الفهرس العام

أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)


معرفة ولادته
نسبه
نقش خاتمه (عليه السلام)
ذكر معجزاته (عليه السلام)

معرفة ولادته

  قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام) : ولد (عليه السلام) بالمدينة سنة ثلاث وثمانين من الهجرة (1).
  وأقام مع جده علي بن الحسين اثنتي عشرة سنة ، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة ، وعاش بعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة (2).
  وكانت مدة إمامته ملك (3) إبراهيم بن الوليد ، وملك مروان بن محمد الحمار ، ثم سارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم سنة ثلاثين ومائة ، وملك أبي العباس السفاح أربع سنين وأربعة أشهر ، وأيام ملك أخيه أبي (4) عبد الله المعروف بأبي جعفر

---------------------------
(1) تاريخ الأئمة : 10 ، الكافي 1 : 393 ، الارشاد : 271 ، روضة الواعظين : 212 ، وروي أيضا سنة (80 هـ) انظر : تاريخ مواليد الأئمة : 185 ، كشف الغمة 2 : 155.
(2) إعلام الورى : 272 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 280 ، وروي غير ذلك في هذه التواريخ ، انظر تاريخ الأئمة : 11 ، تاريخ مواليد الأئمة : 186.
(3) ذكر في إعلام الورى : 272 وتاج المواليد : 119 و 120 قبل إبراهيم بن الوليد : بقية ملك هشام بن عبد الملك ، وملك الوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد ، وهو الصواب لأن إمامته (عليه السلام) بدأت سنة 114 هـ وامتد ملك هشام بين (105 ـ 125 هـ).
(4) في ( ط ) : السفاح سنة اثنتين وثلاثين وذلك أربع سنين وأربعة أشهر ، ثم ملك أخيه.

دلائل الإمامة _ 246 _

  المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأياما (1).
  وبعد ما مضت عشر سنين من ملكه ، قبض ولي الله جعفر بن محمد في شوال (2) سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة ، سمه المنصور فقتله (3).
  ومضى وقد كمل عمره خمسا وستين سنة (4).
  وروى أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله (5) أنه قبض وهو ابن ثمان وستين سنة ، (6) ويروى سبع وستين ، والأول أصح ، لأنني نقلته من أصل لأبي علي محمد ابن همام (7) (رحمه الله).
  ودفن بالبقيع مع جده وأبيه (8).
  وبوابه : المفضل بن عمر (9).

نسبه

  جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم.

---------------------------
(1) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 280.
(2) وقيل في النصف من رجب ، انظر مناقب ابن شهرآشوب 4 : 280 ، إعلام الورى : 271 ، مصباح الكفعمي : 523 ، تاج المواليد : 120.
(3) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 280.
(4) تاريخ الأئمة : 10 ، الكافي 1 : 393 ، الارشاد : 271 ، روضة الواعظين : 212.
(5) ترجم له النجاشي في رجاله : 441 ووصفه بالعالم الفاضل الصدوق ، وذكر له كتابا في نسبة آل أبي طالب.
(6) تاريخ مواليد الأئمة : 185 ، كشف الغمة 2 : 161.
(7) قال النجاشي في رجاله : 379 : شيخ أصحابنا ومتقدمهم ، له منزلة عظيمة ... له كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة (عليه السلام).
(8) تاريخ الأئمة ، 31 ، الكافي 1 : 393 ، الارشاد : 271 ، تاج المواليد : 120 ، تاريخ مواليد الأئمة : 187.
(9) تاريخ الأئمة : 33 ، نور الأبصار : 294 ، والذي في مناقب ابن شهرآشوب 4 : 280 : محمد بن سنان.

دلائل الإمامة _ 247 _

  ويكنى : أبا عبد الله (1).
  ولقبه : الصادق ، والعاطر ، والطاهر (2).
  وإليه تنسب الجعافرة (3) ، والشيعة الجعفرية (4).

نقش خاتمه (عليه السلام)

  وكان له خاتم نقشه : الله ربي ، عصمني من خلقه (5).
  ذكر ولده : إسماعيل ، وموسى الإمام (عليه السلام) ، ومحمد ، وعلي ، و عبد الله ، وإسحاق ، وابنه اسمها أم فروة ، وهي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد بن علي (عليه السلام) (6).

---------------------------
(1) ويكنى (عليه السلام) أيضا بأبي إسماعيل وأبي موسى ، انظر : تاريخ مواليد الأئمة : 188 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 281 ، كشف الغمة 2 : 155.
(2) ويلقب (عليه السلام) أيضا بالفاضل والقائم والكافل والمنجي والصابر ، انظر : تاريخ مواليد الأئمة : 187 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 281 ، كشف الغمة 2 : 155.
(3) في ( ع ، م ) : الجعافير.
(4) (الجعفرية) ليس في ( ع ، م ).
(5) العدد القوية : 148 / 65 ، وفيه : ربي عصمني من خلقه : وقيل : أنت ثقتي فاعصمني من خلقك ، وقيل : الله عوني وعصمتي من الناس.
(6) زيد في بعض المصادر : العباس ويحيى وأسماء وفاطمة وفاطمة الصغرى ، انظر الارشاد : 284 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 280 ، كشف الغمة 2 : 161.

دلائل الإمامة _ 248 _

  وأمه : فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وتكنى أم فروة وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر (1).
  وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : إذا ولد جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين ابني فسموه (الصادق) (2) فإنه يولد من ولد ابنه ولد يقال له (جعفر الكذاب) ويل له من جرأته على الله وتعديه على أخيه صاحب الحق ، وإمام زمانه وأهل بيتي (3) ، فلأجل ذلك سمي الصادق (4).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

  165 / 1 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد عبد الله ، قال : قال لي عبد الله بن بشر : سمعت الأحوص (5) يقول : كنت مع الصادق (عليه السلام) إذ سأله قوم عن كأس الملكوت ، فرأيته وقد تحدر نورا ، ثم علا حتى أنزل تلك (6) الكأس فأدارها على أصحابه ، وهي كأس مثل البيت الأعظم (7) ، أخف من الريش ، من نور محضور (8) ، مملوء شرابا.
  ثم قال (عليه السلام) (9) : لو علمتم بنور الله لعاينتم هذا في الآخرة (10).
  166 / 2 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا سفيان ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن قيس ابن خالد ، قال : رأيت الصادق (عليه السلام) وقد رفع منارة النبي (صلى الله عليه وآله) بيده

---------------------------
(1) تاريخ الأئمة : 25 ، الكافي 1 : 393 ، الارشاد : 271.
(2) في ( ط ) : بالصادق.
(3) (وأهل بيتي) ليس في ( ط ).
(4) الهداية الكبرى : 248 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 272.
(5) في ( ع ، م ) : الأخوص.
(6) في ( ع ، م ) : ذلك.
(7) في ( ط ) : العظيم.
(8) في ( ط ) : محصور ، وفي ( م ) : محفور.
(9) في ( ع ، م ) : فقال لي.
(10) نوادر المعجزات : 136 / 1 ، مدينة المعاجز : 356 / 4.

