المؤلف :
الشيخ المحقق جعفر السبحانى
الناشر : بيروت ـ لبنان
معاونية شؤون التعليم و البحوث
الطبعة : الأولى
تاريخ النشر : 1413 هـ ق

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


  لا يأتي المرء بجديد إذا ذهب إلى القول بأن الحقبة الزمنية التي شهدت البعثة المباركة لخاتم الأنبياء محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و سنوات عمره المعطاءة القصيرة كانت تشكل بحد ذاتها إنعطافا رهيبا و تحولا كبيرا في حياة البشرية في وقت شهد فيه الخط البياني الدال على مدى الإبتعاد المتسارع عن المنهج السماوي و شرائعه المقدسة انحدارا عميقا و ترديا ملحوظا أصبح من العسير على أحد تحديد مدى انتهائه و حدود أبعاده.
  بلى ، ان مجرد الاستقراء المتعجل لأبعاد التحول الفكري و العقائدي في حياة البشرية عقيب قيام هذه الدعوة السماوية في أرض الجزيرة ـ المسترخية على رمال الوهم و الخداع و سيل الدم المتدافع ـ يكشف و بلا تطرف و محاباة عظم ذلك التأثير الإيجابي الذي يمكن تحديد مساره من خلال رؤية التحول المعاكس في كيفية التعامل اليومي مع أحداث الحياة و تطوراتها ، وبالتالي في فهم الصورة الحقيقية لغاية خلق الإنسان و دوره في بناء الحياة.
  كما أن هذه الحقائق المجسدة تكشف بالتالي عن عظم الجهد الذي بذله صاحب الرسالة صلى الله عليه و آله و سلم في تحقيق هذا الأمر و تثبيت أركانه ، في وقت‏شهدت فيه البشرية جمعاء ضياعا ملحوظا في جميع قيمها و معتقداتها ، وخلطا و تزييفا مدروسا في مجمل عقائدها و مرتكزات أفكارها ، كرس بالتالي مسارها المبتعد عن الخط السماوي و مناهجه السوية ، و ان أي استعراض لمجمل القيم السائدة آنذاك ـ و التي كانت تشكل المعيار الأساسي و المفصل المهم الذي تستند إليه مجموع السلوكيات الفردية و الجماعية و تشذب من خلاله ـ يكشف عن عمق المأساة التي كانت تعيشها تلك الامم في تلك الأزمنة الغابرة.
  فمراكز التشريع الحاكمة آنذاكـو التي تعتبر في تصور العوام و فهمهم مصدر القرار العرفي و الشرعي المدير لشؤون الناس و المتحكم بمصائرهم و مسار تفكيرهم ـ تنحصر في ثلاث مراكز معلومة أركانها الإساسية : اليهود بما يتملكونه من طرح عقائدي و فكري يستند إلى ثروات طائلة كبيرة ، والصليبيون بما يشكلونه في قوة مادية ضخمة تمتد مفاصلها و مراكزها إلى أبعد النقاط و الحدود ، و أصحاب الثروة و الجاه من المتنفذين و المتحكمين في مصائر الناس .

الشيعة في موكب التاريخ _2 _

  و من هنا فإن كل الضوابط الأخلاقية و المبادى‏ء العرفية و العلاقات الروحية و الاجتماعية كانت تخضع لتشذيب تلك المراكز و توجيهها بما يتلائم و توجهاتها التي لا تحدها أي حدود .
  إن هذه المراكز الفاسدة كانت تعمل جاهدة لأن تسلخ الإنسان من كيانه العظيم الذي أراده الله تعالى له ، ودفعه عن دوره الكبير الذي خلق من أجله عند ما قال تعالى للملائكة : إني جاعل في الأرض خليفة بل تعمل جاهدة لأن تحجب تماما رؤية هذه الحقيقة العظيمة عن ناظر الإنسان‏ليبقى دائما بيدقا أعمى تجول به أصابعهم الشيطانية لتنفيذ أفكارهم المنبعثة من شهواتهم المنحرفة. و أما ما يمكن الاعتقاد به من بقايا آثار الرسالات السابقة ، فلا تعدو كونها ذبالات محتضرة لم تستطع الصمود أمام تيارات التزييف و الكذب و الخداع التي مسخت صورتها إلى أبعد الحدود .
  نعم بعث محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) إلى قوم خير تعبير عنهم قول جعفر بن أبي طالب للنجاشي : أيها الملك كنا أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسي‏ء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف.
  هذا في الوقت الذي كانت فيه مراكز القوى تلك تتضخم و تتعاظم على حساب ضياع البشرية و موت مبادئها.
  و هكذا فقد كانت الدعوة الإسلامية الفتية و صاحبها ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في مواجهة هذه المراكز بامداداتها الرهيبة و قدراتها العظيمة ، والتي شكلت أعنف مواجهة شرسة و قتال ليس له مثيل صبغ أرض الجزيرة و رمالها الصفراء ، بلون أحمر قاني لسنوات لم يعرف فيها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و خيرة أصحابه للراحة طعما و للسكون مسكنا.
  إن تلك الحصون المليئة بالشر و الخراب لم تتهاوى إلا بعد جهد جهيد وسيل جارف من الدماء الطاهرة التي لا توزن بها الجبال ، من رجال أوقفوا أنفسهم و أرواحهم من أجل هذا الدين و صاحبه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) .

الشيعة في موكب التاريخ _3 _

  استطاع رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أن يقيم حكومة الله تعالى في الأرض و أن يثبت فيها الأركان على أساس الواقع و الوجود ، فلم تجد آنذاك كل قوى الشر بدامن الإختباء في زوايا العتمة و الظلام تتحين الفرص السانحة و الظروف الملائمة للانقضاض على هذا البنيان الذي بدا يزداد شموخا و علوا مع تقادم السنين.
  و لقد كان رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يدرك عيانا أن نقطة ضعف هذه الامة يكمن في تفرقها و في تبعثر جهودها مما سيمكن من ظهور منافذ مشرعة في هذا البنيان الكبير لا تتردد أركان الكفر و أعداء الدين المتلونين و المتسترين من النفوذ خلالها و التسلل بين أهلها ، وفي ذلك الخطر الأكبر.و لذا فإن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان يصرح و يحذر من افتراق امته ، و يلوح للمفترقين بالنار و الجحيم.
  بيد أن ما حذر منه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و ما كان يخشاه ، بدت أول معالمه الخطرة تتوضح في اللحظات الاولى لرحيله صلى الله عليه و آله و سلم و انتقاله إلى عالم الخلود ، وعندها وجد أعداء هذا الدين الفرصة مواتية للولوج إلى داخل هذا البناء و العمل على هدمه بمعاول أهله لا بمعاولهم هم.
  فتفرقت هذه الأمة فرقا فرقا و جماعات جماعات ، لا تتردد كل واحدة من أن تكفر الاخرى و تكيل لها التهم الباطلة و الافتراءات الظالمة ، و انشغل المسلمون عن اعدائهم بقتال اخوانهم و التمثيل بأجسادهم ، وحل بالأمة وباء و بيل بدا يستشري في جسدها الغض بهدوء دون أن تنشغل بعلاجه.
  نعم بعد هذه السنين المرة من الفرقة و التشتت بدا المسلمون في اخريات المطاف يلعقون جراح خلفتها سيوف إخوانهم لا سيوف أعدائهم في حين ينظر إليهم أعدائهم بتشف و شماتة ، إن ما حل بالمسلمين من مصائب و تخلف في كافة المستويات أوقعتهم في براثن المستعمرين أعداء الله و رسله يعود إلى تفرق كلمتهم و تبعثر جهودهم و تمزق وحدتهم ، ولعل نظرة عاجلة لما يجري في بقاع المعمورة المختلفة يوضح لنا هذه الصورة المؤلمة و المفجعة ، فمن فلسطين مرورا بلبنان و افغانستان و البوسنة و الهرسك و الصومال و غيرها و غيرها مشاهد مؤلمة لنتائج هذا التمزق و التبعثر.

