فيخفف من عرامة هذا الظلم المفضوح .
ونظر قبيصة بن ربيعة ـ أحد اصحاب حجر ـ فاذا هو يمر على داره في جبانة ( عرزم ) واذا بناته مشرفات يبكينه ، فكلمهن ووعظهن بما سنأتي على ذكره عند ترجمته ، ثم انصرف .
وانشأت ابنة حجر في احدى لياليها السود وقد قطع الخوف على أبيها نياط قلبها وهي تخاطب القمر ـ وقيل بل الابيات لهند بنت زيد الانصارية ترثي حجراً :
وصاروا بهم الى عذراء ، وكانت قرية على اثني عشر ميلاً من دمشق ، فحبسوا هناك ، ودار البريد بين معاوية وزياد ، فما زادهم التأخير الا عذاباً ، وجاءهم أعور معاوية في رهط من أصحابه يحملون أمره بقتلهم ومعهم اكفانهم فقال لحجر : ( انَّ امير المؤمنين أمرني بقتلك يا رأس الضلال !! ... ومعدن الكفر والطغيان !! ... والمتولي لابي تراب ، وقتل أصحابك الا أن ترجعوا عن كفركم ، وتلعنوا صاحبكم وتتبرأوا منه ) ـ فقال حجر وأصحابه : ( ان الصبر على حد السيف لأيسر علينا مما تدعوننا
اليه ثم القدوم على اللّه وعلى نبيه وعلى وصيّه أحبّ الينا من دخول النار ).
وحفرت القبور ، وقام حجر وأصحابه يصلون عامة الليل ، فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم فقال لهم حجر : ( اتركوني اتوضأ وأصل فاني ما توضأت الا صليت ) ، فتركوه فصلى ثم انصرف ، وقال : ( واللّه ما صليت صلاة أخفّ منها ، ولولا أن تظنوا فيّ جزعاً من الموت لاستكثرت منها ) .
ثم قال : ( اللهم انا نستعديك على أمتنا ، فان اهل الكوفة شهدوا علينا ، وان أهل الشام يقتلوننا ، أما واللّه لئن قتلتموني بها ، فاني لاول فارس من المسلمين هلك في واديها ، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها
(1) ) .
ثم مشى اليه هدبة بن فياض القضاعي بالسيف ، فارتعد ـ فقالوا له : ( زعمت أنك لا تجزع من الموت ، فابرأ من صاحبك وندعك !! ) .
فقال : ( مالي لا أجزع وأرى قبراً محفوراً ، وكفناً منشوراً ، وسيفاً مشهوراً ، واني واللّه ان جزعت من القتل ، لا أقول ما يسخط الرب ! ) .
وشفع في سبعة من أصحاب حجر ذوو حزانتهم من المقربين لدى معاوية في الشام .
وعرض الباقون على السيف ، وقال حجر في آخر ما قال : ( لا تطلقوا عني حديداً ، ولا تغسلوا عني دماً ، فاني لاق معاوية غداً على الجادة واني مخاصم ) ، وذكر معاوية كلمة حجر هذه فغصّ بها ساعة هلك ـ معاوية ـ فجعل يغرغر بالصوت ويقول : ( يومي منك يا حجر يوم طويل ) .
فاجعته في المسلمين
حج معاوية بعد قتله حجراً وأصحابه فمر بعائشة ( واستأذن عليها
---------------------------
(1) ابن الاثير ( ج 3 ص 192 ) وقال ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عنه عند ذكر حجر : ( وقتل بمرج عذراء بامر معاوية وكان حجر هو الذي افتتحها فغدر بها ) ، أقول : وهو معنى قوله هنا : ( وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها ) يعني يوم فتحها .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 337 _
فأذنت له ، فلما قعد قالت له : يا معاوية أأمنت ان اخبئ لك من يقتلك ؟ قال : بيت الامن دخلت ، قالت : يا معاوية أما خشيت اللّه في قتل حجر وأصحابه ؟
(1) ) ، وقالت : ( لولا انا لم نغير شيئاً الا صارت بنا الامور الى ما هو اشد منه لغيَّرنا قتل حجر ، أما واللّه ان كان ما علمتُ لمسلماً حجاجاً معتمراً
(2) ) .
وكتب شريح بن هاني الى معاوية يذكر حجراً ويفتيه بحرمة دمه وماله ويقول فيه : ( انه ممن يقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويديم الحج والعمرة ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، حرام الدم والمال
(3) ) .
