون بربهم غيره ، والذين كفروا مبتدأ ، ويعدلون الخبر ، والمفعول محذوف.
  ويجوز على هذا أن تكون الباء بمعنى عن ، فلا يكون في الكلام مفعول محذوف ، بل يكون يعدلون لازما : أى يعدلون عنه إلى غيره ، ويجوز أن تتعلق الباء بكفروا فيكون المعنى : الذين جحدوا ربهم مائلون عن الهدى.
  قوله تعالى ( خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ) في الكلام حذف مضاف : أى خلق أصلكم ومن طين متعلق بخلق ، ومن هنا لابتداء الغاية ، ويجوز أن تكون حالا : أى خلق أصلكم كائنا من طين ( وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) مبتدأ موصوف ، و (عنده) الخبر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 235 _
  قوله تعالى ( وَهُوَ اللَّهُ ) وهو مبتدأ والله الخبر ، و ( فِي السَّمَوَاتِ ) فيه وجهان : أحدهما يتعلق ب‍ (يعلم) أى يعلم سركم وجهركم في السموات والارض ، فهما ظرفان للعلم فيعلم على هذا خبر ثان ، ويجوز أن يكون الله بدلا من هو ويعلم الخبر ، والثانى أن يتعلق ( في ) باسم الله لانه بمعنى المعبود : أى وهو المعبود في السموات والارض.
  ويعلم على هذا خبر ثان أو حال من الضمير في المعبود أو مستأنف.
  وقال أبوعلي : لايجوز أن تتعلق ( في ) باسم الله لانه صار بدخول الالف واللام والتغيير الذى دخله كالعلم ولهذا قال تعالى ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ) وقيل قد تم الكلام على قوله ( فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ ) يتعلق بيعلم ، وهذا ضعيف لانه سبحانه معبود في السموات وفى الارض ويعلم مافى السماء والارض فلا اختصاص لاحدى الصفتين بأحد الظرفين ، و ( سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ) مصدران بمعنى المفعولين : أى مسركم ومجهوركم ، ودل على ذلك قوله ( يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ) أى الذى ، ويجوز أن يكونا على بابهما.
  قوله تعالى ( مِنْ آيَةٍ ) موضعه رفع بتأتى ، ومن زائدة ، و ( مِنْ آيَاتِ ) في موضع جر صفة لآية ، ويجوز أن تكون في موضع رفع على موضع آية.
  قوله تعالى ( َلَمَّا جَاءَهُمْ ) لما ظرف لكذبوا ، وهذا قد عمل فيها وهو قبلها ، ومثله إذا ، و (به) متعلق ب‍ (يستهزئون).
  قوله تعالى ( كَمْ أَهْلَكْنَا ) كم استفهام بمعنى التعظيم ، فلذلك لايعمل فيها يروا وهى في موضع نصب بأهلكنا ، فيجوز أن تكون كم مفعولا به ، ويكون ( مِنْ قَرْنٍ ) تبيينا لكم ، ويجوز أن يكون ظرفا ، ومن قرن مفعول أهلكنا ، ومن زائدة أى كم أزمنة أهلكنا فيها من قبلهم قرونا ، ويجوز أن يكون كم مصدرا : أى كم مرة وكم إهلاكا وهذا يتكرر في القرآن كثيرا (مكناهم) في موضع جر صفة القرن ، وجمع على المعنى ( مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ ) رجع من الغيبة في قوله ( أَلَمْ يَرَوْا ) إلى الخطاب في لكم ، ولو قال لهم لكان جائزا و ( ما ) نكرة موصوفة ، والعائد محذوف : أى شيئا لم نمكنه لكم ، ويجوز أن تكون ( ما ) مصدرية والزمان محذوف أى مدة مالم نمكن لكم : أى مدة تمكنهم أطول من مدتكم ، ويجوز أن تكون ( ما ) مفعول نمكن على المعنى ، لان المعنى أعطيناهم مالم نعطكم ، و (مدرارا) حال من السماء ، و (تجرى) المفعول الثانى لجعلنا أو حال من الانهار إذا جعلت جعل متعدية إلى واحد ، و ( مِنْ تَحْتِهِمْ ) يتعلق بتجرى ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تجرى : أى وهى من تحتهم ، ويجوز أن يكون من تحتهم مفعولا ثانيا لجعل أو حالا من الانهار.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 236 _
  وتجرى في موضع الحال من الضمير في الجار : أى وجعلنا الانهار من تحتهم جارية : أى استقرت جارية ، و ( مِنْ بَعْدِهِمْ ) يتعلق بأنشأنا ، ولا يجوز أن يكون حالا من قرن لانه ظرف زمان.
  قوله تعالى ( فِي قِرْطَاسٍ ) نعت لكتاب ، ويجوز أن يتعلق بكتاب على أنه ظرف له ، والكتاب هنا المكتوب في الصحيفة لانفس الصحيفة ، والقرطاس بكسر القاف وفتحها لغتان وقد قرئ بهما ، والهاء في (لمسوه) يجوز أن ترجع على قرطاس ، وأن ترجع على كتاب.
  قوله تعالى ( مَا يَلْبِسُونَ ) ( ما ) بمعنى الذى وهو مفعول ( لبسنا ).
  قوله تعالى ( وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ ) يقرأ بكسر الدال على أصل التقاء الساكنين ، وبضمها على أنه أتبع حركتها حركة التاء لضعف الحاجز بينهما ، و (ما) بمعنى الذى ، وهو فاعل حاق ، و (به) يتعلق ب‍ (يستهزء‌ون) ومنهم الضمير للرسل فيكون منهم متعلقا بسخروا لقوله ( فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ) ويجوز في الكلام سخرت به ، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المستهزئين فيكون منهم حالا من ضمير الفاعل في سخروا.
  قوله تعالى ( كَيْفَ كَانَ ) كيف خبر كان ، و (عاقبة) اسمها ، ولم يؤنث الفعل لان العاقبة بمعنى المعاد فهو في معنى المذكر ، ولان التأنيث غير حقيقى.
  قوله تعالى (لمن) من استفهام ، و (ما) بمعنى الذى في موضع مبتدإ ، ولمن خبره (قل لله) أى قل هو لله ( لَيَجْمَعَنَّكُمْ ) قيل موضعه نصب بدلا من للرحمة وقيل لاموضع له بل هو مستأنف واللام فيه جواب قسم محذوف وقع كتب موقعه ( لا رَيْبَ فِيهِ ) قد ذكر في آل عمران والنساء ( الَّذِينَ خَسِرُوا ) مبتدأ (فهم) مبتدأ ثان ، و ( لا يُؤْمِنُونَ ) خبره ، والثانى وخبره خبر الاول ، ودخلت الفاء لما في الذين من معنى الشرط.
  وقال الاخفش : للذين خسروا : بدل من المنصوب في ليجمعنكم ، وهو بعيد لان ضمير المتكلم والمخاطب لايبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح ، وغيرهما دونهما في ذلك.
