وتطلّبت مضانّه وسألت عنه ، فلم أقع على المقصود (1) .
أقول :
المقصود معلوم ، المقصود يقع عليه من كان عنده إنصاف ولم يكن عنده تعصّب .
والملاحظ أنّهم يحاولون قدر الامكان تطبيق الحديث على زمن حكومة بني أُميّة ، مع أنّهم يروون عن النبي أن الخلافة بعده ثلاثون سنة ، ثم يكون الملك ، وقلّ ما رأيت منهم من يشارك حكّام بني العباس في معنى هذا الحديث ، نعم ، وجدته في كلام الفضل ابن روزبهان ، فلاحظوا من يرى ابن روزبهان أنّهم الائمّة الاثنا عشر ، يقول : إنّ عدد صلحاء الخلفاء من قريش اثنا عشر [ وكأنّ الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قيّد هذا الحديث بالصلحاء ، والحال أنّه لا يوجد في لفظ الحديث كلمة : الصلحاء ، أو ما يؤدّي معنى كلمة الصلحاء ]وهم : الخلفاء الراشدون ، وهم خمسة ـ يعني منهم الحسن ( عليه السلام ) ـ ثمّ عبدالله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة ، وخمسة من بني العباس.
أمّا مَن هؤلاء الخمسة من بني العباس ؟ لا يذكرهم ، فمن يذكر ؟ يذكر هارون ؟ يذكر المتوكل ؟ يذكر المنصور الدوانيقي ؟
---------------------------
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13 / 181 .
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 27 _
أيّهم يستحقّ أن يطلق عليه اسم خليفة رسول الله والامام من بعده ؟ فهو لا يذكر أحداً ، وإنّما يقول خمسة ، وكأن تقسيم هذا الامر فوّض إلى الفضل ابن روزبهان ، فجعل من هؤلاء سبعة ومن هؤلاء خمسة .
وعلى كلّ حال ، ليس لهم رأي يستقرّون عليه ، ثمّ يعترفون بعدم فهمهم للحديث ، وفي الحقيقة ليس بعدم فهم ، وإنّما عدم اعتراف بالواقع والحقيقة .
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 29 _
إذن، ما هي الحقيقة ؟
النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أراد أن يعرّف الائمّة من بعده ويعيّن عددهم على وجه التحديد ، وقد فعل هذا ، لكن اللغط والصياح والضجّة من حوله ، كلّ ذلك منع من سماع الحاضرين صوته ونقلهم ما سمعوا من رسول الله، فكان السبب في خفاء صوته في الحقيقة هذه الضجّة من حوله ، لا أنّ صوته ضعف ، أو حصل مثلاً انخفاض في صوته ، ورسول الله ـ كما جاء في بعض ألفاظ هذا الحديث ـ قد قال : ( كلّهم من بني هاشم ).
يقول جابر بن سمرة : كنت مع أبي عند النبي ، فسمعته يقول : ( بعدي اثنا عشر خليفة ) ، ثمّ أُخفي صوته ، [ لاحظوا : ثمّ أُخفي صوته ] فقلت لابي : ما الذي أخفى صوته ؟ قال :
قال : ( كلّهم من بني هاشم ) ، وعن سماك بن حرب أيضاً مثل ذلك .
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 30 _
ثمّ نلاحظ القرائن الموجودة في لفظ الحديث ، والقرائن ذكرتها في خلال البحث ، أُكرّرها مرّةً أُخرى بسرعة :
( لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ) .
يكون لهذه الاُمّة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم ) ، يظهر : إنّ هناك من الاُمّة خذلاناً ، ومن الذي خذل معاوية ؟ ومتى خذل يزيد ؟ ومتى خذل مروان وغير أُولئك ؟ أهل البيت هم الذين خُذلوا ، هم الذين خولفوا .
ويظهر من كلمة ( القيّم ) أنّ المراد هو الامامة بالمعنى الحقيقي ، أي الامامة الشرعية، وليس المراد هو الحكومة وبسط اليد ونفوذ الكلمة والسيطرة على السلطة الاجرائية .