وكان ابن عمر ـ منذ أخذ حجر ـ يتخبر عنه فأخبر بقتله وهو بالسوق فأطلق حبوته وولى وهو يبكي
(4) .
ودخل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية وقد قتل حجراً وأصحابه ، فقال له : ( أين غاب عنك حلم أبي سفيان !؟ ) قال : ( غاب عني حين غاب عني مثلك من حلماء قومي ، وحملني ابن سمية فاحتملت !! ) قال : ( واللّه لا تعد لك العرب حلماً بعد هذا أبداً ولا رأياً ، قتلت قوماً بعث بهم اليك أسارى من المسلمين ... ) .
وقال مالك بن هبيرة السكوني حين أبى معاوية أن يهب له حجراً ، وقد اجتمع اليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير ، فقال : ( واللّه لنحن اغنى عن معاوية من معاوية عنا وانا لنجد في قومه
(5) منه بدلاً ولا يجد منا في الناس خلفاً ... ) .
وقيل لابي اسحق السبيعي : ( متى ذل الناس ؟ ) فقال : ( حين مات الحسن ، وادُّعي زياد ، وقتل حجر بن عدي
(6) ) .
وقال الحسن البصري : ( أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه
---------------------------
(1) الطبري ( ج 6 ص 156 ) .
(2) ابن الاثير ( ج 3 ص 193 ) .
(3 و 4) الطبري ( ج 6 ص 153 ) .
(5) يعني بني هاشم .
(6) ابن ابي الحديد ( ج 4 ص 18 ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 338 _
منهن الا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها ـ يعني الخلافة ـ بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير ، ويضرب بالطنابير ، وادعاؤه زياداً ، وقد قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتله حجراً ، ويل له من حجر وأصحاب حجر ـ مرتين ـ
(1) ).
ومات الربيع بن زياد الحارثي غماً لمقتل حجر ، وكان عاملاً لمعاوية على خراسان. قال ابن الاثير ( ج 3 ص 195 ) : ( وكان سبب موته أنه سخط قتل حجر بن عدي ، حتى انه قال : لا تزال العرب تقتل صبراً بعده ، ولو نفرت عند قتله ، لم يقتل رجل منهم صبراً ، ولكنها قرت فذلت ، ثم مكث بعد هذا الكلام جمعة ، ثم خرج يوم الجمعة فقال : أيها الناس ، انى قد مللت الحياة فاني داع بدعوة فأمنوا ، ثم رفع يديه بعد الصلاة فقال : اللهم ان كان لي عندك خير فاقبضني اليك عاجلاً ، وأمن الناس ـ ثم خرج ، فما توارت ثيابه حتى سقط
(2) ) .
وكتب الحسين عليه السلام الى معاوية في رسالة له : ( ألست القاتل حجراً أخا كندة ، والمصلين العابدين ، الذين كانوا ينكرون الظلم ، ويستعظمون البدع ، ولا يخافون في اللّه لومة لائم ؟ ، قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعدما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة [ يشير الى نصوص المادة الخامسة من معاهدة الصلح ] أن لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا باحنة تجدها في نفسك عليهم
(3) ) .
ثم جاء دور التاريخ فخصص نصر بن مزاحم المنقري كتاباً في مقتل حجر بن عدي ، ولوط بن يحيى بن سعيد الازدي كتاباً
(4) ، وهشام بن محمد
---------------------------
(1) الطبري ( ج 6 ص 157 ) وغيره .
(2) وذكر ذلك كل من الاستيعاب واسد الغابة والدرجات الرفيعة والشيخ في الامالي .
(3) البحار ( ج 10 ص 149 ) .
(4) فهرست ابن النديم ( ص 136 ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 339 _
ابن السائب كتاباً في حجر ، وكتاباً آخر في مقتل رشيد وميثم وجويرية بن مشهر
(1) ) .
الاحاديث في حجر وأصحابه
قال ابن عساكر : ( ان عائشة بعد أن انكرت على معاوية قتله حجراً وأصحابه ، قالت : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) يقول : سيقتل بعذراء ـ الموضع الذي قتل فيه حجر وأصحابه ـ أناس يغضب الله لهم وأهل السماء ) .
وروى مثله بطريق آخر عنها .
وروى البيهقي في الدلائل ويعقوب بن سفيان في تاريخه : ( عن عبد اللّه بن زرير الغافقي قال : سمعت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول : يا أهل العراق ، سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء ، مثلهم كمثل أصحاب الاخدود ) .