  قوله تعالى ( أَغَيْرَ اللَّهِ ) مفعول أول (أتخذ) و (وليا) الثانى ، ويجوز أن يكون أتخذ متعديا إلى واحد وهو ولى ، وغير الله صفة له قدمت عليه فصارت حالا ولا يجوز أن تكون غير هنا استثناء ( فَاطِرِ السَّمَوَاتِ ) يقرأ بالجر وهو المشهور ، وجره على البدل من اسم الله ، وقرئ شاذا بالنصب وهو بدل من ولى ، والمعنى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 237 _
  على هذا : أجعل فاطر السموات والارض غير الله ، ويجوز أن يكون صفة لولى ، والتنوين مراد ، وهو على الحكاية : أى فاطر السموات ( وَهُوَ يُطْعِمُ ) بضم الياء وكسر العين ( وَلا يُطْعَمُ ) بضم الياء وفتح العين وهو المشهور ، ويقرأ ( وَلا يُطْعَمُ ) بفتح الياء والعين ، والمعنى على القراء‌تين يرجع إلى الله ، وقرئ في الشاذ ( وَهُوَ يُطْعِمُ ) يفتح الياء والعين ، ولايطعم بضم الياء وكسر العين ، وهذا يرجع إلى الولى الذى هو غير الله ( مَنْ أَسْلَمَ ) أى أول فريق أسلم ( وَلا تَكُونَنَّ ) أى وقيل لى لاتكونن ، ولو كان معطوفا على ماقبله لقال وأن لاأوكون.
  قوله تعالى ( مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ ) يقرأ بضم الياء وفتح الراء على مالم يسم فاعله ، وفى القائم مقام الفاعل وجهان : أحدهما (يومئذ) أى من يصرف عنه عذاب يومئذ فحذف المضاف ، ويومئذ مبنى على الفتح ، والثانى أن يكون مضمرا في يصرف يرجع إلى العذاب فيكون يومئذ ظرفا ليصرف أو للعذاب أو حالا من الضمير ، ويقرأ بفتح الياء وكسر الراء على تسمية الفاعل : أى من يصرف الله عنه العذاب ، فمن على هذا مبتدأ ، والعائد عليه الهاء في عنه ، وفى (رحمه) والمفعول محذوف وهو العذاب ، ويجوز أن يكون المفعول يومئذ : أى عذاب يومئذ ، ويجوز أن تجعل ( من ) في موضع نصب بفعل محذوف تقديره : من يكرم يصرف الله عنه العذاب ، فجعلت يصرف تفسيرا للمحذوف ، ومثله ( فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) ويجوز أن ينصب من يصرف ، وتجعل الهاء في عنه للعذاب : أى أى إنسان يصرف الله عنه العذاب فقد رحمه ، فأما ( من ) على القراء‌ة الاولى فليس فيها إلا الرفع على الابتداء ، والهاء في عنه يجوز أن ترجع على ( من ) وأن ترجع على العذاب.
  قوله تعالى ( فَلا كَاشِفَ لَهُ ) له خبر كاشف ( إِلاَّ هُوَ ) بدل من موضع لاكاشف ، أو من الضمير في الظرف ، ولايجوز أن يكون مرفوعا بكاشف ، ولابدلا من الضمير فيه لانك في الحالتين اسم ( لا ) ومتى أعملته ظاهرا نونته.
  قوله تعالى ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) هو مبتدأ ، والقاهر خبره ، وفى فوق وجهان : أحدهما هو أنه في موضع نصب على الحال من الضمير في القاهر : أى وهو القاهر مستعليا أو غالبا ، والثانى هو في موضع رفع على أنه بدل من القاهر أو خبر ثان ، قوله تعالى ( أَيُّ شَيْءٍ ) مبتدأ و (أكبر) خبره ، (شهادة) تمييز ، وأى بعض ماتضاف إليه ، فإذا كانت استفهاما اقتضى الظاهر أن يكون جوابها مسمى باسم ماأضيف إليه : أى وهذا يوجب أن يسمى الله شيئا ، فعلى هذا يكون قوله ( قُلْ اللَّهُ )

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 238 _
  جوابا والله مبتدأ والخبر محذوف : أى أكبر شهادة ، وقوله (شهيد) خبر مبتدإ محذوف ، ويجوز أن يكون الله مبتدأ وشهيد خبره ، ودلت هذه الجملة على جواب أى من طريق المعنى ، و (بينكم) تكرير للتأكيد ، والاصل شهيد بيننا ، ولك أن تجعل بين ظرفا يعمل فيه شهيد ، وأن تجعله صفة لشهيد فيتعلق بمحذوف ( وَمَنْ بَلَغَ ) في موضع نصب عطفا على المفعول في أنذركم وهو بمعنى الذى ، والعائد محذوف ، والفاعل ضمير القرآن : أى وأنذر من بلغه القرآن ( قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) في ماوجهان : أحدهما هى كافة لان عن العمل فعلى هذا هو مبتدأ وإله خبره ، وواحد صفة مبينة ، وقد ذكر مشروحا في البقرة ، والثانى أنها بمعنى الذى في موضع نصب بأن وهو مبتدأ وإله خبره ، والجملة صلة الذى ، وواحد خبر إن وهذا أليق بما قبله.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ ) في موضع رفع بالابتداء ، و (يعرفونه) الخبر والهاء ضمير الكتاب ، وقيل ضمير النبى صلى الله عليه وسلم ( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ) مثل الاولى.
  قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ) هو مفعول به ، والتقدير : واذكر يوم نحشرهم و (جميعا) حال من ضمير المفعول ومفعولا (تزعمون) محذوفان : أى تزعمونهم شركاء‌كم ، ودل على المحذوف ماتقدم.
  قوله تعالى ( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ) يقرأ بالتاء ، ورفع الفتنة على أنها اسم كان ، و ( أَنْ قَالُوا ) الخبر ، ويقرأ كذلك إلا أنه بالياء لان تأنيث الفتنة غير حقيقى ، ولان الفتنة هنا بمعنى القول ، ويقرأ بالياء ، ونصب الفتنة على أن اسم كان أن قالوا وفتنتهم الخبر ، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتاء على معنى أن قالوا ، لان أن قالوا بمعنى القول والمقالة والفتنة (ربنا) يقرأ بالجر صفة لاسم الله ، وبالنصب على النداء أو على إضمار أعنى وهو معترض بين القسم والمقسم عليه ، والجواب ( مَا كُنَّا ).
