4 ـ و روى عنه أيضا نفس الحديث إلا أنه لم يذكر : ( لا يزال أمر الناس ماضيا) .
5 ـ و روى مسلم عنه أيضا قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) يقول : ( لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها ، فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من
قريش)
.
6 ـ وروى مسلم عنه أيضا ، قال : انطلقت إلى رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) و معي أبي فسمعته يقول : ( لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة) فقال كلمة صمنيها الناس ، فقلت
لأبي : ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من قريش) .
7 ـ و روى مسلم عنه أيضا قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول : ( لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من
قريش)
.
8 ـ روى أبو داود عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يقول : ( لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر) فكبر الناس و ضجوا ، ثم قال كلمة خفيت علي قلت لأبي : يا
أبه ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من قريش)
.
9 ـ روى الترمذي عن جابر بن سمرة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ( يكون من بعدي اثنا عشر أميرا ) ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذييليني ، فقال : قال : ( كلهم من قريش ) .
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، و قد روي من غير وجه عن جابر ، ثم ذكر طريقا آخر إلى جابر
.
10 ـ روى أحمد في مسنده عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يقول : ( يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة ) و رواه عن 34 طريقا
.
11 ـ روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين في كتاب معرفة الصحابة عن عون بن جحيفة عن أبيه ، قال : كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال : ( لا يزال أمر أمتي صالحا حتى
يمضي اثنا عشر خليفة) ثم قال كلمة و خفض بها صوته ، فقلت لعميـو كان أمامي ـ : ما قال يا عم ؟ قال : يا بني قال : ( كلهم من قريش)
.
12 ـ و روى أيضا بسنده عن جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر ، قال : كنت عند رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) فسمعته يقول : ( لا يزال أمر هذه الأمة ظاهرا حتى يقوم اثنا عشر
خليفة) و قال كلمة خفيت علي ، و كان أبي أدنى إليه مجلسا مني فقلت : ما قال ؟ فقال : ( كلهم من قريش)
.
14]
13 ـ قال ابن حجر في الصواعق : أخرج الطبراني عن جابر بن سمرةان النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : ( يكون بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش)
(1) .
كما ان رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قد شبه عدة خلفائه بعدة نقباء بني اسرائيل .
14 ـ فقد روى أحمد بسنده عن مسروق ، قال : كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود و هو يقرئنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال عبد الله بن
مسعود : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، و لقد سألنا رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) فقال : ( اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل)
(2) .
15 ـ و رواه الخطيب في تاريخه بسنده عن جابر بن سمرة
(3) .
16 ـ و أورده المتقي الهندي في منتخب كنز العمال عن أحمد و الطبراني في المعجم الكبير ، و الحاكم في المستدرك
(4) .
17 ـ قال السيوطي في تاريخ الخلفاء بسند حسن عن ابن مسعود : إنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال : سألنا عنها رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) فقال : ( اثنا عشر كعدة نقباء بني
إسرائيل)
(5) .
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على أن الأئمة بعد النبيالأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) اثنا عشر ، و قد جاء فيها سماتهم و صفاتهم و عددهم ، غير أن المهم هو تعيين مصاديقها و الإشارة إلى أعيانها و
أشخاصها ، و لا تعلم إلا باستقصاء و حصر السمات الواردة في هذه الأحاديث ، و هذا ما يمكن إجماله بما يلي :
1 ـ لا يزال الإسلام عزيزا.
2 ـ لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا.
3 ـ لا يزال الدين قائما.
4 ـ لا يزال أمر الأمة صالحا.
5 ـ لا يزال أمر هذه الامة ظاهرا.
6 ـ كل ذلك حتى يمضي فيهم اثنا عشر اميرا من قريش.
7 ـ و حتى يليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش.
8 ـ و إن عددهم كعدد نقباء بني إسرائيل.
