قال : كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم .
فبينما هي تخاطبهن إذا بضجة قد ارتفعت ، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين ( عليه السلام ) وهو رأس أزهري قمري ، أشبه الخلق برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المجالس العاشوريّة في المآتم الحسينيّة
ولحيته كسواد السبج قد انتصل منها الخضاب ، ووجهه دارة قمر طالع ، والرمحتلعب بها يمينا وشمالا ، فالتفتت زينب ( عليها السلام ) فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل ، حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومأت إليه بخرقة وجعلت تقول : |
يا هلالا لما استتم كما ما توهمت يا شقيقَ فؤادي كان هذا مقدراً مكتوباً يا أخي فاطم الصغيرة كلمها فقد كاد قلبها أن يذوبا يا أخي ماترى عليا لدى الأسر مع اليُتم لا يُطيق ركوبا كلما أو جعوه بالضرب ناداك بذل يفيضُ دمعاً سكوبا ما أذل اليتيم حين ينادي بأبيه ولا يراه مُجيبا (1) | لا غالهُ خسفهُ فأبدا غروبا
نحن قتلنا عليّاً وبني علي بسيوف هِنْدية وسبينا نساءَهم سَبْيَ تُرْك ونطحناهُمُ فأيُّ نِطَاحِ | وَرِمَاحِ
قتلتم أخي صبراً فويلٌ لأُمِّكُمْ سَتُجْزَون ناراً حَرُّها سفكتم دِمَاءً حَرَّمَ اللهُ سَفْكَها وحرَّمها القرآنُ ثُمَّ محمَّدُ | يتوقَّدُ
ألا فابشروا بالنارِ إنَّكُمُ غداً لفي سَقَر حقاً يقيناً وإنّي لأبكي في حياتي على أخي على خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النبيِّ سيولَدُ بدمع غزير مُسْتَهِلٍّ مُكَفْكَف على الخدِّ منّي دائماً ليس يَجْمُدُ | تُخَلَّدوا
لاغَرْوَ إِنْ قُتِلَ الحسينُ فَلا تَفْرحُوا يا أهلَ كوفانَ بالذي أصيب حسينٌ كان ذلك أعظما قتيلٌ بِشَطِّ النَّهْرِ روحي فداؤُه جَزَاءُ الذي أرداه نارُ جهنما | فشيخُهُ قد كان خيراً من حسين وأكرما
رأسُ ابنِ بنتِ محمَّد والمسلمون بمَنْظَر وبِمَسْمَع لاَ مُنْكِرٌ مِنْهُمْ وَلاَ مُتَفَجِّعُ كُحِلَتْ بمَنْظَرِكَ الْعُيُونُ عَمَايَةً وَأَصَمَّ رُزْؤُكَ كُلَّ أُذْن تَسْمَعُ أيقظتَ أجفاناً وكنتَ لَهَا كَرَىً وأنمتَ عيناً لم تكُنْ بكَ تَهْجَعُ مَا رَوْضَةٌ إلاَّ تَمَنَّتْ أنَّها لَكَ حُفْرَةٌ وَلِخَطِّ قَبْرِكَ مَضْجَعُ (1) | ووصيِّه للناظرينَ على قَنَاة يُرْفَعُ
فقل لسرايا شيبة الحمد وأعظم ما يشجي الغيور دخولها إلى مجلس ما بارح اللهو والخمرا | مالكم قعدتم وقد ساروا بنسوتكم حسرى
أُقيمت لديه آه واذلة | الهدى وكلٌ عن النظار تنضم بالأخرى
حَكَتْ خَيْرَ الأَنَامِ عُلا وَفَاطِمَ عِفَّةً وَتُقَىً وَمَجْداً وأخلاقاً وفي كَرَمِ الْخِلاَلِ ربيبةُ عِصْمَة طَهُرَتْ وَطَابَتْ وَفَاقَتْ في الصفاتِ وفي الفِعَآلِ فكانت كالأئمَّةِ في هُدَاها وإنقاذِ الأَنَامِ من الضَّلاَلِ وكانت في المصلَّى إِذْ تُنَاجي وتدعو اللهَ بالدَّمْعِ المُذَالِ رَوَتْ عن أُمِّها الزهرا عُلُوماً بها وَصَلَتْ إلى حَدِّ الكَمَالِ فلولا أُمُّها الزهراءُ سَادَتْ نِسَاءَ العالمينَ بلا جِدَالِ | وفخراً وَحَيْدَرَ في الفصيحِ مِنَ المَقَالِ