وإذا رجعنا إلى أحاديثنا وأسانيدنا المتصلة إلى جابر بن سمرة وغيره وجدنا أشياء أُخرى ، فلاحظوا الرواية :
عن سلمان : ( الائمّة بعدي اثنا عشر ) ، ثمّ قال : ( كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج المهدي ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ فيشفي صدور قوم مؤمنين ، ألا إنّهم أعلم منكم فلا تعلّموهم ، ألا إنّهم عترتي ولحمي ودمي ، ما بال أقوام يؤذونني فيهم ، لا أنالهم الله
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 31 _
شفاعتي ) (1) فهذا لفظ من ألفاظ الحديث .
ومن ألفاظ الحديث عن أبي هريرة : ( أهل بيتي ـ الائمّة بعدي اثنا عشر كذا ـ أهل بيتي عترتي من لحمي ودمي ، هم الائمّة بعدي ، عدد نقباء بني إسرائيل ) (2) .
عن حذيفة بن أسيد : ( الائمّة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل ، تسعة من صلب الحسين ومنّا مهدي هذه الاُمّة ، ألا إنّهم مع الحق والحق معهم ، فانظروا كيف تخلفوني فيهم ) (3) .
وهذه من ألفاظ حديث الائمّة إثنا عشر ، والالفاظ هذه موجودة في كتاب كفاية الاثر في النص على الائمّة الاثني عشر .
وإذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر بعدد الائمّة من بعده وعيّنهم بهذه الاوصاف، وأنّهم من العترة ، وأنّهم أعلم ، وأنّهم كذا ، وأنّهم كذا ، ثمّ قال: ( فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) ، فيكون قد أشار ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى حديث الثقلين ، والحديث يفسّر بعضه بعضاً ، فقد كان هذا من مداليل حديث الثقلين .
---------------------------
(1) كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر : 44 ـ انتشارات بيدار ـ قم ـ 1401 .
(2) كفاية الاثر : 89 .
(3) كفاية الاثر : 130 .
وحينئذ ننتقل إلى مفاد حديث الثقلين ، لنفهم معنى حديث الثقلين بما يتعلّق في بحثنا هذه الليلة ، وليكون حديث الثقلين مفسّراً لحديث الائمّة الاثني عشر :
لاحظوا ، رسول الله عندما يقول : ( إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض ) ، معنى ذلك : إنّ الائمّة من العترة باقون ما بقي القرآن لا يفترقان ولا يتفرَقان ، والحديث ـ كما قرأنا في تلك الليلة التي خصّصناها للبحث عن هذا الحديث ـ حديث صحيح مقطوع صدوره ومقبول عند الطرفين ، فعندما يقول رسول الله: ( إنّي تارك فيكم الثَقَلين أو الثقْلين ) ، فقد قرن رسول الله الائمّة من العترة بالقرآن ، والقرآن مادام موجوداً فالعترة موجودة ، فالعترة موجودة ما دام القرآن موجوداً ، أي إلى آخر الدنيا ، فالعترة موجودة إلى آخر الدنيا ، لذا قال في حديث الاثني عشر : ( حتّى تقوم الساعة ) .
وإن كنتم في شك ممّا قلته في معنى حديث الثقلين ، فلاحظوا نصوص عبارات القوم في شرح حديث الثقلين من هذه الناحية :
يقول المنّاوي في فيض القدير في شرح حديث الثقلين : تنبيه : قال الشريف ـ يعني السمهودي الحافظ الكبير ـ هذا الخبر يُفهم
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 33 _
وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمان إلى قيام الساعة ، حتّى يتوجّه الحث المذكور إلى التمسّك به ، كما أنّ الكتاب كذلك ، فلذلك كانوا أماناً لاهل الارض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الارض(1) .
ومثلها عبارة ابن حجر المكي في الصواعق : وفي حديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع مستأهل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك (2) .