---------------------------
(1) الصواعق 189
(2) مسند أحمد 1/ 398
(3) تاريخ بغداد 14/353 برقم 7673
(4) منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5/ 312
(5) تاريخ الخلفاء 10
الشيعة في موكب التاريخ
_15 _
و هذه السمات و الخصوصيات لا تتمثل مجتمعة إلا في الأئمة الاثني عشر المعروفين عند الفريقين ، و هذه الأحاديث من أبناء الغيب و معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم ، خصوصا إذا
ضمت إليها أحاديث الثقلين و السفينة و كون أهل بيت النبي أمانا لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، و سيوافيك تفصيل هذه الأحاديث الثلاثة.
فالأئمة الاثنا عشر المعروفون بين المسلمين ، و الذين ينادي بإمامتهمالشيعة الإمامية ، و الذين أولهم علي أمير المؤمنين و آخرهم المهدي تنطبق عليهم تلك العلائم ، و من وقف على حياتهم العلمية و الاجتماعية و
السياسية يقف على أنهم هم المثل الأعلى في الأخلاق ، و القمة السامقة في العلم و العمل و التقوى و الإحاطة بالقرآن و السنة ، و بهم حفظ الله تعالى دينه و أعز رسالته.
وأما ما ورد في بعض هذه الطرق أن : ( كلهم تجتمع عليهم الأمة) فهو على فرض الصحة ، فالمراد منه تجتمع على الاقرار بإمامتهم جميعا وقت ظهور آخرهم ، و ـ على فرض الإبهامـلا تمنع عن الأخذ
بمضامين الحديث.
هلم معي نقرأ ما ذا يقول غير الشيعة في حق هذه الأحاديث ، و كيف يؤولونها بالخلفاء القائمين بالأمر بعد النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم ، و إليك نصوص كلامهم :
1 ـ إن قوله اثنا عشر إشارة إلى عدد خلفاء بني أمية!!و أول بني أمية يزيد بن معاوية و آخرهم مروان الحمار و عدتهم اثنا عشر ، و لا يعد عثمان و معاوية و لا ابن الزبير لكونهم صحابة ، و لا مروان
بن الحكم لكونه صحابيا أو لأنه كان متغلبا بعد أن اجتمع الناس على عبد الله بن الزبير ، و ليس على المدح بل على استقامة السلطنة ، و هم يزيد بن معاوية و ابنه معاوية ثم عبد الملك ثم الوليد ثم سليمان ثم
عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك ثم الوليد بن يزيد ثم يزيد بن الوليد ثم إبراهيم بنالوليد ثم مروان بن محمد
(1) .
و جوابه : أنه لو كان الرسول أراد هذا و لم يكن في مقام مدحهم فأي فائدة في الإخبار بذلك ، ثم كيف يقول انها صدرت على غير سبيل المدح مع ما عرفت من السمات الواردة الصريحة في المدح
مثل : ( لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا قائما) ، أو ( أمر أمتي صالحا ) ، والعجب أنه جعل أول الخلفاء يزيد بن معاوية بحجة أنه استقامت له السلطنة ، مع أنه كيف استتبت له السلطنة و قد ثار عليه
العراق في السنة الأولى ، و ثار عليه أهل المدينة في السنة الثانية ، و كانت مجموع أيامه مؤلفة من حروب دامية و قتل و نهب و تدمير لا يقربها صاحب ذرة من الشرف و الإيمان.
2 ـ ( إن المراد أنه يملك اثنا عشر خليفة بهذه السمات بعد وفاة المهدي)
(2) و هذا من أغرب التفاسير ، لأن الأخبار ظاهرة في اتصال خلافتهم بعصر النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و
لأجل تبادر ذلك في أذهان الناس سألوا عبد الله بن مسعود عن عدد من يملك أمر هذه الأمة.
