|
المضرة.
ويقول أحد الأطباء العالميين د ، ( جان فروموزان ) : ـ ( إن الصوم هو عملية غسيل للإحشاء ، فنحن نلاحظ في بداية الصوم أن لساننا قد أصبح مقسماً ، ويتفصد العرق من جسمنا ، وكثيرا ما يفرز مادته المخاطية ... وكل هذا دليل على ان الجسم قد بدأ يقوم بعملية غسيل كاملة ، ثم بعد ثلاثة أو أربعة أيام يصبح ( نفسنا ) لا رائحة له ، وتنخفض نسبة الحمض البولي ، ثم نشعر بخفة ونشاط وراحة عجيبة ).
وقد تبين أنه في فترة الصوم تستمد الأعضاء غذاءها من احتياطي الغذاء في الجسم ... فالكبد غنية ( بالكليكوجين ) ... والدم غني بالبروتين .. ومخزون الدهن في الجسم يعادل 30% من وزنه عند الرجل و 20% من وزنه عند المرأة، وهذه كلها تغطي حاجتنا إلى الطاقة لمدة شهر على الأقل ... أي أننا حين نصوم نأكل من جسمنا نفسه ، ولكن بطريقة خاصة. ( ثبت علمياً ص 21 ).
الغذاء دواء ـ 277 ـ
( حرف الضاد )
الاضداد في الجمع بين الاغذية
قال القليوبي : ( لا يُؤكل السمك مع السمن (1) والبيض : لأنه يورث الفالج (2) ، ووجع الضرس (3) والبواسير، ( تذكرة القليوبي في الطب والحكمة ).
ولا يؤكل السمك مع البيض : لإفضائه (4) ألى الجذام والبرص (5) والنقرس.
*************************************************************
(1) السمنُ : سلاء الزُّبدِ وهو ما يذاب ويخلص منه بعد إغلائه، ( المعجم الوسيط ).
السمن : ما يعمل من لبن البقر والغنم والجمع سُمنان.
السمن : سلاء الزبد للبقروقد يكون للمعزى والجمع : أسمُن وسُمون وسُمنان.
( التحقيق في كلمات القرآن الكريم : ج 5 ص 250 حرف السين ).
(2) الفالج : انفجار شريان من شرايين الدماغ [ ومن أسمائه ] : النقطة ، الشلل، ( التداوي بالأعشاب ص 99 ).
(3) الضرس : قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( جُعل الضرس عريضاً لأن به يقع الطحن والمضغ )، ( طب الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ص 26 ، باب مناظرة الإمام ( عليه السلام ) مع طبيب هندي ) وكشف الاخطار.
(4) أفضى الأمر به إلى كذا : انتهى.
(5) البرص : بياض يظهر في ظاهر البدن ويكون في بعض الأعضاء دون بعض ، وربما كان في سائر الأعضاء حتى يصير لون البدن كله أبيض وعلامته أن يكون أبيض اللون براقاً لكثرة المائية في العضو ( شرح الأسباب : ص 373 ).
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( خمس خصال تورث البرص : النورة يوم الجمعة ويوم الأربعاء ، والتوضؤ والاغتسال بالماء الذي تسخنه الشمس ، والأكل على الجنابة ، وغشيان النساء في أيام حيضها ، والأكل على الشبع )، الخصال باب الخمسة ).
الغذاء دواء ـ 278 ـ
( تذكرة القليوبي في الطب والحكمة ).
الجمع بين الحليب والخل يوجب الحميات ( تذكرة أُولي الالباب ج 2 ص 130 ).
لا يؤكل شيء حامض مع اللبن فربما اهلك ، أو اورث الجذام ، ( تذكرة القليوبي في الطب والحكمة ).
لا يجمع بين باردين رطبين مطلقاً ( تذكرة القليوبي في الطب والحكمة ).
مَا هُوَ ضَغطِ الدَّم ؟
إنَ القلبَ كما تعلَّمنا حتى الآن هو مِضَخَّة تدفعُ بالدّمِ إلى الدورانِ في الجسم، ويتمُ الضَّخ بتقلصِ البُطينِ الأيسرِ حيثُ يندفِعُ الدّمُ إلى الشرايينِ (1) التي تتوسَّعُ لاستيعابِ الدمِ الوافدِ، وللشرايينِ بِطانةٌ عضليَّةٌ تمكِّنُها من مقاومِة الضغطِ عليها مما يؤدي إلى اعتصار الدّمِ ودفعِهِ إلى الاوعية الأصغر، وضَغطُ الدّمِ هنا هو حصيلةُ الضَّغط المُسَلَّطِ على الدّمِ بفعل. الضَّخ من القلب مع مقاومةِ جدرانِ الشرايينِ.
هناكَ نوعان من، الضغطِ : ضغطُ أقصى ، وضغطّ أدنى.
الأقصى يحدث عندَ تقلُّصِ البُطّينِ الأيسر ويُدعى الضغطَ الانقباضي.
والأدنى يحدُثُ بالضبطِ قُبيلَ الخفقَةِ التاليةِ للقلبِ ويُدعى الضغط الانبساطي.
يستعملُ الطبيبُ لقياسِ ضغطِ الدّمِ آلةّ تحتوي على عمودِ زئبق يصعَدُ وينزِلُ
*************************************************************
(1) تقوم الشرايين ـ وخاصة الكبيرة منها ـ : بدورهام في تنظيم ضغط الدم ، فمن المعلوم ان الشرايين تملك طبقة سميكة من الالياف المرنة ، وهذه الالياف تتمدد عند انقباض القلب فيضيع قسم من ضغط الدم نتيجة لهذا التمدد، ( الامراض الشائعة ص 183 ).
الغذاء دواء ـ 279 ـ
تحت تأثير الضغط ويُحسبُ الضغط بالملمتر وليس بالبوصة.
