ما عشت أراك الدهر عجبا [ شبهة النويري والمقريزي في أن عيد الغدير ابتدعه علي بن بويه ]
   إلى هنا أوقفك البحث والتنقيب على حقيقة هذا العيد وصلته بالأمة جمعاء ، وتقادم عهده المتصل بالدور النبوي .
   ثم جاء من بعده متواصلة العرى من وصي إلى وصي يعلم به أئمة الدين ، ويشيد بذكره أمناء الوحي ، كالإمامين أبي عبد الله الصادق وأبي الحسن الرضا بعد أبيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليهم ، وقد توفي هذان الإمامان ونطف البويهيين لم تنعقد بعد ، وقد جاءت أخبارهما مروية في تفسير فرات والكافي المؤلفين في

عيد الغدير في الإسلام _ 79 _

   القرن الثالث ، وهذه الأخبار هي مصادر الشيعة ومداركها في اتخاذ يوم الغدير عيدا منذ عهد طائل في القدم ، ومنذ صدور تلكم الكلم الذهبية من معادن الحكم والحكم ، إذا عرفت هذا ، فهلم معي نسائل النويري والمقريزي عن قولهما : إن هذا العيد ابتدعه معز الدولة علي بن بويه سنة 352 .
   قال الأول في نهاية الإرب في فنون الأدب 1 : 177 في ذكر الأعياد الإسلامية : وعيد ابتدعته الشيعة ، وسموه عيد الغدير ، وسبب اتخاذهم له مؤاخاة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) علي بن أبي طالب يوم غدير خم ، والغدير : على ثلاثة أميال من الجحفة بسرة الطريق قالوا : وهذا الغدير تصب فيه عين وحوله شجر كبير (1) ملتف بعضها ببعض ، وبين الغدير والعين مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، واليوم الذي ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من ذي الحجة ، لأن المؤاخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة ، وهي حجة الوداع ، وهم يحيون ليلتها بالصلاة ويصلون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال ، وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبر الأجانب والذبائح ، وأول من أحدثه معز الدولة أبو الحسن علي بن بويه ، على ما نذكره إن شاء الله في أخباره في سنة 352 .
   ولما ابتدع الشيعة هذا العيد واتخذ [ و ] ه من سننهم ،

---------------------------
(1) في المصدر : كثير ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 80 _

   عمل عوام السنة يوم سرور نظير عيد الشيعة في سنة 389 ، وجعلوه بعد عيد الشيعة بثمانية أيام ، وقالوا : هذا يوم دخول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الغار هو وأبو بكر الصديق ، وأظهروا في هذا اليوم الزينة ونصب القباب وإيقاد النيران . انتهى (1) .
   وقال المقريزي في الخطط 2 : 222 : عيد الغدير لم يكن عيدا مشروعا ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه ، فإنه أحدثه سنة 352 ، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا ، انتهى (2)

[ دفع شبهة النويري والمقريزي ]
   وما عساني أن أقول في بحاثة يكتب عن تأريخ الشيعة قبل أن يقف على حقيقته ، أو أنه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة ، أو أغضى عنها لأمر دبر بليل ، أو أنه يقول ولا يعلم ما يقول ، أو أنه ما يبالي بما يقول ، أو ليس المسعودي المتوفى 346 يقول في التنبيه والإشراف :

---------------------------
(1) نهاية الإرب في فنون الأدب 1 : 184 ـ 185 الباب الرابع في ذكر الأعياد الإسلامية ، ط وزارة الثقافة والإرشاد القومي ، وعد في كتابه هذا 1 : 132 في ذكر الليالي المشهورة : ليلة البراءة ، وليلة القدر ، وليلة الغدير ، قال : وهي ليلة الثامن عشر من ذي الحجة .
(2) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار : 230 ، ط نوادر الاحياء في لبنان ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 81 _

   221 : وولد علي ( رضي الله عنه ) وشيعته يعظمون هذا اليوم ؟ ! ، أو ليس الكليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي توفي سنة 329 ، وقبله فرات بن إبراهيم الكوفي المفسر الراوي لحديثه الآخر في تفسيره الموجود عندنا الذي هو في طبقة مشايخ ثقة الإسلام الكليني المذكور ؟ ! فالكتب هذه ألفت قبل ما ذكراه ـ النويري والمقريزي ـ من التأريخ ( 352 ) ، أو ليس الفياض بن محمد بن عمر الطوسي قد أخبر به سنة 259 ، وذكر أنه شاهد الإمام الرضا سلام الله عليه المتوفى سنة 203 يتعيد في هذا اليوم ويذكر فضله وقدمه ، ويروي ذلك عن آبائه عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) ؟ ! والإمام الصادق المتوفى سنة 148 قد علم أصحابه بذلك كله ، وأخبرهم بما جرت عليه سنن الأنبياء من اتخاذ يوم نصبوا فيه خلفاءهم عيدا ، كما جرت به العادة عند الملوك والأمراء من التعيد في أيام تسنموا فيها عرش الملك .
   وقد أمر أئمة الدين ( عليهم السلام ) في عصورهم القديمة شيعتهم بأعمال برية ودعوات مخصوصة بهذا اليوم وأعمال وطاعات خاصة به ، والحديث الذي مر عن مختصر بصائر الدرجات يعرب عن كونه من أعياد الشيعة الأربعة المشهورة في أوائل القرن الثالث الهجري .

عيد الغدير في الإسلام _ 82 _

   هذه حقيقة عيد الغدير ، لكن الرجلين أرادا طعنا بالشيعة ، فأنكرا ذلك السلف الصالح ، وصوراه بدعة معزوة إلى معز الدولة ، وهما يحسبان أنه لا يقف على كلامهما من يعرف التاريخ فيناقشهما الحساب .
   ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ) ( الأعراف / 116 ـ 117 )

عيد الغدير في الإسلام _ 83 _

التتويج يوم الغدير [ العمائم تيجان العرب ]
   ولما عرفت من تعيين صاحب الخلافة الكبرى للملوكية الإسلامية ونيله ولاية العهد النبوي ، كان من الحري تتويجه بما هو شارة الملوكوسمة الأمراء، ولما كانت التيجان المكللة بالذهب [ ـ المرصعه ] بالجواهر من شناشن ملوك الفرس ، ولم يكنللعرب منها بدل إلا العمائم ، فكان لا يلبسها إلا العظماء والأشراف منهم ، ولذلك جاء عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قوله : العمائم تيجان العرب ، رواه