3 ـ ما نقله ابن حجر في فتح الباري عن القاضي عياض : ان المراد بهم الخلفاء الذين اجتمع عليهم الناس ، و هم أبو بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، و معاوية ، و يزيد ، و عبد الملك ، و أولاده الأربعة ، الوليد ثم
سليمان ثميزيد ثم هشام ، و عمر بن عبد العزيز بن سليمان و يزيد ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، و الثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك
(3) .
---------------------------
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13/212 ط دار المعرفة ، و في المصدر : عدتهم ثلاثة عشر .
(2) المصدر نفسه 13/213 و مثله ما نقله أيضا : اثنا عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة.
(3) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13/213 ، و لا حظ تاريخ الخلفاء .11
الشيعة في موكب التاريخ
_16 _
و لا يكاد ينقضي تعجبي من القاضي عياض و ابن حجر كيف يعرفان هؤلاء بمن عز بهم الإسلام و الدين و صار منيعا و فيهم يزيد بن معاوية ذلك السكير المستهتر الذي كان يشرب الخمر و يدع الصلاة ، و
لم يكتف بذلك بل ضرب الكعبة بالمنجنيق ، و أباح المدينة ثلاثة أيام بأعراضها و أموالها و أنفسها بعد قتله لابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) الحسين بن علي ( عليه السلام ) و اخوانه و أبنائه و
خيرة أصحابه و سير بنات رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) سبايا دون حرمة لجدهم إلى الشام من أرض كربلاء ، فليت شعري ما هو ميزان القوم في تفسيرهم للسنة النبوية و تعاملهم معها ، و كل
الحقائق تكذب ما ذهبوا إليه و ما صرحوا به.
و هل اعتز الإسلام بعبد الملك الذي يكفي في ذكر مساوئه تنصيبه الحجاج على العراق فقتل من الصحابة و التابعين ما لا يخفى ،
(1) ؟ !
و كيف اعتز الدين بالوليد بن يزيد بن عبد الملك المنتهك لحرمات الله الذي حاول أن يشرب الخمر فوق ظهر الكعبة ففتح المصحف فإذا بالآية الكريمة : فاستفتحوا و خاب كل جبار عنيد فألقاه و رماه
بالسهام و أنشد :
تـهـددني بـجبار iiعـنيد فـها أنـا ذاك جبار iiعنيد إذا ما جائت ربك يوم حشر فـقل يا رب مزقني iiالوليد |
و من أراد أن يقف على جنايات الرجل و أقربائه و أجداده فليقرأ التاريخ الذي اسودت صفحاته بأفعالهم الشنيعة التي لا يسترها شيء و لا يغفل عنها إلا السذج و البلهاء.
أقول : إن للكاتب القدير السيد محمد تقي الحكيم كلاما في هذه الأحاديث يطيب لي نقله ، قال : و الذي يستفاد من هذه الروايات :
1 ـ أن عدد الأمراء أو الخلفاء لا يتجاوز الاثني عشر و كلهم من قريش.
2 ـ أن هؤلاء الأمراء معينون بالنص ، كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل ، لقوله تعالى : و لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل و بعثنا منهم اثنى عشر نقيبا
(2) .
3 ـ أن هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة كما هو مقتضى رواية مسلم : ( ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة) و أصرح من ذلك روايته
الأخرى في نفس الباب : ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى من الناس اثنان) .
---------------------------
(1) تاريخ الخلفاء 250 و غيره.
(2) المائدة/ .12
الشيعة في موكب التاريخ
_17 _
إذا صحت هذه الإستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة و بقائهم و كونهم من المنصوص عليهم من قبله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و هي منسجمة جدا مع حديث الثقلين و بقاؤهما حتى يراد
عليه الحوض ، و صحة هذه الإستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة و الخلافة بالاستحقاق لا بالسلطة الظاهرية ، لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله ، و هي في
حدود السلطة التشريعية لا التكوينية ، لأن هذا النوع من السلطة هو الذي تقتضيه وظيفته كمشرع ، و لا ينافي ذلك ذهاب السلطة منهم في واقعها الخارجي و تسلط الآخرين عليهم ، على أن الروايات تبقى بلا
تفسير لو تخلينا عن حملها على هذا المعنى ، لبداهة أن السلطة الظاهرية قد تولاها من قريش أضعاف أضعاف هذا العدد ، فضلا عن إنقراض دولهم و عدم النص على أحد منهم ـ أمويين و عباسيين ـ باتفاق
المسلمين.
