الفهرس العام


تقديم


طبعات الكتاب
النسخ المعتمدة ومنهج التحقيق
استدراك
فهرس المصادر والمراجع

  كان شيخ البطحاء أبو طالب الدرع الواقية لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منذ بزوغ شمس الرسالة إلى يوم قبضه الله إليه ، حيث وقف كالسد المنيع يحول بين الوثنية ـ وهي القوة العظمى التي كانت حينذاك تمسك بمقدرات العالم ـ وبين تحقيق أهدافها في وأد الرسالة السماوية والدعاة إليها .
  وله في هذا السبيل مواقف مشهورة تفوق الاحصاء ، وإجمالها يحتاج إلى كتاب مفرد ، ولكن هذا التأريخ بدفتيه مفتوح بين يديك ، ويكفيك أن تطالع فيه صفحات أيام الضغط على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وذويه والمقاطعة الشاملة لهم ، وحبسهم في ( شعب أبي طالب ) لترى أن أبا طالب كان الرجل الوحيد الذي تعهد حفظهم وحراستهم ، وتكفل أرزاقهم .
  وكفاك شاهدا على عظم منزلته عند الله ورسوله أن الرسول الأعظم الذي لا ينطق عن الهوى ، اشتد وجده وهاج حزنه بعد وفاة عمه وناصره أبي طالب ، وسمى ذلك العام بعام الحزن ، ولم يمكنه بعدها المقام بمكة فاضطر إلى الهجرة إلى المدينة المنورة .

إيمان أبي طالب _ 4 _

  أما أقوال أبي طالب وأشعاره المثبتة في كتب السير والتواريخ والحديث والتي يرويها المخالف والمؤالف ، فهي صريحة في اعترافه برسالة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونبوته وأمانته وصدقه ، وأنه يوحى إليه من ربه ، وخاتم الأنبياء ، وتعرب عن كمال إيمانه وحقيقة إخلاصه لصاحب الشريعة وتفانيه في نصرة الاسلام وحماية بيضته .
  وكل هذه الأشعار قد جاءت مجئ التواتر ، فإن لم تكن آحادها متواترة فمجموعها متواتر يدل على أمر واحد لا غير ، وهو إيمانه وتصديقه بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما أن كل واحدة من قتلات علي ( عليه السلام ) الفرسان منقولة آحادا ومجموعها متواتر ، يفيدنا العلم الضروري بشجاعته ، وكذلك القول فيما يروى عن سخاء حاتم وحلم الأحنف ...
  وأما ما يروى عن آله وذويه وولده ، خاصة أمير المؤمنين علي وأولاده المعصومين عليهم السلام ، فصريحة في إثبات إيمانه ، ولم يؤثر عنهم ما يخالفه ، بل أكدوا أن ( إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى ، لرجح إيمان أبي طالب ) (1) وكتبوا إلى بعض ثقاتهم وخاصتهم ( إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار ) (2) ، وأهل البيت أدرى بما فيه .
  ورغم كل ذلك فقد حاول بعض من في قلوبهم مرض ، وممن فاتهم إيذاء رسول الله في حياته ومحاربة دعوته ، أن يقوضوا دعامة من دعائم

---------------------------
(1) الحبة على الذاب إلى تكفير أبي طالب : 85 ، شرح نهج البلاغة 14 : 68 .
(2) الحجة على الذاب إلى تكفير أبي طالب : 77 و 82 ، كنز الفوائد 1 : 183 .

إيمان أبي طالب _ 5 _

  الاسلام المتينة ، من خلال تشكيكهم في إيمان أبي طالب ، تلك المحاولة التي باءت بالفشل الذريع ، لأن نور الشمس لا يحجبه غربال ، ونتيجة لتصدي جماعة من كبار علماء الاسلام وأعلامه لهم ، وكشف دسائسهم ومكائدهم ، وفضح أهدافهم الدنيئة .
  وإليك سردا بما كتبه هؤلاء الأعلام وحماة رجال الاسلام في سيرة أبي طالب وفضله وإيمانه :
  1 ـ أبو طالب عم الرسول : لمحمد كامل حسن المحلمي ، طبع ضمن سلسلة عظماء الاسلام التي يصدرها المكتب العالمي ببيروت .
  2 ـ أبو طالب مؤمن قريش : للأستاذ الأديب الشيخ عبد الله بن علي الخنيزي القطيفي المولود سنة (1350 هـ) ، مطبوع عدة مرات .
  ترجم له الشيخ الطهراني في ( نقباء البشر ) 4 : 1393 وقال : ( حكم عليه من أجله ـ أي كتابه أبو طالب مؤمن تريش ـ قضاة الشرع السعوديون بالاعدام لولا أن أنجته الصرخات التي توالت من البلدان الإسلامية وزعماء الدين من الشيعة من تنفيذ ذلك به ) .
  نعم ، حكموا عليه بالاعدام لأنه أثبت في كتابه هذا بالبراهين الساطعة إيمان عم النبي وكافله وناصره ومؤيده أبي طالب ، وفي المقابل لم ينبسوا ببنت شفة عن إهانات المرتد مؤلف ( الآيات الشيطانية ) لرسول الله والأنبياء عليهم السلام والرسالات السماوية ، بل استنكروا فتوى الإمام الخميني قدس سره بإهدار دمه ( وما عشت أراك الدهر عجبا ) .
إيمان أبي طالب _ 6 _