دلائل الإمامة _ 249 _

  اليسرى ، وحيطان القبر بيده اليمنى ، ثم بلغ بهما عنان السماء ثم قال (عليه السلام) : أنا جعفر ، أنا النهر الأغور (1) ، أنا صاحب الآيات الأقمر (2) ، أنا ابن شبير وشبر (3).
  167 / 3 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا أبو محمد ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : رأيت الصادق (عليه السلام) وقد جئ إليه بسمك مملوح ، فمسح يده على سمكة فمشت بين يديه ، ثم ضرب بيده إلى الأرض فإذا دجلة والفرات تحت قدميه ، ثم أرانا سفن البحر ، ثم أرانا مطلع الشمس ومغربها في أسرع من لمح البصر (4).
  168 / 4 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا أبو محمد سفيان ، عن وكيع ، عن عبد الله بن قيس ، عن أبي مناقب (5) الصدوحي ، قال : رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) وقد سئل عن مسألة ، فغضب حتى امتلأ منه مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) وبلغ أفق السماء ، وهاجت لغضبه ريح سوداء حتى كادت تقلع المدينة ، فلما هدأ ، هدأت لهدوئه ، فقال (عليه السلام) : لو شئت لقلبتها (6) على من عليها ، ولكن رحمة الله وسعت كل شئ (7).
  169 / 5 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : قلت للصادق (عليه السلام) : أتقدر أن تمسك الشمس بيدك ؟
  فقال (عليه السلام) : لو شئت لحجبتها عنك ، فقلت : أفعل ، قال : فرأيته وقد جرها كما تجر الدابة بعنانها ، فاسودت وانكسفت (8) ، وذلك بعين أهل المدينة كلهم حتى ردها (9).
  170 / 6 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا أبو محمد سفيان ، عن أبيه ، عن الأعمش ،

---------------------------
(1) في ( ط ) : الأزخر ، والأغور : العميق ، والأزخر : الممتلئ.
(2) أي الأبيض.
(3) نوادر المعجزات : 137 / 2 ، إثبات الهداة 5 : 453 / 227 ، مدينة المعاجز : 356 / 5.
(4) نوادر المعجزات : 137 / 3 ، إثبات الهداة 5 : 453 / 228 ، مدينة المعاجز : 357 / 6.
(5) في ( ط ) : أبي قباقب ، وفي ( ع ) : أبي قناقب.
(6) في ( ع ، م ) : قلبتها.
(7) نوادر المعجزات : 138 / 4 ، إثبات الهداة 5 : 453 / 229 ، مدينة المعاجز : 357 / 7.
(8) في ( ط ) : وانكشفت.
(9) نوادر المعجزات : 138 / 5 ، إثبات الهداة 5 : 453 / 230 ، مدينة المعاجز : 357 / 8.

دلائل الإمامة _ 250 _

  عن إبراهيم بن وهب ، قال : أوتي أبو عبد الله بشاة عجفاء (1) حائل (2) ، فمسح ضرعها فدرت لبنا واستوت (3).
  171 / 7 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا أبو محمد سفيان ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن قبيصة بن وائل ، قال : كنت مع الصادق (عليه السلام) حتى غاب ، ثم رجع ومعه عذق من الرطب ، وقال : كانت رجلي اليمنى على كتف (4) جبرئيل ، واليسرى على كتف ميكائيل ، حتى لحقت بالنبي (5) وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي وأبي (عليهم السلام) فحبوني (6) بهذا لي ولشيعتي (7).
  172 / 8 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد عبد الله ، قال : حدثني عمارة ، عن ابن سعد ، قال : كنت عند أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) وقد أظلتنا هاجرة صعبة ، فاظهر لنا ثلجا وعسلا ونهرا يجري في داره بالمدينة من غير حفر حيث (8) لا ثلج ولا عسل ولا ماء جاريا (9).
  173 / 9 ـ قال أبو جعفر : وحدثنا أحمد بن منصور الرمادي (10) ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا مهلب بن قيس ، قال : قلت للصادق (عليه السلام) : بأي شئ يعرف العبد إمامه ؟
  قال : أن يفعل كذا ، ووضع يده على حائط ، فإذا الحائط ذهب ، ثم وضع يده

---------------------------
(1) العجفاء : المهزولة.
(2) الحائل : التي لا تلد من الإناث.
(3) نوادر المعجزات : 139 / 6 ، إثبات الهداة 5 : 454 / 231 ، مدينة المعاجز : 357 / 9 ، وهذا الحديث ساقط من ( ع ).
(4) في ( ط ) : كف ، وكذا في الموضع الآتي.
(5) في ( ط ) : ميكائيل ، فصرت إلى النبي.
(6) حباه : أعطاه.
(7) في ( ع ، م ) : فحبوني لتطعم أوليائي وشيعتي ، نوادر المعجزات : 139 / 7 ، إثبات الهداة 5 : 454 / 232 ، مدينة المعاجز : 357 / 10.
(8) في ( ع ، م ) : داره في غير حفر وذلك بالمدينة حيث.
(9) نوادر المعجزات : 140 / 8 ، إثبات الهداة 5 : 454 / 233 ، مدينة المعاجز : 357 / 11.
(10) في ( ط ) : الرشادي.

دلائل الإمامة _ 251 _

  على أسطوانة فأورقت من ساعتها (1) ، ثم قال : بهذا يعرف الإمام (2).
  174 / 10 ـ قال أبو جعفر : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا الليث بن إبراهيم ، قال : صحبت جعفر بن محمد (عليه السلام) حتى أتى الغري في ليلة من المدينة ، وأتى الكوفة ثم رأيته مشى على الماء ، وعاد إلى المدينة ولم ينقض (3) من الليلة شئ (4).
  175 / 11 ـ وروى عبد الله بن حماد ، عن أبي بصير وداود الرقي ومعاوية بن عمار و عبد الله بن سنان ، جميعا قالوا : كنا بالمدينة حين بعث داود بن علي إلى المعلى بن خنيس (رضي الله عنه) فقتله ، فجلس عنه أبو عبد الله (عليه السلام) شهرا لم يأته ، فبعث إليه ودعاه ، فأبى أن يأتيه ، فبعث إليه عشرة نفر من الحرس وقال لهم : ائتوني به ، فإن أبى فآتوني برأسه.
  فدخلوا عليه وهو يصلي ، ونحن معه ، صلاة الزوال ، فقالوا له : أجب الأمير داود ابن علي ، فأبى ، فقالوا : إن لم تجب قتلناك.
  فقال : ما أظنكم تقتلون ابن رسول الله.
  فقالوا : ما ندري ما تقول ، وما نعرف إلا الطاعة.
  قال : انصرفوا فإنه خير لكم.
  قالوا : لا نرجع إليه إلا بما أمرنا.
  فلما علم أن القوم لا ينصرفون إلا بما أمروا به رأيناه وقد رفع يديه إلى السماء ثم وضعهما على منكبيه ، ثم بسطهما ، ثم دعا مشيرا بسبابته ، فسمعنا : الساعة الساعة.
  حيت سمعنا صراخا عاليا فقالوا : قم.
  فقال : إن (5) صاحبكم قد مات ، وهذا الصراخ عليه ، فانصرفوا والناس قد

---------------------------
(1) في ( ط ) : الأسطوانة فأورقت لساعتها.
(2) نوادر المعجزات : 140 / 9 ، إثبات الهداة 5 : 454 / 234 ، مدينة المعاجز : 357 / 12.
(3) في ( ع ، م ) : ينقص.
(4) نوادر المعجزات : 141 / 10 ، إثبات الهداة 5 : 454 / 235 ، مدينة المعاجز : 357 / 13.
(5) في ( ط ) : صراخا بالمدينة عاليا فقال لهم : انصرفوا فإن.