و من الجدير بالذكر أن هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح و المسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة ، فلا تحتمل أن تكون من الموضوعات بعد إكتمال العدد المذكور ، على أن جميع رواتها من أهل السنة
و من الموثوقين لديهم ، و لعلهم حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث ، و محاولة ملائمتها للواقع التاريخي كان منشأها عدم تمكنهم من تكذيبها ، و من هنا تضاربت الأقوال في توجيهها و بيان المراد
منها.
و السيوطيـبعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلةـخرج برأي غريب و هو : إنه وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة ، و الحسن ، و معاوية ، و ابن الزبير ، و عمر بن عبد العزيز في بني أمية ، و
كذلك الظاهر لما اوتيه من العدل ، و بقي اثنان منتظران ، أحدهما المهدي لأنه من أهل بيت محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و لم يبين المنتظر الثاني ، و رحم الله من قال في السيوطي : انه حاطب ليل.
يستفاد من حديث الثقلين أمور مهمة لو اهتمت بها الأمة لاجتمعت على مائدة أهل البيت و استغنت عن غيرهم ، و ها هي :
1 ـ إن اقتران العترة الطاهرة بالقرآن الكريم إشارة إلى أن عندهم علم القرآن بحقيقته المنزلة .
2 ـ إن التمسك بالكتاب و العترة يعصم من الضلالة و لا يغني أحدهما عن الآخر.
3 ـ يحرم التقدم على العترة كما يحرم الابتعاد عنهم.
4 ـ إن العترة لا تفارق الكتاب ، و إنهما باقيان إلى يوم القيامة.
أفيصح بعد هذه التصريحات و الإشارات الإعراض عن العترة و لزوم غيرهم.
الشيعة في موكب التاريخ
_18 _
و قد اكتفينا من الوصايا في حق علي و أهل بيتهـعليهم السلامـبهذه الأحاديث الثلاثة ، و أرجئنا سائر الوصايا كحديث يوم الانذار و حديث الغدير إلى آونة أخرى.
إذا وقفت على هذه الأحاديث الحاثة على لزوم الإقتفاء بعلي و أهل بيتهـعليهم السلامـهلم معي نقرأ أسماء من اقتفى بعلي و إهتدى بهداه من الصحابة و التابعين لهم بإحسان ، و نكتفي بالمشاهير من رواد
التشيع في ذلك القرن ، و ذلك ما تقرأه في البحث التالي :
الشيعة في كلمات المؤرخين و أصحاب الفرق :
قد غلب استعمال لفظ الشيعة بعد عصر الرسول تبعا له فيمن يوالي عليا و أهل بيته و يعتقد بإمامته و وصايته ، و يظهر ذلك من خلال كلمات المؤرخين و أصحاب المقالات و التي نشير إلى بعضها :
1 ـ روى المسعودي في حوادث وفاة النبي : ان الإمام عليا ( عليه السلام ) أقام و من معه من شيعته في منزله بعد أن تمت البيعة لأبي بكر
(1) .
2 ـ قال أبو مخنف : اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد فذكروا هلاك معاوية فحمدنا الله عليه فقال : إن معاوية قد هلك ، و إن حسينا قد تقبض على القوم ببيعته و قد خرج إلى مكة و أنتم شيعته و
شيعة أبيه
(2) .