  قوله تعالى ( مَنْ يَسْتَمِعُ ) وحد الضمير في الفعل حملا على لفظ ( من ) وماجاء منه على لفظ الجمع ، فعلى معنى ( من ) نحو : ( مَنْ يَسْتَمِعُونَ ) و ( مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ ) ( أَنْ يَفْقَهُوهُ ) مفعول من أجله : أى كراهة أن يفقهوه ، و (وقرا) معطوف على أكنة ، ولايعد الفصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف فصلا لان الظرف أحد المفاعيل ، فيجوز تقديمه وتأخيره ، ووحد الوقر هنا لانه مصدر ، وقد استوفى القول فيه في أول البقرة ( حَتَّى إِذَا ) إذا في موضع نصب بجوابها ، وهو يقول :

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 239 _
  وليس لحتى هنا عمل وإنما أفادت معنى الغاية كما لاتعمل في الجمل ، و (يجادلونك) حال من ضمير الفاعل في جاء‌وك ، والاساطير جمع ، واختلف في واحده ، فقيل هو أسطورة ، وقيل واحدها إسطار ، والاسطار جمع سطر بتحريك الطاء ، فيكون أساطير جمع الجمع ، فأما سطر بسكون الطاء فجمعه سطور وأسطر.
  قوله تعالى (وينأون) يقرأ بسكون النون ، وتحقيق الهمزة وبإلقاء حركة الهمزة على النون وحذفها فيصير اللفظ بها ينون بفتح النون وواو ساكنة بعدها ، و (أنفسهم) مفعول يهلكون.
  قوله تعالى ( وَلَوْ تَرَى ) جواب ( لو ) محذوف تقديره : لشاهدت أمرا عظيما ووقف متعد ، وأوقف لغة ضعيفة ، والقرآن جاء بحذف الالف ، ومنه وقفوا فبناؤه لما لم يسم فاعله ومنه وقفوهم ( ولانكذب ، ونكون ) يقرآن بالرفع.
  وفيه وجهان : أحدهما هو معطوف على نرد ، فيكون عدم التكذيب والكون من المؤمنين متمنين أيضا كالرد ، والثانى أن يكون خبر مبتدإ محذوف : أى ونحن لانكذب ، وفى المعنى وجهان : أحدهما أنه متمنى أيضا ، فيكون في موضع نصب على الحال من الضمير في نرد ، والثانى أن يكون المعنى أنهم ضمنوا أن لايكذبوا بعد الرد ، فلا يكون للجملة موضع ، ويقرآن بالنصب على أنه جواب التمنى ، فلا يكون داخلا في التمنى ، والواو في هذا كالفاء ، ومن القراء من رفع الاول ونصب الثانى ، ومنهم من عكس ، ووجه كل واحدة منهما على ماتقدم.
  قوله تعالى ( إِنْ هِيَ إِلاَّ ) هى كناية عن الحياة ، ويجوز أن يكون ضمير القصة.
  قوله تعالى ( وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ ) أى على سؤال ربهم ، أو على ملك ربهم.
  قوله تعالى (بغتة) مصدر في موضع الحال : أى باغتة ، وقيل هو مصدر لفعل محذوف ، أى تبغتهم بغتة وقيل هو مصدر بجاء‌تهم من غير لفظه ( يَا حَسْرَتَنَا ) نداء الحسرة والويل على المجاز ، والتقدير : ياحسرة احضرى فهذا أوانك ، والمعنى تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة ، و (على) متعلقة بالحسرة ، والضمير في (فيها) يعود على الساعة ، والتقدير : في عمل الساعة ، وقيل يعود على الاعمال ، ولم يجر لها صريح ذكر ، ولكن في الكلام دليل عليها ( أَلا سَاءَ مَا يَزِرُون ) ساء بمعنى بئس ، وقد تقدم إعرابه في مواضع.
  ويجوز أن تكون ساء على بابها ويكون المفعول محذوفا ، ومامصدرية أو بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، وهى في كل ذلك فاعل ساء ، والتقدير : ألا ساء‌هم وزرهم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 240 _
  قوله تعالى ( وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ ) يقرأ بالالف واللام ، ورفع الآخرة على الصفة والخبر (خير) ويقرأ ( ولدار الآخرة ) على الاضافة : إى دار الساعة الآخرة ، وليست الدار مضافة إلى صفتها لان الصفة هى الموصوف في المعنى ، والشئ لايضاف إلى نفسه ، وقد أجازه الكوفيون.
  قوله تعالى ( قَدْ نَعْلَمُ ) أى قد علمنا ، فالمستقبل بمعنى الماضى ( لا يُكَذِّبُونَكَ ) يقرأ بالتشديد على معنى لاينسبونك إلى الكذب ، أى قبل دعواك النبوة ، بل كانوا يعرفونه بالامانة والصدق ، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان : أحدهما هو في معنى المشدد ، يقال أكذبته وكذبته إذا نسبته إلى الكذب ، والثانى لايجدونك كذبا يقال : أكذبته إذا أصبته ، كذلك كقولك : أحمدته إذا أصبته محمودا ( بِآيَاتِ اللَّهِ ) الباء تتعلق ب‍ (يجحدون) وقيل تتعلق بالظالمين كقوله تعالى ( وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ).
  قوله تعالى ( مِنْ قَبْلِكَ ) لا يجوز أن يكون صفة لرسل لانه زمان ، والجثة لاتوصف بالزمان وإنما هى متعلقة بكذبت (وأوذوا) يجوز أن يكون معطوفا على كذبوا ، فتكون (حتى) متعلقة بصبروا ، ويجوز أن يكون الوقف تم على كذبوا ، ثم أستأنف فقال : وأوذوا ، فتتعلق حتى به ، والاول أقوى ( وَلَقَدْ جَاءَكَ ) فاعل جاء‌ك مضمر فيه ، قيل المضمر المجئ ، وقيل المضمر النبأء ، ودل عليه ذكر الرسل لان من ضرورة الرسل الرسالة وهى نبأء ، وعلى كلا الوجهين يكون ( مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ) حالا من ضمير الفاعل ، والتقدير : من جنس نبأ المرسلين ، وأجاز الاخفش أن تكون من زائدة والفاعل نبأ المرسلين وسيبويه لايجيز زيادتها في الواجب ولا يجوز عند الجميع أن تكون من صفة لمحذوف لان الفاعل لايحذف ، وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصح أن يكون فاعلا لان حرف الجر يعدى ، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معد ، ونبأ المرسلين بمعنى إنبائهم ، ويدل على ذلك قوله تعالى ( نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ ).
  قوله تعالى ( وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ ) جواب إن هذه ( فَإِنْ اسْتَطَعْتَ ) فالشرط الثانى جواب الاول.
  وجواب الشرط الثانى محذوف تقديره : فافعل ، وحذف لظهور معناه وطول الكلام ( فِي الأَرْضِ ) صفة لنفق ، ويجوز أن يتعلق بتبتغى ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل : أى وأنت في الارض ، ومثله ( فِي السَّمَاءِ ).

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 241 _
  قوله تعالى ( وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ ) في الموتى وجهان : أحدهما هو في ؟؟ موضع نصب بفعل محذوف : أى ويبعث الله الموتى ، وهذا أقوى لانه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل ، والثانى أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر ، ويستجيب بمعنى يجيب.
