فاروق رضا عبدالله

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المقدمة
 وددت ان ألقي الضوء على المسالة تحمل في طياتها الكتمان او عدم الشهرة ، الا و هي : موقف النساء من ثورة الحسين عليه السلام وفي تلك الفتره بالذات وما تلاها لمدة زمينة قريبة قبل ذلك نتسائل : لماذا لم يتحرك الرجال لنصرة الامام ، ما عدى النزر الى سير .
الم يكونوا يعرفوه ؟!
الم يكونوا يعلمون انه امام ، الم يعرفونه انه ابن بنت نبيهم ان لم يكونوا يعرفونه فقد عرفهم بشكل مباشر الامام يوم العاشر من محرم بل وما سبقه ايضا هو واخرين على شكل خطب رائعة تعتبر من الدروس المهمة في التاريخ .
  ان الامام علي عليه السلام عند ما شبه اهل الكوفة بـ ( يا رجال و يا اشباه الرجال ويا رجال عقول الاطفال و

ثورة النساء _ 4 _

حلوم ربات الجعال ) عند ما شبه الامام امير المؤمنين القوم بأشباه الرجال ، كان التشبيه حقا وحقيقة .
  عزيزي القارئ ، عندما تقرأ عن ثورة الامام الحسين عليه السلام وتصل الى العاشر من محرم تجد نفسك فى موقف محرج جدا ، من الصعب ان يصدق القارئ العادي ان مسلمين هم الذين قتلوا ابن بنت نبيهم وامامهم من اجل مناصب دنيويه ، عجيب لقد كانت معاملتهم لأمامهم غريبة حقا لم يعاملها حتى الكفار مع اعدائهم.
  ان نابليون مثلا : بعد ان دحرته قوات التحالف الاروبي نفّى الى جزيرة الباه وبعد ذلك هرب من الجزيرة وعاد الى فرنسا ، فارسلت الحكومة الجيش الثالث لكي يلقي القبض عليه ، وعند ما وصل الجيش وقف نابليون امام الجيش وعند ما صدرت الاوامر للجيش كي يهاجم نابليون ، لم يلتزم ، صمت لحظة ثم صرخ الجميع عاش امبراطور اي عاش نابليون المسألة بقدر ما تحتاج الى تأني وتفكير من الممكن

ثورة النساء _ 5 _

 ان تعرف بالبلداهه وهي ان مسألة كربلا يجب ان تحدث بهذا الشكل الفظيع كي يستقيم الدين ولا يمكن ان تكون عفوية انما هي مشيئة الله كي نتعظ ، ولكن هل نتعظ ام لا... ولنتابع مواقف النساء المتيميزة مع كتابنا الصغير هذا ودمت .

1 ـ قصة طوعة
 يا منصور اَمِت : كان شعار اعلان الثورة فى الكوفة بقيادة مسلم بن عقيل وووو... وتقدم بـ 18 الف وحاصر قصر الامارة وكاد ان ينتهي كل شيء ولكن وقف على اسوار القصر يعظ افراد ابن زياد ونادى : يا شيعة مسلم بن عقيل يا شيعة الحسين بن علي عليه السلام الله الله في انفسكم واهليكم واولادكم فان جنود اهل الشام قد اقبلت .
  و ان ابن زياد يقول ان لم تتفرقوا سوف لن تنالوا العطاء بل العقاب الصارم وآخذ يهدد ،

