التي تسري في الدورة الدموية (1) ، وتتخلل في الجسم دون فاقد تقريباً.
  وتشير الدراسات ايضاً إِلى أن الدم لا يتخلص من الكحول الذي يحمله ، حتى بعد النوم لمدة سبع ساعات متواصلة ، ولكن يظل الدم يحتفظ بنسبة كبيرة من هذا الكحول ، الذي يسبب حالة إعياء مستمرة طوال اليوم التالي ، ويؤثر على انتباه الفرد وجهازه العصبي (2) و (3).
  كما تشير الأبحاث إِلى وجود علاقة قوية بين تناول الأدوية وتناول الكحوليات ، فهناك تأثير أكبر للكحوليات إِذاما اقترن شربها بتناول أنواع معينة من الأدوية ، مثل الأدوية المضادة للزكام ، ودوار البحر، ( ثبت علمياً ص 120 ).
  الخمر شبيهة بفضلات الإنسان :
  أثبتت بعض التجارب العلمية الحديثة ... أن الخمر (4) عندما يتم تحضيرها

*************************************************************
(1) الدورة الدموية : دورة جريان الدم في الجسم ، في الاوردة والقلب والشرايين، ( مرشد العناية الصحية ص 381 ).
(2) الاعصاب : خيوط رفيعة تمتد من الدماغ إلى جميع اطراف الجسم ، وتنقل رسائل الدماغ للإِحساس والحركة ( مرشد العناية الصحية ص 379 ).
(3) هذا ماتشير إِليه الدراسة التي أعدتها جمعية الوقاية من حوادث الطرق المصرية ، التي تعتبر فرعاً للمنظمة الدولية للوقاية من الحوادث ، التي حذرت من تناول الكحوليات قبل القيادة مباشرة ، حيث إِن ذلك يضاعف من احتمالات وقوع الحوادث ... ومن هنا فإِن القوانين الاوربية تتجه الآن لسحب رخص القيادة مدى الحياة لمن يتكرر ضبطهم يقودون سياراتهم بعد احتساء الكحوليات ... بل تمتد هذه التشريعات ايضاً لعدم الترخيص بتقديم الكحوليات بالمطاعم والكازينوهات على الطرق السريعة ... فأَين نحن هنا في مصر من تلك التشريعات ؟!
(4) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اقسمَ ربي : لا يَشربُ عبدٌ لي خمراً في الدنيا ، إلاّ سقيتُهُ مِثلَ ما شَرِبَ منها من الحميم ، مُعّذَّباً بعدُ أو مغفوراً له ولا يَسقيها عَبدٌ لِي صَبِيَّاً صغيراً أو مملوكاً ، إلا سقيتُه مثل ما شَرِبَ منها من الحميم ، يوم القيامة ، مُعَذّباً بعد أو مغفوراً له ، ( كلمة الله ص 252 برقم 312 ).
 الغذاء دواء ـ 152 ـ

  تمر على عمليات كيميائية ، تشبه إِلى حد كبير العمليات الكيميائية التي يمر بها الطعام في الجهاز الهضمي إِلى أن ينتهي بالفضلات (1)، ( ثبت علمياً ص 119 ).
  الخمر وأضرارها المثيرة :
  أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن 70% ممن يشربون الخمر يعانون من تلف في المخ ... ومن طبيعة هذا التلف أن نسيج المخ يصبح أقل سُمكاً ... كما أن التجويفات تكون أوسع حجماً ، كما ظهر من صور الاشعة لشاربي الخمور.
  والخمر (2) ـ في حقيقتها العلمية البسيطة ـ تقتل ضعف عدد الخلايا المقرر

*************************************************************
(1) الفضلات عامة في جميع العلل ، وتارة تأتي فضلات الآدمي من بول وغائط، ( ذيل تذكرة أُولي الالباب ص 127 ).
(2) قد سمي كل مسكر خمرا باللغة العربية ، لانها تخمر العقل ... أي تغطية وتستره ... أي تكف العقل عن عمله ... والعقل باللغة العربية من عقل الناقة ، أي شدها وربطها ... فالعقل هو الرباط او الوثاق الذي يمنع الانسان من الانقياد للهوى والرغبات ... إِذن العقل يعتبر مجموعة من الموانع الاخلاقية التي تتكون لدى الإِنسان ... أي أن عمل الخمر هو كف العقل ، في حين أن عمل العقل هو الكف ... فالخمر تقوم بتأثيرها في كف الكف ... اي إِزالة الموانع التي يضعها العقل ..... ويلاحظ ان مدمن الخمر يتميز من مظهره الخارجي ومن فحصه طبياً بالاعراض المرضية التالية : ( أ ) توسع الأوعية الدموية الجلدية في الأنف والوجنتين.
( ب ) تصلب الشرايين.
( ج ) شكاوى هضمية بسبب نقص حموضة المعدة أو حدوث التهاب أو قرحة المعدة.
( د ) تسمم عضلة القلب.
( هـ ) تسمم الكبد وتليفه وتشمعه في النهاية.
( و ) رعشة باليدين واللسان.
( ز ) التهاب الأعصاب.
( ح ) اضطراب النظر وازدواج الرؤية وإِعتامها.
( ط ) تغير الشخصية والاخلاق ، حيث يصبح المدمن مهملاً أنانياً ، شديد الغيرة والقسوة.
( ى ) تصير أحاسيسه غير طبيعية ، هذا فضلا عن التأثيرات الاجتماعية والنفسية السيئة الاُخرى.
 الغذاء دواء ـ 153 ـ

  موتها كل يوم من خلايا المخ ، حيث من المعروف أن كل انسان يموت منه عدد محدد من خلايا المخ ... في حين أن الخمر تقتل ضعف هذه الكمية ، فضلا عن ان الخمر تجعل شاربها قابلا للتهيُّج السريع وسرعة الإِنهاك.
  اما بالنسبة لتأثير الخمر على الناحية الجنسية ... فقد ثبت علمياً خطأ من يعتقدون أن الخمر تزيد من القدرة الجنسية ، بل ثبت عكس ذلك ، حيث إِن الخمر تزيد الرغبة في الجنس وممارسته ، ولكن يصاحب ذلك عجز عن الممارسة الفعلية بالصورة الطبيعية.
  كما ثبت أن الخمر تخدر مناطق قشرة المخ ، فيقل الحياء ، والكوابح الأخلاقية ، فتزيد الرغبة في الجنس بشكل فاضح ، وكثيراً ما يؤدي ذلك إِلى الجرائم الجنسية الشاذة ... إِلا أن الاستمرار في شرب الخمر ـ كما تبين ـ يفقد القدرة على الاتصال الجنسي الطبيعي ، ولذا فقد يستعيض عن ذلك بالقيام بدور المتفرج في دور الدعارة والملاهي الليليلة .... أي أن الخمر تنبه الرغبة الجنسية ، ولكنها تثبط القدرة عليه.
  وفي ألمانية الغربية ... نشر العلماء بحثاً عن تأثير الخمور على خلايا مخ (1)

