1 ـ (اليقين لابن طاوس) : فيما نذكره من المجلد الأول من كتاب (الدلائل) تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، بتقديم تسمية مولانا علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين ، فقال ما هذا لفظه : وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله البزاز ، قال : حدثنا أبو الحسن علي ابن محمد بن أحمد بن لؤلؤ البزاز ، قال : حدثنا
أبو سهل أحمد بن عبد الله بن زياد ، قال : حدثني أبو العباس عيسى بن إسحاق ، قال : سألت إبراهيم بن هراسة ، عن عمرو ابن شمر (1) ، عن جابر الجعفي ، قال : قال أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) : لو علم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته.
قلت : رحمك الله ، متى سمي علي أمير المؤمنين ؟
قال : كان ربك (عز وجل) حيث أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم (2) ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين (3).
---------------------------
(1) في المصدر : عمرو بن سمرة ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه من البحار ، وعمرو بن شمر من أصحاب الصادق (عليه السلام) ، روى عنه وعن جابر الجعفي. انظر معجم رجال الحديث 13 : 108.
(2) تضمين من سورة الأعراف 7 : 172.
(3) اليقين : 50 ، الباب الخامس والستون ، البحار 37 : 306 / 35.
دلائل الإمامة _ 54 _
2 ـ وعنه أيضا : فيما نذكره من كتاب (الدلائل) من الجزء الأول برواية أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، بما يقتضي أن عليا (عليه السلام) كان يسمى في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين نذكره بلفظه لتعلموا أنه رواية من رجالهم.
حدثني القاضي أبو الفرج المعافى ، قال : حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، قال : حدثنا القاسم بن هشام بن يونس النهشلي ، قال (1) : قال الحسن بن الحسين ، قال : حدثنا معاذ بن مسلم ، عن عطاء (2) بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عامر (3) ، في (4) قول الله (عز وجل) : * ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) * (5).
قال : اجتاز عبد الله بن سلام ورهط معه برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالوا : يا رسول الله ، بيوتنا قاصية (6) ولا نجد متحدثا دون المسجد ، إن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة والبغضاء وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يكلمونا ، فشق ذلك علينا.
فبينا هم يشكون إلى النبي (صلى الله عليه وآله) إذ نزلت هذه الآية : * ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) * فلما قرأها عليهم قالوا : قد رضينا بما رضي الله ورسوله ، ورضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين.
وأذن بلال العصر ، وخرج النبي (صلى الله عليه وآله) فدخل والناس يصلون ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، وإذا مسكين يسأله (7) ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : هل أعطاك
---------------------------
(1) (قال) أثبتناها من البحار.
(2) في المصدر : عطارء ، تصحيف ، وما أثبتناه من البحار.
(3) في البحار : ابن عباس.
(4) في المصدر : عن ، وما أثبتناه من البحار.
(5) المائدة 5 : 55.
(6) أي بعيدة.
(7) في البحار : يسأل.
دلائل الإمامة _ 55 _
أحد شيئا ؟
فقال : نعم.
قال (1) : ماذا ؟
قال : خاتم فضة.
قال : من أعطاك ؟
قال : ذاك الرجل القائم.
قال النبي (صلى الله عليه وآله) : على أي حال أعطاكه ؟
قال : أعطانيه وهو راكع ، فنظرنا فإذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (2) .
3 ـ وعنه أيضا : فيما نذكره من كتاب (الدلائل) لمحمد بن جرير الطبري ، في تسمية جبرئيل (عليه السلام) لمولانا علي (عليه السلام) في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، فقال ما هذا لفظه : حدثنا أبو الفضل (3) محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا عمران بن محسن بن محمد ابن عمران بن طاوس مولى الصادق (عليه السلام) ، قال : حدثنا يونس بن زياد الحناط الكفربوتي (4) قال : حدثنا الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع ، عن الفضل ابن الربيع : أن المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) ، قال : سألت جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، ما كان سببها ؟
فحدثني عن أبيه محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه
---------------------------
(1) (قال) أثبتناها من البحار.
(2) اليقين : 51 ، الباب السادس والستون ، البحار 35 : 186 / 6.
(3) في المصدر : أبو الفضل ، وهو أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني من شيوخ صاحب الدلائل ، ومر بيانه في المقدمة.
(4) كذا في المصدر والظاهر أنه تصحيف (الكفرتوثي) نسبة إلى كفرتوثا : قرية من أعمال الجزيرة ، وقرية من قرى فلسطين ، انظر أنساب السمعاني 5 : 82 ، مراصد الاطلاع 3 : 1169.
دلائل الإمامة _ 56 _
الحسين ، عن أبيه (1) علي بن أبي طالب (عليهم السلام) : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجهه في أمر من أموره فحسن فيه بلاؤه وعظم عناؤه ، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خرج يصلي الصلاة ، فصلى معه ، فلما انصرف من الصلاة أقبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فاعتنقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم سأله عن مسيره ذلك وما صنع فيه ، فجعل علي (عليه السلام) يحدثه وأسارير (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلمع سرورا بما حدثه.
فلما أتى (صلوات الله عليه) على حديثه. قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ألا أبشرك يا أبا الحسن ؟
قال : فداك أبي وأمي ، فكم من خير بشرت به.
قال : إن جبرئيل (عليه السلام) هبط علي في وقت الزوال فقال لي : يا محمد ، هذا ابن عمك علي وارد عليك ، وإن الله (عز وجل) أبلى المسلمين به بلاء حسنا ، وإنه كان من صنعه كذا وكذا ، فحدثني بما أنبأتني به ، فقال لي : يا محمد ، إنه نجا من ذرية آدم من تولى شيت (3) بن آدم وصي أبيه آدم بشيت ، ونجا شيت بأبيه آدم ، ونجا آدم بالله.
يا محمد ، ونجا من تولى سام بن نوح وصي أبيه نوح بسام ، ونجا سام بنوح ، ونجا نوح بالله.
يا محمد ، ونجا من تولى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن وصي أبيه إبراهيم بإسماعيل ، ونجا إسماعيل بإبراهيم ، ونجا إبراهيم بالله.
يا محمد ، ونجا من تولى يوشع بن نون وصي موسى بيوشع ، ونجا يوشع بموسى ، ونجا موسى بالله.
يا محمد ، ونجا من تولى شمعون الصفا وصي عيسى بشمعون ، ونجا شمعون
---------------------------
(1) (الحسين عن أبيه) أثبتناه من البحار.
(2) الأسارير : محاسن الوجه ، وتطلق على الخدين والوجنتين.
(3) في البحار : شيث ، في كل المواضع.
دلائل الإمامة _ 57 _
بعيسى ، ونجا عيسى بالله.
يا محمد ، ونجا من تولى علينا وزيرك في حياتك ووصيك عند وفاتك بعلي ، ونجا علي بك ، ونجوت أنت بالله (عز وجل).