الشهداء من أصحاب حجر
علمنا ـ مما سبق ـ أن اصحاب حجر صفوة من رجال اللّه القليلين ، وأنهم ( المصلون العابدون ، الذين ينكرون الظلم ، ويستعظمون البدع ، ولا يخافون في اللّه لومة لائم ) على حد تعبير الحسين ( عليه السلام ) عنهم فيما كتبه الى معاوية .
ورأينا ـ الى ذلك ـ كيف يذكرهم كبراء المسلمين الآخرون كلما ذكروا حجراً .
واذا شاءت المقادير ، أو شاءت الرقابات الاموية طمس أخبارهم وتناسي آثارهم ، فانهم شهداء المبادئ ، وقرابين الحق المغصوب ، وكفاهم ذلك فضلاً ومجداً وظهوراً في التاريخ .
---------------------------
(1) النجاشي ( ص 306 ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 340 _
ولقي معاوية في حجته ( المقبولة ... ) بعد قتل هذه الزمرة الكريمة ، الحسين بن علي عليهما السلام في مكة ، فقال له ـ مزهواً ـ : ( هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه شيعة أبيك ؟ ) ، قال : ( وما صنعت بهم ؟ ) قال : ( قتلناهم وكفنّاهم وصلينا عليهم ودفناهم !! ) فضحك الحسين ( عليه السلام ) ، ثم قال : ( خصمك القوم يا معاوية ، لكنا لو قتلنا شيعتك ، ما كفنّاهم ، ولا صلينا عليهم ، ولا قبرناهم
(1) ) .
واليك الآن اسماء الشهداء الممتحنين مرتبة على الحروف وملحقة بما يتصل بكل منهم من معلومات :
أ ـ شريك بن شداد أو ثداد الحضرمي وسماه آخر عريك بن شداد .
ب ـ صيفي بن فسيل الشيباني ، رأس في اصحاب حجر حديد القلب شديد العقيدة سديد القول ، القي القبض عليه واحضر لزياد فقال له : ( يا عدو اللّه !! ما تقول في أبي تراب ؟ ) ، قال : ( ما اعرف ابا تراب ) ، قال : ( ما أعرفك به ؟ ) ، قال : ( ما أعرفه ) ، قال : ( اما تعرف علي بن أبي طالب ؟ ) ، قال : ( بلى ) ، قال : ( فذاك ابو تراب ) ، قال : ( كلا ، ذاك أبو الحسن والحسين (عليه السلام ) ، فقال له صاحب الشرطة : ( يقول لك الامير : هو أبو تراب ، وتقول انت : لا ؟ ) ، قال : ( وان كذب الامير أتريد ان أكذب انا واشهد على باطل كما شهد !؟ ) [ انظر الى خلقه وصلابته ] قال له زياد : ( وهذا ايضاً مع ذنبك !! ، عليَّ بالعصا ) ، فأتي بها ، فقال : ( ما قولك ؟ ) ، قال : ( أحسن قول أنا قائله في عبد من عباد اللّه المؤمنين ) ، قال : ( اضربوا عاتقه بالعصا حتى يلصق بالارض ) ، فضرب حتى لزم الارض !! ثم قال : ( أقلعوا عنه ـ ايه ما قولك في علي ؟ ) ،
---------------------------
(1) البحار وغيره ، وروى مثلها الطبري عن الحسن ولا يصح لان فجائع حجر وأصحابه كانت بعد وفاة الحسن بسنتين. وروى مثلها ابن الاثير عن الحسن البصري قال : ( فقال : حجوهم ورب الكعبة ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 341 _
قال : ( واللّه لو شرحتني بالمواسي والمدى ما قلت الا ما سمعت مني ) ، قال : ( لَتَلعننَّه ، أو لاضربن عنقك ! ) قال : ( اذاً تضربها واللّه قبل ذلك ، فان أبيت الا ان تضربها ، رضيتُ باللّه وشقيت أنت ! ) .
قال : ( ادفعوا في رقبته ) ـ ثم قال ـ : ( أوقروه حديداً ، والقوه في السجن ! ) .
ثم كان في قافلة الموت مع حجر ، ومن شهداء عذراء الميامين .