عيد الغدير في الإسلام _ 84 _

   القضاعي (1) والديلمي (2) ، وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2 : 155 (3) ، وأورده ابن الأثير في النهاية (4) .
   وقال المرتضى الحنفي الزبيدي في تاج العروس 2 : 12 : التاج : الإكليل والفضة والعمامة ، والأخير على التشبيه جمع تيجان وأتواج ، والعرب تسمي العمائم : التاج ، وفي الحديث : العمائم تيجان العرب جمع تاج ، وهو : ما يصاغ للملوك من الذهب والجوهر ، أراد : أن العمائم بمنزلة التيجان للملوك ، لأنهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرؤوس أو بالقلانس ، والعمائم فيهم قليلة ، والأكاليل تيجان ملوك العجم ، وتوجه أي : سوده وعممه ، وفي 8 : 410 : ومن المجاز عمم بالضم أي : سود ، لأن تيجان العرب العمائم ، فكلما قيل في العجم : توج من التاج ، قيل في العرب : عمم ، قال : وفيهم إذ عمم المعمم ، وكانوا إذا سودوا رجلا عمموه عمامة حمراء ، وكانت الفرس تتوج ملوكها فيقال له : المتوج .
   وعد الشبلنجي في نور الأبصار : 25 من ألقاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :

---------------------------
(1) الشهاب : 75 .
(2) فردوس الأخبار 3 : 117 ، وراجع : كنز العمال 15 : 305 ، موسوعة أطراف الحديث 5 : 519 .
(3) الجامع الصغير 2 : 193 ح 5723 .
(4) النهاية 1 : 199 توج ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 85 _

   صاحب التاج ، فقال : المراد العمامة ، لأن العمائم تيجان العرب كما جاء في الحديث (1) .

تتويج النبي لعلي بالعمامة
   فعلى هذا الأساس ، عممه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هذا اليوم بهيئة خاصة تعرب عن العظمة والجلال ، وتوجه بيده الكريمة بعمامته ( السحاب ) في ذلك المحتشد العظيم ، وفيه تلويح أن المتوج بها مقيض ـ بالفتح ـ بإمرة كإمرته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، غير أنه مبلغ عنه وقائم مقامه من بعده .
   روى الحافظ عبد الله بن أبي شيبة ، وأبو داود الطيالسي (2) ، وابن منيع البغوي ، وأبو بكر البيهقي ، كما في كنز العمال 8 : 60 (3) عن علي قال : عممني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم غدير خم بعمامة فسدلها خلفي ، وفي لفظ : فسدل طرفها على منكبي ، ثم قال : إن الله أمدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة .

---------------------------
(1) نور الأبصار : 58 .
(2) مسند أبي داود الطيالسي : 23 ح 154 ، ط دار المعرفة .
(3) كنز العمال 15 : 482 ح 41909 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 86 _

   وقال : إن العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان .
   ورواه من طريق السيوطي عن الأعلام الأربعة السيد أحمد القشاشي (1) في السمط المجيد (2) .
   وفي كنز العمال 8 : 60 ، عن مسند عبد الله بن الشخير ، عن عبد الرحمن بن عدي البحراني ، عن أخيه عبد الأعلى بن عدي : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دعا علي بن أبي طالب فعممه وأرخى عذبة (3) العمامة من خلفه ( الديلمي ) (4) .
   وعن الحافظ الديلمي ، عن ابن عباس قال : لما عمم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليا بالسحاب (5) قال له : يا علي العمائم تيجان العرب (6) .
   وعن ابن شاذان في مشيخته ، عن علي : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عممه بيده ،

---------------------------
(1) المتوفى 1071 ، ترجمه المحبي في خلاصة الأثر 1 : 343 ـ 43 [ 3 ] وأثنى عليه المؤلف ( قدس سره ) .
(2) السمط المجيد : 99 .
(3) عذبة بفتح المهملة : طرف الشئ المؤلف ( قدس سره ) .
(4) كنز العمال 15 : 483 ح 41911 .
(5) قال ابن الأثير في النهاية 2 : 160 : كان اسم عمامة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) السحاب المؤلف ( قدس سره ) ، راجع النهاية لابن الأثير 2 : 345 سحب .
(6) فردوس الأخبار 3 : 87 ح 4246 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 87 _

   فذنب العمامة من ورائه ومن بين يديه ، ثم قال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : أدبر ، فأدبر ، ثم قال له : أقبل ، فأقبل ، وأقبل على أصحابه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : هكذا تكون تيجان الملائكة (1) .
   وأخرج الحافظ أبو نعيم في معرفة الصحابة ، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة 2 : 217 (2) ، عن عبد الأعلى بن عدي النهرواني : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دعا عليا يوم غدير خم فعممه ، وأرخى عذبة العمامة من خلفه ، وذكره العلامة الزرقاني في شرح المواهب 5 : 10 .
   وأخرج شيخ الإسلام الحمويني في الباب الثاني عشر من فرائد السمطين ، من طريق أحمد بن منيع ، بإسناد فيه عدة من الحفاظ الأثبات ، عن أبي راشد ، عن علي قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إن الله عز وجل أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين هذه العمة ، والعمة الحاجز بين المسلمين والمشركين ، قاله لعلي لما عممه يوم غدير خم بعمامة سدل طرفها على منكبه (3) .
   وأخرج بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي سعيد الشاشي

---------------------------
(1) عنه في السمط المجيد في سلاسل التوحيد : 99 .
(2) الرياض النضرة 2 : 289 ، ط بيروت .
(3) فرائد السمطين 1 : 75 ح 41 ، ط مؤسسة المحمودي ، و 63 ، ط دار الأضواء ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 88 _

   المترجم ص 103 (1) أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عمم علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) عمامته السحاب ، فأرخاها من بين يديه ومن خلفه ، ثم قال : أقبل ، فأقبل ، ثم قال : أدبر ، فأدبر ، قال : هكذا جاءتني الملائكة (2) .
   وبهذا اللفظ رواه جمال الدين الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين (3) ، وجمال الدين الشيرازي في أربعينه (4) ، وشهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل (5) ، وزادوا : ثم قال ( صلى الله عليه وسلم ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله .
   وأخرج الحمويني بإسناد آخر ، من طريق الحافظ أبي عبد الرحمن بن عائشة ، عن علي قال : عممني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم غدير

---------------------------
(1) قال في كتابه الغدير 1 : 103 رقم 168 : الحافظ الهيثم بن كليب أبو سعيد الشاشي ، المتوفى 335 ، صاحب المسند الكبير ، ترجمه الذهبي في تذكرته 3 : 66 ووثقه ...
(2) فرائد السمطين 1 : 76 ح 42 ، ط مؤسسة المحمودي ، و 63 ، ط دار الأضواء .
(3) نظم درر السمطين : 112 ، ط مطبعة القضاء .
(4) الأربعين : وعنه في العبقات 10 : 444 .
(5) توضيح الدلائل : 16 ، نسخة مكتبة ملي بفارس ، وعنه في العبقات 10 : 440 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 89 _

   خم بعمامة ، فسدل نمرقها (1) على منكبي وقال : إن الله أيدني (2) يوم بدر وحنين بملائكة معتمين بهذه العمامة (3) ، وبهذا اللفظ رواه ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : 27 (4) ، والحافظ الزرندي في نظم درر السمطين (5) ، والسيد محمود القادري المدني في الصراط السوي (6) ـ (7) .