دلائل الإمامة _ 252 _

  حضروه ، فقالوا : انشقت مثانته فمات.
  قال أبو عبد الله (عليه السلام) : دعوت الله باسمه الأعظم وابتهلت إليه ، فبعث إليه (ملكا) (1) فطعنه بحربة في مذاكيره فكفانا شره.
  قالوا : فقلنا : ما الابتهال ؟
  قال : رفع اليدين إلى جنب المنكبين.
  قلنا : والبصبصة ؟
  فقال : رفع الإصبع وتحريكها يعني السبابة (2).
  176 / 12 ـ وروى أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم ، المعروف بابن الطبال اليشكري (3) الخزاز ، ـ قال : مولدي سنة إحدى وثلاثين ومائتين ، وتوفي في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، ـ من حفظه ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن معروف الهلالي ، وكان ينزل في عبد القيس ، وهو الخزاز ، وكان قد أتى عليه من السنين مائة وثمان وعشرون سنة.
  قال : مضيت إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) إلى الحيرة ثلاثة أيام فما قدرت عليه من كثرة الناس ، فحيث كان اليوم الرابع أدناني ومضى إلى قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فمضيت معه فحيث (4) صار في بعض الطريق غمزه (5) البول ، فاعتزل عن الجادة فبال ، ثم نبش الرمل ، فخرج له ماء فتطهر للصلاة ، وقام فصلى ركعتين ، ودعا ربه.
  وكان من دعائه : اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق ، ولا ممن تخلف فمحق ،

---------------------------
(1) من البصائر.
(2) نحوه في بصائر الدرجات : 237 / 2 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 : 230 ، مدينة المعاجز : 358.
(3) كذا في ( ع ، م ) وفرحة الغري ، وفي ( ط ) : البكري ، وفي رجال الطوسي : 481 ، القشيري ، وقال : روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وذكر أنه سمع منه أحاديث محمد بن معروف الهلالي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(4) أي فحين ، انظر ( لسان العرب ـ حيث ـ 2 : 141 و ـ حين ـ 13 : 135 ).
(5) في ( ط ) : وهو بالحيرة فما استطعت أن أصل إليه من كثرة الزحام ثلاثة أيام ، ثم ساپرته فغمزه.

دلائل الإمامة _ 253 _

  واجعلني من النمط الأوسط.
  وقال لي (يا) (1) غلام : لا تحدث بما رأيت.
  وقال (عليه السلام) : ليس للبحر جار ، ولا للملك صديق ، ولا للعافية ثمن ، وكم من نائم و (هو) (2) لا يعلم (ما يلقى) (3).
  177 / 13 ـ حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى ، قال : حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن وهب ، قال : حدثنا عمرو بن محمد الأزدي عن ثمامة بن أشرس ، عن محمد بن راشد ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : يا بن رسول الله ، إن حكيم بن عباس الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم.
  فقال : هل علقت (4) منه بشئ ؟ قال : بلى ، فأنشده :

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ولم نر مهديا على الجذع يصلب
وقـستم  بـعثمان عـليا سفاهة وعثمان خير من علي iiوأطيب
  فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة ، فقال : اللهم إن كان كاذبا فسلط عليه كلبا من كلابك.
  قال (5) : فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (6) ، فلقيه الأسد فأكله ، فجاءوا بالبشير لأبي عبد الله (عليه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك فخر لله ساجدا ، وقال : الحمد لله الذي صدقنا وعده (7).
  178 / 14 ـ أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون ، قال : أخبرني أبي ، قال :

---------------------------
(1 ـ 3) أثبتناه من فرحة الغري.
الثاقب في المناقب : 158 / 147 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 238 ، فرحة الغري : 59 ، مدينة المعاجز : 365 / 31.
(4) أي تعلمت ، انظر ( لسان العرب ـ علق ـ 10 : 270 ).
(5) في ( ع ، م ) : عليه كلبك.
(6) أي سار آخر الليل ، أو الليل كله ، انظر ( لسان العرب ـ دلج ـ 2 : 272 ).
(7) نوادر المعجزات : 142 / 11 ، مدينة المعاجز : 391 / 111 ، ونحوه في مناقب ابن شهرآشوب 4 : 234 ، وكشف الغمة 2 : 203.

دلائل الإمامة _ 254 _

  أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا محمد بن خالد البرقي ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الأشعري ، عن أبي كهمس ، قال : كنت بالمدينة نازلا في دار وفيها وصيفة تعجبني ، فانصرفت ليلة ممسيا ، فاستفتحت الباب ، ففتحت لي ، فمددت يدي إلى ثدييها فقبضت عليهما.
  فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : يا أبا كهمس ، تب إلى الله (عز وجل) مما صنعت البارحة (1).
  179 / 15 ـ أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله ، قال : حدثنا أبو جعفر ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد ابن عبد الله ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن مهزم ، قال : كنا نزولا بالمدينة ، وكانت جارية لصاحب الدار تعجبني ، وإني أتيت الباب فاستفتحت ، ففتحت الجارية ، فغمزت يديها (2).
  فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : يا مهزم ، أين كان أقصى أثرك (3) اليوم ؟
  فقلت : ما برحت المسجد.
  فقال : أو ما تعلم أن أمرنا لا ينال إلا بالورع ؟! (4)
  180 / 16 ـ وروى محمد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن إبراهيم بن مهزم ، قال : خرجت من عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة ممسيا ، فأتيت منزلي بالمدينة ، وكانت أمي معي ، فوقع بيني وبينها

---------------------------
(1) بصائر الدرجات : 262 / 1 ، عيون المعجزات : 87 ، الخرائج والجرائح 2 : 728 / 32 ، الثاقب في المناقب : 414 / 350.
(2) في ( ط ) : ثديها.
(3) في ( ع ، م ) : يا مهزم لئن كان أقضى أمرك.
(4) بصائر الدرجات : 263 / 2 ، إعلام الورى : 275 ، الخرائج والجرائح 2 : 728 / 33 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 226 ، الثاقب في المناقب : 413 / 348 ، مدينة المعاجز : 375 / 47.

دلائل الإمامة _ 255 _

  كلام ، فأغلظت عليها.
  فلما أن كان من الغد صليت الغداة ، وأتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لي مبتدئا : يا بن مهزم ، مالك وللوالدة أغلظت لها البارحة ؟! أوما علمت أن بطنها منزلا قد سكنته ، وأن حجرها مهدا قد مهدته ، فدر ثديها وعاء قد شربته ؟! قلت : نعم. قال : فلا تغلظ لها (1).
  181 / 17 ـ وروى الحسين ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن مهاجر بن عثمان الخولاني ، قال : بعثني أبو جعفر (2) إلى المدينة ، وبعث معي مالا كثيرا وأمرني أن أتفرغ لأهل هذا البيت ، وأتحفظ مواليهم ، فلزمت الزاوية التي تلي المنبر ، ولم أكن أتنحى عنها وقت كل صلاة ، لا في ليل ولا نهار ، وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم ، وإلى من هو فوقهم الشئ (بعد الشئ) (3) ، حتى ناولت شبابا من (4) بني الحسن ومشيخة القوم حتى ألفوني وألفتهم في السر.
  قال : وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني ويكرمني ، حتى إذا كان يوما من الأيام بعد ما نلت حاجتي ممن كنت أريد من بني الحسن وغيرهم ، دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي ، فلما قضى صلاته التفت إلي فقال : يا مهاجر ! ـ ولم أكن أتسمى باسمي ولا أتكنى بكنيتي ـ فقال : قل لصاحبك : يقول جعفر بن محمد : كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا ، تجئ إلى شباب محوجين مغمومين ، فتدس إليهم ، لعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه ، فلو وصلتهم وتوليتهم وأنلتهم وأغنيتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم.
  قال : فلما أتيت أبا جعفر قلت له : جئتك من عند ساحر ، كان من أمره كذا وكذا.

---------------------------
(1) بصائر الدرجات : 263 / 3 ، الخرائج والجرائح 2 : 729 / 34 ، مدينة المعاجز : 375 / 48.
(2) أي أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي.
(3) أثبتناه من الخرائج.
(4) في ( ط ) : حتى التفت إلي إنسان من.