  3 ـ إثبات إسلام أبي طالب : لمولانا محمد معين بن محمد أمين بن طالب الله الهندي السندي التتوي الحنفي ، المتوفى سنة (1161 هـ) ، أحد العلماء المبرزين في الحديث والكلام والعربية ، ذكره سماحة الحجة السيد عبد العزيز الطباطبائي في ( أهل البيت في المكتبة العربية ) رقم (13) .
  4 ـ أخبار أبي طالب وولده : للعلامة الحافظ أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني الأخباري (135 ـ 215 وقيل 225 هـ) ، قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء 10 : 400 : ( كان عجبا في معرفة السير والمغازي والأنساب وأيام العرب ، مصدقا فيما ينقله ، عالي الاسناد ) .
  عد هذا الكتاب من تصانيفه ابن النديم في ( الفهرست ) ص : 148 ، وياقوت الحموي في ( معجم الأدباء ) 14 : 131 .
  5 ـ أسنى المطالب في نجاة أبي طالب : للعلامة أحمد زيني دحلان ، الفقيه الخطيب مفتي الشافعية (1232 ـ 1304 هـ) اختصر فيه كتاب ( بغية الطالب لإيمان أبي طالب ) للعلامة محمد بن رسول البر زنجي الآتي ذكره ، وأضاف عليه مطالب مهمة ، طبع بمصر سنة (1305 هـ) ، وبعدها مكررا .
  وترجمه إلى اللغة الأردوية المولوي الحكيم مقبول أحمد الدهلوي وطبع في دلهي سنة (1313 هـ) ، ذكر الشيخ في الذريعة 4 : 78 .
  6 ـ إيمان أبي طالب : لأحمد بن القاسم، قال عنه النجاشي في

إيمان أبي طالب _ 7 _

  رجاله : 95 : ( رجل من أصحابنا رأينا بخط الحسين بن عبيد الله كتابا له في إيمان أبي طالب ) .
  والحسين بن عبيد الله هو أبو عبد الله الغضائري شيخ النجاشي بالإجازة ، مات سنة (411 هـ) .
  7 ـ إيمان أبي طالب : للشيخ أبي الحسين أحمد بن محمد بن أحمد ابن طرخان الجر جرائي الكاتب ، قال عنه النجاشي في رجاله : 87 : ( ثقة ، صحيح السماع ، وكان صديقنا ) .
  8 ـ إيمان أبي طالب : للشيخ الرجالي أبي علي أحمد بن محمد بن عمار الكوفي المتوفى سنة (346 هـ) ، وصفه النجاشي في رجاله : 95 والشيخ الطوسي في الفهرست : 29 : شيخ من أصحابنا ، ثقة ، جليل القدر ، كثير الحديث والأصول .
  وله أيضا كتاب : أخبار آباء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم وفضائلهم وإيمانهم ، وكتاب الممدوحين والمذمومين .
  9 ـ إيمان أبي طالب : للفقيه المتكلم السيد الجليل أبي الفضائل جمال الدين أحمد بن موسى بن جعفر ابن طاوس العلوي الحسني الحلي، المتوفى سنة (673 هـ) ، ذكره هو في كتابه ( بناء المقالة الفاطمية في نغض الرسالة العثمانية ) (1) .
  10 ـ إيمان أبي طالب : للشيخ المحدث الجليل أبي محمد سهل بن

---------------------------
(1) أنظر بناء المقالة الفاطمية : 181 .