---------------------------
(1) في الفصول المهمة : يمرقها .
(2) في الفصول المهمة : أمدني .
(3) فرائد السمطين 1 : 76 ح 43 ، ط مؤسسة المحمودي ، و 64 ، ط دار الأضواء .
(4) الفصول المهمة : 42 .
(5) نظم درر السمطين : 112 .
(6) الصراط السوي : مخطوط ، وعنه في العبقات 10 : 444 ـ 445 .
(7) وأخرج حديث : أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمم عليا ( عليه السلام ) يوم الغدير ، غير من ذكرهم العلامة الأميني :
  1 ـ الحافظ الذهبي ، في رسالته طرق حديث من كنت مولاه ، رقم 124 ، قال : أنبئت عن الحافظ عبد الغني ، أنا أبو موسى الحافظ ، أنا الحداد ، أنا أبو نعيم ، أنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا سفيان بن بشير ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن الحبراني ، عن عبد الرحمن بن عدي النهرواني ، عن أخيه عبد الله : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دعا عليا يوم غدير خم ، فعممه ، وأرخى عذبة العمامة من خلفه ، وقال : هكذا فاعتموا ، فإن العمائم سيما للإسلام ، وهي حاجز بين المسلمين والمشركين .
   وأخرجه أيضا في كتابه ميزان الاعتدال ، 2 : 25 ط القاهرة .
  2 ـ ابن عدي ، في كتابه الكامل 4 : 149 ط بيروت ، في ترجمة عبد الله بن بسر الشامي السككي الحبراني ، رواه بثلاثة أسانيد .
  3 ـ الحافظ محمد بن سليمان الكوفي ، في كتابه مناقب الإمام أمير المؤمنين ، 2 : 42 ح 529 : قال : حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ، قال : حدثنا أبو الربيع السمان ، عن عبد الله بن بسر ، عن أبي راشد الحبراني ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، و 2 : 389 ح 864 : قال : محمد بن منصور ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن بسر ، عن عبد الرحمن بن عدي ، عن أخيه عبد الأعلى ، أن رسول الله ( ص ) دعا علي بن أبي طالب يوم غدير خم ، فعممه بيده ... إلى آخر الحديث .
  4 ـ العلامة المناوي ، في كتابه شرح جامع الصغير : 292 .
  5 ـ الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن الشافعي ، في كتابه الحبائك في أخبار الملائك : 131 ، ط دار التقريب القاهرة : أخرجه من طريق الطيالسي والبيهقي ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 90 _

فائدة : [ علي في السحاب ]
   قال أبو الحسين الملطي (1) في التنبيه والرد : 26 : قولهم ـ يعني الروافض علي في السحاب ، فإنما ذلك قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي : أقبل وهو معتم بعمامة للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) كانت تدعى السحاب ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : قد أقبل علي في السحاب ، يعني : في تلك العمامة التي تسمى السحاب ، فتأولوه هؤلاء على غير تأويله (2) .
   وقال الغزالي كما في البحر الزخار : 215 : كانت له عمامة تسمى

---------------------------
(1) محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي الشافعي ، المتوفى 377 المؤلف ( قدس سره ) .
(2) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع : 19 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 91 _

   السحاب ، فوهبها من علي ، فربما طلع علي فيها فيقول ( صلى الله عليه وسلم ) : أتاكم علي في السحاب (1) .
   وقال الحلبي في السيرة 3 : 369 : كان له ( صلى الله عليه وسلم ) عمامة تسمى السحاب كساها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، فكان ربما طلع عليه علي كرم الله وجهه فيقول ( صلى الله عليه وسلم ) : أتاكم علي في السحاب ، يعني : عمامته التي وهبها له ( صلى الله عليه وسلم ) (2) ـ (3) .
   قال الأميني : هذا معنى ما يعزى إلى الشيعة

---------------------------
(1) راجع : إحياء علوم الدين 2 : 345 .
(2) السيرة الحلبية 3 : 341 .
(3) وأخرج حديث : أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كسا عليا عمامته السحاب ، غير من ذكرهم العلامة الأميني :
  1 ـ العلامة السيوطي ، في كتابه الحاوي : 73 ، ط القاهرة .
  2 ـ العلامة الشيخ الشعراني ، في كتابه كشف الغمة 2 : 217 ، ط مصر .
  3 ـ الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني ، في كتابه لسان الميزان 6 : 23 ، ط حيدر آباد ، أخرجه في ترجمة مسعدة بن اليسع الباهلي ، عن محمد بن وزير ، عن مسعدة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه .
  4 ـ الشيخ عبد الرؤوف المناوي ، في كتابه الكواكب الدرية 1 : 20 ، ط الأزهر بمصر .
  5 ـ العلامة الآمرتسري ، في كتابه أرجح المطالب : 587 ، ط لاهور .
  6 ـ شهاب الدين أحمد بن عبد الله الشيرازي الحسيني الشافعي ، في كتابه توضيح الدلائل : 196 ، نسخة مكتبة ملي بفارس : رواه عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 92 _

   من قولهم : إن عليا في السحاب ، ولم يأوله أي أحد منهم قط من أول يومهم على غير تأويله كما حسبه الملطي ، وإنما أوله الناس افتراء علينا ، والله من ورائهم حسيب .
   فيوم التتويج هذا أسعد يوم في الإسلام ، وأعظم عيد لموالي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما أنه مثار حنق وأحقاد لمن ناوأه من النواصب .
   ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ) (1)

---------------------------
(1) سورة عبس : 38 ـ 41 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 93 _

القربات يوم الغدير
   بما أن هذا اليوم يوم أكمل الله به الدين وأتم النعمة على عباده ، حيث رضي بمولانا أمير المؤمنين إماما عليهم ، ونصبه علما للهدى ، يحدو بالأمة إلى سنن السعادة وصراط حق مستقيم ، ويقيهم عن مساقط الهلكة ومهاوي الضلال ، فلن تجد بعد يوم المبعث النبوي يوما قد أسبغت فيه النعم ظاهرة وباطنة ، وشملت الرحمة الواسعة ، أعظم من هذا اليوم الذي هو فرع ذلك الأساس المقدس ومسدد تلك الدعوة القدسية .
   كان من واجب كل فرد من أفراد الملا الديني القيام بشكر تلكم

عيد الغدير في الإسلام _ 94 _

   النعم بأنواع من مظاهر الشكر ، والتزلف إليه سبحانه بما يتسنى له من القرب من صلاة وصوم وبر وصلة رحم وإطعام واحتفال باليوم بما يناسب الوقت والمجتمع ، وفي المأثور من ذلك أشياء ، منها : الصوم .