*************************************************************
(1) المخ : الجزء الرئيسي من الدماغ ، يُمكِّنُك المخ المُجعَّد من الشعور والتفكير والكلام والرؤية ، ويُمكِّن جسمك من الحركة، ( موسوعة جسم الإنسان : ص 106 ).
 الغذاء دواء ـ 154 ـ

  الإِنسان ... وأكدوا في بحثهم أن الخمور تلتهم الغذاء الذي تعيش عليه خلايا المخ ... وهذا الغذاء اسمه ( جولوتاميك اسيد ) ... وأضافوا : أن الخمور عندما تلتهم هذا الغذاء يفقد لونه الوردي .. وبالتالي تفقد خلايا المخ ما يمدها بالحياة ، فيصاب الشخص السكير بالصرع (1) ، ويفقد الذاكرة ويضعف ذكاؤه ، كما قد يصاب بالجنون (2) ( ثبت علمياً ص 117 ـ 119 ).
  الاختناق
  Asphyxia
  ما يجب عمله :
  1 ـ استدع الطبيب إذا تيسر ، وتأكد من خلو حلق (3) المختنق من الاجسام الغريبة ، ومن ان الخياشم لا يعوق مساربها (4) عائق.

*************************************************************
(1) الصرع : هو أن يخر الإنسان ساقطاً ، ويلتوي وضطرب ويفقد عقله ، من خلط غليظ ، يسد منافذ بطون الدماغ ، ويسمى أيضاً : ام الصبيان ، لكثرة مايعتري الصبيان [ لبضعة ثوان ثم يفيق ]، ( مفتاح الطب ص 22 الفصل 5 ).
(2) يهمنا ان نذكر انه على إِثر نشر هذا البحث ارسل مواطن إِلى الصحيفة التي نشرت هذا البحث بعض آيات القرآن الكريم التي تحرم تناول الخمور ، وترجم معانيها بالألمانية ، ونشرتها الصحيفة ... وعلى اثر نشر هذه الآيات الكريمة اتصلت الجمعية العلمية بألمانية به ، وطلبت منه ترجمة الآيات العلمية في القرآن الكريم ، لتكون موضح بحث علمي يقوم به أعضاؤها.
(3) الحلق : مساغ الطعام والشراب من المريء ومخرج النفس من الحلقوم ، وموضع الذبح هو ايضا من الحلق وجمعه حلوق، ( التهذيب في اللغة ج 4 ص 58 ).
(4) السَرَب جمعه اسراب : القناة يدخل منها الماء.
المَسرَبة والمسوربة جمعها مسارب : مجرى الدمع ونحوه ، ومجرى الغائط ومخرجه.
 الغذاء دواء ـ 155 ـ

  2 ـ شد اللسان من عذبته (1) بمنديل جاف نظيف أو بقطعة من القطن.
  3 ـ ازل ضغط الملابس ولا سيما ماحول العنق (2) والخصر (3).
  4 ـ اجر التنفس الصناعي مع تدفئة المريض.
  5 ـ إِذا عاد النفس فحاول ان تذود (4) الصداع المحتمل وجوده بوضع كيس ثلج أو كمادات باردة على الجبين (5) ، وقربة ماء ساخن على مقربة من القدمين.
  6 ـ افتح النوافذ للهواء النقي.
  إِن الاختناق معناه وقوف التنفس ، كما يحدث بعد الغرق أو الخنق أو انحشار جسم غريب في الحنجرة (6) ، أو الصدمة الكهربائية ، أو التسمم باول اُوكسيد الكربون.
  وفي كل هذه الاحوال ومثيلاتها لا تحسب وقوف التنفس آية على الموت ، فقد يكون القلب ما فتئ (7) حياً رغم انعدام النبض (8) ، ومن اجل ذلك يجب اجراء

*************************************************************
(1) العَذَب : الاطراف من كل شيء.
(2) العنق : الرقبة.
(3) الخَصر جمعه خصور : وسط الانسان فوق الورك.
الخاصِرة جمعها خواصِر من الإِنسان : جنبهُ فوق رأس الوَرِك.
(4) ذاده ذوداً وذياداً : دفعه وطرده.
(5) الجَبين : الجَبهة.
(6) الحنجرة جمعها حناجر : الحلقوم.
(7) ما فتئ : اي مازال وتستعمل للماضي والمضارع.
(8) النبض جمعه : انباض : حركة القلب والعروق.
والمنبض جمعه منابض : المحل الذي يجسه الطبيب من الجسم ليعرف حالة نبض القلب.
 الغذاء دواء ـ 156 ـ

  التنفس الصناعي في كل حوادث الاختناق ولو استغرق ساعات، ( المرشد الطبي الحديث ص 394 ).
  الخولجان
  ( وفيه آراء ) :
  الرأي الأول : ( الخولنجان : عروق متشعبة ، ذات عقد لونها بين السواد والحمرة ، وهذه العروق حريفة الطعم (1) تجلب من الهند وفيها عطرية.
  الرأي الثاني : الخولنجان : حار يابس في الدرجة الثالثة جيد للمعدة (2) ، يطيب النكهة هاضم للطعام.
  الرأي الثالث : الخولنجان : كاسر للرياح (3) ، موافق لمن يكثر به القولنج الريحي والجشاء الحامض و انه يزيد في الباه وينفع الكلى والخاصرة الباردتين.
  الرأي الرابع : نافع لأَصحاب البلغم والرطوبات المتولدة في المعدة ويحرك المني ويهيجه ، وإِذا أُخذ منه عود واُمسِكَ في الفم فإِنه ينعظ إِنعاظاً شديداً.
  الرأي الخامس : من أحسن الطرق في استعماله في امر الباه : أن يؤخذ منه نصف مثقال أو درهم ويسحق وينخل ويذر على مقدار نصف رطل (4) لبن حليب

*************************************************************
(1) الحريف بكسر الحاء والراء وتشديدها : الذي يلذع اللسان بحرافته ويقال بصل حريف.
(2) المعدة هي حوض البدن وكل عِرق يدلى إليها ، والصحة مبنية عليها، ( تذكرة اُولي الألباب ) المعدة : هي كيس بيضاوي الشكل يتصل من اعلاه بالمريء ، وتسمى نقطة إتصاله ( بالفؤاد ) كما تتصل نهايته السفلى بالامعاء وتسمى نقطة الاتصال معها ) ( بالبواب )، ( شباب في الشيخوخة : ص 218 ).
(3) الرياح : انتفاخ المصارين بالهواء أو الغازات.
(4) الرطل : نصف منّاً ، ( مفتاح الطب ص 165 ) ، الرطل : اثنا عشر أُوقية ، وهي مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم.
 الغذاء دواء ـ 157 ـ