إيمان أبي طالب _ 8 _

  أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سهل الديباجي البغدادي (286 ـ 380 هـ) ، ذكر كتابه هذا النجاشي في رجاله : 186 .
  11 ـ إيمان أبي طالب : لأبي نعيم علي بن حمزة البصري اللغوي ، المتوفى سنة (375 هـ) ( أحد أعيان أهل اللغة الفضلاء المتحققين العارفين بصحيحها من سقيمها ) (1) .
  ذكر كتابه هذا الشيخ الطهراني في الذريعة 2 : 513 وقال : ( نقل من بعض فصوله الحافظ العسقلاني في ترجمة أبي طالب في الإصابة ، وصرح بكونه رافضيا ) (2) .
  12 ـ إيمان أبي طالب وأحواله وأشعاره : للميرزا محسن بن الميرزا محمد المعروف ب (بالا مجتهد) القره داغي التبريزي، من أعلام القرن الثالث عشر ، ذكره في الذريعة 2 : 513 .
  13 ـ إيمان أبي طالب : للشيخ الجليل أبي عبد الله محمد بن محمد ابن النعمان المفيد ، المتوفى سنة (413 هـ) ، وهو هذا الكتاب ، وسيأتي الحديث عنه .
  14 ـ إيمان أبي طالب : ذكر الشيخ آقا بزرگ الطهراني في الذريعة 2 : 512 ، وقال : لبعض الأصحاب ، استدل فيه على إيمانه بفعاله ومقاله وفعال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم به ومقاله فيه ، فذكر بعد بيان أفعال أبي طالب أقواله المنبئة عن إسلامه وحسن بصيرته ، وأورد كثيرا من أشعار

---------------------------
(1) معجم الأدباء 13 : 208 .
(2) أنظر الإصابة 7 : 113 ـ 116 .

إيمان أبي طالب _ 9 _

  مع الشرح والبيان .
  واحتمل أنه للسيد حسين المجتهد المفتي الموسوي العاملي الكركي ، المتوفى سنة (1001 هـ) ، لأنه وعد في آخر كتابه ( دفع المناواة عن التفضيل والمساواة ) أن يؤلف كتابا مفردا في إيمان أبي طالب .
  15 ـ بغية الطالب لإيمان أبي طالب : ينسب للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي ، المتوفى سنة (911 هـ) ، توجد نسخته في مكتبة قوله بمصر ، ضمن مجموعة برقم (16) ، تاريخها (1105 هـ ) ، (1) 16 ـ بغية الطالب في إسلام أبي طالب : للعالم الجليل المفتي السيد محمد عباس بن السيد علي أكبر الموسوي التستري اللكهنوي (1224 ـ 1306 هـ) ، ذكره اللكهنوي في كشف الحجب ، والشيخ الطهراني في الذريعة 3 : 134 .
  17 ـ بغية الطالب في بيان أحوال أبي طالب ، وإثبات إيمانه وحسن عقيدته : للسيد محمد بن حيدر بن نور الدين علي الموسوي الحسيني العاملي، فرغ منه سنة (1096 هـ) ، ذكره في الذريعة 3 : 135 .
  18 ـ بغية الطالب لإيمان أبي طالب : للعالم محمد بن عبد الرسول البر زنجي الشافعي الشهر زوري المدني (1040 ـ 1103 هـ) ، لخصه ـ كما قدمنا ـ السيد أحمد زيني دحلان وسماه ( أسنى المطالب في

---------------------------
(1) رابع الذريعة 2 : 511.

إيمان أبي طالب _ 10 _

 نجاة أبي طالب ) .
  19 ـ البيان عن خيرة الرحمن في إيمان أبي طالب وآباء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعليهم لأبي الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلبي الأزدي، وصفه النجاشي في رجاله : 265 : ( شيح أصحابنا بالبصرة ، ثقة ، سمع الحديث فأكثر ) روى النجاشي كتبه عن شيخه المفيد وأحمد بن علي بن نوح .
  وذكر كتابه هذا أيضا الشيخ الطوسي في الفهرست : 96 .
  20 ـ الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : للعالم الفقيه السيد شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي، المتوفى سنة (630 هـ)، كتاب قيم ، كبير الفائدة ، طبع عدة مرات .
  21 ـ ديوان أبي طالب وذكر إسلامه : لأبي نعيم علي بن حمزة البصري التميمي اللغوي ، المتوفى سنة (375 هـ) ، مر ذكره تحت الرقم (11) ، ذكره بهذا العنوان في الذريعة 9 : 42 .
  22 ـ الرغائب في إيمان أبي طالب : للعلامة السيد مهدي بن علي الغريفي البحراني النجفي ، ذكره في الذريعة 11 : 241 .
  23 ـ شعر أبي طالب بن عبد المطلب وأخباره : للأديب الشاعر أبي هفان عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي ، من شيوخ ابن دريد الأزدي المتوفى سنة (321 هـ) ، ذكره النجاشي في رجاله : 218 ، طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة (1356 هـ) بشرح اللغوي الأديب عثمان بن جني المتوفى سنة (392 هـ) ، عن النسخة التي

