لنفسه يا اختاه ، ألم تسمعي بذلك الانسان الذي يستلم لمبضع الجراح ليخلص من غدة صغيرة او يبعد عنه قطعة من لحم او عظم فاسدة ؟ فلماذا يصنع ذلك يا ترى ؟ لماذا يسلم حياته الى انسان آخر يعمل فيها بمبضعه كما يشاء ؛ انه يريد ان يتخلص من آفة تنهك جسمه . وهو يريد ايضا ان يحصن ذلك الجسم ضد سيطرتها عليه ، هذا بالنسبة لآفات الروح . عند ما شعر الانسان ان يحمل بين ثنايا روحه وفكره زوائد غير مرغوب فيها وهي قد تحول بينه وبين طريق السعادة الذي يسير نحوه ، عند ذلك يتحتم عليه ان يسارع في العمل على التخلص من تلك الآفات ولكن عن اي طريق ؟ انها العملية الجراحية ، باختلاف ان يقوم عقله في تلك العملية مقام الطبيب الجراح . ويعمل ايمانه عمل ادوات الجراحة والتخدير ويؤدي البيت وبعض العزلة مهمة المستشفى وردهات التمريض . ولهذا فأنا لم أكن مازحة ولا مغالية قلت لك ان انقطاعي عنك كان بسبب من عملية جراحية وكأن خبر هذه العملية الجراحية قد آثار اهتمام اخلاص . ولهذا قد كانت تستمع الى صديقتها وفؤادها يخفق اشفاقا ودموعها تستهل خشية وحذرا : ثم انطلقت منها كلمات تعبر عن اللهفة والترقب وهي تقول : والآن كيف انت يا أختاه ؟ اتراني اتمكن ان اهنئك على السلامة المتوخاة وانتظرت لحظات دون ان تسمع الجواب وكانت لحظات قاسية بالنسبة اليها . فلم يكن من السهل عليها ان تجد اعز صديقة لديها وهي
تعاني اخطر الأمراض ! ولكن فترة الانتظار لم تطل جدا في حساب الزمن وإن طالت في حساب الروح فقد جاء الجواب هادئاً وهو يقول : نعم أرجو ان أكون أهلاً لذلك ، وهنا حمدت اخلاص الله في سرها ولكن أتراها كانت تكتفي بذلك الحمد فقط ؟ لقد شعرت أنها أمام درس عليها ان تستثمر معارفه قبل أن يفوت ولهذا تساءلت قائلة ولكن كيف تمكنت أن تتعرفي على سلامتك يا أختاه ؟ قالت : أنها الحوادث يا عزيزتي هي التي عرفتني على مواطن الداء . وهي التي طمأنتني على فائدة الدواء . أو ليست الأحداث هي اعظم مبضع لشخصية الإنسان ؟ قالت اخلاص : نعم ولكن لا تنسي مبضع الجراح أيضاً يا وفاء .