  قوله تعالى ( مِنْ رَبِّهِ ) يجوز أن يكون صفة لآية ، وأن يتعلق بنزل.
  قوله تعالى ( فِي الأَرْضِ ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة لدابة ، وفى موضع رفع صفة لها أيضا على الموضع ، لان من زائدة ( وَلا طَائِرٍ ) معطوف على لفظ دابة وقرئ بالرفع على الموضع (بجناحيه) يجور أن تتعلق الباء بيطير ، وأن تكون حالا وهو توكيد ، وفيه رفع مجاز ، لان غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع ( مِنْ شَيْءٍ ) ( من ) زائدة ( وشئ ) هنا واقع موقع المصدر : أى تفريطا ، وعلى هذا التأويل لايبقى في الآية حجة لمن ظن أن الكتاب يحتوى على ذكر كل شئ صريحا ، ونظير ذلك ( لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ) : أى ضررا ، وقد ذكرنا له نظائر ، ولا يجوز أن يكون شيئا مفعولا به ، لان فرطنا لاتتعدى بنفسها بل بحرف الجر ، وقد عديت بفى إلى الكتاب فلا تتعدى بحرف اخر ، ولايصح أن يكون المعنى ما تركنا في الكتاب من شئ ، لان المعنى على خلافه ، فبان أن التأويل ماذكرنا.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا ) مبتدأ ، و ( صُمٌّ بُكْمٌ ) الخبر مثل حلو حامض والواو لاتمنع ذلك ، ويجوز أن يكون صم خبر مبتدأ : محذوف تقديره : بعضهم صم وبعضهم بكم ( فِي الظُّلُمَاتِ ) يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا من الضمير المقدر في الخبر ، والتقدير : أى هم في الظلمات ، ويجوز أن يكون في الظلمات خبر مبتدإ محذوف : أى هم في الظلمات ، ويجوز أن يكون صفة لبكم : أى كائنون في الظلمات ، ويجوز أن يكون ظرفا لصم أو بكم أو لما ينوب عنهما من الفعل ( مَنْ يَشَأْ اللَّهُ ) من في موضع مبتدإ ، والجواب الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف ، لان التقدير : من يشإ الله إضلاله أو عذابه ، فالمنصوب بيشأ من سبب ( من ) فيكون التقدير : من يعذب أو من يضلل ، ومثله مابعده.
  قوله تعالى ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ ) يقرأ بإلقاء حركة الهمزة على اللام فتنفتح اللام وتحذف الهمزة ، وهو قياس مطرد في القرآن وغيره ، والغرض منه التخفيف. ويقرأ بالتحقيق وهو الاصل ، وأما الهمزة التى بعد الراء فتحقق على الاصل ، وتلين للتخفيف وتحذف ، وطريق ذلك أن تقلب ياء وتسكن ثم تحذف لالتقاء الساكنين

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 242 _
  قرب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل ، فأما التاء فضمير الفاعل فإذا اتصلت بها الكاف التى للخطاب كانت بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث ، وتختلف هذه المعانى على الكاف فتقول في الواحد أرأيتك ، ومنه قوله تعالى ( أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ ) وفى التثنية أرأيتكما ، وفى الجمع المذكر أرأيتكم ، وفى المؤنث أرأيتكن والتاء في جميع ذلك مفتوحة ، والكاف حرف للخطاب وليست اسما ، والدليل على ذلك أنها لو كانت اسما لكانت إما مجرورة وهو باطل إذ لاجار هنا ، أو مرفوعة ، وهو باطل أيضا لامرين : أحدهما أن الكاف ليست من ضمائر المرفوع.
  والثانى أنه لارافع لها ، إذ ليست فاعلا لان التاء فاعل ، ولايكون لفعل واحد فاعلان ، وإما أن تكون منصوبة ، وذلك باطل لثلاثة أوجه : أحدها أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك : أرأيت زيدا مافعل ، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا ، والثانى أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى ، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك ، ولذلك قلت أرأيتك زيدا ، وزيد غير المخاطب ، ولاهو بدل منه ، والثالث أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء ، فكنت تقول : أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن.
  وقد ذهب الفراء إلى أن الكاف اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع ، وفيما ذكرناه إبطال لمذهبه.
  فأما مفعول أرأيتكم في هذه الآية ، فقال قوم هو محذوف دل الكلام عليه تقديره : أرأيتكم عبادتكم الاصنام هل تنفعكم عند مجئ الساعة ، ودل عليه قوله ( أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ) وقال آخرون : لا يحتاج هذا إلى مفعول لان الشرط وجوابه قد حصل معنى المفعول ، وأما جواب الشرط الذى هو قوله ( إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ ) فما دل عليه الاستفهام في قوله ( أَغَيْرَ اللَّهِ ) تقديره : إن أتتكم الساعة دعوتم الله ، وغير منصوب ب‍ (تدعون).
  قوله تعالى ( بَلْ إِيَّاهُ ) هو مفعول (تدعون) الذى بعده (إليه) يجوز أن يتعلق بتدعون ، وأن يتعلق بيكشف : أى يرفعه إليه ، و ( ما ) بمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة ، وليست مصدرية إلا أن تجعلها مصدرا بمعنى المفعول.
  قوله تعالى ( بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ) فعلاء فيهما مؤنث لم يستعمل منه مذكر لم يقولوا بأس وبأساء وضر وضراء كما قالوا أحمر وحمراء.
  قوله تعالى ( فَلَوْلا إِذْ ) ( إذ ) في موضع نصب ظرف ل‍ (تضرعوا) أى فلولا تضرعوا إذ (ولكن) استدراك على المعنى : أى ماتضرعوا ولكن.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 243 _
  قوله تعالى (بغتة) مصدرية في موضع الحال من الفاعل : أى مباغتين أو من المفعولين : أى مبغوتين ، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى لان أخذناهم بمعنى بغتناهم ( فَإِذَا هُمْ ) إذا هنا للمفاجأة ، وهى ظرف مكان وهم مبتدأ ، و (مبلسون) خبره ، وهو العامل في إذا.
  قوله تعالى ( إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ ) قد ذكرنا الوجه في إفراد السمع مع جمع الابصار والقلوب في أول البقرة (من) استفهام في موضع رفع بالابتداء ، و (إله) خبره و ( غَيْرُ اللَّهِ ) صفة الخبر ، و (يأتيكم) في موضع الصفة أيضا ، والاستفهام هنا بمعنى الانكار ، والهاء في (به) تعود على السمع لانه المذكور أولا ، وقيل تعود على معنى المأخوذ والمحتوم عليه ، فلذلك أفرد (كيف) حال ، والعامل فيها (نصرف).
  قوله تعالى ( هَلْ يُهْلَكُ ) الاستفهام هنا بمعنى التقرير ، فلذلك ناب عن جواب الشرط : أى إن أتاكم هلكتم.