إيمان أبي طالب _ 11 _

   كتبها عفيف بن أسعد ببغداد سنة (380 هـ) عن نسخة بخط الشيخ ابن جني وعارضها به وقرأها عليه .
  24 ـ الشهاب الثاقب لرجم مكفر أبي طالب : للعلامة الحجة الشيخ الميرزا نجم الدين جعفر الشريف ابن الميرزا محمد بن رجب علي الطهراني العسكري (1313 ـ 1395 هـ) ، مخطوط .
  25 ـ شيخ الأبطح : للعلامة الفاضل السيد محمد علي بن العلامة الحجة عبد الحسين الموسوي آل شرف الدين الموسوي ، كتاب لطيف في إثبات إيمان أبي طالب وبعض شعره ، والرد على من نصب له العداوة ، طبع سنة (1349 هـ) ، وذكره في الذريعة 14 : 265 .
  26 ـ شيخ بني هاشم : للفاضل عبد العزيز سيد الأهل ، طبع سنة (1371 هـ) ، وذكره في الذريعة 14 : 265 .
  27 ـ فصاحة أبي طالب : للسيد الشريف المحدث أبي محمد الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأطروش ، ذكره النجاشي في رجاله : 57 .
  28 ـ فضل أبي طالب و عبد المطلب وأبي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لشيخ الطائفة وفقيهها أبي القاسم سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي، المتوفى سنة (299) أو (301 هـ) ، ذكره النجاشي في رجاله : 177 .
  29 ـ فيض الواهب في نجاة أبي طالب : للشيخ أحمد فيضي ابن الحاج علي عارف بن عثمان بن مصطفى الجورومي الحنفي

إيمان أبي طالب _ 12 _

  (1253 ـ 1327 هـ) ، ذكره في هدية العارفين 1 : 195 .
  30 ـ القول الواجب في إيمان أبي طالب : للعلامة الشيخ محمد علي ابن الميرزا جعفر علي الفصيح الهندي ، نزيل مكة ، فرغ منه في جمادى الأولى سنة (1299 هـ) ، ذكره في الذريعة 17 : 216 .
  31 ـ مقصد الطالب في إيمان آباء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعمه أبي طالب :
  للميرزا شمس العلماء محمد حسين بن علي رضا الرباني الجرجاني المشهور بجناب ، طبع في بومباي سنة (1311 هـ) ، ذكره في الذريعة 22 : 111 .
  32 ـ منى الطالب في إيمان أبي طالب : للشيخ المفيد أبي سعيد محمد بن أحمد بن الحسين بن أحمد الخزاعي النيسابوري ، جد الشيخ المفسر أبي الفتوح الرازي ، من أعلام القرن الخامس الهجري ، ذكره الشيخ منتجب الدين الرازي في الفهرست : 102 ، والحر العاملي في أمل الآمل 2 : 240 .
  33 ـ منية الراغب في إيمان أبي طالب : للعلامة الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي ، ذكره في كتابه ( ذرايع البيان ) 1 : 169 ، وذكر في فهرس مؤلفاته المطبوع في آخر كتابه ( ذرايع البيان ) أن ( منية الراغب ) طبع ثلاث مرات باللغتين العربية والفارسية .
  34 ـ منية الطالب في إيمان أبي طالب : للسيد الجليل حسين الطباطبائي اليزدي الحائري الشهير بالواعظ ، المتوفى سنة (1307 هـ) ، فارسي مطبوع ، ذكره في الذريعة 23 : 204 .

إيمان أبي طالب _ 13 _

  35 ـ منية الطالب في حياة أبي طالب : للسيد حسن بن علي بن الحسين القبانجي الحسيني النجفي ، ألفه سنة (1358 هـ) ذكره في الذريعة 23 : 204 وقال : ( رأيته بخطه في 82 صفحة ) .
  36 ـ مواهب الواهب في فضائل أبي طالب : للعلامة البارع الشيخ جعفر بن محمد النقدي التستري النجفي (1303 ـ 137 هـ) ألفه سنة (1322 هـ) وطبع في النجف الأشرف سنة (1341 هـ) .
  37 ـ الياقوتة الحمراء في إيمان سيد البطحاء : للسيد الفاضل طالب الحسيني آل علي خان المدني ، الشهير بالخرسان ، المعاصر ، والكتاب في مقدمة وثمانية فصول ، وما يزال مخطوطا عنده .
  كانت هذه قائمة بأسماء الكتب المؤلفة في إيمان أبي طالب وفضائله وحياته وشعره ، وقع كتاب الشيخ المفيد في المرتبة الأولى من حيث أهميته التاريخية ، فهو أقدم مصدر وصل إلينا في هذا المضمار .