يا محمد ، إن الله جعلك سيد الأنبياء ، وجعل عليا سيد الأوصياء وخيرهم ، وجعل الأئمة من ذريتكما إلى أن يرث الأرض ومن عليها ، فسجد علي (صلوات الله عليه) ، وجعل يقبل الأرض شكرا لله (تعالى).
وإن الله (جل اسمه) خلق محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) أشباحا ، يسبحونه ويمجدونه ويهللونه بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الأخيار من الرجال وأرحام الخيرات المطهرات والمهذبات من النساء من عصر إلى عصر.
فلما أراد الله (عز وجل) أن يبين لنا فضلهم ويعرفنا منزلتهم ويوجب علينا حقهم أخذ ذلك النور وقسمه قسمين : جعل قسما في عبد الله بن عبد المطلب فكان منه محمد سيد النبيين وخاتم المرسلين وجعل فيه النبوة ، وجعل القسم الثاني في عبد مناف وهو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (1) فكان منه علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وجعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليه ووصيه وخليفته ، وزوج ابنته ، وقاضي دينه ، وكاشف كربته ، ومنجز وعده ، وناصر دينه (2) .
4 ـ (فرج المهموم لابن طاوس) : في احتجاج من قوله حجة في العلوم على صحة علم النجوم وهو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ السعيد محمد بن رستم بن جرير
---------------------------
(1) في المصدر : وهو أبو طالب بن عبد مناف ، وما أثبتناه من البحار.
(2) اليقين : 51 ، الباب السابع والستون ، البحار 35 : 26 / 22.
دلائل الإمامة _ 58 _
الطبري (1) الإمامي (رضوان الله عليه) في الجزء الثاني (2) من كتاب (دلائل الإمامة) قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي (3) وأبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ، قالا : حدثنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري (رضي الله عنه) ، قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم المقرئ مولى بني هاشم ، قال : حدثنا أحمد بن القاسم البري (4) ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن ، عن علي بن صالح بن حي (5) الكوفي ، عن زياد بن المنذر ، عن قيس بن سعد ، قال : كنت أساير أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كثيرا إذا سار إلى وجه من الوجوه ، فلما قصد أهل النهروان وصرنا بالمدائن وكنت يومئذ مسايرا له ، إذ خرج إلينا قوم من أهل المدائن من دهاقينهم (6) معهم براذين (7) قد جاءوا بها هدية إليه فقبلها ، وكان فيمن تلقاه دهقان من دهاقين المدائن يدعى سرسفيل ، وكانت الفرس تحكم برأيه فيما مضى (8) ، وترجع إلى قوله فيما سلف ، فلما بصر بأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، قال : يا أمير المؤمنين ، تناحست النجوم الطوالع ، فنحس أصحاب السعود وسعد أصحاب النحوس ، ولزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء والجلوس ، وإن يومك هذا يوم مميت ، قد اقترن فيه كوكبان قتالان ، وشرف فيه بهرام (9) في برج الميزان ، واتقدت من برجك النيران
---------------------------
(1) سبقت الإشارة إلى مرد هذا الاختلاف في المقدمة في اسم المؤلف وكنيته ، وقد عنونه السيد ابن طاوس في بقية الموارد من هذا الكتاب بمحمد بن جرير بن رستم الطبري.
(2) مراده الكراس الثاني منه ، لأن الذي أورده هنا هو من الجزء الأول من الكتاب الذي لم يصلنا.
(3) في المصدر : الحربي ، وهو الحسين بن عبد الله ، أبو عبد الله الحرمي ، ترجم له الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة في رابعة المئات : 113.
(4) كذا في المصدر ، والظاهر أنه أحمد بن القاسم البزي مقرئ أهل مكة ، انظر أنساب السمعاني 1 : 345 ، سير أعلام النبلاء 12 : 50.
(5) في المصدر : علي بن حي بن صالح ، وما أثبتناه من البحار ، وهو علي بن صالح بن صالح بن حي الهمداني الكوفي أبو محمد ، انظر تقريب التهذيب 2 : 38.
(6) الدهاقين : جمع دهقان ، بالكسر والضم ، وهو رئيس القرية أو الإقليم ، ويطلق على التاجر أيضا.
(7) البراذين : جمع برذون ، يطلق على غير العربي من الخيل والبغال.
(8) في المصدر : فيما يعني ، وما أثبتناه من البحار.
(9) بهرام : المريخ ، فارسية ، وهو أحد الكواكب في المجموعة الشمسية.
دلائل الإمامة _ 59 _
وليس لك الحرب بمكان.
فتبسم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، ثم قال : أيها الدهقان ، المنبئ بالأخبار ، والمحذر من الأقدار ، أتدري ما نزل البارحة في آخر الميزان ، وأي نجم حل في السرطان (1) ؟
قال : سأنظر ذلك ، وأخرج من كمه أسطرلابا (2) وتقويما ، فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : أنت مسير الجاريات ؟ قال : لا.
قال : أفتقضي على الثابتات ؟ قال : لا.
قال : فأخبرني عن طول الأسد (3) وتباعده عن المطالع (4) والمراجع ؟ وما الزهرة (5) من التوابع والجوامع ؟ قال : لا علم لي بذلك.
قال : فما بين السواري (6) إلى الدراري ، وما بين الساعات إلى الفجرات (7) ، وكم قدر شعاع المدرات (8) ، وكم تحصيل (9) الفجر في الغدوات (10) ؟ قال : لا علم لي بذلك قال : هل علمت يا دهقان أن الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت في الصين
---------------------------
(1) في المصدر : حل السرطان ، وما أثبتناه من البحار ، والسرطان : برج في السماء.
(2) الأسطرلاب : جهاز استعمله المتقدمون في تعيين ارتفاعات الأجرام السماوية ومعرفة الوقت والجهات الأصلية.
(3) الأسد : أحد بروج السماء.
(4) المطالع : جمع مطلع ، بفتح اللام وكسرها ، يطلق على مكان الطلوع وزمانه ، ومطلع الشمس : مشرقها.
(5) الزهرة : أحد كواكب المجموعة الشمسية ، ثاني كوكب في البعد عن الشمس ، يقع بين عطارد والأرض ، وهو ألمع جرم سماوي باستثناء الشمس والقمر.
(6) في البحار : السراري.
(7) في البحار : المعجرات.
(8) في البحار : المبدرات.
(9) في البحار : تحصل.
(10) قال العلامة المجلسي : يحتمل أن يكون المراد به زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فإن ذلك يختلف في الفصول.