  قوله تعالى ( مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) حالان من المرسلين ( فَمَنْ آمَنَ ) يجوز أن يكون شرطا وأن يكون بمعنى الذى وهى مبتدأ في الحالين ، وقد سبق القول على نظائره.
  قوله تعالى ( بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) مامصدرية : أى بفسقهم ، وقد ذكر في أوائل البقرة ، ويقرأ بضم السين وكسرهاوهما لغتان.
  قوله تعالى (بالغداة) أصلها غدوة ، فقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وهى نكرة ، ويقرأ ( بالغدوة ) بضم الغين وسكون الدال وواو بعدها ، وقد عرفها بالالف واللام وأكثر ماتستعمل معرفة علما ، وقد عرفها هنا بالالف واللام.
  وأما (العشى) فقيل هو مفرد ، وقيل هو جمع عشية و (يريدون) حال (من شئ) ( من ) زائدة وموضعها رفع بالابتداء ، وعليك الخبر ، ومن حسابهم صفة لشئ قدم عليه فصار حالا ، وكذلك الذى بعده إلا أنه قدم من حسابك على عليهم ، ويجوز أن يكون الخبر من حسابهم ، وعليك صفة لشئ مقدمة عليه (فتطردهم) جواب لما النافية فلذلك نصب (فتكون) جواب النهى وهو ( لا تَطْرُدْ ).
  قوله تعالى (ليقولوا) اللام متعلقة بفتنا : أى اختبرناهم ليقولوا فنعاقبهم بقولهم ، ويجوز أن تكون لام العاقبة ، و (هؤلاء) مبتدأ ، و ( مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) الخبر ، والجملة في موضع نصب بالقول ، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف فسره مابعده تقديره : أخص هؤلاء أو فضل ، و (من) متعلقة بمن :

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 244 _
  أى ميزهم علينا ، ويجوز أن تكون حالا : أى من عليهم منفردين ، ( بِالشَّاكِرِينَ ) يتعلق بأعلم لانه ظرف ، والظرف يعمل فيه معنى الفعل بخلاف المفعول ، فإن أفعل لايعمل فيه.
  قوله تعالى ( وَإِذَا جَاءَكَ ) العامل في إذا معنى الجواب : أى إذا جاء‌ك سلم عليهم ، و (سلام) مبتدأ ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من معنى الفعل ( كَتَبَ رَبُّكُمْ ) الجملة محكية بعد القول أيضا ( أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ ) يقرأ بكسر إن وفتحها ، ففى الكسر وجهان : أحدهما هى مستأنفة والكلام تام قبلها.
  والثانى أنه حمل ( كتب ) على قال فكسرت إن بعده ، وأما الفتح ففيه وجهان : أحدهما هو بدل من الرحمة : أى كتب أنه من عمل ، والثانى أنه مبتدأ وخبره محذوف : أى عليه أنه من عمل ، ودل على ذلك ماقبله ، والهاء ضمير الشأن ، ومن بمعنى الذى أو شرط ، وموضعها مبتدأ ، و (منكم) في موضع الحال من ضمير الفاعل و (بجهالة) حال أيضا : أى جاهلا ويجوز أن يكون مفعولا به : أى بسبب الجهل ، والهاء في (بعده) تعود على العمل أوعلى السوء (فإنه) يقرأ بالكسر وهو معطوف على أن الاولى ، أو تكرير للاولى عند قوم ، وعلى هذا خبر من محذوف دل عليه الكلام ، ويجوز أن يكون العائد محذوفا : أى فإنه غفور له ، وإذا جعلت ( من ) شرطا فالامر كذلك ، ويقرأ بالفتح وهو تكرير للاولى على قراء‌ة من فتح الاولى أو بدل منها عند قوم ، وكلاهما ضعيف لوجهين : أحدهما أن البدل لايصحبه حرف معنى إلا أن تجعل الفاء زائدة وهو ضعيف ، والثانى أن ذلك يؤدى إلى أن لايبقى لمن خبر ولاجواب إن جعلتها شرطا ، والوجه أن تكون أن خبر مبتدأ محذوف : أى فشأنه أنه غفور له ، أو يكون المحذوف ظرفا : أى فعليه أنه فتكون أأن إما مبتدأ وإما فاعلا.
  قوله تعالى (وكذلك) الكاف وصف لمصدر محذوف : أى نفصل الآيات تفصيلا مثل الذى (وليستبين) يقرأ بالياء ، و (سبيل) فاعل : أى يتبين ، وذكر السبيل وهو لغة فيه ، ومنه قوله تعالى ( وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ) ويجوز أن تكون القراء‌ة بالياء على أن تأنيث السبيل غير حقيقى ، ويقرأ بالتاء والسبيل فاعل مؤنث وهو لغة فيه ، ومنه ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي ) ويقرأ بنصب السبيل ، والفاعل المخاطب ، واللام تتعلق بمحذوف : أى لتستبين فصلنا.
  قوله تعالى (وكذبتم) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون حالا ، وقد معه مزادة ، والهاء في (به) يعود على ربى ، ويجوز أن تعود على معنى البينة لانها في معنى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 245 _
  البرهان والدليل ( يقضى الحق ) يقرأ بالضاد من القضاء ، وبالصاد من القصص ، والاول أشبه بخاتمة الآية.
  قوله تعالى (مفاتح) هو جمع مفتح ، والمفتح الخزانة ، فأما مايفتح به فهو مفتاح وجمعه مفاتيح ، وقد قيل مفتح أيضا ( لا يَعْلَمُهَا ) حال من مفاتح ، والعامل فيها ماتعلق به الظرف ، أو نفس الظرف إن رفعت به مفاتح ، و ( مِنْ وَرَقَةٍ ) فاعل ( وَلا حَبَّةٍ ) معطوف على لفظ ورقة ، ولو رفع على الموضع جاز ( وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ ) مثله ، وقد قرئ بالرفع على الموضع ( إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) أى إلا هو في كتاب ، ولايجوز أن يكون استثناء يعمل فيه (يعلمها) لان المعنى يصير : وماتسقط من ورقة إلا يعلمها إلا في كتاب فينقلب معناه (1) إلى الاثبات : أى لايعلمها في كتاب ، وإذا لم يكن إلا في كتاب وجب أن يعلمها في الكتاب ، فإذا يكون الاستثناء الثانى بدلا من الاول : أى وماتسقط من ورقة إلا هى في كتاب ومايعلمها.
  قوله تعالى (بالليل) الباء هنا بمعنى في ، وجاز ذلك لان الباء للالصاق ، والملاصق للزمان والمكان حاصل فيهما ( لِيُقْضَى أَجَلٌ ) على مالم يسم فاعله ، ويقرأ على تسمية الفاعل ، وأجلا نصب.