وقال الزرقاني المالكي في شرح المواهب اللّدنيّة : قال القرطبي : وهذه الوصية وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام آله وبرّهم وتوقيرهم ومحبّتهم ، ووجوب الفرائض التي لا عذر لاحد في التخلّف عنها ، هذا مع ما علم من خصوصيّتهم به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبأنّهم جزء منه ، كما قال : ( فاطمة بضعة منّي ) ، ومع ذلك فقابل بنو أُميّة عظيم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق ، فسفكوا من أهل البيت دماءهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا صغارهم ، وخرّبوا ديارهم ، وجحدوا شرفهم وفضلهم ، واستباحوا سبّهم ولعنهم ، فخالفوا وصيّته وقابلوه بنقيض قصده ، فوا خجلتهم إذا وقفوا بين
يديه ، ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه ، فالوصيّة بالبرّ بآل البيت على الاطلاق ، وأمّا الاقتداء فإنّما يكون بالعلماء العاملين منهم ، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن ، قال الشريف السمهودي : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من عترته في كلّ زمان إلى قيام الساعة (1) .
فيكون حديث (إنّي تارك فيكم الثقلين) دليلاً على إمامة أئمّتنا ، وعددهم في حديث الائمّة بعدي إثنا عشر ، وفي ذلك الحديث أيضاً تصريح بأنّهم موجودون إلى قيام الساعة .
هذا بنحو الاختصار ، وقد تركت بعض القضايا الاُخرى التي كنت قد سجّلتها هنا فيما يتعلّق بالنص على الائمّة الاثني عشر .
فكان دليلنا على إمامة الائمّة الاثني عشر من النصوص : حديث الائمّة بعدي إثنا عشر ، وحديث الثقلين .
---------------------------
(1) شرح الزرقاني على المواهب اللّدنيّة 7/7 ـ 8 ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ 1414 .
وأمّا العصمة :
فحديث ( إنّي تارك فيكم الثقلين ) يدلّ على عصمة الائمّة من العترة النبويّة بكلّ وضوح ، كما سنذكر ذلك في بحث العصمة إنْ شاء الله تعالى .
وأمّا الافضليّة :
أي : أفضليّة أئمّتنا سلام الله عليهم ، فإنّه يدلّ على أفضليّتهم حديث الثقلين من جهات عديدة ، لانّ حديث الثقلين دلّ على تقدّمهم في العلم وغير العلم ، وهذه جهات تقتضي الافضليّة بلا شك ، وإن كنتم في شك فأقرأ لكم بعض العبارات :
قال التفتازاني في شرح المقاصد ـ وأرجو الملاحظة بدقة ـ : وفضّل العترة الطاهرة ، لكونهم أعلام الهداية وأشياع الرسالة ، على
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 36 _
ما يشير إليه ضمّهم ـ أي ضمُّ العترة إلى كتاب الله ـ في إنقاذ المتمسّك بهما عن الضلالة (1) .
ولو راجعتم شرّاح حديث الثقلين ، وحتى اللغويين ـ لو تراجعونهم في معنى ثِقْل أو ثَقَل حيث يتعرضون لحديث الثقلين ـ يقولون : إنّما سمّاهما ـ أي الكتاب والعترة ـ بالثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما .
وقد نصّ شرّاح الحديث ، كالمنّاوي في فيض القدير ، والقاري في المرقاة في شرح المشكاة ، والزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنية ، وغير هؤلاء : على أنّ حديث الثقلين يدلّ على أفضليّة العترة .
ولاحظوا كلام نظام الدين النيشابوري في تفسيره المعروف ، يقول بتفسير قوله تعالى : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُه ) (2) .
( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ ) استفهام بطريق الانكار والتعجب ، والمعنى من أين يتطرّق إليكم الكفر والحال أنّ آيات الله تتلى عليكم على لسان الرسول غضّة ، في كلّ واقعة، وبين أظهركم
---------------------------
(1) شرح المقاصد 5/303 ـ الشريف الرضي ـ قم ـ 1409 .
(2) سورة آل عمران : 101 .
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 37 _
رسول الله يبيّن لكم كلّ شبهة ، ويزيح عنكم كلّ علة [ فرسول الله إنّما يكون بين الاُمّة ويبعثه الله الى الناس لهذه الغاية وهي : يبيّن لكم كلّ شبهة ويزيح عنكم كلّ علّة ] قلت : أمّا الكتاب فإنّه باق على وجه الدهر ، وأمّا النبي فإنّه وإن كان قد مضى إلى رحمة الله في الظاهر ، ولكن نور سرّه باق بين المؤمنين ، فكأنّه باق ، على أنّ عترته ورثته يقومون مقامه بحسب الظاهر أيضاً ، فيكونون ـ أي العترة ـ يبيّنون كلّ شبهة ويزيحون كلّ علّة ، ولهذا قال : ( إنّي تارك فيكم الثقلين ) (1) .