حديث صوم يوم الغدير
   أخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفى 463 ، في تاريخه 8 : 290 ، عن عبد الله بن علي بن محمد بن بشران ، عن الحافظ علي بن عمر الدارقطني ، عن أبي نصر حبشون الخلال ، عن علي بن سعيد الرملي ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن عبد الله بن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة قال : قال : من صام يوم ثمان عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير خم ، لما أخذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بيد علي بن أبي طالب فقال :
   ألست ولي المؤمنين ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ، فأنزل الله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا ، وهو أول يوم نزل جبريل ( عليه السلام ) على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بالرسالة .

عيد الغدير في الإسلام _ 95 _

   ورواه بطريق آخر عن علي بن سعيد الرملي .
   وأخرج العاصمي في زين الفتى قال : أخبرنا محمد بن أبي زكريا ، أخبرنا أبو إسماعيل بن محمد الفقيه ، أخبرنا أبو محمد يحيى ابن محمد العلوي الحسيني ، أخبرنا إبراهيم بن محمد العامي ، أخبرنا حبشون بن موسى البغدادي ، حدثنا علي بن سعيد الشامي ، حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ... إلى آخر السند والمتن المذكورين ، من دون ذكر صوم المبعث .
   وأخرجه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه ، عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السماك ، حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ، حدثني علي بن سعيد الرملي ... إلى آخر السند والمتن (1) .
   ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرته : 18 (2) ، والخطيب الخوارزمي في مناقبه : 94 (3) .
   ـ من طريق الحافظ البيهقي ، عن الحافظ الحاكم النيسابوري ابن البيع صاحب المستدرك ، عن أبي يعلى الزبيري ، عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله البزاز ، عن علي بن سعيد الرملي ... إلى آخره ـ وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد

---------------------------
(1) مناقب علي بن أبي طالب : 18 ـ 19 ح 24 ، ط المكتبة الإسلامية .
(2) تذكرة الخواص : 30 ، ط المطبعة الحيدرية .
(3) المناقب : 156 ح 184 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 96 _

   السمطين في الباب الثالث عشر ، من طريق الحافظ البيهقي (1) ـ (2) .

---------------------------
(1) فرائد السمطين 1 : 77 ب 3 ح 44 ، ط مؤسسة المحمودي . و 64 ، ط دار الأضواء .
(2) وأخرج حديث صوم يوم الغدير ، غير من ذكرهم العلامة الأميني :
  1 ـ ابن عساكر ، في تاريخ مدينة دمشق ، بأربعة أسانيد تنتهي إلى أبي هريرة ، كما في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ، 2 : 75 ح 577 : أخبرنا أبو الحسن بن القيس ، عن بدر بن عبد الله ، عن أبي بكر الخطيب ، عن عبد الله بن علي بن محمد بن بشران ، عن علي بن عمر الحافظ ، عن أبي نصر حبشون ، عن علي بن سعيد ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، 2 : 16 ح 578 : أخبرنيه الأزهري ، عن محمد بن عبد الله ، عن أحمد بن عبد الله النيري ، عن علي بن سعيد الشامي ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، 2 : 76 ح 579 : أخبرناه عاليا أبو بكر بن المرزقي ، عن الحسين بن المهتدي ، عن عمر بن أحمد ، عن أحمد بن عبد الله ، عن علي بن شعيب الرقي ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، 2 : 77 ح 580 : وأخبرناه أبو القاسم بن السمرقندي ، عن أبي الحسين ابن النقور ، عن محمد بن عبد الله الدقاق ، عن أحمد بن عبد الله المعروف بابن النيري ، إملاءا لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة وثلاثمائة ، أنبأنا علي بن سعيد الشامي ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة .
  2 ـ العلامة يحيى بن الموفق الشجري ، المتوفى سنة 499 ه‍ ، في كتابه الأمالي 1 : 42 ، قال : حدثنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسن علي التنوخي إملاءا ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سالم ، قال : حدثنا علي بن سعد الرقي ، ( ح ) قال : وحدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن عبيد الزجاج الشاهد النبيل ، قال : حدثنا أبو نصر حيشون بن موسى بن أيوب الحلال ، قال : حدثنا علي بن سعيد الشافي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن شهر ـ يعني ابن حوشب ـ عن أبي هريرة ، وقال في ص 146 : حدثنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي إملاءا ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان الوعظ ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سالم ، قال : حدثنا علي بن سعيد الرقي ، ( ح ) قال السيد : وحدثناه القاضي أبو القاسم ، قال : وحدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن عبيد الزجاج الشاهد النبيل ، قال : حدثنا أبو نصر حبشون بن أيوب الحلال ، قال : حدثنا علي بن سعيد الشامي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن شهر ـ يعني ابن حوشب ـ عن أبي هريرة .
  3 ـ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، المتوفى سنة 748 ه‍ : أخرجه في رسالته طرق حديث من كنت مولاه فعلي مولاه ، رقم 86 ، عن حبشون بن موسى الخلال وأحمد بن عبد الله النيري ، عن علي بن سعيد الرملي ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة .
  4 ـ علي بن شهاب الدين الهمداني ، المتوفى سنة 786 ه‍ ، أخرجه في كتابه مودة القربى ، كما عنه في العبقات 7 : 107 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 97 _

رجال سند الحديث
  1 ـ أبو هريرة : أجمع الجمهور على عدالته وثقته ، فلا نحتاج إلى بسط المقال فيه .

عيد الغدير في الإسلام _ 98 _

  2 ـ شهر بن حوشب الأشعري : عده الحافظ أبو نعيم من الأولياء ، وأفرد له ترجمة ضافية في حليته 6 : 67 59 .
   وحكى الذهبي في ميزانه ثناء البخاري عليه ، وذكر عن أحمد ابن عبد الله العجلي ، ويحيى ، وابن شيبة ، وأحمد ، والنسوي ثقته (1) .
   وترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه 6 : 343 وقال سئل عنه الإمام أحمد فقال : ما أحسن حديثه ووثقه وأثنى عليه ، وقال مرة : ليس به بأس ، وقال العجلي : هو شامي تابعي ثقة ، ووثقه يحيى بن معين ، وقال يعقوب بن شيبة : هو ثقة على أن بعضهم طعن فيه (2) .
   وترجمه ابن حجر في تهذيب التهذيب 4 : 370 ، وحكى عن أحمد ثقته وحسن حديثه والثناء عليه ، وعن البخاري حسن حديثه وقوة أمره ، وعن ابن معين ثقته وثبته ، وعن العجلي ويعقوب والنسوي ثقته ، وعن أبي جعفر الطبري أنه كان فقيها قارئا عالما .
   وهناك من ضعفه ، فهو كما قال أبو الحسن القطان : لم

---------------------------
(1) ميزان الاعتدال 2 : 283 رقم 3756 .
(2) تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 : 343 ـ 344 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 100 _

   أرباب الصحاح .
  4 ـ أبو عبد الرحمن بن شوذب : ذكره الحافظ أبو نعيم من الأولياء في حليته 6 : 129 ـ 135 ، وروى عن كثير بن الوليد أنه قال : كنت إذا رأيت ابن شوذب ذكرت الملائكة ، وحكى الجزري في خلاصته : 170 عن أحمد وابن معين ثقته (1) .
   وفي تهذيب ابن حجر 5 : 255 ما ملخصه : سمع الحديث وتفقه ، كان من الثقات ، قال سفيان الثوري : كان من ثقات مشايخنا ، ونقل ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير وغيره ، وعن أبي طالب والعجلي وابن عمار وابن معين والنسائي : أنه ثقة ، ولد 86 ، وتوفي 144 / 156 / 157 ، أخرج حديثه الأئمة الستة غير مسلم ، وصحح حديثه الحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه (2) .
  5 ـ ضمرة بن ربيعة القرشي ، أبو عبد الله الدمشقي ، المتوفى 182 ـ 200 202 : ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه 7 : 36 ، وحكى عن أحمد أنه قال : بلغني إنه كان شيخا صالحا ، وقال لما سئل عنه : ذلك الثقة

---------------------------
(1) الخلاصة 2 : 66 رقم 3566 .
(2) تهذيب التهذيب 5 : 225 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 101 _

   المأمون رجل صالح مليح الحديث ، ونقل عن ابن معين ثقته ، وعن ابن سعد : كان ثقة مأمونا خيرا لم يكن هناك أفضل منه ، وعن ابن يونس : كان فقيها في زمانه (1) .
   وذكر الجزري في خلاصته : 150 ثقته عن أحمد والنسائي وابن معين وابن سعد (2) .
   وفي تهذيب ابن حجر ما ملخصه : عن أحمد : رجل صالح الحديث من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشبهه ، وعن ابن معين والنسائي وابن حبان والعجلي : ثقة ، وعن أبي حاتم : صالح ، وعن ابن سعد وابن يونس ما مر عنهما ، أخرج الحديث من طريقه الأئمة أرباب الصحاح غير مسلم ، وصحح حديثه الحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه (3) .
  6 ـ أبو نصر علي بن سعيد أبي حملة الرملي : المتوفى 216 ، كذا أرخه البخاري (4) .

---------------------------
(1) تهذيب تاريخ ابن عساكر 7 : 37 ، وراجع : العلل ومعرفة الرجال لأحمد 2 : 366 رقم 2624 ، والطبقات الكبرى لابن سعد 7 : 471 .
(2) الخلاصة 2 : 6 رقم 3154 .
(3) تهذيب التهذيب 4 : 403 ، وراجع : الثقات لابن حبان 8 : 324 ، والجرح والتعديل لأبي حاتم 4 : 467 رقم 2052 .
(4) التاريخ الكبير 3 : 171 رقم 2377 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 102 _

   وثقه الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 224 وقال : ما علمت به بأسا ، ولا رأيت أحدا إلى الآن تكلم فيه ، وهو صالح الأمر ، ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة مع ثقته (1) .
   وترجمه بعنوان علي بن سعيد أيضا وقال : يثبت في أمره كأنه صدوق (2) .
   واختار ابن حجر ثقته في لسانه 4 : 227 وأورد على الذهبي وقال : إذا كان ثقة ولم يتكلم فيه أحد فكيف تذكره في الضعفاء (3) ! .
  7 ـ أبو نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال المتوفى 331 : ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه 8 : 289 ـ 291 وقال : كان ثقة يسكن باب البصرة من بغداد ، وحكى عن الحافظ الدارقطني : أنه صدوق .
  8 ـ الحافظ علي بن عمر أبو الحسن البغدادي الشهير بدارقطني صاحب السنن المتوفى 385 : ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه 12 : 34 ـ 40 وقال : كان

---------------------------
(1) ميزان الاعتدال 4 : 125 رقم 5833 .
(2) ميزان الاعتدال 4 : 131 رقم 5851 .
(3) لسان الميزان 4 : 232 رقم 616 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 103 _

   فريد عصره ، وقريع دهره ، ونسيج وحده ، وإمام وقته ، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث ، وأسماء الرجال ، وأحوال الرواة ، مع الصدق ، والأمانة ، والفقه ، والعدالة ، وقبول الشهادة ، وصحة الاعتقاد ، وسلامة المذهب ، والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث .
   وحكى عن أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري أنه قال : كان الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث ، وما رأيت حافظا ورد بغداد إلا مضى إليه وسلم له ، يعني : فسلم له التقدمة في الحفظ وعلو المنزلة في العلم ، ثم بسط القول في ترجمته والثناء عليه .
   وترجمه ابن خلكان في تاريخه 1 : 359 وأثنى عليه (1) ، والذهبي في تذكرته 3 : 199 ـ 203 وقال : قال الحاكم : صار الدارقطني أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع ، وإماما في القراء والنحويين ، وأقمت في سنة سبع وستين ببغداد أربعة أشهر ، وكثر اجتماعنا ، فصادفته فوق ما وصف لي ، وسألته عن العلل والشيوخ ، وله مصنفات يطول ذكرها ، فأشهد أنه لم يخلف على أديم الأرض مثله ... إلى آخره (2) .
   وهناك توجد في كثير من المعاجم جمل الثناء عليه في تراجم ضافية لا نطيل بذكرها المقام ، ولقد أطلنا القول في إسناد هذا

---------------------------
(1) وفيات الأعيان 3 : 297 رقم 434 .
(2) تذكرة الحفاظ 3 : 991 ـ 995 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 104 _

   الحديث لأن نوقفك على مكانته من الصحة ، وأن رجاله كلهم ثقات ، وبلغت ثقتهم من الوضوح حدا لا يسع معه أي محور للقول أو متمحل في الجدل أن يغمز فيها ، فتلك معاجم الرجال حافلة بوصفهم بكل جميل ، على أن ما فيه من نزول الآية الكريمة : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (1) يوم غدير خم معتضد بكل ما أسلفناه من الأحاديث الناصة بذلك ، وفي رواتها مثل : الطبري (2) ، وابن مردويه (3) ، وأبي نعيم (4) ، والخطيب (5) ، والسجستاني (6) ، وابن

---------------------------
(1) المائدة : 3 .
(2) قال المؤلف في كتابه الغدير 1 : 230 : الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى 310 ، روى في كتاب الولاية بإسناده عن زيد بن أرقم نزول الآية الكريمة يوم غدير خم في أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وراجع : البداية والنهاية 5 : 212 .
(3) قال في كتابه الغدير 1 : 231 : الحافظ ابن مردويه الأصفهاني المتوفى 410 ، روى من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري : إنها نزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم غدير خم حين قال لعلي : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثم رواه عن أبي هريرة ، وفيه : إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، يعني مرجعه ( عليه السلام ) من حجة الوداع .
   تفسير ابن كثير 2 : 14 . وقال السيوطي في الدر المنثور 2 : 259 : أخرج ابن مردويه وابن عساكر ...
(4) قال في كتابه الغدير 1 : 231 : الحافظ أبو نعيم الأصبهاني المتوفى 430 ، وروى في كتابه ما نزل من القرآن في علي ، قال حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ... قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال حدثني يحيى الحماني ، قال حدثني قيس بن الربيع ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) دعا الناس إلى علي في غدير خم ...
(5) قال في كتابه الغدير 1 : 232 : الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفى 463 ، روى في تاريخه 8 : 290 عن عبد الله بن علي بن محمد بن بشران عن ...
(6) قال في كتابه الغدير 1 : 233 : الحافظ أبو سعيد السجستاني المتوفى 477 ، في كتاب الولاية ، بإسناده عن يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما دعا الناس بغدير خم ... (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 105 _

   عساكر (1) ، والحسكاني (2) ، وأضرابهم من الأئمة والحفاظ ، راجع ص 238 230 (3) .

---------------------------
(1) قال في كتابه الغدير 1 : 233 : الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعي الدمشقي المتوفى 571 ، روى الحديث المذكور بطريق ابن مردويه عن أبي سعيد وأبي هريرة كما في الدر المنثور 2 : 259 .
   راجع ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 2 : 75 برقم 575 و 576 و 577 و 578 .
(2) قال في كتابه الغدير 1 : 233 : الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكاني ... قال أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي ، قال : أخبرنا أبو بكر الجرجاني ... راجع : شواهد التنزيل 1 : 156 برقم 210 و 211 و 212 و 213 و 214 و 215 بعدة طرق عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس .
(3) ذكر ( قدس سره ) في كتابه الغدير 1 : 230 ـ 238 ستة عشر مصدرا من طرق العامة نصت على نزول هذه الآية حول نص الغدير ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 106 _

شبهة ابن كثير حول صوم يوم الغدير
   فإذا وضح لديك ذلك فهلم معي إلى ما يتعقبه ابن كثير (1) هذا الحديث ، ويحسب أنه حديث منكر بل كذب ، لما روي من نزول الآية يوم عرفة من حجة الوداع !
   وإن تعجب فعجب أن يجزم جازم بمنكرية أحد الفريقين في الروايات المتعارضة وهما متكافئان في الصحة ، فليت شعري أي مرجح في الكفة المقابلة لحديثنا بالصحة ، وما المطفف في الميزان في كفه هذا الحديث ؟ !
   مع إمكان معارضة ابن كثير بمثل قوله في الجانب الآخر ، لمخالفته لما أثبتناه من نزول الآية الكريمة ، وهل لمزعمة ابن كثير مبرر ؟ غير أنه يهوى أن يزحزح القرآن الكريم عن هذا النبأ العظيم ! وإلا لكان في وسعه أن يقول كما قال سبط ابن الجوزي في تذكرته : 18 : بإمكان نزولها مرتين (2) ، كما وقع في البسملة وآيات أخرى قدمنا ذكرها ص 257 (3) .

---------------------------
(1) قلد الذهبي في قوله هذا كما يظهر من تاريخه 5 : 214 المؤلف ( قدس سره ) .
(2) تذكرة الخواص : 30 ، ط المطبعة الحيدرية ، قال : ... على أن الأزهري قد روى عن خيشون ؟ ولم يضعفه ، فإن سلمت رواية خيشون احتمل أن الآية نزلت مرتين : مرة بعرفة ، ومرة يوم الغدير ، كما نزلت بسم الله الرحمن الرحيم مرتين : مرة بمكة ومرة بالمدينة .
(3) قال المؤلف في كتابه الغدير 1 : 257 : على أن من الجائز نزول الآية مرتين ، كآيات كثيرة نص العلماء على نزولها مرة بعد أخرى ، عظة وتذكيرا ، أو اهتماما بشأنها ، أو اقتضاء موردين لنزولها غير مرة : نظير البسملة ، وأول سورة الروم ، وآية الروح ، وقوله : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ) وقوله ... راجع الإتقان للسيوطي 1 : 60 ، وتاريخ الخميس 1 : 11 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 107 _

   ولابن كثير في تاريخه 5 : 214 شبهة أخرى في تدعيم إنكاره للحديث ، وهي : حسبان أن ما فيه من أن صوم يوم الغدير يعدل ستين شهرا يستدعي تفضيل المستحب على الواجب ، لأن الوارد في صوم شهر رمضان كله أنه يقابل بعشرة أشهر ، وهذا منكر من القول باطل ! انتهى (1) .

دفع شبهة ابن كثير
   ويقال في دحض هذه المزعمة بالنقض تارة ، وبالحل أخرى : أما النقض : فبما جاء من أحاديث جمة لا يسعنا ذكر كلها ، بل جلها (2) ، ونقتصر منها بعدة أحاديث ، وهي :
  1 ـ حديث من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر .

---------------------------
(1) البداية والنهاية 5 : 233 حوادث سنة 10 للهجرة .
(2) راجع : نزهة المجالس 1 : 151 ـ 158 و 167 ـ 176 المؤلف ( قدس سره ) ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 108 _

   أخرجه مسلم بعدة طرق في صحيحه 1 : 323 (1) ، وأبو داود في سننه 1 : 381 (2) ، وابن ماجة في سننه 1 : 524 (3) ، والدارمي في سننه 2 : 21 ، وأحمد في مسنده 5 : 417 و 419 (4) ، وابن الديبع في تيسير الوصول 2 : 329 (5) نقلا عن الترمذي (6) ومسلم ، وعليه أسند قوله كل من ذهب إلى استحباب صوم هذه الأيام الستة .
  2 ـ حديث من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، أخرجه ابن ماجة في سننه 1 : 524 (7) ، والدارمي في سننه 2 : 21 ، وأحمد في مسنده 3 : 308 و 324 و 344 و 5 : 280 (8) ، والنسائي (9) وابن حبان في سننهما (10) وصححه السيوطي في

---------------------------
(1) صحيح مسلم 2 : 524 باب 39 من كتاب الصيام ، ط مؤسسة عز الدين .
(2) سنن أبي داود 2 : 812 ح 2433 باب 58 من كتاب الصوم ، ط دار الحديث .
(3) سنن ابن ماجة 1 : 315 ح 1719 باب 33 من أبواب ما جاء في الصيام ، ط شركة الطباعة العربية السعودية .
(4) مسند أحمد 6 : 579 ح 23022 و 6 : 683 ح 23049 .
(5) تيسير الوصول 2 : 392 .
(6) سنن الترمذي 3 : 132 ح 759 باب 53 من كتاب الصوم ، ط دار الفكر .
(7) سنن ابن ماجة 1 : 315 ح 1718 باب 33 .
(8) مسند أحمد 4 : 243 ح 13890 ، 4 : 271 ح 14068 ، 4 : 306 ح 14300 ، 6 : 377 ح 21906 .
(9) السنن الكبرى 2 : 162 ـ 163 ح 2860 و 2861 باب 109 من كتاب الصيام ، ط دار الكتب العلمية .
(10) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 5 : 257 ح 3627 ، ط دار الكتب العلمية ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 109 _

   الجامع الصغير 2 : 79 (1) .
  3 ـ كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأمر بصيام الأيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ويقول : هو كصوم الدهر أو كهيئة الدهر ، أخرجه ابن ماجة في سننه 1 : 522 (2) ، والدارمي في سننه 2 : 19 .
  4 ـ ما من أيام الدنيا أيام أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر في ذي الحجة ، وأن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر .
   أخرجه ابن ماجة في سننه 1 : 527 (3) ، والغزالي في إحياء العلوم 1 : 227 وفيه : من صام ثلاثة أيام من شهر حرام : الخميس والجمعة والسبت كتب الله له بكل يوم عبادة تسعمائة عام (4) .
  5 ـ عن أنس بن مالك قال : كان يقال في أيام العشر بكل يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم ، قال : يعني في الفضل .

---------------------------
(1) الجامع الصغير 2 : 613 ح 8777 ، ط دار الفكر ، ونص الحديث هكذا : من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر .
(2) سنن ابن ماجة 1 : 313 ح 1709 و 1710 باب 29 .
(3) سنن ابن ماجة 1 : 317 ح 1732 باب 39 .
(4) إحياء علوم الدين 1 : 212 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 110 _

   أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 66 ، نقلا عن البيهقي والإصبهاني (1) .
  6 ـ صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره ، أخرجه أحمد في مسنده 5 : 34 (2) ، وابن حبان في صحيحه (3) ، وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2 : 78 (4) ، وأخرجه النسائي (5) ، وأبو يعلى في مسنده (6) ، والبيهقي عن جرير بلفظ : صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ، كما في الجامع الصغير 2 : 78 (7) ، وأخرج الترمذي (8) والنسائي (9) كما في تيسير الوصول 2 : 330 (10) : من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر ، فأنزل الله تعالى تصديق ذلك في كتابه : (مَن جَاء

---------------------------
(1) الترغيب والترهيب 2 : 200 ح 7 كتاب الحج ، ط دار الفكر ، وفيه : وإسناد البيهقي لا بأس به .
(2) مسند أحمد 6 : 13 ح 19858 .
(3) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 5 : 264 ح 3645 .
(4) الجامع الصغير 2 : 111 ح 5115 .
(5) السنن الكبرى 2 : 136 ح 2728 باب 83 من كتاب الصيام .
(6) مسند أبي يعلى الموصلي 13 : 492 ح 7504 .
(7) الجامع الصغير 2 : 111 ح 5114 .
(8) سنن الترمذي 3 : 135 ح 762 باب 54 من كتاب الصوم .
(9) السنن الكبرى 2 : 134 ح 2717 باب 82 من كتاب الصيام .
(10) تيسير الوصول إلى جامع الأصول 2 : 394 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 111 _

   بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (1) ، اليوم بعشرة أيام ، وأخرجه بلفظ يقرب من هذا مسلم في صحيحه 1 : 319 و 321 (2) ، وأخرج النسائي من حديث جرير : صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر ثلاث أيام البيض (3) ، وأخرجه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 33 (4) ، وذكره ابن حجر في سبل السلام 2 : 234 وصححه (5) .
  7 ـ صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم . أخرجه ابن حبان عن عائشة كما في الجامع الصغير 2 : 78 (6) ، وأخرجه الطبراني في الأوسط ، والبيهقي كما في الترغيب والترهيب 2 : 27 و 66 (7) .
  8 ـ عن عبد الله بن عمر قال : كنا ونحن مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نعدل

---------------------------
(1) الأنعام : 160 .
(2) صحيح مسلم 2 : 520 باب 36 من كتاب الصيام .
(3) السنن الكبرى 2 : 136 ح 2728 باب 83 من كتاب الصيام .
(4) الترغيب والترهيب 2 : 120 باب الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما البيض .
(5) سبل السلام 2 : 168 .
(6) الجامع الصغير 2 : 111 ح 5119 .
(7) الترغيب والترهيب 2 : 112 ح 7 باب الترغيب في صيام يوم عرفة ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 112 _

   صوم يوم عرفة بسنتين ، رواه الطبراني في الأوسط (1) ، وهو عند النسائي بلفظ : سنة (2) ، كما في الترغيب والترهيب 2 : 27 (3) .
  9 ـ من صام يوم سبع وعشرين من رجب كتب الله تعالى له صيام ستين شهرا ، أخرجه الحافظ الدمياطي (4) في سيرته كما في السيرة الحلبية 1 : 254 (5) ، ورواه الصفوري في نزهة المجالس 1 : 154 .
  10 ـ عن أبي هريرة وسلمان عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إن في رجب يوما وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان له من الأجر كمن صام مائة سنة وقامها ، وهي : لثلاث بقين من رجب .
   رواه الشيخ عبد القادر الجيلاني في غنية الطالبين (6) ، كما في نزهة المجالس للصفوري 1 : 154 .

---------------------------
(1) المعجم الأوسط 1 : 421 ح 755 .
(2) السنن الكبرى 2 : 155 ح 2828 باب 102 من كتاب الصيام .
(3) الترغيب والترهيب 2 : 112 ح 8 باب الترغيب في صيام يوم عرفة .
(4) قال الذهبي في تذكرته 4 : 268 : شيخنا الإمام العلامة الحافظ الحجة الفقيه النسابة شيخ المحدثين شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن الدمياطي الشافعي ، ثم أكثر في الثناء عليه وقال : توفي 705 المؤلف ( قدس سره ) .
(5) السيرة الحلبية 1 : 238 .
(6) غنية الطالبين : 288 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 113 _

  11 ـ شهر رجب شهر عظيم ، من صام منه يوما كتب الله له صوم ثلاثة آلاف سنة . رواه الكيلاني في غنيته ، كما في نزهة المجالس للصفوري : 153 (1) .
  12 ـ من صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر كله ، مكتوب في التوراة ، ذكره الصفوري في نزهته 1 : 174 (2) .
  13 ـ من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يوما ، رواه الطبراني في الصغير (3) ، كما ذكره الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 2 : 28 (4) .
   وأما الحل ، فليس عندنا أصل مسلم يركن إليه في لزوم زيادة أجر الفرائض على المثوبة في المستحبات ، بل أمثال الأحاديث السابقة في النقض ترشدنا إلى إمكان العكس ، بل وقوعه ، وتؤكد ذلك الأحاديث الواردة في غير الصيام من الأعمال المرغب فيها .
   على أن المثوبة واقعة تجاه حقائق الأعمال ومقتضياتها الطبيعية ، لا ما يعروها من عوارض كالوجوب والندب حسب

---------------------------
(1) نزهة المجالس 1 : 153 .
(2) نزهة المجالس 1 : 174 .
(3) المعجم الصغير 2 : 71 .
(4) الترغيب والترهيب 2 : 114 ح 4 باب الترغيب في صيام شهر الله المحرم ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 114 _