3 ـ و قال محمد بن أحمد بن خالد البرقي ( ت 274) : إن أصحاب علي ينقسمون إلى الأصحاب ثم الأصفياء ثم الأولياء ، ثم شرطة الخميس ... و من الأصفياء سلمان الفارسي ، و المقداد ، و أبو
ذر ، و عمار ، و أبو ليلى ، و شبير ، و أبو سنان ، و أبو عمرة ، و أبو سعيد الخدري ، و أبو برزة ، و جابر بن عبد الله ، و البراء بن عازب ، و طرفة الأزدي
(3) .
4 ـ و قال النوبختي ( ت 313) : إن أول الفرق الشيعة ، و هم فرقة علي ابن أبي طالب ، المسمون شيعة علي في زمان النبي و بعده ، معروفونبانقطاعهم إليه و القول بإمامته
(4) .
5 ـ و قال أبو الحسن الأشعري : و إنما قيل لهم الشيعة ، لأنهم شايعوا عليا ، و ( عليه السلام ) يقدمونه على سائر أصحاب رسول الله
(5) .
6 ـ و يقول الشهرستاني : الشيعة هم الذين شايعوا عليا ( عليه السلام ) على الخصوص ، و قالوا بإمامته و خلافته نصا و وصية
(6) .
7 ـ و قال ابن حزم : و من وافق الشيعة في أن عليا أفضل الناس بعد رسول الله و أحقهم بالإمامة ، و ولده من بعده ، فهو شيعي ، و إن خالفهم في ما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون ، فإن خالفهم فيما ذكرنا فليس
شيعيا
(7) .
---------------------------
(1) الوصية للمسعودي 121 طبع النجف.
(2) مقتل الإمام الحسين لأبي مخنف : تحقيق حسن الغفاري 15 و لا حظ .16
(3) الرجال للبرقي : ( طبع طهران) ، و لا حظ فهرست ابن النديم 263 ( طبع القاهرة) و عبارته قريبة من عبارة البرقي.
(4) فرق الشيعة .15
(5) مقالات الإسلاميين 1/65 طبع مصر.
(6) الملل و النحل 1/ .131
(7) الفصل في الملل و النحل 2/113 طبع بغداد.
الشيعة في موكب التاريخ
_19 _
هذا غيض من فيض و قليل من كثير مما جاء في كلمات المؤرخين و أصحاب المقالات ، تعرب عن أن لفيفا من الأمة في حياة الرسول و بعده إلى عصر الخلفاء و بعدهم كانوا مشهورين بالتشيع لعلي ، و أن
لفظة الشيعة مما نطق بها الرسول و تبعته الأمة في ذلك.
و أن الإمام علي و إن تسامح و تساهل في أخذ حقهـتبعا لمصالح عظيمة مكنونة في مثل هذا التصرف الحكيم ـ إلا أن حقيقة استخلاف النبي له أمست فكرة عقائدية ثابتة في النفوس و القلوب ، و تضاعف
عدد المؤمنين بها و المتشيعين له على مرور الأيام ، و رجع الكثير من المسلمين إلى الماضي القريب ، و احتشدت في أذهانهم صور عن مواقف النبي ( صلى الله عليهو آله و سلم ) ، تلك المواقف التي كان يصرح
فيها باستخلاف علي من بعده تارة ، و يلمح فيها أخرى ، فالتفوا حول علي ـ عليه السلام ـ و أصبحوا من الدعاة الأوفياء له في جميع المراحل التي مر بها ، و ما زال التشيع ينمو و ينتشر بين المسلمين في الأقطار
المختلفة ، يدخلها مع الإسلام جنبا إلى جنب ، بل أن حقيقته استحكمت من خلال التطبيق العملي لهذا الاستخلاف عبر السنوات القصيرة التي تولى فيها الإمام علي ( عليه السلام ) منصب الخلافة بعد مقتل عثمان ابن
عفان ، فشاعت بين المسلمين أحاديث استخلافه ، و وجد الناس من سيرته و زهده و حكمته ما أكد لهم صحة تلك المرويات ، و أنه هو المختار لقيادة الأمة و حماية القرآن و نشر تعاليمه و مبادئه
(1) .