  بقري ويشرب على الريق ، فإِنه غاية في أمر الباه.
  الرأي السادس : هو من أنفع الأدوية لمبرودي المعدة والكبد ويحسّن هضمه تحسيناً بليغاً.
  الرأي السابع : يقوي الأعضاء الباطنة (1).
  قال الأنطاكي : ( الخولنجان : نبت رومي وهندي يرتفع قدر ذراع ، وأوراقه كأواق القرفة ، وزهره ذهبي.
  وهو قسمان : غليظ عقد قليل الحرارة يسمى قصبي وسبط دقيق صلب يشبه العقرب في شكله ، فلذلك يسمى العقاربي وهو المستعمل يدرك ببابه وتبقى قوته إِلى سبع سنين وهو حار يابس في الدرجة الثالثة ، يحلل الرياح ويهضم ويحرك الشاهيتين (2) (3).
  قال الدكتور محمد رفعت : الخولنجان : نبات يحتوي على مادة زيتية صمغية (4) حريفة عطرية لاذعة ، وهو منبه للمعدة والهضم طارد للرياح ، مدر للعاب (5) معطر للنفس لانه مثل كل الزيوت الطيارة يتبخر من الرئتين مع التنفس وهو مقو للرغبة الجنسية منبه لها اذا اُنقع في اللبن الحليب.
  وجرعة المسحوق جرام واحد ، وهو يحتوي غير الزيت الطيار على مادة

*************************************************************
(1) الجامع لمفردات الأدوية والأغذية : ج 2 ص 79 و 80.
(2) الشاهيتين : شهوة الطعام وشهوة الباه.
(3) تذكرة أولي الألباب : ج 1 ص 148.
(4) راجع ما هو الصمغ ؟ في حرف الصاد.
(5) راجع ما هو اللعاب في حرف اللام.
 الغذاء دواء ـ 158 ـ

  لذاعة هي ( الجلبخول ) ويستعمل العوام مسحوق الخولنجان سعوطاً ( اي نشوقاً ) في حالات الزكام ( قاموس التداوي بالاعشاب ص 85 ).
  قال الدكتور آن ماكنتير : يستعمل مغلي جذور الخولنجان مرة واحدة يومياً لتخفيض نسبة السكر (1) في الدم ( فن العلاج بالاعشاب ص 120 ).

*************************************************************
(1) راجع السكّر في حرف السين.
 الغذاء دواء ـ 159 ـ

( حرف الدال )
  التدخين
  النساء المدخنات أقل خصوبة من غير المدخنات (1) :
  أوضح تقرير علمي نشر مؤخراً في نيويورك بأنه بناء على تجارب اُجريت على نساء حوامل ، أثبتت النتائج أن نسبة خصوبة النساء المدخنات تبلغ 72% بالقياس الى غير المدخنات.
  كما تبين أن التدخين الشديد يجعل الحمل أكثر صعوبة ... والجدير بالذكر أن التقرير الذي نشرته المجلة الطبية الأمريكية يعتبر الأول من نوعه ، الذي يبحث في العلاقات بين التدخين والخصوبة.
  التدخين وأثره السيىء على صحة الحامل :
  ثبت علمياً أن للتدخين آثاره الضارة على صحة الاُم الحامل (2) والجنين (3) ،

*************************************************************
(1) حياتك : المجلة العربية ـ سبتمبر 1985.
(2) يلاحظ أن السيجارة الواحدة تحتوي على نسبة لا تقل عن 30 مليجراماً من مادة البتربيزين ... وهذه المادة من أخطر المواد ضرراً لأجهزة الجسم اذا وصلت اليها ، وكذلك تحتوي على اكثر من 25 ميلجراماً من القار ( القطران ) ، والذي يحتوي على مواد عضوية كثيرة ، وهذا بخلاف المواد المترسبة الاُخرى التي تعتبر نواة حقيقية لنمو مرض السرطان ، ويتضاعف ذلك لدى المرأة الحامل.
(3) الجنين : وصف له ما دام في بطن اُمه ، والجمع اجنة مثل دليل وأدلة ، قيل سُمِّي بذلك لاستتاره ، فإذا وُلد فهو منفوس ، ( المصباح المنير ).
 الغذاء دواء ـ 160 ـ

  إِذ أنه يؤدي إِلى بعض التشوهات الخلقية التي يصعب علاجها في الأجنة. كما ثبت أيضاً أن الجنين يتأثر بالتدخين ، حتى إِذا كانت الأُم لا تدخن ، وإِنما توجد في مكان يكثر فيه المدخنون من حولها.
  التدخين يعجل بانقطاع الدورة الشهرية :
  ثبت علمياً أن التدخين يعجل بانقطاع الدورة الشهرية ، وبالتالي في ظهور أعراض سن اليأس بصورة أكثر حِدَّة عند المدخنات ... كما ثبت أنه كلما زادت نسبة التدخين بدأ ظهور علامات سن اليأس ، ( ثبت علمياً ص 126 ).
  من مسلسل مضار التدخين :
  ثبت علمياً مضار التدخين على الصحة العامة ، حيث تبين أن الدخان يحتوي على 2% من وزنه نيكوتين ، وهي مادة قاتلة أقوى في فعلها من الزرنيخ ... وأن الاستمرار على عادة التدخين يحدث التسمم المزمن ، مما يؤثر بالتالي على المخ والأعصاب ، ويُوجد عادة الإِدمان.
  وقد ثبتت العلاقة الوثيقة بين التدخين وسرطان الرئة ... فتذكر الإِحصائيات أن نسبة الإِصابة بسرطان الرئة بين المدخنين تبلغ عشرة اضعاف الإِصابة عند غير المدخنين ... هذا فضلا عن تأثير التدخين على المعدة والكبد ، وغير ذلك من اجزاء الجسم ، مما لا يتسع المجال لسرده (1).
  وعلماء الطب يعزون ضرر التدخين اساساً إلى مادة النيكوتين وهم يقررون ما يأتي :
  أولاً : أن التدخين يسبب انقباض الأوعية الدموية ، وينشأ عن ذلك ارتفاع

*************************************************************
(1) يرجع إلى كتاب ( المدخن امازال طفلا ) للاستاذ محمد كامل عبد الصمد.
 الغذاء دواء ـ 161 ـ