دلائل الإمامة _ 256 _

  قال : صدق والله ، لقد كانوا إلى غير هذا أحوج ، وإياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان (1).
  182 / 18 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن علي ، عن علي ، عن إسماعيل ابن زيد (2) عن شعيب بن ميثم ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا شعيب ، ما أحسن بالرجل يموت وهو لنا ولي ، ويوالي ولينا ويعادي عدونا.
  قلت : والله ، إني لأعلم أن من مات على هذا أنه لعلى حال حسنة.
  قال : يا شعيب ، أحسن إلى نفسك ، وصل قرابتك ، وتعاهد إخوانك ، ولا تستبدل بالشئ تقول : أدخر لنفسي وعيالي ، إن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم.
  قلت في نفسي : نعى إلي والله نفسي.
  قال إسماعيل : فرجع شعيب بن ميثم ، فما لبث إلا شهرا حتى مات (3).
  183 / 19 ـ وعنه ، قال : أخبرني أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي ابن محمد ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : ما فعل أبو حمزة الثمالي ؟ قلت : خلفته صالحا.
  قال : إذا رجعت فأقرئه السلام ، وأعلمه أنه يموت في شهر كذا ، وفي يوم كذا.
  قال أبو بصير : جعلت فداك ، والله لقد كان فيه أنس ، وكان لكم شيعة.
  قال : صدقت ، ما عند الله خير له.
  قلت : شيعتكم معكم ؟
  قال : إذا هو خاف الله ، وراقب الله ، وتوقى الذنوب ، فإذا فعل ذلك كان له درجتنا.
  قال : فرجعت تلك السنة ، فما لبث أبو حمزة إلا يسيرا حتى توفي (رحمه الله) (4).

---------------------------
(1) الخرائج والجرائح 2 : 646 / 55.
(2) في ( ع ) : يزيد ، ولعل ما في المتن هو الصواب ، انظر معجم رجال الحديث 3 : 135.
(3) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 223 ، مدينة المعاجز : 392 / 112.
(4) بصائر الدرجات : 283 / 6 ، الهداية الكبرى : 253 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 222 ، الثاقب في المناقب : 411 / 344 ، كشف الغمة 2 : 190 ، مدينة المعاجز : 392 / 113.

دلائل الإمامة _ 257 _

  184 / 20 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن محمد ، عن الحسين بن أبي العلاء وأبي المغرا ، جميعا عن أبي بصير ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجرى ذكر المعلى بن خنيس ، قال : يا بني ، اكتم ما أقول لك في المعلى.
  قلت : أفعل.
  قال : إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال داود بن علي منه.
  قلت : وما الذي ينال داود بن علي منه ؟
  قال : يدعو به ـ (لعنه الله) ـ ويأمر به فيضرب عنقه ، ويصلبه ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : ذلك في قابل.
  فلما كان في قابل ولي (1) المدينة ، فقصد (قتل) (2) المعلى ، فدعاه وسأله عن شيعة أبي عبد الله أن يكتبهم له ، قال : ما أعرف من أصحابه أحدا ، وإنما أنا رجل (3) اختلف في حوائجه وما يتوجه إلي ، ولست أعرف له صاحبا.
  قال : أما إنك إن كتمتني قتلتك.
  قال : بالقتل تهددني! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم لك ، ولئن قتلتني ليسعدني الله إن شاء الله ويشقيك الله.
  قال : فقتله (4).
  185 / 21 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن محمد ، عن صندل ، عن سورة (5) بن كليب ، قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : يا سورة ، كيف حججت العام ؟
  قال : قلت : استقرضت حجتي ، والله إني لأعلم أن الله (تعالى) سيقضيها عني ، وما

---------------------------
(1) أي داود بن علي ، وفي ( ط ) : جاء والي.
(2) أثبتناه من الخرائج.
(2) في ( ط ) زيادة : واحد.
(4) الهداية الكبرى : 253 ، رجال الكشي : 381 / 713 ، الخرائج والجرائح 2 : 647 / 57 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 225 ، فرج المهموم : 229.
(5) في ( ط ) : سودة ، وكذا في باقي الموارد.

دلائل الإمامة _ 258 _

  كان أعظم حجتي إلا شوقا إليك ، بعد المغفرة ، وإلى حديثك.
  قال : أما حجتك فقد قضاها الله من عندي.
  ثم رفع مصلى تحته ، فأخرج دنانير ، وعد عشرين دينارا ، وقال : هذه حجتك ، وعد عشرين دينارا ، وقال : هذه معونة لك ، تكفيك حتى تموت.
  قلت : جعلت فداك ، أخبرني ، إن أجلي قد دنا ؟
  قال : يا سورة ، أما ترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان ؟! قلت : نعم.
  قال صندل : فما لبث إلا بقية الشهر حتى مات (1).
  186 / 22 ـ وعنه ـ قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن محمد ، عن عبد الحميد ، قال : كان صديقا لمحمد بن عبد الله بن علي بن الحسين ، وأخذه أبو جعفر فحبسه زمانا في المطبق (2) ، فحج ، فلما كان يوم عرفة لقيه أبو عبد الله (عليه السلام) في الموقف ، فقال : يا محمد ، ما فعل صديقك عبد الحميد ؟
  قال : حبسه أبو جعفر في المطبق منذ زمان.
  فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فدعا ساعة ثم التفت إلي وقال : يا محمد ، قد والله خلي سبيل صاحبك.
  قال محمد : فسألت عبد الحميد : أي ساعة أخرجك أبو جعفر ؟
  قال : أخرجني يوم عرفة بعد العصر (3).
  187 / 23 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان وأبي سعيد المكاري وغير واحد من أصحابنا ، عن عبد الأعلى بن أعين ، قال : قال مرازم : بعثني أبو جعفر الخليفة ، وهو معي ، إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وهو بالحيرة ، ليقتله ، فدخلنا عليه في رواقه ليلا ، فنلنا منه حاجتنا ومن ابنه إسماعيل ، ثم رفعنا إليه فقلنا : قد

---------------------------
(1) نوادر المعجزات : 143 / 12 ، الاختصاص : 84 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 223 ، مدينة المعاجز : 392 / 114.
(2) المطبق : السجن تحت الأرض.
(3) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 234 ، مدينة المعاجز : 392 / 115.

دلائل الإمامة _ 259 _

  فرغنا مما أمرتنا به.
  قال : فأصبحنا من الغد ، فوجدناه في رواقه جالسا ، فبقينا متحيرين (1).
  188 / 24 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن بعض أصحابنا ، قال : قال أبو جعفر لحاجبه : إذا دخل علي جعفر بن محمد فادخل واقتله قبل أن يصل إلي.
  قال : فدخل أبو عبد الله (عليه السلام) فجلس. قال : فأرسل إلى الحاجب فدعاه ، فنظر إليه وأبو عبد الله (عليه السلام) قاعد ، ثم قال لي : عد إلى مكانك ، وأقبل يضرب بيده على الأخرى.
  فلما قام أبو عبد الله (عليه السلام) وخرج دعا حاجبه فقال : بأي شئ أمرتك ؟ قال : لا والله ، ما رأيته حيث خرج ، ولا رأيته وهو قاعد عندك (2).
  189 / 25 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن عمرو بن ميثم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه خرج إلى ضيعة له مع بعض أصحابه ، فبينا هم يسيرون إذا ذئب قد أقبل عليه (3) فلما رأى غلمانه أقبلوا إليه ، قال : دعوه ، فإن له حاجة ، فدنا منه حتى وضع كفه على دابته ، وتطاول بخرطمه (4) ، وطأطأ رأسه أبو عبد الله (عليه السلام) ، فكلمه الذئب بكلام لا يعرف ، فرد عليه أبو عبد الله (عليه السلام) مثل كلامه ، فرجع يعدو.
  فقال له أصحابه : قد رأينا عجبا!
  فقال : إنه أخبرني أنه خلف زوجته خلف هذا الجبل في كهف ، وقد ضربها الطلق ، وخاف عليها ، فسألني الدعاء لها بالخلاص ، وأن يرزقها الله ذكرا يكون لنا وليا ومحبا ، فضمنت له ذلك.