و إذا كان العنصر المقوم لإطلاق عبارة الشيعة هو مشايعة علي ( عليه السلام ) بعد النبي الأكرم في الزعامة و الوصاية أولا ، و في الفعل و الترك ثانيا ، فإنه من غير المنطقي محاولة افتراض علة اجتماعية أو سياسية أو
كلامية لتكون هذه الفرقة.
و من أجل أن ترتسم في الأذهان الصورة واضحة عن مجسدي هذه التسمية في تلك الحقبة البعيدة في التاريخ و الملاصقة لعصر الرسالة الأول ، نستعرض جملة من رواد هذا الميدان المقدس و الذين يعدون
بحق أوائل حملة هذه التسمية المباركة على وجه الاجمال.و من أراد التفصيل فليرجع إلى ما كتب حولهم من المؤلفات ، و سنأتي بأسماء تلك الكتب في آخر البحث :
---------------------------
(1) الشيعة بين الأشاعرة و المعتزلة 28ـ .29
الشيعة في موكب التاريخ
_20 _
رواد التشيع في عصر النبي :
إن الاحالة للتعرف على رواد التشيع إلى الكتب المؤلفة في ذلك المضمار لا تخلو من عسر و غموض ، قد تدفع بالأمر إلى جملة من المرادات و المناقشات ، إلا إنا سنقتصر في حديثنا على إيراد جملة من أولئك
الصحابة الذين اشتهروا بالتشيع و نسبوا له :
(1) عبد الله بن عباس.
(2) الفضل بن العباس.
(3) عبيد الله بن العباس.
(4) قثم بن العباس.
(5) عبد الرحمان بن العباس.
(6) تمام بن العباس.
(7) عقيل بن أبي طالب.
(8) أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب.
(9) نوفل بن الحرث.
(10) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
(11) عون بن جعفر.
(12) محمد بن جعفر.
(13) ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب.
(14) الطفيل بن الحرث.
(15) المغيرة بن نوفل بن الحارث.ـعبد الله بن الحرث بن نوفل.
الشيعة في موكب التاريخ
_21 _
(17) عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث.
(18) العباس بن ربيعة بن الحرث.
(19) العباس بن عتبة بن أبي لهب.
(20) عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث.
(21) جعفر بن أبي سفيان بن الحرث.
هؤلاء من مشاهير بني هاشم ، و أما غيرهم فإليك أسماء لفيف منهم :
(22) سلمان المحمدي.
(23) المقداد بن الأسود الكندي.
(24) أبو ذر الغفاري.
(25) عمار بن ياسر.
(26) حذيفة بن اليمان.
(27) خزيمة بن ثابت.
(28) أبو أيوب الأنصاري ، مضيف النبي.
(29) أبو الهيثم مالك بن التيهان.
(30) أبي بن كعب.
(31) سعد بن عبادة.
(32) قيس بن سعد بن عبادة.
(33) عدي بن حاتم.
(34) عبادة بن الصامت.ـبلال بن رباح الحبشي.
الشيعة في موكب التاريخ
_22 _
(36) أبو رافع مولى رسول الله.
(37) هاشم بن عتبة.
(38) عثمان بن حنيف.
(39) سهل بن حنيف.
(40) حكيم بن جبلة العبدي.
(41) خالد بن سعيد بن العاص.
(42) ابن الحصيب الأسلمي.
(43) هند بن أبي هالة التميمي.
(44) جعدة بن هبيرة.
(45) حجر بن عدي الكندي.
(46) عمرو بن عدي الحمق الخزاعي.
(47) جابر بن عبد الله الأنصاري.
(48) محمد بن أبي بكر.
(49) أبان بن سعيد بن العاص.
(50) زيد بن صوحان العبدي.
هؤلاء خمسون صحابيا من الطبقة الأولى للشيعة ، فمن أراد التفصيل و الوقوف على حياتهم و تشيعهم فليرجع إلى الكتب المؤلفة في الرجال ، و لكن بعين مفتوحة و بصيرة نافذة.