  ضغط الدم ، وزيادة الجهد الذي يبذله القلب ... وهناك خطر محقق على المعرَّضين للإِصابة بالذبحة الصدرية (1) الناشئة عن انقباض الشريان (2) التاجي المغذي لعضلة القلب أو انسداده ... وقد وُجِدَ ان الذين يدخنون عشرين سيجارة فأكثر في اليوم معرضون للاصابة بجلطة (3) القلب بمعدل ثلاثة اضعاف غير المدخنين ... كذلك يزيد نسبة الوفيات (4) في المدخنين بنسبة 70% عنها في غير المدخنين.
  ومن المعلوم أن السيجارة تحتوي على عشرين مليجراماً من النيكوتين ، يمتص جسم المدخن منها اثنين من المليجرامات ... والنيكوتين يساعد على إِفراز هرمون ( الإِدرينالين ) و ( النورادينالين ) اللذين يزيدان من تقلص الشرايين بصفة عامة ، وشرايين الاطراف بصفة خاصة ... كذلك يساعد هرمون ( الإِدرينالين ) على تخزين المخزون الدهني في الجسم إِلى الدم ، فيزيد بذلك نسبة الأحماض الدهنية ونسبة الكولسترول عند المدخنين ... فضلاً عن أن النيكوتين يساعد على إِفراز مادة ( الترسين ) من الغدة النخامية (5) ... وهذه المادة قابضة للأوعية الدموية ، وخاصة شرايين القلب التاجية.
  ثانياً : يترتب على انقباض الأوعية الدموية برودة الأطراف ، لقلة ما يصل اليها من الدم ، وقد تشتد الإِصابة فتنسد هذه الاوعية ، ويؤدي ذلك إِلى ضرورة بتر

*************************************************************
(1) الالم المفاجىء في الذراع اليسرى بعد القيام بالحركة [ والذي ] يزول بعد دقائق قليلة من الراحة ( الذبحة الصدرية ) : دليل على المشاكل القلبية. ( مرشد العناية الصحية : ص 325 ).
(2) الشريان : عِرق ينقل الدم من القلب الى الجسم ، وللشرايين نبض ، بينما ليس للاوردة نبض ، وهي التي تنقل الدم من الجسم الى القلب ( مرشد العناية الصحية : ص 382 ).
(3) إِن آخر الإِحصائيات التي قدمت امام المؤتمر الاُوربي الثامن للقلب ، والذي عقد في مدينة باريس عام 1980 تقول : إِن 78% من المصابين بجلطة القلب من المدخنين.
(4) ( فإِذا جاءَ اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) سورة الاعراف الآية 34.
(5) الغدة النخامية : تفرز تسعة أنواع من الهرمونات ، ( موسوعة جسم الإنسان ص 55 ).
 الغذاء دواء ـ 162 ـ

  الأطراف المصابة.
  ثالثاً : يسبب التدخين زيادة في عدد ضربات القلب وتحميله عبئاً لا داعي له ... وقد أمكن اثبات ذلك بجهاز المسجل الكهربائي للقلب.
  رابعاً : ينشأ عن التدخين زيادة نسبة السكر في الدم ، ويتبع ذلك بطبيعة الحال نقص في كمية السكر المختزن في الكبد والعضلات ، وينشأ عن ذلك تعب المدخن كلما قام بأي مجهود عضلي.
  خامساً : ينشأ عن التدخين ضعف الشهية للطعام ، وهذا يؤدي بدوره إِلى الضعف العام للجسم ... كما أن التدخين ـ في نظر رجال الطب ـ يؤثر على غدد المعدة فيجعلها تكثر من إِفراز حامض ( الايدرو كلوريك ) الذي تسبب زيادته إصابة المعدة بالقرحة ، ولذلك يطلب الاطباء من المصابين بها الاقلاع عن التدخين في الحال.
  سادساً : يسبب التدخين إلتهاباً في الحنجرة ، وللأوتار الصوتية ، وضيقاً في التنفس وكحة وسعالاً.
  سابعاً : يسبب التدخين ضعفاً لأعصاب العين ، واختلالاً في النظر ... ويؤكد أحد الباحثين (1) البارزين أن التدخين يتسبب أيضاً في ضيق الشعيرات الدموية الدقيقة بشبكية العين ، ويعمل على جفافها وتحجرها بالشبكية ، مما يهدد بزوال القدرة على الإِبصار.
  ثامناً : يسبب ازدياداً في عملية إِحتراق المواد الغذائية ، فلا يختزن الجسم

*************************************************************
(1) البروفيسور ( جارتز ) أستاذ امراض العيون بجامعة مايتس بألمانيا من تقرير بحث اُجري على 3500 سيدة نشرت نتائجه مجلة ( لانست ) الطبية البريطانية.
ومن المعروف في الإِسلام أن التحريم يتبع الخبث والضرر ، فما كان خالص الضرر فهو حرام ، وما كان خالص النفع فهو حلال ... وما كان ضرره أكبر من نفعه فهو حرام ، وما كان نفعه أكبرمن ضرره فهو حلال ... ولو طبقنا هذه القاعدة على السجائر لخرجنا بنتيجة أن السجائر حرام ولا سيما في ضوء ما أورده المتخصصون.
 الغذاء دواء ـ 163 ـ

  شيئاً من الزائد عن حاجته منها لينتفع به فيما بعد ... هذا ، وقد لوحظ أن الاشخاص النحفاء قد ازداد وزنهم بعد الإِقلاع عن التدخين.
  تاسعاً : يرى بعض الباحثين أن ينتج أثناء إِحتراق السيجارة مادة ( الاكرولين ) ... وهذه لها أثر ضار على المراكز العصبية في المخ ، وينشأ عن ذلك الخفقان والرعشة.
  هذه هي الاضرار التي يكاد يكون عليها إِجماع تام بين علماء الطب وباحثيه على حدوثها ، بسبب التدخين .... وهناك عرض مرضي آخر قد أشارت إِليه تقارير البحوث العلمية مؤداه : أن التدخين يقلل كمية البول التي تفرزها الكلية ، لأنه يسبب انقباض شرايين هذا العضو.
  هذا ، وقد ثبتت من التقارير الطبية الدولية أن الدول المتقدمة تلزم شركات الدخان بإنتاج أنواع من السجائر ذات مواصفات طبية معينة ، تقلل من نسبة المواد الضارة في مكوناتها ، حفاظاً على الصحة القومية ... كما ثبت أن السجائر المصدرة للخارج لا تخضع لهذه المواصفات الطبية لديهم ، وبالتالي فإِن المنتجين يزيدون من نسب المواد الفعالة ذات التأثير السريع على الادمان ، حتى يظل المدخن أسير هذه المدمرات! ( ثبت علمياً ص 123 ـ 126 ).
  درجات الادوية
  إِن كل شيء مما يؤكل أو يُشرب ولا محالة يعمل هو في البدن عملاً ، أو يعمل منه البدن.
  أو يعمل هو في البدن اوَّلاً ، ثم يعمل منه البدن.
  أو يعمل فيه البدن اوَّلاً ، ثم يعمل هو في البدن.
  وكل ما عمل في البدن إِذا ورد عليه من غير أن يعمل البدن فيه ويُحيله : فهو يتم.
  وكل ما عمل فيه البدن إِذا ورد عليه : فهو غذاؤه.
 الغذاء دواء ـ 164 ـ