طبعات الكتاب

  طبع في العراق ضمن مجموعة ( نفائس المخطوطات ) التي قام بتحقيقها وإصدارها العلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين ، سنة (1372 هـ) .
  كما طبع ضمن ( عدة رسائل للشيخ المفيد ) منشورات مكتبة المفيد ـ إيران ـ قم المقدسة ، اعتمادا على ثلاث نسخ خطية .

إيمان أبي طالب _ 14 _

النسخ المعتمدة ومنهج التحقيق

  اعتمدنا في تحقيق هذه الرسالة على النسخة الخطية المحفوظة في خزانة مخطوطات المكتبة المركزية العامة في مدينة مشهد المقدسة ، برقم (8283) ، والتي تحتوي على اثنتين وثلاثين رسالة ، شغلت رسالتنا هذه الصفحات 268 ـ 277 ، فرغ من كتابتها تاج الدين صاعد ( بعد العصر من يوم الجمعة أول أول الربيعين سنة ست وثمانين وتسعمائة بالمسجد الجامع الكبير بإصفهان ) .
  ورمزنا لها في التعليقات ب ( أ ).
  وقمنا بمقابلة نسختنا هذه على مطبوعة مكتبة المفيد ، مستخدمين في النهاية نهج التلفيق لإثبات متن سليم صحيح ، كما قمنا بتخريج ومقابلة الأشعار على ديوان أبي طالب رضوان الله عليه لأبي هفان عبد الله بن أحمد المهزمي العبدي وبشرح ابن جني ، وعلى بعض المصادر المعتبرة الأخرى ، كما يلاحظ ذلك جليا في التعليقات .
  وشرحنا غريب الرسالة والأشعار ـ وهو كثير قياسا على حجم الرسالة ـ معتمدين على أمهات المعاجم اللغوية .
  وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل شكرنا وتقديرنا للإخوة المحققين الذين ساهموا في إخراج هذه الرسالة بحلة جديدة تروق أهل التحقيق والفضل ، سائلين العلي القدير أن يتقبل هذا الجهد بأحسن قبوله ، إنه سميع الدعاء .

قسم الدراسات الإسلامية
   مؤسسة البعثة

إيمان أبي طالب _ 15 _

إيمان أبي طالب _ 17 _

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

  الحمد لله ولي الحمد ومستحقه ، وصلاته على خيرته من خلقه ، محمد وآله ، وسلم كثيرا .
  وبعد : أطال الله بقاء الأستاذ الجليل، وأدام له العز والتأييد ، والعلو والتمهيد ، فإنني مثبت بتوفيق الله عز وجل ، وما يهب من التسديد ، طرفا من المقال في المعنى الذي كنت أجريت منه جملا بحضرته معاينة ، وما في حيزه بيان الطرف والجمل من الدلائل على إيمان أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنه وأرضاه ، المقتضبة من مقاله وفعاله ، التي لا يمكن دفعها إلا بالعناد ، وإن كنت قد أشبعت الكلام في هذا الباب في مواضع من كتبي المصنفات ، وأمالي المشهورات (2)

---------------------------
(1) زاد ناسخ ( أ ) : رب وفق بحق وليك الرضا ( عليه السلام ) والتحية والتسليم .
(2) أنظر الاختصاص : 147 و 148 و 241 ، الارشاد : 100 ، الأمالي : 303 و 304 ، أوائل المقالات : 12 ، تصحيح الاعتقاد : 67 ، الفصول المختارة : 32 وما بعدها ، وص 228 وما بعدها .