فمسألة الافضليّة أيضاً واضحة على ضوء أحاديث القوم وكلمات علمائهم .
وأمّا حديث السفينة ، فذاك دليل آخر على أفضليّتهم وعلى عصمتهم أيضاً ، ولربّما نتعرّض للبحث عن حديث السفينة في مباحث العصمة إن شاء الله تعالى .
ثبتت أفضليّتهما بآية المباهلة وآية التطهير وغيرهما ، وبالاحاديث المتّفق عليها الواردة في حقّهما ، كقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ) ، رواه أحمد في المسند ، الترمذي والنسائي في صحيحيهما والحاكم في المستدرك، وهو أيضاً في الاصابة وغير هذه الكتب (1) ، وحتّى أنّ المنّاوي يقول عن السيوطي: إنّ هذا الحديث متواتر (2) .
وصفه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بزين العابدين ، والحديث متّفق عليه ، ومن رواته صاحب الصّواعق (3) ، وعن يحيى ابن سعيد إنّه قال : هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة (4) ، وقصيدة الفرزدق في حقّه
---------------------------
(1) مسند أحمد 3/3 ، 62 ، 64 ، 82 ، سنن الترمذي 5/656 رقم 3768 ، مستدرك الحاكم 3/167 ، الاصابة 2/12 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت .
(2) فيض القدير 3/415 .
(3) الصواعق المحرقة : 302 ـ 304 .
(4) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3 / 415 .
أعلم الناس وأفضلهم في عهده ، ولذا لقّبه النبي بالباقر ، لانّه بقر العلم ، وكان من الاخذين عنه أبو حنيفة وابن جريج والاوزاعي والزهري وغيرهم ، وهؤلاء أئمّة أهل السنّة في ذلك العصر .
قال أبو حنيفة : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد (2) ، وقد حضر عنده هو ومالك بن أنس وغيرهما من أئمّة أهل السنّة ، وفي مختصر التحفة الاثنا عشرية عن أبي حنيفة إنّه قال : لولا السنتان لهلك النعمان (3) ، يعني السنتين اللتين حضر فيهما عند الامام الصادق ( عليه السلام )، وقال ابن حبّان : من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً .
---------------------------
(1) ديوان الفرزدق 2/178 ـ دار صادر ـ بيروت .
(2) سير أعلام النبلاء 6/257 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1405 .
(3) مختصر التحفة الاثنا عشرية : 9 .
لقّبوه بالعبد الصالح كما في تهذيب الكمال وغيره من المصادر (1) ، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : مناقبه كثيرة (2) ، وقال ابن حجر المكي في الصواعق : كان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم (3) ، قالوا : وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله (4) ـ أي في حياته وبعد حياته ـ وقد ذكروا له كرامات عجيبة ، كقضيّته مع شقيق البلخي التي ذكرها ابن الجوزي في صفة الصفوة (5) .
ذكروا إنّه كان يجلس في المسجد النبوي ويفتي الناس وهو ابن اثنتين وعشرين سنة ، لاحظوا هذه الكلمة في تهذيب التهذيب وفي المنتظم لابن الجوزي وغيرهما من الكتب (6) ، وقد رووا أنّ
---------------------------
(1) تهذيب الكمال 29/44 ، تاريخ بغداد 13 / 27 .
(2) تهذيب التهذيب 10 / 303 .
(3) الصواعق المحرقة : 307 .
(4) الصواعق المحرقة : 307 .
(5) صفة الصفوة 2/185 .
(6) تهذيب التهذيب 7/339 ـ دارالفكر ـ 1404 ، المنتظم لابن الجوزي 10/119 ـ 120 رقم 1114 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1412 .
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 41 _
من تلامذته : أحمد بن حنبل كما في سير أعلام النبلاء (1) ، وقال الذهبي عن الامام الرضا (عليه السلام) : كان سيّد بني هاشم في زمانه وأجلّهم وأنبلهم وكان المأمون يعظّمه ويخضع له (2) ، وقال ابن حجر : قال الحاكم ـ رجاءً لاحظوا هذه القضية ـ : سمعت أبا بكر بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى يقول : خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة ، وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافرون ، خرجنا إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس ، فرأيت من تعظيمه ـ أي تعظيم ابن خزيمة ـ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا (3) .