ومن الجدير بالذكر انَّ معدل الضغط الانقباضي عند الشبابِ هو حوالي ( 120 ) ملمتراً من الزئبق ( حوالى 5 بوصات )، ومعدّل الضغطِ الانبساطيّ حوالي ( 80 ) ملمتراً، وتقرا هذه الأرقامُ عادةً : 120/80.
وعندما يكونُ الضغطُ في هذا النطاقِ فإنَّهُ يضمَنُ للجسمِ تجهيزاً دوريّاً بالدم من دونِ أيِّ مؤثرات على جدرانِ الأوعيةِ الدموية، وهناكَ اختلافاتٌ عديدةٌ عن هذا النطاقِ يمكنُ أن تكونَ اعتيادية تماماً، إلا أنَّ تقدُّمَ العمرِ يصحبهُ ارتفاعٌ متدرجٌ في الضغطِ حتى يصلَ في سن الستين إلى 140/78 ، وفيما عدا السنّ ، هناكَ عواملُ أُخرى تؤثِّرُ في الضغطِ.
منها السمنةُ الزائدةُ والتوترُ ، والجهدُ العضليُّ، ( غرائب جسم الإنسان وعجائبه ج 4 ص 119 ).
* العلاقة بين الضوضاء وارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب :
أوضحت الدراسات التي قامت بها كلية طب جامعة ( ميامي ) الأمريكية ، بالتعاون مع وكالة حماية البيئة ، ان هناك علاقة وثيقة بين زيادة الضوضاء وارتفاع درجاتها ، وبين نسبة الإصابة بأمراض القلب ... فقد أثبتت الاحصائيات أن الزيادة في الإصابة بجلطة القلب والسكتة القلبية ـ وخاصة في السن المبكرة ـ تستمر مع التغيرات البيئية المعقدة ، مثل الازدحام والضوضاء وما يصاحبهما من توتر عصبي ، وعدم استقرار نفسي ... وتؤكد الأبحاث وجود تغيرات في مكونات الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من توتر عصبي شديد ، وقلق نفسي ، وتتمثل هذه التغيرات في زيادة نسبة دهنيات الدم ونسبة الكولسترول ، وزيادة نسبة الإنسولين في الدم ، وزيادة قابلية صفائح الدم في الالتصاق بعضها ببعض ، مما يساعد على تكوين
الغذاء دواء ـ 280 ـ
الجلطة (1) ، وزيادة نسبة إفراز الهرمون المنشط لإفراز هرمون الكورتيزون الذي يسبب نقص ، مادة البوتاسيوم في عضلة القلب ، فضلاً عن إمكانية حدوث السكتة القلبية (2).
وقد جاء في تقرير للصحة العالمية ان المستوى المسموح به للتعرض للضوضاء حوالي ( 60 ديسيبل ) (3) ... وكلما زادت نسبتها زادت احتمالات حدوث الأضرار المتعددة للضوضاء ، التي أشرنا إليها سابقاً.
وهناك دراسة قام بها الدكتور ( عادل الملواني ) الأستاذ بمركز بحوث البناء ، أوصت بأن يكون تخطيط المدن مراعياً الناحية الصوتية ، وذلك بالاختيار المناسب لأماكن القطاعات المختلفة للمدينة ، وطرق المواصلات التي تربطها بضرورة مراعاة اتساع الطرق ، لتجنب اختناقات المرور ، وسلامة وسرعة صيانة هذه الطرق ، وزيادة معدل التشجير على جانبي الطريق ، حيث ثبت علمياَّ أن وجود ساتر من الأشجار (4) يحجب حوالي 8 ديسيبل من ضوضاء الطريق ، هذا إلى جانب استخدام الحواجز لتقليل انتشار الضوضاء ، مثل الحوائط التي تستخدم أساساً كحاجز صناعي لسد الفراغات بين الحواجز الطبيعية ، مع التوصية باستخدامها على نطاق كبير تجنب حدوث تردد الصوت بين الحوائط على جانبي الطريق.
ومن أهم الوسائل التطبيقية لمكافحة الضوضاء التي اوصت بها الندوة
*************************************************************
(1) الجلطة ( السكتة الدماغية ) : تحدث الجلطة عند المتقدمين في السن بسبب تخثر الدم أو بسبب نزيف داخل الدماغ ، وغالباً ما تكون الجلطة فجائية ومن دون سابق إنذار، ( مرشد الغاية الصحية : ص 327 ).
(2) صحيفة الأهرام الصادرة في 1/7/1986 ( بتصرف ).
(3) ديسبيل : وحدة قياس الصوت.
(4) أثبتت الدراسات أن أشجار ( الفيكس ) تحقق أكبر قدر لتقليل الضوضاء في مجال الترددات المرتفعة ، لما لها من كثافة كبيرة وعرض وسمك أوراقها.
الغذاء دواء ـ 281 ـ
العلمية لمكافحة الضوضاء (1) في مصر ، هي المكافحة عند المصدر ، بمعنى محاولة إقلال الضوضاء الصادرة ، وذلك بتغيير الخامات التي يحدث منها الضوضاء ، مثل تغطية عجلات القطار بالمطاط ، كما هو الحال في مترو الأنفاق ، أو بحصر الضوضاء داخل حيز من المواد العازلة للصوت ، فضلاً عن ضرورة اتخاذ إجراءات تقوم بها الحكومة للحد من الضوضاء ، من إصدار قوانين تنظم حماية البيئة والأفراد من الضوضاء ، ولا سيما في ساعات الراحة ، وحول المنازل والمستشفيات وغير ذلك ، مماترى فيه تشجيعاً للحد من الضوضاء ، مع ضرورة مشاركة المتخصصين والخبراء في الصوتيات في تخطيط المشروعات الصناعية والمدن ، لاستيفاء كل المواصفات اللازمة للحد من الضوضاء، ( ثبت علمياً ص 30 ـ 32 ).