  قوله تعالى ( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ ) يحتمل أربعة أوجه : أحدها أن يكون مستأنفا ، والثانى أن يكون معطوفا على قوله يتوفاكم ، ومابعده من الافعال المضارعة ، والثالث أن يكون معطوفا على القاهر ، لان اسم الفاعل في معنى يفعل ، وهو نظير قولهم الطائر فيغضب زيد الذباب ، والرابع أن يكون التقدير وهو يرسل ، وتكون الجملة حالا إما من الضمير في القاهر ، أو من الضمير في الظرف.
  وعليكم فيه وجهان : أحدهما هو متعلق بيرسل ، والثانى أن يكون في نية التأخير ، وفيه وجهان : أحدهما أن يتعلق بنفس (حفظة) والمفعول محذوف : أى يرسل من يحفظ عليكم أعمالكم ، والثانى أن يكون صفة لحفظة قدمت فصار حالا (توفته) يقرأ بالتاء على تأنيث الجماعة ، وبألف ممالة على إرادة الجمع ، ويقرأ شاذا ( تتوفاه ) على الاستقبال (يفرطون) بالتشديد : أى ينقصون مما أمروا ، ويقرأ شاذا بالتخفيف : أى يزيدون على ماأمروا ، قوله تعالى ( ثُمَّ رُدُّوا ) الجمهور على ضم الراء وكسرة الدال الاولى محذوفة ليصلح الادغام ، ويقرأ بكسر الراء على نقل كسرة الدال الاولى إلى الراء ( مَوْلاهُمْ الْحَقِّ ) صفتان ، وقرئ الحق بالنصب على أنه صفة مصدر محذوف : أى الرد الحق أو على إضمار أعنى.

--------------------
(1) قوله فينقلب معناه إلخ) كذا في جميع النسخ التى بأيدينا ، ولايخفى مافيه ، فليتأمل اه‍ . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 246 _
  قوله تعالى (ينجيكم) يقرأ بالتشديد والتخفيف ، والماضى أنجا ونجى ، والهمزة والتشديد للتعدية (تدعونه) في موضع الحال من ضمير المفعول في ينجيكم (تضرعا) مصدر والعامل فيه تدعون من غير لفظه بل معناه ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، وكذلك (خفية) ويقرأ بضم الخاء وكسرها وهما لغتان ، وقرئ ( وخيفة ) من الخوف وهو مثل قوله تعالى ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ) ( لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا ) على الخطاب : أى يقولون لئن أنجيتنا ويقرأ لئن أنجانا على الغيبة وهو موافق لقوله يدعونه ( مِنْ هَذِهِ ) أى من هذه الظلمة والكربة.
  قوله تعالى ( مِنْ فَوْقِكُمْ ) يجوز أن يكون وصفا للعذاب وأن يتعلق بيبعث وكذلك ( مِنْ تَحْتِ ) ، ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ ) الجمهور على فتح الياء : أى يلبس عليكم أموركم ، فحذف حرف الجر والمفعول ، والجيد أن يكون التقدير.
  يلبس أموركم ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، ويقرأ بضم الياء : أى يعمكم بالاختلاف ، و (شيعا) جمع شيعة وهو حال ، وقيل هو مصدر والعامل فيه يلبسكم من غير لفظه ، ويجوز على هذا أن يكون حالا أيضا : أى مختلفين.
  قوله تعالى ( لَسْتُ عَلَيْكُمْ ) على متعلق ب‍ (وكيل) ويجوز على هذا أن يكون حالا من وكيل على قول من أجاز تقديم الحال على حرف الجر.
  قوله تعالى (مستقر) مبتدأ والخبر الظرف قبله أو فاعل ، والعامل فيه الظرف وهو مصدر بمعنى الاستقرار ، ويجوز أن يكون بمعنى المكان.
  قوله تعالى (غيره) إنما ذكر الهاء لانه أعادها على معنى الآيات لانها حديث وقرآن (ينسينك) يقرأ بالتخفيف والتشديد وماضيه نسى وأنسى والهمزة والتشديد لتعدية الفعل إلى المفعول الثانى وهو محذوف : أى ينسينك الذكر أو الحق.
  قوله تعالى ( مِنْ شَيْءٍ ) من زائدة ، ومن حسابهم حال ، والتقدير : شئ من حسابهم ( وَلَكِنْ ذِكْرَى ) أى ولكن نذكرهم ذكرى فيكون في موضع نصب ، ويجوز أن يكون في موضع رفع : أى هذا ذكرى ، أو عليهم ذكرى.
  قوله تعالى ( أَنْ تُبْسَلَ ) مفعول له : أى مخافة أن تبسل ( لَيْسَ لَهَا ) يجوز أن تكون الجملة في موضع رفع صفة لنفس ، وأن تكون في موضع حال من الضمير في كسبت ، وأن تكون مستأنفة ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) في موضع الحال : أى ليس لها ولى من دون الله ، ويجوز أن يكون من دون الله خبر ليس ولها تبيين.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 247 _
  وقد ذكرنا مثاله ( كُلَّ عَدْلٍ ) انتصاب كل على المصدر ، لانها في حكم ماتضاف إليه ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ ) جمع على المعنى ، وأولئك مبتدأ.
  وفى الخبر وجهان : أحدهما الذين أبسلوا ، فعلى هذا يكون قوله ( لَهُمْ شَرَابٌ ) فيه وجهان : أحدهما هو حال من الضمير في أبسلوا ، والثانى هو مستأنف.
  والوجه الآخر أن يكون الخبر لهم شراب ، والذين أبسلوا بدل من أولئك أو نعت ، أو يكون خبرا أيضا ، ولهم شراب خبرا ثانيا.
  قوله تعالى (أندعوا) الاستفهام بمعنى التوبيخ ، ( وما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، و ( مِنْ دُونِ اللَّهِ ) متعلق بندعو ، ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في (ينفعنا) ولا مفعولا لينفعنا لتقدمه على ( ما ) والصلة والصفة لاتعمل فيما قبل الموصول والموصوف (ونرد) معطوف على ندعو ، ويجوز أن يكون جملة في موضع الحال : أى ونحن نرد ، و ( عَلَى أَعْقَابِنَا ) حال من الضمير في نرد : أى ترد منقلبين أو متأخرين (كالذى) في الكاف وجهان : أحدهما هى حال من الضمير في نرد ، أو بدل من على أعقابنا : أى مشبهين للذى (استهوته) والثانى أن تكون صفة لمصدر محذوف : أى ردا مثل رد الذى استهوته ، يقرأ استهوته واستهواه مثل توفته وتوفاه وقد ذكر ، والذى يجوز أن يكون هنا مفردا : أى كالرجل الذى أو كالفريق الذى ، ويجوز أن يكون جنسا ، والمراد الذين ( فِي الأَرْضِ ) يجوز أن يكون متعلقا باستهوته ، وأن يكون حالا من (حيران) أى حيران كائنا في الارض ويجوز أن يكون حالا من الضمير في حيران ، وأن يكون حالا من الهاء في استهوته وحيران حال من الهاء أو الضمير في الظرف ، ولم ينصرف لان مؤنثه حيرى ( لَهُ أَصْحَابٌ ) يجوز أن تكون الجملة مستأنفة ، وأن تكون حالا من الضمير في حيران ، أو من الضمير في الظرف ، أو بدلا من الحال التى قبلها (ائتنا) أى يقولون ائتنا (لنسلم) أى أمرنا بذلك لنسلم ، وقيل اللام بمعنى الباء ، وقيل هى زائدة : أى أن نسلم.