  وكل ما إِذا ورد على البدن عمل اوَّلاً فيه ، ثم عمل فيه البدن وأحاله كالبصل ، والثوم ، والخس ، والخشخاش : فهو غذاء دوائي.
  وكل ما اذا ورد على البدن فَسَخَّنَه أو بَرَّدهُ أو رَطَّبَهُ أو جَفَّفَه : فهو دواء.
  وهذه المأكولات والمشروبات : إِما ان تعمل في البدن عملاً خَفِيَّاً ، واما ان تعمل عملاً أبْيَن من ذلك قليلاً، واما ان تعمل عملاً بَيِّناً ظاهراَ ، واما ان تعمل عملاً بليغاً قوياً.
  فكل ما عمل منها عملاً خَفِيَّاً : فهو في الدرجة الأُولى من التسخين ، أو التبريد ، أو التجفيف ، أو الترطيب بحسب ما عمله ذلك في البدن، والذي يكون عمله بين من الخفي قليلاً : هو في الدرجة الثانية فيها.
  والذي يكون عمله ظاهراً بيناً : فهو في الدرجة الثالثة.
  والذي يكون عمله بليغاً قوياً : فإِنه يكون في الدرجة الرابعة.
  والشيء الحار الرطب : لا تتجاوز حرارته بالدرجة الأُولى; لأن الحرارة إِذا زادت على ذلك المقدار : أفنَت الرطوبة.
  فلذلك لا يوجد دواءهو حار في الدرجة الثانية ، أو الثالثة ، إِلا انه وُجِدَ يابس.
  وكل ما حار في الدرجة الرابعة; فإِنه ما بين في تلك الدرجة تبينها وادراك الدواء المفرد الكيفية عسر جداً; كما ان ادراك المزاج المفرد الكيفية عسر ، بل بالإضافة ينسب إِلى الأغلب عليه كلاهما (1).

*************************************************************
(1) الكفاية في الطب : ص 90 و 91.
 الغذاء دواء ـ 165 ـ

  قوانين الادوية والاغذية
  الغذاء : هو ما استحوذ (1) عليه البدن ، فأحاله إِلى طبعه ، كالخبز. فإِن البدن جعله كيلوساً (2) ، ثم دماً ، ثم لحماً وعظماً ، وغير ذلك من اعضائه.
  والدواء : هوما استحوذ على البدن ، فأحاله الى طبعه ، كالسقمونيا; فإنها حارة تغلب قوَّة البدن ، وتحيله إِلى حرارتها.
  وفيما بين هذين غذاء دوائي ، ودواء غذائي.
  فالغذاء الدوائي : هو الذي يحيله البدن بما فيه من طبع الغذاء ، ويحيل البدن بما فيه من طبع الدواء ، غير ان طبع الغذاء عليه اغلب : كالشحم والثوم والبصل والنبيذ.
  والدواء الغذائي هذا سبيله ، إِلا ان طبع الدواء فيه اغلب : كالكمون والكرويا.
  وكل واحد من الغذاء والدواء : إمّا مفرد وإما مُركَّب (3) :
  فالمفرد : هو الذي لم يخالطه بالصنعة شيء غيره ، وإِن كان مركباً من طبايع مختلفة ، فإِن الكمون مفرد ، وهو طبيعة واحدة اعني : انه حار يابس لطيف.
  والفجل مفرد ، وإِن كان مركباً من طبايع مختلفة ، لأن فيه ارضية ونارية.
  وأما الارضية فلثقله ووخامته.
  وأمّا النارية فلحرافته.
  والمركب : هو الذي خلطت الصنعة به غيره : كالحب المتخذ من السقمونيا ،

*************************************************************
(1) استحوذ : استولى.
(2) الكيلوس : هو الطعام والشراب اذا امتزجا في المعدة وانطبخا ، فصارا كماء الشعير. ( مفتاح الطب لابن هندو : ص 163 الفصل 11 ).
(3) المركب : هو الجسم المتماثل ذو التركيب الثابت الخواص الناتج من عنصرين أو اكثر اتحدا كيمياوياً ، ( المعجم الوسيط ).
 الغذاء دواء ـ 166 ـ

  والصبر ، والافسنتين.
  وإِذا قلنا في الغذاء والدواء انه معتدل : فالمراد انه يتشبَّه بالبدن ، من غير ان يؤثِّر فيه تأثيراً يُبَيِّنُ للحس من حرارة أو برودة ، أو رطوبة أو يبوسة.
  وإِذا قلنا فيه انه حار أو بارد أو رطب أو يابس : فالمراد انه يحدث في البدن الحرارة أو البرودة أو الرطوبة أو اليبوسة ، سواء كانت هذه الكيفيات موجودة بالفعل في الدواء والغذاء أو لم تكن.
  وذلك انّا نقول : الكبريت حارّ ، وإِن بَرَّدناه على الثلج; لأَنه يحمي البدن ، متى ورد ، أو لاقاه.
  ونقول الكافور بارد ، وإِن أُحمِيَ على النار ، لأَنه يُبرِّد البدن.
  واعلم ان الغذاء إِذا ورد البدن : اثَّرَ اولاً في البدن ، ثم استحوذ عليه البدن : كالسوِيق (1) والسكَّر المبرِّدين فإنهما : إِذا وردا البدن برَّداه اولاً بما فيهما من البرودة بالفعل; ثم إِن البدن يحميهما ويحملهما إلى طبعه ، ويغتذي بهما.
  والدواء على ضد هذه الحال فإِنه : يقبل اولاً التأثير من البدن ، ثم يؤثِّر في البدن ، فإِن الفلفل وهو حار إِذا ورد البدن : قَبِلَ الحرارة من البدن.
  فإِذا احمته حرارة البدن ، وفرَّقت اجزاؤه; اخذ يسخن البدن ويلهب حرارته.
  وبين الاغذية والادوية تفاوت في مقادير افعالها وتأثيراتها ، فإِن تبريد

*************************************************************
(1) السويق : هو ما يتخذ من الحنطة والشعير ، وقيل دقيق الشعير أو السُّلْت المقلو ويكون مع القمح ، والاكثر جعله من الشعير ( تاج العروس حرف السين ).
السويق : دقيق مقلو يعمل من الحنطة والشعير ( مجمع البحرين : حرف السين ).
السويق بالفتح ثم الكسر : يتخذ من الحنطة والشعير والنبق والتفاح ، والقرع وحب الرمان والعدس والغبيراء المسحوق يعني يؤخذ دقيقها أو يدقها أو يتخذ من الشعير والماء واللبن [ الحليب ] والخشخاش المقلو المسحوق ( دائرة معارف الاعلمي : ج 10 ص 551 ) ، السويق : طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير سُمِّي بذلك لانسياقه في الحلق ( المعجم الوسيط ).
 الغذاء دواء ـ 167 ـ