*************************************************************
(1) عقدت بالمركز القومي للبحوث بالتعاون مع المعهد الثقافي الألماني القاهرة ، وشعبة حماية البيئة بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ، وذلك في يونيو عام 1986.
الغذاء دواء ـ 282 ـ
( حرف الطاء )
أصل الطب
إن كل داء أصله : البردة ، بفتح الباء والراء والدال ، ومعنى البردة : هي التخمة وثقل المعدة ، وقيل : سمّيت بردة : لأن التخمة تُبرد المعدة فلا تستمرئ الطعام ، ولا تُنضجُه.
فيستفاد مما تقدم أن البردة : هي إدخال الطعام على الطعام ، ويمكن القول إن الداء الدوي : هو إدخال الطعام على الطعام ، لأن التخمة إن بقيت في الجوف قتلت ، وإن تحللت أسقمت.
ومعنى الجوف : هو من كل شيء باطنه الذي يقبل الشغل والفراغ.
فالمقصود هنا هو داخل البطن من المعدة والأمعاء.
والمعدة : هي حوض البدن ، وكل عِرق يدلى إلى المعدة أي إن كل عرق من عروق البدن هو متصل بالمعدة ، وإن الصحة مبنية على المعدة ، وصحة أعضاء البدن منوطة بصحة المزاج.
إن طبيباً نصرانياً دخل على مولانا الصادق ( عليه السلام ) فقال له : يابن رسول الله ، أفي كتاب ربكم أم في سنّة نبيكم شيء من الطب ؟ فقال : ( نعم أما كتاب ربنا فقوله تعالى : ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا ) (1) ، وأما سنّة نبينا : الحِمْية من الأكل رأس كل دواء
*************************************************************
(1) سورة الأعراف : الآية 31.
الغذاء دواء ـ 283 ـ
والإسراف في الأكل رأس كل داء ) ، فقام النصراني وهو يقول : والله ما ترك كتاب ربكم ولا سنّة نبيكم شيئاً من الطب لجالينوس.
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( مَن قل أكله قلَّ حسابه ) (1).
( مَن تعوَّد كثرة الطعام والشراب قسا قلبه ) (2).
( أبغض الناس إلى الله المتخومون الملئى ) (3).
( كثرة الطعام شؤوم ) (4).
( الأُمهات أربعة : أم الاداب ، وأُم العبادات ، وأُم الأماني ، وأُم الأدوية :
أما أُم الآداب : فقلة الكلام ، وأما أُم جميع العبادات : فقلة الذنوب ، وأما أُم جميع الأماني : فالصبر ، وأما أُم جميع الأدوية : فقلة الأكل ) (5).
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأُسامة : ( إن استطعت أن يأتيك ملك الموت وبطنك جائع ، وكبدك ظمآن فافعل ، فإنك تدرك بذلك أشرف المنازل ، وتحلُّ مع البنين ، وتفرح بقدوم روحك الملائكة ، ويصلي عليك الجبار ) (6).
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أفضلكم عند الله منزلة يوم القيامة أطوعكم جوعاً وتفكراً في الله سبحانه ) (7).
( مَن أجاع بطنه عظمت فكرته ) (8).
*************************************************************
(1) طب النبي : ص 21.
(2) طب النبي : ص 23.
(3) نفحات من الاعجاز الطبي : ص 89.
(4) طب النبي : ص 21.
(5) الخصال : باب الأربعة.
(6) المحجة البيضاء : ج 5 ص 148.
(7) المحجة البيضاء : ج 5 ص 147.
(8) المراقبات : ص 156.
الغذاء دواء ـ 284 ـ
( جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فإن الآجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله ، وأنه ليس من عمل أحبُّ إلى الله من جوع وعطش ) (1).
( أجيعوا أكبادكم ، واعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله عزوجل ) (2).
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( مَن أراد البقاء ولا بقاء ، فليجود (3) الغذاء ، وليأكل على نقاء ، وليشرب على ظماء ، وليقل من شرب الماء ، ويتمدد بعد الغداء ويتمشى بعد العشاء ، ولا يبيت حتى يعرض نفسه على الخلاء ، ودخول الحمام على البطنة من شر الداء ، ودخلة إلى الحمام في الصيف خير من عشر في الشتاء ، وأكل القديد اليابس في الليل معين على الفناء ومجامعة العجوز تهدم أعمار الأحياء ) (4).
وقال ( عليه السلام ) : ( الشِبَع يكثر الادواء ) (5).
( لا صحة مع النهم ).
( كثرة الأكل والنوم تفسدان النفس وتجلبان المضرة ) (6).
( مَن شبع عوقب في الحال ثلاث عقوبات : يُلقى على قلبه ، والنعاس على عينه ، والكسل على بدنه ) (7).
( إياك وإدمان الشِبع ، فإنه يهيج الإسقام ويثير العلل ) (8).
وقال لابنه الحسن ( عليهما السلام ) : ( يابنى ألا أُعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب ؟
*************************************************************
(1) المحجة البيضاء : ج 5 ص 146.
(2) المحجة البيضاء : ج 5 ص 148.
(3) فليجود الغذاء : يعني امضغه جيداً ، كما تمضغ العلك.
(4) أذكياء الأطباء : ص 330.
(5) غرر الحكم : ج 1 ص 228 حديث 912.
(6) غرر الحكم : ج 4 ص 956 حديث 7120.
(7) شرح نهج البلاغة : ج 20 ص 320 حديث 674.
(8) غرر الحكم : ج 2 ص 300 حديث 2681.
الغذاء دواء ـ 285 ـ
فقال : بلى يا أمير المؤمنين.
قال : لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ولا تقم عن الطعام ألا وأنت تشتهيه ، وجوِّد المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب ) (1).
قال الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( ... حق بطنك : أن لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد في الشبع ، وأن تقتصد له في الحلال ، ولا تخرجه من حد التقوية ، وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ ، فإن الشبع ينتهي بصاحبه إلى التخمة ، وهي مكسلة ومثبطة ) (2).