فليسمع من يحرّم زيارة القبور والتضرّع عند القبور في المشاهد المشرفة .
قال الذهبي بترجمته : من سادات أهل بيت النبوّة ، وكذا قال
---------------------------
(1) سير أعلام النبلاء 9/388 ـ مؤسسة الرسالة ـ 1405 .
(2) تاريخ الاسلام من 201 ـ 210 : 270 ـ دار الكتاب العربي ـ 1411 .
(3) تهذيب التهذيب 7 / 339 .
إمامة بقية الائمّة (عليهم السلام) _ 42 _
الصفدي (1) ، وفي تاريخ الخطيب ما يفيد أنّه كان يرجع إليه ـ أي إلى الامام الجواد ـ في معاني الاخبار وحقائق الاحكام (2) .
قال الخطيب : أشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله إلى بغداد، ثمّ إلى سرّ من رأى ، فقدمها وأقام فيها عشرين سنة وتسعة أشهر ، ولذا عرف بالعسكري (3) ، وقال الذهبي : كان المتوكل فيه نصب وانحراف (4) ، وقد شهد أعلام أهل السنّة بفقه الامام الهادي وعبادته وزهده ، قال اليافعي : كان الامام علي الهادي متعبّداً فقيهاً إماماً (5) ، وقال ابن كثير: كان عابداً زاهداً (6) ، وكان سلام الله عليه أعلم علماء عصره ، وقد ظهرت منزلته العلميّة في قضيّة اتّفقت للمتوكل عجز العلماء عن إعطاء الرأي الصحيح فيها ، وكان الرأي في تلك القضية للامام ( عليه السلام ) ، ذكر القضيّة الخطيب البغدادي في تاريخ
---------------------------
(1) تاريخ الاسلام من 211 ـ 220 : 385 ، وفيه ( كان من سَرَوات آل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
(2) تاريخ بغداد 3 / 54 .
(3) تاريخ بغداد 12/56 .
(4) سير أعلام النبلاء 12 / 35 ، الكامل في التاريخ 7 / 55 .
(5) مرآة الجنان 2/119 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1417 .
(6) البداية والنهاية المجلد 6 الجزء 11/15 ـ دارالفكر ـ بيروت .
كان أكثر عمره تحت النظر ، وكان الناس ممنوعين من الالتقاء به ، والاستفادة منه ، وحال الحكام دون أن تظهر علوم هذا الامام ( عليه السلام ) للاُمّة ، ومع ذلك فقد ظهرت منه فوائد ، وظهرت منه كرامات ، ونقلت عنه روايات كثيرة ، وبإمكانكم المراجعة إلى كتاب حلية الاولياء وإلى لسان الميزان (2) ، إلى الفصول المهمّة في معرفة الائمّة (3) وإلى الصواعق المحرقة (4) وإلى نور الابصار (5) والى روض الرياحين لليافعي (6) وإلى جامع كرامات الاولياء للنبهاني (7) ، وغير هذه الكتب .
---------------------------
(1) تاريخ بغداد 12/56 ـ 57 .
(2) لسان الميزان 1 / 209 .
(3) الفصول المهمّة : 284 ـ 290 ـ منشورات الاعلمي طهران .
(4) الصواعق المحرقة : 314 .
(5) نور الابصار : 183 ـ 185 ـ دارالفكر ـ بيروت .
(6) روض الرياحين ، وعنه جواهر العقدين ق2 ج2 / 431 .
(7) جامع كرامات الاولياء 2/18 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1417 .
سنبحث عنه وعمّا يتعلّق به في ليلة خاصّة ، إن شاء الله تعالى .
وإن أردتم أن تعرفوا ابن تيميّة ورأيه في هؤلاء الائمّة وحقده وتعصّبه ونصبه ، فراجعوا كتاب منهاج السنّة ، ولربّما نخصص ليلة للتحقيق عمّا جاء في منهاج السنّة في حقّ الائمّة والشيعة والتشيّع .
ونسأل الله التوفيق لنا ولكم وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين .