قال أبو محمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام) : ولد بالمدينة ، ليلة الجمعة ، النصف من شهر رمضان (1) سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة (2).
341 / 1 ـ وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو النجم بدر ابن عمار ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي ، قال : حدثني عبد الله بن أحمد ، عن صفوان (3) ، عن حكيمة بنت أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، قالت : كتبت لما علقت أم أبي جعفر (عليه السلام) به : ( خادمتك (4) قد علقت ).
فكتب إلي ( إنها علقت ساعة كذا ، من (5) يوم كذا ، من شهر كذا ، فإذا هي
---------------------------
(1) وقيل : في العاشر من رجب ، أو النصف منه ، انظر : تاج المواليد : 128 ، إعلام الورى : 344 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، كشف الغمة 2 : 343.
(2) تاريخ الأئمة : 13 ، الكافي 1 : 411 ، الارشاد : 316 ، مسار الشيعة : 43 ، تاريخ بغداد 3 : 55 ، تاج المواليد : 128 ، إعلام الورى : 344 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، تذكرة الخواص : 358 ، كفاية الطالب : 458 ، كشف الغمة 2 : 343 و 345 ، المستجاد : 500 ، الفصول المهمة : 266.
(3) في ( ع ، م ) زيادة : بن يحيى.
(4) في ( ط ) : أم أبي جعفر كتبت إليه جاريتك سبيكة.
(5) (ساعة كذا من) ليس في ( ع ، م ).
دلائل الإمامة _ 384 _
ولدت فالزميها سبعة أيام ).
قالت : فلما ولدته قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فلما كان اليوم الثالث عطس فقال : الحمد لله ، وصلى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين (1).
342 / 2 ـ وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثني جعفر (بن محمد) بن مالك الفزاري ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني ، عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) ، قال : كان أبو جعفر (عليه السلام) شديد الأدمة ، ولقد قال فيه الشاكون المرتابون ـ وسنه خمسة وعشرون شهرا ـ إنه ليس هو من ولد الرضا (عليه السلام) ، وقالوا لعنهم الله : إنه من شنيف (2) الأسود مولاه ، وقالوا : من لؤلؤ ، وإنهم أخذوه ، والرضا عند المأمون ، فحملوه إلى القافة (3) وهو طفل بمكة في مجمع الناس بالمسجد الحرام ، فعرضوه عليهم ، فلما نظروا إليه وزرقوه بأعينهم خروا لوجوههم سجدا ، ثم قاموا فقالوا لهم : يا ويحكم! مثل هذا الكوكب الدري والنور المنير ، يعرض على أمثالنا ، وهذا والله الحسب الزكي ، والنسب المهذب الطاهر ، والله ما تردد إلا في أصلاب زاكية ، وأرحام طاهرة ، ووالله ما هو إلا من ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ورسول الله (عليهما السلام) فارجعوا واستقيلوا الله واستغفروه ، ولا تشكوا في مثله.
وكان في ذلك الوقت سنه خمسة وعشرين شهرا ، فنطق بلسان أرهف (4) من السيف ، وأفصح من الفصاحة يقول :
الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده ، واصطفانا من بريته ، وجعلنا أمناءه على خلقه ووحيه.
معاشر الناس ، أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق
---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 515 / 1.
(2) في ( م ، ط ) : سنيف.
(3) القافة : جمع قائف ، وهو الذي يعرف الآثار ويلحق الولد بالوالد والأخ بأخيه ( مجمع البحرين ـ قوف ـ 5 : 110 ).
(4) في ( ع ، م ) : اذهب.
دلائل الإمامة _ 385 _
ابن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وابن فاطمة الزهراء ، وابن محمد المصطفى (عليهم السلام) ، ففي مثلي يشك ! وعلي وعلى (1) أبوي يفترى ! واعرض على القافة !
وقال : والله ، إنني لأعلم بأنسابهم من آبائهم ، إني والله لأعلم بواطنهم وظواهرهم ، وإني لأعلم بهم أجمعين ، وما هم إليه صائرون ، أقوله حقا ، وأظهره صدقا (2) ، علما ورثناه الله قبل الخلق أجمعين ، وبعد بناء السماوات والأرضين.
وأيم الله ، لولا تظاهر الباطل علينا ، وغلبة دولة الكفر ، وتوثب أهل الشكوك والشرك والشقاق علينا ، لقلت قولا يتعجب منه الأولون والآخرون ، ثم وضع يده على فيه ، ثم قال : يا محمد ، اصمت كما صمت آباؤك * (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) * (3) إلى آخر الآية.
ثم تولى لرجل (4) إلى جانبه ، فقبض على يده ومشى يتخطى رقاب الناس ، والناس يفرجون له ، قال : فرأيت مشيخة ينظرون إليه ويقولون : الله أعلم حيث يجعل رسالته (5) فسألت عن المشيخة ، قيل : هؤلاء قوم من حي بني هاشم ، من أولاد عبد المطلب.
قال : وبلغ الخبر الرضا علي بن موسى (عليه السلام) ، وما صنع بابنه محمد (عليه السلام) ، فقال : الحمد لله ، ثم التفت إلى بعض من بحضرته من شيعته فقال : هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية ، وما ادعي عليها في ولادتها (6) إبراهيم بن رسول الله ؟
قالوا : لا يا سيدنا ، أنت أعلم ، فخبرنا لنعلم.
---------------------------
(1) زاد في ( ع ) : أخوي و ، وفي النوادر : أجدادي و.
(2) في ( ط ) زيادة : وعدلا.
(3) الأحقاف 46 : 35.
(4) في ( ع ، ط ) : الرجل.
(5) في ( ع ، م ) : رسالاته ، تضمين من سورة الأنعام 6 : 124.
(6) في ( ع ) : ولادها.
دلائل الإمامة _ 386 _
قال : إن مارية لما أهديت إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهديت مع جوار قسمهن رسول الله على أصحابه ، وظن بمارية من دونهن ، وكان معها خادم يقال له (جريح) يؤدبها بآداب الملوك ، وأسلمت على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأسلم جريح معها ، وحسن إيمانهما وإسلامهما (1) ، فملكت مارية قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحسدها بعض أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله إلى أبويهما تشكوان (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعله وميله إلى مارية ، وإيثاره إياها عليهما ، حتى سولت لهما أنفسهما أن يقولا (3) : إن مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح ، وكانوا لا يظنون جريحا خادما زمنا (4) فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس في مسجده ، فجلسا بين يديه ، وقالا : يا رسول الله ، ما يحل لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك.
قال : وماذا تقولان ؟!
قالا : يا رسول الله ، إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى ، وإن حملها من جريح ، وليس هو منك يا رسول الله ، فأربد وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلون لعظم ما تلقياه به ، ثم قال : ويحكما ما تقولان ؟!
فقالا : يا رسول الله ، إننا خلفنا جريحا ومارية في مشربة ، وهو يفاكهها ويلاعبها ، ويروم منها ما تروم الرجال من النساء ، فابعث إلى جريح فإنك تجده على هذه الحال ، فانفذ فيه حكمك وحكم الله (تعالى).
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : يا أبا الحسن ، خذ معك سيفك ذا الفقار ، حتى تمضي إلى مشربة مارية ، فإن صادفتها وجريحا كما يصفان فاخمدهما ضربا.
فقام علي واتشح بسيفه (5) ، وأخذه تحت ثوبه ، فلما ولى ومر من بين يدي رسول
---------------------------
(1) في ( ع ) : إيمانها وإسلامها.
(2) في ( ع ، م ) : يشكون.
(3) في ( ع ، م ) : بقول.
(4) رجل زمن أي مبتلى ، ذو عاهة ( لسان العرب ـ زمن ـ 13 : 199 ).
(5) في ( ع ، م ) : وامتسح سيفه.
دلائل الإمامة _ 387 _
الله أتى إليه راجعا ، فقال له : يا رسول الله ، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار ، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : فديتك يا علي ، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
قال : فأقبل علي (عليه السلام) وسيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية ، وهي جالسة وجريح معها ، يؤدبها بآداب الملوك ، ويقول لها : أعظمي رسول الله ، وكنيه وأكرميه ، ونحو من هذا الكلام.
حتى نظر جريح إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده ، ففزع منه جريح ، وأتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها ، فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة ، وكشف الريح عن أثواب جريح ، فانكشف ممسوحا ، فقال : انزل يا جريح.
فقال : يا أمير المؤمنين ، آمن على نفسي ؟
قال : آمن على نفسك.
قال : فنزل جريح ، وأخذ بيده أمير المؤمنين ، وجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأوقفه بين يديه ، وقال له : يا رسول الله ، إن جريحا خادم ممسوح.
فولى النبي بوجهه إلى الجدار ، وقال : حل لهما ـ يا جريح ـ واكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما ، ويحهما ما أجرأهما على الله وعلى رسوله ، فكشف جريح عن أثوابه ، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف ، فسقطا بين يدي رسول الله وقالا : يا رسول الله ، التوبة ، استغفر لنا فلن نعود.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا تاب الله عليكما ، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟!
قالا : يا رسول الله ، فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا ، وأنزل الله الآية التي فيها : * (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) * (1).
قال الرضا علي بن موسى (عليه السلام) : الحمد لله الذي جعل في وفي ابني محمد أسوة برسول الله وابنه إبراهيم.
---------------------------
(1) التوبة 9 : 80.
دلائل الإمامة _ 388 _
ولما بلغ عمره ست سنين وشهور قتل المأمون أباه ، وبقيت الطائفة في حيرة ، واختلفت الكلمة بين الناس ، واستصغر سن أبي جعفر (عليه السلام) ، وتحير الشيعة في سائر الأمصار (1).
343 / 3 ـ وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني ، قال : حدثني أبو جعفر محمد بن علي ، قال : روى محمد بن المحمودي ، عن أبيه ، قال : كنت واقفا على رأس الرضا (عليه السلام) بطوس ، فقال له بعض أصحابه : إن حدث حدث فإلى من ؟
قال : إلى ابني أبي جعفر.
قال : فإن استصغر سنه ؟
فقال له أبو الحسن : إن الله بعث عيسى بن مريم قائما بشريعته في دون السن التي يقوم فيها أبو جعفر على شريعته.
فلما مضى الرضا (عليه السلام) ، وذلك في سنة اثنتين ومائتين (2) ، وسن أبي جعفر (عليه السلام) ست سنين وشهور ، واختلف الناس في جميع الأمصار ، واجتمع الريان ابن الصلت ، وصفوان بن يحيى ، ومحمد بن حكيم ، و عبد الرحمن بن الحجاج ، ويونس بن عبد الرحمن ، وجماعة من وجوه العصابة في دار عبد الرحمن بن الحجاج ، في بركة زلزل (3) ، يبكون ويتوجعون (4) من المصيبة ، فقال لهم يونس : دعوا البكاء ، من لهذا الأمر يفتي (5) بالمسائل إلى أن يكبر هذا الصبي (6) ؟ يعني أبا جعفر (عليه السلام) ، وكان له ست سنين وشهور ، ثم قال : أنا ومن مثلي! فقام إليه الريان بن الصلت فوضع يده في
---------------------------
(1) الهداية الكبرى : 295 ، نوادر المعجزات : 173 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 387 ، حلية الأبرار 2 : 392.
(2) في ( ع ، م ) : اثنين وثمانين ومائة ، وهو خطأ.
(3) محلة ببغداد ، معروفة ، ( معجم البلدان 1 : 402 ).
(4) في ( ع ) : يترجعون.
(5) في ( ع ) : ننشي ، وفي المدينة : تفشي ، وفي الاثبات : وإلى من يقصد بالمسائل ...
(6) في ( ع ) : المسائل إلى هذا الصبي.
دلائل الإمامة _ 389 _
حلقه ، ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه ، ثم قال له : يا بن الفاعلة ، إن كان أمر من الله (جل وعلا) فابن يومين مثل ابن مائة سنة ، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو ببعضه ، أو هذا مما ينبغي أن (1) ينظر فيه ؟ وأقبلت العصابة على يونس تعذله.
وقرب الحج ، واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا ، وخرجوا إلى المدينة ، وأتوا دار أبي عبد الله (عليه السلام) ، فدخلوها ، وبسط لهم بساط أحمر ، وخرج إليهم (2) عبد الله بن موسى ، فجلس في صدر المجلس ، وقام مناد فنادى : هذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فمن أراد السؤال فليسأل ، فقام إليه رجل من القوم فقال له : ما تقول في رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء ؟ قال : طلقت ثلاث دون الجوزاء.
فورد على الشيعة ما زاد في غمهم وحزنهم.
ثم قام إليه رجل آخر فقال : ما تقول في رجل أتى بهيمة ؟ قال : تقطع يده ، ويجلد مائة جلدة ، وينفى ، فضج الناس بالبكاء ، وكان قد اجتمع فقهاء الأمصار ، فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس ، وخرج موفق ، ثم خرج أبو جعفر (عليه السلام) وعليه قميصان وإزار وعمامة بذؤابتين ، إحداهما من قدام ، والأخرى من خلف ، ونعل بقبالين (3) ، فجلس وأمسك الناس كلهم ، ثم قام إليه صاحب المسألة الأولى ، فقال : يا ابن رسول الله ، ما تقول فيمن قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء ؟
فقال له : يا هذا (4) ، إقرأ كتاب الله ، قال الله (تبارك وتعالى) : * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * (5) في الثالثة.
قال : فإن عمك أفتاني بكيت وكيت.
---------------------------
(1) في ( ع ) : مما يتعلق أو.
(2) (إليهم) ليس في ( ع ، م ).
(3) القبال : زمام النعل ، وهو السير الذي يكون بين الإصبعين ( لسان العرب ـ قبل ـ 11 : 543 ).
(4) في ( ع ، م ) : ما هذا.
(5) البقرة 2 : 229.
دلائل الإمامة _ 390 _
فقال له : يا عم ، اتق الله ، ولا تفت وفي الأمة من هو أعلم منك.
فقام إليه صاحب المسألة الثانية ، فقال له : يا بن رسول الله ، ما تقول في (1) رجل أتى بهيمة ؟
فقال : يعزر ويحمى ظهر البهيمة ، وتخرج من البلد ، لا يبقى على الرجل عارها.
فقال : إن عمك أفتاني بكيت وكيت ، فالتفت وقال بأعلى صوته : لا إله إلا الله ، يا عبد الله ، إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يدي الله فيقول لك : لم أفتيت عبادي بما لا تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك ؟
فقال له عبد الله بن موسى : رأيت أخي الرضا (عليه السلام) وقد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام) : إنما سئل الرضا (عليه السلام) عن نباش نبش فبر امرأة ففجر بها ، وأخذ ثيابها ، فأمر بقطعه للسرقة ، وجلده للزنا ، ونفيه للمثلة (2) ، ففرح القوم (3).
344 / 4 ـ قال أبو خداش المهري (4) : وكنت قد حضرت مجلس موسى (عليه السلام) (5) ، فأتاه رجل فقال له : جعلت فداك ، أم ولد لي ، وهي عندي صدوق ، أرضعت جارية بلبن ابني ، أيحرم علي نكاحها ؟
قال أبو الحسن : لا رضاع بعد فطام.
فسأله عن الصلاة في الحرمين ، فقال : إن شئت قصرت ، وإن شئت أتممت.
قال له : فالخصي يدخل على النساء ؟ فأعرض بوجهه.
قال : فحججت بعد ذلك ، فدخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألته عن
---------------------------
(1) (ما تقول في) ليس في ( ع ، م ).
(2) في ( ع ، م ) : للمثلة ، فالمت ، وظاهرا : للمثلة بالميت.
(3) إثبات الوصية : 186 ، مدينة المعاجز : 518.
(4) في ( ع ، م ) : النهدي ، ومهرة محلة بالبصرة ، انظر رجال النجاشي : 228 ، رجال الكشي : 447 ، رجال الطوسي : 355 ، 408.
(5) في ( ط ) : مجلس الرضا علي بن موسى (عليه السلام).
دلائل الإمامة _ 391 _
المسائل ، فأجابني بالجواب.
وقال : حضرت مجلس أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك الوقت ؟ قال : فقلت : جعلت فداك ، إن أم ولد لي أرضعت جارية لي بلبن ابني ، أيحرم علي نكاحها ؟
فقال : لا رضاع بعد فطام.
قلت : الصلاة في الحرمين ؟
قال : إن شئت قصرت ، وإن شئت أتممت.
قال : قلت : الخادم يدخل على النساء ؟ فحول وجهه ، ثم استدناني فقال : وما نقص منه إلا الواقعة عليه (1).
345 / 5 ـ ومكث أبو جعفر (عليه السلام) مستخفيا بالإمامة ، فلما صار له ست عشر سنة (2) وجه المأمون من حمله ، وأنزله بالقرب من داره ، وعزم على تزويجه ابنته ، واجتمعت بنو هاشم (3) وسألوه أن لا يفعل ذلك ، فقال لهم : هو والله لأعلم بالله ورسوله وسنته وأحكامه من جميعكم ، فخرجوا من عنده ، وبعثوا إلى يحيى بن أكثم ، فسألوه الاحتيال على أبي جعفر بمسألة في الفقه يلقيها عليه.
فلما اجتمعوا وحضر أبو جعفر (عليه السلام) ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا يحيى بن أكثم ، إن أذنت أن يسأل أبا جعفر عن مسألة في الفقه ، فينظر كيف فهمه ، فأذن المأمون في ذلك ، فقال يحيى لأبي جعفر (عليه السلام) : ما تقول في محرم قتل صيدا.
قال أبو جعفر (عليه السلام) : في حل أو في حرم ، عالما أو (4) جاهلا ، عمدا أو خطأ ، صغيرا أو كبيرا ، حرا أو عبدا ، مبتدئا أو معيدا (5) ، من ذوات الطير أو غيرها ، من صغار الصيد أو من كبارها ، مصرا أو نادما ، رمى بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا ، محرما للعمرة أو الحج ؟
---------------------------
(1) إثبات الوصية : 187.
(2) في إثبات الوصية : 188 : إلى أن صارت سنة عشر سنين ، وفي رواية : بعد أيام من شهادة أبيه (عليهما السلام).
(3) كذا في النسخ والصواب : بنو العباس.
(4) في ( ع ) : أم في حرم أو عالما أم ، وفي ( م ) : أو في حرم أو عالما أو.
(5) في ( ع ، م ) : مقبلا.
دلائل الإمامة _ 392 _
فانقطع يحيى انقطاعا لم يخف على أحد من أهل المجلس ، وتحير الناس تعجبا من جوابه ، ونشط (1) المأمون فقال : تخطب أبا جعفر لنفسك ؟ فقام (عليه السلام) فقال : الحمد لله منعم النعم برحمته ، والهادي لأفضاله بمنه ، وصلى الله على محمد (2) خير خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله ، وجعل تراثه إلى من خصه بخلافته ، وسلم تسليما.
وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان ، وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأزواجه خمسمائة درهم ، ونحلتها من مالي مائة ألف درهم ، زوجتني يا أمير المؤمنين ؟
فقال المأمون : الحمد لله إقرارا بنعمته ، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته (3) ، وصلى الله على محمد عبده وخيرته ، وكان من فضل (4) الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام ، فقال : * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) * (5) ثم إن محمد ابن علي خطب أم الفضل بنت عبد الله ، وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم ، وقد زوجته ، فهل قبلت يا أبا جعفر ؟
قال أبو جعفر (عليه السلام) : قد قبلت هذا التزويج ، بهذا الصداق.
ثم أولم عليه المأمون ، فجاء الناس على مراتبهم ، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين ، فإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة ، مملوءة غالية ، فصبغوا بها لحى الخاصة ، ثم مدوها إلى دار العامة فطيبوهم ، فلما تفرق الناس قال المأمون : يا أبا جعفر ، إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه
---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : وقسط.
(2) (محمد) ليس في ( ع ، م ).
(3) في ( ع ، م ) : لعظمته.
(4) في ( ع ، م ) : قضاء.
(5) النور 24 : 32.
دلائل الإمامة _ 393 _
الأصناف التي ذكرت من جزاء الصيد.
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل ، والصيد من ذوات الطير من كبارها ، فعليه شاة ، وإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا.
وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم ، وليس عليه قيمته ، لأنه ليس في الحرم ، فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمته.
وإذا كان من الوحش فعليه إن كان حمارا ذكرا ، بدنة ، وكذلك في النعامة ، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا ، وإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما ، وإن كان (1) بقرة فعليه بقرة ، فإن لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا ، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام ، وإن كان ظبيا فعليه شاة ، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام ، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام ، فإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا ، هديا بالغ الكعبة ، حقا واجبا عليه أن ينحره ، إن كان في الحج ، من حيث تنحر الناس.
وإن كان في عمرة ينحر في مكة ويتصدق بمثل ثمنه ، حتى يكون مضاعفا.
وإن كان أصاب أرنبا فعليه شاة ، ويتصدق ، فإذا قتل الحمامة بعد الشاة يتصدق بدرهم ، أو يشتري به طعاما لحمام الحرم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم.
كل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطأ فليس فيه شئ ، إلا الصيد ، فإن فيه عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم ، بخطأ كان أو بعمد ، وكذلك كل ما أتى به العبد ، فكفارته على صاحبه ، مثل ما يلزم صاحبه ، وكل ما أتى به (2) الصغير الذي ليس ببالغ ، فلا شئ عليه.
وإن كان ممن عاد فهو ممن ينتقم الله منه ، وليس عليه كفارة ، والنقمة في الآخرة ، فإن دل على الصيد وهو محرم فعليه الفداء ، والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة
---------------------------
(1) في ( ع ، م ) : كانت.
(2) (العبد ، فضارته ... أتى به) ليس في ( م ، ط ).
دلائل الإمامة _ 394 _
الآخرة ، والنادم عليه لا شئ (1) عليه بعد الفداء.
وإن أصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا شئ عليه حتى يتعمد ، فإذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء.
والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى حيث تنحر الناس ، والمحرم للعمرة ينحر بمكة ، فأمر المأمون أن يكتب ذلك عنه.
ثم دعا من أنكر عليه تزويجه ، فقرأ ذلك عليه ، ثم قال لهم : هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب ؟ قالوا : أنت كنت أعلم به منا ، ثم أمر المأمون فنثر (2) على أبي جعفر (عليه السلام) رقاع ، فيها ضياع وطعم (3) وعمالات (4) ، ولم يزل مكرما لأبي جعفر (عليه السلام) بقية (5) حياته (6).
وكان مقامه مع أبيه سبع سنين وأربعة أشهر ويومين.
وقد روى : سبع سنين وثلاثة أشهر.
وعاش بعد أبيه ثماني عشرة سنة غير عشرين يوما (7).
وكانت سنو (8) إمامته بقية ملك المأمون ، ثم ملك المعتصم ثماني سنين ، ثم ملك
---------------------------
(1) في ( ط ) : عليه حتى.
(2) في ( ط ) : ثم دعا الناس ونثر.
(3) الطعم : المأكل والرزق ( أقرب الموارد ـ طعم ـ 1 : 708 ).
(4) في ( ط ) : ضياع وعمالات وعقار وأطعمة.
(5) في ( ط ) : مكرما له مدة.
(6) إثبات الوصية : 188 ، قطعة منه في الارشاد : 319 والاختصاص : 98 ، والاحتجاج : 443 ، والثاقب في المناقب : 505 / 433.
(7) المروي في الارشاد : 316 ، وتاج المواليد : 128 ، وأعلام الورى : 344 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 : سبع عشرة سنة.
(8) في ( ع ، م ) : وكان سني.
دلائل الإمامة _ 395 _
الواثق خمس سنين وثمانية أشهر.
واستشهد في ملك الواثق سنة عشرين ومائتين من الهجرة (1).
وكمل عمره خمس (2) وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما ، ويقال : اثني عشر يوما ، في ذي الحجة يوم الثلاثاء على ساعتين من النهار لخمس خلون منه (3) ، ويقال : لثلاث خلون منه (4).
وكان سبب وفاته أن أم الفضل بنت المأمون ـ لما تسرى (5) ورزقه الله الولد (6) من غيرها ـ انحرفت (7) عنه ، وسمته في عنب ، وكان تسعة عشر عنبة (8) ، وكان يحب العنب ، فلما أكله بكت ، فقال لها : مم بكاؤك ، والله ليضربنك الله بفقر لا ينجبر ، وببلاء لا ينستر.
فبليت بعده بعلة في أغمض المواضع ، أنفقت عليها جميع ملكها (9) ، حتى احتاجت إلى رفد الناس (10).
ويقال : إنها سمته بمنديل يمسح به عند الملامسة ، فلما أحس بذلك قال لها : أبلاك الله بداء لا دواء له ، فوقعت الأكلة (11) في فرجها ، فكانت تنكشف للطبيب ،
---------------------------
(1) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، والذي في سائر المصادر أنه (عليه السلام) استشهد في أول ملك المعتصم ، وهو الموافق للصواب حيث إن ملك المعتصم امتد بين (219 ـ 227 هـ) انظر تاج المواليد : 128 ، إعلام الورى : 344 ، كشف الغمة 2 : 369 ، الجوهر الثمين : 138.
(2) في ( ط ) : وبلغ من العمر خمسا.
(3) إثبات الوصية : 192 ، تاريخ بغداد 3 : 55 ، كشف الغمة 2 : 345.
(4) المروي : لست خلون منه ، انظر تاريخ الأئمة : 13 ، تاريخ بغداد 3 : 55 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، الفصول المهمة : 275.