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ليس الحِمْيَة من الشيء تركه إنما الحِمْيَة من الشيء الاقلال منه ) (3).
قيل : اجتمع عند الملك كسرى أربعة من الحكماء : عراقي ورومي وهندي وسوادي ، فقال لهم كسرى : كل واحد منكم يصف لي دواء الذي لا داءَ معه! فقال العراقي : الدواء الذي لا داء معه ، أن تشرب كل يوم ثلاث جرع على الريق من الماء الساخن ، وقال الرومي : الدواء الذي لا داء معه : أن تبلع كل يوم قليلاً من حب الرشاد ، وقال الهندي : الدواء الذي لا داء معه : أن تأكل كل يوم ثلاث حبات من الهليلج الأسود ، والسوادي ساكت ، وكان أحذقهم ، فقال له الملك : لم لا تتكلم ؟ فقال : يا مولانا : الماء الساخن يذيب شحم الكلى ويرخي المعدة ، وحب الرشاد : يهيج الصفراء ، والهليلج الأسود : يهيج السوداء.
قال : فما الذي تقول أنت ؟! قال : يا مولانا : الدواء الذي لا داء معه : أن لا تأكل إلا
*************************************************************
(1) الخصال : باب الأربعة حديث 67.
(2) قطعة من رسالة الحقوق للإمام زين العابدين ( عليه السلام )
(3) أذكياء الاطباء : ص 40.
الغذاء دواء ـ 286 ـ
بعد جوع ، وإذا أكلت فارفع يدك قبل الشبع ، فإنك لا تشكو إلا علة الموت (1).
ولا يخفي أن الشبع يكثر البخار في الدماغ ، فيعرضه شبه السكر ، فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار.
روي عن النبي موسى ( عليه السلام ) أنه قال : ( يارب من أين الداء ؟ قال : من عندي ، قال : فالدواء ؟ قال من عندى ، قال : فالأطباء ما يصنعون ؟ قال : يطيبون نفوس عبادي حتى تحل عافيتي أو أقضي ) (2).
أوصى حكيم خليفته وصية ووعده أنه إذا لازمها لا يمرض إلا مرض الموت فقال :
1 ـ إياك أن تدخل طعاماً على طعام.
2 ـ ولا تمش حتى تعيى.
3 ـ ولا تجامع عجوزاً.
4 ـ ولا تدخل حماماً على شبع.
5 ـ وإذا جامعت ، فكن على حال وسط من الغذاء ، [ أي لا شبعان ولا جوعان قبل الجماع ].
6 ـ وعليك كل أسبوع بقيئة (3).
7 ـ ولا تأكل الفاكهة ، إلا في أوان نضجها ، [ أي في وقتها ، ولا يصح تناولها في غير وقتها ].
8 ـ ولا تأكل القديد من اللحم (4) ، [ أي المجفف بالشمس ].
*************************************************************
(1) أذكياء الاطباء : ص 41.
(2) المخلاة : ص 20.
(3) راجع القيء في حرف القاف.
(4) راجع اللحم في حرف اللام.
الغذاء دواء ـ 287 ـ
9 ـ وإذا تغديت فنم
10 ـ وإذا تعشيت فامش أربعين خطوة.
11 ـ ونم على يسارك لتقع الكبد على المعدة فينهضم ما فيها وتستريح الكبد من حرارة المعدة.
12 ـ ولا تنم على يمينك فيبطأ الهضم.
13 ـ ولا تأكل بشهوة عينيك بعد الشبع.
14 ـ ولا تنم ليلاً حتى تعرض نفسك على الخلاء إن احتجت ذلك أو لم تحتج.
15 ـ واقعد على الطعام وأنت تشتهيه (1).
فوائد من عمل بها دام في سلامة بدن وأعضاء وصحة وعافية :
1 ـ أن يباكر بالغذاء.
2 ـ ولا يتمسى في العشاء.
3 ـ ولا يدخل أكلاً على أكل.
4 ـ ولا يشرب (2) على الريق (3).
5 ـ ولا يكثر من النكاح.
6 ـ وأن يحذر مجامعة العجوز
7 ـ والحائض (4).
8 ـ والمريضة.
*************************************************************
(1) تحفة الحب في أصل الطب : ص 79.
(2) ولا يشرب : أي الماء خصوصاً البارد.
(3) الريق بكسر الراء : ماء الفم ، يقال إني على الريق ، أي لم آكل ولم اشرب بعدُ شيئاً ، ( دائرة معارف الاعلمي : ج 1 ، ص 145 ).
(4) راجع ضرورة اعتزال النساء في المحيض في حرف الحاء.
الغذاء دواء ـ 288 ـ
9 ـ وأن لا يكتم بولاً ، ولو كان راكباً.
10 ـ وأن يعرض نفسه على الخلاء قبل النوم.
11 ـ وعليه بالقيء في كل أسبوع مرة.
12 ـ ويحترز من الهواء والبرد بعد خروج الحمام.
13 ـ وعدم شرب الماء البارد عقب الخروج من الحمام.
14 ـ وعدم شرب الماء بعد الجماع.
15 ـ وعدم شرب الماء على الاعياء ، [ ظاهراً في حالة خفقان القلب والنفس غير مستقر من الجهد ] (1).
لا ينبغي لأحد أن يمنع شيئاً من هذه الأشياء إذا انبعثت من البدن :
1 ـ البول.
2 ـ البراز ومن أسمائه الغائط.
3 ـ الريح : فإن حبسه يورث ظلمة العين ووجع الفؤاد والرأس.
4 ـ العطاس. [ فإن حبسه يسبب جلطة في الرأس ].
5 ـ الجشاء : فإن حبسه يورث النفخة والفؤاق.
6 ـ شهوة الغذاء والشرب للمرأة الحامل (2).
7 ـ الجوع.
8 ـ النوم : فإن منعه يورث السدد والكسل والثقل في الرأس والعين.