الشيعة في موكب التاريخ _4 _

  و إن كان من كلمة تقال فإن للجهود المخلصة الداعية إلى الالتفات إلى مصدر الداء لا أعراضه فقط الثقل الأكبر في توقي غيرها من المضاعفات الخطيرة التي تتولد كل يوم في بلد من بلاد المسلمين لا في غيرها.
  و لا نغالي إذا قلنا بأن للجمهورية الإسلامية في إيران و مؤسسها الإمام الخمينيـرضوان الله تعالى عليهـالفضل الأكبر في تشخيص موضع الداء و تحديد موطنه.
  و لعل الإستقراء المختصر لجمل توجيهات الإمامـرحمه اللهـطوال حياته و لسنين طويلة يدلنا بوضوح على قدرته التشخيصية في وضع يده على موضع الداء ، ودعوته إلى الالتفات إلى ذلك ، لا إلى الإنشغال بما عداه.
  فمن نداء له ـ رحمه الله ـ إلى حجاج بيت الله الحرام في عام ( 1399 ه) قال : ومن واجبات هذا التجمع العظيم دعوة الناس و المجتمعات الإسلامية إلى وحدة الكلمة و إزالة الخلافات بين فئات المسلمين ، و على الخطباء و الوعاظ و الكتاب أن يهتموا بهذا الأمر الحياتي و يسعوا إلى إيجادجبهة للمستضعفين للتحرر بوحدة الجبهة و وحدة الكلمة و شعار ( لا إله إلا الله) من أسر القوى الأجنبية الشيطانية و المستعمرة و المستغلة ، و للتغلب بالاخوة الإسلامية على المشاكل.
  يا مسلمي العالم ، ويا أتباع مدرسة التوحيد رمز كل مصائب البلدان الإسلامية هو اختلاف الكلمة و عدم الإنسجام ، ورمز الانتصار وحدة الكلمة و الإنسجام ، و قد بين الله تعالى ذلك في جملة واحدة : واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و الاعتصام بحبل الله تبيان لتنسيق جميع المسلمين من أجل الإسلام و في اتجاه الإسلام و المصالح المسلمين ، والإبتعاد عن التفرقة و الإنفصال و الفئوية التي هي أساس كل مصيبة و تخلف.

الشيعة في موكب التاريخ _5 _

  و قالـرحمه الله ـ في كلمة له مع و فد من كبار علماء الحرمين الشريفين ( 1399 ه) : رمز انتصار المسلمين في صدر الإسلام كان وحدة الكلمة و قوة الإيمان.
  لو كان ثمة وحدة كلمة إسلامية ، و لو كانت الحكومات و الشعوب الإسلامية متلاحمة فلا معنى لأن يبقى ما يقارب مليار إنسان مسلم تحت سيطرة القوى الأجنبية ، لو أن هذه القدرة الإلهية الكبرى تقترن بقوة الإيمان و يسيروا جميعا متآخين على طريق الإسلام فلا تستطيع أية قوة أن تتغلب عليهم.
  و أكد ـ رحمه اللهـعلى مغزى سر انتصار المسلمين في صدر الإسلام الأول رغم قلة عددهم و تواضع امكانياتهم ، و انكسارهم في الوقت الحاضر مع عظم امكانياتهم و كثرة عددهم بقوله : يا مسلمي العالم ما ذا دهاكم فقد دحرتم في صدر الإسلام بعدة قليلة جدا القوى العظمى و أوجدتم الأمةالكبرى الإسلامية الإنسانية ، و اليوم و أنتم تقربون من مليار إنسان و تملكون مخازن الخيرات الكبرى التي هي أكبر حربة تقفون أمام العدو بمثل هذا الضعف و الإنهيار ، أتعلمون أن كل مآسيكم تكمن في التفرقة و الاختلاف بين زعماء بلدانكم و بالتالي بينكم أنتم أنفسكم .
  و قال أيضا : اثارة الاختلافات بين المذاهب الإسلامية من الخطط الإجرامية التي تدبرها القوى المستفيدة من الخلافات بين المسلمين ، بالتعاون مع عملائها الضالين بمن فيهم وعاظ السلاطين المسودة وجوههم أكثر من سلاطين الجور أنفسهم ، و هؤلاء يؤججون نيران هذه الاختلافات باستمرار ، و كل يوم يرفعون عقيرتهم بنعرة جديدة ، و في كل مرحلة ينفذون خطة لإثارة الخلافات ، آملين بذلك هدم صرح الوحدة بين المسلمين من أساسه.
  و هكذا فإن الصورة تبدو أكثر وضوحا عند قراءة سلسلة خطب الإمام الخميني و توصياته المستمرة إلى عموم المسلمين و خصوصا في مواسم الحج التي تشكل أفضل تجمع إسلامي تشارك فيه أعداد ضخمة من المسلمين و من شتى بقاع المعمورة في مؤتمر ضخم لا بد من أن يكرسه المسلمون لتدارس أمورهم و علاج مشاكلهم و مناقشة معتقداتهم ، حيث أن الإمامـرحمه اللهـكان يواظب على اثارة هذه الأمور الحساسة و المهمة في حياة الإسلام و المسلمين ، و لم يدخر في ذلك جهدا.
  كما أن الإطلاع على فتاوى الإمامـرضوان الله تعالى عليهـيكشف بوضوح عمق توجهه إلى هذا الأمر الحيوي و الدقيق ، و تأكيده عليه.

الشيعة في موكب التاريخ _6 _

  فمن توجيهاته ـ رحمه الله ـ إلى الحجاج نورد هذه الملاحظات المختصرة : قال : يلزم على الإخوة الإيرانيين و الشيعة في سائر البلدان الإسلامية أن يتجنبوا الأعمال السقيمة المؤدية إلى تفرقة صفوف المسلمين ، و يلزم الحضور في جماعات أهل السنة ، و الإبتعاد بشدة عن تشكيل صلاة الجماعة في المنازل و وضع مكبرات الصوت بشكل غير مألوف و عن إلقاء النفس على القبور المطهرة و عن الأعمال التي قد تكون مخالفة للشرع.
  يلزم و يجزي ( أي يكفي) في الوقوفين متابعة حكم القاضي من أهل السنة ، و إن حصل لكم القطع بخلافه.
  على عامة الإخوة و الأخوات في الدين أن يلتفتوا إلى أن واحدا من أهم أركان فلسفة الحج إيجاد التفاهم و ترسيخ الإخوة بين المسلمين.
  و غير ذلك من الفتاوى المهمة التي ندعو جميع المسلمين إلى مطالعتها و التأمل فيها.
  و على هذا الخط المبارك و اصلت الجمهورية الإسلامية مسارها في الدعوة إلى وحدة كلمة المسلمين بعد رحيل الإمام الخمينيـرضوان الله تعالى عليهـو أخذت تؤكد عليه في كل مناسبة و مكان على لسان قائدها سماحة آية الله السيد علي الخامنئيـحفظه اللهـو باقي مسؤوليها ، و لم تدخر جهدا في العمل على اقامة هذا الأمر الشرعي المهم و الدفاع عنه ، من خلال توجيهاتها المستمرة في هذا المنحى أو دعمها غير المحدود لكل الجهود المخلصة في هذا الميدان.
  و أخيرا ... فإن هذا الكتاب الماثل بين يديك أخي القارى‏ء الكريمـو الذي أبدع في اخراجه يراع أحد أساتذة جامعة مدينة قم العلمية ، و هوالباحث القدير الشيخ جعفر السبحانيـدعوة للتأمل ضمن الحدود التي أشرنا إليها في حديثنا ، و هي بالتالي تعكس صورة صادقة عن حجم الهجمة الكافرة التي أرادت تمزيق الأمة و دفعها إلى التشتت و التشرذم ، و بيان كم أخذت من مساحة واسعة في فكر هذه الأمة و معتقداتها.
  بلى لسنا في معرض الدفاع عن الوجود المقدس لهذه الشريعة السماوية فحسب ، بل ابتغينا إزاحة اللثام و إماطة الخبث عن الدسائس الخبيثة التي تريد بالأمة الهلاك.
  و قد قامت معاونية شؤون التعليم و البحوث بنشره ، حتى يعم نفعه و يتعرف المسلمون على الشيعة عن كثب.
  و الله تعالى من وراء القصد.