(5) تسرى الرجل : اتخذ سرية ، أي أمة.
(6) في ( ع ، م ) : لما رزق الله أبا الحسن.
(7) في ( ع ، م ) : انخفرت.
(8) في ( ط ) : حبة.
(9) في ( ط ) : ما تملكه.
(10) إثبات الوصية : 192.
(11) الأكلة : داء يقع في العضو فيأتكل منه ( لسان العرب ـ أكل ـ 11 : 22 ).
دلائل الإمامة _ 396 _
ينظرون إليها ، ويشيرون عليها بالدواء ، فلا ينفع ذلك شيئا ، حتى ماتت في علتها (1).
ودفن (عليه السلام) ببغداد بمقابر قريش إلى جنب جده موسى بن جعفر (عليه السلام).
نسبه : محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف (2) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
ويكنى : أبا جعفر ، والخاص : أبو علي (3).
ولقبه (4) : الزكي ، والمرتضى ، والتقي ، والقانع ، والرضي ، والمختار ، والمتوكل ، والجواد (5).
وأمه : أم ولد تسمى ريحانة وتكنى أم الحسن ، ويقال إن اسمها : سكينة (6) ، ويقال لها : خيزران (7) ، والله أعلم (8).
---------------------------
(1) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 391.
(2) في ( ع ) : أبي طالب.
(3) تاريخ الأئمة : 30 ، الهداية الكبرى : 295 ، تاج المواليد : 127 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، إعلام الورى : 345 ، تذكرة الخواص : 358 ، كشف الغمة : 2 : 343 ، الفصول المهمة : 265.
(4) في ( ع ، م ) : وكنيته.
(5) (والجواد) ليس في ( ع ، م ) ، تاريخ الأئمة : 29 ، الهداية الكبرى : 295 ، إعلام الورى : 345 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، تذكرة الخواص : 359 ، كشف الغمة 2 : 343 ، الفصول المهمة : 266.
(6) في ( ط ) : ويقال : سبيكة ، وهو الموافق لما في تاج المواليد : 128 وإعلام الورى : 345 ، ومناقب ابن شهرآشوب 4 : 379.
(7) في ( ع ) : خيران.
(8) تاريخ الأئمة : 25 ، تاج المواليد : 128 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، تذكرة الخواص : 359.
دلائل الإمامة _ 397 _
ذكر ولده (عليه السلام) : أبو الحسن علي بن محمد العسكري الإمام (عليه السلام) ، وموسى.
ومن البنات : خديجة ، وحكيمة ، وأم كلثوم (1).
346 / 6 ـ قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثني إبراهيم بن سعد ، قال : رأيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) وله شعرة ـ أو قال وفرة ـ مثل حلك (5) الغراب ، مسح يده عليها فاحمرت ثم مسح عليها بظاهر كفه فابيضت ، ثم مسح عليها بباطن كفه فعادت (6) سوداء كما كانت ، فقال لي : يا بن سعد ، هكذا تكون آيات الإمام.
---------------------------
(1) تاج المواليد : 130 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 380 ، تذكرة الخواص : 359 ، المستجاد : 506 ، الفصول المهمة : 276 ، وزاد في تاج المواليد والمناقب : فاطمة وأمامة ، ولم يذكر غيرهما من البنات في المستجاد والفصول المهمة.
(2) (نقش) ليس في ( ع ، م ).
(3) في الفصول المهمة : 266 : نعم القادر الله.
(4) تاريخ الأئمة : 33 ، الفصول المهمة : 266 ، وفي المناقب لابن شهرآشوب 4 : 380 : عثمان بن سعيد السمان.
(5) الحلكة : شدة السواد ، وفي ( ع ) : جثل ، والجثل : الشعر.
(6) في ( ع ، م ) : فصارت.
دلائل الإمامة _ 398 _
فقلت : رأيت أباك (عليه السلام) (1) يضرب بيده إلى التراب فيجعله دنانير ودراهم.
فقال : في مصرك قوم يزعمون أن الإمام (2) يحتاج إلى مال ، فضرب بيده لهم ليبلغهم أن كنوز الأرض بيد الإمام (3).
347 / 7 ـ قال أبو جعفر : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : قال إبراهيم بن سعد : كنت جالسا عند محمد بن علي (عليه السلام) إذ مرت بنا فرس أنثى ، فقال : هذه تلد الليلة فلوا (4) أبيض الناصية ، في وجهه غرة.
فاستأذنته ثم انصرفت مع صاحبها ، فلم أزل أحدثه إلى الليل حتى أتت الفرس بفلو كما وصف ما فيه.
وعدت إليه ، فقال : يا بن سعد ، شككت فيما قلت لك بالأمس ؟ إن التي في منزلك حبلى تأتيك بابن أعور ، فولد لي محمد وكان أعور (5).
348 / 8 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : قال إبراهيم بن سعد : رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضرب بيده إلى ورق الزيتون فيصير في كفه ورقا (6) ، فأخذت منه كثيرا وأنفقته في الأسواق فلم يتغير (7).
349 / 9 ـ قال أبو جعفر : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، قال : قال محمد بن يحيى : لقيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) على وسط دجلة فالتقى له طرفاه حتى عبر ، ورأيته بالأنبار على الفرات فعل مثل ذلك (8).
350 / 10 ـ قال أبو جعفر : حدثنا عبد الله بن الهيثم أبو قبيصة الضرير ، قال :
---------------------------
(1) في ( م ) زيادة : ما أشك.
(2) في ( ع ، م ) : الاسلام.
(3) نوادر المعجزات : 179 / 2 ، مدينة المعاجز : 523 / 22.
(4) الفلو : بضم أوله وكسره ، المهر.
(5) نوادر المعجزات : 180 / 3 ، فرج المهموم : 232.
(6) أي فضة ، أو دراهم فضة.
(7) نوادر المعجزات : 180 / 4.
(8) مدينة المعاجز : 543 / 25.
دلائل الإمامة _ 399 _
حدثنا أحمد بن موسى ، قال : أخبرنا حكيم بن حماد ، قال : رأيت سيدي محمد بن علي (عليه السلام) وقد ألقى في دجلة خاتما فوقفت كل سفينة صاعدة وهابطة ، وأهل العراق يومئذ متزايدون ، ثم قال لغلامه : أخرج الخاتم ، فسارت الزوارق (1).