دلائل الإمامة _ 60 _
وانقلب (1) برج ماجين ، واحترقت دور بالزنج (2) ، وطفح جب سرنديب (3) ، وتهدم حصن الأندلس ، وهاج نمل السيح (4) ، وانهزم مراق الهند (5) ، وفقد ربان اليهود بأيلة (6) ، وجذم بطريق (7) الروم برومية (8) ، وعمي راهب عمورية (9) ، وسقطت شرافات (10) القسطنطينية (11) ، أفعالم أنت بهذه الحوادث ، وما الذي أحدثها شرقيها أو غربيها (12) من الفلك ؟ قال : لا علم لي بذلك.
قال : فبأي الكواكب تقضي في أعلى القطب ، وبأيها تنحس من تنحس ، قال :
لا علم لي بذلك.
قال : فهل علمت أنه سعد اليوم اثنان وسبعون عالما في كل عالم سبعون عالما ، منهم في البر ، ومنهم في البحر ، وبعض في الجبال ، وبعض في الغياض (13) ، وبعض في
---------------------------
(1) في المصدر : وتغلب ، وما أثبتناه من البحار.
(2) الزنج : من قرى نيسابور ، مراصد الاطلاع 2 : 672.
(3) سرنديب : هو الاسم القديم لجزيرة سيلان الواقعة جنوب الهند ، وطفح جب سرنديب : أي امتلأ وارتفع بئرها.
(4) السيح : واد باليمامة ، مراصد الاطلاع 2 : 764.
(5) في البحار : الهندي.
(6) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم ـ البحر الأحمر ـ مما يلي الشام. مراصد الاطلاع 1 : 138 ، والربان : رئيس الملاحين.
(7) البطريق : القائد من قادة الروم.
(8) رومية : تطلق على مدينتين ، إحداهما ببلاد الروم ، والأخرى بلد بالمدائن خرب ، والمراد الأول ، مراصد الاطلاع 2 : 642.
(9) عمورية : بلد ببلاد الروم ، مراصد الاطلاع 2 : 963.
(10) الشرافات : جمع شرافة ، زوائد توضع في أطراف الشئ تحلية له ، وفي البحار : الشرفات ، جمع شرفة ، مثلثات تبنى متقاربة في أعلى القصر أو السور.
(11) القسطنطينية : هي بيزنطا القديمة ، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية ، وهي اليوم في تركيا ، وتسمى أيضا الآستانة ، المنجد في الأعلام : 40.
(12) في المصدر : شرقها وغربها ، وما أثبتناه من البحار ، وعلق العلامة المجلسي على قوله : ( وما الذي أحدثها ) أي بزعمك ، وعلى قوله : ( شرقيها أو غربيها ) أي الكواكب.
(13) الغياض : جمع غيضة ، الأجمة ، والموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتف.
دلائل الإمامة _ 61 _
العمران فما الذي أسعدهم ؟ قال : لا علم لي بذلك.
قال يا دهقان ، أظنك حكمت على اقتران المشتري (1) وزحل (2) لما استنارا لك في الغسق ، وظهر تلألؤ المريخ وتشريفه في السحر ، وقد سار فاتصل جرمه بنجوم (3) تربيع القمر ، وذلك دليل على استخلاف (4) ألف ألف من البشر ، كلهم يولدون اليوم والليلة ، ويموت مثلهم ويموت هذا فإنه منهم (5) ـ وأشار إلى جاسوس في عسكره لمعاوية ـ فلما قال ذلك ظن الرجل أنه قال خذوه ، فأخذه شئ في قلبه وتكسرت نفسه في صدره فمات لوقته.
فقال (عليه السلام) للدهقان : ألم أرك عين التقدير (6) في غاية التصوير ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين.
فقال : يا دهقان ، أنا مخبرك أني وصحبي هؤلاء لا شرقيون ولا غربيون ، إنما نحن ناشئة القطب ، وما زعمت البارحة أنه انقدح من برج الميزان فقد كان يجب أن تحكم معه لي ، لأن نوره وضياءه عندي ، فلهبه ذاهب (7) عني.
يا دهقان : هذه قضية عيص (8) ، فأحسبها وولدها إن كنت عالما بالأكوار والأدوار ، ولو علمت ذلك لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة.
ومضى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، فهزم أهل النهروان وقتلهم فعاد بالغنيمة والظفر ، فقال الدهقان : ليس هذا العلم بأيدي أهل زماننا ، هذا علم مادته من السماء (9) .
---------------------------
(1) المشتري : أكبر الكواكب السيارة.
(2) زحل : أبعد الكواكب السيارة في النظام الشمسي.
(3) في البحار : بجرم.
(4) في البحار : استحقاق.
(5) (فإنه منهم) أضفناها من البحار.
(6) في البحار : غير التقدير ، قال العلامة المجلسي : أي التغيرات الناشئة من تقديرات الله (تعالى) ، وعين التقدير : أي أصله.
(7) في المصدر : ذهب ، وما أثبتناه من البحار.
(8) العيص : الأجمة ، أي الشجر الكثير الملتف ، كأنه كنى بها عن تشابكها وصعوبتها ، والعيص أيضا : الأصل ، وقال في البحار : وفي بعض النسخ ( عويصة ) أي صعبة شديدة.
(9) فرج المهموم : 102 / 23 ، البحار 58 : 229 / 13.
دلائل الإمامة _ 62 _
ملحق : ومما يلحق بهذا المستدرك الخبر الذي نقله العلامة المجلسي في البحار ـ الطبع الحجري 8 : 220 ـ قال : أجاز لي بعض الأفاضل في مكة ـ زاد الله شرفها ـ رواية هذا الخبر ، وأخبرني أنه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب (دلائل الإمامة) وهذه صورته : حدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي ، عن جعفر بن علي الحوار ، عن الحسن بن مسكان ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، عن جابر الجعفي ، عن سعيد بن المسيب ، قال : الخبر ، وهو طويل يتضمن ذكر واقعة الطف ، وأثرها في أهل المدينة ، وورود عبد الله بن عمر بن الخطاب دمشق صارخا ، لاطما وجهه ، شاقا جيبه ، معترضا على يزيد ، محرضا عليه ، فأقنعه يزيد بأن أخرج إليه صحيفة تحتوي على عهد كتبه عمر بن الخطاب ـ وقيل : عثمان بن عفان ـ إلى معاوية بن أبي سفيان.
وقد أشرنا إلى هذا الخبر لكونه من الجزء المفقود من كتابنا هذا ، تاركين التعرض لتفاصيله ، محيلين القارئ الكريم إلى مظانه.
1 / 1 ـ أخبرنا (1) القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ، قال : حدثنا الخليل بن أسد أبو الأسود النوشجاني ، قال : حدثنا رويم بن يزيد المنقري ، قال : حدثنا سوار بن مصعب الهمداني ، عن عمرو بن قيس ، عن سلمة بن كهيل ، عن شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود ، قال : جاء رجل إلى فاطمة (عليها السلام) فقال : يا ابنة رسول الله ، هل ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندك شيئا : تطرفينيه (2).