ثورة النساء _ 6 _

 كذلك حدثت بعض المسائل الخبيثة ادت بالنتيجة الى تفرق اصحاب مسلم حتى صلاة العشاء كانوا عشرة وما ان عمّ الليل حتى بقى وحيدا .
 وسار فى ازقّة الكوفة غريبا حتى وصل دار طوعة سلّم عليها وقال : يا امة الله اسقيني ، فسقته ، فجلس على بابها فقالت له يا عبدالله ما شأنك اليس قد شربت ، قال : بلى و الله ولكن ما لي بالكوفة منزل و اني غريب وقد خذلني اصحابي فهل لك في معروف فأنا من بيت شرف وكرم ، وِمثلي من يكافئ بالاحسان ، قالت : من انت ؟ قال : ذريّ عنك التفتيش في هذا الوقت .
 وادخليني منزلكِ قالت : يا ابا عبدالله اخبرني اسمك ، فإني اكره ان تدخل منزلي من قبل معرفتك ، قال : انا مسلم ابن عقيل ، فقالت المرأة : قم فأدخل رحمك الله ، دخل مسلم فجائته بطعام وشراب وأمّنته وعندما حضر ابنها لاحظ علامات غريبة على وجه امه فأصر على ان تخبره ما بها ، فاستحلفته ان يتكم السرّ واخبرته .

ثورة النساء _ 7_

 صمت ولكنه في الصباح ذهب وبلغ عنه ابن زياد ، فكان ما كان. المسألة ان طوعة هذه المرأة احتظنت مسلم وقدمت ما تتمكن من المساهمة في ثورة الحسين عليه السلام وهي المثال الاول.

2 ـ قصة النوّارة بنت مالك الحظرمي :
 بعد مقتل الحسين عليه السلام ارسل ابن سعد رأس الحسين عليه السلام الى ابن مرجانة بيد خولي بن يزيد الاصبحي وحميد بن مسلم الازدي. فحملا الرأس الشريف هدية لابن مرجانة لعنه الله وقد اقبلا مسرعين حتى وصلا الكوفة ليلا ، فقرروا ان يبيتوا ليلتهم كل في داره ويقدمون الهدية في الصباح فأخذ الخولي اللعين رأس الحسين عليه السلام وولّى مسرعا الى بيته ، وطرق الباب طرقا عنيفا فخرجت زوجته ، فأسرعت قائلة ما الخبر ؟ قال : ( جئت بغنى الدهر ، هذا راس الحسين معي ، فثارت المرأة ، وصرخت : ( ويلك جاء الناس

ثورة النساء _ 8 _

 بالفضة والذهب وجئت برأس ابن بنت رسول الله والله لا يجمع رأسى ورأسك شيء ابدا ). وهذا مثال آخر :

  3 ـ قصة دفن الاجساد الطاهرة :
 كان يسكن بعضى بني أسد الى جانب نهر العلقمي في كربلاء وبعد الحادثة المروعة ، سارت نساء بني اسد الى ارض المعركة فرأين جثث اولاد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، واصحابه البرره فثارت نفوسهن وحميتهن وعدن الى حيّهن وقلن لازواجهن ما شاهدنه ، فقال الرجال لا علينا انا نخاف جور ابن زياد. قلن لهم بماذا تعتذرون من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واميرالمؤمنين وفاطمة الزهراء اذا وردتم عليهم ، حيث انكم لم تنصروا اولاده ولا دافعتم عنهم ، فقالوا لهن انا نخاف بني اميّة .
 وقد لحقتهم الذلة وشملتهم الندامة من حيث لا تنفعهم وبقين النسوة يجلن حولهم ويقلن لهم ان فاتتكم نصرة تلك العصابة النبوية والدفاع عن هاتيك الشنشنة

ثورة النساء _ 9 _

 العلية العولية فقوموا الآن الى اجسادهم الزكية فواروها فان اللعين ابن سعد قد وارى اجساد من اراد من قومه فبادروا الى موارات اجساد الى الرسول صلى الله عليه واله وارفقوا عنكم بذلك العار فماذا تقولون اذا قيل لكم انكم لم تنصروا ابن بنت الرسول صلى الله عليه وآله مع قربه وحلوله بناديكم فقوموا واغسلوا بعض الدران منكم .
 قال الرجال نفعل ذلك فاتو الى ارض المعركة وصارت همتهم اولا ان يوارو جثة الحسين عليه السلام ثم الباقين . كذا الى... الخ
 الموضوع هنا ان الرجال أخذهم الخوف ولكن النساء هن الذين بادرنه وحرضنه الرجال فتحية للذين دخلوا التاريخ من الباب الواسع .