351 / 11 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي ، قال :
حدثنا أبو النصر أحمد بن سعيد ، قال : قال لي منخل بن علي : لقيت محمد بن علي (عليه السلام) بسر من رأى فسألته النفقة إلى بيت المقدس فأعطاني مائة دينار ثم قال لي : أغمض عينيك ، فغمضتهما ، ثم قال : افتح ، فإذا أنا ببيت المقدس تحت القبة ، فتحيرت في ذلك (2).
352 / 12 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي ، قال :
حدثنا هشام بن محمد ، قال : قال محمد بن العلاء : رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يحج بلا راحلة ولا زاد من ليلته ويرجع ، وكان لي أخ بمكة لي عنده (3) خاتم ، فقلت له : تأخذ لي منه علامة ، فرجع من ليلته ومعه الخاتم (4).
353 / 13 ـ قال أبو جعفر : حدثنا موسى بن عمران بن كثير ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا محمد بن عمر ، قال : رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضع يده على منبر فتورق كل شجرة من نوعها ، وإني (5) رأيته يكلم شاة فتجيبه (6).
354 / 14 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : قال عمارة ابن زيد : رأيت محمد بن علي (عليه السلام) ، فقلت له : يا بن رسول الله ، ما علامة الإمام ؟
قال : إذا فعل هكذا ، فوضع يده على صخرة فبانت أصابعه فيها.
---------------------------
(1) مدينة المعاجز : 524 / 26.
(2) نوادر المعجزات : 181 / 5.
(3) في ( ع ، م ) : معه.
(4) إثبات الهداة 6 : 199 / 61.
(5) في ( ط ) : من فروعها و.
(6) نوادر المعجزات : 181 / 6.
دلائل الإمامة _ 400 _
ورأيته يمد الحديد بغير نار ، ويطبع الحجارة بخاتمه (1).
355 / 15 ـ قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : قال لي عمارة بن زيد : رأيت امرأة قد حملت ابنا لها مكفوفا إلى أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) ، فمسح يده عليه فاستوى قائما يعدو ، كأن لم يكن في عينه ضرر (2).
356 / 16 ـ قال أبو جعفر : حدثنا قطر بن أبي قطر : قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، قال : قال لي محمد بن علي بن عمر التنوخي : رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وهو يكلم ثورا فحرك الثور رأسه ، فقلت : لا ، ولكن تأمر الثور أن يكلمك.
فقال : وعلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ (3) ثم قال للثور : قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فقال ، ثم مسح بكفه على رأسه (4).
357 / 17 ـ قال أبو جعفر : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : قال لي عمارة بن زيد : رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وبين يديه قصعة صيني ، فقال لي : يا عمارة ، أترى من هذا عجبا ؟ قلت : نعم ، فوضع يده عليها فذابت حتى صارت ماء ، ثم جمعه حتى جعله في قدح ثم ردها ومسحها بيده فإذا هي قصعة صيني كما كانت ، وقال : مثل هكذا فلتكن القدرة (5).
358 / 18 ـ وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني (6) زكريا بن آدم ، قال : إني لعند الرضا (عليه السلام) إذ جئ بأبي جعفر (عليه السلام) ، وسنه أقل من أربع سنين ، فضرب بيده
---------------------------
(1) نوادر المعجزات : 181 / 7.
(2) مدينة المعاجز : 524.
(3) تضمين من سورة النمل 27 : 16.
(4) في ( ع ، م ) : ثم مسح برأسه عليه ، نوادر المعجزات : 182 / 8.
(5) نوادر المعجزات : 182 / 9.
(6) في ( ط ) : حدثنا.
دلائل الإمامة _ 401 _
إلى الأرض ، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر (1) ، فقال له الرضا (عليه السلام) : بنفسي أنت ، لم طال فكرك ؟ فقال (عليه السلام) : فيما صنع بأمي فاطمة (عليها السلام) ، أما والله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما ، ثم لأذرينهما ، ثم لأنسفنهما في اليم نسفا ، فاستدناه ، وقبل ما (2) بين عينيه ، ثم قال : بأبي أنت وأمي ، أنت لها ، يعني الإمامة (3).
359 / 19 ـ قال أمية بن علي : كنت بالمدينة ، وكنت أختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام) ، وأبوه بخراسان فدعا جاريته يوما (4) فقال لها : قولي لهم يتهيئون للمأتم.
فلما (5) تفرقنا من مجلسنا أنا وجماعة ، قلنا : ألا سألناه مأتم من (6) ؟ فلما كان الغد أعاد القول ، فقلنا له : مأتم من ؟
فقال : مأتم خير من صلى على ظهر الأرض ، فورد الخبر بمضي أبي الحسن (عليه السلام) بعد أيام (7).
360 / 20 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني ، قال : حدثني أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني ، قال : حج إسحاق بن إسماعيل في السنة التي خرجت الجماعة إلى أبي جعفر (عليه السلام) ، قال إسحاق : فأعددت له في رقعة عشر مسائل لأسأله عنها ، وكان لي حمل ، فقلت : إذا أجابني عن مسائلي ، سألته أن يدعو الله لي أن يجعله ذكرا.
فلما سأله الناس قمت ، والرقعة معي ، لأسأله عن مسائلي ، فلما نظر إلي قال لي : يا أبا يعقوب ، سمه أحمد ، فولد لي ذكر ، فسميته أحمد ، فعاش مدة ومات.
---------------------------
(1) في ( ط ) : وهو يفكر.
(2) (ما) ليس في ( ع ، م ).
(3) إثبات الوصية : 184 ، نوادر المعجزات : 183 / 10.
(4) في ( ع ، م ) : يوما بالجارية.
(5) في ( ع ) زيادة : كان الغد أعاد القول ، وهو تكرار لما يأتي.
(6) في ( ط ) : لمن المأتم.
(7) إعلام الورى : 350 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 389 ، الثاقب في المناقب : 515 / 443 ، كشف الغمة 2 : 369.
دلائل الإمامة _ 402 _
وكان ممن خرج مع الجماعة علي بن حسان الواسطي ، المعروف بالعمش (1) ، قال : حملت معي إليه (عليه السلام) من الآلة التي للصبيان ، بعضها (2) من فضة ، وقلت :
أتحف مولاي أبا جعفر بها ، فلما تفرق الناس عنه عن جواب لجميعهم (3) ، قام فمضى إلى صريا واتبعته ، فلقيت موفقا ، فقلت : استأذن لي على أبي جعفر ، فدخلت فسلمت ، فرد علي السلام ، وفي وجهه الكراهة ، ولم يأمرني بالجلوس ، فدنوت منه وفرغت ما كان في كمي بين يديه ، فنظر إلي نظر مغضب ، ثم رمى (4) يمينا وشمالا ، ثم قال : ما لهذا خلقني الله ، ما أنا واللعب ؟! فاستعفيته فعفا عني ، فأخذتها (5) فخرجت (6).