فقالت : يا جارية ، هات تلك الحريرة.
---------------------------
(1) (أخبرنا) ليس في ( ع ) ، وقد سقطت هنا الواسطة بين الطبري والجعابي ، ولعله : أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن ، كما سيأتي في الحديث (25) من دلائل الإمام زين العابدين (عليه السلام) والحديث (32) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام).
(2) في ( م ، ع ) : فطوقنيه ، تطرفينيه : أي تتحفيني به ، ( انظر المعجم الوسيط ـ طرف ـ 2 : 555 ).
دلائل الإمامة _ 66 _
فطلبتها فلم تجدها ، فقالت : ويحك اطلبيها ، فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا.
فطلبتها فإذا هي قد قممتها (1) في قمامتها ، فإذا فيها : قال محمد النبي (صلى الله عليه وآله) : ( ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه (2).
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
إن الله يحب الخير (3) الحليم المتعفف ، ويبغض الفاحش الضنين السئآل الملحف.
إن الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ، وإن الفحش من البذاء ، والبذاء في النار ) (4).
2 / 2 ـ وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون التلعكبري ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، ( عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ) (5) قال : حدثنا أبو عبد الله الرازي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن روح بن صالح ، عن هارون بن خارجة ، رفعه ، عن فاطمة (عليها السلام) ، قالت : أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر ، ففزع الناس إلى أبي بكر وعمر ، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فتبعهما الناس حتى انتهوا إلى باب علي (عليه السلام) فخرج إليهم علي (عليه السلام) غير مكترث لما هم فيه ، فمضى واتبعه الناس ، حتى انتهى إلى تلعة (6) ، فقعد عليها وقعدوا حوله ، وهم ينظرون
---------------------------
(1) قم الشئ : كنسه ، والقمامة : الكناسة ( لسان العرب ـ قمم ـ 12 : 493 ).
(2) أي غوائله وشره ، أو ظلمه وغشمه ( لسان العرب ـ بوق ـ 10 : 30 ).
(3) في ( ع ) : الخبير.
(4) روى قطعة منه في الزهد : 6 / 10 و : 10 / 20 والكافي 2 : 489 / 6 والبخاري في صحيحه 8 : 19 / 48 ومسلم في صحيحه 1 : 68 / 75 و 77 والبغوي في مصابيح السنة 3 : 169 نحوه.
(5) (قال : حدثنا أحمد بن محمد) ليس في ( ع ) ، وما بين المعقوفتين أضفناه من علل الشرائع ، ورجال الشيخ : 520 / 28 ومعجم رجال الحديث 2 : 323 و 327 و 14 : 273 و 15 : 26 و 52.
(6) التلعة : أرض مرتفعة غليظة ( العين ـ تلع ـ 2 : 71 ).
دلائل الإمامة _ 67 _
إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة.
فقال لهم علي (عليه السلام) : كأنكم قد هالكم ما ترون ؟
قالوا : وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط ؟
قالت (عليها السلام) : فحرك شفتيه ، ثم ضرب الأرض بيده ، ثم قال : مالك ؟ اسكني.
فسكنت ، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم. قال لهم : إنكم قد عجبتم من صنيعي ؟! قالوا : نعم.
قال : أنا الرجل الذي قال الله عز وجل : * ( إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها ) * فأنا الإنسان الذي أقول لها :
ما لها * ( يومئذ تحدث أخبارها ) * (1) إياي تحدث (2).
3 / 3 ـ وحدثني القاضي أبو الفرج المعافى ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ( بن موسى ) بن جعفر بن محمد ، عن عمي أبيه : الحسين وعلي ابني موسى ، عن أبيه عن جعفر ، عن أبيه محمد ، عن أبيه علي بن الحسين (3) ، عن الحسين بن علي عليهم السلام ، قال : حدثتني فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليهم) قالت : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ألا أبشرك ؟! إذا أراد الله أن يتحف زوجة وليه في الجنة بعث إليك ، تبعثين إليها من حليك (4).
4 / 4 ـ وحدثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ، قال : حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن يحيى بن عاصم بن زفر البصري ، قال : حدثنا عثمان بن عمرو الدباغ ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي ، قال : حدثنا أبو الجارود ، قال : حدثنا
---------------------------
(1) الزلزلة 99 : 1 ـ 4 .
(2) علل الشرائع : 556 / 8 ، مناقب ابن شهرآشوب 2 : 324 ( قطعه ).
(3) في ( ع ، م ) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عمه زيد (ع : يزيد) بن علي ، عن أبيهما ، عن علي بن الحسين ، ولا يخلو من سقط وتصحيف ، وصححناه وفقا للحديث السابع ، ومعجم رجال الحديث 15 : 93 و 107.
(4) البحار 43 : 80.
دلائل الإمامة _ 68 _
أبو الحجاف (1) ، عن زينب ابنة علي ، عن فاطمة بنت رسول الله (عليهم السلام) ، قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : أما إنك ـ يا بن أبي طالب ـ وشيعتك في الجنة (2).
5 / 5 ـ وعنه ، قال : حدثنا أبو بكر بن شاذان ، قال : حدثنا أبو سعيد البصري ، قال : حدثنا عثمان بن عبد الله أبو عمر الطحان ، قال : حدثنا سعيد بن سالم ، قال : حدثنا عبيد بن الطفيل ، عن ربعي بن حراش ، عن فاطمة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنها دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبسط ثوبا فقال : اجلسي عليه.
ثم دخل الحسن (عليه السلام) فقال : اجلس معها.
ثم دخل الحسين (عليه السلام) فقال : اجلس معهما.
ثم دخل علي (عليه السلام) فقال : اجلس معهم.
ثم أخذ بمجامع الثوب فضمه علينا ، ثم قال : اللهم هم مني وأنا منهم ، اللهم ارض عنهم كما إني عنهم راض (3).
6 / 6 ـ وأخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري ، قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن عباد بن حاتم التمار بالبصرة ، قال : حدثنا إبراهيم بن فهد بن حكيم ، قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحسن الرافعي (4) ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي رافع ، عن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أنها أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين (عليهما السلام)
---------------------------
(1) في ( ط ، ع ، م ) : أبو الحجابي ، تصحيف صوابه ما في المتن ، وهو أبو الحجاف داود بن أبي عوف ، روى هذا الحديث عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، عن زينب ، انظر مسند أبي يعلى 12 : 116 / 11 ، وروى عنه أبو الجارود زياد بن المنذر ، انظر تهذيب الكمال 8 : 435.
(2) كشف الغمة 1 : 137.
(3) رواه أبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 169 من طريق الطبراني في الأوسط ، وأخرجه في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد 5 : 96 نحوه ، ينابيع المودة : 259.