4 ـ قصة هند بنت عمرو زوجة يزيد :
عندما علمت ان الرأس المعلق هو رأس الحسين عليه السلام فزعت الى مجلسه وهي مذعورة وقد رفعت صوتها وخمارها وهي تقول رأس ابن بنت رسول الله ( صلى الله

ثورة النساء _ 10 _

عليه وآله وسلم ) على باب داري فأسرع اليها الطاغية واسدل عيلها الحجاب ، وقال لها اعولي عليه يا هند فانه صريعة بني هاشم عجل عليه ابن زياد. وهذا مثال آخر.

5 ـ قصة عاتكه بنت يزيد :
لقد أخذت الرأس الشريف وطيبة وقالت رأس عمي هذا .
 لاحظ عزيزي القارئ ان النساء لهن موقف .
 واخيرا قصتنا الرئيسية قصة البطلة درة الصدف فهلمو اليها .

ثورة النساء _ 11_

 ثورة النساء قتل الحسين عليه السلام في كربلاء هو واكثر اهله وخيار اصحابه ، وحزت رؤوسهم الطاهرة وحملوها على رؤوس الرماح الى ابن مرجانة عبيدالله ابن زياد فامرا ان ترسل الى الشام الى يزيد ابن معاوية .
 بأمرة الشمرة الظباعي وخوليّ الاصبح ، وضم اليهم 1500 فارس ، وامرهم ان يسيروا بالرؤوس والاسارى الى الشام ، على ان يطوفوا ويشهّروا بهم في كل المدن التي تقع في طريقهم .
 وسار الركب الحزين حتى عبروا تكريت ، ثم الى طريق البر ، ثم الى دير عروة ، ثم الى منطقة صليتا ، ثم الى وادي نخلة وباتوا ، فيها ثم رحلوا عن طريق النباعي وكانت عامرة بالناس فخرجت النساء والكهول والشبان وينظرون الى رأس الحسين

ثورة النساء _ 12_

 يصلون عليه وعلى جده وابيه ويلعونون من قتله ، ويقولون يا قتلة اولاد الانبياء اخرجوا من بلدنا .
 فأتجه المسير الى مكحول ثم ارسل رسولا الى عامل الموصل للاستقبال. استلم عامل الموصل الكتاب فشرع في اعداد الزينة ورفع الاعلام وخرجت الجماهير لا تعلم ماذا حصل ، وتقدم الوالي واستقبلهم على ستة اميال .
 واهل المدينة يتسائلون ما الخبر ، قال احدهم ، يقال انه خارجي قتله ابن زياد ، وفجأتا قال احدهم هذا رأس الحسين عليه السلام .
 وبدأ التسائل عن صحة الخبر ، فلما تحققوا من ذلك ، اجتمعوا في اربعين الف فارس من الاوس والخزرج وتحالفوا ان يقاتلوا ويأخذوا رأس الامام ويدفنوه عندهم طمعا في الثواب ولْيَكن فخرا لهم الى يوم القيامة ، فلما سمعوا اصحاب الشمر بذالك لم يدخلوها واخذوا طريق تل اعفر ثم انعطفوا على جبل سنجار فوصلوا نصيبين فنزلوا وشهّروا الرؤوس والسبايا .