9 ـ السعال.
*************************************************************
(1) المخلاة : ص 20.
(2) ويُسمى الوحم بفتح الاول والثاني : وهو اسم لما يُشتهى ، وحمت الحبلى : اشتهت شيئاً على حبلها ، أي وهي حامل ، الله في عونها.
الغذاء دواء ـ 289 ـ
10 ـ الباه (1) : فإن حبسه يورث وجع الذكر والفؤاد وسيلان النطفة والحصى.
11 ـ القيء : فإن حبسه يورث جمود الشهوة ووجع الحلق وكثرة الربو (2).
قال أطباء الفرس والروم والهند : إن جميع الأمراض تتولد من ستة أشياء :
1 ـ كثرة الجماع.
2 ـ قلة النوم في الليل.
3 ـ كثرة النوم في النهار.
4 ـ احتباس البول.
5 ـ أكل الطعام على الشبع.
6 ـ شرب الماء في الليل.
مَن أكل الطعام الحار تلزمه سبع آفات :
1 ـ النسيان.
2 ـ وذهاب طعم الماء من فمه.
3 ـ وذهاب القوة.
4 ـ ونقصان السماع.
5 ـ ونقصان رؤية البصر.
6 ـ واصفرار الوجه.
7 ـ وذهاب البركة من طعامه (3).
*************************************************************
(1) الباه : كناية عن الجماع ، راجع الضعف الجنسي في حرف الجيم.
(2) فردوس الحكمة في الطب : ص 567.
(3) المخلاة ص 288.
الغذاء دواء ـ 290 ـ
( حرف الظاء )
ألم الظهر
لألم الظهر عدة اسباب ، وهذه بعضها :
1 ـ قد يدل الالم المزمن في اعلى الظهر المصحوب بسعال ونقص في الوزن : على التدرن الرئوي ( السل ).
2 ـ قديدل الم منتصف الظهر عند طفل على إصابته بالسل في عاموده الفقري وبخاصة إن وُجد درن فيها.
3 ـ قديدل الم اسفل الظهر والذي يشتد بعد الشد أو حمل الاوزان الثقيلة على لي المفصل ( التوائه ).
4 ـ قد يدل الم اسفل الظهر الشديد والذي يظهر فجأة اثناء فتل الجسم أو رفع الاشياء على ( ديسك ) ( إِنزلاق في عظام العامود الفقري ).
ومن عوارضه خصوصاً ان تصبح إِحدى القدمين أو الرجلين مؤلمة أو ضعيفة او خَدِرة.
5 ـ إن الوقوف والجلوس الخاطئ مع تدلي الكتفين سبب شائع لألم الظهر.
6 ـ إن الم الظهر المزمن عند المسنين غالباً ما يسببه التهاب المفاصل.
7 ـ الم الجانب العلوي الايمن من الظهر قد ينتج عن مشكلة في المرارة (1).
*************************************************************
(1) مشاكل المرارة : إن المرارة عبارة عن كيس صغير ملتصق بالكبد ويحتوي على عصير مر اخضر اللون يساعد على هضم الاطعمة الدهنية ويسمى : ( المرة ) ( الصفرات ).
ومرض المرارة يصيب في الاكثر المرأة البدينة بعد الاربعين عاماً.
الدلائل :
الم حاد في المعدة بنهاية الضلع الا يسمن من القفص الصدري ، وقد يصل الالم إلى اعلى الجانب الايمن من الظهر.
تحدث الآلام بعد مضي ساعة أو اقل على تناول طعام غني بالدسم ، وقد يحدث تقيؤ بسبب الالم الشديد.
قد ترتفع الحرارة احياناً.
غالباً ما يصبح لون العينين اصفر ( يرقان ، صفيرة ).
لا تتناولي الطعام الدسم، يجب على الشخص البدين ان يمتنع عن تناول كميات كبيرة من الطعام وأن يخفف وزنه.
في الحالة الشديدة أو المزمنة وجب الحصول على المساعدة الطبية ، قد تكون الجراحة ضرورية.
على النساء البدينات ان يخففن اوزانهن وتجنب تناول الطعام الدسم أو الحلويات أو الدهنيات ، وأن يقللن من اكلهن، ( مرشد العناية الصحية ص 329 ).
الغذاء دواء ـ 291 ـ
8 ـ الالم الحاد أو المزمن هنا قد يدل على مشكلة في الجهاز البولي (1).
9 ـ الم اسفل الظهر طبيعي عند بعض النساء اثناء الحمل أو الطمث.
10 ـ الالم في منخفض اسفل الظهر قد يدل على [ وجود ] مشاكل بالرحم أو المبيض (2) أو باب البدن (3). ( مرشد العناية الصحية ص 173 ).
*************************************************************
(1) الجهاز البولي : يتكون الجهاز البولي من الكليتين والحالبين ، ثم من المثانة ومجرى البول او الاحليل ، واما البروستات عند الذكور فلا تعتبر جزءاً من الجهاز البولي ( امراض الجهاز البولي ص 9 و 10 ).
(2) المبيض : الكيسان الصغيران في حوض المرأة ، حيث تولد البويضة التي تشكل جنيناً عند اتحادها مع نطفة الذكر، ( مرشد العناية الصحية ص 383 ).
(3) باب البدن ( الشرج ) : الفتحة في آخر الامعاء ، والتي يمر بها البراز، ( مرشد العناية الصحية ص 380 ).
الغذاء دواء ـ 292 ـ
( حرف العين )
العمود الفقري
العمود الفقري : من اعجب التراكيب في جسم الإِنسان ، فهو عبارة عن سلسلة من العظام تعمل في توافق بعضها مع بعض ، ونظراً لشكل هذه العظام ، وموقعها من الجسم ، يمكن تحريك الرأس ، دون ان يتحرك البدن ، كما يمكن تحريك البدن دون ان تتحرك القدمان كذلك يمكن تحريك البدن من جهة إلى اُخرى ، أو إلى الامام أو إلى الخلف إلى حد معيَّن ، وهذا لا يتأتّى إذا كان العمود الفقري من عظم واحد ، وتسمى عظام العمود الفقري ( فقرات ).