  الكافورزائد على تبريد ماء الشعير ، وإسخان لحم الافاعي اكثر من إسخان الثوم ، فلهذا احتيج إِلى إِخراج درجاتها ، ليعلم التفاوت فيها ، وتستعمل بحسب مقادير افعالها.
  فالغذاء والدواء : إِذا كان معتدلاً ، فلا درجة له في شيء من الكيفيات الاربع الاُمهات ، لأنه لا تأثير له في البدن; لأن معنانا في قولنا درجة : كمية تأثير الشيء في البدن ، وإِنما البدن : هو المؤثَّر فيه، فإِذا خرج عن الاعتدال : لم يخل من إِحدى درجات اربع :
  فالدرجة الأُولى : هي الاشياء التي تؤثر في البدن اكثر مما يؤثِّر البدن فيها ، وذلك بأن يحل كيفية الهواء الذي في باطن البدن فقط.
  وعلامة ذلك ان يحس المستعمل له بتغيُّر يسير ينال البدن.
  والدرجة الثانية : هي الاشياء التي تؤثر في البدن تاثيراً ابْيَن من ذلك ، بأَن تتجاوز إِحالة الهواء إِلى إِحالة رطوبة الجسد.
  والدرجة الثالثة : هي الاشياء التي تؤثر في البدن تاثيراً مفرطاً يتجاوز الهواء والرطوبة إِلى التأثير في الشحم الذي هو اشد منها.
  والدرجة الرابعة : هي الاشياء التي تُفْسِدُ البدن ، وتخرجه عن صورته ، بأن تذيب لحمه ، وتُفرِّق اجزاءه ، أو تخدِّره ، وتطفي حرارته ، ولا قوام للحيوان (1) بعد ذلك ولا تماسك فلهذا لا يوجد درجة خامسة ، حتى يمكِن ان يقال انهاالاشياء التي تعمل في العظم.
  وهذا كما فعله اصحاب الموسيقى بأوتار العود ، فإِنهم جعلوها اربعة : أوَّلُها : البم الذي يَخرج منه اثقل النغم ، وآخرها الزير الذي يخرج منه احد

*************************************************************
(1) الحيوان : كل ذي روح ناطقاً كان أو غير ناطق ، مأخوذ من الحياة ، يستوي فيه الواحد والجمع لأَنه مصدر في الأصل، ( التحقيق في كلمات القرآن الكريم : ج 2 ، ص 335 ).

 الغذاء دواء ـ 168 ـ

  النغم ، وما بينهما المثنّى والمثلَّث.
  ولم يزيدوا وتراً خامساً ، لأنهم لم يجدوا نغمة تخرج من حلق الإنسان تلائم الوتر الخامس الزائد ثقله على ثقل البم أو الناقص حدّته عن حدّة الزير.
  وليس يكتفي الاطباء بهذه الدرجات الاربع ، حتى جعلوا في كل درجة ثلاث مراتب وهي : اول الدرجة ، ووسطها ، وآخرها ، وذلك انهم رأوا الاشياء التي في درجة واحدة تتفاوت حتى يكون احدها في اول تلك الدرجة ، والآخر في وسطها ، أو في طرفها الأخير.
  فلذلك يقولون : دواء كذى في اول الدرجة الأُولى ، أو في وسطها ، أو في آخرها.
  وقد يكون الغذاء أو الدواء معتدلاً في واحدة من الكيفيات الاربع ، غير معتدل في اُخرى ، مثل ان يعتدل في الرطوبة ، ويخرج عن الاعتدال في البرودة ، وقد يكون خارجاً عن الاعتدال في كيفيتين ، مثل ان يكون حاراً يابساً أو حاراً رطباً أو بارداً يابساً أو بارداً رطباً.
  وها هنا اشياء لا يلتئم بعضها مع بعض ، وقد يُمتحَن بها علم الطبيب ، فإِنه لا يوجد دواء رطب في الدرجة الرابعة ، ولا دواء حار في الدرجة الاولى رطب في الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ، ولا دواء حار في ا لدرجة الثانية أو الثالثة ، الرابعة ، رطب في الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة.
  والقوى التي ذكرناها هي القوى الاُوَل للغذاء والدواء ، ولهما قوى ثوان ، مثل : ان يقال فيه انه مُنضج أو محلل أو فتّاح.
  وقوى ثوالث مثل : ان يقال فيه انه يغرز اللبن أو يُنزِّل الطمث.
  في كيفية امتحان الادوية :
  والطريق الموثوق به في استخراج قوى الاغذية والادوية ان يُجَرَّب على
 الغذاء دواء ـ 169 ـ

  البدن المعتدل مراراً ، إِذا كانت الابدان الخارجة عن الاعتدال لا نهاية لها ، قدرة على معرفة فعل الدواء في كل واحد منها ، فمتى لم تؤثر في هذا البدن المعتدل شيئاً في الكيفيات الاربع ، قيل انها معتدلة.
  ومتى اثرت ، نُسبت إلى تلك الكيفية التي هي فعلها وتأثيرها ، ثم يتدرج من ذلك إِلى استعمال الحدس والتقريب في الابدان الخارجة عن الاعتدال ، مثل إنّا إِذا رأينا العسل يسخّن البدن المعتدل ، علمنا انه يسخن البدن الخارج عن الاعتدال إِلى الحرارة إِسخاناً أكثر ، والخارج عن الاعتدال إِلى البرد اسخاناً اقل.
  وقد يُتَوَصَّل إِلى معرفة قوى الاغذية والادوية من طعومها وروائحها وألوانها إِلا ان هذه الطرق ليست في وثاقة الطريق الاوّل.
  والطعوم : اصح دلالة وأصدق شهادة من الروائح ، وأضعفها كلها الألوان.
  ( مفتاح الطب ص 146 ـ 152 الفصل 8 )
  تورم درقي
  تورم درقي (1) : تورّم في اسفل الرقبة يسببه عادة نقص في مادة اليود.
  ( مرشد العناية الصحية ص 381 )
  دم الاخوين
  قال ابن البيطار : دم الاخوين هو التنين ، ودم الثعبان ايضاً.   وقال ابو حنيفة : هو صمغ شجرة يؤتى به من سقطرى وهي جزيرة الصبر

*************************************************************
(1) الغدة الدرقية : هذه الغدة التي تقع في مقدمة الحنجرة ومباشرة تحت تفاحة آدم ، مسؤولة عن إِنتاج الهرمونات التي تتحكم بتطور الجسم ونموه ( تحويل الطعام إِلى طاقة ) ، كما تساعد هذه الغدة على تنظيم حرارة الجسم الداخلية ( دليل الاسرة الصحي ج 3 ص 10 ).
 الغذاء دواء ـ 170 ـ