(4) هذه النسبة إلى الجد ، فهو : إبراهيم بن علي بن الحسن بن علي بن أبي رافع الرافعي المدني ، روى عن أبيه ، وروى عنه يعقوب بن حميد ، انظر رجال الشيخ الطوسي : 146 / 65 ، وتهذيب الكمال 2 : 155.
دلائل الإمامة _ 69 _
في مرضه الذي توفي فيه ، فقالت : يا رسول الله ، إن هذين لم تورثهما شيئا.
قال : أما الحسن فله هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فله جرأتي وجودي (1).
7 / 7 ـ وحدثنا القاضي أبو الفرج المعافى ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد بن علي أبو أحمد الكوفي ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ ، صاحب الكسائي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ، قال : حدثني عما أبي : الحسين وعلي ابنا موسى ، عن أبيهما ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ، عن فاطمة (عليهم السلام) قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا حبيبة أبيها ، كل مسكر حرام ، وكل مسكر خمر (2).
8 / 8 ـ وأخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري ، قال : أخبرنا أبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر الكوفي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحكم الحبري قراءة عليه ، قال : أخبرنا إسماعيل بن صبيح ، قال : حدثنا يحيى بن مساور ، عن علي بن الحزور ، عن القاسم بن (3) أبي سعيد الخدري ، رفع الحديث إلى فاطمة (عليها السلام) قالت : أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت : السلام عليك يا أبه.
فقال : وعليك السلام يا بنية.
قالت : فقلت : والله ، ما أصبح ـ يا نبي الله ـ في بيت علي حبة طعام ، ولا دخل بين شفتيه طعام منذ خمس ، ولا أصبحت له ثاغية ولا راغية (4) ، ولا أصبح في بيته سفة
---------------------------
(1) الخصال : 77 / 122 ، إرشاد المفيد : 187 ، ألقاب الرسول وعترته : 247 نحوه ، روضة الواعظين : 156 ، إعلام الورى : 211 ، أسد الغابة 5 : 467 ، كشف الغمة 1 : 516 ، المستجاد من كتاب الارشاد : 432 .
(2) الكافي 6 : 408 / 3 ، كنز العمال 5 : 511 / 14762 عن ابن عمر ( نحوه ).
(3) (بن) ليس في ( ع ) ، وفي أمالي الصدوق لم يذكر (الخدري) وفي أمالي الطوسي : عن القاسم ، عن أبي سعد ، ولعله القاسم بن عوف الشيباني الذي يروي عنه ابن الحزور ، ويروي هو عن جماعة من الصحابة والتابعين ، انظر تهذيب التهذيب 7 : 296 و 8 : 326.
(4) الثاغية : الشاة والراغية : الناقة ، أي ما له شئ ، وهو مثل ، انظر مجمع الأمثال 2 : 284 والمستقصى في أمثال العرب 2 : 330.
دلائل الإمامة _ 70 _
ولا هفة (1).
فقال لها : ادني مني ، فدنت منه ، فقال لها : أدخلي يدك بين ظهري وثوبي.
فإذا هي بحجر بين كتفي النبي (صلى الله عليه وآله) مربوط بعمامته إلى صدره ، فصاحت فاطمة (عليها السلام) صيحة شديدة ، وقال : ما أوقدت في بيوت (2) آل محمد نار منذ شهر.
ثم قال (صلى الله عليه وآله) : أتدرين ما منزلة علي ؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وضرب بين يدي بالسيف وهو ابن ست عشرة سنة ، وقتل الأبطال وهو ابن تسع عشرة سنة ، وفرج همومي وهو ابن عشرين سنة ، ورفع باب خيبر وهو ابن عشرين سنة (3) وكان لا (4) يرفعه خمسون رجلا.
فأشرق لون فاطمة ، ولم تقر قدماها مكانها حتى أتت عليا ، فإذا البيت قد أنار لنور (5) وجهها ، فقال لها علي (عليه السلام) : يا ابنة محمد ، لقد خرجت من عندي ووجهك على غير هذه الحال!
فقالت : إن النبي حدثني بفضلك ، فما تمالكت حتى جئتك.
فقال لها : كيف لو حدثك (6) بكل فضلي ؟! (7)
9 / 9 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن معقل العجلي القرميسيني ، قال : حدثني محمد بن الحسن بن بنت إلياس ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا (8) ، قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه
---------------------------
(1) السفة : ما ينسج من الخوص كالزبيل ، والهفة : السحاب الذي لا ماء فيه ، أي لا مشروب في بيتك ولا مأكول ، النهاية 5 : 267.
(2) (بيوت) ليس في ( م ، ع ).
(3) في ( ط ) : نيف وعشرين.
(4) (لا) ليس في ( م ).
(5) في ( ط ) : بنور.
(6) في ( م ، ع ) : ولو حدثتك.
(7) أمالي الصدوق : 326 / 13 وأمالي الطوسي 2 : 54 قطعة منه.
(8) (قال حدثني محمد بن الحسن ... الرضا) ليس في ( ط ، م ) ، انظر رجال النجاشي : 39 ، معجم رجال الحديث 5 : 34.
دلائل الإمامة _ 71 _
جعفر بن محمد ، عن جده ، عن أبيه الحسين ، عن أمه فاطمة (عليهم السلام) ، قالت : قال لي أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إياك والبخل ، فإنه عاهة لا تكون في كريم ، إياك والبخل فإنه شجرة في النار ، وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله النار ، والسخاء شجرة في الجنة ، وأغصانها في الدنيا (1) فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الجنة (2).
10 / 10 ـ وحدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال :
أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، قال : حدثنا أبو سعيد أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أبو العباس عبد الرحمان بن محمد بن حماد ، قال : حدثنا أبو سعيد يحيى بن حكيم ، قال : حدثنا أبو قتيبة (3) ، قال : حدثنا الأصبغ بن زيد ، عن سعيد بن راشد (4) ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله) ، قالت : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيرا إلا أعطاه إياه.
قالت : فقلت : يا رسول الله ، أي ساعة هي ؟
قال : إذا تدلى نصف عين الشمس للغروب.
قال : وكانت فاطمة (عليها السلام) تقول لغلامها : اصعد على السطح ، فإن رأيت نصف عين الشمس قد تدلى للغروب فأعلمني حتى أدعو (5).
---------------------------
(1) (وأغصانها في الدنيا) ليس في ( ع ، م ).
(2) قرب الإسناد : 55 ( نحوه ).
(3) هو سلم بن قتيبة الشعيري ، روى عن الأصبغ بن زيد بن علي الجهني ، وروى عنه أبو سعيد يحيى بن حكيم المقومي ، انظر تهذيب الكمال 3 : 301 و 11 : 232.
(4) في ( ط ، م ، ع ) نافع ، وفي المعاني : رافع.
وما في المتن هو الصواب ، روى عنه الأصبغ ، انظر تهذيب الكمال 3 : 301 ، وأشار لهذا الحديث في لسان الميزان 3 : 28 عن مسند إسحاق.