إيمان أبي طالب _ 18 _

  ليكون ما يحصل به الرسم في هذا المختصر تذكارا ، ولما أخبرت عنه بيانا ، وفي الغرض الملتمس منه كافيا ، وبالله أستعين .
  فمن الدليل على إيمان أبي طالب رضي الله عنه ما اشتهر عنه من الولاية لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمحبة والنصرة ، وذلك ظاهر معروف لا يدفعه إلا جاهل ، ولا يجحده إلا بهات معاند ، وفي معناه يقول رضي الله تعالى عنه في اللامية السائرة المعروفة :
لـعمري لـقد كـلفت وجدا iiبأحمد      وأحببته حب الحبيب iiالمواصل (1)
وجـدت  بـنفسي دونـه iiوحميته      ودارأت  عنه بالذرى iiوالكلاكل (2)
فـما زال فـي الدنيا جمالا iiلأهلها      وشينا لمن عادى وزين المحافل (3)
حـليما رشـيدا حازما غير طائش      يـوالي إله الخلق ليس بما iiحل (4)

---------------------------
(1) في الديوان وبعض المصادر : وأخوته دأب المحب المواصل .
(2) في الديوان وبعض المصادر : ودافعت عنه بالطلي والكلاكل .
الذرى : جمع ذروة ، وهي أعلى الشئ وأشرفه ( أنظر لسان العرب ـ ذرا ـ 14 : 284 ) .
الطلى : جمع الطلاة ، وهي العنق ، ( لسان العرب ـ طلى ـ 15 : 13 ) .
الكلاكل: جمع كلكل ، وهو الصدر من كل شئ ( لسان العرب ـ كلل ، 11 : 596 ) .
(3) في الديوان وبعض المصادر: وزينا على رغم العدو المخابل .
(4) الماحل: المحتال ، الماكر ( الصحاح ـ محل ـ 5 : 1817 ) ويأتي شرحها عن الشيخ المفيد قريبا ، وفي الديوان وبعض المصادر :
فمن مثله في الناس أو من مؤمل      إذا قـايس الحكام أهل iiالتفاضل
حـليم  رشيد عادل غير iiطائش      يـوالي  إلـها ليس عنه iiبذاهل

إيمان أبي طالب _ 19 _

فـأيده  رب الـعباد iiبـنصره      وأظهر دينا حقه غير باطل (1)
   ومن تأمل هذا المدح عرف منه صدق ولاء صاحبه لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، واعترافه بنبوته ، وإقراره بحقه فيما أتى به ، إذ لا فرق بين أن يقول : محمد نبي صادق، وما دعا إليه حق صحيح واجب ، وبين قوله :
فـأيده  رب الـعباد iiبـنصره      وأظهر دينا حقه غير باطل
وفي هذا البيت إقرار أيضا بالتوحيد صريح (2) ، واعتراف لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم بالنبوة صحيح (3) ، وفي الذي قبله مثل ذلك ، حيث يقول

---------------------------
(1) هذه القصيدة مشهورة معروفة ، رواها أهل الأدب والتاريخ والسير ، وشرحها جماعة من العلماء كابن جني والبغدادي ، وقال فيها ابن كثير : ( هذه قصيدة عظيمة بليغة جدا ، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع ، وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعها ) وهي مائة وأحد عشر بيتا .
أنظر ديوان أبي طالب : 3 ـ 12 ، سيرة ابن هشام 1: 291 ـ 299 ، الحجة على الذاهب : 339 ـ 343 ، العمدة : 412 ( شرح نهج البلاغة 14 : 79 ، الطرائف : 301 ، البداية والنهاية : 3 : 51 ـ 55 ، السيرة النبوية للذهبي : 95 ، خزانة الأدب 1 : 252 ـ 261 .
(2) (صريح) من ط ، وفي ( أ ) بدلها كلمة غير واضحة .
(3) (صحيح) من ط .

إيمان أبي طالب _ 20 _

  وهو يصف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم :
حليما رشيدا حازما غير طائش      يوالي  إله الخلق ليس بما iiحل
  يعني : ليس بكاذب متقول للمحال .
  وما بعد هذا القول المعلوم من أبي طالب رضي الله تعالى عنه المتيقن من قبله طريق إلى التأويل في كفره ، إلا وهو طريق إلى التأويل على حمزة وجعفر وغيرهما من وجوه المسلمين ، حتى لا يصح إيمان أحدهم وإن أظهر الاقرار بالشهادتين ، وبذل جهده في نصرة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  وهو في أمر أبي بكر وعمر وعثمان أقرب (1) ، لأنه إن لم يثبت لأبي طالب ، وهو مقر به في نثره ونظمه الذي يسير به عنه الركبان ، ويطبق على رواياته نقلة الأخبار ، ورواة السير والآثار، مع ظهور نصرته للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبذل نفسه وولده وأهله وماله دونه ، ورفع الصوت بتصديقه ، والحث على اتباعه ، كان أولى أن لا يثبت للذين ذكرناهم إيمان ، وليس ظهور إقرارهم وشهرته يقارب ظهور إقرار أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، ويداني في الوضوح اعترافه بصدقه ونبوته ، ولهم مع ذلك من التأخر عن نصره ، ومن خذلانه ، والفرار عنه ما لا يخفى على ذي حجا (2) ، ممن سمع الأخبار وتصفح الآثار وهذا لازم لا فصل منه .
  ثم إن أبا طالب رضي الله تعالى عنه يصرح في هذه ، لعقيدة بتصديق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم بأخص ألفاظ التصديق ، ينادي بالقسم (3) في نصرته