الشيعة في موكب التاريخ _7 _

مبدأ التشيع و تاريخ نشأته
  زعم غير واحد من الكتاب القدامى و الجدد : أن التشيع كسائر المذاهب الإسلامية من إفرازات الصراعات السياسية ، في حين يذهب البعض الآخر إلى القول بأنه نتاج الجدال الكلامي و الصراع الفكري ، فأخذوا يبحثون عن تاريخ نشوئه و ظهوره في الساحة الإسلامية ، و كأنهم يتلقون التشيع كظاهرة جديدة وافدة على المجتمع الإسلامي ، و يعتقدون بأن القطاع الشيعي و إن كان من جسم الأمة الإسلامية إلا أنه تكون على مر الزمن نتيجة لأحداث و تطورات سياسية أو اجتماعية فكرية أدت إلى تكوين هذا المذهب كجزء من ذلك الجسم الكبير و من ثم اتسع ذلك الجزء بالتدريج .
  و لعل هذا التصور الخاطى‏ء لمفهوم التشيع هو ما دفع أصحاب هذه الاطروحات إلى التخبط و التعثر في فهمهم لحقيقة نشوء هذا المذهب ، و محاولاتهم الرامية لتقديم التفسير الأصوب ، و لو أن أولئك الدارسين شرعوافي دراستهم لتاريخ هذه النشأة من خلال الاطروحات العقائدية و الفكرية التي ابتنى عليها التشيع لأدركوا بوضوح و دون لبس أن هذا المذهب لا يشكل في جوهر تكوينه و قواعد أركانه إلا الإمتداد الحقيقي للفكر العقائدي للدين الإسلامي و الذي قام عليه كيانه.
  و إذا كان البعض يذهب إلى الاعتقاد بأن التشيع يظهر بأوضح صوره من خلال الالتفات و المشايعة للوصي الذي اختاره رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) خليفة له بأمر الله تعالى ليكون قائدا و إماما للناسـكما كان رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ففي ذلك أوضح المصاديق على حقيقة هذا النشوء الذي اقترن بنشوء و تبلور الفكر الإسلامي الكبير ، و الذي لا بد له من الاستمرار و التواصل و التكامل حتى بعد رحيل صاحب الرسالة ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و الذي ينبغي له أن يكون الاستمرار الحقيقي لتلك العقيدة السماوية و حامل أعباء تركتها.
  فإذا اعتبرنا بأن التشيع يرتكز أساسا في استمرار القيادة بالوصي ، فلا نجد له تأريخا سوى تأريخ الإسلام ، و النصوص الواردة عن رسوله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) .
  روى أصحاب الصحاح و المسانيد نصوصا كثيرة في وصاية الإمام أمير المؤمنين ، و إذا كانت تلك النصوص من القوة و الحجية التي لا يرقى إليها الشك ، و تعد و بدون تردد ركائز عقائدية أراد أن يثبت اسسها رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، فهي بلا شك تدل و بوضوح على أن هذه الاستجابة اللاحقة استمرار حقيقي لما سبقها في عهد رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و إذا كان كذلك فإن جميع من استجابوا لرسول الله ( صلى الله عليه‏و آله و سلم ) ، و انقادوا له انقيادا حقيقيا ، يعدون بلا شك رواد التشيع و حاملي بذوره الأوائل ، فالشيعة هم المسلمون من المهاجرين و الأنصار و من تبعهم باحسان في الأجيال اللاحقة ، من الذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة و لم يغيروه و لم يتعدوا عنه إلى غيره ، و لم يأخذوا بالمصالح المزعومة في مقابل النصوص ، و صاروا بذلك المصداق الأبرز لقوله سبحانه : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله و رسوله و اتقوا الله إن الله سميع عليم (1) ففزعوا في الأصول و الفروع إلى علي و عترته الطاهرة ، و انحازوا عن الطائفة الاخرى من الذين لم يتعبدوا بنصوص الخلافة و الولاية و زعامة العترة حيث تركوا النصوص ، و أخذوا بالمصالح .

---------------------------
(1) الحجرات

الشيعة في موكب التاريخ _8 _

 إن الآثار المروية في حق شيعة الإمام عن لسان النبي الأكرم ـ و الذين هم بالتالي شيعة لرسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ترفع اللثام عن وجه الحقيقة ، و تعرب عن التفاف قسم من المهاجرين حول الوصي ، فكانوا معروفين بشيعة علي في عصر الرسالة ، و إن النبي الأكرم وصفهم في كلماته بأنهم هم الفائزون ، و إن كنت في شك من هذا فسأتلوا عليك بعض ما ورد من النصوص في المقام :
  1 ـ أخرج ابن مردويه عن عائشة ، قالت : قلت : يا رسول الله من أكرم الخلق على الله ؟ قال : ( يا عائشة أما تقرأين : إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات اولئك هم خير البرية ) البينة/7 (1) .
  2 ـ أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي ( صلى‏الله عليه و آله و سلم ) فأقبل علي فقال النبي : ( والذي نفسي بيده إن هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة ) ، ونزلت : إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية فكان أصحاب النبي إذا أقبل علي قالوا : جاء خير البرية (2) .
  3 ـ أخرج ابن عدي و ابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا : ( علي خير البرية) (3) .
  4 ـ و أخرج ابن عدي عن ابن عباس قال : لما نزلت : إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) لعلي : ( هو أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين) .
  5 ـ أخرج ابن مردويه عن علي قال : قال لي رسول اللهـصلى الله عليه و آله و سلمـ : ( أ لم تسمع قول الله : إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية أنت و شيعتك ، موعدي و موعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين) (4) .
  6 ـ روى ابن حجر في صواعقه عن أم سلمة : كانت ليلتي ، و كان النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) عندي فأتته فاطمة فتبعها علي ( رضي الله عنهما ) فقال النبي : ( يا علي أنت و أصحابك في الجنة ، أنت و شيعتك في الجنة) (5) .

---------------------------
(1) الدر المنثور للسيوطي 6/ .589
(2) الدر المنثور للسيوطي 6/ .589
(3) نفس المصدر.
(4) نفس المصدر.
(5) الصواعق 161 طبع كلية القاهرة.

الشيعة في موكب التاريخ _9 _

  7 ـ روى ابن الأثير في نهايته : قال النبي مخاطبا عليا : ( يا علي ، إنك ستقدم على الله أنت و شيعتك راضين مرضيين ، و يقدم عليه عدوك غضابا مقمحين ) ثم جمع يده إلى عنقه يريهم كيف الإقماح .
قال ابن الأثير : الإقماح : رفع الرأس و غض البصر (1) .
  8 ـ روى الزمخشري في ربيعه : ان رسول الله قال : ( يا علي ، إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله تعالى ، و أخذت أنت بحجزتي ، و أخذ ولدك بحجزتك ، و أخذ شيعة ولدك بحجزهم ، فترى أن يؤمر بنا ) (2) .
  9 ـ روى أحمد في المناقب : انه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال لعلي : ( أما ترضى إنك معي في الجنة ، و الحسن و الحسين و ذريتنا خلف ظهورنا ، و أزواجنا خلف ذريتنا ، و شيعتنا عن أيماننا و شمائلنا) (3) .
  10 ـ روى الطبراني : أنه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال لعلي : ( أول أربعة يدخلون الجنة أنا و أنت و الحسن و الحسين ( عليهم السلام ) ، و ذريتنا خلف ظهورنا ، و أزواجنا خلف ذرياتنا ، و شيعتنا عن أيماننا و شمائلنا) (4) .
  11 ـ أخرج الديلمي : ( يا علي ، إن الله قد غفر لك و لذريتك و لولدك و لأهلك و لشيعتك ، فابشر انك الأنزع البطين) (5) .
  12 ـ أخرج الديلمي عن النبي أنه قال : ( أنت و شيعتك تردون‏الحوض رواء مرويين ، بيضة وجوهكم ، و إن عدوك يردون الحوض ظماء مقمحين) (6) .
  13 ـ روى المغازلي بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : ( يدخلون من أمتي الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهمـثم التفت إلى علي ( عليه السلام ) فقال : ـ هم شيعتك و أنت إمامهم) (7) .
  14 ـ روى المغازلي عن كثير بن زيد قال : دخل الأعمش على المنصور ، فلما بصر به قال له : يا سليمان تصدر ، قال : أنا صدر حيث جلستـإلى أن قال في حديثه : ـحدثني رسول الله قال : ( أتاني جبرئيلـ عليه السلام ـآنفا فقال : تختموا بالعقيق ، فإنه أول حجر شهد لله بالوحدانية ، و لي بالنبوة ، و لعلي بالوصية ، و لولده بالإمامة ، و لشيعته بالجنة) (8) .
  15 ـ و روى أيضا بسنده إلى سلمان الفارسي عن النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : ( يا علي تختم باليمين تكن من المقربين ، قال : يا رسول الله و من المقربون ؟ قال : جبرئيل و ميكائيل ، قال : فبما أتختم يا رسول الله ؟ قال : بالعقيق الأحمر ، فإنه جبل أقر لله بالوحدانية ، و لي بالنبوة ، و لك بالوصية ، و لولدك بالإمامة ، و لمحبيك بالجنة ، و لشيعتك و شيعة ولدك‏بالفردوس) (9) .
  16 ـ روى ابن حجر : انه مر علي ( عليه السلام ) على جمع فأسرعوا إليه قياما ، فقال : ( من القوم ؟ ) فقالوا : من شيعتك يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : خيرا ، ثم قال : ( يا هؤلاء مالي لا أرى فيكم سمة شيعتنا و حلية أحبتنا ) فأمسكوا حياء ، فقال له من معه : نسألك بالذي أكرمكم أهل البيت و خصكم و حباكم ، لما نبأتنا بصفة شيعتكم فقال : ( شيعتنا هم العارفون بالله ، العاملون بأمر الله ) (10) .
  17 ـ روى الصدوق ( 306ـ381) : ان ابن عباس قال : سمعت رسول الله يقول : ( إذا كان يوم القيامة و رأى الكافر ما أعد الله تبارك و تعالى لشيعة علي من الثواب الزلفى و الكرامة...) (11) .

---------------------------
(1) النهاية مادة قمح 4/106 و رواه ابن حجر في الصواعق .154
(2) ربيع الأبرار.
(3) الصواعق .161
(4) نفس المصدر.
(5) نفس المصدر.
(6) الصواعق .161
(7) مناقب المغازلي .293
(8) مناقب المغازلي 281 ، و رواه السيد البحراني في غاية المرام عنه ، و أنت إذا تدبرت في الآيات الدالة على سريان العلم و الشعور في عامة الموجودات مثل قوله : و إن منها لما يهبط من خشية الله ـ البقرة/74 ـ تستطيع أن تصدق ما جاء في الحديث من شهادة العقيق بوحدانية الله .
(9) علل الشرائع 158 طبع النجف.
(10) الصواعق .161
(11) علل الشرائع 156 طبع النجف.

الشيعة في موكب التاريخ _10 _

  و هذه النصوص المتضافرة الغنية عن ملاحظة اسنادها ، تعرب عن كون علي ( عليه السلام ) متميزا بين أصحاب النبي بأن له شيعة و أتباعا ، و لهم مواصفات و سمات كانوا مشهورين بها ، في حياة النبي و بعدها ، و كان ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يشيد بهم و يبشر بفوزهم ، و هم بلا ريب ليسوا بخارجين قيد أنملة عن الخط النبوي المبارك للفكر الإسلامي العظيم و الذي يؤكد على حقيقة التشيع و مبدأه الذي لا يفترق عن نشوء الدين و استقراره.
  فبعد هذه النصوص لا يصح لباحث أن يلتجى‏ء إلى فروض ظنية أو وهمية في تحديد تكون الشيعة و ظهورها.
  وصايا النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في أهل بيته ( عليهم السلام ) إن التفاف جمع من الصحابة الكرام حول الإمام علي ( عليه السلام ) في حياة النبي الأكرم و بعد رحلته ، كان نتيجة الوصايا النبوية في حق الإمام و أهل بيته ، و هذه الوصايا تهز قلب كل مسلم واع ، و قد أفصح عنها النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في مواقف حاسمة و في مختلف مراحل دعوته ، و كلها تعبر عن حقائق ناصعة ، و هي أن اصادع بالحق كان يحث أصحابه و المسلمين عامة على إتباع الإمام و أهل بيته ، و ينص على مرجعيتهم الكبرى في أمر الدين و الدنيا معا.
  و قد كان هذا دافعا لإنقطاع ثلة كبيرة من الصحابة و التابعين لهم بإحسان إلى الإمام و تقديمهم إياه على غيره في القيادة الدينية بجميع أبعادها و شؤونها ، و صار ذلك سببا للنواة التي بذرها النبي الأكرم و التي نمت و أينعت بعد رحيله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) .فلو كان لكل ظاهرة سبب ، فظاهرة التشيع أثر لتلك الوصايا النبوية و الهتافات الربانية التي تلمسها من الأحاديث ، و إليك بالنزر اليسير من الكثير الوفير.
  1 ـ حديث الثقلين : إن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) نبه الأمة و بين لها المرجع و الملاذ بعد رحيله بقوله : ( يا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، و عترتي أهل بيتي) (1) .
  و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ( إني تركت ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، و عترتي أهل بيتي ، و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) (2) .

---------------------------
(1) كنز العمال 1/44 ، أخرجه الترمذي و النسائي عن جابر.
(2) كنز العمال 1/44 ، أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم.


الشيعة في موكب التاريخ _11 _

  و قال صلى الله عليه و آله و سلم : ( إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء و الأرض و عترتي أهل بيتي ، و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (1) .
  و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، و أهل بيتي ، و أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (2) .
  و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ( إني أوشك أن أدعى فأجيب ، و إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز و جل ، و عترتي.كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، و عترتي أهل بيتي ، و أن اللطيف
  الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) (3) .
  و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في منصرفه من حجة الوداع و نزوله غدير خم : ( كأني دعيت فأجبت ، اني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، و عترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (4) .
  2 ـ حديث السفينة : كما إن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) شبه أهل بيته بسفينة نوح فقال : ( ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجى ، و من تخلف عنها غرق) (5) .
  و في حديث آخر يقول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ( إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجى ، و من تخلف عنها غرق.و إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له) (6) .و في حديث ثالث : ( النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس) (7) .
  و من المعلوم أن المراد ليس جميع أهل بيته على سبيل الاستغراق ، لأن هذه المنزلة ليست إلا لحجج الله ، و هم ثلة منتخبة مصطفاة من أهل بيته ، و قد فهمه ابن حجر فقال : يحتمل أن المراد بأهل البيت الذين هم أمان علماءهم ، لأنهم الذين يهتدى بهم كالنجوم ، و الذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون.
  و قال في مقام آخر : إنه قيل لرسول الله : ما بقاء الناس بعدهم ؟ قال : ( بقاء الحمار إذا كسر صلبه) (8) .
  و المراد من تشبيههم ( عليهم السلام ) بسفينة نوح أن من لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه و أصوله عنهم نجا من عذاب الله ، و من تخلف عنهم كان كمن أوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر الله فما أفاده شيئا فغرق و هلك.

---------------------------
(1) مسند أحمد 5/182 ، 189
(2) المستدرك للحاكم 3/ .148
(3) مسند أحمد 3/17ـ26 ، أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري.
(4) مستدرك الحاكم 3/109 ، أخرجه من حديث زيد بن أرقم.
(5) رواه الحاكم في مستدرك بسنده عن أبي ذر 3/ ، 151
(6) الأربعون حديثا للنبهاني 216 نقله عن الطبراني في الأوسط.
(7) رواه الحاكم في مستدركه بسنده عن ابن عباس 3/ ، 149
(8) الصواعق لابن حجر ( الباب الحادي عشر) : 91 ، 142


الشيعة في موكب التاريخ _12 _

  و الوجه في تشبيههم بباب حطة هو أن الله تعالى جعل ذلك الباب مظهرا من مظاهر التواضع لجلاله ، و البخوع لحكمه ، و بهذا كان سببا للمغفرة ، و قد جعل انقياد هذه الأمة لأهل بيت نبيها و اتباعهم أيضا مظهرامن مظاهر التواضع لجلاله و البخوع لحكمه ، و بهذا كان سببا للمغفرة.
  و قد أوضح ابن حجر حقيقة التشبيه في الحديث الشريف فقال : ( و وجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم و عظمهم شكرا لنعمة مشرفهم ، و أخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، و من تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعيم ، و هلك في مفاوز الطغيان) إلى أن قال : ( و باب حطةـيعني و وجه تشبههم بباب حطةـان الله جعل دخول ذلك الباب الذي هو باب أريحا أو بيت المقدس مع التواضع و الاستغفار سببا للمغفرة ، و جعل لهذه الأمة مودة أهل البيت سببا لها) (1) .
  3ـ الأئمة الاثنا عشر في حديث الرسول صلى الله عليه و آله و سلم :
  إن من تصفح مصنفات الحديث النبوي الشريف يجد أن هناك روايات تحدد و تعين عدد الأئمة بعد الرسول و سماتهم ، من دون ذكر لاسمائهم ، و هي أحاديث الأئمة الاثنى عشر التي رواها أصحاب الصحاح و المسانيد ، و هي على وجه لا ينطبق إلا على من عينهم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم للخلافة و الزعامة ، و لذلك نذكرها في عداد أدلة التنصيص على الخلافة ، و الإمعان فيها يرشد القارى‏ء إلى الحق ، و يأخذ بيده حتى يرسي مركبه على شاطى‏ء الأمان و الحقيقة .و يطيب لي أن أذكر مجموع هذه النصوص فإنها تؤكد بعضها بعضا ، و إليك البيان.