(5) معاني الأخبار : 399 / 59.
دلائل الإمامة _ 72 _
11 / 11 ـ حدثنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري في الجزء الخامس من (مقاتل آل أبي طالب) ونحن نقرأه عليه ، قال : حدثنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني الكاتب ، قال : حدثني علي بن إبراهيم بن محمد ابن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال : حدثني سليمان بن أبي (1) العطوس ، قال : حدثنا محمد بن عمران ابن أبي ليلى ، قال : حدثنا عبد ربه ـ يعني ابن (2) علقمة ـ عن يحيى بن عبد الله ، عن الذي أفلت من الثمانية ، قال : لما أدخلنا الحبس قال علي بن الحسن : اللهم إن كان هذا من سخط منك علينا فاشدد حتى ترضى.
فقال له عبد الله بن الحسن : ما هذا ، يرحمك الله ؟!
ثم حدثنا عبد الله ، عن فاطمة الصغرى ، عن أبيها (3) ، عن جدتها فاطمة الكبرى بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قالت : قال لي رسول الله : يدفن من ولدي سبعة بشاطئ الفرات ، لم يسبقهم الأولون ، ولم يدركهم الآخرون.
فقلت : نحن ثمانية ! قال : هكذا سمعت.
قال : فلما فتحوا الباب وجدوهم موتى ، وأصابوني وبي رمق ، فسقوني ماء وأخرجوني فعشت (4).
12 / 12 ـ حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو عبد الله جعفر ابن محمد بن جعفر العلوي الحسني ، قال : حدثني موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن
---------------------------
(1) (أبي) ليس في المقاتل.
(2) زاد في ( ط ، م ) : أبي ، والصواب ما في المتن ، ترجم له في الجرح والتعديل 6 : 43 وذكر روايته عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، ورواية ابن أبي ليلى عنه.
(3) (عن أبيها) ليس في ( ع ).
(4) مقاتل الطالبيين : 131.
دلائل الإمامة _ 73 _
الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عبد الله ابن الحسن ، عن أبيه ، عن جده الحسن بن علي ، عن أمه فاطمة بنت رسول الله (عليهم السلام) قالت : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا فاطمة ، ألا أعلمك دعاء لا يدعو به أحد إلا استجيب له ، ولا يحيك (1) في صاحبه سم ولا سحر ، ولا يعرض له شيطان بسوء ، ولا ترد له دعوة ، وتقضى حوائجه كلها ، التي يرغب إلى الله فيها عاجلها وآجلها ؟
قلت : أجل يا أبه ، لهذا والله ، أحب إلي من الدنيا وما فيها ، قال : تقولين : يا الله ، يا أعز مذكور وأقدمه قدما في العزة والجبروت ، يا الله ، يا رحيم كل مسترحم ، ومفزع كل ملهوف ، يا الله ، يا راحم كل حزين يشكو بثه وحزنه إليه ، يا الله ، يا خير من طلب المعروف منه وأسرعه إعطاء ، يا الله ، يا من تخاف الملائكة المتوقدة بالنور منه ، أسألك بالأسماء التي يدعوك بها حملة عرشك ومن حول عرشك ، يسبحون بها شفقة من خوف عذابك ، وبالأسماء التي يدعوك بها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل إلا أجبتني وكشفت يا إلهي كربتي ، وسترت ذنوبي.
يا من يأمر بالصيحة في خلقه فإذا هم بالساهرة ( يحشرون ) (2) ، أسألك بذلك الاسم الذي تحيي به العظام وهي رميم ، أن تحيي قلبي ، وتشرح صدري ، وتصلح شأني.
يا من خص نفسه بالبقاء ، وخلق لبريته الموت والحياة ، يا من فعله قول ، وقوله أمر ، وأمره ماض على ما يشاء.
أسألك بالاسم الذي دعاك به خليلك حين القي في النار ، فاستجبت له وقلت :
* ( يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) * (3) وبالاسم الذي دعاك به موسى من جانب الطور الأيمن فاستجبت له دعاءه.
وبالاسم الذي كشفت به عن أيوب الضر ، وتبت به على داود ، وسخرت به
---------------------------
(1) لا يحيك : لا يؤثر ( النهاية 1 : 470 ).
(2) ما بين المعقوفتين من مهج الدعوات ، والساهرة : أرض يجددها الله يوم القيامة ، ( لسان العرب ـ سهر ـ 4 : 383 ).
(3) الأنبياء 21 : 69.
دلائل الإمامة _ 74 _
لسليمان الريح تجري بأمره والشياطين ، وعلمته منطق الطير.
وبالاسم الذي وهبت به لزكريا يحيى ، وخلقت عيسى من روح القدس من غير أب (1).
وبالاسم الذي خلقت به العرش والكرسي.
وبالاسم الذي خلقت به الروحانيين.
وبالاسم الذي خلقت به الجن والإنس.
وبالاسم الذي خلقت به جميع الخلق وجميع ما أردت من شئ.
وبالاسم الذي قدرت به على كل شئ.
أسألك بهذه الأسماء لما أعطيتني سؤلي (2) ، وقضيت بها حوائجي.
فإنه يقال لك : يا فاطمة ، نعم نعم (3).
13 / 13 ـ وحدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، قال : حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني ، المعروف بابن مقبرة ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، قال :
حدثنا جندل بن والق (4) ، قال : حدثنا محمد بن عمر المازني (5) ، عن عباد الكلبي (6) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين
---------------------------
(1) (من غير أب) ليس في ( ع ).
(2) في ( م ) : سؤالي.
(3) مهج الدعوات : 139.
(4) في ( ط ) : وابق ، وفي ( ع ) : وامق ، كلاهما تصحيف ، ترجم له في تهذيب الكمال 5 : 150 ، وذكر روايته عن محمد بن عمر المازني ، ورواية محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي المعروف بمطين الكوفي عنه.
(5) في ( ط ، ع ، م ) : الملدي ، تصحيف ، صوابه ما في المتن من الأمالي ، وانظر التعليقة السابقة وسند الحديث (65).
(6) في ( ط ، ع ، م ) : الكليني ، تصحيف ، صوابه ما في المتن ، عده البرقي في رجاله : 23 ، والطوسي في رجاله : 241 / 284 من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).
دلائل الإمامة _ 75 _
ابن علي ، عن فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) ، قالت : خرج علينا رسول الله عشية عرفة ، فقال : إن الله تعالى باهى بكم وغفر لكم عامة ، ولعلي خاصة ، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي ، هذا جبرئيل يخبرني أن السعيد ، كل السعيد ، حق السعيد ، من أحب عليا في حياته وبعد موته ، وأن الشقي ، كل الشقي ، حق الشقي من أبغض عليا في حياته وبعد وفاته (1).