---------------------------
(1) وفي بعض النسخ : وهو في أمر أشهر وطريق أقرب .
(2) الحجا : العقل ( الصحاح ـ حجا ـ 6 : 2309 ) .
(3) وفي بعض النسخ : ويباهي .

إيمان أبي طالب _ 21 _

  ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم وبذل المهجة والأهل دونه ، حيث يقول :
ألـم تـعلموا أن ابـننا لا iiمكذب      لـدينا  ولا يعبأ بقول iiالأباطل (1)
وأبـيض يـستسقى الغمام بوجهه      ربـيع الـيتامى عصمة iiللأرامل
يطوف به (2) الهلاك من آل هاشم      فـهم عـنده في عصمة iiوفواضل
  إلى حيث قال :
كذبتم  وبيت الله نسلم iiأحمدا      ولما نطاعن دونه ونقاتل (3)

---------------------------
(1) في الديوان وبعض المصادر :
لقد  علموا أن ابننا لا iiمكذب      لدينا ولا يعنى بقول الأباطل

(2) في الديوان وبعض المصادر : يلوذ به .
(3) روي هذا البيت في المصادر باختلاف في بعض ألفاظه ، منها :
كذبتم وبيت الله نبزي محمدا      ولما نطاعن دونه و iiنناضل

وفي النهاية : 125 ، واللسان 14 : 73 : يبزى ، أي يقهر ويستذل ويغلب ، وأراد : لا يبزى ، فحذف (لا) من جواب القسم ، والمراد أنه لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع .

إيمان أبي طالب _ 22 _

ونـسلمه حـتى نـصرع حـوله      ونذهل عن أبنائنا والحلائل (1)(2)

  وفي هذه الأبيات أيضا بيان لمن تأملها في صحة ما ذكرناه من إخلاص أبي طالب رضي الله عنه ، والولاء لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم ، وبذل غاية النصرة له ، والشهادة بنبوته وتصديقه حسب ما ذكرناه .
  وقد جاءت الأخبار متواترة لا يختلف فيها من أهل النقل اثنان ، أن قريشا أمرت بعض السفهاء أن يلقي على ظهر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم سلى (3) الناقة إذا ركع في صلاته ، ففعلوا ذلك ، وبلغ الحديث أبا طالب، فخرج مسخطا (4) ومعه عبيد له ، فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم ويغسلوه ، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال (5) القوم ، وهم إذ ذاك وجوه قريش ، وحلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك ، فما امتنع أحد منهم عن طاعته ، وأذل جماعتهم بذلك وأخزاهم (6) .

---------------------------
(1) الحلائل : جمع حليلة ، وهي الزوجة ( المحاح ـ حلل ـ 4 : 1673 ) .
(2) إضافة إلى المصادر المتقدمة ، راجع : صحيح البخاري 2 : 75 السنن الكبرى 3 : 352 ، دلائل النبوة للبيهقي : 6 : 141 ، الخصائص الكبرى 1 : 146 وص 208 .
(3) السلى : الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه ( لسان العرب ـ سلا ـ 4 : 396 ) .
(4) خ ل : مغضبا .
(5) السبال : جمع السبلة ، وهو الشارب ( الصحاح ـ سبل ـ 5 : 1724 ) .
(6) الكافي 1 : 373 / 30 ، تفسير القرطبي 6 : 405 .