الأئمة الاثنا عشر :
  1 ـ روى البخاري عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول : ( يكون اثنا عشر أميرا) فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : أنه قال : ( كلهم من قريش) (2) .
  2 ـ روى مسلم عنه أيضا ، قال : دخلت مع أبي على النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) فسمعته يقول : ( إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة) ، قال : ثم تكلم بكلام خفي علي ، قال :
  فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من قريش) .
  3 ـ و روى عنه أيضا ، قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يقول : ( لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ) ثم تكلم النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) بكلمة خفيت علي ، فسألت أبي : ما ذا قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) ؟ فقال قال : ( كلهم من قريش) .

---------------------------
(1) لاحظ الصواعق ( الباب الحادي عشر) : .91
(2) صحيح البخاري 9/101 ، كتاب الأحكام ، الباب 51 ( باب الاستخلاف) .

الشيعة في موكب التاريخ _13 _

  4 ـ و روى عنه أيضا نفس الحديث إلا أنه لم يذكر : ( لا يزال أمر الناس ماضيا) .
  5 ـ و روى مسلم عنه أيضا قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) يقول : ( لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها ، فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من قريش) (1) .
  6 ـ وروى مسلم عنه أيضا ، قال : انطلقت إلى رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) و معي أبي فسمعته يقول : ( لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة) فقال كلمة صمنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من قريش) .
  7 ـ و روى مسلم عنه أيضا قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول : ( لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) (2) .
  8 ـ روى أبو داود عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يقول : ( لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر) فكبر الناس و ضجوا ، ثم قال كلمة خفيت علي قلت لأبي : يا أبه ما قال ؟ فقال : قال : ( كلهم من قريش) (3) .
  9 ـ روى الترمذي عن جابر بن سمرة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ( يكون من بعدي اثنا عشر أميرا ) ثم تكلم بشي‏ء لم أفهمه فسألت الذي‏يليني ، فقال : قال : ( كلهم من قريش ) .
  قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، و قد روي من غير وجه عن جابر ، ثم ذكر طريقا آخر إلى جابر (4) .
  10 ـ روى أحمد في مسنده عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يقول : ( يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة ) و رواه عن 34 طريقا (5) .
  11 ـ روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين في كتاب معرفة الصحابة عن عون بن جحيفة عن أبيه ، قال : كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال : ( لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة) ثم قال كلمة و خفض بها صوته ، فقلت لعميـو كان أمامي ـ : ما قال يا عم ؟ قال : يا بني قال : ( كلهم من قريش) (6) .
  12 ـ و روى أيضا بسنده عن جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر ، قال : كنت عند رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) فسمعته يقول : ( لا يزال أمر هذه الأمة ظاهرا حتى يقوم اثنا عشر خليفة) و قال كلمة خفيت علي ، و كان أبي أدنى إليه مجلسا مني فقلت : ما قال ؟ فقال : ( كلهم من قريش) (7) .

---------------------------
(1) صحيح مسلم 6/ .3
(2) صحيح مسلم 6/3ـ .4
(3) صحيح أبي داود 2 ، كتاب المهدي 207 ( طبع مصر) و روي أيضا نحوه بطريقين آخرين.
(4) صحيح الترمذي 2/45 ( طبع عام 1342) .
(5) مسند أحمد 5/86ـ .108
(6) المستدرك على الصحيحين ( كتاب معرفة الصحابة) 3/617ـ618 ( طبع الهند) .
(7) المصدر نفسه.

الشيعة في موكب التاريخ _14 _

14]   13 ـ قال ابن حجر في الصواعق : أخرج الطبراني عن جابر بن سمرةان النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : ( يكون بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش) (1) .
  كما ان رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قد شبه عدة خلفائه بعدة نقباء بني اسرائيل .
  14 ـ فقد روى أحمد بسنده عن مسروق ، قال : كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود و هو يقرئنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال عبد الله بن مسعود : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، و لقد سألنا رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) فقال : ( اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل) (2) .
  15 ـ و رواه الخطيب في تاريخه بسنده عن جابر بن سمرة (3) .
  16 ـ و أورده المتقي الهندي في منتخب كنز العمال عن أحمد و الطبراني في المعجم الكبير ، و الحاكم في المستدرك (4) .
  17 ـ قال السيوطي في تاريخ الخلفاء بسند حسن عن ابن مسعود : إنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال : سألنا عنها رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) فقال : ( اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل) (5) .
  إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على أن الأئمة بعد النبي‏الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) اثنا عشر ، و قد جاء فيها سماتهم و صفاتهم و عددهم ، غير أن المهم هو تعيين مصاديقها و الإشارة إلى أعيانها و أشخاصها ، و لا تعلم إلا باستقصاء و حصر السمات الواردة في هذه الأحاديث ، و هذا ما يمكن إجماله بما يلي :
  1 ـ لا يزال الإسلام عزيزا.
  2 ـ لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا.
  3 ـ لا يزال الدين قائما.
  4 ـ لا يزال أمر الأمة صالحا.
  5 ـ لا يزال أمر هذه الامة ظاهرا.
  6 ـ كل ذلك حتى يمضي فيهم اثنا عشر اميرا من قريش.
  7 ـ و حتى يليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش.
  8 ـ و إن عددهم كعدد نقباء بني إسرائيل.

---------------------------
(1) الصواعق 189
(2) مسند أحمد 1/ 398
(3) تاريخ بغداد 14/353 برقم 7673
(4) منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5/ 312
(5) تاريخ الخلفاء 10