361 / 21 ـ وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا جعفر (بن محمد) بن مالك الفزاري ، قال : حدثني علي بن يونس الخزاز ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : كنت أنا ومحمد بن سنان وصفوان و عبد الله بن المغيرة عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) بمنى ، فقال لي : ألك (7) حاجة ؟ فقلت : نعم ، وكتب معنا كتابا إلى أبي جعفر (عليه السلام) ، فلما صرنا إلى المدينة أخرجه إلينا مسافر على كتفه ، وله يومئذ ثمانية عشر شهرا ، فدفعنا إليه الكتاب ، ففض الخاتم وقرأه ، ثم رفع رأسه إلى نخلة كان تحتها ، فقال : باح باح (8).
362 / 22 ـ وروى أحمد بن الحسين ، عن محمد بن أبي الطيب (9) ، عن
---------------------------
(1) كذا في النسخ والبحار ، وفي رجال النجاشي : 276 : المنمس.
(2) في ( ع ، م ) : بعضا.
(3) في ( ط ) : عنه بعد جواب الجميع.
(4) في ( ط ) : رنا.
(5) (فأخذتها) ليس في ( ع ، م ).
(6) مدينة المعاجز : 526 / 39 ، البحار 50 : 58 / 34.
(7) في ( ع ) : فقال : لك.
(8) مدينة المعاجز : 526 / 40.
(9) في الكافي : محمد بن الطيب ، راجع معجم رجال الحديث 16 : 195.
دلائل الإمامة _ 403 _
عبد الوهاب بن منصور ، عن محمد بن أبي العلاء ، قال : سألت يحيى بن أكثم قاضي القضاء بسر من رأى بعد منازعة جرت بيني وبينه عن علوم آل محمد (صلوات الله عليهم) (1).
فقال لي : بينا أنا ذات يوم في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقف عند القبر ، أدعو ، فرأيت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) قد أقبل نحو القبر ، فناظرته في مسائل قبل أن يسألني ، فسألني عن الإمام ، فقلت : هو والله أنت.
فقال : أنا هو.
فقلت : فعلامة تدلني عليك ، وكان في يده عصا فنطقت ، وقالت : إن مولاي إمام هذا الزمان محمد ، يا يحيى (2).
363 / 23 ـ وروى العباس بن السندي الهمداني ، عن بكر ، (3) قال : قلت له : إن عمتي تشتكي من ريح بها ، فقال : إئتني بها ، قال : فأتيته بها ، فدخلت عليه ، فقال لها : مم تشتكين ؟
قالت : ركبتي ، جعلت فداك ، قال : فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب ، وتكلم بكلام (4) ، فخرجت ولا تجد شيئا من الوجع (5).
364 / 24 ـ وعنه ، عن علي ، عن الحسن بن أبي عثمان الهمداني ، قال : دخل أناس من أصحابنا من أهل الدين على أبي جعفر (عليه السلام) ، وفينا رجل من الزيدية ، فسألناه مسألة ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) لغلامه : خذ بيد هذا الرجل فأخرجه ، فقال الزيدي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله تسليما كثيرا طيبا مباركا) ،
---------------------------
(1) في ( ط ) : آل محمد عما شاهده.
(2) الكافي 1 : 287 / 9 ، نوادر المعجزات : 183 / 11 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 393 ، الثاقب في المناقب : 508 / 434 ، مدينة المعاجز : 519 / 6.
(3) في المصادر : أبو بكر بن إسماعيل ، وفي الثاقب : بكير.
(4) في ( ط ) : الثياب ، ودعا.
(5) في ( ط ) : شيئا مما تشتكي.
الثاقب في المناقب : 521 / 453 ونحوه الخرائج والجرائح 1 : 376 / 3 ، وكشف الغمة 2 : 366 ، والصراط المستقيم 2 : 200 / 3.
دلائل الإمامة _ 404 _
وأنك حجة الله بعد آبائك (1).
365 / 25 ـ حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه.
قال : وحدثني أحمد بن صالح ، عن عسكر مولى أبي جعفر محمد بن علي الرضا ، قال : دخلت عليه وهو جالس في وسط إيوان له يكون عشرة أذرع (2) ، قال : فوقفت بباب الإيوان ، وقلت في نفسي : يا سبحان الله ، ما أشد سمرة مولاي ، وأضوى جسده (3)!
قال : فوالله ، ما استتممت هذا القول في نفسي حتى عرض في جسده ، وتطاول ، فامتلأ به الإيوان إلى سقفه مع جوامع حيطانه ، ثم رأيت لونه قد أظلم حتى صار كالليل المظلم ، ثم ابيض حتى صار كأبيض ما يكون من الثلج الأبيض ، ثم احمر فصار (4) كالعلق المحمر ، ثم أخضر حتى صار كأعظم شئ يكون في الأعواد المورقة الخضر (5) ، ثم تناقص جسده حتى صار في صورته الأولى ، وعاد لونه إلى اللون الأول (6) فسقطت لوجهي لهول ما رأيت ، فصاح بي : يا عسكر ، كم تشكون فينا ، وتضعفون قلوبكم ، والله لا يصل (7) إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله بنا عليه ، وارتضاه لنا وليا.
قال عسكر : فآليت أن لا أفكر في نفسي إلا بما ينطق به لساني (8)
---------------------------
(1) (بعد آبائك) ليس في ( ع ، م ).
الخرائج والجرائح 2 : 669 ، الثاقب في المناقب : 519 / 450 ، مدينة المعاجز : 527 / 42.
(2) في ( ع ) زيادة : وعشرة أذرع.
(3) ضوي الرجل : دق عظمه وقل جسمه ، وفي ( ط ) : بدنه ، وكذا في الموضع الآتي.
(4) في ( ط ) : صار كالثلج وأحمر حتى صار.
(5) في ( ط ) : صار كالآس.
(6) في ( ط ) : وعاد لونه كما كان.
(7) في ( ع ، م ) : لا وصل.
(8) في ( ع ) : فآليت ألا تطيب نفسي إلا نطق لساني. مناقب ابن شهرآشوب 4 : 387 ، إثبات الهداة 6 : 201 / 70 ، مدينة المعاجز : 527 / 43.