---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 392 / 116.
(2) كشف الغمة 2 : 191.
(3) في ( ع ) : إليه.
(4) الخرطم : لغة في الخرطوم ، وهو الأنف ، وقيل : مقدمه ( لسان العرب ـ خرطم ـ 12 : 173 ).

دلائل الإمامة _ 260 _


  قال : فانطلق أبو عبد الله (عليه السلام) وانطلقنا معه إلى ضيعته ، وقال : إن الذئب قد ولد له جرو ذكر.
  قال : فمكثنا في ضيعته معه شهرا ، ثم رجع مع أصحابه ، فبينا هم راجعون إذا هم بالذئب وزوجته وجروه يعوون في وجه أبي عبد الله (عليه السلام) فأجابهم بمثله ، ورأي أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) الجرو ، وعلموا أنه قد قال لهم الحق.
  وقال لهم أبو عبد الله (عليه السلام) : تدرون ما قالوا ؟ قالوا : لا.
  قال : كانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحبة ، ودعوت لهم بمثله ، وأمرتهم أن لا يؤذوا لي وليا ولا لأهل بيتي ، فضمنوا لي ذلك (1).
  190 / 26 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن الحسن ، عن أبيه ، والحسين بن أبي العلاء (2) ، قال : كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل رجل من أهل خراسان فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : ما فعل فلان بن فلان ؟ قال : لا علم لي به.
  قال : لكن أخبرك أن فلان بن فلان بعث معك بجارية إلي ، فلا حاجة لي فيها.
  قال الرجل : ولم ؟
  قال : لأنك لم تراقب الله فيها ، ولا حيث عملت ما عملت ليلة نهر بلخ ، حيث صنعت ما صنعت. فسكت الرجل ، وعلم أنه قد أخبره بأمر قد فعله (3).
  191 / 27 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، قال : أخبرنا محمد بن علي ، عن علي بن محمد ، عن عبد المؤمن ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا ، إذ دخل آذنه فقال : قوم من أهل البصرة يستأذنون عليك.
  قال : كم عددهم ؟ قال : لا أدري.
  قال : اذهب فعدهم وأخبرني.

---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 392 / 127.
(2) في ( ع ، م ) : حسين عن العلاء ، والحديث مروي في الخرائج عن الحسين بن أبي العلاء.
(3) الخرائج والجرائح 2 : 610 / 5 ، مدينة المعاجز : 393 / 119.

دلائل الإمامة _ 261 _


  قال : فلما مضى الغلام قال أبو عبد الله (عليه السلام) : عدة القوم اثنا عشر رجلا ، وإنما أتوا يسألوني عن حرب طلحة والزبير ، ودخل آذنه فقال : القوم اثنا عشر رجلا.
  فأذن لهم ، فدخلوا ، فقالوا : نسألك. فقال : سلوا.
  قالوا : ما تقول في حرب علي وطلحة والزبير وعائشة ؟
  قال : ما تريدون بذلك ؟
  قالوا : نريد أن نعلم ذلك.
  قال : إذن تكفرون يا أهل البصرة. فقالوا : لا نكفر.
  قال : كان علي (عليه السلام) مؤمنا منذ بعث الله نبيه إلى أن قبضه الله إليه ، لم يؤمر عليه النبي (صلى الله عليه وآله) أحدا قط ، ولم يكن في سرية إلا كان أميرها ، وإن طلحة والزبير أتياه لما قتل عثمان فبايعاه أول الناس طائعين غير كارهين ، وهما أول من غدر به ، ونكثا عليه ، ونقضا بيعته ، وهما به (1) كما هم به من كان قبلهما ، وخرجا بعائشة معهما يستعطفانها الناس ، وكان من أمرهما وأمره ما قد بلغكم.
  قالوا : فإن طلحة والزبير صنعا ما صنعا ، فما حال عائشة ؟ (2)
  قال : عائشة كبير جرمها ، عظيم إثمها ، ما أهرقت محجمة من دم إلا وإثم ذلك في عنقها وعنق صاحبيها ، ولقد عهد إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال : ( لا بد من أن تقاتل الناكثين ) وهم أهل البصرة ، ( والقاسطين ) وهم أهل الشام ، ( والمارقين ) وهم أهل النهروان ، فقاتلهم علي (عليه السلام) جميعا.
  قال القوم : إن كان هذا قاله النبي فقد (3) دخل القوم جميعا في أمر عظيم.
  قال أبو عبد الله (عليه السلام) : إنكم ستنكرون (4).
  قالوا : إنك جئتنا بأمر عظيم لا نحتمله.

---------------------------
(1) في ( ط ) زيادة : الهموم.
(2) في ( ط ) : المرأة بدل (عائشة) ، في الموضعين.
(3) في ( ع ، م ) : لقد.
(4) في ( ط ) : ستكفرون.

دلائل الإمامة _ 262 _


  قال : وما طويت عنكم أكثر ، أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم وتخبرونهم بما أخبرتكم ، فتكفرون أعظم من كفرهم.
  قال : فلما خرجوا قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : يا سليمان بن خالد ، والله ما يتبع قائمنا من أهل البصرة إلا رجل واحد ، لا خير فيهم ، كلهم قدرية وزنادقة ، وهي الكفر بالله (1).
  192 / 28 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن محمد ، عن عبد المؤمن ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال لي سيدي : ما أحسن الحق والزمه (2) ! قلت : ليستو في جهدي.
  قال : يا بن خالد ، لا تدخل في وصية من أراد أن يوصي إليك ، فتقع أبعد من السماء.
  قلت : والله ، لقد أرسل إلي فلان وجهد كل جهد أن أدخل في وصيته فأبيت عليه.
  قال : إن ماله حرام ، وكان يأكل الحرام ويستحله ، ويدين لله بذلك ، وقد هلك بعدك يا سليمان.
  قلت : خلفته في حد (3) الموت.
  قال : قد لحق بالله ، فتعسا له.
  قلت : قد كان يظهر لنا خيركم!
  قال : هيهات ، كان والله لنا عدو ، كفى الله أمره (4).

---------------------------
(1) نوادر المعجزات : 144 / 13 ، مدينة المعاجز : 393 / 120.
(2) في ( ط ) : والذمة.
(3) في ( ط ) : حدة.
(4) مدينة المعاجز : 393 / 121.

دلائل الإمامة _ 263 _


  193 / 29 ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي ابن محمد ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال : يا أبا محمد ، هل تعرف إمامك ؟
  قلت : إي والله الذي لا إله إلا هو ، وإنك هو ، ووضعت يدي على ركبته.
  فقال : يا أبا محمد ، صدقت ، قد عرفت فاستمسك به.
  قلت : جعلت فداك ، أعطني علامة الإمامة.
  قال : ليس بعد المعرفة علامة.
  قلت : أزداد يقينا وأمنا ، ويطمئن قلبي.
  قال : يا أبا محمد ، ترجع إلى الكوفة وقد ولد لك عيسى ، وعبد عيسى محمد ، وبعدهما ابنين ، واعلم أن اسمك مثبت عندنا في الصحيفة الجامعة من أسماء الشيعة وأسماء آبائهم وأجدادهم وأبنائهم وما يلدون إلى يوم القيامة.
  قال : وإنما هي صحيفة صفراء متوجة (1).
  194 / 30 ـ وروى عمار بن موسى الساباطي ، قال : كنت لا أعرف شيئا من هذا الأمر ، وكان من عرفه عندنا رافضيا ، فخرجت حاجا ، فإذا أنا بجماعة من الرافضة ، فقالوا : يا عمار ، أقبل علينا (2).
  فقلت : ما يريد مني هؤلاء ، فما في إتيانهم خير ولا ثواب ، ولكني أصير (3) إليهم فانظر ما يريدون.
  فأقبلت إليهم ، فقالوا : يا عمار ، خذ هذه الدنانير فادفعها إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد ، فقلت : إني أخشى أن يقطع على دنانيركم.