وعندما يُولد ، الطفل يكون عموده الفقري مستقيماً إلى حد كبير ، باستثناء انحناء في اسفله ، وبتقدم الطفل في العمر ، تظهر انحناءات طبيعية فيه ، واحدة إلى الداخل في منطقة الرقبة ، وثانية إلى الخارج فيما يلي الكتفين ، وثالثة إلى الداخل عند الوسط ، ورابعة إلى الخارج في منتصف الحوض ، واخيراً انحناء شديد إلى الداخل.
وكلما تقدم الإنسان في العمر يميل العمود الفقري قليلاً إلى إِحدى الجهتين ، ويعتقد الاطباء ان جهة هذا الميل تتوقف على طبيعة الشخص وهل هو ايسر ام اعسر ، ولما كان معظم الناس يستعملون ايديهم اليمنى ، فإنهم يستعملون عضلات هذا الجانب اكثر من عضلات الجانب الايسر ، ولذلك يميل العمود الفقري إلى جهة
الغذاء دواء ـ 293 ـ
اليمين عادة ، ويحدث العكس في حالة الاعسر حيث يميل العمود الفقري إلى اليسار.
ويتكون العمود الفقري من ثلاث وثلاثين عظمة أو فقرة.
وقد تجد من يقول بأن عددها ست وعشرون فقط ، والسبب في ذلك ان الفقرات السفلى من العمود الفقري غير منفصلة تماماً ، إذ يتحد خمس منها في عظم واحد يسمى العجز ، ويلي ذلك اربع متحدات في عظم واحد آخر يسمى العصعص.
والعجز عظم متين جداً لاتحاد فقراته بعضها ببعض ، ولكن فقرات العمود الفقري في اعلى العجز يتصل بعضها ببعض بزوائد عظمية على هيئة الاصابع ، ولكن هذا الاتصال غير كاف ليمنع انفصال الفقرات بعضها من بعض إذا تحرك الإنسان بسرعة ، ولذلك توجد بين الفقرات وسادات من النسيج الغضروفي الليفي تسمى ( الاقراص ) لها من المرونة ما يسمح بشتى الحركات.
واُولى فقرة من الفقرات ، توجد في اعلى مؤخر الرقبة وتحمل الرأس ، وهي بسيطة التركيب إذهي عبارة عن حلقة تسمح بهز الرأس من اعلى إلى اسفل كما هي الحال عندما تقول : ( نعم ).
اما الفقرة الثانية فعليها يتحرك الرأس من ناحية الى اُخرى عندما تقول ( لا ) مثلاً.
ويوجد ثقب في كل فقرة ، وعندما تكون الفقرات مرصوصة بعضها فوق بعض تشكِّل هذه الثقوب ممراً أو قناة يمرفيها النخاع الشوكي.
والنخاع الشوكي هو الطريق الرئيسي بين المخ وسائر اعضاء الجسم الاُخرى وبذلك تكون النتائج سيئة جداً إذا اصابه ضر ، ولذلك فهو محصن بطرق عديدة ، فهو ملفوف بثلاثة اغشية منفصل بعضها عن بعض ، ومحاط بسائل خاص يسمى سائل النخاع الشوكي يعمل عمل ما نع الصدمات ، وزيادة على ذلك ، فهو محصن داخل الفقرات بما لها من شوكات عظمية متينة ، وهي التي يمكن ان نتحسسها في منتصف
الغذاء دواء ـ 294 ـ
الظهر ، وهي التي اعطت صفة ( الشوكي ) للنخاع ، ( كل شيء عن جسم الإنسان ج 4 ص 71 ـ 74 ).
العناب
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( العناب يذهب بالحمى والكحة ويجلي القلب ) (1).
عن علي ( عليه السلام ) قال : ( العناب يُذهب الحمى ).
عن أبي الحصين قال : كانت عيني قد ابيضَّت ولم أكن أبصر شيئاً فرأيت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في المنام ، فقلت : يا سيدي عيني قد آلت إلى ماترى ، فقال : خذ العناب فدقه واكتحل به ، فأخذته ودققته بنواه وكحلتها به فانجلت عن عيني الظلمة ، ونظرت أنا إليها فإذا هي صحيحة.
قال الصادق ( عليه السلام ) : ( فضل العناب على الفاكهة كفضلنا على سائر الناس ) (2).
قال الأنطاكي : ( العناب : شجر يقارب الزيتون في الارتفاع والتشعب لكنه شائك جداً ، وورقه مزغب ، من أحد وجهيه سبط وأجوده الناضج اللحيم الأحمر الحلو ويدرك بالسنبلة وتبقى قوَّته نحو سنتين وهو معتدل مطلقاً ، وقيل : رطب في [ الدرجة ] الأُولى.
ينفع من خشونة الحلق والصدر والسعال واللهيب وفساد مزاج الكبد والكلى والمثانة وأن سحيق (3) نواه يقطع الاسهال ، وهو يضر المعدة ويصلحه الزبيب (4).
قال د ، محمد رفعت : ( العناب ( كز القدس ) : ينفع لعلاج خشونة ا لصدر
*************************************************************
(1) طب النبي : ص 29.
(2) مكارم الاخلاق : ج 1 ص 380 وبحار الأنوار : ج 62 ص 232.
(3) السحيق : سحق الدواء سحقاً : دقّة أشد الدق حتى صار كالدقيق أي كالطحين.
(4) تذكرة أُولي الألباب : ج 1 ص 341.
الغذاء دواء ـ 295 ـ
والحلق والسعال واللهيب والعطش والكبد والكلى والمثانة.
وورقه : يستر الذوق (1) إذا مُضِغ فيساعد على تناول الأدوية الكريهة الطعم ، وهو يضر المعدة.