ثورة النساء _ 13 _

 قال : فما رأت زينب عليها السلام رأس اخيها بكت وانشأت تقول : تشهر فى البرية عنوة والدانا اوحى اليه جليل كفرتم بربّ العرش ثم نبيه
 وسار الموكب الى عين الوردة وكتبوا الى صاحب الدعوات ، ان تلقانا لان معنا رأس الحسين قال : فلما قرأ الكتاب امر بضرب الابواق فخرج فتلقا هم وشهّروا الرؤوس وادخلوه من باب الاربعين ووضعوه في الرحبة من زوال الظهر الى العصر واهلها طائفة يبكون وطائفة يضحكون وينادون هذا رأس خارجي ، وتلك الرحبة التي نصب الرأس فيها لا يجتازها احد الا وتقضي حاجته الى يوم القيامة حسب الايمان والنيّة .
 وباتوا ثملين مخمورين ، ثم حركوا الى قنسرين وكانت عامرة بأهلها فلما بلغهم ذلك اغلقوا الابواب وجعلوا يلعنوهم ويرمونهم بالحجارة ويقولون : يا فجرة يا قتلة اولاد الانبياء والله لادخلتم بلدنا ،

ثورة النساء _ 14 _

 ثم غيروا طريقهم الى معرّة النعمان ، واستقبلوهم وفتحوا لهم الابواب وقدموا لهم الاكل والشرب بقية يومهم ورحلوا فيها ونزلوا شيزر وكان فيها شيخ الكبير فقال يا قوم هذا رأس الحسين عليه السلام فتحالفوا ان لا يسمح لهم بدخول بلدتهم ، فلما لاحظوا ذلك اتجهوا الى كفر طاب وكان حصنا صغيرا فغلقوا الابواب ، فتقدم اليهم خولي لعنه الله ، فقال الستم فى طاعتنا اسقونا الماء ، فقالوا والله لا نسقيكم قطرة واحدة ، وانتم منعتم الحسين عليه السلام والصحابة الماء ، فرحلوا عند ذلك الى سيبور .
 وكان فى مدينة سيبور شيخ كبير السن فجمع الشباب وقال لهم ان هذه الرؤوس والسبايا دخلت جميع المدن فدعوهم يدخلون وتمر الايام كما هي .
 ولكن الشباب رفضوا ذلك وقطع قنظرة الماء وحملوا على الجيش المرافق للاسرى والرؤوس فقتل من اصحاب خولي ستة وقتل من الشبان خمسة فقالت ام كلثوم سلام الله على هذه المدينة ما اسمها ؟ فقال سيبور فقالت اعذب

ثورة النساء _ 15 _

 لله شرابهم وارخص اسعارهم ورفع يد الظلم عنهم ، وهي كذلك لحد الان ثم سارو حتى وصلوا حماة ، فغلقوا الابواب في وجوههم وركبوا السور وقالوا والله لا تدخلون بلدنا ولو قتلنا عن اخرنا فلما سمعوا ذلك ارتحلوا وساروا الى حمص وكتبوا الى صاحبها ان معنا رأس الحسين عليه السلام وكان اميرها خالد بن النشيط ، فلما قرأ الكتاب امر بالاعلام نشرت بالمدينة وتزينت وتداعي الناس من كل جانب وصوب ، خرج وتلقاهم على حد مسير ثلاثة اميال واشهر الرأس وساروا حتى حمص فدخلوا الباب فازدحمة الناس بالباب فرموهم بالحجارة حتى قتل بالباب سته وعشرون فارسا واغلقوا الباب في وجوههم فقالوا أكفر بعد ايمان ، ام ظلالة بعد هدى ، فخرجوا ووقفوا عند كنيسة قسّيس وهي قرب دار خالد ابن النشيط فتحالفوا على قتال خولي وعلى أخذ الرأس منه ليكون فخرا لهم الى يوم القيامة ، فبلغ خولي ذلك فارتحلوا خائفين واتوا بعلبك وكتبوا الى صاحبها ان معنا رأس الحسين عليه السلام