14 / 14 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن هارون ابن حميد المجدر (2) ، قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أمان ، قال : حدثنا قطب بن زياد ، عن ليث بن أبي (3) سليم ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، عن فاطمة الصغرى ، عن أبيها الحسين (عليه السلام) ، عن فاطمة الكبرى ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قالت : إن النبي كان إذا دخل المسجد يقول : بسم الله ، اللهم صل على محمد ، واغفر ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك.
وإذا خرج يقول : بسم الله ، اللهم صل على محمد ، واغفر ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك (4).
15 / 15 ـ وعنه ، قال : حدثنا إبراهيم بن حماد القاضي ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبو جعفر الأيادي ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن أمه فاطمة ابنة (5)
---------------------------
(1) أمالي الصدوق : 153 / 8 ، بشارة المصطفى : 149 ( نحوه ) ، المناقب للخوارزمي : 37 ، الفصول المهمة : 125 ، وقطعة منه في العمدة : 200 / 304 ، وشرح ابن أبي الحديد 9 : 168 ، وكشف الغمة 1 : 450.
(2) في ( ط ) : محمد بن هارون بن المحرز ، وفي ( ع ) : محمد بن هارون بن حميد بن المحرز ، وفي ( م ( : ... بن حميد المحرز ، والظاهر صحة ما في المتن ، ترجم له في تاريخ بغداد 3 : 357 ، وسير أعلام النبلاء 14 : 436.
(3) (أبي) ليس في ( ع ، م ) ، وهو ليث بن أبي سليم بن زنيم الكوفي ، روى عن عبد الله بن الحسن ، انظر تهذيب التهذيب 8 : 465 ، معجم رجال الحديث 14 : 139 و 140 والحديث الآتي.
(4) مسند أبي يعلى 12 : 121 / 16 ، ( نحوه ) ، أمالي الطوسي 2 : 15 ( نحوه ).
(5) في ( ع ، م ) : فاطمة بنت الحسين ، عن فاطمة بنت.
دلائل الإمامة _ 76 _
رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : خياركم ألينكم مناكب ، وأكرمهم لنسائهم (1).
16 / 16 ـ وعنه (2) ، قال : حدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري ، قال : أخبرنا أبو فاطمة محمد بن أحمد بن البهلول القاضي الأنباري التنوخي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد السلام ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير ، عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة الصغرى ، عن أبيها (3) عن فاطمة الكبرى (عليها السلام) ، قالت : قال النبي (صلى الله عليه وآله) : لكل نبي عصبة ينتمون إليه ، وإن فاطمة عصبتي ، إلي تنتمي (4).
17 / 17 ـ حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، قال :
حدثني أبو القاسم موسى بن محمد بن موسى الأشعري القمي ، ابن أخت (5) سعد بن عبد الله ، قال : حدثني الحسن بن محمد بن إسماعيل المعروف بابن أبي الشورى (6) ، قال : حدثني عبيد الله بن علي بن أشيم ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد (7) الأنباري ، عن
---------------------------
(1) قطعة منه في الجعفريات : 35 والفردوس 2 : 172 / 2858 وعوالي اللآلئ 1 : 178 / 226 وكنز العمال 7 : 525 / 20081.
(2) أي الطبري المصنف ، لأن القاضي أبا إسحاق من شيوخه كما تقدم.
(3) (عن أبيها) ليس في ( ع ، م ).
(4) بشارة المصطفى : 40 نحوه.
(5) في ترجمته من رجال النجاشي : 407 / 1079 : ابن بنت ، وذكر له كتابا رواه عنه محمد بن عبد الله ، وكذا في مصباح الأنوار ( مخطوط ).
(6) في مصباح الأنوار : ابن أبي الشوارب.
(7) في ( ط ، ع ، م ) : زيد ، تصحيف صوابه ما في المتن ، روى عن حماد بن عيسى ، انظر رجال النجاشي : 450 / 1215 ، معجم رجال الحديث 20 : 147.
دلائل الإمامة _ 77 _
حماد (1) بن عيسى ، عن زرعة بن محمد (2) ، عن المفضل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) : كيف كانت ولادة فاطمة (عليها السلام) ؟
قال : نعم ، إن خديجة (رضوان الله عليها) لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكة ، فكن لا يدخلن عليها ، ولا يسلمن عليها ، ولا يتركن امرأة تدخل عليها ، فاستوحشت خديجة من ذلك.
فلما حملت بفاطمة (عليها السلام) ، وكانت خديجة تغتم وتحزن إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فكانت فاطمة تحدثها من بطنها ، وتصبرها ، وكان حزن خديجة وحذرها على رسول الله.
وكانت خديجة تكتم ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فدخل يوما ، فسمع خديجة تحدث فاطمة ، فقال لها : يا خديجة ، من يحدثك ؟!
قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني.
فقال لها : يا خديجة ، هذا جبرئيل يبشرني بأنها أنثى ، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة ، وأن الله (تعالى) سيجعل نسلي منها ، وسيجعل من نسلها أئمة في الأمة ، ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة عل ذلك إلى أن حضرت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم ليلين منها ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها بأنك عصيتنا (3) ، ولم تقبلي قولنا ، وتزوجت محمدا ، يتيم أبي طالب ، فقيرا لا مال له ، فلسنا نجيئك ، ولا نلي من أمرك (شيئا) (4) ، فاغتمت خديجة لذلك.
---------------------------
(1) في ( ط ، ع ، م ) : همام ، تصحيف ، صوابه ما في المتن ، روى عنه يعقوب ين يزيد ، انظر رجال النجاشي : 142 / 370 ، معجم رجال الحديث 6 : 224.
(2) في ( ط ، ع ، م ) : بن زرعة بن عبد الله ، وما في المتن من الأمالي ومصباح الأنوار ، وهو الصواب ، روى عن المفضل بن عمر في موارد أخرى كثيرة ، انظر معجم رجال الحديث 7 : 261.
(3) في ( م ، ط ) : أغضبتينا.
(4) من الأمالي ومصادر أخرى.
دلائل الإمامة _ 78 _
فبينا هي في ذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهن ، فقالت لها إحداهن : لا تحزني ـ يا خديجة ـ فإنا رسل ربك إليك ، ونحن أخواتك ، أنا سارة ، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه صفوراء بنت شعيب ، بعثنا الله إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء.
فجلست واحدة عن يمينها ، والأخرى (1) عن يسارها ، والثالثة بين (2) يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت خديجة فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهرة ، فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ، ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور.
فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها ، ودخلت عشر من الحور العين ، كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق ، وفي الإبريق ماء من الكوثر ، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر ، وأخرجت خرقتين بيضاوتين ، أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك والعنبر ، فلفتها بواحدة ، وقنعتها بأخرى.
ثم استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السلام) بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء ، وأن بعلي (3) سيد الأوصياء ، وأن ولدي سيدا الأسباط ، ثم سلمت عليهن ، وسمت كل واحدة منهن باسمها ، وضحكن إليها.