  السقطري يداوى به الجراحات ، وهو الايدع عند الرواة ويقال له : الشيان ايضاً.
  وقال مسيح : وقوّته باردة في الدرجة الثالثة قابضة.
  وقال البصري : صالح لقطع السيف وشبهه ، وتدميل الجراحات الحادثة الدامية ، وإذا احتقن به عقل الطبيعة وقوى الشرج (1).
  وقال غيره : شديد القبض يقطع نزف الدم من أي عضو كان ، وينفع من سحج الامعاء (2) إذا شُرِبَ منه نصف درهم في بيضة نيمرشت (3).
  وقال ابن سينا : واما يبسه ففي [ الدرجة ] الثانية ، يقوي المعدة وينفع من شقاق المقعدة، ( الجامع لمفردات الادوية والاغذية ج 2 ص 96 ).
  قال الانطاكي : دم الاخوين ويقال اثنين والثعبان والشبان ، وقيل إنه صمغ نخله الهند أو شجرة كحي العالم ، أو هو كبيره أو هو عصارة نبات صبر سقطرا والصحيح انّا لا نعرف اصله ، وإنما يجلب هكذا من نواحي الهند وأجوده الخالص الحمرة الاسفنجي الجسم الخفيف ، تبقى قوّته طويلا وهو بارد يابس في [ الدرجة ] الثالثة : يحبس الدم والاسهال ، ويدمل ويمنع سيلان الفضول وحرارة الكبد والسحج والثقل والزحير بصفار البيض ، ويضر الكلى وتصلحه الكثيرا ، وشربته إلى نصف درهم ، وبدله الشادنة ( تذكرة أُولي الألباب ج 1 ص 154 ).

*************************************************************
(1) الشرج : هو انبوب قصير يمتد من المستقيم إلى خارج الجسم ، وهو مغلق بواسطة خلقة من العضلات ( أو العضلة العاصرة )، ( دليل الاسرة الصحي ج 3 ص 93 ).
(2) سحج الأمعاء : معنى السحج : هو تقشُّر أو سلخ يعرض من تلاقي فُخْذَي الرِّجل ، والمقصود هنا هو سحج الامعاء اي تقشرها ، واصل السحج : القشر ، ويوقِعُهُ الاطباء على قشر المعى في الاسترسال إذا قالوا مطلقاً. فإن ارادوا غيره قيَّدوه كسحج : الخف للرِّجل ، وسحج الحائط ، وغير ذلك لما صاكه في الاعضاء الظاهرة ، فيستفاد مما ذكر : إنَّ الانسحاج : هو انقشار الجلد.
(3) بيضة نيمرشت : يُوقعون القدماء لفظ نيمرشت على نصف شي البيضة اي نصف سلق البيضة.
 الغذاء دواء ـ 171 ـ

  قوَّة الدماغ
  يحتوي دماغُك المُدهِش ما يزيد على 100 مليون مليون خلية عصبية.
  يحتاج الدِّماغ ليعمل بانتظام إلى كمية هائلة من الاكسجين (1) والغلوكوز (2) لتوفير الطاقة ، مع ان الدماغ لا يشكل إلا 2% من وزن الجسم الإجمالي ، فإِنه يستهلك 20% من الأكسجين الذي يصل إلى الجسم ، و 20% من إمدادات الوقود ، ويتطلب 15% من الدم ، ( موسوعة جسم الإنسان ص 99 ).
  الدمعة
  قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : الكحل ينبت الشَّعر ويجفف الدمعة ويُعذِبُ الريق ويجلو البصر. ( الكافي : ج 6 ص 494 حديث 10 ).
  وقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : السواك يجلو البصر وينبت الشَّعر ويذهب بالدمعة.
  مكارم الأخلاق : ج 1 ص 118 حديث 279 ).
  الدموع
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الا ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة مكلَّلاً بالدر والجوهر فيه ما لا عين رأت ولا أُذن

*************************************************************
(1) الاُكسجين : غاز يكون في الهواء ، وهو ضروري للحياة.
نتنفس الاُكسجين عبر الرئتين ، وتستخدمه خلايانا لإطلاق الطاقة من الطعام، ( موسوعة جسم الإنسان ص 104 ).
(2) الغلوكوز : نوع بسيط من السكر يؤدي وظيفة ( الوقود ) للجسم ويتم إنتاج السكر في الجسم عند تحلل الطعام في الجهاز الهضمي ، وتحمل الخلايا السكر الى الدم ، وتُعرف كمية السكر في الدم بمستوى غلوكز الدم، ( مرض السكر ص 537 ).
 الغذاء دواء ـ 172 ـ

  سمعت ولا خطر على قلب بشر ).
  عن أنس بن مالك قال : رأيت إِبراهيم ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يجود بنفسه فدمعت عينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ( العين تدمع ويحزن القلب ولا اقول إِلا ما يُرضي ربنا ، وإِنا بك يا إِبراهيم لمحزونون ) (1).
  الدمع
  إن غدة الدمع تفرز باستمرار فتطهر العين ، وترطبها ، وتعطيها بريقها الخاص ، ولكن اين المصرف ؟
  إن هناك طريقاً خاصاًيصرِّف مفرز الدمع إلى الانف ، فإذا زادت الكمية طفح إلى الخارج كما يحدث في البكاء ( ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ) سورة المائدة الآية 83.
  ونتساءل هنا ما علاقة التأثر والخشوع بالبكاء (2) وإفراز هذه الغدة الدمعية ؟
  إن النفس تحتاج إلى غسل وتطهير كأي عضو وما هذه الحالة إلا تطهيراً من الذنوب ، كما يطهر الدمع كرة العين.
  إن حالة الخشوع والتأثر هي حالة وجدانية إنفعالية نتيجة معرفة روعة التصميم ، ودقة البناء ، وعظمة القدرة ، حيث تخطط يد الإرادة الحكيمة ، وتحوِّر ، وتنسق على كيفية مذهلة ، وينتقل هذا التأثير عبر اعصاب معينة فتدعو هذه الغدة إلى الإِفراز فتفرز الدمع الهتون ، حيث تصل النفس إلى مرحلة تعجز عن التعبير فيعبر البكاء ، وهذه الحالة النفسية الوجدانية هي حال العارفين الصالحين العلماء العاملين ( ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً ) سورة الاسراء الآية 109.