الشيعة في موكب التاريخ _15 _

  و هذه السمات و الخصوصيات لا تتمثل مجتمعة إلا في الأئمة الاثني عشر المعروفين عند الفريقين ، و هذه الأحاديث من أبناء الغيب و معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم ، خصوصا إذا ضمت إليها أحاديث الثقلين و السفينة و كون أهل بيت النبي أمانا لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، و سيوافيك تفصيل هذه الأحاديث الثلاثة.
  فالأئمة الاثنا عشر المعروفون بين المسلمين ، و الذين ينادي بإمامتهم‏الشيعة الإمامية ، و الذين أولهم علي أمير المؤمنين و آخرهم المهدي تنطبق عليهم تلك العلائم ، و من وقف على حياتهم العلمية و الاجتماعية و السياسية يقف على أنهم هم المثل الأعلى في الأخلاق ، و القمة السامقة في العلم و العمل و التقوى و الإحاطة بالقرآن و السنة ، و بهم حفظ الله تعالى دينه و أعز رسالته.
 وأما ما ورد في بعض هذه الطرق أن : ( كلهم تجتمع عليهم الأمة) فهو على فرض الصحة ، فالمراد منه تجتمع على الاقرار بإمامتهم جميعا وقت ظهور آخرهم ، و ـ على فرض الإبهامـلا تمنع عن الأخذ بمضامين الحديث.
  هلم معي نقرأ ما ذا يقول غير الشيعة في حق هذه الأحاديث ، و كيف يؤولونها بالخلفاء القائمين بالأمر بعد النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم ، و إليك نصوص كلامهم :
  1 ـ إن قوله اثنا عشر إشارة إلى عدد خلفاء بني أمية!!و أول بني أمية يزيد بن معاوية و آخرهم مروان الحمار و عدتهم اثنا عشر ، و لا يعد عثمان و معاوية و لا ابن الزبير لكونهم صحابة ، و لا مروان بن الحكم لكونه صحابيا أو لأنه كان متغلبا بعد أن اجتمع الناس على عبد الله بن الزبير ، و ليس على المدح بل على استقامة السلطنة ، و هم يزيد بن معاوية و ابنه معاوية ثم عبد الملك ثم الوليد ثم سليمان ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك ثم الوليد بن يزيد ثم يزيد بن الوليد ثم إبراهيم بن‏الوليد ثم مروان بن محمد (1) .
  و جوابه : أنه لو كان الرسول أراد هذا و لم يكن في مقام مدحهم فأي فائدة في الإخبار بذلك ، ثم كيف يقول انها صدرت على غير سبيل المدح مع ما عرفت من السمات الواردة الصريحة في المدح مثل : ( لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا قائما) ، أو ( أمر أمتي صالحا ) ، والعجب أنه جعل أول الخلفاء يزيد بن معاوية بحجة أنه استقامت له السلطنة ، مع أنه كيف استتبت له السلطنة و قد ثار عليه العراق في السنة الأولى ، و ثار عليه أهل المدينة في السنة الثانية ، و كانت مجموع أيامه مؤلفة من حروب دامية و قتل و نهب و تدمير لا يقربها صاحب ذرة من الشرف و الإيمان.
  2 ـ ( إن المراد أنه يملك اثنا عشر خليفة بهذه السمات بعد وفاة المهدي) (2) و هذا من أغرب التفاسير ، لأن الأخبار ظاهرة في اتصال خلافتهم بعصر النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و لأجل تبادر ذلك في أذهان الناس سألوا عبد الله بن مسعود عن عدد من يملك أمر هذه الأمة.
  3 ـ ما نقله ابن حجر في فتح الباري عن القاضي عياض : ان المراد بهم الخلفاء الذين اجتمع عليهم الناس ، و هم أبو بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، و معاوية ، و يزيد ، و عبد الملك ، و أولاده الأربعة ، الوليد ثم سليمان ثم‏يزيد ثم هشام ، و عمر بن عبد العزيز بن سليمان و يزيد ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، و الثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك (3) .

---------------------------
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13/212 ط دار المعرفة ، و في المصدر : عدتهم ثلاثة عشر .
(2) المصدر نفسه 13/213 و مثله ما نقله أيضا : اثنا عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة.
(3) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13/213 ، و لا حظ تاريخ الخلفاء .11

الشيعة في موكب التاريخ _16 _

  و لا يكاد ينقضي تعجبي من القاضي عياض و ابن حجر كيف يعرفان هؤلاء بمن عز بهم الإسلام و الدين و صار منيعا و فيهم يزيد بن معاوية ذلك السكير المستهتر الذي كان يشرب الخمر و يدع الصلاة ، و لم يكتف بذلك بل ضرب الكعبة بالمنجنيق ، و أباح المدينة ثلاثة أيام بأعراضها و أموالها و أنفسها بعد قتله لابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) الحسين بن علي ( عليه السلام ) و اخوانه و أبنائه و خيرة أصحابه و سير بنات رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) سبايا دون حرمة لجدهم إلى الشام من أرض كربلاء ، فليت شعري ما هو ميزان القوم في تفسيرهم للسنة النبوية و تعاملهم معها ، و كل الحقائق تكذب ما ذهبوا إليه و ما صرحوا به.
  و هل اعتز الإسلام بعبد الملك الذي يكفي في ذكر مساوئه تنصيبه الحجاج على العراق فقتل من الصحابة و التابعين ما لا يخفى ، (1) ؟ ! و كيف اعتز الدين بالوليد بن يزيد بن عبد الملك المنتهك لحرمات الله الذي حاول أن يشرب الخمر فوق ظهر الكعبة ففتح المصحف فإذا بالآية الكريمة : فاستفتحوا و خاب كل جبار عنيد فألقاه و رماه بالسهام و أنشد :

تـهـددني بـجبار iiعـنيد      فـها  أنـا ذاك جبار iiعنيد
إذا ما جائت ربك يوم حشر      فـقل يا رب مزقني iiالوليد

  و من أراد أن يقف على جنايات الرجل و أقربائه و أجداده فليقرأ التاريخ الذي اسودت صفحاته بأفعالهم الشنيعة التي لا يسترها شي‏ء و لا يغفل عنها إلا السذج و البلهاء.
  أقول : إن للكاتب القدير السيد محمد تقي الحكيم كلاما في هذه الأحاديث يطيب لي نقله ، قال : و الذي يستفاد من هذه الروايات :
  1 ـ أن عدد الأمراء أو الخلفاء لا يتجاوز الاثني عشر و كلهم من قريش.
  2 ـ أن هؤلاء الأمراء معينون بالنص ، كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل ، لقوله تعالى : و لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل و بعثنا منهم اثنى عشر نقيبا (2) .
  3 ـ أن هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة كما هو مقتضى رواية مسلم : ( ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة) و أصرح من ذلك روايته الأخرى في نفس الباب : ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى من الناس اثنان) .

---------------------------
(1) تاريخ الخلفاء 250 و غيره.
(2) المائدة/ .12

الشيعة في موكب التاريخ _17 _

  إذا صحت هذه الإستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة و بقائهم و كونهم من المنصوص عليهم من قبله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و هي منسجمة جدا مع حديث الثقلين و بقاؤهما حتى يراد عليه الحوض ، و صحة هذه الإستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة و الخلافة بالاستحقاق لا بالسلطة الظاهرية ، لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله ، و هي في حدود السلطة التشريعية لا التكوينية ، لأن هذا النوع من السلطة هو الذي تقتضيه وظيفته كمشرع ، و لا ينافي ذلك ذهاب السلطة منهم في واقعها الخارجي و تسلط الآخرين عليهم ، على أن الروايات تبقى بلا تفسير لو تخلينا عن حملها على هذا المعنى ، لبداهة أن السلطة الظاهرية قد تولاها من قريش أضعاف أضعاف هذا العدد ، فضلا عن إنقراض دولهم و عدم النص على أحد منهم ـ أمويين و عباسيين ـ باتفاق المسلمين.
  و من الجدير بالذكر أن هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح و المسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة ، فلا تحتمل أن تكون من الموضوعات بعد إكتمال العدد المذكور ، على أن جميع رواتها من أهل السنة و من الموثوقين لديهم ، و لعلهم حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث ، و محاولة ملائمتها للواقع التاريخي كان منشأها عدم تمكنهم من تكذيبها ، و من هنا تضاربت الأقوال في توجيهها و بيان المراد منها.
  و السيوطيـبعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلةـخرج برأي غريب و هو : إنه وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة ، و الحسن ، و معاوية ، و ابن الزبير ، و عمر بن عبد العزيز في بني أمية ، و كذلك الظاهر لما اوتيه من العدل ، و بقي اثنان منتظران ، أحدهما المهدي لأنه من أهل بيت محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، و لم يبين المنتظر الثاني ، و رحم الله من قال في السيوطي : انه حاطب ليل.
  يستفاد من حديث الثقلين أمور مهمة لو اهتمت بها الأمة لاجتمعت على مائدة أهل البيت و استغنت عن غيرهم ، و ها هي :
  1 ـ إن اقتران العترة الطاهرة بالقرآن الكريم إشارة إلى أن عندهم علم القرآن بحقيقته المنزلة .
  2 ـ إن التمسك بالكتاب و العترة يعصم من الضلالة و لا يغني أحدهما عن الآخر.
  3 ـ يحرم التقدم على العترة كما يحرم الابتعاد عنهم.
  4 ـ إن العترة لا تفارق الكتاب ، و إنهما باقيان إلى يوم القيامة.
  أفيصح بعد هذه التصريحات و الإشارات الإعراض عن العترة و لزوم غيرهم.