وتباشرت (4) الحور العين ، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة (عليها السلام) ، وحدث في السماء نور زاهر ، لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم ، فلذلك سميت الزهراء (صلوات الله عليها).
وقالت : خذيها ، يا خديجة ، طاهرة مطهرة ، زكية ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها.
فتناولتها خديجة فرحة مستبشرة ، فألقمتها ثديها ، فشربت فدر عليها
---------------------------
(1) في ( ط ) : الثانية.
(2) في ( ع ، م ) : من بين.
(3) في ( ط ) : بعلها عليا.
(4) في ( ع ، م ) : تباشرن.
دلائل الإمامة _ 79 _
وكانت (عليها السلام) تنمو في كل يوم كما ينمو الصبي في شهر ، وفي شهر كما ينمو الصبي في السنة ، (صلوات الله عليها) (1).
18 / 18 ـ وحدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام ، قال : روى أحمد بن محمد البرقي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران (2) ، عن عبد الله بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال : ولدت فاطمة (عليها السلام) في جمادى الآخرة يوم العشرين منه ، سنة خمس وأربعين من مولد النبي (صلى الله عليه وآله) ، فأقامت بمكة ثمان سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، وبعد وفاة أبيها خمسة وتسعين (3) يوما ، وقبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه ، سنة إحدى عشرة من الهجرة (صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها) (4).
19 / 19 ـ أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى القمي (رضي الله عنه) ، قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : حدثني الحسن بن عبد الله ، عن يونس بن ظبيان ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : لفاطمة (عليها السلام) تسعة أسماء عند الله عز وجل :
---------------------------
(1) أمالي الصدوق : 475 / 1 ، الخرائج والجرائح 2 : 524 / 1 ، الثاقب في المناقب : 285 / 244 و 286 / 245 قطعة منه ، العدد القوية : 222 / 15.
(2) في ( ط ، ع ، م ) : بن بحر ، وهو تصحيف ، صوابه ما في المتن من البحار والعوالم ، روى عن ابن سنان ، وروى عنه ابن عيسى في موارد كثيرة ، انظر معجم رجال الحديث 9 : 299.
(3) في ( ط ، ع ) : سبعين.
(4) البحار 43 : 9 / 16 ، عوالم فاطمة (عليها السلام) : 36 / 5 ، وسيأتي في الحديث (43).
دلائل الإمامة _ 80 _
فاطمة ، والمذوبة (1) ، والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ، والراضية (2) ، والرضية ، والمحدثة ، والزهراء.
ثم قال (عليه السلام) : أتدري أي شئ تفسير فاطمة ؟
قلت : أخبرني يا سيدي ، فمما فطمت ؟
قال : من الشرك.
قال : ثم قال (عليه السلام) : لولا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تزوجها لما كان لها كفؤ إلى يوم القيامة على وجه الأرض من آدم فمن دونه (3).
20 / 20 ـ أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال :
أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن بن علي السكري (4) ، عن محمد (5) بن زكريا الجوهري ، قال : حدثني شعيب بن واقد ، قال : حدثني إسحاق بن جعفر بن محمد ، عن (6) عيسى ابن زيد بن علي (عليه السلام) ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول :
---------------------------
(1) في ( ط ) وكتب الصدوق : الصديقة.
(2) (والراضية) ليس في ( ع ، م ).
(3) الخصال : 414 / 3 ، أمالي الصدوق : 474 / 18 ، علل الشرائع : 178 / 3 ، نوادر المعجزات : 84 / 6.
(4) في ( ط ، ع ، م ) : السكوني ، وهو تصحيف صوابه ما في المتن من عدة مواضع في كتب الشيخ الصدوق ، وفي علل الشرائع : 178 / 1 : أبو سعيد الحسن بن علي بن الحسين السكري.
(5) في ( ط ، ع ، م ) : أحمد ، والصواب ما في المتن من علل الشرائع ، وهو محمد بن زكريا بن دينار الغلابي البصري ، له كتب كثيرة ، منها : أخبار فاطمة (عليها السلام) ومنشؤها ومولدها ، انظر رجال النجاشي : 346 ، معجم رجال الحديث 16 : 87 ، والحديث الآتي.
(6) في ( ط ) والعلل : بن ، والظاهر صحة ما في المتن ، وعيسى هو موتم الأشبال يكنى أبا يحيى ، أسند عن الصادق (عليه السلام) ، انظر رجال الطوسي : 257 / 553 ، معجم رجال الحديث 3 : 42 و 13 : 187.
دلائل الإمامة _ 81 _
سميت فاطمة محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما كانت تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة ، إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين.
يا فاطمة ، اقنتي لربك ، الآية (1) ، وتحدثهم ويحدثونها.
فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟
فقالوا : إن مريم كانت سيدة نساء عالمها ، وإن الله جعلك سيدة عالمك ، وسيدة نساء الأولين والآخرين (2).
21 / 21 ـ حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال :
حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي العريب الضبي ، قال : حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي (3) ، قال : حدثنا شعيب بن واقد ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، قال : لم تزل فاطمة تشب في اليوم كالجمعة ، وفي الجمعة كالشهر ، وفي الشهر كالسنة ، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من
مكة إلى المدينة ، وابتنى بها مسجدا ، وأنس أهل المدينة به (صلى الله عليه وآله) ، وعلت كلمته ، وعرف الناس بركته ، وسارت إليه الركبان ، وظهر الإيمان ، ودرس القرآن ، وتحدث الملوك والأشراف وخاف سيف نقمته الأكابر والأشراف ، هاجرت فاطمة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ونساء المهاجرين ، وكانت عائشة فيمن هاجر معها ، فقدمت المدينة ، فأنزلها النبي (صلى الله عليه وآله) على أم أيوب الأنصاري.
وخطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) النساء ، وتزوج سودة أول دخوله المدينة فنقل فاطمة إليها ، ثم تزوج أم سلمة بنت أبي أمية.
فقالت أم سلمة : تزوجني رسول الله ، وفوض أمر ابنته إلي ، فكنت أدلها وأؤدبها ، وكانت ـ والله ـ آدب مني ، وأعرف بالأشياء كلها.
وكيف لا تكون كذلك وهي سلالة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ؟! (4)
---------------------------
(1) وهي في سورة آل عمران 3 : 42 ، 43 ، وتتمتها : واسجدي واركعي مع الراكعين.
(2) علل الشرائع : 182 / 1 ، ويأتي تحت الرقم (66).
(3) صحف في ( ع ، م ) : العلائي ، وهو من بني غلاب قبيلة بالبصرة من بني نصر بن معاوية ، انظر التعليقة الثانية على الحديث السابق.
(4) البحار 43 : 9 / 16.