   المصالح المقترنة بها ، فليس من المستحيل أن يكون في طبع المندوب في ما هيات مختلفة ، أو بحسب المقارنات المحتفة به في المتحدة منها ، ما يوجب المزيد له .
   ويقال في المقام : إن ترتب المثوبة على العمل إنما هو بمقدار كشفه عن حقيقة الإيمان ، وتوغله في نفس العبد ، ومما لا شك فيه أن الإتيان بما هو زائد على الوظائف المقررة من الواجبات وترك المحرمات من المستحبات والتجنب عن المكروهات أكشف عن ثبات العبد في مقام الامتثال ، وخضوعه لمولاه ، وحبه له ، وبه يكمل الإيمان ، ولم يزل العبد يتقرب به إلى المولى سبحانه حتى أحبه كما ورد فيما أخرجه البخاري في صحيحه 9 : 214 عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إن الله عز وجل قال : ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده الذي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ... الحديث (1) (2) .
   بل من الممكن أن يقال : إنه ليس في نواميس العدل ما يحتم ترتيب أجر على إقامة الواجب وترك المحرم ، زائدا على ما منح به

---------------------------
(1) صحيح البخاري 8 : 131 ، في الرقاق ، باب التواضع ، وطبعة أخرى 5 : 2384 ح 6137 .
(2) وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات : 416 ، والذهبي في ميزانه 1 : 301 المؤلف ( قدس سره ) ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 115 _

   من الحياة والعقل والعافية ومأن الحيات ، ومعدات العمل ، والنجاة من النار في الآخرة ، بل إن كلا من هاتيك النعم الجزيلة يصغر عنه صالحات العبد جمعاء ، وليس هناك إلا الفضل ، وهذا الذي يستفاد من غير واحد من آيات الكتاب العزيز ، نظير رقوله تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) سورة الدخان (1) ، فكل ما هناك من النعيم والمثوبات إنما هو بفضله وإحسانه سبحانه وتعالى .
   قال الفخر الرازي في تفسيره 7 : 459 : احتج أصحابنا بهذه الآية على أن الثواب يحصل تفضلا من الله تعالى لا بطريق الاستحقاق ، لأنه تعالى لما عدد أقسام ثواب المتقين بين أنها بأسرها إنما حصلت على سبيل الفضل والإحسان من الله تعالى ...
   ثم قال تعالى : ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ، واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن التفضيل أعلى درجة من الثواب المستحق ، فإنه تعالى وصفه بكونه فضلا من الله ، ثم وصف الفضل من الله بكونه فوزا عظيما ، ويدل عليه أيضا أن الملك العظيم إذا أعطى الأجير

---------------------------
(1) الدخان : 51 ـ 57 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 116 _

   أجرته ثم خلع على إنسان آخر ، فإن تلك الخلعة أعلى حالا من إعطاء تلك الأجرة . انتهى (1) .
   وقال ابن كثير نفسه في الآية الشريفة في تفسيره 4 : 147 : ثبت في الصحيح عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا ، أن أحدا لن يدخله عمله الجنة ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ! قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل انتهى .
   وبوسعك استشعار هذا المعنى من الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه 4 : 264 عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (2) .
   وأنت جد عليم بأن هذا المقدار من الحق الثابت على الله للعباد إنما هو بتقرير العقل السليم، وأما الزائد عليه من النعيم الساكت عنه نبي البيان فليس إلا الفضل والإحسان من المولى سبحانه ، وأنت تجد في معاملات الدول مع أفراد الموظفين أنه ليس بإزاء واجباتهم وعدم الخيانة فيها من الأجر إلا الرتبة والراتب ، وإنما يحظى أحدهم بترفيع في المرتبة أو زيادة في الرتبة بخدمة زائدة

---------------------------
(1) التفسير الكبير 27 : 254 ـ 255 .
(2) صحيح البخاري 3 : 1049 ح 2701 ، وطبعة أخرى 9 : 140 ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 117 _

   على مقرراتها عليهم ، وليس في الناس من ينقم على الحكومات ذلك ، وهذه الحالة عينا جارية بين الموالي والعبيد ، وهي من الارتكازات المرتسخة في نفسيات البشر كلهم ، غير أن الله سبحانه بفضله المتواصل يثيب العاملين بواجبهم بأجور جزيلة .
   وهاهنا كلمة قدسية لسيدنا ومولانا زين العابدين الإمام الطاهر علي بن الحسين صلوات الله عليهما وآلهما ، لا منتدح عن إثباتها ، وهي قوله في دعائه إذا اعترف بالتقصير عن تأدية الشكر من صحيفته الشريفة : اللهم إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية إلا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا ، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك ، فأشكر عبادك عاجز عن شكرك ، وأعبدهم مقصر عن طاعتك ، لا يجب لأحد أن تغفر له باستحقاقه ، ولا أن ترضى عنه باستيجابه ، فمن غفرت له فبطولك ، ومن رضيت عنه فبفضلك ، تشكر يسير ما شكرت به ، وتثيب على قليل ما تطاع فيه ، حتى كأنه شكر عبادك الذي أوجبت عليهم (1) ثوابهم ، وأعظمت عنه جزاءهم ، أمر ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافيتهم ، أو لم يكن سببه بيدك فجازيتهم ، بل ملكت يا

---------------------------
(1) في المصدر : عليه ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 118 _

   إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك ، وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا في طاعتك ، وذلك أنه سنتك الإفضال ، وعادتك الإحسان ، وسبيلك العفو .
   فكل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت ، وشاهدة بأنك متفضل على من عافيت ، وكالمقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت ، فلو (1) أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك ، ما عصاك عاص ، ولولا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال .
   فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك ، تشكر للمطيع ما أنت توليته له ، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه ، أعطيت كلا منهما ما لم يجب له ، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه ، ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لأوشك أن يفقد ثوابك ، وأن تزول عنه نعمتك ، ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة ، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية .
   ثم لم تسمه القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على

---------------------------
(1) في المصدر : فلولا ، (*)

عيد الغدير في الإسلام _ 119 _

   طاعتك ، ولم تحمله على المناقشات في الآلات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك ، ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له ، وجملة ما سعى فيه ، جزاء للصغرى من أياديك ومننك ، ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك ، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك ؟ ! لا ! متى ؟ ... إلى آخره (1) .
   وفي يوم الغدير صلاة ألف فيها أبو النضر العياشي ، والصابوني المصري كتابا مفردا ، راجع فيها وفي الأدعية المأثورة يوم ذاك إلى التآليف المعدة لها ، ( هذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) ( الأنعام ) : 155

---------------------------
(1) الصحيفة السجادية الجامعة لأدعية الإمام السجاد : 183 ـ 185 ، دعاء رقم 98 ، مؤسسة الإمام المهدي ، (*)