الشيعة في موكب التاريخ _18 _

  و قد اكتفينا من الوصايا في حق علي و أهل بيتهـعليهم السلامـبهذه الأحاديث الثلاثة ، و أرجئنا سائر الوصايا كحديث يوم الانذار و حديث الغدير إلى آونة أخرى.
  إذا وقفت على هذه الأحاديث الحاثة على لزوم الإقتفاء بعلي و أهل بيتهـعليهم السلامـهلم معي نقرأ أسماء من اقتفى بعلي و إهتدى بهداه من الصحابة و التابعين لهم بإحسان ، و نكتفي بالمشاهير من رواد التشيع في ذلك القرن ، و ذلك ما تقرأه في البحث التالي :

الشيعة في كلمات المؤرخين و أصحاب الفرق :
  قد غلب استعمال لفظ الشيعة بعد عصر الرسول تبعا له فيمن يوالي عليا و أهل بيته و يعتقد بإمامته و وصايته ، و يظهر ذلك من خلال كلمات المؤرخين و أصحاب المقالات و التي نشير إلى بعضها :
  1 ـ روى المسعودي في حوادث وفاة النبي : ان الإمام عليا ( عليه السلام ) أقام و من معه من شيعته في منزله بعد أن تمت البيعة لأبي بكر (1) .
  2 ـ قال أبو مخنف : اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد فذكروا هلاك معاوية فحمدنا الله عليه فقال : إن معاوية قد هلك ، و إن حسينا قد تقبض على القوم ببيعته و قد خرج إلى مكة و أنتم شيعته و شيعة أبيه (2) .
  3 ـ و قال محمد بن أحمد بن خالد البرقي ( ت 274) : إن أصحاب علي ينقسمون إلى الأصحاب ثم الأصفياء ثم الأولياء ، ثم شرطة الخميس ... و من الأصفياء سلمان الفارسي ، و المقداد ، و أبو ذر ، و عمار ، و أبو ليلى ، و شبير ، و أبو سنان ، و أبو عمرة ، و أبو سعيد الخدري ، و أبو برزة ، و جابر بن عبد الله ، و البراء بن عازب ، و طرفة الأزدي (3) .
  4 ـ و قال النوبختي ( ت 313) : إن أول الفرق الشيعة ، و هم فرقة علي ابن أبي طالب ، المسمون شيعة علي في زمان النبي و بعده ، معروفون‏بانقطاعهم إليه و القول بإمامته (4) .
  5 ـ و قال أبو الحسن الأشعري : و إنما قيل لهم الشيعة ، لأنهم شايعوا عليا ، و ( عليه السلام ) يقدمونه على سائر أصحاب رسول الله (5) .
  6 ـ و يقول الشهرستاني : الشيعة هم الذين شايعوا عليا ( عليه السلام ) على الخصوص ، و قالوا بإمامته و خلافته نصا و وصية (6) .
  7 ـ و قال ابن حزم : و من وافق الشيعة في أن عليا أفضل الناس بعد رسول الله و أحقهم بالإمامة ، و ولده من بعده ، فهو شيعي ، و إن خالفهم في ما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون ، فإن خالفهم فيما ذكرنا فليس شيعيا (7) .

---------------------------
(1) الوصية للمسعودي 121 طبع النجف.
(2) مقتل الإمام الحسين لأبي مخنف : تحقيق حسن الغفاري 15 و لا حظ .16
(3) الرجال للبرقي : ( طبع طهران) ، و لا حظ فهرست ابن النديم 263 ( طبع القاهرة) و عبارته قريبة من عبارة البرقي.
(4) فرق الشيعة .15
(5) مقالات الإسلاميين 1/65 طبع مصر.
(6) الملل و النحل 1/ .131
(7) الفصل في الملل و النحل 2/113 طبع بغداد.

الشيعة في موكب التاريخ _19 _

  هذا غيض من فيض و قليل من كثير مما جاء في كلمات المؤرخين و أصحاب المقالات ، تعرب عن أن لفيفا من الأمة في حياة الرسول و بعده إلى عصر الخلفاء و بعدهم كانوا مشهورين بالتشيع لعلي ، و أن لفظة الشيعة مما نطق بها الرسول و تبعته الأمة في ذلك.
  و أن الإمام علي و إن تسامح و تساهل في أخذ حقهـتبعا لمصالح عظيمة مكنونة في مثل هذا التصرف الحكيم ـ إلا أن حقيقة استخلاف النبي له أمست فكرة عقائدية ثابتة في النفوس و القلوب ، و تضاعف عدد المؤمنين بها و المتشيعين له على مرور الأيام ، و رجع الكثير من المسلمين إلى الماضي القريب ، و احتشدت في أذهانهم صور عن مواقف النبي ( صلى الله عليه‏و آله و سلم ) ، تلك المواقف التي كان يصرح فيها باستخلاف علي من بعده تارة ، و يلمح فيها أخرى ، فالتفوا حول علي ـ عليه السلام ـ و أصبحوا من الدعاة الأوفياء له في جميع المراحل التي مر بها ، و ما زال التشيع ينمو و ينتشر بين المسلمين في الأقطار المختلفة ، يدخلها مع الإسلام جنبا إلى جنب ، بل أن حقيقته استحكمت من خلال التطبيق العملي لهذا الاستخلاف عبر السنوات القصيرة التي تولى فيها الإمام علي ( عليه السلام ) منصب الخلافة بعد مقتل عثمان ابن عفان ، فشاعت بين المسلمين أحاديث استخلافه ، و وجد الناس من سيرته و زهده و حكمته ما أكد لهم صحة تلك المرويات ، و أنه هو المختار لقيادة الأمة و حماية القرآن و نشر تعاليمه و مبادئه (1) .
  و إذا كان العنصر المقوم لإطلاق عبارة الشيعة هو مشايعة علي ( عليه السلام ) بعد النبي الأكرم في الزعامة و الوصاية أولا ، و في الفعل و الترك ثانيا ، فإنه من غير المنطقي محاولة افتراض علة اجتماعية أو سياسية أو كلامية لتكون هذه الفرقة.
  و من أجل أن ترتسم في الأذهان الصورة واضحة عن مجسدي هذه التسمية في تلك الحقبة البعيدة في التاريخ و الملاصقة لعصر الرسالة الأول ، نستعرض جملة من رواد هذا الميدان المقدس و الذين يعدون بحق أوائل حملة هذه التسمية المباركة على وجه الاجمال.و من أراد التفصيل فليرجع إلى ما كتب حولهم من المؤلفات ، و سنأتي بأسماء تلك الكتب في آخر البحث :

---------------------------
(1) الشيعة بين الأشاعرة و المعتزلة 28ـ .29

الشيعة في موكب التاريخ _20 _

رواد التشيع في عصر النبي :
  إن الاحالة للتعرف على رواد التشيع إلى الكتب المؤلفة في ذلك المضمار لا تخلو من عسر و غموض ، قد تدفع بالأمر إلى جملة من المرادات و المناقشات ، إلا إنا سنقتصر في حديثنا على إيراد جملة من أولئك الصحابة الذين اشتهروا بالتشيع و نسبوا له :
  (1) عبد الله بن عباس.
  (2) الفضل بن العباس.
  (3) عبيد الله بن العباس.
  (4) قثم بن العباس.
  (5) عبد الرحمان بن العباس.
  (6) تمام بن العباس.
  (7) عقيل بن أبي طالب.
  (8) أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب.
  (9) نوفل بن الحرث.
  (10) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
  (11) عون بن جعفر.
  (12) محمد بن جعفر.
  (13) ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب.
  (14) الطفيل بن الحرث.
  (15) المغيرة بن نوفل بن الحارث.ـعبد الله بن الحرث بن نوفل.

الشيعة في موكب التاريخ _21 _

  (17) عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث.
  (18) العباس بن ربيعة بن الحرث.
  (19) العباس بن عتبة بن أبي لهب.
  (20) عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث.
  (21) جعفر بن أبي سفيان بن الحرث.
  هؤلاء من مشاهير بني هاشم ، و أما غيرهم فإليك أسماء لفيف منهم :
  (22) سلمان المحمدي.
  (23) المقداد بن الأسود الكندي.
  (24) أبو ذر الغفاري.
  (25) عمار بن ياسر.
  (26) حذيفة بن اليمان.
  (27) خزيمة بن ثابت.
  (28) أبو أيوب الأنصاري ، مضيف النبي.
  (29) أبو الهيثم مالك بن التيهان.
  (30) أبي بن كعب.
  (31) سعد بن عبادة.
  (32) قيس بن سعد بن عبادة.
  (33) عدي بن حاتم.
  (34) عبادة بن الصامت.ـبلال بن رباح الحبشي.