إيمان أبي طالب _ 23 _

  وفي هذا الحديث دليل على رئاسة أبي طالب على الجماعة ، وعظم محله فيهم ، وأنه ممن تجب طاعته عندهم ، ويجوز أمره فيهم وعليهم ، ودلالة على شدة (1) غضبه لله عز وجل ولرسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وحميته له ولدينه ، وترك المداهنة والتقية في حقه ، والتصميم لنصرته ، والبلوغ في ذلك إلى حيث لم يستطعه أحد قبله ، ولا ناله أحد بعده .
  وقد أجمع أهل السير أيضا ونقلة الأخبار أن أبا طالب رضي الله عنه لما فقد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليلة الاسراء ، جمع ولده ومواليه ، وسلم إلى كل رجل منهم مدية ، وأمرهم أن يباكروا الكعبة ، فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس بفناء الكعبة ، وهم يومئذ سادات أهل البطحاء ، فإن أصبح ولم يعرف للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خبرا أو سمع فيه سوءا ، أومأ إليهم بقتل القوم ، ففعلوا ذلك .
  وأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم إلى المسجد مع طلوع الشمس ، فلما رآه أبو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه ، وحمد الله عز وجل على سلامته ، ثم قال : والله، يا ابن أخي ، لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف ، وأومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش ذلك .
  ثم قال لولده ومواليه : أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم ، فلما رأت قريش ذلك انزعجت له ، ورجعت على أبي طالب بالعتب

---------------------------
(1) في ( أ ) : ومنها شدة بدل (ودلالة على شدة) .

إيمان أبي طالب _ 24 _

  والاستعطاف فلم يحفل بهم (1) .
  ولم تزل قريش بعد ذلك خائفة من أبي طالب ، مشفقة على أنفسها من أذى يلحق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهذا هو النصر الحقيقي نابع عن صدق في الولاية ، وبه ثبتت النبوة ، وتمكن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم من أداء الرسالة ، ولولاه ما قامت الدعوة ، ومن لم يعرف باعتباره إيمان صاحبه وعظم عناه في الدين ، خرج من حد المكلفين .
  على أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم لم يزل عزيزا ما كان أبو طالب حيا ، ولم يزل به ممنوعا من الأذى، معصوما حتى توفاه الله تعالى ، فنبت (2) به مكة ، ولم تستقر له فيها دعوة ، وأجمع القوم على الفتك به ، حتى جاءه الوحي من ربه ، فقال له جبرئيل ( عليه السلام ) : إن الله عز وجل يقرئك السلام ، ويقول لك : اخرج عن مكة فقد مات ناصرك (3) .
  فخرج ( عليه السلام ) : هاربا مستخفيا بخروجه ، وبيت أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه ، فبات موقيا له بنفسه ، وسالكا بذلك منهاج أبيه رضي الله عنه في ولايته ونصرته ، وبذل النفس دونه .
  فكم بين من أسلم نفسه لنبيه ، وشراها الله تعالى في طاعة نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبين من حصل مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم في أمن وحرز ، وهو لا

---------------------------
(1) الطبقات الكبرى 1 : 202 ، الحجة على الذاهب : 286 .
(2) يقال : نبت بي تلك الأرض: أي لم أجد بها قرارا ( لسان العرب ـ نبا ـ 15 : 302 ) .
(3) الحجة على الذاهب : 290 شرح نهج البلاغة 4 : 70 .

إيمان أبي طالب _ 25 _

  يملك نفسه جزعا ، ولا قلبه هلعا ، قد أظهر الحزن ، وأبدى الخور (1) ، شاكا في خبر الله تعالى ، مرتابا بقول رسول الله صلى الله عليه والله وسلم ، غير واثق بنصر الله عز وجل ، آيسا من روح الله، ضأنا (2) بنفسه عن الشهادة مع نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أم كم بين ما ذكرناه من نصر أبي طالب لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقيامه بأمره حتى بلغ دين الله ومسارعته إلى اتباعه ومعاضدته ومؤازرته وبين تأخر غيره عنه واخلائه مع أعدائه عليه ونحره في السفر إلى......... يطعم منه الراحلين معه لسفك دمه حتى إذا ظفره الله تعالى به مقهورا وجئ به إليه أسيرا دعاه إلى الإيمان فلجلج وأمره بفداء نفسه فامتنع ، فلما أشرف على دمه أقر وانقاد للفداء ضرورة وأسلم .
  إن هذا لعجب في القياس وغفلة خصوم الحق عن فصل ما بين هذه الأمور حتى عموا فيها عن الصواب ، وركبوا العصبية والعناد ، لأعجب والله نسأل التوفيق .
  ومما يؤيد ما ذكرناه من إيمان أبي طالب رضي الله تعالى عنه ويزيده بيانا ، أنه لما قبض رحمه الله ، آتى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلم ، فآذنه بموته فتوجع لذلك النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : ( امض يا علي ، فتول غسله وتكفينه وتحنيطه ، فإذا رفعته على سريره فأعلمني ) .
  ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، فلما رفعه على

---------------------------
(1) الخور : الضعف ( مجمع البحرين ـ خور ـ 3 : 293 ) .
(2) ضن بالشئ : بخل به ( الصحاح ـ ضنن ـ 6 : 2156 ) .