دلائل الإمامة _ 405 _
366 / 26 ـ وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، قال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، عن أبي جعفر محمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن بن فروخ الصفار ، عن محمد بن حسان الراوي ، قال : حدثنا علي بن خالد ، وكان زيديا ، قال : كنت في عسكر هؤلاء ، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا ، وزعموا أنه ادعى النبوة ، قال : فأتيت إلى البوابين وبررتهم بشئ ، حتى وصلت إليه ، فسألته عن حاله وقصته ، فقال : كنت بالشام (1) أ عبد الله (تعالى) عند الأسطوانة التي يقال إن رأس الحسين (عليه السلام) تحتها ، فبينا أنا ذات ليلة (2) قائم أصلي إذ نظرت ، وإذا إلى جانبي شخص ، فقال لي : يا هذا ، تشتهي أن تزور قبره (عليه السلام) (3) ؟
فقلت : إي والله.
فقال : اغمض عينيك ، فغمضت فقال : افتح ، ففتحت ، فإذا أنا (4) بالحائر فزرت (5).
ثم قال لي : تشتهي أن تزور أباه (6) ؟ فقلت : نعم ، ففعل بي مثل ذلك ، حتى جاء بي إلى (7) مسجد الكوفة ، فقال : أتعرف هذا المسجد ؟ فقلت : نعم ، هذا مسجد الكوفة.
قال : فصلى فيه ، وصليت معه ، فبينا أنا كذلك إذ قال لي : تشتهي أن تزور (8) رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقلت : إي والله ، ففعل لي مثل ذلك ، وإذا أنا في مسجد الرسول ، فصلى وصليت وصلى على رسول الله ، فبينا أنا معه إذ أتى بي مكة ، فلم أزل معه (9) حتى قضى مناسكه كلها وقضيت مناسكي كلها وأنا معه ، ثم ردني إلى مكاني الذي
---------------------------
(1) في ( ط ) زيادة : وكنت.
(2) في ( ط ) : ذات يوم.
(3) في ( ط ) : قبر الحسين.
(4) في ( ع ، م ) : فغمضت وفتحت عيني فكأني.
(5) (فزرت) ليس في ( ع ).
(6) في ( ط ) زيادة : عليا.
(7) في ( ع ، م ) : بي وأنا في.
(8) في ( ط ) زيادة : قبر.
(9) في ( ط ) : مسجد الرسول فزار وزرت ثم أتينا مكة فلم يزل.
دلائل الإمامة _ 406 _
كنت فيه بالشام ثم مضى.
فلما كان من عام قابل أيام الموسم إذا أنا به وفعل بي مثل ما فعل في العام (1) الماضي ، وردني إلى الشام ، فقلت له : سألتك بحق الذي أقدرك على ما أرى ، إلا ما أخبرتني من أنت (2).
قال : فأطرق طويلا ، ثم نظر إلي فقال : أنا محمد بن علي بن موسى ، وذهب (3).
فأخبرت أهلي وولدي ، فما خرج الحديث عن المحلة حتى قالوا : يدعي النبوة ، ورفع خبري إلى السلطان ، فما شعرت حتى حملت كما تراني ، فقلت : ارفع قصته إلى محمد بن عبد الملك الزيات ، فكتبتها ورفعتها إليه كما كانت قصته ، فوقع في القصة : قل (4) لمن بلغ بك إلى هذه المواضع ـ إن كان صادقا ـ أن يخرجك من حبسك.
قال علي بن خالد : فغمني ذلك وعزيته بالصبر ، وعرضت عليه مالا فأبى أن يأخذه ، وكان هذا يوم الخميس ، فلما كان يوم الجمعة قصدته (5) لأسلم عليه ، فرأيت السجان وسط الرواق ، قال : قد وضع صاحبك الذي تفقدته البارحة حديده وسط السجن وخرج ، لا أدري اجتذبته الأرض أم ارتفع إلى السماء.
فخرجت إلى الجامع وبقيت بعد ذلك في العسكر سنين كثيرة ، فما رأيت أحدا ذكر أنه رآه إلى يوم الناس هذا (6).
---------------------------
(1) في ( ط ) : كان العام القابل أتى وفعل كما فعل بالعام.
(2) في ( ط ) : على هذا من أنت.
(3) في ( ع ، م ) : ثم ذهب.
(4) في ( ط ) : محمد بن عبد الملك الزيات فوقع في قصتي : قل.
(5) في ( ع ، م ) : قصدت.
(6) في ( ط ) : رأيت من الناس من ذكر أنه رآه إلى اليوم ، بصائر الدرجات : 422 / 1 ، الكافي 1 : 411 / 1 ، الارشاد : 324 ، الاختصاص : 320 ، الخرائج والجرائح 1 : 380 / 10 ، إعلام الورى : 347 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 393 ، الثاقب في المناقب : 510 / 436 ، كشف الغمة 2 : 359 ، الفصول المهمة : 271 ، الصراط المستقيم 2 : 200 / 6 ، نور الأبصار : 328.
دلائل الإمامة _ 407 _
367 / 27 ـ قال محمد بن علي بن حمزة الهاشمي : دخلت على أبي جعفر محمد ابن علي الرضا (عليه السلام) صبيحة عرسه بابنة المأمون ، وكنت تناولت دواة ، فأول من دخل عليه في صبيحته أنا وقد أصابني العطش ، فكرهت أن أدعو بالماء.
فقال لي : أظنك عطشانا ؟ فقلت : نعم ، فقال : يا غلام ـ أو قال : يا جارية ـ اسقنا ماء ، فقلت في نفسي : إذن يأتونه بماء (1) يسمونه به ، فاغتممت لذلك ، فأقبل الغلام ومعه الماء ، فتبسم في وجهي ، ثم قال : يا غلام ، ناولني الكوز ، فشرب منه ، ثم ناولني فشربت.
ثم عطشت أيضا ، فكرهت أن أدعو بالماء ، ففعل بي ما فعل بالأولى ، جاء بالماء ، فقال : يا غلام ! ناولني القدح فشرب منه ، ثم ناولني وتبسم (2).
ثم قال محمد بن علي الهاشمي : وأنا أظن به كما تظنون ، (3) بعد ما شاهدت منه هذا وأمثاله (4).
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما (5).
---------------------------
(1) في ( ط ) : نفسي إذن يجيئون بما.
(2) في ( ط ) : وشربت.
(3) في ( ع ، م ) : وأنا والله أظنه كما تقولون.
(4) الكافي 1 : 414 / 6 ، الارشاد : 325 ، روضة الواعظين : 243 ، الخرائج والجرائح 1 : 379 / 9 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 390 ، كشف الغمة 2 : 360.
(5) في ( م ) زيادة : حرره العاصي عباس القمي.