ج ـ عبد الرحمن بن حسان العنزي ، كان من أصحاب حجر وسيق معه مكبّلاً بالحديد ، ولما كانوا في مرج عذراء طلب ان يبعثوا به الى معاوية ـ وكأنه ظن أن معاوية خير من ابن سمية ـ ، فلما ادخل عليه ، قال له معاوية : ( يا اخا ربيعة ! ما تقول في علي ؟ ) قال : ( دعني ولا تسألني ، فهو خير لك ! ) ، قال : ( واللّه لا ادعك ) ، قال : أشهد انه كان من الذاكرين اللّه كثيراً ، والآمرين بالحق ، والقائمين بالقسط ، والعافين عن الناس ) ، قال : ( فما قولك في عثمان ؟ ) ، قال : ( هو اول من فتح باب الظلم واغلق أبواب الحق ) ، قال : ( قتلت نفسك ) ، قال : ( بل اياك قتلت ، ولا ربيعة بالوادي ) ـ يعني ليشفعوا فيه أو يدفعوا عنه ـ ، فردّه معاوية الى زياد في الكوفة وأمره بقتله شرَّ قتلة !! ...
وكان عبد الرحمن هذا هو القائل يوم كبسهم جلادو معاوية في مرج عذراء : ( اللهم اجعلني ممن تكرم بهوانهم وأنت عني راضٍ ، فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى اللّه الا ما أراد ) .
وذكره حبة العرني ، فيما حدث عنه في تاريخ الكوفة ، ( ص 274 ) قال : ( وكان عبد الرحمن بن حسان العنزي من أصحاب علي ( عليه السلام ) ، اقام بالكوفة يحرض الناس على بني أمية ، فقبض عليه زياد ، وأرسله الى الشام ، فدعاه معاوية الى البراءة من علي ( عليه السلام ) ، فأغلظ عبد الرحمن بالجواب ، فردّه معاوية الى زياد فقتله ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 342 _
وقال ابن الاثير ( ج 3 ص 192 ) والطبري ( ج 6 ص 155 ) أنه دفنه حياً بقس الناطف
(1) .
أقول : ولو أدرك معاوية قتلات زياد لشيعة علي في الكوفة ، وقطعه الايدي والارجل والالسنة ، وسمله العيون ، لما زاده وصاة بابن حسان العنزي حين أمره بان يقتله شر قتلة ، وهل قتلة شرّ من هذه الفتلات والمثلات ؟ ولكن زياداً نزل على وصية معاوية فابتدع قتلة الدفن حياً !! ،
(2) .
وما أدراك ما سيلقى معاوية على هذه الوصاة ، وما سيجازى زياد على هذه القتلات يوم يردون جميعاً الى اللّه مولاهم الحق ؟؟ .
د ـ قبيصة بن ربيعة العبسي ، وسماه بعضهم ابن ضبيعة ـ بدل ربيعة ـ وهو الشجاع المقدام الذي صمم على المقاومة بسلاحه وبقومه ، لولا أن صاحب الشرطة آمنه على دمه وماله ، فوضع يده في أيديهم ، ايماناً ببراءة ( الامان ) الذي كان لا يزال متبعاً لدى العرب فضلاً عن أهل الاسلام ، ولولا أن الخلائق الاسلامية والعربية معاً ، كانت قد تبخرت عند القوم ، أو انهم كانوا قد فهموها على أنها وسائل للغلبة والبطش فحسب ! .
وأُحضر ابن ضبيعة العبسي لزياد فقال له : ( اما واللّه لاجعلن لك شاغلاً عن تلقيح الفتن والتوثب على الامراء !! ) [ انظر الى المنفذ الضيق الذي
---------------------------
(1) موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي ويقابله ( المروحة ) على شاطئها الغربي كانت فيه موقعة أبي عبيد والد المختار الثقفي .
(2) ثم كان هذا النوع من القتل السنة السيئة التي تبعه عليها الجبابرة من بعده ، ولما غضب بنو أمية على عمر المقصوص وهو مؤدب معاوية بن يزيد بن معاوية ، الذي استقال من خلافتهم احتجاجاً عليهم ، أخذوه ودفنوه حياً! ، الدميري في حياة الحيوان ( ص 62 ) وروى هناك خطبة معاوية هذا التي يشرح فيها حيثيات استقالته بما يشعر بتشيعه لاهل البيت ( عليهم السلام ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 343 _
ينظر منه الاقوياء ] ، قال : ( اني لم آتك الا على الامان ) ، قال : ( انطلقوا به الى السجن ).
ثم كان بعد ذلك في الركب المثقل بالحديد الذي يسار به الى القتل صبراً. وفي الحديث : ( من آمن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وان كان المقتول كافراً
(1) ).