الشيعة في موكب التاريخ _22 _

  (36) أبو رافع مولى رسول الله.
  (37) هاشم بن عتبة.
  (38) عثمان بن حنيف.
  (39) سهل بن حنيف.
  (40) حكيم بن جبلة العبدي.
  (41) خالد بن سعيد بن العاص.
  (42) ابن الحصيب الأسلمي.
  (43) هند بن أبي هالة التميمي.
  (44) جعدة بن هبيرة.
  (45) حجر بن عدي الكندي.
  (46) عمرو بن عدي الحمق الخزاعي.
  (47) جابر بن عبد الله الأنصاري.
  (48) محمد بن أبي بكر.
  (49) أبان بن سعيد بن العاص.
  (50) زيد بن صوحان العبدي.
  هؤلاء خمسون صحابيا من الطبقة الأولى للشيعة ، فمن أراد التفصيل و الوقوف على حياتهم و تشيعهم فليرجع إلى الكتب المؤلفة في الرجال ، و لكن بعين مفتوحة و بصيرة نافذة.
  و في الختام نورد ما ذكره محمد كرد علي في كتابه ( خطط الشام ) قال : عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله ( صلى الله عليه‏و آله و سلم ) مثل سلمان الفارسي القائل : بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين و الائتمام بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) و الموالاة له.
  و مثل أبي سعيد الخدري الذي يقول : امر الناس بخمس فعملوا بأربع و تركوا واحدة.

الشيعة في موكب التاريخ _23 _

  و لما سئل عن الأربع ، قال : الصلاة ، و الزكاة ، و صوم شهر رمضان ، و الحج.
  قيل : فما الواحدة التي تركوها ؟
  قال : ولاية علي بن أبي طالب.
  قيل له : و انها لمفروضة معهن ؟
  قال : نعم هي مفروضة معهن.
  و مثل أبي ذر الغفاري ، و عمار بن ياسر ، و حذيفة بن اليمان ، و ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت ، و أبي أيوب الأنصاري ، و خالد بن سعيد ، و قيس بن سعد بن عبادة (1) .
  الكتب المؤلفة حول رواد التشيع :
  إن لفيفا من علماء الإمامية و مفكريها قاموا بإفراد العديد من المؤلفات القيمة و التي تناولت في متونها بالشرح و التفصيل ما يتعلق برواد التشيع الأوائل و دورهم في تثبيت الأركان العقائدية للفكر الإسلامي الناصع ، نذكر في هذا المقام ما وقفنا عليه : ـ صدر الدين السيد علي المدني الحسيني الشيرازي ، صاحب كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ، و أنوار الربيع في علم البديع ، و طراز اللغة ، توفي عام ( 1120 ه) أفرد تأليفا في ذلك المجال أسماه ب ( الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة الإمامية) خص الطبقة الأولى بالصحابة الشيعة ، و خصص الباب الأول لبني هاشم من الصحابة ، و الباب الثاني في غيرهم منهم.و قام في الباب الأول بترجمة ( 23) صحابيا من بني هاشم لم يفارقوا عليا قط ، كما قام في الباب الثاني بترجمة ( 46) صحابيا (2) .

---------------------------
(1) خطط الشام 5/ .251
(2) الدرجات الرفيعة 79ـ452 طبع النجف.

الشيعة في موكب التاريخ _24 _

  2 ـ ذكر الشيخ محمد حسين ال كاشف الغطاء في كتابه ( أصل الشيعة و أصولها) أسماء جماعة من الصحابة الذين كانوا يشايعون عليا في حله و ترحاله و قالـمعلقا على قول أحمد أمين الكاتب المصري : ( و الحق أن التشيع كان مأوى يرجع إليه كل من أراد هدم الإسلام) ـ : و نحن لو لا محافظتنا على مياه الصفا أن لا تتعكر ، و نيران البغضاء أن لا تتسعر ، و أن تنطبق علينا حكمة القائل : ( لا تنه عن خلق و تأتي بمثله) لعرفناه من الذي يريد هدم قواعد الإسلام بمعاول الالحاد و الزندقة ، و من الذي يسعى لتمزيق وحدة المسلمين بعوامل التقطيع و التفرقة ، و لكنا نريد أن نسأل ذلك الكاتب : أي طبقة من طبقات الشيعة أرادت هدم الإسلام ؟ هل الطبقة الاولى و هم أعيان صحابة النبي و أبرارهم كسلمان المحمدي أو الفارسي ، و أبي ذر ، و المقداد ، و عمار ، و خزيمة ذي الشهادتين ، و ابن التيهان ، و حذيفة ابن اليمان ، و الزبير ، و الفضل بن العباس ، و أخيه الحبر عبد الله ، و هاشم بن عتبة المرقال ، و أبي أيوب الأنصاري ، و أبان و أخيه خالد بن سعيد بن‏العاص ، و أبي بن كعب سيد القراء ، و أنس بن الحرث بن نبيه ، الذي سمع النبي يقول : ( إن ابني الحسين يقتل في أرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره ، فخرج أنس و قتل مع الحسين) راجع الإصابة و الاستيعاب و هما من أوثق ما ألف علماء السنة في تراجم الصحابة ، و لو أردت أن أعد عليك الشيعة من الصحابة و اثبات تشيعهم من نفس كتب السنة لأحوجني ذلك إلى أفراد كتاب ضخم (1) .
  3 ـ كما أن الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين ( 1290ـ1377) قام بجمع أسماء الشيعة في الصحابة حسب حروف الهجاء ، و قال : و إليك اكمالا للبحث بعض ما يحضرني من أسماء الشيعة من أصحاب رسول الله لتعلم أن بهم اقتدينا ، و بهديهم اهتدينا ، و سأفرد لهمـإن وفق اللهـكتابا يوضح للناس تشيعهم ، و يحتوي على تفاصيل شؤونهم ، و لعل بعض أهل النشاط من حملة العلم و سدنة الحقيقة يسبقني إلى تأليف ذلك الكتاب ، فيكون لي الشرف إذ خدمته بذكر أسماء بعضهم في هذا الباب و هي على ترتيب حروف الهجاء.
  ثم ابتدأ بأبي رافع القبطي مولى رسول الله ، و ختمهم بيزيد بن حوثرة الأنصاري ، و لم يشر إلى شي‏ء من حياتهم ، و إنما ألقى ذلك على الأمل أو على من يسبقه من بعض أهل النشاط.
  إلا أنه رحمه الله ذكر ما يربو على المائتين من أسمائهم (2) .ـقام الخطيب المصقع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ( حفظه الله) بذكر أسماء رواد التشيع في عصر الرسول في كتابه المطبوع ( هوية التشيع) فجاء باسم مائة و ثلاثين من خلص أصحاب الإمام من الصحابة الكرام ، و قال بعد ذكره لتنويه النبي باستخلاف علي في غير واحد من المواقف : و لا يمكن أن تمر هذه المواقف و الكثير الكثير من أمثالها من دون أن تشد الناس لعلي ، و دون أن تدفعهم للتعرف على هذا الانسان الذي هو وصي النبي ، ثم لا بد للمسلمين من اطاعة الأوامر التي وردت في النصوص ، و الالتفات حول من وردت فيه ، ذلك معنى التشيع الذي نقول ان النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) هو الذي بذر بذرته ، و قد أينعت في حياته ، و عرف جماعة بالتشيع لعلي و الالتفاف حوله ، و للتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم للإمام علي (3) .

---------------------------
(1) أصل الشيعة و اصولها 53ـ54 مطبة العرفان.
(2) الفصول المهمة في تأليف الأمة 179ـ .190
(3) هوية التشيع .34

الشيعة في موكب التاريخ _25 _

  5 ـ آخرهم و ليس أخيرهم كاتب هذه السطور حيث قام مجيبا دعوة السيد شرف الدين فألف كتابا في ذلك المجال في عدة أجزاء ، نشر منه جزءان ، و انتهينا في الجزء الثاني من ترجمة أبي ذر ( جندب بن جناده) ذلك الصحابي العظيم ، و الكتاب باللغة الفارسية ، و نقله إلى العربية الشيخ المحقق البارع جعفر الهادي و طبع و نشر.
  و أخيرا فإن من أراد أن يقف بشكل جلي على رواد التشيع في كتب الرجال لأهل السنة فإن هذا الأمر ليس بمتعسر و لا بممتنع ، و التي يمكننا الإشارة إلى البعض منها أمثال :
  1 ـ الاستيعاب لابن عبد البر ( ت 456) .
  2 ـ أسد الغابة للجزري ( ت 606) .
  3 ـ الإصابة لابن حجر ( ت 852) .
  و غير ذلك من أمهات كتب الرجال المعروفة.