وَنِسَاءٌ عَوَّدْتموها هذه زينبٌ وَمِنْ قَبْلُ كانت بفِنَا دَارِها تَحُطُّ الرِّحَالُ والتي لم تَزَلْ على بَابِهَا الشا هِقِ تُلْقِي عِصِيَّها السُّؤَّالُ أَمْسَت اليومَ واليتامى عليها يالَقومي تَصَّدَّقُ الأنذالُ (2) | المَقَاصِيرَ رَكِبْنَ النِّيَاقَ وهي هِزَالُ
وَنَادَتْ عَلَى الأَقْتَابِ مِنْ عُظْمِ وَجْدِها أَبَا حَسَن يَا خَيْرَ مَنْ ضمَّه أَتَرْضَى وَهَلْ يَرْضى الْغَيُورُ نِسَاؤُهُ سَبَايا إلى الشَّامَاتِ يَسْتَاقُها شِمْرُ (3) | القبرُ
لا والدٌ لي ولا عمٌ ألوذ أخي ذبيح ورحلي قد أبيح وبي ضاق الفسيح وأطفالي بغير حمي | به ولا أخٌ لي بقي أرجوه ذو رحمي
مَرَرْتُ على أبياتِ آلِ محمَّد فَلَمْ أَرَها أَمْثَالَها يومَ حَلَّتِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الشَّمْسَ أضحت مريضةً لِفَقْدِ حسين والبلادَ اقشعرَّتِ وكانوا رجاءاً ثمَّ أَضْحَوا رَزِيَّةً لَقَدْ عَظُمَتْ تلك الرزايا وجَلَّتِ وتسألُنا قَيْسٌ فَنُعْطِي فَقِيرَها وَتَقْتُلُنا قيسٌ إذَا النَّعْلُ زَلَّتِ وعندَ غَنِيٍّ قَطْرَةٌ من دِمَائِنا سَنَطْلُبُهم يوماً بها حيثُ حَلَّتِ فَلاَ يُبْعِدُ اللهُ الديارَ وأهلَها وَإِنْ أصبحت منهم برَغْم تَخَلَّتِ فإِنَّ قتيلَ الطفِّ من آلِ هاشم أذلَّ رِقَابَ المسلمينَ فَذَلَّتِ وقد أَعْوَلَتْ تبكي السَّماءُ لِفَقْدِهِ وأنجمُنا ناحت عليه وصلَّتِ (2) |
لَمْ أَنْسَ لمَّا عاد من أَسْرِ العِدَى سرّاً لِيَدْفُنَ جِسْمَ خيرِ ورآه مطروحاً وقد حفَّتْ به قومٌ تَنَحَّوا خِيْفَةَ التنكيلِ وَمُذِ استبانوا الحُزْنَ قالوا إنَّنا جِئْنا لِنَدْفُنَ سِبْطَ خَيرِ رَسُولِ لكنْ لِرَفْعِ الجسمِ والتحريكِ لم نَرَ كُلُّنا من قُدْرَة وسبيلِ فَدَعَا بِبَارِيَة هناك وَلَفَّهُ فيها بلا كَفَن وَلاَ تغسيلِ | قتيلِ
رَفَعَ الجَنَازَةَ والملائكُ من أسىً أَمُّوه بالتكبير وَلِحَمْلِهِ جاء النبيُّ وحيدرٌ والمجتبى في عَبْرَة وَعَوِيلِ | والتهليلِ
يَا رَاحِلا تَرَكَ الدُّنْيَا فأنت كالشمسِ أُفْقٌ فيه قَدْ طَلَعَتْ يُضِي وَمَا عَنْهُ غَابَتْ عَادَ دَيْجورا مُسَهَّداً لَمْ أَزَلْ ليلي عليك وَلَنْ أُرَى مِنَ الْحُزْنِ مهما عِشْتُ مسرورا (1) | بِرِحْلَتِهِ ظَلْمَاءَ كاللَّيلِ وَالأُخْرَى اغْتَدَتْ نورا
رزاياكمُ يا آل بيت عمىً لعيون لا تفيض دموعها عليكم وقد فاضت دماكم على التربِ وتعساً لقلب لا يمزِّقه الأسى لحرب بها قد مزَّقتكم بنو حربِ | محمد أغصُّ لذكراهنَّ بالمنهل العذبِ
أأنس بأطراف الرماح أأنسى طراد الخيل فوق جسومكم وما وُطأت من موضع الطَّعن والضربِ أأنسى دماءً قد سُفِكْنَ وأدمعاً سُكبْنَ وأحراراً هُتِكنَ من الحُجبِ أأنسى بيوتاً قد نُهبْنَ ونسوةً سُلِبْنَ وأكباداً اُذِبنَ من الرُعبِ أأنسى اقتحام الظالمين بيوتكم تُروِّع آلَ الله بالضَّرب والنهبِ أأنسى اضطرام النار فيها وما بها سوى صبية فرت مذعَّرة السَّرب (1) | رؤوسكم تطلع كالأقمار في الأنجم الشُهبِ
يَا ميِّتاً تَرَكَ الألبابَ تأتي الوُحُوشُ له ليلا مُسَلِّمةً والقومُ تُجْرِي نَهَاراً فَوْقَهُ الرَّمَكَا وَيْلٌ لَهُمْ ما اهتدوا منه بمَوْعِظَة كالدُّرِّ منتظماً والتِّبْرِ مُنْسَبِكَا لم يَنْقَطِعْ قَطُّ مِنْ إِرْسَالِ خُطْبَتِهِ حَتَّى بها رَأْسُهُ فَوْقَ السِّنَانِ حَكَى(2) | حائرةً وَبالعَرَاءِ ثَلاَثاً جِسْمُهُ تُرِكا