---------------------------
(1) كذا في النسخ ، وفي الخرائج : مدرجة ، أي مطوية ، انظر ( لسان العرب ـ درج ـ 2 : 269 ).
الهداية الكبرى : 252 ، الخرائج والجرائح 2 : 636 / 37 ، كشف الغمة 2 : 190 ، إثبات الهداة 5 : 451 / 222 ، مدينة المعاجز : 393 / 122.
(2) في ( ع ) : إلينا.
(3) في ( ط ) : أصبو.

دلائل الإمامة _ 264 _

  فقالوا : خذها ولا تخش أن يقطع عليك.
  فقلت : لأجربن القوم ، فقلت : هاتوها ، وأخذتها في يدي ، فلما صرت إلى بعض الطريق قطع علينا ، فما ترك معنا شئ إلا أخذ ، فاستقبلنا غلام أبيض مشرب حمرة ، عليه ذؤابتان ، فقال : عمار ! قطع عليك ؟
  قلت : نعم.
  فقال : اتبعوني معشر القافلة. فتبعناه حتى جاء إلى حي من أحياء العرب ، فصاح بهم : ردوا إلى (1) القوم متاعهم ، فلقد رأيتهم يبادرون من الخيم حتى ردوا جميع ما أخذ منا ، لم يدعوا منه شيئا.
  فقلت عند ذلك : لأسبق الناس إلى المدينة حتى أستمكن من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسبقت الناس ، فقمت أصلي عند قبر النبي ، فصليت ثمان ركعات ، وإذا بمناد ينادي : يا عمار ، رددنا عليكم متاعكم ، فلم لا ترد دنانيرنا ؟ فالتفت فلم أر أحدا ، فقلت : هذا عمل الشيطان.
  ثم قمت أصلي ، فصليت أربع ركعات ، فإذا برجل قد وكزني وأمعض (2) قفاي (3) ، ثم قال : يا عمار ، رددنا عليكم متاعكم ، ولا ترد دنانيرنا!
  فالتفت وإذا بالغلام الأبيض المشرب الحمرة ، فقادني كما يقاد البعير ، وما أقدر أن أمتنع عليه حتى أدخلني إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : يا أبا الحسن ، معه سبحة مائة دينار.
  فقلت في نفسي : هؤلاء محدثين ، والله ما سبقني رسول ولا كتاب ، فمن أين علم أن معي مائة دينار ؟!

---------------------------
(1) في ( ع ) : على.
(2) الوكز : الدفع والضرب والطعن ، وقيل : الوكز بجميع اليد ، أو بالعصا ، انظر ( لسان العرب ـ وكز ـ 5 : 430 ).
وأمعضه : أوجعه ( أقرب الموارد 2 : 1225 ).
(3) في ( م ) : لفقاري.

دلائل الإمامة _ 265 _


  فقال : لا تزيد حبة ولا تنقص حبة ، فحسبتها (1) ، فوالله ما زادت ولا نقصت.
  ثم قال : يا عمار ، سلم علينا.
  قلت : السلام عليك (2) ورحمة الله وبركاته.
  فقال : ليس هكذا يا عمار.
  فقلت : السلام عليك يا بن عم رسول الله.
  فقال : ليس هكذا يا عمار.
  قلت : السلام عليك يا بن رسول الله.
  فقال : ليس هكذا يا عمار.
  فقلت : السلام عليك يا وصي رسول الله. قال : صدقت يا عمار.
  ثم وضع يده على صدري وقال : ما حان لك أن تؤمن ؟!
  فوالله ما خرجت من عنده حتى توليت وليه ، وتبرأت من عدوه (3).
  195 / 31 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني ، قال : حدثنا محمد ابن جعفر الزيات ، عن محمد بن الحسين بن (4) أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير ، قال : دخلت أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أريد أن يعطيني دلالة مثل ما أعطاني أبو جعفر (عليه السلام).
  فلما دخلت عليه قال : يا أبا محمد ، ما كان لك فيما كنت فيه شغل ؟!
  تدخل على إمامك وأنت جنب ؟!
  قال : قلت : جعلت فداك ، ما فعلت إلا على عمد.
  قال : أولم تؤمن ؟
  قال : قلت : بلى ، ولكن ليطمئن قلبي.

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : تنقص ، فوضع.
(2) في ( ط ) : عليكم.
(3) مدينة المعاجز : 393 / 123.
(4) (بن) ليس في ( ع ).

دلائل الإمامة _ 266 _


  قال : قم يا أبا محمد فاغتسل ، فاغتسلت وعدت إلى مجلسي ، فعلمت عند ذلك أنه الإمام (1).
  196 / 32 ـ وعنه ، قال : حدثنا ماجيلويه (2) ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن جعفر بن الأشعث ، قال : أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به ، وما كان عندنا منه خبر ولا ذكر ولا معرفة شئ مما عند الناس ؟
  قلت : وكيف كان ذلك ؟
  قال : إن أبا جعفر المنصور قال لأبي محمد بن الأشعث : أبغني رجلا له عقل يؤدي عني.
  فقال له : قد أصبت لك ، هذا فلان بن فلان مهاجر خالي ، قال : فأتني به.
  فأتاه بخاله ، فقال له أبو جعفر : يا بن مهاجر ، خذ هذا المال ، وأعطاه الوفا أو ما شاء الله ، فقال : ائت المدينة إلى عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته ، فيهم جعفر ابن محمد ، فقل لهم : إني رجل غريب من أهل خراسان ، وبها شيعة من شيعتكم ، وقد وجهوا إليكم بهذا المال ، فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط ، كذا وكذا ، فإذا قبضوا المال فقل : إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم مني.
  فأخذ المال وأتى المدينة ، ثم رجع إلى أبي جعفر المنصور ، فدخل عليه وعنده محمد بن الأشعث ، فقال له أبو جعفر : ما وراءك ؟
  فقال : أتيت القوم ، وهذه خطوطهم بقبضهم المال (3) ، خلا جعفر بن محمد ، فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول (صلى الله وآله) فجلست خلفه ، وقلت : ينصرف فأذكر له ما ذكرت (4) لأصحابه ، فعجل وانصرف ، والتفت إلي وقال لي : يا هذا ، اتق الله ولا

---------------------------
(1) الهداية الكبرى : 250 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 226 ، كشف الغمة 2 : 188 ، مدينة المعاجز : 394 / 24.
(2) ماجيلويه : هو علي الراوي عن البرقي ، انظر معجم رجال الحديث 12 : 245.
(3) (المال) ليس في ( ع ، م ).
(4) في ( ع ، م ) : ذكرته.

دلائل الإمامة _ 267 _


  تغرر أهل بيت محمد ، وقل لصاحبك : اتق الله ولا تغرر أهل بيت رسول الله ، فإنهم قريبو عهد بدولة بني مروان ، وكلهم محتاج.
  فقال : قلت : وما ذاك أصلحك الله ؟
  فقال : ادن مني ، فدنوت منه ، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك ، حتى كأنه كان ثالثنا.
  فقال المنصور : يا بن مهاجر ، إعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيهم محدث ، وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم.
  وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة (1).
  197 / 33 ـ أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن شعيب ، عن أبيه شعيب العقرقوفي ، قال : بعث معي رجل بألف درهم وقال : إني أحب أن أعرف فضل أبي عبد الله (عليه السلام) ، فقال : خذ هذه خمسة دراهم ستوقة (2) ، فاجعلها في الدراهم ، وخذ من الدراهم خمسة دراهم فصيرها في لبنة (3) قميصك ، فإنك ستعرف ذلك.
  قال : ففعلت ذلك ، ثم أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فنثرتها بين يديه ، فأخذ الخمسة دراهم ، وقال : هاك خمستك ، وهات خمستنا (4).
  198 / 34 ـ حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الزيات ، عن محمد بن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : قدم علينا رجل من أهل الشام ، فعرضت عليه هذا الأمر ، فقبله ،

---------------------------
(1) بصائر الدرجات : 265 / 7 ، الكافي 1 : 395 / 6 ، الخرائج والجرائح 2 : 720 / 25 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 220 ، الثاقب في المناقب : 406 / 338.
(2) الستوق من الدراهم : الزيف البهرج الذي لا قيمة له ، ( معجم الوسيط 1 : 416 ).
(3) لبنة القميص : بنيقته ، وهي رقعة تزاد في نحر القميص لتوسيعه.
(4) بصائر الدرجات : 267 / 9 ، الخرائج والجرائح 2 : 630 / 31 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 228 ، كشف الغمة 2 : 193 ، الصراط المستقيم 2 : 188 / 22.