*************************************************************
(1) صحيح مسلم : ج 4 ص 1807 حديث 2315.
(2) كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلى ولجوفه ازيز كأزير المرجل من البكاء.
 الغذاء دواء ـ 173 ـ

  إن المنظر الجميل يهيج الرؤية ، والصوت الجميل يهيج السمع ، والرائحة الجميلة تهيج الشم ، والطعم اللذيذ يهيج غدد اللعاب (1) ، وكذلك المعنى الجميل فإنه يثير الخواطر ويفرز الدمع (2)، ( الطب محراب الإيمان ص 208 ).
  لا تمنع الدموع البكاء دليل صحة ومتنفس طبيعى للأَحزان لقد حاول ولا يزال عدد كبير من العلماء والباحثين دراسة سر البكاء (3) والدموع ولذلك عمدوا إِلى تصميم التجارب المختبرية ، ووضعوا النظريات لمعرفة الفوارق بين الدموع التي يذرفها الإِنسان حين تلم به مصيبة أو حين يطير من الفرح.
  وقد ميَّز العرب الاقدمون بين دموع الفرح الباردة فوصفوها بالندى الرقراق ، ودموع الحزن الساخنة ووصفوها برمال الصحراء عند الظهيرة.
  وتشير الدراسات : الى ان البكاء دليل صحة ومتنفس طبيعى للأحزان ، حين

*************************************************************
(1) راجع الغدد اللعابية واللعاب في حرف اللام.
(2)
نرى عِظَما بالبين والصّدُّ اعظمُ      ونَـتّهِمُ الـواشين والدّمْعُ iiمِنهمُ
ومَـن لُبُّه مع غيره كيفَ iiحالُهُ      ومَـن سِرّهُ في جَفْنِهِ كيف يُكتَمُ
ولـما الـتَقَينا والنّوى iiورَقيبُنا      غَفُولانِ  عَنّا ظِلتُ ابكي iiوتَبسِمُ
( ديوان المتنبى ص 93 ).
(3)
ابـكي ويبسم والدجى ما بيننا      حـتى  اضاءَ بثغره ودموعي
تـفلي  انـامله التراب iiتعللاً      وأنـا  ملي في سني iiالمقروع
قـمراً  إذا اسـتخجلته بعتابه      لبس  الغروب ولم يعد iiلطلوع
لو حيث يستمع السرار وقفتما      لعجبتما  من عزه iiوخضوعي
ابـغي  هواه بشافع من iiغيره      شـر  الـهوى ما نلته iiبشفيع
قد كنت اجزيك الصدود iiبمثله      لو أن قلبك كان بين iiضلوعي
 الغذاء دواء ـ 174 ـ

  تلم بالمرء ، كما ان الاشخاص الذين لا يستطيعون البكاء يتعرضون لكثير من المتاعب الجسدية والنفسية.
  فالبكاء : هو الصمام الذى تتسرب من خلاله ابخرة الضغوط النفسية والمتاعب الجسدية ، ولولاه لأخذ التعبير عن العواطف والضغوط اشكالاً مدمرة.
  وقد حاول شارلز دارون منذ سنة 1872 م تفسير دوافع البكاء (1) في كتابه ( التعبير عن العواطف ) ، ووصف الإِنسان بأنه الوحيد بين الحيوانات ، الذي يستطيع ان يعبِّر عن عواطفه بذرف الدموع.
  وقد ميز دارون بين عملية البكاء الناتجة عن الحزن وبين ذرف الدموع اثناء البكاء من النواحى الفسيولوجية.
  ووصف علاقة الدموع بالبكاء بأنها عرضية وتشابه إِلى حد ما ذرف الدموع بعد تعرض العين لضربة خارجية.
  وقد بقيت هذه النظرية قائمة لفترة طويلة من الزمن.
  اما العالم اشلي مونتاغو ، فقد اضاف سنة 1960 م تفسيراً آخر للعلاقة بين الدموع (2) والبكاء ، حيث بيَّن بأن الدموع : تقوم بترطيب الغشاء المخاطي المبطن للممرات التنفسية عند جفافة نتيجة ازدياد عمليات الشهيق والزفير اثناء البكاء ،

*************************************************************
(1)
قِفا نَبْكِ مِن ذِكرى حَبِيب ومَنزِلِ      بسِقط اللوَى بينَ الدَّخول فحَومَلِ
( لامرئ القيس شرح القصائد العشر ص 20 )
(2)
بـحر الدموع يعج في iiامواجه      وصدى الانين قد استحال عتابا
يـامهدى  ايامي ونبع iiصبابتي      كم قد شممت بروضك iiالاطيابا
كم كان عمري في رباك iiمغرداً      ولـه الـدنى كـان ترد iiجواباً
نلهو  بشاطئك الجميل iiوننتشي      فـرحاً  وكـنا إخـوة اصحابا
لأبي رقية الساعدي
 الغذاء دواء ـ 175 ـ

  ولولا الدموع لتحطم هذا الغشاء ، وسبب متاعب كثيرة لصاحبه.
  ( أما العالم الأمريكي وليم فراي الاستاذ في جامعة منيسوتا : فقد عارض في كتابه ( دموع نشطة ) رأي دارون القائل بأن علاقة الدموع بالبكاء مسأَلة عرضية ، وبيَّن ان البكاء : يحقق حاجة جسدية بحتة ، وهي إفرازات الجسم التي تعبر عن احتياجاته الجسدية كإِفراز العَرَق والبول ، وأن الدموع تحوي مواد سامة يريد الجسم التخلص منها ، كما هو الحال مع بقية المواد التي يطرحها الجسم مع العرق والبول.
  وقد بيَّن العالم فراى كذلك بأن الضغوط العاطفية تغير التركيب الكيمياوي للسوائل الجسمية للإنسان ( وهذا ما لا يمكن حصوله في الحيوانات ) ، ومن الممكن في نفس الوقت ان يحدث العكس حيث يتغير التركيب الكيمياوي للجسم وبالتالي يؤدي إِلى تغير الحالة العاطفية للإنسان ، فالاشخاص الذين يعانون من ضيق نفسي يكونون عرضة لاختلال التركيب الكيمياوي داخل اجسامهم ، لذلك فإِنهم يحاولون المحافظة على التوازن الكيمياوى ولو جزئياً بواسطة البكاء وعن طريق طرح مواد معينة من خلال الدموع (1).
  ويوافق العالم فراي رأي دارون القائل بأن البكاء متنفس للضغوط العاطفية ، ويعتقد بأن الدموع عامل مهم واساس في عملية التنفيس هذه.
  دموع المهيجات ودموع العواطف :
   لقد أُجريت دراسات كثيرة ومنذ مئات السنين لغرض تحليل الدموع للتفريق بين تركيب الدموع الناتجة عن مهيجات العين كتقشير البصل مثلاً والدموع العاطفية.
  كانت أُولى هذه الدراسات ما قام به العالمان لويس فاكولين وانطوان فوركروى

*************************************************************
(1)
قام  لتوديعى وفى iiخده      للدمع من عينيه نهران
فالدمع  من عيني ومن      عينه كأنه در iiومرجان