ومروا به ـ ولما يخرجوا بالقافلة من الكوفة ـ على داره فاذا بناته مشرئبات اليه يبكينه ، فقال للحرسيين وائل وكثير : ( ائذنا لي فاوصي الى أهلي ) ، فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ـ ساعة ـ ، ثم قال لهن : ( اسكتن ) ، فسكتن ، فقال : ( اتقين اللّه عزّ وجل واصبرن فاني ارجو من ربي في وجهي هذا احدى الحسنيين : اما الشهادة وهي السعادة ، واما الانصراف اليكن في عافية ، وان الذي يرزقكن مؤونتكن هو اللّه تعالى ، وهو حي لا يموت [ انظر الى النفس الملائكية في اهاب البشر الانساني ] أرجو ان لا يضيعكنَّ ، وأن يحفظني فيكن ) ، ثم انصرف .
وباتت الاسرة اليائسة الولهى ( كما يشاء معاوية ) تخلط البكاء بالبكاء ، وتصل الدعاء بالدعاء ، وكم لبنات قبيصة يومئذ من أمثال .
قال الطبري : ( ووقع قبيصة من ضبيعة في يدي أبي شريف البدّي فقال له قبيصة : ان الشر بين قومي وبين قومك آمن فليقتلني سواك ، فقال : برّتك رحم ! ثم قتله القضاعي ! ) .
أقول : وأيّ نفس قوية هذه التي تنتبه في مثل هذه اللحظة الى الحؤول دون الشرّ بين القومين والاحتياط على الاصلاح .
ه ـ كدام بن حيان العنزي .
و ـ محرز بن شهاب بن بجير بن سفيان بن خالد بن منقر التميمي
(2)
---------------------------
(1) الاصابة ( ج 4 ص 294 ) .
(2) يراجع عما كتبناه في حجر واصحابه : الدينوري وابن الاثير والطبري وابن أبي الحديد والاستيعاب والنصائح الكافية وتاريخ الكوفة .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 344 _
وكان من رؤساء الناس ، ومن نقاوة الشيعة المعروفين بتشيعهم ، وكان محرز هذا على ميسرة جيش معقل بن قيس في حربه للخوارج سنة 43 ، وكان جيش معقل في هذه الحرب ثلاثة آلاف هم نقاوة الشيعة وفرسانهم على حد تعبير الطبري فيما وصفهم به ( ج 6 ص 108 ) .
2 ـ عمرو بن الحمق الخزاعي :
هو ابن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن ذراح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي .
أسلم قبل الفتح ، وهاجر الى المدينة ، فكان الصحابيّ البر الذي حظي بدعوة النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم )بأن يمتعه اللّه بشبابه ، فمرت عليه ثمانون سنة ولم ير له شعرة بيضاء على صباحة في وجهه كانت تزيده بهاء ، وصحب بعده امير المؤمنين علياً ( عليه السلام ) ، فكان الحواري المخلص الذي يقول له بحق : ( ليت في جندي مائة مثلك ) ، وشهد معه الجمل وصفين والنهروان .
ودعا له امير المؤمنين بقوله : ( اللهم نور قلبه بالتقى ، واهده الى صراطك المستقيم ) ، وقال له : ( يا عمرو انك لمقتول بعدي ، وان رأسك لمنقول ، وهو أول رأس ينقل في الاسلام ، والويل لقاتلك
(1) ) .
قال ابن الاثير ( ج 3 ص 183 ) : ( ولما قدم زياد الكوفة قال له عمارة بن عقبة بن ابي معيط : ان عمرو بن الحمق يجمع اليه شيعة أبي تراب ، فأرسل اليه زياد : ما هذه الجماعات عندك ؟ من أردت كلامه ففي المسجد
(2) ) .
---------------------------
(1) سفينة البحار ( ج 2 ص 360 ) .