  قوله تعالى ( وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) أن مصدرية ، وهى معطوفة على لنسلم ، وقيل هو معطوف على قوله ( إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ) والتقدير : وقل أن أقيموا ، وقيل هو محمول على المعنى : أى قيل لنا أسلموا ، وأن أقيموا.
  قوله تعالى ( وَيَوْمَ يَقُولُ ) فيه جملة أوجه : أحدها هو معطوف على الهاء في اتقوه : أى واتقوا عذاب يوم يقول.
  والثانى هو معطوف على السموات : أى خلق يوم يقول.
  والثالث هو خبر ( قَوْلُهُ الْحَقُّ ) أى وقوله الحق يوم يقول ، والواو داخلة على الجملة المقدم فيها الخبر ، والحق صفة لقوله.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 248 _
  والرابع هو ظرف لمعنى الجملة التى هى قوله الحق : أى يحق قوله في يوم يقول كن.
  والخامس هو منصوب على تقدير واذكر.
  وأما فاعل ( فيكون ) ففيه أوجه : أحدها هو جميع ما يخلقه الله في يوم القيامة ، والثانى هو ضمير المنفوخ فيه من الصور دل عليه قوله ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ) والثالث هو ضمير اليوم : والرابع هو قوله الحق : أى فيوجد قوله الحق ، وعلى هذا يكون قوله بمعنى مقوله : أى فيوجد ما قال له كن ، فخرج مما ذكرنا أن قوله يجوز أن يكون فاعلا ، والحق صفته أو مبتدأ ، واليوم خبره والحق صفته ، وأن يكون مبتدأ ، والحق صفته ، ويوم ينفخ خبره أو مبتدأ ، والحق خبره.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يُنفَخُ ) يجوز أن يكون خبر قوله على ماذكرنا ، وأن يكون ظرفا للملك أو حالا منه ، والعامل له أو ظرفا لتحشرون أو ليقول ، أو لقوله الحق أو لقوله عالم الغيب ( عَالِمُ الْغَيْبِ ) الجمهور على الرفع ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وأن يكون فاعل يقول كن ، وأن يكون صفة للذى ، وقرئ بالجر بدلا من رب العالمين ، أو من الهاء في له.
  قوله تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ) إذ في موضع نصب على فعل محذوف : أى واذكروا وهو معطوف على أقيموا ، و (آزر) يقرأ بالمد ووزنه أفعل ، ولم ينصرف للعجمة والتعريف على قول من لم يشتقه من الآزر أو الوزر ، ومن اشتقه من واحد منهما قال هو عربى ولم يصرفه للتعريف ووزن الفعل ، ويقرأ بفتح الراء على أنه بدل من أبيه ، وبالضم على النداء.
  وقرئ في الشاذ بهمزتين مفتوحتين وتنوين الراء وسكون الزاى ، والازر الخلق مثل الاسر ، ويقرأ بفتح الاولى وكسر الثانية ، وفيه وجهان : أحدهما أن الهمزة الثانية فاء الكلمة وليست بدلا ، ومعناها النقل ، والثانى هى بدل من الواو ، وأصلها وزر كما قالوا وعاء وإعاء ووسادة وإسادة والهمزة الاولى على هاتين القراء‌تين للاستفهام بمعنى الانكار ، ولا همزة في تتخذ.
  وفى انتصابه على هذا وجهان : أحدهما هو مفعول من أجله : أى لتحيرك واعوجاج دينك تتخذ.
  والثانى هو صفة لاصنام قدمت عليها وعلى العامل فيها فصارت حالا : أى أتتخذ أصناما ملعونة أو معوجة ، و (أصناما) مفعول أول ، و (آلهة) ثان ، وجاز أن يجعل المفعول الاول نكرة لحصول الفائدة من الجملة ، وذلك يسهل في المفاعيل مالا يسهل من المبتدإ.
  قوله تعالى (وكذلك) في موضعه وجهان : أحدهما هو نصب على إضمار وأريناه.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 249 _
  تقديره : وكما رأى أباه وقومه في ضلال مبين أريناه ذلك : أى ما رآه صوابا باطلاعنا إياه عليه ، ويجوز أن يكون منصوبا ب‍ (نرى) التى بعده على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره : نريه ملكوت السموات والارض رؤية كرؤيته ضلال أبيه ، وقيل الكاف بمعنى اللام : أى ولذلك نريه ، والوجه الثانى أن تكون الكاف في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف : أى والامر كذلك : أى كما رآه من ضلالتهم.
  قوله تعالى (وليكون) أى وليكون ( مِنْ الْمُوقِنِينَ ) أريناه ، وقيل التقدير : ليستدل وليكون.
  قوله تعالى ( رَأَى كَوْكَباً ) يقرأ بفتح الراء والهمزة والتفخيم على الاصل ، وبالامالة لان الالف منقلبة عن ياء كقولك : رأيت رؤية ، ويقرأ بجعل الهمزتين بين بين ، وهو نوع من الامالة ، ويقرأ بجعل الراء كذلك إتباعا للهمزة ، ويقرأ بكسرهما.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه كسر الهمزة للامالة ثم أتبعها الراء ، والثانى أن أصل الهمزة الكسر بدليل قولك في المستقبل يرى ، أى يرأى ، وإنما فتحت من أجل حرف الحلق كما تقول وسع يسع ، ثم كسرت الحرف الاول في الماضى إتباعا لكسرة الهمزة ، فإن لقى الالف ساكن مثل رأى الشمس فقد قرئ بفتحهما على الاصل وبكسرهما على ماتقدم ، وبكسر الراء وفتح الهمزة ، لان الالف سقطت من اللفظ لاجل الساكن بعدها ، والمحذوف هنا في تقدير الثابت ، وكان كسر الراء تنبيها على أن الاصل كسر الهمزة ، وأن فتحها دليل على الالف المحذوفة ( هَذَا رَبِّي ) مبتدأ وخبر ، تقديره : أهذا ربى ، وقيل هو على الخبر : أى هو غير استفهام.
  قوله تعالى (بازغة) هو حال من الشمس ، وإنما قال للشمس هذا على التذكير ، لانه أراد هذا الكوكب أو الطالع أو الشخص أو الضوء أو الشئ أو لان التأنيث غير حقيقى.
  قوله تعالى ( لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ ) أو لعبادته أو لرضاه.