ثورة النساء _ 16_

 امر باحضار الجواري والدفوف ونشر الاعلام والابواق ومظاهر الزينة وفعلا تم ذلك ، فقالت ام كلثوم ، ما يقال لهذا البلد ؟ فقالوا بعلبك فقالت اباد الله تعالى خظرتكم لا عذب الله شرابهم ولا رفع الظلم عنهم .
  وباتو ليلتهم ورحلوا وادركهم المساء عند صومعة راهب فأنشأ علي ابن الحسين عليه السلام يقول :
هو الزمان فما تفني عجائبه عن الكرام
فليت شعري الى كم ذا تجاذبنا طروفه ولى كم نجاذ به
يسيرنا على الأقتاب عارية
وسائق العيس يحمى عنه غاربة
كاننا من بنات الروم بينهم
او كلما قاله المختار كاذبة
كفرتم برسول الله ويلكم
يا امة السوء قد ضاقت مذاهبه
فلما جن الليل عليهم دفعوا الرأس الى جانب الصومعة فلما غشى الليل سمع الراهب دويا كدوي الرعد

ثورة النساء _ 17 _

 وتسبيحا ونقديسا واستأنس انوارا ساطعة فالطلع الراهب رأسه من الصومعة فنظر الى الرأس فاذا هو يسطع نورا قد لحق النور بعنان السماء ونظر الى باب قد فتح من السماء والملائكة ينزلون كتائب ويقولون السلام عليك يا ابا عبدالله فجزع الراهب جزعاً شديدا فلما اصبحوا وهموا بالرحيل ، اشرف الراحب عليهم ونادى من زعيم القوم فقالوا خولي زعيمنا فقال الراهب ما الذي معكم قال رأس خارجي من العراق قتله ابن زياد فقال ما اسمه ؟ فقالوا له اسمه الحسين بن علي عليه السلام وامه فاطمة الزهراء بنت محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) .
  فقال الراهب تبا لكم ولما جئتم في طاعته ، فقد صدقت الأخبار في قولهم انه اذا قتل هذا الرجل تمطر السماء دماً عبيطا ولا يكون هذا الا في قتل نبي او وصي ثم قال اريد ان تدفعوا اليّ هذا الراس ساعة واحد ، فقال خولى لعنه الله لا اكشفه الا عند يزيد فاني اطمع في جائرة كبيرة ، قال الراهب وكم الجائزة ؟ قال خولي عشرة الاف مثقال ذهب قال ،

ثورة النساء _ 18 _

 الراهب : انا أعطيك كل ما املك .
قال خولي احضر ما عندك .
عندها احضر الراهب الدراهم والدنانير ودفعها اليهم فدفعوا الى الراهب الرأس وهو على الرمح فجعل الراهب يقبله ويبكي ويقول يعز والله عليّ اذا لقيت جدك محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فشهد لي اني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله واعاد الرأس اليهم ، وهم اصحاب خولي يقتسمون الدراهم فاذا هي خزف مكتوب عليها ( سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون ) ، فقال خولي لأصحابه : اكتموا هذا الخبر والله ان ذكره احدكم حزّيت رأسه. واتجه الركب الى حلب .
 لحد الآن سار الركب في ثمانية عشر مدينة صغيرة وكبيرة هي :
1 ـ تكريت ،
2 ـ دير عروة ،

ثورة النساء _ 19 _

3 ـ صليتا ،
4 ـ وادي نخلة ،
5 ـ طريق النباعي ،
6 ـ منطقة مكحول ،
7 ـ الموصل ،
8 ـ طريق تل أعفر ،
9 ـ جبل سنجار ،
10 ـ مدينة نصيبين ،
11 ـ عين الوردة ،
12 ـ قنسرين ،
13 ـ معرة النعمان ،
14 ـ شيزر ،
15 ـ سيبور ،
16 ـ حمأة ،
17 ـ حمص ،
18 ـ بعبلك ،