(2) وذكر الطبري وشاية عمارة بن عقبة ثم قال : ( ويقال ان الذي رفع على عمرو بن الحمق وقال له : قد انغل المصرين هو يزيد بن رويم ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 345 _
( ثم لم يزل عمرو [ فيما يروي الطبري ] خائفاً مترقباً حتى كانت حادثة حجر بن عدي الكندي فأبلى فيها بلاء حسناً وضربه رجل من الحمراء ـ شرطة زياد ـ يدعى بكر بن عبيد بعمود على رأسه فوقع وحمله الشيعة فخبأوه في دار رجل من الازد ، ثم خرج فاراً وصحبه الزعيم الآخر [ رفاعة بن شداد ] فيمما المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا ارض الموصل فكمنا في جبل هناك ، واستنكر عامل ذلك الرستاق شأنهما فسار اليهما بالخيل ، فأما عمرو فلم يصل الموصل الا مريضاً بالاستسقاء ، ولم يكن عنده امتناع ، واما رفاعة بن شداد ـ وكان شاباً قوياً ـ فوثب على فرس له جواد ، وقال لعمرو : أقاتل عنك ، قال : وما ينفعني ان تقاتل ، انج بنفسك ان استطعت ، فحمل عليهم فأفرجوا له ، فخرج تنفر به فرسه ، وخرجت الخيل في طلبه ـ وكان رامياً ـ فأخذ لا يلحقه فارس الا رماه فجرحه او عقره فانصرفوا عنه ، وسألوا عمراً : من انت ؟ فقال : من ان تركتموه كان أسلم لكم ، وان قتلتموه كان أضرّ لكم ! ، فسألوه فأبى ان يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة ، عامل الرستاق ، الى عامل الموصل ، وهو ( عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عثمان الثقفي ) ، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه ، وكتب الى معاوية بخبره ، فأمره معاوية بأن يطعنه تسع طعنات كما كان فعل بعثمان فطعن ومات بالاولى منهن أو الثانية ) .
وخالف ابن كثير رواية الطبري هذه ، فقال : ( ان اصحاب معاوية عثروا عليه في الغار ميتاً ، فحزّوا رأسه ، وبعثوا به الى معاوية ، وهو اول رأس طيف به في الاسلام ، ثم بعث معاوية برأسه الى زوجته ( آمنة بنت الشريد ) وكانت في سجن معاوية [ انظر الى أفظع الوان الارهاب ] فألقي في حجرها ، فوضعت كفها على جبينه ، ولثمت فمه ، وقالت : غيبتموه عني طويلاً ، ثم أهديتموه اليّ قتيلاً ، فأهلاً به من هدية غير قالية ولا مقلية .
( ثم كان فيما كتب به الحسين ( عليه السلام ) الى معاوية : الست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم )ـ العبد الصالح الذي أبلته العبادة ـ فأنحلت جسمه ، وصفرت لونه ، بعدما أمنته واعطيته
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 346 _
من عهود اللّه ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل اليك من رأس الجبل ، ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافاً بذلك العهد ) .
اقول : هو يشير بذلك ( العهد ) الى نصوص المادة الخامسة في معاهدة الصلح .
وقال في سفينة البحار : ( وقبره بظاهر الموصل ، ابتدأ بعمارته أبو عبد اللّه سعيد بن حمدان ، ابن عم سيف الدولة ، في شعبان من سنة 336 ) .
وجاء في أصول التاريخ والادب ( ج 9 ص 2 ) :
( قال أبو الحسن علي بن أبي بكر الهروي في كتاب الزيارات : وظاهر الموصل على الشرف الاعلى مشهد عمرو بن الحمق ، دفنت جثته ، ورأسه حمل الى دمشق ، وقيل هو أول رأس حمل في الاسلام ، وفي المشهد بعض الاشراف من ولد الحسين ( عليه السلام ).
3 ـ عبد اللّه بن يحيى الحضرمي واصحابه
عن محمد بن بحر الشيباني في كتابه ( الفروق بين الاباطيل والحقوق ) فيما أسنده الى القاسم بن مجيمة : ( ما وفي معاوية للحسن بن علي بشيء عاهده عليه ، واني قرأت كتاب الحسن الى معاوية يعدد عليه ذنوبه اليه والى شيعة علي عليه السلام فبدأ بذكر عبد اللّه بن يحيى الحضرمي ومن قتلهم معه
(1) ) .
أقول : ولا نعرف الآن من أحوال الحضرمي وحادثة قتله وعدة اصحابه المستشهدين شيئاً ، ولكنا نعرف أن هذا الرجل كان من رجال أمير المؤمنين وأنه الذي قال له يوم الجمل : ( ابشر يا ابن يحيى أنت وأبوك ) .
وعلمنا فيما علل به بعضهم تقديم الحسن عليه السلام ذكر الحضرمي
---------------------------
(1) البحار ( ج 10 ص 101 ).