وثمار العناب غروية سكرية يصنع منها منقوعات لعلاج النزلات الصدرية ، ومطبوخات مرخية ، مدر للبول ومسهله ويستحضر منه خلاصة قابضة وعصارته تلطف حدَّة الدم وحرافته.
وينفع في علاج السعال والربو ووجع الكليتين والمثانة ) (2).
قال سعيد جرجس كوبلي : ( يُوصف كعلاج في حالة الإصابة بالسعال وضيق النفس.
طريقة الاستعمال :
يُغلى 50 [ خمسون ] غراماً من ثماره في ليتر من الماء ، ثم يصفى ويشرب بعد الأكل يومياً ثلاث مرات لمدة عشرة أيام ) (3).
قال د ، القباني : ( العناب : هو أحد الثمار الصدرية المرموقة ، ويمكن استعماله في حالة الإصابة بالسعال أو القشع (4) ، وذلك بغلي خمسين غراماً من ثماره في ليتر ماء ثم تصفى ويشرب منقوعها على دفعات ) (5).
*************************************************************
(1) أي يوقف حاسة الذوق مؤقتاً ، فيمكن بذلك شُرب الأدوية الكريهة الطعم ، بغير أن يشعر الإنسان بمرارة طعمها.
(2) قاموس التداوي بالاعشاب : ص 196.
(3) أسرار الطب العربى : ص 38.
(4) القشع : البلغم.
(5) الغذاء لا الدواء : ص 415.
الغذاء دواء ـ 296 ـ
عناصر الإنسان
قال الله تعالى في التوراة :
إنِّي خَلَقْتُ آدَمَ وَرَكَّبْتُ جَسَدَهُ مِنْ أرْبَعَةِ أشْيَاءَ ثُمَّ جَعَلْتُها وارِثَةً فِي وُلْدِهِ ، تنْمى في أجْسَادِهِمْ وَيَنْمونَ عَلَيْها إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَرَكَّبْتُ جَسَدَهُ حِينَ خَلَقْتُهُ مِنْ رَطْب وَيَابِس وَسُخْن وَبَارِد وَذالِكَ أنِّي جَعَلْتُهُ مِنْ تُرَاب وَمَاء ثُمَّ جَعَلْتُ فِيهِ نَفْساً وَرُوحاً فَيُبُوسَةُ كُلِّ جَسَد مِنْ قِبَل الرُّوحِ ثُمَّ جَعَلْتُ في الْجَسَدِ بَعْدَ هذِهِ الْخِلَقِ الأرْبَعَةِ أرْبَعَةَ أنْوَاعِ وَهُنَّ مَلاكُ الْجَسَدِ وَقِوامُهُ بإذْنِي لا يَقُومُ الْجَسَدُ إلاّ بِهِنَّ وَلاَ تَقُومُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إلاّ بالاُخرَى مِنْهاالْمُرَّةُ السَّوْدَاءُ وَالْمُرَّةُ الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ والبَلْغَمُ ثُمَّ أسْكَنْتُ بَعْضَ هَذَا الْخلْقِ مَسْكَنَ بَعْض فَجَعَلْـتُ مَسْكَنَ الْيُبُوسَةِ في المُرَّةِ السَّوْدَاءِ وَمَسْكَنَ الرُّطُوبَةِ في المُرَّةِ الصَّفْراءِ وَمَسْكَنَ الحَرارَةِ في الدَّمِ ، وَمَسْكَنَ الْبُرُودَةِ في ألبَلْغَمِ فَأَيُّمَا جَسَد اعْتَدَلَتْ بِهِ هذِهِ ألأنواعُ ألأرْبَعُ التي جَعَلْتُهَا مَلاَكَهُ وَقِوَامهُ وَكانَتْ كُلُّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ رُبْعاً لاَ تَزيدُ ولاَ تَنْقُصُ كَمُلَتْ صِحَّتُهُ وَاعْتَدَلَ بُنْيَانُهُ ، فَإنْ زَادَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ عَلَيْهِنَّ فَقَرَتْهُنَّ وَمَالَتْ بِهِنَّ دَخَلَ عَلى الْبَدَنِ السُّقْمُ مِنْ ناحِيَتِهَا بِقَدْرِ ما زادَتْ وَإذا كانَتْ ناقِصَةً تَقِلُّ عَنْهُنَّ حتَّى تَضْعُفَ عَنْ طاقَتِهِنَّ وَتَعْجزُ عَنْ مُقارَنَتِهِنَّ ، وَجَعَلْتُ عَقْلَهُ في دِماغِهِ وَسِرَّهُ في كِلْيَتَيْهِ وَغَضَبَهُ في كَبِدِهِ ، وَصَرامَتَهُ في قَلْبِهِ وَرُعْبَهُ في رِيَتِهِ ، وَضِحْكَهُ في طَحالِهِ وَفَرْجِهِ وَحُزْنَهُ في وَجْهِهِ وَجَعَلْتُ فِيْهِ ثلاثمائة وَسِتِّينَ مِفْصَلاً، ( كلمة الله ص 173 برقم 204 ).
الغذاء دواء ـ 297 ـ
( حرف الفاء )
منافع ومضار الفلفل
قال ديسقوريدوس : ( قيل انه شجرة تنبت في بلاد الهند لها ثمر يكون في ابتداء ظهوره طويلاً شبيهاً باللوبيا وهو ( الدار فلفل ) ، في جوفه حب صغار شبيه بالجاورس ، وإذا استحكم صار فلفلاً ، وذلك أنه يتفرق فيصير شبيهاً بعناقيد فيها حب الفلفل صغار ، فمنه ما يجيء نضيجاً وهو الفلفل الأسود ومنه ما يجتنى غضاً وهو الفلفل الأبيض.
والفلفل الأبيض هو يقع في أخلاط الاكحال.
والفلفل الأسود أشد حرافة من الأبيض ، والأبيض أضعف قوة منه; لأنه لم يدرك.