و في الختام نورد ما ذكره محمد كرد علي في كتابه ( خطط الشام ) قال : عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله ( صلى الله عليهو آله و سلم ) مثل سلمان الفارسي القائل : بايعنا
رسول الله على النصح للمسلمين و الائتمام بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) و الموالاة له.
و مثل أبي سعيد الخدري الذي يقول : امر الناس بخمس فعملوا بأربع و تركوا واحدة.
الشيعة في موكب التاريخ
_23 _
و لما سئل عن الأربع ، قال : الصلاة ، و الزكاة ، و صوم شهر رمضان ، و الحج.
قيل : فما الواحدة التي تركوها ؟
قال : ولاية علي بن أبي طالب.
قيل له : و انها لمفروضة معهن ؟
قال : نعم هي مفروضة معهن.
و مثل أبي ذر الغفاري ، و عمار بن ياسر ، و حذيفة بن اليمان ، و ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت ، و أبي أيوب الأنصاري ، و خالد بن سعيد ، و قيس بن سعد بن عبادة
(1) .
الكتب المؤلفة حول رواد التشيع :
إن لفيفا من علماء الإمامية و مفكريها قاموا بإفراد العديد من المؤلفات القيمة و التي تناولت في متونها بالشرح و التفصيل ما يتعلق برواد التشيع الأوائل و دورهم في تثبيت الأركان العقائدية للفكر الإسلامي
الناصع ، نذكر في هذا المقام ما وقفنا عليه : ـ صدر الدين السيد علي المدني الحسيني الشيرازي ، صاحب كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ، و أنوار الربيع في علم البديع ، و طراز اللغة ، توفي
عام ( 1120 ه) أفرد تأليفا في ذلك المجال أسماه ب ( الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة الإمامية) خص الطبقة الأولى بالصحابة الشيعة ، و خصص الباب الأول لبني هاشم من الصحابة ، و الباب
الثاني في غيرهم منهم.و قام في الباب الأول بترجمة ( 23) صحابيا من بني هاشم لم يفارقوا عليا قط ، كما قام في الباب الثاني بترجمة ( 46) صحابيا
(2) .
---------------------------
(1) خطط الشام 5/ .251
(2) الدرجات الرفيعة 79ـ452 طبع النجف.
الشيعة في موكب التاريخ
_24 _
2 ـ ذكر الشيخ محمد حسين ال كاشف الغطاء في كتابه ( أصل الشيعة و أصولها) أسماء جماعة من الصحابة الذين كانوا يشايعون عليا في حله و ترحاله و قالـمعلقا على قول أحمد أمين الكاتب
المصري : ( و الحق أن التشيع كان مأوى يرجع إليه كل من أراد هدم الإسلام) ـ : و نحن لو لا محافظتنا على مياه الصفا أن لا تتعكر ، و نيران البغضاء أن لا تتسعر ، و أن تنطبق علينا حكمة القائل : ( لا
تنه عن خلق و تأتي بمثله) لعرفناه من الذي يريد هدم قواعد الإسلام بمعاول الالحاد و الزندقة ، و من الذي يسعى لتمزيق وحدة المسلمين بعوامل التقطيع و التفرقة ، و لكنا نريد أن نسأل ذلك الكاتب : أي طبقة
من طبقات الشيعة أرادت هدم الإسلام ؟ هل الطبقة الاولى و هم أعيان صحابة النبي و أبرارهم كسلمان المحمدي أو الفارسي ، و أبي ذر ، و المقداد ، و عمار ، و خزيمة ذي الشهادتين ، و ابن التيهان ، و حذيفة ابن
اليمان ، و الزبير ، و الفضل بن العباس ، و أخيه الحبر عبد الله ، و هاشم بن عتبة المرقال ، و أبي أيوب الأنصاري ، و أبان و أخيه خالد بن سعيد بنالعاص ، و أبي بن كعب سيد القراء ، و أنس بن الحرث بن
نبيه ، الذي سمع النبي يقول : ( إن ابني الحسين يقتل في أرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره ، فخرج أنس و قتل مع الحسين) راجع الإصابة و الاستيعاب و هما من أوثق ما ألف علماء السنة
في تراجم الصحابة ، و لو أردت أن أعد عليك الشيعة من الصحابة و اثبات تشيعهم من نفس كتب السنة لأحوجني ذلك إلى أفراد كتاب ضخم
(1) .