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 347 _
على غيره ممن قتلهم معاوية من الشيعة ، أن الحضرمي هذا كان أبعدهم عن الدنيا وأقربهم الى حياة الرهبنة التي لا توهم أي خطر على سياسة الملك ، قالوا : ( وعلم معاوية ما كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الحزن لوفاة علي أمير المؤمنين ، وحبهم اياه ، وافاضتهم في ذكره وفضله ، فجاء بهم وضرب أعناقهم صبراً ، ومن أنزل راهباً من صومعته فقتله بلا جناية منه الى قاتله أعجب ممن يخرج قساً من دير فيقتله ، لأن صاحب الدير أقرب الى بسط اليد لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذي هو بين السماء والارض ، فتقديم الحسن ـ فيما عدده على معاوية من الذنوب ـ العباد على العباد ، والزهاد على الزهاد ، ومصابيح البلاد على مصابيح البلاد ، لا يتعجب منه ، بل يتعجب لو قدم في الذكر مقصراً على مخبت ومقتصداً على مجتهد
(1) ) .
وفاجعة ( عبد اللّه بن يحيى ) أشبه بفاجعة حجر بن عدي ، وكلاهما قتلا صبراً ، وكلاهما قتل معهما أصحاب ، وكلاهما أخذا بغير ذنب الا الذنب الذي هو عنوان فضيلتهما .
4 ـ رشيد الهجري (2)
تلميذ علي عليه السلام ، وصاحبه المنقطع اليه ، والعالم المعترف له بعلم البلايا والمنايا ، يروي عنه ناس كثيرون ، ولكنهم جميعاً سكتوا عن اسمه خوف السلطان الاموي ، فلم ترو عنه علناً الا ابنته الوحيدة التي كانت قد حضرت مقتله ، وهي التي جمعت أطرافه ـ يديه ورجليه ـ وقد قطعها ابن سمية ! .
قالت تسأله حين قطعت أطرافه : ( يا أبت هل تجد ألماً لما أصابك ؟ فقال : ( لا يا بنيتي الا كالزحام بين الناس! ) .
---------------------------
(1) البحار ( ج 10 ص 102 ) .
(2) رشيد [ بالتصغير ] وهجري ( بفتح اوليه ) نسبة الى بلاد الهجر ـ البحرين ـ .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 348 _
أتي به الى زياد فقال له : ( ما قال لك خليلك ـ يعني علياً عليه السلام ـ انا فاعلون بك ؟ ) ، قال : ( تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني ) ، فقال زياد : ( أما واللّه لأكذبن حديثه ، خلوا سبيله ) ، فلما أراد أن يخرج ، قال : ( ردوه ، لا نجد لك شيئاً أصلح مما قال صاحبك ، انك لن تزال تبغي لنا سوءاً ان بقيت ، اقطعوا يديه ورجليه ) ، فقطعوها وهو يتكلم ! ، فقال : ( اصلبوه خنقاً في عنقه ) ، فقال رُشَيد : ( قد بقي لي عندكم شيء ما أراكم فعلتموه ) ، فقال زياد : ( اقطعوا لسانه ) ، فلما أخرجوا لسانه قال : ( نفّسوا عني حتى أتكلم كلمة واحدة ) ، فنفسوا عنه فقال : ( هذا واللّه تصديق خبر أمير المؤمنين ، أخبرني بقطع لساني ) .
وأخرج من القصر مقطعاً ، فاجتمع الناس حوله ، ومات من ليلته رضوان اللّه عليه .
قالت ابنته : ( قلت لأبي : ما أشد اجتهادك ! ) ، قال : ( يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا ) .
وقال لها : ( يا بنيتي أميتي الحديث بالكتمان ، واجعلي القلب مسكن الامانة
(1) ) .
5 ـ جويرية بن مسهر العبدي
قال ابن أبي الحديد : ( ونظر اليه علي عليه السلام يوماً فناداه : يا جويرية الحق بي فاني اذا رأيتك هويتك ، ثم حدثه بأمور سراً ، وفي آخر ما حدثه قال : يا جويرية أَحبَّ حبيبنا ما أحبنا فاذا أبغضنا فابغضه ، وابغض بغيضنا ما أبغضنا فاذا أحبنا فأحبَّه ، وكان من اختصاصه بعلي عليه السلام ما روى انه دخل يوماً عليه وهو ( عليه السلام ) مضطجع ، وعنده قوم من أصحابه ، فناداه جويرية : أيها النائم استيقظ فلتضربن على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك ، قال : فتبسم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ثم
---------------------------
(1) سفينة البحار ( ج 1 ص 522 ) .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 349 _
قال : وأحدثك يا جويرية بأمرك ، أما والذي نفسي بيده لتعتلنَّ
(1) الى العُتُلّ الزنيم ، فليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك تحت جذع كافر ! قال : فواللّه ما مضت الايام على ذلك حتى أخذ زياد جويرية فقطع يده ورجله ، وصلبه الى جانب جذع ابن معكبر ، وكان جذعاً طويلاً ، فصلبه على جذع قصير الى جانبه ) .