فاختر من الأسود ما كان رزيناً ممتلئاً أسود ولا يكون شديد التكمش ويكون حديثاً ولا يكون فيه شيء شبيه بالنخالة.
وقد يوجد في الفلفل الأسود حب متحشف فارغ خفيف يقال له برشياج ،
وقوة الفلفل في الجملة ، مسخنة هاضمة للغذاء ، ميسرة للبول جاذبة محللة جالية لظلمة البصر.
يفتق الشهوة ويعين في انهضام الطعام ، ويسخن اللسان ويجذب الرطوبة.
قال جالينوس : أما اُصول الفلفل فشبيهة بالقسط ، وأما ثمرته فهي أول ما تطلع
الغذاء دواء ـ 298 ـ
( دار فلفل ) ، ولذلك صار ( الدار فلفل ) ارطب من الفلفل المستحكم، والدليل على رطوبة ( الدارفلفل ) أنه إذا طالت به المدة قليلاً تأكَّل وتفتت ، وأنه إذا ذاقه الذائق لم يجد له في أول مذاقه لذعاً وإنما يتبين اللذع بعد قليل ثم يبقى على تلذيعه مدة ليست باليسيرة.
وأما ثمرة الفلفل التي هي كالفجة التي لم تنضج فهو الفلفل الأبيض ، فهو أحدّ وأشدّ حرافة من الفلفل الأسود ، وذلك : أن الاسود من قبل أن ينضج قد صار كأنه احترق ويبس إِحتراقاً ويبساً مفرطين.
والنوعان كلاهما من الفلفل يسخنان ويجففان اسخاناً وتجفيفاً قوياً.
قال الرازي في كتاب دفع مضار الأغذية : الفلفل هاضم للطعام كاسر للرياح ، موافق لأصحاب الأمزاج الباردة.
وبالضد فليصلح ضرره المحرورون بالخل (1) وربوب الفواكه الحامضة وأجرامها.
وأما المبرودون فليكثروا منه في طبيخهم وليأكلوه في أغذيتهم ، فإنه يلطفها ويجيد هضمها ، ويمنع من توليد الفضول (2) الغليظة فيها ، ويسخن الدم ويرقه حتى يحمر اللون ، ويسخن المعدة ، ويذهب بالجشاء الحامض ويقطع كل غذاء غليظ ويعده للهضم.
ويجتنبه من به قرحة في بطنه ، أو حرقة في البول ، أو به حمى وحرارة في الكبد ، ولا سيما في الأزمان الحارة.
*************************************************************
(1) ليس الخل التجاري المخلوط بمواد كيميائية كمادة الخليك الذي تنتجه المعامل وإنما المقصود هو الخل الخالص فتأمل.
(2) الفضول : ما زاد عن حاجة البدن من رطوبات ومواد فاسدة ، يحدث بقاؤها مضرة فيلزم لذلك صرفها وقطع أسبابها، ( الاغذية والادوية باب تفسير الالفاظ وما في معناها بحسب مفهوم الاقدمين ).
الغذاء دواء ـ 299 ـ
الدارفلفل : صالح يذهب مذهب الفلفل; إلا أنه أغلظ وأقل اسخاناً.
والقول فيه كالقول في الفلفل ، والفلفل كالدارفلفل المربيان في نحوالزنجبيل المربى.
قال التجربتين : إذا سحق وخلط مع الملح والبصل وضمد به داء الثعلب بعد دلكه ناعماً أنبت الشعر.
وإِذا خلط مع دقيق الحمص أو الفول (1) وطلي به البهق : جلاه.
وإذا سحق وغلي في الزيت (2) وتمسح بمجموعهما نفعا من : الفالج والخدر وسخن الأعضاء التي قد غلب عليها البرد.
وإذا جعل في جميع الأطعمة المطبوخة مع اللحم ، أزال زهومة (3) اللحم ، وحسن هضمه وأعان عليه وسخن المعدة ، والكبد وسائر الأعضاء.
وإذا تُمُودِيَ على ذلك وعلى استعماله حفظ المعي من تولد القولنج ، وكذلك يحفظ الصدر من اجتماع الأخلاط اللزجة فيه ، ويعين على زوال ما كان اجتمع منها قبل الاستعمال.
وإذا خلط بأدوية فيها قبض نفع من تقطير البول للمبرودين ، وكذلك ينفع من الفالج والخدر والرعشة.
وبالجملة ينفع من علل العصب الباردة كلها منفعة بالغة لا يدركه فيها دواء.
قال ابن البيطار : الفلفل الأسود قد يحلل آكله ظلمة البصر وينفع بالخل لوجع الأسنان.
والأبيض أجود للمعدة من الأسود وهو من أنفع الأشياء لها.
*************************************************************
(1) الفول : الباقلاء.
(2) الزيت : هو زيت الزيتون.
(3) الزهومة : ريح اللحم السمين المنتن.
الغذاء دواء ـ 300 ـ
والدار فلفل يحل غلظ الرياح النافخة ، ويدفع ما على المعدة إلى أسفل ويعين على الهضم ، وهو من أنفع الأشياء للمعدة الباردة ، وهو يسخن العصب والعضل تسخيناً لا يوازيه غيره فيه.
وينفع من الأوجاع الباردة والتشنج منفعة بالغة عظيمة.
قال ابن ماسويه : الدار فلفل حار رطب كالزنجبيل ، هاضم للطعام مقو على الجماع ، طارد للرياح من المعدة ، والأمعاء ضار للمحرورين.
قال ابن ماسة : الدار فلفل صالح للمعدة والكبد البارِدَي المزاج.
قال الغافقي : أصل الفلفل يحسن اللون ويخرج المرة السوداء على رفق لا على سبيل اخراج الادوية المسهلة ، ويزيد في الباه، ( الجامع لمفردات الادوية والاغذية ج 3 ص 166 ).
|
|