دلائل الإمامة _ 268 _

  فدخلت عليه وهو في سكرات الموت ، فقال : يا أبا بصير ، قد قبلت ما قلت لي ، فكيف لي بالجنة ؟ فمات.
  فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فابتدأني فقال : يا أبا محمد ، قد والله ، وفي لصاحبك الجنة (1).
  199 / 35 ـ وروى سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كنت معه أمشي فصار معنا أبو عبد الله البجلي ـ (رحمه الله) ـ فانتهينا إلى نخلة خاوية ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها ، أطعمينا مما جعل الله (تعالى) فيك.
  فتساقط علينا رطب مختلف الألوان ، فأكلنا حتى تضلعنا ، فقال له البجلي : جعلت فداك سنة فيكم كسنة مريم ؟ فقال : نعم يا أبا عبد الله . (2)
  200 / 36 ـ وروى مالك الجهني ، قال : حضرت مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) فجعلت أقول في نفسي : هذا الذي فضله الله وعظمه وشرفه.
  فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا مالك ، الأمر والله أعظم مما تذهب إليه (3).
  201 / 37 ـ وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام ، قال : حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن بعض رجاله ، عن الحسن بن شعيب ، عن علي بن هاشم ، عن المفضل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك ، ما لإبليس من السلطان ؟
  قال : ما يوسوس في قلوب الناس.
  قلت : فما لملك الموت ؟
  قال : يقبض أرواح الناس.
  قلت : وهما مسلطان على من في المشرق ومن في المغرب ؟ قال : نعم.

---------------------------
(1) بصائر الدرجات : 271 / 2 ، مدينة المعاجز : 394 / 125.
(2) بصائر الدرجات : 274 / 5 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 240.
(3) بصائر الدرجات 260 / 18 ، مدينة المعاجز : 380 / 67 ، يأتي مثله الحديث (61).

دلائل الإمامة _ 269 _


  قلت : فمالك أنت ـ جعلت فداك ـ من السلطان ؟
  قال : أعلم ما في المشرق والمغرب ، وما في السماوات والأرض ، وما في البر والبحر ، وعدد ما فيهن وليس ذلك لإبليس ولا لملك الموت (1).
  202 / 38 ـ وبهذا الاسناد إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن بعض رجاله ، عن محمد بن سنان ، عمن حدثه ، عن جابر بن يزيد ، قال : كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان ، فقال : جعلت فداك ، إني قدمت أنا وأمي قاضيين لحقك ، وإن أمي ماتت دونك.
  قال : فاذهب فأت بأمك.
  قال جابر : فما رأيت أشد تسليما منه ، مارد على أبي عبد الله (عليه السلام) حتى مضى فجاء بأمه ، فلما رأت أبا عبد الله (عليه السلام) قالت : هذا الذي أمر ملك الموت بتركي.
  ثم قالت : يا سيدي ، أوصني.
  قال : عليك بالبر للمؤمنين ، فإن الإنسان يكون عمره ثلاثين سنة فيكون بارا فيجعلها ثلاث وستون سنة ، وإن الإنسان يكون عمره ثلاث وستون سنة فيكون غير بار ، فيبتر الله عمره فيجعلها ثلاثين سنة (2).
  203 / 39 ـ وبإسناده إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن بعض رجاله ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن سعدان بن مسلم ، عن المفضل بن عمر ، قال : كان المنصور قد وفد بأبي عبد الله (عليه السلام) إلى الكوفة ، فلما أذن له قال لي : يا مفضل ، هل لك في مرافقتي ؟ فقلت : نعم ، جعلت فداك ، قال : إذا كان الليلة فصر إلي.
  فلما كان في نصف الليل خرج وخرجت معه ، فإذا أنا بأسدين مسرجين ملجمين.

---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 394 / 126.
(2) مدينة المعاجز : 385 / 89.

دلائل الإمامة _ 270 _


  قال : فخرجت ، فضرب بيده على عيني فشدها ، ثم حملني رديفا فصبح المدينة (1) وأنا معه ، فلم يزل في منزله حتى قدم عياله (2).
  204 / 40 ـ وبإسناده إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن بعض رجاله ، عن الحسن بن شعيب ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان ، قال : استأذنت على أبي عبد الله (عليه السلام) فخرج إلي معتب فأذن لي ، فدخلت ولم يدخل معي كما كان يدخل.
  فلما أن صرت في الدار نظرت إلى رجل على صورة أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمت عليه كما كنت أفعل ، قال : من أنت يا هذا ؟ لقد وردت على كفر أو إيمان.
  وكان بين يديه رجلان كأن على رؤوسهما الطير ، فقال لي : ادخل ، فدخلت الدار الثانية ، فإذا رجل على صورته (صلى الله عليه) ، وإذا بين يديه جمع كثير كلهم صورهم واحدة ، فقال : من تريد ؟ قلت : أريد أبا عبد الله.
  فقال : قد وردت على أمر عظيم ، إما كفر أو إيمان.
  ثم خرج من البيت رجل قد بدا به الشيب ، فأخذ بيدي ، وأوقفني على الباب وغشي بصري من النور ، فقلت : السلام عليك يا بيت الله ونوره وحجابه.
  فقال : وعليك السلام يا يونس ، فدخلت البيت فإذا بين يديه طائران يحكيان ، فكنت أفهم كلام أبي عبد الله (عليه السلام) ولا أفهم كلامهما.
  فلما خرجا قال : يا يونس ، سل ، نحن نجلي النور في الظلمات ، ونحن البيب المعمور الذي من دخله كان آمنا ، نحن عزة الله وكبرياؤه.
  قال : قلت : جعلت فداك ، رأيت شيئا عجيبا ، رأيت رجلا على صورتك ! قال : يا يونس ، إنا لا نوصف ، ذلك صاحب السماء الثالثة يسأل أن أستأذن الله له أن يصيره (3) مع أخ له في السماء الرابعة.

---------------------------
(1) صبح المدينة : أي أتاها صباحا ، انظر ( لسان العرب ـ صبح ـ 2 : 502 ).
(2) مدينة المعاجز : 394 / 127.
(3) في ( ع ، م ) : يصير.