أقول : وروى هذا الحديث أيضاً حبة العرني رحمه اللّه ، وزاد قوله : ( وكان زياد ابن أبيه ممن نصب العداوة لامير المؤمنين عليه السلام وكان يتتبع أصحاب علي وهو بهم أبصر فيقتلهم تحت كل حجر ومدر ) .
6 ـ أوفى بن حصن :
أحد فرائس الظلم الاموي ، طلبه زياد فأبى مواجهته ، واستعرض زياد الناس فمر به فقال : ( من هذا ؟ ) فقيل له : ( أوفى بن حصن ) ، فقال زياد : ( أتتك بخائن رجلاه ) ، وقال له : ( ما رأيك في عثمان ؟ ) قال : ( ختن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) على ابنتيه ) قال : ( فما تقول في معاوية ؟ ) قال : ( جواد حليم ) .
وكان أوفى لبقاً في لغته وأسلوبه فلم يجد عليه زياد ملزماً .
وعاد عليه فقال له : ( فما تقول فيّ ؟ ) قال : ( بلغني أنك قلت بالبصرة : واللّه لآخذن البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر ) ، قال : ( قد قلت ذاك
(2) ) قال : ( خبطتها خبط عشواء ! ) .
أقول : وكان من لباقة هذا الرجل الحصيف أنه تدرج في أجوبته لزياد ـ كما ترى ـ الى طريقة حكيمة من الوعظ حاول بها تنبيهه الى أخطائه ، ولا تنس أنه كان يقف من عدوه ساعتئذ بين النطع والسيف ،
---------------------------
(1) عتله : جذبه ـ والعتل ـ الجافي الغليظ ـ والزنيم : الدعي .
(2) روى خطبته أكثر المؤرخين ، وروينا هذا الفصل منها في هوامش الفصل الحادي عشر .
صلح الامام الحسن ( عليه السلام )
_ 350 _
ومن ذمته بين الحق والباطل ، وهذا هو ما يزيدنا اعجاباً بهؤلاء الابطال من تلامذة علي ( عليه السلام ) ، ولكن شيئاً من وعظه لم يجده نفعاً سوى أن يقول زياد فيه : ( ليس النفاخ بشر الزمرة ) ثم أمر به فقتل
(1) ) .
ولا ادري ، ولا أظن زياداً نفسه يدري ، بأي جريرة أخذ ابن حصن فأشاط بدمه و ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ) ـ كما في الحديث ـ ؟ .
والرجل في أجوبته كلها كما رأيت لم يفضح سراً ، ولم يهتك أمراً ، ولكن الذي ناقض الكتاب صريحاً فأخذ البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر خلافاً لقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) لحري بأن لا يفهم لغة الحديث ولا لغة الكتاب .
واعتصم بغلوائه فاذا الناس من حوله في أشد محن الدنيا : جماعات تساق الى السجون ، وزرافات تطارد أينما تكون ، ومئات تعرض عليه كل يوم لتسمل عيونهم ، أو لتقطع أطرافهم ، أو ليؤمر بهم فتحطم ضلوعهم
(2) ، وبين الكوفة والشام فرائس أخرى ترزح بالاصفاد ، وما في الكوفة الا الارهاب المميت ، وما في الشام لهؤلاء الا الموت المرهوب.
وخشعت الكوفة التي كانت تفور ـ في أمسها القريب ـ بالمؤامرات والمعارضات خشوع الجناح الكسير ، بما وسعها من مظالم الحكام الامويين ، وكان المتآمرون بالامس هم المتآمرين بالجور اليوم ، وكانوا هم الحاكمين بأمرههم فيما يسنون أو فيما ينفذون ، فما بالها لا ترتجف فرقاً ؟ وما بال أهلها لا يلوذون بالفرار هرباً ؟ ...
---------------------------
(1) يراجع ابن الاثير ( ج 3 ص 183 ) ، والطبري ( ج 6 ص 130 ـ 132 ) .
(2) جيء الى زياد بعمير بن يزيد ( من أصحاب حجر بن عدي ) وقد أعطي الامان على دمه وماله ، فأمر به زياد فأوقر بالحديد ، ثم أخذته الرجال ترفعه حين اذا بلغ سورها ـ أعلى القامة ـ ألقوه فوقع على الارض ثم رفعوه ففعلوا به ذلك مراراً ! الطبري ( ج 6 ص 147 ) .