يا أبا ذر : من كان ذا وجهين ولسانيين في الدنيا ، فهو ذو لسانيين في النار .
يا أبا ذر : المجلس بالأمانة ، وإفشاؤك سرَّ أخيك خيانة ، فاجتنب ذلك ، واجتنب مجلس العشيرة .
يا أبا ذر : تَعرض أعمال أهل الدنيا على الله عزَّ وجل من الجمعة الى الجمعة ، وفي كل يوم الاثنين والخميس ، فيغفر لكل عبد مؤمن ، إلا عبداً كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقول : اتركوا أعمال هذين حتى يصطلحا .
يا أبا ذر : إياك ، وهجران أخيك ، فان العمل لا يُتَقبَّل مع الهجران ، فان كنت لا بد فاعلا فلا هجرة أكثر من ثلاثة أيام كملا ، فمن مات فيها مهاجراً لأخيه ، كانت النار أولى به .
يا أبا ذر : من أحبَّ أن يَمثلَ له الرجال قياماً ، فليتبوأ مقعده من النار .
يا أبا ذر : من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر ، لم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك ، فقال رجل : يا رسول الله ، ليعجبني الجمال حتى وددت أن علاَّقة سوطي ، وقبال نعلي حسن ، فهل يرهب ذلك علي ؟ قال : كيف تجد قلبك ؟ قال : أجده عارفاً للحق مطمئنا اليه ، قال : ليس ذلك بالكبر ، ولكنَّ الكبر أن تترك الحق وتتجاوز الى غيره ، وتنظر الى الناس ، ولا ترى أن أحداً عرضه كعرضك ولا دمه كدمك .
يا أبا ذر : أكثر من يدخل النار المتكبِّرون ، فقال رجل : وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله ؟ فقال : نعم ، من لبس الصوف ، وركب الحمار ، وحلب العنز ، وجالس المساكين .
أبـُو ذَرّ الـغـفَـاري رَمز اليَقظة في الضَمير الإنسَاني
_ 203 _
يا أبا ذر : من حمل سلعته ، فقد برئ من الكبر ـ يعني ما يشتري من السوق .
يا أبا ذر : من جر ثوبه خُيلاء ، لم ينظر الله اليه يوم القيامة .
يا أبا ذر : أزِرَّة المؤمن الى أنصاف ساقيه ، ولا جناح فيما بينه وبين كعبيه .
يا أبا ذر : من رقَّع ذيله ، وخصف نعله ، وعفَّر وجهه ، فقد برء من الكبر .
يا أبا ذر : من كان له قميصان ، فليلبس أحدهما ، وليكس أخاه الآخر .
يا أبا ذر : سيكون ناس من أمتي يولدون في النعيم ، ويغذون به ، في همتهم ألوان الطعام والشراب ، ويمدحون بالقول ، أولئك شرار أمتي .
يا أبا ذر : من ترك لِبس الجَمال ـ وهو يقدر عليه ـ تواضعاً لله فقد كساه الله حُلَّة الكرامة .
يا أبا ذر : طوبى لِمن تواضع لله في غير منقصة ، وأذل نفسه في غير مسكنة ، وانفق مالا جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذلة والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، طوبى لمن صَلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، وعزَلَ عن الناس شرًّه ، طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله .
يا أبا ذر : إلبس الخشن من اللباس ، والعتيق من الثياب ، لئلا يَجِدَ الفخر فيك مسلكا .
أبـُو ذَرّ الـغـفَـاري رَمز اليَقظة في الضَمير الإنسَاني
_ 204 _
يا أبا ذر : يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون الفضل لهم بذلك على غيرهم ، أولئك تلعنهم ملائكة السموات والأرض .
يا أبا ذر : ألا أخبرك بأهل الجنة ؟ قلت : بلى يا رسول الله، قال : كل أشعث أغبر ذي طِمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبَرَّه .
والحمد لله رب العالمين .