دلائل الإمامة _ 271 _

  قال : قلت : فهؤلاء الذين في الدار ؟
  قال : هؤلاء أصحاب القائم من الملائكة.
  قال : قلت : فهذان ؟
  قال : جبرئيل وميكائيل ، نزلا إلى الأرض ، فلن يصعدا حتى يكون هذا الأمر إن شاء الله (تعالى) ، وهم خمسة آلاف.
  يا يونس ، بنا أضاءت الأبصار ، وسمعت الآذان ، ووعت القلوب الإيمان (1).
  205 / 41 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو علي محمد ابن همام ، قال : حدثني عبد الله بن العلاء ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن عبد الله ابن يزيد ، عن (2) حماد ، عن أبيه ، عن عمر ، عن بكر بن أم بكر (3) ، عن شيخ من أصحابنا ، قال : إني لعند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل رجل ، فقال له : جعلت فداك ، إن أبي مات ، وكان من أنصب الناس ، فبلغ من بغضه وعداوته أن كتم ماله مني في حياته ، وبعد وفاته : ولست أشك أنه قد ترك مالا كثيرا.
  فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أما أنت والله مهنى لك ، وإني أريد سفرا.
  فقال له : جعلت فداك (4) ، مالي لك.
  فقال له : لا أدلك ، ولكن هيئ لنا سفرة.
  قال : وكان صاحب هذا الحديث يعرف بصاحب السفرة ، فختم له أبو عبد الله (عليه السلام) خاتما ، وقال له : اذهب بهذا الخاتم إلى برهوت ، فإن روحه صارت إلى برهوت ، وسمى له صاحب برهوت ، ثم قال له : ناد صاحب برهوت باسمه ثلاث مرات ، فإنه سيجيبك.

---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 394 / 128.
(2) في ( م ) : بن.
(3) في ( م ) : عن عمر بن بكر بن أم بكر ، وفي ( ط ) : عن عمر بن بكر ، عن ابن أم بكر ، وفي مدينة المعاجز : عن عمر ، عن بكر بن أبي بكر ، ولعله الصواب ، راجع رجال الطوسي : 160 ومعجم رجال الحديث 3 : 340.
(4) في ( ط ) زيادة : كل.

دلائل الإمامة _ 272 _

  فأتى برهوت ، فنادى صاحبه باسمه ثلاث مرات ، فأجابه في الثالثة بلبيك ، وظهر له ، فناوله الطينة ، فأخذها وقبلها ووضعها على عينيه (1) ، ثم قال له : جئت من عند من فضله الله وأمر بطاعته ، ما حاجتك ؟
  قال الرجل : فأخبرته ، فقال لي : إنه يجيئك في غير صورته ، فتخيل لي صورة خبيثة ، فما شعرت إذا هو قد جاءني والسلاسل في عنقه ، فقال : يا بني ، وبكى ، فعرفته حين تكلم قلت له : قد كنت أقول لك وأنهاك عما كنت فيه.
  فقال لي : حصلت على الشقاء. ثم قال لي : ما حاجتك ؟
  قلت : حاجتي المال الذي خلفته.
  قال : في المسجد الذي كنت تراني أصلي فيه ، احفر حتى تبلغ قدر ذراعين أو ثلاثة ، فإن فيه أربعة آلاف دينار.
  قلت له : لعلك تكذبني.
  فقال لي : هيهات ، هيهات ، لقد جئت من عند من ملكه الله ، وأمره (2) أعظم مما تذهب إليه.
  فقال الرجل : قال لي صاحب برهوت : أتوصيني بشئ ؟
  قلت : أوصيك أن تضاعف عليه العذاب.
  فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أما لو رققت عليه لنفعه الله به وخفف عنه العذاب (3).
  206 / 42 ـ أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، عن أبيه ، عن أبي علي محمد بن همام ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي ، عن صالح بن عقبة ، عن يزيد بن عبد الملك ، قال : كان لي صديق ، وكان يكثر الرد على من قال أنهم يعلمون الغيب.
  قال : فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بأمره ، فقال : قل له : إني والله

---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : عينه.
(2) في ( ط ) زيادة : عظيم و.
(3) مدينة المعاجز : 385 / 90.

دلائل الإمامة _ 273 _

  لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما دونهما (1).
  207 / 43 ـ وعنه : عن أحمد ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عمن ذكره ، عن حذيفة بن منصور ، عن يونس ، قال : سمعته يقول وقد مررنا بجبل فيه دود ، فقال : أعرف من يعلم إناث هذا الدود من ذكرانه ، وكم عدده.
  ثم قال : نعلم ذلك من كتاب الله ، فإن في كتاب الله تبيان كل شئ (2).
  208 / 44 ـ وعنه : عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن بعض رجاله ، عن عبد الله بن محمد ، عن منصور بزرج (3) ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد الكابلي ، قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي : يا أبا خالد ، خذ رقعتي فأت غيضة (4) ـ قد سماها ـ فانشرها ، فأي سبع جاء معك فجئني به.
  قال قلت : اعفني (5) ، جعلت فداك.
  قال : فقال لي : اذهب يا أبا خالد ، قال : فقلت في نفسي : يا أبا خالد ، لو أمرك تأتي جبارا عنيدا (6) ثم خالفته إذن كيف كان حالك ؟!
  قال : ففعلت ذلك حتى إذا صرت إلى الغيضة ونشرب الرقعة جاء معي واحد منها ، فلما صار بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظرت إليه واقفا ما يحرك من شعره شعرة ، فأومأ بكلام لم أفهمه ، قال : فلبثت عنده وأنا متعجب من سكون السبع بين يديه.
  قال : فقال لي : يا أبا خالد ، مالك تفكر (7) ؟ قال : قلت : أفكر في إعظام السبع.

---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 395 / 129.
(2) مدينة المعاجز : 395 / 130.
(3) في ( ع ، م ) : منصور بن نوح ، وفي ( ط ) : منصور بن بزج ، وكلاهما تصحيف ، صوابه ما في المتن ، وهو منصور بن يونس بزرج كوفي ثقة ، روى عن إسماعيل بن جابر ، انظر رجال النجاشي : 413 ومعجم رجال الحديث 3 : 115 و 18 : 353.
(4) الغيضة : الأجمة ، وهي الموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتف.
(5) في ( ط ) زيادة : من ذلك.
(6) في ( ع ، م ) : عنيف.
(7) في ( ع ) : متفكر.

دلائل الإمامة _ 274 _

  قال : ثم مضى السبع فما لبثت إلا وقتا حتى طلع السبع ومعه كيس في فيه.
  قال : قلت : جعلت فداك ، إن هذا لشئ عجيب ! قال : يا أبا خالد ، هذا كيس وجه به إلي فلان مع المفضل بن عمر ، واحتجت إلى ما فيه ، وكان الطريق مخوفا ، فبعثت بهذا السبع فجاء به.
  قال : فقلت في نفسي : والله ، لا أبرح حتى يقدم المفضل بن عمر وأعلم ذلك.
  قال : فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال لي : نعم يا أبا خالد ، لا تبرح حتى يأتي المفضل.
  قال : فتداخلني والله من ذلك حيرة ، ثم قال : قلت : أقلني جعلت فداك.
  وأقمت أياما ، ثم قدم المفضل ، وبعث إلي أبو عبد الله (عليه السلام) ، فقال المفضل : جعلني الله فداك ، إن فلانا بعث معي كيسا فيه مال ، فلما صرت في موضع كذا وكذا جاء سبع وحال بيننا وبين رحالنا ، فلما مضى السبع طلبت الكيس في الرحل فلم أجده.
  قال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا مفضل ، أتعرف الكيس ؟
  قال : نعم ، جعلني الله فداك.
  فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا جارية ، هاتي الكيس. فأتت به الجارية ، فلما نظر إليه المفضل قال : نعم ، هذا هو الكيس ، ثم قال : يا مفضل ، تعرف السبع ؟
  قال : جعلني الله فداك ، كان في قلبي في ذلك الوقت رعب.
  فقال له : ادن مني ، فدنا منه ، ثم وضع يده عليه ، ثم قال لأبي خالد : امض برقعتي إلى الغيضة فأتنا بالسبع.
  فلما صرت إلى الغيضة فعلت مثل الفعل الأول فجاء السبع معي ، فلما صار بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظرت إلى إعظامه إياه ، فاستغفرت في نفسي.
  ثم قال : ما مفضل ، هذا هو ؟ قال : نعم ، جعلني الله فداك.
  فقال : يا مفضل ، أبشر فأنت معنا (1).

---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 376 / 53.