  قوله تعالى ( أَتُحَاجُّونِي ) يقرأ بتشديد النون على إدغام نون الرفع في نون الوقاية والاصل تحاجوننى ، ويقرأ بالتخفيف على حذف إحدى النونين ، وفي المحذوفة وجهان : أحدهما هى نون الوقاية لانها الزائدة التى حصل بها الاستثقال ، وقد جاء ذلك في الشعر ، والثانى المحذوفة نون الرفع ، لان الحاجة دعت إلى نون مكسورة من أجل الياء ونون الرفع لا تكسر ، وقد جاء ذلك في الشعر كثيرا قال الشاعر :

كل له نية في بغض صاحبه      بـنعمة  الله نـقليكم وتقلونا

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 250 _
  أى تقلوننا ، والنون الثانية هنا ليست وقاية بل هى من الضمير ، وحذف بعض الضمير لا يجوز وهو ضعيف أيضا ، لان علامة الرفع لا تحذف إلا بعامل ( مَا تُشْرِكُونَ بِهِ ) ( ما ) بمعنى الذى : أى ولا أخاف الصنم الذى تشركونه به : أى بالله ، فالهاء في به ضمير اسم الله تعالى ، ويجوز أن تكون الهاء عائدة على ما : أى ولا أخاف الذى تشركون بسببه ولا تعود على الله ، ويجوز أن تكون ( ما ) نكرة موصوفة ، وأن تكون مصدرية ( إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ ) يجوز أن يكون استثناء من جنس الاول تقديره : إلا في حال مشيئة ربى : أى لا أخافها في كل حال إلا في هذه الحال ، ويجوز أن يكون من غير الاول : أى لكن أخاف أن يشاء ربى خوفى ما أشركتم ، و (شيئا) نائب عن المصدر : أى مشيئة ، ويجوز أن يكون مفعولا به : أى إلا أن يشاء ربى أمرا غير ما قلت ، و (علما) تمييز.
  وكل شئ مفعول وسع : أى علم كل شئ ، ويجوز أن يكون علما على هذا التقدير مصدرا لمعنى وسع ، لان ما يسع الشئ فقد أحاط به ، والعامل بالشئ محيط بعلمه : قوله تعالى ( وَكَيْفَ أَخَافُ ) كيف حال ، والعامل فيها أخاف وقد ذكر ، و ( مَا أَشْرَكْتُمْ ) يجوز أن تكون ( ما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف ، وأن تكون مصدرية ( مَا لَمْ ) ( ما ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، وهى في موضع نصب بأشركتم ، و (عليكم) متعلق بينزل ، ويجوز أن يكون حالا من (سلطان) أى ما لم ينزل به حجة عليكم ، والسلطان مثل الرضوان والكفران ، وقد قرئ بضم اللام وهى لغة أتبع فيها الضم.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ آمَنُوا ) فيه وجهان : أحدهما هو خبر مبتدإ محذوف : أى هم الذين ، والثانى هومبتدأ ، و (أولئك) بدل منه أو مبتدأ ثان ، ( لَهُمْ الأَمْنُ ) مبتدأ وخبر الجملة خبر لما قبلها ، ويجوز أن يكون الامن مرفوعا بالجار لانه معتمد على ما قبله.
  قوله تعالى (وتلك) هو مبتدأ ، وفى (حجتنا) وجهان : أحدهما هو بدل من تلك ، وفي (آتيناها) وجهان : أحدهما هو خبر عن المبتدإ ، و ( عَلَى قَوْمِهِ ) متعلق بمحذوف : أى آتيناها إبراهيم حجة على قومه أو دليلا ، والثانى أن تكون حجتنا خبر تلك ، وآتيناها في موضع الحال من الحجة ، والعامل معنى الاشارة ، ولا يجوز أن يتعلق على بحجتنا لانها مصدر وآتيناها خبر أو حال ، وكلاهما لا يفصل بين الموصول والصلة (نرفع) يجوز أن يكون في موضع الحال من آتيناها،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الاول) _ 251 _
  ويجوز أن يكون مستأنفا ، ويقرأ بالنون والياء ، وكذلك في نشاء والمعنى ظاهر ، (درجات) يقرأ بالاضافة وهو مفعول نرفع ، ورفع درجة الانسان رفع له ، ويقرأ بالتنوين ، و (من) على هذا مفعول نرفع ، ودرجات ظرف أو حرف الجر محذوف منها : أى إلى درجات.
  قوله تعالى ( كُلاًّ هَدَيْنَا ) كلا منصوب بهدينا ، والتقدير : كلا منهما ( وَنُوحاً هَدَيْنَا ) أى وهدينا نوحا ، والهاء في (ذريته) تعود على نوح والمذكورون بعده من الانبياء ذرية نوح ، والتقدير : وهدينا من ذريته هؤلاء ، وقيل تعود على إبراهيم : وهذا ضعيف لان من جملتهم لوطا وليس من ذرية إبراهيم ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي ) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف : أى ونجزى المحسنين جزاء مثل ذلك ، وأما (عيسى) فقيل هو أعجمى لا يعرف له اشتقاق ، وقيل هو مشتق من التعيش وهو البياض ، وقيل من العيس وهو ماء الفحل ، وقيل هو من عاس يعوس إذا صلح ، فعلى هذا تكون الياء منقلبة عن واو ، وأما (اليسع) فيقرأ بلام ساكنة خفيفة وياء مفتوحة.
  وفيه وجهان : أحدهما هو اسم أعجمى علم ، والالف واللام فيه زائدة كما زيدت في النسر وهو الصنم لانه صنم بعينه ، وكذلك قالوا في عمر والعمر ، وكذلك اللات والعزى.
  والثانى أنه عربى ، وهو فعل مضارع سمى به ولا ضمير فيه ، فأعرب ثم نكر ثم عرف بالالف واللام ، وقيل اللام على هذا زائدة أيضا ، ويسع أصله يوسع بكسر السين ثم حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ثم فتحت السين من أجل حرف الحلق ولم ترد الواو لان الفتحة عارضة ، ومثله يطأ ويقع ويدع (وكلا) منصوب بفضلنا.
  قوله تعالى ( وَمِنْ آبَائِهِمْ ) هو معطوف على وكلا : أى وفضلنا كلا من آبائهم ، أو وهدينا كلا من آبائهم.
  قوله تعالى (ذلك) مبتدأ ، و ( هُدَى اللَّهِ ) خبره ، و ( يَهْدِي بِهِ ) حال من الهدى ، والعامل فيه الاشارة ، ويجوز أن يكون حالا من اسم الله تعالى ، ويجوز أن يكون هدى الله بدلا من ذلك ، ويهدى به الخبر ، و ( مِنْ عِبَادِهِ ) حال من ( من ) أو من العائد المحذوف ، والباء في (بها) الاخيرة تتعلق ب‍ (كافرين) والباء في بكافرين زائدة : أى ليسوا كافرين بها.
  قوله تعالى (اقتده) يقرأ بسكون الهاء وإثباتها في الوقف دون الوصل ، وهى على هذا هاء السكت ، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضا لشبهها بهاء الاضمار ، ومنهم من يكسرها.