ثورة النساء _ 20 _

19 ـ واخيرا حلب ثم دمشق .
  اكثر المدن التي مره بها السبايا كانت تتظامن مع السبايا ضد الامويين ما عدى ، أ : والى الموصل ، ب : اهل معرة النعمان ، ج : اهل بعلبعك ربما كانوا يجهلون الحقيقة .
 وما ان تقاربت مسيره الجيش الاموي بصحبة حرم رسول الله من مدينة حلب حتى أمر خولي قائد الجيش بالكتابة الى والي حلب ( ان تلقانا فإن معنا رأس الحسين عليه السلام الخارجي ) وسلم الكتاب الى احد الفرسان وقال له هذا كتابي الى والي حلب ، لا يقرأ الا عند الوالي وتحاشا الغرباء في الطريق وانطلق الفارس وسار يشق عنان الريح حتى دخل مدينة حلب ، وسأل عن الوالي فقادوه الى ديوان الوالي. قال الوالي من اين القادم قال : انا قيس الخزاعي قدمت اليكم بكتابي هذا من قبل خولي قائد الجيش ، القادم من الكوفة متجها الى دار الخلافة .
 قال الوالي : هات ما عندك ، وقرأ الكتاب . صمت

ثورة النساء _ 21 _

لحظة وصمت الجميع ليطلعوا على حقيقة الخبر ، نهض الوالي وقال ما بكم يا قوم لنبشر اهل المدينة وليعم الفرح ولنخرج ونستقبل الابطال الذين انتصروا على الخارجي وثبت الدين .
  وأمر الوالي بجمع الطبالين واهل الموسيقى والطرب وامر بأن ترفع الاعلام وتسقى الخمور وحاول ان يجعل للمدينة وكأنها تحيا ليلة عرسها .
 وفي هذه الاثناء كان في مجلس الوالي عبدالله بن عمر الانصاري قال : والله ان هذا رأس حسين بن علي عليه السلام انه ليس بخارجي بل انه من اهل البيت وخرج باكياً ونقسم القوم بين مصدق وبين اخر .
 اما عبدالله الانصاري فقد كانت له علاقة حميمة بالحسن والحسين عليه السلام من ايام جدهما المصطفى صلى الله عليه وآله اذ كان يحمل لهما الهدايا في كل زيارة يقوم لها اليهم وكانا لا يفارقانه طيلة فترة الزيارة ولما علم بموت الحسن عليه السلام مسموما بكاء مرّ بكاء وعمل قبراً رمزيا للحسن وجلّله وكلّله بالحرير والديباج وكان يندب

ثورة النساء _ 22 _

 الحسن ويرثيه ويبكي عليه صباحاً ومساءاً ، ولما علم بحادثة الطف وقتل الحسين عليه السلام تجددت احزانه ومرت عليه سيولا جارفة من الألم ، نعم الامل أوسع من الفضاء وذهب الى بيته مهموما ودموعه تحكي المأساة فلقته ابنته درّة الصدف وقالت له ما بك يا ابتاه ما ابكاك ، هل قس الدهر عليك ام مصاب نزل فينا ، اخبرني با الله عليك قال لها يا بنيتي ماذا اقول لا اعلم لماذا لا تشق الارض ، لماذا لا تطبق السماء ولماذا لا تفور البحار .
قالت : قل يا ابي ما الذي حصل حتى تقول هذا ، قال يا ابنتي ان اهل الشقاق والنفاق قتلوا حسيناً وسبوا حريمه والقوم سائرون بهم الى اللعين يزيد وهم على مقربة من حلب والوالي عزم ان يخرج ليلقاهم وعلامات السرور بوجه الوالي اللعين ، واجهش بالبكاء ، فقالت ابنته درّة الصدف : يا ابتاه لا خير في الحياة بعد قتل الهداة فو الله لأحرضن في خلاص الرأس والاسارى وادفن الرأس عندي في داري وانال شفاعة محمد صلى الله عليه واله وسلم وافتخر به