3 ـ كما أن الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين ( 1290ـ1377) قام بجمع أسماء الشيعة في الصحابة حسب حروف الهجاء ، و قال : و إليك اكمالا للبحث بعض ما يحضرني من أسماء الشيعة من
أصحاب رسول الله لتعلم أن بهم اقتدينا ، و بهديهم اهتدينا ، و سأفرد لهمـإن وفق اللهـكتابا يوضح للناس تشيعهم ، و يحتوي على تفاصيل شؤونهم ، و لعل بعض أهل النشاط من حملة العلم و سدنة الحقيقة يسبقني
إلى تأليف ذلك الكتاب ، فيكون لي الشرف إذ خدمته بذكر أسماء بعضهم في هذا الباب و هي على ترتيب حروف الهجاء.
ثم ابتدأ بأبي رافع القبطي مولى رسول الله ، و ختمهم بيزيد بن حوثرة الأنصاري ، و لم يشر إلى شيء من حياتهم ، و إنما ألقى ذلك على الأمل أو على من يسبقه من بعض أهل النشاط.
إلا أنه رحمه الله ذكر ما يربو على المائتين من أسمائهم
(2) .ـقام الخطيب المصقع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ( حفظه الله) بذكر أسماء رواد التشيع في عصر الرسول في كتابه المطبوع ( هوية
التشيع) فجاء باسم مائة و ثلاثين من خلص أصحاب الإمام من الصحابة الكرام ، و قال بعد ذكره لتنويه النبي باستخلاف علي في غير واحد من المواقف : و لا يمكن أن تمر هذه المواقف و الكثير الكثير من
أمثالها من دون أن تشد الناس لعلي ، و دون أن تدفعهم للتعرف على هذا الانسان الذي هو وصي النبي ، ثم لا بد للمسلمين من اطاعة الأوامر التي وردت في النصوص ، و الالتفات حول من وردت فيه ، ذلك
معنى التشيع الذي نقول ان النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) هو الذي بذر بذرته ، و قد أينعت في حياته ، و عرف جماعة بالتشيع لعلي و الالتفاف حوله ، و للتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من
الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم للإمام علي
(3) .
---------------------------
(1) أصل الشيعة و اصولها 53ـ54 مطبة العرفان.
(2) الفصول المهمة في تأليف الأمة 179ـ .190
(3) هوية التشيع .34
الشيعة في موكب التاريخ
_25 _
5 ـ آخرهم و ليس أخيرهم كاتب هذه السطور حيث قام مجيبا دعوة السيد شرف الدين فألف كتابا في ذلك المجال في عدة أجزاء ، نشر منه جزءان ، و انتهينا في الجزء الثاني من ترجمة أبي ذر ( جندب بن
جناده) ذلك الصحابي العظيم ، و الكتاب باللغة الفارسية ، و نقله إلى العربية الشيخ المحقق البارع جعفر الهادي و طبع و نشر.
و أخيرا فإن من أراد أن يقف بشكل جلي على رواد التشيع في كتب الرجال لأهل السنة فإن هذا الأمر ليس بمتعسر و لا بممتنع ، و التي يمكننا الإشارة إلى البعض منها أمثال :
1 ـ الاستيعاب لابن عبد البر ( ت 456) .
2 ـ أسد الغابة للجزري ( ت 606) .
3 ـ الإصابة لابن حجر ( ت 852) .
و غير ذلك من أمهات كتب الرجال المعروفة.