ثورة النساء _ 23 _

  على اهل الارض والسماء ان شاء الله.
 ان درة الصدف كانت البنت الوحيدة لوالدها وكان لها ابناء عم قد تنافسوا في خطبتها لما تحوي من مواصفات الاصل والكمال والجمال والفصاحة والحلم ، كانت مضرب المثل في عشيرتها وكان احد ابناء عمها قد شغف بها حباً وقد تقدم عدة مرات للخطبة كانت ترفضه لانه كان دنيويا ولا يحمل محبة اهل البيت في قلبه ، مع العلم ان ابن عمها مصعب الانصارى كان شابا وسيما غنيا شجاعاً ، والعلاقات العشائرية تحقه بها خصوصا وهما ابناء عم .
 ولكن درة كانت مسلمة مؤمنة لا تلويها الصعاب ولا شكليات الدنيا .
 خرجت درة الصدف من دارها وهي تنادي في اطراف حلب وازقتها يا ويلكم قتل الدين يا ويلكم قتل الحسين عليه السلام والتقت مع بضعة فتيات من بنات عمها وقالت لها احداهن ما لك يا درة هل اصاب عقلك شيء ما لي اراك مهمومة مغمومة .

ثورة النساء _ 24 _

 وقفت الدرة الصدف وقالت لهم يا بنات عمي لقد قتل الحسين بن علي عليهما السلام ابن فاطمة الزهراء عليها السلام قتلوه وآخذوا حريم رسول الله سبايا ورأس الحسين عليه السلام واهله على اسنة الرماح وهم الان يتقدمون نحو حلب هل تنصروني على تحرير الاسارى واستخلاص الرأس الشريف ودفنه .
  قالت احداهن ولماذا لا يقاتل الرجال .
  نحن لا طاقة لنا بالقتال قالت درة : من كانت منكم مؤمنه بالله وترغب ان تدافع عن الدين فلتبرز معي على القوم .
  ومن كانت تحلم بمحاسن الدنيا فلتقبع في دراها وتركتهن يتهامسن فيما بينهن لاتخاذ قرار ما .
 اما هي فسارت في اطراف حلب تحث الناس للنهوض حتى وصلت دار بكر ابن سعد الانصارى ، سلمت وستأذنت ودخلت ، رحبت بها نائلة بنت بكر الانصاري ، وقالت لها ماذا ورائك يا درة اراك كالقطة المذعورة ، قالت لها درة ، وا محمداه لقد قتل الحسين عليه السلام وجيش الامويين يقترب من حلب هم يسوقون حرم رسول الله ورأس

ثورة النساء _ 25 _

 الحسين عليه السلام على اسنة الرماح ، وعلا الصياح وبكتا معا ، قالت نائلة ، سأدخل على والدي لأخبرة كي يأذن لي بالخروج ، دخلت على والدها وأخبرته بذلك قال : يا ابنتي ان الحسين عليه السلام قتل وانتم نساء لا طاقة لكم ، دعو الأمر لنا ، فاني سوف أدعو القوم الى مجلسنا مساءاً كي نبحث هذه المسئلة .
  قالت نائلة يا ابت اذا جاء المخاض لا ننتظر مشورة الرجال ، ان كنت على دين محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أأذن لي وان كنت قد ارتددت عن الاسلام فلا طاعة عندي لك فأطرق مليا وقال : يا ابنتي اخاف ان تقتلين ، قالت : ( كل نفس ذائقة الموت ) ، وهل مقامي اعلى من مقام الحسين عليه السلام واهله ؟! لا والله يا أبت الآن اذنت لي بسكوتك ، فنعم المؤمن انت ، صمت الوالد وخرجت البنت .
 واخبرت درة الصدف بانها سوف تكون اول من يتقدم قالت درّة : اذن سوف اذهب الى داري لارتدي ملابس القتال ، ولأرى من ترغب في الجهاد ، خرجت الدرّة